إنما يخشى الله من عباده العلماء
–
قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28}).
معاني الألفاظ:
الخشية:خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} <فاطر/28>
(مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني).
الجدد:جُدَّةَ. وجُدَّةُ كل شيء: طريقته. وجُدَّتُه: علامته؛ عن ثعلب والجُدَّةُ: الطريقة في السماء والجبل، وقيل: الجُدَّة الطريقة، والجمع جُدَدٌ؛ وقوله عز وجل: جُدَدٌ بيض وحمر؛ أَي طرائق تخالف لون الجبل؛ ومنه قولهم ركب فلان جُدَّةً من الأَمر إِذا رأَى فيه رأْياً. قال الفراء: الجُدَدُ الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ بيض وسود وحمر كالطُّرُق، واحدها جُدَّةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس : كأَن سَراتَهُ وجُدَّةَ مَتْنِه كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ
قال: والجُدَّة الخُطَّةُ السوداء في متن الحمار. وفي الصحاح: الجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. قال الزجاج: كل طريقة جُدَّة وجادَّة. ( لسان العرب لأبن منظور).
وخلاصة القول : الجدد هي الخطوط والطرق الملونة التي على ظهر الجبال وهي تخالف لون الجبال .
الغرابيب:العرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب: أسود غربيب. قال الجوهري: وتقول هذا أسود غربيب؛ أي شديد السواد. وإذا قلت: غرابيب سود، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم.( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).
تفسير الآيات :
حيث ورد في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني في تفسير الآيات السباقة ما يلي :
قال تعالى منبهاً على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، كما هو الشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعلمون}، وقوله تبارك وتعالى: {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} أي وخلق الجبال كذلك مختلفة الألوان كما هو المشاهد أيضاً من بيض وحمر، وفي بعضها طرائق وهي الجدد جمع جدة مختلفة الألوان أيضاً، قال ابن عباس: الجدد الطرائق، ومنها غرابيب سود، قال عكرمة: الغرابيب الجبال الطوال السود، وقال ابن جرير: والعرب إذا وصفوا الأسود بكثرة السواد، قالوا: أسود غربيب، ولهذا قال بعض المفسرين في هذه الآية: هذا من المقدم والمؤخر في قوله تعالى: {وغرابيب سود} أي سود غرابيب، فيما قاله نظر. وقوله تعالى: {ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك} أي كذلك الحيوانات من الأناسي (والدواب) وهو كل ما دب على القوائم (والأنعام) من باب عطف الخاص على العام
كذلك هي مختلفة أيضاً، فالناس منهم بربر وحبوش في غاية السواد، وصقالبة وروم في غاية البياض، والعرب بين ذلك، والهنود دون ذلك، وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان، حتى في الجنس الواحد بل النوع الواحد، بل الحيوان الواحد يكون أبلق فيه من هذا اللون، وهذا اللون، فتبارك اللّه أحسن الخالقين، وقد روى الحافظ البزار في مسنده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أيصبغ ربك؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: "نعم صبغاً لا ينفض أحمر وأصفر وأبيض" (قال ابن كثير: روي مرسلاً وموقوفاً واللّه أعلم)، ولهذا قال تعالى بعد هذا {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء}أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.
قال ابن عباس في قوله تعالى: {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء}قال: الذين يعلمون أن اللّه على كل شيء قدير، (ورد في كتاب مختصر تفسير ابن كثير اختصار الصابوني ).
بعض الإشارات القرآنية العلمية :
لقد ذكر الله تعالى في هذا الآيات الكريمة مجموعة من الظواهر التي تشير إلى عدد من العلوم
ففي قوله : أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء وتشير إلى ظاهرة نزول المطر من السماء وتدل على علم الطقس والمناخ .
وفي قوله: فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا فتدل على علم النبات والزراعة.
وفي قوله تعالى وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌوهي ظاهرة تلون الجبال بسبب تأكسد المعادن التي تكون على شكل عروق معدنية على سطح الجبال وهي تشير إلى علم الجيولوجيات وطبقات الأرض .
وفي قوله وَمِنَ النَّاسِ: فتشير إلى ظاهرة اختلاف ألوان البشر وهو علم الأجناس البشرية.
وفي قوله وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فهي تشير إلى علم الحيوان ..
ولقد ختمت هذه الآيات بقوله : كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
أي أن أكمل الناس خشية لله تعالى هم العلماء في أي علم من العلوم سواء كان علم المناخ أو علم الحيوان أو علم الأجناس أو أي علم من العلوم فكل العلوم تدل على الخالق سبحانه وتعالى
يقول عبد الله بن عباس في قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير..
وأنا أعتقد أن أعلم الناس بقدرته سبحانه هم العلماء المتخصصين في أي علم من العلوم مثل علم الفيزياء والكيمياء والذرة وغيرها من العلوم[1]..
ولو حاولت تتبع بعض سير مؤسسي العلوم الحديثة فستجد أن معظمهم إن لم نقل كلهم من أشد الناس خشية لله تعالى ولو عُرض عليهم الإسلام بصورته الصحيحة لما ترددوا في اعتناقه أمثال : نيوتن و كابلر و ليوناردو دافنشي وآينشتاين.
فجل العلماء العظام الذين أسسوا لعلوم ونظريات جديدة ونذروا حياتهم في المخابر والمراصد الفلكية لم يكن دافعهم كسب المال أو الشهرة إنما كان دافعهم هو معرفة أسرار قدرة الخالق وكانوا على قدر كبير من الإيمان يقول أرونو بنزياسعالم الفيزياء الشهير والحائز على جائزة نوبل عام 1978 وأحد الذي قاموا باكتشاف خلفية الإشعاع الكوني في صدد الحديث عن سبب نجاح سلفه كابلر(عالم فلكي شهير له إنجازات كبير في علم الفلك) :
" إن نجاح كابلر لم يكن كوبرنيكوس ولكن بسبب إيمان كابلر أن الله وهو حقاً المانح للقوانين وهو أي كابلر قال أنه عند ذلك أصبح الأمر أسهل "[2]
فقد كان معاصرو كابلر يعتقدون أن القوانين التي تتحكم بكوكب الأرض تختلف عن القوانين التي تتحكم بالكون أما كابلر فكان يعتقد أنه لما كان الخالق الذي خلق الكون هو واحد وهو الله وهو المانح للقوانين فكل الكون له نفس القوانين وبذلك أكتشف الحركة الأهليلجية للأرض وللكواكب…
وسوف نعرض في هذا البحث إلى بعض سير أئمة العلوم الحديث ونذكر بعض أقوالهم التي تعبر عن عميق إيمانهم بالله تعالى :
روجر بيكون (1220-1292)
هو الطبيب والعالم البريطاني العظيم الإيمان بالله تعالى، مؤسس الطريقةِ التجريبيةِ في الاستدلال أو (العلم التجريبي) تنبأ ببعض الاختراعات قبل اختراعها بمئات السنين مثل المراكب البخارية، والقطارات، والسيارات، والطائرات، والرافعات، والجسور المعلّقة.
كتب في رسالة إلى صديق له : بدايةً من خلال بعض التشكيلات الفنية يمكن صنع آلات للإبحار تعمل بدون مجذفين، مثل سُفن عظيمة تشق البحر يقودها رجل واحد، ويمكن أن يبحر بسرعة أكبر بكثير مم لو كانت السفينة مليئة بالرجال المجذفين، كذلك العربات يمكن أن تتحرك بقوة كبيرة وبدون أيّ كائن حي يقوم بتحريكها[3].
"كان يقول بأن العلم لا يمكن أن يُتضاربْ مع الدين، بل يُمْكِنُ أَنْ يَعْملَ كأداةِ مهمةِ للمُسَاعَدَة على إقْناع المتشكّكين بالله .
كما صرح بأنّ العلم له فائدة عظيمة في إقْناع الناس بقبول الإيمان بالله تعالى[4].
فرانسيز بيكون (1561-1626)
يعتبر أحد أهم مؤسسيي الطريقةِ العلميةِ، معروفُ بأنه كان عظيم الإيمان بالله وقد صرح مرة:
"إن علم الفلسفة بعد كلام الله تعالى هو العلاج المؤكد من الخرافة وهو الداعم المصدق للإيمان بالله تعالى[5].
غاليلو غاليلي((1564-1642
غاليلو هو أول إنسان أستعمل المنظار لمراقبة السماءِ كما أنه أكد بالأدلة العلمية الواضحة أن الأرض كروية وأكتشف المناطق المظلمة والتلال والحفر على سطح القمر .
كان غاليلو مشهوراً لمساهماته الكبيرة في ميدان العلم، كان غاليلو عظيم الإيمان بالله تعالى ومن أقواله:"إن الحواس والقدرة على الكلام والذكاء منحت للإنسان من قبل الله تعالى حتى يتم استعمالها بأفضل طريقة ممكنة" .
كما أنه كان يؤكد بالأدلة العلمية الواضحة أن الطبيعية مصممة من قبل الله تعالى .
وقال: إن الطبيعية ببساطة هي كتابٌ قد كُتب من قبل الله تعالى.
كما أكد من خلال الأدلة أن حقائق العلم والدين لا يمكن أن يناقض أحدهم الآخر من اللحظة التي ألف الله فيها كل الحقائق.[6].
يوهانز كابلر(1571-1630)
هو مؤسس علْمِ الفلك الحديثِ، اكتشف الحركةَ الإهليليجيةَ للكواكبِ،كما وضع علاقة رياضية بين فترة دوران الكوكب المدارية حول الشمس وبين المسافة التي تفصلها عنها،كما أنه قام بتصميم طاولة فلكية تحدد موقع الكوكب في أي وقت سواء كان في الماضي أم في المستقبل.
كعالم أعتقد كابلر أن الكون خلق من قبل خالق، وعندما سأل عن سبب اشتغاله بالعلم قال :
"كَانَ عِنْدي نيةُ أن أصبح عالم دين، لكن الآن أنا أعرف الله من خلال محاولاتي أن أمجده في علم الفلك، السماوات تشير إلى عظمة الله تعالى[7].
لقد آمن كابلر أن عظمة الله تعالى تتجلى في كل شيء مخلوق وأن التفكير الصحيح يرشد الإنسان إلى أنه هناك أرادة واعية وذكية في الطبيعية:
"مَنْ أعطى الدببة والذئاب اللون الأبيض في المناطق الشمالية الثلجية ومن جعل غذاء الدببة هو الأسماك..وجعل غذاء الذئاب بيض الطيور …
هكذا تسائل كابلر ثم أجاب :
"كم أنت عظيم يا رب وكم هي عظيمة ورائعة حكمتك لا يوجد ثناء أو مديح يليق بك، السماوات تمجدك والشموس والأقمار والكواكب كل إحساس يدركك كل لسان
بمجدك كل ما في السماوات تمجدك، أما أنا فما دمت حياً فسوف تظل روحي تمجدك…. العقول الصحيحة تمجدك على الرغم من أننا مازلنا لا نعرف إلا القليل ونجهل الكثير …….لكن مديحك وتمجيدك شرف لنا على الدوام "[8].
كما قال أيضاً :
من اللحظة التي أصبحنا فيها علماء فلك أصبحنا كهنة لله الأعلى، فبعد أن نظرنا على كتاب الطبيعة كان المناسب لنا أن نفكر ملياً لا في مجد أنفسنا بل أكثر من ذلك وفوق كل شيء في مجد الله [9].
باسكال بلاس (1623-1662)
هو أحد أعظم علماء الهندسة منذ زمن اليونان، كان عالماً متميزاً، كانت أهم اكتشافاته في سن مبكرة من حياته.. أضاف مساهمات هامة في علم الرياضيات كما كانت له اكتشافات تاريخية في علم الفيزياء أثبتتْ بأنّ الضغطِ الجوّيِ يَتفاوتُ تبعاً للارتفاع.
باسكال كان عظيم الإيمان بالله تعالى ولقد أشار إلى القوَّةِ الأزلية لله عندما قالَ:" إنّ الله هو الخالقُ لكُلّ القوانين الرياضية التي تتحكم بالعناصر "[10].
جون راي (1627-1705)
هو عالم النبات البريطاني المشهور كان يؤمن أنه على كل إنسان أن يدرك بأن كل شيء في الكون مخلوق.
لقد كان هذا الإيمان هو القوة التي ينطلق منها راي، ألف راي كتاباً بعنوان"حكمة الله في الخَلْقِ" في هذا الكتابِ نطلع على آلاف النباتاتِ والحشرات والطيور، وأنواع الأسماك، وما شابه، والذي يذَكرَ بأنّ الطبيعةِ تكشف عن وجودَ خالق لها وقالَ:"إن الله هو الذي خالق الكون من بدايته، وبفضل الله تم المحافظة على الكون إلى يومنا هذا في نفس الحالةِ والشروط التي خلقها الله ابتداء"[11]
رايكانت له مساهمات كبيرة في علم النبات، كان دائماً يشدد على أن العِلْم والدينِ يلتقيان في نقاط كثيرة.
روبرت بويل (1627-1691)
يعتبر بويل أبُّ الكيمياءِ الحديثةِ، كما حقق عدداً مِنْ الاكتشافات العلميةِ الثوريةِ منها اكتشافه للقانون الذي يحدد العلاقة بين تغير الضغط الجوي وتغير حجم الغاز والذي عرف بـ"قانون بويل للغازاتِ" كان له عدة اختراعات هامة مثل اختراعه الثلاجة البدائية كما أكتشف بأن الماء يتمدد عندما يبرد كما وضع نظرية تتعلق بالذرات.
كَانَ يعتقد أنه يوجد تصميم ذكي في الطبيعةِ، وأن الذي صنعها هو بمنتهى القوة.
كما أشار بويل من خلال محاضراته إلى أن العلم والإيمان بالله يجب أن يقفا جنباً إلى جنب كما كان يدعوا إلى تمجيد الله الواحد "يجب علينا أن نذكر الله الواحد الذي أنشأ الحياة وهذا الإيمان سيكون مفيداً للبشرية …"[12]
إن التصميم الممتاز لهذا النظامِ العظيمِ الكوني، وخصوصاً هذا النسيج الغريب في أجسام الحيواناتِ وأمور أخرى كانت كلها الدافع الذي أقنع الفلاسفةَ عبر العصور للاعتراف أنه هناك إله منشأ لهذه التراكيبِ الجديرة بالإعجابِ.[13]
أنتوني فون ليونهوك (1632ـ1723)
لقد أكتشف ليونهوك البكتيرا..
تَعلّمَ ليونهوك صقل عدساته التكبير وذلك لفَحْص القماشِ لقد ذهل راي بما رأى .
بَدأَ ليونهوك في إنْتاج مكبرات أخرى وأصبحَ أول إنسان يرى ويصف البكتريا بواسطة المجهر .
هدفه كان دَحْض فكرةِ النشوء العفوي أي النشأة بدون خالق فقاده هذا لإجْراء الدِراساتِ العلميةِ الهامة.
لهذا الغرضِ، دَرسَ ليونهوك الأنظمةَ المغذّيةَ للنباتاتِ والحيواناتِ، ودرس المواد المغذّيةِ في النباتاتِ، وتراكيبها ووظائف الأجزاءِ المُخْتَلِفةِ في النباتاتِ.
كما أصبحتْ الخلايا الدمّويةِ مواضيع لأبحاثه.
وكان أول من درس الأوعية الشعرية ورأى الخلايا الدموية التي تجتازها. [14]
إسحاق نيوتن (1642-1727)
يعتبر نيوتن من أعظم العلماء عبر التاريخ، فقد كان عالم فيزياء ورياضيات.
أكبر مساهمة له في مجال العلوم كَانتْ اكتشافه لقانونِ الجاذبيةِ الأرضية.
حيث أضافَ مفهومَ الكتلةِ إلى العلاقةِ بين القوةِ والتسارع وأكتشف قانونُ الفعل ورد الفعل، وطرح النظرية التي تقول بأن:"الجسم المتحرّك سَيَستمرُّ بالتَحَرُّك على بأتجاه مستقيمِ وبسرعة ثابتة ما لم تصرفه قوة ثانية".
بَقيتْ قوانينُ حركة نيوتن قابلة للتطبيق لأربعة قرونِ، حيث استعملت في أبسط الحسابات الهندسية إلى أكبر المشاريعِ التقنيةِ المعقّدةِ.
مساهمات نيوتن لم تقتصر فقط باكتشافه الجاذبية الأرضية ولكن امتدت أيضاً إلى حقولِ الميكانيك والبصرياتِ حيث أكتشف ألوان الطيف السبعة للضوء.
إضافة إلى اكتشافاته الرائدةَ كَتبَ نيوتن مقالات تَدْحضُ الإلحاد وتدافع عن الخلق.
دَعمَ فكرة أن الخلق هو التفسير العلمي والوحيد لوجود العالم .
أعتقد نيوتن أن الحركة الميكانيكية للكون تشبه ساعة عملاقة تَعْملُ بِاستمرار وبدقة وهي نتيجة عملَ خالقِ قوي وحكيم.
وكان وراء اكتشافات نيوتن، التي غيّرتْ وجهه العالمِ، هي رغبتَه للتعرف أكثر على الله تعالى.
حيث درس الأجسام للتعرف على الله تعالى، فقد كرس حياته للتعرف على القدرة العظيمة لله تعالى، عبر نيوتن عن الدافع الذي يثير حماسه لمواصلة أبحاثه:
. . . هو (الله) العالم بكل شيء صاحب القدرة اللانهائية، الذي يتمتع بالخلود وهو موجود منذ الأزل إلى الأبد فهو الذي يتحكم بكل شيء وهو عليم بكل شيء وكيف تعمل … أبدي ولانهائي؛ … موجود في كل زمان وكل مكان وإلى الأبد ممكن أن تعرفه من خلال إبداعه وتصميمه الحكيم الرائع للمخلوقات. وهو عزيز ويَعْشقُه عباده[15]
السّير وليام هيرشيل (1738-1822)
هيرشيل هو أحد أعظم الفلكين في القرن الثامن عشرِ.
قام هيرشيل ببناء المناظير العاكسة المتقدمة والتي لم تكن معروفة من قبله، حيث قام من خلالها لأول مرة بدراسة السدمَ والمجراتَ كما أنه كان عالماً مؤمناً بالله.
من أقواله : " الفلكي الغير المؤمن بالله ينبغي أَنْ يَكُونَ مجنوناً "
كما أشار إلى أنه من المدهش أن العالم الذي يَدْرسُ عِلْمَ فلك، ويقوم بمشاهدة النظام التام في الكون ثم لا يُؤمنَ بوجود الله [16]
جول جيمس بريسكوت (1818-1889)
جول هو مكتشف القانونِ الأولِ للديناميكا الحراريةِ، كذلك قام بحساب كمية الحرارة التي تنتج عن مرور تيار كهربائي في سلك، كان اكتشافه الأعظم هو قيمةَ الثابتةِ المعروفون ب"المكافئ الحراري".
هذا الاكتشاف أدّى إلى صياغةِ قانونِ صيانة الطاقةِ وهو من القوانين الأساسية والأكثر أهمية بين القوانين الطبيعية.
جول مكتشف هذه القوانينِ العلميةِ الهامة، كَانَ يعتقد بأنّه يُمْكِن أَنْ يَقتربَ المرء من الله عندما يتَعرّفَ على قوانينِ الطبيعيةِ.
اعتقاده دفعه للاستمرار في أبحاثه الأخرى، وكان أحد العلماءِ الـ717 الذين وقّعوا على البيان الرافض لنظرية داروين في عام 1864م.[17]
جريجوري ميندل (1822-1884)
لقد أكتشف مانديل ثلاثة قوانين في عِلْمِ الوراثة، ماندل دخل التاريخ من خلال تأسيسه لمبادئ علم الوراثة.
أظَهرتْ قوانين ماندل في الوراثة البراهينَ الأكثر أهمية التي تدحض نظريةِ التطورِ.
بَعْدَ أَنْ دَحضَ ماندل نظريةَ التطورِ باكتشافه لقوانين الوراثة، آمن بأنّ الله هو خالق العالمَ، وبأنّ الصدفة العمياءِ لا يُمكنُ أَنْ تَكُونَ سبباً لهذه النتائج [18]
لويس باستور ( 1822-1895)
أحد أهم الأشخاص الذين ساهموا في تطوير العلم والطبِّ، بصورة رئيسية بسبب وضعه لنظرية الجراثيمِ المسببة للمرضِ، ومعارضته القوية لنظريةِ التطورِ.
وهو أول من شرح القاعدةِ العضويةِ وسيطرةِ الاختمار، كما أن أبحاثه قادته أبعد وأبعد إلى عِلْمِ الجراثيم، حيث عَزلَ عدداً مِنْ كائنات الحية المنتجة للأمراض، ولِقاحات متطورة لمكافحتهم- بشكل خاص الأمراض المُخيفة كداءِ الكلب والدفتيريا، والجمرة الخبيثة، وغيرهم من الأمراض بالإضافة إلى عملياتِ البسترةِ والتعقيمِ.
باستور كَانَ شديد الإيمان بالله تعالى، وكان المعارض والمقاوم العنيف لنظريةِ داروين للتطورِ.
كما أنه دافع عن توافقَ العِلْمِ مع الدينِ ويظهر هذا في معظم كتاباتِه.
من أقواله : "القليل من العلم يبعدك عن الله، والكثير من العلم يدلك على الله" [19]
وليام تومسن (اللّورد كيلفن) (1824-1907)
اللّورد كيلفن مشهود له بأنه كان في مقدمة علماء الفيزياء في زمانه، إضافة إلى ذلك كان معروفاً بإيمانه الشديد بالله.
كما أنه له احترام كبير من قبل الأوساط العلمية، لمساهماتِه في مجال الفيزياءِ والرياضياتِ، بالإضافة إلى اختراعاته.
فقد طوّرَ طريقة ناجحة لتَذْويب الهيدروجينِ والهليومِ.
أخترع مِقياسَ درجة الحرارة المطلقةِ، كل درجات الحرارة تقاس اليوم من خلال درجات كالفن .
أَسّسَ علم الديناميكا الحراريةَ(فرع من الفيزياء يبحث في العلاقة بين الحرارة والطاقة الميكانيكية) وصاغَ قانوناه الأولى والثانيةَ في المصطلحات الفنية الدقيقة.
من أقواله : " لا تخافوا من التفكير الحر، إن فكرت بقوة كافية، فإنك سوف تقوي بهذا التفكير إيمانك بالله تعالى [20]
كما قال : "فيما يتعلق بأصلِ الحياةِ.. فإن العلم اليقيني يؤكد وجود قوة خالقة" [21]
جْي. جْي . ثومسن (1856-1940)
في عام 1897أكتشف ثومسن الإلكترون.
كَانَ ثومسن أستاذ الفيزياءَ في جامعة كامبردجِ كما كان ورعاً متديناً، له تصريح من أقواله : "من خلال تركيزك على الحقائق والنتائج العلمية فإنها سوف تصل بك إلى العلم بوجودِ الله[22]
ألبرت آينشتاين (1879-1955)
كان ألبرت آينشتاين أحد أهم علماءِ القرن العشرين، كما معروفاً بإيمانه العميق بالله تعالى كان لا يتردد في الدفاع عن فكرة تلازم العلم والدين حيث قال :أنا لا أَستطيعُ أن أتخيل أن عالم حقيقي بدون ذلك الإيمانِ العميقِ بالله، العلم بدون دين يبدوا كالأعرج[23].
آينشتاين كان مقتنعاً أن الكون قد صمم بشكل تام ولم يأتي بالصدفة وبأنّه خُلِقَ من قبل خالق له حكمة عليا.
لقد أشار آينشتاين إلى إيمانه بالله تعالى في معظم كتاباتِ ومن أقواله :إن أي باحث حقيقي في الطبيعة يجد نوعاً من المهابة الدينية [24]
في مكان آخر، كَتبَ:
إن الإنسان الذي يسير في طريق العلم بشكل جدي يُصبحُ مقتنعاً أن هناك روح مقدسة تظهر في قوانينِ الكونِ، روح أعلى وأعظم من التي في الإنسان. . .لذلك فإن سبيل العِلْمِ سوف يؤدي بك إلى شعور ديني من نوع خاصّ [25]
جورجيس ليماتير(1894-1966)
أقترح جورجيس ليماتير نظرية الضربة الكبرى التي تُشيرُ إلى خَلْقِ الكونِ.
كان يعتقد بأنّ للكونَ بِداية مميزة، لذلك حتماً سَيكونُ له نهايةً، وإن إدراك هذه الحقيقةِ سوف تلعب دوراً هاماً في مساعدة العديد مِنْ الناسِ كي يؤمنوا بالله، ليماتير الذي كَانَ أيضاً كاهناً، أعتقد بأنَّ العِلْم والدين يقودان إلى نفس الحقيقةِ [26].
ورنهر فون بروان ( 1912-1977):
كان بروان أحد أعظم العلماء في العالم وكَانَ رئيس مهندسي الصواريخ في ألمانيا، طور صاروخ V-2المشهور أثناء الحرب العالمية الثانية
الدكتور بروان هو مُدِير سابق لوكالة ناسا لأبحاث الفضاء كَانَ أيضًا عالِماً ذا إيمان عميق.
من أقواله : إنني أجد صعوبةً في فهمَ كيفية أن عالِماً لا يعترف بأن هناك قوة عظمى عاقلة وراء وجود الكون [27]
في أيار 1974 كتب بروان في مقالة له :
لا يمكن لأي شخص أطلع على القوانين والأنظمة التي في الكون إلا و يستنتج أنه يجب أن يكون هناك تصميم وغاية وراء هذا كله.[28]
تعليق بقلم عبد الدائم الكحيل
إنها آية تستحق التفكر طويلاً، ففي كل كلمة من كلماتها معجزة، وهذا ليس غريباً عن كتاب الله تعالى، فهو كما وصفه رسولنا عليه الصلاة والسلام بأنه كتاب لا تنقضي عجائبه. لقد تفكّرتُ في قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: 28]. ولا ننسى أن اسم (اللهَ) في الآية هو اسم منصوب أي في نهايته فتحة، ولو أن بعض المبتدئين بقراءة القرآن يخطئون فيلفظون هذا الاسم بالضمّ أي (اللهُ)، وهذا خطأ كبير، لأن تغيير هذه العلامة سوف يُغير المعنى بالكامل.
إن المقصود من هذه الآية أن الذي يخشى الله هو من عباده العلماء، أي أن العلماء هم أشدّ خشية وخوفاً من الله تعالى، أكثر من غيرهم. فينبغي أن ندرك المعنى اللغوي أولاً لنتمكن من إدراك المعنى العلمي.
لقد وجدتُ في هذه الآية سبقاً علمياً للقرآن الكريم، فهذه الآية تقرر أن العالِم هو أكثر خشية وخوفاً من الله تعالى من الجاهل. والسؤال: ماذا عن العلماء من غير المسلمين، وهل تنطبق عليهم الآية؟ والجواب هو أن الآية تقرر أمراً وهو أن الإنسان عندما يمتلك معرفة عالية بأمر من الأمور يتملَّكه إحساس بالرهبة من مبدع الكون سبحانه وتعالى.
ولو تتبعنا تصريحات العلماء من غير المسلمين نلمسُ فيها شيئاً من الإيمان بخالقٍ للكون، ونجدهم يحسّون بنوع من أنواع الخشية، وهذا ما تحدثت عنه الآية. وما جمعه الأخ الأستاذ فراس نور الحق من أقوال لكبار علماء الغرب من أمثال آينشتاين، نرى فيه نوعاً من أنواع الرهبة والخوف من الله تعالى.
وتأمل معي أخي المؤمن تصريحات هؤلاء العلماء، والعجيب أنهم غير مسلمين وغير مؤمنين بالقرآن، فتأمل لو أن أحداً أوصل لهم رسالة الإسلام بشكلها الصحيح، ألا تظنّ أنهم سيكونون من أول المؤمنين؟!
ومن هنا ينبغي علينا كمؤمنين نحبّ القرآن أو على الأقل ندّعي أننا نحب القرآن، ينبغي علينا أن نتعلم المزيد والمزيد من الحقائق العلمية والكونية الواردة في كتاب الله تعالى لنتمكّن من إيصالها إلى علماء الغرب، ونقنعهم بأن الإسلام هو دين العلم وليس دين الإرهاب كما يصورونه لهم في وسائل الإعلام.
ويبقى السؤال: كيف علم النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه وهو النبي الأميّ بأن العلماء هم أكثر رهبة وخشية لله من غيرهم؟ إن الله تبارك وتعالى هو من علّمه وقال في حقّه: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) [النساء: 113].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقا يلتمس علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن العربي – المصدر: عارضة الأحوذي – الصفحة أو الرقم: 5/320
خلاصة حكم المحدث: صحيح
العلم انه نور يغرق العالم بألوان المعرفة ويجعله جنة باسمة ضاحكة جميلة تتلألأ بأشكال الازدهار وضروب الحضارة البراقة , العلم يجعل المرء حكيما عالما قويا مدركا متبصرا بأمور الحياة في ظلال العلم تنمو شخصية المرء ويعلو شأنه ويشعر بانسانيته .
العلم يبني وينهض ويسير بالمجتمع نحو درجات الكمال ويرقى بالشعوب فهو المصباح المنير الذي يبدد حلكات الظلام ويقود الناس الى التحرر من نير العبودية , بالعلم تسمو الامة وتتسنم معارج الرقي