السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…….اخواني واخواتي في منتدى العلوم الهندسية مرحبا بكم مجددا مع اللقاءت الشيقة مع العناصر الشقية !
لقانا اليوم له مذاق خاص وخصوصا مع المهتمين بالرشاقة ….فلقانا اليوم مع عنصر كيميائي ذو اسم رشيق .ويصبح هذا اللقاء الثامن ضمن سلسلة مقابلات مع السادة عناصر الجدول الدوري.
و اود ان اذكر امرا مهما : – نرجوا منكم التكرم بالمشاركة في هذا اللقاء ولو بشي بسيط سواء معلومة اوصورة او فلاش او اي ابداع من ابداعتكم تتعلق بموضوعنا .
توجهنا الى الشقة 41 في الطابق الخامس من جدول مندليف الدوري، ورأينا لافتة تحمل الرمز Nb . طرقنا الباب فاستقبلنا عنصر ذو اسم جميل ورشيق هو النيوبيوم، حيث كان معه هذا الحوار :
– السيد الرشق …نيومبيوم يشرفنا تواجدك بيننا في منتدى العلوم الهندسية، و باسمي وباسم الزملاء نرحب بك ويسعدنا تواجدك بيننا .
بسم الله ..خالق الكون وخالقي ..وخالق كل شي ….في البداية الحمدالله رب الارض،ثم اني اشكرك اخي عصام على هذا الحوار واشكر منتداكم الهندسي الذي بدا صيته ينتشر في مدينة العناصر العامرة.
-فضلا سيدي أخبرنا عن قصة اكتشافك، ومتى تم ذلك ؟
الواقع ان قصة اكتشافي قصة معقدة وغريبة وطريفة. ففي أوساط القرن السابع عشر تم العثور في حوض نهر كولومبيا بأمريكا الشمالية على معدن ثقيل اسود اللون ذي عروق مذهبة .
ونقل هذا المعدن الى إنجلترا لعرضه في المتحف البرياطني حيث ظل يعرض هناك لمدة 150 عاما تحت اسم خامات الحديد . وفي عام 1801م اهتم الكيميائي الشهير تشارلز هاتشت بهذا المعدن الجميل، وقام بتحليل عينة منه . وكانت النتيجة انه يحتوي فعلا على الحديد والمنجنيز والأكسجين، بالإضافة الى عنصر اخر مجهول، اطلق هاتشت عليه اسم “الكولومبيوم “.
تشارز هاتشت
– ولكن اين الغرابة والتعقيد في هذه القصة ؟
مهلا..فانتم لم تسمعوا بقية القصة. اذ بعد مرور عام واحد على اكتشاف الكولومبيوم تمكن العالم السويدي اندرس اكبرج من اكتشاف عنصر جديد اسماه “التنتالوم” ( سبق وتكرمتم باستضافته في منتداكم الكيميائي) ،
اندرس اكبرج
وتبين ان خواص التنتالوم والكولومبيوم متطابقة تماما، مما دفع العديد من العلماء الى الاقرار بان هذين العنصرين هما في الواقع عنصر واحد هو التنتالوم .
اذن كيف تم التفريق بينك وبين ذلك المشاكس التنتالوم ؟
بدا العالم الشهير برزيلوس يشك في وجهة النظر القائلة ان الكولومبيوم و التنتالوم هما عنصر واحد .
العالم برزيلوس.
وقد عبر عن ذلك في احدى رسائله الى تلميذه الكيميائي الألماني، حيث كتب ما يلي :
“اعيد اليك مادتك التى حيرتني فعلا . فقد طرحت عليها ما استطعت من الأسئلة، وكانت في كل مرة تتهرب من الإجابة بكلمات غامضة مبهمة. فحين سألتها: “هل انت التيتانيوم؟” كان الجواب :”الم يخبرك تلميذك فيولر بانني لست التيتانيوم؟” وقد تاكدت بنفسي من ذلك، م سألتها : “هل انت الزركونيوم؟ ” فاجابت”طبعا لا. فأنا أذوب في الصودا بينما السيد زركومنيوم لا يفعل ذلك” .
عندئذ سألتها: “هل انت القصدير؟” فقالت: “انني احتوي على القصدير ولكن بكمية قليلة جدا “. ثم سألتها هل انت التنتالوم؟ ” وكان جوابها : تجمعني معه صلة القربى، ولكنني أذوب تدريجيا في البوتاس الكاوي، و اترسب منه على شكل راسب بني اصفر”. وعندها صرخت متسائلا: “فمن انت ايتها الشيطانة الخبيثة؟ ” وبدا لي وكانني سمعت الجواب التالي :” لم يعط لي اسم حتى الان”. ولهذا اعيد لك هذه الشقية كي تقوم باستجوابها من جديد…” .
طيب ..هل نجح فيولر في استجوابك؟ ولماذا تم تغيير اسمك ؟
لم يتمكن فيولر من حل اللغز، وبقيت المشكلة قائمة حتى عام 1884م حين اثبت الألماني هنري روزي ان معدن الكولومبيت يحتوي على عنصرين مختلفين هما التنتالوم والكولومبيوم.
هنري روز
ثم استبدل روزي اسم الكولومبيوم باسم جديد هو “النيومبيوم” نسبة الى آلهة الحزن والعذاب نيوبا( حسب اعتقادهم الفاسد) ابنة تنتالوس الذي اشتق منه اسم عنصر التنتالوم. ولكن بعض البلدان مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ظلت تطلق علىّ اسم الكولومبيوم حتى عام 1950م حين قرر الاتحاد الدولي للكيمياء حل هذا الخلاف اللغوي، واقترح على الكيميائيين في جميع أنحاء العالم ان يطلقوا علىّ اسم “النيوبيوم” .
وقد حاول الكيميائيون في الولايات المتحدة وبريطانيا الغاء هذا القرار الذي اعتبره جائرا، وغير عادل، ولكن حكم الاتحاد الدولي كان نهائيا لا يقبل الطعن. وبدأت اظهر في المراجع الكيميائية والإنجليزية برمز جديد هو Nb .
– لماذا يطلق عليك اسم “فيتامين الفولاذ” ؟
استطعت ان ابرهن للعالم انني استحق هذه التسمية. فاضافة كمية مني الى الفولاذ الكرومي تحسن من لدونته، وترفع مقاومته للتآكل. كما ان اضافتي الى الفولاذ الذي لا يصدا تمنع حدوث التآكل بين بلوراته لانني احول دون تشكل كربيدات الكروم على الحدود الفاصلة بين حبيبات الفولاذ.
وكذلك تزداد مقاومة الفولاذ الانشائي للصدمات في درجات الحرارة المنخفضة عندما اضاف اليه،ويصبح هذا الفولاذ قادرا على تحمل الضغوط والاثقال المتناوبة الامر الذي يعتبر مهما في صناعة الطائرات .
– حدثنا عن علاقتك الاجتماعية بالعناصر الأخرى ؟
انا اقدم خدمات عديدة للعناصر الأخرى، فالألمنيوم مثلا يذوب بسهولة في القلويات، ولكنه لا يتفاعل معها اذا اضفت اليه بنسبة 0.05% فقط .
وكذلك يكتسب النحاس وسبائكه قساوة واضحة عند اضافتي اليه، في حين يصبح كل من التيتانيوم والزركونيوم والموليبدنوم اكثر مقاومة للحرارة عندما اضاف اليها .
في اطار العلاقات السياسية والاجتماعية هل تقدم لك العناصر الاخرى خدمات خاصة؟
نعم تقدم لي خدمات ردا للجميل .فالتنجستن والموليبدنوم يرفعان مقاومتي للحرارة. والألمونيوم يجعلني اكثر متانة، في حين يحسن النحاس من ناقليتي للكهرباء. وباتحادي مع التنتالوم استطيع مقاومة تأثير حامض الكبريتيك والهيدروكلوريك حتى في درجة 100 مئوية .
– دعنا نتوقف قليلا عند انجازاتك ونجاحك …ما هي استخداماتك الصناعية ؟
تصنع من سبائكي النقية بعض قطع الطائرات التى تفوق سرعتها سرعة الصوت، وبعض قطع الصواريخ الفضائية والأقمار الصناعية .ويتمتع قصديريد النيوبيوم(مركب ينشا من اتحادي مع اخوي القصدير) بقدرته المصلية الفائقة. كما تعطي الوشائج المغناطيسية المصنوعة من سبائكي وسبائك القصدير ،مجالات مغناطيسية هائلة، حيث يعطي مغناطيس قطره 15سم وارتفاعه 11سم، اذا لف فيه شريط من هذه السبيكة، مجالا مغناطيسيا شدته 100 000 ارستد في حين ان شدة المجال المغناطيسي للأرض لا تتعدى بضعة ارستدات. وكذلك فانني احتل مركزا مرموقا في المفاعلات الذرية حيث اعمل جنبا الى جنب مع زميلي الزركونيوم .
ولقدرتي المتميزة على حفظ الإشعاع ومنعه من التسرب، تصنع مني الصناديق المخصصة لحفظ النفايا المشعة وكذلك التجهيزات المعدة لاستخدامها .
– اخير…عزيزي النيوبيوم …هل لك تأثير ضار على صحة الإنسان ؟
لا على الإطلاق ،فأنا لا أوثر أبدا على أنسجة جسم الإنسان، واظل خاملا حتى لو بقيت لفترة طويلة في الوسط السائل للجسم . وهذه الخاصية استرعت اهتمام الأطباء والجراحين، أصبحت استخدم في المجالات الطبية .
في ختام هذا اللقاء نشكرك على لقاءك الطيب المفيد ….ونرجوا منك التواصل معنا في المنتدى لنستفيد من علمك الغزير