1890م- 1969م
ولد الزعيم الفيتنامي “هو شي منه” عام 1890م لأسرة فقيرة، أثناء الاحتلال الفرنسي لفيتنام، وفي عام 1911م اضطر لمغادرة فيتنام للعمل فتنقل بين فرنسا وأمريكا ولندن، وفي عام 1923م سافر إلى وموسكو ومنها إلى الصين وهونج كونج، فكانت سفراته المتعددة سبباً في صقل شخصيته وانفتاحه على الحركات الشيوعية والاشتراكية، عاد هو شي منه إلى فيتنام عام 1924م لينظم حركة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي مكوناً النواة الأولى للحزب الشيوعي الفيتنامي، وفي عام 1940م دخلت اليابان الحرب ضد فرنسا، واحتلت فيتنام بدلاً من الفرنسيين، فدخل هو شي منه في صراع عسكري جديد مع اليابانيين، لكن سرعان ما استسلم اليابانيين في الحرب العالمية الثانية عام 1945م، ليعلن الفيتناميون استقلال المناطق الفيتنامية شمال دائرة عرض 16 بقيادة هو شي منه، في الوقت الذي سيطر فيه البريطانيون على جنوب فيتنام.
عندما أعلن هو شي منه (هانوي) كعاصمة لحكومته بدعم من الصين، سمحت بريطانيا لحليفتها فرنسا باحتلال المناطق الوسطى بين شمال وجنوب فيتنام؛ فقاد هو شي منه حرب عصابات ضارية ضد الفرنسيين مرة أخرى، أبيدت خلالها القوات الفرنسية في عدة جبهات، مما أضطر فرنسا إلى إعلان هزيمتها العسكرية في فيتنام، لكنها عملت على الإيقاع بين فيتناميي الشمال والجنوب، فعينت (باوداي) إمبراطور (الأنام) رئيساً لفيتنام في المناطق الجنوبية، بُغية اصطدامه بهو شي منه الذي تدعمه الصين، ونجحت في تصوير الصراع بين الشمال والجنوب على أنه صراع داخلي ذي صبغة دولية، فحلت بذلك الولايات المتحدة في هذا المعترك محل فرنسا، خاصة وأن الأمريكيين كانوا يرتابون من نمو المد الشيوعي المتزايد في الهند الصينية، والذي واكب إعلان الحرب الكورية عام 1950م، في يوليو 1954م دُعيت الأطراف المتصارعة إضافة إلى الصين لعقد مؤتمر في جنيف لحل المشكلة الفيتنامية، أقر خلالها المجتمعون بتقسيم فيتنام إلى “جمهورية فيتنام الديموقراطية” بقيادة هو شي منه في الشمال و”جمهورية فيتنام” في الجنوب.
لم يمضي سوي عامان على الاتفاقية إلا واندلعت الحرب مرة أخرى لتشمل كافة أنحاء الهند الصينية، نتيجة لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شؤون فيتنام الجنوبية، بمحاولة فرضها لبعض أعوانها لاعتلاء المناصب الحساسة، فتفجرت حرب عصابات ضد الوجود العسكري الأمريكي واستطاعت القوي الشيوعية الجنوبية أن تؤسس جبهة التحرير الوطنية لجنوب فييتنام، التي أيدها هو شي منه ووفر لها كل أنواع الدعم، مما دفع الأمريكيين إلى توسعة جبهتهم العسكرية لتشمل فيتنام الشمالية، وأمطرت العاصمة هانوي بقذائف طائراتها.
هكذا ظل هو شي منه يكافح مختلف قوي الاستعمار في بلاده حتى توفي في سبتمبر1969م، فحق له أن يعتبره الفيتناميين “مُعلم الثورة الفيتنامية ومؤسس الجمهورية الاشتراكية الفيتنامية وروح الوحدة الوطنية، والأب المحبوب لقوات الشعب المسلحة، وبطل التحرير الوطني، والشخصية الثقافيةالعالمية”، توفي هو شي منه دون أن يُحقق أمله كاملاً في توحيد فيتنام شمالاً وجنوباً، إلا أنه وضع للمجاهدين الفيتناميين أسس ولبنات تحرير دولتهم، مُدعمين بما أقامه من علاقات خارجية اكتسب خلالها تأييد قادة ومجاهدي العالم آنذاك، وبتواصل العمليات العسكرية استطاع الثوار تحرير المدن الفيتنامية الواحدة تلو الأخرى، وفي إبريل 1975م أجبرت القوات الأمريكية إلى مغادرة فيتنام بعد سيطرة الثوار على العاصمة سايجون، ومنذ ذلك الوقت حملت العاصمة اسم المجاهد الكبير “هو شي منه”.