التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

صياغة فرضيَّات البحث


هذه المعلومات نقلتها لكم من كتاب

البحث العلميُّ

خطواته ومراحله . أساليبه ومناهجه
أدواته ووسائله .أصول كتابته

عبدالرحمن بن عبدالله الواصل
ص30.31.32.33

: صياغة فرضيَّات البحث

يجب على الباحث في ضوء المنهج العلميِّ أن يقوم بوضع الفرضيَّة أو الفرضيَّات التي يعتقدُ بأنَّها تؤدِّي إلى تفسير مشكلة دراسته، ويمكن تعريف الفرضيَّة بأنَّها:
1- تفسير مؤقَّت أو محتمل يوضِّح العوامل أو الأحداث أو الظروف التي يحاول الباحث أن يفهمَـها، (دالين، 1969م، ص22).
2- تفسيرٌ مؤقَّت لوقائع معيَّنة لا يزال بمعزل عن اختبار الوقائع، حتى إذا ما اختبر بالوقائع أصبح من بعد إمَّا فرضاً زائفاً يجب أن يُعْدَلَ عنه إلى غيره، وإمَّا قانوناً يفسِّر مجرى الظواهر كما قال بذلك باخ: هي ذكر في: (بدوي، 1977، ص145).
3- تفسيرٌ مقترح للمشكلة موضوع الدراسة، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص22).
4- تخمينٌ واستنتاجٌ ذكيٌّ يصوغه ويتبنَّاه الباحث مؤقَّتاً لشرح بعض ما يلاحظه من الحقائق والظواهر، ولتكونَ هذه الفرضيَّة كمرشد له في الدراسة التي يقوم بها، (بدر، 1989م، ص71).
5- إجابةٌ محتملةٌ لأحد أسئلة الدراسة يتمُّ وضعها موضع الاختبار، وذلك كما عرَّفها عودة وملكاوي، (1992م، ص43).

وعموماً تتَّخذ صياغـةُ الفرضيَّة شكلين أساسيَّين:
1- صيغة الإثبات: ويعني ذلك صياغة الفرضيَّة بشكلٍ يثبتُ وجود علاقة سواءٌ أكانت علاقة إيجابيَّة أم كانت علاقة سلبيَّة، مثال: توجد علاقةٌ إيجابيَّة بين وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها وبين أعداد معلِّميها، أو توجد علاقةٌ سلبيَّة بين وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها وبين نوعيَّة مبناها.
2- صيغة النفي: ويعني ذلك صياغة الفرضيَّة بشكلٍ ينفي وجود علاقة سواءٌ أكانت علاقة إيجابيَّة أم كانت علاقة سلبيَّة، مثال: لا توجد علاقةٌ إيجابيَّة بين وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها وبين أعداد معلِّميها، أو لا توجد علاقةٌ سلبيَّة بين وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها وبين نوعيَّة مبناها.

ومن العسير أن يُرْسَم خطٌّ فاصلٌ بين كلٍّ من الفرضيَّة والنظريَّة، والفرق الأساسيُّ بينهما هو في الدرجة لا في النوع، فالنظريَّة في مراحلها الأولى تسمَّى بالفرضيَّـة، وعند اختبار الفرضيَّة بمزيدٍ من الحقائق بحيث تتلاءم الفرضيَّة معها فإنَّ هذه الفرضيَّة تصبح نظريَّة، أمَّا القانون فهو يمثِّل النظام أو العلاقة الثابتة التي لا تتغيَّر بين ظاهرتين أو أكثر، وهذه العلاقة الثابتة الضروريَّة بين الظواهر تكون تحت ظروف معيَّنة، ومعنى ذلك أنَّ القوانين ليست مطلقة، وإنَّما هي محدودة بالظروف المكانيَّة أو الزمانيَّة أو غير ذلك، كما أنَّ هذه القوانين تقريبيَّة؛ بمعنى أنَّها تدلُّ على مقدار معرفة الباحثين بالظواهر التي يقومون بدراستها في وقتٍ معيَّن، وبالتالي فمن الممكن أن تستبدل القوانين القديمة بقوانين أخرى جديدة أكثر منها دقَّةً وإحكامَا، (بدر، 1989م، ص71).

أهميَّة الفرضيَّة:
تنبثق أهميَّة الفرضيَّة عن كونها النور الذي يضيء طريقَ الدراسة ويوجِّهها باتِّجاهٍ ثابت وصحيح، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص23)، فهي تحقِّق الآتي:
1- تحديد مجال الدراسة بشكلٍ دقيق.
2- تنظيم عمليَّة جمع البيانات فتبتعد بالدراسة عن العشوائيَّة بتجميع بيانات غير ضروريَّة وغير مفيدة.
3- تشكيل الإطار المنظِّم لعمليَّة تحليل البيانات وتفسير النتائج.

مصادر الفرضيَّة:
تتعدَّد مصادر الفرضيَّة، فهي تنبعُ من نفس الخلفيَّة التي تتكشَّف عنها المشكلات، (بدر، 1989، ص72)، فقد تخطر على ذهن الباحث فجأة كما لو كانت إلهاماً، وقد تحدث بعد فترة من عدم النشاط تكون بمثابة تخلُّصٍ من تهيؤ عقليٍّ كان عائقاً دون التوصُّل إلى حلِّ المشكلة، ولكنَّ الحلَّ على وجه العموم يأتي بعد مراجعةٍ منظَّمة للأدلَّة في علاقاتها بالمشكلة وبعد نظرٍ مجدٍّ مثابر، (جابر، 1963م، ص ص57-59)، ولعلَّ أهم مصادر الفرضيَّة كما قال بها غرايبة وزملاؤه (1989م، ص23) المصادر الآتيـة:
1- قد تكون الفرضيَّة حدساً أو تخميناً.
2- قد تكون الفرضيَّة نتيجة لتجارب أو ملاحظات شخصيَّة.
3- قد تكون الفرضيَّة استنباطاً من نظريَّاتٍ علميَّة.
4- قد تكون الفرضيَّة مبنيَّة على أساس المنطق.
5- قد تكون الفرضيَّة باستخدام الباحث نتائج دراسات سابقـة.

وتتأثَّر مصادر الفرضيَّات ومنابعها لدى الباحث بمجال تخصُّصه الموضوعيِّ، وبإحاطته بجميع الجوانب النظريَّة لموضوع دراسته، وقد يتأثَّر بعلوم أخرى وبثقافة مجتمعه وبالممارسات العمليَّة لأفراده وبثقافاتهم، وقد يكون خيال الباحث وخبرته مؤثِّراً مهمَاً لفرضيَّاته، ولعلَّ من أهم شروط الفرضيَّات والإرشادات اللازمة لصياغتها، (بدوي، 1977م، ص151)؛ (بدر، 1989م، ص74)؛ (عودة؛ ملكاوي، 1992م، ص43)، هي الشروط والإرشادات الآتية:
1- إيجازها ووضوحها: وذلك بتحديد المفاهيم والمصطلحات التي تتضمَّنها فرضيَّاتُ الدراسة، والتعرُّف على المقاييس والوسائل التي سيستخدمها الباحث للتحقُّق من صحَّتها.
2- شمولها وربطها: أي اعتماد الفرضيَّات على جميع الحقائق الجزئيَّة المتوفِّرة، وأن يكون هناك ارتباطٌ بينها وبين النظريَّات التي سبق الوصول إليها، وأن تفسِّرَ الفرضيَّات أكبر عدد من الظواهر.
3- قابليَّتها للاختبار: فالفرضيَّات الفلسفيَّة والقضايا الأخلاقيَّة والأحكام القِيَمِـيَّة يصعب بل يستحيل اختبارُها في بعض الأحيان.
4- خلوها من التناقض: وهذا الأمر يصدق على ما استقرَّ عليه الباحثُ عند صياغته لفرضيَّاته التي سيختبرها بدراسته وليس على محاولاته الأولى للتفكير في حلِّ مشكلة دراستـه.
5- تعدُّدها: فاعتماد الباحث على مبدأ الفرضيَّات المتعدِّدة يجعله يصل عند اختبارها إلى الحلِّ الأنسب من بينها.
6- عدم تحيُّزها: ويكون ذلك بصياغتها قبل البدء بجمع البيانات لضمان عدم التحيُّز في إجراءات البحث، (عودة؛ ملكاوي، 1992م، ص43).
7- اتِّساقها مع الحقائق والنظريَّات: أي ألا تتعارض مع الحقائق أو النظريَّات التي ثبتت صحَّـتُـها، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص234).
8- اتِّخاذها أساساً علميّاً: أي أن تكون مسبوقة بملاحظة أو تجربة إذْ لا يصحُّ أن تأتي الفرضيَّة من فراغ، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص235).

وغالباً ما يضع الباحث عدَّة فرضيَّات أثناء دراسته حتى يستقرَّ آخر الأمر على إحداها وهي التي يراها مناسبة لشرح جميع البيانات والمعلومات، وهذه الفرضيَّة النهائيَّة تصبح فيما بعد النتيجةَ الرئيسة التي تنتهي إليها الدراسة، (بدر، 1989م، ص72)، علماً أنَّ نتيجة الدراسة شيءٌ يختلف عن توصياتها، فتوصيات الدراسة هي اقتراحات إجرائيَّة يقترحها الباحث مبنيَّة على نتائج الدراسة، وأنَّ الفرضيَّات المرفوضة أو البدايات الفاشلة هي من جوانب الدراسة التي لا يستطيع القارئ أن يطَّلع عليها، فالباحث استبعدها من دراسته نهائيّـاً.

ومن الضروري جدّاً أن يتمَّ تحديد فرضيَّات البحث بشكلٍ دقيق، وأن يتمَّ تعريف المصطلحات الواردة في الفرضيَّات تعريفاً إجرائيّاً، فذلك يسهِّل على الباحث صياغة أسئلة استبانة دراسته أو أسئلة استفتائه أو أسئلة مقابلته للمبحوثين صياغة تمنع اللبسَ أو الغموضَ الذي قد يحيـط ببعض المصطلحات، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص ص23-24)، فصياغة الفرضيَّة صياغة واضحة تساعد الباحث على تحديد أهداف دراسته تحديداً واضحاً، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص37)، وإذا تعدَّدت الفرضيَّات التي اقترحت كحلولٍ لمشكلة البحث بحيث يكون أحدها أو عدد منها هو الحلُّ فلا بدَّ في هذه الحالة أن يكون اختيار الفرضيَّة التي ستكون هي الحلُّ والتفسير لمشكلة البحث اختياراً موضوعيّاً؛ أي أن يأتي هذا الاختيار عن دراسة وتفهُّم للفرضيَّات جميعها، ثم اختيار فرضيَّة منها على أنَّها هي الأكثر إلحاحاً من غيرها في إيجاد المشكلة، أو في حلِّ المشكلة بحلِّها، (القاضي، 1404هـ، ص51)، وتجب الإشارة إلى أن بعض الأبحاث قد لا تتضمَّن فرضيَّات كالبحث الذي يستخلص مبادئ تربويَّة معيَّنة من القرآن الكريم، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص235)، أو البحث الذي يكتب تاريخ التعليم في منطقة ما، أو الذي يكتب سيرة مربٍّ وتأثيره في مسيرة التربية والتعليم.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.