التصنيفات
الفلسفة السنة الثالثة تانوي

هل العدل في التفاوت أم في المساواة ؟


هل العدل في التفاوت أم في المساواة ؟

مقدمة/ إذا كان العدل يرادف معنى الإنصاف ، و هو إعطاء لكل ذي حق حقه ، و اذا كان كل واحد من البشر يريد العيش في مجتمع عادل يخلو من كل أشكال الظلم ، فهل يتحقق له ذلك بمبدأ التفاوت أم بمبدأ المســــــــــاواة ؟
دعاة التفاوت / إن العدالة الاجتماعية تتحقق بمبدأ التفاوت ، فينال كل فرد المرتبة التي تنسجم مع طبيعته و مع قدراته ،والحجة ا هي إن الناس لا يملكون نفس المؤهلات فهناك القوي وهناك الضعيف ، الذكي و الأقل ذكاء ، النشيط و الخامل و يستحيل أن نسوي بينهم أو نمنحهم نفس الحقوق و الواجبات فالفروق الطبيعية تبرر الفروق الاجتماعية يقول الكسيس كاريل A.Karrel” بدل أن نحاول تحقيق المساواة بين اللامساواة العقلية و الفيزيولوجية يجب أن نوسع دائرة الاختلاف حتى ننشئ رجال عضماء”و يقول أرسطو ” التفاوت قانون الطبيعة ” فنجده يعترف باسترقاق البعض للبعض الآخر لأن الطبيعة كما يرى خلقت بعض الناس ليكونوا عبيدا و خلقت البعض الآخر ليكونوا أسيادا ، و يعتبر أفلاطـــــون من أكبر دعاة التفاوت ففي كتابه الجمهورية قسم المجتمع المثالي إلى ثلاثة طبقات حسب تقسيمه الطبيعي للناس ، أعلاها الطبقة الذهبية التي تمثل قوة العقل ،تضم أصحاب الحكمة يحكمون الدولة و ينشغلون بالسياسة ، تليها الطبقة الفضية التي تمثل القوة الغضبية و تشمل الجنود ، مهمتهم الدفاع عن أمن الدولة داخليا و خارجيا ، و أخيراالطبقة النحاسية التي تمثل القوة الشهوانية فتجمع المنتجين بشتى أنواعهم ، و لن يتحقق العدل إلا إذا التزم كل فرد بالطبقة التي وضعته فيها طبيعته ، و خضعت الشهوانية للغضبية و الغضبية للعقل ،و يسود الظلم كلما حدث تداخل في الصلاحيات. و من الأنظمة الاقتصادية الحديثة التي جعلت من التفاوت أساسا لتحقيق العدالة النظام الرأسمالي لأن التفاوت يكرس الحرية و يشجع المنافسة و يسمح بفتح المبادرات الفردية و يوسع مجال الإبداع يقول آدم سميث A.Smith “دع الطبيعـــة تعمل ما تشــاء”

النقد / صحيح أن الناس يختلفون في قدراتهم العقلية و الجسمية لكن هذا ليس مبررا يجعل التفاوت مبدأ ضروريا لتحقيق العدالة لأنه يولد الطبقية و الاستغلال و التمييز العنصري وكل ذلك يتنافى مع روح العدالة و مع القيم الإنسانية و الأخلاقيـــة

ب- دعاة المساواة / أن العدالة تتحقق بمبدأ المساواة ، حيث يتساوى جميع أفراد المجتمع في الحقوق و الواجبات و الفرص و أمام القانون ، و الحجة في ذلك تاريخية تتمثل في أن التفاوت مبدأ مصطنع خلقته الظروف الاقتصادية و الاجتماعية ، فلما كانت فئة الأقوياء في حاجة الى ثروة لجؤوا الى استغلال الضعفاء ، قال ماركس Marx” ان الاستغلال بدا لما قال الإنسان لأول مرة هذا ملك لي” . إذن الأصل في المساواة .قال الخطيب الروماني شيشرون ” الناس سواسية لا يوجد شيء أشبه بشيء من الإنسان بالإنسان لنا جميعا عقل ولنا حواس و إن اختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم ” و المساواة مبدأ أخلاقي و مطلب إنساني يصون كرامة الأفراد و يحررهم من العبودية و الاستغلال فالإنسان كما يقول كــــــانط غاية في حد ذاته و ليس مجرد وسيلة ومن الأنظمة الاقتصادية و الاجتماعية التي جعلت من المساواة أساسا لتحقيق العدالة النظام الاشتراكي الذي وحد العمال و الفلاحين في طبقة واحدة توزع عليها الثروات بالتساوي و يستفيدون من نفس الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية كحق التعلم و العمل و الصحة و السكن و التي تضمنها الدولة بشكل دائم ، بهذه الطريقة تزول مظاهر البؤس و الفقر و يسود المجتمع جو من التعاون و التضامن و التآخي لا أثر فيه للعبودية و الاستغلال .

النقد / صحيح إن المساواة تقضي على الطبقية و الاستغلال، إلا أنها في نفس الوقت تقتل المبادرات الفردية و تقضي على روح الإبداع و تشجع الناس على الخمول و الكسل حيث تبث فيهم روح الاتكال و لعل هذا هو السبب الذي سارع في انهيار الأنظمـة الاشتراكيـــــــة .

السؤال المشكل إذا اقترضنا أن الأطروحة القائلة ( كل تفاوت ظلم) أنها فاسدة ، و تقرر لديك الدفاع عنها و تبنيها فما عساك أن تفعل ؟

مهداة من طرف الأستاذ ج ف لطلاب البكالوريا آداب و فلسفة
بالتوفيق ان شاء الله


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.