التصنيفات
الشعر والنثر

حكم المنية في البرية جار = ما هذه الدنيا بدار قرار

إليكم قصيدة الشاعر الكبير / أبو الحسن علي التهامي حين مات ابنه صغيرآ فرثاه بمرثية حزينة موشحة بالحكمة وهي بعنوان بيتها الأول :-

حكم المنية في البرية جار
= ما هذه الدنيا بدار قرار

وتعتبر من أروع ما قيل في الرثاء ويقول فيها رحمه الله وأسكنه فسيح جناته :-

حكم المنية فـي البريـة جـار ** مـا هـذه الدنيـا بـدار قـرار

بينا يرى الإنسان فيهـا مخبـرا ** حتى يرى خبـرا مـن الأخبـار

طبعت على كدر وأنـت تريدهـا ** صفـوا مـن الأقـذار والأكـدار

ومكلف الأيـام ضـد طباعهـا ** متطلب في المـاء جـذوة نـار

وإذا رجوت المستحيـل فإنمـا ** تبني الرجاء على شفيـر هـار

فالعيش نـوم والمنيـة يقظـة ** والمـرء بينهمـا خيـال سـار

فاقضوا مآربكـم عجـالا إنمـا ** أعماركم سفـر مـن الأسفـار

وتراكضوا خيل الشباب وبادروا ** أن تستـرد فإنـهـن عــوار

فالدهر يزرع بالمنى ويغـص أن ** هنّا ويهـدم مـا بنـى ببـوار

ليس الزمان وإن حرصت مسالما ** خُلق الزمـان عـداوة الأحـرار

إني ُوترت بصـارم ذي رونـق ** أعـددتـه لطـلابـة الأوتــار

والنفس إن رضيت بذلك أو أبت ** منـقـادة بـأزمـة المـقـدار

أثنى عليـه بإثـره ولـو أنـه ** لـم يغتبـط أثنيـت بـالآثـار

يا كوكبا ما كان أقصـر عمـره ** وكذاك عمر كواكـب الأسحـار

وهلال أيام مضـى لـم يستـدر ** بدرا ولم يمهـل لوقـت سـرار

عجل الخسوف عليه قبل أوانـه ** فمحـاه قبـل مظنـة الإبــدار

واستـل مـن أترابـه ولداتـه ** كالمقلة استلـت مـن الأشفـار

فكـأن قلبـي قبـره وكـأنـه ** في طيـه سـر مـن الأسـرار

إن يعتبط صغـرا فـرب مقمـم ** يبدو ضئيل الشخـص للنظـار

إن الكواكب فـي علـو محلهـا ** لترى صغارا وهي غير صغـار

ولد المعزى بعضه فـإذا مضـى ** بعض الفتى فالكل فـي الأثـار

أبكيه ثـم أقـول معتـذرا لـه ** وفقـت حيـن تركـب الأمـدار

جاورت أعدائـي وجـاور ربـه ** شتان بيـن جـواره وجـواري

ثوب الرياء يشف عمـا تحتـه ** وإذا التحفـت بـه فإنـك عـار

قصرت جفوني أم تباعد بينهـا ** أم صُورت عينـي بـلا أشفـار

جفت الكرى حتى كـأن غـراره ** عند اغتماض العين وخز غـرار

ولو استزارت رقدة لطحـا بهـا ** ما بيـن أجفانـي مـن التيـار

أُحيي الليالي التم وهي تميتنـي ** ويميتهـن تبـلـج الأسـحـار

حتى رأيت الصبح تهتـك كفـه ** بالضوء رفرف خيمـة كالقـار

والصبح قد غمر النجـوم كأنـه ** سيـل طغـى فطفـا الـنـوار

والهون في ظل الهوينـا كامـن ** وجلالة الأخطار فـي الأخطـار

تنـدي أسـرة وجهـه ويمينـه ** في حالـة الإعصـار والإيسـار

ويمد نحـو المكرمـات أنامـلا ** لـلـرزق أثنائـهـن مـجـار

يحوي المعالي كاسبا أو غالبـا ** أبـدا يـداري دونهـا ويـداري

قد لاح في ليل الشباب كواكـب ** إن أمهلت آلـت إلـى الأسفـار

وتلهب الأحشاء شيـب مفرقـي ** هذا الضياء شواط تلـك النـار

شاب القذال وكل غصن صائـر ** فينانه الأحـوى إلـى الأزهـار

والشبه منجذب فلم بيض الدمى ** عن بيض مفرقـة ذوات نفـار

وتود لو جعلت سـواد قلوبهـا ** وسواد أعينها خضـاب عـذار

لا تنفر الظبيات عنه فقـد رأت ** كيف اختلاف النبت في الأطـوار

شيئـان ينقشعـان أول وهلـة ** ظل الشباب * وخلـة الأشـرار

لا حبذا الشيب الوفـي وحبـذا ** ظـل الشبـاب الخائـن الغـدار

وطرى من الدنيا الشباب وروقه ** فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري

قصرت مسافته ومـا حسناتـه ** عـنـدي ولا آلاؤه بـقـصـار

نزداد همسا كلما ازددنـا غنـى ** والفقر كل الفقـر فـي الإكثـار

ما زاد فوق الزاد خُلِّف ضائعـا ** فـي حـادث أو وارث أو عـار

إني لأرحم حسـادي لحـر مـا ** ضمنت صدورهم مـن الأوغـار

نظروا صنيع الله بـي فعيونهـم ** في جنـة وقلوبهـم فـي نـار

لا ذنب لي قد رمت كتم فضائـل ** فكأنهـا برقعـت بوجـه نهـار

وسترتها بتواضعـي فتطلعـت ** أعناقها تعلـو علـى الأستـار

ومن الرجـال معالـم ومجاهـل ** ومن النجوم غوامـض ودراري

والناس مشتبهون في ايرادهـم ** وتفاضل الأقوام فـي الأصـدار

عمري لقد أوطاتهم طرق العـلا ** فعموا فلم يقفـوا علـى آثـاري

لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا ** وعمى البصائر من عمى الأبصار

هلا سعوا سعي الكرام فأدركـوا ** أو سلمـوا لمواقـع الأقــدار

ولربما اعتضد الحليـم بجاهـل ** لا خير في يمنـى بغيـر يسـار


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

شكرا جزيلا
جميل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكما على المرور الطيّب


[rainbow]موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية . [/rainbow]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.