ألا ترى أنه لما كثر بسم الله حذفت منه الألف وما يحذف لكثرة استعماله أكثر من أن أذكره منه قولهم لا أدر ولم يك ولم أبل وكتبوا باسم المهيمن وباسم الخلاق وباسم رب العزة وغير ذلك مما لم يكثر استعماله كثرة بسم الله بالألف على الأصل .
والكنية أيضا قد كثرت صفتها بابن مضافا إلى مثلها أو غيره من العلم واللقب ، وصار ابن مع ما قبله تقدمت الكنية عليه أو تأخرت عنه كالشيء الواحد فيجب أن تحذف الألف من الخط إذ لا فرق بين الكنية واللقب والعلم في ذلك.
واعلم أن الشاعر ربما اضطر فأثبت التنوين في هذه المواضع التي ذكرناها لأن ذلك هو الأصل قال الشاعر
( جارية من قيس ابن ثعلبة … كأنها حلية سيف مذهبة )
وقال الحطيئة
( إلا يكن مال يثاب فإنه … سيأتي ثنائي زيدا ابن مهلهل )
ومن فعل ذلك لزمه إثبات الألف في ابن خطا.
إلى هذا رأيت جميع أصحابنا يذهبون والذي أرى أنا أنه لم يرد في هذين البيتين وما جرى مجراهما أن يجري ابنا وصفا على ما قبله، ولو أراد ذلك لحذف التنوين فقال : من قيس بن ثعلبة ، وزيد بن مهلهل.
ولكن الشاعر أراد أن يجري ابنا على ما قبله بدلا منه ، وإذا كان بدلا منه لم يجعل معه كالشيء الواحد ، وإذا لم يجعل معه كالشيء الواحد وجب أن ينوى انفصال ابن مما قبله .
وإذا قدر ذلك فيه فقد قام بنفسه ، ووجب أن يبتدأ به ، فاحتاج إذن إلى الألف لئلا يلزم الابتداء بالساكن.
وعلى ذلك تقول : كلمت زيدا ابن بكر – كأنك تقول : كلمت ابن بكر ، وكأنك قلت : كلمت زيدا كلمت ابن بكر ؛ لأن ذلك شرط البدل ؛ إذ البدل في التقدير من جملة ثانية غير الجملة التي المبدل منه منها .
التصنيفات
بلاغة الخط في كلمة "ابن"
تعتبر اللغة العربية كل ما من سبيله إيضاح المعنى وتبرزه، ويدلنا على هذا هذا النص المقتبس من “سر صناعة الإعراب” لابن جني