ولد خير الدين بربروس في حدود سنة 1472م بجزيرة لسبوس أحدى جزر اليونان بعد أخيه عروج رئيس ويعد إبنا لأحد البحارة واسمه يعقوب والذي أنجب أربعة أبناء هم خضر و إسحاق و إيلياس و عروج وتعود أصول عائلته إلى ألبانيا وحسب بعض الروايات تقول بأنه تركي .
اشتغل خير الدين في مقتبل عمره بالتجارة مع والده وإخوته ، إذ كان لديه سفينة يتاجر بها بين سلانيك و أغريبوز ، لكنهم تحولوا إلى بحارة ومجاهدين بحريين في مواجهة فرسان القديس يوحنا ، أسر بعد ذلك عروج و قتل إلياس في أحد المعارك لكن خير الدين ساهم في إنقاذ أخيه عروج من الأسر .
توجه عروج و خير الدين نحو جزيرة جربة في تونس سنة 1504م ، وبعدها اتفقا مع أميرها أبي عبد الله محمد بن الحسن الحفصي على أن يمنحهما ميناء حلق الوادي ليجعلوا منه قاعدة لهما مقابل أن يدفعا له خمس الغنائم التي يحوزان عليـها فالتحق بهما إسحاق أيضا.
شرع خير الدين في تنظيم غاراته على سواحل وسفن إسبانيا و البندقية و فرنسا و الباباوية و جنوة بالإضافة إلى تعرضه للسفن التجارية والحربية التابعة لكافة الدول الأوروبية التي لا تربطها معاهدة سلام مع الدولة العثمانية أو غيرها من الدول الإسلامية ، فحاز من ذلك على غنائم هائلة ، وأثار الرعب في سائر بلدان البحر المتوسط ، وتمكن من نقل آلاف الأندلسيين لسواحل شمال إفريقيا مابين 1504م و 1510م.
اشترك مع أخيه في استعادة مدينة بجاية ، وحماية مدينتي الجزائر و جيجل واستقر هو و أخوه في قاعدته الجديدة في جيجل ثم الجزائر في سنة 1514 م واتخذا الجزائر دارا ومركزا للقوات العثمانية.
أعلن عروج نفسه سلطانا على الجزائر سنة 1516م ، وأخذ هو و خير الدين يزرعان الاستقرار وسيطرا على مناطق عديدة من الجزائر حتى استتب لهما الأمر في التراب الجزائري في مواجهة السلطان الزياني ، فكان بذلك مع أخيه واضعا أسس بناء الجزائر العثمانية التي قدر لها أن تعمر مايجاوز الثلاثمئة سنة ، وتخلى بعدها عروج عن لقب السلطان لصالح الخلافة العثمانية وأرسل بذلك للسلطان سليم الأول الذي وافق وجعل الجزائر محافظة عثمانية ووعد بإرسال جيش من الإنكشارية.
صار خير الدين خلفا لأخيه في حكم الجزائر سنة 1518م بعد استشهاد أخيه عروج في معركة قرب تلمسان ، لكنه وجد نفسه في حاجة إلى دعم رسمي أكبر من الدولة العثمانية ، فأقنع أعيان مدينة الجزائر بإرسال عريضة إلى الخليفة يعرضون فيها رغبتهم في تعيين خير الدين واليا على الجزائر وجعل الجزائر إيالة عثمانية ، فوافقوا على ذلك وأرسلوا وفدا إلى إسطنبول برئاسة أحد العلماء وهو حاجي حسين في أكتوبر 1519 م .
أحسن السلطان سليم استقبال الوفد ، ثم أرسل فرمانا يعلن فيه قبوله لعرض أعيان الجزائر ، وبعث إلى خير الدين بفرمان تعيينه بايلربايا على الجزائر ، كما بعث إليه بالخلعة السلطانية ، والراية مع 2000 جندي من الانكشارية ، وأذن بأن يجمع ما يشاء من المتطوعين من سكان الأناضول لإيفادهم إلى الجزائر وتحقق ذلك ، وبهذا كانت الجزائر أول إيالة تابعة للخلافة العثمانية في شمال إفريقيا ، وقرأت الخطبة باسم السلطان العثماني سليم الأول .
تصدى خير الدين للحملة العسكرية على الجزائر التي قادها ملك صقلية هيكو دي مينكادا في سنة 1519 م ، كما تمكن من الاستيلاء على مدينة القل و بونة ( عنابة ) و قسنطينة ، لكنه اضطر إلى مغادرة الجزائر بعد الثورة التي قادها ابن القاضي بتحريض من سلطان تونس الحفصي الموالي للإسبان سـنة 1524م ، فلجأ إلى مدينة جيجل ، إلا أنه تمكن من استعادة الجزائر مرة أخــرى بعـد ثلاث سـنوات .
استطاع خير الدين أن ينقذ مايفوق 70.000 من المهاجرين الأندلسيين ، ونقلهم إلى الجزائر ، فازدهرت المدينة بفضل مهارة الأندلسيين الذين نقلوا إليها فنونهم وصناعاتهم ، وبفضل الغنائم التي كانت تجنيها من غزوات البحر .
تمكن من طرد الإسبان نهائيا من قلعة البينيون التي كانوا يحتلونها قبالة مدينة الجزائر ، وذلك سنة 1530م .
خير الدين بربروس
في سنة 1534م عينه السلطان سليمان القانوني قبطان داريا ، وبيلرباي على الجزائر ، فقام بإصلاح دار بناء السفن في إسطنبول وأعد أسطولا كبيرا أغار بثمانين قطعة منه على روجيو ، سبيرلونكا و فودي (Reggio,Sperlonga,ve Fodi ) وغيرها من المدن الممتدة على طول الساحل الإيطالي الجنوبي ، ثم استولى بعد ذلك على تونس بعد فرار سلطانها مولاي الحسن ، لكن الإمبراطور الإسباني شرلكان تمكن من احتلال تونس ، وإعادة مولاي الحسن على العـــرش .
الأسطول العثماني تحت قيادة خير الدين بربروس
في 1538م استولى بأمر من السلطان سليمان القانوني على 20 جزيرة من الجزر الواقعة على بحر إيجة ، وإلحاقها بالدولة العثمانية .
شعرت الممالك الأوربية برعب شديد من الغارات التي يشنها خير الدين على سواحلها وجزرها وسفنها ، فعقد شرلكان هدنة مع ملك فرنسا فرنسوا الأول ، وتنادت الممالك الأوربية لعقد تحالف صليبي كبير اشتركت فيه أسبانيا والبابا ، والبندقية ، والبرتغال ، فأعدت حملة مكونة من 600 سفينة حربية ، وسفينة دعم ، وسلمت قيادتها إلى أندوريا دوريا ، فاستعد خير الدين لمواجهة التحالف الصليبي بأسطول مكون من 122 سفينة ، ثم اشتبك معه في معركة كبيرة في خليج بروزة ، انتهت بهزيمة ثقيلة للتحالف الصليبي ، واستيلاء خير الدين على 36 سفينـة ، و 2175 أسير . فكان من أهم نتائج هذه المعركة سيطرة العثمانيين على البحر المتوسط .
في 1541م قاد الإمبراطور شرلكان بنفسه حملة كبرى على الجزائر لكنها منيت بهزيمة منكرة ، فقد فيها الإسبان معظم قطع أسطولهم . طلب الملك الفرنسي فرانسوا الأول من الدولة العثمانية التدخل إلى جانبها في حربها ضد أسبانيا ، فقاد خير الدين في 1543 أسطولا مكونا من 110 سفينة ، استولى به على مدينة نيس في أغسطس من السنة نفسها .
باش قبودان الأسطول العثماني[عدل]
في عام 1533 عيّن السلطان العثماني خير الدين قائدا عاما باش قبودان للأسطول العثماني.
في عام 1535 طلب الحسن الحفصي مساعدة الإسبان فأرسل شارل الخامس حملة استطاعت الاستيلاء على تونس في نفس العام.
في عام 1538 سحق خير الدين أسطول شارل الخامس في معركة بروزة التي أمنت سيطرة العثمانيين على شرق المتوسط لمدة ال 33 عاما المقبلين.
في عام 1541 أقصى أحمد بن الحسن الحفصي أباه عن حكم تونس لتبعيته للإسبان.
خلال الحرب الإيطالية 1542-1546، وتحديدا في عام 1544م، أعلنت أسبانيا الحرب على فرنسا. طلب فرانسوا الأول ملك فرنسا المساعدة من السلطان سليمان العثماني. أرسل السلطان سليمان خير الدين على رأس أسطول كبير وتمركز في مارسيليا التي تنازل عنها الفرنسيين للعثمانيين لمدة 5 أعوام. نجح خير الدين في دحر الإسبان من نابولي والساحل الفرنسي.
على منوال أخيه عروج قام خير الدين بإنقاذ 70.000 مسلم أندلسي (مدجنون) مستخدما أسطولا من 36 سفينة في 7 رحلات ووطنهم في مدينة الجزائر مما حصنها ضد الهجمات الإسبانية.
ما تركه وأوصى به خير الدين بربروس قبل موته[عدل]
قبر خير الدين بربروس
– ترك 30 سفينة حرب كبيرة من نوع كالير ( galley ) ، التي أنشأها وأثثها وجهزها بدراهمه الخاصة للدولة .
– ترك عبيده الـــ 800 الذين تربوا بصورة ممتازة للسلطان .
– ترك 200 عبد له للصدر الأعظم ( داماد رستم باشا ) .
– ترك 10,000 ليرة ذهبية إلى ابن أخيه ( إسحاق رئيس ) بربروس ( مصطفى بك ) .
– ترك 30,000 ليرة ذهبية إلى أوقاف الجامع والقبر والأعمال الخيرية الأخرى التي شيدها في ( بشكتاش ) .
– ترك كافة أمواله وأملاكه الموجودة في الجزائر إلى ولده وخليفته في الجزائر ( حسن أغا الطوشي ) ربيبه .
– ترك باقي ثروته التي من بينها ألف عبد وجارية وسراية في استانبول لولده الوحيد ( أمير البحار حسن بربروس ) صهر ( طرغود باشا ) .. ولم يترك شيء لابنته زوجة ( طرغود باشا ) لغنى زوجها غناء كبيرا يغنيها عن ثروة أبيها .
– منح مئات من رجاله وخدمه نقودا وأملاكا تؤمن عيشهم مدى الحياة .
– أوصى ابنه ( حسن بربروس ) بعدم مطالبة ( الصدر الأعظم ) بالدين الذي كان قد اقترضه من ( خير الدين ) والبالغ قيمته 210,000 ليرة ذهبية ، كما أوصاه بعدم قبول المبلغ في حالة ما إذا قام ( الصدر الأعظم ) بدفعه …
وفاته[عدل]
توفي خير الدين عن عمر 65 عاما في قصره المطل على مضيق البوسفور بالآستانة وخلفه ابنه حسن آغا في حكم الجزائر. وما زال قبره ماثلا للعيان في إسطنبول.