أهمية الطاقة الشمسية الإشعاعية الحرارية :
لا يخفى على أحد ما للطاقة الشمسية الإشعاعية من أهمية عظيمة مباشرة وغير مباشرة في مختلف العمليات الحيوية والفيزيائية المولدة لكافة أنواع الحياة على سطح الأرض والعمليات التي تحافظ على استمرارها. ولولاها لتجمد سطح الأرض وانعدمت الحياة عليه وأصبح كوكباً بارداًَ ميتاً.
ولا شك في أن من أهم هذه العمليات تلك التي تحول هذه الطاقة إلى منتجات بيولوجية مفيدة متمثلة في المحاصيل الغذائية والوقود. فسلاسل الغذاء، مهما كانت طويلة ومعقدة تعود في جذورها إلى امتصاص خلايا النبات الخضراء الطاقة الشمسية الإشعاعية واستخدامها في بناء أنسجتها خلال عملية التمثيل الضوئي، وما الوقود المستحاث ( الأحفوري ) من فحم وبترول، وحطب إلا طاقة شمسية إشعاعية مخزونة تتحرر خلال عمليات الاحتراق.
أما من وجهة النظر المناخية، فالطاقة الشمسية الإشعاعية هي المولد الرئيسي لعناصر الطقس والمناخ كافة فلولاها ما تسخن سطح الأرض ولا الهواء، ولتوقف تدفق الرياح وتبخر المياه وهطول الأمطار، وتوقف جريان المياه في الأنهار. إنها القوة المحركة لنظام دورة الغلاف الجوي ومياه البحار والمحيطات، وبالتالي فإنها المحرك لعمليات نقل بخار الماء والطاقة الحرارية وتبادلها بين المناطق والأقاليم على سطح الأرض. ولذلك فإنها بما يعتريها من تحولات وتباينات مكانية وزمنية تعمل بشكل مباشر على تكوين حالات الطقس والمناخ المتنوعة على سطح الأرض.
تعد الشمس بحق المصدر الوحيد للطاقة الحرارية الواصلة إلى سطح الأرض. ولا شك في أن النجوم والقمر والكواكب الأخرى تطلق طاقة حرارية إشعاعية, وكذلك تفعل الأرض, إذ تنطلق طاقة حرارية من باطنها تعرف بالحرارة الأرضية ( geothermal )، ولكن أشكال هذه الطاقة جميعها ضئيلة جداً ومهملة تماماً إذا ما وازنّاها بما يصل سطح الأرض من طاقة شمسية إشعاعية. ويعود ذلك أولاً إلى البعد الشاسع الفاصل بين الأرض والنجوم الأخرى التي نراها تسطع في السماء, إذ يقع أقرب نجم إلى الأرض بعد الشمس، ذلك المعروف بمجموعة ( اُلفاسينتاري alpha centori ) المكونة من ثلاثة نجوم تدور حول بعضها البعض, على بعد يناهز 3,4 سنة ضوئية منها (1), أي ما يعادل 40.7×1210 كم, وهذا ما يزيد عن 260.000 ضعف المسافة بين الأرض والشمس, ويقل التدفق الحراري الأرضي عن 10-5 من الطاقة الشمسية الواصلة إلى سطح الأرض، ويقل ما يشعه القمر عندما يكون بدراً كثيراً عن ذلك.
الشمس :
أوردت العديد من الدراسات ( 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8 ، 9 ) معلومات مستفيضة حول بنية الشمس وتركيبها، استقتها من قياسات ومشاهدات قامت بها التوابع الاصطناعية مثل " سكاي لاب " ( مخبر السماءsky lab ) و( نمبوس nimbus7 ) و(هابيل ( habelوغيرها من التوابع والدراسات التي قامت بها وكالة الفضاء الوطنية الأمريكية (Nasa ) حول الشمس. وبينت, أن الشمس نجم متوسط الحجم, مكون من كرة هائلة ملتهبة تبلغ درجة حرارة سطحها حوالي 6000 ْ مئوية ( 6300ه كالفانية) ويبلغ طول قرص قطرها المرئي 1391×310 كم , أي ما يعادل 110 ضعف طول قطر الأرض تقريباً، وتزيد كتلتها عن 1998×2410 طن, أي ما يعادل 333×310 كتلة الأرض البالغة 6×2110 طن.
تتمركز الشمس في وسط المجموعة الشمسية، وتبعد عن الأرض بحوالي 149.6×610 كم وسطياَ (1) أو ما يعادل واحدة فلكية "Astronomical Unit "(25ص 3 ). ويظهر قرصها المرئي من سطح الأرض محصوراً في زاوية صغيرة جداً تتراوح بين30 َ – 32 َ. وتدور حول محورها دورة واحدة كل أربع أسابيع تقريباً، لكنها لا تدور كما تدور الأجسام الصلبة إذ تتفاوت دورتها حول محورها بين 27 يوم عند خط استوائها و30 يوم عند قطبيها.
بنية الشمس:
بينت الدراسات، استناداً إلى التباينات في الكثافة والضغط ودرجة الحرارة السائدة خلال الشمس، إن الشمس تتكون من عدة طبقات متميزة عن بعضها البعض، كما هو موضح في الشكل ( 1 ) ، وهي:
1ـ النواة ( core ):
يقدر طول نصف قطر نواة الشمس بحوالي 23%-28.8% (159.95 ×310-200×310 كم ) من نصف قطرها الكلي وتحتوي على ما يزيد عن40% من كتلتها و15% من حجمها، وتزيد كثافتها عن 10ه-1.35×10ه كغ/ م ،ويتولد خلالها ما يزيد عن 90% من الطاقة الشمسية الحرارية الناتجة عن التفاعلات الذرية التي تندمج خلالها ذرات الهدرجين ( H ) متحولة إلى هليوم ( He ) وطاقة. ويعتقد أن معظم الأشعة فيها مكوناً من الأشعة السينية ( X ) ومن أشعة غاما ( γ ) ، وتقدر درجة حرارتها في مركزها بين 15×610-20×610 درجة كالفانية، وبنحو 7×610-8×610 درجة كلفانية عند أطرافها، ويقدر الضغط فيها بين610- 22 ×610 بار.
2 ـ الغلاف الإشعاعي (Radiative Zone):
تحتل سماكة هذا الغلاف حوالي47% ( 326.9 ×310 كم ) من نصف قطر الشمس. وتقل الكثافة خلاله تدريجياً حتى تبلغ عند أطرافه حوالي 70-120كغ/ م3. وتصل درجة حرارته إلى حوالي 610 درجة كالفانية. وخلاله تشع الطاقة الشمسية نحو سطح الأرض.
3 ـ الغلاف الحملاني (Convective Zone):
تشغل سماكة هذا الغلاف حوالي 30% (208.7 ×310 كم ) من نصف قطر الشمس وتتناقص كثافته إلى حوالي 10-4كغ/ م3 ويصل الضغط فيه إلى أقل من 10-2 بار عند حده الخارجي، تسود خلاله تيارات حملا نية حرارية تنقل الطاقة الشمسية إلى سطح الشمس.
4 ـ الغلاف المرئي "فوتوسفير" (Photosphere ):
يشكل غلاف فوتوسفير الحد الخارجي للغلاف الحملاني، وفي الوقت نفسه يشكل سطح الشمس المرئي ذو اللون الفضي اللامع. ويعرف أحياناً بالغلاف الضوئي (lightSphere of)، وتبلغ سماكته عدةكيلو مترات، وهو المصدر الرئيسي للطاقة الشمسية الإشعاعية الواصلة إلى سطح الأرض, وتناهز درجة حرارته 6000 ْ كالفانية وتقل كثافته عند الحد الخارجي عن 10 كغ/ م3.
يظهر الفتوسفير مبرغلاًً ، تغطية خلايا حرارية حبيبية لامعة (Granules) غير منتظمة تمثل قمم التيارات والفورانات الحملانية الجارية خلال الغلاف الحملاني، تتراوح أقطارها بين 1000-3000 كم، ولا تزيد مدة بقاء كل منها عن بضع دقائق. وعلى الرغم من تشكل الفوتوسفير من غازات ضئيلة الكثافة فإن حده الخارجي محدد بوضوح، فالغازات المكونة له شديد التأين تمكنه من التصرف كجسم كتيم للأشعة قادر على امتصاص وإطلاق الأشعة الشمسية باستمرار.
وتعد البقع الشمسية (Sunspots ) من المظاهر الهامة التي تعتري سطح الفوتوسفير، وتعرف أيضاً بالكلف الشمسي وتعرف أحياناً بالمسامات (Pores ). وهي بقع داكنة اللون نسبياً، لانخفاض درجة حرارتها عما حولها بحوالي 1000 ه -1500 ه مئوية، إذ تقدر درجة حرارتها بين4000 ْ- 4500 ْ كالفانية. ولا تتعدى مساحتها مساحة الخلايا الحملانية، لكن تتراوح أطوال أقطار الكبيرة منها بين 410- 510 كم ، ويمكن مشاهدتها عند الغروب بالعين المجردة. ويحيط بالبقع الشمسية خلايا حرارية (Faculae ) لها نفس أبعادها لكنها أشد حرارة منها ولمعاناً ويشتد خلالها الإشعاع الشمسي ويتعاظم ليعوض النقص في الإشعاع الحاصل عند تكاثر البقع الشمسية.
تدوم البقع الشمسية عدة أيام، وتختلف أعدادها وفقاً لدورات زمنية منتظمة تتكرر كل 11 سنة وسطياً وبعضها يصل إلى 22 و89 وحتى 178 سنة. تتميز البقع الشمسية بقوة حقولها المغناطيسية, وبكونها مراكز للأقاليم المضطربة والناشطة على سطح الشمس. وتؤدي حتماً إلى اضطراب في الغلاف المغناطيسي الأرضي.
5 ـ (Reversing Layer ):
تمثل هذه الطبقة الطبقة الأولى من الغلاف الجوي الشمسي, تتكون من غازات شفافة, تبلغ سماكتها حوالي 560 كم فوق الفوتوسفير, وتقل درجة حرارتها إلى حوالي 4200 ْ كالفانية، ولا تلاحظ إلا في أوقات كسوف الشمس الكلي أو باستخدام أدوات تحجب قرص الشمس.
يلاحظ خلال الطبقة الانقلابية خطوط غامقة اللون, تعرف بخطوط فرون هوفر ( Fraunhofer Lines) نسبة للعالم الألماني جوزيف فرون هوفر الذي اكتشفها.وتشكل هذه الطبقة نطاقاً انتقالياً بين الفوتوسفير وغلاف كروموسفير التالي.
6 ـ طبقة كروموسفير( Chromosphere):
تظهر طبقة كروموسفير فوق الطبقة الانقلابية على شكل هالة تحيط بالشمس تعرف أحياناً بالطبقة الملونة (Colorsphere ) تناهز سماكتها 1000 كم, متكونة من غازات ضئيلة الكثافة من شوارد الهدرجين والكالسيوم (Ca ), وتتزايد درجة حرارتها تدريجياً باتجاه الخارج من 5000 ْ كالفانية عند قاعدتها إلى حوالي 20.000 ْ كالفانية عند قمتها. وتمثل كروموسفير الطبقة الثانية من الغلاف الجوي الشمسي. ولا يمكن مشاهدتها إلا في أوقات الخسوف الشمسي فقط.
وبين الوقت والآخر تثور خلال كروموسفير فورانات أو إندلاعات شمسية ( Flares) تصل ارتفاعها آلاف الكيلومترات. و عادة يزيد عددها عن 100 إندلاع يومياً، تتخللها عدة إندلاعات عظيمة (Prominences ) تحدث سنوياً. تعد هذه الإندلاعات مصدراً لتدفقات شديدة من الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية ومختلف أطياف الأشعة، يصاحبها فيض عظيم من البلازما الشمسية المشحونة بطاقة كهربائية كبيرة، ويذكر أنه في يوم 12 أيار / مايو من عام 1980 حدث اندلاع عظيم دام حوالي 40 دقيقة غطى مساحة تقدر بنحو 2.5×10 9 كم2 من سطح الشمس (7).
7 ـ طبقة كورونا ( Corona):
تقع الكرونا فوق طبقة الكروموسفير, مشكلة الطبقة الخارجية للغلاف الجوي الشمسي. ولا يمكن مشاهدتها أيضاً إلا في أوقات كسوف الشمس الكامل. وتتكون من البلازما الشمسية أو ما يعرف بالرياح الشمسية (Solar Wind ). وهي أقل كثافة من الكروموسفير, تتألف من 91.3% بروتونات و8.7% ذرات هيليوم متأنية تصاحبها إلكترونات وأنواع مختلفة من الأشعة الشمسية. تتراوح درجة حرارتها بين 10 6-2×10 6 درجة كلفانية (7), تنطلق الرياح الشمسية بسرعة هائلة تزيد عن 500 كم/ثا, وتزيد عن ذلك في أوقات الإندلاعات الشمسية الحاصلة من طبقة كروموسفير. تنتشر الكرونا خلال مساحات شاسعة في الفضاء الكوني متعدية حدود المجموعة الشمسية. ويعرف الحد الذي تصل إليه بالحد الشمسي.
والحقيقة فإن الأرض تقع في الأجزاء الخارجية من الغلاف الجوي الشمسي, ولذلك يدخل الغلاف المغناطيسي الأرضي في صراع دائم مع الرياح الشمسية التي تضغط عليه باستمرار لكنه يتمكن من صدها ومنعها من الوصول إلى سطح الأرض.
تولد الطاقة الشمسية:
تشبه الشمس بفرن ذري عظيم, تتحول في نواتها ذرات الهيدرجين ( H11) بواسطة الاندماج الذري إلى ذرات هيليوم ( 24He) مطلق طاقة حرارية هائلة ( E ) ونترونات (n01) وبزوترونات ( +e )وغيرها من الجسيمات الناتجة عن تفكك ذرات الهيدرجين واندماجها.
يبدء الاندماج الذري باندماج نويات(11H) منتجة نظائر الهيدروجين ديوتيريوم (12H)وتريتوريوم (31H)وتحولها إلى ذرات هليوم.
11H + 11H 21H + e
21H + 21H 31H + 11H
21H + 21H 32He + 10n + E
21H + 31H 42He + 10n + E
وتتولى الاندماجات الذرية متزامنة مع بعضها البعض وتستمر، باستمرارها يستمر تدفق الطاقة الشمسية الحرارية الهائلة . ويتم إنتاج الطاقة وفقاً للنظرية النسبية لاينشتاين (ص10) E=mc2 erg
هنا : ـ E= الطاقة الحرارية المتدفقة ( ايرج أو حريرة)
ـ m= كتلة الذرات المندمجة
ـ c= سرعة الضوء (300× 10 8 سم /ثا)
لذلك فإن ما ينتح اندماج ذرات غرام واحد من الهدرجين يساوي 9×10 :إيداج, أي ما يعادل 21.5×10 12 حريرة /ثا.
واستناداً إلى تقديرات العالم جاموGamo (20) فإن حوالي 800×10 6 طن من الهيدرجين تتحول في نواة الشمس من طاقة حرارية بحوالي 17.2×10 24 إيداج/ثا أي حوالي 17.2×10 27 حريرة/ثا. ويمكن أن نتصور مقدار هذه الطاقة الحرارية الهائلة المنبعثة من إن إندماج ذرات هذه الكتلة الهدروجينية إذا علمنا أن الإندماج الذري لكيلو غرام واحد منها ينتج طاقة تعادل ما ينتجه احتراق 20×10 6 كغ من الفحم الحجري.
(1)ايرج (erg): واحدة لقياس الطاقة الحرارية والعمل في واحدة (cgs), وكل
1 حريرة =4.187×10 7 ايرج وكل 1 جول أو1 واط = 10 7 ايرج
ٍطيف الأشعة الشمسية وطبيعتها:
تشع الشمس طاقتها الإشعاعية على شكل طيف واسع من أمواج مشحونة كهربائياً ومغناطيسياً, تعرف بالأمواج الإشعاعية الكهرومغناطيسية (Electromognatic radiation waves )، ذات أطول مختلفة
وترددات متعددة, تنطلق بسرعة كبيرة واحدة قاطعة مسافة واحدة خلال واحدة زمن(1 ثانية) تعادل 300×10 3 كم/ثا, وهذا ما يعادل سرعة الضوء في الثانية الواحدة. ولا تتأثر سرعة انتشارها بوجود الغلاف الجوي للأرض لأنه بالنسبة لها رقيق جداً إلى حد يمكن اعتبارها وكأنها تنتشر في فضاء مفرغ من الهواء. وعادة ما تصنف الموجات الإشعاعية الكهرومغناطيسية بطول أمواجها وترددها خلال مسافة زمنية محددة ( 300×10 3 كم/ثا ) .
يقصد بطول الموجة المسافة الفاصلة بين قمتي أو قعري موجتين إشعاعيتين متتاليين (الشكل ). وتستخدم الوحدات المترية وأجوائها في قياسها، فتقاس الطويلة منها بواحدة المتر (م) بينما تقاس القصيرة منها بواحدة (المايكرومترUM)مكم ويساوي 10-6 م أو النانومتر(nm)ويساوي 10-9 م أو الانجستروم انج ويساوي 10-10م
ويعني تردد الأمواج الإشعاعية الكهرومغناطيسية عدد هذه الأمواج التي تعبر حداً معيناً خلال ثانية من الزمن أو بكلمة أخرى يعبر عن عدد الأمواج الإشعاعية الحاصلة خلال المسافة التي تقتطعها هذه الأمواج خلال واحدة الزمن ( ثانية واحدة ). ويمكن التعبير عن هذه المسافة "بالمسافة الزمنية" ولأن هذه الأمواج تنطلق بسرعة واحدة, هي سرعة الضوء قاطع مسافة 300×10 3 كم بالثانية الواحدة, فيعنر عن هذه المسافة الزمنية "بالثانية الضوئية",وهي أصغر وحدة في ما يعرف بوحدات المسافة الضوئية, إذاً فالثانية الضوئية ومضاعفاتها ( دقيقة, ساعة, يوم, سنة ضوئية ) ليست واحدات لقياس الزمن, بل هي واحدات لقياس المسافات, تستخدم في قياس المسافات الشاسعة في الفضاء بين الاجرام السماوية, كما هو الحال في استخدام الوحدة الفلكية المذكورة سابقاً .
تظهر الأمواج الطويلة خلال المسافة الزمنية (ثانية ضوئية) التي تقطعها أقل تردداً من الأمواج القصيرة, وهكذا فكلما كبرت أطوال الأمواج قل ترددها وكلما قصرت ازداد ترددها. إذن توجد علاقة عكسية بين أطوال الأمواج وترددها، ويمكن حساب تردد الأمواج الإشعاعية الكهرومغناطيسية بالعلاقة التالية:
(1)حيث انه لا يوجد لكل من الميكرومتر (um) والآنجستروم (A) متفق عليه بين المؤسسات العلمية العربية، نقترح هنا استخدام رمز(مكم) و(آنج) لكل منهما على التوالي.ويساوي10-10م.
C
λ
( هيرتز Hz )موجة/ثا F=
هنــا:
F= تـردد الأمواج الشـعاعية (موجة /ثا)
C = المسافة التي تقطعها الأمواج الإشعاعية للكهرومغناطيسية (1ثانية ضوئية )=300×10 3 كم/ثا
λ = حرف إغريقي (لامبداLambda ) يمثل طول الموجة الإشعاعية الكهرومغناطيسية
وتقاس كل من C و λ بنفس الواحدات المترية وأجزائها
1 كيلو متر (كم) =10 3 متر) م) =10 5سنتيمتر(سم) =10 6 ميليمتر (مم) =10 9 مايكرومتر (مكم) =10 12 نانومتر (نم) =10 13انغستروم (آنج) =10 15
الجدول رقم /1/ : أمواج الأشعة الشمسية الكهرومغناطيسية وأقاليمها الرئيسية
وأطوالها ( ) مقاسـة بالنانومتر (nm.نم)
وترددهـا (F) مقاسـة بالهرتـز (Hz.هـز )
أقاليم أمواج الأشعة الشمسية الكهرومغناطيسية
طول الأمواج (λ)
(nm.نم)
تـردد الأمـواج (F)
(Hz.هـز)
أشـعة جاما الكونية
10-4 – 10-2
3×1210 – 3×1910
الأشـعة السـينية X
أشـعة سينية قاسية HX
10-2 – 0.1
3 ×1910 – 3×1810
أشـعة سنية ليند SX
0.1 – 1
3 × 1810 – 3×1710
الأشـعة فوق البنفسجية UV
أشـعة فوق بنفسجية EUV
1 – 200
3×1710 – 3×1.5 × 1510
أشـعة فوق بنفسجية بعيدة FUV
200 – 300
1.5 × 1510 – 1510
أشـعة فوق بنفسجية قريبة NUV
300 – 320
1510 × 9.4 × 1410
الأشـعة الضوئية البيضاء المرئية VL
أشـعة سـوداء
320 – 380
9.4 × 1410 – 7.89 × 1410
أشـعة بنفسجية
380 – 420
7.89 × 1410 – 7.14 × 1410
أشـعة زرقـاء
420 – 490
7.14 × 1410 – 6.12 × 1410
أشـعة خضـراء
490 – 540
6.12 × 1410 – 5.56 × 1410
أشـعة برتقاليـة
540 – 590
5.56 × 1410 – 5.08 × 1410
أشـعة حمـراء
590 – 650
5.08 × 1410 – 4.62 × 1410
الأشـعة تحت الحمـراءIR
650 – 760
4.62 × 1410 – 3.95 × 1410
أشـعة تحت الحمـراء قريبة NIR
أشـعة تحت حمـراء بعيدة FIR
607 – 310
3.95 × 1410 – 3×1410
الأشـعة الصغيـرة MW
310 – 610
3 × 1410 – 3 × 1110
أمـواج الـرادار
510 – 710
3 × 1210 – 3 × 1010
أمـواج التلفزيـون
610 – 910
3 × 1110 – 3 × 810
أمـواج الراديـو
810 – 1010
3 × 910 – 3 × 710
1010 – 1210
3 × 710 – 510
C
λ
عن Chanllet (1986) Dickinson and Cheremisinoff (1980)
وحسب تردد الأمـواج باستخدام المعادلة F= حيث C= نانومتر (نمnm )
أما بالنسبة لتردد الأمواج ( F ), فقد اتفق دولياً على استبدال وحدة "موجة/ثانية"بواحدة (هيرتزHz, Hertz ) ومضاعفاتها:
كيلو هيرتز ( KHz ) ويعادل 10 3 Hz,ميجا هيرتز (MHz ) ويعادل 10 6 Hz, وجيجا هيرتز(GHz ) وتعادل 10 9 Hz.
ويبين الجدول (1) أطوال أمواج طيف الأشعة الكهرومغناطيسية وترددها وأقاليمها المختلفة.
تتباين قدرة الطاقة التي تحملها أمواج الأشعة الكهرومغناطيسية, فالأمواج القصيرة تحمل طاقة أكبر من الأمواج الطويلة, لقد تبين أن انتقال الطاقة عبر أمواج الأشعة الكهرومغناطيسية يجري على شكل سيل من كميات صغيرة أو حزم صغيرة من الطاقة متراصة وراء بعضها البعض تعرف بالفوتونات (Photons ), لها صفات الذرات وفي الوقت نفسه ليس لها كتلة, ولها صفات الأمواج ذات عزم حركي لكنها لا تحمل شحنات كهربائية. (7 ص56 ) إذن، ففوتوناتالإشعاعية الكهرومغناطيسيةالقصيرة – التي تقل أطوالها عن320 نم – تحمل طاقة كبيرة أكبر مما تحمله فوتونات الأمواج الطويلة, تمكنا من الفتك بالخلايا الحية الحيوانية والنباتية, ولحسن حظها فإن ما تشعه الشمس من هذه الأشعة يقل عن 7% من مجموع الطاقة التي تشعها, ولا يصل سطح الأرض سوى النذر اليسير جداً منها على شكل أشعة فوق البنفسجية .
أقسام طيف الأشعة الشمسية الكهرومغناطيسية:
تقسم الدراسات طيف الأشعة الشمسية الكهرومغناطيسية إلى عدة أقسام تعرف بالأقاليم (Regions ) كما هو مبين في الجدول /1/ والشكل/ 2/ وهي:
1- إقليم الأشعة الكونية: ويتمثل بأشعة (جاما Gama ) وغيرها من الأشعة التي تقل أطوال أمواجها عن 0.01 نم.
2- إقليم الأشعة السينية (x-rays ) : وتتراوح أطوال أمواجه بين 0.01-1 نم. ويضم الأشعة السينية القاسية ( HX", Hard x ray") والأشعة السينية الينة (SX", soft x ray" ).
3- إقليم الأشعة فوق البنفسجية ( Ultra Violet"UV") : وتتراوح أطوال أمواجه بين 1-320 نم. ويقسم إلى ثلاثة أجزاء تسمى وفقاً لموقعها من طيف الأشعة المرئية البيضاء الذي يليها,وهي: الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة ( "EUV" Extrem Ultra Violet) الأشعة فوق البنفسجية البعيدة ( "FUV"Far Ultra Violet) الأشعة فوق البنفسجية القريبة (Ultra Violet"NUV" Near ). ويكون هذا الإقليم مع إقليم الأشعة السينية وإقليم أشعة جاما حوالي 7 % من مجموع الطاقة الشمسية الإشعاعية, وهي أشعة ضارة وفتاكة.
4- إقليم الأشعة المرئية البيضاء( White Visable Ray) ( 3ص 67-77 )وتتراوح أطوال أمواجه بين 320-760 نم. ويتكون من مزيج من الأشعة البنفسجية والزرقاء والخضراء والصفراء والبرتقالية والحمراء (الجدول 1), ويضاف إليها ما يعرف بالأشعة السوداء لعدم استطاعة العين رؤيتها ( 11ص49 ). وتشكل الأشعة المرئية البيضاء حوالي 44% الطاقة الشمسية الإشعاعية وهي أشعة ذات طاقة حرارية وضوئية كبيرة تلعب دوراً رئيسياً في تسخن سطح الأرض وفي مجريات الطقس والمناخ السائد عليه.
5- إقليم الأشعة تحت الحمراء ( Infra Red Ray): وتتراوح أطوال أمواجه بين 760-10 6نم, وينقسم إلى جزئين وفقاً لموقعها من طيف الأشعة المرئية البيضاء السابقة له,هما: الأشعة تحت الحمراء القريبة (Infra Red"NIR" Near)وتشكل 37%من مجموع الطاقة الشمسية, والأشعة تحت الحمراء البعيدة (Far Infra Red FIR"") وتشكل حوالي 11% من مجموع الطاقة الشمسية, لا تتمكن العين من رؤية الأشعة تحت الحمراء, ولكن يمكننا أن نشعر بحرارتها.
6- إقليم الأشعة الصغيرة ( "MWR" Micro Waves Ray) وتتراوح أطوالها بين 10 5-10 7 وتشكل أقل من 1% من مجموع الطاقة الشمسية.
7- إقليم أمواج الرادار (Radar Waves): وتتراوح أطواله بين 10 6- 10 9 نم
8- إقليم أمواج التلفزيون (TV Waves): وتتراوح أطواله بين 10 8- 10 10 نم
9- إقليم أمواج الراديو (Radio Waves): وتتراوح أطواله بين 10 10- 10 12 نم
إقليم الأشعة الشمسية المرئية البيضاء والألوان:
يتبين لنا أن الأشعة الشمسية المرئية البيضاء, متكونة من مزيج من الأشعة الملونة حين تعبر خلال موشور زجاجي,فتخرج منه متفرقة ومنكسرة, ويزداد انكسارها عكساً مع طول أمواج كل منها, فتظهر معكوسة الترتيب, الأشعة البنفسجية في الأسفل لأنها أشد انكساراً تليها الزرقاء ثم الخضراء والصفراء والبرتقالية وتظهر الأشعة الحمراء في الأعلى لأنها أقل انكساراً(الشكل 3). ويحدث ذلك أيضاً في ظاهرة قوس قزح(Rainbow). وعادة يتشكل قوس قزح عندما تهطل الأمطار في جزء من السماء وتكون ساطعة في الجزء الآخر منها, وأحياناً يحدث خلال قطيرات الما المتناثرة فوق مساقط المياه وفوق نوافير المياه أيضاً, فتقوم قطيرات الأمطار والقطيرات المتناثرة بدور الموشور الزجاجي.فعندما تدخل الأشعة الشمسية البيضاء قطيرات الماء تقل سرعتها وتنكسر وتتفلاق إلى أطياف أشعة ألوانها الأساسية. وعندما تصطدم هذه الأشعة بمؤخرة القطيرات ترد خارجة منها منكسرة ومتفرقة أيضاً مشكلة قوساً بديعاً من الألوان البنفسجية والزرقاء و الخضراء والصفراء والبرتقالية والحمراء(7).
تتمكن العين من رؤية الأشعة الشمسية البيضاء. وأطياف أشعتها الملونة لأن هذه الأمواج الكهرومغناطيسية تثير نهايات الأعصاب البصرية المنتشرة على شبكية العين على شكل عصيات أو أقماع بصرية,فتقوم بإرسال إشارات للدماغ تمكننا من إدراك الألوان ورؤيتها. تمكن العصيات العين من التفريق بين الضوء والظلام, ومشاهدة اللوتين الأبيض والأسود فقط, لأنها لا تستطيع التميز بين أشعة الألوان المختلفة, بينما تستطيع الأقمار استشعار الأشعة الملونة التي تنحصر أطوال أمواجها بين 380-670 نم والتميز بينها, فتمكن العين من رؤية الألوان جميعها, ولا تستطيع الأشعة التي تقل أطوال أمواجها عن 380 نم أو تزيد عن 670 نم إثارة نهايات الأعصاب البصرية لذلك لا تراها العين.
فالحقيقة فألوان الأشياء التي تراها العين ليست إلا أشعة كهرومغناطيسية مختلفة أطوال الأمواج منعكسة على سطح هذه الأشياء. فمثلا عندما تسقط أشعة الشمس الضوئية على سطح أخضر اللون, يمتص هذا السطح أشعة الألوان كلها عدا أشعة اللون الأخضر التي يعكسها فتراها العين. وهكذا بالنسبة لكل الأشياء الملونة, فسطوحها تمتص طيف الأشعة المرئية الواصل إليها كله وتعكس الأشعة الموافقة للونها فقط.
الشمس المتلونة والسماء الزرقاء:
أما بالنسبة للشمس, فيعود لونها الأبيض اللامع في وسط النهار إلى شدة إشعاعها في هذا الوقت وسقوط أشعة ضوئها المرئية جميعها على الأقماع البصرية للعين بشدة متساوية تقريباً فلا تستطيع التمييز بينها ونستشعرها كأنها أشعة واحدة بيضاء. بينما عند شروق الشمس أو غروبها تخترق الأشعة الشمسية الغلاف الجوي بزاوية ضعيفة, حوالي 4 5درجات قاطعة حيزاً كبيراً منه أكثر سماكة من الحيز الذي تقطعه وقت الظهر بحوالي 12 ضعف, فخلال هذا السماكة الكبيرة تتبعثر الأشعة القصيرة (البنفسجية والزرقاء و الخضراء) بواسطة جزيئات الهواء الدقيقة الأصغر منها حجماً بشكل انتقائي في كل الاتجاهات خلال الغلاف الجوي. بينما تتمكن الأشعة الصفراء والبرتقالية والحمراء من الدخول إلى عين الناظر مظهرة الشمس بلون أصفراء- برتقالي زاهي, وفي حال وجود جسيمات وذرات غبار معلقة في الهواء, تزيد أقطارها قليلاً عن طول أقطار جزيئات الهواء, تتبعثر الأشعة الصفراء وتظل الأشعة البرتقالية والحمراء مظهرة الشمس بلون برتقالي-أحمر, وإذا تواجدت الجسيمات بكميات كبيرة تتبعثر أشعة ضوء الشمس كلها عدا الأشعة الحمراء فتظهر الشمس بلون أحمر وذلك ما يحدث عند انفجار البراكين التي تملوء السماء بجسيمات دقيقة, أو فوق المحيطات حيث يكون الهواء مترعاً بذرات بلورات الملح الدقيقة وذرات بخار الماء, وأحيانا إذا كانت أحجام الجسيمات متجانسة تعمل على بعثرة الأشعة الشمسية الضوئية بشكل انتقائي مظهرة الشمس بعدة ألوان, حتى في منتصف النهار تبدو الشمس برتقالية أو خضراء أو حتى زرقاء ( 3ص 67-73 ).
ومن الملاحظ أنه خلال عمليات التبعثر المذكور في مختلف أشكاله, حتى في منتصف النهار, تعمل جزيئات الهواء دائماً إلى بعثرة الأشعة الشمسية الضوئية القصيرة جداً, البنفسجية والزرقاء و الخضراء, انتقائياً في كافة الاتجاهات في الغلاف الجوي, بالإضافة إلى ذلك فإن المخاريط البصرية في العين شديدة الحساسية لهذه الأشعة ما يجعل الشماء تبدو لنا زرقاء في الاتجاهات كلها وفي الأحوال جميعها من حساب شدة الطاقة الإشعاعية ومقدارها كمياً.
الوحدات المستخدمة في قياس الطاقة الإشعاعية الحرارية:
عادة تستخدم واحدات القوة ( Power)في قياس الطاقة الإشعاعية, وتعرف القوة بأنها "كمية الطاقة المنقولة خلال واحدة الزمن ", لذلك توجد عدة واحدات مستخدمة في قياس الطاقة الإشعاعية, أهمها وأكثرها استخداماً في دراسات الطقس والمناخ هي وحدة السعر الحراري أو حريرة ("Cal" Colorie ) ويعرف السعر الحراري "بأنه كمية الطاقة الحرارية المتطلبة لرفع درجة حرارة غرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة, من14.5 إلى 15.5 درجة مئوية وتساوي 4.4855×10 إيرج أو 4.1855 جول." وعند استخدامها في قياس الطاقة الإشعاعية فإنها تعبر عن مقدار الطاقة التي تشعها أو تمتصها واحدة المساحة ( 1سم2 ) من سطح ما خلال واحدة زمن ( ثانية, دقيقة, ساعة, يوم,……الخ ). وتكتب كما يلي : " غرام –سعر حراري/سم2 ز أو حريرة/سم2 ز وفيما بعد اقتراحات واحدة (لانجلي Ly, Langley ) عوضا ًعن غرام –سعر حراري /سم2 ز فأصبحت واحدة القياس لانجلي /ز, وذلك تخليدا للعالم صومائيل لانجلي ( ,Samual P. Langley1906-1834) الذي قدم الكثير من الإسهامات الرائدة في أبحاث الأشعة الشمسية. وكلا الواحدتين تستخدم الآن بشكل متبادل, وعادة, عند حساب الطاقة الإشعاعية تعتمد الدقيقة واحة للزمن, فتصبح واحدة قياس غرام-سعر حراري /سم2 أو لانجلي/د ويمكن استخدام( الكيلو غرام –سعر حراري /م2د )أو كيلو لانجلي/د المعادلة إلى 100سعر حراري /سم2د أو 1000 لانجلي /د على التوالي.
وتفضل بعض الدراسات استخدام واحدة الإرج (1023892×10حريرة) أو الجول (0.2389 حريرة) أو الواط (1جول/ثا=0.23892 حريرة ). وحديثاً تمثيل الدراسات وخاصة في المجالات الهندسية إلى استخدام واحدة "واط/م2" (1.43352 -3 لانجلي/د)وبذلك فإن واحدة لانجلي/د يعادل ( 697.6 واط/م2).
تشكل الطاقة الحرارية وطرق انتقالها:
تتولد الطاقة الحرارية في بادئ الأمر, عندما تمتص الأشياء, مهما كان نوعها. الطاقة الشمسية الإشعاعية الواصلة إليها على شكل أمواج كهرومغناطيسية وتحولها إلى طاقة حرارية تخزنها في داخلها فتزيد درجة حرارتها ثم تعود وتطلقها مرة أخرى والأمر نفسه يحدث عندما نعرض أنفسنا إلى نار المدفاة, فعندما تمتص أجسامنا الأمواج الكهرومغناطيسية.
عمليات الإشعاع ونقل الطاقة الحرارية وتبادلها عند سطح الأرض:
عندما تصل الطاقة الشمسية الإشعاعية تحملها فوتونات أمواج الأشعة الكهرومغناطيسية من سطح الشمس عبر الفضاء إلى الأرض تدخل في عمليات عديدة من التحولات والتبدلات, تبدأ بامتصاص سطح الأرض والغلاف الجوي والأشياء والأجسام فيهما لهذه الطاقة, ومن ثم إشعاعها مرة أخرى لبعضها البعض وتتبادلها فيما بينها.
إذن عند دراسة عمليات الإشعاع الجاري على سطح الأرض وفي الغلاف الجوي, علينا إدراك وجود نوعين من الطاقة الإشعاعية وهما:
1- الطاقة الشمسية الإشعاعية والتي تشكل المصدر الأساسي لكل الطاقة الواصلة إلينا بمختلف أشكالها.
2- الطاقة الأرضية الإشعاعية بما فيها طاقة الغلاف الجوي الإشعاعية والتي هي أصلاً طاقة مستمدة من الطاقة الشمسية الإشعاعية بالإضافة إلى الطاقة التي تشعها الأجسام والأشياء إلى بعضها البعض, وعلينا أن ندرك أيضاً أن العمليات المتحكمة بالعلاقة بين أنواع الطاقة الإشعاعية كثيرة ومعقدة ومتشابكة, لذلك علينا أن نوجه اهتمامنا إلى تلك العمليات المؤدية إلى تشكل ظواهر الطقس والمناخ على سطح الأرض وطرق تصرفها, والقوانين الضابطة لها والتي تمكن من قياسها كمياً, وقبل كل شيء علينا توضيح بعضا لمفاهيم المتعلقة بهذا الموضوع.
الإشعاع:
يعرف الإشعاع بزنه "عملية نقل الطاقة بواسطة فوتونات الأمواج الكهرومغناطيسية دون الحاجة إلى وسيط أو تماس مع المصدر المشع", وهذه العملية التي تصلنا بواسطتها الطاقة الإشعاعية الشمسية, مع ذلك علينا أن نعلم أن سطع الأرض والغلاف الجوي وأجسامنا وكل الأشياء التي حولنا مهما كانت صغيرة أو كبيرة ومهما كان تركيبها الفيزيائي والكيميائي, ومهما كانت باردة تشع طاقة إشعاعية (Radiant Energy ) تتناسب طرداً مع درجة حرارتها شريطة أن لا تهبط درجة حرارتها إلى دون
-273.15 مئوية أما ما يعرف بالصفر المطلق, فكلما زادت درجة حرارتها عن هذه الدرجة كلما زادت طاقتها الإشعاعية.
هذه الحقيقة توصلنا إليها كل من العالمين جوزيف ستيفان(Josif Stefan, 1835-1893 م) ولودوبج بولتزمان (Ludwig Boltzman 1844-1906 م )في أواخر القرن التاسع عشر, وعرفت بقانون ستيفان بولتزمان نسبة لهما.
الاستشعار وامتصاص الطاقة الإشعاعية:
عندما تسقط أمواج الطاقة الإشعاعية الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشمس على سطح الأرض وعلى غلافها الجوي وعلى كل الأشياء, تقوم هذه الأشياء يقوم هذه الأشياء بامتصاصها وتحميلها إلى طاقة داخليةInternal Energy)) (3ص 48-55), وخاصة طاقة حرارية تزيد من درجة حرارتها, فتعود وتشعها مرة أخرى على شكل أمواج كهرومغناطيسية إلى ما حولها.
إذن فإن الأشياء عندما تتعرض إلى الطاقة الشمسية الإشعاعية أو الطاقة الإشعاعية التي تشعها الأشياء من حولها وتمتصها فإنها تقوم بعملية (استشعاع) وعندما تقوم بإطلاقها فإنها تقوم بعملية (إشعاع), ويبدو واضحاً أنه كلما ازدادت قدرتها على الإستشعاع وكمية الطاقة الإشعاعية الممتصة كلما تسخنت الأشياء وازدادت قدرتها على الإشعاع, كما ويبدو واضحاً أيضاً أن الأشياء التي تمتص أو تستشع طاقة إشعاعية أكبر مما تشعه فإنها ستسخن, واذا شعت طاقة إشعاعية أكثر مما تستشع فإنها تبرد, وإذا كان مقدار ما تشعهمن طاقة إشعاعية مساوية لما تستشعه فإن درجة حرارتها تظل ثابتة وتكون هذه الأشياء في حالة توازن إشعاعي( Radiation Equilbrium), وهذا ما يفسر لنا الحالة الطبيعية الإشعاعية لكل الأشياء حولنا بما فيها الشمس, فقد لاحظنا فيما تقدم أنه عندما يشع سطح الشمس (الفوتوسفير) طاقة إشعاعية فإنه في الوقت نفسه يمتص طاقة حرارية تتولد في نواتها معادلة لم يشعه, ومن خلال خبراتنا اليومية نلاحظ أيضاً أن جميع الأجسام والأشياء حولنا تحافظ على توازنها الإشعاعي مع محيطها المتواجد فيه, وفي حالة اكتساب بعضها طاقة إشعاعية إضافية فإنها تسعى إلى إشعاعها والعودة إلى حالة توازنها الإشعاعي, والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها.
الطاقة وتحولاتها:
لابد لنا من الإشارة إلى أن الطاقة الإشعاعية الشمسية الساقطة على سطح الأرض تتعرض لتحولات عديدة من الطاقة مثل الطاقة الحرارية ( Heat Energy ), الطاقة الكامنة (Potential Energy ), الطاقة الحركية ( Energy Kinetie), الطاقة الكيميائية ( EnergyChemical ) لكن تظل الطاقة الحرارية أهمها وأكثرها حضوراً بالنسبة للعمليات المؤدية إلى تكوين طقس الأرض ومناخها, بالإضافة إلى أن أشكال الطاقة الأخرى تبقى ضئيلة نسبياً وستتحول بعملية أو أخرى إلى طاقة حرارية, وفي نهاية المطاف إلى طاقة إشعاعية تشعها الأشياء والأجسام التي تمتصها (8 ص 9-10 ) كما هو مبين في
ما يلي:
طاقة شمسية إشعاعية طاقة حرارية (محسوسة +كامنة) أشعة تحت الحمراء
حرارة كافيـة حرارة محسوسة أشعة تحت الحمراء
طاقة كامنة طاقة حركية طاقة حرارية أشعة تحت الحمراء
طاقة كيميائية طاقة حرارية أشعة تحت الحمراء
قوانين الإشعاع( Radiation Laws):
ولتفهم عمليات إشعاع الطاقة وامتصاصها (استسعاعها) وإبرازها بشكل كمي لا بد لنا من معرفة القوانين الضابطة والتي يمكن حسابها وتعرف هذه القوانين بـ( قوانين الإشعاع) ولتوضيح هذه القوانين وتسهيل استخدامها يجب الانطلاق من معيار مثالي تنطبق عليه هذه القوانين ومن تصميمها لذلك افترض العلماء وجود أجسام حرارية مثالية تمتص الطاقة الإشعاعية الساقطة عليها وتشعها في أقصى طاقة ممكنة وعرفت هذه الأجسام بالأجسام السوداء (Black bodies)وهي أجسام افتراضية تمتص أمواج الطاقة الإشعاعية الساقطة عليها كلها دون أن تعكسها أو تنفذها خلالها وتشعها في أقصى كمية عند أي درجة
حرارة لها وفي جميع الأطوال الموجبة ولا تدك تسميتها بالسوداء للدلالة على لونها وإنما للدلالة على أن أجسامها كتيمة للإشعاع (Opaque)وبتطبيق قوانين الإشعاع يمكن تحديد ميزات الأجسام السوداء وغيرها وكيفية تصرفها قوانين الإشعاع كثيرة لكنا سنحصر اهتمامنا بالقوانين الرئيسة والمهمة في دراسة الطقس والمناخ .
(1) وفقاً لقانون ستيفان بولتزمان تتناسب كمية الطاقة الإشعاعية(E) التي تشعها واحدة المساحة (1سم2) من سطح الجسم الأأسود طرداً مع القوة الرابعة لدرجة حرارتها الكلفاتنية (Tk4) خلال واحدة الزمن (1 دقيقة ) :
حريرة / سم2 د ك 4 E=σ Tk . e
هنا: σ = ثابت ستيفان بولتزمان 8.123 × 10 – 11 حريرة/سم2 د ك (5.667 × 10 -12 واط/سم2, د, ك4), Tk = درجة الحرارة الكلفانية وتساوي: درجة الحرارة المئوية +272.15, e= معامل الإشعاعية (Emissivity) ويساوي الواحد عند الأجسام السوداء, وتقل عن الواحد عند بقية الأجسام غير السوداء والمعروفة بالأجسام الرمادية (grebodies ) التي تشع طاقتها بشدة أقل من الأجسام السوداء وعند كل أطوال الأمواج وعند أي درجة.
ويبين الجدول التالي قيمة(e) لبعض المواد, وهي نسبة مئوية مما تشعه الأجسام السوداء
المادة
e
جلد الإنسان
98%
الماء الصافي
95%
الجليد
96%
الرمل الجاف
92%
الثلج
85%
الأسمنت
92%
عن: Hudson (1969)
2898
Tk
(2) وفقا لقانون وين للإزاحة (Wien Displacement Law) الذي اقترحه العالم ولهالم وين (1964-1928) , فان "للجسم الأسود طول موجة إشعاعية معينة يشع عندها طاقته الإشعاعية القصوى ويتناسب طول هذه الموجة عكسيا مع درجة حرارة الجسم " . فكلما ازدادت درجة حرارة الجسم كلما انزاح طول الموجة التي يطلق عندها طاقته القصوى نحو أطوال الأمواج القصيرة كما هو مبين في الشكل ، ويكتب قانون وين الشكل التالي :
مايكرو متر /ك Max = λ
حيث أن: Max λ = طول الموجة التي يطلق عندها الجسم الأسود أقصى طاقة إشعاعية له.
Tk = درجة الحرارة الكلفانية
(3) وفقاً لقانون وين الثاني (Weins Scond Law) ، " تتناسب شدة الطاقة الإشعاعية القصوى () التي تشعها واحدة المساحة (1سم2) من الجسم الأسود خلال واحدة الزمن (1 دقيقة ) طرداً مع القوة الخاصة لدرجة حرارتها الكلفانية (1ص37) أي :
حريرة /مايمرومتر دك CTk5= Emax
هنا فان C= ثابت وين ويعادل 1.8435×10-14 حريرة /سم2 د.ميكرو متر، ك(1.286×10-11 ) واط /م2 ، مايكرو متر ، ك .
E
a
(4) وفقا لقانون كيركهوف (Kirchhoffs Law)، فان ما تشعه الأجسام من طاقة إشعاعية (E) إلى ما تمصه منها (a) تتوقف على طول الاشعاع (λ) ودرجة حرارة الجسم (T) فقط :
,T)λ(F=
ويقتح قانون كيركهوف أيضاً " ان الأجسام جيدة الامتصاص لأمواج طاقة إشعاعية معينة فانها في الوقت نفسه جيدة في اشعاعها وبالمقابل فالأجسام رديئة الامتصاص لأمواج طاقة إشعاعية فانها ايضاً في إشعاعها وبالتالي يجب أن تكون إشعاعية الأجسام لأطوال أمواج (λE) معينة مساوياً لامتصاصيتها (λa) :
λ E = λa
لذلك فالأجسام التي تتصرف كأجسام سوداء تشع طاقة إشعاعية اكثر من غيرها من الأجسام لأنها تقوم بامتصاص الأمواج الإشعاعية الساقطة عليها كلها ، وتعود وتشعها في أقصى كمياتها تبعاً لدرجة حرارتها وطول الأمواج الإشعاعية .
الأجسام انتقائية الامتصاص (Selective Obsorbing Bodies):
مع أنه لا يوجد في الطبيعة أجسام سوداء كاملة فيمكننا ال حد كبير زن نعد الشمس وألارض وكثير من الاشياء حولنا خاصة تلك الكتيمة للأشعة كأنها أجسام سوداء تنتطبق عليها قوانين الاشعاع المذكورة .
لكن بالمقابل يوجد الكثير من الأجسام حولنا بما فيها الغلاف الجوي لا تتصرف كأجسام سوداء لأنها لا تمتص أمواج الطاقة الإشعاعية الساقطة عليها كلها وإنما تمتص بعضها وتنفذ عبرها بعضاً منها وتعكس بعضها الآخر لذلك تعرف هذه الأجسام بأنها انتقائيى الامتصاص ويعد الزجاج مثالاً نموذجياً لها إذ أنه يعكس جزءاً من الأمواج الإشعاعية الساقطة عليه ويمتص بعضاً من الأشعة تحت الحمراء والاشعة فوق البنفسجية وينفذ طيف الأشعة المرئية كله ، وكذلك تفعل صفائح البلاستيك الشفافة وكل الأجسام الصلبة الملساء الشافافة والماء والسوائل جميعها والأبخرة والغازات ويعد الثلج مثالاً مثيراً لهذه الأجسام فلونه الأبيض الناصع يدل على قدرته على عكس أمواج إقليم الاشعة المرئية البيضاء كلها وقد لوحظ أن تعرض المفرط للأشعة المرئية المنعكسة من سطح الثلج تؤدي ال ما يعرف بالعمى الثلجي (Snow Bindess) المؤقت لذلك تنحصر قدرة الثلج في امتصاص أمواج الأشعة تحت الحمراء فقط وبالتالي فإنه مشع جيد لها.
ومن وجهة النظر المناخية يعد الغلاف الجوي أهم هذه الأجسام حيث تقوم بعض غازاته مثل الاوكسجين (O2) والأوزون (O3) وثاني أوكسيد الكربون (Co2)وبخار الماء (H2o) وثاني اكسيد النتروز (N2o)وغيرها بدرو الماصات الانتقائية بكفاءة عالية لبعض الامواج الإشعاعية الشمسية والأرضية الشكل دون غيرها بينما في الوقت نفسه يسمح الغلاف الجوي بعبور أمواج طيف الأشعة المرئية وتهمل بعض عناصره الأخرى على عكس جزء كبير منها بعبور وذلك مما يؤثر عللا الطاقة الإشعاعية الشمسية الواصلة إلى سطح الأرض والأرضية وبالتالي على مجريات الطقس والمناخ وسنقوم فيما بعد بدراسة تأثير الغلاف الجوي في هذه الأمور بالتفصيل .
اذن يتضج لنا وفقاً لقانون كيركهوف إن هذه الأجسام قادرة على إشعاع أمواج الطاقة الإشعاعية التي امتصها ولا قدرة لها في اشعاع أمواج الطاقة الإشعاعية التي لم تمتصها بالإضافة إلى ذلك لا تشع أمواج الطاقة التي امتصها بكفاءة الأجسام السوداء (الجدول ) لذلك لا تعد هذه الأجسام أجساماً سوداء ولكن مع ذلك وخلال الاستخدامات العامة التي لاتقتضي دقة كبيرة يمكننا التعامل معها م حيث إشعاعها لأمواج الطاقة التي امتصتها عند درجة حرارتها كأنها أجسام سوداء إلى حد مقبول كما هو مبين في الجدول e:
الجدول : كعامل الإشعاعية لبعض الأجسام غير السوداء للأشعة
تحت الحمراء نسبة إلى ما تشعه الأجسام السوداء
الجسم
e
الجسم
e
جلد الإنسان
98%
الصحراء
90%-91%
الماء
95%
الأعشاب الطويلة
0.90
الثلج الجديد
82%-99.5%
الحقول والشجيرات
0.90
الجليد
0.96
الغابات المخروطية
0.90
الأسمنت
0.92
أوراق النباتات
0.90
الرمل الجاف
0.92
0.97-0.98
عن: Lockwood (1979) و Batton (1984)
ميزات الطاقة الإشعاعية الشمسية والأرضية:
باستخدام قوانين الإشعاع, يمكننا أن نحدد بعض الميزات الهامة لكل من الطاقة الإشعاعية الشمسية والأرضية, علماً بأن درجة حرارة سطح الشمس تعادل 5800 ك, ودرجة حرارة سطح الأرض تعادل 288 ك, فاستناداً لقانون وين للإزاحة:
2898
Tk
Max = λ
نلاحظ أن طول الأمواج الكهرومغناطيسية التي يشع عندها سطح الشمس معظم طاقته الإشعاعية تعادل 0.5 مايكرومتر (الشكل), لذلك فإنها تعرف بالطاقة الشمسية الإشعاعية قصيرة الأمواج (Solar Short Radiation), بينما تبلغ طول الأمواج الكهرومغناطيسية لبتي تشع عند سطح الأرض معظم طاقته الإشعاعية 10 مايكرومتر (الشكل), لذلك فإنها تعرف بالطاقة الأرضية الإشعاعية طويلة الأمواج (Terrestrial Longwave Radiation ).والحقيقة أن 99% من طيف أمواج الطاقة الإشعاعية الشمسية المحصورة بين 0.15-4 مايكرومتر, بينما يقع 99% من أمواج الطاقة الإشعاعية الأرضية بين 3-100 مايكرومتر, ضمن طيف الأشعة تحت الحمراء الطويلة الأمواج (8ب ص8, 5ص40,8ص24 ).
واستناداً إلى قانون وين الثاني:
Tk5×10-14×1.8435= Emax
تبلغ الطاقة القصوى التي يشعها 1سم2من سطح الشمس حوالي 121×10 3 لانجلي/د, بينما لا تزيد كمية الطاقة القصوى التي يشعها 1سم2 من سطح الأرض عن 0.03653 لانجلي/د. بذلك فإن ما تشعه واحدة المساحة من سطح الأرض عن طاقة إشعاعية قصوى أشد مما تشعه واحدة المساحة من سطح الأرض من طاقة إشعاعية قصوى أشد مما تشعه واحدة المساحة من سطح الأرض من طاقة إشعاعية قصوى بحوالي 3.313×10 3 مرة.
ووفقاً لقانون ستيفان بولتزمان:
Tk4× 10×E= 80123
فإن مجموع ما يشعه 1سم2 من سطح الأرض, الذي يشع 0.56 لانجلي/د.
وأخيراً,لا بد من ملاحظة أن الطاقة الإشعاعية الشمسية تصدر من سطح الشمس منطلقة عبر الفضاء داخلة إلى سطح الأرض عبر الغلاف الجوي ، لذلك عادة ما تعرف بـ ( الاشعة الشمسية الداحلة Income Solar Radiation) وبما أن سطح الأرض والاجسام التي عليه تتعرض لهذه الأشعة وتمتصها أي تستشعها أو بكلمة أخرى تتشمش بها لذلك تعرض هذه الأشعة الشمسية الداخلة بالتشمس (Insolation) أيضا وهذه التسمية مشتقة من عبارة (Income Solar Radiation) واختصارا لها وفيما يلي من هذه الطاقة الإشعاعية الأرضية تنطلق من سطحها عابرة غلافها الجوي إلى الفضاء الخارجي لذلك تعرف بالأشعة الأرضية الخارجة (Outgoing Trrestrial Radiation) أو العائدة (Terrestrial Back Radiation ) .
تأثيرات الغلاف الجوي كجسم انتقائي الامتصاص للطاقة الإشعاعية :
من وجهة النظر المناخية يعد الغلاف الجوي أهم الأجسام انتقائية الامتصاص للطاقة الإشعاعية الشمسية و الأرضية إذ تقوم بعض غازاته كما هو مبين في الشكل / / بدور الماصات الانتقائية بكفاءة عالية ففي طبقات الجو العالية ( حوالي 90كم) تقوم جويئات الاكسجين (O2) بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة و البعيدة التي تتراوح أطوال أمواجها بين 10 – 100 نم وتقوم جزيئات الأوكسجين (O3) عند ارتفاع يتراوح بين 10 – 55 كم بامتصاص زمواج الأشعة فوق البنفسجية البعيدة والقريبة المحصورة بين 200 – 320نم وبعض أمواج الأشعة تحت الحمراء يناهز طولها 960نم .
وعند الاتفاعات التي تقل عن 10كم تقوم جزيئات بخار الماء (H2O) بامتصاص معظم أمواج إقليم الأشعة تحت الحمراء الأرضية بين 000 1 – 000 8 والتي تزيد عن 000 12 نم أيضاً كما تقوم جزيئات ثاني أوكسيد الكربون (Co2) بامتصاص أمواج هذه الأشعة عند 000 4 نم وبين 000 13 – 000 17 نم وتقوم جزيئات الميثان (CH4) بامتصاص عند 2500نم و 7000نم جزيئات النتروز (NO2) عند 400 نم و 7000 نم لذلك يمكننا أن ندع هذه الغازات بـ " الغازات الحرارية " ولا تستطيع هذه الغازات امتصاص أمواج الأشعة الأرضية تحت الحمراء المحصورة بين 8000-14000 نم والى حد ما بين 4000-6000نم وبين 17000-21000 نم ( الشكل ) فتنطلق هذه الأمواج عابرة الغلاف الجوي إلى الفضاء الخارجي لذلك فإنها تدعى نوافذ الغلاف الجوي (Atmospheric Windows) .
عندما تمتص الغازات الحرارية وعلى رأسها Co2 وبخار الماء (H2O) الأشعة الأرضية تحت الحمراء وتمتصها من الانطلاق إلى الفضاء الخارجي تزداد حرارتها وتزداد طاقتها الحركية وتصادماتها العشوائية مع بعضها البعض ومع ما يحيط بها من جزيئات غازية, مولدة طاقة حرارية إضافية (طاقة حرارية ذاتية), ونتيجة لذلك تتسخن الأجزاء السفلى نم الغلاف الجوي, وتشع طاقة إشعاعية تحت حمراء إلى سطح الأرض متسخنة, وتتالى هذه العملية الإشعاعية,وبذلك تشكل الغازات الحرارية طبقة عازلة حول الأرض تمنع جزءاً من أمواج الأشعة الأرضية تحت الحمراء من الانطلاق إلى الفضاء, وبذلك فإنها تشكل ما يعرف بظاهرة "الإنحباس الحراري". ولقد بينت الدراسات أنه لولا وجود Co2 وبخار الماء (H2O ) لكان متوسط درجة حرارة سطح الكرة الأرضية حوالي -20 مئوية أو أقل بحوالي 35 مئوية عما هي عليه حالياً(3ص 59 ,35ص121).
تدعى عملية امتصاص الغازات الحرارية لأمواج الأشعة الأرضية تحت الحمراء عملية "تأثير الغلاف الجوي Atmospherc Effect". لكنها في الماضي كانت تدعى " تأثير البيوت الخضراء Greenhouses Effect ", حيث كان يعتقد أن تسخين الهواء في البيوت الخضراء الزجاجية أو البلاستيكية المستخدمة في الزراعة يعود إلى سماح ألواح زجاجية أو البلاستيكية لأمواج الأشعة الشهية المرئية البيضاء بعبورها, لكنها في الوقت نفسه تمنع
أمواج الأشعة الأرضية تحت الحمراء من مغادرة البيوت الخضراء. لكن تبين فيما بعد أن ذلك غير صحيح وأن تسخن هواء البيوت الخضراء يعود إلى ركوده وعدم امتزاجه مع الهواء البارد خارجها (3ص59,35ص121).
كما تقوم الغيوم المنخفضة بامتصاص معظم أمواج الأشعة الأرضية تحت الحمراء بما فيها المحصورة بين 8000-14000 نم, وتعود وتشعها مرة أخرى باتجاه سطح الأرض فيمتصها ويتسخن بها ثم يعود ويشعها مرة أخرى إلى الغيوم وهكذا, لكن في الوقت نفسه فإن الغيوم سيئة الامتصاص لأمواج الأشعة الشمسية المرئية البيضاء لذلك فإننا نلاحظ ارتفاع درجة الحرارة في أيام الشتاء ولياليها المقيمة وانخفاضها في الأيام الصحوة ولياليها, ويقدر مجموع ما تمتصه الغيوم وجزيئات الهواء من التشمس الواصل إلى قمة الغلاف الجوي بحوالي 19%, بالإضافة إلى ذلك, تقوم الغيوم بعكس حوالي 20% من التشمس الواصل إلى قمة الغلاف الجوي, كما تعكس جزيئات الهواء حوالي6%منه, بينما لا يعكس سطح الأرض سوى 4% منه وسطياً مهملاً, وتظل متوازية, ويكون انحناء جبهتها عند سطح الكرة الإشعاعية التي تقع عندها الأرض مهملاً أيضاً وتشكل سطحاً مستوياً تتعامد معه الأشعة الشمسية المكونة لهذه الحزمة.
الأشعة الشمسية المتوازية:
تنطلق الأشعة الشمسية من سطح الشمسية متجانسة ومتماثلة في جميع الاتجاهات مشكلة كرة إشعاعية مركزها الشمس تزداد اتساعاً مع الابتعاد عنها في الفضاء الكوني, لكن مع ذلك ينظر للأشعة الشمسية الواصلة إلى سطح الأرض على أنها أشعة متوازنة, لأنه بسبب صغر المسافة بين الأرض والشمس من جهة,وبسبب ضآلة طول قطر الأرض من جهة أخرى, يظل إنفراج الأشعة الشمسية المشكلة للخدمة الإشعاعية الساقطة على سطح الأرض.
التشميس الواصل إلى الأرض :
تطلق الشمس كميات هائلة من الطاقة الإشعاعية الكهرومغناطيسية وكما لاحظنا فان ما يشعه1سم2 من سطح الشمس على شكل كرة إشعاعية متزايدة الاتساع تتناقص شدتها ولا يصل إلى الأرض سوى النذر اليسير وذلك لأن شدة الطاقة الإشعاعية الشمسية تتناسب عكساً مع مربع المسافة التي تقطعها الأمواج الشعاعية في الفضاء :
1
d2
I
1
d2
I=k
هنا : 1= مقدار أو شدة الطاقة الإشعاعية الواصلة
D= المسافة بين الجسم المشع ( الشمس ) والجسم المستشع (الأرض)
K= ثابت
واستنادا لذلك فعند وصول الطاقة الإشعاعية الشمسية إلى المدى الذي تقع عنده الأرض (سطح الكرة الإشعاعية التي تقع عندها الأرض ) تصبح شدتها أقل من 2لانجلي /د (2حريرة/سم2د) وقد رأينا فيما تقدم أنه بامكاننا تسمية الطاقة الشمسية الإشعاعية الداخلة إلى سطح الأرض (Income Solar Radiation) بالتشمس (Insolation) ومع وجود الغلاف الجوي للأرض تميل دراسات عديدة إلى تسمية التشمس الواصل إلى قمة الغلاف الجوي " الطاقة الإشعاعية فوق الأرضية (Extra Terrestrial Radiation) لتمييزه عن التشمس الواصل إلى سطح الأرض .
ويمكن حساب مقدار الطاقة الشمسية الإشعاعية أو التشمس الواصل إلى واحدة المساحة من سطح يقع عند قمة الغلاف الجوي يتعامد مع الاشعى الشمسية خلال دقيقة واحدة من الزمن بمعرفة الطاقة الإشعاعية التي يشعها سطح الشمس وقسمتها على مساحة الكرة الأرضية الاشعاية التي شكلها الأشعة الشمسية والتي تقع عند سطحها الأرض :
10-11(4πr2)× T4 σ
4π d2
Io =
هنا : Io= مقدار التشمس الواصل
σ = ثابت ستيفان (10-11 × 8.132 حريرة /دك4)
T = درجة حرارة الشمس ك (5800) درجة
rs = نصف قطر الشمس (710 × 6955 سم )
107)2×6955)×3.14×(5800)4× 10-11×8.132
10-11)×(149.6 × 3.14 × 4
d = البعد بين الارض والشمس أو نصف قطر الكرة الإشعاعية التي تقع الأرض عند سطحها (1110 × 149.6 سم ) = 3.14 وبالتعويض بالمعادلة :
حريرة/سم2د(لانجلي/د)1.989=
ومن هذه المعادلة يمكن حساب قيمة الثابت (k) في المعادلة إذ يساوي 4.4504×2610 لانجلي/د.
ويهتم المناخيون والرصاد الجويون والعاملون في مجال الطاقة الشمسية بقياس هذا المقدار من الطاقة الشمسية الإشعاعية (التشميس) الواصل إلى سطح الأرض وحسابه بدقة لأنه يشكل الأساس لحسابات الطاقة الشمسية والقوانين الناظمة لها ويعد معياراً لها وقد اتفق عامليا على تسميته بـ "الثابت الشمسي Solar Constant" .
قامت دراسات عديدة بقياس الثابت الشمسي وحسابه وكان ابوت ورفقاه (Abbteto) في مؤسسة سميتسونيان (Smithsonuoi Intitution) أول من أجرى قياس له من فوق (Johnsos) إلى 1.9997 لانجلي /د (1395 واط /م2)(30) .
وفي قياسات مباشرة وأكثر دقة استخدمت فيها الطائرات والبالونات والأقمار الاصطناعية المحملة بأجهزة قياس متطورة أجريت فوق الغلاف الجوي للأرض تبين أن قمة الثابت الشمسي تعادل 1.94 ± 1.5%لانجلي/د (1353 ± 1.5% واط/م2)وقد تبنت عام 1971 كل من وكالة ±ناسا (NASA ) واللجنة الأمريكية لفحص المواد(American Society for Testing Materials )هذه القيمة (25 ,32 , 33) ومازلت متبناة من معظم الباحثين في العالم, مع ذلك, أعاد العالم فروهليش (Frohlich )عام 1977 فحص لقياسات التي استخدمت في تحديد هذه القيمة للثابت الشمسي وتحليلها, وأدخل في تحليله قياسات أجبرت بواسطة القمرين الاصطناعيين نيمبوس ( Nimbus) ومارينر (Marinar)ونتيجة لذلك اقترح أن تكون قيمة الثابت الشمسي 1.968± 1.5 (1373 ±1.5 واط/م2) (34,25).واستناداً إلى ما تقدم يمكن أن نعرف الثابت الشمسي بأنه "مقدار الطاقة الشمسية الإشعاعية (التشمس) الواصل إلى واحدة المساحة (1سم2) من سطح يتعامد مع الأشعة الشمسية, يقع عند قمة الغلاف الجوي, أو عند سطح الأرض بافتراض عدم وجود الغلاف الجوي, خلال واحدة الزمن (1 دقيقة) عند البعد الوسطي بين الأرض والشمس (149.6 ×10 6 كم) ويعادل 1.94 لانجلي/د (حريرة/سم2د)أو 1353 واط/م2.
1.49× r2 π
4π r2
وباستخدام الثابت الشمسي, يمكننا حساب كمية التشمس (الطاقة الشمسية الإشعاعية) الكلية, الواصلة إلى قمة الغلاف الجوي باعتبار أن مقطع سطح الأرض المعرض للأشعة الشمسية بشكل دائرة, ويتقسم مقدار التشمس الواصل إلى هذه الدائرة على مساحة سطح الكرة الأرضية نحصل على متوسط ما تتلقاه أو ما تستشعه واحدة المساحة (1سم2) من سطح الأرض خلال واحدة الزمن (1د), وذلك كما يلي:
I = = 0.485
هنا : r = نصف قطر الأرض
r2 π= مساحة مقطع الأرض المعرض للتشمس
4π r2 = مساحة الكرة الأرضية
اعتقدت بعض الدراسات فيما مضى أن قيمة الثابت الشمسي تتعرض لتغيرات دورية تتراوح بين ± 0.5 – 2% تتبع نشاط البقع الشمسية ودورتها كل 11 سنة ، فمن هذه الدراسات ما اقترح وجود علاقة عكسية بين مقدار الثابت الشمسي وعدد البقع الشمسية ، إذ انه يزداد مع قلتها ويتناقص مع ازدياد عددها ، وبعضها الأخر اقترح عكس ذلك وقال بوجود علاقة طردية بينهما ، إذ انه يزداد مع ازدياد عددها . ولكن بينت الدراسات اللاحقة فيما بعد عدم وجود أي علاقة بين المقدار الثابت الشمسي ودورة البقع الشمسية (8ص25) .
وبسبب قوة حقولها المغناطيسية ، وما يصاحبها من كميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية ( ) ينحصر تأثير البقع الشمسية في الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة (EUV) التي تقع أطوالها عن 0.2مايكرو متر ، وهذه لا تحمل طاقة حرارية ، وبذلك فان أكثر 99% من أمواج الطاقة الشمسية الإشعاعية يقع بين 0.2-1000 مايكرو متر ولا تتأثر بالبقع الشمسية (9ص38).وبذلك يمكن اعتبار الطاقة الشمسية الإشعاعية ثابتة المقدار (25ص7) .
وختمت منظمة الأرصاد الجوية العالمية (MWO) هذا الموضوع بإعلانها " بأن للبقع الشمسية دورات منتظمة تقريباً تحصل كل 11-22 سنة ، ولكن لا يوجد دليل حاسم على أن لهذه البقع الشمسية ودورانها تأثير في مقدار الطاقة الشمسية الإشعاعية الواصلة إلى الأرض (أرصاد) . بالإضافة إلى ذلك تجدر ملاحظة أن التغيرات المقترحة في مقدار الثابت الشمسي ( ± 1 – 2%) لا تتجاوز مقدار الأخطاء المحتملة في عمليات القياس لذلك وفي ضوء ما تركته الدراسات الأخيرة يمكننا اعتبار قيمة الثابت الشمسي ثابتاً إلى أن تظهر قياسات موثوقة في المستقبل تقترح خلاف ذلك : 80:
وان شاء الله اكون اكون قد افدتكم