فالسلع يمكن تخزينها سواء في مراحل الإنتاج أو بعد الإنتاج أو أثناء البيع ولكن لا يحدث ذلك في الخدمات . فالخدمات المصرفية مثلاً لا يمكن تخزينها أثناء فترات عدم الازدحام وكذلك في الفنادق لا يمكن تخزين خدمة فندقية ( الحجرات الشاغرة على سبيل المثال ) من مواسم الركود ليتم تقديمها في مواسم الرواج، أو من فصل الصيف إلى الشتاء أو العكس وينطبق ذلك على المطاعم ودور السينما والمسارح وشركات النقل الجوي والمنظمات الخدمية الأخرى .فالمخزون يسمح بتحقيق التوازن بين (متغير)الاستمرار في الإنتاج بشكل منتظم من ناحية وبين (متغير)عدم انتظام الطلب من ناحية أخرى، وفي حالة المنظمات الخدمية تنشأ صعوبة التوفيق بين هذين المتغيرين، حيث أنها تلجأ للاحتفاظ بطاقة إنتاجية إضافية وليس إنتاجاً فعلياً .حيث تعمل وظيفة المخزون على تحقيق ذلك التوازن بين الاستمرار في الإنتاج بشكل منتظم من ناحية وبين عدم انتظام الطلب من ناحية أخرى . أما في حالة المكتبات العامة – وهي منظمة خدمية – فإن مشكلة التوفيق بين إنتاج الخدمة والطلب عليها يحتاج حلاً آخر غير “المخزون” ، فمقابلة الطلب المتغير على خدمات المعلومات المقدمة من خلالها تتم عن طريق الاحتفاظ بطاقة إنتاجية وليس إنتاجاً فعلياً .
حيث لا تستطيع تلك المكتبات إنتاج 100خدمة إعارة خارجية مقدماً –مثلاً- وتخزينها لحين طلبها ، ولكنها تستطيع في فترات ذروة الطلب على تلك الخدمة زيادة أعداد مقدميها لجمهور المستفيدين ، فبدلاً من وجود فردين بنقاط خدمة الإعارة الخارجية بها يتم زيادتهم إلى العدد المتناسب مع الطلب المتوقع من جمهور المستفيدين من تلك الخدمة . أما إذا قامت تلك المكتبات العامة –بشكل خاص- والمنظمات الخدمية –بشكل عام – بتقديم خدماتها وفق تصور غير مدروس، فإنها قد تجني خسائر جمة من وراء ذلك ، فقد يتم تصميم مبنى مكتبة عامة ويتم تجهيزه ( أفراد ، مقتنيات ، معدات ..إلخ ) ليكون مستعداً لاستقبال 500 متردد في المرة الواحدة ولكن حجم التردد الفعلي يقل عن هذا كثيراً مما يعتبر هدراً في نفقات تشغيلها ، وتبدو هذه الخسارة أكثر وضوحاً في المنشآت المتصلة بخدمة السياحة كالفنادق والمطارات والمطاعم ..إلخ ، إذ أنها اضطرت إلى زيادة الطاقة الإنتاجية (أسرة أكثر بالفنادق ، مقاعد أكثر بالمطاعم ، طائرات ومطارات أكثر ..إلخ) أملاً في زيادة توافد السياح ، ولكن لأسباب خارجة عن توقعاتهم مثل : أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001 بأميركا فقد عادت هذه الزيادات في الطاقة الإنتاجية بالسلب على كثير من المنشآت الخدمية بمصر والعالم أجمع .
ب- الاتصالات :
سواء الاتصال من جانب المنظمة الخدمية بالعملاء الحاليين أو المحتملين، إذ عند الإعلان عن إحدى خدماتها، كيف يمكن خلق صورة لشيء ليس له مظهر مادي بطبيعته؟ مثلاً: ما هي الصورة التي يتم الإعلان بها عن خدمات المعلومات بمكتبة ما أو بشركة طيران ما؟ إن ما يمكن تقديمه لهذا العميل هو صورة ” للفوائد” المحتمل الحصول عليها من هذه الخدمات. ويترتب على ذلك مشكلة فرعية أخرى متعلقة بالتميز differentiation بين المنظمات الخدمية التي تقدم خدمات متشابهة أو متقاربة .
فخاصية أن الخدمات غير ملموسة تجعل عملية الاتصالات صعبة بالنسبة للعملاء بصفة عامة ، والعملاء المحتملين بصفة خاصة ، فعند الإعلان كيف يمكن خلق صورة Image لشيء ليس له مظهر مادي بطبيعته ؟ . فمثلاً ما هي الصورة التي يتم الإعلان بها عن خدمات المعلومات بالمكتبات العامة ؟ إن كل ما يمكن عمله هو التركيز على بيان أو إظهار الفوائد المحتملة التي يمكن الحصول عليها من الخدمة المؤداة مثل : سرعة الحصول على خدمة الإعارة الخارجية ، الدقة في الحصول على إجابة لسؤال مرجعي ، أو التركيز على إظهار الفوائد المصاحبة لخدمة معلومات ما مثل : أجهزة الحاسبات الحديثة ، التنظيم الداخلي الجيد لمبنى المكتبة ، التكييف والإذاعة الداخلية ، المشروبات السريعة .. إلخ .
كما يترتب على هذه المشكلة مشكلة أخرى ، تتعلق بالتمييز بين خدمات المنظمات الخدمية المنتمية لقطاع واحد ممثل قطاع المعلومات ، إذ كيف يمكن المفارقة –ترويجياً- بين خدمات المعلومات المقدمة بين فروع مكتبة مبارك العامة وفروع مكتبات جمعية الرعاية المتكاملة وبين فروع المكتبات التابعة لدار الكتب والوثائق القومية ؟ .
ج- التسعير :
نظراً لوجود أكثر من استراتيجية للتسعير، فإن تطبيقها على قطاع الخدمات يلاقي تعقيدات مرجعها صعوبة حساب التكاليف المباشرة (الخامات والعمل وجزء من التكاليف الثابتة) بسبب عدم وجود خامات أو مواد أولية وصعوبة القياس الدقيق للوقت الذي يستغرقه “إنتاج ” الخدمة ، وكذلك صعوبة توزيع التكاليف الثابتة.يعتبر حساب تكلفة السلعة أقل تعقيداً من حساب تكلفة الخدمة،فعلى سبيل المثال -فإنه عند حساب تكلفة السلعة- فإنه يمكن للمنشأة حساب التكاليف المباشرة بشكل مبسط من خلال حاصل جمع تكلفة الخامات والعمل وجزء من التكاليف الثابتة ، وإذا تم إضافة هامش ربح مناسب فإن المنشأة يمكن أن تحصل على ” سعر السلعة ” ( على الرغم من أن هذه الطريقة في كيفية احتساب السعر قد لا تكون متفقة مع المفهوم التسويقي الحديث ، لكنها تناسب بعض المنشآت ) .
أما في حالة الخدمة ، فالأمر يبدو أكثر تعقيداً حيث تبدأ الصعوبة عند حساب التكاليف المباشرة للخدمة ، وذلك بسبب عدم وجود مواد أولية أو خامات ، بالإضافة إلى صعوبة قياس الوقت اللازم لإنتاج الخدمة والعائد إلى عدم قابليتها للتنميط ، مع وجود صعوبة في توزيع التكاليف الثابتة .فعند إنتاج خدمة إتاحة المعلومات سواء خلال البحث الآلي أو عبر بنوك المعلومات بالمكتبات العامة، فإنه تبرز صعوبة ” تسعير ” هذه الخدمة ، هل سيتم حساب السعر ” بالصفحة ” أم ” بالساعة “؟ .
وإذا تم حساب السعر بالصفحة ، فهل يتم احتساب سعر الصفحة كخامة ؟ أم سيضاف عليها تكاليف أخرى : كتكلفة الحبر الذي طبع به الصفحة ، وقيمة أجر أخصائي المكتبات خلال فترة البحث عن المعلومات وطباعتها ، وقيمة “قسط استهلاك” الآلات المستخدمة في البحث والطباعة سواء أكانت أجهزة حاسبات أو طابعات ، وقيمة استهلاك الطاقة (كهرباء) والاتصالات (تليفون) ,,إلخ من بنود يجب حسابها مع وضع البعد الاقتصادي للمستفيد في الاعتبار .يضاف إلى ذلك فإن مستهلك الخدمة يتولد لديه ” أثراً نفسياً ” للسعر يجعله يربط ما بين مستوى السعر ومستوى الجودة وذلك لعدم قدرته على تقييم الخدمة على أسس مادية، لذا فإنه يلجأ إلى استخدام السعر مؤشراً للجودة ( أسعار المطاعم، أتعاب الأطباء وأصحاب المهن الحرة، أسعار النزول بالفنادق …)