حين تكافح المنظمات من أجل تحقيق الإزدهار في البيئات المضطربة و التنافسية أو المحافظة عليه فإن الإبداع و الإبتكار يصبحان أمرين في غاية الأهمية ،فالمنظمات تعيش في إقتصاديات غير ملموسة ،إقتصاديات المعلوماتية التي تعتمد على السرعة والخيال والمرونة والإبتكار والإبداع.
فلا تقتصر قيمة المشاركة الإبداعية على المنظمة وحدها بل إن القدرة على الوصول إلى أفكار وحلول فريدة ملائمة في الوقت نفسه يمكن أن تعود بفائدة كبرى على الأفراد أيضا (رشيد،2004،ص225)
فالإبداع يدعم قوة أي منظمة في تميزها عن المنظمات الأخرى ،كما أن الإدارة التقليدية أصبحت غير ممكنة في الوقت الحالي لما لها من عواقب وخيمة ،فهي تحوَل الأفراد العاملين إلى بيروقراطيين و تسلبهم قدرتهم على الإبداع و التفكير (الزهري،2002، ص231).
أولا : مفهوم الابداع
يمكن تعريف الإبداع بأنه أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحل مشكلات معينة أو تجميع وإعادة تركيب الأنماط المعروفة من المعرفة في أشكال فريدة ،ولا يقتصر الإبداع على الجانب التكنيكي لأنه لايشمل تطوير السلع و العمليات المتعلقة بها وإعداد السوق فحسب بل يتعدى أيضا الألات و المعدات وطرائق التصنيع و التحسينات في التنظيم نفسه ونتائج التدريب و الرضا عن العمل بما يؤدي إلى إزدياد الإنتاجية (الصرن،2000،ص28).
فالإبداع ليس إلا رؤية الفرد لظاهرة ما بطريقة جديدة لذلك يمكن القول إن الإبداع يتطلب القدرة على الإحساس بوجود مشكلة تتطلب المعالجة ومن ثم القدرة على التفكير بشكل مختلف ومبدع ومن ثم إيجاد الحل المناسب.
ثانيا: مستويات الابداع
يظهر الإبداع في العديد من المستويات ومنها (الفياض،1995،ص ص54-55):
1. الإبداع على المستوى الفردي: بحيث يكون لدى العاملين إبداعية خلاقة لتطوير العمل وذلك من خلال خصائص فطرية يتمتعون بها كالذكاء و الموهبة أو من خلال خصائص مكتسبة كحل المشاكل مثلا ،وهذه الخصائص يمكن التدرب عليها وتنميتها ويساعد في ذلك ذكاء الفرد وموهبته.
2. الإبداع على مستوى الجماعات: بحيث تكون هناك جماعات محددة في العمل تتعاون فيما بينها لتطبيق الأفكار التي يحملونها و تغيير الشيء نحو الأفضل كجماعة فنية في قسم الإنتاج مثلا.
3. الإبداع على مستوى المنظمات: فهناك منظمات متميزة في مستوى أداءها وعملها وغالبا ما يكون عمل هذه المنظمات نموذجي ومثالي للمنظمات الأخرى ،وحتى تصل المنظمات إلى الإبداع لابد من وجود إبداع فردي و جماعي.
وإن هناك العديد من الباحثين الذين ميزوا بين نوعين رئيسيين من الإبداع على مستوى المنظمات وهما:
1. الإبداع الفني: بحيث يتعلق بالمنتج سواء السلع أو الخدمات ،ويتعلق بتكنولوجيا الإنتاج أي بنشاطات المنظمة الأساسية التي ينتج عنها السلع أو الخدمات.
2. الإبداع الإداري: ويتعلق بشكل مباشر بالهيكل التنظيمي والعملية الإدارية في المنظمة ،وبشكل غير مباشر بنشاطات المنظمة الأساسية.
وقد قام (تايلور) بتقسيم الإبداع إلى مستويات مختلفة هي (الزهري،2002،ص58):
1. الإبداع التعبيري (Expressive Creativity): وتكون فيه الأصالة والكفاءة على قدر قليل من الأهمية.
2. الإبداع الإنتاجي (Productive Creativity): وهو الذي يرتبط بتطوير آلة أو منتج أو خدمة.
3. الإبداع الإختراعي (Inventive Creativity): ويتعلق بتقديم أساليب جديدة.
4. الإبداع الإبتكاري (Innovative Creativity): يشير إلى التطوير المستمر للأفكار وينجم عنه اكتساب مهارات جديدة.
5. إبداع الإنبثاق (Emergence Creativity): هو نادر الحدوث لما يتطلبه من وضع أفكار و إفتراضات جديدة كل الجدة.
ثالثا: أسباب تبني الإبداع في المنظمات
يمكن إيجاز هذه الأسباب بما يلي (الفياض،1995،ص58):
1. الظروف المتغيرة التي تعيشها المنظمات اليوم ،سواء أكانت ظروف سياسية أو ثقافية أو إجتماعية أو إقتصادية والتي تحتم على المنظمات الإستجابة لهذه المتغيرات بأسلوب إبداعي يضمن بقاء المنظمة وإستمرارها.
2. يحتم الإبداع الفني و التكنولوجي في مجال السلع و الخدمات و طرق إنتاجها وقصر دورة حياتها على المنظمات أن يستجيبوا لهذه الثورة التكنولوجية وما يستلزمه ذلك من تغييرات في هيكل المنظمة وأسلوب إدارتها بطرق إبداعية أيضا ،مما يمكنها من زيادة أرباحها وزيادة قدرتها على المنافسة و الإستمرار في السوق من خلال ضمانها لحصتها السوقية بين المنظمات المنافسة.
رابعا: نظريات الابداع
قام عدد من العلماء والكُتاب وعلماء الإدارة بطرح أفكار أصبحت تعرف فيما بعد نظريات عرفت بأسمائهم ،إذ قدمت هذه النظريات معالجات مختلفة حول الإبداع ،كما إستعرضت ملامح المنظمات و العوامل المؤثرة وهذه النظريات هي(الصرايرة،2003،ص ص203-205):
1. نظرية(March & Simon;1958):فسرت هذه النظرية الإبداع من خلال معالجة المشكلات التي تعترض المنظمات إذ تواجه بعض المنظمات فجوة بين ما تقوم به وما يفترض أن تقوم به ،فتحاول من خلال عملية البحث خلق بدائل ،فعملية الإبداع تمر بعدة مراحل هي فجوة أداء ،عدم رخاء ،بحث و وعي ،وبدائل ،ثم إبداع حيث عزَيا الفجوة الأدائية إلى عوامل خارجية (التغير في الطلب أو تغيرات في البيئة الخارجية)أو داخلية.
2. نظرية (Burns & Stalker;1961): وكانا أول من أكدا على أن التراكيب و الهياكل التنظيمية المختلفة تكون فاعلة في حالات مختلفة ،فمن خلال ما توصلوا إليه من أن الهياكل الأكثر ملائمة هي التي تسهم في تطبيق الإبداع في المنظمات من خلال النمط الآلي الذي يلائم بيئة العمل المستقرة و النمط العضوي الذي يلائم البيئات سريعة التغير ،كما أن النمط العضوي يقوم عن طريق مشاركة أعضاء التنظيم باتخاذ القرارات ،فهو يسهل عملية جمع البيانات و المعلومات ومعالجتها.
3. نظرية (Wilson;1966):قد بين عملية الإبداع من خلال ثلاثة مراحل هدفت إلى إدخال تغيرات في المنظمة وهي:إدراك التغير ،إقتراح التغير ،وتبني التغير وتطبيقه ،ويكون بإدراك الحاجة أو الوعي بالتغير المطلوب ثم توليد المقترحات وتطبيقها ،فإفترضت نسبة الإبداع في هذه المراحل الثلاث متباينة بسبب عدة عوامل منها التعقيد في المهام (البيروقراطية) وتنوع نظام الحفظ ،وكلما زاد عدد المهمات المختلفة كلما إزدادت المهمات غير الروتينية مما يسهل إدراك الإبداع ،بصورة جماعية وعدم ظهور صراعات ،كما أن الحوافز لها تأثير إيجابي لتوليد الإقتراحات وتزيد من مساهمة أغلب أعضاء المنظمة.
4. نظرية (Harvey of Mill;1970):قد إستفادا مما قدمه كلا من (March & Simon) و(Burns & Stalker) ،فانصب تركيزهم على فهم الإبداع من خلال مدى إستخدام الأنظمة للحلول الروتينية-الإبداعية لما يعرف (بالحالة و الحلول) ،فقد وصفوا أنواع المشكلات التي تواجهها المنظمات وأنواع الحلول التي قد تطبقها من خلال إدراك القضية(المشكلة) عن طريق ما تحتاجه من فعل لمجابهتها أو بلورتها (أي كيفية إستجابة المنظمة) أو البحث بهدف تقدير أي الأفعال المحتملةالتي قد تتخذها المنظمة أو إختيار الحل (إنتقاء البديل الأمثل) أو إعادة التعريف بمعنى إستلام معلومات ذات تغذية عكسية حول الحل الأنسب ،إذ تسعى المنظمة إلى وضع حلول روتينية لمعالجة حالات أو مشكلات تم التصدي لهما سابقا (الخبرات السابقة) بينما تسعى لإستحضار حلول إبداعية لم يتم إستخدامها من قبل لمعالجة المشكلات غير الروتينية أو الإستثنائية بتبني الهياكل التنظيمية و الميكانيكية و العضوية.
كما تناولوا العوامل التي تؤثر في الحلول الإبداعية و الروتينية مثل حجم المنظمة وعمرها ،درجة المنافسة ،درجة التغير التكنولوجي ،درجة الرسمية في الإتصالات ،فكلما زادت مثل هذه الضغوطات يتطلب الأمر أسلوب أكثر إبداعا لمواجهتها.
5. نظرية(Hage and Aiken;1970): تعد من أكثر النظريات شمولية ،إذ أنها تناولت المراحل المختلفة لعملية الإبداع فضلا عن العوامل المؤثرة فيه ،وفسرت الإبداع على أنه تغير حاصل في برامج المنظمة تتمثل في إضافة خدمات جديدة و حددت مراحل الإبداع كالأتي:
• مرحلة التقييم: أي تقييم النظام ومدى تحقيقه لأهدافه وهذا ماجاء به (March & Simon).
• مرحلة الإعداد: أي الحصول على المهارات الوظيفية المطلوبة و الدعم المالي.
• مرحلة التطبيق: البدء بإتمام الإبداع وإحتمالية ظهور المقاومة.
• الروتينية: سلوكيات ومعتقدات تنظيمية.
أما العوامل المؤثرة في الإبداع فمختلفة و بالغة التعقيد زيادة التخصصات المهنية وتنوعها.
• المركزية
• الرسمية
• الإنتاج
• الكفاءة و الرضا عن العمل
6. نظرية(Zaltman and others;1973) : تنظرهذه النظرية للإبداع كعملية تتكون من مرحلتين هما: مرحلة البدء و مرحلة التطبيق ولهما مراحل جزئية ويعتبر على أنه فكرة أو ممارسة جديدة لوحدة التبني ، ووصفوا الإبداع على أنه عملية جماعية وليست فردية ،وإعتمدوا على نظرية (Hage and Aiken) إلا أنهم توسعوا في شرح المشكلة التنظيمية وأضافوا متغيرات أخرى هي: العلاقات الشخصية ،أسلوب التعامل مع الصراع.
وحددوا مراحل تفصيلية للإبداع هي:
• مرحلة البدء:
o مرحلة ثانوية لوعي المعرفة.
o مرحلة ثانوية حول مراحل الإبداع.
o مرحلة ثانوية للقرار.
• مرحلة التطبيق
• تطبيق تجريبي
• تطبيق متواصل
خامسا:خصائص و سمات الشخصية المبدعة
1. الذكاء.
2. الثقة بالنفس على تحقيق أهدافه.
3. أن تكون لديه درجة من التأهيل و الثقافة.
4. القدرة على تنفيذ الأفكار الإبداعية التي يحملها الشخص المبدع.
5. القدرة على إستنباط الأمور فلا يرى الظواهر على علاتها بل يقوم بتحليلها ويثير التساؤلات و التشكيك بشكل مستمر.
6. لديه علاقات إجتماعية واسعة ويتعامل مع الأخرين فيستفيد من أراءهم.
7. يركز على العمل الفردي لإظهار قدراته و قابلياته ،فهناك درجة من الأنانية.
8. غالبا ما يمر بمرحلة طفولة غير مستقرة مما يعزز الإندفاع على إثبات الوجود و إثبات الذات ،فقد يكون من أسرة مفككة أو أسرة فقيرة أو من أحياء شعبية.
9. الثبات على الرأي والجرأة والإقدام والمجازفة والمخاطرة ،فمرحلة الإختبار تحتاج إلى شجاعة عند تقديم أفكار لم يتم طرحها من قبل.
10. يفضل العمل بدون وجود قوانين وأنظمة.
11. يميل المبدعون إلى الفضول و البحث وعدم الرضا عن الوضع الراهن.
سادسا: معوقات الإبداع في المنظمات
بينت بعض الدراسات أن الإبداع على مستوى المنظمة قد يعاني من الإعاقة للأسباب التالية (الفياض،1995،ص67):
1. المحافظة على الوضع الإجتماعي وعدم الرغبة في خلق صراع سلبي ناشئ عن الإختلافات بين الثقافة السائدة في المنظمة وبين الثقافة التي يستلزمها التغيير.
2. الرغبة في المحافظة على أساليب وطرق الأداء المعروفة ،حيث أن الإبداع في المنظمة يستلزم في بدايته نفقات إضافية على المنظمة أن تتحملها.
3. عدم الرغبة في تخفيض قيمة الإستثمار الرأسمالي في سلعة أو خدمة حالية.
4. عدم الرغبة في تغيير الوضع الحالي بسبب التكاليف التي يفرضها مثل هذا التغيير.
5. ثبوت الهيكل البيروقراطي لمدة طويلة وترسخ الثقافة البيروقراطية وما يصاحب ذلك من رغبة أصحاب السلطة في المحافظة عليها وعلى طاعة وولاء المرؤوسين لهم أو رغبة أصحاب الإمتيازات في المحافظة على إمتيازاتهم.
وقد أضافت الدكتورة رندة الزهري بعض المعوقات الموجودة في عالمنا العربي وهي (الزهري،2002،ص249):
1. الخوف من الفشل.
2. تجنب المخاطر.
3. الإعتياد على الأمور.
4. عدم توافر الحرية.
5. مقاومة التغيير.
6. جمود القوانين.
7. انخفاض الدعم الجماعي.
8. فقدان التحفيز.
9. التوبيخ العلني.
10. العقاب في حال الفشل.
سابعا: أساليب التفكير الإبداعي الجماعي
إن هناك العديد من الأساليب التي يمكن للمنظمات إختيار أحدها بما يتلاءم مع طبيعة المشكلة المراد حلها ومن هذه الأساليب (الزهري،2002،ص ص250-251):
1) العصف الذهني(Brainstorming): والذي إبتكره (أوسبورن) ومن الشروط الأساسية اللازم توافرها لنجاح هذا الأسلوب:
• تجنب نقد أي فكرة.
• تشجيع إستعراض أكبر قدر من الأفكار.
• العمل على تنمية الأفكارلأن كل فكرة تولد فكرة أخرى.
ويتطلب هذا الأسلوب أن تجتمع مجموعة ما من الأفراد ويطلب رئيس الجلسة تقديم أكبر عدد ممكن من الأفكار الغريبة و اللاواقعية مع تجنب النقد ومن ثم تدون الأفكار فكرة فكرة ليختار الأنسب منها.
2) أسلوب المجموعات الشكلية أو الصورية(Nominal Group): وقد أوجده (دلييك و فان دوفان) ، وفي هذا الأسلوب يتم الإبتعاد عن تناول العلاقات بين أفراد المجموعة وإن الهدف الأساسي منه هو التخفيف من حدة سيطرة أفكار أحد أفراد المجموعة على أفكار الأخرين ، ومن أهم الخطوات المتبعة:
• أن يسجل كل فرد على حدة أفكاره على قصاصة من الورق حول المشكلة المراد معالجتها.
• ثم يتم عرض أفكاره التي يدونها رئيس الجلسة ولاتناقش حتى ينتهي أفراد المجموعة كافة من سرد أفكارهم.
• ثم يفتح النقاش ويمنع النقد.
• بعدها يقوم كل فرد سرا بتقييم الأفكار المعروضة ومن ثم يستعرض رئيس الجلسة الأفكار التي إستحوذت على الإهتمام الأكبر ليعاد التصويت مرة ثانية للوصول إلى قرار نهائي.
3) أسلوب دلفي (Delphi)وقد أوجده (دالكي) وفيه لايتطلب أن يكون الأعضاء من مكان واحد ،وهو عبارة عن سلسلة من الأسئلة ترسل إلى عدد من الخبراء ليبدوا آراءهم في مشكلة ما (كل على حدة) ،ثم تعاد الإجابات لتصنف وترتب حسب توافق الأراء والأفكار وتعاد مرة أخرى إلى المشاركين وتكرر الخطوات السابقة حتى يتفق الجميع على الحلول المطروحة.
وهناك أساليب أخرى تشجع على الإبداع والتفكير الجماعي منها:
• حلقات الجودة(Quality Circles): بحيث يتم إجتماع مجموعة من العمال المتطوعين ليعالجوا مشكلة ما ويوصوا بإتخاذ الإجراءات المناسبة لحلها.
• إدارة الجودة الكلية(Total Quality Management): هي عبارة عن فلسفة إدارية تهتم بتحسين المنتج باستمرار من خلال فحص الإجراءات التنظيمية ليكون الهدف الأساسي إرضاء المستهلك وليصبح جميع الأفراد العاملين في المنظمة الواحدة مسؤولين عن تحقيقه.
ثامنا: الممارسات الإدارية التي تؤثر في الإبداع
ومن هذه الممارسات (قاسم،2000،ص ص201-202):
1. التحدي:عن طريق تعيين الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة والتي تتصل بخبراته ومهاراته ، وذلك يؤدي إلى توقد شعلة الإبداع لديه ،كما أن التسكين في المكان غير المناسب يؤدي إلى الإحباط والشعور بالتهديد.
2. الحرية : وتتمثل في إعطاء الموظف الفرصة لكي يقرر بنفسه كيف ينفذ المهمة المسندة إليه ، فذلك ينمي الحافز الذاتي وحاسة الملكية لديه ،وفي الواقع نجد بعض المديرين يغيرون الأهداف باستمرار أو أنهم يفشلون في تحديد الأهداف وآخرين يمنحون الحرية بالإسم فقط ويدعون أن الموظفين ليس لديهم المقدرة على التوصل لحلول إبداعية.
3. الموارد: أهم موردين يؤثران على الإبداع هما: الوقت والمال ، وتوزيعهما يجب أن يكون بعناية فائقة لإطلاق شرارة الإبداع عند الجميع ،وعلى العكس فإن توزيعهما بشكل غيرعادل يؤدي إلي تثبيط الهمم ،كما أن مساحة المكان الذي يعمل فيه الموظف كلما كانت واسعة كلما حركت الخيال المبدع أكثر.
4. ملامح فرق العمل: كلما كان فريق العمل متآلفا ومتكاملا كلما أدى ذلك إلى مزيد من صقل مهارات التفكير الإبداعي وتبادل الخبرات ويكون ذلك من خلال :
• الرغبة الأ كيدة للعضو في تحقيق أهداف الفريق .
• مبادرة كل عضو إلى مساعدة الآخرين وخاصة في الظروف الصعبة .
• ضرورة تعرف كل عضو على المعلومات المتخصصة التي يحضرها الأعضاء الآخرون للنقاش .
5. تشجيع المشرفين: حيث أن معظم المديرين دائما مشغولون ،وتحت ضغط النتائج يفوتهم تشجيع المجهودات المبدعة الناجحة وغير الناجحة ،فلابد من تحفيزالدافع الذاتي حتى يتبنى الموظف المهمة ويحرص عليها ويبدع فيها والمؤسسات الناجحة نادرا ما تربط بين الإبداع وبين مكافآت مالية محددة والمفترض أن يقابل المدير أو المشرف الأفكارالإبداعية بعقل متفتح وليس بالنقد أو بتأخير الرد أو بإظهار رد فعل يحطم الإبداع .
6. دعم المنظمة: إن تشجيع المشرفين يبرز الإبداع ، ولكن الإبداع حقيقة يدعم حينما يهتم به قادة المنظمة الذين عليهم أن يضعوا نظاما أو قيما مؤكدة لتقديرالمجهودات الإبداعية واعتبار أن العمل المبدع هو قمة الأولويات ،كما أن المشاركة في المعلومات وفي إتخاذ القرارات والتعاون من القيم التي ترعى الإبداع.
تاسعا: مبادئ الإبداع
لقد وضع الكثير من مدراء الشركات والمنظمات العالمية مجموعة من الآراء الرائدة في مجال الإبتكار والإبداع، وحتى تكون المنظمات نامية، وأساليبها مبدعة وخلاّقة، ينبغي مراعاة بعض المبادئ الأساسية فيها سواء كانوا مدراء أو أصحاب قرار، وهذه المبادئ عبارة عن النقاط التالية(الصفار،2001):
1. إفساح المجال لأيّة فكرة أن تولد وتنمو وتكبر ما دامت في الإتجاه الصحيح ،وما دام لم يتم القطع بعد بخطئها أو فشلها ،فكثير من المحتملات تبدّلت إلى حقائق وتحوّلت إحتمالات النجاح فيها إلى موفقيّة ،فالإبتكار قائم على الإبداع لا تقليد الآخرين ،لذلك يجب أن يعطى الأفراد حرية كبيرة ليبدعوا، ولكن يجب أن تتركز هذه الحرّية في المجالات الرئيسيّة للعمل وتصبّ في الأهداف الأهم.
2. إن الأفراد مصدر قوة المنظمة ،والاعتناء بتنميتهم ورعايتهم يجعلها الأكبر والأفضل والأكثر إبتكاراً وربحاً ،ولتكن المكافأة على أساس الجدارة واللياقة.
3. احترام الأفراد وتشجّيعهم وتنمّيتهم لإتاحة الفرص لهم للمشاركة في القرار وتحقيق النجاحات للمنظمة ،وذلك كفيل بأن يبذلوا قصارى جهدهم لفعل الأشياء على الوجه الأكمل.
4. التخلّي عن الروتين واللامركزيّة في التعامل ينمي القدرة الإبداعية، وهي تساوي ثبات القدم في سبيل التقدم والنجاح.
5. تحويل العمل إلى شيء ممتع لا وظيفة فحسب ، ويكون كذلك إذا حوّلنا النشاط إلى مسؤولية ،والمسؤولية إلى طموح وهم.
6. التجديد المستمر للنفس والفكر والطموحات ،وهذا لا يتحقّق إلاّ إذا شعر الفرد بأنّه يتكامل في عمله ،فالعمل ليس وظيفة للفرد فقط بل يستطيع من خلاله أن يبني نفسه وشخصيّته أيضاً ،وإن هذا الشعور الحقيقي يدفعه لتفجير الطاقة الإبداعيّة الكامنة بداخله وتوظيفها في خدمة الأهداف ،فكل فرد هو مبدع بالقوة في ذاته وعلى المدير أن يكتشف مفاتيح التحفيز والتحريك لكي يصنع أفراد مبدعين بالفعل ومن منظمته كتلة خلاّقة.
7. التطلّع إلى الأعلى دائماً من شأنه أن يحرّك حوافز الأفراد إلى العمل وبذل المزيد لأن شعورالرضا بالموجود يعود معكوساً على الجميع ويرجع بالمؤسسة إلى الوقوف على ما أنجز وهو بذاته تراجع وخسارة وبمرور الزمن فشل.
8. ليس الإبداع أن نكون نسخة ثانية أو مكررة في البلد ، بل الإبداع أن تكون النسخة الرائدة والفريدة ،لذلك ينبغي ملاحظة تجارب الآخرين وتقويمها أيضاً وأخذ الجيّد وترك الرديء لتكون أعمالنا مجموعة من الإيجابيّات ،فالمنظمات وفق الإستراتيجية الابتكارية إمّا أن تكون قائدة أو تابعة أو نسخة مكررة، والقيادة مهمة صعبة وعسيرة ينبغي بذل المستحيل من أجل الوصول إليها، وإلاّ سنكون من التابعين أو المكررين وليس هذا بالشيء الكثير.
9. لا ينبغي ترك الفكرة الجيدة التي تفتقد إلى آليات التنفيذ ،بل نضعها في البال ،وبين آونة وأخرى نعرضها للمناقشة، فكثير من الأفكار الجديدة تتولد مع مرور الزمن، والمناقشة المتكررة ربّما تعطينا مقدرة على تنفيذها، فربّما لم تصل المناقشة الأولى والثانية إلى تمام نضجها فتكتمل في المحاولات الأخرى.
10. يجب إعطاء التعلّم عن طريق العمل أهميّة بالغة لأنها الطريق الأفضل لتطوير الكفاءات وتوسيع النشاطات ودمج الأفراد بالمهام والوظائف.
إنّ الميل والنزعة الطبيعية في الأفراد وخصوصاً أصحاب القرار، هو الجنوح إلى البقاء على ما كان، لأنّ العديد منهم يرتاح لأكثر العادات والأعمال الروتينية التي جرت عليها الأعمال وصارت مألوفة لأن التغيير بحاجة إلى همّة عالية ونَفَس جديد خصوصاً وأنّ الجديد مخيف لأنّه مجهول المصير ،والإبتكار بطبيعته حذِر وفيه الكثير من التحدّي والشجاعة لذلك فمن المهم جداً أن يعتقد الأفراد أن أعمالهم الإبداعيّة ستعود بمنافع أكثر لهم وللمنظمة ،كما أنّها ستجعلهم في محطّ الرعاية الأكثر والإحترام الأكبر.
________________________________________
المراجع:
أولا : المراجع العربية
1. الزهري ، رندة (2002) ، “الابداع الاداري في ظل البيروقراطية” ، عالم الفكر ، المجلد 30 ، العدد 3 .
2. الصرايرة ، اكثم (2003) ، “العلاقة بين الثقافة التنظيمية والابداع الاداري في شركتي البوتاس والفوسفات” ، مؤته ، المجلد 18 ، العدد 4 .
3. الصرن ، رعد (2001) ، ادارة الابداع والابتكار ، الطبعة الاولى ، دار الرضا ، دمشق .
4. الفياض ، محمود (1995) ، “اثر النمط القيادي على الابداع الاداري للشركات الصناعية المساهمة العامة الاردنية” ، رسالة ماجستير في الجامعة الاردنية .
5. الصفار ، فاضل (2001) ، النبأ ، العدد 56 (تم الحصول عليه من الانترنت).
ثانيا : المراجع الاجنبية :
1. امابايل ، تيريزا (2000) ، “عرض لمقال علمي : كيف تقتل الابداع؟” ، قاسم عباس قاسم ، الاداري ، العدد 82 .
2. سميث وشالي (2004) ، “الجانب الاجتماعي للابداع” ، مازن رشيد ، الادارة العامة ، المجلد 44 ، العدد 1 .
إعداد: محمد مقبل
تصميم وتطوير خالد الحر ، عالم النور