التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحث حول السياسة الوطنية لتهيئة الاقليم و التنمية المستدامة وأدواتها


المقدمة:
لقد استحوذ موضوع التنمية المستدامة اهتمام العالم خلال 15 سنة المنصرمة و هذا لى الصعيد الإقتصادي و الإجتماعي و البيئة العامية، حيث أصبحت الإستدامة التنموية مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالم النامي و الصناعي من بينها الجزائر، لذلك سعت هذه الإخيرة إلى ادماج مفهوم التنمية المستدامة في مشاريعها التنموية من خلال المخططات التنموية الوطنية و الولائية و البلدية بغية تحسين الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية، و من أجل ذلك حاول هذا البحث معالجة مجموعة من الإشكاليات منها:
ماهو مفهوم التنمية المستدامة؟ و ماهي أهدافها؟ و ماهي السياسة الجزائرية المتبعة من أجل تهيئة الإقليم؟ في خطة ثنائية المباحث تضمن المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة أما المبحث الثاني: فتضمن السياسة الجزائرية لتهيئة الإقليم و آفاقها منتهجين في ذلك المنهج التاريخي.

المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة
المطلب الأول: مفهوم التنمية المستدامة
إذا كانت التنمية المستدامة كمفهوم يعتبر قديما فإنه مصطلح يعد حديث النشأة حيث كانت اللجنة العالمية للبيئة و التنمية التي تشكلت برئاسة السيدة “بروند تلاند” رئيسة وزارة النرويج السابقة أول من عرف مصطلح التنمية المستدامة الذي ورد في تقريرها الذي نشر في أفريل 1987 و ذلك كإستجابة لمجموعة من الكوارث البيئية التي هدها العالم منذ أن عقدت أول اجتماع لها في أكتوبر1982 و المتمثل كله في سوء الإدارة البيئية و التنموية، و عرف التقرير التتنمية المستدامة بأنها (استجابة التنمية لحاجات الحاضر من دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في الوفاء بحاجياتها)، منذ ذلك التاريخ بدأ مصطلح التنمية المستدامة يشيع شيوعا في أروقة الفكر التنموي (1)، و قد ترسخ مفهوم التنمية المستدامة عند الجميع سنة 1992 في قمة “ريو” أو كما تسمى بقمة الأرض بالبرازيل.

(1) مصطفى طلبة، الموسوعة العربية للمعرفة من أجل التنمية المستدامة، المجلد1، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم، 2022، ص447.
المطلب الثاني: أهداف التنمية المستدامة
تسعى التنمية المستدامة من خلال آلياتها و محتواها إلى تحقيق جملة من الأهداف و هي:
-أ- أهداف إجتماعية:
1) تحقيق نوعية حياة أفضل للسكان من خلال التركيز على العلاقات بين نشاطات السكان و البيئة.
2) التعامل مع النظم الطبيعية و محتواها على أساس حياة الإنسان و ذلك عن طريق مقاييس الحفاظ على نوعية البيئة و الإصطلاح و التهيئة.
3) احداث تغيير مستمر و مناسب في حاجات و أولويات المجتمع و ذلك بإتباع طريقة تلائم امكانياته و تسمح بتحقيق التوازن الذي بواسطته يمكن تفعيل التنمية الإقتصادية و السيطرة على جميع مشكلات البيئة كتدعيم و تحفيز التعليم و التدريب المهني و العام على جميع المستويات و توفير تسهيلات في التعليم و الثقافة لجميع القطاعات (1).
4) تثبيت النمو الديمغرافي و الذي أصبح يكتسي أهمية بالغة ليس لأن النمو السريع يحدث ضغوطا حادة لى الموارد الطبيعية و على قدرة الحكومات على توفير الخدمات.
-ب- أهداف إقتصادية:
-1-تحقيق استغلال و إستخدام عقلاني للموارد و هنا تتعامل التنمية مع الموارد على أنها موارد محدودة لذلك تحول دون استـنـزافها.
-2-تحقيق نمو تقني إقتصادي يحافظ على الرأس المال الطبيعي.
-3-ربط التكنولوجيا الحديثة بأهداف المجتمع و ذلك من خلال توعية السكان بأهمية التقنيات المختلفة في المجال التنموي.

(1) أبو الحسن، عبد الموجود ابراهيم، التنمية و حقوق الإنسان،الاسكندرية، المكتب الجامعي، 2022، ص221.
المطلب الثالث: المؤتمرات العالمية للتنمية المستدامة
-أ- مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية:
و يعتبر أكبر تجمع دولي لبعث مشاكل البيئة و قد عقد المؤتمر في” مدينة ستوكهولم” بالسويد من 5-16 جوان1972 و قد شاركت فيه 114 دولة بالإضافة إلى ممثلي عدد ضخم من المنظمات الدولية الحكومية و غير الحكومية انتهى المؤتمر بوضع مجموعة من التوصيات أهمها:
1) -دعوة الحكومات إلى بذل الجهود لحماية البيئة من التلوث.
2) -انشاء صندوق خاص بتمويل مشروعات البيئة.
3) -دعوة منظمات الأمم المتحدة لإتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء جدول برنامج دولي للتربية البيئية.
-ب- مؤتمر التصحر للأمم المتحدة:
بنيروني بكينيا من 19 أوت إلى 09 سبتمبر1977 شارك في هذا المؤتمر 500 وفد من 94 دولة لمناقشة مشكلة التصحر، و قد أصدر المؤتمر مجموعة من التوصيات كان من بينها مايلي:
1) -يوصي بالمحافظة على الغطاء النباتي القائم.
2) -بأن تقوم المنظمات الدولية و أجهزة الأمم المتحدة كل في مجاله موازة مع العمل الدولي في وضع خطة عمل.
-ج- مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة و التنمية:
عقد بريو ديجانيرو بالبرازيل في جوان1992 بهدف حماية الأرض من الكوارث البيئية و قد ضم ممثلي 178 دولة و حضره أكثر من 100 من رؤساء الدول و الحكومات و قد فرضت قمة “ريو” مصطلحات جديدة معقدة مثل: اضمحلال طبقة الأوزون، الإحتباس الحراري.
-د- مؤتمر جوهانسبورغ للتنمية المستدامة:
بجنوب افريقيا المنعقد في الفترة الممتدة من 26 أوت إلى 04 ديسمبر 2022 أقر فيه ممثلو الدول بضرورة وضع معايير عملية لحماية الثروة السمكية و إنشاء مخطط لتوفير المياه النقية للسكان المحرومين.
كما أنها نصت على إنشاء صندوق تضامن عالمي يهدف إلى تعزيز التنمية الإجتماعية و البشرية في الدول النامية.

المبحث الثاني: التنمية المستدامة و تهيئة الإقليم في الجزائر
تشهد الجزائر حاليا تطور ديمغرافي متواصل إنجر عنه في المقابل تطور عمراني سريع يتمثل في إتساع المساحات العمرانية بصفة كبيرة و ذلك نتيجة للمشاريع التنموية التي تقوم بها الدول و القطاع الخاص في جميع الميادين من أجل تلبية مختلف المتطلبات و الحاجيات المتزايدة للمواطنين يوم بعد آخر.
و بهذا لجأت الدولة إلى التهيئة العمرانية كأساس لتحقيق أهداف ملحة في جميع المدن الجزائرية و عبر كامل التراب الوطني.
و من هنا تمحور هذا المبحث حول واقع التهيئة العمرانية و مراحلها في الجزائر من خلال الإجابة على مجموعة من الإشكاليات منها:
ما المقصود بالتهيئة العمرانية؟ و ماهي أهدافها و وسائلها؟ و ماهي السياسة الجزائرية المتبعة في ذلك؟
المطلب الأول: أهداف التهيئة العمرانية و أدواتها
لقد ظهر مفهوم التهيئة العمرانية مع بداية الثلاثينات في الإتحاد السوفياتي ثم تطور في الدول الرأسمالية، إلا أن تعريفها يختلف من بلد إلى آخر و هذا حسب النظام الإجتماعي المطبق و مستوى التقدم الإقتصادي و الإجتماعي الذي يعرفه.
و عموما يمكننا أن نعرف التهيئة العمرانية كما عرفها الدكتور “تيجاني البشير” بأنها (نوع من أساليب و تقنيات التدخل المباشر سواء بواسطة الأفكار أو بواسطة الدراسات و وسائل التنفيذ و الإنجاز لتنظيم و تحسين ظروف المعيشة في المستوطنات البشرية سواء كان ذلك على المستوى الإقليمي أو الوطني) (1) .
1) التيجاني، بشير، التحضير و التهيئة العمرانية في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2000، ص84.

و تعرف أيضا التهيئة العمرانية في مفهومها المعاصر حسب الدكتور”تيجاني البشير” في آخر كتاباته حول تهيئة التراب الوطني بأنها (الإدارة العمومية لتنظيم المظاهر الجغرافية، البشرية، و الإقتصادية في الوسط لتحقيق التوازن بين الأماكن و التنظيم الشمولي الموجه لإسعاد السكان و توفير الشغل و الإيواء و الخدمات العمومية لهم من خلال إنجاز الهياكل المتطلبة و إستغلال الثروات الطبيعية المتوفرة للمحافظة على التراث التاريخي في بيئة ايكولوجية نظيفة (1).
أما فيما يخص أهداف التهيئة العمرانية و في كل الأنظمة الإقتصادية تعتبر وسيلة لتحقيق التنمية و الإزدهار الإقتصادي على المدى البعيد و في كل الأحوال يكون تطبيق التهيئة العمرانية من طرف السلطات السياسية و التي تقوم بوضع أهدافها و تقرر كيفية توجيهها و تمويلها بغية تحقيق أهداف معينة منها:
-تنظيم سلطة الدولة.
-نشر و توزيع النشاطات الإقتصادية بطريقة عقلانية.
-تحقيق التكامل الجهوي و تكوين المحيط الإقتصادي الوطني.
-تلبية رغبات الشعب.
-تنمية الدخل القومي و الانتاج الداخلي.
-حماية المحيط و الببئة.

1) التيجاني، بشير، تهيئة التراب الوطني في أبعاده القطرية، الجزائر: دار الغرب للنشر و التوزيع، 2022، ص37.

و هذه الأهداف تخص السياسة الوطنية العامة و لكن هناك أهداف محدودة تخص مناطق معينة كالمناطق المحومة و التي تكون أهدافها الخروج من العزلة و ذلك عن طريق وضع برامج خاصة في أغلب الأحيان (1).
أما بالنسبة لوسائل التهيئة العمرانية فيمكننا القول بأنه لا توجد هناك وسال تستعمل في جميع الحالات و في كل الدول، بل هي تختلف من بلد لآخر و ذلك حسب النظام الإقتصادي و الإجتماعي المتبع، كما تختلف من مرحلة لأخرى.
و من بين وسائل و أدوات التهيئة العمرانية يمكن أن نذكر:
-الدولة: التي هي السلطة العليا في البلاد و التي تختار التوجيهات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية الكبرى ثم بعد الدولة تأتي الوسائل الأخرى و هي:
-رأس المال.
-المخططات و البرامج كالمخططات الوطنية و الولائية و المخططات البلدية.
-مراكز التنمية المستوحاة من السياسة الإقتصادية الجهوية.
-سياسة اللامركزية و الأعمال الكبرى للتجهيزات الوطنية و الوسائل العامة.
-بالإضافة إلى المعلومات الإحصائية و التي تد ضرورية في عملية تحضير و تطبيق التهيئة العمرانية فهي تفيدنا في معرفة تمركز السكان، نسبة السكان، تطور الكثافة و الهجرة…(2).

1) بشير، باي محمد، التخطيط المحلي و التهيئة العمرانية واقع و آفاق بلدية سكيكدة، مذكرة نهاية تربص للسنة4 المدرسة الوطنية للإدارة، الدفعة24، الجزائر1990-1991، ص18.
2) محمد، الهادي لعروق، التوسع الحضري و انتاج المدن في الجزائر، دورية دولية، العدد03، مارس1999، ص110.
المطلب الثاني: السياسة الوطنية لتهيئة الإقليم في الجزائر
مرت سياسة تهيئة الإقليم الوطني في الجزائر مرحلتين أساسيتين هما :
-أ- المرحلة الأولى 1963/1978:
يمكن استخلاص تهيئة التراب الوطني خلال هذه الفترة بمايلي:
1-تبني الدولة الجزائرية مخططات إقتصادية و برامج كبرى في إقتصادها المركزي الموجه ذي الطابع الإشتراكي بوسائله و مؤسساته العمومية أو الحكومية و نخص بالذكر المخططات الإقتصادية الوطنية مثل المخطط الثلاثي 1967/1969 و المخطط الرباعي 1970/1979 و المخطط الرباعي الثاني 1974/1977 (1) و البرامج الكبرى مثل مشروع السد الأخضر لمقاومة التصحر بواسطة التشجير، و برامج تأميم الأراضي الفلاحية و مشروع بناء 1000 قرية فلاحية.
-ب- المرحلة الثانية 1980/2000:
أما الخطة الوطنية للتنمية القطرية التي وضعتها وزارة التخطيط و التهيئة العمرانية المستحدثة في سنة 1979 استمدت أهدافها التنموية من الميثاق الوطني و تزامن هذا مع وضع:
المخطط الخماسي الأول 1980/1985 و هنا استحدث تقسيم اداري جديد سنة 1984 حيث ارتفع عدد الولايات من 26 ولاية سنة 1974 إلى 48 ولاية.
كما تزودت التهيئة العمرانية في 12جانفي1987 بقانون التهيئة العمرانية و التعمير رقم87/03 المتعلق بالتهيئة العمرانية.

(1)نور الدين، زمام، السلطة الحاكمة و الخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري، دار الكتاب العربي، ط1،2002،ص ص176-177.

المطلب الثالث: آفاق التنمية المستدامة في الجزائر
بادرت وزارة المالية في اطار البرنامج الموجه لدعم النمو و التهيئة الإقليمية بتخصيص 36.5 مليار دينار كغلاف مالي لدعم التنمية المستدامة من خلال إنجاز الماريع التالية:
1- مشروع حماية الساحل.
2- مشروع حماية التنوع البيولوجي.
3- انجاز مشروع خاص بالبيئة.
4- وضع دراسة خاصة بالبيئة و تهيئة الإقليم.
5- مشاريع خاصة بتوفير الماء الشروب.
6- عمليات تحسين المحيط الحضري.
7- محاولة انشاء 600 ألف مؤسسة على آفاق سنة 2022 بإمكانها استقطاب ما لا يقل عن 6 ملايين منصب شغل.
8- في اطار برنامج الإنعاش الإقتصادي تم انجاز عمليات تخص انهاء أشغال أكثر من 10 مراكز دفن النفايات في أهم المراكز الحفرية في البلاد.
9- اعداد مخطط تهيئة الشاطئ في اطار مخطط عمل تهيئة البحر الأبيض المتوسط.
10- عمليات موجهة لحماية التراث الثقافي الأثلري مثل القصبة الجزائر، قصر الداي بوهران و قسنطينة، و منطقة بني ميزاب.

الخاتمة:
إن السعي نحو التنمية المتوازنة للإقليم و ما سطر لها من ترتيبات و أدوات و أعمال و برامج منذ بداية التسعينات أضحى صعب المنال بسبب الرؤية المحدودة و المجدرة لتنظيم الفضاء الوطني بكل ما يحمله من خصوصيات و مميزات إقتصادية، إجتماعية، ثقافية، ايكولوجية و بيئية ناهيك عن تظافر عوامل أخرى زادت من حدة الإختلافات بين مختلف مناطق البلاد.
فبات لزاما على الدولة أن تتبنى سياستها التنموية الدائمة على النظرة العلمية الشاملة الخصوصيات على المستويين الداخلي و الخارجي و أن ترسي إطارا مؤسساتيا تلتقي فيه جميع السياسات المسطرة و تطرح فيها الإشكاليات و المساعي المشتركة.

البيبليوغرافيا:
الكتب:
1) أبو الحسن، عبد الموجود ابراهيم، التنمية و حقوق الإنسان،الاسكندرية، المكتب الجامعي، 2022.
2) التيجاني، بشير، التحضير و التهيئة العمرانية في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2022.
3) التيجاني، بشير، تهيئة التراب الوطني في أبعاده القطرية، الجزائر: دار الغرب للنشر و التوزيع، 2022.
4) مصطفى طلبة، الموسوعة العربية للمعرفة من أجل التنمية المستدامة، المجلد1، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم، 2022.
5) نور الدين، زمام، السلطة الحاكمة و الخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري، دار الكتاب العربي، ط1،2002.
المذكرات:
1) بشير، باي محمد، التخطيط المحلي و التهيئة العمرانية واقع و آفاق بلدية سكيكدة، مذكرة نهاية تربص للسنة4 المدرسة الوطنية للإدارة، الدفعة24، الجزائر1990-1991.
الدوريات:
1) محمد، الهادي لعروق، التوسع الحضري و انتاج المدن في الجزائر، دورية دولية، العدد03، مارس1999.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليكم موضوع هام حول مراحل التهيئة العمرانية بالجزائر : تاريخ التهيئة العمرانية تتربع الجزائر على مساحة تقارب 2381741كم2 وتتميز بعدم التجانس في وحداتها التضاريسية من الشمال إلى الجنوب،وتتمثل هذه التضاريس في :السهول الساحلية ،سلسلة الأطلس التلي،الهضاب العليا،سلسلة الأطلس الصحراوي،الصحراء الكبرى،وهذا التنوع في التضاريس أعطى اختلاف في المناخ وبالتالي تباين في المؤهلات الطبيعية بين شمال البلاد وجنوبها.وقد مر تنظيم هذا المجال الجزائري منذ القدم مراحل تبعا لفترات الحكم التي تعاقبت عليه،بداية بفترة الحكم العثماني والتي تميزت بنظامها المتميز والذي كان يسمى نظام البايلك،حيث قسم المجال الجزائري الى ثلاث مناطق رئيسية وهي بأيلك الشرق،بايلك التيطري،بايلك الغرب،وقد اعتمد هذا التقسيم كمحاولة للتحكم الجيد في طرق تهيئة المجال منهجه استغلال كل الأراضي .وتلت هذه الفترة فترة الاستعمار الفرنسي والتي كانت بدايتها في سنة 1830/م وهذه الأخيرة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل رئيسية وهي مرحلة استكمال الغزو الفرنسي للجزائر(1830/1910) تميزت هذه المرحلة باستكمال الغزو وتوسيع عملية الأستطان الأوروبي على حساب أراضي العروش والقبائل المتواجدة في السهول الساحلية الخصبة والأحواض الداخلية،وإقامة المستوطنات والأحياء الأوروبية بالقرب من المدن الجزائرية العتيقة،وتدعيمها بالهياكل الأساسية من طرق برية وسكك حديديه أنجزت بأيدي جزائرية أستقطب كلها من الأرياف،تبدأ هذه الشبكة عند مصادر المواد الأولية من معادن وثروات طبيعية أخرى وتنتهي عند الموانئ من أجل ربط الجزائر بفرنسا في مجال الأستراد و التصدير (المواد الخام مقابل المنتجات الفرنسية المصنعة .)وبالمقابل ضلت الأغلبية الساحقة من الجزائريين تعيش في الأرياف في ظروف مزرية جراء الأوضاع المتدهورة في جميع المجالات.الأمر الذي دفع بالأغلبية منهم إلى النزوح نحو المراكز الحضرية والإقامة على حواف هذه المراكز في بيوت قصديرية والعمل عند المعمرين في الأشغال الشاقة خاصة في ميدان الأشغال التي تخص أنجاز الطرقات وحفر الأنفاق …….. مرحلة الاضطرابات وكثرة الحروب والأزمات الاقتصادية (1910/1954) قد كان تأثير هذه الاضطرابات الاقتصادية والحروب كبيرا على الجزائر وتسببت في انتشار الفقر والمجاعات بين السكان الجزائريين، من جراء تناقص الإنتاج الزراعي الفرنسي وتعويضه بالمنتوج الزراعي الجزائري،خاصة في ميدان الحبوب وقد استمرت هذه المرحلة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية مما دفع بسكان الأرياف إلى النزوح الريفي شديد باتجاه المراكز الحضرية بحثا عن الشغل وظروف معيشية أقل ضراوة، مما أثر كثيرا على التوازنات الجهوية من جهة وصعوبة الحياة في المراكز الحضارية من جهة أخرى .

مرحلة اندلاع الثورة والسنوات الأولى من الاستقلال (1966/1954) عرفت هذه المرحلة بنزوح ريفي شديد جراء اللا أمن وسياسة التشريد التي مارسها الاستعمار الفرنسي على سكان الأرياف من طرد وتقتيل جماعي وإقامة المحتشدات لعزل السكان عن الثورة من جهة وحراستهم ومراقبتهم من جهة ثانية ، وأستمر النزوح الريفي نحو المدن والمراكز الحضرية في السنوات الأولى بعد الاستقلال بسبب تواجد حظيرة سكنية شاغرة بعد مغادرة الاستعمار الفرنسي وتركز معظم التجهيزات بهذه المناطق من البلاد . مرحلة الاستقلال المرحلة الأولى (1979/1962) سياسة توازنات جهوية أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية ورثت الجزائر بعد الاستقلال أوضاعا مزرية عن المستعمر الفرنسي، حيث تميزت هذه الفترة بعدم التجانس في توزيع الهياكل القاعدية وكذا المنشئات الاقتصادية والمراكز الحضرية، حيث ركز المستعمر كل جهوده على المنطقة الشمالية للبلاد خاصة المناطق الساحلية ذات المؤهلات الكبيرة مما جعل هذه المناطق بعد الاستقلال مستقطبة للسكان لتوفر التجهيزات وتوطن كل الخدمات الاقتصادية والاجتماعية بها،هذه الوضعية زادت في حدة الفوارق الجهوية بين أرجاء البلاد وبروز فوهة كبيرة بين المدن والأرياف من جهة وبين المناطق الداخلية للبلاد والمناطق الساحلية من جهة ثانية،وأمام هذه الوضعية الحرجة التي ميزت المجال الجزائري آنذاك. باشرت الدولة عدة إصلاحات وتدخلات من أجل التقليل من حدة اللاتوازن في الانتشار عبر التراب الوطني، وتتمثل هذه الإصلاحات في البرامج التنموية الخاصة بالمناطق المحرومة،حيث استفادة ثمان ولايات من برامج تنموية واسعة في الفترة الممتدة بين (1967-1973) كما عمدت الدولة إلى توظيف عائدات البترول في بناء الاقتصاد الوطني بوضع المخطط الثلاثي (1967-1969)والذي وجهت من خلاله الدولة الاهتمام بقطاع الإنتاج وهذا بإقامة العديد من الأقطاب الصناعية الكبرى، الأول على محور عنابه،قسنطينة سكيكدة.والثاني على محور العاصمة، رويبة، رغاية والثالث على محور أرزيو،وهران،مستغانم ويهدف إنشاء هذه الأقطاب الصناعية إلى تحديث مناطق الشرق والوسط والغرب الجزائري والقضاء على البطالة وخلق نوع من التوازن بين جهات الوطن ، لكن هذه الإصلاحات تركزت على المناطق الساحلية والتلية وبالتالي دعمت وبصورة غير مباشرة التوجه العمراني والاقتصادي الموروث عن الفترة الاستعمارية وزادت في حدة الفوارق بين المناطق الشمالية والجنوبية للبلاد وعمقت الفجوة.وهذا ما يدل على غياب إستراتيجية واضحة المعالم للتهيئة العمرانية في الجزائر آنذاك ،ومن سلبيات هذه الإجراءات أنها مست المدن الكبرى فقط واستهلكت أراضي زراعية خصبة لتوقيع الصناعية مثل سهول متيحة ،عنابه،وهران …، وقد فشلت هذه الأقطاب في لعب الدور المنوط بها، فعوض أن تحقق التنمية في محيطها تحولت إلى مناطق استقطاب وجذب للسكان خاصة النازحين من المناطق الداخلية ، وزيادة تضخم المدن وانتشار البيوت القصديرية على حواف المدن والتي تحولت فيما بعد إلى بؤر للفقر والحرمان والتهميش ، وهذا ما يدل على عدم الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الموروثة من المستعمر بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية من جهة والمناطق الشمالية والداخلية من جهة ثانية ،زيادة على عدم الاطلاع على الحقيقة كل الأقاليم الجزائرية قبل مباشرة الإصلاحات .وفي بداية السبعينات زاد وعي الدولة بخطورة الوضع الذي ميز المجال الجزائري نتيجة الفوارق الجهوية التي أفرزتها الأوضاع المزرية لنتائج اللاأستقرار جراء النزوح الريفي كنتيجة للفقر والتهميش الذي شهدته الأرياف الجزائرية آنذاك وكذا التمركز الكبير حول المدن الكبرى ، فبادرة الدولة بسياسة جديدة تهدف للتثبيت سكان الأرياف وتخفيف الضغط على المدن وزيادة الإنتاج ألفلاحي فكانت تحت عنوان الثورة الزراعية وهذا في سنة 1971م مع برمجة أكثر من 1000 قرية اشتراكية بهدف تحسين مستوى التجهيزات في الأرياف و تثبيت السكان.لكن هذه السياسة لم تحقق الأهداف المنوطة بها لسببين:أولها هو ترك النشاط ألفلاحي و تنقل الفلاحين المؤممين نحو المراكز الحضرية لضمان الشغل في الوحدات الصناعية و بالتالي أجور ثابتة و ضمان الاستفادة من الخدمات الاجتماعية كالتمدرس الأطفال و الرعاية الصحية….و السبب الثاني هو تحول الوظيفة الأساسية للقرى الاشتراكية الاشتراكية حيث تحولت فيما بعد إلى انويه لمدن مصغرة تحتوي على كل المزايا الحضرية، حيث بلغ عدد القرى المنجزة 750 قرية وقعت اغلبها على الأراضي الفلاحية الجيدة.
كما ميز هذه المرحلة أيضا التخطيط المركزي و ذلك بوضع المخططين الرباعيين (1970-1973) و (1974-1977) والذي خصص لهما أكثر من 50 بالمائة من الاعتمادات المالية آنذاك وكانا يهدفان إلى مواصلة تنفيذ المشاريع الصناعية الكبرى والبرامج الخاصة كما خصصت عمليات أخرى على المستوى المحلي:المخططات الولائية والمخططات البلدية للتنمية والذي كان في سنة 1974،ومخططات التجديد العمراني …وقد حقق هذين المخططين الرباعيين بعض النتائج الايجابية نذكر منها على وجه الخصوص توفير مناصب الشغل في المناطق المستفيدة من المناطق الصناعية وكذا في إطار الثورة الزراعية التي مست المناطق الريفية،إلا آن كل هذه الأعمال كانت محدودة في الزمان ولم تأثر كثيرا في الخريطة الإقليمية للبلاد وزادت الفوارق الجهوية حدة خاصة بين المناطق الساحلية والمناطق الأخرى مع تبديد للأراضي الفلاحية الخصبة للبلاد .ويمكن القول أن هذه المرحلة ميزتها سياسة توازن جهوي أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية … المرحلة الثانية (1990-1979) ظهور سياسة عمرانية ذات صلاحيات لكن بدون سلطة وبدون وسائل في الثمانيات زاد الوعي بالمخاطر التي أفرزتها الاختلالات الموجودة بين أرجاء البلاد، فظهرت التهيئة العمرانية للمرة الأولى ضمن صلاحيات دائرة وزارية، وهذا بإحداث وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية في سنة 1979 قصد تأطير ووضع سياسات للتهيئة،من أجل التغيير من الأوضاع المجالية السائدة أنداك وقد تزامن هذا مع وضع المخطط الخماسي الأول (1980-1985) الذي كان يهدف إلى تنمية المناطق الداخلية للبلاد وكذا أعادة هيكلة القطاع الصناعي،وفي سنة 1981م تأسست الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية ، والتي كلفت على وجه الخصوص باعداد المخطط الوطني للتهيئة والتعمير .
،والذي تندرج تحته مخططات جهوية للتهيئة العمرانية . (snat(
،كما صدر في نفس السنة قانونان يتضمنان تعديلات وتتميمات لقانوني الولاية ( srat )
والبلدية ،اللذان ينصان على صلاحيات الجماعات المحلية ويزودانها بأدوات خاصة بالتهيئة ويتمثلان في :المخطط ألولائي للتهيئة ، والمخطط البلدي للتهيئة ، وهذا من أجل تخطيط النمو على مستوى كل الوحدات الإدارية ،والتحكم أكثر في عمليات التهيئة على المستوى المحلي (البلدية-الولاية) وبالإضافة إلى استحداث هذه الأدوات استحث تقسيم إداري جديد سنة 1984م.حيث ارتفع عدد الولايات من 26 ولاية سنة 1974م إلى 48ولاية في سنة 1984م وبالتالي أصبحت الولايات الجزائرية تمثل كيانات عمرانية ووظيفية منسجمة ومتقاربة من حيث الإمكانات والموارد، وقد روعي في هذا التقسيم تقليص مساحات المدن الجزائرية حتى لا تؤثر بهيمنتها على نمو الولايات الجديدة ،وقد كان لهذا التقسيم الجديد عدة ايجابيات خاصة في المناطق الداخلية للبلاد،حيث أدى ظهور عواصم إدارية جديدة للولايات المستحدثة للمناطق المذكورة والتي كانت تعاني التهميش والى خلق تكافؤ من حيث شبكة العمران والاستيطان البشري ، وعمل على تحقيق التوازن في العلاقات بين الأقاليم بفضل استفادتها من إجراءات هامة في الميدان الاقتصادي والاستثمارات في البنية التحتية لجعلها مراكز للخدمة المحلية أو الإقليمية.وبذالك تعد الخريطة الإدارية أداة رسمية لنشر التنمية وتحقيق التوازن بين البلاد والنهوض بالإمكانيات المحلية والحد من ظاهرة النزوح والتركز على الشريط الساحلي وتوجيه التنمية نحو المناطق الداخلية للبلاد (السهول العليا والصحراء ).وتزودت أيضا التهيئة العمرانية في 12جانفي 1987م بقانون التهيئة والتعمير رقم 87/03المتعلق بالتهيئة العمرانية الذي يوضح أدواتها على المستويين الوطني والجهوي واللذان يندرج تحتهما 48 مخطط ولائي للتهيئة ، والمخططات البلدية للتهيئة،ويحدد هذا القانون تناسقها دون أن يتبع بالنصوص الأساسية التطبيقية ،وهكذا لم يتم تحديد اطار العداد وكيفيات اعتماد المخطط الوطني للتهيئة العمرانية والمخططات الجهوية ولا الادوات القانونية المحلية الخاصة، طبقا لما ينص عليه القانون ولذلك كان تطبيق هذه السياسة محدود جدا لعدة اسباب أهمها: *اتباع الدولة لمنهج التخطيط والتي كانت تعطي الاولوية فيه للنظرة القطاعية دون ان تولي الاهتمام بالتنسيق ازاء التوجهات المحلية .
*عمليات التخطيط المثقلة بالقرارات المركزية وضعت ضروريات التهيئة العمرانية في الدرجة الثانية ، بالاضافة تهميش الخصوصيات المحلية لكل مجال، نتيجة غياب المناقشة العامة والتشاور، بالاضافة الى الأزمة الاقتصادية التي أجتاحت الجزائر سنة 1986م ، نتيحة انخفاصض سعر البترول والتي كان لها تأثير كبير على كل السياسات التي أنتهجتها الدولة،ومن بينها سياسة التهيئة العمرانية.وكانت احداث أك


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليكم موضوع هام حول مراحل التهيئة العمرانية بالجزائر : تاريخ التهيئة العمرانية تتربع الجزائر على مساحة تقارب 2381741كم2 وتتميز بعدم التجانس في وحداتها التضاريسية من الشمال إلى الجنوب،وتتمثل هذه التضاريس في :السهول الساحلية ،سلسلة الأطلس التلي،الهضاب العليا،سلسلة الأطلس الصحراوي،الصحراء الكبرى،وهذا التنوع في التضاريس أعطى اختلاف في المناخ وبالتالي تباين في المؤهلات الطبيعية بين شمال البلاد وجنوبها.وقد مر تنظيم هذا المجال الجزائري منذ القدم مراحل تبعا لفترات الحكم التي تعاقبت عليه،بداية بفترة الحكم العثماني والتي تميزت بنظامها المتميز والذي كان يسمى نظام البايلك،حيث قسم المجال الجزائري الى ثلاث مناطق رئيسية وهي بأيلك الشرق،بايلك التيطري،بايلك الغرب،وقد اعتمد هذا التقسيم كمحاولة للتحكم الجيد في طرق تهيئة المجال منهجه استغلال كل الأراضي .وتلت هذه الفترة فترة الاستعمار الفرنسي والتي كانت بدايتها في سنة 1830/م وهذه الأخيرة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل رئيسية وهي مرحلة استكمال الغزو الفرنسي للجزائر(1830/1910) تميزت هذه المرحلة باستكمال الغزو وتوسيع عملية الأستطان الأوروبي على حساب أراضي العروش والقبائل المتواجدة في السهول الساحلية الخصبة والأحواض الداخلية،وإقامة المستوطنات والأحياء الأوروبية بالقرب من المدن الجزائرية العتيقة،وتدعيمها بالهياكل الأساسية من طرق برية وسكك حديديه أنجزت بأيدي جزائرية أستقطب كلها من الأرياف،تبدأ هذه الشبكة عند مصادر المواد الأولية من معادن وثروات طبيعية أخرى وتنتهي عند الموانئ من أجل ربط الجزائر بفرنسا في مجال الأستراد و التصدير (المواد الخام مقابل المنتجات الفرنسية المصنعة .)وبالمقابل ضلت الأغلبية الساحقة من الجزائريين تعيش في الأرياف في ظروف مزرية جراء الأوضاع المتدهورة في جميع المجالات.الأمر الذي دفع بالأغلبية منهم إلى النزوح نحو المراكز الحضرية والإقامة على حواف هذه المراكز في بيوت قصديرية والعمل عند المعمرين في الأشغال الشاقة خاصة في ميدان الأشغال التي تخص أنجاز الطرقات وحفر الأنفاق …….. مرحلة الاضطرابات وكثرة الحروب والأزمات الاقتصادية (1910/1954) قد كان تأثير هذه الاضطرابات الاقتصادية والحروب كبيرا على الجزائر وتسببت في انتشار الفقر والمجاعات بين السكان الجزائريين، من جراء تناقص الإنتاج الزراعي الفرنسي وتعويضه بالمنتوج الزراعي الجزائري،خاصة في ميدان الحبوب وقد استمرت هذه المرحلة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية مما دفع بسكان الأرياف إلى النزوح الريفي شديد باتجاه المراكز الحضرية بحثا عن الشغل وظروف معيشية أقل ضراوة، مما أثر كثيرا على التوازنات الجهوية من جهة وصعوبة الحياة في المراكز الحضارية من جهة أخرى .

مرحلة اندلاع الثورة والسنوات الأولى من الاستقلال (1966/1954) عرفت هذه المرحلة بنزوح ريفي شديد جراء اللا أمن وسياسة التشريد التي مارسها الاستعمار الفرنسي على سكان الأرياف من طرد وتقتيل جماعي وإقامة المحتشدات لعزل السكان عن الثورة من جهة وحراستهم ومراقبتهم من جهة ثانية ، وأستمر النزوح الريفي نحو المدن والمراكز الحضرية في السنوات الأولى بعد الاستقلال بسبب تواجد حظيرة سكنية شاغرة بعد مغادرة الاستعمار الفرنسي وتركز معظم التجهيزات بهذه المناطق من البلاد . مرحلة الاستقلال المرحلة الأولى (1979/1962) سياسة توازنات جهوية أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية ورثت الجزائر بعد الاستقلال أوضاعا مزرية عن المستعمر الفرنسي، حيث تميزت هذه الفترة بعدم التجانس في توزيع الهياكل القاعدية وكذا المنشئات الاقتصادية والمراكز الحضرية، حيث ركز المستعمر كل جهوده على المنطقة الشمالية للبلاد خاصة المناطق الساحلية ذات المؤهلات الكبيرة مما جعل هذه المناطق بعد الاستقلال مستقطبة للسكان لتوفر التجهيزات وتوطن كل الخدمات الاقتصادية والاجتماعية بها،هذه الوضعية زادت في حدة الفوارق الجهوية بين أرجاء البلاد وبروز فوهة كبيرة بين المدن والأرياف من جهة وبين المناطق الداخلية للبلاد والمناطق الساحلية من جهة ثانية،وأمام هذه الوضعية الحرجة التي ميزت المجال الجزائري آنذاك. باشرت الدولة عدة إصلاحات وتدخلات من أجل التقليل من حدة اللاتوازن في الانتشار عبر التراب الوطني، وتتمثل هذه الإصلاحات في البرامج التنموية الخاصة بالمناطق المحرومة،حيث استفادة ثمان ولايات من برامج تنموية واسعة في الفترة الممتدة بين (1967-1973) كما عمدت الدولة إلى توظيف عائدات البترول في بناء الاقتصاد الوطني بوضع المخطط الثلاثي (1967-1969)والذي وجهت من خلاله الدولة الاهتمام بقطاع الإنتاج وهذا بإقامة العديد من الأقطاب الصناعية الكبرى، الأول على محور عنابه،قسنطينة سكيكدة.والثاني على محور العاصمة، رويبة، رغاية والثالث على محور أرزيو،وهران،مستغانم ويهدف إنشاء هذه الأقطاب الصناعية إلى تحديث مناطق الشرق والوسط والغرب الجزائري والقضاء على البطالة وخلق نوع من التوازن بين جهات الوطن ، لكن هذه الإصلاحات تركزت على المناطق الساحلية والتلية وبالتالي دعمت وبصورة غير مباشرة التوجه العمراني والاقتصادي الموروث عن الفترة الاستعمارية وزادت في حدة الفوارق بين المناطق الشمالية والجنوبية للبلاد وعمقت الفجوة.وهذا ما يدل على غياب إستراتيجية واضحة المعالم للتهيئة العمرانية في الجزائر آنذاك ،ومن سلبيات هذه الإجراءات أنها مست المدن الكبرى فقط واستهلكت أراضي زراعية خصبة لتوقيع الصناعية مثل سهول متيحة ،عنابه،وهران …، وقد فشلت هذه الأقطاب في لعب الدور المنوط بها، فعوض أن تحقق التنمية في محيطها تحولت إلى مناطق استقطاب وجذب للسكان خاصة النازحين من المناطق الداخلية ، وزيادة تضخم المدن وانتشار البيوت القصديرية على حواف المدن والتي تحولت فيما بعد إلى بؤر للفقر والحرمان والتهميش ، وهذا ما يدل على عدم الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الموروثة من المستعمر بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية من جهة والمناطق الشمالية والداخلية من جهة ثانية ،زيادة على عدم الاطلاع على الحقيقة كل الأقاليم الجزائرية قبل مباشرة الإصلاحات .وفي بداية السبعينات زاد وعي الدولة بخطورة الوضع الذي ميز المجال الجزائري نتيجة الفوارق الجهوية التي أفرزتها الأوضاع المزرية لنتائج اللاأستقرار جراء النزوح الريفي كنتيجة للفقر والتهميش الذي شهدته الأرياف الجزائرية آنذاك وكذا التمركز الكبير حول المدن الكبرى ، فبادرة الدولة بسياسة جديدة تهدف للتثبيت سكان الأرياف وتخفيف الضغط على المدن وزيادة الإنتاج ألفلاحي فكانت تحت عنوان الثورة الزراعية وهذا في سنة 1971م مع برمجة أكثر من 1000 قرية اشتراكية بهدف تحسين مستوى التجهيزات في الأرياف و تثبيت السكان.لكن هذه السياسة لم تحقق الأهداف المنوطة بها لسببين:أولها هو ترك النشاط ألفلاحي و تنقل الفلاحين المؤممين نحو المراكز الحضرية لضمان الشغل في الوحدات الصناعية و بالتالي أجور ثابتة و ضمان الاستفادة من الخدمات الاجتماعية كالتمدرس الأطفال و الرعاية الصحية….و السبب الثاني هو تحول الوظيفة الأساسية للقرى الاشتراكية الاشتراكية حيث تحولت فيما بعد إلى انويه لمدن مصغرة تحتوي على كل المزايا الحضرية، حيث بلغ عدد القرى المنجزة 750 قرية وقعت اغلبها على الأراضي الفلاحية الجيدة.
كما ميز هذه المرحلة أيضا التخطيط المركزي و ذلك بوضع المخططين الرباعيين (1970-1973) و (1974-1977) والذي خصص لهما أكثر من 50 بالمائة من الاعتمادات المالية آنذاك وكانا يهدفان إلى مواصلة تنفيذ المشاريع الصناعية الكبرى والبرامج الخاصة كما خصصت عمليات أخرى على المستوى المحلي:المخططات الولائية والمخططات البلدية للتنمية والذي كان في سنة 1974،ومخططات التجديد العمراني …وقد حقق هذين المخططين الرباعيين بعض النتائج الايجابية نذكر منها على وجه الخصوص توفير مناصب الشغل في المناطق المستفيدة من المناطق الصناعية وكذا في إطار الثورة الزراعية التي مست المناطق الريفية،إلا آن كل هذه الأعمال كانت محدودة في الزمان ولم تأثر كثيرا في الخريطة الإقليمية للبلاد وزادت الفوارق الجهوية حدة خاصة بين المناطق الساحلية والمناطق الأخرى مع تبديد للأراضي الفلاحية الخصبة للبلاد .ويمكن القول أن هذه المرحلة ميزتها سياسة توازن جهوي أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية … المرحلة الثانية (1990-1979) ظهور سياسة عمرانية ذات صلاحيات لكن بدون سلطة وبدون وسائل في الثمانيات زاد الوعي بالمخاطر التي أفرزتها الاختلالات الموجودة بين أرجاء البلاد، فظهرت التهيئة العمرانية للمرة الأولى ضمن صلاحيات دائرة وزارية، وهذا بإحداث وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية في سنة 1979 قصد تأطير ووضع سياسات للتهيئة،من أجل التغيير من الأوضاع المجالية السائدة أنداك وقد تزامن هذا مع وضع المخطط الخماسي الأول (1980-1985) الذي كان يهدف إلى تنمية المناطق الداخلية للبلاد وكذا أعادة هيكلة القطاع الصناعي،وفي سنة 1981م تأسست الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية ، والتي كلفت على وجه الخصوص باعداد المخطط الوطني للتهيئة والتعمير .
،والذي تندرج تحته مخططات جهوية للتهيئة العمرانية . (snat(
،كما صدر في نفس السنة قانونان يتضمنان تعديلات وتتميمات لقانوني الولاية ( srat )
والبلدية ،اللذان ينصان على صلاحيات الجماعات المحلية ويزودانها بأدوات خاصة بالتهيئة ويتمثلان في :المخطط ألولائي للتهيئة ، والمخطط البلدي للتهيئة ، وهذا من أجل تخطيط النمو على مستوى كل الوحدات الإدارية ،والتحكم أكثر في عمليات التهيئة على المستوى المحلي (البلدية-الولاية) وبالإضافة إلى استحداث هذه الأدوات استحث تقسيم إداري جديد سنة 1984م.حيث ارتفع عدد الولايات من 26 ولاية سنة 1974م إلى 48ولاية في سنة 1984م وبالتالي أصبحت الولايات الجزائرية تمثل كيانات عمرانية ووظيفية منسجمة ومتقاربة من حيث الإمكانات والموارد، وقد روعي في هذا التقسيم تقليص مساحات المدن الجزائرية حتى لا تؤثر بهيمنتها على نمو الولايات الجديدة ،وقد كان لهذا التقسيم الجديد عدة ايجابيات خاصة في المناطق الداخلية للبلاد،حيث أدى ظهور عواصم إدارية جديدة للولايات المستحدثة للمناطق المذكورة والتي كانت تعاني التهميش والى خلق تكافؤ من حيث شبكة العمران والاستيطان البشري ، وعمل على تحقيق التوازن في العلاقات بين الأقاليم بفضل استفادتها من إجراءات هامة في الميدان الاقتصادي والاستثمارات في البنية التحتية لجعلها مراكز للخدمة المحلية أو الإقليمية.وبذالك تعد الخريطة الإدارية أداة رسمية لنشر التنمية وتحقيق التوازن بين البلاد والنهوض بالإمكانيات المحلية والحد من ظاهرة النزوح والتركز على الشريط الساحلي وتوجيه التنمية نحو المناطق الداخلية للبلاد (السهول العليا والصحراء ).وتزودت أيضا التهيئة العمرانية في 12جانفي 1987م بقانون التهيئة والتعمير رقم 87/03المتعلق بالتهيئة العمرانية الذي يوضح أدواتها على المستويين الوطني والجهوي واللذان يندرج تحتهما 48 مخطط ولائي للتهيئة ، والمخططات البلدية للتهيئة،ويحدد هذا القانون تناسقها دون أن يتبع بالنصوص الأساسية التطبيقية ،وهكذا لم يتم تحديد اطار العداد وكيفيات اعتماد المخطط الوطني للتهيئة العمرانية والمخططات الجهوية ولا الادوات القانونية المحلية الخاصة، طبقا لما ينص عليه القانون ولذلك كان تطبيق هذه السياسة محدود جدا لعدة اسباب أهمها: *اتباع الدولة لمنهج التخطيط والتي كانت تعطي الاولوية فيه للنظرة القطاعية دون ان تولي الاهتمام بالتنسيق ازاء التوجهات المحلية .
*عمليات التخطيط المثقلة بالقرارات المركزية وضعت ضروريات التهيئة العمرانية في الدرجة الثانية ، بالاضافة تهميش الخصوصيات المحلية لكل مجال، نتيجة غياب المناقشة العامة والتشاور، بالاضافة الى الأزمة الاقتصادية التي أجتاحت الجزائر سنة 1986م ، نتيحة انخفاصض سعر البترول والتي كان لها تأثير كبير على كل السياسات التي أنتهجتها الدولة،ومن بينها سياسة التهيئة العمرانية.وكانت احداث أك


[read] شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . [/read]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.