التصنيفات
البحوث الاقتصادية

بحث حول ادارة البحث و التطوبر

خطة البحث:

مقدمة
I- تنظيم و تسيير برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير
I -1- مفهوم البحث و التطوير
I -2- تنظيم وضيفة البحث و التطوير
I -3- تسيير نشاطات البحث و التطوير
II- سياسات البحث و التطوير
II -1- السياسات على المستوى الكلي-الدولة-
II -2- السياسات على المستوى الجزئي-المؤسسة-
III – العلاقة بين العلم و التكنولوجيا و النمو الإقتصادي.
الخاتمة

المقدمة:

إن عصرنا اليوم هو عصر العولمة و السرعة و المعلوماتية, و عصر الأنترنت, كما أن قوة الدول و تطورها و نجاحها, أصبح يقاس في عصرنا الحاضر بمدى التقدم و التطور الذي تحرزه في مجال استعمال برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير, بهدف تحقيق تنمية اقتصادية, و تحقيق الرفاهية الإجتماعية, و تحسين جودة مخرجاتها. ومن أصعب التحديات و أكثرها إثارة, التي ينبغي على المؤسسة الإقتصادية أن ترفعها, هي إيجاد الحلول المناسبة للتحولات الكبرى التي يعرفها العالم, أين أصبحت المؤسسة غير قادرة على التأقلم و مواكبة التغيرات و التطورات السريعة في مجال العلم و التكنولوجيا.
و في ظل هذه الظروف, و التغيرات و التطورات الجديدة و المتناهية, و في فترة تشهد تطور تكنولوجي متسارع و منافسة حادة, ينبغي على الدول بصفة عامة, و المؤسسات الإقتصادية بصفة خاصة أن تهتم بمجال البحث و التطوير و الإبداع التكنولوجي.
و من هنا يتبادر إلى أذهاننا الإشكالية التالية:
“ما مدى تأثير برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير على النمو الإقتصادي و نجاح المؤسسات” ؟؟
وفي ضوء هذا الإشكال نطرح التساؤلات التالية:
1- ماذا نقصد بالبحث و التطوير ؟
2- كيف يمكن رفع فعالية نشاط البحث و التطوير ؟
3- ما هي أهم سياسات البحث و التطوير؟
4- هل هناك علاقة بين التكنولوجيا و التنمية الإقتصادية ؟
و للإجابة على هذه التساؤلات, نطرح الفرضيات التالية:
1- يعد نشاط البحث و التطوير المغذي الرئيسي للإبداعات التكنولوجية.
2- لرفع فعالية نشاطات البحث و التطوير, يستلزم توفر ميزات في مدير البحث و التطوير, و توفر الكفاءة الفنية و التقنية لعمال الوظيفة, إضافة إلى الدقة في اختيار مشاريع البحث و التطوير.
3- من بين سياسات ابحث و التطوير, نجد سياسة الحوافز, السياسات المالية و الضريبية, و الحماية القانونية.
4- نعم هناك علاقة بين التكنولوجيا و التنمية الإقتصادية.
و لإثراء الموضوع, سوف نتطرق في بحثنا هذا إلى ثلاث محاور أساسية, المحور الأول, نشير بصفة عامة إلى تسيير نشاطات البحث و التطوير, نتناول من خلاله مفهوم البحث و التطوير, أساليب تسيير مستخدمي وظيفة البحث و التطوير ,و أهم الأشكال التنظيمية لوظيفة البحث و التطوير.
وفي المحور الثاني نتناول في جوهره سياسات البحث و التطوير على المستويين, الكلي و الجزئي. أما في المحور الثالث و الأخير, نبرز فيه العلاقة الموجودة بين التقدم التكنولوجي و التنمية الإقتصادية.
و من بين دوافع اختيارنا لهذا الموضوع, هي طبيعة العلاقة التي تربطه بمجال تخصصي –إدارة أعمال-, و رغبتي في الإطلاع على هذا الموضوع.
و يمكن إدراك أهمية البحث من خلال الأهمية البالغة التي أصبح يحتلها نشاط البحث و التطوير في الهيكل التنظيمي للمؤسسات الإقتصادية, مما يكسبها ميزة تنافسية تجعلها قادرة على المنافسة و يضمن لها البقاء في الحياة.

تسيير و تنظيم برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير
يتطلب إنتاج المعارف العلمية, و الإبداعات التكنولوجية تحديد أهداف معينة و تنظيم نشاطات البحث و التطوير, و تخصيص الموارد المتاحة لدى المؤسسة لدى المؤسسة و تسخير القوى البشرية المؤهلى لتحقيق الأهداف, و إحداث الفعالية في العمل.
I-1 مفهوم البحث و التطوير:
يعد نشاط البحث و التطوير, المغذي الرئيسي للإبداعات التكنولوجية و خاصة في المؤسسات الكبيرة التي تتوفر على مخابر و إمكانيات مادية و بشرية معتبرة, و لفهم معنى البحث و التطوير سوف نعرف كل كلمة إلى حدى, ثم نعطي تعريف شامل للبحث و التطوير.
و كلما كبر حجم المؤسسة, كلما أدى ذلك بالضرورة إلى تكوين وظيفة خاصة بالبحث و التطوير, مع العلم أن لها خصوصيات يجب مراعاتها, و مؤشرات تقييمها صعبة التحديد, و نتائجها مرتبطة بالتسيير الفعال, و التنقل الجيد بينها و بين الوظائف الأخرى, إضافة إلى الكفاءة الفنية للعمال القائمين بنشاطات البحث و التطوير.
I-1-1- البحث: و يتضمن ما يلي:
أ- البحث الأساسي:
يتمثل في “الأعمال التجريدية أو النظرية الموجهة أساسا إلى الحيازة على معارف تتعلق بظواهر و أحداث تم ملاحظتها دون أية نية في تطبيقها, أو استعمالها استعمال خاص”.
ب- البحث التطبيقي:
يتمثل في “الأعمال الأصلية المنجزة لحصر التطبيقات الممكنة و الناجمة عن البحث الأساسي, أو من أجل إيجاد حلول جديدة تسمح بالوصول إلى هدف محدد سلفا, و يتطلب البحث التطبيقي الأخذ بعين الإعتبار المعارف الموجودة و توسيعها لحل مشاكل بعينها”.
I- 1-2-التطوير:
يتعلق هنا بالاستثمارات الضرورية, التي تسمح بالوصول إلى تنفيذ التطبيقات الجديدة (في طرق الإنتاج أو في المنتج) بالإستناد إلى الأعمال التالية:
1- التجارب و النماذج المنجزة من قبل الباحثين.
2- فحص الفرضيات و جمع المعطيات التقنية, لإعادة صياغة الفرضيات.
3- الصيغ, مواصفات المنتجات, ومخططات كل من التجهيزات, الهياكل و طرق التصنيع.
و يعد التطوير نتاجا لأعمال البحث و التطوير، حيث تكون المنتجات محمية في شكل إيداعات مبرأة مهما تكن الأهمية, الاستعمال, أو الشكل. و يمكن قياس أثر البحث و التطوير على الإبداع التكنولوجي بالاستناد إلى درجة الإبداع المحققة, حيث يتم هنا التفرقة بين درجتين, تتمثل الأولى في الإبداع الطفيف أو التراكمي, و الذي يستمد من التحسينات الطفيفة و المستمرة في المنتجات و طرائق الإنتاج.
أما الدرجة الثانية فتتمثل في الإبداع النافذ أو الجذري, الذي مفاده الإبداع في المنتجات و طرائق الإنتاج على أسس جديدة و مختلفة تماما.
و بالإستناد إلى ” التحقيق السنوي “Mcgrwhill” الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1977, أن نصيب الإبداع في المنتجات الجديدة كان 87%, و ضمن هذه النسبة الأخيرة هناك 28% تخص المنتجات الجديدة, و 59% تخص التحسينات في المنتجات…”
I-1-3- البحث و التطوير:
يقصد بهما كل المجهودات المتظمنة تحويل المعارف المصادق عليها إلى حلول فنية, في صور أساليب أو طرق إنتاج و منتجات مادية, استهلاكية أو استثمارية.
تباشر هذه النشاطات إما في مخابر الجامعات, أو في مراكز البحث التطبيقي, أو في المؤسسات الصناعية دون اعتبار خاص لحجمها.

I-2- تنظيم وظيفة البحث و التطوير
تحتل وظيفة البحث و التطوير مكانة هامة في تنظيم المؤسسة, بكيفية تسمح بالتنقل الجيد للمعلومات, سواءا كانت خارجية عبر وظيفة التسويق, أو من مشاكل فنية تجابه العملية الإنتاجية من خلال وظيفة الإنتاج و كذلك المعلومات الناتجة عن العلم و التكنولوجيا المتاحة.
و تتكون وظيفة البحث و التطوير من عمال, وسائل, و إجراءات التسيير, و كلها مجندة لإنجاز مشاريع البحث و التطوير, و يقوم بالإشراف على الوظيفة مسؤول يسمى مدير البحث و التطوير, يقوم بتوجيه العمال بغية تنفيذ النشاطات المعنية بالوظيفة حسب المشاريع المحددة, و يمكن تمييز الأشكال التالية في تنظيم وظيفة البحث و التطوير و هي كالتالي:
I-2-1-التنظيم الوظيفي:
في هذا التنظيم, يتم تقسيم كل مشروع بحث أو تطوير إلى أجزاء, يسند كل جزء إلى وحدة تنفيذ خاصة, حيث يتحمل مسؤولية العمليات التي من اختصاصها, و يشرف عليها مسؤول, و يتم التنسيق بين الأجزاء و العمليات المنفذة عبر علاقات مباشرة بين مسؤولي الوحدات التنفيذية, و الشكل التالي يوضح ذلك:
شكل رقم 01: التنظيم الوظيفي
المصدر: نذير نصر الدين, الإبداع التكنولوجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة, مذكرة ماجيستر, 2001 ص 69

I-2-2- التنظيم حسب المشاريع:
يقوم التنظيم حسب المشاريع على أساس تكوين فريق موحد, يضم مختلف المهندسين أو التقنيين الضروريين لإنجاز مشروع البحث و التطوير، كما تخصص لكل مشروع الإمكانيات البشرية و المادية المحددة له, و يتم تجزئة عمال البحث و التطوير على أساس المشاريع المراد تنفيذها من قبل المؤسسة, و يكلف رئيس كل مشروع لإنجازه حسب التقديرات المحددة مسبقا, التكلفة, الوقت, و تعمل بسهولة الاتصال بين فرق العمل على حل مشاكله المجابهة لهم, ويمكن توضيح هذا النوع في الشكل التالي:

I-2-3-التنظيم الشبكي أو المصفوفي لنشاطات البحث و التطوير:
يتم الجمع في التنظيم المصفوفي بين التنظيم الوظيفي و التنظيم حسب المشاريع, حسب الشكل رقم 3:
شكل 03: التنظيم المصفوفي لنشاطات البحث و التطوير
المصدر: نذير نصر الدين, نفس المرجع أعلاه, ص 71.

و يتم جمع مختلف عمال البحث و التطوير و تجزئتهم على أساس تخصصهم (المسؤوليات الوظيفية) و يتم تكليف رئيس لكل مشروع بحث تطبيقي المراد إنجازه, بحيث يشرف على فريق عمل الذي يضم عمالا يشتغلون بكيفية دائمة, و بأوقات جزئية, و يضمن عملية التنسيق بين المشاريع مدير خاص بها.
و من إيجابيات هذا التنظيم, هي الإستفادة من كلا التنظيمين السابقين الذكر, و تقديم عمل جماعي أفضل, و استغلال المعارف, القدرات المتاحة, و فرصا لتبادل المعلومات التقنية, و تمنح لكل مشروع إمكانية اللجوء إلى جميع القدرات و الكفاءات البشرية المتاحة.

I-3- تسيير نشاطات البحث و التطوير:
إن تسيير نشاطات البحث و التطوير يعتمد أساسا على كفاءة العنصر البشري, و مدى فعاليته في التعامل مع الآخرين, كما أن أغلبية الكتب الحديثة تؤكد أن تسير مستخدمي البحث و التطوير يستلزم مرونة معتبرة, و استجابة أكثر, إضافة إلى أن الإهتمام بأعمالهم و اقتراحاتهم و أرائهم يشجعهم على بذل مجهودات أكبر و تحقيق خطوات إيجابية للرفع من إنتاجية رقم الأعمال.
I-3-1- أساليب تسيير عمال البحث و التطوير:
يمكن التمييز بين أسلوبين رئيسيين في تسيير عمال البحث و التطوير, هما: أسلوب الإشراف المباشر أو الحازم, و أسلوب الإشراف اللين؛
أ- أسلوب الإشراف اللين:
يتم في هذا الأسلوب إعطاء أوامر صارمة, و المتابعة المستمرة للقائمين بنشاطات البحث و التطوير داخل المؤسسة, و حجتهم في ذلك راجع لندرة الموارد من جهة, و من جهة أخرى احتمال وقوع تهاون من طرف هؤلاء المستخدمين, كما أن تطبيق مثل هذه الأسلوب لا يليق إلا في بعض الحالات النادرة مثل الحرب, كما تنقص فعاليته عندما تقل الموارد المادية و الوسائل. 1َ
ب- أسلوب الإشراف اللين:
عكس الأسلوب الأول, فإن الأسلوب اللين يمتاز بأكثر إنسانية و موضوعية و أكثر حرية, و حتى الوقوع في الخطأ, مع إسناد المسؤولية في نفس الوقت لعمال البحث و التطوير و الإبداع. 1ً
I-3-2- رفع فعالية البحث و التطوير:
للرفع من فعالية نشاطات البحث و التطوير, يستلزم توفر شروط أو ميزات يتصف بها مدير البحث و التطوير من جهة, و توفر الكفاءة الفنية لعمال الوظيفة, و أخيراً الدقة في اختيار مشاريع البحث و التطوير, لأكثر تفصيل سوف نتطرق لكل نقطة على حدى؛
أ- ميزات مدير البحث و التطوير:
غالبا ما يكون لدى المؤسسات الكبيرة مستخدمين مهمتهم البحث و التطوير, ينتظمون في في هيكل عضوي رسمي مرتبط بحجم المؤسسة, و على رأس كل هيكل يوجد مسؤول يدعى مدير البحث و التطوير, و من الخصائص التي تدعم فعاليته و تأدية مهامه ما يلي:
– التكوين و الإلمام بشؤون التسيير, و بذل جهود معتبرة في التنظيم و التنسيق, التوجيه و المراقبة.
– الإشراف على المشروع بكيفية تضمن تحقيق أهداف المؤسسة بالدرجة الأولى, من خلال المراقبة و المتابعة للأعمال.
– الإشراف على الباحثين و الأعوان بعناية و حزم في آن واحد, نظراً لأن نشاطات البحث و التطوير تختلف عن النشاطات الأخرى, لاعتمادها على الجهد الفكري بدرجة أكبر.
و عليه فإن توفر هذه الميزات و الخصائص في مدير وظيفة البحث و التطوير , دافع و مدعم لنجاح مشاريعها, و تحفز و تشجع لتهيئة ظروف مؤدية إلى الإقدام و المبادرة بين العاملين لتنمية و تأكيد القدرات الذاتية للتطوير و الإبداع.
ب- الكفاءة الفنية لعمال البحث و التطوير:
إذا لم تتوفر الكفاءة الفنية الجيدة في المستخدمين المعنيين بمشاريع البحث و التطوير, فإن النتيجة ستكون سلبية لا محالة, و من أهم الصفات التي يجب أن تتوفر فيهم هي:
– أن يكتسبوا معارف تقنية عالية؛
– أن تكون لديهم مهارات علمية جيدة؛
– أن يكونوا قادرين على فهم و كذلك تفسير النتائج المخبرية؛
– أن يتمكنوا من الاستعمال الأمثل للمجلات المتخصصة كمصادر هامة للمعلومات.
كما يتطلب التسيير الفعال, أن يقوم مدير البحث و التطوير بمعرفة القدرات الفردية و تشجيعها و المحافظة عليها بكل الوسائل الممكنة.
ج- اختيار مشاريع البحث و التطوير:
إن الدقة في اختيار المشاريع عنصر أساسي لنجاح برامج البحث و التطوير, و تتوقف هذه الدقة على إشراك جميع مسؤولي و موظفي وظائف المؤسسة, من وظيفة البحث و التطوير, وظيفة الإنتاج,وظيفة التسويق,وظيفة المحاسبة و المالية, و الغرض من ذلك الوقوف على الإمكانيات و القدرات و الطاقات المتاحة لدى المؤسسة, و جميع المعلومات المتعلقة بالمواد الأولية, بتغيير الأسعار, حجم السوق المتوقع, شدة المنافسة, المدة الزمنية, و بالمبالغ اللازمة لإنجاز المشروع.
كما يجب التمييز بين المشاريع قصيرة المدى, و الطويلة المدى, فالأولى تصلح عادة لإجراء التحسينات الطفيفة, بينما تعد الأخرى للقيام بتعديلات كبرى, و الإثنان يختلفان من حيث الوقت و التمويل, و مستوى الأخطار.

I-3-3-نفقات البحث و التطوير:
يعتبر الإنفاق على نشاطات البحث و التطوير بمثابة استثمار يدر عائداً، فهو يحتاج إلى تخطيط وفقا لأساليب علمية دقيقة, كما أن القسم الأول من الوظيفة “البحث” أقل تكلفة من “التطوير”, و معرفة التكاليف أمر جدّ هام بالنسبة للمؤسسة في عملية تقييم الأداء, و ذلك بتخصيص مواردها للإتفاق على هذه النشاطات.
أ- مبادئ حساب تكاليف البحث و التطوير:
– فتح حساب خاص بالنشاط ضمن حسابات المؤسسة؛
– القيام بتحليل التكاليف المرتبطة بالوظيفة بالتفصيل, و تحديد مركز مسؤولية مدير البحث و التطوير؛
– التمييز بين مختلف التكاليف و الأعباء, إذ أن هناك أعباء يمكن تقسيمها مباشرة على النشاط و هناك أعباء أخرى غير ذلك.
ب- موازنة البحث و التطوير:
غالبا ما يتم تخصيص جزء من رقم الأعمال لتمويل نشاطات البحث و التطوير, كما تحدد هذه النسبة بناءاً على :”معطيات و إحصائيات من تقارير النشاط السنوية للمنافسين, و المعايير أو المقاييس المطبقة في مختلف القطاعات, و فروع الصناعة المتعلقة بالبحث و التطوير”.
فهي تمثل قاعدة من خلالها تستطيع المؤسسة تحديد النسبة المخصصة لتمويل نشاطات البحث و التطوير, و من ثم إعداد جدول مفصل نسجل فيه تقديرات التكاليف و أعباء المشروع البحث و التطوير, و هذا ما يسمى بالموازنة, و من بين النقاط التي يجب ملاحظتها في الموازنة هي:
• تحديد التقديرات بكل عناية, و باستشارة الأطراف المعنية؛
• تحضير موازنات تفصيلية خاصة بالأقسام, حسب عددها, و على أسس زمنية مختلفة (شهرية, فصلية)
• مراعاة اعتماد الموازنات حسب التقسيم الموجود (في حالة وجود عدة منتجات, أو مشاريع جزئية مرتبطة ببعضها البعض)؛
• إظهار النفقات الفعلية و النفقات المعيارية عند كل مرحلة من المراحل, لغرض استخراج الفروقات أو الانحرافات.
و عليه, يمكن القول أن الهدف الأساسي من تحديد النفقات هو الوصول إلى نتائج إيجابية, و تحقيق تسيير فعال, قائم على الانضباط و الدقة، و الكفاءة العالية, و بالتالي تحقيق الربحية.

II-سياسات البحث و التطوير:
يرتبط نجاح المؤسسات الإقتصادية بطبيعة السياسات المنتهجة من طرف الدول”على المستوى الكلي”, أو على المستوى الجزئي “المؤسسة”, و فيما يلي سوف نتطرق إلى كل سياسة على حدى:
II -1-سياسات الدولة-على المستوى الكلي- في مجال البحث و التطوير:
يمكن للدولة أن تساهم بقسط كبير في تحقيق التنمية, و تشجيع نشاطات البحث و التطوير على المستوى الوطني, و من هذه السياسات نذكر منها ما يلي:
أ- السياسات المالية و الضريبية:
يمكن للدولة أن تؤثر إيجابيا على نشاطات البحث و التطوير, و الإبداع التكنولوجي, و ذلك من خلال تبني السياسة المالية و الضريبية في الجوانب التالية:
• التخفيض أو الإعفاء من الضرائب, مما يسمح للمؤسسات من الإعتماد على قدرة تمويلها الذاتية بإعادة استثمار مبالغ الضرائب الغير مدفوعة, إما في تغطية التكاليف المرتفعة, أو تغطية الأخطار و الخسائر .
• التمويل بالقروض, بالنسبة للقطاعين العام و الخاص, نظرا لأن نشاطات البحث و التطوير تتطلب مبالغ ضخمة, إضافة إلى أن استغلال إبداعات المنتوج و الطرق الفنية الجديدة يحتاج إلى قروض و مساعدات مالية.
و يعتبر هذا الجانب, التمويل, و نقص الإمكانيات من بين المشاكل التي تعاني منها البلدان النامية إذ تعتمد في أغلب الأحيان على البنوك و المؤسسات المالية كمصدر للدعم, عكس البلدان المتطورة التي تتوفر على هيئات حكومية خاصة تساعد في ذلك.
ب- السياسة التصنيعية:
ترتكز هذه السياسة على تعزيز جهاز الإنتاج, و بالأخص الصناعي منه, و يأتي ذلك من خلال الإستثمار فيه, إما بإقامة وحدة إنتاجية جديدة, أو التوسع في وحدة صناعية فعلية, مما يتطلب استعمال فنيات إنتاج فعالة من جهة, و الحرص على جودة المنتوج من جهة أخرى, أو الحفاظ على مستواها إذا كان عاليا أو الرفع و التحسن فيه إذا كان دون ذلك. 2
و لتحقيق كل هذه المتطلبات يستلزم مباشرة نشاطات البحث و التطوير و الإبداع التكنولوجي, و عليه كلما كانت السياسة التصنيعية مركزة على النشاطات كلما زاد حجم الإستثمارات.

ج- إنشاء مراكز البحث التطبيقي:
تنشأ هذه المراكز خصيصا بغرض تركيز الجهود و الموارد لحل المشاكل التي تصادف المؤسسات الإقتصادية في تأدية نشاطاتها في أقرب وقت و بنظرة شاملة, أي من مختلف الزوايا و الجوانب المتعلقة بالمشكلة. كما يمكن التمييز بين نوعين أساسيين من المراكز, النوع الأول يقوم حسب القطاعات الإقتصادية و الفروع الصناعية, مثل: مراكز البحث التطبيقي للصناعات الخفيفة, مركز بحث تطبيقي للصناعات الإلكترونية…إلخ.
أما النوع الثاني فيقوم على مستوى الوطن, و عادة ما تنشأ قبل مراكز البحث القطاعية, و توكل لها مهمة معالجة المشاكل الفنية للقطاعات و المؤسسات الإقتصادية في حالة عدم وجود مراكز خاصة بها.
إضافة إلى تصور و وضع النماذج لمنتجات و أساليب إنتاج جديدة, و تقديم الآراء و الإقتراحات و النصائح و الإرشادات التقنية في شتى المجالات التي تهتم أو تختص بها, و ذلك نظرا لحجم الإمكانيات و المعارف المتوفرة من جراء الخبرة و المعاملة.
د- توفير الحماية القانونية للإختراعات:
تعتبر هذه السياسات من الأهم التي يجب على الدولة القيام بها, لأنه ليس من المنطق أو الطبيعي أن نبذل جهود و ننفق أموال في بحوث و اختراعات معينة دون التفكير في حماية مخرجها, و من أشكال الحماية القانونية هناك براءة الإختراع, العلامة, النموذج.
• براءة الإختراع: ” و هي شهادة أو وثيقة تمنحها هيئات رسمية معينة, تتضمن الإعتراف باختراع ما, و يخول لصاحبه (شخصا كان أو مؤسسة) حق الملكية و بالتالي حرية الاستعمال”. 2
• العلامة: ” في حالة عدم الحصول على براءة الاختراع, يمكن للمؤسسات على وجه الخصوص أن تطالب بحماية منتوجها بعلامة, و هذه عبارة عن اسم أو رمز تختارها المؤسسة قصد تمييز منتوجها عن غيرها من المنتجات المتوفرة في الأسواق, و بالتالي حماية شهرة المؤسسة و ضمان الفوائد المترتبة عن ذلك”. 3
• النموذج: ” يرتبط حماية النماذج بالخصائص الشكلية و المميزة للمنتجات الجديدة, و أهمية هذه الحماية ليست قانونية, بينما تتمثل في إبراز اسم الشخص أو المؤسسة, مما يسمح له بتحقيق غايات معينة يمكن أن تكون مادية أو غير ذلك”. 4

II-2- السياسات على المستوى الجزئي- المؤسسة-
أ- الحوافز:
عادة ما تقوم المؤسسات بتشجيع الأفراد على بذل مجهودات أكبر في مجال البحث و التطوير و الإبداع التكنولوجي, من خلال تحفيزهم و تقديم علاوات مختلفة بهدف تحسين الأداء.
و يمكن حصر الحوافز في مختلف الهدايا و الجوائز التي تمنح للمخترعين و المبدعين بعد إثبات صحة أعمالهم, و ذلك بمراعاة الإحتياجات الشخصية و العائلية للأفراد مثل السكن, السيارات, التجهيزات, الترقية في الوظيفة, هذا من جهة, ومن جهة أخرى ربط الحوافز بالقيمة التقديرية لأعمالهم, و مدى انتفاع المؤسسة من الإختراعات و الإبداعات المحققة.
ب- الارتباطات:
و نقصد بها جملة العلاقات التي تنشئها المؤسسة مع المؤسسات الإقتصادية الأخرى, و كذا المؤسسات العلمية, و مراكز البحث التطبيقي, و من الأسباب التي تلجأ إلى قيام مثل هذه الارتباطات نذكر الأسباب التالية: 2
• سد الإحتياجات و الفراغات الناتجة عن نقص القدرات و إمكانيات المؤسسة, و جعلها أكثر فعالية؛
• الحاجة إلى التعاون مع الأطراف الأخرى, (مؤسسات علمية, مراكز بحث, قطاعات…) و التغلب على الصعاب, و إزالة العقبات من خلال التعرف على الناس و الخبراء في الملتقيات مثلاً, و تقوية علاقات العمل, و تبادل الخبرات؛
• الإستفادة من المعلومات في كل ما يتعلق بالنصح و الرشد, المعلومات التقنية, المعارف الجديدة و الدقيقة, الإقتراحات, التوجيهات حول كيفية تحسين التسيير و الأداء؛
• ضمان نوع من الأفكار, المعارف, الحلول؛
• إبرام اتفاقيات تعاقدية لفترات زمنية محددة.

III- علاقة العلم و التكنولوجيا و النمو الإقتصادي:
يقول Christopher Freeman: “اعترف الإقتصاديون بالأهمية الكبيرة للإبداع التكنولوجي في التقدم الإقتصادي, الفصل الأول من ثروة الأمم ل Adam Smith يغوص بصورة سريعة في الكلام عن التحسينات في الآلات, و بأي طريقة يرقي تقسيم العمل الإختراعات المختصة, نموذج Marx للإقتصاد الرأسمالي ينسب الدور الرئيسي إلى الإبداع التقني في السلع الرأسمالية, مـارشال Marshall لم يتردد في وصف المعرفة بالآلة الرئيسية للتقدم في الإقتصاد”.
من هنا يتجلى الدور الرئيسي الذي يلعبه التقدم التكنولوجي في تطور البلد, و الأهمية البالغة التي أعطاها علماء الإقتصاد لدراسة العلاقة بين التكنولوجيا و الإقتصاد. و عموما يمكن القول أن “العلاقة بين التكنولوجيا و التقدم الإقتصادي قائمة لا محالة, رغم أنها غير معروفة بكيفية دقيقة, و لهذه العلاقة أوجه مختلفة هامة يمكن شرحها كالتالي:
– إن للتكنولوجيا في شكل آلات و تجهيزات, و وسائل تقنية تسهل الأعمال, و تمكن الإسراع فيها و كذلك إتقانها؛
– إن التكنولوجيا في شكل معارف تقنية و علمية تمكن من تطوير مختلف الصناعات, القطاعات, الخدمات, و النشاطات الإقتصادية, و غيرها؛
– لكن الأثر الإيجابي الأكثر أهمية هو الذي يتمثل في إيجاد الحلول الناجحة للمشاكل المختلفة التي تجابه العملية الإنتاجية, أي المحافظة على مستوى معين من الإنتاجية أو تحسينه.
– التكنولوجيا تسهل انتقال المعلومة بسرعة, و تدقق الحسابات و بالتالي تساهم في اتخاذ القرار الإقتصادي المناسب في الوقت المناسب؛
كما أن صناعات التكنولوجيا العالية (منتجات التكنولوجيا العالية هي تلك المنتجات التي عرفتها OECD بأنها منتجات ذات الكثافة التكنولوجيا العالية و هي العقاقير و الأدوية, تجهيزات مكتبية, أجهزة كمبيوتر, آلات كهربائية, مكونات إلكترونية, طيران و فضاء أجهزة علمية), يؤدي إلى منافع قومية في الإنتاجية و تطوير التكنولوجيا و خلق فرص عمل مرتفعة الأجر, و على ذلك تعتبر هذه الصناعات عناصر أساسية في بناء القدرة التنافسية القومية.
كما أن القيمة المالية للمنتجات التكنولوجية جدّ معتبرة, و بالتالي يمكن لبلد ما أن يحصل على إيراد جيد مقابل تصديره لبعض المنتجات التكنولوجيا, “فمثلا الصادرات الهندية التكنولوجية إلى الخليج و صلت سنة 1999 نحو 30.2مليون دولار, و 47.2مليون دولار سنة 2000”.
إلا أن هذا لا ينفي بعض أخطار التكنولوجيا على البيئة و المحيط و المجتمع بصفة عامة, “فقد أصدرت منظمة العمل الدولية تقريراً أشارت فيه إلى أن تكنولوجيا المعلومات تعتبر من أهم الأسباب في ارتفاع أرقام البطالة العالمية, و قد وصل عاطلوا العمل بسبب التكنولوجيا إلى 160مليون عاطل”.
لهذا على دول العالم الثالث اليوم إذا أرادت أن تحقق تنمية اقتصادية معتبرة أن تهتم بالميدان التكنولوجي, و أن تحسن اختيار أي نوع من التكنولوجيا يلائمها من الذي لا يلائمها, و إن نقل أي تكنولوجيا لا تتلاءم و الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية بسبب تكلفة دون أن يكون له مردود معتبر, و بالتالي تبذير لأموال كان يمكن استخدامها في مشاريع أهم و أفيد و هذا يؤدي في المستقبل إلى ما يسمى التضخم التكنولوجي” و يمكن شرحه على أنه نتيجة ازدياد حجم التعاون بين الدول, دون زيادة حقيقية في الإنتاج, مما يؤدي إلى رفع سعر المنتجات نتيجة لزيادة النقود بالمقارنة مع كمية السلعة الخدمات المطروحة للاستهلاك مع تغطية هذا الإرتفاع في السعر ببعض مظاهر التحسينات التكنولوجية الطفيفة في نفس الوقت”
كما أن اختيار نوع التكنولوجيا يجب أن يستند على معايير اقتصادية, كالرغبة من زيادة الإنتاج الداخلي الخام, أو تحسين جودة الأسمدة الزراعية الصناعية مثلاً, و ليس على معايير سياسية كمال حدث في الإتحاد السوفياتي سابقاً, و على الحكومة أن تولي اهتماما بالمبدعين الشباب و تحفزهم مالياً, (جوائز, قروض, وسائل) و معنوياً كتحسيس المبدع بأهميته في المجتمع.

الخاتمة:

في ظل التغيرات و التطورات الجديدة و اللامتناهية, و في فترة تشهد تغير تكنولوجي متسارع و منافسة حادة بين المؤسسات الإقتصادية, ينبغي على المؤسسات إذا أرادت أن تفرض نفسها, و تحافظ على دوامها, و تغزو أكبر حصة من السوق, أن تهتم بوظيفة البحث و التطوير داخل المؤسسة, و كل ماله علاقة بالإبداع التكنولوجي سواءا عن طريق إنتاج منتوج جديد أو تحسينه, أو تغيير أساليب الإنتاج, أن تحسن اختيار نوع من التكنولوجيا الذي يلائمها.
و هذا الكلام لا يقتصر على المؤسسات فقط, بل يقتصر كذلك على الدول, لأنها إذا أرادت تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة, عليها الإهتمام بالميدان التكنولوجي و الإستثمار فيه, وذلك من خلال اعتمادها على سياسات من شأنها أن تدفع بعجلة التنمية الإقتصادية كبناء مراكز البحث التطبيقي, توفير الحماية القانونية, و تمويل أو إعانة مشاريع البحث التطوير, نظراً لأن هذه الأخيرة (مشاريع البحث و التطوير) تكلف كثيرا


السلام عليكم ورحمة الله