أولا : مفهوم عملية تسيير و إدارة المشروع:
1- تعريف تسيير المشروع : عرفت الجمعية الفرنسية للمعايير الصناعية AFNOR عملية تسيير المشروع أنها تشمل مشروع محدد بمراحل معدة و مطبقة استجابة إلى احتياجات المستخدم و العملاء و المستهلكين، حيث تتحقق أهداف المسير وفقا للموارد المتاحة، و عليه فعملية تسيير المشروع تهدف إلى تحقيق ثلاث أهداف :
– هدف المدة المحددة لإنجاز المشروع باعتبارها أهم المركبات المكونة للهدف الأساسي للمشروع و المتمثل في تلبية احتياجات العملاء و المستهلكين ؛
– هدف الأداء التقني للمشروع، و الذي يعبر عن مدى استجابة المشروع للشروط التقنية و التي لها أثر مباشر على ردود أفعال العملاء و المستهلكين ؛
– هدف التكلفة، إذ تعبر عن قيد مالي حيث يسعى مسير المشروع إلى تدنية تكلفة المشروع، مع مراعاة كل من هدف مدة الإنجاز و الاستجابة للمواصفات التقنية و الجودة .
2- التمييز بين تسيير المشروع و إدارته : إن التفريق بين مصطلح تسيير المشروع و إدارة المشروع، يكتسي أهمية بالغة، إذ يعطي رؤية واضحة حول تقسيم المهام و توكيل المسؤوليات و الوظائف داخل السلم الإداري للمشروع ؛ فإدارة المشروع تقع في أعلى السلم الهرمي، إذ تتضمن مختلف القرارات الإستراتيجية و التكتيكية، أي توكل لها المسؤوليات التالية :
– تحديد أهداف المشروع ؛
– تحديد الوسائل و مختلف الإمكانيات الموظفة لتحقيق هذه الأهداف ؛
– تحليل مختلف المخاطر المحتمل مواجهتها في مرحلة إعداد المشروع و مرحلة التنفيذ .
فعملية إدارة المشروع تهتم بعملية التخطيط و وضع الأهداف بعيدة المدى، و تخصيص الموارد لتحقيقها، أي تتولي الجانب الاستراتيجي من عملية تسيير المشروع .
أما عملية تسيير المشروع فتتولى اتخاذ القرارات العملية في أسفل السلم الهرمي، حيث تشرف على التنفيذ اليومي للمشروع، و ذلك باستخدام عدة تقنيات منها تقنيات الترتيب و تقنيات تسيير الموارد، و مراقبة العمليات المالية و خصوصا تسيير موازنة المشروع .
ثانيا : تسيير المشروع و دورة حياته:
يتميز كل مشروع بطبيعة خاصة تميزه عن مختلف المشاريع، إلا أن أغلب المشاريع تتميز بخصوصية وحيدة، تتمثل في كونها لها بداية و نهاية، بينها مجموعة من المراحل تمتد من ظهور فكرة المشروع إلى لحظة إتمامه .
و عادة ما يقسم المشروع إلى ستة مراحل متتالية هي :
– بداية الفكرة و تحديد المعالم ؛
– تحديد متطلبات العميل ؛
– التصميم التفصيلي ؛
– التنفيذ الفعلي ؛
– التمهيد للتشغيل ؛
– التشغيل و المتابعة .
1- بداية الفكرة و تحديد المعالم :
تتحدد في هذه المرحلة جميع الملامح العامة للمشروع، سواء من حيث الأهداف الموضوعة، أو النطاق الذي يشمله المشروع، و الإستراتيجية المتبناة لتسيير المشروع، و الهيكل التنظيمي المشرف على عملية إدارة المشروع ؛
تعتبر هذه المرحلة أهم المراحل على الإطلاق، ذلك لأن لها تأثير مباشر على احتمالات نجاح أو فشل المشروع في المراحل الموالية، حيث تظهر عدة مشاكل في صياغة و تنفيذ هذه المراحل، و هنا يلعب مسير المشروع دور حيوي في إعداد الوثيقة المرجعية للمشروع و تنفيذها .
2- تحديد متطلبات العميل : إن المشروع عبارة عن تحقيق للمعايير المرغوب فيها من طرف العميل الذي يتم إنجاز المشروع لحسابه، إذ تعبر عن نتائج يرغب العميل في تحقيقها من خلال إنجاز المشروع ؛ و من ثم ينبغي أن يكون هناك تواصل بين الفريق المشرف على المشروع، و العميل الذي يتم إنجاز المشروع لحسابه، و ذلك من أجل التعرف على النتائج الحقيقية التي يهدف إليها العميل، أي ألا تكون هناك فجوة بين متطلبات العميل، و تصورات الفريق المصمم للمشروع، فالهدف هو تحقيق رغبات العميل .
3- التصميم التفصيلي : تبرز هذه المرحلة أهمية المتخصصين الفنيين، الذين يتمثل دورهم في تحويل النتائج العامة التي يرغب العميل في تحقيقها إلى تصميم محدد و دقيق، يتميز بشكل معروف و مواصفات فنية محددة، و ذلك اعتمادا على إبداع و خيال و خبرة الفنيين المتخصصين في مجال المشروع ؛ فإذا تعلق الأمر بالمشروعات الإنشائية، فيستلزم الأمر مهندسين ذوي كفاءة عالية في كافة التخصصات، و عندما يتعلق الأمر بمشروع منتوج جديد، تبرز الحاجة إلى إطارات متخصصة في دراسات بحوث السوق و المستهلك … إلخ .
و عادة ما تنتهي هذه المرحلة بتصميم نموذج، بشكل المشروع، أو عن طريق تحديد قائمة بالمواصفات الفنية، أو القيام بالعمليتين معا .
4- عملية الإنجاز الفعلي للمشروع :تتمثل هذه المرحلة في بداية التنفيذ الفعلي لخطوات المشروع، حيث يخرج المشروع إلى حيز الوجود، مثل عملية البناء في مشروعات التشييد، و عملية جمع البيانات في مشاريع دراسة السوق … إلخ ؛
كما تجدر الإشارة إلى أن هناك رغبة ملحة لدى القائمين على المشروع، في القيام بهذه الخطوة التنفيذية منذ البدء في التفكير بالمشروع، و هذا يؤدي إلى إهمال التخطيط السليم للمشروع .
5- التمهيد للتشغيل : و هي مرحلة يتم اختبار المشروع، و التأكد من مدى تحقق المواصفات أثناء عملية الإنجاز، حيث من المتوقع اكتشاف بعض المشاكل كنوع من الاختبار النهائي للنظام، حيث يتم العمل على حل تلك المشاكل و خصوصا المشاكل المتعلقة بالجانب البشري في تشغيل النظام، و كل هذه المشاكل تنجم عادة عن نقص الخبرة، إضافة على رغبة مقاومة التغيير لدى الأفراد .
6- مرحلة التشغيل و المتابعة : تأتي هذه المرحلة بتسليم المشروع للعميل، و بدء عملية التشغيل الفعلي في ظل ظروف التشغيل العادية، و ذلك بعد تذليل أهم العقبات و المشاكل في المرحلة السابقة ؛
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه المرحلة لا تنتمي إلى خطوات المشروع، إلا أنها تستلزم المشاركة و الإشراف و المتابعة من قبل الأطراف التي تولت تنفيذ و استلام المشروع .
و لذلك نحرص على إدراج مرحلة التشغيل الأولى ضمن العقود موضوع المشروع، و ذلك نظرا لاحتمال ظهور بعض المشاكل، فكثيرا ما اعتبرت عقود الصيانة لفترة زمنية محددة، جزءا أساسيا في عقود الإسكان و الإنشاءات الكبرى .
كما يمكن تجزئة المشروع إلى ثلاث عمليات أساسية :
– التصميم ؛
– البناء ؛
– الصنع .
تكمن أهمية تحليل المشروع إلى مراحل حياته، إلى خصوصية تسيير و إدارة كل مرحلة، و تحديد الإدارة المشرفة على كل مرحلة، حيث تختلف طبيعة اتخاذ القرارات حسب كل مرحلة من مراحل حياة المشروع .
الثالثا : الخطوات الأساسية المكونة لعملية تسيير المشروع
لكل مشروع طبيعة خاصة تميزه عن أي مشروع آخر، إذ يعتبر المشروع تجربة جديدة، و هذا ينتج مخاطر خاصة و جديدة، الأمر الذي يستلزم جهد خاص في مراحل تسيير المشروع، و خصوصا مرحلتي الإعداد و التخطيط ؛ و من ثم تبرز ضرورة ملحة لإعداد عملية تمكن من تسيير المشروع بشكل جيد و فعال، يؤدي إلى تحقيق الأهداف التالية :
– التأكد من تحديد مخرجات المشروع، بشكل محدد و واضح لجميع الأطراف ؛
– تحديد الأهداف الخاصة بالمشروع، و التأكد من توافقها لأهداف و استراتيجيات المؤسسة ؛
– تحديد معايير دقيقة، تمكن من تحديد المسؤوليات الخاصة بكل مرحلة من مراحل المشروع ؛
– إعداد وسائل و أساليب فعالة للجودة و الرقابة و المتابعة أثناء التنفيذ ؛
– تدريب الأفراد على اعتماد منهج منطقي في التخطيط و التوصل إلى تقديرات دقيقة .
تشمل عملية تسيير المشروع، الوظائف الإدارية المتضمنة لمسؤوليات تحديد الأهداف و التنظيم و التخطيط، و الجدولة، و التوجيه، و الرقابة اللازمة لتحقيق أهداف المشروع .
تجدر الإشارة إلى أن كل من الوظائف الأساسية لعملية تسيير المشروع، تتضمن عملية اتخاذ القرارات، حيث أن عملية اتخاذ القرارات هذه تتضمن عملية الاختيار بين البدائل لحل مشاكل محددة و لتحقيق أهداف معينة، و ذلك اعتمادا على الخطوات التالية و التي تتم أثناء اتخاذ القرار :
– تحديد المشكلة ؛
– تحليل المشكلة و وضع المعايير ؛
– تحديد البدائل و اختيار أفضل الحلول ؛
– وضع خطط لتنفيذ القرار ؛
– التنفيذ الفعلي و التأكد من حل المشكلات .
إن عملية تسيير المشروع تفرض على مسؤول المشروع، تقسيم هذه العملية إلى وظائف مستقلة ذات طبيعة خاصة، تتوافق مع مراحل إنجاز المشروع، و في هذه الصدد تتكون هذه العملية من ثلاث خطوات أساسية هي : التخطيط، الجدولة، التنفيذ، المتابعة.