يعتبر التفكير في تسويق الخدمات واحدا من الاتجاهات المهمة الحديثة التي عرفت توسعا في السنوات الأخيرة ، و لمختلف المجتمعات، والسبب يرج لتزايد الدور الكبير للخدمات في الحياة المعاصرة و خاصة بعد تكاملها مع المنتجات المادية في تحقيق المنفعة المطلوبة.
يختص التسويق بعملية تدفق السلع و الخدمات معًا، لكن الاهتمام الأكبر لمعظم البحوث و الدراسات في مجالات تسويق السلع دون النظر للخدمات من حيث أهميتها و أنواعها و عناصرها و استراتجياتها المعتمدة لتسويقها.
تزايد الاهتمام بالخدمات في الوقت الحاضر أدى إلى ضرورة دراسة موضوع تسويق الخدمات لتصبح أداة فعالة يمكن من خلالها الفهم العميق لهذا الموضوع الحيوي.
و لا يختلف أسلوب صياغة البرنامج التسويقي في كل من السلع أو الخدمات ، فبداية لابد من التحقق و التحليل لاختيار القطاع السوقي المستهدف و الاستمرار في استحداث المزيج التسويقي الأمثل لإشباع حاجات و رغبات ذلك القطاع ، و بالرغم أن السلع ملموسة و الخدمات غير ملموسة كلاهما يصلان في النهاية لإشباع رغبات و حاجات المستهلكين ، إلا أنهما تحتجان لأساليب مختلفة في تسويقها.
وتتميز الصناعات الخدمية بكثرة تنوعها ، و توسعها ، لتمس كافة مرافق الحياة اليومية للمجتمعات المعاصرة، و خاصة ظهور خدمات جديدة تختلف عن الخدمات التقليدية للخدمة.
و على هذا الأساس يهدف هذا الفصل إلى دراسة و تحليل مختلف جوانب موضوع تسويق الخدمات من تقديم نظري للمفاهيم الأساسية للخدمات و تتناول تسويق الخدمة في جزء آخر من الفصل.
I _ المفاهيم الأساسية للخدمات
نظرا للأهمية المتزايدة للخدمات ، و اكتسابها موقعا مهما في اقتصاديات الدول المتطورة ، أردنا تسليط الضوء على مفهوم الخدمة ، وطبيعتها و تصنيفاتها المختلفة ، و أسباب نموِّها وصولاً إلى مفهوم اقتصاد الخدمات .
I _ 1 _ مفهــوم الخدمــة
للإلمام بمفهوم الخدمة نتطرق إلى تعريف الخدمة و خصائصها فيما يلي :
I _ 1 _1 تعريـف الخدمـة
اختلفت وجهات نظر الكتاب في تحديد تعريف للخدمة ، و تعددت بناءًا على ذلك التعاريف التي تناولت هذا الجانب , بسبب وجود خدمات ترتبط بشكل كامل أو جزئي مع السلع المادية (مثل إيجار العقار و الخدمات الفندقية ) بينما تمثل خدمات أخرى أجزاء مكملة لعملية تسويق السلع المباعة (مثل الصيانة ) ، و هناك أنواع من الخدمات تقدم مباشرة لا تتطلب ارتباطها بسلعة ما (مثل الخدمات الصحية ، التأمين) .
و يمكن تلخيص الأسباب التي تؤدي إلى صعوبة تعريف الخدمة فيما يلي : (1)
(أ) _ من الصعب وصف الخدمة التي طبيعتها مجردة عن المنتج و نستعمل عبارة منتج لتعيين الخدمة كعبارة : ” منتجات مالية ” ، ” منتجات سياحية ” .
(ب) – لا تخص كلمة خدمة قطاع نشاط واحد ، ففي يومنا هذا لا تناسب أبدا التصنيفات التقليدية المكان الذي احتلته الخدمات في الاقتصاد ، و أصبحت القيمة المضافة لمصنعي مواد الإعلام الآلي ، و منتجين آخرين تشكل قسما كبيرا من الخدمات. (ﺟ) – تعتبر الخدمات نشاط إنساني من خلال شخص ينجز مهمة لحساب آخر،هذا التعريف محدود جدا ، فكثير من الخدمات أصبحت تنجز بالآلات كالغسل الآلي للسيارات و الموزعين الآليـين للحلويات … الخ .
( 1 ) : GERARD . Tocquer,Michel-langlois , « le Marqueting des services : le défi relationnel » ,
éd dunod, paris , 1992, p21/22
(د) – نهاية أو نتيجة الخدمة هي شبيهة بالمنتجات المادية ، بحيث نهاية كلا منهما هي تلبية حاجات المستهلكين.
هذه الخصائص المتعددة أخضت تعريف الخدمة لتغييرات عديدة ، فقد عرفتها الجمعية الأمريكية للتسويق بأنها : ” الخدمة تقدم في شكل أنشطة ، أو منافع تعرض في البيع أو تقدم مرتبطة مع بيع السلع “. (1)
و يمكن تقسيم هذا التعريف إلى الأجزاء التالية : (2)
– منافع غير ملموسة تعرض للبيع دون ارتباطها بالسلع ، كخدمات التأمين ، المحاماة ، الكهرباء ، الخدمات الصحية ، خدمات النقل … الخ .
– أنشطة غير ملموسة (خدمات ) و التي تتطلب استخدام السلع الملموسة كإيجار العقار .
– خدمات تشتري مرافقة مع السلع مثلا شراء ثلاجة ترافقها خدمات الصيانة .
أما ” RUSS ” فقد عرف الخدمة بأنها ” شرط مؤقت للمنتج أو أداء لنشاط موجه لإشباع حاجات محددة للمستفيدين “. (3)
و يلاحظ من هذا التعريف ما يلي : (4)
– يقصد بالشرط المؤقت للمنتج أن المشترين يمكنهم استعمال المنتج ، و لكن لا يحق لهم امتلاك أي منتج ، مثل تأجير السيارات .
– أداء النشاط مثل الأنشطة التي تؤديها المؤسسات أو الأفراد للمشترين مثل خدمات تدقيق الحسابات أو خدمات الاستشارات القانونية .
– موجه لإشباع حاجات محددة للمشترين ، حيث أنه ليس بالضرورة أن يدفع المشترون ثمنا لهذه الخدمات ، كخدمات التعليم و الدفاع المقدمة من طرف الدولة .
أما “Stanton” فقد أوجز تعريف الخدمة على أنها :” النشاطات غير الملموسة التي تحقق إشباع الرغبات ، و التي لا ترتبط أساساً ببيع سلعة ما أو خدمة أخرى”. (5)
كما تم تعريف الخدمة كالآتي:”الخدمة هي نشاط غير ملموس و النتيجة المنتظرة هي إرضاء المستهلك،
¬¬¬¬¬¬( 1 ) : G. Tocquer , M.Langlois , « Le marketing des services :le défi relationnel , op-cit , p22 .
(2)،(3) ،(5) : محمود جاسم الصميدعي ، “مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 213 / 214 .
(4) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره , ص251 .
و ليس من الضروري تحويل حقوق ملكية منتج ملموس .”(1)
و قد عرّف “PH.kotler ” الخدمة على أنها” كل نشاط أو إجراء يمكن لطرف أن يقدمه لطرف آخر، يكون أساساًَََ غير ملموس ،و لا ينتج عنه تملك لأي شيء ، و قد يرتبط تقديمه بمنتج مادي”. (2)
يلاحظ من التعاريف السابقة الذكر أنها تشير بوضوح للفصل بين الخدمات التي تعرض للبيع مباشرة ، و تلك التي تقدم مرتبطة بسلعة ما ، مع التأكيد على تمييز الخدمة بكونها غير ملموسـة و بشكل منفصل عن السلع الملموسة التي يمكن أن ترافقها كشراء الأدوية المرافقة للخدمات الصحية أو الأدوات الاحتياطية المرافقة لعملية الصيانة و التصليح … الخ .(3)
و يمكن تلخيص تعارف الخدمة بكل تنوعاتها في التعريف التالي :”الخدمة هي تجربة زمنية موجهة من طرف الزبون خلال تفاعل هذا الأخير مع مستخدمي المؤسسة أو حامل مادي و تقني “.(4)
I _ 1 _2 خصائــص الخدمــات :
انطلاقا من تعريف الخدمة في الجزء السالف الذكر نستنتج خصائص عديدة للخدمات ، وقد اتفق معظم المؤلفين في مجال التسويق على وجود أربعة خصائص رئيسية للخدمات يمكن أن تؤثر في تصميم البرامج التسويقية و صياغة السياسات التسويقية ، فيما أضاف البعض خصائص أخرى بهدف تأكيد ما تتميز به الخدمات مقابل السلع .(5)
و يمكن ذكر الخصائص الرئيسية الأربعة فيما يلي :
(أ) _ الخدمة غير ملموسة ” Intangibilité ” :
ظهرت عدم ملموسية الخدمات كفرق رئيسي موجود بين السلعة و الخدمة ، و كما ذكر ” BERRY ” و ” BATESON ” أن مفهوم عدم ملموسية الخدمة يعني اللامادية أي الخدمة لا يمكن رؤيتها ، تذوقها ، شمها ، لمسها ، سمعها (6) ، و عليه فإن الخدمات مثل الفحص الطبي أو العرض السينمائي يصعب تقييمها مثلما يقوم المستهلك بتقييم سيارة جديدة قبل الشراء حيث يمكن فحصها و قيادتها و تجربتها و تكوين رأي عنها (7).
(1) , (6) : D-Pettigrews , N – Turgeon , « Marketing » , 2 éme édition , MC GRAWS- HILL ,
Canada , 1990 , P 390 .
¬¬¬¬¬¬( 2 ) : PH .KOTLER , DUBOIS , « Marketing management » , op-cit , P 454 .
( 4 ) : G. Tocquer , M.Langlois , « Le marketing des services :le défi relationnel », op-cit , p23 .
(3) ، (5) : محمود جاسم الصميدعي ، “مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 214 / 220 .
( 7 ) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 268 .
و من الصعب حماية الخدمة في المخطط القانوني ،إلاّ أن الحماية القانونية تتحدد باسم الخدمة أو بشعار إعلاني ” Slogan Publicitaire ” .(1)
و في أغلب الأحيان يصعب إيجاد وسائل لتقديم الخدمة في معرض تجاري نفس الشيء بالنسبة لتوزيع العينات و اعتمادها كوسيلة لترويج الخدمات ، و الاختيار الوحيد المتوفر للمسييرين هو استعمال قوى البيع ، بينما الكثير من المسيرين و للإحاطة بهذه الصعوبة يستعملون في إعلاناتهم الخاصية الملموسة للخدمات ، مثل المكان ، و الأشخاص القائمون بالخدمة و التجهيزات المستخدمة في إنتاج الخدمة ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى اللاملموسية للخدمات تعني أيضا صعوبة إضافية للمستهلكين ، اللذين لا يمكنهم تقييم الجودة قبل استهلاك الخدمة ، و حتى ينخفض الخطر في هذه الحالة المستهلك يرجع قرار شراءه إلى سمعة مقدّم الخدمة و إلى أهمية الصورة في الخدمات .(2)
و بما أن الخدمة غير ملموسة فلا يمكن تخزينها ، و منه فلا وجود لمفهوم تسيير المخزون .(3)
(ب) _ التماسك و عدم التجزئة ( الترابط ) ” Inséparabilité ” :
تقدم الخدمات و تستهلك في نفس الوقت ، و هذا الأمر لا ينطبق على السلع التي تصنع و توضع في المعارض أو توزع على البائعين و من خلالهم على المشترين يتم استهلاكها لاحقا(4) ، الأفراد الذين يقدمون الخدمة في ذهن المشتري هم أنفسهم الخدمة ، فإدراك المستهلك أو المشتري لمقدم الخدمة يصبح إدراكه للخدمة نفسها ، ولهذا المستهلكون غير قادرين على الحكم على نوعية الخدمة قبل شرائها(5) ، إلاّ أنّ بعض الكتاب يعتبرون غالبا هذه الخاصية جوهر الاشكالية ، فالخدمة تباع بعد الإنتاج و تستهلك في نفس الوقت ، فليس هناك مفهوم الفضلات و النفايات و الإرجاع إلى المصنع ، و في ميدان الخدمات يكون الزبون في اتصال مع مقدم الخدمة خلال الإنتاج و تسليم الخدمة (6)، حيث يدافع المستخدمون المقدمون للخدمة معا ،و في الوقت الحقيقي على مصالح المؤسسة و الزبون ، و اللغة المستعملة من طرف المستخدمين تعيق الاتصال مع الزبائـن في كثير من
¬¬¬¬¬¬( 1 ) : G. Tocquer , M.Langlois , « Le marketing des services :le défi relationne », op-cit , p23 .
( 2 ) : D . pettigrewr , N – Torgeon , « Marketing » , op-cit , p 390 / 391 .
( 3 ) : R.DARMAN , M.LAROCHE , J-Pétrof , « Le Marketing fonfement et application » , 4 eme
édition , mc Graws – will , Canada , 1990 , P 829 .
(4) : محمود جاسم الصميدعي ، “مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 221 .
(5) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 252 .
( 6 ) : Beatrice Bréchignac Rouband ,« Le marketing des services : du projet au plan marketing» ,
édition d’organisation , Paris , 1998 , p 72 / 73 .
الأحيان ، و في مؤسسات الخدمات يلعب المستخدم المقدم للخدمة دورا تقنيا مما يتطلب تبنيِّ لغة معينة عندما يصعب فهم الزبون غالبًا .
إن إشباع رغبات الزبائن ليس دائما في أولويات مدير الفرع ، الذي يرتبط بمدير الاستغلال هناك إذن اتجاه لتمييز الجانب العملي (1) و يمكن توضيح ذلك في الشكل التالي :
الشكل رقم 7 : ” تنظيم مؤسسة خدمية : العلاقة بين المقر الاجتماعي و الفرع “
المصدر : ( (G. Tocquer , M.Langlois , « Le marketing des services » , op-cit , 1992 , p 25 .
إن التلازم بين الخدمة و من يقدمها يمكن أن يحدد من نطاق العمليات في المؤسسات الخدمية، فشخص واحد يمكنه أن يفحص عدد من السيارات خلال اليوم ، و طبيب واحد يمكن أن يعالج عدد المرضى خلال اليوم . (2)
(ﺟ) _ التبايــن ( Hétérogénéité ) :
الجميع يرى أن نجاعة الخدمة تتغير من مؤسسة إلى أخرى ، و من وكالة إلى أخرى خاصة للخدمات التي تعتمد على التدخل الكبير للعنصر البشري ، لذا يقوم الزبون بترتيب العناصر قبل الشراء حتى يتمكن من المقارنة بين عروض الخدمات ، و يصعب على مقدِّم الخدمة تقديم خدمات متجانسة في الوقت و المكان (3) ، فلا يمكن على سبيل المثال أن تقدم إحدى مؤسسات الطيران نفس مستوى الخدمة على كل رحلة من رحلاتها ، و نفس الشيء بالنسبـة لأحد البنوك فلا
¬¬¬¬¬¬( 1 ) : G.Tocquer, M.Langlois , « Le marketing des services :le défi relationnel , op-cit , p24/25 .
(2) : عمر و خير الدين ، ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 269 / 270 .
( 3 ) : Beatrice Bréchignac Rouband , « Le marketing des services : du projet au plan
marketing » , op-cit , p 72 .
يمكن للزبون أن يحصل على نفس مستوى الخدمة من موظف الشباك في كل مرة تعامل كذلك بالنسبة للخدمات الفندقية فقد يقدّم أحد موظفي الاستقبال خدمة فعالة ودودة بينما يقدم أحد زملائه على بعد أمتار منه خدمة بطيئة و غير ودودة .(1)
إن السمع و الفم و الأذن يمثلون رأس مال مهم بالنسبة لتسويق المهن الحرة كالطب مثلا، الخبرة المحاسبية ، لآن ترويج هذه الخدمات لا يحظى بالأهمية ، و لا يبقى إلاّ الإعلان في المجلات المتخصصة ، و الاتصال في المؤتمرات و الاجتماعات حتى تعرف الخدمة و مقدمها في السوق ، فمثلا الطب و المحاماة هناك إمكانية الترويج لإيجاد زبائن جدد ، و هذا بإحداث تغييرات مهمة في ميدان المهنة.
في هذه الحالة تستطيع المؤسسة استبعاد العنصر البشري الذي يعتبر سبب تغير نجاعة الخدمة ، و منه تطوير خدمة منمطة ، مثلا تعرض الشبابيك الآلية للمستعمل نفس الجودة للخدمة في كل يوم و كل ساعة .(2)
لذلك تتبع المؤسسات خطوات عديدة للتقليل من التباين في خدماتها على أدنى حد ممكن ، منها الاختيار و التدريب الجيد لملكاتها ، تقيس عمليات أداء الخدمة على مستوى المؤسسة ككل مثل استعمال الأجهزة و الآلات بدلا عن الأفراد ، متابعة رضا الزبون عن خدمات المؤسسة من خلال مقترحاته و الشكاوي المقدمة .(3)
(د) _ الزوال أو الفــناء “La périssabilité ” :
نتيجة لعدم انفصال الإنتاج عن الاستهلاك في الخدمات فإنها تتصف بالفناء السريع ، بمعنى لا يمكن تخزينها لاستخدامها في وقت آخر ، كالطاقة الكهربائية غير المستخدمة ، و المقاعد غير المشغولة في الطائرة بعد إقلاعها ، كلها أنشطة أعمال فقدت إلى الأبد (4)، لهذا فإن أسعار الخدمة في فترة الرواج تكون عالية ، و بعدها تنخفض بشكل حاد في غير موسمها (5)، فمثلا يزداد الطلب على خدمات النقل صباحا في مواعيد ذهاب الموظفين إلى أعمالهم و ظهرا وقت رجوعهم من العمل. (6)
(1) ، (4) ، (6): عمر و خير الدين ، ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 269 / 270 .
( 2 ) : D . Laroche , pétrof , « Le marketing : fordements et applications » , op-cit , p 830 .
(3) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 222 .
(5) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 253 .
و للتخفيف من آثار هذه الخاصية يمكن اتخاذ عدة إجراءات منها ، استخدام أنظمة الحجز المسبق للإدارة لمواجهة التغير في مستوى الطلب ، تشكيل قوة عمل مؤقتة ( مستخدمين إضافيين ) لمواجهة تصاعد الطلب ، تطوير أساليب الخدمات المشتركة ، إضافة مشاريع أخرى قصد التوسع المستقبلي ، التسعير المختلف الذي يجلب الطلب في فترات تزايده على فترات أخرى مثل الحجز المسبق بأسعار أقل .(1)
إضافة إلى خصائص الخدمة السابقة هناك من يضيف خصائص أخرى كعدم انتقال الملكيـة ، و الصناعة اللامركزية ، و إشتراك المستفيد من الخدمة في تسويق و إنتاج الخدمة ، إضافة إلى معدل ضعف الإنتاجية .(2)
و كخلاصة لما سبق يمكن تلخيص المشاكل التسويقية المرتبطة بالخصائص الرئيسية للخدمات في الجدول التالي :
جدول رقم 4 : ” خصائـص الخدمات و المشاكل التسويقية المرتبطة بها “
الخصائـص المشاكل التسويقيــة
غير ملموسـة – لا يمكن تخزينها ، لا يمكن حمايتها عن طريق براءات الاختراع ،
لا يمكن عرضها أو توصيل مفهومها بسهولة ، يصعب تسعيرها .
التماســك – اشتراك المستهلك في الإنتاج ، يصعب تنميط الإنتاج .
الفنـاء السريع – لا يمكن تخزينها .
التبايـــن – يصعب التنميط و الثبات في درجة الجودة .
المصدر : ( عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، 1997 ، مرجع سبق ذكره ، ص 268 . )
و لتوضيح أكثر لمعنى الخدمة سنتناول إضافة إلى ما سبق طبيعتها و تصنيفاتها المختلفة في الجزء الموالي .
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 222 .
(2) : أنظر الملحق رقم 1 .
I _ 2 _ طبيعــة و تصنيــف الخدمــات :
من أجل الإلمام بالمفاهيم المتعلقة بالخدمات نتناول طبيعتها و تصنيفاتها المختلفة في عنصر ثاني حتى يمكن فصلها عن المنتجات المادية .
I _ 2 _1 طبيعــة الخدمــات :
” يمكن فهم طبيعة الخدمات من خلال تحليل العلاقة بينهما و بين المنتجات المادية بسبب الترابط و التزامن الوثيق فيما بينهما ، و لا سيما في مراحل التسليم و التمييز ، إن تصنيف الخدمة لا يمكن أن يكون بمعزل عن المنتج ” .(1)
و يلاحظ أنه من الصعب تصنيف المنتجات على سلع مادية خالصة دون ارتباطها بخدمات إضافية أو خدمات غير ملموسة لا ترتبط بسلعة مادية ، فعلى سبيل المثال عند قيام المستهلك بشراء سيارة ، فهو يمتلك في هذه الحالة سلعة مادية خالصة و لكنها عادة ما تكون مصحوبة بخدمة الصيانة و الضمان ، أما في حالة قيامه باستئجار سيارة فهو في هذه الحالة يحصل أساسا على خدمة النقل و لكنها تكون مصحوبة بالاستخدام المؤقت للسيارة ، لذلك نرى أن معظم المنتجات تحتوي على جانبين ، الجانب الملموس و الجانب غير الملموس و زيادة أحد الجانبين على الآخر هو الذي يؤدي على تصنيف المنتجات إلى سلع و خدمات و أفكار و هذا ما يوضحه الشكل الموالي :
الشكل رقم 8 : ” مدرج فؤى للجانب اللموس و غير الملموس للمنتجات “
الســكر الملابــس السـيارات المطاعــم حلاقة الشعر السفــر الرعــاية الطبيـــة التعلــيم استشارات مالـــية
المصدر : ( عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 266 . )
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 214 .
(2) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 265 .
يوضح الشكل تصنيف السلع و الخدمات ، و تغلب الجانب الملموس في المنتج يضعه في الجانب الأيمن و يتم تصنيفه على أساس أنه سلع ، أما تغلب الجانب غير الملموس في المنتج يضعه في الجانب الأيسر ، و يتم تصنيفه على أنه خدمات أما المنتجات التي تقع فيما بينها فهي تحتوي على مزيج قوى للجانب الملموس و الجانب غير الملموس ، فعلى سبيل المثال حلاقة الشعر يمكن رؤيتـها و الاحساس بها ، لكن الإشباع المستمد من الحلاقة يحصل من مهارة و حرفية المصفف .
و تظل الصناعات الخدمية مثل الاتصالات و النقل و الفنادق و المطاعم والخدمات المالية و المصرفيـة و التعليمية و الفنية ، تحتل مكانا و أهمية كبيرة في اقتصاديات العديد من الدول .(1)
و يتضمن عرض المؤسسة عادة بعض الخدمات ، حيث يمكن أن يكون عنصر الخدمة ثانويا أو رئيسيا من العرض الكلي و في بعض الحالات و في أكثرها يتراوح العرض من منتجات مادية بحتة إلى خدمة بحتة في جانب آخر . (2)
و يشير ” P.H .Kotler ” إلى أن هناك أربعة أنواع من العروض يمكن تقديمها. (3)
(أ) _ منتجات ملموسة بحتـة ” Le pur Produit ” :
يحتوي العرض في هذا المجال على سلع ملموسة (بشكل عام) مثل الصابون ،الملح ، و لا يرافق المنتج أي خدمات .
(ب) _ منتجات ملموسة مصحوبة بخدمـات :
يتضمن العرض في هذه الحالة ، منتجات ملموسة يصحبها نوع واحد أو أكثر من الخدمات من أجل تلبية رغبة المستهلك ،كالمؤسسات المنتجة للسيارات تبيع السيارات و تصحبها خدمات ضمان التصليح …
(ﺟ) _ خدمــة مصحوبة بمنتجات أو خدمــات أخرى :
يتضمن العرض في هذا المجال خدمة أساسية أو مركزية مكملة ببعض المنتجات الملموسة أو خدمات ملحقة ، فمثلا خدمة النقل الجوي تتكون من خدمة أساس هي النقل و تتضمن منتجات ملموسة كالطعام و الشراب و البطاقة …
(1) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 265 .
(2) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 215 .
( 3 ) : PH . Kotler et B.Dubois , « Marketing Management » , op-cit , P 455 .
(د) _ الخدمــات البحتــة “Le Pur service ” :
تقترح المؤسسة في هذه الحالة عرض يتضمن تقديم خدمة بشكل أساسي و تام دون أن يصاحبها منتجات ملموسة ، على سبيل المثال مساعد المحامي و العلاج النفسي ، رعاية الأطفال .
و كخلاصة لما سبق ذكره و لتوضيح أكثر لطبيعة الخدمات يمكن تلخيص الفروقات الأساسية بين الخدمة و السلعة في الجدول التالي : (1)
السلعـــة الخدمـــة
– السلعة تصنع قبل أن يتم وضعها في السوق . -الخدمة لا توجد من قبل،بل تخلق في نفس سياق تقديمها.
– المنتج يتحكم في النجاعة و الجودة . – المنتج و المستهلك مسؤولون عن الجودة و النجاعة .
– يتحكم المنتج في النتيجة وهو المسؤول عنها . – لا يمكن حقيقة التحكم في النتيجة فالمنتج لا يستطيع التعهد على النتيجة .
– القيمة التبادلية هي المحددة – القيمة الاستعمالية هي العنصر الأكثر أهمية .
– تتبادل السلع في السوق الذي يلعب دور الحكم . – السوق ليس مكان لتحديد السعر و الكمية ، فالتفاوض و المعلومة هي المحددات الرئيسية .
– السلعــة ملموسة . – الخدمــة غير ملموسة .
– الشراء يتضمن تحويل الملكية . – نادرا ما يكون تحويل الملكية .
– السلعة يمكن إعادة بيعــها . – الخدمة لا يمكن إعادة بيعها .
– السلعة يمكن إثباتها . – في الواقع لا يمكن إثبات الشياء غير النظرية ، فالخدمة غير موجودة قبل الشراء .
– السلعــة يمكن تخزينها . – الخدمة غير ممكن تخزينها .
-الإنتاج و البيع و الاستهلاك متفرق في المكان. -الإنتاج والاستهلاك و أيضا البيع يجتمعون في نفس المكان
– السلعة يتم نقلها . – الخدمة لا تنقل ( المنتجون هم الذين يتنقلون ) .
– البائع هو الذي يقوم بالإنتاج . – المشتري أو الزبون يشارك مباشرة في الإنتاج .
– اتصال غير مباشر بين المؤسسة و الزبون . -اتصال مباشر بين المنتج والزبون وهذا الاتصال ضروري.
– الاستهلاك يتبع الإنتاج . – الإنتاج و الاستهلاك يتزامن و يتطابق .
( 1 ) : LILIANE , BENSAHEL ,«Introduction à l’économie du service» , presse universitaires de
Gronoble , Paris , 1997 , P 38 .
– Richard – Norrmann , « le management des services : théorie du moment de verité dans les services , inter édition , Paris , 1994 , P 21 .
و منه يمكن القول أن فهم طبيعة الخدمات يساعد المؤسسة في توفير الموارد اللازمة و بناء القرارات المناسبة .
I _ 2 _2 تصنيــف الخدمــات :
هناك تصنيفات مختلفة للخدمات و قبل البدء في عرض تصنيف الخدمات نشير إلى أن أهمية تصنيف الخدمات تكمن في المنافع التالية :
– يعطي نظام التصنيف فهما أفضل للخدمة المعنية ، من خلاله يتم توضيح أوجه الشبه و الاختلاف بين الخدمة المصنفة و الخدمات الأخرى .
– يساعد تصنيف الخدمات على صياغة إستراتيجية التسويق و الخطط التكتيكية ، فالخدمات ذات
القطاع الواحد تواجه تقريبا نفس التحديات و لكن باختلافات بسيطة و هكذا الحال بالنسبة
للأنشطة التسويقية الأخرى كالترويج و التسعير و التوزيع .(1)
و يمكن تصنيف الخدمات من وجهات نظر مختلفة ، حيث يمكن تصنيفها إلى :
(أ) _ حسب نوع الســوق : و يمكن تصنيفها إلى : (2)
استهلاكــي : فهناك خدمات المستهلكين الرعاية الصحية و تأمين الحياة على سبيل المثال .
صناعــــي : مثل تدقيق الحسابات و التركيب و غيرها .
(ب) _ حسب الغرض من شراء الخدمـات : و يمكن تصنيفها إلى : (3)
خدمات مقدمة إلى المستهلك النهائي مثل خدمات الحلاقة و السياحة .
خدمات مقدمة إلى المؤسسات مثل خدمات الاستشارة الإدارية المحاسبية .
( ﺟ ) _ حسب أهمية حضور المستفيــد : و يمكن تصنيفها إلى : (4)
ضرورة حضور المستفيد من الخدمة مثل العلاج الطبي ، خدمات الحلاقة .
ليس من الضروري حضور المستفيد من الخدمة مثل خدمات غسل و تنظيف الملابس و خدمات تصليح السيارات .
(1) ، (2) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 255 / 256 .
(3) ، (4) : عمر وصفي عقيلي و آخرون ، ” مبادئ التسويق : مدخل متكامل ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 119 .
(د) _ حسب درجة كثافة العمالــة : و يمكن تصنيفها إلى : (1)
خدمات كثيفة العمالة : مثل خدمات التعليم ، و خدمات الإصلاح و تعتمد على العامل البشري بصفة أساسية .
خدمات كثيفة المعدات : مثل الاتصالات و النقل العام و المراكز الصحية تعتمد على المعدات بصفة أساسية .
(و) _ حسب درجة الاتصال بالزبــون : و يمكن تصنيفها إلى : (2)
خدمات تحتاج إلى اتصال عالي : مثل الخدمات الصحية و الخدمات الفندقية و المطاعم تحتاج إلى اتصال عالي من الزبون و غالبا ما تكون هذه الخدمات موجهة نحو الأفراد .
خدمات تحتاج إلى اتصال منخفض : مثل خدمات الإصلاح و التغليف و الخدمات البريديـة و توجه هذه الخدمات في الغالب نحو الأشياء و لا يتطلب الأمر إلى وجود عنصر بشري لتأدية الخدمة .
(ﻫ) _ حسب مهارة مقدم الخدمــة : و يتم تصنيفها كما يلي : (3)
خدمات تتطلب الاحتراف مثل الخدمات القانونية و الخدمات الصحية و تميل هذه الخدمات إلى كثير من التعقد و تنظم عن طريق القواعد القانونية .
خدمات لا تتطلب الاحتراف مثل النقل العام و الخدمات المنزلية .
(ي) _ حسب دوافـع مقدم الخدمــة : و يتم تصنيفها كما يلي : (4)
خدمات تقدم بدافع الربح مثل المؤسسات الخاصة كالمستشفيات و المدارس و الجامعات الخاصة .
خدمات لا تقدم بدافع الربح مثل الخدمات المقدمة من طرف الدولـة كالتعليم و العلاج الطـبي ، ” و لا تعبِّر هذه المؤسسات عن أهدافها في صورة مالية مثل العائد على الاستثمارات ، و عادة ما يكون لها نوعين من الجماهير هما زبائنها و المتبرعين لها “. (5)
(ر) _ حسب وجهة النظــر التسويقيـة : و يتم تصنيفها كما يلي : (6)
خدمات سهلة المنال مثل الخدمات التي يحصل عليها المستهلك بشكل سهل كالنقل و الحلاقة .
خدمات خاصة مثل خدمات استئجار بعض الأشخاص لحماية بعض الشخصيات المهمة و الثرية.
(1) ،(2) ، (3) ، (5) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 273 / 274 .
(4) ، (6) : عمر وصفي عقيلي و آخرون ، ” مبادئ التسويق : مدخل متكامل ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 120 .
(ن)_ حسب العلاقة سلعة-خدمة :
لتقييم المنتجات يستعمل المستهلكين ثلاثة أشكال من الجودة: (1)
الجودة تعتمد على البحث عن المعلومة : هي صفات المنتج التي يمكن تحديدها قبل الشراء كالشكل و اللون و السعر ، و أغلبية السلع لها هذه الخصائص لأنها ملموسة .
الجودة تعتمد فقط بالتجربة : هي الصفات و الخصائص التي لا يمكن تقييمها إلاَّ بعد الشراء أو الاستهلاك كالذوق و الصلابة ، فهناك بعض المنتجات من الصعب تقييمها قبل الشراء كالحلوى، و الكثير من الخدمات تتصف بهذه الجودة ( قصة شعر مثلا ) ، و في الواقع من المستحيل تقييم توجه سياحي جديد قبل الذهاب ، نقوم بتجربة الجو ، الفنادق ، المطاعم ، النقل ، المواقع التاريخية .
الجودة تعتمد على الاعتقاد فقط : هي الصفات و الخصائص التي يمكن تقييمها بصعوبة حتى بعد الشراء و الاستهلاك مثل عملية جراحية ، إصلاح السيارات ، و توجد خدمات كثيرة لها هذه الجودة ، و على العموم قليل من المستهلكين القادرين على التقييم إذا ما كانت الخدمة ضروريـة و الانفاق صحيح من طرف جراح ، محامي … الخ .
أما تصنيف الخدمات عند بعض المؤلفين و الباحثين في ميدان التسويق يمكن تلخيصها في الجدول التالي: (2)
(1) : R .DERMAN et autres , « Le Marketing : fondements et applications » , op-cit , P 832 .
(2) : LILIANE – BENSAHEL , « Introduction à l’économie du services » , op-cit , P 29 .
جدول رقم 6 : ” بعض الأمثلــة لتصنيف الخدمــات “
المعايـير و المؤلفيــن تصنيف الخدمـــات
انطلاقا من الإنتاج
V.R-FUCHS – الخدمات التوزيعية ( كالنقل ، الاتصال )
– منتجوا الخدمات (كالبنوك ،و شركات التأمين)
-الخدمات الاجتماعية(كالصحة،التعليم، الخدمات العمومية و الخدمات
ذات الطابع غير الربحي ) .
– الخدمات الشخصية (كالفنادق ، المطاعم ، الإصلاح )
انطلاقا من أهمية و مكانة الخدمـة
A .BARCET & J.BANAMY ( 1990)
– الخدمات المصاحبة للسلع و المكملة للسلع و عمليا تنتج بنفس الطريقة .
– الخدمات الناتجة عن تصميم و إعداد لمنتج غير مادي .
– الخدمات المحملة مباشرة للشخص ( استهلاك نهائي ) ، الإنتاج المشترك ” Coproduction ” يتدخل في هذا المستوى .
انطلاقا من مفهوم الإنتاجية
J – GADREY ( 1986 ) – خدمات شبه إنتاجية ” Para productifs” منعزلة و متماثلة و مطبقة على السلع المادية ( كالنقل ، الإصلاح ، الفنادق ) .
– خدمات ” Péri- productifs” لا مادية ، مطبقة على معارف إنتاجية منظمة ( كالهندسة ، خدمات مالية ) .
– خدمة مطبقة على معارف و قدرات الأفراد في الاستهلاك النهائي ( كالصحة ، التكوين ) .
– خدمات تنظيم و تسيير الوحدات الاقتصادية .
I _ 3 _ أسبــاب نمــو الخدمــات :
حسب نموذج القطاعات الثلاث ، يخضع النمو الاقتصادي إلى قانون و إلى تتابع طبيعي لثلاث أوقات ، الزراعة تعرف الإنتاج و التبادل ، و تتميز بإنتياجتها الضعيفة و تعني معظم أعضاء المجتمع ،ثم يأتي القطاع الصناعي ثانيا ، الذي تطور بسرعة على إثر تحسين الإنتاجية بشكل جوهري، و منشأ ذلك اقتصاديات الحجم التي عرفت ارتفاعا موازاة مع نمو القطاع الثالث أي الخدمات التي تستعمل اليد العاملة المحرّرة ، و توسع هذا الأخير بسرعة حتى أصبح في النهاية الأكثر أهمية من بين القطاعات الثلاثة (1) ، و منه جاءت فكرة اقتصاد الخدمات و يعتبر VR .FUVHS في 1968 أول من استعمل عبارة اقتصاد الخدمات في دراساته . (*) ( 2 )
إن قطاع الزراعة و الصناعة سجل إنتاجية متزايدة ، مرتبطة بالتحولات التكنولوجية التي سمحت باقتصاد اليد العاملة و أصبح كلا القطاعين يولدان إنتاجا سهل التتجير ، حتى أن قدرة الإنتاج الفائضة يمكن نقلها نحو مواقع ضعيفة التكلفة ، إضافة إلى ذلك يمثل القطاع الزراعي و الصناعي حصة من النفقات الإدارية ، بينما ينتقل الدخل من مستوى الحد الأدنى للمعيشة إلى مستوى التشبع ،و الميزانية المخصصة للغذاء و السلع لا تكون ضعيفة لكن حصة كبيرة تنقل نحنو مركبات الخدمة بقيمتها المضافة مثلا نحو المطاعم و المنتجات الكثيرة الاستهلاك الشخصي،و برامج الإعلام الآلي .(3)
نشأ عهد المرحلة الصناعية خلال السبعينات ، حيث عرفت الدول الغربية إقتصاد الخدمات ، و كان يشكل قطاع الخدمات حوالي ثلثي الناتج الداخلي الخام ( BIB ) ، خلال سنة 1990 في الولايات المتحدة ، و تشغل المؤسسات الخدمية حوالي 70 % من اليد العاملة ، و بمعدل 66 % في فرنسا .
و خلال العشرين سنة الأخيرة ، قدرت النسمة الشعبية النشطة في قطاع الخدمات بـ 2,1 % خلال سنوات النمو ، و في نفس الوقت ، التشغيل في القطاعات الأخرى انخفض بنسبة 8,3 % خلال سنوات التراجع (التدهور) ، ثم ارتفع إلى 3,8 % خلال فترات النمو ، حتى الوقت الحالي ، وحسب”R.Zemke” المؤسسات التي تبقى وتستمر بعد سنتين من الاستغلال هي مؤسسات الخدمات
لذلك قطاع الخدمات هو اليوم المحرك الرئيس للاقتصاد العالمي حيث أصبحت الجامعات و مدارس
(1) : James. Tebool, « Le temps des services : une nouvelle approche de management , éd
d’organisation , 2 eme tirage , Paris , 1999 , P 8 .
(*) : تم عرض تصنيف الخدمات من وجهة نظر VR.FUCHS في عنصر تصنيف الخدمات .
(2) : Liliane Bensahel , « Introduction à l’économie du services » , op-cit , p 26 .
(3) : J.Tebool ,«le temps des services : une nouvelle approche de management » , op-cit ,p10-12.
التجارة تفهم ذلك جيدا و قامت بعرض دروس في تسويق الخدمات و تسيير الأنشطة المتعلقة بالخدمات.
و هناك أسباب عديدة تخص النمو القوي لهذا القطاع منها الطلب الكبير للمستهلكين و المؤسسات ، بمعنى زيادة الوقت الحر ، زيادة مدة الحياة ، المكانة المهمة التي احتلتها النساء في وسط النسمة الشعبية النشطة ، و التعقد الكبير للمنتجات و الحياة ،و بصفة عامة تشكل هذه العوامل عوامل حقيقية في زيادة الطلب على الخدمات من طرف الجمهور ، أما فيما يخص المؤسسات هناك عناصر رئيسية سمحت بزيادة الطلب على الخدمات منها تعقد المنتجات ، التكنولوجيات الجديدة ، الأهمية الاستراتيجية للمعلومة و المنافسة الدولية .(1)
و منه يمكن القول أن سوق الخدمات عرف نموا بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث تحولت الكثير من اقتصاديات الدول من اقتصاد التصنيع إلى الاقتصاد الخدمي و يرجع هذا التحول إلى حركة عصر المعلومات و تطور الاتصالات(2) ، و من العوامل الأخرى التي ساهمت في نمو الخدمات ما يلي : (3)
(أ) _ ارتفاع مستوى المعيشــة :
عرفت الدول المتطورة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية مداخيل حقيقية مرتفعة ، إلى جانب ذلك استثمر المستهلك بشكل معتبر في أوقات الفراغ ، هذه الظاهرة أنعشت الطلب لكثير من الخدمات كالنقل مثلا ، و أصبح يشتري المستهلك الخدمات التي ينفّذها بنفسه ، و يعود ارتفاع الدخل أيضا إلى المشاركة النسوية في سوق العمل ، فزادت الحاجة لدور الحضانة و خدمات الصيانة المنزلية .
(ب) _ ازدياد معلومات عن أعمــار السكــان :
أدت زيادة معلومات أعمار السكان إلى ازدياد الحاجة إلى الخدمات الطبية و بذلك زادت مراكز الرعاية الصحية ، و مراكز اللياقة البدنية التي يحتاجها كبار السن .(4)
(1) : G.Tocquer , M . Langlois , « Le Marketing des services le défi relationnel » , op-cit , p 3/4 .
(2) ، (4) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 249 / 250 .
(3) : R.DARMAN et autres , « Le marketing : fondements et applications » , op-cit , p 827 / 828 .
(ﺟ) _ البحـث عن الفعاليــة :
يقوم المستهلكون و المؤسسات بشراء خدمات لأجل إفادة مؤهلات المختص ، مثلما يقوم المسافر باستعمال خدمات وكالة السفر لحجز غرفة في فندق ، و مصنع الزجاج يوكل خدمة الإصلاح لمؤسسة مختصة للمعالجة،من جهة أخرى الرجوع إلى مؤسسات الخدمات يكون بالنسبة للمؤسسات التي تريد التخفيض من التكاليف الثابتة ، فكثير من المؤسسات تقوم بالاعتماد على مؤسسات أخرى لإنجاز بحوث في التسويق ، لأنه إذا أنجزت هذه الدراسة في داخل المؤسسة فحتما ترتفع التكاليف الثابتة .
(د) _ تعقـد الحياة العصريــة :
كان يصلح الأفراد سياراتهم و يقومون بالتصريح بالدخل لوحدهم ، لكن اليوم أصبحت السيارات ضحية الكترونية و ذات تحويل أتوماتيكي ، و التشريعات الجبائية أصبحت معقدة و أصبح الكثير من الأفراد بحاجة إلى مساعدة خبير ، إضافة إلى ذلك الاستعمال الكبير للحاسوب يسمح بالعبور لخدمات كثيرة ، مثل إدخال شبابيك آلية ، و بطاقات السحب فهي تسمح بتوزيع أحسن للخدمات المالية ، فبالنسبة للمؤسسات يسمح استعمال الحواسيب و تحسينات أخرى بتخفيض التكاليف ، و مراقبة أحسن للجودة و تكون الخدمات المساعدة للمستهلكين أكثر فعالية و مركزيـة ، و نفس الشيء بالنسبة لالتقاط أحسن لمعلومات عن السوق .
(و) _ دخــول منتجــات جديــدة :
تعتبر 50 % من الأرباح لأحسن عدد من المؤسسات ، ناتجة عن منتجات جديدة ، فهناك الكثير من المنتجات التي أحدثت خلق أنشطة جديدة من الخدمات فمثلا بالنسبة لتطوير السيارات تم خلق خدمة مواقف السيارات و الورشات المتخصصة في إصلاح علب السرعة ، أنظمة المرور، أو في هياكل السيارات و صبغ السيارات ، و نتيجة لارتفاع المنافسة التي أحدثت الكثير من الاختلالات في الخدمات الجديدة ، فقطاع الخدمات المالية طوَّر الكثير من الخدمات الجديدة ، كحسابات الصكوك للفائدة اليومية، حساب الإدخار…الخ ، و في الأخير النمو الكبير للإعفاءات “La franchise ” الذي سمح بنمو خدمات الإصلاح السريع …
(ﻫ) _ تغيـــــر الأذواق :
نتيجة للوفرة المادية لكل أنواع السلع ، أصبح المستهلك يميل نحو شراء خبرات جديدة كالأسفار ، التربية و جودة المعيشة ، لأنه يجد الرضا و تلبية رغباته في الخبارات و التجارب المحصلة عن طريق الخدمات أكثر من حيازة السلع المادية ، فتغيرت الأذواق نحو استعمال العمل و الفراغ ، مثل استعمال العمل كفراغ بتقليص أوقات جزئية عند ( Mc Donald ) أو مجاني في دار حضانة أو في مستشفى للمعاقين ، أو الفراغ كعمل مثل خدمة التصليح .
و في الأخير يمكن القول أن الخدمة هي مجموعة من الأنشطة الموجهة لتلبية رغبـات وحاجات المستهلكين ،و لها خصائص تميزها عن باقي المنتجات المادية ، فهي غير ملموسة ،و متباينة، و متماسكة و قابلة للزوال و الفناء ، و لا يمكن فهم طبيعتها بمعزل عن المنتجات المادية و لها أيضا تصنيفات مختلفة تسمح بصياغة استراتيجية التسويق و الخطط التكتيكية ، كما أن الخدمة عرفت توسعا كبيرا في اقتصاديات الدول المتطورة نتيجة لتطور التكنولوجيات في كل المجالات كالاتصالات والمعلومات ،و أصبحت كقطاع جوهري في اقتصاد الدول و المحرك الأساسي والفعّال للاقتصاد العالمي .
و بما أن الخدمة تعتبر كمنتج بالنسبة للمؤسسات الخدمية سنتناول في الجزء الثاني هذا الفصل إلى تسويق الخدمات .
II _ تسويـــق الخدمــات
تعتبر الخدمات كقطاع إقتصادي ، و تختلف عن المنتجات بخصائص خاصة ، من حيث الجانب التسييري و بالخصوص ضرورة توفر تسويق خاص مثل البنك ، السياحة و التأمين ، تعرف كخدمات عن تقديمها شخصيا و ماديا .
و في الواقع لا توجد خدمات خاصة لا تحتاج لحوامل مادية و لا منتجات خاصة قبل بيعها بدون خدمة، فيجب مثلا توزيعها و هنا التوزيع يعتبر كخدمة .
و منه نعرف ميدان تسويق الخدمات على أنه يتشكل من :
– عملية شراء الخدمات الخامَّـة .
– من جميع الخدمات التي تصاحب البيع و الاستهلاك كخدمات ما بعد البيع . (1)
و على هذا الأساس سنتناول في هذا الجزء مفهوم عرض الخدمة ، و العوامل المؤثرة في تقديم الخدمات و استراتيجية تسويق الخدمة .
II _ 1 مفهوم عــرض الخدمــة :
إن التفكير بأن خدمات الفندقي ، و النقال ، و البنك هي خدمات أحادية و الجميع يعرض خدمات مختلفة الأنواع هو شيء سهل ، لكن إذا أمعنا النظر ، نجد أن كل واحدة من هذه العناصر مرتبطة بالأخرى و تشكل عرض الخدمات ، الشيء الذي يزيد من تمسك المؤسسات بمفهوم عرض الخدمات ، و ماهي الخدمات الممكن تقديمها لزبائنهم ؟ و كيف يمكن تحليل هذا العرض ؟ و ماهي نماذج إستعمالته ؟ و ماهي أنواع القرارات التي تسمح بتحسين فعالية العرض ؟
و تجدر الإشارة إلى أن مفهوم سياسة عرض الخدمة لمؤسسة الخدمات يتناسب مع مفهوم سياسة المنتج للمؤسسة الصناعية .(2)
و سنتعرض فيما يلي على بعض المفاهيم المتعلقة بعرض الخدمة .
(1) : J .Landrevie , D.Lindon , « Mercator : théorie et pratique du Marketing » , op- cit , p 702
(2) : PIERRE –Eiglier , ERIC –Langeard , « Servuction : Le marketing des services» , MC
Graw-Will , 3 eme tirage , Newyork , 1991 , p 82 .
II _ 1 _ 1 _ الخدمـــة الكليــة ” Le Service Global ” :
لإحصاء الخدمات المقدمة للزبون هناك طريقة يعمل بها الكثير ، تتمثل في وضع قائمة للاتصالات الممكنة مع الزبون ، على سبيل المثال خدمة النقل الجوي ، نقطة الإنطلاق هي الحجز أو الاتصالات الأولية التي تجلب الزبون إلى الحجز ، ثم وصول الزبون لمحطة الطائرات ، ثمَّ طريقة مباشرة الشباك ، إجراءات التسجيل ، عند تحديد مختلف مراحل تقديم الخدمة ممكن دراسة العمليات التي يمكن إنجازها للحصول على النتيجة المرجوة من كل مرحلة ، السيارة يجب تنظيفها ، و الأمتعة تنقل مباشرة ، هذه الطريقة لاختيار مجموعة تقديم الخدمة سمحت بالبلوغ إلى وصف العرض الكلي ، و يعرف العرض الكلي إذن بمجموعة العناصر التي تشكل العرض للزبون ، و أحد هذه العناصر هو المسيطر أي جوهر تقديم الخدمة و مثال على ذلك مؤسسة النقل الجوي تقدم مجموعة من الخدمات و الخدمة المركزية هي نقل الزبون فعليََّا من مكان الانطلاق إلى مكان الوصول ، هذا المثال يبيّن الاختلاف الذي يمكنه أن يكون بين الخدمة المركزية و الخدمات الملحقة أو المحيطة ، و جمعهم يشكل تقديم الخدمة . (1)
إن مجموع الخدمات الفردية ، الأساس و المحيطة ( الملحقة ) ليست عناصر متجاورة بدون علاقات فيما بينها ، فكل واحدة منهم مرتبطة بالأخرى ، و يشكل عرض الخدمة أيضا نظـام بخاصياته و قواعد تشغيله ، و تتمثل مكونات هذا النظام فيما يلي :
– عناصر النظام و تشكل من كل خدمة فردية و إنتاجها ( Sa servuction ) .
– كل عنصر يرتبط بالعناصر الأخرى ، هذه العلاقات منفذة من طرف عنصر وحيد مشترك ( الزبون ) مع كل إنتاج الخدمات ( Servuctions ) .
– ككل الأنظمة ، نظام العرض يشتغل نحو هدف ، بمعنى النتيجة و نسمي هذا المخرج ( Out put ) بخدمة كلية .(2)
و الشكل الموالي يبين نظام عرض الخدمة الكليــة :
(1) : R .Normann , « Le management des services » , op- cit , p 69 / 70 .
(2) : P –Eiglier , E –Langeard , « Servuction : Le marketing des services» , op-cit , p 84 / 86 .
الشكــل رقم 09 : ” نظــام عرض الخدمــات “
جزء من
السوق
( Segment )
المصدر : ( P.Eglier , E .Langeard , « Servuction : le marketing des services , p 85 )
و تجدر الإشارة إلى أن الخدمة الكلية تقابل مرحلة طبيعية لتكامل بسيط في فكر الزبون ، فإذا رضي هذا الزبون بالسفر ، أو بالفندق ، بالمطعم ، أو ذاك البنك ، ففي هذه الحالة لا يتدخل في تفاصيل الإرضاء المرتبطة بكل خدمة مستعملة في الفندق أو البنك ، و يدعى هذا بمؤشر الإرضاء الكلي، و ذلك دون الدخول في التقييم الفردي لكل واحدة من الخدمات . (1)
و فيما يلي نشير إلى معني كل من خدمات الأساس و الخدمات الملحقة .(2)
(أ) _ خدمــات الأساس ( المركزيــة ) :
تلبي الحاجة الأساسية للزبون ، و عندما تكون هناك مؤسسات خدمات فلا يمكن استبعاد خدمة الأساس ، ماعدى إذا قامت بتحويل الحرفة أو إنقطاع نشاطها .
إذن خدمة الأساس تعرض لجميع الزبائن على سبيل المثال خدمة نقل المسافرين و السلع .
(1) : P –EIGLIER , E –Langeard , « Servuction : Le marketing des services» , p 84 / 86 .
(2) : Beatrice Bréchignac – Rouband , « Le Marketing des services : du projet au plan
marketing » , op-cit , P 77 .
(ب) _ الخدمــات الملحقـة ( الاضافية،Périphérique ) :
تستجيب للحاجات الثانوية للزبون و تكون ضرورية في تحقيق خدمة الأساس ، و بصفة عامة هي عناصر التمييز الإيجابية لا تشتري من طرف كل الزبائن مثل خدمة الهاتف في محطة النقل .
II _ 1 _ 2 المكونـات الأساسية للعـرض الكلــي :
انطلاقا من كل التصنيفات للأنشطة و الخدمات ، يمكن حصر أربع مركبات الداخلة في درجة التنوع في عروض الخدمة : (1)
(أ) _ مــؤهل مخصص ” Une compétence spécialisée ” :
إن مؤسسات الخدمات ليست هي الوحيدة التي تعرف المنافسة فيما بينها لكن أيضا مع زبائنها الفعليين ( المطعم من مسؤولة المنزل أو مطعم المؤسسة ، مؤسسة تنظيف مع أفواج الصيانة لزبائنها ) ، للنجاح في إغراق الأسواق يجب على مؤسسة تقديم كل ماهو أفضل ، أو على الأقل التقليل من التكلفة ، أو تعويض عدم قدرة زبائنها .
(ب) _ إنشاء ارتباطـات و علاقات اجتماعيــة ) :
عندما يتم ابتكار علاقات بين الزبائن و مصادر القيمة الأخرى ، يجب أن يكون ذلك على حساب الزبائن الجدد ، أو على الزبائن الكلاسيكين ، مثلما يقام في مؤسسات التأمين و البنوك ، كل واحدة لها طريقتها في علاقتها مع البلديات و المؤسسات الصناعية و الجمهور ، وكالات السفر أو مؤسسات النقل كأمثلة أخرى .
و هناك كثير من الاحتمالية في هذا الميدان ، و تبقى غير مهملة من طرف القطاع العمومي خاصة لرعاية الأطفال ، و تلعب خدمة المساعدين دور وسيط بين العائلات و تشكل علاقات انتهازيـة ، و هي أحسن من تشكيل حضانات و تشغيل مستخدمين مكلفين ، فالتجربة تدفعنا إلى التفكير بأن المستقبل يخفي الكثير من الفرص التي تعطي أفكار في نوع الخدمات التي يمكن تقديمها .
(1) : R–Normann , « Le management des services :Théorie du moment de vérité dans les
services » , op-cit , p 76 / 77 / 78 .
(ﺟ) _ تحــويل المهارات “Le transfert de savoir faire ” :
إذا كان الدور الأساسي لمؤسسة الخدمات هو تبني تقنيات جديدة أو قدرات للمعالجة لا توجد من قبل عليها الحصول على مؤهلات أو مهارات خاصة و التحكم فيها ، و العبور إلى تنظيم إداري شديد الإرادة ، أو إلى تكنولوجيا دقيقة للعمل على صعيد كبير ، و لا تكون مؤسسات الخدمات قابلة للنجاح إذا لم يكن للزبون مؤهلات معطاة له ، لذا يجب عليها سد هذا النقص بتموين الخدمة أو بتقديم مهاراتها و على سبيل المثال الكثير من البنوك ازدهرت لأن زبائنها يجهلون تسيير الخزينة و لا يهتمون بالاستراتيجية المالية هذا الجهل من طرف الزبائن ينتهز من طرف البنوك التي تبيع لهم الخدمات المالية بكل سهولة ، إلاّ أن اليوم أغلبية البنوك تصبح قوية ببيع خدمة ( تسيير معلومة ) .
هذا الوضع أدى إلى سقوط الطلب على الخدمات الكلاسيكية ، و أصبح من الشائع أن البنوك ، مؤسسات التأمين ، تضيف لعروض خدماتها دروس نظرية و إمكانيات للتكوين .
(د) _ التسيير و التنظيم خلال تقديم الخدمــة :
أصبحت تركز اليوم مؤسسات الخدمات الكبرى نموها على المعارف الآتية من أنظمة التسيير الفعالة لنظام الخدمات ، و تطبيقها في الواقع بتسيير أحسن لنظرة الزبون للمشكل و إعطائه دورا أساسيا في نظام تسيير الخدمات ، و هذا التطور بإمكانه أن ينمي فرص للخدمات في القطاع العمومي للدول النامية .
و تقوم هذه المؤسسات الخدمية بإعطاء الحرية و الأولوية للزبون في التعبير عن المشاكل التي تعترضه في شراء الخدمة ، و إضافة إلى ذلك أخذ بعين الاعتبار الاقتراحات و التوصيات التي يقدمها الزبون للمؤسسة و حل المشاكل بالطريقة التي يريدها الزبون ، و دراسة اقتراحاته و توصياته ،لذلك فإن اختيار المؤسسة الخدمية لمساعدة زبائنها في تسيير الخدمة يسمح بنجاحها و كسب ولاء و رضا الزبائن .
II _ 1 _ 3 _ دورة حياة الخدمـــة :
تتكون دورة حياة الخدمة من نفس المراحل الأربعة لدورة حياة السلع ، التقديم ، النمو ، النضج ، الإنحدار ، كما أن خصائص كل مرحلة هي نفسها كما في دورة حياة السلع ، لكن الاختلاف يكمن في الاستراتجيات الممكن استخدامها ، فليس كل استراتجيات دورة حياة المنتج يمكن تطبيقها على الخدمات ، و تلك التي يمكن تطبيقها يجب تعديلها ، و يرجع سبب التعديلات إلى خصائص الخدمة التي تم مناقشتها في هذا الفصل إضافة على سهولة تقليد المنافسين و الخدمة المقدمة (1)و الشكل الموالي يوضح دورة حياة الخدمة .
الشكل رقم 10 : ” دورة حيــاة الخدمــة “
المصدر : ( محمود جاسم الصميديعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 229 ) .
( أ ) _ مــرحلة التقديــم :
يطلق على الخدمة أنها في مرحلة التقديم عندما تقدم للمرة الأولى ، أو عندما يتم تغيير شكل الخدمة الحالية ، حيث لا تحصل الكثير من الخدمات الجديدة على درجة القبول من طرف المستهلكين ، و هنا تظهر ميزة الخدمة على السلع ، بحيث الخدمات يمكن تقديمها على نطاق ضيـق
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 229 .
و يمكن توسيعها إذا لقيت القبول من المستهلكين ، و تمتاز هذه المرحلة بقلة المنافسين أو انعدامهم ، و انخفاض هامش الربح ، تدفق نقدي سلبي ، عدم وضوح القطاعات السوقية و صعوبة تحديدها .(1)
(ب) _ مــرحلة النــمو :
يزداد نمو الخدمة في هذه المرحلة ، حيث تظهر تدفقات نقدية إيجابية ، و بسبب نمـو و اتساع الصناعة يزداد الطلب على الخدمة مما يسمح للعديد من المؤسسات من رفع أسعارها مما يؤدي إلى هوامش و أرباح كبيرة ، هذا الشيء يؤدي أيضا إلى دخول مؤسسات جديدة لتقديم نفس الخدمة ، فتظهر المنافسة وتظهر قطاعات سوقية جديدة ، و تتميز على العموم هذه المرحلة بنمو سريع في الأعمال و تدفقات نقدية إيجابية و أرباح عالية و ازدياد المنافسة ، إضافة إلى إزدياد عدد الفروع الجديدة التي تقدم هذه الخدمة ، تطوير الحصة السوقية الحالية ، و البحث عن قطاعات سوقية جديدة لتقديم الخدمة .
يمكن لمؤسسات الخدمات من استخدام عدة استراتجيات لتطوير هذه المرحلة منها تطوير وصياغة ميزة تنافسية وتطوير أفضلية للعلامة التجارية من خلال دعم الولاء للمؤسسة أوتطوير سلوك إعادة الشراء.(2)
(ﺟ) _ مــرحلة النضــج :
تبدأ في هذه المرحلة مبيعات المؤسسات بالهبوط البطيء و تزداد المنافسة لذلك تعمل أغلبية المؤسسات على إبعاد المنافسين عن طريقها لزيادة حصتها السوقية أو زيادة أرباحها ، و كنتيجة لهذا التنافس تنخفض أرباح معظم المؤسسات الشيء الذي يدفع بالمؤسسات الضعيفة إلى الخروج من الصناعة و في هذه المرحلة أيضا لا يرى المستهلكون أيَّة فروقات بين ما تقدمه المؤسسات المختلفة من خدمات ، و بصورة عامة هذه المرحلة تتميز باستقرار مبيعات المؤسسات المختلفة من خدمات و شدة المنافسة ، خروج المؤسسات الضعيفة ، و القطاعات السوقية مميزة و واضحـة و للتقليل من المخاطر في هذه المرحلة يجب أن تتبع واحد أو أكثر من الاستراتيجيات و هي تقليل تكاليف التشغيل ، تعزيز النوعية و جودة الخدمة فنيا ووظيفيا وإضافة خدمات مجانية، إضافة استخدام أسلوب الإعلان الإقناعي، و تقليد حملات ترويج المنافسين و مطابقتها مع حملات المؤسسة .(3)
(1) ، (2) ، (3) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 259 / …/ 262 .
(د) _ مــرحلة الانحــدار :
في هذه المرحلة تنخفض مبيعات المؤسسات ، و يرجع هذا الانخفاض إلى التقنيات الجديدة المستخدمة ، مثلا خدمات صيانة الآلة ، الطابعة قد انخفضت لأن آلات الطباعة قد استبدلت بأجهزة الحاسوب ،و باستخدام تقنية الحاسوب الجديدة زادت الحاجة إلى متخصصين في صيانة الحاسوب و المبرمجون ، و بسبب انخفاض الطلب تضطر العديد من المؤسسات إلى إلغاء هذه الخدمة أو تلك ،وبصفة عامة تتخلص مميزات هذه المرحلة بانخفاض المبيعات ،و انخفاض حدّة المنافسة و رأس مال قليل ، و أرباح قليلة أيضا ، و لكي تنجح المؤسسات في هذه المرحلة عليها بإلغاء الخدمات المؤدية للخسائر و الاحتفاظ فقط و الاستمرار بتقديم الخدمات المربحة .(1)
و منه يمكن القول أن عرض الخدمة يتشكل من مجموعة الخدمات الفردية و المعرفة الجديدة لهذه المكونات يسمح بالتحكم فيها و تلبية رغبة الزبون ، كما تسمح دورة حياة الخدمة بمعرفة الطـرق و الوسائل اللازمة لتنفيذ القرارات المناسبة لكل مرحلة ، و في الجزء الموالي نتناول العوامل المؤثرة في تقديم الخدمة .
II _ 2 _ العـوامـل المؤثرة في تقديــم الخدمة :
قبل التطرق إلى العوامل المؤثرة في تقديم الخدمة لابد من الإشارة إلى صناعة الخدمة في المؤسسة الخدمية “La servuction” و عناصره المختلفة ، و يعتبر إنتاج الخدمة كنظام له قوانين كبقية الأنظمة ويتميز هذا النظام أي نظام إنتاج الخدمات بنفس الخصائص لنظام إنتاج القطاع السلعي، حيث له مجموعة عناصر تتفاعل فيما بينها و النتيجة هي الخدمة ، و يمكن ذكـر هذه العناصـر فيما يلي 2)
الزبــون : هو ذلك الشخص الذي يشارك في صناعة الخدمة و يمثل العنصر الرئيـسي و الضروري لأن بدونه لا يمكن أن توجد الخدمة .
الحوامل الفيزيائية : وتتمثل في الأشياء المادية الضرورية لإنتاج الخدمة و يتم تصنيفها إلى شكلين، الشكل الأول هو الأدوات الضرورية للخدمة والمتمثلة في التجهيزات و الآلات التي تضع
(1 ) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 262 / 263 .
(2) : P –EIGLIER , E –Langeard , «Servuction : Le marketing des services», op-cit , p16/ 17/18 .
تحت تصرف مقدمي الخدمة و الزبون ، أما الشكل الثاني هو البيئة و المتمثلة في جميع ما يوجد حول الأدوات الضرورية منها الإقامة ،مباني الديكور والتنسيق والتنظيم التي فيها يتم إنجاز الخدمــة (La servuction ).
مقدمي الخدمــة ” Personne en contacte ” : و هم الأشخاص الذين يعملون لدى مؤسسة الخدمة و عملهم يكون مباشرا مع الزبون ، و ليست كل مؤسسات الخدمات لديها هذا العنصر على سبيل المثال الموزع الآلي للتذاكر .
الخدمـــة : و هي نتيجة تفاعل العناصر الثلاثة الأساسية ، الزبون ، و الحوامل الفيزيائيـة و مقدمي الخدمة و هي تشكل الفائدة التي تلبي رغبة الزبون .
نظام التنظيم الداخلــي : و يتشكل من جميع الوظائف التقليدية للمؤسسة، المالية ،التسويق، المستخدمين …الخ ،و هذا الجزء هو غير نظري لأن الزبون لا يدركه و هذا النظام له تأثير مباشر على الحوامل الفيزيائية و مقدمي الخدمة و الزبون .
بقيــة الزبائـن : من النادر أن تختص الخدمة بجمهور واسع من الزبائن ، فهناك الكثير من الزبائن يقدمون على طلب الخدمة في نفس الوقت و نفس المكان و أكيد تنشأ علاقات فيما بينهـم و يؤثر نوع هذه العلاقات على جودة الخدمة و تلبية الرغبة لدى الزبائن .
بعدما تعرضتا إلى إنتاج الخدمة و عناصرها ، يمكن تناول العوامل المؤثرة في تقديم الخدمـة والمتمثلة في الجودة والتمييز والإنتاجية،و هي التحديات الثلاثة التي تواجهها المؤسسة في المنافسة الشديدة .
II _ 2 _ 1 _ الجـــودة :
تعرف جودة الخدمات اهتماما متزايدا من طرف مسوقي الخدمات فعندما تتشابه الخدمة بين مؤسسة و أخرى مثل فتح حساب في بنك ، يصبح تقييم الزبون لجودة الخدمة هو المحدد الأساسي لتعامل الزبون مع مؤسسة بذاتها دون مؤسسة أخرى .
و يقصد بجودة الخدمات من وجهة نظر الزبون ” تطابق الخدمة الفعلية مع الخدمة المتوقعة ” (1)
و تعني جودة الخدمة أيضا “نوعية الخدمات المقدمة و المتوقعة و المدركة و هي المحدد الرئيسي لرضى
(1) : عمرو خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 279 .
المستهلك أو عدم رضاه ” ، لذلك تجعل بعض المؤسسات هذه المسألة من أولويات العمل لديها لتعزيز جودة الخدمة . (1)
إن الخدمة ذات النوعية الجيدة تلك التي في وضعية معينة ترضي الزبون (2) و يعتبر مشكل الجودة معقد في المنتجات المادية أو الملموسة ، و هو أكثر تعقيدا بالنسبة للخدمات ، و يمكن القول أن هناك عنصرين تقوم عليهما الجودة ، الأول موضوعي و الثاني ذاتي ، الجودة الموضوعية هي تلك التي تنجر عن المكونات الفيزيائية للمنتج ، أما الجودة الذاتية هي القيام بإرضاء المستهلك بواسطة مدركاته ، و توقعاته ، و الخصائص التي يتصورها و المتعلقة بالمنتج .
إن جودة الخدمات ليست إلا جودة النتيجة ، الشيء الذي يعني أن المسير له أيّة وسيلة لتأمين مستواه قبل استهلاكها من طرف الزبون ، لأن هناك تزامن الإنتاج و الاستهلاك ، هذه الجودة يمكن قياسها موضوعيا ، و لا يمكن مراقبتها قبل أن يتم بيعها .(3)
و يتحدد تقييم الزبون للجودة بناءًا على ما يطلق عليه سلاسل الخدمة و لحظات الاختيار، و نعني بسلاسل الخدمة سلسلة من الأحداث التي يمر بها الزبون و هو يطلب الخدمة ، أما لحظات الاختبار فهي كل مرة يحدث فيها تفاعل بين الزبون و المؤسسة و يخرج منها الزبون بانطباع عن جودة خدمتها .(4)
و يمكن توضيح ذلك بإعطاء مثال شركة الطيران و يمكن أن تظهر لحظات الاختبار فيما يلي 5)
الاتصال التليفوني بالمؤسسة طلبا للمعلومات .
وصول الزبون لمقر المؤسسة و التوجه إلى صفوف الانتظار .
انتظار الزبون في صف الانتظار .
التعامل وجها لوجه مع موظف الخدمة .
حساب القيمة المطلوبة و استخراج الفاتورة .
انطلاق الزبون بحتا عن بوابة المغادرة .
انتظار الزبون في قاعة المغادرة بالمطار انتظارا للطائرة .
ركوب الزبون الطائرة .
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويقي المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 232 .
(2) ,(3) : P .EIGLIER , E –Langeard , « Servuction : Le marketing des services» , p 90 .
(4)،(5) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 280 / 281 .
بحث الزبون عن مقعده و هكذا .
و يرى ” Albercht ” ” أنه يتعين على المؤسسات الخدمية أن تفكر في أمرين هامين إذا أرادت تحقيق الامتياز في الخدمة ،هما تفهم و تحليل مكونات أي لحظة اختبار و تفهم عوامل الجودة عند كل لحظة اختبار ، فهل يشعر الزبون شعورا طيبا بالنسبة لسعر التذكرة ؟ و هل حصل على مقعد ملائـم و مريح ؟ و هل تمت الرحلة في موعدها أو تأخرت ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة ” (1)
وقد قدم كل من(” Berry “,” Zeithaml”,” parasurman ) نموذجا لنوعية الخدمة والمتطلبات الرئيسية لتقديم نوعية الخدمة المتوقعة حيث يحدد المناطق الأساسية التي يمكن أن تسبب فشل أداء الخدمة : (2)
الفجوة ما بين توقعات الزبون و تصور الإدارة : فإدارة المؤسسة قد لا تمتلك تصورا صحيحا عمّا ينتظره أو يريده المستهلكين ، على سبيل المثال قد تفكر إدارة مستشفى أن المرضى يريدون طعاما أفضل إلاّ أنهم يهتمون أكثر بمدى استجابة الممرضين .
الفجوة بين تصور الإدارة و ميزان نوعية الخدمة : إدارة المؤسسة قد تضع أو تحدد قواعد النوعية غير واضحة أو غير مناسبة ، فقد تطلب إدارة المستشفى من الممرضات تقديم خدمات سريعة دون تحديد نوع هذه الخدمة عددها من الناحية الكمية مما يخلق فجوة في مجال تقديمها .
الفجوة بين خصائص نوعية الخدمات و تقديمها : يمكن أن يعيق تقديم الخدمات الكثير من العوامل منها مستخدمين غير قادرين على تقديم الخدمة بكفاءة ، تعطل التجهيزات ، مثلا في بنك معين قواعد الإنتاجية التي تدفع بالفعالية القصوى للمستخدمين تدخل في صراع مع الأهداف التسويقية من ناحية الاتصال اللطيف و الودِّي مع كل زبون .
الفجوة بين القيام بالخدمة و الاتصالات الخارجية : تتأثر توقعات الزبائن بالتصريحات التي يدلي بها ممثلوا المؤسسات في الإعلانات ، فإذا ظهر في إحدى غرف المستشفى مثلا غرفة غير جميـلة و نظيفة ، فهنا الزبون يرى عكس ما سمعه أو قرأه في الإعلان .
الفجوة بين الخدمة المتصورة و الخدمة المتوقعة : تنتج هذه الفجوة عن جميع الفجوات السابقة ، حيث تظهر الفجوة عندما يقيس الزبون الأداء بطريقة مختلفة و لا تكون نوعية الخدمة كما كان يتصورها .
(1) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 282 .
(2) : PH –Kotler et B.Dubois , « Marketing management » , op-cit , p 461 .
و يمكن توضيح الفجوات الخمس في نموذج نوعية الخدمة المقدمة في الشكل التالي :
الشكل رقم 11 : ” نموذج نوعيــة الخدمــة المقدمــة “
المصدر : ( PH . Kotler , « Marketing managment » , op-cit , p 462 )
و هناك عدة متغيرات ذات علاقة بنوعية وجودة الخدمة المقدمة إلى المستهلكين و هي : (1)
التجهيزات المادية الملموسة : و نعني بها الجزء المادي المرتبط بالخدمة كملابس العاملين في المطعـم و ديكور المطعم .
الثقــة : و هي قدرة المؤسسة على إنجاز الخدمة التي وعدت بتقديمها إلى المستهلكين بشكل دقيق و صحيح و ثابت في كل مرة تقديم .
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 232 .
الاستجابة : و يقصد بها رغبة و استعداد و قدرة موظفي المؤسسة على تقديم الخدمة المناسبة لزبائن المؤسسة .
الثقة المتبادلة أو الطمأنينة : و تعود إلى معرفة و حسن الضيافة للموظفين و قدرتهم على زرع الثقة بينهم و بين مستهلكي الخدمة .
العنايــة : و يقصد بها ذلك المجهود الذي يبذله مقدم الخدمة في فهم احتياجات الزبـون و تفصيل الخدمة حسب احتياجاته .
و في الواقع ، المؤسسة الخدمية التي تريد النجاح عليها بتوجيه اهتمامها لزبائنـها و موظفيها ، و ترى أن اشباع حاجات الموظفين و الزبائن من شأنه أن يؤدي إلى زيادة أرباح المؤسسة الخدمية فيما يطلق عليه بسلسلة الربح – الخدمة و التي تتكون من خمس حلقات كالتـالي ( و هذا ما أكدهHeskett , schlesingen 1994 ) : (1)
الجودة الداخلية للخدمة : و يقصد بها اختيار أحسن للموظفين و تدريبهم و تحسين مناخ العمل داخل المؤسسة و الدعم المستمر لموظفي الخدمة الذين يتعاملون مباشرة مع الزبائن .
إشباع حاجة الموظفين و رفع انتاجيتهم : و نقصد بذلك زيادة ولاء الموظفين و رفع إنتاجيتهـم و استعدادهم للعمل بشكل أكثر جدية .
أداء أفضـل للخدمة : و يقصد بذلك قيام الموظفين بتقديم خدمة أفضل و تحسين كفاءة و فعالية تقديم الخدمة من وجهة نظر الزبائن .
زيادة أرباح المؤسسة الخدمية و نموها : و الذي يعني مؤسسة خدمية ناجحة و متميزة و ذلك بتطبيق العناصر السابقة الذكر .
II _ 2 _ 2 _ التمييـــز :
يعاني مسوقوا الخدمات كثيرا من صعوبة تمييز خدماتهم عن خدمات منافسيهم ، إن عدم انتظام عدد من الأسواق الخدمية (مثل الاتصالات، النقل، الطاقة و البنوك ) تزيد من هذا المشكل وأوجدت منافسة سعرية حادة ،و الحل في مواجهة المنافسة السعرية يكمن في تمييز صورتها ، و تطوير
(1) : عمرو خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 286 .
عرض متميز و إضافة تحسينات على الخدمات المقدمة ، و بشكل خاص في مجال التسليم و الرمـز ( استخدام علامة مميزة ) ، في الخطوط الجوية مثلا تقوم بعض المؤسسات بتقديم خدمات ثانوية مثل الأفلام السينمائية و المقاعد الحديثة و سلع للبيع و الهواتف الجوية ، لكن يبقى مشكلا رئيسيا قائما ، و هو أن معظم الابتكارات يمكن تقليدها بسهولة و مع ذلك فإن المؤسسات الخدمية تواصل ابتكاراتها الخدمية بانتظام لتحصل على سلسلة من الفوائد في مواجهة منافسيها .(1)
و يمكن للمؤسسات الخدمية أن تميز ايصال خدماتها بثلاث طرق ، من خلال الناس و البيئة الطبيعيـة ومن خلال الأداء ، عن طريق الاعتماد على أشخاص لهم القدرة على الاتصال بالزبائن بشكل يميزهم على منافسيهم،كما يمكن للمؤسسة أن تطور البيئة المادية وجعلها أكثر جذبا ليتم تقديم الخدمات فيما مثل الألعاب ، إلى جانب إمكانية تصميمها لعملية تسليم الخدمات الممتازة مثل عمليات الصيرفة المنزلية.(2)
II _ 2 _ 3 _ الإنتاجـــية :
تقع مؤسسات الخدمات تحت ضغط كبير لزيادة إنتاجيتها ، حيث أن نشاط الخدمة يستهلك يد عاملة ، فإن التكاليف ترتفع بسرعة (3)، و هناك ستة أساليب يمكن اتباعها من أجل تحسين إنتاجية الخدمات: (4)
تشجيع مقدمي الخدمات على العمل بجدية و مثابرة أكثــر .
زيادة كميــة الخدمة من خلال التنازل عن بعض النوعية .
تصنيع الخدمة من خلال تقييمها و استخدام معدات في إنتاجها .
التقليل من الحاجة للخدمات عن طريق إيجاد البدائل مثل صناعة القمصان التي لا تحتاج إلى الكوي قللت الحاجة إلى خدمات محلات الكوي .
تصميم خدمات ذات تأثير أكبر ، فعيادات الإرشاد لتقديم نصائح الإقلاع عن التدخين قد تقلل الحاجة إلى خدمات طبية مكلفة مستقبلا .
إعطاء محفزات للزبائن للمشاركة في إنتاج الخدمة مثال ذلك مطاعم الخدمة الذاتية .
(1), ( 3) : PH .Kotler et B.Dubois , « Marketing management » , op-cit , p 461/464 .
(2)،(4) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 237 .
و منه يمكن القول أن هذه العوامل الثلاثة تشكل صعوبات تعترض نشاط المؤسسة ،و في نفس الوقت التحكم فيها يسمح بنجاح المؤسسة في تسويق خدماتها،وخاصة الجودة فهي تعتبر العنصر الأكثر أهمية،لأن المنتج الخدمي غير ملموس ولإرضاء الزبون يجب توفير خدمة بالمواصفات التي يرغب فيها .
II _ 3 _ إستراتجـــية تسويق الخدمـات :
يتطلب تسويق الخدمات كما هو الحـال في تسويق السلع المادية تحديد السوق المستهدف و تطوير الخدمة التي تتناسب مع حاجات و رغبات الزبائن ، لكن تبقى عناصر المزيج التسويقي للخدمات من بين المتغيرات الأساسية في النشاط التسويقي للخدمات ، و لهذا الغرض سنتناول عناصر المزيج التسويقي في الجزء الأول و هذا باعتبارها العناصر التي تبني استراتيجية تسويق الخدمة ، و في الجزء الثاني نتناول استراتجيات تسويق الخدمات .
II _ 3 _ 1 _ المزيـــج التسويقي للخدمــات :
يتألف المزيج التسويقي من المنتج، التسعير ، التوزيع ، الترويج لكل من الخدمات و المنتجات المادية غير أن ” Sally Dibb” أشارت على أنه من الممكن إضافة عناصر أخرى إلى المزيج التسويقي للخدمات لتزيد من سعة نطاقة و بما ينسجم مع الخصائص المميزة للخدمات هذه العناصر هي العمليات ، الشهادات الطبيعية ، الناس أو الأفراد .(1)
و فيما يلي أهم عناصر المزيج التسويقي للخدمات :
(أ) _ الخدمـــة :
إن التخطيط لا يقتصر على السلع فقط ، و إنما يمكن التخطيط للخدمات لتقديمها في الوقت المناسب و النوعية المطلوبة و الاهتمام بتطويرها في كافة المجالات .(2)
كما يمكن لمسوقي الخدمات اتخاذ قرارات متعددة بشأن تصور جودة الخدمة ،و المستخدمين اللذين يقدمون الخدمات ،و محيط الخدمة فيما يتعلق بالجانب الملموس كالسلع المستعملة و الديكور ، إضافة إلى مراحل تقديم الخدمة و ذلك بتخطيط هذه المراحل و تجنب المشاكل كالانتظار الطويل في البنـوك ، و عند الأطباء .(3)
(1) : أنظر الملحق رقم 2 .
(2) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 225.
( 3) : R –Darmon et autres , « Le Marketing : fondements et applications » , op-cit , p 836 .
و يمكن تقسيم الخدمات إلى ثلاثة مجموعات ، و ذلك بناءا على السلوك الشرائي لطلب الخدمة إلى خدمات ميسرة ، و خدمات التسوق و الخدمات الخاصة .
فالخدمات الميسرة هي الخدمات التي يغلب عليها طابع التكرار و التي يحصل عليها الزبون ببذل أقل مجهود و من ثم فإنه يفضل الحصول عليها من أقرب مكان مثل خدمات تنظيف الملابس و خدمات إصلاح الأحذية .
أما خدمات التسوق فهي تلك الخدمات التي يقوم فيها الزبون بإجراء المقارنات في السعـر و الجودة و الملائمة قبل شرائها و من أمثلة هذه الخدمات ،خدمات إصلاح السيارات و خدمات التأمين .
و الخدمات الخاصة هي تلك الخدمات التي يقوم الزبون يبذل مجهود خاص ،أو يتحمل تكلفة إضافية للحصول عليها ،و من أمثلتها ،الخدمات التي يقدمها طبيب مشهور أو محامي متخصص .(1)
(ب) _ التسعيـــر:
نظرا لعدم ملموسية الخدمة ، يصعب تحديد أسعارها ، لأن تحديد التكلفة المرتبطة بتقديم الخدمة أمر صعب تحديده ، فبعض الخدمات و خاصة المهنية كخدمات الطب و المحاماة ترتبط بالحالة التي يتعرض فيها مقدم الخدمة في كل مرة ، و عليه فإن كل من مستفيد من الخدمة و مقدمها لا يعرف تماما مقدار التكاليف قبل إنتاج الخدمة و استهلاكها .(2)
و يلعب السعر أدوار مختلفة في الاستراتجيات التسويقية لمؤسسات الخدمات و تتمثل فيما يلي :
يمثل السعر جانب استراتيجي لأنه يحدد الميزة التنافسية ، فالمؤسسات التي تمارس استراتيجية السيطرة على التكاليف تقوم بتحديد أسعار خدماتها على حسب الزبائن ، هذه السياسة هي محدودة على الأجل الطويل ، لأن المنافسين سرعان ما يراجعون أسعارهم ، و منه تجد المؤسسة صعوبة في تسيير علاقة متواصلة مع زبائنها ، و بالتالي تصبح هذه الاستراتيجية غير مربحة إلاّ إذا قامت المؤسسة موازاة مع ذلك بعرض خدمات ذات جودة عالية بتكلفة منخفضة مقارنة بالمنافسين ، و كذلك عليها أن تحتفظ بهذه الميزانية على المدى الطويل .
يعتبر السعر عاملا محددا لتسيير الطلب ، فقطاع الخدمات هو موضوع كثير التنوع للطلب حسب الفترات ، فخلال بعض الساعات من اليوم مثلا مطعم ليس له القدرة على الاستجابة للطلب ، فمسؤولوا التسويق يغيرون الأسعار حتى يتعدَّل الطلب .
(1) ، (2) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 276 / 277 .
يسعى السعر أيضا لمكافئة أحسن الزبائن ، و تشجيع ولائهم و إخلاصهم للمؤسسة ، و خاصة إذا كانت السياسة السعرية لها ميزات بحيث الزبائن المفضلين يمكنهم الاستفادة من تخفيضات معينة .
تعتبر البنوك ، الفنادق ، مؤسسات التأمين ، السعر كعنصر يسهِّل بيع الخدمات المتقاطعة ، فالخدمات المختلفة للمؤسسة تقتسم بعض التكاليف و تنتج عن نفس الهياكل القاعدية ، و لسياسة أكثر عدالة تتضمن الاتفاقات على خدمات مجزئة ، تتناسب مع سعر محدد ، و من أجل ذلك لا يستطيع الزبون الحصول على خدمة متفرقة ، فاتفاقات نهاية الأسبوع بالنسبة للفنادق تنشط الطلب و بالتالي الحصول على مردودية الخدمات الإضافية .
السعر هو في الأخير عنصر تمييز و تفرقة بين أجزاء السوق المختلفة ،لأن يصاحبه مستويات الخدمة المختلفة . (1)
و لصياغة استراتيجية التسعير البعض بأكد بعين الاعتبار الطلب على الخدمة أو الإنتاج ، التسويق ، التكاليف الإدارية و تأثير المنافسين و يلاحظ أن المنافسة السعرية في سوق الخدمات تعتبر محدودة ، أما الأسعار التفاوضية فهي تلعب دورا أساسيا في تسعير الخدمات الخاصة مثل تصليح السيارات و الاستشارات القانونية و المالية ، و بحوث التسويق ، و تأجير المعدات ، و التأمين ، و خدمات الأمن و الحماية . (2)
(ﺟ) _ التوزيــــع :
يوجد تنوع كبير لقنوات التوزيع بالنسبة للخدمات ، المؤسسة المقدمة للخدمة يمكنها البيع مباشرة للزبون أو المرور عن طريق الوسطاء .
البيع المباشر أو التوزيع المباشر يتم عن طريق قدوم الزبون للحصول على الخدمة مثل كراء السيارات ، خدمات السينما و الطب ، أو الذهاب للزبون كالخدمات الكهربائية ، هذه الطريقة تضمن لمؤسسة الخدمات المراقبة الجيدة بجودة الخدمة و الكثير من المؤسسات تستخدم الوسطاء كوكلات السفر والنقل، و التأمين و الاعفاءات ” Les Franchires ” ، خدمات التصريح بالمداخيل ، العقارات إلى غير ذلك(3) و يمكن توضيح قنوات التوزيع في الشكل التالي :
(1) : G–Toquer,M –Longlois ,«Le marketing des services : le défi relationnel » , op-cit , p 89/90 .
(2) : شفيق حداد ، نظام السويداني ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 257.
( 3) : R –Darmon et autres , « Le Marketing : fondements et applications » , op-cit , p 837/838 .
الشكل رقم 12 : ” قنــوات توزيع الخدمــات “
المصدر : ( شفيق حداد ، ” أساسيات التسويق ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 258 )
و بما أن الخدمات غير ملموسة ، فمفهوم التوزيع المادي ليس موجود في توزيع الخدمات .
(د) _ الترويــــج :
بما أن الخدمات غير ملموسة يصعب بالتالي الترويج لها في وسائل النشر المختلفة من صحف و إذاعة و تلفزيون ، إذ يجب على الرسالة الترويجية التركيز على المنافع و الاشباعات التي تحققها الخدمة أكثر من الخدمة ذاتها ، و تقوم الرسالة الإعلانية للكثير من الخدمات بالتركيز على الجوانب الملموسة التي يمكن للزبون رؤيتها و الإحساس بها ، حيث يركز الإعلان لشركات الطيران مثلا على حداثـة طائراتها و بشاشة المضيفين و المضيفات .(1)
كما أن الرسالة الترويجية تسمح بإعطاء المعلومات المتعلقة بميزات الخدمة و توفرها ونقاط بيعها وسعرها، و تسمح أيضا بإعلام المستهلك بدخول خدمات جديدة ، و أيضا تحسين سمعة مقدم الخدمة ، و يسمح الإعلان بتخفيض الخطر المتوقع عن الشراء ، فالإعلان يخدم و يحفز و يشجع المستخدمين بتقديم أحسـن خدمة .
إن الإعلان و تنشيط المبيعات لهم دور كبير في مزيج الخدمات ،فمعظم تقنيات تنشيط المبيعات تستعمل لإعادة توزيع الطلب ( نحو فترات مجوفة ” Creuse ” ) أو إدخال خدمة جديدة .(2)
و أخيرا يلعب النشر دورا كبيرا في المزيج الترويجي للمؤسسات الخدمية خاصة تلك التي لا تهدف إلى الربح ،حيث لا يستطيع الكثير منها تحمل تكلفة الإعلان و يعتبر النشر عن خدماتها أكثر مصداقية من
(1) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 278 .
(2) : R –Darmon et autres , « Le Marketing : fondements et applications » , op-cit , p 838 .
الإعلان ، هذا و يلاحظ من النادر جدا الإعلان عن الخدمات المهنية كالطب و المحاماة في التلفزيون مثلا ، و يرجع ذلك إلى الضغوط من طرف نقاباتهم و عدم القبول الاجتماعي لذلـك حتى الآن .(1)
إن المشاكل الرئيسية الناشئة عن خصائص الخدمات تحتم على مسوقي هذه الخدمات تبني استراتجيات تسويقية قادرة على تذليل هذه المشاكل و منها جعل الخدمة أكثر ملموسة و ذلك بتطوير الغرض المادي الذي ينوب عن الخدمة ، أو محاولة الجمع بين الخدمة و الغرض الملموس منها .
أما مشكلة عدم إمكانية فصل الخدمة عن مقدمها ، بسبب اشتراك المستفيد في إنتاج الخدمة ، يمكن حلها بإتباع استراتيجية واضحة لاختبار و تدريب مقدمي الخدمة بكيفية التعامل مع المستفدين عند تقديم الخدمة .
و يمكن معالجة مشكلة التغيير و التقلب للخدمة عن طريق استخدام استراتيجية ما يسمى بتصنيع أو تخصيص الخدمة ، أما الاستراتجيات التي يمكن اتباعها لحل مشكلة تنوع الخدمة هي زيادة متابعة الخدمة ، تقليل الشعور بالمخاطرة ، الاتجاه نحو المكننة في تقديم الخدمة .(2)
و تلقى خاصية الفناء السريع و تقلب الطلب على المؤسسات الخدمية مزيد من التحديات في مجال تخطيط الخدمة و الترويج و التسعير(3)، و الاستراتيجية المتبعة من طرف بعض المؤسسات الخدمية لإحداث التوازن بيع العرض و الطلب على الخدمات هي إيجاد حلول أصلية لرفع العرض أثناء الساعات التي تعرف زيادة الطلب ،مثلا المشكل المتعلق بالبنوك فيما يخص الانتظار الطويل و لخدمتهم في الشباك ، تستعمل البنوك مستخدمين إضافيين ، أو إدخال شبابيك أتوماتيكية (4)، و أيضا بالنسبة للعديد من المؤسسات الفندقية تقوم بمنح خصومات في أسعار الإقامة في الفترات التي تنخفض فيها نسبة الأشغال ، كما تقوم العديد من شركات التليفون بوضع تعريفة منخفضة للمكالمات الليلية .(5)
II _ 3 _ 2 _ استراتيجـيـات تسويق الخدمــات :
يمكننا تناول مختلف الاستراتجيات في مختلف منظمات الأعمال و غير الأعمال فيما يلي :
(1) ، (5) : عمر و خير الدين ، ” التسويق : المفاهيم و الاستراتجيات ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 270 / 271 /278 .
(4) : R .Darmon et autres , « Le Marketing : fondements et applications » , op-cit , p 829/838 .
(2) ، (3) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 224 / 225 .
(أ) _ تسويـق الخدمة في منظمات الأعمال :
تولي معظم المؤسسات اهتماما كبيرا للحصول على الأرباح من خدماتها حيث كانت في بعض الأحيان تتلقى مقابل مالي عن الخدمات المقدمة سابقا مع المنتجات المادية ،و أحيانا أخرى تسعر خدماتها ، و على سبيل المثال صناعة السيارات حيث تجني معظم الأرباح من خلال بيع التمويـل و التأمين و التصليح و العقود إلى جانب أرباحها المتحققة من بيع السيارات .
و يمكن لمنظمات الأعمال بشكل عام أن تتبع ستة طرق من أجل خلق و تطوير النشاطات الخدمية :
إعادة تهيئة منتجاتها بأسلوب نظامي : حيث يمكن للمؤسسات بيع إنتاجها فقط أو قد تقوم بتطبيق برامج خدمية تستجيب للمزيد من احتياجات الزبائن و على سبيل المثال المؤسسات المنتجة للأسمدة إضافة على منتجاتها تقوم بتقديم النصائح العلمية في هذا المجال .
تطوير الخدمات الداخلية للمؤسسة إلى خدمات خارجية للمبيعات : حيث تقوم بعض المؤسسات بتطوير إمكانياتها الداخلية في مجال الخدمات و بيعها إلى مؤسسات أخرى كما فعلت مؤسسة ” XEROX ” التي طورت برنامجها الداخلي في تدريب رجال البيع و تمكنت من بيعه لاحقا على مؤسسات أخرى .
تقديم الخدمات إلى مؤسسات أخرى بالاستفادة من مرافقها المادية : حيث يمكن للمؤسسات أن تستثمر في مرافقها المادية و توجه خدماتها إلى مؤسسة أخرى ، كما فعلت شركة “كميرلي كلارك ” التي قامت بتوسيع نشاطها في تشغيل و صيانة أسطول طائراتها على مؤسسات أخرى لذات الاختصاص .
عرض إدارة المرافق المادية لمؤسسات أخرى : حيث يمكن أن تتعاقد المؤسسة لإدارة مرافق تعود لآخرين مثل المزارع و المقاهي و مراكز المعلومات …الخ .
بيع الخدمات المالية : قد تقوم بعض مؤسسات المعدات من أجل الحصول على الأرباح بتمويل مشتريات الزبائن في مجال القروض التجارية و العقارية محققة أرباح بتقديمها لهذا النوع من الخدمات .
التحرك باتجاه خدمات التوزيع : حيث يمكن لبعض المؤسسات الإنتاجية و منظمات الأعمال أن تتكامل في مجال امتلاك و تشغيل المنافذ التسويقية لمنتجاتها .
(ب) _ التسويـق ضمن منظمات الخدمـة :
اختلفت وجهات النظر بصدد الطريقة التي ينبغي أن ينظم بها التسويق في مجال الخدمات، فالمؤسسات الصناعية تكون منتظمة في كل خطوطها الوظيفية حيث هناك قسم يعني بالتصنيع و قسم آخر للمستخدمين و قسم للتسويق ، أما في مؤسسات الخدمات نجد أن إنتاج الخدمة و تسويقها يكونان قسما واحدا بسبب أن الخدمات لا تخزن و أن الإنتاج و الاستهلاك يحدثان في وقت واحد ، و العملية الخدمية وفقا لهذه الصورة يجب أن تصمم منذ البداية لغرض التوفيق ما بين الحاجة التشغيلية لتحقيق أعلى مستوى من الإنتاجية و الحاجة التسويقية لإرضاء المستهلك .
و العديد من الخبراء يؤكدون على عدم تخصيص قسم للتسويق في مؤسسة الخدمة و يعود السبب إلى أن إيجاد قسم للتسويق منفصل يجعل من باقي إطارات المؤسسة اللذين يحسون أن المهمة التسويقية من مسؤولياتهم يؤثرون بشكل أو آخر في نوعية الخدمات التي تقدمها ، لأن معظم الخدمات تتطلب الاتصال الشخصي مع الزبائن كالبريد و المطاعم …الخ
(ﺟ) _ التسويـق في منظمات غير الأعمال ( التي لا تهدف إلى الربح ) :
هناك نوعين أساسين ، المنظمات الخاصة غير الربحية و منظمات القطاع العام ، و تحديد هذه المنظمات يعتبر عملا ليس سهلا و الفرق الوحيد هو أن نشاطات صناعة الربح ليست ضمن هدفها الأساسي و الأرباح التي يتم جنيها تستثمر في نشاطات تخدم المجتمع و تحمي مصالح أعضائها و يعرف ” Bloiss ” منظمات غير الأعمال بأنها المنظمات التي لا يكون هدفها الأساسي إقتصادي ، و لكنها قد تعتمد على نشاطات غير مربحة أثناء مواصلة ذلك الهدف ، فمنظمات القطاع العام تكون مسؤولة تحت الجهاز الحكومي و يسيطر عليها ، و بشكل عام فإن لأهداف هذه المنظمات أثر في طبيعة العمليات التسويقية المرافقة لأدائها الخدمة .(1)
( د ) _ استراتجيات تسويـق مؤسسات الخدمـة :
يشير “PH.Kotler ” إلى أن هناك صعوبة في المؤسسات الخدمية حيث أن باستخدام أسلوب التسويق التقليدي يتم تقييس الإنتاج في المؤسسات الإنتاجية بشكل جيد و توضع الوحدات إلى جانب حتى يصل الزبون إليها،أما في المؤسسات الخدمية هناك عوامل أخرى فالمصرّف مثلا يرى موظفين
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 239 /…/ 243 .
و يتعامل مع موظف التسليف ،كل ذلك يشاهده و يراه المصرّف أما عملية الإنتاج فهي غير ظاهـرة و تتمثل في الفرق الخلفية و التنظيم الذي يساعد النشاط الخدمي المنظور، و هكذا تتأثر نتيجة الخدمة بعدد من العوامل المختلفة (1)، و نظرا لهذا التعقيد يرى بعض الباحثين بأن تسويق الخدمة لا يتطلب تسويقا خارجيا فقط ،ولكن أيضا تسويقا داخليا و تسويقا تفاعليا و الشكل التالي يوضح ذلك :
الشكل رقم 13 : ” الأنواع الثلاثة لتسويق الخدمات “
المصدرJ.Lendrevie ,D–Lindon , « Marketing : Théorie et pratique de marketing », op-cit , p 704 . )
– التسويق الخارجـــي : يصف الأنشطة التقليدية للتسويق كاتصال المؤسسة لجذب انتباه السوق ، غالبا يكون الأمر بالنسبة للمستهلكين ، لكن أيضا الموزعين المستقلين ، هذه الأنشطة تخدم تأمين الترويج للخدمات و تخلق تعريف أو هوية للمؤسسة القوية و تميزها عن المنافسين لها .(2)
إن التسويق الخارجي هو تسويق الدراسة ، و التجديد ، و الاتصال و تنشيط المستخدمين الذين يمثلون اسم المؤسسة ( وكالات السفر بالنسبة لمؤسسات الطيران أو الوكالات المستقلة بالنسبة لمؤسسات التأمين ) .(3)
(1) : محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 239 /…/ 243 .
(2) : G–Toquer , M.Longlois , « Le marketing des services : le défi relationnel » , op-cit , p 36 .
(3) : J.Lendrevie , D – LINDON , « Mercator : théorie et pratique de marketing » , op-cit , p 703 .
– التسويق التفاعلــي : يصف مهارات العاملين في خدمة الزبون حيث يتم باستمرار على أن أهم المساهمات التي يقدمها قسم التسويق هي القدرة على جعل كل فرد في المؤسسة يمارس التسويق ، فالزبون يقدر نوعية الخدمة ليس من خلال نوعيتها الوظيفية فقط (مثلا هل أن الجراح أبدى اهتماما؟) بل أن المستخدمين و مقدمي الخدمات عليهم أن يقدموا لمساتهم الرائعة مع التكنولوجيا المتطورة .(1)
– التسويق الداخلـــي : يتعلق بمجموعة الأنشطة التجارية في وسط المؤسسة ، يتضمن أجزاء مختلفة ، و يجب أن تستجيب لتوقعات محددة ، إرضاء المستخدمين هو عنصر مهم و هو يؤثر مباشرة على الجوانب الأخرى للتسويق (2)، و يتم الإرضاء يتحفيزهم و تدريبهم على خدمة الزبائن بشكل جيد و كفؤ .(3)
و منه يمكن القول أن المزيج التسويقي للخدمات يختلف عن المزيج التسويقي للمنتجات المادية ، و هذا راجع إلى طبيعة الخدمات و خصائصها المختلفة التي تؤثر على الوظيفة التسويقية ككل ، و هذا بدوره على الاستراتيجية التسويقية للخدمة التي هي مبنية على الاستراتجيات الأربعة المتعلقة بالمزيج التسويقي ، إلاّ أنه نظرا لاتصال الزبون المباشر بمقدم الخدمة ، لوحظ أن التسويق الخارجي لا يكفي لذا وجب اعتبار متغيرات تسويقية أخرى كالعمليات و الشهادات الطبيعية و الأفـراد ، و اختيار الاستراتيجية المناسبة و القرارات المواتية وفقا للأهداف المسطرة من قبل المؤسسة .
(1) ، (3): محمود جاسم الصميدعي ، ” مداخل التسويق المتقدم ” ، مرجع سبق ذكره ، ص 244 .
(2) : G.Toquer,M –Langlois , « Le marketing des services : le défi relationnel » , op-cit , p 37 .
خلاصــة الفصل الثانـي :
تحتل الخدمات مكانة هامة في اقتصاديات الدول المتطورة ، و تعرف بأنها عبارة عن تجارب زمنية صادرة عن الزبون خلال تفاعله مع مقدمي الخدمات أو حوامل مادية أو تقنية ، و تتميز الخدمات بخصائص رئيسية تميزها عن السلع المنظورة و هي تؤثر في تصميم البرامج التسويقية و صياغة الاستراتجيات التسويقية و من بينها عدم الملموسية ، تقدم و تستهلك في نفس الوقت ، و أنها متباينة بحيث لا يمكن تقديم خدمات متجانسة في الوقت و المكان ، إضافة إلى خاصية الفناء السريع بمعنى لايمكن تخزينها لاستخدامها في وقت آخر .
و لفهم طبيعة الخدمات لا يمكن عزلها عن السلع المادية من خلال تحليل العلاقة القائمة بينهما و من ثم تصنيفها إلى خدمات خاصة و خدمات مصاحبة للسلع و يساعد أيضا فهم طبيعة الخدمات في توفير الموارد اللازمة و بناء القـرارات المناسبة و يعطي تصنيفها أيضا فهما أفضل للخدمـة و صياغة الاستراتيجية التسويقية و الخطط .
و قد عرفت الخدمة توسعا كبيرا في الدول المتطورة نتيجة لتطور التكنولوجيات في كل المجالات كالاتصالات و المعلومات ، و أصبحت كقطاع جوهري في إقتصاد الدول و المحـرك الأساسـي و الفعّال في الاقتصاد العالمي مما يوجب ضرورة اعتماد تسويق خاص أي تسويق الخدمات .
و يحتل عرض الخدمة أهمية خاصة في تسويق الخدمات فهي مثل سياسة المنتج في تسويق السلع المادية ، و يتشكل عرض الخدمات من مجموعة من الخدمات الفردية و المعرفة الجيدة لمكوناته يسمح بالتحكم فيها و تلبية رغبة الزبون ، و الأخذ بعين الاعتبار مراحل دورة حياة الخدمة بمعرفة الطرق و الوسائل اللازمة لتنفيذ القرارات المناسبة لكل مرحلة .
و تشكل العوامل المؤثرة في تقديم الخدمة ، الجودة ، و التمييز ، و الإنتاجية صعوبات تعترض نشاط المؤسسة و تؤثر في أدائها ككل ، و التحكم فيها يسمح بنجاحها في تسويـق خدماتها و خاصة الجودة حيث تعتبر العنصر أكثر أهمية لأن المنتج الخدمي غير ملموس ، و لإرضاء الزبون يجب توفير خدمة بالمواصفات التي يرغب فيها ، كما يتطلب تسويق الخدمات تحديد السوق المستهدف و تطوير
الخدمة التي تتناسب مع حاجات و رغبات الزبائن ، لكن تبقى عناصر المزيج التسويقي للخدمات من بين المتغيرات الأساسية في النشاط التسويقي للخدمات ، و نظرا للمشاكل الرئيسية الناشئة عن خصائص الخدمات يجب على مسوقي الخدمات تبني استراتجيات تسويقية قادرة على تذليل هذه المشاكل و تسويقها بسهولة ، إضافة إلى ذلك اتصال الزبون مباشرة بمقدم الخدمة يجعل التسويق الخارجي لا يكفي لذا وجب اعتبار متغيرات تسويقية أخرى و اختيار الاستراتيجية المناسبـة و القرارات الفعَّالة وفقا للأهداف المسطرة من قبل المؤسسة ، و في هذا الصدد سنتناول دراسة بعض متغيرات النشاط التسويقي للخدمات الاشهارية في المؤسسة العمومية للإذاعة المسموعة في الفصل التطبيقي
الإستشارات التسويقية والإدارة