صفات المعلم الناجح وكفاياته التدريبية
المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية فإذا نجحت المؤسسة التعليمية في تحقيق السياسة التعليمية يعزى ذلك في المقام الأول إلى المعلم ، فهو القادر على ترجمة السياسات التعليمية والنزول بها من حيز التنظير إلى الواقع العملي من خلال تحقيقه لأهداف المنهج ، فهو المسئول الأول عن صياغة عقل الأمة ووجدانها من خلال رعايته للناشئة وإمدادهم بالخبرات والمعارف والمهارات والقيم وأساليب التفكير التي تمكنهم من الاندماج الفاعل في الحياة المجتمعية .
ولهذا سعت كافة الدول على اختلاف أنظمتها التعليمية إلى الاهتمام بإعداد المعلم نظراً لجسامة المهمة التي أوكلها إليه المجتمع ، عن طريق إمداده بالمهارات النوعية التي تعينه على تحقيق ما يصبو إليه المجتمع ويأمله ، وذلك من خلال برامج متكاملة يتم تنفيذها في كليات التربية والمعلمين .
ـ جوانب إعداد المعلم :
بالرغم من اختلاف نظم إعداد المعلم من دولة إلى أخرى ، من حيث سنوات الإعداد ، وطريقة تنفيذ برنامج الإعداد ، إلا أنها تتفق على جوانب هذا الإعداد التي يمكن إجمالها فيما يلي :
1ـ الإعداد التخصصي :
إن إتقان المعلم للبنية العلمية لمادة تخصصه والعلاقة بين مكوناتها من أهم كفايات المعلم ، ولهذا ينبغي أن يدرس المعلم مقررات متعمقة في مادة تخصصه تتيح له التمكن من الحقائق والبيانات والمفاهيم والقواعد والقوانين والنظريات الحاكمة لهذا العلم ، بالإضافة إلى اكتساب مهارات استخدامها في حل المشكلات العلمية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ينبغي أن يدرس ( الطالب / المعلم ) المواد العلمية ذات الصلة الوثيقة بمجال تخصصه نظرا لتكامل العلوم وترابطها ، ونظرا للتدفق المعرفي الهائل تتقادم المعرفة بخطوات سريعة ومتلاحقة ، فلا بد أن يتضمن برنامج الإعداد التخصصي الآليات التي تمكن الطالب / المعلم من تحديث معلومات ومهاراته وفقا للتغيرات المستقبلية ، فالعلم يعدل نفسه بنفسه ، ولا نغفل هنا الإعداد التخصصي لما سوف يتم تدريسه ، بمعنى أن يكون هناك ثلاثة فروع للإعداد التخصصي :
·الفرع الأول : بنية العلم الأساسية التي سيقوم ( الطالب / المعلم ) بتدريسه .
·الفرع الثاني : المادة العلمية المضمنة في المناهج الدراسية من المرحلة العمرية التي سيقوم بالتدريس منها .
·الفرع الثالث : العلوم الخدمية للعلم الأساسي .
وبالتلاحم بين هذه العلوم وتحديد أوجه الاستفادة والتزاوج بينها وبين مادة التخصص تصقل قدرات المعلم على توظيف هذه العلوم وإظهار استخداماتها في حياتنا العلمية ، وبالتالي يكون الإعداد شاملا للجوانب النظرية والعملية .
2ـ الإعداد التربوي :
إن التدريس مهنة لها أصولها ومهاراتها ويشمل الإعداد التربوي مجموعة من المقررات ذات الصلة الوثيقة بالمتعلمين والمجتمع وأصول التدريس ومهاراته ، حيث يدرس ( الطالب / المعلم ) مقرر علم النفس للتعرف على مكوناته الشخصية والدوافع المؤثرات والميول والاتجاهات ونظريات التعليم والتعلم ، ليتسنى له التعرف على شخصية المتعلم ، ويحدد التعامل الأنسب له ، كما يدرس مقرر أصول التربية ليتعرف على نظام التعليم والفلسفة التربوية والسياسات الحاكمة له ، كما يدرس تقنيات التعليم ليتعرف على نظريات الاتصال ومصادر ووسائط التعلم وطرق إنتاج الوسائل التعليمية واستخدامها ، ويدرس طرق التدريس العامة والخاصة ليتعرف على المهارات الأدائية للمعلم في التخطيط والتنفيذ والتقويم ، وكذلك طرق التدريس الملائمة لمادة تخصصه . كما يدرس المناهج للتعرف على أنواعها وطرق تنظيمها ومحتواه ، وبالتالي يستطيع ( الطالب / المعلم ) بعد دراسة هذه المقررات استيعاب نوعية المنهج المطبق بالبيئة ، وطبيعة المتعلمين وخصائصهم ، ومشكلات المجتمع ، ومن خلال مهاراته التدريسية يستطيع أن يوظف هذا المنهج في إعداد المتعلم معرفيا ومها ريا ووجدانيا ، ويلي ذلك التربية الميدانية حيث يحاول ( الطالب / المعلم ) تطبيق ما سبق أن تعلمه من نظريات في الاتصال والتعليم والتعلم ، ويستخدم مهاراته التدريسية في تحقيق أهداف المنهج ، كل ذلك تحت إشراف تربوي يضمن ( للطالب / المعلم ) التقويم والتطوير المستمر لأدائه التدريسي وذلك من خلال :
·المشرف الأكاديمي .
·مدير المدرسة .
·المعلم المتعاون .
3ـ الإعداد الثقافي :
يكتمل إعداد المعلم بالجانب الثقافي فلا بد أن يتعرف الطالب / المعلم على عناصر الثقافة بشقيها المادي والمعنوي ، فيتعرف على الثقافة الإسلامية والمنظومة الاجتماعية للمجتمع والعوامل الاجتماعية والسياسية والعادات والتقاليد والقيم والسلوكيات المقبولة في مجتمعه ، لأنه لا انفصال بين العلم والمجتمع ، فلا بد أن يكون المعلم على وعي بالتربية الإنسانية والخصائص السلوكية للسلوك الأخلاقي الحميد ، وذلك من جهة ومن جهة أخرى ينبغي أن يتعرف على خصائص مجتمعه وموارده وقدراته ومشكلاته حتى يستطيع أن يدمج بين علم التخصص والمجتمع الذي يعيش في المتعلمون بواسطة مهاراته التدريسية والمنجية ، وذلك لتدعيم المشاركة المجتمعية ووضع خطط لخدمة المجتمع ، وإكساب المتعلمين المهارات الحياتية ومهارات الاتصال .
ـ خصائص المعلم الشخصية :
أجمع رجالات العلم على أن حسن مدخلات أي نظام يضمن جودة مخرجاته إلى حد بعيد ، ونحن نحتاج في الألفية الثالثة إلى معلم مبدع مكتشف مطور مربي ، ولهذا ليس كل إنسان يستطيع امتهان التدريس ، فلا بد من تواجد مجموعة من الخصائص والسمات الشخصية للمعلم التي تمكنه من القيام بأدواره المتعددة .
1ـ صحة البدن والنفس :
تتطلب عملية التدريس مجهودا بدنيا ونفسيا شاقا من المعلم منذ بدء اليوم الدراسي إلى ما بعد نهايته ، مما يستدعى توافر لياقة بدنية وذهنية ونفسية عالية ، فينبغي على المعلم أن يكون خاليا من الإعاقات الحركية أو السمعية أو البصرية ، حتى يستطيع النهوض بالأعباء البدنية لعملية التدريس ، كما ينبغي عليه أن يكون متزنا نفسيا وانفعاليا أي: يستطيع التحكم في انفعالاته على الرغم من الضغوط والأعباء النفسية لعملية التدريس .
ومن أهم الجوانب الصحية التي لابد من الإشارة إليها في المعلم وضوح الصوت حيث إن اللغة هي أهم لغات الاتصال ، فلا بد أن يكون المعلم واضح الصوت قوي النبرات يحرص على نطق الجمل والكلمات بسرعة مناسبة مؤكدا على مخارج الحروف ، مستخدما النبر والتنغيم وفقا للموقف التعليمي ، وذلك لأجل جذب انتباه المتعلمين فإن استخدام المعلم للنبر والتنغيم أثناء الشرح يعمل على جذب انتباه المتعلمين واستغراقهم في موضوع الشرح وبالتالي زيادة دافعيتهم واندماجهم داخل العمل .
2ـ الذكاء :
تتباين الأحداث وتتنوع داخل الصف من تعامل مع متعلمين ذوي خصائص سيكولوجية وقدرات واستعدادات متباينة ، وكل هذا يحتاج إلى معلم ذكي فطن نافذ البصيرة يستطيع مجابهة تلك المتغيرات بحكمة حيث تقتضي إدارته للموقف التعليمي تناوله لتطبيقات مجتمعية قائمة على مادة التخصص ، وتنويعه لطرق التدريس ، واكتشاف المبدعين وتنميتهم ، وكذلك اكتشاف بطيئي التعلم ويقترح عله البرامج العلاجية .
3ـ قوة الشخصية :
يتعامل المعلم مع أنماط مختلفة من المتعلمين منهم الدكتاتوري ، والطموح ، والكسول ، والديمقراطي ، والصادق ، والمتهور ، والجبان ، والهادئ ، والضعيف ، والمتردد ، و . . . إلخ
كل هذا في موقف تعليمي واحد ولديه الأهداف الخاصة بالمادة التي يجب تحقيقها بجانب الاستيعاب الكامل والفهم من جانب المتعلمين ، وكل هذا يتطلب شخصية قوية قيادية قادرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت الملائم ، ويلازم مع قوة الشخصية الصبر والمثابرة مع المتعلمين والزملاء وأولياء الأمور .
4ـ الخلق الحسن والتواضع :
إن دماثة الأخلاق وحسن الحديث والتواضع صفات لازمة للمعلم ، نظرا لكونه قدوة للمتعلمين والمجتمع ، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الفهم العميق للعقيدة الإسلامية ، فينبغي على المعلم أن يختار ألفاظه بعناية وينتقي من العبارات ما يعبر عن الموقف في عبارات جزلة متأدبة ، كما يجب على المعلم التواضع مع المتعلمين والعاملين والزملاء داخل المؤسسة التعليمية وخارجها فلا يتعالى بعلمه على أحد ولا يحقر من فكر أحد بل يتعامل مع الجميع بسلاسة وأدب وتواضع .
5ـ الموضوعية والعدل :
إن المساواة بين المتعلمين من أهم ركائز التعليم الناجح فالمعلم الموضوعي يراعي العدالة في أحكامه ومعاملاته للمتعلمين ، فيحرص على الإنصاف والإصغاء لكل منهم ولا يميز بين أحد منهم ، فهو القدوة والنبراس وأصل العملية التعليمية ، فلا بد من التحكم في المشاعر والعواطف وإعمال العقل والموضوعية قبل اتخاذ أي قرار أو سلوك .
6ـ النظام والاجتماعية :
ينبغي على المعلم أن يكون بشوش الوجه ، مرحاً ، دافئ القلب ، مستمعاً جيداً ، متحدثاً لبقاً ، مرتب الأفكار ، متأنيا في اتخاذ القرارات ، ذا تفكير مستقبلي منظم ، محترما للمواعيد ، مراعياً المناسبات الدينية ومتفهماً للتقاليد الاجتماعية ، ذا نشاط اجتماعي داخل وخارج المدرسة .
ـ الكفايات التدريسية :
كان التحول المنهجي من المنهج التقليدي الرامي إلى إكساب المتعلمين المعلومات والمعارف إلى المنهج الحديث الهادف إلى إمداد المتعلمين بخبرات مربية أثره الفعال في اتجاه برامج إعداد المعلم إلى الكفايات ، فلكي يمر المتعلم بخبرة مربية ، لابد من التخطيط والإعداد لها واختيار أنسب طرق العرض والتقويم ، ولا يستطيع القيام بذلك إلا معلم يمتلك من الكفايات ما يؤهله لذلك .
ـ مفهوم الكفاية التدريسية :
هي مجموعة القدرات المكتسبة التي يجب أن يمتلكها المعلم ، ويتكومن محتواها من معارف ومهارات واتجاهات مندمجة بشكل مركب . يقوم المعلم بإثارتها وتجنيدها وتوظيفها في مجالات : المحتوى ، والوسائل والأنشطة ، وطرق التدريس ، وإدارة الصف ، والتقويم بما يمكنه من تحقيق أهداف الموقف التعليمي .
تنقسم الكفاية التدريسية إلى ثلاثة أنواع :
1ـ الكفايات التخطيطية .
2ـ الكفايات التنفيذية .
3ـ الكفايات التقويمية .
دكتور / راضي فوزي حنفي