المشاكل السياسية
الحروب الأهلية:
”
تعيش العديد من البلدان الأفريقية حروبا أهلية أنهكت شعوبها فقتلت الآلاف وهجرت ما يزيد عن 9.5 مليون لاجئ الأمر الذي يجعل من هذه الحروب واحدة من أكبر تحديات القارة
”أنهكت الحروب الداخلية أفريقيا قتلاً وتهجيراً وجوعاً، وتعددت أسبابها ما بين أيدلوجية كما هو الحال في الجزائر بين الإسلاميين والسلطة والذي بلغت فيها المجازر حداً مرعباً ، وقبلية كما وقع في رواندا وبورندي بين الهوتو والتوتسي عام 1994.
وأحيانا ترتدي هذه الحروب زيا دينيا كما في نيجيريا، أو تختفي وراء تجار الماس والسلاح والبترول كما هو الحال مثلا في أنغولا، التي تشهد حرباً دامية منذ عام 1975 راح ضحيتها أكثر من مليون أنغولي.
وغير بعيد عن هؤلاء ما يشهده الساحل الغربي للقارة وتحديدا في سيراليون وليبيريا وغينيا وهو ما يطلق عليه مثلث الرعب.
هذه الحروب المتعددة ساهمت في زيادة تجزئة القارة أكثر مما هي عليه. ولعل المثال الصارخ على ذلك ما تشهده منطقة القرن الأفريقي ولا سيما في الصومال حيث حصدت الحرب الأهلية التي استمرت قرابة عقد من الزمن وما تزال إلى الآن رغم انخفاض حدتها مؤخرا أكثر من نصف مليون صومالي وقسمت البلاد وجعلت من هذا البلد الأفريقي الهام نموذجا لآثار الحرب الأهلية على الاستقرار السياسي ووحدة التراب الوطني.
أما في السودان فإن محاولات المتمردين في الجنوب كلف البلاد أكثر من مليوني قتيل وأربعة ملايين مشرد، ولا يبدو أن الأزمة مقبلة على الحل خاصة بعد ظهور البترول في الجنوب.
وفي تشاد يقود متمردو تبستي حربا متواصلة على الحكومة في الإقليم منذ عام 1998، ولا يختلف الحال كثيرا في السنغال التي يسعى المتمردون للانفصال بإقليم كازامانس منذ 18 عاما.
النزاعات الحدودية الأفريقية أشبه بالقنابل الموقوتة التي تتأثر بأدنى تغير دولي أو محلي، فهناك مثلا نزاع على منطقة حلايب بين السودان ومصر الذي وتر العلاقة بين البلدين في بعض الفترات بغير مناسبة، وعلى جزر حنيش بين أريتريا واليمن، وبين أثيوبيا وإرتريا حول الحدود والذي أدخل الدولتين في معارك دامية في عام 1999 وقتل في المعارك أكثر من نصف مليون عسكري ومدني، والنزاع على الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر والذي ألقى بظلاله القاتمة على العلاقة بينهما وعلى منظمة الوحدة الأفريقية نفسها، حيث انسحب المغرب منها في عام 1984 احتجاجا على قبول المنظمة للجمهورية العربية الصحراوية عضوا كاملا فيها.
عدم الاستقرار:
ما زالت تعاني الدول الأفريقية عامة من عدم الاستقرار السياسي، حتى تلك التي تنعم بالأمن حالياً، فأكثر الدول الأفريقية تقدما -جنوب أفريقيا على سبيل المثال – ما زالت تعاني من آثار التمييز العرقي وإن قطعت فيه أشواطا، والبقية إما تعاني من الاستبداد وحكم الأقليات أو العائلات أو الحزب الواحد.
صراع القوى الكبرى:
”
سياسة الولايات المتحدة بعد حرب الخليج الثانية وبعد أحداث 11 سبتمبر متجهة نحو استكمال السيطرة على مصادر الطاقة كما هو حالها مع آسيا الوسطى، وتعتبر أفريقيا من أهم المصادر الحالية والمستقبلية
”كانت أفريقيا قبل الاستقلال مقسمة بين دول استعمارية متعددة، وبعد ظهور القطبين السوفياتي والأميركي أصبحت القارة جزء من الصراع بين هذين المعسكرين، وحاليا تشهد القارة عودة قوية للتنافس بين الدول الكبرى في محاولة منها لبسط نفوذها مستهدفة الاستفادة من ثرواتها الطبيعية والمعدنية، ومواقعها الاستراتيجية المهمة.
أشار تقرير صدر عن وزارة الخارجية الأميركية في عام 1996 أن نصيب الولايات المتحدة من السوق الأفريقية لا يزيد عن 7.6% مقارنة بـ 30% للاتحاد الأوروبي، وأبرز أن الولايات المتحدة تعاني عجزا كبيرا في الميزان التجاري مع أفريقيا مقارنة بالاتحاد الأوروبي الأمر الذي جعل من أولويات السياسية الأميركية زيادة نفوذها في أفريقيا. وأعلنت ذلك صراحة على لسان وزير خارجيتها الأسبق وارن كريستوفر حينما رد على انتقادات المسؤولين الفرنسيين لجولته في أفريقيا في أكتوبر عام 1996 بقوله “إن الولايات المتحدة تنوي زيادة نفوذها في أفريقيا وهي لا تخشى التطاول على مناطق النفوذ الفرنسي”.
وكان من أبرز مظاهر هذا النفوذ تلك الامتيازات التي حصلت عليها للتنقيب عن النفط في مواقع كثيرة من زامبيا، وعلى امتياز التنقيب في مناجم الماس في أنغولا وتشاد، وإقامة قاعدة عسكرية لها في السنغال التي كان تعد واحدة من أقرب حلفاء فرنسا في أفريقيا.
ومن الواضح أن سياسة الولايات المتحدة السارية بعد حرب الخليج الثانية وبعد أحداث 11 سبتمبر متجهة نحو استكمال السيطرة على مصادر الطاقة كما هو حالها مع آسيا الوسطى، وتعتبر أفريقيا من أهم المصادر الحالية والمستقبلية للطاقة. فأميركا تستورد 15% من إجمالي الواردات النفطية من أفريقيا، ويزخر خليج غينيا برأي البعض باحتياطات نفطية هائلة بحجم احتياطات الخليج العربي، وتنتج ما بين 50 – 60% من إنتاج العالم للذهب، وما بين 20 – 25% من انتاج العالم لليورانيوم، و95% من إنتاج العالم للماس.