التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

طول الفصل وأثره في اللغة والإملاء

إن اللغة العربية لغة فهم، وكل ما يؤدي إلى لبس تعمل على إزالته بطرق شتى.
كيف؟
المسافة في اللغة مهمة، فإذا طالت بين ركني الجملة فقد يؤدي ذلك إلى عدم الفهم فتعمد اللغة إلى التكرار للنص على الربط، مثل هذه الآية الكريمة في ذلك النص المقتبس من “المجتبى من مشكل إعراب القرآن الكريم”:

آ: 35 { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ }
جملة ” أيعدكم ” مستأنفة في حيِّز القول، ” إذا ” ظرف محض متعلق بـ ” مخرجون “، المصدر المؤول من ” أن ” وما بعدها مفعول ثان لـ ” يعدكم “، وتكرر الحرف الناسخ؛ لطول الفصل و ” مخرجون ” خبر ” أن ” الأولى.

والأمثلة كثيرة.

وعندما دخلت علامات الترقيم اللغة العربية حلت الشرطة محل التكرار على ما يبينه ذلك الاقتباس من “المستشار اللغوي الإصدار الثاني” الذي يوضح مواضع الشرطة:

الشرطة، أو الوصلة، وترسم هكذا: –
وتكون في ثلاثة مواضع:
1ـ بين العدد والمعدود إذا وقعا عنوانا في أول السطر، نحو:
* التبكير في النوم واليقظة يكسب الإنسان ما يأتي:
أولا – صحة البدن.
ثانيا – وفور المال.
ثالثا – سلامة العقل.

2ـ بين ركني الجملة، إذا طال الركن الأول ؛ وذلك لتسهيل فهمها، نحو:
أ ) الفصل بين المبتدأ والخبر، مثل:
* أولُ كتاب نظم الحياة على أساس من الحرية، والعدالة، والنظام – القرآنُ الكريم.
ب) الفصل بين الشرط وجوابه، مثل:
* من يقدم على مشروع يعتقد أن له فيه خيرًا، قبل أن يدرس ما يتطلبه هذا المشروع من إعداد الوسائل، ودراسةالملابسات، واستشارة المجربين، وتصور الوجوه المحتملة لنتائج هذا الإقدام، للاستعداد
لها – فليس نجاحه مضمونا.

3ـ بين الكلمات المسرودة، أو الجمل المتتالية المنقطعة عما قبلها، كما في:
* صغّر الكلمات الآتية مبينا ما حدث فيها من تغييرات:
[ مهيمن – مسيطر- مبين ]


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

الأدب في العصر الجاهلي

الأدب في العصر الجاهلي

مقدمة: يراد بالعصر الجاهلي في الدراسة الأدبية فترة محدودة تقدر بقرن أو قرن ونصف قبل ظهور الإسلام، وتعني كلمة الجاهلية السفه والطيش[1]، ثم صار إطلاقها دلالة على الوثنية والأخلاق القائمة على الحمية والأخذ بالثأر.
شبه الجزيرة العربية: تقع في الجنوب الغربي من القارة الآسيوية، يحدها نهر الفرات وبادية الشام شمالا، والخليج العربي وبحر عمان شرقا، والمحيط الهندي جنوبا، ومن الغرب البحر الأحمر. وتنقسم إلى خمسة أقسام من الناحية الإقليمية وهي: تهامة، نجد، الحجاز، اليمن، العروض.
القبائل العربية: تنقسم القبائل العربية إلى قسمين: شمالي وجنوبي، فالقسم الشمالي ينقسم إلى قسمين كبيرين: عدناني مضري، وهم عرب الشمال المنحدرون من عدنان ومضر ونزار1، من أهم قبائلها وقسم قحطاني انتقل من الجنوب (اليمن وحضرموت) بعد ضعف ممالكها سبأ، ذي ريدان وحضرموت، وبعد (سيل العرم) الذي خرَّب سد مأرب2. وقد تكتل العرب على أساس الأنساب في مجموعتين:
قحطانية يمنية: وتنتسب ليعرب بن قحطان، وتسمى هذه المجموعة العرب العاربة.
مضرية عدنانية: وتنسب لنسل عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وتسمى عربا مستعربة.
النظام القبلي: كان الرباط القبلي فيما بينهم العصبية القبلية، ودليل ذلك دريد بن الصمة إذ يقول:

وما أنا إلا من غُزيَّة إن غوت غويت وإن ترشد غُزية أرشد

أما النظام الذي كان يجمع بعض القبائل فهو نظام الأحلاف القاضي بالتناصر والتشارك بالغرم والغنم.
النظام الاجتماعي: كانت القبيلة تتألف من ثلاث طبقات: أبناؤها، وهم الذين يربطهم الدم و النسب، والعبيد، وهم الرقيق والموالي المجلوبون من البلاد المتاخمة خاصة الحبشة، والخلعاء الذين نفتهم قبائلهم ومنهم: تأبط شرا، الشنفرى، عروة بن الورد…
الحياة العقلية عند العرب: كانت أبرز مظاهر حياتهم العقلية تجليات اللغة جماليا، وهو ما تمثَّل في الأدب عموما، والشعر والخطابة خصوصا، كما كانت عندهم معرفة بالأنساب والأنواء والطب.
أما إذا انتقلنا إلى المجال الديني، فقد تعددت الأديان وكان أكثرها عبادة الأوثان، وكان منهم من عبد القمر مثل كنانة، ومنهم من عبد الشمس وهو ما حدث في أجزاء من اليمن، كما نجد اليهودية في يثربَ واليمنِ، وانتشرت النصرانية في ربيعة وغسان والحيرة ونجران، ولا ننسى الحنفاء الذين لم يتبعوا دينا، وإنما اتجهوا لعبادة الله عز وجل اتباعا للنبي إبراهيم عليه السلام. وقد تميز أغلب العرب بأخلاق منها الذميمة كالوأد، لعب الميسر وشرب الخمر، والنبيلة مثل الكرم، وحماية الجار…وكثيرا ما تغنوا بها في أشعارهم.

1- وأصدق ما يدل على ذلك الحروب التي نشبت بين أبناء القبيلة على أساس تافه كحرب داحس والغبراء، وحرب البسوس.

2– من أهم قبائلها: قريش،ثقيف، عبد القيس، بنو حنيفة، تغلب، أسد، هذيل، قيس، عيلان وغطفان…

3– من أهم قبائلها: كِنْدَة، الأزد، تنوخ، طيء، قُضاعة، خُزاعة…


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

بلاغة الصور البيانية

بلاغة الصور البيانية
بلاغة التشبيه: تنشأ بلاغة التشبيه من انتقاله بك من الشيء نفسه إلى صورة بارعة تتمثَّله، وكلما كان هذا الانتقال بعيدا قليل الحضور بالبال، ممتزجا بالخيال، كان التشبيه أدعى للإعجاب بها؛ فلو قارنَّا مثلا بين قولك: الأَرض كالكرة في الشكل، وأبي الطيب إذ يدعو على نفسه بالبِلى إن هو لم يقف على الأطلال قائلا:
بَلِيتُ بِلى الأَطْلاَلِ إِنْ لَمْ أَقِفْ بِهَا وُقُوفَ شَحِيحٍ ضَاعَ فيِ التُّرْبِ خَاتَمُهْ

فالفرق بين المثالين السالفي الذكر، أن المثال الأول قد أظهر التشابه بينهما جليا، ولم نكن بحاجة إلى براعة أو جهد أدبي للعثور عليه، هذا إضافة إلى خلوها من الخيال، بعكس ما وجدناه في قول المتنبي من براعة انتقاء الصورة المناسبة لصورة تأمُّله وحيرته على الأطلال بصورة هذا الشحيح؛ إذ تبين براعةَ الشاعر على براعة تصيد الصورة المناسبة، وحذقَه في عقد المشابهة بين حالتين ما كان يخطر بالبال تشابههما.
هذه هي بلاغة التشبيه من حيث جمال صورته، وبعد مرماه، ومقدار خياله، أمَّا بلاغته من حيث الصورةُ اللفظيةُ فأقل التشبيهات مرتبة بلاغيا، ما ذكرت أركانه جميعا (تشبيه مرسل مفصل)، وأجودها ما كان بليغا (تشبيه مؤكد مجمل)؛ ففي هذه الحالة يُدَّعى أن المشبه هو عين المشبه به. لحذف كلٍ من أداة التشبيه ووجه الشبه، وهو مما يقرِّب بين طرفي التشبيه.
بلاغة الاستعارة: تشترك الاستعارة والتشبيه في تخير اللفظ الذي يرفع الذوق البلاغي من بساطته إلى تجسيد الصورة المبتغى التعبيرُ عنها،كما أن الاستعارة تَسْتَلُّ السامع من التشبيه إلى صورة أجمل. استمع إلى الشريف الرضي يقول في الوداع:

نَـسْرِقُ الدَّمْـعَ فِي الجُيُوبِ حَـيَاءً وَبِنـََا مَـا بِنـََا مِـنَ الأَشْـوَاقِ

تأمل كيف صوّر لنا الشاعر إخفاء دمعه في سرعة، ووضعَه في مكان قريب منه دون أن يُشعر الآخرين بحزنه، كي لا يوصم بالضعف بلفظ (نسرق).إضافة إلى هذا أن الاستعارة فضلت على التشبيه البليغ في أنه برغم ادعائه بلوغَ المشبَّه درجةَ المشبَّه به، إلاَّ أنَّ الاستعارة أنكرت المشابهة مُنسيةً إياه.
بلاغة المجازين المرسل والعقلي: تظهر بلاغة كل منهما في الإيجازِ، والمهارةِ في تخير العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، بحيث يكون المجاز مصوِّرا للمعنى المقصود خير تصوير، فالإيجاز في قولك من المجاز العقلي مثلا: بنى الحاكمُ المدينة، بدلا من قولك: (بنى عمالُ الحاكم المدينة)، أما براعة تخير العلاقة بين المعنيين الأصلي والمجازي، ففي مثل إطلاق العين على الجاسوس بهدف الاهتمام في المعنى بسبب إرسالهم إياهم.




بلاغة الكناية: السر في بلاغة الكناية أنها تعطيك في الكثير من الأحايين الحقيقة مقترنة ببرهانها، إضافة إلى أنها تقدِّم المعاني في صور محسوسة، فخذ على سبيل المثال البحتري حين قال في الفتح بن خاقان:

يَغُضُّونَ فَضْلَ اللَّحْظِ مِنْ حَيْثُ مَا بَدَا لَهُمْ عَنْ مَهِيبٍ فِي الصُّدُورِ مُحَبَّبِ

فتمثلت الكناية في إشارتها إلى حقيقة الإكبار المجردة، من خلال برهانها الحسي (يغضون فضل اللحظ).
كما أنها تمكِّن من أن تشفي الغليل من غير أن يصل المكنى عنه إليك للرد عليك، ويسمى هذا النوع بالتعريض، و مِثال ذلك قول المتنبي مُعرِّضًا بكافور الإخشيدي:

فَلَـوْ كَانَ مَا بِي مِنْ حَبِيبٍ مُقَنَّـعٍ عَـذَرْتُ وَلَكِنْ مِنْ حَـبِيبٍ مُعَمَّمٍّ
رَمَى واتَّقى رَمْيِي وَ مِن دُونِ مَا اتَّقى هَوًى كَاسِرٌ كَفِّي وَقَوْسِي وأسهمي
إذا سَـاءَ فِـعْـلُ المَـرْءِ سَاءَتْ ظُـنُونُـهُ وَصـَـدَّقَ ما يَـــعْـتَادُهُ مِنْ تَـوَهُّـمٍ

فإنه كنى عن كافور الإخشيدي أولا بـ(المعمَّم)، على أنه رجل، فهو يعذر المرأة (المقنَّع)، أي النقاب عن غدرها ثم رماه بالخوف، لأنه يرمي ويستَتِر خلف غيره، على أن المتنبي لا يجازيه بالمثل، لأنه لا يزال يحمل في قلبه هوى قديما يكسر ما يحاول به النضال؛ فقد نال من الإخشيدي بذكر صفاته دون أن يكون له سبيل للوصول إليه.
ومن أوضح ميزات الكناية أيضا، التعبير عن القبيح بما تُسيغه الأسماع، ومثال ذلك قول الله عز وجل:﴿ لامستم النساء﴾

خلاصة القول

بلاغة التشبيه تكمن في تخير الصورة المناسبة البعيدة عن حضورها في البال إلا عن الأديب، إضافة إلى امتزاجها ببعض الخيال، هذا من خلال جمال التصوير، أما من حيث اللفظ فإن التشبيه البليغ يفضل ما كان من التشبيهات التي تذكر فيها أداة التشبيه ووجه الشبه.
كما تشترك بلاغة الاستعارة مع التشبيه في اختيار اللفظ، وتَفضُلُها من حيث ينسى في الاستعارة أن هناك تشابها، وتتمثل بلاغة المجازين المرسل والعقلي في إيجاز العبارة، والاهتمام بالعلاقة التي تنشأ عن الصورتين؛ إذ يتجسد المعنى المراد من خلال العلاقة الناشئة من العبارة.
أما السر في بلاغة الكناية فهي أنها تُقدم الحقيقة مرفَقَة بدليلها، ويتمثَّل جمال ذلك أكثر في تقديم الحقيقة المجردة بدليل محسوس، ويظهر ذلك جليا في الكناية عن صفة أو الكناية عن نسبة. كما أنها تشفي الغليل من الخصم دون سبيل له عليك، وهو ما يسمى التعريض، إضافة إلى أنها تكنِّي عن القبيح في صورة أحسن.


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

علم العاني من علوم البلاغة العربية

علـم المعـاني

تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء:

الكلام قسمان: خبر وإنشاء:
Ý-فالخبر ما يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب، فإن كان الكلام مطابقا للواقع كان قائله صادقا، وإن كان غير مطابق له كان قائله كاذبا.
مثل:
إن البخيل وإن أفاد غنى لترى عليه مخايل الفقر
ȝ-والإنشاء: ما لا يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب
كقول الشاعر:
لا تلق دهرك إلا غير مكترث ما دام يصحب فيه روحك


الخبـر

أ- ركنا الخبر:
لكل جملة من جمل الخبر والإنشاء ركنان:
1-محكوم عليه ويسمى مسندا إليه
2-ومحكوم به ويسمى مسندا
وما زاد على ذلك غير المضاف إليه والصلة فهو قيد

ب- الغرض من إلقاء الخبر
الأصل في الخبر أن يلقي لأحد غرضين:
1-إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة ويسمى ذلك الحكم (فائدة الخبر).
مثل: ولد النبيr عام الفيل.
2-إفادة المخاطب أن المتكلم عالم بالحكم ويسمى ذلك (لازم الفائدة)
مثل:
“أنت تعمل في حديقتك كل يوم”.
قد يلقى الخبر لأغراض أخرى تفهم من السياق، منها ما يأتي:
1-الاسترحام: )رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير(
2-إظهار الضعف: )رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا(
3-إظهار التحسر: )رب إني قومي كذبون(
4-الفخر: كقول الشاعر:
إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابرة ساجدينا
5-الحث على السعي والجد: كقول الشاعر:
وليس أخو الحاجات من بات نائما
ولكن أخوها من يبيت على وجل

ج- أضرب الخبر
للمخاطب ثلاث حالات:
Ý-أن يكون خالي الذهن من الحكم، وفي هذه الحال يلقى غليه الخبر من أدوات التوكيد، ويسمى هذا الضرب من الخبر ابتدائيا.
مثل: “أخوك قادم”
ȝ-أن يكون مترددا في الحكم طلبا أن يصل على اليقين في معرفته، وفي هذه الحال يحسن توكيده له ليتمكن من نفسه، ويسمى هذا الضرب طلبيا.
مثل: “إن أخاك قادم”.
ʝ-أن يكون منكرا له، وفي هذه الحال يجب أن يؤكد الخبر بمؤكد أو أكثر على حسب إنكاره قوة وضعفا، ويسمى هذا الضرب إنكاريا.
مثل: “والله إن أخاك قادم”.
لتوكيد الخبر أدوات كثيرة منها: إن، وأن والقسم، ولام الابتداء، ونونا التوكيد، وأحرف التنبيه، والحرف الزائدة، وقد، وأما الشرطية.

د- خروج الخبر عن مقتضى الظاهر
إذا ألقي الخبر خاليا من التوكيد لخالي الذهن، ومؤكدا استحسانا للسائل المتردد، ومؤكدا وجوبا للمنكر، كان ذلك الخبر جاريا على مقتضى الظاهر.
وقد يجري الخبر على خلاف ما يقتضيه الظاهر لاعتبارات يلحظها المتكلم ومن ذلك ما يأتي:
1-أن ينزل خالي الذهن منزلة السائل المتردد إذا تقدم في الكلام ما يشير إلى حكم الخبر.
كقوله تعالى: )واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون(.
2-أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات الإنكار عليه.
كقول الشاعر:
جاء شقيق عارضا رمحه إن بني عمك فيهم رماح
3-أن يجعل المنكر كغير المنكر إن كان لديه دلائل وشواهد لو تأملها لارتدع عن إنكاره.
كقوله تعالى: )وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم(.

الإنشاء

الإنشاء نوعان طلبي وغير طلبي:
Ý-فالطلبي ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، ويكون بالتالي:
1-بالأمر نحو: “أحب لغيرك ما تحب لنفسك”.
2-والنهي : “لا تطلب من الجزاء إلا بقدر ما صنعت”.
3-والاستفهام: نحو:
ألا ما لسيف الدولة اليوم عاتبا فداه الورى أمضى السيوف مضاربا
4-والتمني، نحو:
ياليت شعري وليت الطير تخبرني ما كان بين علي وابن عفانا
5-والنداء، نحو:
يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدم
ȝ-وغير الطلبي ما لا يستدعي مطلوبا، وله صيغ كثيرة منها:
1-التعجب: نحو: “ما أحسن زيدا”، وقوله تعالى: )كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم(، ونحو: “لله دره فارسا”.
2-المدح: نحو: “نعم البديل من الزلة الاعتذار”
3-الذم، نحو: “بئس العوض من التوبة الإصرار”.
4-القسم، كقول الشاعر:
لعمرك ما بالعلم يكتسب الغنى ولا باكتساب المال يكتسب العقل
5-أفعال الرجاء، كقول الشاعر:
لعل انحدار الدمع يعقب راحة من الوجد أو يشفى شجي البلابل
وقال آخر:
عسى سائل ذو حاجة إن منعته من اليوم سؤلا أن يكون له غد
6-صيغ العقود.

الإنشاء الطلبي

أولا: الأمر:
– الأمر: طلب الفعل على وجه الاستعلاء.
– وله أربع صيغ:
1-فعل الأمر، نحو: “علّم الجاهل، وذاكر العالم”.
2-المضارع المقرون بلام الأمر، كقوله تعالى: )وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق(
3-اسم فعل الأمر، كقوله تعالى: )عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم(.
4-المصدر النائب عن فعل الأمر، كقوله تعالى: )وبالوالدين إحسانا(، “سعيا إلى الخير”.
-قد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلي إلى معان أخرى تستفاد من سياق الكلام مثل:
1.الإرشاد، كقوله تعالى: )إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه(.
2.الدعاء، كقوله تعالى: )رب أوزعني أن أشكر نعمتك(.
3.الالتماس، كقولك لصديقك: “اعطني الكتاب”.
4.التمني، كقول الشاعر:
يا ليل طل يا نوم زل يا صبح قف لا تطلع
5.التخيير:
6.التسوية، كقوله تعالى: )فاصبروا أو لا تصبروا(.
7.التعجيز، كقوله تعالى: )فادرؤوا عن أنفسكم الموت(
8.التهديد، كقوله تعالى: )اعملوا ما شئت إنه بما تعملون بصير(.
9.الإباحة، نحو “تزوج هندا أو أختها”.
10.الإهانه، كقوله تعالى: )قل كونوا حجارة أو حديدا(.


ثانيا: النهي:
-النهي طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء
-للنهي صيغة المضارع مع لا الناهية،كقوله تعالى: )وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا(.
-قد تخرج صيغة النهي عن معناها الحقيقي إلى معان أخرى تستفاد من السياق وقرائن الأحوال مثل:
1.الدعاء، كقوله تعالى: )ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا(.
2.الالتماس، كقولك لمن يساويك: “لا تتوان عن تحصيل العلوم”
3.التمني، نحو: “لا تطلع” في قوله:
يا ليل طل يا نوم زل يا صبح قف لا تطلع
4.الإرشاد، نحو قوله تعالى: )لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم(.
5.التوبيخ، كقول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
6.التيئيس، كقوله تعالى: )لا تعتذروا اليوم(.
7.التهديد، كقولك لخادمك: “لا تطع أمري”.
8.التحقير، كقول الشاعر:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد

ثالثا: الاستفهام وأدواته:
-الاستفهام: طلب العلم بشيء لم يكن معلوما من قبل، وله أدوات كثيرة منها:
1- الهمزة: ويطلب بها أحد أمرين:
Ý-التصور وهو إدراك المفرد، وفي هذه الحال تأتي الهمزة متلوة بالمسئول عنه ويذكر له في الغالب معادل بعد “أم”، نحو: “أأنت المسافر أم أخوك؟”.
ȝ-التصديق وهو إدراك النسبة، وفي هذه الحال يمتنع ذكر المعادل، نحو: “أيصدا الذهب؟”.
2-“هل” ويطلب بها التصديق ليس غير، ويمتنع معها ذكر المعادل، نحو: “هل جاءك صديقك؟”.
3- “من” ويطلب بها تعيين العقلاء، نحو:”من أول من أسلم من الرجال؟”.
4- “ما” ويطلب هبا شرح الاسم أو حقيقة المسمى
5- “متى” ويطلب بها تعيين الزمان ما ضيا كان أو مستقبلا، نحو: “متى جئت؟” و “متى تذهب؟”.
6- “أيان” ويطلب بها تعيين الزمان المستقبل خاصة وتكون في موضع التهويل، كقوله تعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها(.
7- “كيف” ويطلب بها تعيين الحال، نحو: “كيف جئت؟”؟
8- “أين” ويطلب هبا تعيين المكان، نحو: “أين تذهب؟”.
9- “أنى” وتأتي لمعان
Ý-بمعنى “كيف” نحو قوله تعالى: )أنى يحيي هذه الله بعد موتها(.
ȝ-وبمعنى “من” نحو قوله تعالى: )أنى لك هذا(.
ʝ-وبمعنى “متى” نحو: “أنى يحضر الغائبون؟”.
10-“كم” ويطلب بها تعيين العدد نحو قوله تعالى: )كم لبثتم(.
11-يطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما، نحو قوله تعالى: )أي الفريقين خير مقاما( ويسأل بها عن الزمان والمكان والحال والعدد والعاقل وغير العاقل على حسب ما تضاف إليه
وجميع الأدوات المتقدمة يطلب بها التصور، ولذلك يكون الجواب معها بتعيين المسئول عنه
وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معانيها الأصلية لمعان أخرى تستفاد من سياق الكلام كـ:
1-النفي، كقوله تعالى: )هل جزاء الإحسان إلا الإحسان(.
2-الإنكار، كقوله تعالى: )أغير الله تدعون(.
3-التقرير، كقوله تعالى: )ألم نشرح لك صرك(.
4-التوبيخ، كقول الشاعر:
إلام الخلف بينكم إلاما وهذه الضجة الكبرى علاما
5-التعظيم، كقوله تعالى: )من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه(.
6-التحقير، نحو: “أهذا الذي مدحته كثيرا”.
7-الاستبطاء، كقوله تعالى: )متى نصر الله(.
8-التعجب، كقوله تعالى: )مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق(.
9-التسوية، كقوله تعالى: )سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون(.
10-التمني، كقوله تعالى: )فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا(.
11-التشويق، كقوله تعالى: )هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم(.

رابعا: التمني:
التمني طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله:
– إما لكونه مستحيلا، كقوله:
ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
– وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله، كقول المعسر: “ليت لي ألف دينار”.
اللفظ الموضوع للتمني “ليت” .
وقد يتمنى بـ “هل” و “لو” و “لعل” لغرض بلاغي.
مثل:
-قال تعالى: )فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا(.
قال تعالى: )فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين(.

قال الشاعر:
أسرب القطا هل من يعير جناحه علي إلى من قد هويت أطير
إذا كان الأمر المحبوب مما يرجى حصوله كان طلبه ترجيا ويعبر فيه بـ “لعل” أو “عسى” كقوله تعالى: )لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا()فعسى الله أن يأتي بالفتح( وقد تستعمل فيه “ليت” لغرض إبراز المرجو في صورة المستحيل مبالغة في بعد نيل، كقول الشاعر:
فيا ليت ما بيني وبين أحبتي من البعد ما بيني وبين المصائب


خامسا: النداء:
النداء طلب النداء بحرف نائب مناب أدعو
أدوات النداء ثمان هي:
(يا) و (الهمزة) و(أي) و(آ) و(آي) و(أيا) و(هيا) و(وا).
لنداء القريب منها: الهمزة وأي، وغيرهما لنداء البعيد.
وقد ينزل البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة وأي إشارة إلى قربه من القلب وحضوره في الذهن
وقد ينزل القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة وأي إشارة إلى:
1-علو مرتبته، نحو: “أيا مولاي” وأنت معه.
2-أو انحطاط منزلته، نحو: “أيا هذا” لمن هو معك”.
3-أو غفلته وشرود ذهنه، كقولك للساهي: “أيا هذا”.
ويخرج النداء عن معناه الأصلي على معان أخرى تستفاد من القرائن مثل:
1-الزجر كقول الشاعر:
يا قلب ويحك ما سمعت لناصح لما ارتميت ولا اتقيت ملاما
2-والتحسر كقول الشاعر:
أيا قبر معن كيف واريت جوده وقد كان منه البر والبحر مترعا
3-والإغراء، كقولك لمن أقبل يتظلم: “يا مظلوم تكلم”.


القصر

أ- تعريف القصر:
القصر: تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص.

ب- طرق القصر:
طرق القصر المشهورة أربعة:
1-النفي والاستثناء وهنا يكون المقصور عليه ما بعد أداة الاستثناء، نحو: “لا يفوز إلا المجد”، وكقوله تعالى: )إن هذا إلا نلك كريم(.
2-إنما ويكون المقصور عليه مؤخرا وجوبا، نحو: “إنما الحياة تعب”، وكقوله تعالى: )إنما يخشى الله من عباده العلماء(.
3-العطف بـ “لا” أو “بل” أو “لكن” فإن كان العطف بـ “لا” كان المقصور عليه مقابلا لما بعدها نحو: “الأرض متحركة لا ثابتة”.
وإن كان العطف بـ “بل” أو “لكن” كان المقصور عليه ما بعدهما، نحو: “ما الأرض ثابتة بل متحركة” نحو: “ما الأرض ثابتة لكن متحركة”.
4-تقديم ما حقه التأخير وهنا يكون المقصور عليه هو المقدم، نحو: )إياك نعبد وإياك نستعين(

ج- طرفا القصر:
لكل قصر طرفان: مقصور ومقصور عليه

د- أقسام القصر:
أولا: باعتبار طرفيه:
ينقسم القصر باعتبار طرفيه قسمين:
1-قصر صفة على موصوف، بمعنى: أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر، نحو: “إنما الرازق الله” “ما أمير إلا عمر” أي: لا خالد.
2-قصر موصوف على صفة، بمعنى أن الموصوف لا يفارق الصفة إلى صفة أخرى تناقضها، نحو: “ما سعيد إلا وزير” أي: لا أمير.

ثانيا: باعتبار الحقيقة والواقع:
ينقسم القصر باعتبار الحقيقة والواقع قسمين:
1-حقيقي: وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه بحسب الحقيقة والواقع بألا يتعداه على غيره أصلا، نحو: “إنما الرازق الله”.
2-إضافي: وهو ما كان الاختصاص فيه بحسب الإضافة إلى شيء معين، نحو: )وما محمد إلا رسول(.


الفصل والوصل

الوصل عطف جملة على أخرى بالواو، والفصل ترك هذا العطف، ولكل من الفصل والوصل مواضع خاصة

أولا: مواضع الفصل
يجب الفصل بين الجملتين في ثلاثة مواضع:
1-أن يكون بينهما اتحاد تام، وذلك بأن تكون الجملة الثانية توكيدا للأولى أو بيانا لها أو بدلا منها، ويقال حينئذ: إن بين الجملتين “كمال الاتصال” كما في الأمثلة التالية:
-قوله تعالى: )فمهل الكافرين أمهلهم رويدا(.
-وقوله تعالى: )فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى(.
-وقوله تعالى:)وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ{132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ{133}(
2-أن يكون بينهما تباين تام، وذلك بأن تختلفا خبرا وإنشاء أو بألا تكون بينهما مناسبة ما، ويقال حينئذ: إن بين الجملتين “كمال الانقطاع”، نحو:
– يا صاحب الدنيا المحب لها أنت الذي لا ينتهي تعبه
– وإنما المرء بأصغريه كل امرئ رهن بما لديه
3-أن تكون الثانية جوابا عن سؤال يفهم من الأولى، ويقال حينئذ: إن بين الجملتين “شبه كمال الاتصال” نحو:
ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا
إن السماء ترجى حين تحتجب

ثانيا: مواضع الوصل
يجب الوصل بين الجملتين في ثلاثة مواضع:
1-إذا قصد اشتراكهما في الحكم الإعرابي، نحو:
وحب العيش أعبد كل حر وعلم ساغبا أكل المرار

2-إذا اتفقا خبرا أو إنشاء وكانت بينهما مناسبة تامة، ولم يكن هناك سبب يقتضي الفصل بينهما
كقوله تعالى: )إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم(، وقوله تعالى: )إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون(، وقوله: )فادع واستقم كما أمرت( ونحو: “اذهب إلى فلان وتقول له كذا”.

3-إذا اختلفتا خبرا أو إنشاء وأوهم الفصل خلاف المقصود، نحو: “لا وبارك الله فيك”.


الإيجاز والإطناب والمساواة

أ- المساواة:
وهو: أن تكون المعاني بقدر الألفاظ والألفاظ بقدر المعاني لا يزيد بعضها على بعض، كقوله تعالى: )وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ(.
ب- الإيجاز:
وهو: جمع المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل مع الإبانة والإفصاح وهو نوعان:
Ý-إيجاز قصر: ويكون بتضمين العبارات القصيرة معاني قصيرة من غير حذف، كقوله تعالى: )ولكم في القصاص حياة(
ȝ-إيجاز حذف: ويكون بحذف كلمة أو جملة أو أكثر مع قرينة تعيّن المحذوف، كما في الأمثلة التالية:
1- قوله تعالى: )ولم أك بغيا(.
2- قوله تعالى: )وجاهدوا في الله حق جهاده(.
3- قوله تعالى: )كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين( أي: فاختلفوا فبعث الله.
4- قوله تعالى حاكيا عن أحد الفتيين الذي أرسله العزيز إلى يوسف: )فأرسلون()يوسف أيها الصديق( أي: فأرسلوني إلى يوسف لأستعبره الرؤيا، فأرسلوه، وقال له: يا يوسف.

ج- الإطناب:
وهو: زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، نحو: )رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً( أي: كَبِرت.
ويكون بأمور عدة منها:
Ý-ذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضل الخاص، كقوله تعالى: )رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً( أي: كَبِرت.
ȝ-ذكر العام بعد الخاص لإفادة العموم مع العناية بشأن الخاص، نحو: )رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ(.
ʝ-الإيضاح بعد الإبهام لتقرير المعنى في ذهن السامع،نحو: )وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ(
˝-التكرار لداع: كتمكين المعنى من النفس وكالتحسر وكطول الفصل، نحو:
– يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم
يدعون عنتر والسيوف كأنها لمع البوراق في سحاب مظلم
– يا قبر معن أنت أول حفرة من الأرض خطت للسماحة موضعا
ويا قبر معن كيف واريت جوده وقد كان منه البر والبحر مترعا
– لقد علم الحي اليمانون أنني إذا قلت أما تعد أني خطيبها
̝-الاعتراض: وهو أن يؤتى في أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين في المعنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الأعراب، نحو:
ألا زعمت بنو سعد يأتي -ألاكذبوا- كبير السن فاني
͝-التذييل: وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها توكيدا وهو قسمان:
1-جار مجرى المثل إن استقل معناه واستغنى عما قبله، نحو:
تزور فتى يعطي على الحمد ماله ومن يعط أثمان المحامد يحمد
2-غير جار مجرى المثل إن لم يستغن عما قبله، نحو:
لم يبق جودك لي شيئا أؤمله تركتني أصحب الدنيا بلا أمل
Ν- الاحتراس: ويكون حينما يأتي المتكلم بمعنى يمكن أن يدخل عليه فيه لوم، فيفطن لذلك ويأتي بما يخلصه منه، نحو:
صببنا عليها ظالمين سياطنا فطارت بها أيد سراع وأرجل


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

من الصور البيانية

علـم البيـان

التشبيـه

أ- تعريف التشبيه:
هو: بيان أن شيئا أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر بأداة هي الكاف أو نحوها ملفوظة أو ملحوظة.

ب- أركان التشبيه:
أركان التشبيه أربعة هي: المشبه والمشبه به ويسميان طرفا التشبيه وأداة التشبيه ووجه الشبه ويجب أن يكون أقوى وأظهر في المشبه به منه في المشبه.
كقول الشاعر:
أنت كالليث في الشجاعة والإقـ ـدام والسيف في قراع الخطوب

ج- أقسام التشبيه:
1-التشبيه المرسل وهو: ما ذكرت فيه الأداة.
نحو:
وكأن أجرام النجوم لوامعا درر نثرن على بساط أزرق
2-التشبيه المؤكد وهو: ما حذفت منه الأداة.
مثل:
قوله تعالى: )وهي تمر مر السحاب(
3-” المجمل وهو: ما حذف منه وجه الشبه.
مثل: “العالم سراج أمته”.
4-” المفصل وهو: ما ذكر فيه وجه الشبه.
كقول الشاعر:
أنت كالشمس في الضياء وإن جا وزت كيوان في علو المكان
5-” البليغ وهو: ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه.
نحو: “علي أسد”

د- تشبيه التمثيل:
يسمى التشبيه تمثيلا إذا كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد، وغير تمثيل إذا لم يكن وجه الشبه كذلك.
كقول الشاعر:
وكأن الهلال نُون لجين غرقت في صحيفة زرقاءِ

ل- التشبيه الضمني:
هو: تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة بل يلمحان في التركيب.
وهذا النوع يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أسند على المشبه ممكن الوقوع.
كقول الشاعر:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام

هـ- أغراض التشبيه:
أغراض التشبيه كثيرة منها:
1-بيان إمكان المشبه، وذلك حين يسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له.
كقول الشاعر:
كم من أب قد علا بابن ذرا شرف كما علت برسول الله عدنان
2-بيان حاله، وذلك حينما يكون المشبه غير معروف الصفة قبل التشبيه فيفيده التشبيه الوصف.
مثل:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي

3- بيان مقدار حاله، وذلك إذا كان المشبه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية وكان التشبيه يبين مقدار هذه الصفة.
كقول الشاعر:
مداد مثل خافية الغراب وقرطاس كزقزاق السحاب
4-تقرير حاله: كما إذا كان ما أسند إلى المشبه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح بالمثال.
كقول الشاعر:
إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
5-تزيين المشبه أو تقبيحه.
كقول الشاعر:
مدد يديك نحوهم احتفاء كمدهما إليهم بالهبات
وقول آخر:
وتفتح –لا كانت- فماً لو رأيته توهمته بابا من النار يفتح

و- التشبيه المقلوب:
هو جعل المشبه مشبها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر.
كقول الشاعر:
وبدا الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح

الحقيقة والمجاز

Ý-المجاز اللغوي:
المجاز اللغوي هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
والعلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قد تكون المشابهة وقد تكون غيرها والقرينة قد تكون لفظية وقد تكون حالية.
كقول الشاعر:
قامت تظللني من الشمس نفس أحب إلى من نفسي
قامت تظللني ومن عجب شمس تظللني من الشمس
وقول آخر:
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ظنوا علي غضاب.
وقول آخر:
لعيني كل يوم منـك حـظ تحيـر منـه في أمـر عجـاب
حِمالة ذا الحسام على حسام وموقع ذا السحاب على سحاب

ب- الاستعارة التصريحية والمكنية:
الاستعارة من المجاز اللغوي وهي تشبيه حذف أحد طرفيه، فعلاقتها المشابهة دائما، وهي قسمان:
1-تصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به.
كقول الشاعر:
ناهضتهم والبارقات كأنها شعل على أيديهم تلتهم
وقول آخر:
لما غدا مظلم الأحشاء من أشر أسكنت جانحتيه كوكبا يقد
2-مكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه.
كقول الشاعر:
وإذا المنيت أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع

ج- تقسيم الاستعارة إلى أصليه وتبعية:
– تكون الاستعارة أصلية إذا كان اللفظ الذي جرت فيه اسما جامدا.
كقول الشاعر:
يمج ظلاما في نهار لسانه ويفهم عمن قال ما ليس يسمع
– ” ” تبعية إذا كان اللفظ الذي جرت فيه مشتقا أو فعلا.
كقول الشاعر:
قوله تعالى: )ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح…(
وكل تبعية قرينتها مكنية، وإذا أجريت الاستعارة في واحدة منها امتنع إجراؤها في الأخرى.

د- تقسيم الاستعارة إلى مرشحة ومجردة ومطلقة:
1- الاستعارة المرشحة: ما ذكر معها ملائم المشبه به
كقوله تعالى: )أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ(.
2- ” المجردة: ما ذكر معها ملائم المشبه.
كقول الشاعر:
فإن يهلك فكل عمود قوم من إلنيا إلى هُلك يصير
3- ” المطلقة: ما خلت من ملائمات المشبه به أو المشبه.
كقوله تعالى: )إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية(.
وقول الشاعر:
قوم إذا أبدى ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا
ولا يتم الترشيح أو التجريد إلا بعد أن تتم الاستعارة باستيفائها قرينتها لفظية أو حالية، ولهذا لا تسمى قرينة التصريحية تجريدا ولا قرينة المكنية ترشيحا

هـ- الاستعارة التمثيلية:
هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة معناه الأصلي
مثل:
-ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا
يقال: لمن لم يرزق الذوق لفهم الشعر الرائع

و- المجاز المرسل:
هو: كلمة استعملت في غير معناها الأصلي لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي
من علاقات المجاز المرسل:
1-السببية: نحو: “رعينا الغيث”.
2-المسببية: نحو: أمطرت السماء نباتا”.
3-الجزئية: كقوله تعالى: )قم الليل إلا قليلا(.
4-الكلية: قال تعالى: )جعلوا أصابعهم في آذانهم(
5-اعتبار ما كان: كقوله تعالى: كقوله تعالى: )وآتوا اليتامى أموالهم(.
6-اعتبار ما يكون: كقوله تعالى: )إني أراني أعصر خمرا(.
7-المحلية: كقوله تعالى: )فليدع ناديه(
8-الحالية: كقوله تعالى: )وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله(.


الكناية

أ- تعريف الكناية:
الكناية: غالبا ما يكون تركيبا لفظيا يُطلق ويُراد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى.
مثل: “فلان طويل النجاد”.

ب- أقسام الكناية:
تنقسم الكناية باعتبار المكني عنه ثلاثة أقسام:
1-أن يكون المكني عنه صفة:
مثل:
-“فلان عريض القفا”
-“فلان كثير الرماد”.
2-أن يكون المكني عنه موصوفا:
كقول الشاعر:
الضاربين بكل أبيض مِخذم والطاعنين مجامع الأضغان

3-أن يكون المكني عنه نسبة:
كقول الشاعر:
إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

خصائص لغة التصنيف

أثناء قراءتي كتاب “نشر الانشراح من روض طي الاقتراح” للإمام اللغوي أبو عبد الله بن محمد بن الطيب الفاسي بتحقيق الأستاذ الدكتور محمود يوسف فجال، ج2، ص888/889- أوقفني النص الآتي، وجعلني أطرح على نفسي سؤالا رأيت إشراك الإخوة والأخوات فيه لعلنا معا نظفر بما يفيد.

ما السؤال؟
قبل أن أطرح السؤال أنقل الفقرة التي ولدته.
ما نصها؟
نصها جاء في شرحه لقول ابن جني في الخصائص”… فلو تكلف متكلف نقضها لكان ذلك ممكنا وإن كان على غير قياس مستثقلا …”.
يقول ابن الطيب: قوله: (وإن كان) إلخ: إن وصلية، فالجملة حالية كما لـ”السعد” وغيره من أرباب التخفيف، وإن جزم غير واحد بإبقائها على الشرطية، وتكلف تقدير جوابها. وغير ذلك مما خص بالتصنيف.

الآن أطرح السؤال:
هل تحتم لغة التصنيف ذات الطابع العلمي طرائق استخدام للغة خاصة مما يقترب من الشعر وضروراته؟


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

طريقة واضحة لمعرفة همزة الوصل من همزة القطع

جاء في أسرار العربية 1 / 346

يُفْرَقُ بين همزة الوصل وهمزة القطع في الأسماء بالتصغير :
– فإن ثبتت بالتصغير فهي همزة قطع .
– وإن سقطت فهي همزة وصل
نحو :
همزة أب وابن فالهمزة في أب همزة قطع لأنها تثبت في التصغير لأنك تقول في تصغيره أبي والهمزة في ابن همزة وصل لأنها تسقط في التصغير لأنك تقول في تصغيره بني .
ويُفْرَقُ بين همزة الوصل وهمزة القطع في الأفعال بأن تكون ياء المضارعة فيه مفتوحة
أو مضمومة :
– فإن كانت مفتوحة فهي همزة وصل نحو ما قدمناه .
– وإن كانت مضمومة فهي همزة قطع نحو : أجمل وأحسن وما أشبه ذلك ؛ لأنك تقول في المضارع منه : يجمل ويحسن وما أشبه ذلك . وهمزة مصدره أيضا همزة قطع كالفعل ، وإنما كسرت من إجمال ونحوه ؛ لئلا يلتبس بالجمع فإنهم لو قالوا : أجمل أجمالا بفتح الهمزة في المصدر لالتبس بجمع جمل ؛ فلما كان ذلك يؤدي إلى اللبس كسروا الهمزة لإزالة اللبس .


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

قاعدة غير مشهورة في تذكير العدد وتأنيثه

نتعلم اللغة في مدارسنا بناء على المشهور منها، وهذا صحيح في التعليم، لكنه لا يكون صحيحا في مجال التعامل مع كتب التراث التي قد تعتمد من القواعد على ما هو غير مشهور، فيعمد المتعامل معها إلى التخطئة السريعة. ولو تمهل وبحث لأدرك أن هناك وجها.
وهنا أضع قاعدة تخالف المشهور في باب تذكير العدد وتأنيثه وفق هذا الاعتبار اعتبار التعامل مع كتب التراث، وهذا الاعتبار نادى به الأستاذ عباس حسن كثيرا في كتابه “النحو الوافي” في كثير من القواعد غير المشهورة في مختلف أبواب النحو.
هذه القاعدة ذكرها الإمام اللغوي أبو عبد الله بن محمد بن الطيب الفاسي، في كتابه “نشر الانشراح من روض طي الاقتراح” بتحقيق الأستاذ الدكتور محمود يوسف فجال- ج2- ص867. وقد أحال إلى التصريح (2/271) وحاشية الصبان على شرح الأشموني (4/61) لكنه لم يذكر معلومات الطبعة.

يقول ابن الطيب: يعتبر التذكير والتأنيث مع الجمع بحال مفرده؛ فإن كان مفرده مذكرا أنث عدده، وإن كان مؤنثا ذكر، نحو: ثلاثة إصطبلات وثلاثة حمامات، بالتاء فيهما اعتبارا بالإصطبل والحمام؛ فإنهما مذكران.
ولا يقال: ثلاث- بترك التاء اعتبارا بالجمع، خلافا للبغداديين والكسائي؛ فإنهم يجوزون مراعاة الجمع كما يجوزون مراعاة المفرد.


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

اسئلة مسابقة الماجستير

السلام عليكم
انا مقبل على اجتياز مسابقة ماجستير فى اللغة و الدراسات القرانية و اتمنى ان تكونوا بعد الله عونا لى و ذلك بان تقدموا لى بعض النصائح و كذلك اريد بعض النماذج من الاسئلة التي طرحت سابقا في هذه الشعبة .
و بارك الله فيكم .

التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

بعد غربة اللغة العربية أصبحنا نخشى على اللغة الدارجة !

بعد غربة اللغة العربية أصبحنا نخشى على اللغة الدارجة !

بقلم الشيخ أبي العباس أحمد بن الهاشمي الجزائري – رحمه الله –

من المناظر التي تفاجئ ولا تفارق الباحث المتجول في القطر الجزائري ما يشاهده في غالب العنصر الإسلامي من العي في الألسن , والضعف البادي في ملكة الكلام حتى في الأمور الجارية المألوفة . ولا تسأل عمّا إذا دعت مناسبة إلى حكاية قصّة من القصص , أو شرحِ واقعة من الوقائع فهناك ينكشف الستار ويظهر العار وتتجلى للعيان فاقة اللسان وفقده لنصاب الألفاظ الذي لا غنى عنه للتفاهم في الشؤون العامة . ولست أعني التعبير باللغة الفصيحة فتلك – ويا للأسف – خصوصية حكم الزمان بأن تبقى وقفاً على أفراد قليلين , عددهم نتيجة هاتين المقدمتين : درجة حرارة الشعور في الأمّة من جهة , وقوة أو ضعف غيرتها على تراثها الديني والإجتماعي من الجهة من الجهة الأخرى .

هذا على فرض انتفاء المانع وسلامة الطريق من العراقيل , إن مرادي أهون والغرض الذي أرمي إليه لا يخرج عن دائرة مستطاع كل أحد , مرادي التعبير باللغة العاميّة الدّارجة .

كأني بالقارئ وقد أخذ منه العجب مأخذه عند ما يرى جريدة هي لسان حال علماء تنتصر للغة عامية وتنشر الدعاية للترغيب فيها والحث على صرف طرف من الإهتمام في تحصيلها . . على رسلك أيها الأخ ! أعرف حق المعرفة كما يعرف غيري أن جمعية العلماء بحكم تسميتها من شأنها السعي في ترويج لغة العلم – أعني اللغة الفصحى – وتعميم الوسائل الصالحة لنشرها , وجمع القلوب على حبها وأما اللهجة العامية فظاهر الحال يعطي أنها ليست من مشمولات رعاية الجمعية ولا داخلة في ضمن دائرة أعمالها , لكن من نظر إلى المسألة نظرة بحث وتحقيق انكشف له في الحال ما بين الفصحى والعامية من كمال النسبة وعموم الاتصال . ولا إخالني مجازفاً إن قلت أن اللغة العامية عربية الأصل على نسبة ربما لا تقل عن سبعين في المائة , وإنما طرأ عليها – مع توالي السنين – ما طمس بعض معالمها وغطى – بضروب من التغيير – رسمها ! الأمر الذي سلبها حلتها الأولى وأبدلها منها ثوب العامية يشهد لهذا أن أخف البحث كاف للتيقن من أن لحمتها وسداها من جنس لحمة وسدى أمّها الفصحى ولا بدع ولا غرابة فإن تاريخ اللغات دلنا على أنه طرأ على اللاتينية نفس الذي نقوله الآن عن العربية فتولد عنها هي أيضاً إلى جانب لغة العلم لغة عامية أطلق عليها اسم ( اللاتينة المنحطة ) فأنت ترى ما بين هذه التسمية وبين لفظة ( العامية ) عندنا كمال المماثلة , وكيفما كان الحال فإنه لا سبيل إلى إنكار أنها أحد مظاهر حياة الأمة العظام ضروة انها الوسيلة العامة للتفاهم بين سائر الطبقات فلو لم يقم بها إلا هذا الوصف لاستحقت أن تكون محل عناية العموم وعلى الأخص طلبة العلم فإنهم يجدون فيها مرعى خصبا ينمي ثروتهم اللغوية ويكسبهم أوثق وسيلة وأفيدها لتبلغ أمانة العلم للعامة وتهيئة نفوسهم لقبول الحجة سيما وهي لا تكلف طلابها نفقة ولا عناء .

كما أنها لا تزاحم العربية في الأوقات المخصصة لها لا في المدارس ولا في البيوت وهبها زاحمتها نوعا ما ألم تقرر الحكومات في برامج التعليم الرسمي وجوب تعلم ثلاث أو أربع لغات زيادة على لغتهم القومية ؟ هنا تذكرت بحكم أن الشيئ بالشيئ يذكر العهد المدرسي وما يفتحه أمام التلميذ الساذج من نوافذ على رياض العلوم الغناء وآفاقها المترامية الأطراف , أتذكر أنه لم يمض على يومئذ أكثر من سنة حتى شعرت بما تكنه اللغة الدارجة تحت غطاء عاميتها من وافر الثروة اللغوية وبقي تعلقي بها يتزايد إلى أن صارت عندي بمنزلة ( قاموس سماعي ) – ” أعني غير مدون ” مازال لي نعم العون على استقراء المواد اللغوية وحفظها .

ومن جال في الأقطار الإسلامية وتتبّع لهجات الحواضر والبوادي بهره ما يتخلل تلك اللهجات من المفردات والأصول اللغوية لذلك كان دأبي تقييد كل ما يلتقطه سمعي من مستملح العبارات ومحاسن الأمثال بعد تحقيق معانيها ومواردها , الأمر الذي حبب إلي التردد على الأندية ومحادثة المحنكين ووعاة الأخبار .

وبقدر ماكان عندي من الشغف بانتجاع مراعي الكلام , بقدر ما كنت أبغض الفهاهة وأستهجن قصور اللسان عن أداء وظيفته عند الإحتياج . فكم حضرت من ولائم ومحافل كنت في جلها أرى صمتاً ثقيلاً سائداً بين الجموع تنظر منهم الأعين ولا تنطق لهم ألسن على كثرة ما في الوقت الحاضر من مواضيع للكلام زيادة عن كون الولائم وسائر المجتمعات هي مظان المحاورات ومظاهر الأنس عادة . وزاد في الطين بلة , وفي الشطرنج بغلة , ما فشا واستفاض بين أكثر الطبقات من خلط الكلام العربي بالعجمي في الموضوع الواحد في البساط الواحد , فنجم عن ذلك خليط لا هو بعربي ولا عجمي ( لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) .

وهكذا أصبحنا نرى إلى جانب منافق الإسلام منافقاً آخر هو منافق الكلام . ذلك ما دعاني إلى الإهابة بكم معشر الشباب أن تعيروا لغة أسلافكم وأمتكم شطراً كبيراً من عنايتكم وصادق اهتمامكم , فإن أول نعمة ردفت الخلقة هي نعمة البيان ” خلق الإنسان علمه البيان ” إيذاناً بأن الاثنين هما الأصلان اللذان يتحقق بهما معنى الحياة . ولئن كان منكم من حيل بينه وبين الفصحى فلا أقل من أن ينال حظه من اللغة الدارجة فإن الرطانة التي تفاحش أمرها في عموم القطر وتشوهت بها الألسن أيما تشويه تركتنا خائفين على لغتنا العامية , ذلك الخيال الباقي من العربية , وهنا سمعت كأن هاتفاً همس في أذني يقول القائل :

كنا إذا جئنا لمن قبلكم // بادر بالترحيب قبل السلام

والآن صرنا حين نأتيكم // نقنع منكم بلذيذ الكلام

لا بدّل الله بكم خشية // من أن يجي من لا يرد السلام

وإلى نباهة القاري أكل استبانة النسبة التي بين الأبيات والموضوع .

( أبو العباس أحمد بن الهاشمي )
البصائر السنة الأولى العدد الثامن 1354 / 1936