بسم الله الرحمن الرحيم .
قال اللغوي الأديب الأستاذ / محيي الدين الدرويش .
في كتابه الموسوم ( إعراب القرآن الكريم وبيانه )(الخطوات) بضمتين : جمع خطوة ، وهي ما بين يدي الخاطي.
ومن غريب أمر( الخاء والطاء ) أنهما إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلّ ذلك على الأثر ، فأثر الخطوة معروف ، ولهذا قالوا : اتبع خطواته ، كأنما أثّر عليه فتبعه. والخطأ في الرأي والمسألة واضح الأثر ، ومن أمثالهم : « مع الخواطئ سهم صائب » . والخطب : المصاب وهو بيّن الأثر ، وقل مثل هذا في الخطل أي السفاهة ، وهو استرخاء الأذنين أو السفاهة ، وسمي الشاعر الأموي الأخطل.وهذا كله اكتشفناه بعد التقصي والتمعن فتدبره.ومن غريب أمر ( النون والشين ) أنهما لا تقعان فاء وعينا للكلمة إلّا دلتا على هذا المعنى أو ما يقاربه ( ارتفاع عن الشيء ومباينة لأصله وعدم انسجام مع حقيقته )ومنه : نشأ الإنسان أي ارتفع وظهر ، وأنشأناهنّ إنشاء ، ومن أين نشأت؟ والجواري المنشآت : السفن الماخرة عباب البحر ، ونشب العظم في الحلق :علق وارتفع عليه ، وتراموا بالنّشاب ونشبت الحرب ، ونشج الباكي نشجا وهو ارتفاع البكاء وتردّده في الصدر ، وأنشد الشعر إنشادا حسنا لأن المنشد يرفع صوته ، الى آخر ما اشتملت عليه هذه المادة .
وهذا من عجائب ما تميزت به لغتنا الشريفة.(وَقْراً) الوقر : بفتح الواو مصدر وقرت أذنه ، أي ثقلت وذهب سمعه ، والكلمة من المجاز.
ومن غريب أمر هذه المادة أنها تدل على الثقل والرزانة ، يقال : وقر يقر- بكسر عين المضارع- العظم : صدعه ، ووقر يقر قرة ووقارة ووقرا الرجل كان رزينا ذا وقار وثبت.
ووقرت أذنه من باب تعب : ثقلت أو ذهب سمعه. والوقار : الحلم والرزانة ، وهو مصدر وقر بالضم ، والمرأة وقور : فعول بمعنى فاعل ، مثل صبور وشكور ، قال أبو فراس :وقور وريعان الصبا يستفزّها فتأرن أحيانا كما يأرن المهر(غَمَراتِ الْمَوْتِ) : شدائده وسكراته ، والغمرات : جمع غمرة ، وهي الشدة الفظيعة ، من غمره الماء إذا ستره ، وفي المختار : « وقد غمره الماء أي علاه وبابه نصر ، والغمرة : الشدة ، والجمع غمر ، كنوبة ونوب ، وغمرات الموت شدائده » .
ومن غريب أمر اشتقاق هذه الأحرف الثلاثة– وهي الغين والميم والرّاء- أنك تعقد على تراكيبها معنى واحدا يجمع تلك التراكيب وما تصرّف منها ، فلهذه الأحرف ستة تراكيب وهي : غمر وغرم ومرغ ومغر ورغم ورمغ ، ويجمعها معنى واحد وهو التغطية والستر والإخفاء وإزالة الأثر.
وفي اجتماع الغين والميم فاء وعينا معنى التغطية تقول : سيف مغمود ومغمد ، أي موضوع في غمده .
وتغمّده اللّه برحمته أي : ستره ، والغمز معروف ، تقول : ما فيه مغمز ولا غميزة أي : أمر مغطّى معاب ، وله جارية غمّازة أي : حسنة الغمز للأعضاء ، وغمسه في الماء فانغمس واغتمس أي : أخفاه فيه ، وغمس النجم غموسا غاب ، ومه اليمين الغموس لشدتها ، وغمض الأمر : خفي ، وكلام غامض : غير واضح ، وغمط النعمة : احتقرها ولم يشكرها ، وغمّ الشيء إذا غطّاه.وقال :
ومن غريب أمر الشين والقاف أنهما إذا وقعتا فاء للكلمة وعينا لها دلتا على هذا المعنى أو ما يقرب منه فالشّقّ : الصدع والاشتقاق : شق الكلمة من الكلمة .وهذا مما لم نسبق الى استخراجه.ووصلت هذه الغرائب إلى أكثر من أربعين مثالا ً .
وإن شاء الله أرفعها حسب اتساع الوقت .ولا تحرمونا -أشياخ َ المجلس- من تعليقاتكم وتعقيباتكم .