الأمة، تعريف
الأمّة “بضم الألف وتشديد الميم”، هي لفظ يطلق على مجموعة من الناس تشترك في صفات، وتربطها علاقات معينة. غالبا ما تستخدم في تعابير مثل امّة الاسلام، امّة المسلمين، الأمّة العربية. ( 1 )
الامة هي – مجموعة بشرية تجمعها روابط مختلفة ؛مادية وروحية كوحدة الاصل واللغة زالدين والعادات والتقاليد وغيرها من الروابط التي تجعل منها وحدة اجتماعية لها كيانها الذاتي الذي يميزها عن غيرها من الجماعات ويخلق لدي الافراد الإحساس بانتمائهم الي هذه الوحدة السياسية (2)الامة – والتي تترجم الى كلمة ( ناسيون ) وهي في الاصل كلمة عربية هي اناسيون ( جمع انسي ، واناسي ) العربية ومعناها مجموعة من الناس اجتمعوا لامر معين قد لا تشكل بالضرورة ارض او مكان جغرافي (( ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون )) والكلام يقصد به عدد من الانبياء والتابعين منهم الاموات ومنهم الاحياء . و(( من ذريتنا امة مسلمة لك )) لنبي يدعو لذريته بان يكونوا امة مسلمة و (( تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ماكسبتم )) و (( ووجد امة من الناس يسقون )) و (( كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين )) ومن هذا السياق نرى ان كلمة امة تعنى مجموعة من الناس وجدت في ظرف معين لامر معين ان كان للسقاية ام للايمان ام للاقتصاد والتجارة ام لعمل الخير والمعروف (( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف )).(3)
الأمة تعبير بشري ذو بعد جغرافي، فهي جماعة من الناس ينتمون الى أصل اثنوغرافي واحد غالباً لهم خصائص تربط بينهم برابطة الانتماء و الولاء من خلال تاريخ مشترك و عادات و تقاليد و لغة و ثقافة و دين و حضارة. و هم يعيشون فوق مساحة الأرض و هذا هو البعد المكاني الجغرافي للأمة.
و اذا كانت الامة تتكون من مجموعة من العناصر التي قد يصعب حصرها الشامل الا أنه يمكن القول أن عناصرها الرئيسية هي: مساحة من الأرض و وحدة المشيئة و الارادة، و لغة مشتركة و وحدة في العادات و التقاليد و الثقافة و تاريخ مشترك. لابد لقيام الأمة من مساحة من الأرض المتصلة ليسكنها أفراد هذه الأمة و قد تشكل الأمة بذلك دولة واحدة، و قد تتكون من عدة دول كما هو الحال في الأمة العربية و الأمة الألمانية. و يعد التشابه الأثنوغرافي عنصراً هاماً في تماسك الأمة الا أنه فقد قيمته نسبياً في الوقت الحالي مع صعوبة الحصول على جنس نقي في ظل ثورة الاتصال و المواصلات التي يعيشها العالم المعاصر، و قد أصبح العالم قرية صغيرة يسهل التنقل بسهولة بين أجزائه المختلفة و تعد القدرة على الاتصال بين أفراد الأمة من أهم عناصر قيامها و اللغة هي وسيلة الاتصال الرئيسية بالاضافة الى الأداب و الثقافة و العادات و التقاليد الاجتماعية.أما الدين و الأمة فهناك رأيان أحدهما يرى ضرورته كمكون أساسي و عنصر ممن عناصر الامة، و رأي آخر يرى أنه ليس من الضروري للأمة أن تستند على وحدة في الدين بين أفرادها ، و التاريخ المشترك عنصر هام في بناء الأمة و هو شعور الأمة و ذاكرتها و تتعرف الأمة على شخصيتها من خلال تاريخها و تحتاج الأمم الى عمليات بناء تقوي الشعور لدى أفرادها و تعمل في نفس الوقت على تقليل آثار عوامل الاختلاف و الفرقة بين أبناء الأمة. و قد يلزم لذلك تعميق مفهوم الارتباط الاجتماعي بين الأفراد و شبكة جيدة للنقل و المواصلات تسهل الانتقال و تساعد على الترابط.
ينحصر الفرق بين الأمة و الدولة في أمرين رئيسيين أولهما عناصر التكوين و الثاني طبيعة الارتباط. أما عناصر التكوين فكل أمة يلزم لها جماعة من الناس و مساحة من الأرض و كذلك الدولة و لكن لا يلزم لقيام الأمة وجود حكومة و سلطة بينما يعد ذلك ضرورياً لقيام الدولة، فالأمة يمكن أن تتواجد في ظل عدة حكومات مثل الأمة العربية. أما طبيعة الارتباط فان أساس قيام الأمة التاريخ المشترك و وحدة الأمال و وحدة اللغة و العادات و التقاليد و كلها أمور غير ضرورية أو لازمة لقيام الدولة التي يمكن أن تضم بين جنباتها عدة لغات و كل منهم له تاريخه و عاداته و تقاليده الخاصة به.
و نتيجة لاختلاف عناصر تكوين الأمة عن عناصر تكوين الدولة اختلفت طبيعة الارتباط التي تربط الشخص بالأمة عن تلك التي تربطه بالدولة فالرابطة الأولى هي القومية رابطة طبيعية و حضارية و لها جانب سياسي، أما الرابطة الثانية و هي الحسية و هي رابطة صناعية قانونية و سياسية.
تتخذ العلاقة بين الأمة و الدولة أحد أشكال ثلاثة:
– أن تكون الأمة أوسع من الدولة بحيث تستوعب كل الاطار الاقليمي للدولة و يتواجد جزء منها خارج الحدود السياسية للدولة كما هو الحال في المجر و ألمانيا.
– أن تتوافق الأمة مع الدولة و لكن تبقى مجموعات من الأمة خارج الحدود السياسية للدولة و تضم الدولة في نفس الوقت مجموعات من أمة أو أمم أخرى مثل بلغاريا و اليونان و ايطاليا و تركيا.
– أن تتوافق الدولة مع الأمة بالاضافة الى ضمها لمجموعات أخرى من أمة أو أمم مجاورة مثل الحبشة و البرازيل و رومانيا.الامة، الاسلاميةالأمة – في الرؤية والتصور الإسلامي – تتكامل فيها عناصر أربعة هي:
أ – جماعة يسودها الإيمان بالمقومات الأساسية للدين الإسلامي، أو مرجعية الإسلام، سواء اتخذ هذا الإيمان معنى عقدياً (المسلم)، أو معنى حضارياً/ ثقافياً (غير المسلم).
ب – هذه الجماعة تملك إدراكاً واحداً في كل ما له صلة بهذه المرجعية، وأهمها الخضوع لهذه المرجعية، واحترام ما ينبثق عنها كنظام متكامل للسلوك الفردي والجماعي، الذي تجسده الشريعة.
جـ – يلف جميع عناصر تلك الجماعة مبدأ التضامن، بما يعنيه ذلك من سيادة قيم التراحم والتعاون والتعارف “وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا… ” ، “..وألف بين قلوبكم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم”، “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.
د – محور الوظيفة الحضارية لتلك الجماعة المتضامنة هو مفهوم “الدعوة”، بما يعنيه ذلك من سعي للالتزام بتلك المرجعية في السلوك الفردي والجماعي، واتخاذها أساساً لبناء النظم، وهذا الالتزام بالمرجعية هو سبيل تحقيق الشهادة على العالمين “..لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً “.
ومصير الأمة – بهذه المقومات الأربعة – لا يمكن فصله عن مسار العقيدة/ الدعوة، فكل قوة للأمة تنقل العقيدة/ الدعوة نقلات كبرى في أرض الواقع والعكس صحيح أيضاً، وتظل في كل الأحوال العقيدة/ الدعوة مبعث الحيوية والتجديد للأمة.الأمة قوام الدينهذا الترابط بين العقيدة/ الدعوة وبين الأمة مبعثه حقيقة جوهرية في التصور والرؤية الإسلامية: وهي أن الأمة هي الوعاء الجماعي المطلوب منه شرعًا أن يجسد تعاليم الدين في أرض الواقع، فالأمة في التصور والرؤية الإسلامية هي “قوام الدين” وليس السلطة، فهي المخاطبة بشرائعه وأحكامه، وهي المنوط بها تحقيقه وتطبيقه.
الأمة والسلطةالعلاقة بين الأمة والسلطة من الموضوعات الشائكة، ولكننا نرى أنه إذا حضرت الأمة بالمعنى الذي تقدم، تعود السلطة إلى حجمها الحقيقي ووزنها الطبيعي؛ فهناك علاقة عكسية بين حضور الأمة وتضخم السلطة، إذ كلما زادت حيوية الأمة وزادت فعالياتها عادت السلطة للقيام بوظائفها المنوطة بها، وهي تدور أساساً في الرؤية الإسلامية حول تهيئة المناخ وتحقيق أرضية من الصلاح تنطلق فيها طاقات الأمة وتزداد فعالياتها لتحقيق مقصود الاستخلاف والعمران، وتجسيد مثاليتها في الواقع المعاش.
الأمة وتقييد السلطةالأمة وسلطانها في التصور الإسلامي هي أساس النظام السياسي والتشريعي، بل وأساس النظام الرقابي أيضاً (الرقابة على السلطة)، إن سند السلطة السياسية في النظام السياسي الإسلامي هو الأمة، والسلطة تستمد سلطاتها ووجودها من إرادة الأمة، وجميع الولايات والسلطات مصدرها الأمة، وسلطان الأمة مستمد من المبدأ الشرعي الذي يوجب عليها إقامة المؤسسات اللازمة لتطبيق الشريعة.
التصنيفات