مقدمة لملتقى العلاقات الأورومغاربية
في أوائل ومنتصفات القرن التاسع عشر كانت تسود العلاقات المغاربية الأوروبية نوع من علاقات استعمارية،حيث جنا منها الجنوب الإفريقي الويلات تلوى الويلات وكذالك الخراب،بينما كانت هذه العلاقات بالنسبة لأوروبا بمثابة المستودع أو المورد الأساسي الذي يمدها بكل مصادر القوة،ويكسبها مكانة سياسية دولية هامة،وفي نهاية الحملة الاستعمارية القديمة تحولت العلاقات بين هاذين الطرفين إلى علاقة يشوبها نوع من الغموض والريب عن طبيعتها وكذلك مكانتها في النظام الدولي من جهة وفي الحدود الإقليمية من جهة أخرى،وذلك نظرا لاختلال الميزان الاقتصادي بين الطرفين بالإضافة على أن دول الشمال الإفريقي حديثة عهد بالاستقلال،ونظرا لهذه التعقيدات في الخلفية التاريخية كيف يمكن لنا أن ندرس هذه العلاقات ؟ولمـاذا ؟.
إشكالية:هي تحديد الإطار النظـــري للدراسـة.
لقد رست الدراسات العلمية في مجال العلاقات الدولية إلى تقاليــد ثلاثــــة:
1- لزاوية الفكرية الأولى المدخل النظري كأداة للتحليل:
لقد رست الدراسات العلمية في مجال العلاقات الدولية إلى تقاليد ثلاثة:
1- المجتمع الدولي: (هي فواعل تتفاعل فيما بينها، دراسة بتكييف قانوني ).
2- النظام الدولي وحدات متشابكة المصالح والقيم من الدول وغيرها من الوحدات).
3- المدرسة الواقعيةتشمل كل الأفكار التي مهدت لنظرية علمية في العلاقات الدولية ).
2 – الزاوية الفكرية الثانية دراسة العلاقات الأوروبية المغاربية:
يمكن فهمها من خلال مراحل:
المرحلة الأولى:تعرف بالحوار شمال جنوب (الحوار العربي الأوروبي).
المرحلة الثانية:تعرف بمرحلة التعاون (التعاون الأورومتوسطي اتفاقية روما1975).
المرحلة الثالثة:تعرف بالشراكة (الشراكة الأورومتوسطية إعلان برشلونة 1995).
3 – الزاوية الفكرية الثالثة الشراكة الأورومغاربية كنموذج للدراسة:
في ظل دراستنا للعلاقات الأوروبية المغاربية سنحاول وضع وتحديد إطار نظري للدراسة فالإشكالية تكمن في البحث عن إطار نظري يمكن من خلاله إعطاء عضوية للتحليل (ربط علمي ومنطقي وواقعي).وبالتالي السؤال الذي يطرح كيف سندرس هذه العلاقات الأورومغاربية؟
الدراسة النظاميةالنظم الفرعية).إن المجتمع المدني الدولي يتكون من مجموعة الدول المتفاوتة القوى والنفوذ والسلطة وينتج عن ذلك أن الدول الصغيرة تجد نفسها مضطرة للرد عل تصرفات الدول الكبرى التي تريد الهيمنة ولكن لايمكن نفي وجود مجالات الارتباط والتبادل لايمكن تفسيرها في إطار فرضية القوة في العلاقات الدولية،أما من منظور أن الدول في حاجة إلى التعاون لأنه إذا كان القصد من النفوذ والقوة هو ضمان الحاجات والخدمات الضرورية للبقاء والاستمرار فإن التعاون يؤدي بالضرورة إلى نفس النتيجة لكن بطرق مختلفة سليمة تؤدي إلى الاعتماد التبادل بين الدول مهما كانت قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية فهي لايمكن لها توفير كل حاجات ومقومات وجودها واستمرارها، إن الدارسات العلمية للعلاقات الدولية شهدت عدت منظورات ساد كل منها في مرحلة معينة من مراحل تطور هذه الدراسة و تبلورت الاختلافات بين هذه المنظورات المتعاقبة فإذا كانت سياسة القوى الكبرى قدعكست خبرة النصف الأول من القرن 20 وحتى العقد السابع،فإن خبرة الربع الأخير من هذا القرن قد أبرزت تغيرات هيكلية في السياسات الدولية يترتب عليها عدم ملائمة دراستها من خلال منظور سياسات القوى ومن ثمة ظهرت الحاجة إلى اتساع النظرة التحليلية التي ترتكز على الدول فقط ولبروز أهمية موضوعات جديدة تحدث تحولا في النظام الدولي المعاصر تحت تأثير قوى الاعتماد المتبادل الدولي المعقد فلقد اقتضت هذه الأوضاع الدولية المتطورة، النظر للعالم باعتباره نظاما من التفاعلات التي يلعب فيها فاعلون آخرون من غير الدول دورا مهما حول موضوعات سياسية واقتصادية جديدة تخلق عمليات جديدة تتجه بالنظام نحو نوع من التعاون والتكييف وليس نحو العنف والصراع فقط،لكن السؤال الذي يطرح هنا،هل القوة والقدرة كمفاهيم رئيسية للتحليل في الع.الد لها نفس المعنى كما كانت في 50 مع الواقعية والقوة العسكرية؟.
نظرا للتطورات التي يشهدها المحيط الاقتصادي على المستوى الدولي الذي اثر بدوره على إستراتيجيات التسيير خاصة بالمؤسسات الاقتصادية التي وجدت نفسها مجبرة على مسايرة هذه التحديات الجديدة و بالنظر إلى الفوارق الاقتصادية التي تميز دولة عن أخرى و المؤسسات عن بعضها البعض، و في ضل اقتصاد السوق و توسع الاستثمارات و تطور المنافسة الاقتصادية بين المؤسسات لجأت العديد من المؤسسات الاقتصادية إلى السياسة الاحتكارية باتحاد مؤسستين أو أكثر في ميدان معين في مواجهة ظاهرة المنافسة العالمية إلا أن سياسة الاحتكار ما لبثت أن تحولت إلى إستراتيجية في التعاون بين المؤسسات الاقتصادية أو بين الدول أي سياسة إستراتيجية الشراكة.
يعتبر الطرف الأوروبي هو صاحب المبادرة سواء على المستوى النظري أو العملي، فهل موقع الطرف الأوروبي- القوي- جعله يضع حسابات دقيقة تمكنه من التحكم في مسار مشروع الشراكة بما يخدم مصالحه باستمرار -و لو من جانبه فقط-، و حتى لا تنقلب عليه نتائج المشروع أو تؤدي إلى خسارته؟
و لقد أدخل الإتحاد الأوروبي مفهوم الشراكة في علاقته مع الدول المتوسطية و هذا بسبب الأهمية الإستراتيجية للمتوسط ،التي تستند إلى بعد حضاري ، و تكتل بشري ، و موارد طبيعية مهمة، عادت به إلى الاهتمام الدولي،هذه العودة تجسدت في تطوير الإتحاد الأوروبي لسياسته المتوسطية سنة 1989 حيث أصدرت اللجنة الأوروبية في نفس العام وثيقة بعنــوان إعـادة توجيه السياسة المتوسطية بصفة أساسية ، هذه السياسة تمثلت في الشراكـة الأورومتـوسطية PARTENARIAT EURO-MEDITERRANEEN التي تأتي حسب بيان برشلونة الذي يحث على التعاون الشامل و المتضامن.
و قبل التطرق إلى الإتحاد الأوروبي و أبعاد مشاريعه المتوسطية يجب أولا معرفة مفهوم الشراكة و الشراكة الإستراتيجية، و قواعدها و أشكالها و مميزاتها و أسباب اللجوء إليها و انعكاساتها…..
مـاهي الشراكـة الإستراتيجيـة؟
قبل الخوض في تحديد معنى الشراكة الإستراتيجية فلا بد من توضيح معنى الإستراتيجية و التي أصبحت كثيرة الاستعمال في ميادين عديدة خاصة الإقتصادية بعدما كانت منحصرة على المجال العسكري.
إن الإستراتيجية: هي الطريقة المنهجية التي تتبعها المؤسسة في صياغة أهدافها التنموية مع التغييرات التي يفرضها المحيط الذي تعيش حوله ووفقا للوسائل و الإمكانيات التي تمتلكها لتحقيق فعالية دائمة في ديناميكية المؤسسة على مختلف نشاطاتها.
تعـريف الشراكـة:
يختلف مفهوم الشراكة باختلاف القطاعات التي يمكن أن تكون محلا للتعاون بين المؤسسات و باختلاف الأهداف التي تسعى إليها الشراكة.
و في هذا الشأن فإنه في حالة إشراك طرف آخر أو أكثر مع طرف محلي أو وطني للقيام بإنتاج سلعة جديدة أو تنمية السوق أو إي نشاط إنتاجي أو خدمي أخر سواء كانت المشاركة في رأس المال أو بالتكنولوجيا فإن هذا يعتبر استثمارا مشتركا و هذا النوع من الاستثمار يعتبر أكثر تمييزا من اتفاقيات أو تراخيص الإنتاج حيث يتيح للطرف الأجنبي المشاركة في إدارة المشروع. يمكن القول إذا أن الشراكة هي شكل من أشكال التعاون و التقارب بين المؤسسات الإقتصادية باختلاف جنسياتها قصد القيام بمشروع معين حيث يحفظ لكلا الطرفين مصلحتهما في ذلك.
الشراكـة الإستراتيجيـة:
تعتبر الشراكة الإستراتيجية الطريقة المتبعة من طرف المؤسسات في التعاون مع بعضها البعض للقيام بمشروع معين ذو اختصاص (Spécialisation ( وهذا بتوفير و تكثيف الجهود و الكفاءات علاوة على الوسائل و الإمكانيات الضرورية المساعدة على البدء في تنفيذ المشروع أو النشاط مع تحمل جميع الأعباء و المخاطر التي تنجم عن هذه الشراكة بصفة متعادلة بين الشركاء.
أهم النظريات المفسرة لظاهرة الشراكة:
يعتبر موضوع الشراكة من القضايا التي تناولتها نظريات التكامل بصفة عامة و على رأسها النظرية الوظيفية، حيث بينت أن الشراكة هي مرحلة أولية قبل تحقيق الاندماج الكلي، حيث تكون العلاقة بين طرفين قائمة على أساس التعاون لترتقي إلى مرحلة الشراكة في قطاعات محددة لتفتح هذه الأخيرة المجال لتحقيق و توسيع مجال الشراكة و التعاون الذي قد يرتقي في النهاية إلى تكوين مؤسسة اندماجية.و هذا ما نجده مثلا في محاولات الجزائر المتكررة لاكتساب عضوية في الاتحاد الأوروبي و التي باءت بالفشل، غير أن بديل الشراكة في قطاعات معينة مع دول الاتحاد يعتبر مكسب مهم كخطوة أولية لتحقيق الانضمام الكلي.
بالإضافة إلى هذا المدخل النظري الكلي، فقد اهتم الفكر الاقتصادي بإستراتيجية الشراكة و صاغ لها نظريات عديدة قصد تنميتها و العمل بها من بين هذه النظريات نجد:
1- نظرية تبعية المورد:
تعد هذه النظرية الأولى من نوعها و التي ساهمت في تحليل أهداف الشراكة فالمؤسسة التي ليس بإمكانها استغلال و مراقبة كل عوامل الإنتاج تلجا إلى اتخاذ سبيل الشراكة مع مؤسسات إقتصادية أخرى للعمل في مجال نشاطاتها. فمثلا الشركات البترولية العالمية غير المنتجة للمحروقات تسعى لاستغلال إمكاناتها و طاقاتها التكنولوجية و التقنية المتطورة و هذا باستيراد المواد البترولية الخام و إعادة تحويلها و تصنيعها ثم تقوم بتصديرها على شكل مواد تامة الصنع مع الإشارة إلى فارق السعر بين شراء المواد الخام و إعادة بيعها في شكل آخر مع العلم أن عمليات التحويل و التصنيع للنفط الخام يمكن القيام بها في البلد الأصلي ( المنتج) و لتدارك هذا الموقف غير العادل فإن الدول الأصلية ( المنتجة ) قصد استغلال إمكاناتها بصفة شاملة،عمدت إلى منح تسهيلات جبائية للشركات ذات الاختصاص في تحويل المواد البترولية قصد القيام بمثل هذه النشاطات محليا .
2- نظريـة تكـاليف الصفقــات:
إن المؤسسة الإقتصادية و حفاظا على توازنها و استغلال الأمثل لمواردها الإقتصادية يجب أن تعمل على الحفاظ العقلاني للموارد التي تمتلكها و هذا بتقليص التكاليف في الإنتاج و استغلال كل التقنيات التي تساهم في تطوير الإنتاج كما و نوعا.
3- نظريـة المجمـوعــات:
حيث أن هناك مجموعات احتكار السوق من قبل الأقلية و هذه النظرية تعتمد على توطيد التعاون بين المؤسسات الإقتصادية في شكل احتكاري و ضرورة الاهتمام بجميع المجالات الحساسة في الاقتصاد العالمي و التي تعد مركز قوة و عامل في تماسك المؤسسات الإقتصادية و نجاحها و التي نجد منها نشاطات البحث و التطوير و التي تعد عاملا حساسا في تطور المؤسسات الإقتصادية و تجاوبها مع التطورات التكنولوجية.
4- نظريـة الإنتاج الدولي و إستراتيجية العـلاقـات:
وفقا لهذه النظرية فإن الشراكة بين المؤسسات تتجلى في طريقتين.
أ- أولهما تتمثل في كون الشراكة هي طريقة لتفادي المنافسة مما يؤدي إلى تكوين إستراتيجية علاقات و ترابط بين الشركاء.
ب- تتمثل في كون الشراكة وسيلة لتوطيد امتياز تنافسي للمؤسسة بشكل يجعلها تقاوم المنافسين لها.
تأثيرات الشراكة:
وهذا يمكن التماسه من الآثار المترتبة على الشراكة، و التي يمكن تلخيصها على الأقل نظريا، و كهدف منشود فيما يلي: من أهم الآثار الناجمة عن الشراكة(1):
– رفع مستوى دخول المؤسسات الإقتصادية إلى المنافسة في ضل اقتصاد السوق و العولمة.
– وضع حد للتبعية الإقتصادية.
– تشجيع المستثمرين ( وطنينا أو أجانب ) ما بين الدول.
– تطوير الطاقات الكامنة و غير المستغلة.
– إعادة تطوير الموارد و المواد الأولية المحلية.
– تطوير إمكانيات الصيانة.
– تطوير الصادرات خارج المحروقات.
– خلق مناصب شغل.
– سياسة توازن جهوية بين مختلف القطاعات.
– تحويل التكنولوجيا و الدراية المتطورة و تقنيات التسيير. و هذا كله متوقف على مدى مرونة الدولة و فعاليتها في تطوير هذه الإستراتيجية عن طريق .
– تخفيف القواعد التنظيمية DEREGLEMENTATION. .
– تخفيف عامل الجباية DEFISCALISATION.
– تسهيل المعاملة البيروقراطية DEBUREAUCRATISATION