التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

بحث حول العنف الإجتماعي

السلام عليكم

خـطــة البـحــث

*مـقدمــة.

*الفصل الأول: ماهية العنف الإجتماعي.

*المبحث الأول: مفهـومـــه.

*المبحث الثاني: أنـواعـــه، وأسبابــه.

*المبحث الثالث: الحلول المطـروحة.

*الفصل الثاني: دراسة تحليلية حول ثقافة العنف عند الطفل الجزائري.

*خـاتمــــة:

مقدمة

أمسى العنف خبزًا يوميًّا للإنسان المعاصر. فهل هذا العنف جزء من الطبيعة الإنسانية؟ أم هو فطرة كامنة في أصوله الغريزية؟
تضاربت الآراءُ حول أصول العنف، بين قائلين بغريزية العنف (لورنتس) وبين قائلين بأنه صفة مكتسبة (سكينِّر). وتعود جذور هاتين النظريتين إلى الخلاف بين المنظِّرين والعلماء منذ عصر النهضة؛ ثم إلى الخلاف بين المناهج التقدمية، التي كانت تقول إن “الرذيلة” نتاج للظروف الاجتماعية، وبين المناهج المحافظة، التي حاولت أن تثبت أن التنافس بين البشر يعود إلى غريزة متأصِّلة لصالح كمون العنف في أعماقهم.
إلا أنه في بداية القرن الفائت تمَّ التوصل، عبر منجزات التحليل النفسي الفردي (فرويد) وعلم النفس التحليلي التجريبي (يونغ وفروم)، إلى حسم الصراع، ليَثبُت، بالتجربة، أن العنف ينقسم إلى نوعين:
أ‌. العنف الدفاعي. ب‌. العنف الخبيث (حب الإفناء).

الفصل الأول: ماهية العنف الإجتماعي.

1- مفهوم العـنف:
أ- لـغــــة: العنف لغةً: “عنفٌ بيه وعليه ـ عنفاً، وعنافة: أخذه بشدة وقسوة، ولامه” فهو عنيف، (اعتنف) الأمر: أخذه بعنف وأتاه ولم يكن له علم بيه و.. الشيء: كرهه، يقال إعتنف الطعام و.. فلان المجلس: تحول عنه، عنفوان الشيء: أوله، يقال هو في عنفوان شبابه أي في نشاطه وحدّته”.
“غير أن معنى العنف اكتسب دلالة أخرى مختلفة عند العرب المحدثين، فأصبح مقابلاً للفظة Violence في الفرنسية أو الإنجليزية، أو Gewalt في الألمانية، من المعنى الحقوقي الحديث، وفي الحقيقة فإن لفظة العنف كما وردت في الحديث أو الشعر العربي القديم قريبة من معنى Violentia في اللاتينية التي تعني الغلظة والقوة الشديدة، وهي مشتقة من Vis أي القوة الفيزيائية أو كمية ووفرة شيء ما، وهو معنى على صلة بلفظة bia في اليونانية أي القوة الحية، ذلك أن العربية تقول عنفوان كل شيء أوله، وقد غلب على النبات والشباب كما جاء في معجم لسان العرب.

ب- إصطلاحاً: إن المعنى الحداثوي لـ “العنف” كمصطلح يتسع لكل أشكال العنف، ولما كنا بصدد العنف داخل المجتمع المدني الحديث، فإنه ينبغي الإشارة إلى أن “العنف كمقولة حقوقية تعود إلى القرن التاسع عشر حيث حدد وفكر فيه داخل التصور الحديث للدولة بوصفه فعلاً أو ظاهرة ترمي إلى إحداث خلل في البنى التي تنظم مجتمعاً ما، مما ينجم عنه تهديد نظام الحقوق والواجبات التي يتوفر عليها الأفراد طالما هم ينتمون إلى شرعية قائمة”.
وعلى أية حال، يستطيع كل واحد أن يعرّف العنف من وجهة نظره، من هذه التعريفات تعريف (د. فرج عبد القادر طه) الذي عرفه من خلال السياق النفسي “بأنه السلوك المشوب بالقسوة والعدوان والقهر والإكراه، وهو عادة سلوك بعيد عن التحضر والتمدن تستثمر فيه الدوافع والطاقات العدوانية استثماراً صريحاً بدائياً كالضرب والتقتيل للأفراد والتكسير والتدمير للممتلكات، واستخدام القوة لإكراه الخصم وقهره”.
وإذا قرأنا عدة تعريفات سنجد أن جميع التعاريف السابقة تتمحور حول نقطتين مركزيتين:
1 ـ أنه من الصعب إعطاء تعريف للعنف خارج النطاق الحقوقي، إذ لا بد من ذكر ثنائيات من مثل الحق/ التجاوز، القانون/ الاختراق، وهذا ما يؤكد لنا أن العنف مقولة حقوقية أو قانونية.
2 ـ يندرج تعريف العنف ضمن الحقل الوجودي، أي علاقة الأنا مع الآخر، سواء اعتبرنا أنه إنكار الآخر أو استبعاده أو خفضه إلى تابع أو تصفيته معنوياً أو جسدياً فإنها تتم جميعاً في الحقل التصادمي مع الآخر. وفي النهاية نستطيع ضبط العنف من الناحية المفهومية على أنه تجاوز واختراق القواعد أو القوانين التي تنظم وضعيات تعتبر طبيعية أو عادية أو قانونية، فالتعريف بهذا المعنى يوحي بمعنى الإخلال أو بث البلبلة في نظام الأشياء بشكل وقتي أو دائم. وسواء تركز ذلك أو انحبس داخل النفس الإنسانية أو وجد منفذاً ومخرجاً له فتحول إلى الشكل المادي الفيزيقي، أنه يعتبر في كلتا الحالتين عنفاً، فهو في المرحلة الأولى مؤسس، أما في الثاني فهو مؤسس وناتج عن الأولى”.
إن التصادم مع الآخر سواء أكان قريباً أم بعيداً هو أسلوب معين لإثبات الحق، أو وجهة النظر، أو المصلحة المادية، ذلك أننا لا نستطيع أن ننسى أن بداية العنف كانت ترجع إلى الصراع حول الحاجات الأساسية، صراع البقاء المعتمد على تأمين المأكل أولاً ثم بقية الحاجات المادية الضرورية للعيش حسب المستوى الحضاري للإنسان، وبعد وضع النصوص القانونية الأولية التي تبين العلاقة بين الناس ظهرت أنواع متعددة من السلوكيات الرافضة، ومن هنا نشأ السلوك العدواني الذي يسعى لإثبات الذات وتوكيدها. وقد تم تعريف هذا السلوك على أنه “أي سلوك يصدره الفرد بهدف إلحاق الأذى أو الضرر بفرد آخر يحاول أن يتجنب هذا الإيذاء سواء كان بدنياً أو لفظياً تم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو أفصح عن نفسه في صورة الغضب أو العداوة التي توجه إلى المعتدي عليه”.
*** *** ***
2-أنـواع العـنف، وأسبابه:
يتفق الباحثون أن العنف الاجتماعي يتخذ أشكالاً متنوعة، مباشرة وغير مباشرة، خفية ومعلنة. لكن ما نريد تأكيده، منذ البداية، هو أن العدوان الخارجي ليس مسوِّغًا لثقافة العنف؛ بل إن ثقافة العنف داخل المجتمع هي تأسيس للهزيمة أمام العدوان الخارجي. فقد حان الوقت كي نتنبه إلى أن التنمية ليست مجرد تنمية للأرقام، بل هي، أولاً وأخيرًا، تنمية للإنسان. إذ يضاف العنف الإنساني، في مجتمعاتنا، إلى تعنيف الطبيعة وقهرها، حيث تقوم ثقافة العنف على منظومة فكرية مركزية عقائدية وأخلاقية تستند إليها.
وقد قسم المختصون العنف إلى قسمين متباينان هما كالآتي:
أ-العنف الدفاعي: ويشترك فيه الإنسان والحيوان؛ وهو عنف غريزي يهدف إلى الحفاظ على النوع.
فالعنف الحيوان دفاعي، ناتج عن غريزة حبِّ البقاء؛ وقد يتبلور إلى عنف بهدف الافتراس عند الحيوانات اللاحمة. وهو يظهر دون عوارض الغضب؛ ويزول التوتر العدائي عند الوصول إلى الهدف (الطعام). وهذا العنف ليس مدمِّرًا ولا ساديًّا. أما الإنسان – وهو حيوان غير لاحم في الأصل – فالعنف عنده قائم بذاته وتلقائي ومدمِّر. وتدل التجارب أن الحيوان الذي يقع في الأسر ويخسر حريته، ليوضع في محيط ضيق وفي بيئة غير بيئته الطبيعية، تظهر لديه ميول إلى العنف مماثلة للعنف العبثي المدمِّر عند الإنسان.
الرأي العامي يقول إنه كلما كان الإنسان بدائيًّا زاد ميلُه إلى العنف. ولكن (الباليونتولوجيا) تقول إن الإنسان العاقل، الذي أمضى 99% من حياته في مرحلة الصيد، منذ حوالى خمسين ألف سنة مضت، لم يكن يقتل ليستمتع بالقتل أو بالقسوة والعنف، ولم يكن مدمِّرًا ولا عنيفًا، ولم يكن يمثِّل بالضحية الحيوانية إلا بغرض الغذاء والكساء، ولم يكن يتسم بسلوك عدائي بين بني جلدته، بل كان يقتسم الطرائد معهم.
كان المجتمع البشري آنذاك مسالمًا بشكل عام: لم تكن حتى الكهوف محمية من احتمال اعتداء الإنسان؛ ولم تَظهَر التحصينات الهادفة إلى الدفاع ضدَّ عدوان البشر إلا في مجتمع الزراعة المتقدِّمة، أي بعد انكفاء المجتمع الأمومي وسيطرة الذكورية على الحضارة. ولا توجد في اللوحات التي رسمها الإنسان البدائي كلِّها أية مؤشرات على حروب ومعارك أو على قتل للإنسان، لأيٍّ سبب كان.
ويتفق علماء النفس على أن الدوافع المكوِّنة للشخصية الثقافية ترتكز إلى عامل الحرية وتحقيق الذات أساسًا. وتتفق التجارب في مجال علم النفس التجريبي على أن الإحباط والقهر وقمع الحرية هو الأساس في الاغتراب والعنف، في حين لا تلعب العوامل الغريزية، مثل الشبع من الطعام والجنس، إلا حيزًا ضئيلاً جدًّا من وعي الإنسان المعاصر ودوافعه العنيفة. وتتأثر هذه الدوافع بالثقافة، فتحرِّضها هذه وتوجِّهها توجيهًا سليمًا أو مرضيًّا.
إذن العنف لدى البشر ليس من طبيعة ، إنما هو خاصية اجتماعية نَمَتْ الحضارة ونشأت معها؛ وبالتالي هو ليس سلوكًا مرضيًّا فرديًّا لإنسان بحدِّ ذاته. وإن اعتبرنا أن شخصية الجماعة هي ثقافتها، يكون العنف إذن فعل ثقافي مكتسب.

ب-العنف الخبيث: وهو عنف يختص به الجنس البشري؛ وتندرج فيه السادية وحبُّ الموت والتدمير. وهذا النوع من العنف مكتسب حتمًا؛ إذ من الممكن إثارته، والتأثير عليه، سلبًا أو إيجابًا، بواسطة العوامل الثقافية.
وهذا النوع من العنف متفشي في المجتمع بأقسام مختلفة، ودرجات متمايزة، ويمكن ذكر بعضها كما يلي:
*العنف الفردي: ونبدأ بالعنف الفردي، لنجد أنه كان دائمًا ردَّ فعل على عنف اجتماعي واقتصادي. وبين الفعل وردِّ الفعل، بين الفردي والاجتماعي، يدور المجتمع في دوامة. والنتيجة عنف متصاعد من الفرد، إلى العائلة، إلى أرجاء المجتمع كافة، ليرتدَّ عنفًا اجتماعيًّا باسم القيم والعقائد والأخلاق.
يقوم العنف الفردي على ردِّ فعل توحدي، حيث يتوحد identify الفرد أو الجماعة مع نموذج لفرد زعيم أو معلِّم أو مربٍّ، مسوِّغين العنف بالإصلاح. ويتَّسم المجتمع الذي يهيِّئ لثقافة العنف بجملة من المظاهر:
– انتقال السلوك والعادات من جيل إلى آخر انتقالاً جامدًا.
– تحكُّم العادات والتقاليد بالسلوك البشري، لا القانون والتربية والعلم.
– نظام اجتماعي تحكُمُه مراتب عائلية ودينية واجتماعية واقتصادية جامدة.

*العنف ضد المرأة: تشكِّل المرأةُ ساحةً عظمى لممارسة ثقافة العنف. إنها ملكية جماعية للعشيرة والقرية والأسرة والزوج والأب والابن، وربما للعمِّ والخال. جسدها ليس ملكًا لها، وليس لها أن تناقش أو تختار أو تحلِّل. وقد أثبتت الدراسات أن الأمم التي تربِّي أطفالها على العنف، ولو لجيل واحد، بحجة البناء أو بذريعة الدفاع ضدَّ العدوان، لا تستطيع، فيما بعد، تلافي توريث هذا العنف للأجيال اللاحقة إلا بجهود شاقة وكبيرة. وهكذا، وكما يجري تقسيم للعمل على أساس الجنس في المجتمع الذكوري، يجري توزيع للأدوار في ممارسة العنف. وتشكِّل الزوجات 76.6% من حالات العنف الواقع على المرأة، في حين يشكل الأبناء 28.6 % من حالات الاعتداء الأسري.
فالأشخاص الذين تربوا على العنف أطفالاً يمارسونه تلقائيًّا مع أبنائهم. فالطفل المعرَّض للعنف لا يستطيع تمثُّل عنف أبيه، بل يغلي العنفُ في داخله ويختزنه، لينقله إلى أبنائه. وكذا الأم: فالأمهات اللاتي يمارسن العنف على أبنائهنَّ يتميَّزن بشخصية ضعيفة غير ناضجة؛ وتبيِّن الدراسات أن معظمهن تعرَّضن لعنف في طفولتهن.
وفي مرحلة معينة من نموِّ العنف، يبدو أنه هو المناخ الطبيعي للمجتمع! فيظهر استعبادُ المرأة ليس كاستغلال لكائن مقهور، بل كأنه من طبيعة المرأة ذاتها، ويظهر استغلال البنات والأبناء كأداة في النفوذ وكجزء من العلاقات الطبيعية في الأسرة، بل كحقٍّ مقدس لها لا يجوز المساس به! والحال، لا يُبرَز من الدين إلا ما يؤكد ثقافة العنف وما يؤكد القناعة بالأمر الواقع، في حين أن التقاليد هي الملاذ الذي تفتخر به تلك الثقافة. وثقافة العنف تقف ضدَّ كلِّ ما يخرُج عنها: تلاحقه بالفضيحة، ويُستباح رزقُه وسمعتُه، تشفِّيًا وبطشًا. فالرجل المشحون بمشاعر العنف، المقهور من الخارج، لا بدَّ أن يُسقِط العنف والهوان على امرأته، فتردُّ هي، بدورها، لعبة العنف الذكورية بلعبة العجز الأنثوي والكذب والنميمة والمكر والكيد.
ولعل في موقف بعض القوى المتنوِّرة والثوريةِ من المرأة مثالاً صارخًا على مآل الوسطية في الثقافة. إن المرأة هي حصن حصين للتقاليد ولثقافة العنف؛ لذلك يتخذها الارتداد المدني الحاصل حصنَه الأول، حيث تكون المرأة مرتكَزًا له، لأنها معقله الأكثر إيغالاً في البُنى الاجتماعية. ومادام هذا الحصن مغلقًا لن يُتاح للحداثة اختراقُ الطبقات الكثيفة التي لا تزال تحيط بكامل المنظومة السلفية.
حتى التيارات الشعبوية، بأغلفتها المختلفة، أعادت إنتاج القيم التقليدية الدارجة التي تمجِّد الذكورة كمرتكَز قيمي للعداء للآخر: الغرب. بذلك قبلت التيارات العلمانية بالمساواة بين الرجل والمرأة في السياسة، لكنها لم تقبل بها في القوانين المدنية وقوانين الأحوال الشخصية. مثالنا على ذلك ما وَرَدَ في الميثاق الوطني الجزائري للعام 1976: على الاتحاد الوطني النسائي أن يكيِّف نشاطه مع المشاكل الخاصة التي يطرحها انخراطُ النساء في الحياة الحديثة، وعليه أن يدرك أن تحرُّر النساء لا يعني التخلِّي عن المعتقدات والتقاليد الأخلاقية التي يختزنها الشعب عميقًا.
ثم كيف يتطور ذلك الموقف الوسطي؟ هي ذي صحيفة المجاهد الجزائرية تقول: ” ليست النساء مساويات للرجال. فجماهيرنا الكادحة هي في العمق تقليدية ومحافظة. إن اشتراكيتنا تستند إلى الأعمدة السبعة… لا إلى تحرر النساء.” وهاهي جريدة المجاهد بعد سنوات تقول: “كان تحرر المرأة عاملاً حاسمًا في انحطاطنا.” ثم تتابع: “إن خضوع المرأة لزوجها… لا يمنعها على الإطلاق من المساهمة في الحياة السياسية.” ليتابع أحد الأصوليين، بعد سنة واحدة: “حتى صعود النساء إلى الجبال مع المجاهدين كان وبالاً عليهم، ولم يزدْ الجنود إلا خبلاً وفتنة، والله وحده يعلم ماذا كان يحدث هناك.”

وتأتي ثقافة العولمة المتأمرِكَة والتطورات الاجتماعية العاصفة التي تمرُّ بها بلادُنا لتعطي أبعادًا جديدة للعنف الجنسي المسلَّط على المرأة. فالمرأة في الاقتصاد الطبيعي والمجتمع الزراعي والمدني التقليدي تكتسب مكانتها ليس من خلال وظيفة الإنجاب فحسب، بل من تربية الأطفال ومن دورها في الاقتصاد المنزلي. لكن هذه التطورات قد عملت، بدورها، على تضاؤل دور الأسرة في عملية التربية، من جهة، واضمحلال الاقتصاد المنزلي، بشكل خاص في المدن، من جهة ثانية. والنتيجة، بالتالي، هي تراجع دور المرأة ومكانتها.
وفي ظروف لا توفِّر للمرأة العلم والعمل، لن يكون أمامها إلا أن تستلم لآلة العنف الجسدي، كما يروِّج لها إعلامُ الغرب، متضافرةً مع آليات القهر الداخلية، لتمعن في الأنوثة ابتذالاً، وتحوِّلها إلى هَوَس الجسد وثقافة للسوق ونخاسة الأنوثة وهذا آخر ما تركتْه العولمة والتقاليد معًا لتلك المرأة في مجتمعاتنا. ويتغلغل القمع الجنسي الجمعي، بدوره، من خلال ثقافة العنف، حتى الأعماق، فتتفكَّك المشاعر، ويضعف التعاطف، وينهار احترام الذات.

*العنف ضد الطفولة: سننتقل الآن لفكرة أبعد: أين يتركَّز العنف في مجتمعنا؟ إنه يتركز، أول ما يتركز، في الأسرة وفي التربية. فالأم الجاهلة بأوليات التربية، المقهورة أصلاً بالعنف التاريخي الواقع عليها منذ الولادة، لن تستطيع أن تكون إلا حاضنة لثقافة العنف. إنها تشترك مع الأب في نقل نظرة خرافية إلى العالم لأولادها. فالوالدان – والأقرباء عمومًا – لا يجيبون عن أسئلة الطفل، بل يُغرقونه في التخويف والكذب؛ يكذبون عليه حتى لا يشرحوا له أو يغطوا جهلهم. إنهم يخيفونه، ولا يتورعون عن تهديده بالنار والحساب، ليبثوا أعنف المخاوف البدائية لردعه حتى عن أكل فتات خبز وَقَعَ على الأرض! – عنف ثقافي لن يجد الطفل–الرجل مخرجًا منه إلا بعنف مقابل. فبين قدسية الأبوة وحرمة الأمومة يسقط الطفل – باسم “الطاعة” – مهشَّمًا تحت وابل الأوامر والنواهي، فينشأ لديه نظامٌ لمفاهيم الحياة قائمٌ على التسلُّط والعنف والاعتباط.
وتعود المرأة لتردَّ هذا العنف هيمنةً عاطفيةً تعويضية من خلال أطفالها، تعويضًا عن غبن لَحِقَ بها باسم “الأمومة المتفانية”، فتغرس في نفوس الأطفال تبعية الحبِّ وحبَّ التبعية، وتطوِّقهم بعوالم الخرافات والغيبيات، فلا يكون لها إلا أطفال منفعلون، مستلَبون للخرافات، عُجَّز. فالأب، حصيلة خرافات أمِّه ومجتمعه وأكاذيبهما، يأتي ليكمل عمل الأمِّ، خوفًا وهيمنةً وتحريمًا: لا قانون، ولا عقل، ولا تجريد، ولا نقد، ولا شروط سليمة للنموِّ الصحي للعاطفة والعقل – ناهيكم عن الاعتداء الجسدي على الأطفال.

*العنف المدرسي: العنف أيضًا يبدأ في المدرسة؛ إذ تأتي المدرسة لتتابع ثقافة العنف، عبر سلسلة طويلة من العلاقات التسلُّطية، تفرضها منظومة عقائدية مركزية وسلطوية، قائمة على ثقافة العنف والعسكرة، فالمعلِّم عاجز عن الوصول إلى عقل الطالب إلا عبر العنف، تصير الدراسة، من خلاله، “تدجينًا”، والتعليم خصاءً للفكر، فلا تحليل ولا موقف ولا رأي ولا اختيار، بل تعليم تلقيني، يصنع عقولاً راكدة مستلَبة للخرافة. فالعقل التقني عقل فارغ، وهو مستعد لتلقِّي العقائد الجاهزة؛ إنه عقل خرافي البنية، تلتقي فيه الخرافات والروايات. وهذا النمط من “التعليم” سطحي، تلقيني، امتثالي، بعيد عن النقد والجدل؛ وسلطة المعلِّم فيه لا تناقَش، والطالب يطيع ويمتثل. تعليم يعزِّز الانفعال، ويكرِّس التبعية الفكرية والثقافية، ويَحْرِم من استقلال الرؤية وممارسة التفرُّد في الحياة. (من هنا فإن عملية التدجين المدرسي هي في صلب حركات الرفض والعنف المضاد لدى الشباب.)
أما المواد الدراسية فغريبة عن الحياة اليومية للطالب، فهي مواد فصامية، نصفها مستورد من خارج المجتمع، ونصفها الآخر مستورد من الماضي. فذاك الذي يلبس لبوس “المعلِّم” يتعامل مع الطالب لفظيًّا وخرافيًّا؛ وبذلك لا يعكس العلمَ ثقافةً، بل يبترُه عن جذوره المعرفية، فيختزله إلى قشرة خارجية تعمِّق الغربة، في حين تبقى لغة الحياة اليومية لغة الأمِّ مشحونة بالانفعال.
إن ثقافة العنف هذه تندرج في أرجاء التعليم والحياة كافة، في العمل كما في التدريب والتعليم، وفي العلاقة مع الجار والابن والأب والزوج والأخت. فإما أن تكون متسلِّطًا وإما مقهورًا، وغالبًا ما تكون الاثنين معًا، رازحًا تحت هرم من العنف الهائل. جبرية وقدسية وقَدَرية تسود أرجاء الحياة كلَّها: فأنت إما “مع” وإما “ضد” – في حين أن العصر كلَّه يتَّجه نحو تعليم لا يكتفي بنقل العلم والتقنية عبر القوانين، بل نحو علم مؤصَّل ثقافيًّا ومعرفيًّا-.

*العنف الاجتماعي: إن أية ثقافة تقوم على النرجسية، ورفض الآخر، والانغلاق، والارتداد إلى السلف، القريب أو البعيد، لن تكون إلا ثقافة للعنف، تغلق العقل وتحبط التنمية. إنها لا تصدر عن العقل، إذ ترفض العقلانية بحثًا واجتهادًا ونقاشًا؛ بل إنها تعصُّب انفعالي، في محاولة لإجبار الآخر على الخضوع. ولا تخلو من العنف أية ثقافة؛ لكن ما يميِّز وضعَنا هو تراجُع الثقافة المضادة، القائمة على الحوار والعلمانية والانفتاح الفكري والحضاري، لصالح التعصب والانغلاق.
بين قهر التقاليد، وقهر الأسرة والعشيرة، والقهر الاقتصادي والسياسي، ترزح شخصية الفرد العربي تحت عنف شامل يمنع تفتحها ومجابهتها لحقائق الحياة والوجود. تنتج لدينا ذهنيةٌ متصلِّبة، محدودة الأفق، حيث كلُّ تجديد وسؤال هو إثْم يستحق العقاب والتصفية، لأنه يزعزع المحرَّمات وحقائق الماضي المهشَّم. فكرٌ أشْوَهُ، وحيدُ الجانب، انفعالٌ مضطرب، وشخصيةٌ مفكَّكة. كلُّ ذلك يولِّد انكفاءً على الذات، وارتدادًا إلى الماضي، تمسُّكًا بالتقاليد، حتى تكاد ثقافة العنف تبدو جزأً من طبيعة الأمور. فالواقع أن علاقة الفرد بالمجتمع يسودها التناقض بين أمل أسطوري وإحباط تاريخي.
إن الوسيلة الدارجة في مجتمع العنف هي توجيه العدوانية نحو الخارج عبر التعصب الطائفي أو العرقي أو الديني. ويصير الأمل الأخير للفرد المقهور منصبًّا على منقذ موهوم، يُلبِسُه كلَّ الصفات المضادة لضعفه، وسرعان ما يرتد عنه، كفرًا وعنفًا مضادًّا، ليغرق في دوامة جديدة من العنف.
ولعل موقف الإنسان، في مجتمع العنف، من القانون يعطينا فكرة عن تفكُّك شخصيته، حيث لا يكون الاعتداء على القانون محرَّمًا، بل يكون خوفًا من العنف! فالقانون لا يُفرَض إلا على مَن لا يمتلك القدرة على خَرْقِه. ليس هناك احترام للقانون، بل رضوخ وإرغام – ولك أن تخترق القانون إذا استطعت أن تنفد بجلدك! فإن ضعفتْ سلطةُ القانون، وتراجعتْ قدرةُ المجتمع على فَرْضِه، ينفجر العنف انفجارًا مذهلاً، وتنفجر العدوانية الكامنة، ويتعمَّم الاعتداء على القانون، واستباحة الحدود والممتلكات، دون مراعاة للمُواطَنة والجيرة والمشاركة أو الانتماء أو حقوق الإنسان.

*العنف الفكري والسياسي: كلُّ المجتمعات التي قامت على عقائد، لا على قيم للإنسان، غدت فريسة للعنف الاجتماعي، وأضحتْ فيها المؤسَّسة بديلاً عن العقيدة، والطقس بديلاً عن القيمة والمغزى الديني أو العقائدي. من هنا فإن ثقافة العنف في الفكر والسياسة تقوم على عقيدة مركزية توتاليتارية، لا سبيل إلى تقويضها بغير العلمانية.
والعلمانية، في القرن الحادي والعشرين، لم تعد تعني مجرَّد فصل الكنيسة أو الفكر الديني الغيبي عن الدولة والتشريع والإدارة والثقافة، بل أصبحت تعني رفض فَرْضِ كلِّ مسبق عقائدي على العقل والإنسان. من هنا فإن العلمانية هي الطريق للتأسيس لثقافة حقوق الإنسان.
فأية عقيدة أو مؤسَّسة تضع نفسها فوق المُساءلة والجدال والنقد والحوار ليست علمانية، مهما ادَّعت العقلانية والعلم؛ بل هي تؤسِّس لثقافة العنف والتعصب. وأية جماعة تغتصب أدواتِ الحوار، مدَّعيةً احتكار الحقيقة، بحقٍّ إلهي أو شعبي، لا تلبث أن تُخضِع المؤسَّسة والمجتمع المدني لسطوة مزدوجة: سطوة التقاليد وسطوة الاستبداد. فالضمانة الوحيدة ضدَّ ثقافة العنف هي العلمانية. والعلمانية ليست نفيًا لقيم السماء، ولا لقيم الأرض، بل هي تكريس لعقل الإنسان الحرِّ.

*العنف والعولمة: وفوق ثقافة العنف التي تعشِّش في مجتمعاتنا، يأتينا القصف الثقافي البخس لثقافة العولمة. إن العولمة لا تنقل إلينا القيم التي أسَّستْ لنهضتها: الديموقراطية، والعلمانية، وقيم المجتمع المدني، والمُواطَنة، بل هي تقصفنا بالتفاهة والعنف العبثي والتسطُّح الفكري، باسم العولمة الثقافية. فالعنف الثقافي هنا “عدوان ثقافي”، لا حوار حضارات، وتكريس للتفوق ولمنهج الإبادة الثقافية والبشرية.[ ]
وما يقدَّم لنا على أنه نظام للسوق العالمية يهدف إلى ترسيخ فكرة الخضوع لضرورات الإنتاجية بالمعايير الغربية، وكأن الاقتصاد ليس إلا علمًا للأشياء، علمًا للتنمية الاقتصادية فحسب. ويبيع لنا إعلامُ العولمة الجنس العنيف والعنف الجنسي بأبخس الأسعار وبنفس السهولة التي يبيع بها أهم أخبار المجاعات والحروب. وإلى جانب العنف المباشر، تقوم ثقافة العنف العولمي بتكريس مفاهيم البطولة والخلاص الفردي: “اقتل، واضرب، ومزِّقْ، وانفد بجلدك!” عنف فردي يكرِّسه عنف جمعي، ويركَّب فوقه عنف كوني باسم العولمة والأمركة.
*** *** ***
3-الحلول المطروحة:
هل من مَخرَج من حلقة العنف المجنون؟
يجب أن ندرك، أولاً، ذلك الحيِّز الهائل الذي يحتلُّه العنف وثقافة العنف، بدءًا من حياتنا اليومية، إلى مختلف جوانب الحياة الفكرية والسياسية. ولا بدَّ، بعد إقرارنا، من أن نحرِّر الدراسات والبحث العلمي، لتغدو شفافة، سواء في علم الاجتماع أو في غيره من المجالات.
ثم إن مواجهة كلِّ الأصوليات في المجتمع تحتِّم إعادة الاعتبار لمؤسَّسات المجتمع المدني فهي وحدها القادرة على مواجهة الفكر الشمولي والأصولي، وعلى محاصرة ثقافة العنف. فلقد أثبتت المؤسَّسات السياسية فشلاً ذريعًا في معالجة جملة من القضايا الاجتماعية والجماهيرية، بدءًا من محو الأمية، إلى تحرر المرأة، إلى الثورة الثقافية، إلى حماية المدن والآثار.
من جهة أخرى فإن أهم الحلول المطروحة وأكثرها نجاعة هو:
* تأصيل الديمقراطية، وثقافة حقوق الإنسان :
فلا بدَّ لثقافة حقوق الإنسان من أن تؤسَّس على نهضة مفهوميه جديدة للمُواطَنة، تبدأ، أول ما تبدأ، من الأكاديميات والتعليم. إن ثقافة حقوق الإنسان هي التي تسمح بإعادة تأسيس مجمل العملية التربوية ضدَّ أشكال الفكر المسبق كافة، وبتكريس الوحدة الثقافية بتعزيز التنوع والحرية القائم على مبدأ الحوار والقبول بالآخر، وبإعادة التأسيس للعملية الثقافية على أساس إعادة التجديد من الداخل والانفتاح على الخارج.
و الأهداف المتعلقة بالتأسيس لثقافة حقوق الإنسان ليست منوطة بطبقة بعينها، مع أن طبقات بعينها قد تلعب أدوارًا تاريخية فيها. إنها نهضة تشمل البُنى الاجتماعية والفعاليات السياسية كافة، لتصهرها حول أهداف النهضة – نهضة تقوم على تكتل تاريخي للمجتمع والأمة بأسرها، لتكريسها، بكلِّ طاقاتها، لهذه الأهداف. وهذا لا يعني أن تتخلَّى الطبقات والأحزاب عن مصالحها وإيديولوجياتها، بل يعني تكريس هذه الأهداف لخدمة نهضة الأمة. إنها تعني وضع الوطني القومي النهضوي الديموقراطي زمنيًّا فوق الإيديولوجي. وهذا يحتِّم أن تقوم الأحزاب والقوى الاجتماعية بالتخلص من تشرنقها العقائدي ومن ترهُّلها الذي تمسخ به ارتباطاتها بالحياة وبقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.
ونستطيع أن نقول إن القيمة العميقة لأية حضارة تكمن في المكانة التي تعطيها لكرامة الإنسان. وفي المقابل، فإن حرية الوطن ليست شرطًا مسبقًا لحرية الإنسان؛ بل إن حرية الإنسان وحقوقه ومكانته كمواطن هي التي تؤسِّس للتنمية الحقيقية. لكن ما حصل أنه إبان فترة الحرب الباردة تمَّ توظيف حقوق الإنسان السياسية، من جهة، وحقوق الإنسان الاجتماعية، من جهة أخرى، سلاحًا في الدعاية والتضليل السياسيين، خدمةً للمصالح الجيوبوليتيكية لهذه الدولة العظمى أو تلك.
فليس هناك أيُّ معنًى لدولة القانون، ولا لأية تنمية، من دون حقوق الإنسان؛ بل إنها هي التي يجب أن تشكِّل المدخل الرئيسي لحثِّ عملية التنمية والتأسيس لها. فمنطق حقوق الإنسان يجذِّر ويعزِّز أبعاد التنمية ويؤسِّس لها، لتصبح أعمق وأكثر أصالة في بنية المجتمع. وليس هناك أيُّ معنًى لدولة القانون، ولا لأية تنمية، خارج إطار تعزيز حقوق الإنسان وتكريس مبدأ المُواطَنة. وكما في السابق، فإن النضال في القرن الجديد من أجل حقوق الإنسان سينطلق، أولاً، من تصفية أشكال الثقافة والانتماء ما قبل المدنية، ومن هدم المصالح السياسية والثقافية للمستفيدين من أيِّ تقسيم للمواطنين على أساس طائفي أو عشائري أو عنصري، ثانيًا.
ولقد أثبتت التجارب أن القوانين لا يمكن أن تكفل حقوق الإنسان. لكن حقَّ الحياة والتعليم والتغذية والعمل والحماية ضدَّ المهانات كافة هي شروط لا بدَّ منها لنجاح التنمية، وليست مجرد أهداف مثالية عامة. إذ إن الجمع بين الأفق التنموي وأفق حقوق الإنسان، القائم على الانتماء الوطني (المُواطَنة)، هو الشرط لتحقيق تنمية بشرية في هذا العصر؛ بل إن كلاً منهما يعزِّز الآخر.
حيث غيَّر النضال من أجل حقوق الإنسان وجه العالم. وتنخرط فيه، أكثر وأعمق، ثقافةُ الجنسانية ، لتدعمه بزخم كبير من أجل تعزيز النضال العام من أجل حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك، فإن تسريع التنمية الوطنية لا بدَّ منه من أجل استئصال الفقر الذي يشكِّل العائق الأساسي أمام توفير الشروط الأساسية لتحقيق حقوق الإنسان.
مع ذلك، فإن العنف والقمع لا يزالان متجذِّرين بقوة في مجتمعاتنا، في حين تعاني المؤسَّسة القضائية من اعتباط ونقص كبير في الكفاءة، بسبب ظواهر الفساد. إذ لم تعد التدابير والأنظمة وحدها كافية لحلِّ المشكلة، بل إن الأمر بات يتطلب إعادة النظر جذريًّا في البنية الإدارية والمؤسَّساتية للقضاء ذاته. فإذا كانت العدالة هي الشرط الأساسي لتنمية حقوق الإنسان، فإن الشفافية هي العمود المحوري الذي ينبغي أن تدور حوله المؤسَّسة القضائية للحيلولة دون تسلُّط منطق مراكز القوة وجبروتها.
وحدها الديمقراطية تستطيع أن توفِّق بين الأشكال الخمسة لحقوق المُواطَنة، أي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية. إلا أن بعض الديمقراطيات تفشل في تجذير حقوق الإنسان: فهي لا تلبث أن ترتدَّ قمعًا لهذه الأقلية أو تلك، لهذه الثقافة أو تلك، أو لهذا الفكر أو ذاك؛ كما أن الأحزاب غالبًا ما تكون مبنية، من حيث المبدأ، بحيث تستبعد الأغلبية من المشاركة.

*الفصل الثاني: دراسة تحليلية حول ثقافة العنف عند الطفل الجزائري

ثقافة العنف عند الأطفال(المتمدرسين) في الجزائر:
*المجتمع الجزائري هو مجتمع عربي مغاربي ينتمي إلى العالم، وهذا يعني أنه يعاني العنف المحلي ضمن الإطار الخاص. ونتيجة كونه عربياً فسيعاني من المشاكل التي يتصف بها المجتمع العربي، كذلك الشرقي، وبانتمائه إلى العالم، فهذا يعني تأثره أيضاً ببعض ما يعاني منه العالم انسجاماً مع الاتصال الذي يحدث بين الجزائر والعالم الخارجي. وتمثل التربية الوسيلة التي يتم من خلالها بث الأفكار العامة ومنها أفكار ومفاهيم تخص العلاقة داخل العائلة التي تمثل اللبنة الأولى في المجتمع.
وقد انتقد د. هشام شرابي في هذا الصدد هذا الأسلوب حين أشار إلى سلبيات التعليم “إن التعليم كما يجري في إطار العائلة وخارجها، يتميز بصفتين رئيستين، فهو من جهة يقلل من أهمية الإقناع والمكافأة، ومن جهة أخرى يزيد من أهمية العقاب الجسدي والتلقين”.
وما دمنا في الحالة العربية لمجتمعنا الجزائري، فلنا أن نربط بين مناهج الحكم ومناهج التعليم، .. “دور الدولة في التعليم في البلدان العربية يتجاوز دور التنسيق بكثير، فهي بادئ ذي بدء تقوم بالإشراف على كتابة المناهج، وهي لا تتورع عن كتابة المناهج ذات العلاقة الوثيقة بالمسائل السياسية مثل الدين والتاريخ وغيرها، بطريقة تأمل من ورائها اكتساب الشرعية السياسية في نظر الشعب الذي لم تلجأ إليه أبداً للحصول على الشرعية، وأحياناً تلقي الأنظمة السياسية جانباً بكل مظاهر احترام الاستقلال الأكاديمي، حيث تنص قوانين الجامعات صراحة على تحقيق الانسجام والتكامل بين أهداف التعليم العالي ومخططات الدولة”(3).
لقد كان المجتمع الجزائري جزءاً من الدولة العربية الإسلامية ابتداءً من الفتح العربي الاسلامي حتى سقوط الدولة العثمانية، ثم تعرض للإحتلال الفرنسي،ومع قيام أول سلطة وطنية في الجزائر واستلامها مسؤوليات التربية والتعليم عام1962 حتى الآن،دون أن ننسى العشرية الدموية السوداء التي مرت بالجزائر، والتي كان لها تأثير كبير على ثقافة العنف الاجتماعي، و بالرغم من كل هذا، إلا أن هناك توقاً تربوياً على الأقل نحو تفعيل التربية وعصرتنها وبث مفاهيم ديمقراطية في العملية التعليمية، ومن هذه المفاهيم إقامة علاقة إنسانية بين أركان العملية خصوصاً بين المعلم ـ الطالب، واستلزم ذلك طلب الوزارة صراحة بعدم استخدام أساليب العنف المادي واللفظي تجاه الطلبة بالإضافة لنشر العشرات من المرشدين النفسيين في المدارس لتوجيه سلوك الطلبة وفهم نفسياتهم وحل مشاكلهم بأساليب تربوية حديثة بعيداً عن الأساليب القديمة. ومعنى ذلك أن رأس الهرم التربوي يتفق مع اللاعنف في المدارس، لكن المشكلة تظل كامنة في الطالب والمعلم والمدير، كونهم مواطنين ما زالوا يتأثرون بالمجتمع الذي يعيشون فيه.
لذلك فإن العنف العام الداخلي الذي نعاني منه هو وليد تراكم طويل، وليس هو وليد يوم وليلة، ومعنى ذلك أن تخفيفه يستلزم فهم تاريخ الوضع السياسي والتاريخي للحياة السياسية والاجتماعية في الجزائر، وقد قمنا بعرض مختصر لهذا التاريخ كإطار عام. ونتيجة ذلك التراكم، أصبح العنف سيداً للأحكام التي تقوم بها الذهنية العربية “إذا كانت الهيمنة أسلوباً للتعامل بين البشر، فإن العنف أو التهديد به يصبح سيد الموقف، اللجوء إلى العنف أو التهديد به لفض المشاكل البسيطة والمعقدة أمر محتوم يبرز في كثير من تفاعلاتنا اليومية، التهديد بالضرب والقتل والاغتيال والتهجير والتدمير يصدر عنا بشكل تلقائي عفوي لا شعوري، العنف من صلب تراثنا، العنف كأسلوب للتعامل جزء من شخصيتنا الاجتماعية والنفسية، حتى أننا نفهم الحب المقدس، وممارسة العشق والوصال، نفهمه فتحاً وخزقاً وقرطاً وحرثاً، واللجوء إلى الهيمنة والعنف أو التهديد بهما أسلوب شامل وعام”.
*المسؤولية الإجتماعية:
إن الوضع التربوي ليس مسؤولية قطاع التربية والتعليم وحده، لذلك فإن وضع (جزيئية العنف في المدارس) ليس مسؤولية المعلمين والمعلمات، بل أنها مسؤولية مشتركة مجتمعية، لا بد من جميع القطاعات أن تدلو بدلوها من أجل تكامل الرؤية وتنفيذ الحلول لتخفيف حدة الظاهرة والحد منها نهائياً إن أمكن “إن قضية العنف في المدرسة ليس مصدرها الوحيد هو المعلم وإنما نتعامل بأن المعلم في النهاية هو المسؤول الأول عن هذه العملية التربوية المعقدة بكل معانيها ثقافياً وحضارياً، إضافة إلى اكتساب الطلاب العادات الفكرية والوجدانية وأنماط السلوك السليمة وكيفية التفكير حتى يكون دور المعلم مساعداً ودليلاً وداعماً للطالب بحيث يصل مستوى العلاقة بين المعلم والطالب إلى درجة مجسدة بالتعاون والتكامل”. وليست القضية مقتصرة على العلاقة بين الطلبة والمعلم، بل أن هناك تجاوزات في علاقات الطلبة الداخلية وصلت حد الدموية، واستخدام الآلات الحادة، وقد تحدث تقرير صحفي عن هذا الموضوع، واستطلعت كاتبة التقرير عدداً من الآراء، فأكد د.بحري توفيق ، أن المدرسة مجال يتعامل فيه الطلبة ويحتكون مع بعضهم البعض مما يهيئ الفرص أمامهم لإبراز شخصيتهم المراهقة باتباع أساليب منحرفة مشيراً إلى أنه كلما زاد الاحتكاك بين الطلبة بشكل أكبر توقعنا حدة في السلوك خاصة أن مدارسنا تفتقر إلى الاتساع وزيادة عدد الطلاب في الفصل الواحد، بالإضافة لعدم وجود ملاعب وبرامج ترفيهية للطلبة ليتم تفريغ طاقات الطلبة من خلالها. إن ظاهرة العنف، بين الطلاب تظهر بشكل ملموس في أوساط الأسر الفقيرة التي تعاني من ازدياد في عدد أفرادها وانخفاض المستوى التعليمي للوالدين، حيث يكون مناخ المدرسة الأكثر نجاعة لاستخدام السلوك العدواني، كما أن توكيد الذات هنا يتم من خلال العنف كأسلوب سيء جداً، وهو يختلف عن توكيد الذات بشكل إيجابي “توكيد الذات: قدرة الفرد على التعبير الملائم عن أي انفعال يتعرض له نحو المواقف والأشخاص، فيما عدا التعبير عن القلق، وتشمل هذه الانفعالات التعبير عن الصداقة والمشاعر الوجدانية التي لا تؤذي الآخرين، أو لا تؤدي إلى انتهاك حقوقهم.
لذلك يجب أن نظل متنبهين إلى أن المدرسة مجال للتعبير عن السلوك الذي يكتسبه الطالب/ الطالبة في المجتمع “تمثل المدرسة اليوم صندوق رنين يردد صدى كل المشكلات التي يعانيها الصغار، يأتون إليها ليعبروا عن شقائهم وهذا بالتحديد ما يقود إلى تلك اللامبالاة تجاه المدرسة”، وهذا يؤكد أن مشكلة العنف هي مسؤولية مجتمعية “المدرسة كانت عامل اندماج مهم، وينبغي أن تبقى كذلك… أنها تمثل المكان الذي تتقارب فيه الفروق”.
ويتفق الكاتب إبراهيم بن عيشة المقيم بفرنسا وهو يتحدث عن العنف هناك مع ما ذكره الأستاذ جميل بن سليمان في الملتقى التربوي في كون المسؤولية مجتمعية “العنف في المدرسة ليس ظاهرة ناتجة عن طريقة عمل المؤسسة التربوية الوطنية، للأسف فإن المدرسة بمنزلة الصدى للمشكلات التي يواجهها الشبان في مجتمعنا اليوم، وينبغي خصوصاً تفادي تحميل المدرسين مسؤولية الأمر أو أن يقال عنهم أنهم السبب في مشكلة نقص التواصل مع الشباب. إننا في مواجهة اهتزاز يعرفه المجتمع في إطار أزمة اقتصادية دولية، ومن البديهي أن شقاء هؤلاء الأطفال يعبر عن نفسه في المدرسة، ويظهرون بهذه الطريقة ثورتهم على غياب الآفاق أمامهم التي تعني فرص العمل”.
لذلك نرى الكاتب الجزائري المذكور يطالب “بتوفير الإعلام الجاد الذي لا تشوبه مغالطة ويتمتع بالقدرة على إعطاء طابع من المسؤولية للمواطنين، وبالتالي نزع فتيل العنف، والعنف ليس إلا وليد الشعور بالمظلومية والحرمان، ممارسة القدرة على هضم الظلم وتحويله إلى فعل إيجابي، أعتقد أن توزيعاً أحسن للثروات الثقافية والمادية سيكون حلاً جيداً في وجه العنف والتهميش”.

*دور التربية الديموقراطية:
إن تشديدنا على إشاعة التربية الديمقراطية لم يأت من فراغ، ذلك أن مظاهر العنف هي نتيجة عدم شيوع تلك التربية، حيث ثمة انسجام بين أنظمة الحكم وأسلوب الوعظ والإرشاد الديني وبين أسلوب التلقين في التربية والتعليم، فاستخدام التعلم يتفق مع الديمقراطية لأنه يعطي الفرصة للطلبة كي يشاركوا ولا يظلوا في مجال التلقي السلبي فقط الذي تستلزمه القيم الاجتماعية الناتجة عن نظام حكم سياسي تقليدي “وتنشئ القيم الاجتماعية التقليدية التي تنعكس في نظام تعليمي تقليدي شخصية لها سمات محددة أهمها الضعف في المقدرة على التفكير المستقل والمقدرة على التجديد والابتكار والتطوير، وتفرز عدم الثقة في النفس في نقاش موضوعات لا تتطلب ترديداً أو اجتراراً لمعلومات، وتفرز هذه القيم أيضا الخوف من سلطة المجتمع، وتعزز عدم القدرة على التعامل مع ما هو جديد وغير مألوف، وتضعف الشعور بوجود حقوق فردية لدى الشخص أو الطالب وتنتج شخصية مكبلة عاجزة غير مبدعة ودون مقدرة على إعادة إنتاج المعرفة.
وفي ظل أنظمة غير ديمقراطية، تزدهر التربية التقليدية، وكما يزدهر القمع السلطوي لمجموع الشعب والنخب المفكرة والآراء المعارضة، لأنه على الجانب الآخر سنجد ازدهاراً لمظاهر السلطة السيئة عند المسؤولين التربويين بدءاً من المعلم ومدير المدرسة، وبالتالي فإن العنف المتبادل بين أركان المؤسسة التربوية هو عنف ناتج عن النظام السياسي والاجتماعي والثقافي بشكل عام. والسلطة أياً كانت فإنها تلجأ خصوصاً في المجتمعات غير الديمقراطية إلى الإلزام والإحكام دون نقاش لأنها أصلاً فاقدة للثقة في قيادتها الفكرية للمجتمع، وتخشى من الرأي الآخر، وهذا ينسجم مع الخطاب الديني القائم على التهديد والوعيد في بلادنا كما ذكر عبد الفتاح عمر في “الديمقراطية والثقافة السياسية” الذي أشرنا إليه من قبل. كما يقول ماكس فيبر:” أن السلطة توجد حينما أفرض إرادتي رغم مقاومة الآخرين لها، وهي حسب فولتير فإنها تجعل الآخرين يتصرفون تبعاً لاختياراتي. إن المرء يشعر نفسه أنه أكثر من مجرد إنسان حين يتمكن من فرض نفسه ومن جعل الآخرين أدوات تطيع رغبته مما يعطيه لذّة لا تضاهي”. وهذا يرشدنا إلى أن هناك علاقة بين القوة والعنف.
إننا نقبل الإرادة إذن التي تستخدم القوة لتنظيم المصلحة والحقوق وفق النظام الديمقراطي، ولا تسمى تلك الإرادة القوية بالعنيفة، لأن العنف كما هو معروف الآن هو أسلوب شاذ في التعامل مع المشاكل. وهذا يسوقنا بشكل عام إلى الحديث الموجز عن شرعية العنف عند الأيديولوجيين الذين لا يقبلون التعددية، وظهر ذلك عند الشيوعيين وغيرهم من المفكرين، حتى عند الوجوديين أمثال بول سارتر، وقد بحث الكثيرون عن مبررات العنف السياسي والفكري كونه طريقاً إلى النجاة للمجتمع والأفراد، ونستطيع الرجوع إلى أدبيات السياسيين الأيديولوجيين لنتعمق في هذا الموضوع الخطير، الذي كانت النازية والفاشية والشيوعية نتيجة له. وما يهمنا هنا هو أنه ما زال العديد من التربويين يلجأون إلى العنف وينادون به تحت ذرائع واهية.
ورغم أننا قد نتقبل سلوك السياسي غير الديمقراطي في التعامل مع الأفراد والجماعات، إلا أننا لا نجد عذراً للتربوي في إقامة أية علاقة قائمة على العنف وهو يوصل المعلومات ويتعامل مع الأطفال داخل أسوار المدرسة، لأن “التربية تتميز عن غيرها من العمليات بوجود “جانب إدراكي” بمعنى أن المتعلم يدرك (يفهم) ما هو بصدد تعلمه. وفي غياب الجانب الإدراكي لا يكون هناك مفر من الاعتماد على أساليب غير عقلانية في ترسيخ المعتقدات، هذه تشمل في أدنى درجاتها أنماطاً مختلفة من العقاب الجسدي الذي كان عادة متبعة في المدارس إلى عهد قريب، كما تشمل أنواعاً شتى من العقاب المعنوي، مثل النبذ والتخجيل والتهديد”. إن الطفل الذي يتعرض لهذه المظاهر يكتسبها، وهو لا يتعلم (المعلومات) فقط، ولا يتعلم عدم المناقشة والطاعة الفكرية والرضا بالأمر الواقع الذي يفرضه أسلوب التلقين فحسب، بل يتعلم بهذه الأساليب جميعها التي تدخل في يناء شخصيته، وهذا مكمن الخطر “إن الطرق التربوية من طراز “تقبل هذا ولا تسأل عن السبب”، “تقبل هذا وإلا…” ليست فقط أساليب تتبع في غرس المعتقدات والقيم في أذهان المتعلمين، فما من ضمانة لدينا أن دورها سوف يقتصر على دور الوسيلة، ذلك أنها جزئياً على الأقل تعبيرات عن قيم معينة. والشخص الذي يتعلم (س) من الأشياء بواسطة التلقين لا يتعلم (س) فقط، إنما يتعلم بالإضافة إلى ذلك أنه من الجائز (بل ربما من الطبيعي) أن يستعمل الإنسان هذا الأسلوب في تعليم (س)، وهذا بالطبع موقف قيمي (بما هو مقبول وطبيعي وما هو خلاف ذلك)”.

*العامل النفسي: (علاقة الطالب بالمعلم)
إن أكثر المعلمين والمعلمات المتجهمين والعنيفين إنما يلجأون إلى استخدام العنف اللفظي والمادي في التعامل مع الطلبة نتيجة قصور في شخصياتهم (النفسية والتعليمية)، وأزعم أن عدم سيطرة المعلم على إدارة المعلومات داخل الغرفة الصفية وضعفه التربوي في خلق الوسائل التربوية والأساليب في تقديم المعلومات وضعفها يؤدي إلى عدم تحمل ميل الطلبة الحيوي للتفكير والنقاش، كما أن الطلبة يملكون القوة كمتعلمين في تقييم المعلم/ ة، فإذا كان هناك ضعف ما في شخصية المعلم فإنه سيلجأ إلى العنف كمنقذ ومهرب في آن واحد، فالمعلم الذي لا يستطيع جذب انتباه الطلبة وتركيزهم من خلال المعلومات وطرق تقديمها سيلجأ إلى العصا كمخلصة له من هذا الموقف المحرج، لذلك ليس غريباً أن نرى معلمي الرياضيات واللغة الإنجليزية ينتمون إلى هذه الفئة لأسباب موضوعية تتعلق بهذين المبحثين وأسباب ذاتية تتعلق بهما في هضم تلك المواد وجذب الأطفال إليها. ولما كانت العلاقة بين الطالب والمعلم قائمة على الاتصال المباشر، فإن حسن الاتصال القائم على الحوار والمشاركة من قبل الطلبة في التعلم واعتبار (الطالب) محور العملية التعليمية (حقيقة لا شعار) سيخفف من حدة أي عنف محتمل. ولو وسعنا دائرة (المعلم ـ الطالب) إلى (الإنسان ـ الآخر) فسنجد أن العنف أو النزاع أو تصادم الإرادات المحتمل هو وليد هذه العلاقة بين الأنا والآخر. ويمكننا الإشارة إلى أحد تفسيرات علم النفس للعنف من خلال مدرسة وجهة النظر الظواهرية التي تحدث عنها د. مصطفى حجازي حين قال: “إن العنف كغيره من أشكال السلوك هو نتاج علائقي، أو بكلمة أكثر دقة، نتاج مأزق علائقي. أما التدمير والقتل فهو كارثة علائقية تصيب الذات في الوقت نفسه الذي تنصب فيه على الآخر وتبيده. إن العدوانية هي طريقة معينة للدخول في علاقة مع الآخر”.
أليس ذلك دليلاً على أسلوب المعلمين في بداية متجهمة عدوانية في الحصص الأولى في المدرسة التي يعملون فيها أول مرة؟ إن ذلك بلا شك أسلوب إنساني تقليدي قائم على الخوف على الذات من أن ينكرها الآخر، والمعلم يريد أن يضمن خوف الطلبة منه واحترامهم القائم على الخوف ومن ثم يبدأ بالتراخي قليلاً سواء في سحنة الوجه المتجهمة أو الضرب والألفاظ القاسية لأنه فاز في الجولة الأولى معهم، وعليه الآن أن يظهر بريق أسنانه قليلاً.
*دوافع السلوك:
حدد إبراهام ماسلو خمسة دوافع للسلوك الإنساني تنتظم في شكل هرمي قاعدته الأساس الحاجات البيولوجية الأولية الفطرية وتليها مباشرة الحاجة إلى الأمن ثم الحاجة إلى الحب والانتماء ثم الحاجة إلى الاحترام والتقدير ثم الحاجة إلى تحقيق الذات، لذلك فإن انتفاء الشعور بالأمان لدى الأطفال والطلبة سيثنيهم عن الانتماء والمشاركة وتحقيق الذات بشكل إيجابي “إحباط الحاجة للأمن عند الطفل أو الرجل بشدة تجعله هياباً متوجساً من كل شيء، من الناس ومن المنافسة ومن الإقدام ومن المغامرة والابتكار والجهر بالرأي وتحمل التبعات، ويبدو ذلك في صور شتى منها الخجل والتردد والارتباك والانطواء والحرص الشديد والذعر من شبح الفشل والعجز عن إبداء الرأي والدفاع عن النفس حتى وإن كان الحق في جانبه أو يبدو في صورة تحد وعدوان أو لا مبالاة”.
إننا حريصون على خلق بدائل تعين المعلم كي يتجنب العنف كسلوك شاذ، كذلك تفيد هذه البدائل الطلبة أنفسهم، وقد ركزنا حديثنا على العلاقة بين المعلم والطلبة كونهم يقضون أطول فترة من الزمن مع بعضهم وهم أكثر عرضة للعلاقة وتفاعلاتها الهادئة والعنيفة. لذلك لا نستطيع مجرد نصح المعلم بعدم استخدام العنف فقط، بل نزعم أن علينا “أن نعطي البديل من خلال التجارب العملية الناجحة لمحاولة اختبارها إن أمكن، فالطلبة وهم جميعاً أطفال ما داموا تحت سن الـ 18 عاماً، هم فئة ذات إيقاع سريع في كل شيء، بينما ينتمي المعلمون إلى الفئة ذات الإيقاع الأقل سرعة حسب مستوياتهم العمرية والنفسية أيضاً. لذلك تنشأ بعض المشاكل من خلال إغفال الكبار ميزات الصغار في الإيقاع السريع، وكأنهم يطلبون منهم (وهذا عنف غير مباشر) أن يكونوا بطيئي الإيقاع مثلهم. لذلك ليس هناك مانع من استخدام اللعب في التعلم لأنه محبب لديهم، فالإيقاع السريع عندهم يدفعهم لطاقة حيوية وعلى المعلمين أن يفرغوها بالتي هي أحسن، أما عن أهمية اللعب للأطفال فقد أوجزته كاترين تايلر بقولها “اللعب أنفاس حياة الطفل، بل أن حرمانه منه يعني حرمانه من حقه في الحياة والنمو”.
لذلك ليس غريباً أحياناً أن ألجأ في الخمس دقائق الأولى خصوصاً بعد الاستراحة، إلى تفريغ الطاقة الحيوية من خلال حركة الأطراف للطلبة مما يجعلهم أكثر سعادة وتقبلاً للدرس بدلاً من الأوامر بالهدوء التام الذي يجعلهم في حالة احتقان. إن البحث عن أسلوب نفرغ من خلاله الطاقة أفضل كثيراً من اللجوء للحل السريع السهل المتمثل بالعنف اللفظي والمادي.

خــاتمـــــة:
هناك مبرر قوي وأخلاقي وعالمي لمحاربة أشكال العنف في جميع القطاعات ومنها القطاع المؤسس للمواطنين، وهو القطاع التربوي، وفي الوقت الذي ننفق فيه على بناء مشاريع البنية التحتية، فإننا بحاجة لمن يحافظ عليها، وعلينا أن نبذل بسخاء لإشاعة هذه الفكرة، لأنها تشكل ضمانة السلم الاجتماعي الداخلي والدولي. وليست المسألة مجرد إنهاء هذه الظاهرة في الصفوف المدرسية، بل هي مدخل لإنهاء الصراع والنزاع الدولي، وهنا مكمن الخطورة والأهمية، إن المعلم الذي يحارب العنف هو مقاتل شجاع ضد ظواهر الحروب في كل زمان ومكان، تلك الحروب التي يكون أُكُلها الناس والأطفال وكل الأبرياء.
وحتي نتمكن من تخطي أزمة العنف الاجتماعي، لابد لنا من إكتساب ثقافة الحوار مع الأخر واحترام أفكاره ومبادئه. دون المساس بمقدساته.

المصادر و المراجع

1- فؤاد اسحق الخوري: الذهنية العربية”العنف سيد الأحكام”، بيروت، دار الساقي،1993.

2- معتز سيد عبد الله، وصالح عبد الله أبو عيادة: أبعاد السلوك العدواني، دراسات نفسية، العدد الثالث،1995.

3- من مقابلة مع الكاتب الجزائري إبراهيم بن عيشة، أجراه الطيب ولد العروسي، نشرته مجلة الجيل، العدد 12، 1998.

4- د. رجال بهلول: التربية والديمقراطية،سلسلة ركائز الديمقراطية، مؤسسة مواطن لدراسة الديمقراطية، 1997.

، 19/06/2006Jalaan.com/book 5- تحسين يقين: العنف في المجتمع ، دراسة نشرة على



شكرررررررررررررررت تعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائر

شكرا لكـ على البحث الشامل

شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

مشكوووووووووووووورررين

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

العلاقات العامة والرأي العام و الجمهور

تقديم……………………………………… ………….ص 6
الفصل الأول: العلاقات العامة
أولاً: تعريف العلاقات العامة……………………………..ص8
ثانياً:فلسفة العلاقات العامة……………………………..ص16
ثالثاً:أهمية العلاقات العامة……………………………..ص20
رابعاً: أهداف العلاقات العامة……………………………ص23
خامساً: وظائف العلاقات العامة…………………………ص27
سادساً: بناء إدارة العلاقات العامة……………………….ص32
سابعاً: صفات أخصائي العلاقات العامة…………………..ص33
ثامناً: مقارنة بين العلاقات العامة والنشاطات الأخرى…….ص36
1- الفرق بين العلاقات العامة والعلاقات الإنسانية
2- الفرق بين العلاقات العامة والشؤون العامة
3- الفرق بين العلاقات العامة والإعلام
4- الفرق بين العلاقات العامة والإعلان
5- الفرق بين العلاقات العامة والدعاية

الفصل الثاني: الجمهور والرأي العام
أولاً: الجمهور……………………………………. …..ص40
ثانياً: مفهوم الرأي العام وتعريفه…………………………ص41
ثالثاً: مكونات الرأي العام………………………………ص44
رابعاً: أنواع الرأي العام…………………………………ص48
خامساً: الرأي العام والعملية الإعلامية…………………….51
1- العلاقة بين الرأي العام والعملية الاتصالية
2- الرأي العام يحدد شكل الرسالة الإعلامية

المصادر والمراجع…………………………………… .ص62

تقديم
ــــــــــــــــــــ
إن الإنسان بطبيعته لا يعيش في عزلة عن الناس، بل تقتضي ظروف الحياة الاتصال بالآخرين والتعاون معهم، وفي أثناء هذا الاتصال بالآخرين والتعاون معهم، أما أن يترك الشخص أثراً حسناً لدى بقية الناس وأما أن يترك أثرا سيئا، فإذا ترك أثرا حسنا ساعده هذا على قضاء أعماله بسرعة وبأقل مجهود والعكس صحيح. وهكذا فتكيف الأفراد و الجماعات مع الواقع الاجتماعي أمر مهم وضرورة لا غنى عنها من اجل الصالح العام.
كذلك الأمر بالنسبة لأية منظمة فهي لا تعيش بمعزل عن الجمهور وعن المجتمع المحيط بها، فهي تحتاج إليه وهو يحتاج إليها، ولا بد من وجود علاقات طيبة بينهما و تعرف كل منها على أهمية الدور الذي تقوم في المجتمع، و بدون الصلات الطيبة بين المنظمات و بين الجمهور المتصل بها أو المجتمع المحيط بها لا يمكن لهذه المنظمات ان تضمن لنفسها السلام و الاستقرار، و كلما كبر حجم المنشآت بعدت المسافة بينها و بين جمهورها و المجتمع المحيط بها، و أصبحت الحاجة ملحة إلى معرفة آراء الآلاف أو ملايين الأفراد و الجماعات، لكي ترسم سياستها بما يلائمهم، ثم تقوم بشرحها لهم بغية كسب ثقتهم و احترامهم و تأييدهم.
كما أن الحكومات الديمقراطية تسعى إلى التعرف على رغبات الجمهور وكسب ثقته وتأييده، لأنه هو الذي سيقوم بتنفيذ السياسات التي ترسمها وعليه يتوقف زوالها أو بقائها، فلقد تشابكت مصالح الناس و تباينت رغباتهم وزادت العلاقات الاعتمادية بين المنظمات، كما زادت قوة الرأي العام وأصبحت الحاجة ملحة لفهم دوافع و مطالب الأفراد و الجماعات، وأضحى كسب تأييد
وتعاون و ثقة الآخرين عن طريق الاقتناع، جزءاً من العمل اليومي للمدير في أي نوع من أنواع المنظمات، سواء كانت اجتماعية أو دينية أو سياسية أو اقتصادية، إذ أدركت هذه المؤسسات أنها لا يمكن أن تحقق نجاحا إذا عاشت بعيدة عن الجمهور أو عزلت نفسها عنه.
و من هنا نشأت الحاجة في عصرنا الحالي إلى إسناد هذه المهمة- مهمة إقامة علاقات طيبة بين منشاة و جمهورها- إلى أشخاص متخصصين في هذه الناحية، وبذلك أنشئت إدارة العلاقات العامة في الوزارات والمنشآت المختلفة، والتي أصبحت من ضروريات وقتنا الحاضر.
ومن جانب آخر أصبح الرأي العام يلعب دوراً مهماً في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبات من الضروري التعرف على عوامل تكوين وتنشيط الرأي العام، والوسائل المؤثرة فيه، وكيفية توجيهه والتأثير في مساراته.
خلاصة القول أن العلاقات العامة والرأي العام يمثلان اليوم مجالين مهمين في العمل الإعلامي، لذا ينبغي التعمق في دراستهما، والتعرف على الوسائل الإعلامية المناسبة للتأثير فيهما.
في هذه المحاضرات سيجد الطلبة تلخيصاً لأهم المفاهيم والدراسات التي تناولت العلاقات العامة والرأي العام، ولعل من المفيد أن يرجع القارئ أحياناً إلى المصادر الأصلية للمزيد من التعمق والتوسع في الموضوع.
مع التمنيات بالتوفيق والنجاح لجميع طلبة الجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك.

الفصل الأول
العلاقات العامة

أولاً: تعريف العلاقات العامة:
ظهر مصطلح العلاقات العامةPublic Relation قرابة نهاية القرن التاسع عشر، وشاع استخدامه في منتصف القرن العشرين، وتعددت تعريفاته، وبالرغم من شيوعه في أوساط الأعمال إلا أنه كان يستخدم لوصف مجموعة متنوعة وواسعة من النشاطات مما ألبسه غموضاً وإبهاما، فها هو قاموس (وبسترWebster’s New Collegiate Dictionary) يعرف العلاقات العامة بأنها مجموعة من النشاطات تقوم بها هيئة أو اتحاد أو حكومة أو أي تنظيم في البناء الاجتماعي، من اجل خلق علاقات جيدة وطيبة وسليمة مع الجماهير المختلفة، التي تتعامل معها، كجمهور المستهلكين والمستخدمين وحملة الأسهم، وكذلك الجمهور بوجه عام، وذلك لتفسير نفسها للمجتمع حتى تكتسب رضاه.
واهم ما أشار إليه هذا التعريف هو انه لم يقصر العلاقات العامة على نوع معين من المؤسسات أو الأجهزة أو على نوع معين من المهن، بل انه أوضح أن العلاقات العامة تمارس في كافة المؤسسات والأجهزة المختلفة، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، صناعية أو تجارية أو خدمية أو غيرها، كما أن هذا التعريف اهتم بتوضيح الهدف من العلاقات العامة، وهو تكوين علاقات طيبة بين تلك المؤسسات وبين الجماهير التي تتعامل معها أو تتصل بها، حتى تكتسب تلك المؤسسات في النهاية رضى المجتمع الذي تعيش فيه. كما أن هذا التعريف لم يغفل نوعية الجماهير، سواء كانت الجماهير الخارجية(ممولين أو مستهلكين) أو الجماهير الداخلية، أي أولئك العاملين في هذه المؤسسات.
ويؤخذ على هذا التعريف أنه اعتبر العلاقات العامة نشاط من جانب المؤسسات، واستخدام كلمة نشاط فيه خلط بين مفهوم العلاقات العامة واستخدامها كمرادف لبعض وظائفها مثل الإعلام والدعاية والإعلان عن المنظمة، ولكن مفهوم العلاقات العامة أوسع واشمل من مفهوم هذه المصطلحات، كما أن هذا التعريف اعتبر العلاقات العامة نوعا من النشاط الإنساني دون أن يضفى عليها طابع الفن أو العلم، فهو لم يحدد الأسس العلمية التي تقوم عليها العلاقات العامة، باعتبار أن العلاقات العامة لا تقوم على الارتجال، بل أنها تقيس وتحلل وتخطط وتنفذ وتتابع وتقيم، ويتطلب القيام بها أخصائيين مدربين على عملياتها.
ومن التعريفات ما اعتبرت العلاقات العامة جهوداً تبذل لكسب الجمهور، فقد عرفها (كريستيان) بأنها الجهود التي تبذل للتأثير على الجمهور عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، حتى تكوّن لديها فكره صحيحة عن المؤسسة فيساندونها في أزماتها ويعضدونها في أهدافها ويشجعونها في نشاطها.
وعرفها معهد العلاقات العامة بأنها الجهود المخططة والمقصودة والمدعمة لإيجاد التفاهم والثقة والمحافظة على التفاهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها.
ويعد مصطلح (الجمهور) لفظه مناسبة، ذلك أن العلاقات العامة تهتم بجميع فئات المجتمع التي تتصل بها، والعلاقات العامة تعمل على كسب ثقة الجمهور في الانجازات التي تقوم بها المؤسسة، وإزالة الجمود والعداء وسوء الفهم، وهي تختلف عن أساليب الاتصال الإغرائية التي يقدمها الإعلان.
ونضرب مثلا بسيطاً لذلك، فإذا أرادت مؤسسة أن تقوم بإصلاح أو تعبيد طرق، وكانت هناك حفرة على طول الطريق، فمن الواجب عليها أن تضع لوحة كتب عليها اسم المؤسسة وتحذير للمارة والسيارات، وأسفها لوجود هذه الحفرة، وذلك ما يغرس في الأفراد شعوراً طيباً نحو المؤسسة ووظيفتها.
ورغم أن هذا التعريف يتفق مع سابقه في أن العلاقات العامة هي الجهود، إلا انه أوضح انه مجهود مدروس ومخطط، وفى هذا إشارة إلى أن هذه الجهود قائمة على أسس علمية من الدراسة و التحليل و التخطيط، كما يتضمن التعريف أن هذه الجهود ليست جهودا وقتية بل جهوداً مستمرة.
وقد حاول كثير من علماء الاجتماع والإعلام الوصول إلى تعريف محدد للعلاقات العامة ووضع مفهوم حديث لها وكان تعريفها القديم:أنها الجهود الإدارية المخططة و المرسومة والمستمرة لتنظيم العمل من قبل المنشآت والتي تهدف إلى إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المنشأة وجمهورها حتى يتسنى تكيف المنشأة في المجتمع الذي توجد فيه.
وفي ضوء هذا التصور تصبح العلاقات العامة أكثر من مجرد الإعلان عن سلعة، كما تتضمن أن تتكيف المؤسسة مع الموضوعات والحاجات ومستويات المجتمع الديمقراطي.
وهناك تعريف شائع للعلاقات العامة وأكثر نوعية عرضته مجلة (العلاقات العامةPublic Relation’s News) الأمريكية، وتشير فيه إلى أن العلاقات العامة وظيفة إدارية تقيّم اتجاهات الجمهور، و تحقق تناسق سياسات وتصرفات الفرد أو التنظيم مع المصلحة العامة، وتضع و تنفذ برنامج عمل للفوز بثقة الجمهور و تقبله للمؤسسة.
و في ضوء هذا التعريف، فالعلاقات العامة هي جزء من نشاط أي مؤسسة، و هي مستمرة، و ليست عملاً وقتياً.
وقد اقترح بعض الباحثين تعريفا آخر للعلاقات العامة، فهي في نظرهم فلسفة اجتماعية للإدارة يتم التعبير عنها بسياسات المؤسسة وممارساتها وانجازاتها، ويتوفر لديها وسائل اتصال متبادلة مع جمهورها واجتهاد و كفاح من اجل إيجاد التفاهم المتبادل و الشهرة الطيبة.
ويتضمن هذا التعريف أربعة عناصر رئيسية هي:
أولا: إنها فلسفة إدارية ذات طبيعة اجتماعية، وثانيا: أنها تعبر عن فلسفة في سياسة اتخاذ القرار، وثالثا: فهي العمل الذي ينتج عن هذه السياسات، ورابعا: فهي لديها وسائل اتصال تسهم في خلق هذه السياسات وتقوم بشرحها وتوضيحها وتدافع عنها وتروج لها عند الجمهور، وذلك من اجل تحقيق التفاهم المتبادل و السمعة الطيبة.
وهذا التعريف الأخير غير واضح وغير محدد، فالقول بأن العلاقات العامة هي فلسفة إدارية تسير عليها منظمة ما، لا يساعد كثيراً على توضيح نشاط العلاقات العامة.
وهناك من يعتبر العلاقات العامة عملية مستمرة، فقد قدم سيدلT.C.Seidel تعريفا للعلاقات العامة يقول فيه: إن العلاقات العامة عملية مستمرة، يتم بها توجيه أي مؤسسة أو منظمة للفوز بثقة مستخدميها وعملائها والجمهور عموما، وذلك للتفاهم معهم جميعا، ولقد قلنا أنها عملية مستمرة لأن رأي الجمهور بالصواب والخطأ، وفيما يجب وما لا يجب، دائما في تغير وتطور، وهذا يستدعى الاستمرار في قياس وتحليل رأيه في الخدمات المقدمة والطرق المستخدمة في الجمعية أو المؤسسة أو المنظمة، ويقصد بالمنظمة هنا كل فرد أو هيئة أو مؤسسة عامة أو خاصة، حكومية أو أهلية، تمارس نشاطا من أي نوع، ومن أي لون، لمواجهة جمهور معين، وتتم هذه العملية عن طريقين؛ الأول هو النشاط الداخلي القائم على النقد الذاتي لتصحيح الأوضاع الداخلية، و الثاني هو النشاط الخارجي الذي يستفيد من جميع وسائل الاتصال و النشر الممكنة.
وأول تعريف دقيق لمفهوم العلاقات العامة، وضعه المعهد البريطاني للعلاقات العامة عام 1948 بأنها (( الترويج لإيجاد التفاهم و الصلات القوية بين المنظمة وأفرادها، أو أي مجموعة من المجموعات أو الأفراد أو المنظمات، و ما ينتج عن هذا التفاهم من إقامة سمعة طيبة و علاقة مستمرة)).
ويختلف المؤرخون و المشتغلون بالعلاقات العامة فيما إذا كانت العلاقات العامة فناً تكتيكياً لا يرقى إلى مرتبة العلم، أم علماً لا ينطبق عليه مضمون العلم، من حيث النظرية والمنهج، وللحكم على ذلك يجب أن نتفق أولا على معنى الفن و معنى العلم. فالفن مجموعة من الأعمال الإنسانية المنظمة، تتخذ وسيلة لغاية معينة، أو صناعة من الصناعات التي يزاولها الإنسان لغرض معين، فالفنان لا يعمل عملاً لذاته، يقصد به شيئا آخر أو غرضا معيناً، و تقسم الفنون إلى فنون نفعية مادية ورفيعة (أو جميلة)، والفنون النفعية كالملاحة و التجارة و العمارة، أما الفنون الجميلة فتشمل الموسيقى و الغناء و التمثيل و الرقص التوقيعي.
أما العلم فهو مجموعة من الحقائق المنظمة المتحدة الموضوع، الثابتة الدليل العقلي أو التجريبي، وبمعنى آخر فهو تنظيم المعرفة لطبيعة للظواهر والعلاقات بينها.
إلا انه من الواجب أن نعرف أن العلم والفن متصلان اتصالاً وثيقاً، فليس من المتصور أن يقوم علم بدون فن، أو يرقى فن بدون علم، و يتجلى ذلك في العلوم التطبيقية التي تظهر فائدتها في التطبيق الفني. بيد أن الفن يعتمد في الغالب على علم أو علوم مختلفة، فالتجارة تعتمد في رقيها على علم الاقتصاد و الرياضيات. والملاحة تعتمد على الرياضيات و تخطيط البحار.
والخلاصة أن العلم ينطوي على الإدارة أو المعرفة، والفن ينطوي على العمل. وتشير بعض التعريفات إلى أن العلاقات العامة فن، والمقصود بالفن هنا الفن المهاري، وليس بالمعنى الجمالي، والفن المهاري هو القدرة على التعامل مع الناس و مسايرتهم ومجاراتهم، أي أنها تحتاج إلى مهارة و لباقة و حسن تصرف والى تجديد وابتكار مستمر حسب مقتضيات الظروف والمواقف، وهي فن في كيفية التعامل مع الجمهور والحصول على رضاه و محبته وكسب ثقته و تأييده، و يتحقق ذلك عن طريق الاتصال بالجماهير لنقل الحقائق إليهم، و تفسير هذه الحقائق حتى تلقى هذه المؤسسات والهيئات تأييد الجماهير لها. فها هو بلومفليدD.Bloomfield يرى أن العلاقات العامة هي فن التأثير على الآخرين لسلوك الطريق نفسه الذي تتبعه تلك المؤسسات. كما عرف ( هوارد بونهام Howard Bonham) عضو مجلس إدارة الصليب الأحمر الأمريكية العلاقات العامة بأنها فن التفاهم مع الجمهور، مما يؤدي إلى زيادة الثقة بالأفراد و المنظمات.
وهناك من التعريفات ما اعتبر العلاقات العامة علماً له قواعده وأصوله، فهي تُعنى بدراسة سلوك الأفراد والجماعات و قياس وتحليل الرأي العام، بقصد تنظيم العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والمحبة والوعي، ويتضمن التخطيط العلمي لبرامج العلاقات العامة، ويهتم بالتوصيل الجيد للمعلومات بين الهيئة التي يعنيها الأمر وبين جمهورها، بهدف تحقيق المصلحة المتبادلة بينهما، والوصول إلى درجة عالية في المساندة الكلية و المشاركة الوجدانية.
ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن المجتمعات قديماً لم تكن بحاجة إلى هذا العلم، لأن العلاقات العامة كانت عادية و بسيطة. وبتقدم الحضارة وما صاحب التصنيع من تخصص و تقسيم العمل، بدأت المجتمعات تتعقد، وبالتالي العلاقات الاجتماعية بين الأفراد و الجماعات، ونتيجة لهذا كان ضرورياً أن يحدث توازن في المجتمع، قوامه التفاهم المتبادل والتساند الوظيفي بين الأعضاء. ومن هنا كان هدف العلاقات العامة متمثلا في رعاية العلاقات الإنسانية السليمة بين أعضاء المؤسسة من جانب، وبين المؤسسة و الجماهير من جانب آخر. إذ يهتم علم العلاقات العامة بالكشف عن الأسس والمبادئ التي تساعد على إقامة علاقات مفعمة بالثقة بين فئات الشعب المختلفة، بقصد نجاح المشروعات النفعية.
ويؤخذ على موضوع دراسة وتفسير السلوك الإنساني انه ـ أي السلوك الإنساني- بحر واسع ليس له حدود، وغير صحيح القول أن العلاقات العامة تدرس النشاط الإنساني كله.
وهناك وجهة نظر أخرى تعتبر أن العلاقات العامة هي علم وفن أو مهارة، فها هو ركس هارلو وبلاك R.Harlow & Black، وكذلك موسوعة المعارف الأمريكية يشيران إلى أن العلاقات العامة هي علم وفن، فهي علم من ناحية أنها تستند إلى علم الاجتماع الإنساني، وهي علم من حيث أنها تتبع الأسلوب العلمي في البحث والتشخيص. وهى فن إذا نظرنا إليها من الناحية التطبيقية، أي من الناحية التنفيذية، كما يدخل في تشكيلها جوانب ذاتية، حيث أن أساليب تطبيق مبادئ هذا العلم تختلف من أخصائي إلى أخصائي آخر، متأثرة بمنهجه واستعداداته وطريقة إعداده.
ومن حيث البناء اللفظي فان كلمة(علاقات) تعني عملية الصلة والاتصالات والارتباطات التي تتوفر بين هيئة أو مؤسسة والجماهير المتعاملة معها.أما كلمة(عامة) فتعني كل جماعة أو شريحة من المجتمع تكون المنظمة على علاقة بها، وكل جمهور العاملين أو العملاء، أو الموردين، أو حملة الأسهم أو الممولين، أو الهيئات الحكومية.
ولسنا بحاجة إلى أن نشير إلى أن بعض الجماهير التي تدخل في نطاق علاقات هيئة واحدة، قد تكون متعارضة المصالح، وبالتالي فإن مشاكل العلاقات العامة بالنسبة لهيئة أو إدارة تبدأ بالتعرف على الجماهير المختلفة وفهمها وإدراك توقعاتها، والعمل على استمرار الصلات بينها وبين الهيئة في حالة طيبة.
ويرى بعض الكتاب أن العلاقات العامة الطيبة يمكن التعبير عنها بالمعادلة الآتية:
(( الأداء الحسن + الأخبار الصادقة = علاقات عامة طيبة))

وجملة القول فإنه يمكن استخلاص النقاط الآتية من تعريفات العلاقات العامة:
1_ العلاقات العامة علم يستعين بالأسلوب العلمي، ويستند إلى النظريات العلمية والخبرات المقننة والتجارب المدروسة.
2- العلاقات العامة فن، بمعنى أنها تعتمد تطبيقات العلوم الاجتماعية، وتعتمد على مهارات خاصة في تطبيق النظريات المختلفة، واستعدادات فردية تختلف من متخصص لآخر.
3- تحتاج العلاقات العامة إلى متخصصين على مستويات مختلفة، يتخرجون من خلال معاهد وكليات متخصصة، فهم يقومون بتحديد وتقييم الرأي العام من الزاوية التي تهم المنظمة وتتعلق بها، كما أنهم يقدمون النصح والمشورة إلى المديرين بالنسبة لطرق التعامل مع الرأي العام.
4- تعد العلاقات العامة وسيلة لتدريب وإعداد الجماهير لتقبل أفكار وآراء جديدة أو للقيام بمسئوليات مطلوبة.
5- تتضمن العلاقات العامة التفاهم بين المؤسسات وجماهيرها، وتعمل على الترابط وتحقيق التعاون بينها.
6- تستخدم العلاقات العامة أدوات الاتصال والإعلام والبحوث العلمية لتحقيق أغراضها.
7- أصبحت العلاقات العامة ضرورية، ولابد من وجودها في جميع المؤسسات، على كل المستويات، فهي تدخل في مجال التجارة والصناعة والإدارة والتعليم والصحة والجيش غيرها، كما توجد في المجتمعات المتقدمة والنامية، على السواء، وبين الجماهير في مختلف المجتمعات.

ثانياً: فلسفة العلاقات العامة
ـــــــــــــــــــــ
العلاقات العامة متعددة بتعدد أوجه النشاط الإنساني، وتعدد الجماهير أو الجماعات الصغيرة في المجتمع الإنساني، فهناك العلاقات العامة الحكومية، والتجارية، والصناعية، والعسكرية، والسياسية، ولكن كل هذه الأنواع والأقسام تجمعها فلسفة ومبادئ عامة واحدة، وتستند إلى أصول فنية واحدة، وليست في حقيقتها إلا تطبيقا للقواعد العامة للعلاقات العامة، مع مراعاة الظروف والأحوال في المجال الذي تطبق فيه، فالوسائل التي تتبع في العلاقات العامة واحدة، والأدوات واحدة، كوسائل الاتصال بالجماهير، وهي وكالات الأنباء والصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما، أو غير ذلك من الوسائل الأخرى كالاتصالات الشخصية، وهي جميعا تعمل على بلورة الأفكار وتقريب الأذهان. والعلاقات العامة بجميع أقسامها تقف على اتجاهات الجمهور وتدرس نفسية وطرق التأثير فيه، وقيادة الرأي العام وطرق التعامل معه، وكسب ثقته، أما ما هو مثار اختلاف، فهو الجمهور الذي تتجه إليه العلاقات العامة.
وتستند فلسفة العلاقات العامة على مجموعة من المبادئ والحقائق هي :
1- ترتكز فلسفة العلاقات العامة على حقيقية علمية مؤداها أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، لا يمكن أن يعيش بمعزل عن الآخرين، وقد اثبت الكثير من البحوث العلمية أن الإنسان يعجز عن إشباع جميع حاجاته الكثيرة البيولوجية والنفسية بنفسه، أما الاحتياجات الاجتماعية فلا تقوم أساساً بدون وجود الإنسان مع آخرين من البشر، وهكذا تنشأ علاقات مختلفة مع غيره من الناس، هو في أشد الحاجة إليها لإشباع احتياجاته المختلفة المتجددة.
2- إن الإنسان كائن اجتماعي متفرد ومتغير من وقت لآخر، ورغم انه يتشابه مع غيره من بني البشر، إلا انه توجد اختلافات في جميع الاتصالات مع بني الإنسان.
3- إن الإنسان كائن اجتماعي يتعامل مع غيره ومع المواقف اجتماعية، بمعنى انه يؤثر ويتأثر بالمواقف الاجتماعية، ولهذا فان انعدام الاتصال المباشر بين الطرفين أو توقفه يؤدي إلى انعدام عنصر الايجابية الذي يعتبر أساس ديناميكية العلاقات العامة، كذالك فان رد الفعل أو الاستجابة التي يظهرها العملاء يؤثر تأثيراً عميقاً في برامج المؤسسة وفى سياستها، بل وفي أسلوب العمل.
4- إن الإنسان يتميز بالعقل والتعقل، ومعنى هذا أن الاقتناع يرتفع به إلى مستوى الإنسان، بينما تهبط به السيطرة والأمر والضغط والإرهاب والقسر إلى مستوى الآلة، مما يقتضي احترام آدمية الإنسان ومحاولة إقناعه حتى يوضع الإنسان في مكانته الحقيقية.
5- ترتكز العلاقات العامة على الجانب الإنساني. فالإنسان هو الذي يرتكز عليه برنامج العلاقات العامة وخطة الإعلام، سواء كان عضواً في جماعة أو مواطنا في المجتمع ككل. فمن غير المنطقي أن تبدأ المؤسسة أو المنشأة بتحسين علاقاتها مع الجمهور الخارجي، وعلاقاتها مع جمهورها الداخلي على غير ما يرام، فيجب أولاً خلق روح الجماعة والتعاون بين أفراد المؤسسة، على اختلاف مستوياتهم الإدارية، ثم بعد ذلك تبدأ في تنمية توطيد العلاقات الحسنة بين المؤسسة وجمهورها الخارجي، مما يساعد على كسب تقدير الرأي العام الخارجي، وزيادة فرص نجاح المؤسسة، ويتحقق ذلك بتوفير البرامج الاجتماعية والترفيهية المناسبة لهم، وتحسين ظروف العمل للعاملين، والسعي لتدريبهم، وإشراكهم في الإدارة وإتاحة الفرص أمامهم للخلق والابتكار.
6- ترتكز العلاقات العامة على ركائز اجتماعية، ولذلك يجب أن تضع كل هيئة أهدافها، بحيث تتوافق مع الظروف المجتمع وأهدافه العامة، واحترام رأي الجماهير، وتقوم العلاقات العامة بتدريب جماهير المؤسسات الداخلية والخارجية على تحمل المسئولية الاجتماعية، فهي عن طريق تبصيرهم بإمكانيات المؤسسات ومجهودها والصفات التي تواجهها تستطيع أن تساعدهم على تحمل مسئولية السياسة العامة للمؤسسة. كما تقوم الهيئة بتبصير جمهور المتعاملين معها بالخدمات التي تؤديها، وتشرح لهم كيفية تنفيذ القوانين، وتوضح مسئولياتهم حيالها، وتحديد مدى المساهمة التي يمكن أن يقدمها المواطن للارتفاع بمستوى الخدمات العامة ومستوى تنفيذها، وتبرز أهمية تعاون الجمهور معها لتحقيق الصالح العام، ومن هنا يظهر عنصر التماسك بين جماهير المنظمة الداخلية والخارجية. وبهذا تكون للعلاقات العامة أهداف اجتماعية يمكن تحقيقها عن طريق برامج العلاقات العامة.
7- يكوّن الناس اتجاهاتهم وآرائهم بصدد مختلف الأمور، كما أنهم يكوّنون هذه الآراء و تلك الاتجاهات، سواء بذلت هيئة ما محاولات للمساعدة في تكوين هذه الاتجاهات والأفكار أو لم تبذل، وقد يتبنى الناس اتجاهات خاطئة، أو يكون لهم ميول متعارضة، ولذلك فمن الضروري أن تحاول المؤسسات والهيئات العمل على تكوين رأي عام سليم، و تحويل الميول المتعارضة إلى ميول مشتركة، و ذلك عن طريق عمليات الإخبار الصادقة والهادفة، وتظهر أهمية هذا التوفيق في أوقات الأزمات والكوارث و الحروب، حين ينهض مجموع المواطنين بواجبهم إزاء مجتمعهم.
8- وتبدو أهمية الجانب السياسي للعلاقات العامة في الحكومة، وتظهر هذه الصفة السياسية في سعي العلاقات العامة إلى إثارة اهتمام المواطنين بشؤون بلدهم عن طريق شرح الأهداف والاتجاهات العامة للدولة وخططها التنموية، ومن ناحية أخرى تهدف العملية الإخبارية في العلاقات العامة إلى وضع الحقائق والبيانات عن النشاط الحكومي أمام نظر الجمهور، ومما يساعد على توجيه وتكوين رأي عام حقيقي أساسه المناقشة المستنيرة القائمة على المعلومات الصحيحة، وهذا يحقق نوعا من الرقابة الشعبية على أعمال ونشاط الأجهزة الحكومية بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية، ولا يدع مجالاً للسيطرة أو الدكتاتورية، مما يتيح الفرص للابتكار الشخصي، وبعض المقترحات التي تظهرها الخبرة والتعامل مع الأفراد والجماهير، فالمديرون لا يستطيعون أن يفرضوا سياستهم الذاتية دون إشراك هيئة الإدارة والأخصائيين في العلاقات العامة معهم في تحمل المسؤولية.
9- تستند العلاقات العامة إلى الجانب الأخلاقي، فهي تسعى إلى تنمية إيمان الجمهور برسالة الهيئة أو المؤسسة، وتهدف إلى تنمية الثقة والاحترام، إذ كثيراً ما يقع أخصائي العلاقات العامة غير المدرب في أخطاء جسيمة، يترتب عليها إحساس العملاء أن مؤسستهم لا تعطيهم العناية الكافية، ولا تهيئ لهم أسباب احترام الذات، وهذا ما يحطم برامج العلاقات العامة ويؤدي إلى انعدام الثقة الضرورية لإنجاح هذا البرنامج، ومن أجل هذا يجب أن تتسم أعمال المؤسسة بالصدق سواء من ناحية الشكل أو الجوهر، ونقصد بالصدق من ناحية الشكل أن تكون المقومات الظاهرة لأساليب الاتصال الفردي والجماهيري من النوع الذي يدعو بطبيعته إلى الثقة. أما من ناحية الجوهر فينبغي أن يكون المضمون مستنداً على حقائق تدعمها الوثائق و البحوث والدراسات التجريبية والرقمية. كما يجب أن تتسم أعمال المؤسسة بالأمانة، وان تتفق أعمالها مع أقوالها، كما يجب أن يلتزم العاملون في العلاقات العامة بالقيم الأخلاقية في جميع تصرفاتهم، وأن يبتعدوا في برامجهم عن الغش و الخداع والتضليل و الدعاية الكاذبة.
10- تستند العلاقات العامة إلى مبدأ التنظيم. و التنظيم هو السير وفقاً لنظام معين، فالهيئة أو المؤسسة يجب عليها أن تتعاون مع الهيئات الأخرى، و من هنا نشأت الحاجة إلى تنظيم الاتصال بين الهيئات، للاتفاق على أسس التعاون بينها لا سيّما في برامج العلاقات العامة.
ولاشك أن السعي لإفهام الناس فكرة معينة أو تعريفهم بمؤسسة أو بشركة أو بفرد يحتاج إلى تنظيم، وإذا أريد للتنظيم أن يصيب توفيقا، وجب وضع خطة تقوم على تقدير الهدف والموارد، و لكي نضع خطة للتنظيم لابد من تعريف طابع الجهد الذي لأجله ينشأ هذا التنظيم، هل يكون هذا الجهد طويل المدى أو قصيره، كما ينبغي مراعاة المدى الجغرافي لذلك التنظيم، وتعيين الجمهور الذي يراد توجيه الخطاب إليه. ولا بد للتنظيم أن يشمل الوسائل المادية الصالحة لأداء العمل أداءً ناجحاً. ثم يأتي دور تمويل التنظيم الذي هو على الدوام مشكلة لا تبعث على الرضى، فالميزانية ينبغي أن، تكفي لتهيئة جميع الموارد والقوى البشرية في الخطة المرسومة. ويأتي دور المعدات لأنها لازمة لتنظيم العلاقات العامة، فوسائل الاتصال العصرية الممتازة لا تعمل بدون الآلات اللازمة، فإذا أريد مخاطبة الذهن البشري، لا بد أن يتم ذلك بواسطة بعض الوسائل الآلية، كالكلمة المطبوعة أو الكلمة المنقولة التي تنتقل سلكياً أو عبر موجات الأثير، التي تتفاوت بين صورة تظهر على شاشة يستعان بها للوصول إلى الرأي العام، على شكل حديث أو تمثيلية أو فلم..إلخ.
11-إتباع طريقة البحث العلمي: من المبادئ الأساسية للعلاقات العامة إتباع طريقة البحث العلمي في حل أي مشكلة من مشكلاتها. فطريقة البحث العلمي مبنية على المنطق، وتحاول الوصول إلى مبادئ عامة عن طريق التحليل الدقيق، والبعيد عن كل تحيز. وتبدأ طريقة البحث العلمي بتعريف المشكلة تعريفا دقيقا، فمتى عرفنا المشكلة حددنا سبل جمع البيانات التي تفيد في حلها، و يلي تعريف المشكلة تحديد الهدف من البحث الذي سنقوم به، ثم تحديد محور البحث من حيث المكان والزمان، ثم جمع المعلومات المتعلقة بالمشكلة، وهذه إما أن تكون في حيازة المنشاة، أو من الممكن الحصول عليها من هيئات أخرى حكومية أو غير حكومية، ثم طريقة الاستقصاء الميداني. والخطوة الأخيرة هي تبويب النتائج واختبار صحتها، ثم تحليلها واتخاذ قرار بشأنها. وإذا اتبعنا طريقة البحث العلمي سالفة الذكر أمكننا الوصول إلى قرار سليم مبني على معطيات الواقع.
ثالثاً: أهمية العلاقات العامة

تبرز أهمية العلاقات العامة في أن المنشآت الصناعية تنتج العديد من السلع التي تهدف إلى إيصالها إلى أيدي المشترين والمستثمرين، وهي في ذلك ترتبط بالموردين والمنشآت الأخرى، التي تتعاون معها، وتمدها باحتياجاتها المختلفة، بالإضافة إلى احتياج جمهورها الداخلي، الذي يتمثل في الموظفين والعمال، إلى من يربطهم بالمنشأة وأهدافها ويحببهم فيها، ويزيد من إخلاصهم وولائهم لها.
وتبدو أهمية العلاقات العامة في أن المنشأة تسعى دائما إلى تنمية هذه الاتصالات وتكوين الآراء حول السلع التي تنتجها المؤسسة، وإذا لم تكن إدارة العلاقات العامة في المنشآت الصناعية على مستوى علمي عال من الخبرة والكفاءة فلاشك أن علاقاتها مع جمهورها الداخلي والخارجي سوف تتأثر بذلك، وقد يحدث أن تواجه المنشأة بمواقف سيئة وصعبة تحتاج إلى القدرة واللباقة و الحكمة في معالجتها، حتى لا يظهر أي رأي مضاد، أو كراهية للمنشأة و منتجاتها، وبخاصة في مجالات المنافسة، والتي يسعى فيها المتنافسون إلى إطلاق الشائعات والتشويش ضد المنشآت الأخرى، وهنا تبرز أهمية العلاقات العامة في مواجهة هذه الصعوبات.
وتبدو أهمية العلاقات العامة كذلك في المنشآت الخدمية، فقد تكون الخدمة التي تقدمها غير ضرورية بالنسبة للفرد، أو قد تكون هناك بدائل لها، مما يصعّب من دور العلاقات العامة. فإذا ما أهملت شركة طيران – مثلا- الاهتمام بعملائها، وعجزت عن تقديم الخدمات على الوجه المرضي، أو عدم قيام طائرتها بالإقلاع في مواعيدها المحددة، فلا شك أن المسافرين سوف يتوجهون نحو شركات الطيران الأخرى، التي تقدم أحسن الخدمات بنفس التكلفة، بل وربما اقل.
وتتضح أهمية العلاقات العامة في مجال المنظمات الحكومية، حيث تقوم بدور مهم في تحسين العلاقات بين الحكومة أو الوزارة والجمهور، فعن طريقها ينمو الشعور بالمسئولية لدى المواطنين، وبالتالي تحويلهم إلى جمهور ايجابي متعاون مع الحكومة. ولقد نمت العلاقات العامة وتطورت كمفهوم إداري، وكوظيفة حيوية في المنظمات الحكومية، في الدول المتقدمة، خلال الثلاثين عاماً الماضية.
وتظهر أهمية العلاقات العامة في أنها تؤدى وظيفة مهمة وحيوية للإدارة العامة، إذ أصبح من واجب الإداريين أن يخبروا الجماهير بسياستهم، ويجسّوا نبض الرأي العام قبل هذه السياسات، ومن حقهم أيضا أن يردّوا على النقاد ويبرروا تصرفاتهم التي تشغل الرأي العام.
وقد ظهرت الحاجة إلى العلاقات العامة على اثر التغيير الكبير الذي حدث في المجتمعات الحديثة، فقد تميز المجتمع الحديث بتغيرات واسعة في شكله وتكوينه وطبيعته من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل أهم هذه التغيرات:
1- ازدياد كبير في قوة ونفوذ الرأي العام خاصة في المجتمعات الديمقراطية، وهذا التطور في تزايد مستمر من عام إلى آخر، فحتى تستمر الحكومات في الحكم لابد من أن تبذل محاولات لكسب ود الجماهير الشعبية. وتأييد الجمهور للحكومة وثقته فيها ومحبته لها عامل أساسي لنجاح الحكومة، وتحاول الحكومة المساهمة في تكوين رأي عام سليم واعي، عن طريق عمليات الإخبار الصادقة، الهادفة إلى تعليم الجمهور الطرق السليمة للحصول على الخدمات التي تؤديها الأجهزة الحكومية. وبذلك تسعى الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية المختلفة إلى تحقيق التفاهم بينها وبين الجماهير المتعاملة معها. فضلاً عن ذلك، فقد ظهرت قوى مختلفة، تحاول كل منها جذب الرأي العام لها مثل النقابات المهنية المختلفة، والاتحادات والفرق التجارية والجمعيات التعأونية وغيرها. لذلك كان لابد من الاهتمام بالرأي العام، ودراسته والتعرف على خصائصه وتوجيهه الوجهة الصحيحة، مما فيه صالحه وصالح المجتمع ومنظماته، كذلك الحال بالنسبة للمؤسسات، فحتى تنجح في أعمالها لابد أن تكون على اتصال دائم بالجماهير التي تتعامل معها والمجتمع الذي تباشر فيه نشاطها.
2- توسع حجم المؤسسات الصناعية والتجارية وازدياد التنافس بينها، فأصبح وجود الشركات الضخمة، ذات التجهيزات الآلية الكبيرة، التي يعمل عليها آلاف العمال، وتنتج إنتاجا ضخما من السلع، وتتعامل مع الملايين من البشر في بقاع العالم المختلفة، من مظاهر المجتمع الحديث. هذه التغيرات في حجم المؤسسات جعلها في حاجة ماسة إلى أن تحقق اتصالات سليمة بهذه الأعداد الكبيرة من الجماهير المختلفة، وان تنظم برنامجا وترسم خططا، تسير في ضوئها، في مجال العلاقات العامة.
3- في ظل هذا التحول الصناعي والتجاري الضخم، نظم العمال أنفسهم في نقابات واتحادات تجمع كلمتهم وتدافع عن مصالحهم، وأصبحت هذه النقابات في الأمم الصناعية المتحدث الرسمي باسم العمال، وأصبح لها من القوة والنفوذ ما جعل أصحاب الأعمال يخشون بطشها ويقبلون مراضاتها. وتتبع النقابات لتحقيق مطالب العمال طريقين، أولا: طريق الضغط على أصحاب الأعمال مستخدمين في ذلك الإضراب، ثانيا : طريق الإقناع – أي إقناع الرأي العام حتى يلمس أفراده عدالة قضيتهم، فينضم إلى صفوفهم، و يضغط بدوره على أصحاب الأعمال والشركات لتحقيق مطالب العمال. و في هذه الحالة لابد لأصحاب الأعمال والشركات من مواجهة ضغط النقابات بضغط مماثل، ومقاومتها بنفس السلاح الذي شهرته في وجهها، وهو اكتساب الرأي العام، ولاشك أن الغلبة في النهاية ستكون لمن يفوز بثقة الرأي العام، وهكذا تبدو أهمية ودور العلاقات العامة.
4- التحول الذي حدث في المجتمعات، من اعتماد اقتصادها على الزراعة إلى الاعتماد على الصناعة، صاحبه تحول أيضا في السكان أنفسهم، فانخفضت نسبة سكان الريف، وارتفعت نسبة سكان الحضر والمدن، وأصبح هذا التحول يحتاج إلى جهود إعلامية ضخمة لمواجهة التغير الاجتماعي والعمل على استقرار المجتمع و تحقيق مصالحه.
5- تطورت وسائل الإعلام و النشر تطوراً ضخما، نتيجة للتقدم الفكري والفني والتقني الكبير، فهناك تطور تقني في الطباعة، وفي إخراج الصحف و المجلات، كما ظهرت وسائل إعلام لم تكن معروفة فيما مضى، كالأفلام السينمائية والراديو و التلفزيون، مما سهل من مهمة العلاقات العامة في الاتصال بالجماهير المختلفة، واستخدام الوسائل الملائمة مع الجماهير المتنوعة، وفي الأوقات المناسبة.

رابعًا:أهداف العلاقات العامة

تمارس معظم الهيئات و المنظمات أعمال العلاقات العامة سواء توفر لديها إدارة أو قسم للعلاقات العامة أم لم يتوفر، وسواء أعدت برامج للعلاقات العامة أم لم تعد. و حتى في حياتنا الشخصية يعمل الفرد على تحسين علاقاته مع الآخرين باستمرار.
ولا تقتصر العلاقات العامة على نوع واحد من النشاط، بل أن مجالها يتبع لكافة أنواع النشاط الخاص والعام في جميع الميادين، زراعية وتجارية وصناعية، وتشمل علاقات العمل وتحسين ظروفه و رفع الكفاية الإنتاجية للعاملين، والتعليم، والانسجام مع المظاهر الهامة للإدارة الصناعية، والاهتمام بالعامل كانسان له حاجاته المادية و الصحية و الثقافية و الترفيهية و الاجتماعية و النفسية.
و تعمل العلاقات العامة على تحقيق عدد من الأهداف، فكل حملة من حملات الإعلام ينبغي أن ترتكز على سلسلة متكاملة من الأهداف والأغراض توضع سلفا، فيتحقق هدف وراء هدف في سلسلة مرتبة، والنتيجة العامة هي تحقيق الأهداف جميعا، وفي النهاية بلوغ الهدف الشامل. وإذا لم تحدد هذه السلسلة من الأهداف سلفا، فان النتيجة ستكون ضياع الوقت والجهد والمال، و بالتالي الفشل الذريع.
ولما كان من المألوف أن تتضارب مصالح الجماهير، فمن الواضح إذن إن أي هدف يرجى بلوغه، إنما ينبغي أن يكون وسطا بين هذه المصالح المتضاربة. وينبغي كذلك تعيين الأهداف في ضوء الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية العريضة السائدة بين الرأي العام. كما ينبغي ان تكون تلك الأهداف معقولة من حيث الجهد و المال والموظفين الذين يسعون إلى تحقيقها. و لعامل الوقت اثر كبير في تعيين أهداف العلاقات العامة. و من الأمثلة على ذلك تنظيم حملة لجمع التبرعات، و نظراً لضيق الوقت تبسط الأهداف، فكلما قصر الوقت تعين تبسيط الأهداف المباشرة.
و يمكن تلخيص تلك الأهداف في الآتي :
1- تهدف العلاقات العامة إلى توعية الجماهير بالأهداف العامل للدولة، وتعليم الجمهور عن السياسة العامة، ومسؤوليته في تنفيذها. كما تهدف المنظمات إلى التوعية بأهدافها، وأسلوب وعمل ونوع نشاطها وخططها للجماهير. كما تسهل التنسيق بين مجهودات الأفراد، فعندما يعرف كل شخص في المجموعة الأهداف المطلوب الوصول إليها، فإنهم يعملون متعاونين في الوصول إليها. وتُعد الأهداف مقياس للتقويم و الرقابة، طالما إنها تحدد المطلوب عمله. و تؤدي أيضا إلى عمليات تعديل استراتيجيات المنظمة، وهكذا فإن انعدام الهدف أو عدم وضوحه و تحديده يعتبر أحد العوامل الأساسية التي تفشل كثيراً من الجهود في هذا المجال. ومن هذه الأهداف ما يأتي:
أ- أن تكون الشركة رائدة في صناعة ما في بعض الأسواق الممتازة.
ب- أن تجعل المستهلك يشعر برضا مستمر و متزايد في الأسواق الحالية والجديدة.
ج- أن تنتج ربحاً مناسبا، بحيث تستطيع أن تدفع عائداً معقولاً لحملة الأسهم، وان توفر الموارد اللازمة للتوسع واستقرار الشركة في المستقبل.
د- أن تعتبر الشركة أو المنظمة عنصراً إيجابياً وصالحاً في المجتمع الذي تعمل فيه، وتزيد إحساسها بالمسئولية الاجتماعية تجاه الجماهير المختلفة، والمجتمع بصفة عامة.
هـ – تحقيق السمعة الطيبة للمنظمة وتدعيم صورتها الذهنية.

2ـ تهدف العلاقات العامة إلى إقامة علاقات طيبة، وزيادة فرص التفاهم المتبادل والتوافق والانسجام بين المنظمة والجماهير، سواء كان هذا (الجهور داخليا) كالعاملين بالمنظمة حتى يشعرون بالرضا والارتياح، وترتفع الروح المعنوية بينهم، فيرتفع إنتاجهم، وينمو إحساسهم بالانتماء، ويتأتى ذلك عن طريق تنفيذ برنامج كبير للتثقيف والإرشاد، وآخر للتدريب على الأعمال الجديدة، وتحسين ظروف العمل، ووضع نظام عادل منصف مناسب للتعويض، والتثبت من أن الأجور وغيرها من مزايا العمل، تتناسب مع متوسط الأجور الصناعية أو تفوقها، وإفهامهم حقيقة ما يدور حولهم، وتعرفهم لماذا يجلس هذا الموظف في مكتب فخم بينما يجلس آخر في مكتب اقل فخامة. ولماذا يرتدي العمال هذا النوع من الملابس دون غيره. وعموما فان العمال ينبغي أن يتمتعوا بظروف عمل صحية ووسائل للراحة، ولابد من أن تحترم آرائهم ومقترحاتهم. والوصول إلى الجمهور الداخلي ليس أمراً صعبا، حيث إن علاقات العمل توفر اتصالاً يومياً، بالإضافة إلى تشجيع الأنشطة الثقافية والاجتماعية والصلات والأنشطة الرياضية، وحل للمشكلات الخاصة بالعاملين، ويبدأ هذا الاتصال من الإدارة العليا. ويمكن أن يكون الاتصال على كافة المستويات الإدارية في المنظمات الكبيرة والصغيرة، على السواء، ويتمثل (الجمهور الخارجي) في اتحادات العمال والمستهلكين والموردين والموزعين، والبنوك ومنافذ البيع والتصريف، وكذلك أفراد المجتمع حيث من الممكن إقامة المستشفيات و المدارس و المساجد. و يمتد التوافق إلى علاقاتها بالمنظمات الأخرى، حتى تعتمد العلاقات بين المنظمات على المنافسة الشريفة، و عدم هدم جهود المنظمات الأخرى، و تؤدي برامج العلاقات العامة دورا كبيرا في التوفيق بين الميول المتباينة للأفراد والجماعات، وتعمل على تعديل الاتجاهات السلبية لدى الجماهير إلى اتجاهات إيجابية بناءة، كما أنها تنقل أفكار و آراء الجماهير و اتجاهاتها نحو المنظمة إلى الإدارة، و تقوم بنصحها و إرشادها حتى تتمكن من تعديل سياسة المنظمة و خططها بما يتناسب مع ما تتوقعه الجماهير من هذه المنظمة. و يمتد التوافق و الانسجام الذي تسعى إليه العلاقات العامة إلى علاقتها مع أجهزة الإعلام.
3- تسعى العلاقات العامة إلى القيام بالأعمال المتنوعة التي تقوم بها الإدارات الأخرى ومساعدتها. فهي تقوم مثلا بمساعدة إدارة العلاقات الصناعية باجتذاب الممتازين من الموظفين و العمال. وهي تشجع الاتصال بين المستويات العليا في الإدارة والمستويات الدنيا، وبالعكس. وهي تساعد إدارة المبيعات في ترويج منتجات المنظمة، سواء المنتجات الحالية أو الجديدة.
4- تهدف العلاقات العامة إلى رفع الكفاية الإنتاجية بتوفير العامل المادي والمعنوي، وزيادة الفوائد التي تعود على أصحاب الشركة وعمالها ومستهلكي منتجاتها والجماعات التي تعمل فيها، وذلك عن طريق وضع برنامج لتحسين المصانع والمنتجات، والاستغناء عن الآلات البالية وتنفيذ برنامج لتركيب احدث أنواع الآلات، وكذلك العمل على إنتاج السلع الجديدة في اقرب موعد يتناسب مع الانتهاء من الاختبارات اللازمة، وإعادة تنظيم الأعمال المكتبية، و زيادة منافذ التوزيع.
5- تهدف العلاقات العامة إلى إقامة علاقات ودية مع المساهمين، وهؤلاء ينحصر اهتمامهم في تأمين استثماراتهم والوقوف على أحدث تطورات الإنتاج والمشروعات التوسعية والأسواق الجديدة، ومن ثم ينبغي إحاطتهم علماً بجميع خطط الشركة ومشروعاتها، مع تعليلها وتبيان ما ينتظر أن يعود عليهم من منفعة، من حيث ضمان أموالهم المستثمرة، ومن حيث فائدة كافية لرأس المال.
ويمكن التعرف على رغبات المساهمين بوسائل متعددة، فمثلاً اجتماعات الجمعيات العمومية تهيئ للشركة فرصة طيبة للتحدث مع المساهمين والإلمام بوجهة نظرهم، كذلك من المخاطبات التي يرسلها المساهمون لإدارة الشركة يمكن معرفة كثير من الرغبات، والآراء، وقد تلجأ بعض الشركات لعمل استقصاء لآراء المساهمين ورغباتهم عن طريق إرسال قائمة بالبريد تحتوي على عدد من الأسئلة للإجابة عليها، أو يمكن توجيه هذه الأسئلة بواسطة مندوبي قسم العلاقات العامة، عن طريق مقابلات شخصية، ولا يعني ذلك مقابلة كل المساهمين، بل يكفي اخذ عينة ممثلة لهم.
6ـ تهتم العلاقات العامة بتلقي رغبات الموزعين وملاحظاتهم ومقترحاتهم خاصة فيما يتعلق بطريقة التعبئة أو التغليف أو الوزن أو طريقة التشكيل والعرض، والموزعون هم حلقة الاتصال بين المؤسسة والعميل، وهم كل من يتعامل مع السلعة، من وقت خروجها من المصنع إلى أن تصل إلى يد المستهلك. وكثيراً ما كانت قراراتهم واتجاهاتهم ذات اثر حاسم في مستقبل المؤسسة الصناعية، ومن ثم يقع على عاتقهم كسب ونجاح المؤسسة أو فشلها، ولهذا تحرص العلاقات العامة على تهيئة أساليب الاتصال المباشر بينهم وبين المؤسسة.
7ـ تهتم العلاقات العامة بإنشاء الصلات الطيبة بين المستهلكين والمؤسسة، وذلك لأن الترويج للمؤسسة يؤدي إلى الترويج للسلع. ولاشك أن المستهلك هو سيد السوق، فمن اجل المستهلك تنتج السلع، وبفضل المستهلك تدور عجلة الإنتاج، وبتشجيع المستهلك وإقباله على السلعة يعيش المنتج، ومن ثم لابد من الاستجابة إلى رغباته، فهو قوة رئيسية تؤثر في نجاح الشركات أو فشلها.
8 ـ تهدف العلاقات العامة إلى تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والقومية لدى المواطنين، ومساعدتهم على تحمل المسؤولية في رسم السياسة العامة للمنظمة، وحل مشاكلها.

خامساً: وظائف العلاقات العامة
ــــــــــــــــــــــــ

عُرفت العلاقات العامة باعتبارها نشاط تقوم به المنظمات، بعد أن تقرر لها ميزانية خاصة بها، وقد لاقت فكرة تخصيص ميزانية لنشاط العلاقات العامة اعتراضات كثيرة عند الإدارة العليا ولكن من هم أخصائيو العلاقات العامة؟.. وماذا يفعلون؟.. وما هو عملهم؟.. فقد وصف كثير منهم بأنهم متحدثون لبقون، ويعدون الناس بالكثير، ولكنهم لا يفعلون إلا القليل، وهم يسعون في غالبية الأمر إلى الحصول على مكاسب شخصية، حتى ولو كان ذلك على حساب الشركة التي يعملون بها!.. وهذه كلها أوصاف لا تنسجم مع حقيقة العلاقات العامة.
وقد اقترحت المنظمات والمؤسسات إنشاء إدارات وأقسام للعلاقات العامة، بعد أن اكتشفوا أنها من هم أقسام المؤسسة، وأنها حيوية وذات تأثير فعال، وأنها يمكن أن تحل المشكلات التي تواجه المؤسسات.
وحتى المؤسسات التي ليس لديها قسم للعلاقات العامة، فإنها تلجا إلى مكاتب ومستشاري العلاقات العامة في خارج المؤسسة، وذلك نظير أجر، ومن هنا بدأت وظيفة ومسئوليات إدارات وأقسام العلاقات العامة.
وتبدو أهمية وضرورة تحديد وظائف وأنشطة العلاقات العامة في أن عدم تحديد هذه الوظائف يترتب عليه النظر إلى نشاط العلاقات العامة على انه عمل فرد في المنظمة، ولا يحتاج إلى أفراد متخصصين لأداء هذه الوظيفة، وإن كل من ينتمي إلى المنظمة يستطيع القيام بهذا العمل، ويمكن القول بأن المنشاة كلها يجب أن تكون موجهة بالعلاقات العامة، ولكن هذا لا يعني عدم وجود إدارة متخصصة تكون مسئولة عن تخطيط وتنفيذ أنشطة العلاقات العامة، كما يؤدى عدم تحديد نشاط العلاقات العامة إلى الخلط بينها وبين غيرها من الأنشطة الأخرى، مثل الإعلان والدعاية، مما يترتب عليه زيادة الصراعات بين إدارة العلاقات العامة والإدارات الأخرى مثل ( إدارة التسويق ) حول مدى أحقية كل إدارة في ممارسة النفوذ والرقابة على هذه الأنشطة.
وليس لقسم العلاقات العامة سلطة على بقية أقسام المنشاة، وبذلك لا يكون من سلطة مدير أو رئيس قسم العلاقات العامة إعطاء أوامر للأقسام الأخرى، فهو يرسل وجهة نظره إلى الأقسام المختلفة، في شكل مقترحات واستشارات، والجهة التي تصدر منها الأوامر الإدارية الخاصة بأعمال العلاقات العامة هي الإدارة العليا للمنشاة، ممثلة في عضو مجلس الإدارة أو أي شخص آخر يكلف بالإشراف على أعمال العلاقات العامة.
وفي الواقع فان نجاح إدارة العلاقات العامة في أعمالهما ووظائفها يستلزم الإلمام بالواجبات الأساسية التي تلقى على كاهلها. وفى الواقع تختلف مسئوليات هذه الإدارة من منظمة إلى أخرى، وذلك حسب طبيعة وحجم المنظمة والظروف المحيطة بها. وعموما تهتم إدارة العلاقات العامة بالبيئة أو المناخ الاجتماعي، ومن ثم فان العاملين في مجالها يجب أن يهتموا اهتماما كبيرا بالنظريات والاكتشافات التي سيخرجها علماء الاجتماع وعلماء الإدارة.
ويذهب العديد من الكتاب إلى أن هناك خمس وظائف أساسية للعلاقات العامة وهى: البحث، والتخطيط، والاتصال، والتنسيق، والتقويم.
1- البحث :
————–
تقوم العلاقات العامة بجمع وتحليل وبحث ودراسة اتجاهات الرأي العام لجماهير المؤسسة أو الهيئة، ومعرفة آرائهم واتجاهاتهم، حتى يمكن الحصول على حقائق صحيحة، فبالنسبة للجامعة مثلاً، يمكن معرفة اتجاهات الرأي بين الأساتذة والطلبة وأولياء الأمور. وفى الجيش يمكن معرفة الرأي بين الجنود والضباط وغيرهم من الفنيين. وفي الشركات والوزارات تدرس اتجاهات الرأي العام بين الموظفين والعمال. وبالإضافة إلى ذلك تقاس اتجاهات الرأي بين الجماهير الخارجية كالمساهمين والمستهلكين والتجار. وتدرس العلاقات العامة كذلك التطورات المستمرة التي تحدث في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتقوم كذلك ببحث وتحليل وتلخيص جميع المسائل التي تهم الإدارة العليا ورفعها إليها. وتشمل الأبحاث أيضاً المبادئ الفنية للعلاقات العامة، وتحليل وسائل النشر كالصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما، وتقدير مدى نجاح الحملات الإعلامية التي تقدمها، وتحديد أي الوسائل الإعلامية أكثر فعالية، فضلاً عن البحوث التي تتناول التطور الذي يطرأ على العلاقات العامة، وتدرس كذلك آراء واتجاهات قادة الرأي في المناهج، كالمعلمين ورؤساء النقابات ورجال الأعمال وغيرهم.

2- التخطيط :
—————
يقوم جهاز العلاقات العامة برسم السياسة العامة للمؤسسة، ورسم السياسة والبرامج الخاصة بالعلاقات العامة في إطار السياسة العامة للمؤسسة وخططها، في ضوء البحوث والدراسات التي يقوم بها الجهاز، وذلك بتحديد الأهداف والجماهير المستهدفة، وتصميم البرامج الإعلامية، من حيث التوقيت وتوزيع الاختصاصات على الخبراء وتحديد الميزانية تحديدا دقيقا، مما يعاون في إدخال تعديلات على السياسة العامة للمؤسسة. بالإضافة إلى ذلك، فهي تقوم بشرح سياسات المنشأة للجمهور، أو أي تعديل أو تغيير بغية قبوله إياها، والتعاون معها.

3- الاتصال
————-
الاتصال يعني القيام بتنفيذ الخطط والاتصال بالجماهير المستهدفة، وتحديد الوسائل الإعلامية المناسبة لكل جمهور، وعقد المؤتمرات، وإنتاج الأفلام السينمائية والصور والشرائح، والاحتفاظ بمكتبة تضم البيانات التاريخية وإقامة الحفلات، وإعداد المهرجانات والمعارض والمباريات المختلفة، وتنظيم الندوات والمحاضرات، والأحاديث، والمناظرات.
ولجهاز العلاقات العامة وظيفة إدارية، فهو يقدم الخدمات لسائر الإدارات ومساعدتها على أداء وظائفها المتصلة بالجمهور، فهي مثلاً تساعد إدارة شئون العاملين في اختيار الموظفين والعمال وتدريبهم، والنظر في وسائل تشجيعهم وترقيتهم وحل مشاكلهم، وإعداد ما يلزم للعناية بصحتهم ورياضتهم وثقافتهم. كما تسهل العلاقات العامة لقسم المبيعات مهمة إقامة علاقات طيبة بالموزعين والمستهلكين، من خلال تعرفها على اتجاهات الجمهور نحو السلع أو الخدمات التي تنتجها أو تقدمها المؤسسة أو الهيئة إلى عملائها، وهي تسهل مهمة الإدارة القضائية، في عرض الحقائق المتصلة بالقضايا المختلفة على الرأي العام، وتشترك إدارة العلاقات العامة في إعداد التقارير السنوية عن المركز المالي للمؤسسة، وإخراجها في صورة جذابة، يفهمها المساهمون والمستهلكون وغيرهم، وكذلك تساعد إدارة المشتريات في إقامة علاقات طيبة بالمتعهدين، وغيرهم من مصادر الإنتاج.
وتعمل العلاقات العامة على تنمية العلاقات مع المؤسسات والجماعات الأخرى الموجودة في المجتمع، وذلك عن طريق النشاطات ذات الفائدة المشتركة، فإذا أريد أن يقام معرض ناجح للكتاب، فان المعرض ينظم بحيث يتلاقى مع رغبات أمناء المكتبات وأصحابها. كما تقوم العلاقات العامة بتعريف الجمهور بالمنشاة وتشرح السلعة أوالخدمة التي تنتجها، بلغة سهلة بغية اهتمام الجمهور بها.
وتسعى العلاقات العامة إلى إقامة علاقات طيبة مع قادة الرأي في المجتمع بوضع الحقائق أمامهم، سواء في مكتبة المنظمة أو مكتب الإعلام، أو الدوريات السنوية. كما تعمل على إقامة علاقات طيبة مع معاهد التدريب، حتى يتسنى تدريب موظفيها وعمالها في هذه المعاهد، وكذلك مد هذه المعاهد بمساعدات التعليم، والسماح لطلاب المعاهد بزيادة المنظمة.
وتساعد العلاقات العامة الجمهور على تكوين رأيه، وذلك بمده بكافة المعلومات ليكون رأيه مبنيا على أساس من الحقائق الصحيحة. كما تعمل على إحداث تغيير مقصود في اتجاهات الرأي العام وتحويله إلى صالح المؤسسة، وهى تمد المنشاة كذلك بكافة التطورات التي تحدث في الرأي العام.
4- التنسيق:
————-
تعمل العلاقات العامة على التنسيق بين الإدارات المختلفة لتحقيق التفاهم بينها، كما تعمل كحلقة اتصال وأداة تنسيق بين الموظفين والشخصيات المختلفة، وبين المستويات الدنيا والمستويات للعليا. كما تنسق بين إدارة التسويق والمستهلكين، وإدارة المشتريات والموردين والمؤسسة وحملة أسهمها.
5- التقويم:
———–
ويقصد به قياس النتائج الفعلية لبرامج العلاقات العامة، والقيام بالإجراءات الصحيحة لضمان فعالية البرامج وتحقيقها لأهدافها.

سادساً: بناء إدارة العلاقات العامة
ــــــــــــــــــــــــــــــ
من الصعب رسم نظام معين لإدارة العلاقات العامة في منشاة من المنشآت، فهذه تختلف من منشاة لأخرى حسب حجم المنشاة وطبيعة تعاملها ففي حال صغر حجم المؤسسة – مثلا – يقوم المدير بنفسه أو بواسطة معاون له ضمن العاملين في المؤسسة بأعمال العلاقات العامة، كما يختلف جهاز العلاقات العامة حسب مدى فهم للقائمين بالإدارة فيها لإعمال العلاقات العامة، ومن ثم يختلف البناء التنظيمي لإدارة العلاقات العامة من جهة إلى أخرى، فالوحدات التنظيمية التي تدخل في بناء إدارة علاقات عامة للقوات المسلحة قد تختلف عنها في وزارة الزراعة. والاختلاف هنا قد يكون ضرورة يستدعيها اختلاف الأهداف واختلاف الخطط واختلاف البرامج والجماهير، كذلك الأمر بالنسبة لتبعية العلاقات العامة، فقد تسند هذه المهمة إلى احد مديري الإدارات كإدارة الأفراد أو المبيعات أو إدارة الإعلانات، أو قد توزع المسئولية بينهم وفي بعض المنشآت الأخرى تجد أن هناك إدارة كاملة للعلاقات العامة يرأسها مدير يتبع عضو ومجلس الإدارة المنتدب مباشرة، وتشمل عدة أقسام من بحوث وتخطيط إلى تنسيق وإنتاج.
وتتصل أعمال العلاقات العامة اتصالا مباشرا بالأهداف والسياسة العامة التي تنتجها الإدارة، وعلى ذلك فان أعمال العلاقات العامة يجب أن توضح في التنظيم العام للمنشاة على مقربة من الإدارة العليا وتحت إشرافها المباشر، فيكون مدير العلاقات العامة مسئولا أمام رئيس مجلس الإدارة، وان يكون بالقرب من الأفراد الذين يشغلون المراكز ذات المسئولية الكبيرة في المؤسسة، حتى يمكنه أن يحقق أحسن نتائج، وان يكون على مستوى مديري الإدارات الأخرى.
ومن ناحية أخرى، فان تخصيص مدير أو قسم لإدارة أعمال العلاقات العامة لا يعني أن هذا الشخص أو هذا القسم هو الجهة الوحيدة التي تقوم بأعمال العلاقات العامة فحسب، ذلك أن العلاقات العامة عملية مستمرة يشترك فيها الجميع من المدير العام حتى عامل النظافة، ومن ثم فان على مدير العلاقات العامة أن يشجع ذوي المهارات الأدبية والفنية من غير العاملين بإدارة العلاقات العامة على المشاركة في بعض البرامج الخاصة بالعلاقات العامة. وما نقصده من تخصيص مدير أو قسم لإدارة أعمال العلاقات العامة هو وضع هذه الأعمال تحت إشراف الخبراء المتخصصين، لمساعدة بقية رؤساء الأقسام بالمنشأة في تحسين صلاتها مع فئات الجمهور المختلفة، أي أن قسم العلاقات العامة يعتبر من الأقسام الاستشارية.
وفي أغلب النماذج المقترحة لمكان العلاقات العامة في الخريطة التنظيمية، روعي أن يكون مديرها بالقرب من الأفراد الذين يشغلون المراكز ذات المسؤولية الكبيرة في المؤسسة، حتى يمكن أن يحقق أحسن نتائج.

سابعاً: صفات أخصائي العلاقات العامة

لكي يصبح المتخصص في العلاقات العامة صالحاً لأداء عمله يجب أن يتفهم الاتجاهات و التطورات التي تحدث في الرأي العام، كما يجب أن يكون على علم تام بسياسات الإدارة و مشكلاتها، وأن يؤمن إيمانا كاملا بعمله و رسالته التي يؤديها، متيقظا لما يدور حوله داخل المؤسسة وخارجها من أحداث، تتيح له طريق الاستفادة من كل فرصة لخدمة الجمهور وتحقيق مصالحه، سواء بنقل المعلومات إليه أو بالرد على ما يعين له من أسئلة، أو بالاستجابة لملاحظاته المعقولة، أو بأداء خدمة واقعية له. وهذه اليقظة أيضا تتيح له فرصة البحث السريع في العمل، وهي صفة أساسية لرجل العلاقات العامة، ففي دقائق يتطلب الأمر من رجل العلاقات العامة أن يبحث مثلا في مدى أثر نشر خبر في نفوس الجمهور أو في مشكلة تتعلق بفرد من أفراد، أو في اقتراح باتخاذ إجراء من الإجراءات، وهو بمقتضى هذا البحث السريع، سيتصرف على الفور دون تردد، ولهذا فان الظروف تدفعه دفعا إلى أن يحصل على أكبر قدر ممكن من الثقافة بكل ما حوله وبنفسية الجماهير و بوسائل التأثير فيها، وبالتنظيمات الإدارية والفنية التي تمكنه من أداء عمله على الوجه الأكمل، ونجاح المؤسسة التي يخدمها.
ولابد من توافر شروط في القائمين بأعباء العلاقات العامة، وتنقسم هذه الشروط إلى ما يأتي :
1- الشروط الموروثة
ــــــــــــــــ
وهي تتعلق بالدوافع الفطرية، التي تعد الأساس الأول للسلوك الإنساني. وتظهر هذه الدوافع بعد الولادة مباشرة، ولا تكون نتيجة خبرة أو تعلم أو تجربة، ولذلك ينبغي أن تكون شخصيته مكتملة، وأن يتميز بالنضج العاطفي والذاكرة القوية والعقل المنظم، ومن المرغوب أن يكون من يعمل في مجال العلاقات العامة مؤدبا، لبقا، سريع الخاطر، مخلصا حازما، شجاعا، مقداما، متفائلا، ويتميز بقوة غريزة الاستطلاع، وحب الاختلاط، وهذه كلها صفات من الواجب توافرها في المشتغل بالعلاقات العامة.

2- الشروط التعليمية:
ــــــــــــــ
يقصد بها توفر الحد الأدنى من المستوى التعليمي، والتعلم والتدريب الجامعي الذي يؤهل المتخصص في العلاقات العامة للعمل في هذا المجال. ولاشك أن التعليم الأكاديمي يساعد على نجاح رجل العلاقات العامة ويستحسن أن يكون الشخص قد حصل درجة جامعية في الإعلام أو التجارة أو الآداب أو القانون، وان يكون قد حصل على المواد الآتية: اللغات ـ الصحافة ـ علم النفس ـ علم الاجتماع ـ علم الأجناس ـ الفلسفة ـ المنطق ـ الإدارة العامة ـ القانون ـ الاقتصاد ـ إدارة وتنظيم المشروعات ـ التسويق ـ والإعلان ـ الإحصاء النظري التطبيقي ـ العلاقات العامة،وغيرها من المواد الدراسية.
3- الشروط المكتسبة
ـــــــــــــ
وتختلف هذه عن الدوافع الفطرية، في أن الإنسان لا يولد مزوداً بها، ولكنها تكون نتيجة لحياة الفرد في بيئة معينة وتأثره بها.
وتحقق كل من الشروط التعليمية و المكتسبة صفات يحتاج إليها المشتغل بالعلاقات العامة وهي: القدرة على الإدراك الواضح، وعلى التنظيم، والحكم العادل الموضوعي، والقدرة على تقدير المواقف والتنبؤ، وعلى مقاومة الضغوط والمرونة، والقدرة على التعامل في المشاكل المختلفة.
وتحقق الشروط الثلاثة السابق ذكرها أن يكون العامل في مجال العلاقات العامة اجتماعيا بطبعه، وعنده القدرة على الإقناع والإغراء، وعلى الكتابة والخطابة، وان يعترف بالخطأ إذا وقع فيه، ويرجع عنه.
وقد أجرى قسم وسائل الاتصال في جامعة جنوب داكواتا استفتاءاً لأخصائيي العلاقات العامة عن المهارات والصفات التي يجب أن يتصف بها رجل العلاقات العامة، وظهرت نتائج هذه الدراسة في مجلة (العلاقات العامة)، وجاء فيها أن ما يقرب من 90 % من المبحوثين أكدوا على أن القدرة على الكتابة هي أكثر المهارات أهمية. وذكر أحد المبحوثين انه في كل مرة يقوم فيها بعمل فانه ينتهي بكتابة كلمات على الورق، وقد يكون ذلك في شكل خطابات، وخطب، وقصص، ونشرات، وتقارير. وتأتي بعدها مهارة المعرفة بفن التصميمات المطبوعة والقدرة على تنفيذ مشروع من خلال تصور الفرد له ثم القيام بطبعه. وقد ذكر احد المديرين أن كثيرا من المشاريع يتأخر تنفيذها بسبب كثرة التكاليف، أو لأن من يقوم بها لا يعرف شيئا عن فن الكتابة والطباعة. وعليه يمكن القول أن العمل في مجال العلاقات العامة هو نوع من العمل الإعلامي، الذي يعتمد على القدرة على التحرير ومخاطبة الجمهور وإقناعه.
أما المهارات الأخرى فقد جاءت كما هو مبين وحسب أهميتها:
1- القدرة على التنظيم.
2- القدرة على الحديث.
3- القدرة على التعامل مع الناس.
4- معرفة بالأمور الاقتصادية والمالية.
5- تمييز الأخبار والقدرة على التعليق عليها.

ثامناً: مقارنة بين العلاقات العامة والنشاطات الأخرى
————————————————

1- الفرق بين العلاقات العامة والعلاقات الإنسانية:
——————————————–
يوجد اختلاف بين العلاقات العامة والعلاقات الإنسانية، فالعلاقات الإنسانية تركز على العنصر البشري والاعتبارات الإنسانية، وتهتم بالتكامل بين الأفراد في محيط العمل بالشكل الذي يدفعهم ويحفزهم إلى العمل بإنتاجية عالية وبتعاون، مع حصولهم على إشباع حاجاتهم الطبيعية والنفسية والاجتماعية.
وتعني مراعاة الاعتبارات الإنسانية في العمل أن تأخذ الإدارة في اعتبارها المطالب الأساسية للإنسان في الحياة.
ويرى (سكوتScott ) أن العلاقات الإنسانية تشير إلى عمليات حفز الأفراد في موقف معين، بشكل فعال يؤدي إلى الوصول إلى توازن في الأهداف يعطي المزيد من الإرضاء الإنساني، كما يساعد على تحقيق مطالب المشروع، أي تؤدي العلاقات الإنسانية إلى ارتفاع في الإنتاجية، وزيادة في الفعالية التنظيمية، وأفراد سعداء يشعرون بالرضا عن أعمالهم.
ويمكن أن نستخلص مما سبق ثلاثة أهداف رئيسية للعلاقات الإنسانية هي:
أ ـ أن تعمل على تنمية روح التعاون بين الأفراد والمجموعات في محيط العمل.
ب ـ أن تحفز الأفراد والمجموعات على الإنتاج.
ج ـ أن تمكن الأفراد من إشباع حاجاتهم الاقتصادية والنفسية والاجتماعية.
فإذا تمكنت الإدارة من تحقيق هذه الأهداف، فان النتيجة تكون نجاح المجهود الجماعي للأفراد في محيط العمل، ولذلك يمكن تعريف العلاقات الإنسانية باختصار بأنها تنمية مجهود جماعي منتج للمشروع ومنتج للأفراد في الوقت نفسه.

2- الفرق بين العلاقات العامة والشؤون العامة :
————————————————
يوجد خلط بين العلاقات العامة والشؤون العامة، فقد جرت بعض الهيئات على إنشاء أجهزة تقوم بنشاط العلاقات العامة، وتطلق عليها خطأ تسمية إدارة الشؤون العامة. والشؤون العامة تعنى موضوعات مختلفة تختلف باختلاف الناس، وهي تعنى الأمور التي تهم الرأي العام، مثل الأمور السياسية والحكومية، وانتخابات المجالس النيابية، وكذلك العلاقات مع المجتمع المحلي، ومشاكل الهجرة، والتوطن، وسياسة الأسعار وغيرها.
وفي حدود هذا المفهوم تدرس الجامعات بالخارج ضمن برامج (الشؤون العامةPublic Affairs) والمشاكل الدولية، والموضوعات الهامة المعاصرة، والعلوم السياسية والاقتصادية، والإدارة العامة.
وهكذا يبدو الاختلاف بين مفهوم (الشؤون)، ومفهوم ( العلاقات) التي تعني كما أوضحنا سلفا(الاتصالات).

3- الفرق بين العلاقات العامة والإعلام
———————————–
يُقصد بالأعلام نشر الحقائق والآراء والأفكار بين جماهير الهيئة والمؤسسة، سواء الجمهور الداخلي أو الخارجي للمؤسسة، ومن وسائل الإعلام الأساسية الصحافة والإذاعة والسينما والتلفزيون والمحاضرات والندوات. ولقد سبق أن رأينا أن أحد تعاريف العلاقات العامة يرى أنها إعلاماً وإقناعاً يقدم إلى الجمهور، ومجهودا يبذل من أجل تحقيق التوافق والتكامل بين اتجاهات وتصرفات كل من المنظمة وجمهورها. والحقيقة أن الإعلام يعتبر جزءا أساسيا وأداة مهمة من أدوات العلاقات العامة المختلفة في برامجها لتحقيق أهدافها.

4- الفرق بين العلاقات العامة والإعلان
—————————————
تستخدم حملات الإعلان العديد من وسائل الاتصال مستهدفة بذلك الوصول إلى أكبر عدد من المشترين للإعلان عن بيع بأقل الأسعار، وتختلف العلاقات العامة عن الإعلان من ناحية أن هذا الأخير يلجأ إلى شراء مساحة في دورية من الدوريات، أو جزء من الوقت في الإذاعة والتلفزيون، وذلك من اجل التعبير عن وجهة نظر أو الإعلان عن بيع المنتجات والخدمات، التي قد تتفق أو لا تتفق مع وجهة نظر الناشر أو المذيع، وذلك لأن القارئ أو المستمع يستقبل رسالة مدفوعة الأجر.
وقد تعطي بعض الإعلانات سمعة طيبة للمصنع أو السلع أو الخدمات، ولهذا فان الإعلان يعد عاملا مساعدا لبرامج العلاقات العامة. ومع ذلك فان الإعلان يختلف عن العلاقات العامة، وإن كان يلعب دورا ملموسا في برنامج العلاقات العامة.

5- الفرق بين العلاقات العامة والدعاية
—————————————-
يخلط البعض بين العلاقات العامة والدعاية، ويرجع هذا الخلط إلى اتحاد أهدافها، وهو الاتصال بالرأي العام ومحاولة بلورته وتعديله والتأثير فيه. فالدعاية هي أحد أنواع الاتصال والتأثير، تستخدم كقوة للسيطرة على أفكار أفراد المجتمع وتوجيههم الوجهة التي حددت لهم عن طريق استغلال عواطفهم وغرائزهم، ويتم ذلك من خلال وسائل الاتصال العامة، مثال ذلك حين تنظم إحدى الشركات حملة دعائية لتغيير مفهوم الناس من طبيعة السلعة التي تنتجها، فحين ثار جدل حول مدى اتفاق مشروب الكولا مع الشريعة الإسلامية، سارعت الشركة المنتجة لشراب البيبسي كولا وقت ذاك إلى تنظيم حملة دعائية من خلال وسائل النشر العام للتأكيد على صلاحية وطهارة للمشروب، دون أن تفصح عن شخصيتها.
وفي ضوء هذا يختلف الإعلان عن الدعاية في أن المعلن يفصح عن شخصيته في الإعلان، ويدعو القارئ أو المستمع إلى إتباع سلوك محدد، وبالتالي يرتبط اسمه في ذهن المتلقي بمضمون الرسالة الإعلانية، أما في حالة الدعاية فإن المتلقي لا يستطيع تحديد مصدر المعلومات المرسلة إليه.
وهكذا تعمل الدعاية على تكوين الأخبار وإخفاء بعض الحقائق أو تغيير بعضها، وبوصفها هذا فهي وسيلة متميزة لا تمد الجمهور إلا بالمعلومات التي تتفق ووجهة نظر المسؤلين عنها بأي ثمن وبأي وسيلة، بينما تهدف العلاقات العامة، عن طريق الأخبار الصادقة والتعليم والممارسة إلى إقناع الجمهور، وتحقيق تعاونه معها، على أساس الثقة والتفاهم المثمر.

الفصل الثاني
الجمهور والرأي العام

أولاً: الجمهور
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تحتاج المنشآت، صغيرها وكبيرها، إلى ثقة الجمهور، ومن هنا نرى أن المنشآت، على اختلاف نشاطاتها، في حاجة إلى التعرف على آراء الجمهور، ومده بالمعلومات، لكسب ثقته وتأييده، ويتطلب هذا دراسة الجمهور وميوله واتجاهاته بصورة وافية.
ولكن من هو الجمهور؟..وكيف يتحد الناس في جماعات صغيرة ووحدات كبيرة تعبر عن رأيها ؟..وما هي أهمية الجمهور بالنسبة لواضعي برامج العلا قات العامة؟
الجمهور في نظر خبراء العلاقات العامة جماعة من الأفراد، تقع في محيط نشاط منشاة أو مؤسسة معينة، تؤثر عليها وتتأثر بها، وتتسم بطابع مميز، وينمو بين أفرادها مجموعة من الشعارات والرموز وتوجد بينهم مصالح متشابهة، وتربط بينهم روابط معينة، وكلما ازدادت هذه الروابط وتوثقت كانت الجماعة أكثر تجانسا.
ويختلف الجمهور في حجمه وتكوينه، فقد يكون صغيرا في بعض الأحيان، وقد يكون كبيراً. فالجماعة الخاصة بمؤسسة تربوية هي جماهير واسعة النطاق قوامها الطلاب الحاليون والسابقون وطلاب المستقبل وأولياء الأمور، وجماهير من المؤسسات التربوية التي لها صلة بالمؤسسات والهيئات الرسمية ذات الصلة بها، ومحررو الصحف ومذيعو محطات الإذاعة والتلفزيون، وهكذا يتسع جمهور تلك المؤسسة. وينتمي المهندسون إلى جماعة متجانسة تعمل في نفس المهنة، وإذا كان احدهم متخصصا في الهندسة السمعية، فهو ينتمي إلى جماعة فرعية تنطوي تحت جماعة أكثر اتساعا، وهى جماعة المهندسين.
ويختلف الجمهور حسب الخصائص السكانية، مثل العمر، حيث ينقسم الناس إلى فئات عمرية مختلفة، ويمكن أن يوجه برنامج العلاقات العامة إلى فئة عمرية دون أخرى، كما يختلف الجمهور حسب الجنس، حيث ينقسم إلى ذكور وإناث، وينقسم كل منهم إلى متزوجين وغير متزوجين، ومطلقين، وأرامل. وسكان العقارات ينقسمون إلى ملاك ومستأجرين، والبرنامج السياسي قد يكون عاماً لكل الناس، وقد يكون خاصا بمن ينتمون إلى حزب سياسي معين، وهناك تمييز البيض والسود، في بعض البلدان، وهناك تمييز حسب الدين أو المذهب أو الطائفة.
كما ينقسم الجمهور إلى جمهور محلي وجمهور خارجي. ويتكون الجمهور الداخلي من الأفراد الذين يعملون في خدمة المنشاة مثل مجلس الإدارة، والرؤساء، والموظفين والعمال،وهذه أول فئة يجب دراستها وتحسين علاقة المنشاة وتوطيدها. أما الجمهور الخارجي فانه ينقسم إلى فئات كثيرة منها الجمهور بصفة عامة، وجمهور المستهلكين، وجمهور المساهمين، وجمهور الصحافة، وجمهور الموزعين..الخ.
وفي ضوء هذا تتضح أهمية تحديد الجمهور تحديداً واضحاً، في الحالات التي نقوم فيها بدراسة مشكلات معينة.

ثانياً: مفهوم الرأي العام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرأي العام هو المادة الخام الذي تعمل فيه العلاقات العامة، وحيث تسعى العلاقات العامة دوما على تنميته سواء فيما يتعلق بالنظم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، كما تعمل على دراسته وتحليله، و معرفة طبيعته و كيفية تكوينها، وطرق التأثير فيها ولعل أهم سمات المجتمعات الحديثة الاعتراف بأهمية الشعوب، و اعتبار الرأي العام الحكم النهائي في الشؤون العامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومع أن الرأي العام وجود معنوي لا نراه، فان ذلك لا ينقص شيئا من قوته، شانه في ذلك شأن الضغط الجوي الذي لا نراه ولكنه موجود.
تعريف الرأي العام :
بالرغم من أن مصطلح الرأي العام Public Opinion لم يستخدم بهذا المسمى إلا في أواخر القرن الثامن عشر، نتيجة لظهور الجماهير الغفيرة بسبب النمو السكاني السريع حينذاك، فان المناقشات القديمة المتعلقة بالرأي العام لا تختلف كثيرا عن المناقشات الحديثة من حيث إدراك مدى النفوذ الذي يفرضه الرأي العام على تصرفات الإنسان وحياته اليومية فقد سماه (موتتسيكيو) العقل العام، و سماه (روسو) الإرادة العامة. أما الاختلاف الوحيد بين المناقشات القديمة و المناقشات الحديثة، في هذا الصدد، فهو ذلك الذي يتعلق بإدراك مدى النفوذ الذي يفرضه الرأي العام على تصرفات الساسة و الفلاسفة.
وقد صبغه العلامة (تارد) بصبغة فردية، واعتبره محض تقليد، ففي كل مجتمع من المجتمعات، يمتاز بعض الأفراد بمواهب خاصة وقدرة على الابتكار والتجديد، فتسري موجة بين أفراد المجتمع الآخرين نحو تقليد هؤلاء الأفراد النابهين و هكذا يتكون الرأي العام.
و يؤخذ على هذه النظرية الآتي:
أ – أنها تغفل الجانب الروحي، فهناك اتصال روحي بين أفراد المجتمع هو أساس تضامنهم.
ب – لا يعتمد الرأي في تكوينه على التقليد و المحاكاة، بل على وسائل أخرى هي مكونات الرأي العام كالصحافة والخطابة و الإذاعة والتلفزيون…الخ.
ج – الظواهر الاجتماعية يفسر بعضها البعض الآخر، أي تفسر بظواهر اجتماعية أخرى، ولا يجوز تفسيرها بعوامل نفسية أو حيوية.
و عرف (ماكينونW.A.Mackinon ) (1808) الرأي العام بأنه رأي في موضوع ما يضمره الأشخاص المتميزون بالذكاء و حسن الخلق، وهو يتسم بالانتشار التدريجي، فيقتنيه أغلب حتى لو تباينوا في مستواهم التعليمي. أما (لأويلL.A.Lawell ) فيعرف الرأي العام بأنه قبول لواحدة أو اثنتين أو أكثر من وجهات نظر متضاربة يقبلها العقل و المنطق باعتبارها حقيقة.
و يرى (كولي) : أن الرأي العام لن يكون تجمع لأحكام فردية مختلفة، و لكنه تنظيم تعاوني يتم عن طريق اتصال التأثير المتبادل والمشترك، وربما يختلف الرأي العام عن افتراض أن الأفراد ربما يكونون في تفكير معين كأفراد منفصل الواحد منهم عن الآخر، بيد أن هذا يتلاشى حينما نرى أن الرأي العام بمثابة سفينة تبنى عن طريق مئات من الرجال لا يستطيع واحد بعينه بنائها على انفراد. أما (ليونارد دوبLeonard Dob ) فيرى أن الرأي العام يعني اتجاهات ومواقف الناس إزاء موضوع يشغل بالهم،/ بشرط أن تكون هذه الجماهير في مستوى اجتماعي واحد.
و صبغ (جنزبرجGinsberg ) الرأي العام بصبغة اجتماعية، ففي رأيه أن الرأي العام رغبة مبهمة تسود المجتمع و تهدف إلى المحافظة على كيان المجتمع، فهو ظاهرة اجتماعية، و ينتج تلقائيا من تفاعل مجموعة الآراء المختلفة التي تسود بين أفراد المجتمع، وتتبلور في شكل موضوعات معينة.
وهكذا يختلف الرأي العام عن الرأي الخاص، فالرأي العام هو رأي الجماعة، أما الرأي الخاص فهو رأي فرد. ويعرفه أغلب الباحثين بأنه ثمرة تفاعل الآراء والأفكار داخل أي جماعة من الناس، وقد عرفه (جيمس برايس) في كتابة (الديمقراطيات الحديثة)، بأنه اصطلاح مستخدم للتعبير عن مجموع الآراء الذين يدين بها الناس إزاء المسائل التي تؤثر في مصالحهم العامة و الخاصة.
و جملة القول، فالرأي العام إنما يعبر عن آراء الجماهير، بعد المناقشة والجدل بين الأفراد، فهو ليس اتجاها انفعاليا يصدر من الجمهور الهائج الذي يجتمع اجتماعا مؤقتا، و إنما هو حكم عقلي يصدر من جمهور من الناس يشتركون بالشعور بالانتماء و يرتبطون بمصالح مشتركة، إزاء موقف من المواقف أو تصرف من التصرفات، أو مسألة من المسائل التي يثار حولها الجدل بعد مناقشة عقلية.
والرأي العام ليس مجرد رد فعل بسيط أساسه العرف و التقاليد، بل على العكس من ذلك قد ينطوي على الخروج على التقاليد، فهناك وعي و تفكير للمشكلات. فالجماعة – مثلا- قد تواجه مشكلة من المشكلات تتطلب حلاً، و تتصل برغبات الجمهور وحاجاته، فيهب القادة لتحديد المشكلة وإلقاء الضوء عليها، واقتراح ما يرونه لحلها. ويعلن المختصون والمعنيون بالأمر ملخص خبراتهم و معلوماتهم، ثم يدور النقاش الحر من كل جانب ن وفي كل مكان، و تمتزج الأفكار بالعواطف، و تختلط التحيزات بالحقائق، وتتصارع المصالح و المبادئ، و تصدر الأحكام المختلفة. ويكون الرأي النهائي للجماعة هو حصيلة الاحتكاك بين هذه القوى جميعها، بما فيها من أفكار محافظة و أخرى تقدمية. وهكذا تعبر الجماعة عن رأيها العام. وعلى أساس هذه الأحكام ومدى صحتها ولياقتها يرجى للجماعة أن تبقى وتعيش. أما إذا كانت هذه الأحكام الجماعية قاصرة فاشلة فإنها تصبح معاول هدم وفناء للجماعة.
ولما كان من الصعوبة بمكان اتفاق جميع الناس على موضوع ما أو مسالة من المسائل، فانه يمكن القول أن الرأي العام هو رأي الأغلبية، ونموذج معين من الفكر والقول يعم و يسود على النماذج الأخرى، و تتضمن فكرة الرأي العام مع ذلك أن ثمة رأيا متفق عليه من غالبية الأفراد، وهو ما يسمى بالرأي الغالب. و ليس معنى ذلك أن لا تكون هناك آراء متعددة للأقليات، وتلك الآراء الخاصة لا تعوق أن تطلق على الرأي السائد لدى معظم هذه الجماعات و الجماعات الفرعية رأيا عاما، حيث لا يوجد رأيا عاما بطريقة مطلقة أو عامة، ولكنه الحد الأقصى لمجموع الآراء.
وقد يظل الرأي العام كامنا غير ظاهر لأسباب سياسية أو اجتماعية، ولكنه لا يلبث أن يظهر بشكل انفجار عندما تزول الأسباب المعوقة لظهوره.

ثالثاً: مكونات الرأي العام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
إن عملية تكوين الرأي العام من العمليات المعقدة التي تمتد بجذورها في مجالات مختلفة، ويتكون الرأي العام نتيجة التفاعل بين مجموعة من العوامل الفسيولوجية والوظيفية والاجتماعية والنفسية المتداخلة بحيث يمارس كل منها أثره في تكوين الرأي العام، وهذه العوامل هي :

1- العوامل الفسيولوجية والوظيفية :
———————————————–
ترى بعض البحوث أن هناك سمات جسيمة تؤثر في عقلية الفرد وأفكاره، فالمريض تكون أفكاره عليلة، وقد تكون نظرته للحياة متشائمة. ومن الدراسات المهمة في هذا المجال بحث تأثير فصائل الدم، والعصارات القلوية والحمضية وأثرها في شخصية الإنسان. كما أجريت أبحاث كثيرة تدور حول السمات الجسمية الأخرى، مثل خصائص الجمجمة التي عُني علماء الجريمة من أمثال (لومبروزو) بدراستها، وقد اتضح أخيرا أن الغدد الصماء وما تفرزه من هرمونات تؤثر تأثيرا مباشرا على الفرد، فعندما يزداد نشاط الغدة الدرقية – مثلا – يصبح الفرد متوترا وقليل الاستقرار وسريع الغضب.

2- العوامل النفسية :
———————–
هناك عوامل نفسية تؤثر في تصرفات الفرد وفي سلوكه، فقد يكون الإنسان متصفا بالحب لأن غريزة الخوف قوية لديه، أو انه لم يكتسب بعد صفات التسامي والإعلاء، وينطبق نفس القول بالنسبة لغرائز أخرى كالغريزة الجنسية أو حب الاستطلاع أو السيطرة أو غيرها. وتلعب الأهواء دوراً بالغ الأهمية في بلورة الرأي العام، وذلك حسب الظروف السائدة. ففي ظروف الحرب- مثلا- يتقبل الناس آراء، ويعتقدون في صحتها وأهميتها، بينما يشكّون فيها في وقت السلم، أي في الظروف العادية. وحتى في الأحوال العادية يتأثر الرأي العام بأفكار لا شعورية دون أن يعرف الناس. فاللاشعور يؤثر في توجيه أفكارنا وآرائنا، بصدد عمل أو حادثة أو فكرة، وذلك تبعا لخبراتنا السابقة، وما مر بنا من انفعالات وصدمات.

3- الثقافة
————-
وهي تمثل مجموع العادات والتقاليد والقيم وأساليب الحياة التي تنظم حياة الإنسان داخل البيئة التي يعيش فيها، فأفكار الشخص الذي نشأ في بيئة مترفة غير أفكار شخص نشأ في بيئة فقيرة أو مهمشة. والعادات المكتسبة أثناء عملية التنشئة الاجتماعية المختلفة لها تأثير على ما يصدره الفرد من أحكام، ومما لاشك فيه أن الدين والتعليم والعادات المكتسبة تؤثر في نفسية الفرد، وما يصدر عنه من أفكار وآراء، ويتأثر الرأي العام تأثرا شديدا ً باتجاهات الجماعات الأولية وقيمها. ومن ناحية أخرى فان زيادة ثقافة المجتمع وانخفاض نسبة الأمية تساعد على تكوين الرأي العام، كما أن الإنسان العادي بمعتقداته الراسخة ـ دينيا وسياسيا واقتصاديا ـ لا يمكن أن يتقبل أي مناشدة دعائية تتعارض مع معتقداته.
وقد فطنت أجهزة الدعاية إلى خطورة وجود الجماعات ذات النزعات العنصرية والسياسية والدينية في إثارة الانفعالات الجماهيرية، وتهييج الخواطر والترويج لأفكار معينة، فأخذت تستغلها في نطاق واسع في الإعلام والثقافة والاتصال الشخصي وعن طريق النكات أحياناً.
وهكذا فان الثقافة تعد من أخطر العوامل المؤثرة في الرأي العام تجاه موضوع معين، ومثال ذلك أن كراهية الأمريكيين البيض للمواطنين السود كانت نتيجة عناصر ثقافية خضعوا لها في الماضي، حيث ظروف الثقافة التي يتعرض لها الطفل الأمريكي تكسبه الاتجاه العدائي ضد السود.
4- النسق السياسي:
تسمح الديمقراطية بذيوع وانتشار الرأي العام، ولا تعمل الهيئات والمؤسسات العامة في الخفاء. كما تعمل الديمقراطية على قيام حرية الفكر والاجتماع والتعبير عن الرأي بين أفراد المجتمع، وذلك على عكس ما هو موجود في ظل الدكتاتورية، بالإضافة إلى ذلك فان الحريات العامة، وهي حرية الرأي، وحرية الصحافة والكتابة، وحرية الاجتماع، وحرية العمل وغيرها تعد من مكونات الرأي العام.
ويعتبر وجود المفكرين ورجال الأعمال والقادة الذين يتميزون بالقدرة على التأثير على الآخرين من العوامل المهمة في تكوين الرأي العام، وذلك لما يتميزون به من قدرة على معرفة الرأي العام ومعرفة بمشاعر وأحاسيس الجماهير. وحينما تتوفر ثقة الجماهير في القائد، فأنه يصبح أداة قوية وفعالة
في تغيير اتجاهات الجماهير والتأثير فيهم، وتكوين الرأي العام الذي يؤيد القضايا التي يدعو إليها.

5- الأحداث والمشكلات:
———————–
تعتبر الحوادث المشكلات والأزمات، التي يتعرض لها مجتمع معين، من العوامل المهمة التي تعمل على تكوين اتجاهات جديدة للرأي العام، فمهما قيل عن عبقرية وزير الدعاية النازية (جوبلز)، فالحقيقة انه لا هتلر، ولا جوبلز، ولا غيرهما من الدعاة والعباقرة كانوا يستطيعون تحويل ألمانيا إلى النازية دون الاعتماد على الأزمة الاقتصادية، والشعور بالقلق وعدم الأمن بين صفوف الشعب الألماني، فالتغيير الثوري ليس حركة فجائية تحدث في فراغ، ولكنه تعبير عن ظروف موضوعية وأحداث سياسية واقتصادية واقعية، ولهذه الأسباب نجحت الثورة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي السابق، ولم يكن اتجاه الصين الشعبية إلى الشيوعية نتيجة الدعاية أو التعاليم الماركسية وحدها، ولكن حكم (تشانج كاو تشيك) الفاسد، وظروف البلاد المتردية خلقت حالة من عدم الرضا، استغلها الدعاة الشيوعيون استغلالاً طيباً، فنجحت الثورة الصينية. وقد يكون الرأي العام مؤقتا، كالذي يحدث نتيجة مشكلة بين أصحاب العمل والعمال، عند مناقشة الأجور مثلا، ففي هذه الحالة يزول الرأي العام بزوال المشكلة.

6- الإعلام والدعاية :
الإعلام هو العمليات التي يترتب عليها نشر معلومات وأخبار معينة تقوم على أساس الصدق والصراحة، واحترام عقول الجماهير وتكوين الرأي العام عن طريق تنويره. أما الدعاية فهي العمليات التي تحاول تكوين رأي عام عن طريق التأثير في شخصيات الأفراد من خلال دوافعهم وانفعالاتهم ومفاجأتهم بالأخبار، والتهويل فيها، وتقديم الوعود الكاذبة. ومن هنا فان كلاً من الإعلام والدعاية ووسائل الاتصال من صحافة وإذاعة وسينما ومسرح واجتماعات عامة، تعد قوة إيجابية فعالة لها تأثير ناجح في تكوين الرأي العام. كما تلجأ بعض أجهزة الدعاية السياسية إلى جعل بعض الجماعات الثانوية كالاتحادات المهنية، واتحادات الطلاب، والمحافل الماسونية، والجمعيات الدينية، منافذ أو مسارب تسرى فيها الدعاية الحزبية، وتقرر اتجاهاتها.

7- الشائعات :
ــــــــــــ
هي الأحاديث والأقوال والأخبار والروايات التي يتبادلها الناس ويتناقلونها دون التثبت من صحتها أو التحقق من صدقها. ويميل كثير من الناس إلى تصديق ما يسمعونه ثم يأخذون في ترديده ونقله، وقد يضيفون إليه بعض التفصيلات الجديدة.

رابعاً: أنواع الرأي العام :
ــــــــــــــــ
ينقسم الرأي العام إلى درجات وأنواع، فهناك من يرى انه ينقسم إلى:
1ـ الرأي العام المسيطر.
2ـ الرأي العام المستنير أو القارئ.
3ـ الرأي العام المنقاد.
والأول هو رأي القادة والزعماء والحكومات في اغلب الأحيان، والثاني رأي الطبقة المثقفة في الأمة، وهي الطبقة القادرة على الدرس والناقشة، والثالث رأي السواد الأعظم من الشعب ممن لا يستطيعون متابعة البحث أو الدرس.
ومن الباحثين من رأي أن هناك ثلاثة أنواع، حددها على النحو التالي:
1ـ الرأي العام الكلي.
2ـ الرأي العام المؤقت.
3ـ الرأي العام المنقاد.
والأول يتصل اتصالا قويا بالدين، والأخلاق العامة، والعادات والتقاليد وغيرها من الأشياء الثابتة في الأمة، ويمتاز هذا النوع بالثبوت ويشترك فيه أغلب الناس. والثاني ما تمثله الأحزاب السياسية والهيئات العامة والخاصة، وذلك عندما تسعى لتحقيق هدف معين في وقت معين. والثالث هو النوع المتقلب كتقلب الجو، وعليه تعيش الصحف اليومية والإذاعة والتلفزيون.
ويرى فريق آخر من الباحثين أن الرأي العام ينقسم إلى أربعة أنواع هي:
1ـ رأي الأغلبية.
2ـ رأي الأقليات.
3ـ الرأي الساحق.
4 ـ الرأي الجامع.
فالرأي الأول هو رأي الجماعة حيث ينقسم إلى هذين القسمين:
أغلبية وأقلية، وقد تتحول الأولى إلى الثانية، وقد يحدث العكس، ومن أجل هذا كان لرأي الأقلية وزن كبير في الأمة، وذلك لأن أصحاب الأقلية إنما يعتمدون على بذل الجهود الكثيرة في سبيل الوصول إلى الأغلبية، وبهذه الجهود تنتفع الأمة، أما الرأي الثاني فهو رأي الأقليات حين تتفق أحيانا مع رأي معين في ظرف معين وهدف معين، ولكن قد يفضي هذا النوع من الرأي بالأمة إلى التحول السريع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومن اجله قد تسقط وزارة وتعقبها أخرى، ويستمر الحال هكذا حتى تتمكن إحدى الأقليات من أن تصبح أغلبية. أما الثالث فكثيرا ما يكون نتيجة لاندفاع الشعب، أو نتيجة لتكامله في بحث المشكلات العامة، فالشعب إذا وصل إلى الرأي الساحق عن طريق البحث أو الدرس، فانه يكون في مثل هذه الحالة قد بلغ الذروة، ولكنه في الواقع قلما يصل إلى ذلك. والرابع هو الرأي الذي تجمع عليه الأمة وما ورثته من عادات ونزعات ومعتقدات، وهذا الرأي هو ما يسمى بالاتجاه العام أو النزعة العامة، وهو لا يناقش في العادة، وإذا تعرض احد لمناقشته، عرض نفسه للخطر المحدق، ومع هذا يستطيع عدد قليل من القادة في كل امة أن يقنعوا أمتهم بفساد جزء من أجزاء هذا الرأي الجامع، بشرط ألا يمس هذا الجزء أصلا من أصول الدين أو العقيدة، وإن كان ذلك يحتاج إلى صبر طويل وكفاح مرير وعمل متواصل.
ويرى البعض أن الرأي العام ينقسم إلى درجات وهي :
1ـ موافقة اجتماعية.
2ـ موافقة عن طريق التراضي.
3ـ موافقة عن طريق التصويت.
4ـ موافقة عن طريق الضغط.
أما الموافقة الاجتماعية فهي لا تحدث إلا بين أفراد بعض الهيئات الخاصة، كما يحدث غالبا بين جمهرة العلماء، نحو اكتشاف معين أو اختراع جديد أو كاتفاق أفراد قبيلة ما على موضوع يخصهم، وذلك لصغر حجم المجتمع القبلي. وهذه الدرجة من الرأي العام نادرا ما تحدث في المجتمعات المتقدمة نظرا لتشعب الآراء والأفكار وكثرة السكان.
وفي الرأي العام عن طريق التراضي يتنازل كل فريق عن جزء من رأيه نحو موضوع معين مع علمه التام بصواب رأيه، وذلك في سبيل الوصول إلى رأي واحد، وحل مشكلة هذا الموضوع على أية، صورة كما يحدث بصدد الشؤون الاقتصادية.
والرأي العام عن طريق التصويت، هو رأي الأغلبية الذي يسود،وهذه الدرجة من الرأي العام ينتج عنها كبت آراء خفية معارضة، قد تؤدى إلى عدم استقرار المجتمع.
وقد يأتي الرأي العام عن طريق الضغط، كأن يضغط قائد الجماعة على أفراد جماعته ويحملهم على قبول رأي معين، وهذه الدرجة اقل درجات الرأي العام دواماً، ولا يعتبر هذا النوع رأيا عاما بالمعنى الصحيح، إذ أنه مبني على الكبت والضغط، لا على حرية الفكر والرأي.
ويقسم البعض الرأي العام إلى الآتي:
1- الرأي الظاهر × الرأي العام الباطن.
2- الرأي العام الثابت × الرأي العام المتغير.
والرأي العام الظاهر هو تعبير مجموعة من الناس عن اتجاهاتهم وآرائها، إزاء مشكلة تعبيرا صريحا بحيث تتوفر الحرية ولا يخشى الناس أن يعبروا عن آرائهم بصراحة. والرأي العام الباطن أو غير الظاهر،وهو عكس الأول،أي الرأي العام غير المعبر عنه، لأن أفراد الجماعة يخشون التعبير عن آرائهم واتجاهاتهم، لأنها ضد القانون أو المعايير الاجتماعية المتعارف عليها.
والرأي العام الثابت هو المستمد من العادات والتقاليد. أما المتغير فهو الذي يتكون نتيجة الحملات الإعلانية والترويجية والإعلامية والدعائية.. إلا أننا يجب أن نلاحظ أن الثبات والتغيير مسألة نسبية، ففي حين تتغير العادات والتقاليد بمضي الزمن، إلا أن للتغير دورا مهما. كذلك الرأي العام المبني على حملات الإعلان والترويج يمكن أن يظل ثابتا لمدة طويلة، باستمرار الحملات الموجهة إلى الأفراد.

خامساً:الرأي العام و العملية الإعلامية

المقصود هنا بتحديد الرأي العام لشكل عملية الاتصال الإعلامي، هو دراسة العلاقة بين الرأي العام،وشكل العملية الإعلامية، وحتى نتعرف على هذا فإننا سوف نتعرف على العلاقة التي بين الرأي العام والعملية الاتصالية، بصفة عامة، ثم نتعرف على أهمية الرأي العام في تحديد شكل الرسالة الإعلامية، وأخيراً دور الرأي العام في تحديد الوسيلة الإعلامية المناسبة لكل جمهور، ولكل وقت من الأوقات، ولكل مكان من الأماكن.
فالرأي العام يلعب دوراً خطيراً في التحكيم في العملية الإعلامية من حيث شكلها و مضمونها ؛ وسوف نتعرض للعلاقة بين الرأي العام وشكل العملية الإعلامية، ثم نتعرف على العلاقة بين الرأي العام ومضمون العملية الإعلامية، أي كيفية تأثيره، ومدى تحكمه في تحديد وتوجيه السياسة الإعلامية في المجتمع.
وحتى يمكن معرفة علاقة الرأي العام بشكل العملية الإعلامية، لابد أن نتعرض لعلاقته بالعملية الاتصالية بداية، فالمعلوم أن الاتصال هو الأوسع أو الأكثر عمومية من الإعلام، فما الإعلام إلا شكل من أشكال الاتصال، أو إحدى عملياته، لأن الاتصال مفهوم أكثر اتساعا، حيث يبدأ بالاتصال الذاتي، الذي هو الأساس في كل عملية اتصالية إعلامية أو غير إعلامية، وربما أغفل البعض الاتصال الذاتي، أو رأوا أنه غير هام، وهو عملية الإدراك والفهم وصياغة الأفكار، ولكن هذه العملية هي البداية، فالإنسان لا يتصل بغيره من الناس في حالة ما إذا بدأ هو بالاتصال، إلا بعد التفكير، كما أنه لا يفهم من يتصل به إلا بعد التفكير أيضا، و يلي ذلك الاتصال الشخصي ثم الجمعي، ثم الاتصال الجماهيري الذي هو الصورة البارزة للإعلام، ولابد من التأكيد على انه لا يستغنى عن الاتصال الذاتي ولا الشخصي ولا الجمعي فكل نوع من هذه الأنواع في خدمة النوع الآخر.
أما الاتصال كمفهوم عام فهو عملية التفاهم بين البشر، أو حتى بين البشر وغيرهم من المخلوقات، بأي وسيلة من الوسائل سواء كانت اللغة أو الإيماءة أو الإشارة أو الحركة أو الضوء أو غير ذلك من الوسائل، لتحقيق هدف عام أو خاص، لذلك سوف نبدأ في التعرف على العلاقة بين الرأي العام والعملية الاتصالية بصورة عامة.
1- العلاقة بين الرأي العام والعملية الاتصالية عامة :
تتلخص العملية الاتصالية الإعلامية في عناصرها التي جمعتها العبارة القائلة (( مَن، يقول ماذا، لمن، وبأي وسيلة، وما هو التأثير؟ )) وتفسير هذه الأركان هي : المرسل – الرسالة – الوسيلة – المستقبل، ثم رد الفعل الذي ينتج عن التأثير والذي يكمل الدائرة الاتصالية.
وبقدر حدوث التوافق بين هذه الأركان الخمسة للعملية الاتصالية، بصفة عامة، والإعلامية منها بصفة خاصة، بقدر حدوث تحقيق الهدف من الاتصال، وذلك لأن أي اتصال لابد له من هدف، وإلا لما بدأ من حيث البداية، وإذا بدأ فما كان هناك دافعا إلى الاستمرارية في القيام بالعملية الإعلامية، وإذا حدث هذا فما كان هناك دافعا إلى عملية التلقي أو الاستقبال.
ومعنى حدوث التوافق بين أركان العملية الاتصالية، هو فهم المرسل لهدفه من القيام بالاتصال، وبالتالي فهمه لرسالته، وللوسيلة المناسبة للرسالة، والمناسبة له كمرسل من حيث الإمكانيات والقدرة على الاستخدام الواضح، إن لم يكن الأمثل، ثم مدى التوافق بين الرسالة والوسيلة والجمهور، وإذا توافقت هذه العناصر الأربعة كلها، أدى هذا إلى التأثير، وبالتالي إلى رد الفعل الذي يؤدي بالمستقبل إلى أن يصبح مرسلاَ، والمرسل إلى مستقبل وهكذا تدور عجلة الاتصال، وتستمر في الدوران.
ولابد هنا أن نقف على حقيقتين هامتين، الأولى : انه لا يمكن حدوث التوافق بين عناصر العملية الاتصالية بدرجة 100% مائة في المائة.
الثانية : أنه أيضا لا يمكن أن ينعدم حدوث الاستجابة تماما بدرجة مائة في المائة أيضا.
أما انعدام حدوث التوافق تماماً، فهذا لأن هذه العناصر المتعلقة بالعملية الاتصالية تتدخل فيها ظروف وعناصر أخرى تختص بالنفس البشرية، أو إدراك الأشياء، أو عمليات التفسير وصياغة الأفكار وتلقيها.
وهذه العمليات تتعلق بكثير من الأشياء المعقدة والمتشابكة، والتي يتدخل في تفسيرها ومعرفة إبعادها كثير من العلوم كالاجتماع وعلم النفس وعلم الوراثة، ودراسة الأجناس، ونحو ذلك، ولا يمكن التعمق وراء كل مرسل أو كل مستقبل، للتعرف على ما يؤثر في نفسيته أو يتحكم في عقليته أو مدى وكيفيه إدراكه وفهمه للأشياء، حتى نستطيع الوقوف على كيفية فهم المرسلين جميعا، لإمكان صياغة رسائل إعلامية متوافقة مع الجمهور ومع الوسائل، ووسائل متوافقة مع الرسائل ومع الجمهور.
ولا يعني هذا من ناحية أخرى عدم الاجتهاد في التعرف على هذه الأشياء ومراعاتها ولو بقدر أو نسبة معينة، وإنما لابد من التعرف على الخطوط العريضة أو السمات المميزة للمجتمع و أفراده وأوقات الاجتماع أو المشاهدة المفضلة لديهم إجمالا، أما تفصيلا فهذا يتوقف على مزاج كل فرد، وهذا شيء يستحيل فهمه على الشخص ذاته في بعض الأحيان، فكثير من الناس يعلمون أنهم متضايقون، أو يعربون عن قلقهم أو ضيقهم أحيانا، لكنهم لا يستطيعون معرفة سبب ذلك.
ويعني هذا أن التوافق يمكن أن يحدث بين عناصر العملية الاتصالية، ولكن بنسبة معينة، ليست مائة في المائة، وليست صفرا في المائة، فهي لا تحدث تماما كما ذكرنا لتعلقها بالنفس البشرية في كثير من أطرافها، والنفس البشرية لا يمكن تقنينها أو وضع قانون يحكمها بصفة قاطعة، كما يحدث للماديات، وهي أي عملية التوافق لا تكون صفرا في المائة، لأنه لولا حدوث درجة معينة من التوافق من حيث المبدأ لما بدأت العملية الاتصالية ولما استمرت، هذا القدر من التوافق الذي تبدأ به العملية الاتصالية، قد يكون نتيجة للظروف المحيطة، أو للوجود في مكان في مكان واحد ؛ أو وجود الهدف ذاته، أو نحو ذلك بما يؤدي إلى وجود نسبة ما من التأثير.
وبقدر حدوث نسبة التوافق بين أركان العملية الاتصالية، بقدر حدوث التأثير، بقدر حدوث الاستجابة أو رد الفعل، فمثلا إذا كان التوافق بين أركان العملية الإعلامية بدرجة أو نسبة 30% تكون الاستجابة بنفس النسبة 30% وهكذا تزيد نسبة الاستجابة وتنقص بناء على حدوث التوافق بين أركان عملية الاتصال الإعلامية، وفهم المرسل والمستقبل لبعضهما وللرسالة والوسيلة.
وهنا نجد أن الرأي العام يلعب دورا فعالاً في عملية حدوث هذا التوافق، فمعرفة الرأي العام السائد إزاء أي قضية من القضايا يؤدي إلى تحديد المضمون الإعلامي الذي يصوغه المرسل وفقاً لذلك، والى تحديد الوسيلة الملائمة أو المناسبة للرسالة، ويؤدي إلى معرفة الجمهور ورأيه، الايجابي أو السلبي أو الثائر أو الساخط أو الرأي حول قضية ما، أو موضوع ما، وهذا يحدد شكل الرسالة، وشكل الوسيلة المناسبتين للرأي العام السائد لدى الجمهور، والمناسبتين لبعضهما ( الرسالة والوسيلة ) للجمهور في الوقت ذاته، وهذا بدوره يؤدي إلى نجاح عملية الاتصال الإعلامي.

2- الرأي العام يحدد شكل الرسالة الإعلامية:
تختلف الرسالة الإعلامية، باختلاف الموقف المستخدمة فيها، فحينما تتحدث في مؤتمر صحفي تكون الرسالة الإعلامية هي الكلمات والبيانات، والإجابة على الأسئلة، وللرأي العام دور في تحديد ذلك. وحينما تأخذ الرسالة الإعلامية شكل الاتصال عن طريق الرسائل المطبوعة، فان لها أشكالا تنشر بها في الصحف أو المجلات، تتنوع من الخبر إلى الحديث إلى التحقيق الصحفي، إلى التقرير إلى الشرح والتفسير إلى المقال إلى غيره من فنون التحرير الصحفي المكتوب والمصور، وللرأي العام دور في تحديد ذلك.
وفي الرسالة الإعلامية المسموعة والمرئية، يلعب الرأي العام دوره أيضا في تحديد شكلها، وحجمها ووقت إذاعتها، وكيفية تصويرها، وما يتدخل فيه من مؤتمرات أو مونتاج أو دوبلاج إلى غير ذلك.

أ – الرأي العام والرسالة الإعلامية الشفوية:
تستخدم الرسالة الإعلامية الشفوية في أشكال الإعلام البسيطة، وبخاصة في هذا العصر الذي أصبح الإعلام فيه يتسم بالجماهيرية، ويستخدم وسائل الإعلام الحديثة، كما يستخدم كل جديد يجعل المضمون الإعلامي يصل إلى اكبر قدر ممكن من الجماهير المستقبلة، في كل مكان.
ولم يعد من أشكال الاتصال الشفوي في مجال الإعلام سوى المؤتمرات الصحفية، التي يجتمع فيها الصحفيون حول المصدر للاستماع إلى بيان يلقيه، ثم مناقشته فيه، أو سؤاله حول موضوع أو قضية معينة، لإلقاء الضوء عليها، أو للاستفسار عن جهاز أو إنتاج جديد، أو نحو ذلك.
هذه المؤتمرات الصحفية تعتبر أحد أنواع الإعلام التي لا يشعر الكثيرون بأهميتها، لأنها تنقل إليهم عبر وسائل الإعلام، مع التركيز على القالب الفني الذي تنقل فيه من حيث الشكل من ناحية، وعلى المضمون الوارد بها من ناحية أخرى، وبالرغم من ذلك فهي شكل إعلامي مهم له تأثير على الرأي العام، كما أن للرأي العام تأثيره عليه.
فإذا كانت هذه المؤتمرات تبصر الرأي العام بحقيقة موقف معين، أو قضية معينه، أو تلقى الأضواء أو تقدم التبريرات أو الشروح والتفسيرات لشيء معين، فإنها بذلك قد تغير وجهة الرأي العام، أو تعيد تشكيله مما يؤثر عليه بصورة أو بأخرى.
ولا يخفى أيضا تأثير الرأي العام في تحديد شكل الرسالة الإعلامية الشفوية، في حالة المؤتمرات الصحفية أو إلقاء البيانات أو الخطب، ذلك أن المظهر الذي يعبر الرأي العام به عن نفسه ايجابيا كان أو سلبيا، يحدد مدى أو كيفية إلقاء البيان، وطريقته، وشكله من حيث الطول أو القصر، ومن حيث إتاحة الفرصة للمناقشة، أو اختصار الموضوع على إلقاء بيان معين.
فإذا كان الرأي العام يعبر عن سخط الجماهير فان هذا يؤدى إلى تحديد شكل الرسالة الشفوية الإعلامية، في صورة مبسطة تعبر عن كشف الغموض حول موضوع معين، أو تبرير سلوك معين، أو محاولة احتواء الموقف أو استرضاء الجماهير، حتى يمكن استمالة الرأي العام.
ويختلف ذلك في حالة ما إذا كان الرأي العام يعبر عن رضا الجماهير، فان شكل الرسالة الإعلامية الشفوية هنا تقدم في صورة أكثر إشراقا، كما أن الفرصة تتاح للنقاش وإلقاء الأضواء على جوانب مختلفة ومتعددة، لتقديم وشرح وجهات النظر، كما أن هذا يؤدي بدوره إلى التطرق إلى كثير من الموضوعات التي تثيرها أسئلة الصحفيين للمصدر، وبالتالي فان المصدر يكون أكثر استجابة وقبولا.
وهذا يوضح أن الرأي العام يلعب دوراً فعالاً في شكل الرسالة الإعلامية الشفوية، التي حتى وان كانت بسيطة في معناها إلا أن لها دوراً لا يمكن إغفاله.
ب- الرأي العام والرسالة الإعلامية الجماهيرية:
تتنوع الرسالة الإعلامية الجماهيرية وتختلف من الرسالة المطبوعة إلى الرسالة المسموعة إلى المرئية، وكل وسيلة تستخدم الرسالة التي تناسبها من ناحية، كما أن كل رسالة بدورها تتحكم في الوسيلة التي تناسبها من ناحية أخرى، ولابد من التوافق إلى حد مابين الوسيلة والجمهور.
ويلعب الرأي العام دورا مؤثرا في الرسالة الإعلامية الجماهيرية، من حيث تحديد شكل ومضمون الرسالة الإعلامية، وهنا تتحدث عن أهميته في تحديد الشكل.
فإذا كان هناك كثير من العوامل التي تلعب دورا هاما في تكوين الرأي العام، ومن هذه العوامل الإعلام والدعاية، فان الرأي العام لا يتأثر بالعوامل المكونة له فقط، وإنما يؤثر فيها أيضا، وهذه العوامل المكونة للرأي العام، ومنها الإعلام، لا تعمل منفردة في المجتمع، وكل عامل من هذه العوامل جدير باهتمام الباحثين، ودراسة أثره على كل من المجتمع المحلي أو القومي أو الدولي، أو غيره من أنواع الرأي العام التي تعرضها لها.
ومما يدل على أهمية الرأي العام قي تحديد شكل الرسالة الإعلامية ومدى تفهم المستقبل لها، أن المستقبل لا يميل إلا إلى الشكل الاتصالي الإعلامي الذي يتناسب مع ميوله وأهوائه، ومن هنا كانت أهمية دراسات الأوقات المفضلة للاستماع، والتعرف على الألوان الأكثر جاذبية لدى المشاهدين، والوقوف على الدراسات النفسية الخاصة بالقراءة واتجاه العين، والأوضاع الأكثر راحة للقارئ، تلك النظريات التي تبني عليها كلها أسس رسم الأشكال الاتصالية سواء مطبوعة. وتتمثل في عمليات الإخراج الصحفي ورسم الماكيتات، أو مسموعة وتتمثل في المؤثرات الصوتية واختيار الموسيقى وطرق وكيفية الأداء ونحو ذلك، أو مرئية وتتمثل قي اختيار المشاهد والألوان والإخراج والديكور والإضاءة، والطرق الفنية المختلفة في اختيار اللقطات المكبرة أو الجانبية أو الخلفية، أو مزج الصور مع بعضها. أو تركيب أكثر من صورة لإعطاء خلفية للتركيز على مشهد في الحاضر أو التذكير بمشهد في الماضي، أو الإيحاء بشيء في المستقبل، وكل ما يحدث من ذلك، من عمليات فنية إبداعية متطورة ومتجددة دائما، هذا التطور وهذا التجديد يتم بناء على دراسات الجماهير واتجاهاتها، وآرائها، وهذا يدل على أهمية الرأي العام في تحديد شكل الرسالة الإعلامية الجماهيرية.
وبصفة عامة لابد من تقدير قيمة الرأي العام في تحديد أشكال الاتصال الإعلامي وعند وضع الأسس الخاصة بذلك، ورسم خرائط البرامج، والتخطيط للإذاعات والصحف، أو التخطيط الإعلامي بصفة عامة، حيث أن الاعتراف بأهمية الرأي العام، دليل على الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وفي ذلك يذكر بعض الإعلاميين أن أولئك الذين لا يعترفون بالرأي، وبقدرة الجمهور على تكوين رأي، لا يعترفون برأي رجل الشارع والجماهير الشعبية، وبأن الجماهير والأفراد على قدر من الذكاء بحيث يستطيعون اتخاذ مواقف واعية ومفيدة إزاء القضايا السياسية والاجتماعية.
وكان (وليم ريفرز) من الذين نبهوا إلى ما أسماه بالتعرض الانتقائي والاختيار الانتقائي والحجز الانتقائي في العملية الإعلامية.
وقد أشار ريفرز إلى أهمية رأي الإنسان في التعرض لأشكال الاتصال الإعلامي، وتلقيه لها، وإذا كان رأي الفرد يتحكم بصورة أو بأخرى من ذلك، فان الرأي العام له أهمية كبرى في مراعاة الشكل الذي يجب أن يعرض به المضمون الإعلامي، من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية.
ويرى ريفرز أن الإنسان في حالة تعرضه للمعلومات الجديدة التي تعرض عليه، يمر بثلاثة مراحل، المرحلة الأولى هي التعرض الانتقائي.
في مرحلة التعرض الانتقائي فان الفرد خلالها يكيف تفكيره بما يمكنه أن يرفض المعلومات التي لا تتفق مع نظرته للحياة، ولقد ثبت في كثير من الأحيان، ومن خلال بعض الأبحاث الميدانية أيضا، أن الفرد من المحتمل ألا يعرض تفكيره إلا للمعلومات التي تدعم آراءه ولا تتعارض معها، وفي مرحلة الإدراك الانتقائي يميل الفرد إلى إدراك ما يود أن يدركه فعلا، مما يعرض عليه من مواد إعلامية، وقد أكد بعض علماء النفس أن عملية الإدراك الانتقائي هذه حقيقة ثابتة. وفي المرحلة الثالثة التي هي مرحلة أو عملية الحجز الانتقائي، نجد أن معظم الناس يتذكرون المواد الإعلامية التي تدعم وجهات نظرهم، في الوقت نفسه الذي يحاولون فيه نسيان المعلومات التي تتعارض مع آرائهم.
وترتبط عمليات التعرض الانتقائي والإدراك الانتقائي بشكل المادة الإعلامية، سواء كانت مطبوعة أو مسموعة أو مرئية، بينما ترتبط المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الحجز الانتقائي بالمضمون الإعلامي للمادة الإعلامية، وذلك لأن التعرض و الإدراك مرحلتان تحدثان في البداية، منذ أن تقع عين الإنسان على المادة الإعلامية، أو تسمعها أذنه، وذلك يتم من خلال الشكل، لأن المخيلة أسرع في التقاط الصورة أو الموسيقى أو الرمز، أكثر من الكلمات أو المضمون المكتوب، وهذا يدل على أهمية مراعاة الرأي العام عند تحديد أشكال الاتصال الجماهيري، من حيث الشكل قبل المضمون، حتى يمكن أن تتلاءم مع أفكار الفرد، فيتعرض لها ثم يدركها، أما الحجز فيتم بعد التعرض والإدراك والتفكير، ثم يحتفظ الفرد في ذاكرته بما يتلاءم مع اتجاهاته.
ويرى الدكتور إبراهيم إمام أن الاتصال الجماهيري يقوم بوظيفتين: استخلاص الرأي، وحمايته، ويوضح أن الاتصال الإعلامي يجب ألا يقوم فقط بوظيفة التأثير على الرأي العام، وإنما لابد من أن يكون مبنيا على أساس من الرأي العام والاهتمام به، حيث يذكر أن (( الاتصال يتخذ ثلاثة مسارات، أولها الاتصال الهابط من القيادات إلى القواعد، وهو يشتمل على التوجيهات والتعليمات والبيانات والتفسيرات وغيرها، ثم هناك الاتصال الصاعد من الجماهير الى القيادات، وهو يشتمل على الملاحظات والشكاوي والخطابات التي يمثل التيار الأفقي، الذي يسرى بين فئات الجماهير قي مستوياتها المختلفة.
ويذكر أيضا أن هذه التيارات جميعاً، لابد وان تتفاعل وتتسق اتساقا متكاملا، مما يساعد على تكوين الرأي العام، وعندما تؤكد وسائل الاتصال بالتعاون مع التنظيم السياسي الذي يصل بين القيادات والجماهير أهداف الأمة وقيمتها فإنها تهيئ الجو لتربية الشعب تربية سياسية سليمة.
وعل ذلك فعملية الاتصال هنا في جانبين منها أو مرحلتين تقوم على الرأي العام وهي المرحلة الصاعدة والمرحلة الأفقية، أما المرحلة الهابطة، فإنها تهتم بتوجيه الرأي العام، ولابد لحدوث ذلك من التعرف عليه، وقيام هذه المرحلة أيضا من هذا المنطلق.
ولو انتقلنا إلى الأشكال الأكثر شيوعا بين الجماهير من أشكال الاتصال الجماهيري، لوجدنا أنها الراديو والتلفزيون والصحافة، وهذه الوسائل الإعلامية الجماهيرية تهتم في تحديد إطار أشكالها الاتصالية بالرأي العام وما يتقبله، اهتماما لا يكاد يخفى على أحد، فما إخراج البرامج وما يصاحبها من عمليات فنية، وما الأشكال التحريرية والقوالب الصحفية، وما يبذل فيها إلا مراعاة للرأي العام، وبتأثير منه، ومن وحي ما يفضله وما يتقبله.
وأما وسائل الإعلام المسموعة والمرئية الشائعة، وهي الراديو والتلفزيون فان رسائلها الإعلامية، على اختلاف مضامينها وتنوعها، فإنها تتخذ أشكالا جذابة، مؤثرة، ذات مستوى عال في الكفاءة والأداء، مستخدمة في ذلك الرسائل الحديثة والمتطورة، والتي تتقدم وتتغير باستمرار، بناء على الدراسات والأبحاث الخاصة بالرأي العام وما يفضله، وبذلك يلعب الرأي العام دوره في تحديد الأشكال الاتصالية الإعلامية المسموعة والمرئية، من خلال الحرص على أن يتعرض لها، وحتى يدركها ويتقبلها، وحتى تظل في ذاكرته، وبالتالي تؤثر فيه، ومن هذا تتضح أهمية الشكل الخاص بالرسالة الإعلامية إلى جانب المضمون، فلو أن الأشكال الاتصالية الإعلامية الجماهيرية لم تكن متمشية مع أذواق الرأي العام، فلن يتعرض لها، وبالتالي لن يتعرض لمضمونها، ولن يتأثر بها، وبهذا تكون المهمة الإعلامية قد فشلت منذ بدايتها.
فالإذاعة الصوتية والمرئية- كما يقول خبير التلفزيون ( مارتن اسلين)- بالنسبة للكم والكيف تستطيع أن تصبح على الأقل الفن الشعبي العظيم، للإنسان الحديث، ذلك أن الكمية الهائلة من المواد التي تنتجها، والعدد الضخم من الشعوب التي تخاطبها تضفي عليها طابع الفن الشعبي القائم على مطالب الجماهير، لا على أذواق الصفوة المختارة.
وهذا يدل على مدى مراعاة أذواق المستقبلين،القائمة على دراستهم المتكررة والمتتالية، لتحديد شكل البرامج أو المسلسلات، أو القوالب الفنية الإذاعية، التي نصب فيها المضامين التي نريدها أن تصل إلى هذه الجماهير، مما يلفت النظر إلى متابعتها بداية، ثم التعرض لما فيها، وإعمال الفكر فيها، مما يدفع إلى التأثير وبالتالي الاستجابة، وهو الهدف من الإعلام في حد ذاته.
ويحدث الشيء ذاته في الصحافة، فالصحافة، كما يعلم القائمون على أمرها، أنها مع كونها أكثر قدما من الإذاعة بشقيها المسموع والمرئي، ومن الوسائل الأخرى كالسينما والمسرح، إلا أنها قد تأثرت بهذه الوسائل ولو بنسبة قليلة، كما أنها مادة مقروءة، أي لابد من الإلمام بالكتابة والقراءة لإمكان قراءتها، وأيضا مع ذلك فالمادة المكتوبة ثقيلة على النفوس أكثر من المادة المسموعة أو المرئية، وذلك مع ما لها من مميزات، مثل البقاء وإمكانية العودة إليها، وتعدد فرص الاستفادة منها.
وأمام ذلك كان على الصحافة والصحفيين أن يدركوا أنهم أمام موقف ليس بالسهل، وهو كيفية جذب القراء، والمحافظة على ذلك، لإمكان ضمان الاستمرارية لصحافتهم وعدم فقدهم لجماهيرهم.
ولتحقيق ذلك كانت دراسات الرأي العام والاستفادة منها في تحديد أشكال التحرير الصحفية الأكثر أفضلية لدى القارئ، والتي تجعل الرسالة الإعلامية الصحفية وقراءتها أكثر تأثيراً، ومن هنا تطور الفن الصحفي.
والصحافة بعد أن أصبحت صناعة من أهم الصناعات الضخمة يهمها إلى جانب رسالتها، الوصول إلى هذا العدد الضخم من القراء نظراً للتكاليف الباهظة التي تتكلفها الصحيفة اليومية الكبيرة، ومن اجل ذلك لابد أن تتعرف الصحيفة على أسباب اجتذاب الجماهير، أو القراء، فهل لكي تجتذب جمهورا كبيرا من القراء، ينبغي أن تعنى بالناحية الفنية، والمادة الترفيهية أكثر من المادة الجادة.
ولكي تفعل الصحيفة ذلك، أي أن تصل إلى اكبر عدد من القراء، بالطبع ليس الحل الأمثل أن تهتم بالجانب الترفيهي على حساب المادة الجادة، وإنما كان الحل، هو تقديم المادة الجادة في شكل فني جذاب يرضي أذواق الجماهير، ومن هنا كانت أهمية فن الإخراج الصحفي.
ويهدف فن الإخراج الصحفي إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية هي: الارتفاع بالإنقرائية، وهي قابلية الصحافة لكي تكون مقروءة في يسر وسهولة، دون أي عائق، وعرض الموضوعات المختلفة بطريقة تتفق مع أهميتها سواء بالنسبة لحجمها أو عناوينها أو ترتيبها في أجزاء الصفحة الواحدة، وكذلك تصميم الصفحات بأساليب جذابة ومشوقة، ومحققة للمعاني المستهدفة، على أن يتم ذلك كله بطريقة مدروسة تضفي على الصحيفة سمات محددة تكوّن شخصيتها، وتميّز ملامحها، فيعرفها القارئ من أول وهلة، ويكّون معها ما يشبه الصداقة أو الألفة، حتى انه يؤثرها على غيرها ولا يرضى عنها بديلا.
وبالطبع فان هذه الأهداف الخاصة بالإخراج الصحفي لا تتحقق إلا بناء على دراسة عقلية القارئ ونفسيته وسلوكه البصري أثناء القراءة، إلى جانب معرفة أوقات القراءة المفضلة وكثرتها أو قلتها، لدى الجمهور، لتحديد شكل الموضوعات من حيث الطول و القصر، أي من حيث الحجم.
وفي ذلك يذكر الدكتور إبراهيم إمام أيضا أن الصحف قد درجت على سبر غور الرأي العام، وقياسه ومعرفة اتجاهاته، نحو الموضوعات المختلفة التي تنشر، ويذكر أنه لابد من تكرار عملية قياس الرأي العام واتجاهاته لتعديل السياسة الإخراجية، بناء عليها، ذلك أن أذواق القراءة تختلف وفقا لأعمارهم وفئاتهم وثقافتهم، فصحف الكبار تختلف عن الصحف الموجهة للأطفال، وصحيفة الطبقة العاملة، تختلف عن صحيفة الفلاحين، وتلك تختلف عن صحيفة الأطباء أو القضاة أو المثقفين، فقد تستخدم الرسوم الإيضاحية والرسوم و النماذج في صحيفة العمال أو الفلاحين، ولكن يمكن الإقلال من هذه العناصر في صحف المثقفين.
كذلك فان على المخرج الصحفي دراسة ومعرفة عادات الناس القرائية، ودراسة الألوان وتأثيرها النفسي، والارتباطات النفسية الخاصة بها، كما يجب أن يهتم بعلاقات كل هذه الأشياء بالنواحي الفسيولوجية لدى القراء.
من هذا يتضح لنا أن الرأي العام يلعب دوراً في تحديد شكل الرسالة الإعلامية، سواء في الإعلام الشفوي أو الإعلام الجماهيري، كما يؤثر الرأي العام في اختيار وسائل الإعلام وتحديد الوسيلة التي تناسب الرسالة المعينة، لإمكان إحداث التأثير المطلوب، وهكذا تتضح أهمية وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام وتكوينه في إطار هذه العلاقة.

المصادر والمراجع
1- د. حسين عبد الحميد أحمد رشوان: العلاقات العامة والإعلام من منظور علم الاجتماع، الإسكندرية( مصر)، المكتب الجامعي الديث، 1993
2- د. إبراهيم إمام: العلاقات العامة والمجتمع، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية،1976
3- د. حسن محمد خير الدين: العلاقات العامة- المبادئ والتطبيق، القاهرة، مكتبة عين شمس،1973
4- د. محمد عبد الله عبد الرحيم:العلاقات العامة،القاهرة،دار التأليف،1982
5- د. حميدة سميسم: نظرية الرأي العام، بغداد، دار الشؤون الثقافية،1991
6- د. عبد الوهاب كحيل: القاهرة، مكتبة المدينة،



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

ادخلوا """

السلام عليكم
رجاءا ساعدوني لاعداد هادا البحت مع العلم انني بحت قدر الامكان في كل محركات البحت و لكنني وجدت الا القليل فرجاءا ردوا علي ولو بكلمة طيبة و شكرا مسبقا
عنوان البحت: دور الادارة البيئية في توظيف و استخدام التكنولوجيا
رجاءا اريده في اقرب و قت ممكن
*** الاجر و التواب الكبير لكل مستجيب لطلبي ***
تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

ماهية العلاقات العامة.

بالرغم من وجود العلاقات العامة منذ ألاف السنين إلا أن وجودها كعلم له قواعده وأصوله لم يتحقق إلا في الآونة الأخيرة، ومع ذلك فان الاختلاف في تحديد مفهوم العلاقات العامة لا يزال قائما فتختلف النظرة إلي هذا الدور باختلاف المسئولين عن قيادة العمل.
ولا شك أن عدم وضوح هذا الدور سيؤدي تبعا إلى سلبيات عديدة لعل من أهمها تضارب الاختصاصات وعرقلة سير العمل ولا يساعد على التنظيم السليم لإدارة العلاقات العامة وتكون المحصلة النهائية والحتمية سوء أداء تلك الإدارة وعدم استطاعتها الوفاء بواجباتها الأساسية.
ومن هنا فالحاجة ملحة لتحديد هذا الدور من خلال تحديد ماهيته والذي يبدأ بتعريف واضح لمفهوم العلاقات العامة، وان كان وضع تعريفا واحدا لشيء ما أمر ليس بالسهل نظرا لاختلاف المفاهيم إلا أننا سنقتصر هنا على ذكر أهم هذه التعاريف التي وضعها أهل الاختصاص ومن هذه التعاريف :
* تعريف الجمعية الدولية للعلاقات العامة حيث عرفت العلاقات العامة كوظيفة تخطيطية فقالت بأنها "وظيفة إدارية ذات طابع مخطط ومستمر تهدف من خلالها المنظمات والهيئات العامة والخاصة إلى كسب تعاطف وتأييد أولئك الذين تهتم بهم والحفاظ على ثقتهم، عن طريق تقييم الرأي العام المتعلق بها من اجل ربط سياستها وإجراءاتها قدر الإمكان، ومن اجل تحقيق تعاون مثمر أكثر، ومن اجل مقابلة المصالح العامة بدرجة أكثر كفاءة عن طريق تخطيط المعلومات ونشرها".
* كما اطلعنا على رأي آخر لتعريف الجمعية الدولية حول العلاقات العامة بأنها "وظيفة إدارية دائمة ومنظمة تحاول المؤسسة العامة أو الخاصة عن طريقها أن تحقق مع من تتعامل أو يمكن أن تتعامل معهم التفاهم والتأييد والمشاركة، وفي سبيل هذه الغاية على المؤسسة أن تستقصي رأي الجمهور إزاءها وان تكيف معه بقدر الإمكان سياستها وتصرفاتها وان تصل عن طريق تطبيقها لبرامج الإعلام الشامل إلى تعاون فعال يؤدي إلى تحقيق جميع المصالح المشتركة".
وكلا التعريفين متشابهين إلا من حيث الصياغة اللفظية للتعريفين وقد ركز كلا التعريفين على أنها وظيفة إدارية منظمة ومخططة ومستمرة تحاول أن تكسب من خلالها تعاطف وتأييد عملائها بقصد تحقيق المصالح العامة والمشتركة.
* كما عرفت العلاقات العامة بأنها "مجموعة من الأنشطة والأعمال المخططة المدروسة التي يقوم بها موظفوها الإدارات المتخصصة في العلاقات العامة بغرض نشر الحقائق الموضوعية والمعلومات الصادقة عن المنظمات الحكومية للجمهور، والتعرف على أرائه ورغباته، والتأثير فيها بما يساعد على تدعيم الثقة والتعاون بين الجمهور والمنظمات الحكومية ويضمن الأداء المتكامل للخدمات التي تقدم للجمهور".
* أما التعريف الموجز والمفيد هو ما عبر عنه ميلتون بقوله "العلاقات العامة هي الأداء الصادق والإعلام عنه".
وهذا التعريف اعتبر العلاقات العامة مرآة تعكس بوضوح وصدق حقيقة المؤسسة، ولا يمكن أن تعكس الصورة أفضل من الحقيقة.
وللعلاقات العامة تعريف آخر يقول بأنها: الجهاز الذي يربط المؤسسة بجمهورها الداخلي والخارجي. و للتقدم التقني في وسائل الإعلام المختلفة ولاسيما فيما يتعلق بالاتصال دور في زيادة فعالية هذا الجهاز.
بينما ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على تطوير أقسام العلاقات العامة ، وسبب الإقبال على هذا الفرع من فروع الإدارة هو الدور الذي يلعبه هذا الجهاز و أهميته لكل مؤسسة حيث يقوم بنقل صورة للنشطة والخدمات التي تقدمها للجمهور وحاجة الجمهور للحصول على تلك المعلومات.
* أما تعريف العلاقات العامة في قاموس أكسفورد "العلاقات العامة هي الفن القائم على أسس علمية لبحث أنسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين المنظمة وجمهورها الداخلي والخارجي لتحقيق أهدافها مع مراعاة القيم والمعايير الاجتماعية والقوانين والأخلاق العامة بالمجتمع".
* التعريف الوارد في الشرعة المهنية لمستشاري العلاقات العامة عرفها بأنها "الجهود التي يبذلها فريق ما، لإقامة العلاقات الطيبة واستمرارها بين أعضائه، وبين مختلف قطاعات الرأي العام".
ويمكن تحديد عناصر هذا التعريف وفقاً لما يأتي:
1. وجود فريق: ويقصد بالفريق المؤسسات والشركات والإدارات على مختلف أنواعها واختصاصاتها.
2. الجهود المبذولة: ويقصد بالجهود النشاطات التي يبذلها الفريق لإقامة العلاقات الطيبة واستمرارها.
3. إقامة العلاقات الطيبة واستمرارها: وهي العلاقات التي يمكن أن تنشأ بين الإدارة والمؤسسة من جهة وبين الجمهور من جهة، بوجود الروابط التي تنظم وتحكم نشاط وتصرف كل منها.
4. أطراف العلاقات الطيبة: إن العلاقات الطيبة تكون بين الإدارة أو المؤسسة وبين موظفيها ومستخدميها من جهة وبين الإدارة أو المؤسسة وبين سائر المتعاملين والمنتفعين من خدماتها من جهة ثانية.
* التعريف الوارد في نظام الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة:
يعرف هذا النظام العلاقات العامة بأنها "الجهود التي يبذلها فريق ما، لإقامة علاقات الثقة واستمرارها بين أعضائه، وبين الفريق وبين الجماهير المختلفة التي تنتفع بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققها المؤسسة".
ولا تختلف عناصر هذا التعريف عن التعريف الذي ورد في الشرعة المهنية إلا فيما جاء حول علاقات الثقة والانتفاع من الخدمات الاجتماعية والاقتصادية.
1. علاقات الثقة: ليست علاقات الثقة غاية بحد ذاتها تسعى الإدارة أو المؤسسة إلى تحقيقها عن طريق أجهزة العلاقات العامة، ولكنها انعكاس لواقع يترسخ ويتضح في حياة الإدارة أو المؤسسة وتصرفاتها مع موظفيها ومع الجمهور الذي يتعامل معها.
2. الانتفاع من الخدمات الاجتماعية: إن الانتفاع من الخدمات المشار إليها لمن الأمور الطبيعية التي تلازم في كثير من الأحيان علاقات الإدارة أو المؤسسة بجمهور العاملين فيها أو المتعاملين معها، حتى أنه من الممكن القول، بعدم تصور قيام تلك العلاقات بعيداً من الخدمات الاجتماعية أو الاقتصادية التي تؤمنها الإدارة أو المؤسسة.
و دور العلاقات العامة لا يقتصر على التعريف بأنشطه الجهاز بل يمتد لاستقبال المعلومات من الجمهور ليعمل من خلال هذه المعلومات على تطوير الجهاز ، وكما أن لها دور في تلبية رغبات وحاجات الجمهور الداخلي من نواحي مختلفة وخلق صورة ذهنية ايجابية للمؤسسة لدى الجمهور الخارجي.

ماذا عن العلاقات العامه ؟ العلاقات العامه هى هى أى نشاط يروج لصوره إيجابيه عن منشأتك أو ما تنتجه, ويعزز السمعه الطيبه لهما. العلاقات العامه هى فن وعلم بناء العلاقات بين المنشأه والمستهلكين المستهدفين. كما إنها تلعب دور أساسى فى مساعده المنشآت التجاريه على خلق علاقات قويه مع الجمهور. كما إنها تشمل الإشراف وتقييم إتجاهات الجمهور, والمحافظه على العلاقات المتبادله والتفاهم بين المنشأه وجمهورها. ومن وظائف العلاقات العامه هى تحسين قنوات الإتصال وتشكل طرق جديده لإقامه تدفق مزدوج الطريق لتدفق المعلومات والتفاهم.

فوائد العلاقات العامه :ــ
1 . تزيد من حجم المبيعات:ــ
بإستهداف مجموعه من المشترين المتوقعين, يمكنك تعريفهم بظهورالمنشأه وبذلك تنمى قاعده الزبائن. فى كل مره يقرأ الجمهور إسم منشأتك ويربطوه بشىء إيجابى, سوف يقوى إدراكهم للمنشأه ويساعدهم على التفريق بين المنشأه ومنافسيها.
2. بناء المصداقيه :ــ
عند بدأ مشروع,عاده ما تحتاج إلى بناء مصداقيته بسرعه لتنافس المنشآت القائمه بالفعل فى نفس المجال. بوضع نفسك كخبير فى مجالك, يمكنك جذب إهتمام الإعلام بك كمصدر لمقالات متخصصه منشوره فى صحيفه أو فى حديث إذاعى أو تلفزيونى. بمجرد أن تظهر مقاله تتكلم عنك ستجد كثير من الجمعيات والإتحادات تطلب منك إلقاء محاضرات أو المشاركه فى مناقشات عن المنشأه وما تنتجه وبذلك تقوى مصداقيتك لإنك تظهر أوتتكلم فى برنامج أو أى وسيله إعلاميه دون أن تدفع مقابل ذلك.
3 . تأسيس علاقه مع العملاء :ــ
ليس كافيا أن تكسب عميل جديد. إنك فى حاجه لإقناع العميل الجديد أن يكرر تعامله مع منشأتك وتكرار شراؤه منتجاتك. بربط دعايه العلاقات العامه مع هدف جذب عمليات الشراء المتكرره ,يمكنك بناء ثقه المستهلك وتقويه علاقته بالمنشأه.
4 . إختراق أسواق جديده :ــ
عند دخولك سوق جديد أو بدأ منتج أو خدمه جديده, عليك إخطار المشترين الحتملين إنك تفتتح مشروعك. إن العلاقات العامه يمكنها التواصل و جذب العملاء وأعلامهم عن ما تبيع.
5. جذب المستثمرين :ــ
يمكن للعلاقات العامه أن تقدمك لقطاع المستثمرين. عندما يراك المستثمرون كمتحدث عن الصناعه التى تعمل فى مجالها بإجاده فى الإتحادات والجمعيات أو المؤتمرات سينظروا إليك كخبير فى مجالك وبالتالى قد يعرضوا عليك المشاركه أوالتمويل . المستثمرون يحبوا أن يروا شخصا فاعلا نشطا يروج جيدا لمشروعه بعلاقات عامه قويه ويزيد بذلك من دائره عملائه وبالتالى أرباحه.
6. العلاقات العامه تحقق أقصى إمكانيات المنشأه:ــ
العاملين فى مجال العلاقات العامه للمنشأه يمكنهم تزويدها بالتغذيه الراجعه نتيجه إحتكاكهم بالجمهور وعلاقاتهم بالعاملين فى نفس المجال. هذه التغذيه الراجعه تأخذ شكل بحث يحدد مدى رضا الجمهور وما ينقصهم أو يحتاجوه . كما يوضح ما يغضبهم ويرفضوه أو يطلبوه حتى تتمكن المنشأه من تحسين أداؤهم ومنتجاتهم.
مهارات موظف العلاقات العامه :ــ
عاده ما يظن الجمهور إن وظيفه العلاقات العامه وظيفه مبهره تشمل الحفلات , غذاء عمل أو عشاء عمل والتعرف على شخصيات كثيره أو شخصيات هامه. ولكن الحقيقه هى ساعات عمل طويله , وعمل شاق متواصل لبناء والمحافظه على استمراريه العلاقات مع الجمهور.
مهاره إظهار صوره إيجابيه للمنشأه :ــ

بعض الأفراد ينظروا للعلاقات العامه على إنها فن المداوره. أى الدوران حول موضوع يسىء للمنشأه وتحويله إلى موقف يفيد المنشأه.هذا صحيح لأن جزء من أهداف العلاقات العامه هو إظهار المنشأه بصوره إيجابيه مهما حدث دون إستخدام الغش فى تحقيق ذلك.
القدره للعمل تحت ضغط :ــ
يجب على موظف العلاقات العامه أن تكون لديه القدره على مواجهه سيل الأسئله من صحفى أو جهه إعلاميه أو من جمهور فى ندوه. إذا ما أصبحت المنشأه فى مواجهه نقد لاذع وهجوم , يصبح دور قسم العلاقات العامه هو مواجهه الموقف والسيطره عليه. يجب عليهم أن يردوا على النقد لحمايه سمعه المنشأه والمحافظه عليها ببديهه حاضره ولباقه وجها لوجه.
لديه دراسه مؤهله :ــ
إن المنافسه للعمل كموظف علاقات عامه شرسه. إن الموظف الموهوب فى العلاقات العامه لديه فرصه التدرج فى وظيفته حتى يصبح مسئول علاقات عامه إذا كان لديه الموهبه وأضاف إليها الدراسه المتخصصه وحضور دورات تدريبيه فى الإتصال الفعال , وقراءه كل ما يكتب عن العلاقات العامه وما يستجد فيها.
مدير العلاقات العامه :
إن مهمه مدير العلاقات العامه هى تخطيط وتوجيه برامج العلاقات العامه لتخلق وتصون صوره مفضله للمنشأه لدى الجمهور . مثال قد يعطى تصريحات صحفيه أو يرعى حدث رياضى أو إجتماعى ليأسس صوره مشرقه إيجابيه للمنشأه. كما أنه يعمل على توضيح وجهه نظر المنشأه لدعم موقفها فى مواجهه مشكله معينه. على مدير العلاقات العامه أن يراقب ويلاحظ الإتجاهات الإجتماعيه والإقتصاديه والسياسيه التى قد تؤثر فى النهايه على وضع المنشأه ,ويقدموا التوصيات اللازمه لتطوير أداء المنشأه طبقا لأى متغيرات فى المجتمع. عاده ما يتخصص مدير العلاقات العامه فى مجال محدد مثل إداره الأزمات أو صناعه معينه مثل الرعايه الصحيه ,الترويج فى مجال معين..إلخ .


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

محاضرات ودروس في الاعلام و العولمة

محاضرات ودروس في الاعلام و العولمة
4shared.com – document sharing – download ©.doc

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

مقدمه فى فنون التحرير

أو المؤسسة الإعلامية ويشمل رئيس مجلس الإدارة والإدارات التابعة له من إدارة إعلانات، ووحدة شئون عاملين، وإدارة الحسابات والمخازن ، وإدارة السيارات، ووحدة التوزيع والمرتجعات ، وموظفين الأمن والحراسة ، والسعاه وغيرهم.
أما القسم التحريرى فهو يشمل رئيس التحرير
الذى ُيعد وفق القانون المسئول عن كل ما يتم نشره من موضوعات وأخبار على صفحات الجريدة أو المجلة التى يرأس تحريرها، وبالتالى فهو يحاسب عن كل ما يتم نشره فى الصحيفة التى يترأس تحريرها من ناحية، ومعه كاتب الخبر أو الموضوع أو المقال من ناحية أخرى، ويعاون رئيس التحرير جهاز تحريرى كامل يضم نواب رئيس التحرير، ومدير التحرير ورؤساء الأقسام والمحررين الصحفيين بأقسام الصحيفة المختلفة، وهذه المهمة لا علاقة لها بكل ما يتصل بمهام الإدارة داخل الصحيفة أو المؤسسة .
أما القسم الفنى فيتمثل فى السكرتارية الفنية وهم القائمين على إخراج وتنفيذ صفحات الجريدة والاطمئنان على الأفلام قبل إعداد الزنكات ثم عمليتى الطباعة بجانب المصورين ومهندسى الطباعة، حيث يقوم هذا القسم بكل ما هو فنى داخل الصحيفة ولا علاقة له بالنواحى الإدارية أو التحريرية.
ومن هذا التصنيف يتضح أن القسم التحريري يمثل العمود الفقرى فى أى عملية صحفية أو إعلامية ، حيث لا توجد صحيفة دون أن يقوم على إعدادها مجموعة من المحررين الصحفيين فهم يقومون على جمع المادة الصحفية من مصادرها المختلفة ثم تسليمها إلى رئيس القسم التابعين له ، وبعد ذلك يختار منها ما يشاء، ويؤجل منها ما يشاء أيضاً، وبعض الموضوعات قد يتم استبعادها لعدم صلاحيتها للنشر، أو أن مضمونها لا يتفق وسياسة تحرير الصحيفة، أو خبر أو موضوع لا يرتقى إلى النشر حيث يوجد للنشر ما هو أفضل وأحسن. فن التحرير الصحفى:
تشير معاجم اللغة إلى أن “تحرير الشيء” أى كتابته ، ومعنى التحرير أى الكتابة، ويقولون تحرير صحفى يعنى الكتابة فى الصحفية، والمعنى فن الكتابة للصحف، حيث أنه باستطاعة أى إنسان أن يكتب ويحرر موضوعات ، ولكن ليس كل ما تم تحريره أو كتابته يصلح للعمل الصحفى .
ومن هنا يمكن تعريف التحرير الصحفى على أنه: فن نقل الوقائع والأحداث المهمة على صفحات الجريدة ، حيث لا ترصد الصحف إلا كل ما هو مهم ومثير ويترجم الأحداث اليومية بصورة أقرب إلى الموضوعية ، على الرغم من أن الموضوعية ُتعد من القيم النسبية فى الكتابة للصحف والمجلات ، فليست فى تحرير الصحف أخبار أو موضوعات يتم تحريرها بموضوعية كاملة ، دون حذف أو إضافة بعيداً عن تدخلات المحرر الصحفى نفسه ، أو رئيس القسم المباشر التابع له المحرر الصحفى ، أو حتى السياسة التحريرية والتى تمثل مجموعة المبادىء والقيم والقوانين والتشريعات التى تحكم عملية الكتابة لكل العاملين بالصحيفة بما فيهم رئيس التحرير نفسه، وُكتاب المقالات الذين تستعين بهم الصحيفة ضمن أبوابها المختلفة .
وعلى هذا فإن علم التحرير الصحفى يقوم أساساً على فن صناعة الكلمة والقدرة على صياغتها واختيار أفضل الكلمات والألفاظ الأقرب إلى التعبير الصحيح عن الحدث أو الواقعة التى يرصدها المحرر الصحفى .
وبالتالى فإن الكلمة التى نصف بها قطاً غير الكلمة التى نصف بها أسداً، كما أن الكلمة التى تنقل وقائع مباراة لكرة القدم من ملعب رياضى بالقاهرة ، غير الكلمة التى تنقل وقائع حريق قطار ، أو إنهيار عمارة سكنية ، أو غرق سفينة ركاب فى البحر ، أو سقوط طائرة بكل من فيها فى المحيط . ومن هنا فإن الكلمات التى تم توظيفها واستخدامها فى الأخبار والموضوعات التى أعقبت حصول الفريق المصرى لكرة القدم على كأس الأمم الإفريقية بعد فوزه على ساحل العاج فى المباراة النهائية بإستاد القاهرة ، ليست هى بطبيعة الحال مثل الكلمات والعبارات التى عبرت عن غرق العبارة المصرية (السلام 98) وهى على بُعد ساعة من ميناء سفاجا ؛ مع أن الحدثين كانا فى فترة زمنية واحدة، فما تم كتابته عن العبارة المصرية الغارقة بكل من فيها من مواساه وحزن على ضحايا الركاب المفقودين ، وحسرة وألم أهليهم وذويهم ، والعمل على سرعة صرف التعويضات (150 ألف جنيه لكل متوفى) و(15 ألف لكل ناجى) كان يقابل هذا كله أزمة المنتخب القومى مع الفرق الإفريقية ، واستعدادات المنتخب المصرى لساحل العاج ، وأزمة أحمد حسام (ميدو) مع المدرب حسن شحاتة بعد رفضه الخروج من مباراة السنغال ، وربما نسى الناس مأساة العبارة المصرية ومن كانوا عليها وأصبح الحديث عن رد فعل (ميدو) غير اللائق مع المدرب حسن شحاتة.
ومن هنا يمكن القول أن الإعلام عموماً (صحافة – إذاعة – تليفزيون) لعب دوراً مهماً عندما قام بنشر وبث قيماً وموضوعات من شأنها أن تخفف من حجم الكارثة أو الواقعة التى كانت مسيطرة على عقول واهتمامات الشعب بكاملة، وبالتالى فإن الصحف تتنافس فيما بينها بمقدار ما تتميز الصحف عن نظيراتها فى تحرير موادها الصحفية، فليس معنى أن تزداد مبيعات صحيفة وتحقق رواجاً بالسوق أنها أفضل من غيرها ، ولو تم الأخذ بهذا المعيار لقلنا أن جريدة (النبأ) المستقلة كانت تحقق فى يوم ما توزيعاً فاق كل الصحف القومية والحزبية ، كما أن جريدة (الدستور) استطاعت فى أعدادها الأولى بعد عودتها أن تحقق توزيعاً لم يحدث من قبل، إلا أنه وبعد أن أصبحت جريدة يومية هبط توزيعها إلى معدل يجعلها من الصحف التى يقبل عليها القراء بجانب نسب تكاد تكون متفاوته مع صحف أخرى مثل (المصرى اليوم – الوفد – العربى – وصوت الأمة – والأسبوع – والميدان – والجمهورية الأسبوعى – وأخبار اليوم – وأهرام الجمعة).
ورغم أن الخبر هو الخبر، والمعلومة بكل تفاصيلها تتناولها كل الصحف وتضعها ضمن أولويات النشر لديها ، إلا أن صياغة المعلومة ذاتها قد يختلف من صحيفة لأخرى، كما يختلف من محرر لآخر وفى الصحيفة الواحدة ؛ وبالتالى فالقيم التى يحملها الخبر أو المعلومة الجديدة يعاد ترتيب ألفاظها ومضمونها لتتفق مع سياسة تحرير كل صحيفة من الصحف التى فى طريقها لنشر الحدث أو الواقعة أو المعلومة .
كما أن قيم الخبر ذاته قد يختلف من وسيلة لأخرى ، فالإذاعة مثلاً لابد أن يرتكز تفوقها فى عملها ونقلها للأحداث والوقائع على دقة تحرير مادتها الإعلامية قبل إذاعتها، حيث يقوم المذيع قبل الحديث أمام الميكرفون بإعداد النص وتجهيزه والتأكد من مخارج الحروف والألفاظ لديه حتى يتأكد من سلامة النطق الجيد قبل إذاعتها على الجمهور بلا أخطاء.
أما تحرير الخبر التليفزيونى فيكاد يختلف حيث أنه وعلى الرغم من قيمة الحدث أو المعلومة وسرعة نقلها للجمهور فى التو واللحظة ، إلا أن الجانب المصور يصبح هو المهم مع المادة التحريرية المعبرة عن الحدث أو الواقعة، حيث يغلب الجانب المصور على الجانب التحريرى ، وبالتالى فالمذيع التليفزيونى يميل إلى اختيار الكلمات التى تعطى المضمون بسرعة ، حيث يتم اختصار كلمات الحدث ليكون دور الكاميرا هو المهم، فالجمهور الذى عرف بغرق العبارة المصرية بالبحر الأحمر لا يحتاج إلى كلمات تعبيراً عن الحدث بأكثر ما هو فى حاجة إلى رؤية ما يتم من عمليات إنقاذ لركاب العبارة الذين تم انتشالهم قبل أن تلتهمهم الأسماك المتوحشة بالبحر، وذلك وفق الرؤية التى تؤكد أن الصورة قد تعوض القارئ عن الكثير من الكلمات والمعانى ، هذا بالنسبة للصورة الصماء، فما هو الحال لو كانت الصورة متحركة وتدور الكاميرا فى جوانب المكان لتنقل بكل التفاصيل ما يحدث دون حجب للمعلومات المتداولة عن الحدث ذاته. وعلى هذا فإن تحرير المادة الصحفية تكاد تكون مختلفة من وسيلة إعلامية لأخرى، وذلك وفق ما تتسم به كل وسيلة عن أخرياتها من إمكانيات وخصائص حيث تقوم كل وسيلة بإبراز أفضل عناصرها لنقل الأحداث والوقائع للجمهور الذى ينتظر الجديد عن الحدث، وإن كان الكل قد يتفق على أن الحدث نفسه لابد وأن يكون مهماً ومثيراً ويستحوذ على اهتمام الجمهور عند نشره ،أو إذاعته، أو رؤيته تليفزيونياً.


ومن هنا يصبح الخبر هو المعلومة الجديدة التى لن يعرفها القراء أو الجمهور من قبل والرغبة فى الإحاطة الكاملة بكل تفاصيلها، ونظراً لما للكلمات من تأثيرات مختلفة وبما تثيره من معانى ومفاهيم متباينة فإن الأخبار والموضوعات الصحفية ترتبط بثلاثة أنواع من الصحف هى:
(1) الصحف المحافظة:
وهى الصحف التى تلتزم تقريباً بالجدية والاتزان والموضوعية فيما تنشره من أخبار وموضوعات، وفيما تستخدمه من أساليب فنية فى تجهيز وإخراج الصحيفة. (2) الصحف الشعبية:
وهى تلك الصحف التى تميل إلى أن تأخذ بالطابع الجماهيرى، والنزول إلى مستوى القراء، بما فى ذلك القارئ العادى ، وتسعى إلى جذب أكبر عدد من القراء وبالتالى تقوم على نشر كل ما يثير اهتمامات القراء وذلك باستخدام الأساليب الجذابة فى كتابة الموضوعات والأخبار وصياغة العناوين المصاحبة لهما ، وكذلك البهرجة فى الإخراج الفنى للصفحات، وعلى هذا فقد غالت وتمادت بعض الصحف المصرية والعربية فى السير فى هذا الاتجاه ، وعرفت بصحف الفضائح أو الصحافة الصفراء، أو القبرصية ، أو صحافة الإثارة ، أوالصحف الطائفية .
(3) الصحف المعتدلة :
وهى الصحف التى تسعى إلى أن تقف فى ( الوسط ) بين الصحف المحافظة والصحف الشعبية، وتأخذ من الإثنين معاً ؛ حيث تأخذ من الصحف المحافظة بعض ما تلتزم به من جدية واتزان فى اختيار الأخبار والموضوعات وأساليب وطرق الإخراج الفنى للصفحات، وتأخذ كذلك من الصحف الشعبية بعض أساليبها فى جذب أكبر عدد من القراء عن طريق العناوين المثيرة ، والصور الملفتة للنظر ذات الاتساعات الكبيرة، والألوان الجذابة بما يدفع القراء إلى متابعتها ، والحرص على شراء كل عدد يصدر منها.
وبخلاف التقسيم السابق فإن تحرير الخبر فى الدول المتقدمة يختلف بصورة كبيرة عن الأسلوب والطريقة التى يتم بها تحرير الخبر بها فى الدول النامية، حيث ما يزال الفرق شاسعاً، وأن الحرية الصحفية فى الدول المتقدمة تكاد تعكس الصورة الحقيقة لوضع الصحافة فى الدول النامية.
ماهى الصحافــة:
تعرف الصحافة على أنها مطبوع دورى يصدر بصفة منتظمة ، وتحت عنوان ثابت وينشر الأخبار والموضوعات السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية ويشرحها ويعلق عليها، وهى تختلف بالتالى عن الدورية الصحفية. فالدورية كما عرفتها منظمة اليونسكو (Unisco) هى كل المطبوعات التى تصدر على فترات محددة أو غير محددة ، ولها عنوان واحد ينظم جميع حلقاتها، ويشترك فى تحريرها العديد من الكتاب والمحررين الصحفيين ويقصد بها أن تصدر إلى مالا نهاية. وقد قسمت منظمة اليونسكو الدوريات الصحفية إلى فئتين هما:-
(1) الصحف News paper:
وهى الجرائد ومنها الصحف اليومية ، والصحف غير اليومية (مرتين فى الأسبوع أو أكثر ) ، أو الصحف الأسبوعية، أو حتى النصف شهرية.
(2) المجلات Magazines:
وتنقسم إلى مجلات عامة تهم المثقف العام وتتناول كل مجالات الحياة المختلفة ، وأخرى متخصصة فى علم من العلوم المختلفة كالطب، الرياضة، الأدب، الفن، السينما، الاقتصاد، المرأة، الطفل، الشباب، ….) أما الدوريات العامة فهى تلك الصحف والمجلات التى تصدر فى مواعيد منتظمة تحت عنوان واحد سواء أكانت يومية أو أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية.
والصحافة بهذا المعنى لا تعمل من فراغ، ولكن تدخل مع بقية النظم والمؤسسات الاجتماعية الأخرى القائمة فى المجتمع فى شبكة محكمة من العلاقات التبادلية فيما بينها.
ومن ناحية أخرى تخضع الصحيفة فى ممارستها لوظائفها وفى كافة عملياتها لطبيعة البناء الاجتماعي والسياسى السائد فى المجتمع، باعتبار أن هذه الطبيعة هى التى تحدد نمط ملكية المؤسسات الصحفية وأساليب إدارتها، ويفرض الخط الفكرى والأيديولوجي الذى تعمل الصحافة فى إطاره، ويحدد الوظائف والمهام التى تؤديها فى المجتمع ومن ناحية أخرى يمثل البناء الاجتماعي والسياسى مصدراً مهماً من مصادر المعلومات التى تستقى منه الصحافة الوقائع والأحداث، ويؤثر بالتالى على نوعية ما يتم طرحه فى الصحافة من أفكار ومفاهيم.
ورغم ما سبق لا يمكن تجاهل الدور الذى تلعبه المؤسسات الصحفية حيث تؤثر على الأنظمة الاجتماعية والسياسية القائمة، فالحدث الذى حمل الإساءة للرسول () من بابا الفاتيكان أو فى الصحافة الدانماركية دفع الصحف المصرية بكل توجهاتها وميولها إلى رد فعل قوى تجاه ما تم نشره من رسوم كاريكاتيرية تسيء إلى الإسلام والإعلان عن مقاطعة البضائع والمنتجات الأوربية، والمطالبة باعتذار رسمى للمسلمين فى كل دول العالم ، وكذلك احتجاج بعض الدول الإسلامية وقامت بسحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية من دولة الدانمارك وغيرها من الدول التى أعادت نشر هذه الصور فى صحفها، مما يؤكد طبيعة العلاقة القوية بين الصحيفة من ناحية والأنظمة السياسية والإجتماعية القائمة فى المجتمع من ناحية أخرى.
فإذا كانت الصحيفة تتأثر بطبيعة المجتمع التى تعمل فى إطاره فإن قدرة الصحيفة على القيام بمهامها وتحقيق اتصال فعال يتوقف على ما يدور داخل هذه الصحيفة أو المؤسسة التى تصدر منها حيث يحكم عملياتها فى ذلك العديد من القيود والقواعد والتنظيمات فضلاً على ما تفرضه متطلبات العمل والنشر، وملء الصفحات التى تضمها الصحيفة كما أن الصحيفة مطالبة فى نفس الوقت بتقديم إنتاج صحفى متميز بعيداً عن التكرار والتفاصيل البعيدة عن اهتمامات القراء، وهى ضغوط تفرض على العمل داخل المؤسسات الصحفية وتؤثر فى النهاية على المنتج الصحفى، فضلاً عن الضغوط التى تتعلق بعامل الوقت والإمكانات المتاحة، والمنافسة الصحفية، وسياسة الصحيفة وتأثير النظام السياسى للدولة على الأنظمة الإعلامية التى تعمل فى إطاره بما يدفع إلى تجنب الاصطدام به، وانتقاء المواد الصحفية قبل نشرها لتفادى ما سبق الإشارة إليه.
هذا فضلاً عن أن كل صحيفة شخصية تميزها عن غيرها من الصحف تحريرياً وإخراجياً، كما أن لكل فرد شخصيته المتميزة والمتفردة، ولكل أمة شخصيتها القومية وهويتها الخاصة.
وعلى هذا فإن شخصية الصحيفة تحددها سياستها التحريرية من ناحية وجمهور القراء الذى تخاطبه من ناحية ثانية وأسلوبها التحريرى والإخراجى من ناحية ثالثة، فقد يجد المحرر الصحفى والجهاز التحريرى نفسه سيل من التساؤلات التى لا حدود لها حول المفيد وغير المفيد، والصالح وغير الصالح من الأخبار حيث يحسم الأمر فى النهاية القناعات الذاتية للعاملين بكل صحيفة ومدى فهمهم للواقع الحضارى والاحتياجات الأساسية للمجتمع الذى ينتمون إليه، حيث أن هذه القناعة وهذا الفهم لا يتأثر من فراغ وإنما هو وليد سياق اجتماعي وثقافى ومؤسسى معين يحدد رؤى العاملين بكل صحيفة ويوجه عملية انتقاء ونشر الأخبار بحيث تأتى فى النهاية تعبيراً عن هذا السياق وإفرازاً له .



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

فنيات التحرير

مــــــــادة فنيات التحرير اعمال موجهة للاستاذة صبيات نصيرة

موضوع اليوم / الخبر الصحفي

بالصحافة لدينا نوعان صحفيان هما :

الانواع الخبرية + صحافة الرأي

و كل نوع يتضمن انواعا بدوره اذ نجد ان:

_ الانواع الخبرية تنحصـــــــر في : الخبر الصحفي + التقرير الصحفي + التحقــــيق الصحــفي .

_ انواع صحافة الراي تنحصر في : العمود على شكل مقال او افتتاحية + التعاليق + الروبرتاج.

أساس الفصل بين النوعين : حضور الصحفي ، كيف ؟ …

في الخبر الصحفي لا يكون الانا الصحفي متواجدا بتاتا فموقفي كصحفية بالكتابة غائب و يتجسد بالضيف او الشخصية

مثــــــــلا:تحقيق عن المخدرات / كصحفية لا يمكنني سرد وجهة نظري و لكن أجلب آراء من يعبرون عن افكاري هذا بالخبر الصحفي.

عندما اريد ان اتحدث و ادلي و أصرح برأيي علي هنا اللجوء إلى أنواع الرأي، في هذه الحالة لا أحد سيقاضيني لأنني لبست ثوبا شرعيا يحميني و هو حرية التعبير بالرأي

و انا مدعومة بعدة مواثيق اهمها المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان .

و لانني ايضا املك حصانة شرعية لا احد يمكنه بعدها ان يقاضيني او يسجنني او يحاسبني على افكاري.

_ لكن اذا فعلت هذا بالانواع الخبرية سأدفع الثمن بالتأكيد و تقاضيني السلطة و تسلط علي انواع العقوبات.

مثـــــــــلا :

لمّا اكتب : المقال / الروبرتاج : يمكنني القول : رأيت ُ / شاهدت /عاينت …الخ

أما بالخبرية :

الخبرية انقل الخبر مفصلا كما جاءني من مصدره واختفي تماما كشخص.

1_ شكل الخبر : متى نكتب خبرا ؟؟؟

أ) لما يكون الحدث يمس أكبر شريحة من المجتمع و يهمها جدا.

ب) لما يكون الحدث متعلقا بشخصية معروفة لها صداها بين المتلقين
مثلا : رئيس الجمهورية / شخصية دينية عظيمة / فنان معروف له وزنه الثقيل

ج) لما يكون الحدث مثيرا و غريبا يخرج عن المألوف :
مثلا : كبش 6 قرون / قردة ترضع شبل أسد … الخ

2_ سمات الخبر الصحفي :

الجدة: الخبر يحمل شهادة وفاته مع ميلاده،

فالاخبار متجددة دوما و اذا لم ترسل الى المؤسسة الاعلامية فور حدوثها تعتبر ميتة و قديمة و دليل على ضعف المؤسسة

جفاف اللغة : جمل بسيطة لا تعدو عن كونها : فعل + فاعل + مفعوول به

الوضوح و المباشرة

3_ على أي أساس يتم تصنيف الخبر؟؟؟

أ) خط الافتتاح : السياسة الاعلامية للمؤسسة الاعلامية

مثلا :ايديولوجية اشتراكية / راسمالية / معارضة للحكومة / مؤيدة للحكومة … الخ

ب) تكوين الصحفي :

أفكار و قناعات الصحفي :

مثــــلا :

صحفي ذو توجهات اسلامية و صحفي ذو توجهات علمانية

يغطيان مؤتمرا اسلاميا للشيخ القرضاوي،
الاول يكتب الخبر في 23 سطرا
و التاني يكتبه ب 6 اسطر

نظرا لاختلاف الاهتمامات

صحفي ذو أفكار و قناعات موالية لحزب ما

و اخر معارض له يطلب منهما تغطية اعلامية لندوة عقدها الحزب :
الاول يرحب و يكتب كثيرا .
الثاني يتجاوز الكثير و يكتب قليلا فقط و هذا ما نسميه

بلغة الاعلاميين :التعتيم الإعلامي

ج) نوعية المؤسسة عامة او خاصة :

فالمؤسسة العامة تابعة للجهاز الحكومي وجب عليها الوقوف مع الحكومة لا يمكنها الاعتراض ابدا و إلا فهي تهاجم و تحارب نفسها

مثلا: جريدة النصر / المساء / المجاهد / الشعب …الخ

أما المؤسسة الاعلامية الخاصة فلها آراؤها و توجهاتها و مواقفها الشرسة ضد الحكومة و مستعدة للهجوم باي لحظة دون أي ضغوطات

مثلا: الشروق / الخبر/ البلاد/ و منها صحف الاحزاب السياسية.
بنية الخبر الصحفي

_ عندما يتعلق الامر بكتابة الخبر و بنيته علينا ان نشير الى وجود نوعين من البنية :
بنية الهرم المعتدل +بنية الهرم المعكوس .

فلغة الاعلاميين بالسمعي- البصري
اسهل بكثير من لغة الاعلامي بالصحافة المكتوبة و محدودة اكثر

فإذا كان على صحفي الجريدة صياغة الخبر ب 4 اسطر
وجب على اعلامي السمعي – البصري صياغته ب 1 سطر واحد و كفا.

لذا فالهرم المعتدل هو من خصوصيات الاعلامي السمعي البصري

اما الهرم المعكوس فهو من سمات الاعلامي بالصحافة المكتوبة

1_ تعريف الهرم المعتدل :

هو الاتيان بالخبر بطريقة مختصر نبدا من المهم و ننتهي بالاهم يعني :
سرد للاحداث العادية و نختم بالاحداث الاكثر اهمية .

2_ تعريف الهرم المعكوس :

و هو أصعب من سابقه إذ نركز على التكرار و الروابط و حروف العطف و الجمل الطويلة المعقدة و نقول بانه معكوس لانه يبدا من الأهم الى المهم

سؤال : لماذا نبدأ من الاهم الى المهم ؟؟؟

جواب : الصحف عديدة جدا و المواضيع كثيرة
لا نضمن ان القارئ سيقرا هذا المقال ام لا ، و لا نعرف ان قرأه:
هل سيواصل القراءة الى النهاية ؟؟؟

لذاك وجب ان نبدا بأهم نقطة ساخنة بالاحداث
باول السطور حتى نوصل اليه المضمون و الفكرة.

بينة الخبر المكتوب بالصحيفة

يتكون من :

أ) عنوان معلّق

ب) عنوان رئيسي

ج) مقدمة :
تحتوي على 3 أفكار رئيسية للحدث .

د) المتن.

هذا طبعا نموذج للخبر على شكل تقرير صحفي قرابة 23 سطرا

مثال :

في مبادرة أطلقها عبر قناة “الجزيرة”

<<< عنوان معلق

مدير “الشروق” يدعو لإرسال باخرة “إعلامية” كبيرة إلى غزة
<<< عنوان رئيسي
دعا السيد علي فضيل، مدير عام “الشروق اليومي”، من العاصمة الفرنسية باريس، وسائل الإعلام العربية والإسلامية إلى “التنسيق من أجل إرسال باخرة كبيرة تحمل المساعدات لإخواننا في غزة”، كما كشف عن تخصيص “الشروق” لجزء من مداخيل مسابقتها التضامنية “لدفع بعض الغبن عن أهلنا في الأراضي المحتلة”.

<<<< مقدمة

• استغل مدير عام “الشروق اليومي”، السيد علي فضيل، منبر “الجزيرة مباشر”، الذي نزل عليه ضيفا ،الجمعة، من باريس، ليذكر بأن “الشروق” كلفت مدير مكتبها في غزة بتحضير قائمة الأطفال المرضى الذين تستعد للتكفل بعلاجهم.
• وأرجع السيد علي فضيل تشدد الحكومة الجزائرية في منح المعلومة الأمنية إلى كون “المواضيع الأمنية حساسة جدا وتتعلق مباشرة بأمن البلد، ولا يمكن السماح لبعض الوكالات ووسائل الإعلام الأجنبية بالترويج لأخبار كاذبة من شأنها زرع البلبلة بين الجزائريين”. ودعا إلى ضرورة “تحري الخبر الأمني الصادق، الذي لا يتسبب في إشاعة الفوضى، خاصة وأن الإرهاب قضية الجميع ولا ينفع معه الحياد”
• وحمل ضيف “الجزيرة مباشر” مسؤولية الترويج للأخبار الأمنية الكاذبة لمراسلي بعض وكالات الأنباء الأجنبية “الذين يتصيّدون كل فرقعة حتى لو كانت قارورة غاز لتهويل الوضع الأمني في الجزائر”.

• وأوضح المدير العام بأن “الشروق تضع الدفاع عن ثوابت الأمة على رأس أولوياتها، كما أنها تركز اهتمامها على انشغالات المواطنين من خلال شبكة مراسلين هامة تتوزع على 48 ولاية”، قبل أن يضيف “نحن نركز على الدفاع عن المصلحة العليا للوطن..لكننا لسنا من الذين تسكنهم عقدة المعارضة من أجل المعارضة، نحن جريدة مستقلة موضوعية مهنية تعتمد على الوسطية في معالجة القضايا الحساسة”.

• وفي نفس الاتجاه قال علي فضيل “الشروق ليست بوقا لأحد ولن تكون، كما أنها ليست سيفا يسلط على أحد، وهي تنتقد سياسة الحكومة وتنتقد سياسة الرئيس عندما يكون هناك ما يجب انتقاده، ولا نخشى في ذلك أحدا ولا نقبل أن يزايد علينا أحد”.

• وانتهى السيد علي فضيل إلى التذكير بالجهود التي تبذلها “الشروق” من أجل تحسين وضعية صحفييها، وكشف في ذلك عن مجموعة من المبادرات لعل من أهمها التحضير لإمضاء اتفاقية مع شركة “السلامة” تسمح للصحفيين بالاستفادة من خدماتها التأمينية، واتفاقية أخرى مع مستشفى بني مسوس الجامعي في مجال طب العمل، والتكفل الجيد بصحة العمال

<<<< متن

ملاحظات :

إذا كان الخبر رئيسيا و مهما :

نكتب اسم الصحفي مباشرة حلف المقدمة

أما إن كان الخبر ثانويا

يكتب الاسم اسفل المقال
و احيانا المؤسسة هي من يقوم بذلك و برموز و ليس اسم كاملا.

نوع المقدمات و العناوين

_ كيف نصوغ مقدمة جيدة و مناسبة لدى كتابة الخبر الصحفي ؟؟؟

يجب علينا ان نعرف بأن المقدمة لا تكتب هكذا بطريقة عشوائية بل وفق معايير ترتبط ارتباطا هاما جدا

بنوع الخبر الذي سنكتبه

و عموما فانها موجودة على 5 اشكال :

1) إذا كان الخبر تقريرا :

تكون المقدمة تقريرية محضة على شكل 3 افكار رئيسية ترتبط و تتلاحم فيما بينها

و تكون مستمدة من التقرير نفسه و على عنوان التقرير ان يكون خبريا .

2) اذا كان الخبر : روبرتاج:

تكون المقدمة وصفية بأسلوب رائع منسجم مع طبيعة الثوب الذي اخترته لموضوعي

و عند صياغة العنوان :
من الضروري الفصل بين كلمات العنوان بنقتطتين

ليس ابدا النقتطين فوق بعض هكذا ( : ) إنما نقتطان على السطر متتاليتان هكذا ( . . )

مثلا :

روبرتاج عن مدينة تيقزيرت الخلابة

العنوان : تيقزيرت .. جنة من صنع الخالق

المقدمة :

ما أجمل تلك اللحظة التي تقف فيها متأملا تلك اللوحة الجميلة التي ابدعها الخالق .. حيث تنسجم خيوط السماء مع زرقة البحر لتأسر زوارها… إلخ

3) اذا كان تحقيق :

لا ينفع لا اسلوب وصفي و لا اسلوب تقريري

فالتحقيق يشتمل على الغموض و يحل لغزا لذا مقدمتنا ستكون تساؤلية

مثلا : من المسؤول عن تبديد المال العام ؟

بنوك تقرض مالا للناس

ثم يتحججون بالكوارث باوراق مزيفة و يستفيدون من نص المادة 17

معلومة لدينا المادة 17 من قانون المالية الجزائري :
ضحايا الكوارث الطبيعية معفون من رد القروض البنكية

اذن نحن بالتحقيق نجيب عن السؤال و نبين من هو المسؤول عن تبديد المال العام؟

4) اذا كان : حديثا صحفيا : هنا تكون المقدمة

اما تقريرية : اهم ما قالته الشخصية المتحدثة

أو ان تكون المقدمة اقتباسية : ناتي بأهم جزء قالته الشخصية و نجعله مقدمة.

5) مقدمة الاحكام :
في التعاليق و المقالات : مقدمة إقناعية متشبعة بأفكاري كصحفي.




التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

بحث حول موضوع نظريات تباين الحوافز

ها هو الرابــــــــــــط
Download ².pdf from Sendspace.com – send big files the easy way



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الى طلبة السنة الرابعة علاقات عامة


عناوين المواد المعامل طبيعة المادة الحجم الساعي النظام البيداغوجي
1- فنيات التحرير 3 سنوية محاضرة+أعمال موجهة
2- الإعلان 3 سنوية محاضرة+أعمال موجهة
3- العلاقات العامة في المؤسسة 2 سنوية أعمال موجهة
4- الاتصال الاجتماعي وأساليب الإقناع 2 سنوية 1:30 محاضرة
5- تصميم الإعلانات 2 سداسية 1:30 أعمال موجهة
6- اللغة الأجنبية 2 سنوية 1:30 أعمال موجهة
7- ملتقى القضايا السياسية 2 سداسية 1:30 ملتقى
8- ملتقى الوكالات الإعلانية 2 سداسية 1:30 ملتقى
9- الإعلام الآلي 2 سنوية 1:30 أعمال موجهة
10- المذكرة – – – –
المجموع 20 – 16.5

ملاحظة : فيما يخص نقطة المذكرة لاتدخل في المعدل العام هذا على حسب جامعتنا اما باقي الجامعات فالله اعلم


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

حمل مذكرة بعنوان : أثر وسائل الإعلام على القيم والسلوكات لدى الشباب


حمل مذكرة بعنوان : أثر وسائل الإعلام على القيم والسلوكات لدى الشباب


4shared.com – online file sharing and storage – download rar