تعتبر البيئة التنظيمية و المناخ الاقتصادي الذي تعمل فيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عاملا أساسيا ومساعدا في تطويرها وتنميتها, فاْطر السياسات الاقتصادية والقانونية تسمح للحكومة بإدارة الاقتصاد الكلي بتماسك و باستشراف لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية قابلة للاستمرار ما يؤمن الأرضية الصالحة لقيام وعمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة , وفي حال كان المناخ مساعدا او معيقا لقيام هذه المؤسسات أو لتلك الموجودة أصلا , فان تنميتها يعتمد على عدد من العوامل , بحيث تلعب الحكومة دورا أساسيا في تشكيل تلك العوامل و بالتالي تعمل على تحديد المناخ الملائم لنجاح تلك المؤسسات و أهم هذه العوامل :
1- السياسات والقوانين :
إن وجود مناخ مواتي لعمل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتطلب إطارا ملائما من السياسات التي تعمل على خلق نوع من الثقة بين المتعاملين في مختلف الأنشطة الاقتصادية وهذا بدوره يتطلب وجود استقرار في التشريعات , وسياسات مصممة بعناية ويشمل ذلك السياسات النقدية , الائتمانية , الضريبية , الاستثمارية , وتختلف تلك السياسات من مرحلة إلى أخرى , وقبل تحديد سياسة واضحة لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يجب القيام بـ :
– دراسة معمقة للقطاع قصد التحديد الدقيق لنقاط الضعف ونقاط القوة من اجل توجيه المساعدة بفعالية , و النشاطات الواجب الشروع فيها :
• دراسة فرص الاستثمار على المستوى الجهوي والقطاعي .
• تحديد مهام مجمل الفاعلين الذين يجب إقحامهم في ترقية القطاع .
2- البرامج والنظم :
إذا كانت السياسات والقوانين الجيدة هي الأساس لتهيئة المناخ الملائم للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة , فان عملية تطبيق تلك السياسات يجب ان يؤخذ أيضا في عين الاعتبار .
و عادة ما تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العديد من المشاكل القانونية و التنظيمية التي تعيق نموها وتطورها وقد تنجم تلك المشاكل عن وجود الكثير من النظم و القوانين أو عن وجود نظم غير ملائمة أو وجود إدارة ضعيفة للنظم , كما تنجم عن نقص في الوضوح و الشفافية أو وجود تشابه و تكرار بين النظم .
3- الإجراءات الإدارية :
تتطلب الإجراءات الإدارية عناية تامة لضمان تطابقها مع السياسات و التشريعات و النظم ذات الصلة , وتشكل هذه الإجراءات مساحة للالتقاء بين الحكومة من جهة وأصحاب المشاريع و مدراء المؤسسات من جهة ثانية , ومن شانها تحسين عمل تلك المؤسسات , ومن هذا المنطلق ينبغي تقليص الأعباء الإدارية عن كاهل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة, وفي هذا الإطار لتفعيل دور الشباك الوحيد على مستوى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار يجب إجراء بعض الإصلاحات ومن أهمها :
– منح ممثلي الإدارات صلاحيات أكثر لممثليها على مستوى الشباك من اجل إتمام الإجراءات الإدارية المعلقة بالاستثمار.
– من اجل إتمام الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاستثمار في أحسن الظروف ينبغي وضع شبكات للإعلام الآلي تربط الشباك الموحد بمختلف الإدارات المتدخلة .
– ينبغي أن تلعب الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار دور بنك للمعلومات بحيث تمد المستثمر بكل المعلومات والقوانين المعمول بها .
– يجب أن تتابع الوكالة تنفيذ الاستثمار فعليا من اجل منح المزايا .
4- التمويل :
يشكل التمويل حجر الأساس لقيام ونجاح واستمرار المؤسسات الموجودة, وتحتاج تلك المؤسسات إلى نوعين من التمويل , يتعلق الأول بتمويل اقتناء الأصول الثابتة اللازمة لمباشرة أو توسع العمليات الإنتاجية مثل المباني والآلات والمعدات , ويتصل الثاني بتمويل راس المال العامل . ولذلك يجب تكييف النظام المالي والمصرفي مع متطلبات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإعداد سياسات تمويلية تراعي خصوصية هذه المؤسسات وذلك بتطوير أساليب التمويل وتكييفها مع متطلبات هذا القطاع مثل :
– القرض الايجاري الذي يحل مشكل الضمانات.
– راس المال المخاطر الذي يدعم الأموال الخاصة للمؤسسة .
– تشجيع القروض المتعددة المصادر .
– القروض الموجهة للخوصصة .
– قروض شراء الشركات المنحلة .
– تمويل العمال .
ومن جهة أخرى إنشاء بنوك متخصصة في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تقوم بالتمويل على أساس جدية الفريق المسير للمؤسسة و نجاعة وربحية وحجم التدفقات المالية المستقبلية التي سيدرها المشروع الممول وليس فقط على أساس معيار الضمانات , هذا ويجب أن تتضمن سياسة تحسين المحيط المالي لهذا النوع من المؤسسات النقاط التالية:
– توسيع صلاحيات الوكالات البنكية فيما يخص منح القروض وذلك بتكوين موظفين متخصصين على مستوى هذه الوكالات تضمن السير الحسن لعملية منح القروض , ومن اجل تقليل أجال دراسة الملفات .
– مساعدة البنوك على تطوير قدراتها الإدارية عن طريق تكوين موظفيها وفتح شبابيك خاصة لإعلام المقاولين والتعامل معهم.
– السرعة والسهولة في إجراءات صرف القرض و استبعاد الشروط التي تطلبها البنوك مثل الضمانات و الميزانيات و التحليلات المالية و استبدال كل ذلك بطرق مستحدثة
– فتح فروع لصندوق ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر كامل التراب الوطني .
5- تخفيف العبىء الجبائي :
ينبغي تخفيف الأعباء الضريبية على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من اجل تشجيعها على التوسع وتطوير منتجاتها وإعادة استثمار أرباحها وذلك ب:
– تخفيف الأعباء الجبائية وشبه الجبائية وكذا الأعباء الاجتماعية وتقديم مزايا إضافية لمن يشغل اكبر عدد من العمال مثلا .
– مراجعة نسب وطرق تسديد الرسم على القيمة المضافة ذلك أن هناك عدد كبير من المؤسسات يشتكون من طرق وآجال تسديد هذا الرسم .
6- نظام الصرف :
تفعيل الإجراءات التي نص عليها القانون 90-10 المتعلق بالنقد والقرض خاصة إنشاء سوق مابين البنوك , ومكاتب الصرف الخاصة , وكذلك التامين ضد مخاطر الصرف .
7- تنظيم العقار الصناعي :
إن الشيء الأكيد أن مسالة العقار ليست إشكالية قلة أو كفاية وإنما إشكالية فوضى وسوء تسيير , لقد أدى سوء التسيير و الافتقار إلى الخبرة التنظيمية و الاستراتيجية الفعالة إلى بروز الفوضى , وان إنهاء فوضى التوزيع و استعمال الأراضي يعتبر من اولويات الإصلاح وذلك بـ:
* تحديد ملكية الأراضي عن طريق تحديد الجهة التابعة لها.
* تقليل عدد الهيئات والجهات الإدارية المتدخلة في السوق العقاري .
* خوصصة تسيير المناطق الصناعية ومناطق النشاط.
ويعتبر تأهيل المناطق الصناعية احد معالم الإصلاح كما يجب إنشاء مناطق صناعية جديدة قريبة من مراكز الأعمال .
_________________
مدير المنتدى
Admin
عدد الرسائل: 2072
العمر: 26
Localisation: الجزائر
تاريخ التسجيل: 11/05/2007
موضوع: رد: المناخ الاستثماري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر الأربعاء 4 يونيو – 18:17
——————————————————————————–
8- سياسة المشتريات الحكومية :
في كثير من البلدان تكون الحكومة مشتريا رئيسيا لمجموعة كبيرة من السلع والخدمات بسبب عمليات الشراء الواسعة التي تقوم بها , وان احد القيود الهامة التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتمثل في تسويق منتجاتها , وكثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العالم تحقق نجاحا من خلال تغطيتها لاحتياجات الهيئات الحكومية وتعد أسواق التوريدات العامة أسواقا كبيرة .
إن نظام التوريدات العامة هو الجسر الذي يربط بين الاحتياجات العامة وموردي القطاع الخاص , ومن اجل المساهمة في تخفيف مشاكل التسويق التي تعترض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشئة في الجزائر فانه من الأفضل إجراء إصلاح فعال يؤدي إلى زيادة فرصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى الوصول إلى أسواق التوريدات العامة , وذلك بتبسيط إجراءات نظام المناقصات وزيادة الشفافية من اجل تحسين قدرة هذه المؤسسات للوصول إلى هذه الأسواق .
والجدير بالذكر أن سياسات التوريدات الحكومية في دول الاتحاد الأوروبي تتضمن آليات مساعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويتضمن ذلك المساعدة في استكمال مستندات المناقصات و الحصول على التمويل و تقديم المساعدة الفنية من اجل إتمام المناقصات التكنولوجية المعقدة .
9- جمعيات أرباب العمل و الجمعيات المهنية:
إن أهمية المتعاملين الاقتصاديين كأطراف رئيسية في التنمية الاقتصاد بشكل عام وفي ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص تحتم دعما و تكملة لتشجيع بروز تنظيمات مهنية حسب الفروع لتوجيه و حصر الأعمال الرامية إلى تدعيم مختلف الأنشطة .
خلاصة الفصل :
من خلال دراستنا لمحيط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لاحظنا انه بالنسبة للأطر التشريعية الخاصة بالاستثمار , فان الجزائر أحرزت تقدما ملحوظا مما يدل على وجود إرادة سياسية لتطوير وتنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من اجل ان تلعب هذه الأخيرة دورا فاعلا في الاقتصاد الوطني , غير أننا لاحظنا وجود الكثير من المعوقات التي تحول دون نمو وتطور هذا القطاع , رغم وجود الكثير من الهيئات التي تحاول توفير الدعم اللازم إلا أنها مازالت غير كافية وغير منتشرة بشكل كاف .
ولذلك فانه من اجل جعل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قطاعا أكثر تنافسية يجب أن تلعب الدولة دورا أكثر فاعلية , وذلك بإنجاز دراسات قطاعية من اجل توجيه الاستثمارات وجعل دراسات الجدوى الخاصة بالمؤسسات المنشاة أكثر فاعلية وإنشاء بنوك للمعلومات الاقتصادية تمكن هذه المؤسسات من استهداف القطاعات التي تتميز بالربحية .
وبتوفير المحيط الملائم يمكن للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة أن تساهم بفعالية اكبر في تحقيق الأهداف الاقتصادية و الاجتماع