تلعب السكك الحديدية دوراً هاماً في مختلف المجتمعات؛ إذ إنّها تسهم مساهمة فعالة في تنشيط حركة النقل والتبادل التجاري بين المدن، وفي تنمية المناطق التي تمر بها السكة وما ينتج عن ذلك من تطوير الاقتصاد.
ذلك لأن السكك الحديدية تتمتع بمزايا لا تتمتع بها وسائط النقل الأخرى من سيارات وطائرات وسفن وغيرها. فالنقل بواسطة السكك الحديدية(1) يتمتع بدرجة عالية من الأمان إذ أن عامل الأمان يبلغ خمسة أضعاف النقل البحري، وثلاثةً وستين ضعف النقل بالسيارات، ومائتين وخمسين ضعفاً عن النقل الجوي. ومن ناحية الوفر في استخدام الوقود، فإن النقل بالخطوط الحديدية أوفر من غيره بكثير حيث إنّ تكاليف نقل طن واحد لمسافة كم واحد هي(2)
– 240حريرة بالشاحنات.
– 120حريرة بالقاطرة البخارية.
– 48حريرة بقاطرة الديزل.
كما أن الخطوط الحديدية لا تعوقها الظروف المناخية والبيئية. وإذا ما قارنّا المسافات التي تحتاجها السكك الحديدية بالمسافات التي يحتاجها النقل الطرقي لوجدنا الفرق كبيراً جداً، بالإضافة إلى أن القطار يستطيع أن ينقل أحجاماً كبيرة من البضائع وأعداداً كبيرة من الركاب تعجز عنها وسائل النقل البري الأخرى من بولمانات وغيرها من السيارات.
إلا أن قطاع السكك الحديدية في الجمهورية العربية السورية مازال عاجزاً عن المساهمة الفعالة في تنمية الاقتصاد الوطني، وفي تقديم خدمة منافسة تجذب المسافرين ورجال الأعمال إليها؛ وذلك بسبب المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع على الرغم من أن الدولة أولت هذا القطاع أهمية كبيرة لأيمانها بأهميته في تنمية العديد من المجالات.
أن بناء السكك الحديدية منذ فترة طويلة، إضافة إلى أنه لم يكن هناك اهتمام بعملية تطوير وتأهيل السكك بين الحين والأخر، وعدم الاهتمام بنوعية القاطرات والعربات أدى إلى حدوث مشاكل وتوقفات متكررة وتأخيرات كبيرة كانت سبباً رئيساً في انخفاض مستوى الأداء على السكك الحديدية.
أن عدم وجود خيارات زمنية كافية (السفر في أي وقت) أمام المسافرين للحجز و السفر، مقارنة مع ما توفره وسائل النقل البري من خيارات متعددة في السفر بأي وقت يلائم المسافر وإلى أي اتجاه كان، كل ذلك دفع المسافر الذي يبحث عن أفضل خيار أمامه للتوجه إلى وسائل النقل البري وإهمال السكك الحديدية، بالإضافة إلى ذلك عدم اهتمام المسؤولين في قطاع النقل السككي بنوعية الخدمة التي يقدمونها في عالم أصبحت فيه الخدمة محوراً أساسياً في نجاح وتطور أي اقتصاد.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى مايلي:
إيضاح كيف أن تحديد مفهوم الخدمة بشكل دقيق واضح، والاعتماد على مزيج تسويقي مناسب للخدمات سيساعد المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية على تجاوز العقبات والارتقاء بخدماتها إلى مستوى جيد.
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث عمايلي:
1- تسليط الضوء على بعض مفاهيم التسويق الحديث وعلى مفهوم الخدمات وميزاتها.
2- توضيح مزايا النقل بالخطوط الحديدية مقارنة بغيرها من وسائل النقل الأخرى.
3- إيضاح مدى أهمية أن الاعتماد على مفهوم واضح للخدمة سيفعل عملية النقل بالسكك الحديدية.
4- تبين أهمية استخدام مزيج تسويقي خاص بالخدمات في تطوير عملية النقل بالسكك الحديدية.
مشكلة البحث:
تتمثل المشكلة الأساسية التي يعالجها البحث في انخفاض مستوى الجهود المقدمة من قبل العاملين في قطاع النقل السككي في التعامل مع المشاكل التي يواجهونها، وعدم اهتمامهم بالخدمة ومفهومها، وانعدام الأساليب التسويقية التي يجب الاعتماد عليها.
فرضيات البحث:
1- هنالك علاقة بين قدم تجهيزات الخطوط الحديدية وبين ابتعاد المسافرين والتجار عنها.
2- هنالك علاقة بين كيفية تقديم الخدمة من قبل المؤسسة وبين درجة إشباع حاجات ورغبات الزبائن.
3- هنالك علاقة بين عدم اعتماد المؤسسة على المزيج التسويقي المناسب وبين جهل معظم المستهلكين بخدمة القطارات وميزاتها.
مجتمع الدراسة:
يقتصر مجتمع الدراسة على المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية التي مقرّ عملها مدينة حلب؛ لأنها من وجهة نظر الباحث تمثل العصب الرئيس في النقل السككي في الجمهورية العربية السورية. حيث إنّ نطاق عملها شامل، ويغطي معظم المحافظات السورية.
عينة الدراسة:
تشمل عينة الدراسة عينة عشوائية من بعض المسافرين على متن عربات مؤسسة الخطوط الحديدية السورية والتجار، وهذا بالإضافة إلى استبيان خاص ببعض الموظفين الذين لهم صلة وثيقة بعمل هذه المؤسسة والذين لديهم الخبرة الكافية لإعطاء المعلومة الدقيقة عن عمل المؤسسة، بالإضافة إلى عدد من المقابلات الشخصية مع عدد من المسؤولين في المستويات العليا من أولئك الذين لهم علاقة مباشرة بعملية النقل.
محددات البحث:
– افتقار المكتبة العربية للمراجع العلمية حول مواضيع إدارة واستثمار السكك الحديدية.
– ندرة الأبحاث التي تتناول الجوانب المختلفة، وبالأخص بالجانب التسويقي لخدمات النقل بالسكك الحديدية التي في أغلبها تعود لطلاب في قسم الهندسة المدنية التي تتعلق في معظمها بدراسة البنية التحتية.
– صعوبة الحصول على المعلومات من المؤسسة ذاتها بسبب سرية المعلومات، وعدم إعطاء المعلومات الصحيحة والدقيقة التي يمكن أن تخدم الدراسة بشكل جيد.
الدراسات السابقة:
o أ. كافي – مصطفى، المواصلات الحديدية ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، رسالة ماجستير، جامعة حلب، 1997.
o م. محمد- رشا، دراسة حول أعادة تأهيل و تطوير الخطوط الحديدية السورية، رسالة ماجستير، جامعة دمشق، 2022.
o أ. تلاليني – سامح، محاضرات مبادئ الخطوط الحديدية، المعهد المتوسط الهندسي للخطوط الحديدية، حلب، 1995.
o وبعض المحاضرات والتقارير المعقودة لصالح المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وبإشراف منها ولكنها غير منشورة.
منهجية الدراسة:
سوف نعتمد بدراستنا على المنهج الوصفي التحليلي، وذلك من خلال المسح الأكاديمي للمراجع المتوفرة كافّة والدوريات والأبحاث للتعرف على كيفية العمل في مؤسسات النقل الحديدية في الدول العربية والعالمية، ومن ثم الوقوف على بعض المشاكل التي تعاني منها المؤسسة العامة للخطوط الحديدية لتوصيفها وتحليلها من أجل تحديد مسبباتها الأساسية، وسيتم ذلك من خلال توزيع استبيانات للحصول على المعلومات المطلوبة.
واقع نقل الركاب في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية:
من خلال الإحصائيات التي تمّ الحصول عليها من دائرة الإحصاء في المؤسسة ومن المركز السوري للإحصاء.(3)
الجدول رقم (1)
العام عدد الركاب المنقولين
1990 4469000
2000 859000
2001 1261000
2022 1429000
2022 1922000
2022 2303000
وجدنا أنه في عام 1991م كان عدد الركاب المنقولين هو 4469000 راكب ثم بدأ عدد الركاب المنقولين ينخفض تدريجياً من عام إلى أخر حتى وصل في عام 2000 م إلى 859000 راكب. نلاحظ أن هناك فرقاً شاسعاً بين هذين الرقمين إذ إنّه في عام 1991 لم تكن هناك منافسة تذكر، وكانت السكك الحديدية منفردة بالسوق لأن قطاع النقل البري كان يعاني من الكثير من المشاكل، إلا أنه بعد عام 1991 دخلت متغيرات كثيرة إلى السوق، كان أهمها قانون الاستثمار رقم 10الذي قدم دعماً هائلاً لشركات النقل البري، بالإضافة إلى التغير الكبير في أذواق وحاجات الزبائن. وأيضاً الزيادة في أعداد السكان وما نتج عنها من زيادة الطلب على وسائل النقل، هذه المتغيرات لعبت دوراً بالغ الأهمية في انخفاض أعداد ركاب القطارات. ومن الواضح أن المؤسسة تنبهت لهذا الانخفاض الحاصل في أعداد الركاب في بداية عام 2000، واتخذت العديد من الإجراءات لكي تعيد الحياة إلى شرايينها، ومن هذه الإجراءات يمكن أن نذكر تخصيص القطارات السريعة بين محافظتي حلب ودمشق، إجراء بعض الصيانات لعربات الركاب، تقديم وجبات غذائية. أن هذه الأمور ساعدت إلى درجة معينة في إعادة الحياة لشرايين المؤسسة وازدادت الركاب من جديد إلا أن ذلك بقي دون المستوى المطلوب، لأن الطاقة النقلية المتاحة للعربات في سورية تفوق 6000000راكب سنوياً، وبذلك نجد أن نسبة الاستفادة من الطاقة المتاحة للعربات(4) لا تتجاوز 14% فقط.هذا بالنسبة للركاب، وأما البضائع فأن الطاقة النقلية للعربات لا تتجاوز 33% فقط.
إن هذه النسبة الضئيلة تعود للمتغيرات السابقة الذكر بالإضافة إلى عدم وجود سياسة تسويقية ناجحة في المؤسسة التي كانت من الممكن أن تتلافى هذا الانخفاض في النسبة، ويمكن أن نذكر أيضاً مجموعة من الأسباب التي تعاني منها مؤسسة النقل السككي كسكك حديدية التي تسهم في إبعاد الركاب عن النقل السككي مثل:
– عدم وصول القطار إلى مراكز المدن الأمر الذي يتطلب انتقال المسافرين من المحطة إلى مراكز المدن وما ينتج عنه من صعوبات الانتقال وأعباء مالية إضافية بالإضافة إلى زيادة زمن الرحلة التي تسعى شركات النقل البري تخفيضه لحده الأدنى.
– قدم التجهيزات العاملة (عربات المسافرين – آلية حجز التذاكر…)
– ضعف الدعاية والإعلان التي تبرز مزايا السفر بالخطوط الحديدية من حيث الراحة و الأمان والتكلفة.
إنّ هذه العوامل كلها أسهمت بشكل غير مباشر في إبعاد المسافرين عن التنقل بواسطة القطارات خاصة أن شركات النقل الأخرى عملت جاهدة على تلافي هذه المشاكل.
ولابدّ من أن نذكر أن المؤسسة قامت بالعديد من محاولات الإصلاح إلا أنها بقيت دون المستوى المطلوب.
وبعد أن بيّنا بعض المشاكل التي تعاني منها المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وبما أن دراستنا تهتم بمجال تسويق الخدمات، لذلك سنقوم في الصفحات القليلة القادمة ببحث مفهوم الخدمة وما هو المزيج التسويقي الملائم لها.
– مفهوم الخدمة Concept Service)):
الخدمة هي أعمال وإنجازات وأفكار غير ملموسة تنتج من قبل المرافق الخدمية وتُعرَّف على أنها(5):
” كل الأنشطة الاقتصادية التي مخارجها ليست منتجات فيزيائية، وتستهلك في الوقت الذي تنتج فيه، وتقدم قيمة مضافة في أشكال متعددة (نقل، صحة، تسلية، تأمين…) و التي تشبع حاجات معنوية للمشتري “.
– إن عنصر المعنوية في الخدمة هو مفتاح التمييز بين الخدمة والسلعة المادية.
– تميل الخدمة لأن تكون غير ملموسة.
خصائص الخدمات Features Service) )(6):
1. الطبيعة الكامنة للخدمات: فأيّاً كانت الجهة مقدمة الخدمة فإنّ القدرة والقابلية لإنتاج الخدمة يجب أن تكون موجودة قبل أمكانية التعامل فيها، لأن الخدمات لا تخزن.
2. القيمة غير الملموسة (Intangibility) لايمكن تقييم الخدمة من قبل المستفيد منها قبل شرائها أو استعمالها، وهي بذلك عكس السلع المادية الملموسة التي يستطيع المستهلك تفحصها معاينتها قبل شرائها.
3. التلازم Inseparabillity)): أن إنتاج واستهلاك بضاعة ملموسة نشاطان منفصلان، فالشركات عادة تنتج البضائع في موقع مركزي ثم تنقلها إلى المكان الذي يريد معظم الزبائن أن يشتروها فيه، فالإنتاج والاستهلاك منفصلان، أما في الخدمات فإنّ المنتج والمستهلك يجب أن يتفاعلا ويجب على كليهما أن يجتمعا في مكان و زمان مناسب لكليهما.
4. الهلاك (الفنائية) (Perishability): تختلف الخدمات عن البضائع من حيث إنّه لايمكن تخزينها، فمثلاً الخطوط الجوية التي تعرض مقاعد رحلة طيران الساعة التاسعة صباحاً من دمشق إلى الكويت لن تستطيع أن تبيع أي مقعد أخر بمجرد مغادرة الطائرة؛ لأن الخدمة أساساً تكون قد انتهت.
5. الملكية (Ownership): عندما يستعمل المستفيد الخدمة فإنّه لا يستطيع نقل ملكيتها إليه، فالمستفيد يشتري فقط حق استخدام الخدمة؛ مثل استئجار موقف سيارات لمدة ساعتين من الزمن.
6. تتصف معظم الخدمات بعدم التجانس يصعب تنميطها.
7. عدم ثبات الطلب على الخدمات في كل الأوقات والمناسبات.
الخدمة الجوهر(المحور) The Core Service Level:
كما أسلفنا من خصائص الخدمات فإنّها غير ملموسة، وفي بحثنا هذا نجد أن الخدمة الجوهرية أو الخدمة الأساسية التي تهمّ المستهلك هي عملية النقل بالدرجة الأساسية؛ لأن المستهلك لن يكون راضياً تماماً عن مؤسسة النقل إذا لم يتم إيصاله (نقله) إلى حيث يريد و بالوقت المحدد حتى لو كانت عربة القطار مجهزة بأفضل التجهيزات وما شابه ذلك من الأمور المادية الأخرى المرافقة للخدمة.
الدليل الملموس (المستوى الثانوي للخدمات) The Secondary Service Level:
إن اتجاه موردي الخدمات إلى تمييز خدماتهم دفعهم إلى الاهتمام بالعديد من الأمور المادية الأخرى التي تشبع حاجات الزبائن ورغباتهم وتلفت أنظارهم؛ وذلك مثل الاهتمام بنظافة العربة، ووجود مضيفات بلباس موحد في عربات القطار، وتقديم وجبات غذائية. إن هذه الأمور تعبر عن المستوى الثانوي للخدمات. ولقد ازداد في الآونة الأخيرة التأكيد من قبل المديرين ومنتجي الخدمات على ما يسمى بالخدمات التكميلية المرافقة للخدمات الأساسية، حتى إنّهم أكدوا على أن تكون هناك إدارة مستقلة تهتم بإدارة الدليل الملموس.
أهم العوامل التي تؤثر في الزبون عند تقييم الخدمة:
يعتبر أمراً هاماً جداً بالنسبة لشركات الخدمات أن تدرك ماهي العمليات أو المراحل التي يعتمد عليها الزبون ليقيم الخدمة المقدّمة له.
ونستطيع القول: إنّ الزبائن مبدئياً يقيمون الخدمة المحور من حيث قدرتها على تلبية حاجتهم الرئيسة من الخدمة، أي ماهو الهدف من عملية النقل، وللخدمات الثانوية كما أشرنا دور مهم في التأثير على رضا الزبائن عن أجمالي الخدمة المقدمة لهم.
ولقد أجمعت العديد من الأبحاث على أربعة عوامل رئيسة تؤثر على توقعات المستفيدين وهذه العوامل هي(6):
1. الكلمة المنطوقة (المسموعة): مثل رأي الأصدقاء حول السفر بالقطار.
2. الحاجات و التفضيلات الشخصية: كأن يتوقع المسافر أن يجد خدمات معينة يفضلها هو كأن يتوقع أن تكون لباس طاقم القطار موحداً أو أن يتوقع نوعية الوجبات المقدمة له و غير ذلك.
3. التجارب السابقة: كالمعتاد على السفر بالبولمانات، فإنه سوف يقارن رحلته الأولى بالقطار مع رحلاته السابقة بغيره.
4. الاتصالات الخارجية: و هذا ما توفره عناصر المزيج الترويجي كأن يقرأ الزبون إعلاناً منشوراً في إحدى الصحف عن مزايا السفر بالقطارات.
التسويق (مفهوم و تعريف):
أن أحد الشروط الأساسية لنجاح أيّ منظمة مقترن بنجاح دور التسويق والترويج فيها وخصوصاً مفهوم التسويق الداخلي الذي يقتضي بأن يكون العاملون كافّةً في المؤسسة الذين هم على تماس مباشر مع المسافرين متقنين تماماً لكيفية التعامل مع الزبائن وكيفية جذبهم لارتياد القطارات وتقديم التسهيلات اللازمة له.
ولقد عرفت الجمعية الأمريكيّة التسويق(7)على أنّه: العمليات الخاصة بتخطيط وتنفيذ وخلق وتسعير وترويج وتوزيع الأفكار أو السلع أو الخدمات اللازمة لإتمام عمليات التبادل التي تؤدي إلى إشباع حاجات الأفراد وتحقيق أهداف المنظمة.
أمّا فيليب كوتلر(8) لقد عرف التسويق على أنه: ” الجهود التي يبذلها الأفراد و الجماعات في أطار إداري واجتماعي معين للحصول على حاجاتهم ورغباتهم من خلال إيجاد وتبادل المنتجات والقيم مع الآخرين “.
ويمكننا القول إنّ التسويق أصبح في الآونة الأخيرة المحرك الأساسي لعمل أي مؤسسة وخصوصاً مؤسسات الخدمات، لأن الخدمات لا يمكن عرضها بشكل مسبق، بل يمكن الإعلان عنها والترويج لها، وهذا ما سنوضحه بعرضنا للمزيج التسويقي المناسب للخدمات.
أن المزيج التسويقي الذي ألفته معظم مؤسسات تصنيع المنتجات يتألف من أربعة عناصر هم6)
1- المنتج.
2- التسعير.
3- التوزيع.
4- الترويج ومزيجه (إعلان – علاقات عامة – بيع شخصي – تنشيط مبيعات – الدعاية والنشر).
ولقد عمل هذا المزيج بجد لأخرج معظم المؤسسات من مآزق كادت تودي بها.
إلا أنه كان عاجزاً أن يفي باحتياجات مؤسسات الخدمات وذلك للأسباب الآتية(6):
• أن المزيج التسويقي بعناصره الأربعة قد ابتكر أساساً للمنشآت الصناعية عندما لم يكن هناك مؤسسات خدمات.
• يصعب جداً قياس جودة الخدمات مقارنة بالبضائع التي أصبح من السهل جداً قياس جودتها.
• أن الناس الذين يقدمون أو يؤدون الخدمة قد يصبحون جزءاً من الخدمة، و هذا غير وارد في السلع.
• أن مؤسسات الخدمات غير قادرة على تخزين الخدمات، بالإضافة للعديد من العوامل التي دفعت إلى تطوير المزيج التسويقي الخاص بتسويق الخدمات والذي يتألف من أربعة عناصر وهي(6):
1- المنتج (الخدمة): وهي الخدمة المحور التي تسعى المؤسسة لتقديمها لزبائنها أي النقل.
2- التسعير: يجب أن تكون الأسعار مدروسة وتناسب كافة الفئات وخاصة إنه يوجد هناك درجات لعربات الركاب.
3- التوزيع: المقصود بالتوزيع بالنقل السككي أن يتمكن المواطن من الحجز بالوقت الذي يريده ومن المكان الأقرب أليه دون أن يتكبد العناء في الذهاب إلى المحطات. ويعتبر الهاتف أحد الأدوات الرئيسة في التوزيع.
4- الترويج: من خلال عناصره التي هي الإعلان والبيع الشخصي والدعاية و النشر وتنشيط المبيعات والعلاقات العامة. وهنا تكمن مشكلة النقل السككي في الجمهورية العربية السوريّة، حيث لا تملك المؤسسة آفاقاً واسعة حول الترويج لأن كل عنصر من عناصر الترويج يحتاج إلى جهود خاصة به وهذا مالا تتبعه المؤسسة.
ماذا تتضمن الدراسة التسويقية في مجال الخدمات (9)؟
أن الدراسة التسويقية في مجال الخدمات لكي تحقق الأهداف المتوخاة منها يجب أن تهتم بالنواحي الآتية:
1- السوق.
2- المنافسة.
3- استراتيجية الأعلام والإعلان.
4- استراتيجية طرح الخدمة واختراق السوق.
5 – العلاقات العامة.
6-إجراءات الترويج.
7- السعر.
8- الأسواق.
ماهو الهدف من الترويج(10)؟
الهدف من الترويج هو نقل الزبون المحتمل من حالة عدم المعرفة بالخدمة إلى حالة الشراء الفعلي لها مروراً بحالة إدراك الخدمة وحالة الاقتناع بها ويمكن تمثيل هدف الترويج كما يلي:
إدراك الخدمة من الزبون أقناع الزبون بجودة الخدمة شراء فعلي للخدمة
إعلان أولي إعلان إقناعي ومتعاون استجابة الزبون
( محرض) (الشراء)
الزبائن المستهدفين من الترويج (10):
يجب أن تقوم الشركة بتحديد أجزاء السوق التي يجب أن توجه لها الحملة الترويجية ( أيّ الزبائن الحاليين و المحتملين)، وذلك من خلال الاعتماد على بعض العوامل مثل:
1- خصائص الجمهور المستهدف.
2- أهمية الخدمة في احتياجات الجمهور.
3- مدى معرفة الجمهور للمؤسسة.
4- عادات الزبائن المستهدفين من الخدمة.
5- تصميم مضمون الرسالة الإعلانية.
اختبار الفرضيات:
لقد تمّ اختبار الفرضيات بطريقة الاستبيان الذي احتوى على ستة أسئلة، كل سؤالين يختبران فرضية حسب الترتيب، و تم توزيع 500 استبيان على المسافرين (سواء في محطات البولمانات) أو في محطات القطارات على خط دمشق – حلب – دمشق، وكان العائد من الاستبيانات 438 أي بنسبة 88 %، وهي نسبة جيدة للاعتماد على النتائج المستنبطة من الأجوبة. وكانت النتائج مع تحليلاتها كما يلي:
الفرضية الأولى: هنالك علاقة بين قدم تجهيزات الخطوط الحديدية وبين ابتعاد المسافرين عن السفر على متنها.
1- أن عربات الركاب تعتبر قديمة جداً إذا ما قورنت بوسائط النقل الأخرى.
جدول(2) يوضح نتائج السؤال الأول من الفرضية الأولى
موافق بشدة موافق غير موافق غير موافق بشدة المجموع
التكرار 220 108 60 50 438
النسبة المئوية 50% 25% 14% 11% 100%
2- لا تقوم السكك الحديدية بالتجديد المطلوب لعرباتها بما يتناسب مع متطلبات المسافرين
جدول (3) يوضح نتائج السؤال الثاني من الفرضية الأولى
موافق بشدة موافق غير موافق غير موافق بشدة المجموع
التكرار 287 96 13 42 438
النسبة المئوية 60% 22% 3% 10% 100%
من نتائج السؤال الأول نجد أن نسبة 75% من المسافرين يوافقون على أن عربات الركاب تعاني الكثير من المشاكل، ومن أهم هذه المشاكل أن العربات لا تتمتع بكواتم صوت، وهذا ما يثير ضجيجاً يزعج المسافرين دائماً. ومن نتائج السؤال الثاني، فإنّ ما نسبته 87% من المسافرين لا يرون أن مؤسسة السكك الحديدية تقوم بتغير ملحوظ في عرباتها، وكل ذلك يؤكد على أنه توجد علاقة طردية بين قدم التجهيزات وبين ابتعاد المسافرين عن السكك، وإذا ما قارنا قدم العربات والسكك مع التطورات الحاصلة في وسائط النقل البري لوجدنا الفرق شاسعاً جداً.
الفرضية الثانية: هنالك علاقة بين كيفية تقديم الخدمة من قبل المؤسسة وبين إشباع حاجات ورغبات المسافرين.
1- أن الخدمات المقدمة للمسافرين بالقطار تلاءم متطلباتهم.
جدول (4) يوضح نتائج السؤال الأول من الفرضية الثانية
موافق بشدة موافق غير موافق غير موافق بشدة المجموع
التكرار 98 66 122 152 438
النسبة المئوية 22% 15% 28% 35% 100%
2- أن أوقات رحلات السفر بالخطوط الحديدية تحدد بناء على رغبات المسافرين
جدول (5) يوضح نتائج السؤال الثاني من الفرضية الثانية
موافق بشدة موافق غير موافق غير موافق بشدة المجموع
التكرار 54 38 164 182 438
النسبة المئوية 12% 9% 37% 42% 100%
من خلال الإجابة في السؤالين نجد أن النسبة التي توافق على أن الخدمات المقدمة من قبل المؤسسة تلائم احتياجات المسافرين، وأن أوقات السفر تلائمهم كانت مابين 12% إلى 21%، وهذه النسبة ضئيلة مقارنة مع غير الموافقين. لذلك نؤكد على صحة الفرضية الثانية؛ أي أنّ عدم اهتمام المؤسسة بنوعية الخدمة المقدمة يؤدي إلى عدم إشباع حاجات ورغبات المسافرين.
الفرضية الثالثة: هنالك علاقة بين عدم اعتماد المؤسسة على المزيج الترويجي المناسب للخدمات(إعلان – إعلام – دعاية – بيع شخصي – علاقات عامة) وبين جهل معظم المسافرين بخدمة القطارات.
1- تقوم مؤسسة السكك الحديدية بالإعلانات المناسبة من خلال وسائط الإعلام المرئية و المسموعة
جدول (6) يوضح نتائج السؤال الأول من الفرضية الثالثة
موافق بشدة موافق غير موافق غير موافق بشدة المجموع
التكرار 23 40 174 201 438
النسبة المئوية 5% 9% 40% 46% 100%
أن نسبة 14% فقط من المسافرين يقرؤون إعلانات في الصحف عن القطارات (أن ما يقرؤونه هو مواعيد الرحلات التي في معظمها خاطئة)، ولم يلاحظوا أي إعلان أو حتى صورة عن القطارات في أية مجلة، ونسبة 86% منهم لا يرون أي إعلان من الممكن أن يوضح أي شيء عن السكك الحديدية، ولا يعتبر هذا الأمر مقبولاً في هذا الزمن تحت أي ظرف من الظروف.
2 – هل يساهم المسافرون بالترويج للاستفادة من خدمات الخطوط الحديدية من خلال ما لمسوه من فوائد السفر على متن الخطوط الحديدية
جدول (7) يوضح نتائج السؤال الأول من الفرضية الثالثة
موافق بشدة موافق غير موافق غير موافق بشدة المجموع
التكرار 28 33 163 214 438
النسبة المئوية 6% 8% 37% 49% 100%
أيضاً فإنّ نسبة 14% فقط من المسافرين يتبادلون الأحاديث مع أصدقائهم ومعارفهم عن فوائد السفر على متن الخطوط الحديدية؛ أما نسبة 86% فلا يتحدثون عن القطارات و مزاياها، وهذا يدّل على أن عدد المتأثرين بخدمات النقل السككي قليل وليس أي تأثير يذكر. وتبين لنا بأنه توجد علاقة ايجابية بين عدم اعتماد المؤسسة على المزيج التسويقي و بين جهل المسافرين بخدمة النقل السككي.
من خلال ما سبق من تقديم نظري ومن اختبار الفرضيات وصلنا إلى النتائج الآتية:
1- إن المسافرين ينظرون للقطارات نظرة تقليدية بسبب قدم العربات والأدوات المتحركة على السكك وبسبب عدم التجديد بها.
2- ضعف مستوى الأداء لدى العاملين في المراكز القائمة على خدمة قطارات المسافرين بسبب ضعف مستوى التأهيل و التدريب وانخفاض الحوافز و المكافآت التشجيعية.
أ- يتعرض قطاع النقل السككي لمنافسة شديدة وغير عادلة من قبل قطاعات النقل الأخرى ونقول غير عادلة أن الدولة تدعم البنية التحتية لقطاع النقل البري مثلاً بينما يتوجب على مؤسسات السكك أن تقوم بتجديد وصيانة القضبان على نفقتها الخاصة، وهذا ما يحملها نفقات باهظة جداً تضعف من عملية التجديد والتطوير فيها
3- ضعف مستوى الأداء لدى العاملين في المراكز القائمة على خدمة قطارات المسافرين بسبب ضعف مستوى التأهيل و التدريب وانخفاض الحوافز و المكافآت التشجيعية.
4- ضعف الولاء من قبل المسافرين وهذا يعود لعدّة أسباب أهمها:
أ- عدم وجود برامج ثابتة لمواعيد القطارات (صيفاً – شتاءاً).
ب- عدم الدقة في مواعيد انطلاق القطارات ووصولها، بالإضافة إلى عدم وجود مواعيد كافية تلائم كافة أوقات المسافرين.
ت- طول المدّة الزمنية التي يقطعها القطار مقارنة بباقي وسائل النقل الأخرى.
ث- بُعد محطات الركاب عن مراكز المدن.
5- أن قسم العلاقات العامة يعاني من ضعف كبير في تحقيق النتائج المطلوبة منه، وذلك لأنه لا يرسم السياسات الملائمة لعمله.
6- لا يوجد اهتمام بعملية التسويق الملائمة للخدمات، لأن ليس لدى القائمين على الأمر المعرفة الكافية بمفهوم الخدمات وكيفية تقديمها، وماهي الوسائل التسويقية الملائمة.
التوصيات:
1- لابدّ من الاهتمام بمظاهر البنية التحتية ومباني الخدمة في مؤسسات السكك الحديدية ونظافة المكاتب ومحطات الانتظار والشكل الخارجي للقطارات، وذلك بإعطائها شكلاً وتصميماً يدل على أصالتها وعراقتها.
2- توفير وسائل الراحة والترفيه في قطارات الركاب وفي المحطات (الدليل المادي).
3- انتقاء الكادر المناسب لخدمة القطارات والمكاتب التي لها تماس مباشر مع المواطنين وإجراء دورات لهم في مجال حسن التعامل مع المسافر وكيفية إرضائه، وهذا ما يسمى بـ (التسويق الداخلي).
4- تحقيق ميزة تنافسية من خلال تعرفة النقل.
5- الاعتماد على المزيج التسويقي بعناصره السبعة ضمن استراتيجية تسويقية مدروسة تهدف إلى تحويل المستهلك تدريجياً عن أنماط النقل الأخرى، وذلك عن طريق الاعتماد على الدعاية والإعلان المنظمين، وأيضاً تفعيل دور العلاقات العـامة لما لها من أثر في تغيير صورة المؤسسة في أذهان المستهلكين، الالتزام بعامل الزمن المحدد في تأدية خدمات النقل السككي.
6- تبادل الخدمات مع قطاعات النقل الأخرى مثل (الطرقي – السككي) و(البحري– السككي) من أجل تفعيل النقل السككي بمختلف مستوياته في مختلف أنحاء القطر.
المراجع:
1- أ. سامح تلاليني، محاضرات مبادئ الخطوط الحديدية، المعهد المتوسط الهندسي للخطوط الحديدية، حلب، 1995.
2- مرهف صابوني، مجلة النقل، العدد الثاني، 2022.
3- المركز السوري للإحصاء، مجلد النقل، 1991-2000-2001-2002-2003-2004.
4- المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية، مديرية الإحصاء.
5- د. بشير عباس العلاق، د. حميد عبد النبي الطائي، تسويق الخدمات مدخل استراتيجي- وظيفي – تسويقي، دار زهران للنشر، عمان، الأردن1999.
6- د. محمد زاهر دعبول، أ. محمد أيوب، مبادئ تسويق الخدمات، دار الرضا للنشر، دمشق 2022.
7- د. طلعت أسعد عبد الحميد، التسويق الفعال، مكتبة الشقري 19992000.
8- د. عبد السلام أبو قحف، هندسة الإعلان والعلاقات العامة، جامعة الإسكندرية، مكتبة كوميت بالقاهرة، 2000.
9- أ. محمد غالب قاطرجي، نماذج في تنشيط قطاعات النقل السككي، ورقة عمل مقدمة في اجتماع السكك الحديدية، 2001.
10- د. رضوان المحمود العمر، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة ترويج وتنشيط النقل السككي، 2001.
11- Ph .KOTLER; ARMSTRONG: Principiles of Marketing Prentice, Hall – 1997.
12- Marketing Edition 1976 page 77Pride; Ferrell Fifth.