التصنيفات
الفيزياء الموجية والضوء

الكتلة المفقودة

الكتلة المفقودة

حين تنظر الى السماء فى ليلة صافية وتعد النجوم وتترصد الأجرام فانك فى الحقيقة قد لاترى شيئا يذكر .. فالعين البشرية لاترى سوى الأشياء المضيئة وبالتالي لا ترى سوى الاجرام المنيرة كالنجوم والشهب القريبة .. اما بقية الكون فأسود مظلم وخفي معتم لا نستطيع رؤيته ولم نكن نعلم بوجوده حتى فترة قريبة . ويقدر العلماء ان مايسمى (الكتلة المفقودة) تشكل 90% من مادة الكون التي لم يدركوا وجودها إلا مؤخرا من خلال ملاحظة تأثيراتها الجذبية على الاجرام القريبة .. ورغم الطبيعة الغامضة لهذه الكتلة إلا انه يعتقد ان قسما منها أجرام ميتة وسدم سوداء وتجمعات للطاقة غير منيرة أو مرئية ..

وأهم انجاز بهذا الخصوص حدث عام 1995 حين أعلن العلماء الأمريكان اكتشاف تجمعات غير مرئية تشكل 20% من كتلة الكون المفقودة . وقد أطلقوا على هذه المادة اسم “ماشو” (اختصارا للتعريف الانجليزي: أشكال هالية صغيرة) وقالوا إن حجمها يعادل كوكب المشتري وكثير منها لايتبع اى نجم . ومجرد الكشف عن كتل ماشو هذه اعطى درب التبانة (التى يقع كوكبنا فى طرفها) بعدا وضخامة اكبر . أما بالنسبة لعموم الكون فيعتبر هذا الاكتشاف أول تأكيد على وجود الكتلة المفقودة وأقوى دليل على أن الكون أضخم وأكثر امتلاء مما نتصور !!

.. وأنا شخصيا أرى أن هذا الإكتشاف كفيل وحده بإحباط علماء الفلك وهواة البحث عن مخلوقات أخرى غيرنا؛ فإثبات أن 90% من مادة الكون مجهولة وغير مرئية يعني أن بحث الفلكيين منذ آلاف السنين اقتصر على 10% فقط من مكونات الكون (ناهيك عن إدراكهم للنزر اليسير حتى من هذه الأخيرة) !!

وما دام الإحباط “حاصل حاصل” فاسمحوا لي أن أزيدكم من الشعر بيتا : فحتى الأجسام المضيئة في أطراف الكون يصعب علينا رؤيتها لبعد المسافة وسرعة الترحال !!

… فنحن نعرف أن هناك نجوما تبعد عنا ملايين السنين الضوئية (وبالتالي) مايزال ضوؤها مسافرا باتجاهنا ولم يصل لكوكبنا حتى اليوم .. بل يمكن القول إن هناك نجوما في أطراف الكون ( لن يصل إلينا ضوؤها أبدا ) عطفا على توسعه وتمدده بسرعة تسبق وصول الضوء إلينا من تلك المناطق ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾!!

… أضف لكل هذا وها أنا أضيف لقصيدة الفلك بيتا جديدا انه حتى النجوم القريبة التى يصلنا ضوؤها ونراها بأعيننا قد لا تكون موجودة في مواقعها حاليا !!

.. فأقرب النجوم إلينا مثلا ‎(ويدعى قنطارس) يقع على بعد أربعة ملايين سنة ضوئية . وهذا يعنى انك حين تنظر إليه وتتأمله فأنت في الحقيقة لاتراه كما هو الآن بل كما كان عليه قبل أربعة ملايين عام (وبالتالي) قد يكون اندثر او انفجر أو مات إلا اننا لن نعلم بذلك إلا بعد انقضاء آخر أربعة ملايين عام من وقوع الحدث !!

… العجيب أكثر أن نتصور نجما مثل الدب القطبي ساعد البحارة طوال قرون على تحديد اتجاهاتهم في عرض البحر في حين انه قد يكون فعليا اختفى واندثر ولم يعد له وجود قبل فترة طويلة من خلق الأرض ذاتها !! فهد عامر الأحمدي ـ ص الرياض



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.