الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
اللغة سر من الأسرار وهبها الله لخلقه وهي كما جاء في لسان العرب (و اللُّغة: اللِّسْنُ، وحَدُّها أَنها أَصوات يُعبِّر بها كل قوم عن أَغراضِهم، وهي فُعْلةٌ من لَغَوْت أَي تكلَّـمت، )
وكل مخلوق له لغته التي يعبر بها عن نفسه وقد جاء في القرآن الكريم {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }الإسراء ولقد أنعم الله على سيدنا سليمان فعلمه لغة الطيور والحشرات والحيوانات {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }النمل. فاللغة وسيلة للتفاهم بين الخلق وهي وسيلة للتعبير عن الفكر فاللغة وعاء الفكر ووسائل التعبير عن الذات متنوعة أرقاها اللغة المنطوقة ومن وسائل التعبير عن الذات :
1 -الإشارة ( لغة الإشارة ) وقد لجأ إليها سيدنا زكريا كما جاء في القرآن الكريم {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ }آل عمران {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }مريم
2 – الرسم ( وفق الضوابط الإسلامية ) ولقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم رسما كما جاء في صحيح البخاري (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ مُنْذِرٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – قَالَ خَطَّ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – خَطًّا مُرَبَّعًا ، وَخَطَّ خَطًّا فِى الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِى فِى الْوَسَطِ ، مِنْ جَانِبِهِ الَّذِى فِى الْوَسَطِ وَقَالَ «هَذَا الإِنْسَانُ ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ – أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ – وَهَذَا الَّذِى هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا )
ونأتي إلى أرقى وسيلة للتعبير عن الذات وهي اللغة المنطوقة وتلك اللغة سر من الأسرار فالله وحده هو من علم الإنسان كيف يبين عن نفسه قال تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآن خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) والله وحده هو الذي جعل اللغات تتعدد وتختلف مع أن مصدرها واحد قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }فتعدد اللغات من آيات الله والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يفهم الإنسان اللغة ؟
نظرية المثلث الدلالي ( دي سوسير)
هناك تصور لوجود صورة في ذاكرة الإنسان لكل رمز صوتي فمثلا إذا سمعت كلمة شجرة فهذه الكلمة تتحول إلى ذبذبات صوتية يترجمها المخ لتوافق الصورة الموجودة في ذاكرته فتتخيل أنت الشجرة وتتدرك المعنى وهذه الصور الموجودة في الذاكرة تزداد بازدياد خبرات الإنسان
ويحدث عدم الفهم إذا كان الرمز الصوتي مجهولا فيفشل المخ في ترجمته فيظل مبهما وذلك عند سماع لغة أجنبية .
ولعل هذه النظرية هي الأقرب فلقد جاء في القرآن {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة فالآية تدل على أن الله عز وجل أوجد المسميات كلها وعلمها لآدم ومن هنا انطبعت هذه الصور في ذاكرته .وللعلم هناك اختلافا كبيرا في تأويل الأسماء بين علماء التفسير
وللحديث بقية إن شاء الله
التصنيفات
اللغة بين نطقها وكتابتها
بسم الله الرحمن الرحيم