الوسم: العربية
http://arabsh.com/ihc6p489wz72.html
للامانة منقققققققققققول
http://www.berberjawahir.com/t1881-topic
[نص أدبي : النزعة العقلية في الشعر
تعريف الشاعر أبي تمام :
أَبو تَمّام188 – 231 هـ / 803 – 845 م
هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي ، أحد أمراء البيان ، ولد بجاسم ، من قرى حوران بسورية ؛ وهي قرية قرب دمشق على طريق طبرية ، وذلك نحو سنة 796م الموافق لـ 180 هـ ، وقيل 803 م الموافق لـ 188هـ .
رحل أبو تمام إلى مصر واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق ثم ولي بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها.
كان أسمر، طويلاً، فصيحاً، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع.
في شعره قوة وجزالة ، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري ، له تصانيف،
منها: فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل ، ونقائض جرير والأخطل، نُسِبَ إليه ولعله للأصمعي كما يرى الميمني
وذهب أحد الباحثين إلى أن والد أبي تمام كان نصرانياً يسمى ثادوس، أو ثيودوس ،
واستبدل الابن هذا الاسم فجعله أوساً بعد اعتناقه الإسلام ووصل نسبه بقبيلة طيء، وكان أبوه خماراً في دمشق وعمل هو حائكاً فيها ثمَّ انتقل إلى حمص وبدأ بها حياته الشعرية.
وفي أخبار أبي تمام للصولي : أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء
مناسبة القصيدة :
كتب أبو تمام هذه القصيدة بعد النصر الذي حققه الخليفة العباسي المعتصم حينما فتح عمورية مسقط رأس الإمبراطور الروماني تيوفل ، و كانت هذه المعركة بمثابة رد على اعتداء إمبراطور الروم على بلدة زبطرة العربية، التي عاث فيها الروم فسادا وقتلا و تدميرا، و انتقاما لما حل بتلك المرأة العربية حينما اعتدى عليها في السجون الرومانية، فهتفت مستنجدة ((وامعتصماه!))… سخر الجنود بهتافها وتعجبوا كيف يستطيع المعتصم أن يسمعها، بل كيف يقوى على الحصون المنيعة لامبراطوية عظيمة تدعى روما، ولما سمع الخليفة المعتصم بشأن المرأة قال قولته الشهيرة : والله لآتينهم بجيش أوله عندهم وآخره عندي . لكن المنجمين حذروا الخليفة من الهزيمة إن مضى سريعا ، وقالوا أنه يتوجب عليه الانتظار إلى زمن نضج التين والعنب، لكنه المعتصم لم يؤمن بتنجيمهم، وآمن بتقديم الأسباب من أجل النصر ، كما علمنا الله .. ومضى إلى الحصون فاكتسح أنقرة، واتجه إلى عمّورية فدك قلاعها وهزم جيشها ، وحرر تلك المرأة العربية . فنَظـَمَ أبو تمام هذه القصيدة وقد شهد المعركة الفاصلة .
وفي القصيدة سخرية من المنجميمين، حينما حذروا المعتصم من فتح عمورية، وتأكيد قاطع على أن قوة الحرب هي وحدها الحد الفاصل لتحقيق النصر .
أثري رصيدي اللغوي :
* إنباء : إخبارا (من أنبأ ينبئ إنباء أي اخبر يخبر إخبارا)
* الحد : الفصل * الصفائح : جمع صفيحة وهي الحديدة والمقصود هنا السيوف
* الأريب : جمع ريبة : الظن . * شهب الأرماح : الرماح رؤسها تلمع مثل الشهب
* الخميسين : مثنى الخميس وهو الجيش ؛ وسمي خميسا لأنه ينقسم على خمسة أقسام
* السبعة الشهب : هي الكواكب السيارة السبعة؛ وهي عند العرب : (عطارد ، الزهرة ، الشمس ، القمر ، المريخ ، المشتري ، زحل)
* تخرّصا : كذبا . * نبع : شجر صلب يتخذ منه القسيّ .
* غرب: شجر رخو ينبت على شاطئ النهر . * مجفلة عنهن: من الفعل أجفل بمعنى أسرع ، والمقصود أن الأيام ستكشف عن عجائب بسرعة
* دهياء : كارثة . * حُفّلا : الناقة التي امتلأ ضرعها باللبن
اكتشاف معطيات النص :
– يرمز السيف للقوة ، ويقصد بالكتب التمائم
– فضّل أبو تمام السيف عن الكتب في مجال الحرب
– عقد الشاعر موازنة بين أدوات القتال التي تحقق النصر وبين مزاعم المنجمين التي تثبط الهمم ، فأما أدوات القتال كالرماح مثلا تؤدي دورها الفعّال في المعركة بلمعانها وحركتها وتأثرها على المحاربين ، وأما التنجيم فلا قيمة له ، إذ أثبت فشله في تحقيق النصر وهو الذي زعم أن الهزيمة ستلحق بجيش المسلمين إن مضى لتوه إلى المعركة لكن المسلمين انتصروا بفضل مضيهم
– وقف الشاعر من أقوال المنجمين موقف الساخر المستهزئ بهم المتحدي لهم أن يأتوا بالحقيقة قبل وقوعها
– علاقة المنجمين بأخبار الناس هي الزيف والكذب عليهم، وإحباط عزائمهم
– قيمة الفتح أنه فتح عظيم، والدليل على عظمته أنّ الشعر والنثر يعجز عن الوفاء بحقه ووصفه
– المقصود بفتح الفتوح هو الفتح العظيم الذي لا نظير له
– انهزم لروم شر هزيمة ، وألحق الدمار بمدينتهم فاستوحشت ساحتها وميدانها، وأكلتها النيران من كل جانب ، فغدت ذليلة
– المخاطـَبُ الخليفة المعتصم ، الذي كان دوره في المعركة أنه كان قويا صلبا قاد الجيش للنصر بفضل الله
مناقشة معطيات النص :
– بدأ الشاعر قصيدته بحكمة يمجد فيها السيف ويسخر من المنجمين
– التنجيم هو علم التنبؤ الغيبي. نشأ في بلاد مابين النهرين بشمال العراق. وكان يعني بالطالع للتعرف عل أمور مستقبلي. ومارس السومريون والبابليون فن التنجيم من خلال مراقبة الشمس والقمر والنجوم والمذنبات وأقواس قزح للتنبؤ بالأوبئة والمحاصيل والحروب. وفي سنة 1000 ق.م. أصبح لدي البابليين والآشوريين مجموعة دلائل نجمية للقياس التنبؤي عليها. فحددوا من خلالها الأيام السيئة الطالع وأيام السعد
مكانة التنجيم في المجتمع ، بين مؤمن به لضعف نفسه وكثرة همه ، وبين منكر له ، علما أنه أكثر انتشارا في البلدان الفقيرة والمتخلفة
– أعلل تحليل الفكرة وعمقها، باعتماد الخيال ( الصور البيانية) والعاطفة القوية
– سبب ذم الخرافات والنفور منها أنها أضاليل تبعد الإنسان عن الحق والحقيقة ومن ثم فهي مدعاة إلى التخلف والرجوع إلى الوراء ن والفشل الذريع
– يعكس النص بعض مظاهر البيئة الفكرية والمادية لاسيما تلك التي تمثلت في ضعف الوازع الديني والإيمان بالخرافات والخوف منها، كما ورد في البيت السابع
أفكار النص الأساسية هي :
1- تمجيد القوة والسخرية من المنجمين (من البيت 1 إلى 8 )
2- تعظيم الفتح والفرح بالنصر (من البيت 9 إلى 11)
3- تصوير الدمار والحريق الذي خلفته المعركة في عمورية (من البيت12 إلى 13)
الصور البيانية في النص :
البيت الأول : السيف أصدق إنباءً: استعارة مكنية حذف المشبه به وهو" الإنسان" ، وأبقى على صفة من صفاته وهي الصدق في الإنباء ، أثرها هو توضيح معنى النصر لا يكون إلا بالسيف في ميدان المعركة ، وتقوية هذا المعنى في نفس القارئ
البيت الثالث : شبه الرماح بالشهب اللامعة التي تظهر في السماء ، ووجه الشبه بينهما هو اللمعان ، وأداة التشبيه محذوفة ، فهو تشبيه مفصل مؤكد
ملاحظة :
عندما تذكر أداة التشبيه يسمى مرسلا، وعند حذفها يسمى مؤكدا ، وعندما يذكر وجه الشبه يسمى مفصلا ، وعندما يحذف يسمى مجملا
تحديد بناء النص :
– الغرض من الاستفهام في البيت الرابع هو:السخرية من المنجمين والاستهزاء بهم ، وسبب تكراره هو تأكيد الإنكار الشديد على المنجمين وعلى تنجيمهم
– توحي كلمة زعموا وصاغوه ، باصطناع الفكرة وطبخها للناس من نسج خيالاتهم
– استمد الشاعر صوره من الطبيعة ، ومن واقع الحياة والمعركة
– النمط الغالب على النص هو الوصف والسرد والحجاج
– حجج المنجمين واهية باطلة لا أساس لها من الصحة فهي مستمدة من نسج الخيال، أما أدلة الشاعر فمنطقية تستند إلى الواقع والتجربة، والتجربة خير دليل وبرهان
تفحص الاتساق والانسجام :-
استطاع الشاعر أن يقيم جسرا ليعبر عليه من فكرة إلى فكرة ، يسمى هذا بالوحدة العضوية
………………………………………….. .
ص أدبي : الدعوة الى الجديد و السخرية من القديم ( وصف النخل )
أتعرف على صاحب النص
هو أبو علي الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس ولد بالأهواز من بلاد فارس سنة 145هـ من أم فارسية. نشأ في البصرة ، درس الشّعر رحل إلى الكوفة فأخذ عن أئمتها اللغة و النحو و الأدب، اشتهر باللهو و المجون ووصف كؤوس الخمر ، عرف بشعوبيته و أصله الفارسي ،توفي سنة 199هـ ، و قد نظم في جميع الأغراض و أجود شعره خمرياته.
اثري رصيدي اللغوي:
سرى: يسري سريا:مضى وذهب الليل قطعه بالسير / فتل: الحبل لواه والشيء اندمج وقوى والذراع عصبها فصاحبها أفتل فتلاء فتل ./ بيداء: هي الفلاة القفر (ج) بيد/ النخل : العطاء الشيء المعطى تبرعا ( الهبة)/ إبان : خلال/ فيئة:الشجر ظلل والريح الغصون حركتها / لبلبلة : اللبلاب نبات يلتوي على الشجر له ورق كورق اللوبياء ويسمى عاشق الشجر وحبل المساكين / خبل : يخبل خبلا : الحزن أو الهم ، الرجل أفسد عقله .
اكتشاف معطيات النص :
* اتخذ الشاعر موقفا خاصا من الرسوم والأطلال بحيث لم يبال بها ولم يحزن كما يحزن العربي عند تذكرها بل رفض الوقوف عندها كعادة الشعراء في قصائدهم .
* مظاهر حياة البدو التي رفضها الشاعر تبرز من خلال ثلاث نواحي : الحياة الاجتماعية بحيث تجلت مظاهرها من خلال سكن الخيام واستعمال الحبال لتماسكها" الطنب"وكذا مظاهر الطبيعة من سهول وجبال وذكر للحيوانات فيها كالحرباء والورل والضب والجمال.
* يهدف الشاعر وراء نفيه لمعرفة البدو وحياة البداوة إلى التجديد وميله إلى الحياة العصرية ورغبة منه في العيش الرغيد .
* دعا الشاعر معاصريه إلى وصف مظاهر الحياة العصرية من خلال التجديد في أشعارهم مع رفض القديم منه والاكتفاء بوصف عناصر الطبيعة الطبيعية والجامدة كالقصور الفاخرة . ترك حياة البداوة والبساطة إلى المدنية والحضارة
مناقشة معطيات النص:
* يدعو الشاعر معاصريه إلى الصدق الفني في قصائدهم وضح ذلك من خلال النص.
* الأسباب التي جعلت الشاعر يدعو إلى الثورة على التقاليد وعلى كل قديم ترجع إلى نزعته الشعبية وميله إلى أصله من خلال كراهيته إلى كل ما هو عربي ودعواته إلى التجديد.
* تظهر دعوة الشاعر إلى الصدق الفني من خلال البيت الأخير .
احدد بناء النص:
*يظهر الصراع الفكري من خلال نزعة الشاعر الشعوبية وهي صراع بين العنصر العربي والفارسي غير أنها نزعة هدامة لأن الاسلام لم يفرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى أما صراع الحياة المادية يظهر بين حياة البداوة والحياة الرغدة في الحواضر والقصور كما عرفتها الحضارة العباسية جراء العنصر الأجنبي خاصة الفارسي .
* يذكرنا البيت الأول بالمقدمة الطللية الغزلية .
* الألفاظ الدالة على ذلك : لا شجاني لا رسوم لا ابكي بيداء مقفرة لا شددت بها خيمة .. قصرا منيفا غناك طائرها
* نمط النص وصفي حجاجي
تفحص الاتساق والانسجام:
* تكرار النفي في الجزء الأول يعود إلى رفض الشاعر لكل
مظاهر البيئة البدوية ودعوته إلى الجديد.
* الأفكار : ( 1-7) رفض وترفع عن البداوة
( 8- 14) دعوة إلى الجديد في الشعر من خلال وصف الجوانب الحضارية .
* امتازت البيئتين المختلفتين اللتين وصفهما الشاعر ب: – البيئة البدوية بالبساطة من الناحية الاجتماعية فركز على المأوى والحيوانات والغطاء النباتي أما البيئة العصرية فامتازت بالفخامة والجمال .
أجمل القول في تقدير النص:
المجالات التي تناولها الصراع هي الحياة الفكرية والمادية بحيث دعا الشاعر إلى التجديد في الشعر من خلال التجديد في الموضوعات وهذا جانب ايجابي أما السلبي فهي السخرية من الإرث العربي وكذا الطابع الهدام خاصة وأن الصراع الفكري هدام إذ يحدث حربا عنصرية بين العرب والفرس والإسلام لم يفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى .
* الأسباب التي أوجدت هذا الصراع هي النزعة الشعوبية وكذا العصبية والسعي إلى التجديد في الشعر خلال العصر العباسي .
* تعلل سهولة اللغة عند الشاعر بميله إلى التجديد .
…………………………………..
شعر الزهد لأبي العتاهية
التعرف على صاحب النص :
أبو العتاهية (130هـ/748م) ولد في قرية عين التمر، تعاطى بيع الفخار، كان من المقربين إلى الخليفة المهدي ، درس مذهب المتكلمين و الزّهاد إلى أن زهد بالدّنيا قوال و معيشة ، و ظلّ يتداول تقربا بين الخلفاء المأمون ثمّ الرّشيد.توفى ببغداد و دُفن بها (210هـ/825م)خلفّ ديوانا شعريا يضّم قسمين: قسم الزهديات و قسم لسائر فنون الشّعر.
اثراء الرصيد اللغوي :
أرصاد:ج،الرّصد:الترقب مهام الخدم و الحرس ، الصرع ج أصرع صروع ،داء يصيب الرجل فيطرحه أرضا، تنبجس:تتفجر وفي القرآن الكريم { فَٱنبَجَسَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً.
اكتشاف المعطيات :
– بما استهل الشّاعر قصيدته؟ لا أحد يواجه الموت
23/11/1431 الموافق
30/10/2010
الحركة الاستعمارية ليست حديثة العهد، بل هي قديمة قدم التاريخ المكتوب، وإن كانت لم تعرف بهذا الاسم إلا في العصر الحديث. فالاستعمار يعني استيلاء دولة على ممتلكات دولة وتقاليدها وتاريخها ما استطاعت والاستبداد، ومحاولة تغيير ثقافة الدولة المغلوبة وتقليدها وتاريخها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. وقد أثرت تلك الحركة تأثيرا قويا في السياسة الدولية في هذا العصر.
ولفهم وسائل وأساليب الاستعمار في تزييف وتشويه تاريخ الأمم والشعوب التي نكبت به بصفة عامة والدول الإسلامية بصفة خاصة، لا بد لنا من الإلمام بأقوال دهاقنة الاستعمار من رجال السياسة والفكر في أوربا، ممن كانت لأقوالهم وأفعالهم أكبر الأثر في دفع حركة الاستعمار وفي تطورها وتوجيهها الوجهة التي يريدونها. فمن هذه الأقوال ندرك زيف ادعاءاتهم منذ بدايات ومقدمات الحركة الاستعمارية. ومن المنطقي أن تؤدي المقدمات الزائفة إلى نتائج زائفة. فليس من العسير على هؤلاء أن يشوهوا تاريخ الشعوب التي حكموها ليبرروا وجودهم رغم أنف تلك الشعوب.
هذه كلمة سقتها في بداية بحثي نبراسا يهدينا في دروبه وفي منعطفاته, أما عن الأساليب والدوافع التي تذرعت بها الدول الكبرى لتبرير استعارها – غير الأسباب الحقيقية التي تهدف إلى التملك والتسلط والسيطرة على مقدرات الشعوب سياسيا واقتصاديا وثقافيا، واستنزاف مواردها لخدمة ولرفاهية شعوب تلك الدول الكبرى – فهي متعددة، فمنها من اعتبرها مسألة كرامة أو هيبة ( Prestige) مثل بنجامين دزريلي ( Benjamin Disreali)(1)وزير خارجية بريطانيا ورئيس وزرائها في خطابه الذي ألقاه في ( Crystal Palace) في عام 1289هـ/ 1872 م وكأن هيبة الدولة وكرامتها لن تصبح حقيقة واقعة إلا باستبعاد غيرها من الشعوب.
ولم يكن دزيلي وحده – وقتئذ- يفتخر بعظمة الإمبراطورية البريطانية وإنجازات بريطانيا الاستعمارية ، بل شاركه في ذلك كثيرون من رجال السياسة والفكر أمثال شارلز دلكه (Charles Dilke)(2)، جيمي فرود ( James Froude)(3) وجون سيلي ( John Seeley)(4) ،وتوماس كارليل Thomas Caryle)) (5) ، وشارلز كنجلسي ( Charles Kingsley) (6) ،وجون رسكن ( John Ruskin) (7) ، وألفريد تنيسون ( Alfred Tennyson)(8)، ولورد سولسبري (Lord Salibryry)(9)،وجول فيري Jules Ferry) ) (10)،وسيسيل رودس ( Cecil Rodes)(11)وهوراشيو كتشنر ( Herbert Kitchener )(12)،وغيرهم.
ومن الادعاءات الزائفة لتبرير الاستعمار ادعاؤهم بأن للرجل الأبيض رسالة عليه أن يؤديها للشعوب المختلفة، وتشدق بهذا القول الكثيرون من رجال السياسة والفكر، ويعبر عن هذا الرأي الكاتب وياث ( Wayath) في كتابه « Ethics Of Empire » فيقول : " إن واجبا محددا قد عينه القدر لنا – وليس لغيرنا- وهو أن نحمل مشعل النور والحضارة إلى داخل الأماكن المظلمة في العالم، وأن نلمس عقول أبناء آسيا وإفريقيا بالقيم الأخلاقية النابعة من أوربا " (13) وهذا القول فيه تجن على تلك الشعوب، فالقيم الأخلاقية لم تنشأ في أوربا وحدها، وإنما نزلت بها عن طريق القهر والبطش.
ويرد على هذا الادعاء أحد كبار المؤرخين الفرنسيين المعاصرين وهو الأستاذ بيبر رنوفن ( Pierre Renouvan)بأن هذا القول "هو دائما مجرد شكل بسيط لتغطية المصالح أو الأطماع" (14) .
كذلك روج بعض الكتاب والمفكرين الاجتماعيين لحركة الاستعمار بالمناداة بنظرية "الصراع من أجل البقاء" ( Struggle For Existence) ،وعبر عن هذا الاتجاه رويارد كبلنج (Ruyard Kipling) (15)في عام 1308/ 1890 م؛ كما دعا هؤلاء إلى نظرية أخرى وجدت صداها في الأوساط الاستعمارية وقتذاك، ألا وهي نظرية "البقاء للأصلح" ( Suevival Of the Fittest) ، وقد عبر عنها كبلنج بقوله " بأن الاستعمار هو صورة من صور الكفاح من أجل الحياة، حيث ينتصر الشعب الأكثر استعدادا من الناحية الجسمانية والفكرية " (16).
وفي هذا المعنى أيضا يذكر الكاتب كارب بيرسون (Karl Vbreason)(17)"أن التاريخ يطلعني على طريقة واحدة لا يوجد غيرها، أدت إلى قيام حالة حضارية هي الصراع بين الأجناس، والبقاء للعنصر أو الجنس الأصلح في الجسم والعقل…إن طريق التقدم تغطية أشلاء الأمم التي تبيد ..إن الشعوب التي بادت، هي في حقيقتها الواضحة للعيان الدرج الذي رقاه الجنس البشري صاعدا نحو الحياة الفكرية الراقية والحياة الوطنية الراسخة التي نحياها اليوم".
وكأن البشرية في عرف هؤلاء الكتاب لن تتقدم إلا على أشلاء الشعوب الضعيفة التي كانت ضحية الاستعمار والمستعمرين.
كذلك حمل بعض المفكرين لواء نظرية " التطور الاجتماعي" التي أدت إلى ظهور فكرة تقسيم العالم إلى مجموعات كبيرة، فينقسم إلى ثلاثة أو أربعة شعوب كبرى صالحة للبقاء، وعلى الشعوب الضعيفة أن تموت أو تفنى أمام الدول القوية أو أن تخضع لها.
بل لقد بلغ الإسفاف والزيف في تبرير الاستعمار أنه – نسب – حاشا لله- إلى المشيئة الإلهية فيقول روزبري ( Rosebery) ( 1264-1349هـ 1847- 1929م) وهو من كبار حزب الأحرار في بريطانيا، "وأعتقد أن الإنجليز بطارقة العالم، وأنهم امبرياليون ( مستعمرون) – لا لأنهم أرادوا ذلك- ولكن لقانون عالمي إلهي يوجههم إلى أداء ذلك الواجب" (18).
والحقيقة التي لا مراء فيها أن الطمع في ثروات الشعوب الضعيفة ، والاستئثار بها لرفاهية شعوب الدول المتعدية كانت المحرك الأساسي لحركة الاستعمار . ويعبر عن هذا الرأي بصراحة تامة السير أوستن تشمبرلن (Sir Joseph Austen Chamberlin ) ) (19)فيقول : " هل هناك من يعتقد وهو في كامل وعيه أن السكان المكتظين في هذه الجزيرة ( يقصد بريطانيا ) لا يستطيعون أن يعيشوا ليوم واحد لو انقطعت عنا المناطق العظيمة التابعة لنا ، التي تتجه إلينا طلبا للحماية والمساعدة ، والتي تشكل الأسواق الطبيعية لتجارتنا " (20).
ورغم الصراحة التي يتصف بها هذا القول من مسئول بريطاني كبير ، إلا أن الزيف واضح في قوله أن تلك البلاد قد التجأت إليهم طلبا للمساعدة والحماية ،فالحقيقة أن كل البلاد التي خضعت للاستعمار قد وقعت بصورة أو بأخرى في قبضته ، نتيجة الغزو المسلح تارة أو التهديد والإجبار تارة أخرى ، ولم برغبتها الحرة على أي حال .
بعد هذا العرض الموجز لما أوردناه من آراء وأفكار ، جاءت على ألسنة كبار رجال السياسة والفكر ، يتضح لنا أن الاستعمار قام أساسا على زيف في القول والعمل ، وأن القائمين على أمره لم يتورعوا عن تزييف أسبابه ، فهم بالتالي لن يتورعوا عن تشويه وتزييف تاريخ الأمة الإسلامية التي خضعت لحكمهم ، كي يتمشى مع أهدافهم ومصالحهم . والأمثلة على ذلك كثيرة . ولكنني سأتناول بعضها على سبيل المثال – لا الحصر – إذ أن المقام لا يسمح بغير ذلك .
أولا – موقف المؤرخين الأوربيين من الدولة العثمانية:
مما لاشك فيه أن تاريخ الدولة العثمانية قد تعرضت للكثير من الدرس والتشويه عبر تاريخها الطويل ، ويرجع ذلك منذ تأسيس الدولة إلى عاملين رئيسيين : الأول أن العثمانيين المسلمين قد حلوا محل الدولة التي عمرت أكثر من ألف عام وكانت دول أوربا تطمع في أن تحل محلها ، إذا كان لابد لها من الزوال ، لاسيما روسيا التي كانت تدين بالديانة المسيحية على المذهب الأرثوذكس ، وهو مذهب الدولة البيزنطية نفسه .
والعامل الثاني أن الدولة العثمانية هددت دول أوربا فترة طويلة ووصلت جيوشها إلى أبواب مدينة فيينا ، وبعد أن أخضعت لحكمها دول شرق أوربا المسيحية ، ودخلت جموع من شعوبها في الإسلام ، كما أنها وقفت ضد أطماع البرتغاليين في الجزيرة العربية ، وأغلقت البحر الأحمر في وجه السفن المسيحية حماية للأراضي المقدسة في الحجاز من الاعتداء ، وطهرت جزر البحر المتوسط من فرسان القديس يوحنا الذين دأبوا على مهاجمة سفن المسلمين ونهيها ، وحمت دول شمال إفريقيا من الهجمات الصليبية من قبل الإسبان والبرتغاليين ، فحفظت له إسلامه وعروبته ، ورفعت لواء الإسلام في وجه دول أوربا المسيحية ستة قرون ، ولذا أخذت الحروب التي نشأت بينها وبين الدول الأوربية طابعا دينيا صليبيا (21)فكان لابد والحالة هذه أن ينعكس شعور الكره والتعصب على معظم الكتاب الأوربيين كراهية للدولة وللإسلام ،لاسيما وأنهم ربطوا بين الدولة العثمانية والإسلام ، فأي انتصار للعثمانيين هو انتصار للإسلام وهزيمة للمسيحية (22).
وقد وجدت الشعوب التي خضعت لأول مرة في تاريخها لحاكم مسلم أن تتخلص من الحكم عندما ظهرت بوادر الضعف على الدولة العثمانية ، فبدأت الحركات القومية في الظهور بتحريض وتشجيع من الدول الأوربية تحقيقا لمطامعها في الدولة (23)وخصوصا روسيا التي كانت تعمل على نشر مبادئ حركة الجامعة الصقلبية ( السلافية ) الكبرى ، وشعوب البلقان الخاضعة للحكم العثماني من الصقالبة أيضا ، فكانت روسيا تمالئهم بإطلاق اسم "الأخوة الصغار " (24)عليهم .
بل ادعت لنفسها الحق في حمايتهم كصقالبة صغار من عدوان الدولة العثمانية . وفي حقيقة الأمر فإن تلك الشعوب قد تمتعت بامتيازات كثيرة وبنوع من الحكم الذاتي لم تنله الشعوب الإسلامية .
وقد تركز تشويه تاريخ الدولة العثمانية بشكل واضح في فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني( 1293 – 1327 هـ/ 1876 – 1909 م) الذي تولى الحكم في أحرج فترة من تاريخ الدولة ، إذ كانت الدولة قد بلغت شأوا بعيدا من الضعف، واكبته ذروة الأطماع الاستعمارية والصهيونية في ممتلكاتها . ففي مستهل عهده شنت روسيا على الدولة الحرب الروسية التركية ( 1294 – 1295 هـ/ 1877 – 1878 م) وفرضت عليها معاهدة برلين(1295 هـ/1878 ) التي قطعت أجزاء واسعة من ممتلكات الدولة في أوربا ، والتي ترتب عليها احتلال فرنسا لتونس عام 1298 هـ/ 1881 م ) واحتلال بريطانيا لمصر عام 1299 هـ/ 1882 م ،ثم احتلال فرنسا لمراكش عام 1330 هـ/ 1912 م) (25)
وكان من أسباب مهاجمة الكتاب الأوربيين للدولة العثمانية في ذلك الوقت تبنى السلطان عبد الحميد حركة (الجامعة الإسلامية ) التي كانت ترمي إلى توحيد صفوف المسلمين حول السلطان العثماني للدفاع عن الإسلام والمسلمين ضد أطماع الدولة الأوربية الكبرى ، وحركة الجامعة الإسلامية في حقيقتها رد فعل للحركتين العدوانيتين اللتين عاصرتاها – وإن اختلفت عنهما في الأسلوب وفي الهدف والغاية .
فإذا كانت الحركة الأولى وهي حركة الجامعة الجرمانية حركة عنصرية هدفها تكوين وحدة سياسية من العناصر الجرمانية للوقوف ضد أطماع حركة الجامعة الصقلية تحت زعامة روسيا في شرق أوربا من جانب وضد أطماع فرنسا من جانب آخر ، فإن حركة الجامعة الصقلية حركة عنصرية كذلك هدفها إثارة صقالبة شرق أوربا ووسطها تحت ستار تخليصهم من السيطرة العثمانية من جهة ومن النفوذ الألماني المتمثل في حركة الجامعة الجرمانية من جانب آخر (26).
ومن ثم ، فالحركتان الجرمانية والصقلبيية عدوانيتا ن، بينما حركة الجامعة الإسلامية حركة دفاعية هدفها وحدة المسلمين والدفاع عن كيانهم تحت زعامة الدولة العثمانية من أطماع الدول الأوربية ، وما كان ذلك يرضي الدول بحال من الأحوال .
ومن الموضوعات التي حاول معظم المؤرخين الأوربيين تشويه تاريخ الدولة العثمانية بها ، إسهامها في عزل البلدان العربية عن العالم الخارجي ، مما كان له أكبر الأثر في تأخرها . ولكن الدارس لتاريخ الولايات العربية دراسة متأنية يرى أن هذا القول يفتقر إلى الصحة ، فالدولة العثمانية عقدت معاهدات تجارية مع معظم الدول الأوربية ، وكانت تلك المعاهدات تسري على جميع أجزاء الدولة بما فيها الولايات العربية .كذلك نجد أن معاهدات الامتيازات الأجنيبة قد أعطت للدول الأوربية صاحبة الامتيازات حرية التعامل مع تلك الولايات في مجالات كثيرة مما يدحض ما ذهب إليه المؤرخون من فكرة العزل (27).
وكان لكتابات وليم ملنر ‘William Milne)r) (28)وغيره ممن عاصروا السلطان عبد الحميد الأثر الكبير في تشويه تاريخ الدولة العثمانية في تلك الفترة . وكذلك عاصر السلطان عبد الحميد نشأة الحركة الصهيونية ومؤازرة الدول الكبرى لها، ومحاولاتها المستميتة بالسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين ، بالإغراء المادي تارة والتهديد تارة أخرى ، ووقوف السلطان من ذلك كله موقفا صلبا لا يلين محافظا على عروبة فلسطين ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، مما دفع دعاة الصهيونية وكتابها إلى مهاجمته وتشويه صورته أمام العالم الخارجي .
ثانيا – الحملة الفرنسية على الجزائر 1245 هـ/ 1830 م :
تمثل الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1245 هـ/ 1830 م مثلا آخر من أمثلة تشويه تاريخ الشعوب الإسلامية ، إذ اتخذت فرنسا منن حادثة المنشة ( المروحة) سببا جوهريا لمهاجمة الجزائر دفاعا عن شرفها وكرامتها التي أهدرت(29)ولم يكن هذا هو السبب الحقيقي للغزو ،فالتفكير في احتلال الجزائر سابق على هذه الحادثة بسنوات أرجعها عباس فرحات (30)إلى عام 1231 هـ/ 1815 م وفيها هزم نابليون بونابارت وفقدت فرنسا أجزاء واسعة من إمبراطوريتها ، تنازلت عنها لبريطانيا ، ومن ثم رأت فرنسا أن تستعيض عنها بدول المغرب العربي ،ولتكن البداية بالجزائر كنقطة انطلاق نحو الاستيلاء على المغرب بأكمله (31).
والحقيقة أن قوة الجزائر البحرية قد ازدادت زيادة كبيرة في البحر المتوسط (32)وتمكنت بهذه القوة البحرية أن تحفظ التوازن في القوى في الحوض الغربي للبحر المتوسط ،وأن تحمي السفن الإسلامية فيه ، وذلك خلال القرون الثلاثة السابقة على الاحتلال الفرنسي لها ، وكانت العلاقات بينها وبين فرنسا في مد وجزر ، فأحيانا يسودها السلام بناء على اتفاقات ، و أحيانا أخرى تهاجم كل منهما سفن الأخرى في البحر المتوسط ، وكان الكتاب الفرنسيون يطلقون على إغارات السفن الجزائرية بأنها أعمال قرصنة (33)ولكنهم يطلقون على ما يقومون به ضد السفن الجزائرية بأنه دفاع عن النفس .
وعلى أية حال كانت فرنسا حريصة على استمرار علاقتها مع الجزائر ، فكلما تعكر صفو تلك العلاقات حاولت إعادتها إلى صفائها مرة أخرى ، حرصا منها على سلامة سفنها ، وتحقيقا لمصالحها الاقتصادية ، وحفاظا على امتيازاتها التجارية ضد منافسة الدول الأجنبية (34)
واتصفت عملية الغزو الفرنسي للجزائر 1245 هـ/ 1830 م بالتعصب الديني من قبل فرنسا ، فيذكر الملك شارل العاشر – الذي حدث الغزو في عهده – بأنه لم يراع في هذه العملية سوى كراهية فرنسا للجزائر . (35)
لم تكن الكراهية وحدها هي الدافع للغزو ، فالمشكلات الداخلية التي تعانيها فرنسا وقتذاك كانت لها نصيب كبير في حكومة فرنسا إلى التفكير في القيام بمغامرة خارجية لتوجيه السخط الداخلي ، الذي قد يطيح بها ، إلى هذه المغامرة ، أولا وهي غزو الجزائر(36). بل إن من جاءوا بعد شارل العاشر من الملوك ساروا في نفس الاتجاه ، وأكدوا عدم تخليهم عن الجزائر ، لأن في ذلك إغضابا للمسيحيين في كل مكان وهم الذين فرحوا بهذا الغزو وباركوه (37) وإن تمسك فرنسا بالجزائر يعتبر تضحية منها في سبيل نشر الحضارة بين القبائل الجزائرية ، وحتى لا يقعوا في براثن استعمار آخر كالاستعمار التركي . (38)
وفي هذا القول رجوع إلى ما سبق أن ذكرته في مقدمة البحث ألا وهو التذرع برسالة الرجل الأبيض وحرصه على نشر الحضارة والثقافة بين القبائل الجزائرية ، ولكن الحقيقة تثبت عكس ما زعموه ، فلو نظرنا إلى التعليم في الجزائر عند مجيء الفرنسيين إليها نجد أن عدد المدارس الابتدائية وحدها في مدينة الجزائر عام 1245 هـ / 1830 م بلغ مائة مدرسة(39)، لم يبق منها في عام 1262 / 1846 – أي بعد الاحتلال الفرنسي بست عشرة سنة – سوى أربعة عشرة مدرسة(40) ضربنا هذا المثل بمدينة واحدة في الجزائر دون أن نذكر ما حدث في سائر المدن لأن هذا ليس موضوع دراستنا .
وعلى أية حال فإن نصف المؤسسات التعليمية قد اختفى من ولاية الجزائر في الفترة فيما بين عامي 1245 – 1265 هـ/ 1830 – 1850 م (41).وهذا يؤكد زيف ما ادعاه معظم الكتاب الفرنسيين من عدم وجود تعليم في الجزائر في العهد العثماني، وأن فرنسا هي التي عملت على نشره بعد احتلالها للبلاد .
ثالثا – مصر في ظل الاحتلال البريطاني ( 1299 – 1332 هـ/ 1882 – 1914 م) :
ادعت بريطانيا على لسان ممثلها في مصر إيفلن بيرنخ ( اللورد كرومر) بعد الاحتلال عام 1299 هـ/ 1882 م بأن مهمتها في مصر هي العمل على تحسين حال الفلاح ورفع الظلم عن كاهله ، وأظهر صداقته للفلاحين وأطلق عليهم " أصحاب الجلابيب الزرقاء " وحاول التخفيف عليهم من بعض الضرائب .
وكان الهدف من انتهاج تلك السياسة إزاء الفلاحين ، وهم يمثلون أغلبية شعب مصر ، ما قاموا به من دور بارز في مساندة الثورة العرابية نتيجة لسوء أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية ، وكثرة الضرائب ، وفرض السخرة ، واستبداد الحكام ، وطلبا في تحسين أحوالهم . وفي عهد الخديوي إسماعيل ( 1279 – 1296 هـ/1863 – 1879 م ) سرى في البلاد نوع من اليقظة والوعي ، وذلك لانتشار الصحف والمجلات ، ولتعاليم جمال الدين الأفغاني ، ونشاط تلاميذه ، وكان للفلاح نصيب منها ، ووجد الفلاحون في عرابي الأمل الذي يرتجى (42)، لاسيما وأن أوضاعهم الاقتصادية الحادة التي مرت بالبلاد (43).
وكان لخطورة الدور الذي قام به الفلاحون في الثورة أن عزمت سلطات الاحتلال على تصفية قوتهم والعمل على إضعافهم ، بل إن ما قاموا به قد أفزع كبار ملاك الأرض، ولذا وجدوا من مصلحتهم التعاون مع سلطات الاحتلال حفاظا على مصالحهم، ومن تم رأت بريطانيا أن تعتمد على طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية في تثبيت دعائم وجودها في مصر، وأن تربط مصلحتهم بمصلحتها، وبدأت تلك السلطات بتصفية كاملة للثورة في الريف المصري، فاعتقلت من الفلاحين ما يربو على 29.000 نسمة (44).
كما قامت السلطات بفصل حوالي 250 من صغار ضباط الجيش من أبناء الفلاحين، وجرودهم من رتبهم جزاء عصيانهم – وبدأت تخيم على البلاد فترة من الظلام في أعقاب فشل الثروة، ونفي وسجن وتشريد القائمين بها.
ونظرا لتعارض مصالح هذه الطبقة مع مصالح السواد الأعظم من الفلاحين فقد آثرت سلطات الاحتلال الوقوف إلى جانب كبار ملاك الأرض في أحيان كثيرة مضحية بجمهرة الفلاحين. وهنا ظهر التناقض واضحا بين أقوال هؤلاء المحتلين وتصرفاتهم الفعلية، فأدرك الفلاحون خداع المحتلين.
ولما كانت مصر دولة مدينة للعديد من الدول والمؤسسات المالية الأجنبية أصبحت بريطانيا بحكم إدارتها للبلاد مسئولة أمامها عن سداد الديون وأقساطها، ولذا بدأت تعمل على زيادة مساحة الأرض الزراعية، وأن تتبع سياسة التخصص الاقتصادي بالاعتماد على الزراعة ولا سيما زراعة القطن (45)اللازم لمصانعها، أي أنها سخرت اقتصاد مصر لخدمة الاقتصاد الإنجليزي.
ومن ثم بدأت بإصلاح القناطر الخيرية سنة 1304هـ/ 1886م وأنشأت قناطر أسيوط عام 1321هـ/ 1902م وخزان أسوان في العام نفسه، وقناطر زفتى في العام التالي، فزادت بذلك مساحة الأراضي الزراعية في مصر من 4.758.000 فدان عام 1299هـ/ 1882م إلى 5.4000.000 فدان في عام 1323هـ/ 1905م (46).
وكان المستفيد الأول من هذه المشروعات بريطانيا أولا، ثم طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية، وحملة سندات الدين المصري (47). بينما لم يستفد صغار الفلاحين شيئا يذكر، وذلك لكثرة الضرائب، وقلة إنتاجية الأرض واستبداد وظلم كبار ملاك الأراضي لهم.
حدث كل ذلك في الوقت نفسه الذي أخذ المعتمد البريطاني في مصر يتشدق بصداقته للفلاحين أصحاب الجلاليب الزرقاء، وبأوضاعهم التي تحسنت كثيرا في ظل الإدارة الإنجليزية، وإذا كانت سلطات الاحتلال قد خفضت بعض الضرائب في مستهل حكمها وألغت البعض الآخر، فقد أثبتت الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع، بأن ما تم بشأن الإلغاء إنما يرجع إلى أن نفقات جبايتها تبتلع معظم العائد منها (48).
ومع ذلك ظلت الضرائب المفروضة ثقيلة، وبلغت جملة الحجوزات الإدارية التي وقعت عليهم في الفترة من 1310-1321هـ/ 1893-1903م 323.259 حجزا، ونفذ البيع بالمزاد في 2.640 حالة، بلغت مساحة الأرض المباعة فيها 53.880 فدانا (49) ، وتوالت بعد ذلك الحجوزات التي تقدر بعشرات الآلاف في السنوات التالية. وترتب على ذلك ضياع الكثير من الملكيات الصغيرة سدادا للديون، وانتقلت ملكية تلك الأراضي إلى الأعيان ومشايخ القرى وبعض اليونانيين والسوريين (50).
وفي عام 1301هـ/ 1884 م يوجه اللورد كرومر ضربة أخرى إلى صغار الفلاحين وذلك بإلغاء مجانية التعليم، فحرم بذلك أبناء الفقراء منهم والذين يمثلون السواد الأعظم من الشعب المصري من تلقي العلم، بحجة أن من يرغب في العلم فعليه إثبات ذلك بدفع نفقاته (51)وأدى انتشار الجهل بين الفلاحين إلى سوء أوضاعهم الاجتماعية والمادية والصحية، ولم تكن سلطات الاحتلال تعبأ بما يصيب الفلاحين من أمراض، لأن سياستها الصحية كانت وقائية فحسب وليست علاجية (52).
أما عن حادثة دنشواي (53)1324هـ/ 13 يونيه 1906م ) التي أسقطت القناع عن وجه كرومر، وأظهرت زيف ادعاءاته بالعطف على الفلاحين والعمل على إصلاح أوضاعهم، فالحادثة تمثل غضبة الفلاحين من قوات الاحتلال التي كانت دائمة التوغل في أرجاء الريف المصري فيما بين القاهرة والإسكندرية، لإرهاب الفلاحين والقضاء على روح التذمر والغضب من تلك القوات (54)ومن سياسة المحتل الزراعية التي أثرت كبار ملاك الأراضي، فزادت دخولهم، واتسعت ملكياتهم، بينما كادت تنقرض الملكيات الصغيرة، فزادت دخولهم، واتسعت ملكياتهم، بينما كادت تنقرض الملكيات الصغيرة، فضلا عن كثرة عدد المعدمين، فجذور الحادثة ترجع إلى السنوات السابقة عليها، وما عاناه الفلاحون من سلطات الاحتلال.
وخلاصة الحادثة أن بعض الضباط الإنجليز وهم في طريقهم من القاهرة إلى الإسكندرية قد توقفوا عند بلدة منوف، وأبدى بعض الضباط ورغبتهم لمأمور المراكز في الصيد في قرية دنشواين فوافق على طلبهم وأعد لهم المركبات اللازمة لذلك؛ هناك توغل أحد الضباط داخل القرية، وصوب طلقاته على أحد أجران القمح، فصاح به أحد الفلاحين بأن يكف عن إطلاق النار وإلا احترق الجرن، فلم يأبه لتحذيره وواصل طلقاته فقتل امرأة وأشعل النار في أحد الأجران، فتجمع أهل القرية للإمساك به، فهب زملاؤه لنجدته، وجرى ضابطان آخران في اتجاه معسكرهما للالتجاء به، وكان الحر شديدا فسقط ميتا من ضربة الشمس (55).
وما إن علمت سلطات الاحتلال بالحادث حتى طاش صوابها، وعزمت على الانتقام من الفلاحين وأن تنزل بهم أشد أنواع العقاب، فقبضت على 250 فردا وحاصرت القرية بقوات كبيرة العدد، وقدم المتهمون للمحاكمة أمام المحكمة المخصوصة، وأقيمت المشانق في القرية قبل أن ينتهي التحقيق، مما يدل على النية المبيتة لضرب الحركة الوطنية في هؤلاء المتهمين.
واستغل الزعيم مصطفى كامل هذه الحادثة لمهاجمة السياسة البريطانية في مصر وفي أوربا بكل شدة وعنف منددا بعدالة الإنجليز في دنشواي (56). وصدر الحكم بإعدام أربعة فلاحين شنقا ونفذ الحكم داخل القرية، وحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على اثنين، وبالأشغال الشاقة لمدة 15 عاما على واحد، وبالأشغال الشاقة لسبع سنوات على ستة، وبالحبس والشغل مدة سنة والجلد خمسين جلدة على أربعة، وبالجلد خمسين جلدة على خمسة أفراد.
حدث هذا رغم أن تقرير الطبيب الشرعي الإنجليزي قد أثبت أن الوفاة كانت بسبب ضربة الشمس، وليست نتيجة عدوان وقع عليه.
لا ريب أن الحادثة قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك زيف ما تغنى به كرومر طوال فترة وجوده في مصر، من صداقته للفلاحين، وعطفه عليهم والعمل على إصلاح أحوالهم ومعاملته بالعدل.
فما دونه كرومر في كتابه Modern Egyptعن سياسة بريطانيا في مصر به تشويه لتاريخ تلك الفترة وقلب للحقائق. ومما يؤسف له أن الكثيرين من المؤرخين الأجانب والعرب قد نقلوا عنه، بصفته مصدرا هاما من مصادر تاريخ تلك الفترة.
ولذا كان على بريطانيا، بعد أن تعرت سياسة كرومر أمام المصريين، أن تسحبه من مصر، وأن تستبدله بغيره عنه في الأسلوب ولكن لا يختلف عنه في الغاية.
ويمكننا القول إن هذه الحادثة أدت إلى نشاط الحركة الوطنية، وإلى سيادة روح التذمر والبغض لدى كل المصريين، ولا سيما الفلاحين (57).
ولذا لم يكن من قبيل الصدفة أن تقوم ثورة 1337 هـ/ 1919 على أكتاف الفلاحين في مرحلتها الأولى، وكانت عنيفة ومدمرة.
ونظرا لأن سلطات الاحتلال كانت تخشى من انتقام الفلاحين بعد تلك الحادثة إذا ما أتيحت لهم الفرصة المناسبة، فقد لجأت في سنتي 1334 – 1335 هـ/ 1915 – 1916م إلى نزع ما بأيديهم من أسلحة بلغت ما لا يقل عن مائة قطعة مختلفة الأنواع والأحجام (58)فقل ما بأيديهم من أسلحة، ترتب على ذلك كثرة ما سقط من ضحايا خلال ثورة 1337 هـ/ 1919 م.
من الأمثلة السابقة سيتضح لنا أن الدول الاستعمارية كثيرا ما لجأت إلى تزييف الحقائق التاريخية وتشويهها ، كي تتفق مع أهدافها ومع سياستها الاستعمارية التي رسمتها لحكم الشعوب المقهورة، والتي تهدف في المقام الأول تحقيق مصالحها أولا وقبل كل شيء. وأن منطق القوة الغاشمة قد دفعها إلى العبث بكل شيء، بمقدسات تلك الشعوب وبقيمها، وعاداتها وتقاليدها، وتاريخها، ومثلها الأعلى في ذلك "الغاية تبرر الوسيلة " والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
* أستاذ التاريخ الحديث المعاصر كلية الآداب – جامعة الإسكندرية
(1) درزيلي ، بنجامين ( 1804-1881)، سياسي بريطاني، تولى رئاسة الوزراة البريطانية مرتين عام 1868 و ( 1874- 1880) وعرف بسياسته الاستعمارية. وأهم أعماله شراء أسهم مصر في قناة السويس سنة 1875.
(2) دلكة، شبالز ( 1843-1991)، من رجال السياسة والفكر الإنجليز، وممن أيد السياسة الاستعمارية ومجدالإمبراطورية البريطانية في كتابهGreater Britain)) الذي نشر في عام 1868.
(3) فرود، جيمس ( 1818- 1894)، وهو مؤرخ وكاتب ، وممن أشادوا بالإإمبراطورية البريطانية في كتابه الأقيانوسية ( Oceana)الذي صدر في عام 1886.
(4) سيلي، جون ( 1843-1895) ، أيد حركة الاستعمار ومجدها في كتابه ( Exapansion Of England) ونشر في عام 1883.
(5) كارليل، توماس ( 1795-1881)، وهو كاتب ومؤرخ وفيلسوف إنجليزي.
(6) كنجلي ، شارلز ( 1819- 1975) ، وهو رائي وقس إنجليزي،بارك الحركة الاستعمارية، وحاول التوفيق في كتاباته بين العلم الحديث والعقيدة النصرانية.
(7) رسكن، جون ( 1819 – 1900) ،وهو كاتب فنب إنجليزي، وإلى جانب تأييده للحركة الاستعمارية، اهتم بدراسة المجتمع الصناعي الجديد وبيان مساوئه.
(8) تنيون، الفريد ( 1809- 1892)، وهو شاعر إنجليزي ويعد من أكبر شعراء العصر الفيكتوري.
(9) لورد سولسبري ( 1830 – 1903) من كبار رجال الدولة في بريطانيا وهو من حزب المحافظين وقد تولى رياسة الوزارة.
(10) فيري، جول ( 1832-1892) ، وهو سياسي فرنسي كبير، تولى رئاسة الوزارة الفرنسية في اعوام ( 1880- 1881) و ( 1883- 1885) وعرف بسياسته الاستعمارية.
(11) سيسيل، رودس ( 1853-1902) ، وهو أحد رواد الاستعمار البريطاني ومن أنشط رجال المال والسياسة الإنجيز، قضى شطرا كبيرا من حياته في جنوب إفريقيا الجنوبية،وشجعته الحكومة الإنجليزية على إنشاء مستعمرة روديسيا ( زبمبابوي حاليا) سنة 1890.
(12) كتنشر،هوارشيو هربرت ( 1850- 1916)، مارشال بريطاني،وأصبح وزيرا للحربية البريطانية عام ( 1914- 1916).
(13)Langer, W, L., Diplomacy Of Imprialisme, P .93.
(14) رونوفن، بيبير، تاريخ العلاقات الدولية ( 1815-1914)، تعريب دكتور جلال يحيى، الإسكندرية، 1986،ص.516.
(15) كبلنج،رويارد ( 1865- 1936)ن من مؤيدي حركة الاستعمار وألف في هذا الموضوع كتابين هما :
( Departmental Ditties) في عام 1886، و ( Take Up the Xhite Man burden) في عام 1899.
(16) رونوفن، المرجع السابق / ص.515.
(17) محمد محمود السروجي، تاريخ أوربا الدبلوماسي – من السبعينات للقرن التاسع عشر إلى الحرب العالمية الأولى ، الإسكندرية 1966، ص.115-117.
(18) المرجع نفسه ، ص.118.
(19) تشمبرلين ، جوزيف أوستين ( 1836 – 1914 ) ، سياسي بريطاني ، شغل منصب وزير خارجية بريطانيا من ( 1924 – 1929 ) .
(20) 20 أنظر Foreigin & Colonial Speeches
(21) عبد العزيز الشناوي ، الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها جدا ، القاهرة ، 1984 ، ص . 15 .
(22) المصدر نفسه ، ص. 15 .
(23) محمد محمود السروجي ، مصر والمسألة الشرقية من القرن التاسع عشر ، القاهرة 1966 ، ص . 5 .
(24)Summer , B . H . Survey of Russian History , London , 1945 , P 20 .
(25) السروجي ، مصر والمسألة الشرقية ، صص . 303 -310 .
(26) محمد مصطفى صفوت ،الاحتلال الإنجليزي لمصر وموقف الدول الكبرى إزاءه ، القاهرة ، 1952 .صص. 17 .18
(27) The Ottoman Empire and its Successors 1801 – 1927 , London , 1927
(28) الشناوي ، المرجع السابق ، صص . 690 – 829 .
(29) كوليت وفرانسيس جانسون ، الجزائر الثائرة ، ترجمة محمد علوي الشريق و آخرين ، دار الهلال ، 1957 .
(30) مجاهد جزائري من رجال الحركة الوطنية في الجزائر ، و أول من تولى رئاسة الحكومة الجزائرية المؤقتة التي أقيمت بالقاهرة عام 1958 ، وورد هذا القول في كتابه ، حرب الجزائر وثورتها (ليل الاستعمار ) ، ترجمة أبو بكر رحال ، مطبعة فضالة ، المغرب ، ص . 9 .
(31) صلاح العقاد ، المغرب العربي ( الجزائر ، تونس ، المغرب الأقصى ) دراسة في تاريخه الحديث وأحواله المعاصرة، ط 2 ، القاهرة ، 1966 ، ص . 86 .
(32) Lacoste , y , L’Algérie , passé et présent , Paris , P 180 .
(33) Julien , ch -A , Histoire de l’Afrique du Nord , Tunisie – Algérie – Maroc : de la Conquete Arabe à 1830 ( 2eme éd ) Paris , 1966 , pp . 286 . 287 .
(34) De grammont , H. D Histoire d’ alger sous la domination turque , 1515 – 1830 , Paris , 1887 , p . 248 .
(35) عباس فرحات ، المصدر السابق ، ص . 10 .
(36)Ageron , ch . Robert , Histoire de l’ Algérie contemporaine ( 1830 – 1976 ) P.U.F., 1982 , pp .5 &6.
(37) سليمان الهادف قريري ، القوى الوطنية في الجزائر ومقدمات الثورة التحررية ( 1945 – 1954 ) رسالة ماجستير بجامعة الإسكندرية ، غير منشورة ، ص . 18 .
(38) كوليت وفرانسيس جانسون ، المصدر السابق ، ص. 9 .
(39) المصدر السابق ، De Grammont , p . 229 .
(40) المصدر السابق ، Lacoste , y . p . 130
(41) المصدر السابق ، ص . 131
(42) لطيفة محمد سالم ، القوى الاجتماعية في الثورة العرابية ، الهيئة المصرية العامة لللكتاب ، القاهرة ، 1981 ، ص . 297 .
(43) محمد محمود السروجي ، الجيش المصري في القرن التاسع عشر ، دار المعارف ، 1967 ، صص .537 -556 .
(44) المصدر السابق، ص.588.
(45) محمود إبراهيم الشواربي، حركة الفلاحين في مصر ما بين ثورتي 1882-1919، رسالة ما جستير غير منشورة ، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية عام 1978،ص.169.
(46) 153-152 hrouchley, The Economie Developement Of Modern Egypt, PP
(47) رؤوف عباس، النظام الاجتماعي في مصر في ظل الملكيات الزراعية الكبيرة 1837-1914، الطبعة الأولى، دار الفكر الحديث ، القاهرة، 1973، ص.113.
(48) رؤوف عباس، مذكرات محمد فريد، القسم الأول، ص.67.
(49) جرجس حنين، الأطيان والضرائب في القطر المصري، القاهرة 1322هـ/ 1904،ص.627.
(50)Bear, G.A. History Of Landowmership In Modern In Egypt London, 1962, P.36.
(51)Cromer, Earl, Modern Egypt, 1908, P.532.
(52)Colvin, Sir Aucland, The Making Of Modern Eegypt, 1938, P.313.
(53) دنشواي : قرية صغيرة تابعة لمركز منوف، اشتهرت بكثرة أبراج الحمام الذي يربى فيها من قبل الفلاحين.
(54) محمد جمال الدين المسدى، دنشواي، مطبوعات مركز وثائق مصر المعاصر، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1947،صص.7-8
(55) المصدر نفسه، ص.75.
(56) محمد محمود السروجي ، ثورة 32 يوليو 1952، جذورها وأصولها التاريخية ،ص.113.
(57). عمر عبد العزيز عمر، دراسات في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، دار النهضة العربية، بيروت، 1975،ص.377.
(58) F.O. 407 / 184 N° 120 Memorarandum by Sir R.Graham On the Unrest Egypt. هـ 1 سروجي
الكتب العربية النادرة : دراسة فى المفهوم و الشكل/ الصوينع، على السليمان
الحجم 7.5 MB
الشيخ محمد سعيد رسلان
الطبعة الرابعة
http://www.ajurry.com/vb/attachment….1&d=1333751225
الطبعة الثانية 2022/ هجرية 1443
http://www.ajurry.com/vb/attachment….1&d=1333751418
فقد وقفت على مقالات لعلاّمة الأدب و اللغة علي الجارم رحمه الله في بيان الأغلاط الشائعة في اللغة العربية ضمن كتاب ( جارميات) جمع الدكتور أحمد علي الجارم , في غاية الإتقان و الفائدة فأحببت أن أنشرها لإخواني رجاء الأجر و المثوبة , فإليكم المقالة الأولى و الله وليّ التوفيق .
إصلاح الغلاط الشائعة في اللغة العربية (1) (*)
لقد نهضت لغة القرآن الكريم – و لله الحمد و المنة – نهوضا مباركا في جميع الآفاق , و أحس أبناؤها نزعة نفسية تدفعهم إلى ربط طريف مجدهم بتليده , و حديث تاريخهم بقديمه , فاتجهوا إلى العربية في أزهى عصورها و أنضر عهودها , يتخيرون أرق ألفاظها و أقوى أساليبها و أروع أخيلتها , فامتلأت كتاباتهم بالطريف النادر , و أشعارهم بالرقيق الساحر , و خطبهم بالجزل الرصين , و من وازن بين حالي اللغة الشريفة في عصر نهضتنا هذه و في العصر السابق عليه عصر السبات و الظلام , رأى الفرق جسيما و البون عظيما , و دهش كيف أن ابنة عدنان استطاعت في هذه الفترة القصيرة من أعمار الأمم و أدهار التاريخ أن تخطو هذه الخطوات الواسعة , و أنها تبقى كامنة خادرة حتى إذا وجدت السبيل أمامها مذللة , و الطريق معبدة , وثبت وقبة تطوى لها الأرض , و تطأطئ لها الجبال , و إن نظرة في تاريخ الفصحى تدل على أنها تنقبض في صدفها و لا تموت , و تنصل في ألواحها و لا تمحى { إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون } فقد أصابت العربية أحداث , و مستها قروح كان أقلها كافيا لهدم أقوى اللغات ركنا و أمنعها حصنا من غارات للأعجمية ذهبت بالرطب و اليابس و جولات للشعوبية كادت تقضي على الشرف الخالد و المجد التالد :
و مع هذا أيها السادة بقيت اللغة العربية تنظر إلى الأحداث شزراً , و تسخر من الخطوب , فقام رجال في هذا العصر في كلا بلاد العربية بنصرتها و شد أزرها و الإشادة بمجدها.
لهذا أيها السادة تروننا لا نألوا جهدا في تطهيرها من أدران اللحن , تنقيتها من فاسد الأساليب , لأن الشعور بالنقص أول مراتب الكمال , و لأن أبا الطيب يقول :
و لم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على الكمال
و لو أنّ كلّ أديب نبّه إلى خطأ فأصلحه , أو فساد تعبير فتجنبه , لطهرت اللغة من شوائب النقص في زمن قصير , و إلى الشباب ندائي , و إلى أبناء العربية رجائي أن يكون لهذه المحاضرات أثرها النافع إن شاء الله تعالى
و لنبدأ بالكلام في الموضوع فنقول :
– يخطئ كثير من الشادين في الكتابة فيستعملون فعلا لا وجود له في العربية و هو (( تضامن)) فيقولون مثلا : يجب أن نتضامن في هذا الأمر و هذا المشروع يحتاج إلى التضامن , يريدون أنّه يحتاج إلى بذل الجهد المشترك مع ثقة كل شخص بأخيه
و من العجيب أن هذا الفعل المصنوع الزائف انتشر على ألسنة المثقفين انتشارا عظيما , خير فعل يحلّ مكانه و يؤدي معناه الفعل ((تواثق)) و مصدره التواثق , قال كعب بن زهير :
ليوفوا بما كانوا عليه تواثقوا *** بخيف منى و الله راءٍ و سامعُ
أي : ليوفوا بالأمر الذي تعاهدوا عليه و اتفقوا على بذل الجهد فيه متحدين متواثقين , و يشبه خطأهم في استعمال هذا الفعل الذي لا أصل له في اللغة استعمالهم الفعل تكاتف , فيقولون : يجب أن نتكاتف في هذا الأمر , بمعنى نتعاون , و نجاح هذا المشروع موقوف على التكاتف , و هذا الفعل تكاتف لم يرد في كتب اللغة المعتمدة , و الكلمات الصحيحة في هذا المعنى كثيرة فلسنا بحاجة إلى ابتكار فعل جديد نشتقه من الكتف , ففي الاستطاعة أن نقول : نتعاون ونتعاضد و نتساند و نتآزر , و لا بد من المعاونة و التعاضد و التساند و المؤازرة .
-و من الغلط أنهم يجمعون الأبله على بلهاء , و هذا من أعجب العجب , لأن أَفْعَل الذي مؤنثه فَعلاء , كأبله و بلهاء لا يجمع جمع تكسير إلا على : فُعْل , أما بلهاء فإذا صحّ فإنّه يوجب أن يكون في اللغة : بليه و باله , و ليس لهما وجود فيها , فالصواب أن يجمع الأبله على بله , كما يجمع الأحمق على الحمق , و الأعرج على العرج.
– و من الغلط الفاشي قولهم : تحسنت الصناعة عن ذي قبل , و زيادة (( ذي )) قبل الكلمة ((قبل)) غلط لأنه لا معنى له و لأن العرب لم تستعمل هذا التركيب , و لم تجىء كلمة قبل في لغتها مسبوقة بذي, و إنما تقول في التركيب السابق : تحسنت الصناعة عما كانت عليه من قبل .
أما ذي فإنها لا تدخل على قبل , و إنما تدخلها العرب على قبل – بفتحتين- لمعنى غير هذا المعنى , فتقول : أفعل ذلك من ذي قُبَل , أي : فيما استقبل من الزمان , و لا شك أن الغرضين مختلفان , و أن قُبَل غير قَبْل.
– و يغلطون فيقولون : تقضي آداب اللياقة بكذا , كأنهم يجعلون اللياقة مصدرا للفعل , لأن يليق و هو ليس له بمصدر , لأنّه لم يسمع بين مصادره و لأنه لا يدل على حرفة حتى ينقاس , و إنما مصدره الصحيح : الليق و الليقان , فالواجب أن نقول : تقضي آداب الليق و الليقان بكذا , و لو أننا أبدلنا ياء اللياقة باءً , فقلنا اللباقة – بالباء – لأصبنا شاكلة الصواب , فإن العرب تقول : هذا الأمر يلبق بك و لا يليق بك أي لا يحسن فمن السائغ لنا أن نقول : تقضي آداب اللباقة بكذا.
– و من الأغلاط الفاشية قولهم : حادث مريع , فيصوغون اسم الفاعل و هو مريع من الفعل أراع , و لا أثر لهذا الفعل في اللغة و إنما يقال : راعني الأمر و روعني , بمعنى : أخافني و أفزعني و لا تقل أراعني , فالصواب أن يقال : حادث مروع , و يصح أن تقول : حادث رائع , بمعنى : مفزع أيضاً و لكن الرائع يأتي لمعنى آخر , فقد يكون لما يعجب الناس بحسنه و جهارة منظره أو شجاعته , تقول : جمال رائع و الأصل في ذلك كلّه الروع , و هو القلب أو موضع التأثر منه , و زللهم هذا يشبه في قولهم : هذا فعل مُشِين – بضم الميم – و ما هذه الأفعال المُشينة ؟ و هذا غلط صارخ , لأنه ليس بين أفعال اللغة (أشان) و إنما الفعل شانه و يشينه شيناً بمعنى : عابه فالصحيح أن يقال : عمل شائن , أو : عمل مَشين – بفتح الميم – على أنه اسم مفعول أي أنه عمل يعيبه الناس و يشينوه.
– و من الغلط قولهم : زرتك و الساعة تسع , مثلا , و وجه الغلط فيه أن الساعة هنا مبتدأ , و من القواعد الأولى في العربية وجوب مطابقة الخبر المبتدأ , فإذا كان المبتدأ مفرداً وجب أن يكون الخبر مفردا , و الساعة هنا مفرد يدل على شيء واحد ما في ذلك ريب , و تسع تدل بوضعها على أكثر من شيء واحد , أي أنها تدل على تسعة معدودات , فانتفت المطابقة و اضطرب الكلام , هبْك قلت : التفاحة تسع , أو: الدواة تسع , أتظن هذا قولا تسيغه نفسك أو يستسيغوه سامعوك؟ و لكن الألسن جرت على هذا اللحن و لم تضجر له الآذان , لأنه شاع في العامية فلما نقل إلى العربية كان له في النفس مكان مأهول , و الصواب – إن أريد التشبث بهذا التركيب – أن تقول : زرتكتك و الساعات تسع , أو أن تقول كما يقول الناس : زرتك في الساعة التاسعة .
– و يقولون : هذا الشيء يجلب الشهية للطعام , أو : يذهب بالشهية . و كلمة الشهية بهذا المعنى غلط هنا لا ندري من أين جاءت , و إنما الشهية : مؤنث الشهى , و الشهى : الشيء المشتهى و اللذيذ , و لا شك أن الكلام لا يستقيم البتة حين نقول : هذا الشيء يجلب الشهية للطعام , إذ يكون معناه هذا الشيء يجب اللذيذة للطعام و هذا هراء , فالصواب أن يقال : هذا الشيء شه للطعام أو يشهي الطعام أي يجمل على اشتهائه.اهـ ص ( 227 / 229 ) طبعة دار الشروق.
……………يتبع بإذن الله مع المقالة الثانية في بيان الأخطاء الشائعة في اللغة العربية .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) نشرت بمجلة الراديو المصري بالعدد 181 في 30 سبتمبر 1938 ص 8 و لقد تعرض المرحوم(أ) لهذا الموضوع الهام و قد فيه سلسله من الأحاديث الإذاعية . (أحمد علي الجارم).
(أ) هكذا جاءت عبارة جامع الكتاب أحمد علي ابن الأديب علي الجارم , و كما هو مقرر و معلوم من عقيدة أهل السنة بعدم جواز الشهادة لأحد كائن من كان بالجنة أو الرحمة إلا من ورد في حقّهم نص ثابت .
فتوى الشيخ العلامة المجدد ابن باز رحمه الله :
حكم القول للميت: المغفور له، أو المرحوم
ما هي العبارات التي تطلق في حق الأموات فنحن نسمع عن فلان (المغفور له) أو (المرحوم) فهل هذه العبارات صحيحة؟ وما التوجيه فـي ذلك؟
المشروع في هذا أن يقال: (غفر الله له) أو (رحمه الله) ونحو ذلك إذا كان مسلما، ولا يجوز أن يقال: (المغفور له) أو (المرحوم)؛ لأنه لا تجوز الشهادة لمعين بجنة أو نار أو نحو ذلك، إلا لمن شهد الله له بذلك في كتابه الكريم أو شهد له رسوله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الذي ذكره أهل العلم من أهل السنة، فمن شهد الله له في كتابه العزيز بالنار كأبي لهب وزوجته، وهكذا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة كأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وبقية العشرة رضي الله عنهم وغيرهم ممن شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام بالجنة كعبد الله بن سلام وعكاشة بن محصن رضي الله عنهما، أو بالنار كعمه أبي طالب وعمرو بن لحي الخزاعي وغيرهما ممن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالنار نعوذ بالله من ذلك نشهد له بذلك.
أما من لم يشهد له الله سبحانه ولا رسوله بجنة ولا نار فإنا لا نشهد له بذلك على التعيين، وهكذا لا نشهد لأحد معين بمغفرة أو رحمة إلا بنص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أهل السنة يرجون للمحسن ويخافون على المسيء، ويشهدون لأهل الإيمان عموما بالجنة وللكفار عموما بالنار، كما أوضح ذلك سبحانه في كتابه المبين قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا[1] الآية، من سورة التوبة، وقال تعالى فيها أيضا: وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ[2] الآية، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الشهادة بالجنة أو النار لمن شهد له عدلان أو أكثر بالخير أو الشر لأحاديث صحيحة وردت في ذلك.
[1] سورة التوبة من الآية 72.
[2] سورة التوبة من الآية 68.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس.
أنظر موقع سماحة الشيخ رحمه الله .
http://www.binbaz.org.sa/mat/1835
تقويم فيفري في اللغة العربية يناسب تدرج التعلمات
هذا الموضوع على شكل دراسة نص
للتحميل من هنا
كلمة سر فك الضغط:
ta3lime.com
أشكركم جزيل الشكر وجعله زاداً لكم ثوابا طيبا في الدنيا والأخرة.