التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول ماهية السعر و العوامل المؤثرة على قرار التسعير

تـمـهيــد:

بعدما تعرّفنا على أهمية و دور المزيج التسويقي ننتقل الآن إلى متغيرة من متغيراته و التي تتمثل في السعر، بحيث يعتبر للأسعار أهمية خاصة في مجال التسويق نظرا لعلاقتها المباشرة مع المبيعات و التكاليف و الأرباح، وهذا ما جعل رجال التسويق يهتموّن أكثر بهذا العامل التسويقي الذي احتل مكانة مرموقة داخل المؤسسة، لذلك يتوجب عليها أن تكون على علم بكّل العوامل أوالمؤثرات التي يتأثر بها السعر و أن تركز على التخطيط و الاختيار المناسب لهذا العنصر .
لذا سنتطرق في هذا الفصل إلى مفهوم السعر و أهميته، و الأهداف المرجوة من تحديده، كذلك سنتناول العوامل المؤثرة في قرار التسعير و كلّ ما يتعلق به في النظرية الاقتصادية .
و سيعالج هذا ألفصل الإشكالية التالية :
– ما هي ماهية السعر؟
– ما هي العوامل المؤثرة في هذه المتغيرة التسويقية ؟

المبحث الأوّل : تعريف السعر:

يعتبر السعر، أحد عناصر المزيج التسويقي الهامّة، لماله من أثر على المبيعات و الأرباح في المؤسسات، خاصة إذا كانت هذه المؤسسات ذات طابع اقتصادي تسعى إلى تحقيق الربح .
و يوجد للسعر عدّة تعاريف منها:
أولا : ” السعر هو القيمة معبّراً عنها بوحدات نقدية، و يعبّر التسعير عن فن ترجمة قيمة المنتج للمستهلك إلى وحدات نقدية في لحظة زمنية معينة” . (1)

يشير هذا التعريف إلى أنّ السعر، مجرّد قيمة نقدية، يدفعها المستهلك مقابل سلعة أو خدمة يقتنيها، أي يعتبره عنصر أساسي للتبادل بين المؤسسة وزبائنها، تجاهلا بذلك الدور الهام الذي يلعبه هذا العنصر في القرارات الاستراتيجية التي تأخذها المؤسسة، و أيضا عدم إعطاء معنى للسعر من زاوية التسويق.

ثانيا: و نعرّف السعر أيضا بأنّه : ” متغيرة التسويق الوحيدة التي تولد مباشرة الإيرادات و الأرباح، و التي لا تحتاج إلى استثمار ونفقات إلاّ إلى تفكير ودراسة” .(2)
نستخلص من هذا التعريف ما يلي :
• يبيّن لنا، بأنّ السعر متغيرة من متغيرات التسويق الأكثر أهمية كونها تقوم بإدخال أرباح للمؤسسة؛
• يشير التعريف إلى أنّ هذه المتغيرة تتطلب من رجل التسويق إلى تخطيط و تركيز من أجل تحديد السعر المناسب للسلعة.

ثالثا: و يعتبر ” السعر عملية وضع قيمة نقدية أو عينية لسلعة أو خدمة يمكن استخدامها لتلبية حاجة معينة .
و تتضمن هذه القيمة، غالبا تكاليف تصنيع و بيع السلعة، مضافا إليها هامش محّدد من الربح، مع الإشارة إلى أنّ هناك عوامل متعددّة تؤثر على هذا السعر كالمنافسة و العرض و الطلب و قيمة الاستخدام … إلخ “.(1)
نستنتج من هذا التعريف، أنّ التسعير هو إعطاء لسلعة أو خدمة ما يقابلها من قيمة سواء كانت نقدية أو معنوية.
كما نلاحظ أيضا، بأنّ هذا التعريف يبّين لنا كيفية تحديد السعر بإضافة هامش ربح إلى التكلفة، و العوامل المؤثرة في متغيرة السعر.
كما يعرف بأنّه مركب أساسي لاستراتيجية التسويق، يأتي لتعزيز موقع المؤسسة على جزء من السوق، كما أنّه عنصر أساسي للتبادل بين المؤسسة وزبائنها.
نخلص إلى أنّ السعر يعدّ من العوامل الرئيسية في استراتيجية المؤسسة التنافسية، فهو يمثل دورا هاما للمؤسسة التي تسعى إلى تحقيق هدف الربح وزيادة نصيبها من السوق.
حيث أنّ الربح الحدّي هو الفرق بين التكلفة و السعر .
و الشيء الذي يمكن أن ننبه إليه في هذا الصدد هو أنّ المؤسسة ليست كاملة الحرّية في اختيار الأسعار المناسبة لها، بل هناك قوى مؤثرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، و أنّ لكلّ منها دور فعّال في تحديد السعر .

المبحث الثاني : أهمية التسعير:
يعتبر السعر، من أهم عناصر المزيج التسويقي نظرا لعلاقته المباشرة مع المبيعات و التكاليف و الأرباح .
” و هذا ما جعل هذه الأهمية تزداد زيادة محسوسة عند رجال التجارة ومشرفي التسويق، إذ نجد أنّه في الأبحاث التي أجريت عام 1964 قد تم تصنيف تشكيل الأسعار في المرتبة السادسة من بين أثني عشر عاملا من عوامل تسويق السلع، كما و أن استجواب المشرفين على الأعمال التجارية و رجال البيع قد أظهر أن تكوين و إعداد الأسعار يعّد من أكثر المسائل أهمية ” (1).
ومنه نستخلص من هذا المبحث الإشكالية التالية:
ما هي أهمية السعر بالنسبة لكلّ من المؤسسة والمستهلك؟

المطلب الأول: أهمية السعر بالنسبة للمؤسسة:
– يعتبر السعر وسيلة لتحقيق أهداف المؤسسة العامّة، كما يعتبر العامل المهم و المؤثر مباشرة على ربحيتها، و لهذا فإنّ اتخاذ قرار التسعير، يتضمن اشتراك عدّة إدارات أخرى معنية مثل الإنتاج و التمويل والمشتريات… إلخ؛
– يمثل السعر، العنصر الوحيد من عناصر المزيج التسويقي الذي يؤدي إلى توليد إيرادات، بينما تمثل المجهودات الخاصة بالسلعة و ترويجها وتوزيعها مصروفات على المؤسسة، و عليه فإنّ تحديد السعر المناسب يمكن أن يؤثر على نمو المؤسسة على المدى الطويل؛
– ” يعّد السعر أكثر عناصر المزيج التسويقي مرونة، حيث يتيسر للمؤسسة تعديل أسعارها أكثر من قدرتها على تغيير سلعها أو تغيير حملاتها الترويجية، أو إعادة تصميم نظامها التوزيعي “. (2)

و نظرا لهذه الأهمية التي يتميز بها التسعير، فإنّ إدارة التسويق تعطي له مكانة خاصة، كون هذه الإدارة تستطيع، من خلال ذلك تحقيق أهدافها العامة، إضافة إلى ما يمكن لسياسة التسعير من أن تلعبه كأسلوب منافسة.
المطلب الثاني : أهمية السعر بالنسبة للمستهلك :

“يعتبر السعر بالنسبة للمستهلك محددا من محددات الحصول على السلع والخدمات التي يريدها”.(1)
و تظهر أهميته، بإختلاف و تنوع منفعة و قيمة السلع و الخدمات، ومتى كان متماشيا مع دخل المستهلك، فهو مستعد للدفع أكثر للسلع التي تلبي رغباته.
“للسعر أيضا تأثير نفسي على المستهلك، حيث يربط العديد من الناس بين السعر المرتفع للسلعة و جودتها، و عليه فإنّه يمكن للمؤسسة أن تؤكد على جودة السلعة عن طريق تحديد أسعار مرتفعة لها، و هو ما يلجأ إليه المستهلك”.(2)
مـن هذا المنطلق، كان التسعير محور إهتمام الكثير من الكتاب والباحثين.
“كما تظهر أهمية و صعوبة قرار التسعير عندما نعرف أن تحديد سعر بيع السلعة ليس في حد ذاته القرار الأخير أو الوحيد بشأن عملية التسعير بل هناك عدة قرارات أخرى مكمّلة منها : تحديد سعر لكلّ شكل من الأشكال أو الأحجام المختلفة، أو تحديد سعر لكل منطقة أحيانا، إذا كان هناك داع للإختلاف.(3)

المبحث الثالث : أهداف السعر :

“يجب على كلّ مؤسسة، تحديد الهدف الذي تريد الوصول إليه عن طريق التسعير”(1) لأن الأهداف التسعيرية، هي الغرض الرئيسي الذي تسعى سياسات التسعير إلى تحقيقها، ومنه تكون الإشكالية كما يلي :
– ما هي أهم الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة عن طريق السعر ؟

المطلب الأول : هدف الربح :
يعتبر هدف الربح أكبر مؤثر في قرارات التسعير، حيث تسعى الكثير من المؤسسات إلى تعظيم أرباحها في فترة زمنية معنية.
“و تركز على الإبقاء و المحافظة على هوامش ربح، و العمل على تخفيض النفقات و إختيار السعر الذي يمكن من الربح و يمكنّ من الحصول على المبيعات الضخمة”.(2)

أ / تعظيم الربح :
“إن أهداف التسعير الأكثر شيوعا هو تعظيم الربح:
إذن سنقوم على فرضية دالة الطلب ـ الذي يرتبط مع السعر و الكمية المباعة ـ و دالة التكلفة (التكلفة الثابتة و التكلفة المتغيرة)” (3) .
تقوم بحساب السعر الذي يعظم الربح كما يلي.:

نلاحظ بأنّ هذه العبارة تتكوّن من دالتين : دالة الطلب التي تربط بين السعر و الكمية المباعة و دالة التكلفة التي تمثل التكاليف الثابتة و التكاليف المتغيرة.
إلا أن تعظيم الربح يعتبر نسبي لأنّه، لا يمكن تحديد رقم معين على أنّه أكبر ربح، بالرغم من أخذ عامل المنافسة و مرونة الطلب بعين الإعتبار.

ب/ تحقيق معّدل العائد على الإستثمار مقبول :

“كذلك فإنّ الأهداف المرتبطة بالأرباح، قد تأخذ شكل تعظيم العائد على الإستثمار”(1) حيث تسعى الكثير من المؤسسات للوصول إلى نسبة معينة من حجم إستثماراتها، بحيث ” يمكن أن يرشدنا هذا المعدل للحكم على نسبة التقدّم خاصة في حالة السلع الجديدة. و تحدد المؤسسات الكبيرة نسبة العائد الذي تعتقد أنّه العائد المناسب. ثم يحسب السعر على أساسه و الذي يضمن تحقيق المعدل السابق”.(2)
“على سبيل المثال، تحدد شركة جنرال موتورز نسبة 20 % كعائد مقبول و مربح لإستثماراتها” .(3)

معادلة العائد تكون كالآتي تعليم_الجزائر4)

من هذه العبارة نستنتج بأنّ هذا المعدّل ما هو إلا حاصل قسمة الأرباح المحققة أي نسبة صافي الربح على صافي الأصول المستثمرة في المؤسسة أي رأس المال المستثمر.
و بمعنى آخر فهو الذي يقيس مقدار الربح الناتج عن كل دينار مستثمر، فإذا كان سعر الفائدة السائد في سوق المالية 8 %، فإنّ مبلغ الربح الذي يجعل المؤسسة تشتغل في شروط مقبولة من الربحية هو الذي يجعل معدل العائد على الإستثمار أكبر من 8 %.
لكن من الضروري التأكيد على أن هناك بعض رجال التسويق يعارضون في إستخدام معدل العائد على الإستثمار، كأساس لتحديد السعر و يقولون إنّه يكفي أن يستخدم فقط كمؤشر عند التسعير.

جـ/ تحقيق أرباح مرضية :
قد تكتفي بعض المؤسسات بنسبة معقولة من الأرباح، مع الأخذ بعين الإعتبار التكاليف – التي تسمح لها بالإستمرارية – لكن مع مرور الزمن قد تتغير هذه النسبة و ذلك لعدة أسباب منها الحاجة إلى زيادة الإنتاج أو غيرها.

المطلب الثاني : الأهداف المتعلقة بالمبيعات :
“في حالات كثيرة، فإنّ الحجم الكبير من المبيعات، قد يساعد على تدعيم فكرة قبول المستهلك لمنتجات المؤسسة، و إنتشارها في السوق، على الرغم من أن ذلك لا يضمن بالضرورة مستوى مرض من الأرباح”.(1)
و يتضمن هذا الهدف مجموعة من الأهداف الأخرى و هي :

أ/ زيادة كمية الوحدات المباعة :
نقصد بهذا الهدف تحقيق أقصى إيراد من المبيعات من خلال أكبر مبيعات ممكنة، لأنّ الزيادة فيها تؤدي إلى الزيادة في الأرباح.
و لهذه الطريقة مزايا و تتمثل في :
• إن زيادة عدد الوحدات المباعة، تؤدي إلى زيادة معدل دوران المخزون و منه زيادة الربح الإجمالي ؛
• زيادة الكميات المباعة سيؤدي إلى إنخفاض نصيب الوحدة الواحدة من التكاليف الثابتة، و بالتالي التكاليف الكلية أيضا ستقل ؛
• إن بيع كميات كبيرة من السلع يمكّن المؤسسة من الإستفادة من ميزة منحنى الخبرة و ذلك من مبدأ إنخفاض التكلفة كلّما زادت خبرة العامل.

“و لكن يؤدي الكساد و الأزمات الإقتصادية إلى إعادة النظر في هذه الطريقة، لأنّ المؤسسات، تحققت من أن الزيادة في المبيعات لن تؤدي بالضرورة إلى زيادة الأرباح”.(1)

ب/ زيادة القيمة النقدية للوحدات المباعة :
في هذا الهدف، يكون التركيز جلّيا على زيادة الإيرادات المحققة من المبيعات، و لكن التركيز يكون على زيادة القيمة النقدية المحققة من هذه المبيعات.
” قد يكون التركيز على زيادة السعر نتيجة لخلق ” إنطباع” مميز لسلعة المؤسسة و توجيهها نحو شريحة سوقية محددة تكون قادرة و راغبة في دفع أسعار أعلى مقابل حصولها على سلعة بمميزات فريدة”.(2)

جـ/ زيادة الحصة السوقية :
” إنّ المؤسسات التي تبحث أساسا عن حصة السوق، تقدّر بأنّ زيادة حجم المبيعات سوف ينجر عنه أرباح أكثر أهمية و ذلك بفضل إقتصاديات السلم”.(3)
فعلى فرض زيادة المبيعات، تزيد مبيعات المنافسين بمعدلات أكبر و لن تشعر هذه المؤسسة بالأمان.
و” للقضاء على هذه المشكلة، تحاول المؤسسة، أن تراقب عن قرب نصيبها من السوق، و لذلك تخفض الكثير من المؤسسات من أسعارها بغية الحصول على نصيب أكبر من سوق السلعة”.(4)

المطلب الثالث : هدف البقاء :
” يعتبر البقاء هدف أساسي و مشترك بين الأهداف التسعيرية لكافة المؤسسات(1)” و حتى تضمن المؤسسة بقائها في السوق سنجدها تضحي بأمور كثيرة في سبيل ذلك رغم تعرضها إلى مشاكل و ضغوطات من جهات أخرى، كالمنافسة الحادة مع المؤسسات، أو تغيير حاجات و رغبات الزبائن ” .(2)
في مثل هذه الظروف، لا تطمح المؤسسة بأكثر من الحق في البقاء والإستمرار، و لكي تتمكن المؤسسة من إختيار هذه الظروف، فقد تلجأ إلى سياسة السعر المنخفض لزيادة مبيعاتها، التي تضمن لها تغطية التكاليف المتغيرة و جزء من التكاليف الثابتة، و بمعنى آخر السماح لها بالبقاء في مجال الأعمال.
” على سبيل المثال، قد تلجأ مؤسسة ما تنتج سلعة إستهلاكية إلى تخفيض السعر إلى الحد الذي يمكن أن يتساوى مع التكاليف الكلية للوحدة الواحدة من أجل البقاء.
كما قد تلجأ إحدى المؤسسات للطيران إلى تخفيض أسعار تذاكرها إلى أقل من تكاليفها الفعلية لتحقيق هدف البقاء ” .(3)

المطلب الرابع : المحافظة على الوضع الراهن (الإستقرار):
عندما تكون المؤسسة مقتنعة بوضعها، و غير متوّرطة في سياسات تسعيرية، قد تلحق بها أضرار بالغة أو خسائر غير منظورة، فإنّ المحافظة على وضعها الحالية، قد يكون أفضل الخيارات المتاحة لها، و ذلك بالمحافظة على استقرار أسعارها في فترة زمنية معينة، لأنها ترغب في تجنب التغيرات التي يصعب التنبؤ بها مثل حرب الأسعار. و” قد تنظر المؤسسة إلى استقرار السعر على أنّه مسألة حيوية، و المؤسسة التي تحتل المركز القيادي غالبا ما تسعى جاهدة للمحافظة على استقرار الأسعار”.(4)

المطلب الخامس : زيادة التدفقات النقدية Casf Flow :

“نقصد بالتدفقات النقدية، المال الذي يدخل إلى المؤسسة من المبيعات وغيرها من الإيرادات و يخرج منه على شكل مدفوعات نقدية إلى الموردين والعاملين…إلخ(1) .
و تستطيع المؤسسة، زيادة المعدلات النقدية عن طريق تخفيض المبيعات النقدية و الحد من المبيعات الآجلة، أو منح خصومات نقدية للعملاء لتعجيل تسديد ذممهم خلال فترات قصيرة.
كما أنّ استخدام معدّل التدفق التقدي، كهدف للتسعير قد يكون مناسبا لبعض المواقف مثلاً : في تسعير السلع التي تتميزّ بدورة حياة قصيرة.
و قد يترتب عن هذه الطريقة التقليل من قيمة أو فاعلية السعر في تحقيق أرباح معقولة للمؤسسة .

المطلب السادس : البحث و المحافظة على مستوى عال من الجوّدة :

عندما ترغب المؤسسة أن تحافظ و تدافع على صورتها في السوق في مجال الجودة و الإتقان، فإنّها تلجأ إلى هذا الهدف التسعيري أي إلى سياسة السعر المرتفع، من أجل تغطية تكاليف البحث و التطوير، و أيضا لمواجهة تكاليف الإنتاج المرتفعة بحكم جودة السلعة و شدّة إتقانها و رقي المواد الداخلية في إنتاجه. و خلاصة القول، فإنه مهما كان الهدف المتبع، فإنّ المؤسسات تـستخدم السعر كأداة إستراتيجية، التي تأخذ بعين الإعتبار آثار الطلب والتكاليف “.(2)

المبحث الرابع : العوامل المؤثرة في تحديد السعر :
بما أن المؤسسة، تؤثر و تتأثر بمحيطها الخارجي، و بما أن تحديد السعر، في غاية الأهمية و الصعوبة في الوقت نفسه، فإنّه يتعيّن على المسوّق أخذ العديد من العوامل في الإعتبار عند إتخاذ قرار التسعير فمنها ما هو داخلي مرتبط بظروف و أحوال المؤسسة، و منها ما هو خارجي مرتبط بالبيئة التسويقية التي تعمل فيها.
و عليه يجب على المؤسسة تحليل هذه العوامل بعناية قبل تحديد أسعارها.
ومنه نستنتج الإشكالية التالية:
ـ ما هي العوامل الداخلية و الخارجية المؤثرة في تحديد السعر داخل المؤسسة؟

المطلب الأول : العوامل الداخلية :
” عند الحديث عن العوامل الداخلية نقصد بذلك العوامل التي بإمكان المؤسسة السيطرة عليها، و لديها القدرة على الحدّ من آثارها السلبية، و تشمل هذه العوامل ما يلي “(1) :
• أهداف المؤسسة : لابّد من الإشارة هنا أن هدف التسعير، يجب أن يخدم الهدف التنظيمي للمؤسسة و بأنّها تؤثر في تحديد الأسعار. فمنها من تسعى إلى الإهتمام بتحقيق الأرباح على مستوى كلّ سلعة، سواء في المدى القصير أو في المدى الطويل في حين تهتم أخرى بالربحية الإجمالية، و هناك المؤسسات التي تهدف إلى زيادة نصيبها من السوق قد تلجأ إلى سياسة هجومية (سعر منخفض، خصومات … إلخ).
• متغيرات المزيج التسويقي : يعتبر السعر أحد العناصر المهمة في المزيج التسويقي، و لهذا فإنّه يؤثر و يتأثر ببقية العناصر الأخرى، وعليه يجب إتخاذ قرار التسعير في ضوء علاقته بالقرارات الخاصة بالعناصر الأخرى من سلعة و ترويج و توزيع ” فالمنتج و ما يرتبط به من خدمات مكملة هو جوهر ما يتم تسعيره ” (2) و قد تقدمّ المؤسسة سلعة ما بسعر منخفض مع تخفيض جهود الخدمات المكمّلة للترويج، و قد تُقَدم نفس السلعة بسعر مرتفع مع تكثيف جهود الخدمات الأخرى.
و بالتالي نستنتج أن المؤسسة التي ترفع أسعارها لابد و أن تخلق ما يبرر ذلك، و إذا رفعت أسعارها دون أن تقوم بأيّ جهد تسويقي آخر، فالنتيجة هي خسارة فادحة للمؤسسة.
• التكاليف : “تعتبر التكاليف، أحد المحددات الأساسية عند تحديد المؤسسة لأسعارها”(1) لأن الأرباح لا تتحقق إلاّ بتغطية التكاليف و إذا كان سعر بيع الوحدة أقل من تكلفتها، فهذا يؤدي بها إلى الخسارة.

“و لذلك كان عامل التكلفة واضح الأهمية إلاّ أن ذلك لا يعني أنّ المنتج يستطيع ببساطة أن يصل إلى سعر البيع عن طريق تكلفة السلعة، تكاليف البيع والتكاليف الأخرى”.(2)
غير أن في بعض الأحيان تحدد فيها الأسعار بالتكاليف و ذلك عندما لا تكون للمؤسسة كامل الحرية في تحديد الأسعار.
مما سبق يمكن القول بأن المؤسسة تراقب حجم التكاليف بدّقة حتى تتمكن من وضع الأسعار المناسبة لمجاراة المنافسين، إذ أنها تسعى دائما إلى إمكانية تخفيض التكاليف لكن دون التأثير على مستويات الإنتاج و جودته و تلبية رغبات المستهلكين.

• الإعتبارات التنظيمية :
عادة ما تقرر الإدارة من هي الجهة المسؤولة عن وضع سياسات التسعير، و لذلك تقوم المؤسسات بوضع هذه السياسات بأساليب مختلفة، ففي بعض المؤسسات يكون لرأي مدير الإنتاج و مدير التسويق وقع ملموس عن التسعير، وفي مؤسسات أخرى تحدد الأسعار بطريقة مركزية.
و في مجال المؤسسات الصناعية الضخمة، نجد أن هذه المؤسسات تقوم بتأسيس إدارة مستقلة، مهمتها وضع و تحديد الأسعار المناسبة.

• التكنولوجيا و أساليب الإنتاج المستخدمة :
تؤثر كثيرا التكنولوجيا و أساليب الإنتاج المستخدمة في قرارات التسعير، وهذا لإعتماد المؤسسة على هذا العنصر، بإدخال أحدث التكنولوجيا مما يجعل المؤسسة في موقف تسعيري أفضل، بحيث أنّه كلمّا كانت سلع المؤسسة مميزة عن سلع المنافسين، كلّما كانت حرة أكثر في تحديد أسعارها.
” و لكن إذا كانت جميع]السلع[ متشابهة في خصائصها، يصبح من الصعب على أية مؤسسة أن تخرج عن الأسعار السائدة”.(1)

المطلب الثاني : العوامل الخارجية :
تؤثر العوامل البيئية التي تحيط بالمؤسسة في قرارات تحديد الأسعار.
يجب على مديري التسويق، قياس و تحليل تلك العوامل، و في حالات أخرى يحاولون تغيير البيئة التسويقية و خلق جو جديد يساعد على وضع إستراتيجية التسعير. و من بين أهم العوامل الخارجية :

• الطلــب : تتأثر قرارا ت التسعير بالحالة الإقتصادية السائدة، و لهذا فعلى المؤسسة وضع إستراتيجية محكمة تتماشى و تتناسب مع الظروف الإقتصادية، لذا “فإنّ المرحلة الأولى في عملية التسعير هي التنبؤ بحجم الطلب الكلّي على السلعة و قد يكون ذلك أمرًا سهلاً في حالة السلع التي يتم تقديمها بصفة فعليه إلى السوق مقارنة بالسلع الجديدة و التي لم يتم تقديمها بعد”.(2)

فمن خلال التنبؤ بمقدار الطلب على السلعة يمكن للمؤسسة أن تحدد منحنى الطلب على السلعة و كذلك مرونة الطلب السعرية. فإذا كان الطلب على السلعة في السوق طلب مرن، فقد يكون من الأفضل فرض سعر منخفض والعكس صحيح إذا كان الطلب على السلعة غير مرن.
ملاحظة : مرونة الطلب هي العلاقة بين التغير في السعر و التغيير في الكمية المباعة.
• حالة المنافسة : تعتبر المنافسة من أهم العوامل المؤثرة في تحديد وإعداد الأسعار بشكل صحيح و دقيق.
“المنافسة هي الوسط الذي تتم فيه مراقبة الأسعار عن طريق السوق التي تتصف بدرجة عالية من تشابه السلع و الخدمات” (1) لذلك، يجب على المؤسسة قبل أن تصل إلى قرار التسعير أن تلاحظ مختلف مستويات الأسعار و تتابعها وتتنبأ بسلوك المنافسن في الصناعة، كما تدرس سياسة المؤسسات التي دخلت حديثا أو ستدخل إلى الصناعة ” (2) و عليها أيضا أن تكّيف أو تعدّل أسعارها، طبقا لأسعار المنافسين إذا ما أرادت البقاء و الاستمرار.
و في هذا السياق فإن السوق لها أربعة أشكال :

أ/ سوق المنافسة الكاملة :
و خصائصها :
– يتحدد السعر في ضوء قوى السوق (العرض و الطلب)؛
– وجود عدد كبير من المشترين و البائعين؛
– المعرفة التامة بأنواع السلع و أسعارها في السوق؛
– طبيعة السلع متجانسة؛
– سهولة الدخول إلى السوق و الخروج منها.

ب/ سوق المنافسة الإحتكارية تعليم_الجزائر3)
و تتميز :
– وجود عدد كبير من المشترين و البائعين ؛
– التعامل مع سلع متشابهة و لكنّها غير متجانسة ؛
– سهولة الدخول إلى السوق و الخروج منها ؛
– الإهتمام بالمنافسة غير السعرية ؛
– التحكم بالسعر عن طريق إضافة مزايا تنافسية للسلع.

جـ/ إحتكار القلة :
– يوجد عدد قليل من المنتجين ؛
– السلع متجانسة و غالبا ما تكون متميزة ؛
– الاهتمام بالمنافسة غير السعرية ؛
– وجود حواجز للدخول إلى السوق.

د/ الإحتكار الكامل :
– المنتج يكون حرا في تحديد كلٌ من السعر و الكمية المنتجة والمباعة في السوق فقط ؛
– وجود بائع واحد فقط في السوق؛
– وجود حواجز تمنع دخول مؤسسات جديدة إلى السوق (قانونية، إمتيازات حكومية …) ؛
– إمكانية التحكم بالسعر بشرط أن لا يتجاوز الحدّ المحدّد من قبل الحكومة.

• منفعة السلعة للمستهلك :
” يبحث المستهلك دائما عن السلع التي تشبّع حاجته و رغبته و تحقق المنفعة المطلوبة ” (1) لذا فإنّه من الضّروري أن يتم الأخذ بعين الإعتبار قناعات المستهلكين بالسلع و أسعارها عند وضع و تحديد الأسعار، ” إذ لا يمكن أن نعمل على إجبار الأفراد أو المؤسسات على الشراء، إن لم تتوفر لديهم القناعات بأنّ أسعار هذه ]السلع[ توازي المنفعة المتوقعة من جرّاء إستخدامها ” .(2)
و إذا لم يؤخذ هذا المؤثر عند قرارات التسعير، فإنّه سيجعل الكثير من المستهلكين يعجزون عن شراء الكثير من السلع التي هم بحاجة إليها.

• الإجراءات الحكومية :
و هي عامل هام أيضا، بحيث تتدخل الحكومات و خاصة في النظام الإقتصادي الموجه في تسعير المواد الضرورية لحماية المستهلك و الموزعين وتغالي المنتجين و دعم بعضها الآخر، في سبيل تثبيت أسعارها و جعلها في متناول المستهلكين المحدودي الدخل.
” و قد تتولى الدولة مهمة تحديد أسعار بعض السلع بشكل إجباري، أوتحدد هامش ربحي لا يجوز تجاوزه بالنسبة للسلع المستوردة ” .(1)

• الموردون :
يؤثر الموّردون على سعر السلعة، و ذلك عند رفع أسعار المواد الأولية والمواد الخام فتضطر المؤسسة أن ترفع هي بدورها من أسعار سلعها الجاهزة. وغالبا ما يتم رفع الموردون لسعارهم، عند إكتشافهم لضخامة الأرباح التي يحصل عليها المنتجون، و ذلك بهدف المشاركة في هذه الأرباح.

• الـوسطاء :
يجب الأخذ بعين الإعتبار ما يحصل عليه الوسطاء من الموزعين من الأرباح، فكلّما كان عدد الوسطاء كبيرا كلما كانت الإضافات كبيرة و بالتالي يرتفع السعر. ” و عندما تتدفق السلعة في طريقها إلى المستهلك خلال عدد قليل من التجار، فيمكن إختصار بعض الأرباح التي كانوا سيحصلون عليها لو كان توزيع السلعة خلال خط توزيع طويل ” .(2)

• الظروف الإقتصادية :
” في حالات الرواج تزيد قدرة المؤسسة على تحديد أسعارها على ضوء الظروف التنافسية الموجودة بعكس حالات الكساد التي تحاول المؤسسات أن تزيد من الطلب على السلعة و يكون ذلك سواء بتخفيض الأسعار أو زيادة الخدمات المصاحبة للسلعة و متابعة ذلك” .(3)
و بالإضافة إلى ذلك تتأثر إستراتيجيات التسعير بالتضخم، الندرة، الكساد…إلخ.
المبحث الخامس : التسعير في النظرية الإقتصادية :
لقد إهتّم الإقتصاديون بدراسة السوق عند بحثهم عن العوامل المحدّدة لقيم السلع المختلفة، فتجعل لكلّ سلعة سعرا، و تجعل بعض السلع أعلى سعرا من السلع الأخرى.
” و عندما توصلوا إلى نظرية تحديد السعر بالعرض و الطلب إعْتبٌرتْ السوق المكان أو الوسيلة التي يتقابل فيها العرض مع الطلب.
و عندما بدأ البحث في الظروف المحيطة بالعرض و الطلب قسمت الأسواق إلى أسواق تسود فيها المنافسة الكاملة و أسواق تسود فيها المنافسة غير الكاملة ” .(1)
ومنه سيعالج هذا المبحث الإشكالية التالية:
ما هي الأنواع المختلفة للمنافسة ؟

المطلب الأول : المنافسة الكاملة أو الحرة :
وهي الحالة التي يتوافر فيها عدد كبير من المنتجين أو البائعين والمشترين لسلعة معينة. و كذلك تكون السلع التي يعرضها هؤلاء المنتجون متماثلة تماما أي متجانسة، حيث لا يكون هناك ما يدفع المشتري إلى تفضيل سلعة على أخرى منافسة.
كما تتميز هذه المنافسة بعدم تمكن أي فرد أو أي مؤسسة أن يفرض السعر على السوق، هذا بالإضافة إلى حرّية الدخول و الخروج من الأسواق مع توافر المعلومات الكافية و الكاملة عنها.
” و من ثمَ تصبح مشكلة كلّ منتج أو هدفه أن يسعى إلى التوّسع في كمية الإنتاج، حتى يصل إلى الحدّ الذي تتعادل عنده النفقة الحدية و الإيراد الحدي”.(2)

المطلب الثاني : المنافسة الإحتكارية :
و في ظلّها نجد المنتجون أو البائعون و المشترين بعدد كبير و السلع الموجودة، تكون متباينة فيما بينها، و مميّزة من حيث خصائصها و مواصفاتها، “فهذا يعني عدم وجود سعر واحد يكون سائدا في السوق”.(3)
في هذه الحالة نجد بأنّ كلّ منتج يسعى إلى إبراز أشكال خاصة بسلعته أوإقناع الفرد المستهلك بذلك، و من ثمة يجد المشتري مجالاً لتفضيل سلعة ما على السلع الأخرى التي يعرضها المنافسون.
” هذا الإختلاف و التمييز بين السلع، و إن كان يمكن أن يخلق لكلّ منها صفة إحتكارية، إلا أنّها في مجموعها تعتبر بديلة عن بعضها البعض وبالتالي فإن المنتجين يتمتعون بإحتكار محدود” .(1)
إنّ درجة تفضيل المستهلك لسلعة دون أخرى، سوف تقلّ أهميتها مع مرور الزمن، و بالتالي يجد المنتج نفسه في حاجة إلى وضع سياسة لتسعير سلعة، بناءا على عدد من العوامل قبل عرضها في السوق، و بالتالي المشكلة تصبح في تحديد السعر المناسب للسلعة التي يمكن أن تباع به أكبر كمية ممكنة لتحقيق أكبر ربح ممكن
و عليه فإنّه على سياسة التسعير أن تتصف بالمرونة، و تحّدد بناءا على تقدير درجة التباين و التمايز في السلعة في الحاضر و المستقبل و المنافسة المحتملة من سلع أخرى.

المطلب الثالث : إحتكار القلة
يوجد عدد قليل من المنتجين للسلعة، بحيث أن قرارات كلّ منهم يؤثر على حجم التعامل في السوق، و أيّ تغيير، أو تبديل في السعر ينعكس على سلوك وتصرفات المنافسين الآخرين، فإنّ هذا يعني أنه إذا قام أحد المنافسين بتخفيض أسعاره فإنّ رد فعل الآخرين سيكون مماثلا، أمّا إذا قام برفع سعر سلعته، فإنّه من المحتمل عدم قيام المنافسين برفع أسعارهم، كما قد تخسر المؤسسة حصة كبيرة من السوق إذا قامت برفع أسعارها.
كما تتميز هذه الحالة (إحتكارالقلّة) بتواجد سلع غير متجانسة و لها بدائل مختلفة، بالإضافة إلى صعوبة تحديد الطلب على السلع من خلال المعلومات التي جمعتها المؤسسة من المستهلكين، بل يجب توفير معلومات كافية عن المنافسين الآخرين.

المطلب الرابع : الإحتكار الكامل :
” هي الحالة التي يكون فيها منتج واحد الذي ينتج سلعة ليس لها بدائل، بشكل يمكنه من الإحتكار الكامل للسوق.
و في أغلب الأحيان تكون المعلومات متوفرة في تلك السوق، مع عدم وجود أيّ نوع من المنافسة ” .(1)
” كما تتميز بكون المنتج حرّاُ في تحديد كلّ من السعر و الكمية المنتجة والمباعة، خاصة في حالة عدم تدخل الحكومة في الرقابة على الأسعار أوتحديد كمية أو حصة الإنتاج و عدم إكتراث البائع أو المنتج بالمسؤوليات الجديدة الإجتماعية ” .(2)
إلاّ أنّ في هذه الحالة أي حالة الإحتكار الكامل، هي أيضا تكاد تنعدم في الوقت الحالي، بحيث لا تسمح الدول بوجود الإحتكار، و قد تتدخل لتنظيم هذا الوضع الإحتكاري بصدر بعض القرارات التي تمنع ذلك أو وضع حدود وشروط له إن سمحت الحكومة بوجوده.
ممّا سبق نستطيع القول، بأنّه حسب النظرية الإقتصادية تتحدد الأسعار في السوق و في ظل المنافسة الكاملة بتفاعل العرض مع الطلب حتى تصل إلى سعر التعادل.
و في الحياة العملية يكون أمام المؤسسة مجال، تستطيع تحديد السعر، عند أيّة نقطة داخله.
” و يتسع هذا المدى أو يضيق حسب ظروف المنافسة السائدة، فيضيق إذا زادت المنافسة و يتسع إذا قلّت ” (3) بحيث أنّه كلمّا زادت المنافسة، قلّت حرّية المنتج في تحديد و إختيار السعر الذي يضعه على سلعته، و في غياب المنافسة أو قلّتها يكون المنتج حرّا في التسعير.
هذه الحرّية هي من المظاهر الموجودة في الحياة الإقتصادية، قد تستخدم للصالح العام، كما قد تستخدم ضد مصلحة الأفراد المستهلكين، إنّ المظهر السائد في الحياة العملية، هي حالة المنافسة الإحتكارية، بحيث نجد السلع المتماثلة أو البديلة و لكن، لكلﱢ منها علامتها المميزة، و أنّ منتج هذه السلع يقوم على إيجاد درجة من الإختلاف بينها و بين السلع المنافسة.

المبحث السادس : أشكال و مستويات التسعير :
تعتبر عملية إختيار سياسة لتسعير السلع من أهم المشاكل التي تواجه كلّ مؤسسة منتجة.
ترجع هذه الأهمية إلى ما لأشكال و مستويات الأسعار من أثر فعّال على أهداف المؤسسة و خاصة على الأرباح.
و بهذا الصدد رأينا من الضروري أن نقوم بعرض مختلف أشكال ومستويات هذا العنصر التسويقي الهام.
وفي هذا الصدد رأينا من الضروري أن تقوم بعرض الإشكالية التالية:
ـ ما هي مختلف أشكال و مستويات هذا العنصر التسويقي الهام ؟

المطلب الأول : أشكال التسعير :
تعتمد المؤسسات على العديد من السياسات السعرية التي من شأنها زيادة ترويج و تصريف السلع، و من بين هذه السياسات نذكر ما يلي : (1)

• الأسعار المنافسة و الأسعار غير المنافسة :
فالأسعار المنافسة هي التي تلجأ إليها المؤسسة كوسيلة لتمييز ] سلعها[ عن الآخرين في السوق، و للتأثير على الطلب بصورة رئيسية عن طريق التغيير فيها.
أمّا الأسعار غير المنافسة، فهي توضع كحد أدنى يمكن أن يقبله المستهلك من جهة، و يحقق ربحا معينا من جهة أخرى.
لأنّه في حالة تخفيضه أكثر من هذا الحد لا تستطيع المؤسسة تحقيق أيّ ربح.
لكن في الواقع أنّ الأسعار المنافسة توفر للمؤسسات التي تتبعها، المرونة، بحيث يستطيع الباعة بواسطتها التحرك أو التغيّير في الأسعار، و كذلك تمكّن المؤسسة من أن ترّد بسرعة عندما تحاول المؤسسات المنافسة زيادة حصتها السوقية عن طريق تخفيض أسعارها.

• الأسعار الكسرية أو العشرية :
و هي الأسعار التي تبدو أقل ممّا هي عليها في الحقيقة و تحتل مكانا بارزا في تجارة التجزئة. “و تعتمد هذه الأسعار على أساس إضافة الرقم الكسري إلى سعر السلعة كأن نقول 4,990 دينار بدلا من 5 دينار أو 99,950 دينار بدلا من 100 دينار أو 19 دينار بدلا من 20 دينار، و يدعى أيضا بالسعر البسيكولوجي، لما له من جاذبية عاطفية للمستهلك، ” فمن الناحية النفسية يبدو للمشتري أن الفرق بين 69 دينار و 70 دينار فرق كبير، و من هنا ينبع الإعتقاد بأنّ بيع السلعة بسعر 69 دينار مثلا يحقق مبيعات أكبر بكثير من تلك التي يحققها بسعر 70 دينار”.(1)
ثم إنّ السعر الكسري، قد يوحي إلى المستهلك بأنّ السعر قد خفض إلى أبعد حد ممكن، و” أنّ البائع قام بحساب السعر بشكل دقيق جدا، الأمر الذي أدّى به للإنتهاء بأرقام كسرية “.(2)
كما تستخدم الأسعار الكسرية في السلع المكمّلة و مستلزماتها.
• أسعار الإستدراج، الترويجية أو القيادية :
و هي أسعار قد تكون مساوية أو أقل من تكلفة السلعة، و ذلك في سبيل الترويج و جذب المستهلكين إلى المتجر.
غالبا ما توضع هذه الأسعار على سلع مختارة من التشكيلة السلعية الموجودة و ذلك من أجل دفع المستهلكين إلى زيارة المحل الذي يقدم هذه السلع، و في نفس الوقت ستجد العميل أو المستهلك يشتري سلع أخرى من نفس المحل التي تكون معروضة و موجودة أمامه.
الأمر الذي سيجعل المؤسسة أن تعوّض الخسارة الناشئة عن البيع بالتكلفة أو أقل منها.
و عند إختيار أسعار الإستدراج، يجب على المؤسسة مراعاة كلاًّ من العوامل التالية :

– أن تكون السلع المستدرجة جذّابة : فتسعير سلعة لا تشتريها إلاّ القلّة من المستهلكين لا يؤدي الغرض المقصود من هذه السياسة؛
– ” كما أنه يتجنب إختيار الأصناف التي يحدّد المنتج سعر بيعها للجمهور إلا إذا سمح المنتج للمحل بتخفيض السعر” .(3)

و رغم نجاعة هذه الطريقة في كسب عدد كبير من المستهلكين، إلا أنّها تشكل متاعب للمنتجين و المنافسين، فقد يحدث تضاربا بين المنافسين. فمثلا أن تكون السلع غير مستدرجة عند المنافس الأول هي السلع المستدرجة عند الثاني و بالتالي يحدث تنفير للمستهلكين لفقدهم الثقة في هذه السلعة كما أنّها تفتح باباً حاداً للمنافسة، ممّا يؤدي بهم إلى تخفيض الأسعار إلى أدنى ممّا يتسبب في إنسحاب الكثير من المتنافسين عن التعامل في سلع الإستدراج.

• أسعار التحميل :
عندما تلاقي بعض السلع الكساد و البوار، و لم يقبل المستهلك على شرائها تلجأ المؤسسة البائعة أو المنتج إلى إجبار المستهلك المشتري للسلع الرائجة على القيام بشراء كمية من السلع الكاسدة، أي تحمل هذه السلع جبريا على السلع ذات الطلب المرتفع، فلا يجد المستهلك بديلاًَ إلاّ أن يقبلها.
” مثل كأن تقوم مؤسسة بطرح جهاز الحاسوب بسعر معتدل، في حين نجدها تطرح مستلزمات الحاسوب و برامجه بسعر مرتفع” .(1)
” لهذا فإن هذه السياسة و التي يتبعها كثير من المنتجين و الموزعين في مجتمعنا حاليا بحجة الخوف من تحقيق الخسائر، لا تناسب المجتمع الذي يضع مصلحة المستهلكين في المقام الأول ” .(2)

• الأسعار المترابطة :
تستعمل هذه الطريقة في حالة السلع المتجانسة و من الطرازات المختلفة وذات منفعة مشتركة كبيع قميص و رباط عنق و جوارب بسعر واحد مع مراعاة تكلفة و جودة كلّ منها.

• الأسعار المعتادة أو المحددة بالعرف :
و هي الأسعار المعروفة لدى الجميع، محددة، و دامت لفترات طويلة على الثبات و الإستقرار، فإعتادها المستهلكون” ، فالمشروبات الغازية مثلا تباع للمستهلك بنفس السعر لفترة طويلة من الزمن بصرف النظر عن الحالة الإقتصادية و تقلب الأسعار المتعلقة بالخامات و الأجور و ظروف المنافسة”.(3)
و عندما يصبح سعر سلعة معينة معتادًا فإنّه يصعب على المنتج الزيادة، مما يؤدي بالمنتج إلى تغيير الكمية أو الجودة أو تغيير العبوة حرصا على بقاء السعر المعتاد على ما هو عليه و حفاظا على مكانة السلعة عند المستهلكين.

المطلب الثاني : مستويات السعر :
عند إختيار المنتج لإحدى سياسات التسعير التي سنتطرق إليها في الفصل الموالي، فإنّه يواجه مشكلة مستوى السعر الذي يريد أن يبيع به، والتأقلم في ظله مراعيا في ذلك طبعا، كلَ جوانب سلعته و أهدافها المسطرة.
” و على البائع أن يختار بين ثلاثة مستويات للسعر، فإمّا أن يبيع بسعر السوق السائد، و إما أن يبيع بسعر يقل عن سعر السوق بغية تصريف كمية أكبر من السلعة، و إما أن يبيع بسعر أعلى من سعر السوق، و في هذه الحالة لا بدّ أن تكون السلعة ذات جودة أعلى من السلع المنافسة، أو أنّ الموزع يؤدي إلى المشترين خدمات معيّنة، تجذب جمهور المشترين إلى المحل بالرغم من إرتفاع السعر” .(1)

أ‌- البيع بسعر السوق :
يتحدد هذا السعر بطريقة آلية بناءًا على تفاعل كلّ من عوامل العرض و الطلب ” ، و كثيرا ما يتبع المنتجون هذه السياسة عندما تتماثل السلع المنافسة و البديلة بشكل واضح و خاصة أمام المستهلك ” (2) أي في حالة المنافسة الكاملة.
و في هذه الحالة، يكون المنتج أو المؤسسة مقيد بسعر السوق، فلا يكون له أيّة سيطرة على السلع و بالتالي لا يحتاج إلى سياسة سعرية خاصة به، بل نجد ” العوامل غير الشخصية التي يحددها مجموع الطلب والعرض هي التي تحدد سعر السوق – كما ذكرنا سابقا – و الذي يجد كل منتج نفسه مضطرا إلى قبوله و التعامل على أساسه” (3) و تستخدم هذه الطريقة أيضا في حالة وجود ما يطلق عليه “بالأسعار السائدة أو المعتادة أو العرفية” أي أسعار مألوفة لدى المستهلكين و لم تتغير من مدة طويلة (سبق و أشرنا إليها) مثل المياه الغازية و الحلوى و اللبان، وإذا حدث إرتفاع في التكلفة، يحاول المنتج أن يختار بدائل أخرى غير رفع سعر السلعة، و من بين هذه البدائل مثلا تخفيض الكمية أو الجودة.

” و تنطبق هذه الطريقة أيضا في حالة منافسة القلّة حيث تتفادى المؤسسات الدخول في حرب الأسعار و بالتالي تكون أسعار سلعها متقاربة إلى حد كبير” .(1)
” و من أهم مزايا البيع بسعر السوق، عدم وجود تنافس بين البائعين لتخفيض الأسعار، و بذلك لن تتأثر الأرباح التي يحصلون عليها. كما يطمئن المستهلكين إلى عدم وجود إختلاف في سعر البيع من بائع إلى آخر” .(2)

ب‌- البيع بسعر أقل من سعر السوق :
تستخدم المؤسسة هذه الطريقة عادة في فترات الكساد، أي عندما تنقضي موضة السلعة أو موسمها، و أصبحت ذات جودة رديئة، فيستلزم على المؤسسة تصريف ما لديها من سلعة بأيّ سعر لتغطية النفقات الثابتة.
و غالبا ما تكون الفترات التي تباع خلالها السلع بأسعار أقل من سعر السوق قصيرة، و هي ما يسمى بفرص البيع الخاصة، فقد يصل تخفيض السعر في بعض هذه الفرص إلى سعر التكلفة و أحيانا إلى أقل منها، و ذلك في حالة ما إذا كانت المؤسسة، و المنتج في حاجة ماسة إلى سيولة، أو إذا كان من الضروري التخلص من السلعة.
و هذه الطريقة قد تتبع بالنسبة لجميع السلع أو إلاّ على أنواع معينة.
نتخذ هذه الطريقة كوسيلة من وسائل جذب المستهلكين، فقد تعمد المؤسسة إلى بيع بعض السلع ذات الجودة و أسعار مرتفعة، بأسعار تقل عن أسعار السوق و ذلك بغرض نشر الدعاية بين العملاء من أجل كسب عدد كبير من المشترين، وبذلك زيادة نطاق السوق و إرتفاع حجم المبيعات.
و أهم ما يميّز هذه الطريقة أنّها تزيد من مبيعات السلع التي خُفضَ سعرها بالإضافة إلى مبيعات السلع الأخرى التي تباع بسعرها الأصلي.
هذا و قد تجد بعض المؤسسات أنّه من الأفضل لها إتباع هذه الطريقة، وذلك بشكل غير مباشر بإستعمال طريقة تقديم خدمات إضافية مجانية، أو بسعر التكلفة أو بسعر رمزي، أو أكثر من ذلك، منح خصومات مختلفة و التي سنتطرق إليها لاحقا، و قد يكون لذلك أثر أفضل لدى المستهلك.

جـ – البيع بسعر أعلى من سعر السوق:
قد تفضل المؤسسة اللجوء إلى هذه الطريقة في حالة تمتع السلع و تميزّها ببعض الخصائص التي لا توجد في السلع الأخرى المعروضة في السوق، كأن تمتاز السلعة بجودة أعلى أو بتشكيلة أفخم و ألوان أروع، أو تقديم خدمات فريدة، مثل توصيل البضاعة إلى المنزل و قبول الطلبيات عبر الهاتف.
عندما يتم تحديد السعر بسعر أعلى من الأسعار الموجودة في السوق، بناءًا على العوامل المذكورة سابقا، فإنّ ذلك يجب أن يقوم على أساس من قيم معلومة ومدروسة لهذه العوامل، و مدى جودتها و أهميتها التسويقية و مدى أثرها على علاقة السعر بالمبيعات.
” و لذلك أيضا نجد أنّه ينذر أن يقدم المنتج على إتباع هذه الطريقة إذا ما كانت سلعته و السلع المنافسة على درجة كبيرة من التماثل “.(1) من مزايا هذه الطريقة، أنها تمنح للمؤسسة البائعة ربح أعلى مع القيام بخدمات ممتازة نحو جمهور المستهلكين.
” كما أنّها تشجّع المنتج على الإحتفاظ بجودة السلع و تحسينها كلّما أمكن ذلك حتى لا يفقد سمعته الطبية بين المستهلكين ” .(2)
غير أنّ هذه الطريقة لا تخلو من السلبيات، و من عيوبها: إرتفاع سعر السلعة يقلل من كمية المبيعات، و بالتالي يتحول بعض المستهلكين إلى شراء السلع المثيلة أو البديلة، كما يستدعي إرتفاع سعر البيع، عمال بيع إضافيين من أجل العمل على إلاعلان على السلع المعروضة، مما يزيد من تكاليف البيع.

خـلاصـة الفـصل :

يحتل السعر، مكانة و أهمية بالغة داخل المؤسسة، و ذلك نضرا لتأثيره المباشر على ربحيتها، بحيث يعتبر العنصر الوحيد الذي يولد إيرادات لها، والأكثر مرونة عند تعديلها أو تغييرها لسعر البيع.

كما تشمل الأهداف التسعيرية، الأهداف العامة و المسطرة للمؤسسة، من حيث تعظيم الربح و البقاء في السوق و إستمراريتها. و حتى يتسنى للمؤسسة تحقيق هذه الأهداف، يجب أن تأخذ بعين الإعتبار عند إتخاذها لقرار التسعير عدة عوامل، منها ما هو مرتبط بالمؤسسة نفسها، و منها ما هو مرتبط بالبيئة المحيطة بها – وبالخصوص عامل المنافسة – من جهة، و إختيار سياسة تسعيرية مناسبة التي من شأنها أن تزيد في تنشيط مبيعاتها و تصريف


موضوع جميل وبحث اكثر من رائع

جزاك الله كل خير ومشكووووووووووووووووووووووور

بحث رايع ،، لكن ينقصة المراجع

يا أخي بحث رائع بارك الله فيك و مزيدا من التألق و العطاء

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

القيم الاخبارية و العوامل المؤثرة فيه

مقدمــــــة :
لا يوجد فرق كبير في نوعية الأخبار المعروضة اليوم على التي كانت تنشر في الماضي ، فالكم الكبير من الأخبار كان ولا يزال يتناول الأنشطة الرسمية والاقتصادية والتجارية والأحداث الكبرى إضافة إلى الأخبار الاجتماعية والمتعلقة بالمشاهير ذات الأهمية.
إن الاختلاف الوحيد يكمن في وجود جمهور واسع لوسائل الإعلام الجماهيرية والذي يتميز بالعدد الكبير والتنوع الكثير ، من هنا أصبح لزاما على المؤسسات الإعلامية مهما كان نوعها أن تتبع سياسة تنويع الأخبار لكسب عدد أكبر من الجمهور ، ويكون ذلك بتقديم الأخبار ذات الأهمية أو الجدارة لنشرها أو عرضها ، وذلك ما يسمى بالقيمة الإخبارية ..
ولكننا أيضا نلاحظ من خلال تتبعنا للأحداث اليومية وتناول وسائل الإعلام لها يكون متباينا من وسيلة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى ، فهناك من الصحف من يتناول خبرا ما في الصفحة الأولى أو يعطيه ملفا كاملا، وهناك من لا يتناوله أصلا أو قد يشير إليه في بضع أسطر ، كما أن هناك من النشرات الإخبارية الإذاعية أو التلفزيونية ما يهتم بموضوعات محددة ويتبع سياسة ما في طرح وترتيب الأخبار، وأخرى تخالفها تماما في التوجه ، وحتى عرض الصور المرتبطة بالخبر تخضع إلى نوع من القص فنشاهد صورا متباينة لخبر واحد من قناة إلى أخرى .
إذن بعدما قلنا أن المؤسسات الإعلامية تتبع سياسة تنويع الأخبار في نشراتها وتقديم الأخبار ذات الأهمية والجدارة أو بإتباع ما يسمى بالقيمة الخبرية ، نجد الآن اختلاف أهمية الأحداث ونسبة الجدارة والاستحقاق لنشرها بالنسبة لكل مؤسسة إعلامية ، أي أن كل مؤسسة لها وجهة نظرها حول الأحداث ولها قيمها الإخبارية الخاصة بها ، ولتكوين تلك النظرة هناك عوامل عديدة ومؤثرات في القيم الإخبارية .
سنحاول في هذا البحث أن نبين ما هي القيمة الخبرية في نشرات الأخبار من خلال تحديد بعض المفاهيم والمصطلحات أولا وهي القيمة والخبر والقيمة الخبرية ، ثم العلاقات التي ترتبط بالقيم الإخبارية وهي عناصرها ومحدداتها والعوامل المؤثرة فيها وتدخلها في بناء النشرات وتصنيف الأخبار، فما العناصر التي تحددها حتى نقول عن خبر ما أنه يحمل قيمة خبرية ؟وما الظروف والعوامل التي يمكن أن تؤثر في القيم الإخبارية في كل وسيلة إعلامية لنشراتها أو أخبارها ؟
إضافة إلى أنه خلال إجرائنا للبحث توصلنا إلى تصنيف للأخبار حسب القيم الخبرية فيها ومراعاة لعناصر القيمة الخبرية والعوامل المؤثرة فيها، هو عنصر من اجتهادنا الشخصي ونتيجة نابعة من المقدمات التي بحثنا فيها وتوصلنا إليها فيما يتعلق بالقيم الإخبارية.
ثم نقوم بدراسة مقارنة بين نشرات الأخبار في ثلاث قنوات تلفزيونية كل واحدة تتميز بطبيعة وخصائص معينة ومتباينة، وهي التلفزيون الجزائري وقناة الجزيرة الفضائية وTF1 الفرنسية، وذلك بهدف الكشف عن تأثيرات مختلف العوامل على قيمها الإخبارية.

الفصل الأول :
تحديد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالبحث
المبحث الأول: مفهوم القيمة
تشتق كلمة القيمة في اللغة العربية من القيام، وهو نقيض الجلوس، والقيام بمعنى آخر هو العزم، ومنه قوله تعالى: (وَأنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللّهِ يَدْعُوهُ) .أي لمّا عزم. كما جاء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح، ومنه قوله تعالى: (الرِِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) . وأما القوام فهو العدل، وحُسن الطول، وحُسن الاستقامة “
كما تدل كلمة القيمة على الثمن الذي يقاوم المتاع، أي يقوم مقامه،وهي ما يقدر به الشيء للتثمي والتمييز، وجمعها قيمُ، وقيمة الشيء في الدور الذي يقوم به ، مثل قوله تعالى (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَة) وهنا دلالة على القيمة المرتفعة.
ومع مرور الأيام شاع استعمال كلمة القيمة، فأصبحت تدل على معانٍ أخرى متعددة، فيرى علماء اللغة مثلاً أنّ للكلمات قيمة نحوية تحدد معناها ودورها في الجملة، وأنّ قيمة الألفاظ تكمن في الاستعمال الصحيح لها، كما يستعمل علماء الرياضيات كلمة القيمة للدلالة على العدد الذي يقيس كمية معينة، ويستخدمها أهل الفن كونها تجمع بين الكم والكيف، وهي بهذا تعبّر عن كيفية الألوان، والأصوات، والأشكال والعلاقة الكمية القائمة بينها، كما يستخدمها علماء الاقتصاد للدلالة على الصفة التي تجعل شيئاً ممكن الاستبدال بشيء آخر، أي قيمة المبادلة.
يتضح مما سبق أن مفهوم القيمة (Value) من المفاهيم التي يشوبها نوع من الغموض والخلط في استخدامها، وهذا نتيجة لأنها حظيت باهتمام كثير من الباحثين في تخصصات مختلفة، ولهذا اختلف الباحثون في وضع تعريف محدد لها، ومرد ذلك الاختلاف يعزى إلى المنطلقات النظرية التخصصية لهم، فمنهم: علماء الدين، وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع، وعلماء الاقتصاد، وعلماء الرياضيات، وعلماء اللغة .. إلخ. فلكل منهم مفهومه الخاص الذي يتفق مع تخصصه. ومن هؤلاء العلماء ( بريParry) الذي يعرّف القيم بأنها الاهتمامات، أي إذا كان أي شيء موضع اهتمام فإنه حتماً يكتسب قيمة، ومنهم من يعرفها بالتفضيلات مثل (ثورندايك، وهناك من يعرّف القيم بأنها مرادفة للاتجاهات مثل (بوجاردس). وكثير من علماء النفس يرون أن القيمة والاتجاه وجهان لعملة واحدة. أما (كلايدكلاهون فيعرّف القيم بأنها أفكار حول ما هو مرغوب فيه أو غير مرغوب فيه.
واستناداً إلى ما سبق من تعريفات يمكن تعريف القيم بأنها: عبارة عن المعتقدات التي يحملها الفرد نحو الأشياء والمعاني وأوجه النشاط المختلفة، والتي تعمل على توجيه رغباته واتجاهاته نحوها، وتحدد له السلوك المقبول والمرفوض والصواب والخطأ، وتتصف بالثبات النسبي.

المبحث الثاني: مفهوم الخبر.
فيما يخص التعريف اللغوي العربي فإن البلاغيين العرب لم يتفقوا على تعريف واحد للخبر؛ وإن شاع تعريف القزويني لـه قديماً وحديثاً وهو أن الخبر كل كلام يحتمل الصدق والكذب لذاته…
ويؤكد ذلك تعريف فخر الدين الرازي بقوله: إنه “القول المقتضى بتصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفي أو بالإثبات. ومَنْ حَدَّه بأنه المحتمل للصدق والكذب المحدودين بالخبر لزمه الدور. ومن حَدَّه بأنه المحتمل للتصديق والتكذيب المحدودين بالصدق والكذب وقع في الدور مرتين”
أما اصطلاحا في علوم الإعلام والاتصال فكثيرا ما كنا نقرأ في كتب الصحافة تعريفات للخبر تكاد تلتقي في مفهوم عام وهو ان الخبر وصف لحدث اني يحظى بالاهتمام.
وقد مضت عقود طويلة ظل فيها هذا المفهوم العام راسخا في أذهان كتاب الخبر والمحررين والمراسلين الذين وجدوا إن مهمتهم الصحفية تقوم على اطلاع القراء وتنويرهم بما يجري من أحداث.. فقد عرف فور تكليف الخبر ونشره عام 1865 بأنه الإثارة والخروج عن المألوف.. فعندما يعض الكلب رجلا فهذا ليس بخبر ولكن عندما يعض الرجل كلبا فهذا هو الخبر.
وعرف د. عبد الستار جواد الخبر بأنه شيء لا نعرفه من قبل، شيء نسيته أو انك لم تفهمه .
أما الدكتور سعيد السيد فيقول في تعريفه للخبر : هو أي حدث له مدلول اجتماعي له تأثير على حياة الناس .
والخبر الكامل هو الذي يعطي الإجابات الوافية والكاملة على الأسئلة الستة التالية:
1-من.. من الذي لعب الدور الأول في وقوع الحدث
2-متى.. زمن وقوع الحدث.
3-أين.. مكان وقوع الحدث.
4-ماذا.. ماذا حدث.
5-كيف.. تفاصيل الحدث.
6-لماذا.. أوليات أو خلفيات الحدث.
وليس بالضرورة ان تتوفر في الخبر الإجابة على الأسئلة الستة ولكن المحرر الصحفي يسعى دائما ليضمن خبره الإجابات على ما يستطيع من هذه الأسئلة.
ويمكن تحديد وظائف الأخبار لتتمثل فيما يلي:
وظائف الأخبار :
(بالنسبة للأفراد)
1- مراقبة البيئة : ( تجنب المخاطر التي تهدد وجود الإنسان واقتناص الفرص التي تكفل استمراره )، حيث تنوب وسائل الإعلام عن الجمهور في جمع وتفسير الأخبار بغرض مراقبة البيئة التي تحيط بهم لفهمها والتكيف معها.
2- الإثارة : فقد يتوجه البعض لمتابعة الأخبار بسبب الرتابة والملل، وهذا العنصر يتغير من يوم لآخر ومن شخص لآخر.
3- زيادة الإحساس بالمشاركة في الأحداث العامة : ويكون ذلك بسبب الاطلاع المستمر على مجريات الأمور أو يؤدي به إلى المشاركة السياسية.
(بالنسبة للسلطة التنفيذية)
1- توجيه الأفراد نحو ما يراه النظام :
أهداف ظاهرة مباشرة : المشاريع والقوانين والإنجازات.
أهداف غير مباشرة : الدفاع عن سياسة الحكومة والدعاية لها.
2- تأكيد شرعية النظام .

المبحث الثالث: تعريف القيمة الإخبارية.
تعرف القيم الخبرية على أنها مجموعة المعايير المادية والذهنية التي على أساسها يتم تحويل الحدث إلى خبر صحفي ، فالقيم الإخبارية هي الصفات التركيبية المرتبطة بالتفاعل بين الحدث والجمهور وهي التي تكشف عن جوهر الحدث وعن استخدامه الاجتماعي أي تحويله إلى موضوع للاطلاع والمعرفة والفهم .
وللقيم الإخبارية مجموعة من العناصر التي تقوم عليها كي تجعل من الحدث يرتقي إلى مستوى الخبر الذي يهم الجمهور ، وهذه العناصر تختلف يبن الباحثين في مجال الإعلام
كما أن القيم الإخبارية هي من أعوص معاني البنيات في المجتع المعاصر وذلك لما تحمله من معان إيديولوجية وذهنية ، أي أن التمايز في الأنظمة الاجتماعية والسياسية والقيمية والإعلامية على مستوى العالم له أثر في إيجاد اختلاف للقيم الإخبارية التي يقدمها كل نظام.
إذن فدلالة القيم الإخبارية تدل على وجود بنية معقدة للخبر على أساس أبعاد القيمة المتعددة ، نظرية أو نفعية ، فكرية أو إيديولوجية أو دينية.
ويقوم الفهم الدقيق للقيم الإخبارية على أساس فهم مغزى الحادثة التي ستنقل إلى الجمهور، وتفاعلها مع الوسيلة الإعلامية، فكل وسيلة لها قيمها الإخبارية الخاصة بها التي تنبع من طبيعتها.

الفصل الثاني:
العلاقات المساعدة على فهم القيم الإخبارية

المبحث الأول : العناصر المحددة للقيمة الإخبارية
1- الجدة ( الحداثة):
ان عنصر الجده أساسي للغاية في الأخبار فهي/ أي الأخبار/ تفقد ثقلها وأهميتها في الأغلب عندما تكون قديمة وتمثل الجده في الأخبار عنصر استقطاب اهتمام الشخص المتلقي (قارئ، مستمع، مشاهد).
ويتعلق عنصر الجدة وحداثة الأخبار أيضا ويتأثر بتطور أدوات الإنتاج والتوزيع التي شهدت – سواء المطبــوع منــــــه أو المسموع أو المرئي- تطوراً كبيراً حيث ظهرت تقنيات جديدة في مجالات الجمع الإلكتروني والطباعة والتصوير والإنتاج التلفزيوني أدت إلى اختصار الوقت وزيادة الجاذبية والإبهار. كما تطورت صناعة الكمبيوتر في مجال خدمة المعلومات جمعاً وصناعة وتوزيعاً. وارتبطت بتقنية الكمبيوتر تقنية الاتصال سواء في مجال الإنتاج أو التوزيع أو البث فزادت من كفاءة كل منهما. وأكملت التطورات الكبيرة في مجال تقنية الأقمار الصناعية وشبكات التوزيع الأرضية والكوابل وغيرها حلقات التطور الإعلامي وفتحت أمام الإعلام آفاقاً رحبة وواسعة للانتشار والتأثير .

2- التأثير:
يقصد به إثارة اهتمام أكبر عدد من الناس . فمن الأخبار ما يمس جماعة قليلة من الناس في المجتمع فلا يؤبه له كثيراً في الصحف ووسائل الإعلام . و من الأخبار ما يمس أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع ، أو يمس مرفقاً من أهم المرافق الحيوية في هذا المجتمع ، أو يمس مشكلة من أكبر المشكلات السياسية أو الخلقية أو الاقتصادية التي تهم المجتمع ، و إذ ذاك ترى وسائل الإعلام تخصص لهذا الخبر الضخم مكاناً ظاهراً في صدرها.
وعنصــــــــر الضخامة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدلالة الإعلامية، ومدى اهتمام الناس بها. تقول القواعد الأولى في علم حساب الأخبـار أن نبأ حادثة أصابت ألف شخص أهم من نبأ حادثة أخرى أصابت 100 وقرار قاض في المحكمة أو تفسيره لإحدى مواد القانون إجراء فني بحث ، ولكنه في الوقت ذاته يؤثر في حياة الملايين ويستطيع الصحفي أن يكتب موضوعاً مثيراً يبين فيه نتائج القرار على حياة العامة. ( و يجب التأكيد على تأثير الخبر لأنه قد لا يفهم الجمهور تأثيرات بعض الأخبار في بعض الأحيان لتشابك الموضوع أو لتداعياته التي تكون معقدة الفهم) .
3- الشهرة:
يقال أن (الأسماء تصنع الأخبار) وأن (الأسماء اللامعة تصنع الأخبار الهامة)
وكل إنسان يحب الأبطال و الساسة البارزين في الهيئة الاجتماعية، وكذلك يحب الرياضيين والفنانين وملايين من الناس يقبلون منهم على قراءة قصص المكتشفين و الرحالة ومغامرات أصحاب الملايين.
وقـــــــــد تكون الشهرة مؤقتة سواء كانت لأشخاص أو أماكن أو أشياء أو حوادث تثير اهتمام القراء، مثل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون أو معركة انتخابية، أو أحداث لبنان، أو أنفلونزا الطيور وقد يستمر أثرها على الناس مثل قضية ووتر جيت أو قضية “مونيكا لوينسكي” أو موضوع تحديد النسل أو استنساخ البشر، وسيصر ملايين الناس على معرفة التفاصيل إذا وقع حادث لإنسان مثل رئيس الجمهورية أو الملك أو فنان ما أو أحد الرياضيين.
وإذا قـــــال أحد الأساتذة: ينبغي إعادة النظر جيدا في قانون الأسرة الأخير فليس في هذا القول خبراً، لأنه إنسان غير مسئول و لا يهم الرأي العام ولكن إذا أعلن وزير الشؤون الدينية هذا التصريح أصبح خبراً ينشر في مكان بارز.
ولكننا في المقابل لا ينبغي أن نسلم بالمبدأ القائل أن الأسماء تصنع الأخبار، لأنه ليست كل أفعال الشخصية الشهيرة تعد أخبار ولكن يجب وجود عناصر أخرى من عناصر القيمة الخبرية.
4- الصراع:
هناك مثل هولندي يقول الأخبار الجيدة تمشي والأخبار السيئة تجري.
وكهذا المثل فإن وسائل الإعلام تتبع دوما الأخبار التي تتمتع بالسلبية وخصوصا إذا وجد الصراع بين جهتين أو أكثر
” كما أصبحت ظاهرة الإرهاب تتصدر اهتمامات وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها… فرض الإرهاب نفسه وأصبح اللغة الأكثر تداولاً في العالم وأصبحت ظاهرة الإرهاب من القيم الخبرية التي تعتمدها الجرائد والمجلات ومختلف وسائل الإعلام، كما أصبحت نشرات الأخبار تتفنن في تقديم صور مختلفة عن الأعمال الإرهابية التي أصبحت تنشر يوما بعد يوم في دول عديدة من العالم ..وبالنسبة لمعظم وسائل الإعلام الغربية وخاصة تلك التي تركز على الإثارة وعلى بيع الغرابة والعنف والجريمة فإن الإرهاب يعتبر مادة دسمة مربحة تساعد المؤسسة على زيادة المبيعات وجني أرباح طائلة، فالإرهاب أصبح لغة هذا القرن ”

5- القرب:
فالقرابة مثلاً في وسائل الإعلام الغربية لها مفهوم جغرافي ونسبة مكانية. وهذا المفهوم يستخدم بمعنى أخص منه في العالم الإسلامي. فالأخبار القادمة من أماكن بعيدة مثل أندونيسيا، الصين، أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، تحذف من وسائل إعلامهم عندما يكون مخاطبوها في أماكن أخرى مثل أمريكا والشرق الأوسط. أما القرابة في الإسلام، فليس لها مفهوم جغرافي ولا مكاني، وإنما لها مفهوم ثقافي. أي أن حوادث الأمة الإسلامية تتعلق بالعالم الإسلامي، بقطع النظر عن القوميات والدول. فالمصالح الشخصية لا تتدخل في صياغة الخبر، والأخبار والمعلومات بالنسبة للأمة الإسلامية هي بضاعة اجتماعية لا صناعة ثقافية .
6- التداول:
وهذا العنصر يمثل خاصية الاستمرار في تداول الخبر حتى يأخذ جدارته وأهميته الصحفية ويجعل من المجتمع يتغير تجاه قضية ما كانت تبدو صغيرة ولكن مع الاستمرارية في تداول هذا الموضوع يصبحا حدثا هاما بالنسبة للجمهور .
7- الغرابة :
ويمكننا لتوضيح هذا العنصر بطريقة سهلة وخفيفة بالعتماد على معادلة تشرح عنصر الغرابة أو الإثارة:
نبأ عن: رجل عادي عمره 80 سنة + حياة عادية = صفراً.
ونبأ عن رجل عادي عمره 80 سنة + رحلة مغامرة = خبراً.
رجل عادي عمره 80 سنة + زوجة شابة 18 سنة = خبراً.
رجل عادي 80 سنة + زوجة شابة 18 سنة + 3 توائم = خبر أكثر أهمية.
ومثل هذا النوع من القصص الطريفة لا يمكن أن يهمل بمجرد اختفاء العناصر الإخبارية الأخرى ، بل يكفي أن يكون ” غريباً ” لكي يكون ” خبراً” ذلك أن مثل هذا الخبر قد يعيش في أذهان جمهور القراء أكثر مما يعيش خبر استقالة موظف كبير بسبب خلافه مع بعض زملائه في العمل، وتــــذهـــــب بعض الصحف إلي أن عناصر التسويق و الإثارة والطرافة و الروعة من أهم سمات الخبر الجيد.
تباين عناصر القيمة الخبرية :
وفي كثير من الكتب المنهجية التي تدرس في المعاهد والجامعات في العالم تباينت عناصرالقيمة الخبرية أو شروط الخبر فقد ذكر الألماني كاسبر ستيلر في عام 1695 العناصر التالية.
1ـ الجد والطرافه 2ـ قرب المكان 3ـ التأثير4ـ الأهمية5ـ السلبية
ومن أكثر الدراسات التي تناولت عناصر الخبر جدلا هو ما ذهب إليه كالتونك وماري روج في الدراسة التي نشرت في كتاب (صناعة الأخبار) لمؤلفيه كوهين وبونك.. وهذان الباحثان النرويجيان يريان ان هناك احتمالا اكبر لنشر الأحداث إذا كانت تلبي أيا أو بعض أو عدة معايير من المعايير الآتية:
1ـ نسبة الحدث: وهي تتعلق بالوقت الذي يستغرقه وقوع الحدث بشكل يتناسب مع وقت الوسيلة الإخبارية فحادث اغتيال مثلا أكثر جدارة صحفية من تقدم بطئ لأحد بلدان العالم الثالث.
2ـ الضخامة: كلما كان الحدث اكبر كان أفضل وكلما كان دارماتيكيا كلما زادت قوة تأثيره وتحقيقه لما يسمى باندفاع الجمهور.
3ـ الوضوح: كلما كانت الأحداث واضحة ومحدده كلما سهل على الجمهور ملاحظتها وسهل على المراسلين التعامل معها.
4ـ الالفه: وهذه الخاصية الخبرية تتعلق بالجماعة وبالقرب الثقافي وبما يتناغم مع الجمهور المتلقي فالأشياء القريبة منا تعنينا أكثر من سواها.
5ـ التماثل: هذا يعني درجة التقاء الأحداث مع توقعات الجمهور وتنبؤاته.
6ـ الدهشة المفاجأة.. لابد ان يكون الحدث مفاجئا وغير متوقع أو نادر ليكون الخبر جيداً.
7ـ الاستمرارية: وهذه الخاصية تفترض ان يكون الخبر جديداً ليقع في عناوين الصحف ونشرات الأنباء وان تستمر جدارته الصحفية حتى عندما تتضاءل ضخامته.
8ـ التشكيل/ التركيب: ان الحاجة في تحقيق التوازن في نشر الأخبار تجعل المحرر أو الناشر بطرح بعض العناصر المتناقضة، مثل نشره بعض الأخبار المحلية إذا كانت غالبية الأخبار المنشورة في الصحيفة هي أخبار خارجية أو أن ينشر بعض الأخبار الحقيقة والمشوقة إذا كانت نسبة الأخبار التي تبعث على التشاؤم عالية .
وفي كتابة المشهور الرأي العام الذي صدر عام 1922 ذكر وولتر لييمان العناصر التالية
أ-وضوح الحدث ب-الغرابة والدهشة ج-القرب الجغرافي د-التأثير الشخصي هـ- الصراع
وقد سرد الباحثين العناصر الأساسية المعتمدة في صحافة العالم الثالث والتي تؤكد على التنمية الاقتصادية والثقافة الوطنية وإبراز صورة مشرقة عن العالم الثالث وهي :
1ـ التنمية 2ـ المسؤولية الاجتماعية 3ـ التكامل الوطني 4ـ التثقيف 5ـ قرب المكان 6ـ الاهتمام الشخصي
وتتجلى هذه العناصر في طريقة عرض الأخبار في صحافة العالم الثالث حيث يتم إبراز الأخبار الايجابية وإنشاء المشاريع والمصانع وحملات التطعيم ضد الأوبئة ومحو الأمية ونشاطات زعماء هذه الدول.. كما يتم حجب أخبار العنف والجريمة والفساد والفضائح والسياسات الخاطئة.
ومن الناحية العملية فهناك عناصر أساسية تدخل في تشكيل بنية الخبر وتتكامل داخل هيكلة العام بشكل متجانس يعطين خبرا وهي:
1- ان يكون الخبر حقيقيا اي وقع فعلا.
2- أن يكون مثيرا أو يهم اكبر عدد ممكن من الناس.
3- ان تكون لغته بسيطة وموجزه لكنها متينه البناء
4- الجده أو الحداثة

المبحث الثاني: العوامل المؤثرة في القيم الإخبارية
في دراسة العوامل المؤثرة في القيم الإخبارية نجدها تختلف من عوامل سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية وأيضا أخلاقية ، سوف نتطرق في البداية إلى العوامل السياسية والفكرية أي علاقة البنية الفكرية للسلطة وللمؤسسة الإعلامية وتأثيرها المباشر في القيم الإخبارية ، ثم ننظر في العوامل الأخرى وهي أقل تأثيرا أو ذات تأثير غير مباشر.
أولا : السلطة السياسية :
العلاقة الموجودة بين السلطة السياسية و وسائل الإعلام موجودة في كل دول العالم وتطرح على أنها إشكالية تتمثل في تحكم السلطة السياسية في وسائل الإعلام ، وهذا التحكم يرجع إلى الطبيعة البنيوية للمؤسسة السلطوية المتمثلة في الدولة أو الحكومة والتي تقوم على أساس ممارسة السلطة الحكم ، في حين أن المؤسسة الإعلامية تقوم على الإسهام في تشكيل وعي الأفراد ولها دور فعال في تشكيل الرأي العام ، وبالتالي لابد أن تقوم السلطة السياسية في محاولة لاستمرارها بالهيمنة على وسائل الإعلام والسيطرة على إنتاج الأفكار والمعلومات لتكييفها حسب رأي السلطة ، فتصبح القيم الإخبارية للوسيلة الإعلامية تتماثل وتتماشى تماما مع رأي السلطة السياسية فيما ينشر وما لا ينشر .
الالتفات حول وسائل الإعلام من طرف السلطة يرجع إلى أن الدولة لها أفكارها الخاصة بها ترغب بإيصالها إلى الناس ليلتفوا حولها و لتستمر وتقوى وهذه هي طبيعة السلطة ، يقول الكاتب والمنتج التلفزيوني الأسترالي :” الحكام الجدد هم نفسهم الحكام القدامى ، لكن بوجوه جديدة وتقنيات سيطرة جديدة ، هناك إمبريالية غير مباشرة ، ناعمة أحيانا وخشنة أحيانا ، تستخدم التكنولوجيا والشركات العابرة للقوميات والإعلام والمعلومات والشعارات المعولمة”
وفي الجزائر عل سبيل المثال كان المفروض على الصحافة أن تعمل على منهاج الحزب الواحد وتحقيق المبادئ الاشتراكية حين كانت الجزائر تتبنى النظام الاشتراكي ، ثم ( كانت الإدارة السياسية موجودة بعد 1990 لجعل الصحافة المستقلة الناشئة أحد أشعة الإصلاحات السياسية و الاقتصادية في مواجهة تردد بعض القوى المستقلة )
وتجدر الإشارة إلى أن ( اختلاف الأنظمة الفكرية والاجتماعية و الاقتصادية لها دور كبير في تحديد العلاقة بين السلطة السياسية و وسائل الإعلام ) فيمكن لهذه الأخير أن تكون سلطة رابعة بينما يمكنها أن تكون جهازا من أجهزة الدولة ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية “لا يجوز أن يُصدر الكونغرس أي قانون … يحدّ من حرية الصحافة…” بحسب (التعديل الأول، وثيقة الحقوق، دستور الولايات المتحدة، 1791) مثلاً، وقفت المحكمة العليا الأميركية إلى جانب الصحف ضد الحكومة في مسألة السماح للصحف بنشر ما عُرف فيما بعد “بوثائق البنتاغون”. وقد نشرت الصحف هذه الوثائق السرية لحرب فيتنام، بعد أن حصلت عليها بصورة غير رسمية، رغم الاعتراضات الحكومية ، ( وفي الجزائر السلطة لا تتعامل مع المعطى الإعلامي باعتباره إحدى سلطات المجتمع المدني وإحدى الركائز الأساسية للنظام الديمقراطي وأداة لتحقيق التنمية ، فالشغل الشاغل للسلطة اليوم هو المزيد من التعتيم والقمع لمنع كشف الفساد الذي ينخر المجتمع الجزائري ) بالرغم من أن الجزائر تبنت الرأسمالية والتعددية الحزبية والإعلامية وهي معطيات يجب أن تضع حدا للهيمنة على أفكار وسائل الإعلام .
ويلاحظ أن هناك تباينا في حدة العلاقة بين السلطة السياسية ووسائل الإعلام في الغرب ودول العالم الثالث – أي أنها موجودة دائما في كل الدول – ورغم ذلك التباين هناك تحكم في وسائل الإعلام بميكانيزمات تختلف من دولة إلى أخرى وتتمثل في : الميكانيزم التشريعي ، الميكانيزم المالي ، ميكانيزم الرقابة .
أ‌- عن طريق التشريع : حيث تسن السلطة مجموعة من القوانين يجب على الرسالة الإعلامية التقيد بها ، والسلطة الجزائرية مثلا تعتقد أن ( دفع الصحافة نحو الالتزام أكثر بالمسؤولية يمر عبر تضييق أكثر لهامش الحرية من خلال سن قوانين ردعية ، كما حدث في تعديل قانون العقوبات وإجراءات تعسفية ومساومات سياسية وتجارية ) ، وبالتالي فإن هذه القوانين تحدد القيم الإخبارية للوسيلة الإعلامية كما أن حرية التعبير(تنتهي بمجرد استغلال السلطة لسلطتها و توظيف العدالة لضرب كل من يتجرأ على انتقادها ) .
وإذا نظرنا إلى التشريع الأمريكي فإلى جانب المبادئ المستندة على الدستور، لا يوجد هناك ما يُذكر من القوانين أو الأنظمة التي تتعلّق بممارسة العمل الصحافي. فالحكومة الأميركية لا تمنح تراخيص لممارسة العمل الصحفي، ولا تتحكّم بمستلزماته من ورق الصحف وحبر الطباعة. لكن من جهة أخرى، يخضع الصحافيون إلى نفس القوانين المطبقة عموماً على بقية المواطنين.

ب‌- عن طريق التمويل : أو سلطة المال ، حيث أن تمويل وسائل الإعلام يعود إلى المصلحة الذاتية للممول ( مهما كانت : السلطة السياسية أو الجماعات المالية أو جماعات الضغط )
وسلطة المال لها فاعلية كبيرة حيث أن السيطرة المالية تجعل من وسائل الإعلام في موضع التأييد للممول دائما وتضع قيم الممول في موضع قيمها ، وفي الجزائر دائما ( يكفي توقيع الإشهار الممنوح وتواطؤ المطابع وحدهما لبيان طبيعة الضغوط وتفسير الخط المنتهج ) ، هذا الخط المنتهج من طرف الدولة سوف يؤثر في إيجاد حرية خرافية للتعبير، فاحتكار الدولة للإشهار المؤسساتي والمطابع تعد عراقيل أمام حرية التعبير.
وسوف نزيد من شرحنا لتأثير سلطة المال على القيم الإخبارية من خلال دراستنا لنوع الملكية وتأثيرها على القيم الإخبارية للمؤسسات الإعلامية.

ج- عن طريق الرقابة : وهنا حسب رؤية الأستاذ سمير لعرج فإن الميكانيزمين السابقين أي التشريعي والمالي لا يكفيان لإحكام القبضة على مضمون وسائل الإعلام ، والأنظمة السياسية تستدعي فرض رقابة معينة لا تتعارض مع إيديولوجيتها ، ففي الغرب يؤكد على ما يريده الجمهور بينما في دول العالم الثالث فيركز على ما يحتاج إليه الجمهور ، ولا شك أن ممارسة هذه الرقابة يؤدي إلى انعدام المراقبة الذاتية وطبعا إلى توجيه القيم الإخبارية للمؤسسة الإعلامية بمراقبة ما ينشر وما لا ينشر.
وفي دول العالم الثالث والوطن العربي عموما هناك من الرقابة المفروضة على الأداء الإعلامي ما يحد من حرية الإعلام ويجعل القيم الإخبارية خاضعة للدولة، مع تفاوت تلك الرقابة المفروضة من نظام لآخر:
– رقابة مسبقة على مضمون الرسالة الإعلامية المحلية .
– رقابة قضائية على القرار الإداري بإلغاء الصحيفة أو تعطيلها .
– رقابة على مضمون الرسالة الإعلامية الواردة من الخارج .
– رقابة على بيع وتداول المطبوعات .

ثانيا : تأثير سياسة المؤسسة الإعلامية في القيم الإخبارية:
بعد دراستنا لهيمنة السلطة السياسية على الوسيلة الإعلامية النابع من بنية السلطة وطبيعتها ، سوف نحاول التطرق إلى تأثير الوسيلة الإعلامية في حد ذاتها على القيم الإخبارية ، ذلك لكونها دائما تعبر عن السلطة السياسية والإيديولوجية الفكرية لها أو أنها تحمل أفكارا أخرى تريد أن توصلها إلى الناس حتى وإن كانت تناقض الحكومة ، فالوسيلة الإعلامية عنصر من العناصر المحددة للقيم الإخبارية والعوامل المؤثرة فيها حيث تتجلى السياسة الإعلامية لأي مؤسسة في قيمها الإخبارية . </SPAN



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية


العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية
تتأثر العلاقات الدولية بعوامل عديدة. من ابرز هذه العوامل: العامل الجغرافي، الموارد الأولية، السكان، العامل العسكري، الخ.
العامل الجغرافي:
يعد العامل الجغرافي من ابرز العوامل التقليدية المؤثرة في العلاقات الدولية. فحجم الإقليم له أثر على قوة الدولة؛ إذ إن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها؛ لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقًا استراتيجيًا ويجعل احتلالها أمرًا صعبًا ومكلفًا.
كما أن كبر حجم الإقليم يفسح المجال لتنوع الموارد الاقتصادية حيث تتميز بعض مناطق الإقليم بتوفر مورد اقتصادي فيها – البترول مثلاً – في حين تتميز مناطق الإقليم الأخرى بتوفر موارد أخرى مثل الزراعة والسياحة.
لذا ليس من الغريب أن نجد أن الدول العظمى في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (السابق) تشكل أقاليمهما مساحات كبيرة تحتوي على موارد مختلفة. . . وهذه المساحات الكبيرة أعطت كلاً من روسيا وأمريكا مزايا استراتيجية واقتصادية سمحت لهما بتوفير متطلبات الأمن العسكري والاقتصادي.
فكبر حجم الإقليم وفر لكل من روسيا وأمريكا عمقًا استراتيجيًا وجعل اكتساح أي منهما من قبل الآخر باستخدام القوات التقليدية أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلاً. كما يتمتع كل من روسيا وأمريكا بسبب تنوع مواردهما الاقتصادية بشبه اكتفاء ذاتي في المجال الاقتصادي.
لكن ما يجب اعتباره هو أن حجم الإقليم يجب أن لا يؤخذ بمعزل عن العوامل الأخرى، خصوصًا عدد السكان وقوة الدولة العسكرية. فحتى تستفيد الدولة من مساحتها الشاسعة يجب أن يتوفر فيها ما يكفيها من السكان لتحقيق التنمية الاقتصادية وبناء القوة العسكرية.
فتوفر المساحة الشاسعة بدون العدد الكافي من السكان يمثل في الواقع عبئًا على الدولة وليس ميزة لها. لذا نجد أن العامل الأساسي وراء استفادة كل من روسيا وأمريكا من مساحتها الشاسعة هو توفر عنصر السكان بما يكفي للمتطلبات الاقتصادية والأمنية.
وبالإضافة إلى عدد السكان وأثره على فعالية الإقليم، فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو قوة الدولة العسكرية، فالدول ذات المساحات الكبيرة والضعيفة عسكريًا مثل تشاد تواجه مشكلة في حفظ أمنها القومي؛ لأن كبر حجم الإقليم يفرض عليها نشر قوات كبيرة في مناطق شاسعة وهذا قد يكون فوق مقدرتها العسكرية والمالية.
ورغم أن التقدم في الأسلحة الحربية خصوصًا في سلاح الطيران وفر للدولة العصرية ذات الإقليم الواسع أداة هامة وفعالة لحفظ أمنها القومي، إلا أن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الأسلحة الحديثة باهظة الثمن، كما أن سرعة التقدم في تطورها قلل من فعالية القديم منها، لذا تبقى الدولة دائمًا تحت ضغط مستمر لتحديث أسلحتها لتساير التطور في التسليح ولتعوض عن النقص في السكان، وهذا يشكل عبئًا ماليًا مستمرًا عليها.
ولموقع الدولة الجغرافي أثر على أمنها القومي؛ إذ إن وجود منافذ بحرية عديدة للدولة يعطيها أكثر من خيار للاتصال الخارجي وتأمين الإمدادات اللازمة لها. فالمملكة العربية السعودية مثلاً لها منفذ بحري على البحر الأحمر وآخر على الخليج العربي. لذا في حالة تعرض صادراتها أو وارداتها لأي مخاطر في الخليج يمكنها الاعتماد على منافذها على البحر الأحمر لتوفير مستلزماتها من الخارج.
أما كون الدولة داخلية أي ليس لها منفذ بحري – كما هي الحال بالنسبة لأفغانستان – فهذا الوضع يشكل نقطة ضعف في قوتها القومية؛ إذ أنها ستبقى تحت رحمة الدول المجاورة لها لتأمين اتصالها الخارجي خصوصًا الاتصال البحري.
كما أن وجود دولة صغرى جوار إحدى القوى الإقليمية أو الدولية أو بين تلك القوى يفرض على هذه الدولة الصغرى قيودًا على سياستها الخارجية ويجعلها تواجه خيارات صعبة وأحيانًا محرجة. . . فكون سوريا محيطة بلبنان من جميع الجهات البرية –باستثناء الجهة الجنوبية المجاورة لإسرائيل- يفرض قيداً على سياسة لبنان الخارجية يتمثل بالإبقاء قدر الإمكان على علاقات ودية مع سوريا.
ولتعدد الدول المجاورة للدولة أثر على وضعها الأمني ونفوذها الخارجي. فإذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة فإن هذا سيقوي من نفوذها الدولي إذا كان لهذه الدولة الإمكانيات العسكري التي تمكنها ليس من ردع هذه الدول فقط، بل والتأثير عليها. أما إذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة وهي ضعيفة الإمكانيات العسكرية فإن هذا سيشكل عبئًا على الدولة إذ أنها ستواجه ضغوطاً عسكرية مختلفة من هذه الدول المجاورة للتأثير على سياستها سواء الداخلية أو الخارجية.
أما شكل الإقليم وإن كان تأثيره على أمن الدولة القومي أقل من تأثير الموقع إلا أنه مع ذلك كثيرًا ما يكون عاملاً هامًا في تعزيز أمن الدولة أو إضعافه. فكون إقليم الدولة مكونًا من قطعة واحدة متماسكة مثل المملكة يجعلها في وضع أمن أحسن بكثير من ذات الإقليم المتناثر والمكون من جزر عدة مثل اندونيسيا. فبالإضافة على أن تناثر الإقليم يزيد من المتطلبات العسكرية اللازمة لصد أي عدوان خارجي، فإنه يشكل عبئًا على الاتصال الداخلي وعلى الوحدة الوطنية.
ومثلما يؤثر شكل الإقليم على أمن الدولة القومي ووحدتها القومية فإن طبيعة الإقليم لها كذلك أثر على أمن الدولة وقوتها. فالدول ذات الطبيعة الجبلية كثيرًا ما يصعب احتلالها من الخارج؛ إذ أن الجبال تمثل موانع طبيعية ضد الاحتلال. لكن الدول ذات الطبيعة الجبلية تواجه صعوبات في ربط مناطق الإقليم في الداخل، وهذا ما سيحول دون تعزيز الاتصال بين السكان ومن ثم إضعاف الوحدة الوطنية.
أما الدول ذات الإقليم المنبسط أو المكون من سهول وهضاب فهي عادة تكون مكشوفة للعدوان خصوصًا إذا كانت إمكانياتها العسكرية ضعيفة. لكن انبساط الإقليم يساعد الدولة على بناء شبكة قوية من المواصلات الداخلية، ومن ثم تحقيق الوحدة الوطنية.
أما المناخ فيبرز تأثره على وضع الدولة الاقتصادي وإنتاجها القومي. فالدول ذات المناخ المعتدل والبارد عادة ما تكون ملائمة للإنتاج الزراعي والصناعي أكثر من المناطق الحارة.
لذا نجد أن المناطق المتقدمة والصناعية في العالم تقع في مناطق باردة أو تميل للبرودة. في حين نجد أن المناطق النامية تقع في مناطق حارة أو تميل للحرارة مثل المناطق الاستوائية. وهذا ما جعل الدول النامية تعتمد على الزراعة والموارد الطبيعية أكثر من اعتمادها على الصناعة.

الموارد الأولية:
تعتبر الموارد الاقتصادية حجر الأساس في بناء قوة الدولة. والموارد الاقتصادية عديدة ومتنوعة وما يهمنا منها في قوة الدولة هي الموارد أو السلع الإستراتيجية ونعني بها الموارد الغذائية ومصادر الطاقة.
فالمواد الغذائية تعتبر موردًا اقتصاديًا هامًا وسلعة إستراتيجية لأنها ضرورية لبقاء الإنسان وضمان أمن الدولة الاقتصادي. والدولة التي تعاني من نقص في المواد الغذائية خصوصًا الحبوب عادة ما يكون أمنها الاقتصادي تحت رحمة الدول الأخرى والتي تمدها بالمواد الغذائية.
لذا نجد كثيرًا من الدول تحرص كل الحرص على إنتاج المواد الغذائية الرئيسية بغض النظر عن تكلفتها الاقتصادية؛ إذ تنظر إلى إنتاج هذه المواد من منظور استراتيجي وليس من منظور اقتصادي مجرد، وتبرز أكثر أهمية توفر المواد الغذائية في الدولة خلال فترة الحروب والاضطرابات في المجتمع الدولي حيث يصبح أمن الدولة الغذائية في خطر خصوصًا إذا كانت تعتمد في إمداداتها الغذائية على د ول أخرى.
وتكمن هذه الخطورة في مصدرين؛ الأول: يتمثل في أن الدول خلال الحروب يضعف إنتاجها الاقتصادي بما في ذلك الإنتاج الزراعي، لذا تسعى الدول إلى تخزين إنتاجها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب وعدم تصديرها لتتفادى أي نقص محتمل. أما المصدر الثاني: فيتمثل بتعرض طرق المواصلات البرية والبحرية خلال الحروب والاضطرابات إلى مخاطر عديدة، ويترتب على ذلك شل حركة النقل البري والبحري، ومن ثم نقص الإمدادات الغذائية. لذا تلجأ الدول المستوردة للقمح وغيره من المواد الغذائية إلى تخزين المواد الغذائية الرئيسية بما يكفي للاستهلاك المحلي لفترة من الزمن لتفادي آثار الاضطرابات الدولية على إمداداتها الغذائية.
أما مصادر الطاقة فهي عديدة وتختلف أهميتها من وقت لآخر. لقد كان الفحم يعتبر أهم مصدر للطاقة إلا أن التطور التكنولوجي قلل من أهميته، وأبرز أهمية البترول. فالبترول بالإضافة إلى أنه يمثل المصدر الأساسي للطاقة في المواصلات والصناعة والاستخدامات المنزلية؛ فإن مشتقاته تدخل في إنتاج العديد من السلع الاستهلاكية. لقد أعطى البترول الدول المصدرة له قوة اقتصادية وسياسية مكنتها من التأثير في السياسات الدولية.
أما الدول التي تفتقر للبترول فقد أصبحت تحت رحمة الدول المصدرة له، فبالإضافة إلى تأثير انعدام البترول في أراضيها على أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي؛ فإن استيراده يمثل عبئًا على ميزانية مدفوعاتها خصوصًا في الدول النامية والتي تعاني من قلة العملات الصعبة.

السكان:
يعتبر السكان أهم العناصر المؤثرة في مكونات قوة الدول. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية بين قوة الدولة وحجم سكانها. فالدول العملاقة في المجتمع الدولي . . . [مثل] الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي [سابقاً] تمتلك العدد الكافي من السكان لتحقيق متطلبات أمنها الاقتصادي والعسكري.
كما أن الصين الشعبية أصبحت قوة عظمى في المجتمع الدولي نتيجة لحجم سكانها الذي . . . [يزيد عن] أكثر من ألف مليون نسمة. في حين تعتبر الهند بسبب كثافتها السكانية والتي تجاوزت . . . الثمانمائة مليون نسمة مرشحة لدخول نادي القوى العظمى.
غير أن عدد السكان لا يكفي بحد ذاته لتقدير دور السكان في القوة القومية. بل لا بد من معرفة دقيقة لنوعية السكان وتجانسهم ومستواهم الحضاري. فمن حيث النوعية يجب معرفة الجنس وفئات العمر المنتجة في التكوين السكاني في الدولة.
فمعرفة الجنس مهمة خصوصًا في الدول النامية والتي تحد من مساهمة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في التنمية القومية. ففي بعض هذه الدول جزء كبير من العنصر النسائي معطل وغير منتج وهذا ما يجعل تأثيره سلبي في محصلة قوة الدولة.
كذلك يتطلب الأمر معرفة فئات العمر في المجتمع لتحديد الأطفال، والشباب، والشيوخ؛ إذ أن مساهمة كل فئة من هؤلاء في قوة الدولة تختلف عن الفئات الأخرى. فالأطفال والشيوخ عادة ما يكون دورهم محدود جدًا إن لم يكن معدومًا في العملية الإنتاجية. في حين يمثل الشباب العمود الفقري في قوة الدولة سواء في السلم أو الحرب.
وبالإضافة إلى معرفة الجنس والعمر يتطلب الأمر معرفة تجانس السكان. فكلما كانت درجة التجانس عالية بين المواطنين كلما زاد ذلك من قوة الوحدة الوطنية داخل حدود الدولة. وهذا بالطبع له أثر إيجابي على قوة الدولة؛ إذ أنه سيزيد من درجة التعاون بين السكان وقت السلم ومن صلابة الجبهة الداخلية وقت الحرب.
كذلك يتطلب تحديد فاعلية عنصر السكان وتأثير أبعادة، معرفة نوعية السكان من حيث مستواهم التعليمي والتقني ورغبتهم في العمل واحترامهم للنظام وإدراكهم لمسؤولياتهم الوطنية وتضحيتهم من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
وقد يكون عنصر السكان متوفرًا من حيث الكم و الكيف لكن درجة الاستفادة من هذا العنصر دون المستوى المطلوب. وهذا الوضع يقلل من فعالية العنصر السكاني في مقاومة قوة الدولة. إن وجود السكان كمًّا وكيفًا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لرفع قوة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي. وهذا يعني وجوب الاستفادة الحقيقية من السكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقت السلم وفي الدفاع عن الوطن والأمة وقت الحرب.
إن الاهتمام بعنصر السكان واحتلاله مكانة الصدارة بين العناصر الأخرى يرجع إلى أهمية هذا العنصر وقت السلم ووقت الحرب. ففي السلم يعتبر السكان عنصرًا من عناصر الإنتاج والدولة التي تعاني من قلة هذا العنصر تضطر لاستقدام الأيدي العاملة الأجنبية للمساهمة في التنمية الوطنية. ولهذه الخطوة سلبيات عديدة على الثقافة الوطنية والأمن الوطني.
أما في الحرب فتبرز مساهمة العنصر البشري بشكل أكبر، ذلك أن الدولة التي تتمتع بنسبة عالية من السكان تكون مقدرتها أكبر من غيرها في الصمود والقتال. ورغم التطور السريع الذي حصل في تكنولوجيا الأسلحة الحربية ودخول الأسلحة الذرية فلا يزال للحرب التقليدية شأن في العلاقات الدولية، ولا يزال لتفوق الدولة في عنصر السكان أثر في مجرى هذه الحرب وتحديد نتائجها.

العامل العسكري:
حتى وقت قريب كانت قوة الدولة تقاس بقوتها العسكرية، إلا أن زيادة تأثير العناصر الأخرى أنهى هذا الاحتكار للقوة العسكرية فأصبحت القوة العسكرية تمثل العنصر الرئيسي بين عناصر عديدة تشكل في مجموعها القوة القومية.
والقوة العسكرية في مفهومها المعاصر تتكون من عوامل أو مكونات عديدة تتفاعل فيما بينها وتعطي في ناتجها النهائي التأثير العسكري المنشود في السياسات الدولية. إن تحليل القوة العسكرية لأي دولة يتطلب منا الأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل، ومن بين هذه العوامل العدد، العتاد، المبدأ الاستراتيجي، والروح المعنوية.
فمن حيث العدد كلما كبر عدد الجيش كلما زاد تأثير فعاليته العسكرية. ورغم التقدم في الأسلحة الحربية فلا يزال لعدد أفراد القوات المسلحة دورًا هامًا في تشكيل القوة العسكرية للدولة. فالدولة ذات العدد الكبير من أفراد القوات المسلحة تكون أقدر من غيرها في العمليات العسكرية سواء كانت دفاعية أو هجومية؛ إذ أنها ستكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية.
ويدخل ضمن عدد القوات المسلحة كل أفراد الأجهزة العسكرية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة في الدفاع عن الدولة ضد أي عدوان خارجي. لذا يدخل ضمن عدد القوات المسلحة الميليشيات العسكرية، الحرس الوطني، وغيرها من التنظيمات العسكرية المشابهة .
أما العتاد العسكري فقد تنوع وتطور بسرعة مذهلة. وهذا التطور والتنوع السريع مضافًا إلى السرية التي تحاط بامتلاكه والتعقيد في استخدامه يجعل من الصعب تحديد معيار محدد لنوعية العتاد العسكري الأكثر فعالية. إن المهم في تقييم قوة الدولة العسكرية رصد مؤشرات قوية تدل على أن الدولة تمتلك أسلحة عسكرية حديثة كافية للردع أو الهجوم.
وامتلاك السلاح وحده لا يكفي، بل المهم أيضًا القدرة على صيانته بعد امتلاكه خصوصًا وأن الأسلحة الحديثة في غاية التعقيد من الناحية التكنولوجية وتتطلب صيانتها كفاءة فنية عالية. هذا المطلب يجعل الدول النامية دائمًا في وضع صعب؛ إذ أنها قد تكون قادرة على شراء السلاح لكنها تواجه صعوبات في صيانته والمحافظة عليه بشكل جيد.
وبالإضافة إلى القدرة على الصيانة يجب اعتبار قدرة الجيش الوطني على استخدام السلاح بكفاءة. لذا أصبحت أهمية التدريب على السلاح لا تقل عن أهمية امتلاكه؛ إذ أن جعل السلاح العسكري في أيادي أجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة في بناء الدولة العسكري.
إن العدة والعتاد لا تكفي بحد ذاتها لضمان نصر عسكري للدولة في حروبها الدفاعية أو الهجومية. بل يتطلب الأمر اعتبار المبدأ الاستراتيجي للدولة. والمقصود بالمبدأ الاستراتيجي: الخطة العامة للقتال وأسلوب تنفيذها. فأحيانًا يتوفر لدى الدولة العدد الكافي من المقاتلين وتمتلك أسلحة كافية وحديثة إلا أن عدم سلامة مبدأها الاستراتيجي يترتب عليه هزيمة ساحقة لها، كما حصل للقوات العربية خلال الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1967م، لذا أصبح تطوير مبدأ استراتيجي سليم للقوات العسكرية للدولة من الأهمية بمكان وأصبح الاهتمام ببناء فكر عسكري مطلبًا أساسًا لتحقيق الجدوى المتوقعة من تجنيد الشعب وامتلاك السلاح.
أخيرًا قد يتوفر عدد كبير من أفراد الجيش، وسلاح من نوعية جيدة، ومبدأ استراتيجي سليم. ومع ذلك فإن البناء العسكري للدولة خصوصًا في وقت الحرب يتسم بالضعف العام. في هذه الحالة يعزى الضعف إلى ضعف الروح المعنوية للمقاتلين. و . . . [يقصد] بالروح المعنوية استعداد المقاتلين للتضحية والعمل بروح عسكرية عالية.
لذا أصبح رفع الروح المعنوية للمقاتلين خصوصًا وقت الحروب من الأهمية بمكان لرفع كفاءة الجيش وأدائه ورفع الروح المعنوية يتم من خلال إيجاد الاستعداد التام لدى الجندي المقاتل للانضباط وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في ميدان القتال، وقناعته التامة بالهدف الذي يقاتل من أجله، وحماسه المطلق للتضحية من أجل تحقيق الهدف المنشود.
إن انخفاض الروح المعنوية قد يكون السبب الرئيسي وراء انهزام جيوش ذات أسلحة متقدمة ومبدأ استراتيجي سليم. ومثال ذلك انهزام القوات الأمريكية في الحرب الفيتنامية.


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية


العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية
تتأثر العلاقات الدولية بعوامل عديدة. من ابرز هذه العوامل: العامل الجغرافي، الموارد الأولية، السكان، العامل العسكري، الخ.
العامل الجغرافي:
يعد العامل الجغرافي من ابرز العوامل التقليدية المؤثرة في العلاقات الدولية. فحجم الإقليم له أثر على قوة الدولة؛ إذ إن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها؛ لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقًا استراتيجيًا ويجعل احتلالها أمرًا صعبًا ومكلفًا.
كما أن كبر حجم الإقليم يفسح المجال لتنوع الموارد الاقتصادية حيث تتميز بعض مناطق الإقليم بتوفر مورد اقتصادي فيها – البترول مثلاً – في حين تتميز مناطق الإقليم الأخرى بتوفر موارد أخرى مثل الزراعة والسياحة.
لذا ليس من الغريب أن نجد أن الدول العظمى في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (السابق) تشكل أقاليمهما مساحات كبيرة تحتوي على موارد مختلفة. . . وهذه المساحات الكبيرة أعطت كلاً من روسيا وأمريكا مزايا استراتيجية واقتصادية سمحت لهما بتوفير متطلبات الأمن العسكري والاقتصادي.
فكبر حجم الإقليم وفر لكل من روسيا وأمريكا عمقًا استراتيجيًا وجعل اكتساح أي منهما من قبل الآخر باستخدام القوات التقليدية أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلاً. كما يتمتع كل من روسيا وأمريكا بسبب تنوع مواردهما الاقتصادية بشبه اكتفاء ذاتي في المجال الاقتصادي.
لكن ما يجب اعتباره هو أن حجم الإقليم يجب أن لا يؤخذ بمعزل عن العوامل الأخرى، خصوصًا عدد السكان وقوة الدولة العسكرية. فحتى تستفيد الدولة من مساحتها الشاسعة يجب أن يتوفر فيها ما يكفيها من السكان لتحقيق التنمية الاقتصادية وبناء القوة العسكرية.
فتوفر المساحة الشاسعة بدون العدد الكافي من السكان يمثل في الواقع عبئًا على الدولة وليس ميزة لها. لذا نجد أن العامل الأساسي وراء استفادة كل من روسيا وأمريكا من مساحتها الشاسعة هو توفر عنصر السكان بما يكفي للمتطلبات الاقتصادية والأمنية.
وبالإضافة إلى عدد السكان وأثره على فعالية الإقليم، فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو قوة الدولة العسكرية، فالدول ذات المساحات الكبيرة والضعيفة عسكريًا مثل تشاد تواجه مشكلة في حفظ أمنها القومي؛ لأن كبر حجم الإقليم يفرض عليها نشر قوات كبيرة في مناطق شاسعة وهذا قد يكون فوق مقدرتها العسكرية والمالية.
ورغم أن التقدم في الأسلحة الحربية خصوصًا في سلاح الطيران وفر للدولة العصرية ذات الإقليم الواسع أداة هامة وفعالة لحفظ أمنها القومي، إلا أن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الأسلحة الحديثة باهظة الثمن، كما أن سرعة التقدم في تطورها قلل من فعالية القديم منها، لذا تبقى الدولة دائمًا تحت ضغط مستمر لتحديث أسلحتها لتساير التطور في التسليح ولتعوض عن النقص في السكان، وهذا يشكل عبئًا ماليًا مستمرًا عليها.
ولموقع الدولة الجغرافي أثر على أمنها القومي؛ إذ إن وجود منافذ بحرية عديدة للدولة يعطيها أكثر من خيار للاتصال الخارجي وتأمين الإمدادات اللازمة لها. فالمملكة العربية السعودية مثلاً لها منفذ بحري على البحر الأحمر وآخر على الخليج العربي. لذا في حالة تعرض صادراتها أو وارداتها لأي مخاطر في الخليج يمكنها الاعتماد على منافذها على البحر الأحمر لتوفير مستلزماتها من الخارج.
أما كون الدولة داخلية أي ليس لها منفذ بحري – كما هي الحال بالنسبة لأفغانستان – فهذا الوضع يشكل نقطة ضعف في قوتها القومية؛ إذ أنها ستبقى تحت رحمة الدول المجاورة لها لتأمين اتصالها الخارجي خصوصًا الاتصال البحري.
كما أن وجود دولة صغرى جوار إحدى القوى الإقليمية أو الدولية أو بين تلك القوى يفرض على هذه الدولة الصغرى قيودًا على سياستها الخارجية ويجعلها تواجه خيارات صعبة وأحيانًا محرجة. . . فكون سوريا محيطة بلبنان من جميع الجهات البرية –باستثناء الجهة الجنوبية المجاورة لإسرائيل- يفرض قيداً على سياسة لبنان الخارجية يتمثل بالإبقاء قدر الإمكان على علاقات ودية مع سوريا.
ولتعدد الدول المجاورة للدولة أثر على وضعها الأمني ونفوذها الخارجي. فإذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة فإن هذا سيقوي من نفوذها الدولي إذا كان لهذه الدولة الإمكانيات العسكري التي تمكنها ليس من ردع هذه الدول فقط، بل والتأثير عليها. أما إذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة وهي ضعيفة الإمكانيات العسكرية فإن هذا سيشكل عبئًا على الدولة إذ أنها ستواجه ضغوطاً عسكرية مختلفة من هذه الدول المجاورة للتأثير على سياستها سواء الداخلية أو الخارجية.
أما شكل الإقليم وإن كان تأثيره على أمن الدولة القومي أقل من تأثير الموقع إلا أنه مع ذلك كثيرًا ما يكون عاملاً هامًا في تعزيز أمن الدولة أو إضعافه. فكون إقليم الدولة مكونًا من قطعة واحدة متماسكة مثل المملكة يجعلها في وضع أمن أحسن بكثير من ذات الإقليم المتناثر والمكون من جزر عدة مثل اندونيسيا. فبالإضافة على أن تناثر الإقليم يزيد من المتطلبات العسكرية اللازمة لصد أي عدوان خارجي، فإنه يشكل عبئًا على الاتصال الداخلي وعلى الوحدة الوطنية.
ومثلما يؤثر شكل الإقليم على أمن الدولة القومي ووحدتها القومية فإن طبيعة الإقليم لها كذلك أثر على أمن الدولة وقوتها. فالدول ذات الطبيعة الجبلية كثيرًا ما يصعب احتلالها من الخارج؛ إذ أن الجبال تمثل موانع طبيعية ضد الاحتلال. لكن الدول ذات الطبيعة الجبلية تواجه صعوبات في ربط مناطق الإقليم في الداخل، وهذا ما سيحول دون تعزيز الاتصال بين السكان ومن ثم إضعاف الوحدة الوطنية.
أما الدول ذات الإقليم المنبسط أو المكون من سهول وهضاب فهي عادة تكون مكشوفة للعدوان خصوصًا إذا كانت إمكانياتها العسكرية ضعيفة. لكن انبساط الإقليم يساعد الدولة على بناء شبكة قوية من المواصلات الداخلية، ومن ثم تحقيق الوحدة الوطنية.
أما المناخ فيبرز تأثره على وضع الدولة الاقتصادي وإنتاجها القومي. فالدول ذات المناخ المعتدل والبارد عادة ما تكون ملائمة للإنتاج الزراعي والصناعي أكثر من المناطق الحارة.
لذا نجد أن المناطق المتقدمة والصناعية في العالم تقع في مناطق باردة أو تميل للبرودة. في حين نجد أن المناطق النامية تقع في مناطق حارة أو تميل للحرارة مثل المناطق الاستوائية. وهذا ما جعل الدول النامية تعتمد على الزراعة والموارد الطبيعية أكثر من اعتمادها على الصناعة.

الموارد الأولية:
تعتبر الموارد الاقتصادية حجر الأساس في بناء قوة الدولة. والموارد الاقتصادية عديدة ومتنوعة وما يهمنا منها في قوة الدولة هي الموارد أو السلع الإستراتيجية ونعني بها الموارد الغذائية ومصادر الطاقة.
فالمواد الغذائية تعتبر موردًا اقتصاديًا هامًا وسلعة إستراتيجية لأنها ضرورية لبقاء الإنسان وضمان أمن الدولة الاقتصادي. والدولة التي تعاني من نقص في المواد الغذائية خصوصًا الحبوب عادة ما يكون أمنها الاقتصادي تحت رحمة الدول الأخرى والتي تمدها بالمواد الغذائية.
لذا نجد كثيرًا من الدول تحرص كل الحرص على إنتاج المواد الغذائية الرئيسية بغض النظر عن تكلفتها الاقتصادية؛ إذ تنظر إلى إنتاج هذه المواد من منظور استراتيجي وليس من منظور اقتصادي مجرد، وتبرز أكثر أهمية توفر المواد الغذائية في الدولة خلال فترة الحروب والاضطرابات في المجتمع الدولي حيث يصبح أمن الدولة الغذائية في خطر خصوصًا إذا كانت تعتمد في إمداداتها الغذائية على د ول أخرى.
وتكمن هذه الخطورة في مصدرين؛ الأول: يتمثل في أن الدول خلال الحروب يضعف إنتاجها الاقتصادي بما في ذلك الإنتاج الزراعي، لذا تسعى الدول إلى تخزين إنتاجها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب وعدم تصديرها لتتفادى أي نقص محتمل. أما المصدر الثاني: فيتمثل بتعرض طرق المواصلات البرية والبحرية خلال الحروب والاضطرابات إلى مخاطر عديدة، ويترتب على ذلك شل حركة النقل البري والبحري، ومن ثم نقص الإمدادات الغذائية. لذا تلجأ الدول المستوردة للقمح وغيره من المواد الغذائية إلى تخزين المواد الغذائية الرئيسية بما يكفي للاستهلاك المحلي لفترة من الزمن لتفادي آثار الاضطرابات الدولية على إمداداتها الغذائية.
أما مصادر الطاقة فهي عديدة وتختلف أهميتها من وقت لآخر. لقد كان الفحم يعتبر أهم مصدر للطاقة إلا أن التطور التكنولوجي قلل من أهميته، وأبرز أهمية البترول. فالبترول بالإضافة إلى أنه يمثل المصدر الأساسي للطاقة في المواصلات والصناعة والاستخدامات المنزلية؛ فإن مشتقاته تدخل في إنتاج العديد من السلع الاستهلاكية. لقد أعطى البترول الدول المصدرة له قوة اقتصادية وسياسية مكنتها من التأثير في السياسات الدولية.
أما الدول التي تفتقر للبترول فقد أصبحت تحت رحمة الدول المصدرة له، فبالإضافة إلى تأثير انعدام البترول في أراضيها على أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي؛ فإن استيراده يمثل عبئًا على ميزانية مدفوعاتها خصوصًا في الدول النامية والتي تعاني من قلة العملات الصعبة.

السكان:
يعتبر السكان أهم العناصر المؤثرة في مكونات قوة الدول. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية بين قوة الدولة وحجم سكانها. فالدول العملاقة في المجتمع الدولي . . . [مثل] الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي [سابقاً] تمتلك العدد الكافي من السكان لتحقيق متطلبات أمنها الاقتصادي والعسكري.
كما أن الصين الشعبية أصبحت قوة عظمى في المجتمع الدولي نتيجة لحجم سكانها الذي . . . [يزيد عن] أكثر من ألف مليون نسمة. في حين تعتبر الهند بسبب كثافتها السكانية والتي تجاوزت . . . الثمانمائة مليون نسمة مرشحة لدخول نادي القوى العظمى.
غير أن عدد السكان لا يكفي بحد ذاته لتقدير دور السكان في القوة القومية. بل لا بد من معرفة دقيقة لنوعية السكان وتجانسهم ومستواهم الحضاري. فمن حيث النوعية يجب معرفة الجنس وفئات العمر المنتجة في التكوين السكاني في الدولة.
فمعرفة الجنس مهمة خصوصًا في الدول النامية والتي تحد من مساهمة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في التنمية القومية. ففي بعض هذه الدول جزء كبير من العنصر النسائي معطل وغير منتج وهذا ما يجعل تأثيره سلبي في محصلة قوة الدولة.
كذلك يتطلب الأمر معرفة فئات العمر في المجتمع لتحديد الأطفال، والشباب، والشيوخ؛ إذ أن مساهمة كل فئة من هؤلاء في قوة الدولة تختلف عن الفئات الأخرى. فالأطفال والشيوخ عادة ما يكون دورهم محدود جدًا إن لم يكن معدومًا في العملية الإنتاجية. في حين يمثل الشباب العمود الفقري في قوة الدولة سواء في السلم أو الحرب.
وبالإضافة إلى معرفة الجنس والعمر يتطلب الأمر معرفة تجانس السكان. فكلما كانت درجة التجانس عالية بين المواطنين كلما زاد ذلك من قوة الوحدة الوطنية داخل حدود الدولة. وهذا بالطبع له أثر إيجابي على قوة الدولة؛ إذ أنه سيزيد من درجة التعاون بين السكان وقت السلم ومن صلابة الجبهة الداخلية وقت الحرب.
كذلك يتطلب تحديد فاعلية عنصر السكان وتأثير أبعادة، معرفة نوعية السكان من حيث مستواهم التعليمي والتقني ورغبتهم في العمل واحترامهم للنظام وإدراكهم لمسؤولياتهم الوطنية وتضحيتهم من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
وقد يكون عنصر السكان متوفرًا من حيث الكم و الكيف لكن درجة الاستفادة من هذا العنصر دون المستوى المطلوب. وهذا الوضع يقلل من فعالية العنصر السكاني في مقاومة قوة الدولة. إن وجود السكان كمًّا وكيفًا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لرفع قوة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي. وهذا يعني وجوب الاستفادة الحقيقية من السكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقت السلم وفي الدفاع عن الوطن والأمة وقت الحرب.
إن الاهتمام بعنصر السكان واحتلاله مكانة الصدارة بين العناصر الأخرى يرجع إلى أهمية هذا العنصر وقت السلم ووقت الحرب. ففي السلم يعتبر السكان عنصرًا من عناصر الإنتاج والدولة التي تعاني من قلة هذا العنصر تضطر لاستقدام الأيدي العاملة الأجنبية للمساهمة في التنمية الوطنية. ولهذه الخطوة سلبيات عديدة على الثقافة الوطنية والأمن الوطني.
أما في الحرب فتبرز مساهمة العنصر البشري بشكل أكبر، ذلك أن الدولة التي تتمتع بنسبة عالية من السكان تكون مقدرتها أكبر من غيرها في الصمود والقتال. ورغم التطور السريع الذي حصل في تكنولوجيا الأسلحة الحربية ودخول الأسلحة الذرية فلا يزال للحرب التقليدية شأن في العلاقات الدولية، ولا يزال لتفوق الدولة في عنصر السكان أثر في مجرى هذه الحرب وتحديد نتائجها.

العامل العسكري:
حتى وقت قريب كانت قوة الدولة تقاس بقوتها العسكرية، إلا أن زيادة تأثير العناصر الأخرى أنهى هذا الاحتكار للقوة العسكرية فأصبحت القوة العسكرية تمثل العنصر الرئيسي بين عناصر عديدة تشكل في مجموعها القوة القومية.
والقوة العسكرية في مفهومها المعاصر تتكون من عوامل أو مكونات عديدة تتفاعل فيما بينها وتعطي في ناتجها النهائي التأثير العسكري المنشود في السياسات الدولية. إن تحليل القوة العسكرية لأي دولة يتطلب منا الأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل، ومن بين هذه العوامل العدد، العتاد، المبدأ الاستراتيجي، والروح المعنوية.
فمن حيث العدد كلما كبر عدد الجيش كلما زاد تأثير فعاليته العسكرية. ورغم التقدم في الأسلحة الحربية فلا يزال لعدد أفراد القوات المسلحة دورًا هامًا في تشكيل القوة العسكرية للدولة. فالدولة ذات العدد الكبير من أفراد القوات المسلحة تكون أقدر من غيرها في العمليات العسكرية سواء كانت دفاعية أو هجومية؛ إذ أنها ستكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية.
ويدخل ضمن عدد القوات المسلحة كل أفراد الأجهزة العسكرية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة في الدفاع عن الدولة ضد أي عدوان خارجي. لذا يدخل ضمن عدد القوات المسلحة الميليشيات العسكرية، الحرس الوطني، وغيرها من التنظيمات العسكرية المشابهة .
أما العتاد العسكري فقد تنوع وتطور بسرعة مذهلة. وهذا التطور والتنوع السريع مضافًا إلى السرية التي تحاط بامتلاكه والتعقيد في استخدامه يجعل من الصعب تحديد معيار محدد لنوعية العتاد العسكري الأكثر فعالية. إن المهم في تقييم قوة الدولة العسكرية رصد مؤشرات قوية تدل على أن الدولة تمتلك أسلحة عسكرية حديثة كافية للردع أو الهجوم.
وامتلاك السلاح وحده لا يكفي، بل المهم أيضًا القدرة على صيانته بعد امتلاكه خصوصًا وأن الأسلحة الحديثة في غاية التعقيد من الناحية التكنولوجية وتتطلب صيانتها كفاءة فنية عالية. هذا المطلب يجعل الدول النامية دائمًا في وضع صعب؛ إذ أنها قد تكون قادرة على شراء السلاح لكنها تواجه صعوبات في صيانته والمحافظة عليه بشكل جيد.
وبالإضافة إلى القدرة على الصيانة يجب اعتبار قدرة الجيش الوطني على استخدام السلاح بكفاءة. لذا أصبحت أهمية التدريب على السلاح لا تقل عن أهمية امتلاكه؛ إذ أن جعل السلاح العسكري في أيادي أجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة في بناء الدولة العسكري.
إن العدة والعتاد لا تكفي بحد ذاتها لضمان نصر عسكري للدولة في حروبها الدفاعية أو الهجومية. بل يتطلب الأمر اعتبار المبدأ الاستراتيجي للدولة. والمقصود بالمبدأ الاستراتيجي: الخطة العامة للقتال وأسلوب تنفيذها. فأحيانًا يتوفر لدى الدولة العدد الكافي من المقاتلين وتمتلك أسلحة كافية وحديثة إلا أن عدم سلامة مبدأها الاستراتيجي يترتب عليه هزيمة ساحقة لها، كما حصل للقوات العربية خلال الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1967م، لذا أصبح تطوير مبدأ استراتيجي سليم للقوات العسكرية للدولة من الأهمية بمكان وأصبح الاهتمام ببناء فكر عسكري مطلبًا أساسًا لتحقيق الجدوى المتوقعة من تجنيد الشعب وامتلاك السلاح.
أخيرًا قد يتوفر عدد كبير من أفراد الجيش، وسلاح من نوعية جيدة، ومبدأ استراتيجي سليم. ومع ذلك فإن البناء العسكري للدولة خصوصًا في وقت الحرب يتسم بالضعف العام. في هذه الحالة يعزى الضعف إلى ضعف الروح المعنوية للمقاتلين. و . . . [يقصد] بالروح المعنوية استعداد المقاتلين للتضحية والعمل بروح عسكرية عالية.
لذا أصبح رفع الروح المعنوية للمقاتلين خصوصًا وقت الحروب من الأهمية بمكان لرفع كفاءة الجيش وأدائه ورفع الروح المعنوية يتم من خلال إيجاد الاستعداد التام لدى الجندي المقاتل للانضباط وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في ميدان القتال، وقناعته التامة بالهدف الذي يقاتل من أجله، وحماسه المطلق للتضحية من أجل تحقيق الهدف المنشود.
إن انخفاض الروح المعنوية قد يكون السبب الرئيسي وراء انهزام جيوش ذات أسلحة متقدمة ومبدأ استراتيجي سليم. ومثال ذلك انهزام القوات الأمريكية في الحرب الفيتنامية.

تتأثر العلاقات الدولية بعوامل عديدة. من ابرز هذه العوامل: العامل الجغرافي، الموارد الأولية، السكان، العامل العسكري، الخ.
العامل الجغرافي:
يعد العامل الجغرافي من ابرز العوامل التقليدية المؤثرة في العلاقات الدولية. فحجم الإقليم له أثر على قوة الدولة؛ إذ إن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها؛ لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقًا استراتيجيًا ويجعل احتلالها أمرًا صعبًا ومكلفًا.
كما أن كبر حجم الإقليم يفسح المجال لتنوع الموارد الاقتصادية حيث تتميز بعض مناطق الإقليم بتوفر مورد اقتصادي فيها – البترول مثلاً – في حين تتميز مناطق الإقليم الأخرى بتوفر موارد أخرى مثل الزراعة والسياحة.
لذا ليس من الغريب أن نجد أن الدول العظمى في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (السابق) تشكل أقاليمهما مساحات كبيرة تحتوي على موارد مختلفة. . . وهذه المساحات الكبيرة أعطت كلاً من روسيا وأمريكا مزايا استراتيجية واقتصادية سمحت لهما بتوفير متطلبات الأمن العسكري والاقتصادي.
فكبر حجم الإقليم وفر لكل من روسيا وأمريكا عمقًا استراتيجيًا وجعل اكتساح أي منهما من قبل الآخر باستخدام القوات التقليدية أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلاً. كما يتمتع كل من روسيا وأمريكا بسبب تنوع مواردهما الاقتصادية بشبه اكتفاء ذاتي في المجال الاقتصادي.
لكن ما يجب اعتباره هو أن حجم الإقليم يجب أن لا يؤخذ بمعزل عن العوامل الأخرى، خصوصًا عدد السكان وقوة الدولة العسكرية. فحتى تستفيد الدولة من مساحتها الشاسعة يجب أن يتوفر فيها ما يكفيها من السكان لتحقيق التنمية الاقتصادية وبناء القوة العسكرية.
فتوفر المساحة الشاسعة بدون العدد الكافي من السكان يمثل في الواقع عبئًا على الدولة وليس ميزة لها. لذا نجد أن العامل الأساسي وراء استفادة كل من روسيا وأمريكا من مساحتها الشاسعة هو توفر عنصر السكان بما يكفي للمتطلبات الاقتصادية والأمنية.
وبالإضافة إلى عدد السكان وأثره على فعالية الإقليم، فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو قوة الدولة العسكرية، فالدول ذات المساحات الكبيرة والضعيفة عسكريًا مثل تشاد تواجه مشكلة في حفظ أمنها القومي؛ لأن كبر حجم الإقليم يفرض عليها نشر قوات كبيرة في مناطق شاسعة وهذا قد يكون فوق مقدرتها العسكرية والمالية.
ورغم أن التقدم في الأسلحة الحربية خصوصًا في سلاح الطيران وفر للدولة العصرية ذات الإقليم الواسع أداة هامة وفعالة لحفظ أمنها القومي، إلا أن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الأسلحة الحديثة باهظة الثمن، كما أن سرعة التقدم في تطورها قلل من فعالية القديم منها، لذا تبقى الدولة دائمًا تحت ضغط مستمر لتحديث أسلحتها لتساير التطور في التسليح ولتعوض عن النقص في السكان، وهذا يشكل عبئًا ماليًا مستمرًا عليها.
ولموقع الدولة الجغرافي أثر على أمنها القومي؛ إذ إن وجود منافذ بحرية عديدة للدولة يعطيها أكثر من خيار للاتصال الخارجي وتأمين الإمدادات اللازمة لها. فالمملكة العربية السعودية مثلاً لها منفذ بحري على البحر الأحمر وآخر على الخليج العربي. لذا في حالة تعرض صادراتها أو وارداتها لأي مخاطر في الخليج يمكنها الاعتماد على منافذها على البحر الأحمر لتوفير مستلزماتها من الخارج.
أما كون الدولة داخلية أي ليس لها منفذ بحري – كما هي الحال بالنسبة لأفغانستان – فهذا الوضع يشكل نقطة ضعف في قوتها القومية؛ إذ أنها ستبقى تحت رحمة الدول المجاورة لها لتأمين اتصالها الخارجي خصوصًا الاتصال البحري.
كما أن وجود دولة صغرى جوار إحدى القوى الإقليمية أو الدولية أو بين تلك القوى يفرض على هذه الدولة الصغرى قيودًا على سياستها الخارجية ويجعلها تواجه خيارات صعبة وأحيانًا محرجة. . . فكون سوريا محيطة بلبنان من جميع الجهات البرية –باستثناء الجهة الجنوبية المجاورة لإسرائيل- يفرض قيداً على سياسة لبنان الخارجية يتمثل بالإبقاء قدر الإمكان على علاقات ودية مع سوريا.
ولتعدد الدول المجاورة للدولة أثر على وضعها الأمني ونفوذها الخارجي. فإذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة فإن هذا سيقوي من نفوذها الدولي إذا كان لهذه الدولة الإمكانيات العسكري التي تمكنها ليس من ردع هذه الدول فقط، بل والتأثير عليها. أما إذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة وهي ضعيفة الإمكانيات العسكرية فإن هذا سيشكل عبئًا على الدولة إذ أنها ستواجه ضغوطاً عسكرية مختلفة من هذه الدول المجاورة للتأثير على سياستها سواء الداخلية أو الخارجية.
أما شكل الإقليم وإن كان تأثيره على أمن الدولة القومي أقل من تأثير الموقع إلا أنه مع ذلك كثيرًا ما يكون عاملاً هامًا في تعزيز أمن الدولة أو إضعافه. فكون إقليم الدولة مكونًا من قطعة واحدة متماسكة مثل المملكة يجعلها في وضع أمن أحسن بكثير من ذات الإقليم المتناثر والمكون من جزر عدة مثل اندونيسيا. فبالإضافة على أن تناثر الإقليم يزيد من المتطلبات العسكرية اللازمة لصد أي عدوان خارجي، فإنه يشكل عبئًا على الاتصال الداخلي وعلى الوحدة الوطنية.
ومثلما يؤثر شكل الإقليم على أمن الدولة القومي ووحدتها القومية فإن طبيعة الإقليم لها كذلك أثر على أمن الدولة وقوتها. فالدول ذات الطبيعة الجبلية كثيرًا ما يصعب احتلالها من الخارج؛ إذ أن الجبال تمثل موانع طبيعية ضد الاحتلال. لكن الدول ذات الطبيعة الجبلية تواجه صعوبات في ربط مناطق الإقليم في الداخل، وهذا ما سيحول دون تعزيز الاتصال بين السكان ومن ثم إضعاف الوحدة الوطنية.
أما الدول ذات الإقليم المنبسط أو المكون من سهول وهضاب فهي عادة تكون مكشوفة للعدوان خصوصًا إذا كانت إمكانياتها العسكرية ضعيفة. لكن انبساط الإقليم يساعد الدولة على بناء شبكة قوية من المواصلات الداخلية، ومن ثم تحقيق الوحدة الوطنية.
أما المناخ فيبرز تأثره على وضع الدولة الاقتصادي وإنتاجها القومي. فالدول ذات المناخ المعتدل والبارد عادة ما تكون ملائمة للإنتاج الزراعي والصناعي أكثر من المناطق الحارة.
لذا نجد أن المناطق المتقدمة والصناعية في العالم تقع في مناطق باردة أو تميل للبرودة. في حين نجد أن المناطق النامية تقع في مناطق حارة أو تميل للحرارة مثل المناطق الاستوائية. وهذا ما جعل الدول النامية تعتمد على الزراعة والموارد الطبيعية أكثر من اعتمادها على الصناعة.

الموارد الأولية:
تعتبر الموارد الاقتصادية حجر الأساس في بناء قوة الدولة. والموارد الاقتصادية عديدة ومتنوعة وما يهمنا منها في قوة الدولة هي الموارد أو السلع الإستراتيجية ونعني بها الموارد الغذائية ومصادر الطاقة.
فالمواد الغذائية تعتبر موردًا اقتصاديًا هامًا وسلعة إستراتيجية لأنها ضرورية لبقاء الإنسان وضمان أمن الدولة الاقتصادي. والدولة التي تعاني من نقص في المواد الغذائية خصوصًا الحبوب عادة ما يكون أمنها الاقتصادي تحت رحمة الدول الأخرى والتي تمدها بالمواد الغذائية.
لذا نجد كثيرًا من الدول تحرص كل الحرص على إنتاج المواد الغذائية الرئيسية بغض النظر عن تكلفتها الاقتصادية؛ إذ تنظر إلى إنتاج هذه المواد من منظور استراتيجي وليس من منظور اقتصادي مجرد، وتبرز أكثر أهمية توفر المواد الغذائية في الدولة خلال فترة الحروب والاضطرابات في المجتمع الدولي حيث يصبح أمن الدولة الغذائية في خطر خصوصًا إذا كانت تعتمد في إمداداتها الغذائية على د ول أخرى.
وتكمن هذه الخطورة في مصدرين؛ الأول: يتمثل في أن الدول خلال الحروب يضعف إنتاجها الاقتصادي بما في ذلك الإنتاج الزراعي، لذا تسعى الدول إلى تخزين إنتاجها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب وعدم تصديرها لتتفادى أي نقص محتمل. أما المصدر الثاني: فيتمثل بتعرض طرق المواصلات البرية والبحرية خلال الحروب والاضطرابات إلى مخاطر عديدة، ويترتب على ذلك شل حركة النقل البري والبحري، ومن ثم نقص الإمدادات الغذائية. لذا تلجأ الدول المستوردة للقمح وغيره من المواد الغذائية إلى تخزين المواد الغذائية الرئيسية بما يكفي للاستهلاك المحلي لفترة من الزمن لتفادي آثار الاضطرابات الدولية على إمداداتها الغذائية.
أما مصادر الطاقة فهي عديدة وتختلف أهميتها من وقت لآخر. لقد كان الفحم يعتبر أهم مصدر للطاقة إلا أن التطور التكنولوجي قلل من أهميته، وأبرز أهمية البترول. فالبترول بالإضافة إلى أنه يمثل المصدر الأساسي للطاقة في المواصلات والصناعة والاستخدامات المنزلية؛ فإن مشتقاته تدخل في إنتاج العديد من السلع الاستهلاكية. لقد أعطى البترول الدول المصدرة له قوة اقتصادية وسياسية مكنتها من التأثير في السياسات الدولية.
أما الدول التي تفتقر للبترول فقد أصبحت تحت رحمة الدول المصدرة له، فبالإضافة إلى تأثير انعدام البترول في أراضيها على أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي؛ فإن استيراده يمثل عبئًا على ميزانية مدفوعاتها خصوصًا في الدول النامية والتي تعاني من قلة العملات الصعبة.

السكان:
يعتبر السكان أهم العناصر المؤثرة في مكونات قوة الدول. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية بين قوة الدولة وحجم سكانها. فالدول العملاقة في المجتمع الدولي . . . [مثل] الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي [سابقاً] تمتلك العدد الكافي من السكان لتحقيق متطلبات أمنها الاقتصادي والعسكري.
كما أن الصين الشعبية أصبحت قوة عظمى في المجتمع الدولي نتيجة لحجم سكانها الذي . . . [يزيد عن] أكثر من ألف مليون نسمة. في حين تعتبر الهند بسبب كثافتها السكانية والتي تجاوزت . . . الثمانمائة مليون نسمة مرشحة لدخول نادي القوى العظمى.
غير أن عدد السكان لا يكفي بحد ذاته لتقدير دور السكان في القوة القومية. بل لا بد من معرفة دقيقة لنوعية السكان وتجانسهم ومستواهم الحضاري. فمن حيث النوعية يجب معرفة الجنس وفئات العمر المنتجة في التكوين السكاني في الدولة.
فمعرفة الجنس مهمة خصوصًا في الدول النامية والتي تحد من مساهمة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في التنمية القومية. ففي بعض هذه الدول جزء كبير من العنصر النسائي معطل وغير منتج وهذا ما يجعل تأثيره سلبي في محصلة قوة الدولة.
كذلك يتطلب الأمر معرفة فئات العمر في المجتمع لتحديد الأطفال، والشباب، والشيوخ؛ إذ أن مساهمة كل فئة من هؤلاء في قوة الدولة تختلف عن الفئات الأخرى. فالأطفال والشيوخ عادة ما يكون دورهم محدود جدًا إن لم يكن معدومًا في العملية الإنتاجية. في حين يمثل الشباب العمود الفقري في قوة الدولة سواء في السلم أو الحرب.
وبالإضافة إلى معرفة الجنس والعمر يتطلب الأمر معرفة تجانس السكان. فكلما كانت درجة التجانس عالية بين المواطنين كلما زاد ذلك من قوة الوحدة الوطنية داخل حدود الدولة. وهذا بالطبع له أثر إيجابي على قوة الدولة؛ إذ أنه سيزيد من درجة التعاون بين السكان وقت السلم ومن صلابة الجبهة الداخلية وقت الحرب.
كذلك يتطلب تحديد فاعلية عنصر السكان وتأثير أبعادة، معرفة نوعية السكان من حيث مستواهم التعليمي والتقني ورغبتهم في العمل واحترامهم للنظام وإدراكهم لمسؤولياتهم الوطنية وتضحيتهم من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
وقد يكون عنصر السكان متوفرًا من حيث الكم و الكيف لكن درجة الاستفادة من هذا العنصر دون المستوى المطلوب. وهذا الوضع يقلل من فعالية العنصر السكاني في مقاومة قوة الدولة. إن وجود السكان كمًّا وكيفًا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لرفع قوة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي. وهذا يعني وجوب الاستفادة الحقيقية من السكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقت السلم وفي الدفاع عن الوطن والأمة وقت الحرب.
إن الاهتمام بعنصر السكان واحتلاله مكانة الصدارة بين العناصر الأخرى يرجع إلى أهمية هذا العنصر وقت السلم ووقت الحرب. ففي السلم يعتبر السكان عنصرًا من عناصر الإنتاج والدولة التي تعاني من قلة هذا العنصر تضطر لاستقدام الأيدي العاملة الأجنبية للمساهمة في التنمية الوطنية. ولهذه الخطوة سلبيات عديدة على الثقافة الوطنية والأمن الوطني.
أما في الحرب فتبرز مساهمة العنصر البشري بشكل أكبر، ذلك أن الدولة التي تتمتع بنسبة عالية من السكان تكون مقدرتها أكبر من غيرها في الصمود والقتال. ورغم التطور السريع الذي حصل في تكنولوجيا الأسلحة الحربية ودخول الأسلحة الذرية فلا يزال للحرب التقليدية شأن في العلاقات الدولية، ولا يزال لتفوق الدولة في عنصر السكان أثر في مجرى هذه الحرب وتحديد نتائجها.

العامل العسكري:
حتى وقت قريب كانت قوة الدولة تقاس بقوتها العسكرية، إلا أن زيادة تأثير العناصر الأخرى أنهى هذا الاحتكار للقوة العسكرية فأصبحت القوة العسكرية تمثل العنصر الرئيسي بين عناصر عديدة تشكل في مجموعها القوة القومية.
والقوة العسكرية في مفهومها المعاصر تتكون من عوامل أو مكونات عديدة تتفاعل فيما بينها وتعطي في ناتجها النهائي التأثير العسكري المنشود في السياسات الدولية. إن تحليل القوة العسكرية لأي دولة يتطلب منا الأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل، ومن بين هذه العوامل العدد، العتاد، المبدأ الاستراتيجي، والروح المعنوية.
فمن حيث العدد كلما كبر عدد الجيش كلما زاد تأثير فعاليته العسكرية. ورغم التقدم في الأسلحة الحربية فلا يزال لعدد أفراد القوات المسلحة دورًا هامًا في تشكيل القوة العسكرية للدولة. فالدولة ذات العدد الكبير من أفراد القوات المسلحة تكون أقدر من غيرها في العمليات العسكرية سواء كانت دفاعية أو هجومية؛ إذ أنها ستكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية.
ويدخل ضمن عدد القوات المسلحة كل أفراد الأجهزة العسكرية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة في الدفاع عن الدولة ضد أي عدوان خارجي. لذا يدخل ضمن عدد القوات المسلحة الميليشيات العسكرية، الحرس الوطني، وغيرها من التنظيمات العسكرية المشابهة .
أما العتاد العسكري فقد تنوع وتطور بسرعة مذهلة. وهذا التطور والتنوع السريع مضافًا إلى السرية التي تحاط بامتلاكه والتعقيد في استخدامه يجعل من الصعب تحديد معيار محدد لنوعية العتاد العسكري الأكثر فعالية. إن المهم في تقييم قوة الدولة العسكرية رصد مؤشرات قوية تدل على أن الدولة تمتلك أسلحة عسكرية حديثة كافية للردع أو الهجوم.
وامتلاك السلاح وحده لا يكفي، بل المهم أيضًا القدرة على صيانته بعد امتلاكه خصوصًا وأن الأسلحة الحديثة في غاية التعقيد من الناحية التكنولوجية وتتطلب صيانتها كفاءة فنية عالية. هذا المطلب يجعل الدول النامية دائمًا في وضع صعب؛ إذ أنها قد تكون قادرة على شراء السلاح لكنها تواجه صعوبات في صيانته والمحافظة عليه بشكل جيد.
وبالإضافة إلى القدرة على الصيانة يجب اعتبار قدرة الجيش الوطني على استخدام السلاح بكفاءة. لذا أصبحت أهمية التدريب على السلاح لا تقل عن أهمية امتلاكه؛ إذ أن جعل السلاح العسكري في أيادي أجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة في بناء الدولة العسكري.
إن العدة والعتاد لا تكفي بحد ذاتها لضمان نصر عسكري للدولة في حروبها الدفاعية أو الهجومية. بل يتطلب الأمر اعتبار المبدأ الاستراتيجي للدولة. والمقصود بالمبدأ الاستراتيجي: الخطة العامة للقتال وأسلوب تنفيذها. فأحيانًا يتوفر لدى الدولة العدد الكافي من المقاتلين وتمتلك أسلحة كافية وحديثة إلا أن عدم سلامة مبدأها الاستراتيجي يترتب عليه هزيمة ساحقة لها، كما حصل للقوات العربية خلال الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1967م، لذا أصبح تطوير مبدأ استراتيجي سليم للقوات العسكرية للدولة من الأهمية بمكان وأصبح الاهتمام ببناء فكر عسكري مطلبًا أساسًا لتحقيق الجدوى المتوقعة من تجنيد الشعب وامتلاك السلاح.
أخيرًا قد يتوفر عدد كبير من أفراد الجيش، وسلاح من نوعية جيدة، ومبدأ استراتيجي سليم. ومع ذلك فإن البناء العسكري للدولة خصوصًا في وقت الحرب يتسم بالضعف العام. في هذه الحالة يعزى الضعف إلى ضعف الروح المعنوية للمقاتلين. و . . . [يقصد] بالروح المعنوية استعداد المقاتلين للتضحية والعمل بروح عسكرية عالية.
لذا أصبح رفع الروح المعنوية للمقاتلين خصوصًا وقت الحروب من الأهمية بمكان لرفع كفاءة الجيش وأدائه ورفع الروح المعنوية يتم من خلال إيجاد الاستعداد التام لدى الجندي المقاتل للانضباط وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في ميدان القتال، وقناعته التامة بالهدف الذي يقاتل من أجله، وحماسه المطلق للتضحية من أجل تحقيق الهدف المنشود.
إن انخفاض الروح المعنوية قد يكون السبب الرئيسي وراء انهزام جيوش ذات أسلحة متقدمة ومبدأ استراتيجي سليم. ومثال ذلك انهزام القوات الأمريكية في الحرب الفيتنامية.


التصنيفات
العلوم الهندسية

الأحمال المؤثرة في المنشآت

الأحمال المؤثرة في المنشآت

تعليم_الجزائر

الأحمال : هي مجموعة القوى التي تصمم المنشأة على أساس أن تتحملها ومع استمرار وجودها حتى عمر معين دون أن تنهار المنشأة بتأثير هذه القوى ( الأحمال ) ويقصد بها :

1- الأحمال (الأفعال ) المباشرة :

أي القوى التي يخضع لها المنشأ مباشرة بطبيعته وهي :

1- الأحمال الدائمة.
2- الأحمال الإضافية:
– الديناميكية
-غير الديناميكية
3- الأحمال المناخية.

وبما أن جميع هذه الأفعال تنتقل بواسطة المنشأ إلى الأساسات فإنها تدعى أفعالاً مباشرة.

2- الأفعال غير المباشرة ( أفعال التشكلات المفروضة ) :

وهي الأفعال التي قد يتعرض لها المنشأ كالقوى الناتجة عن الحرارة والانكماش والزحف والإجهاد المسبق وتحركات الركائز وحدوث التشقق .

1- الأحمال الدائمة :

الأحمال الدائمة هي القوى الدائمة الناتجة عن الجاذبية ، كالأثقال على مختلف أنواعها ، سواء منها الأثقال الذاتية للمنشأ أو أثقال العناصر الثابتة فوقه ، أو القوى الجاذبية المركزة على المنشأ من جراء أثقال خارجية ، كدفوع أتربة الجدران الساندة مثلاً .

يدخل ضمن هذا التعريف الأوزان الذاتية للمنشأ ، أو أوزان العناصر المركزة عليه بصورة مستديمة كالقواطع والجدران والبلاط والتوريق ( الطينة ) والبياض وتمديدات التجهيزات والأتربة المحمولة .

2- الأحمال الإضافية :

يتم تحديد الأحمال الإضافية في بداية العمل الإنشائي من قبل المهندس المصمم ، وفي حال عدم تعيينها يمكن أخذها من كودات الأبنية الخاصة وفي حال عدم وجود هذه الأخيرة يمكن أخذها من جداول خاصة تعطي أحمال الاستعمال الدنيا .

1) عندما يتوقع أن الحمل المركز قد يولد إجهادات أو انفعالات موضعية يزيد تأثيرها عن تأثير الحمل الموزع بانتظام يتوجب التحقق من تأثير هذا الحمل المركز وذلك بتطبيقه في الموضع الأكثر خطورة للمنشأ .
2) يقصد بكلمة (( تحسب )) أن القيم يجب أن تقرر من واقع الأحمال الفعلية المتوقع تطبيقها على المنشأ بناءً على الاستخدام المخطط لها .

تقسم الأحمال الإضافية إلى نوعين رئيسيين :

● الأحمال الإضافية الديناميكية : هي التي تخلق في المنشأ قوى أخرى تضاف إلى قيم القوى الأساسية وتكون نتيجة التركيز الديناميكي والارتجاج الحاصلين على المنشأ من تحركات الأحمال الديناميكية، وتدخل هذه الأحمال في الحساب بضربها بمعامل خاص يحسب على أساس نسبة قيمة تردد الحمل الديناميكي وقيمة تردد المنشأ، كما تدخل فيه نسبة قيمة الأحمال الديناميكية إلى قيمة الأحمال الثابتة.

● الأحمال الإضافية غير الديناميكية : تعرف بما يلي :

 الأثقال الستاتيكية التي تنقل من مكانها من وقت إلى آخر كأساس للبيوت والأجهزة والآلات الستاتيكية غير المثبتة والمواد المخزنة .

 أثقال الأشخاص مستعملي المنشأ شرط أن يؤخذ بالحسبان في تقدير هذه الأثقال، العامل الديناميكي، في حال وجوده، كما يحدث في صالات الاجتماعات مثلاً .

تدخل هذه الأحمال في الحساب بشكل أحمال موزعة بانتظام على المنشأ ويحقق أيضاً على حمل مركز وتؤخذ قيم هذه الأحمال الموزعة والمركزة وفقاً لجداول خاصة .

الحمل الإضافي المكافئ للحوائط الخفيفة على الأسقف المسلحة : تعد الحوائط الفاصلة الداخلية الموجودة على الأسقف المسلحة خفيفة إذا كانت أوزانها لاتزيد عن( 1.5kN ) لكل متر مربع من مساحات الحوائط، ويمكن الاستعاضة عن حمل الحائط الخفيف المركز على خط طولي بحمل مكافئ موزع بانتظام على مساحة السقف المسلح الموجود عليها .

الحمل الإضافي للحوائط الثقيلة على الأسقف المسلحة : تعد الحوائط الفاصلة الداخلية الموجودة على الأسقف المسلحة ثقيلة إذا كانت أوزانها تزيد عن (1.5kN) لكل متر مربع من مساحات الحوائط، ويمكن الاستعاضة عن حمل الحائط الثقيل المركز على خط طولي يحمل مكافئ موزع بانتظام على مساحة السقف المسلح المتواجد عليها .

القوى الأفقية المؤثرة على حواجز الشرفات :إن حواجز حماية الشرفات ( درابزين ) يجب أن تتحمل في أعاليها قوى أفقية عرضية تساوي 1kN/m و يجب ألا يقل معامل الأمان ضد الانقلاب عن 1.5 .

3- الأحمال المناخية :

هي القوى التي تسلط على المنشأ بفعل العناصر المناخية وأهمها : أحمال الرياح ، وأحمال الثلوج .

1- أحمال الرياح :

يتم تقييم أحمال الرياح انطلاقاً من فرضية أساسية باعتبار أن الطاقة الحركية للرياح الناتجة عن سرعتها تتحول الى طاقة ضغط ستاتيكي مكافئ بمجرد اصطدام الرياح بحاجز ثابت ولانهائي وفقاً للصيغة : Wd= v2 /1530

Wd = الضغط الستاتيكي المكافئ لهبة الرياح الناتجة عن سرعتها (kN/m2) .

V = تمثل سرعة الريح التصميمية وتقدر بالمتر في الثانية .

تؤخذ قيم سرعات هبات الرياح (Vk) من سجلات دوائر الأرصاد الجوية في المنطقة المدروسة وتستخدم هذه القيم في حساب سرعة التصميمية (v) ولكل اتجاه على حدة .

تعرف الهبة بأنها ريح تستمر لمدة أكثر من عشرين ثانية وسرعتها أكثر من 8.5 م / ثا على يكون الفرق في سرعة الريح بين بداية الهبة وأعظم سرعة فيها أكثر من 4.5 متر/ ثا .

تقوم دوائر الأرصاد الجوية عادة بإعطاء قيمة سـرعة هبة الرياح القصوى السنوية لمنطقة ما ، وكذلك إعطاء قيم سرعات هبات الرياح السنوية القصوى للسنين التي تم فيها تسجيل فعلي لحركة الرياح في منطقة ما مدروسة ؛
واعتماداً على القيم المعتمدة لسرعات هبات الرياح السنوية القصوى تعرف سرعة الرياح المميزة المعتمدة في التصميم بأنها : سرعة هبة الرياح التي لا يمكن تجاوزها أكثر من مرة واحدة خلال خمسين عاماً متتالية ويرمز لها بالرمز (Vk) .

أما إذا قلت الفترة المسجلة لسرعات هبات الرياح القصوى السنوية لمنطقة ما عن خمسين عاماً متتالية ، فيمكن تحديد سرعة الرياح المميزة المعتمدة في التصميم باستخدام العلاقات الرياضية المناسبة ،وتؤخذ من المراجع المختصة في الأرصاد الجوية .

2- أحمال الثلوج :
يتم تقييم أحمال الثلج في المناطق المعرضة لتساقط الثلوج من خلال البارامترات التالية :

1- الوزن الحجمي للثلج .
2- السماكة المتوسطة الممكن تجمعها فوق المنشأ .
3- انحدار السطح الذي يتساقط عليه الثلج .

) kn/m3 ، يؤخذ في الحسبان تجلد الثلج في بعض الأحيان ، إذ ينتج عنه سـماكة في الجليد قد تبلغ خمسين ميليمتراً ، ويكون الوزن الحجمي للجليد مساوياً( 10kn ) أي وزن الماء النوعي .

في الحالات العادية والمساحات الأفقية التي لا يتجاوز انحدارها عن الأفق وحتى علو قدره 2500m فوق سطح البحر يمكن اعتماد قيم أفعال الثلج Ps مقدرة بالـ kn/m2 .

4- أحمال الحرارة والانكماش :

التشـكلات الناتجة عن الحرارة والانكماش : تقسـم المنشآت من حيث الحرارة والانكماش إلى قسـمين :

● المنشآت التي لا يعترض تشكلها الخارجي موانع أو حواجز ، ويجري هذا التشكل بحرية تامة ، ولا يلحق هذا النوع من المنشآت أفعال من جراء الحرارة والانكماش .

● المنشآت التي لا تملك الحرية التامة في التشكل الخارجي ، وتعد مقيدة التشكل ، فينتج عن ذلك أفعال من جراء الحرارة والانكماش على الوجه الآتي :

أولاً : التشكلات والأحمال الناتجة عن الحرارة :

1-حرارة الجو الخارجي :
في المنشآت ، مقيدة التشكل ، والموجودة في الهواء الطلق وغير كبيرة الكتلة يؤخذ الحمل الناتج عن حرارة الجو الخارجي مساوياً لفعل التغير الأقصى للحرارة خلال سنة كاملة ويحسب الانفعال الحاصل من علاقات رياضية خاصة .

2- الحرارة الاصطناعية :
أ- في المنشآت المختلفة المعرضة لحرارة اصطناعية مختلفة يؤخذ فعل هذه الحرارة الاصطناعية باعتماد معامل التمدد الحراري للخرسانة المسلحة .
ب- في المنشآت كبيرة السماكة والمعرضة لحرارة اصطناعية مختلفة على كل من الوجهين ، يؤخذ ذات المعامل التمددي لقياس انفعال التمدد المختلف على الوجهين ، وبالتالي دوران القطاعات ومن ثم حسابات عزوم الانحناء في حال وجودها .

ثانياً : التشكلات والأحمال الناجمة عن الانكماش ( التقلص ) :

1- المنشآت مقيدة التشكل المعرضة للانكماش :

– يؤخذ فعل الانكماش على شكل انفعال تقصيري منتظم تحسب قيمه الفعلية حسبما ورد في البند 4-2-2-5 وينتج عن هذا الانفعال في المنشآت مقيدة التشكل أحمال
محورية يتم حسابها .

2- المنشآت مقيدة التشكل والمعرضة للحرارة والانكماش :

في حال تعرض المنشآت مقيدة التشكل ، لمفعولي الحرارة والانكماش يؤخذ حاصل جميع التحميلات الناتجة عن عنصري الحرارة والانكماش المبينة أعلاه مع تخفيض ما يعادل .

ثالثاً : ترتيبات تتعلق بالمنشآت حرة التشكل :

تؤخذ الاحتياطات اللازمة لتمكين هذه المنشآت من تشكلها تحت تأثير الحرارة و الانكماش .

5-أحمال الزلازل :

يتوجب تصميم وتنفيذ كل منشأ وكل جزء منه لمقاومة قوى أفقية كلية دنيا تمثل قوى الزلازل ، وهي عبارة عن قوى أفقية جانبية تؤثر باتجاه المحاور الرئيسية للمنشأ ( حيث تؤثر باتجاه كل محوررئيسي وبشكل غير متواقت ) .

في المناطق الخاضعة للزلازل ، وفي حالة جميع المنشآت، تؤخذ أحمال الزلازل على هذه المنشآت بصفة أحمال أفقية مطبقة عند مركز ثقل كل منسوب مناسيب المنشأ ، وتفعل باتجاه المحاور الرئيسية للمنسوب المدروس وبالاتجاه المدروس .

تحسب القوة الأفقية الكلية في الاتجاه المدروس ( قوة القص القاعدي ) عند منسوب اتصال الأساس مع المنشأ وفقاً للعلاقة التالية :

V = Z. I. K.C.S.W

حيث : V تمثل قوة القص الكلية الأفقية في الاتجاه المدروس عند منسوب اتصال
الأساس مع المنشأ .

Z = يمثل معامل زلزاليـة المنطقة المدروسة .
I =معامل أهمية المنشأ وطبيعة استخدامه .
K = يمثل تأثير السلوك اللامرن للمنشآت على الأحمال الزلزالية ، ويسمى اختصاراً ” معامل السلوك اللامرن ” .

C = يمثل النسبة بين التسارع الناجم عن الزلازل والتسارع الأرضي وتحدد قيمه من علاقة رياضية خاصة .

اعتبارات وملاحظات

1- يتوجب تسليح جميع الجدران الحجرية أو الخرسانية التي تقع في مناطق التأثير الزلزالي.

2- يتوجب لحظ فواصل زلزالية كافية بين الكتل المتجاورة بحيث تسمح بالحركة الحرة لكل كتلة منفصلة دون معوقات ناجمة عن الكتل المجاورة لها.

3- يتوجب حساب السهم النسبي لطابق واحد من المنشأ والناجم عن القوى الأفقية المتأتية من الزلازل، ويجب ألا يزيد هذا السهم عن ارتفاع الطابق مقسوماً على 360، بغية منع تكسير العناصر غيرالحاملة في المنشأ خاصة النوافذ والأبواب والواجهات الخفيفة.

4- يتوجب الاهتمام بطبيعة وصل الواجهات الخارجة مسبقة الصنع غير الحاملة بحيث يسمح لها بالحركة على نحو ينسجم مع الحركة الأفقية المتوقعة للبناء دون تعرضها إلى قوى إضافية لا تستطيع تحملها او انكسار هش للوصلات وانهيارها بسبب الحركة الأفقية للمبنى الناجمة عن الزلازل.

5- في حال وجود تراجع في الأدوار العليا لا يزيد عن 25% من المساحة الأفقية للدور المتكرر فيؤخذ البناء في الحساب كاملاً، أما إذا كان التراجع يزيد عن 25% فيؤخذ القسم المتراجع ابتداءً من مستوى التراجع كما لو كان بناءً مستقلاً لوحده.


موضوع مهم شـــــــــــــــــــــــــــــــكرا

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


شكر الجزيل…….

التصنيفات
العلوم الهندسية

العوامل المؤثرة فى تخطيط الموانىء

بالإعتماد علي تسجيلات المستخدمين و إحتياجاتهم ، الموقع .. الخ ، فإن مخطط الميناء يمكن تجهيزه لخدمة مختلف النشاطات في المنطقة . مثل هذا المخطط بالإضافة إلي إحتوائها علي التفاصيل الفنية فإنه يجب أن يحتوي علي حلول لقضايا سياسية ( موقع الميناء إستراجياً ، قربه من الحدود ،.. الخ ) .

مخطط العمل ( Work Schedule )

التخطيط الكامل للميناء يجب أن يحتوي علي برنامج للتطوير المرحلي للميناء ، أولا يجب تسجيل الوقت الذي تكون فيه أجزاء الميناء المختلفة جاهزة لمستخدميها ، فبرنامج العمل هذا سيوضح متي تبدأ الأعمال الإنشائية علي مدي السنين القادمة .

القنوات – الممرات المائية ( Channels – waterways )

من خلال نظرة عامة فإن القنوات و الممرات المائية يمكن تقسيها إلي المجموعات التالية :

” مجموعة A : ممرات مرور رئيسية شريانية و التي تكون بها الحركة آمنة ليلا و نهارا و عمق المياه مضمون .

” مجموعة B : مثل مجموعة A و لكن مساعدة النقل تكون نهارا.

” مجموعة C : ممرات مهمة و التي يمكن أن يكون بها مساعدة للحركة و أعماق المياه يتم فحصها عن طريق الفحص المعتاد و لكنه ليس مكفولا .

” مجموعة D : الخطوط المحلية ليس بها أي مساعدة للحركة و تكون خلال الأعماق المعروفة.

” القنوات أو الممرات المائية يمكن تقسيمها أيضا إلي غير محكمة و شبه محكمة و محكمة تماما .

” القنوات الغير محكمة :هي القنوات أو الممرات المائية في المياه الضحلة ذات عرض علي الأقل 10-15 مرة طول الجسر لأكبر سفينة تجوب القناة و لكن بدون أية تعميقات .

” القنوات شبه المحكمة : هي قنوات معمقة في المياه الضحلة .

” القنوات المحكمة تماما : هي القنوات التي يكون منها كامل القناة محفور

: قنوات محكمة كليا و جزئيا .

عمق الممر الملاحي Channel depth ) )

عادة يكون مدخل الميناء هو الأكثر تعرضا للأمواج من داخل الميناء, وكذلك لتأثير الشفط والحركات العمودية للسفينة , وبسبب ذلك فان العمق المطلوب عند مدخل الميناء يكون أكبر منه داخل الميناء ولإيجاد عمق القناة فان العوامل التالية يجب أخذها بعين الاعتبار:

” حجم وشكل هيكل السفينة.
” سرعة السفينة .
” سرعة التيار في القناة.
” المساحة العرضية وعرض القناة في جزءها السفلي.
” هل القناة مقيدة أو شبه مقيدة أو حرة.
” عدد الحارات في القناة.
” تأثير الرياح والموج
” الملوحة ومواد القاع.
” ويمكن أن يكون أقل عمق تصميمي بحيث يزيد عن غاطس السفينة في مياه الصيف المالحة بمقدار 1.5-2.5 متر,

والحساب التفصيلي للعمق المطلوب يعتمد علي تأثير العوامل التالية مجتمعة:

” غاطس السفينة محملة.
” تأثير المد والجزر.
” التغير في مستوي المياه نتيجة تغير تدفق النهر/ البحر وقلة الملوحة.
” مقدار ما تغوصه السفينة نتيجة لانخفاض سطح المياه حولها أثناء حركتها (squat)
” حركة السفينة العمودية نتيجة الموج.
” أقصي غاطس لأكبر سفينة تعبر الممر الملاحي.
” عدم ثبات غاطس السفينة بكامل طولها.
” عوامل وضعية تتعلق بسهولة حركة السفينة ، وكفاءة تشغيل محركاتها.
” عامل تجريبي.
” العوامل التي تؤثر علي عمق القناة الملاحية

مجال المد والجزر (Tide Range)

يعرف مجال المد بأنه الفرق بين منسوب سطح البحر في حالتي جزر ومد متتالين. وارتفاع المياه في حالة المد وانخفاضها في حالة الجزر غير ثابت وإنما يتغير علي مدار الشهر القمري ( وكذلك علي مدار السنة بالنسبة لحدوث المد الاستوائي) وعلي ذلك يصبح مدي المد غير ثابت . واعتبار مدي المد ضروري جدا عند حساب عمق الممرات الملاحية.

اختلاف الكثافة (Density Change)
وفيه يتضح تأثير الكثافة حيث أنها تؤثر في حساب غاطس السفينة والزيادة المسموح بها عموما من 2 إلي 3 % من غاطس المياه الملحة وذلك للمياه العذبة وهذا يعتمد علي كثافة الماء.
اختلاف غاطس السفينة علي كامل طولها Trim ) )

والمقصود به هو أن غاطس السفينة ليس ثابتا بكامل طولها، فقد يزيد هذا الغاطس عند المقدمة للسفينة أو عند المؤخرة وهذا يعتمد بشكل كبير علي السرعة التي تسير بها السفينة وعلي توزيع حمولتها, ولكن لا توجد وسيلة يتم بواسطتها حساب مقدار الزيادة في الغاطس.

المعامل التجريبي (Empirical Factor)

إن المعامل التجريبي يتعلق بسهولة حركة السفينة, وكفاءة تشغيل محركاتها بالإضافة إلي معامل أمان وعادة يضاف إلي العمق حوالي 0.5 متر إلي 1.5 متر (نتيجة تـأثير العوامل السابقة ) ونأخذ القيمة الأقل وذلك عندما تكون السرعة منخفضة، ونأخذ القيمة الأعلى عندما تكون السرعة مرتفعة والقاع صخريا.

إن الغرض من المعامل التجريبي هو تقليل احتمال اصطدام رفاصات ومراوح السفينة بالأجسام الصلبة في القاع . وكذلك في الممرات المعرضة للاطماء من الأفضل أن يضاف إلي العمق 1.5 متر أو أكثر وذلك حتى تتيح الفرصة صيانة الممر الملاحي وبذلك عند حسابنا العمق الكلي للمر, ويكون ذلك مساويا لمقدار غاطس السفينة ومضاف عليه القيم المقدرة سابقا للعوامل الوضعية.

حوض الميناء (Harbor Basin)

” المدخل

مدخل الميناء يجب وضعه علي جانب الميناء. وإذا تحتم وضعه في مهب الريح في نهاية الميناء، فان تداخل بين كواسر الأمواج يجب أن يكون موجودا بحيث تستطيع السفينة عبور المدخل المحكم وتكون حرة الاستدارة بوجود الرياح وقبل أن تضرب جانب السفينة بالأمواج . حيث أنه بسبب تداخل كواسر الأمواج فانه داخل الميناء سوف يكون محميا من الأمواج . لكي تقلل ارتفاع الموج داخل الميناء ومنع حدوث تيارات قوية فان المدخل يجب عدم توسيعه عن الضروري للمناورة الآمنة. عرض المدخل المقاس عند العمق التصميمي ، يعتمد علي درجة الحماية من الموج المطلوبة داخل الميناء ومتطلبات الحركة نتيجة حجم السفينة وكثافة المرور وعمق المياه وسرعة التيار في حالة المد والجزر. بشكل عام فان عرض مدخل الميناء يجب أن يكون ما بين 0.7-1.0 مرة طول السفينة التصميمية كما أن أقصي سرعة للتيار خلال مدخل الميناء يجب إلا تزيد عن 1.5 م/ث أو 3 عقدات تقريبا , وإذا كان ذلك ممكنا , ولكن إذا زادت سرعة التيار عن ذلك فان مقطع القناة العرضي يجب إعادة ضبطته.

” مسافة التوقف (Stooping Distance)

مسافة التوقف للسفينة تعتمد علي سرعة السفينة وهيكل السفينة .مسافة التوقف التالية يمكن اعتبارها كدليل إرشادي يمكن فرضه بحيث يكون كافيا لإيقاف السفينة بشكل كامل . فالسفن في حالة الاتزان تكوم مسافة التوقف 3- 5 مرات طول السفينة وللسفن المحملة تكون المسافة 7-8 مرات, أما في الموانئ التي يكون فيها المدخل معرضا لتغيرات الطقس فان مسافة التوقف يجب تقديرها من بداية المنطقة المحمية إلي مركز حوض الاستدارة.

” عمق الحوض (Depth of Basin)

عمق حوض الميناء أسفل المستوي المتوسط للماء يجب حسابه بالاعتماد علي الظروف وعوامل الملوحة. أقل عمق للمياه داخل حوض الميناء يجب ألا يكون أقل من غاطس المركب المحمل بالإضافة إلي فراغ 0.6 – 0.75 متر تحت هيكل السفينة، وللسفن كبيرة الحجم وقاع الميناء صلب، فان الفراغ يجب زيادته حتى 1 متر. أما الشفط عند السرعات المنخفضة لا يؤخذ بعين الاعتبار في الحوض.

” منطقة الاستدارة(Turing Area)

منطقة الاستدارة أو الحوض يجب أن يكون في مركز الميناء، أما مساحة منطقة الاستدارة فتكون متعلقة بقدرة السفينة علي المناورة وعلي طولها، وتعتمد أيضا علي الزمن اللازم للمناورة الدائرية للسفينة. ويجب حماية المنطقة من الأمواج والرياح القوية. علما بأن السفن في حالة الاتزان تقل قدرتها علي الاستدارة ، وبشكل عام تقريبا فإن أقل قطر في حالة السفينة التي تستدير رأسا بدون مساعدة الأمامي أو زوارق السحب يجب أن يكون تقريبا 4 مرات طول السفينة. وفي حالة وجود قارب مساعدة فان قطر الدوران ممكن أن يكون 2 مرة طول السفينة وتحت ظروف ممتازة فان قطر الدوران يمكن تقليله إلي 3- 1.6 مرة طول السفينة كحد أدني وعندما تستدير السفينة بالالتفاف حول الدلفين أو الرصيف وعادة يتم ذلك عن طريق زورق السحب وخلال ظروف هادئة، فان قطر الاستدارة يجب أن يكون علي الأقل 1.2 مرة طول السفينة.

” منطقة الرسو Berthing ) )

حجم منطقة الرسو و المرسى يعتمد على حجم أكبر سفينة و عدد السفن التي تجوب الميناء.

فتخطيط المرسى يمكن أن يتأثر بعدة عوامل مثل حجم حوض الميناء للمناورة و الوصول و المغادرة الأمنية الآمنة للسفينة من و إلى المرسى و هل السفينة مزودة بدفة أمامية أو دفع أمامي و توافر زوارق السحب و اتجاه و قوة الرياح و الأمواج و التيارات.

” منطقة التثبيت ( Anchorage Areas)

هي المنطقة التي تنتظر فيها السفن دورها في المرسى في حالة ظروف مناخية مناسبة و أحيانا فان أماكن خاصة للتثبيت توفر للسفن التي تحمل حمولات خطيرة مثل المتفجرات،أما حجم مساحة المياه اللازمة للتثبيت فيختلف أساسا بالاعتماد على عدد و نوع و حجم السفن التي تحتاج للحماية و نوع نظام التثبيت. اختيار نوع نظام التثبيت يعتمد على حجم السفينة و درجة التعرض للجو و درجة المقاومة و التحميل و نوعية مواد قاع البحر ( مكان الخطاطيف). و كدليل استرشادي فان الميناء يجب أن توفر منطقة تثبيت للسفن الصغيرة في حال انتظارها لكي ترسو أو لحمايتها من الطقس السيئ ، بينما للسفن الكبيرة يمكن أن تحتاج لخطاطيف أو ارتياد البحر في حالة الطقس السيئ ، كما و يجب وضع منطقة التثبيت في منطقة محمية طبيعيا أو محمية بكواسر الأمواج و عادة تكون بالقرب من منطقة الميناء الرئيسية و لكن بعيدا عن خط سير المرور إلى الميناء.

عمق المياه في منطقة التثبيت يفضل أن لا تزيد عن 60 متر بسبب طول سلسلة التثبيت الموجودة في السفينة، و القاع يجب أن لا يكون صلب جدا و إلا فان الخطاف سينجر على طول القاع و لا ينغرز في القاع ، علما بأن السفينة يمكن أن تثبت نفسها عن طريق خطاطيفها الذاتية أو عوامة أو مجموعة من العوامات أو عن طريق الجمع بين خطاطيفها و العوامات.

الظروف التشغيلية ( Operational conditions )

” المد والجزر Tide ) )

يجب الأخذ بعين الاعتبار منسوب المياه المرتفع والمنخفض، وكذلك التغيرات في الضغط الجوي، وتأثيرات الرياح القوية سواء قريبة من الشاطئ أو بعيدة عنه.

” العمق Depth ))

عمق المياه في المجرى الملاحي وحوض الميناء وأمام وعلى طول المرسى يجب أن يكون كافيا لعملية مناورة آمنة. مع ملاحظة أن عمق المياه يعتمد على الغاطس في حالة الحمل الأقصى للسفينة التصميمية، حيث أن يعتمد على:

” الغاطس في حالة الحمل الأقصى للسفينة.
” تغيرات المد والجزر.
” حركة السفينة نتيجة الأمواج.
” ميلان السفينة نتيجة الأحمال.
” الشفط أسفل السفينة نتيجة سرعة المياه.
” الضغط الجوي.
” التغير الحراري العالمي.
” خصائص القاع.

” التيار ( Current )

مقدار واتجاه تيارات المد والجزر والتيارات المتولدة نتيجة الرياح يجب تقييمها لتوقع تأثيرها على عمليات الرسو ومغادرة المرسى، لذلك يجب وضع واجهة المرسى في اتجاه موازي قدر الامكان للتيار الغالب مع ملاحظة أن التيارات لا تشكل أحمالا عالية جدا على مرسى تم إنشاؤه ولكنها تكون مهمة خلال عملية إنشاء المرسى. فمثلا عملية صب الركائز أو دقها تكون صعبة جدا بوجود تيار بسرعة أكبر من 1.5 م/ث.

” الرياح ( wind )

تعتمد أقصى سرعة للرياح تكون مؤثرة على المرسى على اتجاه الريح والموج والتيار وحجم ونوع السفينة وزورق السحب وهل السفينة محملة أم لا، ويلاحظ أن اتجاه الرياح الغالب يكون جنوبيا شرقيا أو شماليا شرقيا.
ويجب قياس سرعة الرياح المتوسطة واتجاهها على ارتفاع 10 متر أعلى مستوى البحر خلال عشر دقائق أو يزيد.

حمل الرياح التصميمي المؤثر على منشأ المرسى وأدوات الرسو يعتمد على سرعات الرياح حسب المقاييس المقترحة والتي تؤثر على السفينة الراسية، ويرجع ذلك إلى الحقيقة بأنه إذا لم تكن الناقلة قادرة على مغادرة المرسى فإن منشأ المرسى نفسه يجب أن يكون قادرا على تحمل كامل حمل الرياح؛ وعندها يكون حمل الرياح التصميمي مؤثرا مع الأمواج والتيار في نفس اتجاه الرياح.
وخلال التصميم يتم افتراض أن معدات الرفع الثقيلة للحمولات العامة والحاويات وأبراج التحميل…الخ يجب أن لا تعمل خلال رياح أقوى من 20م/ث.

” الوضوح ( Visibility )

الضباب والمطر الكثيف والثلج هو ظروف الطقس التي يمكن أن تحدث رؤيا سيئة وبشكل عام يمكن قبول مستوى الرؤيا بين 500-1000 متر لعملية المناورة ومغادرة المرسى داخل الحوض وإذا قلت عن 800 متر فإنه يجب تخفيض سرعة السفينة وإذا انخفضت عن 1000 متر فإنه ينصح لأسباب السلامة والأمان أن ترافق السفن كبيرة الحجم زوارق سحب في الممرات البحرية الرئيسية والحوض الداخلي ومحطات النفط. ويلاحظ أن اجتماع الثلج الكثيف أو المطر مع الرياح الشديدة يعتبر أكثر صعوبة على عمليات الرسو من الضباب والذي يتكون في الطقس الهادئ حيث يكون من السهل التعامل معه.

” سماحية الرسو Viability of Berth ) )

يمكن تقسيم السماحية الكلية للرسو إلى الحالتين التاليتين:

” سماحية الحركة ( Navigational Availability ):

والتي تعبر عن النسبة من الزمن التي تحتاجها السفينة لتكون قادرة على الوصول للحوض أو المرسى بسلام من البحر المفتوح أو المحيط.

” سماحية التشغيل ( Operational availability )

والتي تعبر عن النسبة من زمن التشغيل بحيث يمكن لسفينة التحميل والتفريغ في المرسى.




التصنيفات
الفيزياء الكهربية والمغناطيسية

بعض العوامل المؤثرة على الدوائر الفيزيائية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه وسلم..

تتعرض الدوائر الإلكترونيه أثناء عملها في الأجهزة المختلفة إلى العديد من العوامل التي تؤثر على أدائها مثل:
-الحرارة: التي تنشأ أثناء عمل الدوائر الإلكترونيه وذلك نتيجة فقد بعض الطاقة الكهربية فى مكوناتها المختلفة بسبب ارتفاع درجة حرارة بعض العناصر الإلكترونية, ولهذا يجب توفير مصدر جيد للتهوية يعمل على تشتيت الحرارة الناشئة أثناء تشغيل الدوائر الإلكترونية وعدم تراكمها مع زمن التشغيل.

– الإرتفاع والإنخفاض المفاجيء في التيار الكهربي: حيث يؤدى بدوره إلى تغير مفاجىء فى تيار وجهد التغذية مما قد يؤدى تلف بعض مكونات الدوائر الإلكترونية, ولهذا يجب الإستعانة بمنظمات التيار الكهربى .

-المجالات الكهربية والمغناطيسية: والتى تنشأ عند وجود الدوائر الإلكترونية بجوار أجهزة أخرى تنبعث منها مجالات كهربية أو مغناطيسية, ولهذا يجب حماية الدوائر الإلكترونية بوضعها داخل أوعية معدنية متصلة بالأرضى وبالتالى التخلص من تأثيرات هذه المجالات.

-تاكل موصلات الدوائر Printed Circuit: وكذلك تأكل أطراف أسلاك توصيل الدوائر وذلك بفعل المؤثرات الجوية والتفاعلات الكميائية, ولهذا يجب طلاء موصلات الدوائر المطبوعة وكذلك أطراف التوصيل بمواد حافظة لحمايتها ضد المؤثرات الجوية


التصنيفات
العلوم الكيميائية

العوامل المؤثرة في وضع الاتزان

العوامل المؤثرة في وضع الاتزان

عرفت أن تفاعلاً ما يصل إلى حالة الاتزان عندما تصبح سرعة التفاعل الأمامي مساوية لسرعة التفاعل العكسي. وفي هذا البند ستناقش العوامل المختلفة التي تتأثر بها حالة الاتزان.
إن معرفة تأثير العوامل المختلفة في حالة الاتزان له أهمية بالغة في العمليات الصناعية؛ إذ يساعد على اختيار الظروف المناسبة لتوجيه التفاعل نحو زيادة إنتاج مادة ما. فمثلاً؛ عند إنتاج الأمونيا حسب المعادلة:

تعليم_الجزائر

يجري الاهتمام بزيادة تركيز NH 3 عند الاتزان؛ فهل يتم ذلك برفع درجة الحرارة أم خفضها؟ وبزيادة الضغط أم خفضه؟ لقد درس العالم الفرنسي لوتشاتلييه عدة أوضاع اتزان لتفاعلات كيميائية وتغيرات طبيعية، وتصول إلى مبدأ يعرف باسمه، يمكن بوساطته التنبؤ وصفياً بأثر العوامل المختلفة في موضع الاتزان. وينص مبدأ لوتشاتلييه على أنه إذ حدث تغير في أحد العوامل المؤثرة في الاتزان – كدرجة الحرارة أو التركيز أو الضغط – فإن الاتزان سيعدل موضعه بحيث يقلل تأثر التغير إلى أقصى درجة ممكنة.
وستناقش فيما يأتي تأثير العوامل المختلفة في وضع الاتزان بناءً على مبدأ لوتشاتلييه:
1- التركيز
عند إضافة محلول ثيوسيانات البوتاسيوم إلى محلول كلوريد الحديد (III) يتلون المزيج باللون الأحمر، وبمرور بعض الوقت تثبت شدة لون المحلول نظراً لوصول التفاعل إلى وضع الاتزان:
تعليم_الجزائر
ولدراسة تأثير تغير التراكيز في وضع الاتزان نفذ النشاط الآتي:

النشاط (5-3): اتزان ذوبان اليود في مذيبين
تحتاج لإجراء هذا النشاط المحاليل الآتية : K 2CrO 4ا (1 غ/ 50مل) ، K 2Cr 2O 7ا (1 غ/ 50 مل) محلول HCl حجمه 50 مل وتركيزه (1 مول/ لتر). محلول NaOH حجمه 50 مل وتركيزه (1 مول/ لتر)، قطارتين، أنابيب اختبار.
– ضع 5 مل من محلول SK 2CrO 4 في أنبوب اختبار. أضف بضع قطرات من محلول HCl. لاحظ تغير اللون.
سجل ملاحظاتك، ثم أضف بضع قطرات من محلول NaOH ولاحظ تغير اللون وسجل ملاحظاتك.
حاول أن تفسر النتائج اعتماداً على المعادلة الآتية:

تعليم_الجزائر

والآن ادرس الاتزان الآتي الذي تمثله المعادلة:
تعليم_الجزائر
فإذا أضفت كتلة من غاز CO 2 إلى التفاعل المتزن، فما تأثير ذلك في تراكيز النواتج (H 2O , CO) وهل يتغير ثابت الاتزان بسبب ذلك؟
للإجابة عن السؤالين، ادرس التجربة الآتية ونتائجها:
في إحدى التجارب على التفاعل السابق تم قياس تراكيز مكونات التفاعل (H 2 , CO 2) عند الاتزان. وبعد إضافة كتلة من غاز CO 2 إلى وعاء التفاعل قيست التراكيز بعد فترة مناسبة فوجد بأن التفاعل قد وصل إلى وضع اتزان جديد، وكانت النتائج، كما في الجدول الآتي:

معادلة التفاعل المتزن

تعليم_الجزائرالتراكيز (مول/لتر) عند الاتزان قبل إضافة Co2

0.025
0.100
0.061
0.075

التراكيز (مول/ لتر) بعد إضافة Co2 والوصول إلى اتزان جديد

0.032
0.107
0.053
0.118

  • احسب ثابت الاتزان في الحالتين، ماذا تلاحظ؟
  • ما أثر إضافة CO 2 في كل من : تراكيز النواتج، تركيز H2؟
  • في أي الاتجاهين مال موضع الاتزان؟
سؤال

في التفاعل المتزن الآتي : تعليم_الجزائر
ما أثر كل من المتغيرات الآتية في تركيز SO 3 عند الاتزان؟
1- زيادة تركيز SO 2 ا 2-نقص تركيز O 2.

الترسبات في الكهوف الجيرية تعليم_الجزائر

تتكونُ الكهوف الجيرية في المناطق الغنية بالصخور الجيرية (كربونات الكالسيوم) انظر الشكل. وكربونات الكالسيوم قليلة الذوبان في الماء كما يتبين من قيمة KC للاتزان الآتي:
تعليم_الجزائر
وتـزداد ذائبية CaCO 3 إذا أزيح موضـع الاتزان السابق إلى جهة اليمين، ويتم ذلك بتفاعل الأيونات تعليم_الجزائر مع أيونات +H 3O التي تمّيز المحاليل الحمضية:

تعليم_الجزائر

وتنتج أيونات +H 3O من ذوبان غاز Co 2 في الماء حسب المعادلة الآتية:

تعليم_الجزائر

وبدمج المعادلات السابقة تحصل على معادلة الاتزان الكلي التي تمثل ذوبان الصخور الجيرية بفعل مياه الأمطار المشبعة بغاز CO 2 ثم ترسبها ثانية كما في المعادلة الآتية:

تعليم_الجزائر

وعندما تسرب قطرات الماء التي تحتوي على الأيونات (تعليم_الجزائر) من سقف الكهف تفقد غاز CO 2 مما يسبب إزاحة موضع الاتزان إلى جهة اليسار فتترسب تبعاً لذلك CaCO 3، وبمرور الزمن تتراكم هذه الترسبات على السقف مكونة ما يشبه الأعمدة التي يزداد طولها تدريجياً وتتخذ أشكالاً جميلة تتدلى من سقف الكهف وتسمى الأعمدة الهابطة (ستالاكتايت).
وفي حال سقوط قطرات الماء التي تحتوي على أيونات (تعليم_الجزائر) على أرضية الكهف فإن البروزات تتكون على أرضية الكهف وتسمى الأعمدة الصاعدة (ستالاغمايت). وتبلغ سرعة تكوّن البروزات قرابة 2 مم في السنة. وقد تلتقي الأعمدة الصاعدة- أحياناً- مع تلك الهابطة من السقف مكونة أشكالاً جميلة.

2- درجة الحرارة
تعلم أن التفاعلات الكيميائية قد تكون ماصة للحرارة أو طاردة لها. وعند تمثيل التفاعل الماص للحرارة تظهر الحرارة الممتصة إلى جانب المواد المتفاعلة:
تعليم_الجزائر
وفي التفاعل الطارد للحرارة تظهر إلى جانب المواد الناتجة:
تعليم_الجزائر
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما أثر تغيير درجة الحرارة في حالة الاتزان لتفاعل ما؟
يبين الجدول (5-4) : قيم ثابت الاتزان لتفاعلين أحدهما ماص للحرارة (أ) والآخر طارد لها (ب) عند درجات حرارة مختلفة:

( أ ) تفاعل ماص للحرارة
تعليم_الجزائر
درجة الحرارة (س‏ْ)
ثابت الاتزان
1600
1800
2000
2200
2.5 × 10 -4
7.3 × 10 -4
19 × 10 -4
41 × 10 -4
( ب ) تفاعل طارد للحرارة
تعليم_الجزائر
درجة الحرارة (س‏ْ)
ثابت الاتزان
340
380
420
460
70.8
61.9
53.7
46.8

أنظر في بيانات الجدول (5-4) كيف تتغير قيم ثابت الاتزان بارتفاع درجة الحرارة في كل من الحالتين؟
و كيف تفسر هذه النتائج وفقاً لمبدأ لوتشاتلييه؟
بدراسة المعادلة من الجدول (5 –4/أ)
تعليم_الجزائر
تلاحظ أن التفاعل في الاتجاه الأمامي (تعليم_الجزائر) يمتص الحرارة حتى يتحد النتروجين والأكسجين لتكوين أكسيد النتروجين (II)، وفي التفاعل العكسي (تعليم_الجزائر) تنطلق الحرارة عند تفكك NO وعند رفع درجة الحرارة فإن موضع الاتزان يميل نحو الجهة التي تمتص الحرارة المعطاة، أي جهة اتحاد بعض جزيئات O 2 ، N 2 وتكوين المزيد من جزيئات NO.
وتؤدي إزاحة الاتزان في التفاعل السابق إلى اليمين – بارتفاع درجة الحرارة – إلى تناقص تركيز o 2 ، N 2 وتزايد تركيز NO؛ مقارنة بتراكيزها عند درجة الحرارة المنخفضة، فتزداد تبعاً لذلك – قيمة ثابتة الاتزان، وهذا يتفق مع النتائج التجريبية المبينة في الجدول (5 –4).
وبدراسة المعادلة الآتية من الجدول (5-4/ب).
تعليم_الجزائر
تلاحظ أن رفع درجة الحرارة سيؤدي إلى ميل الاتزان إلى الجهة التي تمتص فيها الحرارة المعطاة (تعليم_الجزائر)؛ أي جهة تفكك بعض جزيئات HI ليصل إلى اتزان جديد تقل فيه قيمة (K C)؛ مقارنة بقيمته عند درجة الحرارة المنخفضة.

سؤال

انقل الجدول الآتي إلى دفترك واملأ الفراغات فيه:

نوع التفاعل
التغير في درجة الحرارة
اتجاه الاتزان
قيمة K C
ماص للحرارة
زيادة
نقصان
تعليم_الجزائر
……….
تزداد
……….
طارد للحرارة
زيادة
نقصان
……….
……….
……….
……….

3- الضغط
يتناسب ضغط الغاز (عند درجة حرارة معينة) طردياً مع تركيز جزيئاته، ويعتمد ضغط الغاز على عدد الجزيئات وليس على نوع الغاز؛- فالضغط الناتج من (1) مول من غاز H 2 يساوي الضغط الناتج من (1) مول من غاز CO 2 أو من (1) مول من أي غاز آخر عند درجة الحرارة نفسها.
يعد الضغط من العوامل المؤثرة في حالة الاتزان، وبخاصة في التفاعلات الغازية.
ادرس معادلة الاتزان الآتي:
تعليم_الجزائر
دقق في معادلة التفاعل، كيف يتغير عدد الجزيئات بسبب التفاعل؟ وما أثر ذلك في الضغط الناتج؟
تعليم_الجزائر

الشكل (5-14): أثر زيادة الضغط في وضع
الاتزان الكيميائي.

تبين معادلة التفاعل أن جزيئاً واحداً من CH 3OH ينتج كلماً اختف جزيء CO، وجزيئان من H 2؛ أي أن التفاعل في الاتجاه الأمامي يؤدي إلى نقص في عدد الجزيئات مما يؤدي إلى نقص في الضغط. وعلى عكس ذلك يؤدي الاتجاه الآخر إلى زيادة الضغط بسبب زيادة عدد الجزيئات.
تأمل الشكل ( 5-14) ولاحظ ماذا يحدث للاتزان لو زاد الضغط الخارجي (مع بقاء درجة الحرارة ثابتة)؟
إن زيادة الضغط الخارجي ستؤدي إلى تنقص في الحجم مما يؤدي إلى زيادة تراكيز مكونات التفاعل.
وفقاً لمبدأ لو تشاتلييه سيتجه التفاعل إلى الجهة التي تقلل من الضغط، أي الجهة التي سيقل فيها العدد الكلي للجزيئات، وذلك بأن تتفاعل بعض جزيئات CO مع بعض جزيئات H 2 لتكوين CH 3OH ا(3 جزيئات تعطي جزيئاً واحداً). وبالمثل، يؤدي تقليل الضغط الواقع على التفاعل المتزن إلى إزاحته نحو الجهة التي يزداد فيها عدد الجزيئات، أي الجهة التي تتفكك فيها بعض جزيئات CH 3OH لتعطي H 2، CO (جزيء واحد يعطي 3 جزيئات). ولكن، هل يتأثر موضع الاتزان بتغير الضغط في التفاعلات الغازية جميعها؟
ادرس معادلة الاتزان الآتي:
تعليم_الجزائر
هل يصاحب هذا التفاعل تغير في عدد الجزيئات؟ وهل تتأثر حالة الاتزان بتغيير الضغط الواقع عليه؟
بما أن هذا التفاعل غير مصحوب بتغير في عدد الجزيئات؛ فإن تغير الضغط لن يؤثر في حالة الاتزان؛ إذ إن انزياح لااتزان إلى أي من الاتجاهين لا يساعد على مقاومة أثر تغيير الضغط. وتنطبق هذه النتيجة على أي تفاعل غازي لا يصاحبه تغير في عدد الجزيئات.

سؤال

انظر إلى معادلة الاتزان الآتية :

تعليم_الجزائر

ما أثر كل مما يلي على شدة اللون البني:
1- زيادة الضغط الكلي 2- زيادة حجم الوعاء 3- زيادة درجة الحرارة

4- العوامل المساعدة:
تعليم_الجزائر
الشكل (5-15): طاقة التنشيط بوجود العامل المساعد وغيابه لكل من التفاعل الأمامي والعكسي.
درست سابقاً أن العامل المساعد يعمل على زيادة سرعة التفاعل الكيميائي، إذ إنه يقلل طاقة التنشيط اللازمة لحدوث التفاعل، ففي معادلة الاتزان العامة الآتية:
تعليم_الجزائر
هل تتوقع أن تتأثر حالة الاتزان إذا أضفت عاملاً مساعداً على وعاء التفاعل؟ للإجابة عن السؤال ادرس الشكل (5-15) وأملأ الجدول الذي يليه:

التفاعل
رمز طاقة التنشيط
الأمامي دون العامل المساعد
الأمامي بوجود العامل المساعد
العكسي دون العامل المساعد
العكسي بوجود العامل المساعد
أ


كيف تتغير طاقة لتنشيط لكل من التفاعل الأمامي والعكسي بوجود العامل المساعد؟
يتبين لكل أن هناك نقصاً متساوياً في طاقة التنشيط لكل من التفاعل الأمامي والعكسي، وبناء على ذلك ستزداد سرعة التفاعل في الاتجاهين بالمقدار نفسه، لذا لا تتأثر حالة الاتزان بوجود العامل المساعد، وإنما تزداد سرعة وصول التفاعل إلى حالة الاتزان.


التصنيفات
التاريخ والجغرافيا السنة الرابعة متوسط

العوامل المؤثرة في المناخ

يمتاز مناخ الجزائر بالاختلاف و التنوع و ذلك راجع للاسباب التالية :
– امتداد السلاسل الجبلية من الجنوب الغربي الى الشمال الشرقي و سلسلتي الاطلس التلي و الصحراوي

– اتساع الصحراء و قلة الغطاء النباتي بها

– موقع الجزائر بالنسبة لدوائر العرض

– قلة المسطحات المائية و صغر مساحة البحر المتوسط

– الابعاد التي تاكد ان الجزائر بلد واسع جدا 1900 كلم اقصى امتداد من الشمال الى الجنوب و 1800 كلم اقصى اتساع من الشرق الى الغرب

– هبوب الرياح الحارة ” السيروكو ” و تسمى الشهيلي في فصل الصيف نحو الشمال مما يؤدي الى ارتفاع درجة الحرارة