التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الوسائط الإعلامية


السلام عليكم
إن الوسيط في لغة الاتصالات هو شيء يسهل نقل شيء آخر (الكلمات والصور والأصوات) من مصدر واحد (عادة ما تكون من المرسل) إلى مصدر آخر (عادة ما يكون المتلقي). وتعد أهم الوسائط (وسائل الإعلام) هي التليفزيون والإذاعة والأفلام والتسجيلات والصحف والمجلات والكتب. لذا فإن مسميات الفئة العامة الملحقة لوسائل الإعلام هذه هي الصور الإلكترونية والمطبوعة.

وهناك مقدار كبير من الخلاف بين العلماء حول دور وسائل الإعلام. وما التأثير الذي تلعبه وسيلة الإعلام على الرسالة التي تحملها وما هي تأثيرات وسائل الاعلام على المجتمعات الموجودة حاليا؟ ولقد فرق مارشال مكلوهان murshall mclu- han (وهو مفكر شهير في وضع نظريات الإعلام) بين كل من الإعلام المطبوع والذي يعد إعلاماً خطياً ويشجع على العقلانية والإعلام الإلكتروني الذي يحيط بنا (كلية وليس خطياً/ طولياً) وعليه وفقاً لمكلوهان mcluhan فإن هذا الإعلام الإلكتروني يشجع على الاستجابات العاطفية للرسائل، ويقترح أيضاً أن ذلك يؤدي إلى التماثل والتواصل والفردية والقومية لذا فإن الإعلام الإلكتروني يؤدي بنا إلى اتجاهات متعارضة.

ولقد أعطى مكلوهان mcluhan للوسيط أهمية أكبر من الرسالة التي تحملها موضحاً أن الوسيط أو وسيلة الإعلام هو الرسالة وهو ما ظهرت أهميته بشدة عندما أعطى الوسيط كاسم لأحد فصول كتابه فهم وسائل الإعلام anderstanding the media امتدادات للإنسان (1965) كما قدم في هذا الكتاب أيضاً تفريقاً جدلياً بين الإعلام الساخن والإعلام البارد، فالتعارضات والمتضادات يمكن أن تقودنا إلى أن نشاهد العلاقات بوضوح أكبر وعلينا حينها أن نفكر في كل من الساخن والبارد وفقاً للموضوعات المتضادة أو المرتبطة.

ويبرهن مكلوهان mcluhan على أن الوسيلة أكثر أهمية من الرسالة التي تحملها ذلك لأن تأثيرات التكنولوجيا لا تحدث على مستوى الآراء أو المفاهيم ولكنها تغير نسب أو نماذج الإحساس بالاستيعاب بشكل ثابت وبلا أي مقاومة، ويقترح أنه من المهم بمكان أن تشكل الطريقة التي نرى بها العالم عن الطريقة التي يعطينا بها العالم أفكارا أو يشكل آراءنا. ولقد حظت أعمال مكلوهان mcluhan في السنوات الأخيرة بعدم الارتياح والإهمال وذلك بشكل جزئي نتيجة لأن أسلوبه في الكتابة (المصقل والمتحايل) يسيء إلى العديد من الناس كما أن نظرياته عن الإعلام يعتقد من ناحية أخرى أنها بسيطة إلى حد ما. فهي مجرد اقتراحات ليس إلا وهو ما تم نبذه سريعاً.

متعلقات

الاتصالوْماتية(1) غرْبيَّاً- عرَبيَّاً (1)

هنا نموذج من نشاطات المشروع العربي للمعلومات التقنية لدى مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاوْن، وهو –النشاط-بمثابة سيمينار- أوْ ورشة عمل، وجرى هذا النشاط بتاريخ 18 كانون الثاني 2000 تحت عنوان: تقنيات المعلومات في الجيل القادم(2).‏

وكانت الأسئلة التي وجب طرحُها هي من قبيل: كيف سيؤثر في العالم العربي نموُّ الانترنت وتقنيات الاتصالات الأخرى؟.. وهل سيتمكَّن العرب من الصمود في وقت يصبح العالم رقمياً بسرعة مخيفة “تكسر الرقبة” (أو تكسر الظهر حسب المثل العربي م.ن)؟..‏

-وكان المتكلمان هما د.جون آندرسون من الجامعة الكاثوليكية ود.جون آلتيرمان موظف البرامج في معهد الولايات المتحدة للسَّلام.‏

د.آندرسون تحدَّث عن الانترنت وتلْفزة الأقمار الصُّنْعية في سياق الحديث عن “تقنيات السوق-الدنيا”، الأخرى مثل الكاسيتات والمجلات والهواتف التي قارنها “بوسائط قديمة” تسيطر عليها الدولة وتحتكرها كالتلفزة العادية والإذاعة والصحف المكلّفة بتطوير بناء الأمة في الدول “المتسلّطة” (حسب تعبيره)، ويمكن تمييز الوسائط القديمة بأنها “مسرح الدولة”. وبالمقارنة مع ذلك بدأت الوسائط الأحدث في “كسر احتكار” الاتصال وتأويل المعلومات في العالم العربي.‏

وكما نلاحظ فإن التركيز في هذا “السيمينار”، أو “ورشة العمل” هو على الإعلام ووسائطه أكثر مما هو على المعلومات، ولاسيما أن الكلمة الأجنبية تتضمن المعنَيين معاً، وكان يجب إيضاح ذلك بدايةً من عنوان التعريف بنشاط المشروع/المركز/ الجامعة والذي يحمل شعار: الرسالة هي الوسيلة.‏

وأشار أندرسون إلى توجُّهين في الأساس هما أن الوسائط الجديدة من “السوق-الدنيا” تجلب أنماطاً خاصة إلى المنتديات والملتقيات العامة الجماهيرية، كما يقدّمه نموذج “الجزيرة”- القناة الفضائية العربية-من اللا رسمية وكثافة الحديث السياسي. والانترنت يوسِّع مواصفات الخيار والتفاعلية (التجاوبية)-التي أدخلتها القنوات العربية للتلفزة-وهذا كله يواجه مستويّات ناهضة متصاعدة من التعلُّم وعدداً متصاعداً من الناس الشباب والجيل الفتيّ ممَّن ترعرع مع التلفزة. أما النقطة الثانية التي تلفت الانتباه فهي أن الاهتمامات العامة بما فيها التحبيذات الثقافية، والتعليم، والتجارة الإلكترونية، ومكان اللغة العربية، وتنظيم وضبْط النَّفاذ (أو الوصول)-كل أولئك يوضح ما تجلبه التقانات الإعلامية/المعلومية الأحدث إلى البيئة الإقليمية للوسائط من ظواهر جديدة تشمل التنقُّلات الديمغرافية وانهيار “ازدواجية/ثنائية/ الوسائط”- التي أبقت الوسائط والرؤى البديلة خارجاً، وتشمل أيضاً تناظراً أكبر بين المراسلين والمتلقِّين للرسائل، وتعدد القنوات وتنوّعها، و”هجرة الرسائل” بين القنوات.‏

المتكلم الآخر د.جون التيرمان تابع ثورة المعلومات في العالم العربي في سياق عملية الكوكبة (العولمة) الشاملة، وقد ميَّز بيْن “كوكبة (عولمة) المعلومات”(3) التي تحدّ من الرقابة وتحث على ديمقراطية المعلومات، وبين كوكبة أو عولمة النمط تحويل العالم إلى “ماكْدونالد” أو “مكْدلته”-والذي لا يفيد غير منتجِيّ منتجَات الدُّرْجة. وفي حين نجد المشاركة في عولمة النمط (السْتيل) أكثر سهولةً لأنها لا تحتاج أكثر من شراء المنتَج، فإن المشاركة في عولمة المعلومات بفعالية أمر صعب بسبب حجم المعلومات المتوافرة الضخم والزائد، مع العلم أن عولمة المعلومات مفيدة لجميع الناس وبعامة عكس عولمة النمط.‏

ولم يكن د.آلترمان متفائلاً في خصوص انتشار تقانة المعلومات-عبر العالم العربي بسبب رصده عدداً من العوائق والعثرات الرئيسة التالية: الإلمام المحدود باللغة الإنكليزية، وقصور ونقص المهارات التقنية، والأنظمة التعليمية غير الملائمة التي تُركّز على الحفظ والاستظهار أكثر ممّا تركّز على حل المشكلة، والناتج المحلي الإجمالي المنخفض لكل فرد.‏

والحقيقة أن د.آلترمان حدَّد وعدَّد وفرَز الأسباب والعوائق الأهم في هذا المجال فعلاً، كما يستحق التقدير تأكيده تالياً للدور المركزي في حل هذه المصاعب والمشكلات الذي يمكن ويجب أن يقوم به إصلاح منظومات التعليم العربية التي تُركز أساساً على الذاكرة والحفظ والاستظهار المتكرّر (التغييب/عن غيب).‏

وقد طرح ألترمان أفكاراً أخرى حول آثار وعواقب ما “أفرزه وحدَّده” على أنه “عولمة المعلومات”، وممّا يلفت الانتباه في نهاية عرض وقائع ورشة العمل هذه على موقع المشروع/المركز/ الجامعة(في جورج تاون) ورود قائمة مثيرة بتقارير إضافية من “مشروع المعلومات العربي”. أمثال: جلْب الانترنت إلى الشرق الأوسط/سيمينارات1998-1999، وتعريب الانترنت/ ورشات عمل وسيمينارات في 1997-1998؛ وآذار 1997 مؤتمر مصَّغر حول “عصر الانترنت في العالم العربي”. عنوان مقْتبس بالتأكيد وذو دلالة، لأنه يذكرنا بكتاب المفكر الأمريكي “بيل” المبكِّر عالمياً حول “قدوم المجتمع بَعد الصناعي” والذي عرَّفنا به تفصيلاً(4).‏

وثمة ذكر لتقارير أخرى لأعوام 1996-1997 (مبكِّراً) حول الاتصال الإلكتروني والثورة التقانية في العالم العربي على الموقع المذكور هنا.‏

الهامش:‏

(1)-الاتصالوْماتية: الاتصالاتية-المعلوماتية أوْ تِقانة المعلومات والاتصالات –ت.م.ا.- I.C.T اختصاراً: وهذا الاجتهاد في المصطلح التركيبي من ابتكارنا-م.ن.‏

2-http:/www.georgetown.edu/research/arabtech/jan2000.htm.‏

(3)-كنا قد فرقنا جيداً بين أشكال العولمة المختلفة منذ الثمانينيّات والتسعينيات وفرزنا متشابهاتها خاصةً: عولمة الإعلام وعولمة المعلومات وعولمة المعلوماتية، ثم عولمة الاتصالات والعولمة التكنولوجية والعولمة العلمية –التقنية وعولمة البحث والتطوير، ثم عولمة التعليم والتدريب والتأهيل وعولمة الكوادر (الأطر.. الخ)، [دراسات عربية، بيروت، ع9/10-1986؛ والوحدة، الرباط؛ ع22/23-1986].‏

(4)-المعلوماتية والمجتمع، المركز الثقافي العربي، بيروت/ الدار البيضاء، 2001، ص 127-135-د.معن النقري.‏

سلبيات وإيجابيات استخدام التقنية(2)

بفضل الثورة المعلوماتية الحديثة في جميع وسائل الاتصالات والإعلام واحد منها أصبح إنسان اليوم يتلقى سيلاً غير منقطع من المعلومات والمغريات والأخبار والدعابات المختلفة مما لا يستطيع أحد مهما أوتي من قوة رد وحجة ذلك أن البث يأتي من الفضاء وليس عبر جمارك الحدود أو الموانئ أو المطارات ثم إن البث يأتي من أقمار صناعية يتم تلقي بثها بواسطة أجهزة رقمية وقد أدى هذا إلى سباق بين الدول المختلفة في جعل فضائياتها أكثر جاذبية وقد تم استخدام طرق ووسائل مختلفة لجذب المشاهد إليها، منها ما هو علمي ومفيد ومنها ما هو هزيل ويندرج تحت قائمة قتل الوقت وتفريغ الذهن من مجرد التفكير السليم والأمر اليوم ليس محصوراً بالبث التلفزيوني بل أصبح هناك وسيلة اتصال أخرى أصبح المتلقي هو الذي يقرر نوع ما يتلقاه لأنه هو من يقوم بالبحث والتقصي وهذه الوسيلة هي الإنترنت التي تعكس المعلومة التي يتم الإطلاع عليها والبحث عنها أو بثها وإرسالها مستوى ثقافة الشخص الذي يجلس خلف شاشة الحاسوب ويستعمل لوحة المفاتيح للحصول على معلومة ما أو بث معلومة ما. لذلك فإن الدورة المعلوماتية وخصوصاً استعمالها في مجال الإعلام قد حولت العالم كما يقول رجل الإعلام المعروف ميشيل ميكلوف إلى قرية صغيرة والتي وصفت من قبله بأنها عبارة عن سفينة تبحر في الكون الفسيح وركابها البشر والكائنات الحية الأخرى. فهل يستطيع أحد أن يتوقع إلى أين تسير الوقائع داخل تلك السفينة أو القرية الصغيرة مع استمرار التقدم التكنولوجي؟ الذي نستطيع أن نجزم به هو أن القوانين التي تسود على الأرض تختلف عن تلك التي تسود في أماكن أخرى غيرها كما أن القوانين ذاتها تتطور مع كل اكتشاف علمي جديد لكن جميع هذه القوانين يمكن أن تُخترق وخير شاهد على ذلك قصة نبي الله سليمان (عليه السلام) وبلقيس ملكة سباء. على أية حال فإن العولمة بمفهومها الظاهري وأبعادها الثقافية والفكرية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية وربما العسكرية أيضاً والتي بدأت معالمها تظهر نتيجة سهولة الاتصال والتلقي والتفاعل بين جميع شعوب العالم مما يجعلها تتحول مع الزمن وبصورة تدريجية إلى الانصهار في بوتقة ثقافية واحدة هي العالمية، وقد مهد لتلك الظاهرة ومن وقت مبكر التقدم الصناعي الذي أدى إلى انتشار مصنوعات الدول المتقدمة في جميع أرجاء العالم. وسيادة اسمائها ومصطلحاتها ضمن اللغات المختلفة ليس هذا فحسب بل إن العولمة لها أولاد وبنات وهؤلاء الأبناء يفرضون العولمة بصور مختلفة تتوافق مع رغبة الآباء والأمهات ومصالحهم ممثلة في الدول الكبرى. وإذا أخذنا العولمة من وجه نظر ثقافية بحتة دون الدخول في المشتقات الأخرى نجد أننا وغيرنا دخلنا في حقبة تختلف من حيث الكيف والكم عن ما ألفناه وتعلمناه من محيطه الصغير فهل كل ما تقدمه العولمة خير؟ أم كله شر؟ أم أنه خليط من الخير والشر؟ أم ماذا؟ الحقيقة التي يجب أن نعرفها أن وسائل الاتصال المختلفة والتي تستخدم كعربة للمفهوم الثقافي للعولمة يمكن أن نقودها نحن في الاتجاه المعاكس ونستخدمها لتقديم البديل الثقافي الذي نفتخر ونعتز به وهو مبادئ وثقافة الإسلام لكن بأسلوب عصري قادر على مخاطبة الشعوب الأخرى وبلغة تفهمها وتجذب إليها المتلقين آخذين بعين الاعتبار علوم ومهارات كثيرة مثل علم الاجتماع وعلم النفس ومهارة الكاتب وتطويع النصوص وعلى أية حال فإن للتقنية سلبيات وايجابيات تتمثل بالآتي: أولاً: السلبيات 1- العزلة: من أهم الملاحظات الملموسة في حياتنا اليومية هو قضاء الناس أوقات طويلة أمام التلفاز أو الفيديو أو أجهزة الحاسب مما يجعلهم يقضون وقتاً أكثر داخل بيوتهم إلى درجة عزلتهم عن الاتصال بالجيران أو الأقارب. وقد أثبتت بعض الاحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية أن 25% فقط ممن أجريت عليهم الدراسة يعرفون من هم الجيران كما أثبتت دراسة أخرى أن الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية يقضون أمام التلفاز وقتاً أطول من الذي يقضونه في صالات الدراسة كما اظهرت إحصائية ثالثة أن أكثر من مئة مليون طفل أمريكي أقل من أثنتي عشرة سنة يشاهدون التلفاز إلى ما بعد منتصف الليل والبالغون يشاهدون التلفاز بمعدل يقرب من 30ساعة في الأسبوع وسوف تزداد هذه العزلة مع تمكن العلماء من ربط أجهزة الهاتف والحاسوب والفاكس والتلفاز في شبكة عالمية موحدة . أما الدراسات الميدانية عن هذا الموضوع في المملكة فإنها نادرة حتى الآن. 2- الاندماج الثقافي: من أهم الأسباب التي تساعد على الاندماج والتجانس الحضاري الوسائط الإعلامية المتعددة لذلك فإن كثيراً من المفكرين يحذرون من الخطر الذي سوف تجلبه الشاشات الإلكترونية من جميع أنحاء العالم وما سوف تسببه من تجانس حضاري يهدد الثقافات القومية الخاصة عن طريق إلغاء مميزاتها وخصوصيتها عند أهلها. وقد أثبتت الدراسات أن الفوائد الاقتصادية الناجمة عن بيع أفلام السينما والتلفاز والبرامج الإعلامية الأخرى تصل إلى مليارات الدولارات والتي تغزو جميع أنحاء العالم عن طريق الأقمار الصناعية. 3- تهديد عرش الكتاب: بسبب الوسائط الإعلامية المتعددة والتي تحمل الغث والسمين والمعززة بالصور والاختصار والإيجاز أصبح الكتاب الذي هو المصدر الحقيقي للثقافة والديوان المأمون على تاريخ الأمم وتجاربها أقل أهمية فلو عملت إحصائية على من تعرف سوف تجد أنهم جميعاً يشاهدون التلفاز وقليل جداً منهم تجده يتابع ويقرأ الكتب. ليس هذا فحسب بل إن العزوف عن الكتاب والاتجاه إلى التلفاز والحاسوب قد أديا إلى زيادة الأمية لدى عدد ليس قليل من الناس فهم لا يحبون التركيز وبذل جهد ولو يسير للحصول على المعلومة لذلك فهم يفضلون الاستماع إلى وسائل الإعلام المختلفة والتي تحتاج إلى أقل قدر من التركيز والانتباه لفهم ما تبثه أو تنشره بصرف النظر عن دقته أو مصداقيته. 4- البذاءة: إن استخدام الوسائط الإعلامية المتعددة في نشر البرامج والعروض البذئية التي يمجها ويرفضها العقل السليم من أكبر الارهاصات السيئة للعولمة ذلك أنها تتنافى مع الفطرة والتقاليد والأعراف الاجتماعية لدينا ولدى الشعوب الأخرى خصوصاً تلك التي تبثها الفضائيات أو تلك التي يتم تلقيها عبر شبكة الإنترنت والتي تشكل تهديداً للناشئة من بنين وبنات والتي يحسن الالتفات إليها كظاهرة يجب العمل على التقليل من تبعاتها وذلك عن طريق ايجاد البديل المناسب وتحصين الشباب فكرياً ضدها عن طريق التعليم السليم والتربية الراقية والإعلام المتوازن. ثانياً: الايجابيات: هناك الكثير من الايجابيات التي عززتها التقنية أو فرضتها والتي لا يمكن حصرها في عجالة قصيرة ولكن يمكن أن نذكر منها: 1- في مجال الكتب والصحف: ساهمت تقنية المعلومات مساهمة كبيرة في تطوير أساليب الطباعة والإخراج وسرعة الإنجاز بل استطيع أن أقول: إن كل إنسان يستطيع أن يقوم بطباعة ما يشاء متى يشاء من مذكرات عامة أو خاصة أو حتى كتب. وكل ذلك أدى إلى تشجيع استخدام الكلمة المطبوعة وقد أدى ذلك أيضاً إلى تعزيز اقتصاديات الورق والطلب عليه. والآن تتخذ الكتب شكلاً جديداً اعتماداً على التطوير التقني فكتب الوسائط الإعلامية المتعددة تحتوي على مجموعة من المحفزات المترابطة لكل من الكلمة والصوت والصورة لذلك يمكن الاعتماد عليها في تعليم اللغات والرياضيات والعلوم بجميع أنواعها دون الاستغناء عن الكتاب العادي الذي يمكن حمله واستعماله في أي مكان أو زمان وعلى أية حال فقد أصبحت اقتصاديات الموسوعات الإلكترونية تفوق تلك المطبوعة في الكتب العادية. وسوف تزداد تلك الأهمية عندما يتم الاتصال الإلكتروني مع المكتبات وعندما تحدث ثورة أكبر في مجال تقنية الشاشات بحيث يستطيع الجميع التعامل معها دون قيود لذلك فإن من يتخلف اليوم عن المتابعة والاستفادة من المستجدات التقنية الحديثة سوف يجد نفسه من زمرة المتخلفين عن ركب الحضارة ومن جهلة القرن الحادي والعشرين. 2- في مجال الاقتصاد: بفضل سهولة الاتصال وتبادل الخبرات تمكنت الشركات الكبرى والمصانع المتقدمة أن تدير أعمالها سواء من خلال مواقعها المتباعدة أو بالتعاون مع المصانع والشركات الأخرى فعلى سبيل المثال أصبحت أجزاء النموذج الواحد للسيارة تصنع في أكثر من سبعة بلدان مختلفة أو أكثر وذلك بفضل أساليب الاتصال اللاسلكي عن طريق الأقمار الصناعية وشاشات الفيديو التي مكنت من التبادل الفوري للأفكار والتصاميم بين المهندسين على اختلاف مواقعهم أي أن المسافة لا تحول دون الاتصال وتبادل الأفكار ناهيك عن التطوير الكبير في مجال البريد الإلكتروني والفاكس والهاتف وأخيراً شبكة الإنترنت وما ترتب عليه من سرعة حركة لرؤوس الأموال فأنت اليوم تستطيع التعامل مع أسواق العالم من مكتبك أو بيتك دون قيود ولا أبالغ إذا قلت أن حجم التعامل اليومي عبر أسواق العالم قد بلغ أكثر من أربعة آلاف مليار دولار وذلك نتيجة التعامل بالأسهم أو العقود التجارية أو العملات. ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الاقتصادية كانت تقيم في الماضي عن طريق تقدير حجم حركة وسائل النقل بين البلدان المختلفة فكلما زاد الاتصال مع دولة ما دل ذلك على أهميتها الاقتصادية واليوم يمثل العمل في قطاع المعلومات الشغل الأساسي لشريحة كبرى من القوة العاملة في كل من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا والدول الأوروبية. ومن أهم المؤشرات الاقتصادية لثورة المعلومات تعزيزها لفرص إنشاء شركات تجارية جديدة باستخدام إمكانات قليلة ولا أدل على ذلك من أن أكثر من 65% من الشركات الخاصة في مدينة لوس انجلس الأمريكية لم تكن موجودة قبل ثلاثين سنة والقول نفسه ينطبق على مدن مثل لندن وباريس وطوكيو وغيرها. 3- في الصحة والسلامة: في الماضي كانت المعلومات أياً كان نوعها لا توجد إلا في الكتب أو الدوريات التي لا يستطيع أي إنسان الوصول إليها ناهيك عن أن البحث فيها يحتاج إلى وقت ومعرفة فعلى سبيل المثال هناك عدد كبير من المواد الكيماوية السامة لا يستطيع أي إنسان معرفتها إلا باستشارة المختصين أو البحث عنها في المراجع أما اليوم فإن شبكة الاتصال اللاسلكي للحاسبات تمكن أي مواطن وبصورة مباشرة من معرفة خواص أي مادة كيميائية مثل الأدوية أو المنظفات أو المبيدات أو غيرها من المواد التي تصادفه في حياته اليومية. كما أن الاستشارات الطبية ممكنة لمن يستطيع أن يفهم ويتعامل مع هذا العالم السريع الخطى. 4- في مجال التعليم: لا شك أن التعليم الركيزة الأساسية التي تبني شخصية الإنسان وانتماءه وتوجهاته خصوصاً إذا كان تعليماً منفتحاً يأخذ من تقنية العصر ايجابياتها ويستخدمها في جعل المتعلم أو الدارس يواكب المتغيرات العصرية ضمن إطاره الفكري والثقافي وليس تعليماً جامداً يبعث على الملل ويؤدي إلى الهرب والانبهار بالقشور والخزعبلات التي تبثها بعض القنوات الفضائية والتي تتم بالمحتوى المتدني المستوى قليل الفائدة. لذلك فإن التعليم بجميع مفرداته لابد أن يستفيد من التطور السريع في مجال تقنية المعلومات، وأن يكون ذلك في جميع المراحل. لقد أصبح التعليم المقرون بالمشاهدة والتدريب جزءاً رئيسياً من العملية التعليمية في الدول المتقدمة وهذا غير ممكن لولا استخدام التقنية الحديثة في مجال الحاسبات والتلفاز والفيديو وشبكات الإنترنت وغيرها من الوسائل. 5- الإعلام: لقد استفاد الإعلام استفادة كبيرة من ثورة المعلومات فأنت تشاهد العالم وأنت في منزلك وتستطيع مشاهدة أي خبر مهما كبر أو صغر بجميع تفاصيله وفي أي وقت تشاء ولقد استطاع الإعلام الاستفادة من الوسيلة الرئيسية للعولمة وهي التقنية بحيث زاد الانبهار بما تبثه المحطات الفضائية التي لها أنواع وأشكال مختلفة وكل منها يحاول أن يجذب المشاهد إليه عبر عدد من الوسائل والمغريات ولكل منها عربته الخاصة ولديه من يستطيع قيادة تلك العربة من مذيعين وإعلاميين ومبرمجين ومخرجين ومستثمرين واعين لرسالتهم ثم يأتي بعد ذلك التوجه العام لهذه المحطة أو تلك طبقاً لسياسات وحسابات مدروسة أو طبقاً للمثل الشائع “مع الخيل يا شقراء”. ونحن في هذا الوطن المعطاء نملك عربة العولمة والذي لا نملكه منها نستطيع أن نشتريه لكن الذي لا نملكه بصورة جيدة حتى الآن هو من يقود تلك العربة من المذيعين والإعلاميين المبدعين والمثقفين القادرين ورجال المال والأعمال الذين لديهم الجسارة على الاستثمار في هذا المجال الحيوي لذلك فإننا مندوبون اليوم إلى إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال الإعلام القادر على الامتداد إلى خارج الحدود مع القدرة على الإقناع في الداخل والخارج ناهيك عن الكوادر الوطنية في مجال العلاقات العامة في كل مرفق حيوي وكل قطاع إعلامي بحيث يستطيع هؤلاء التعامل مع ما لديهم من معلومات أو ثقافات أو رسالات يريدون أن يوصلوها إلى الآخرين بجاذبية وحنكة ومصداقية غير قابلة للتناقض. وفي الختام استطيع أن أقول: إن استخدام التقنية يمكن أن يسير باتجاهين أحدهما لا نتحكم به وهو ما تورده إلينا من الثقافات الأخرى والذي يجب أن نأخذ منه المفيد وأن نحصن أنفسنا ضد السيء منها بالتربية والتعليم والإعلام والاتجاه الثاني في استخدام التقنية يمكن أن نستخدمه في تصدير ثقافتنا ومبادئنا إلى جميع أنحاء العالم لكن هذا وكما أشرت سابقاً يحتاج إلى كفاءات إعلامية وثقافية قادرة وواعية فهل نبدأ بتعزيز ما لدينا من كفاءات لكي نأخذ حقنا من الفضاء بدلاً من أن يظل الفضاء ملك للآخرين. وعلينا أن نحث الخطى لكي نجعل للثقافة العربية الإسلامية نصيباً من الثقافة العالمية الموحدة التي بدأت تتشكل من خلال العولمة فهذا مؤتمر الأمم المتحدة عن حوار الحضارات والذي عُقد خلال عام 2001م وما جرى بعده من أحداث يجب أن لا يمر دون أن يكون لنا دور بارز فيه، بحيث يتم إبراز دور العرب والإسلام في الحوار ودعمه ودعوتهم له ودحض افتراءات وأقوال بني صهيون من أن الإسلام والعرب مصدر الإرهاب الذي هم صناعه ومبتدعوه فهل نصبح من صناع الثقافة العالمية بدلاً من أن نكون متلقين فقط؟ خصوصاً مع الهجمة الشرسة المتكررة من قبل الإعلام الصهيوني ضد المملكة العربية السعودية بسبب مواقفها الثابتة والشرعية من حقوق العرب والمسلمين خصوصاً ما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى الشريف.. فهل نستفيد من التقنية التي جعلت العالم يصبح قرية صغيرة في متناول اصابع اليد مع العلم أن رسالتنا تساعد على زيادته. والله المستعان.

صالة التحرير المستقبلية.. انفتاح ودمج بين الورقي والإلكتروني(3)

لا قتل للابداع.. لا أبواب مغلقة.. ولا جدران فاصلة! هذه «اللاءات الثلاثة» ليست جزءا من خطبة مسؤول عربي متحجر قرر التمرد أخيرا على ثلاثة من أهم المبادئ التي تميز «مدرسة» الإدارة العربية.. إنما هي جزء من تصور وضعته رابطة الصحف العالمية (وان) وشركة «إنوفايشن» للاستشارات الإعلامية، ضمن تقرير التطورات في مجال الصحف للعام الحالي، تصورا لشكل صالات التحرير المستقبلية للصحف حول العالم، والذي صمم ليواكب المتطلبات العصرية لجيل لم تعد الجريدة احد اهم مصادره للأنباء، ولم تعد مهمة الصحافي «الخبر» وحسب.. وإنما ما وراءه وما حوله وما بعده كذلك. التصور الذي جاء مبنيا على دراسة تجارب ووضع الصالات في عدد من اكبر الصحف حول العالم، وأخذا في عين الاعتبار التطورات التقنية التي قلبت كثيرا من المفاهيم خلال السنوات القليلة الماضية، يشدد بالإضافة الى التركيز على أهمية توفير مناخ مناسب للصحافيين على أهمية «دمج» العمل، بحيث يشتغل الصحافي قصته لأكثر من منفذ سواء كان ورقيا او الكترونيا او إذاعيا. ويبدو ان ذلك هو التوجه السائد الذي ستعتمده كبريات المؤسسات الاعلامية، على الرغم من أن عددا كبيرا منها لا يزال يقاومه. وعلى سبيل المثال، فإن جريدة «واشنطن بوست» الأميركية، وهي صاحبة وجود الكتروني قوي على الانترنت، لا تزال ترى ان الصحافة الورقية والالكترونية هما امران منفصلان.

وينقل التقرير عن رئيس مجلس إدارة شركة الواشنطن بوست، دونالد غراهام، قوله «الخروج بالصحيفة يوميا هو أمر يتطلب الكثير، والموقع الالكتروني هو أمر آخر على المستوى نفسه من التحدي». ويضيف «وبما ان عليها التنافس مع منافسين عباقرة يخرجون بأشياء جديدة على الدوم، فعلى الواشنطن بوست ودبليو بي ان أي (الخدمة التفاعلية من الصحيفة ومجلة نيوزويك) التعاون، ولكن يجب عليهما كذلك ايجاد طريقة لعمل وظائف مختلفة». ويشير التقرير إلى أن التعاون بين صالتي التحرير الورقية والرقمية، أخذ في التطور خلال السنوات الماضية، وأن عددا كبيرا من الصحف أسس مكتب تحرير (دسك) متواصل كنوع من محاولة بناء جسر بين النسختين. إلى ذلك تحوي صالة التحرير المستقبلية استديوهات تلفزيونية واذاعية، والسبب في ذلك هو انها يجب ان تكون مهيأة لجيل جديد من صحافي «الوسائط المتعددة». وعلى هذا الجيل ان يكون قادرا على التعامل مع الوسائط المتعددة في الاتجاهين (الإرسال والاستقبال)، لذلك يقترح التقرير مهمة «مراقبة الانترنت» كجزء أساسي من مهمات وحدة «الرادار» (الرصد)، وهي عبارة عن مكتب داخل صالة التحرير العصرية مزود بأجهزة تلفزيون وراديو وكومبيوتر متصل بالانترنت باعتبار أن وكالات الأنباء لم تعد هي المصدر الوحيد للأخبار، وفي ذلك اشارة الى ازدياد أهمية الانترنت بالنسبة للصحافيين. (تناول ملحق إعلام «الشرق الأوسط» مفهوم «الرادار» مطولا في العدد 10232). من جهته، يقول خوان سنيور، مدير شركة «انوفايشن» للاستشارات الاعلامية في المملكة المتحدة، لـ«الشرق الأوسط» إن ما يحاول الترويج له هو «ثقافة» جديدة لدى الصحافيين بحيث لا يرى أن جل عمله متعلق بكتابة المادة. وحول هذه «الثقافة» يقول التقرير إن العرف السائد في كثير من المؤسسات الإعلامية هو وجود جو من المحاربة بين الاقسام المختلفة، والمطلوب هو خلق جو من المشاركة والألفة بين الزملاء لخدمة جميع الوسائط. ويوضح سنيور «فيما لا يتوقع من الصحافي ان يقوم بفعل كل شيء بنفسه إلا أن ما نريده هو ان لا يكون مجرد ما يخطر في باله هو النص فقط… بحيث عندما يعرض قصة على رئيس تحريره فإنه يقول له هذه القصة، وبإمكاننا خدمتها بصورة أو برسم بياني حتى وان كان هو لن يلتقطها او يعدها بنفسه وانما سيطلب ذلك من زميل». ويضيف «وفي نفس الوقت، بالامكان الاستفادة من الاستديو الموجود في بث الخبر او القصة ان كان للجريدة منفذ تلفزيوني او مرئي عبر الانترنت… ومن الممكن ايضا تسجيل اللقاءات التي يجريها الصحافيون ومن ثم وضع ملف الفيديو او الصوت مع القصة على الموقع» (أو طرحها على قرص دي في دي مثلا مع المطبوعة). ويضيف أما بخصوص مجال الاذاعة، فهو متنام في الاهمية خصوصا في مجال الـ«بودكاست» (بحيث يقوم الصحافي بتسجيل قصته ومقتطفات من لقاءاته ومعلومات اضافية وعرضها على الموقع، بحيث يمكن للمتصفحين تحميلها على أجهزة تشغيل الملفات الموسيقية الخاصة بهم). وبالعودة الى نقطة «جو العمل»، يركز التقرير على أهمية خلق جو من «عدم الرسمية» في صالات التحرير، إلا أن سنيور يشدد أن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال جوا اكثر ارتياحا او اقل انتاجية. ويوضح «ما نريد فعله هو تشجيع روح الابتكار في صالات التحرير فالصحافة لا ينبغي أن تكون مثل العسكرية». ويضيف «ما يثير الاستغراب هو أنه فيما الصحافيون هم الذين ينقلون للناس ما يحدث من صيحات وتطورات في شتى المجالات، فإن صالات التحرير تبقى احدى اكثر أماكن العمل محافظة على الاطلاق». وفي الرسم التصوري الذي احتواه التقرير خطوات عدة لخلق الجو الذي يقصده خوان، فبداية هناك توجه لجعل كافة المساحات مفتوحة على بعضها، او بمعنى آخر إزالة الجدران ومفهوم «مكعبات» الموظفين.. ما يقضى بدوره على الـ«غيتوهات» أو ما يمكن ان نسميه بالعربية الجُزر، ويرسخ روح الفريق بشكل أكبر ويعطي فرصة افضل لتحادث الموظفين ومعرفتهم لبعضهم البعض. اضافة الى ذلك، يقترح التقرير السماح للموظفين تعليق الملصقات التي يريدون، وجعل مكاتبهم اكثر خصوصية وحميمية بإضافة ديكور أقرب للتصميم المنزلي من حيث الانارة والسجاد والنباتات. من جهة ثانية، هناك تركيز على وضع القادة ضمن الصالة وليس في مكاتب مستقلة، ويقول خوان سنيور ان في ذلك فائدة كبيرة موضحا «تقليديا لا يرى الصحافي محرره إلا في نهاية عمله (عندما يسلم القصة للمراجعة) والأكثر فائدة ان يكون المحرر والصحافي على تواصل مستمر منذ البداية، وكون القيادي موجودا في الصالة بدون جدران او ابواب يعطي انطباعا بأنه موجود وانه من السهل الوصول اليه»، ومن شأن ذلك أن يزيل كافة الحواجز (بما فيها النفسية) ويعطي نتائج افضل فيما يخص المادة المشغول عليها والتعاطي بشكل عام.

ومثلما هناك «لاءات» ثلاث تستنج من التقرير.. فهناك ثلاث «تاءات» يخلص اليها خوان سنيور ويقول ان بتطبيقها تصل الصحيفة الى هدفها الأسمى وهو ما يصفه بـ«التاء الكبرى» نسبة الى «تحسن المحتوى»، وذلك لأن المحتوى هو أساس أي عمل إعلامي. أما التاءات الثلاث التي يدعو اليها خوان فهي اولا «التواصل» والمقصود بين الموظفين بحيث تزال الحواجز ويتم خلق جو ودي وعلاقات مباشرة بينهم مهما اختلفت مراتبهم. ثانيا «التعاون» والمقصود بين الأقسام المختلفة بدلا من وجود جو «مكهرب» بينها، وثالثا «التجلي» بمعنى الابداع وخلق جو يحفز عليه ومكافئته باستمرار.

* «مسمار جحا»

* الهدف وراء كون وسيلة اعلامية «متعددة الوسائط» هو توفير المحتوى للمستخدم بالشكل الذي يناسبه في أي وقت يشاء وفي المكان الذي يشاء، ومع تطور تقنيات الاتصال، يبدو الأمر ممكنا اكثر فأكثر.

كثيرة هي الصحف التي أطلقت مواقع الكترونية، ومعظمها حول موقعه الى ناقل لمحتوى الطبعة الورقية ذاته.. والقليل منها طور محتواه الرقمي ليستفيد من خصائص الانترنت التفاعلية لأقصى حد. التوجه الحالي لكبريات الصحف هو ترك «مسمار جحا» في مختلف المجالات، وهذا ما قصده رئيس تحرير صحيفة «ذا غارديان» البريطانية، الان روسبردجر، في حديث سابق مع «الشرق الأوسط»، واصفا وحدة الأفلام التي اطلقتها صحيفته والتي تنتج الافلام الوثائقية القصيرة والتقارير وتعرضها على الشبكة (ولا تدر بأرباح حتى الآن.. لكن بعض انتاجاتها حصد جوائز تكريمية) عندما قال انها (الوحدة) «محاولة لمعرفة ماذا يمكن ان نصنع في مجال الفيديو.. واعتقد انه من الضروري ان تكون لأي شركة في مجال الاعمال يد في مجال الفيديو وحتى الاذاعة». أما بيتر بايل، مدير التحرير لموقع «تايمز أونلاين» والذي دشن في العام الماضي خدمة تلفزيونية عبر الانترنت تعرض مواجز إخبارية وتقارير وكليبات عن مختلف المواضيع المتفاوتة بين السياسة والاقتصاد، فقال في حديث سابق «ندرك أننا لسنا مؤسسة للبث، نحن لا ننافس البي بي سي أو قنوات سكاي»، ولكنه يضيف «إلا أن ما نفعله يمكن وصفه بأنه مجرد وضع اصبع من قدمنا في البركة… فنحن نجرب ما نستطيع فعله في هذا المجال». وكان اللافت فيما قاله بايل إن «من أهم مميزات الإنترنت هي انها تخولك ان تنفذ تجارب عدة دون أن تكون الخسائر فادحة». ومن الصحف البارزة في مجال تعدد الوسائط هي صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية وأيضا صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية. على صعيد التلفزيون، تتوجه القنوات الكبرى (كـ«ان بي سي» و«فوكس» الأميركيتين) الى توفير محتواهما على الانترنت بعد عرضهما مباشرة على الشاشة، وخاصة المسلسلات والبرامج الأكثر شعبية كمسلسل «لوست» (الضائعون) مثلا. فيما تعمد القنوات الإخبارية الى نقل النشرات مباشرة عبر الانترنت خلال بثها عبر التلفزيون. وتسعى محطات التلفزيون كذلك الى توفير محتواها الى مستخدمي الاجهزة الجوالة، كالهواتف الجوالة ومشغلات الموسيقى الرقمية (مثل جهاز «آي بود» الشهير) المزودة بشاشات وأجهزة ألعاب الفيديو المتنقلة (مثل جهاز بلاي ستايشن الجوال «بي اس بي»). أما مشكلة هذه الأجهزة فهي صغر شاشتها، لذلك فاستخدامها يبقى حكرا على الضرورة. إلا ان تقنيات حديثة تسمح بتركيب «بروجيكتور» على الجوال مثلا لبث الصور التي تعرض على الجهاز على الجدران او سطح المكتب، وهو ما قد يستخدم كذلك كحل منطقي وعملي لتصفح النسخ الرقمية من الجرائد الورقية عبر بثها من خلال الهاتف الجوال الى اقرب سطح اليك. وبما أن للتقنية المتطورة باستمرار أربابها، يكون على تركيز الاعلاميين على «تجويد» المحتوى.. مجددا لأن المحتوى هو الأساس، ولأن الخبز يجب ان يترك للخباز.

لماذا تراجع الإعلام العربى عن تصحيح صورة العرب والمسلمين؟(4)

في الوقت الذى يتعاظم فيه دور الاعلام كواحد من أهم الاسلحة التي تستعين بها الدول والمنظمات والافراد لبناء الانسان وقيادة الرأى العام ومواصلة الحملات المضادة والتصدى للفساد أو ترسيخ الديمقراطية وتوفير الحرية للمواطن لكي يعبر عن نفسه وعن آرائه ويحقق ذاته لا سيما بعد أن احرزت وسائل الاتصال تقدما مذهلا واصبح لها قوة تأثير هائلة مع توظيف التكنولوجيا الحديثة والكوادر البشرية القادرة على مخاطبة العالم ، الا اننا لا نجد للاعلام العربى وجودا يذكر على الساحة الدولية ، كما أن دوره في التوعية واثراء الحياة الثقافية محدود للغاية ، وقدراته على تصحيح صورة العرب والمسلمين غير ملموسة في الخارج. واذا استعرضنا القدرات الاتصالية لقنوات البث العربية سنجد أن هذه القنوات لم تبكر في توطين التكنولوجيا المتقدمة التي تنافس بها الدعاية الدولية والصهيونية ، ويكفى أن نعرف أن الولايات المتحدة وحدها تنفق ما يزيد على250 مليار دولار سنويا لترويج ثقافتها ، وتتحكم في 85% من حجم التجارة العالمية في حقل الوسائط السمعية والبصرية كما تسيطر على اغلب مراكز البحث والتصنيع ومعظم المواد والتجهيزات اللازمة لصناعة المواد الاعلامية مثل الاوراق والاحبار وآلات الطباعة والتصوير وأجهزة الحاسوب ونظم المعلومات بما يمكنها من السيطرة على الأفكار والاذواق والازياء ، وبما يمكنها بالتالي من تشكيل صورة العالم بما يتوافق مع مصالحها ويحقق اهداف اللوبى الصهيونى المسيطر على وسائل الاعلام بها.

ولعل من الاسباب الجوهرية لتراجع الاعلام العربى غياب الحرية والاستبداد بالرأى ، وتهميش النخب الفكرية ورواد الفكر والمعرفة كالعلماء والمبدعين، انها مأساة النظم الشمولية والدعاية الفجة التي تنتهجها الانظمة التسلطية في الخداع والكذب والتمويه.

كما ترجع اسباب تراجع الاعلام العربى إلى هيمنة المنافقين على كثير من منابر الفكر وقنوات البث وهؤلاء يلاحقون الحكام والرؤساء في الليل والنهار ويتظاهرون لهم بالمودة لينام الزعيم على دقات طبولهم ، ويستيقظ على اصوات هتافهم ، ويحكمون الحصار حوله ، ويقطعون قنوات الاتصال بينه وبين شعبه ، فلا يسمع الا لهم ، ولا يعرف الا منهم ، فيعيش في معزل عن الجماهير لان هذا الصنف من الناس لا يقدم الا الصور الوردية والواقع المغلوط والوجه الآخر للحقيقة التي يقنعون بها صانع القرار. وقد استطاع هؤلاء السيطرة على كثير من قنوات الفكر ووسائل الاتصال من خلال اجادتهم لصنوف الرياء والتملق والمداهنة.

وفى عالمنا العربى لا يتم اختيار معظم العناصر القيادية في العمل الاعلامى على اسس موضوعية أو مقاييس علمية ، ولكن الاعتبارات الشخصية تمثل المقام الاول في هذا الاختيار وقد نجحت هذه القيادات في قصف الاقلام المعارضة واسكات الاصوات الخيرة وتكمن خطورة النفاق في وسائل الاعلام في انتشاره الواسع ، وتأثيره الهائل على غالبية القاطنين فوق الارض العربية لان المناخ في المجتمع العربى يهيئ للمنافقين اوسع الفرص لتحقيق اغراضهم.

وترجع اسباب عجز الاعلام العربى إلى عدم قدرته على وضع سياسة اعلامية تترجم الهوية العربية والمعطيات الثقافية والحضارية للامة مما افسح المجال للافكار الغريبة والعقائد الفاسدة والاعلانات المضللة والمفاهيم الشاذة التي تحملها قنوات البث الاجنبى لافساد الشباب واختراق مرجعية الامة واثارة الطموحات الاستهلاكية التي لا يستطيع المتلقى العربى اشباعها في ضوء الموارد المتاحة مما اسفر عن الاختلال المعلوماتى بين الدول التي تملك والدول التي لا تملك والتى يقتصر دورها على التلقى دون أن تستطيع ايصال ما لديها من رؤى وافكار إلى الاخرين اضافة إلى تهديد هويتها الدينية.

ويعد الاختلال في تدفق المعلومات على الصعيد الدولى واحدا من ابرز مظاهر التفاوت القائم في شتى المجالات ، هذا التفاوت الذى يمنح الدول الاقوى القدرة على السيطرة وتوجيه النظام الاعلامى الدولى لصالحها هذا في الوقت الذى تعرقل فيه الجهود التي تبذلها اطراف اخرى لتحقيق الحد الادنى في متطلباتها في العلم والمعرفة.

ويرجع التراجع الاعلامى العربى إلى حالات التشتت والخلاف وغياب التنسيق بين الانظمة الاعلامية العربية وذلك على الرغم من كل عوامل التوحد والانسجام التي يمكن أن تجمع العرب على كلمة سواء ، فأساء العرب إلى أنفسهم أكثر مما اساء لهم الآخرون.

وقد استفاد اعداؤهم من هذه الخلافات فراحوا يبثون الفتن والكراهية بين الانظمة العربية.

ويكمن عجز الاعلام العربى في عدم قدرته على الحفاظ على لغة الامة فساعد على شيوع الالفاظ الاجنبية والعبارات السوقية التي اسهمت في تحريف الكثير من الكلمات العربية.

ووجدنا من الاعلاميين من يسعى إلى اضعاف لغة العرب بدعوى انها لم تعد قادرة على مسايرة التقدم الذى يسود العالم اليوم ، وقد ادى الابتذال واستخدام الكلمات الهابطة والمفردات الاجنبية على ألسنة الممثلين ومقدمى البرامج إلى تحجيم اللغة العربية ، والاستخفاف بقواعدها واهمالها والترويج للسوقية وشيوع الكلمات والمصطلحات غير اللائقة.

وتشير الدراسات العلمية في هذا الصدد إلى أن وسائل الاعلام قد اسهمت في ايذاء العربية من خلال ما تبثه بالعامية والذى يزيد كثيرا على ما يتم بثه بالفصحى لا سيما في مجال الاعمال الدرامية والمنوعات الاذاعية التي يندر فيها استعمال الفصيح في اللغة لان هذه الوسائل اصبحت المدرسة التي يتعلم فيها كل الناطقين بالضاد في مشارق الارض ومغاربها.

ويتحمل الاعلام العربى مسئولية ارتفاع نسبة الامية وانتشار الامراض الوبائية كما يتحمل مسئولية التخلف الاقتصادى والادارى الذى يلقى بظلاله على كثير من المؤسسات القائمة في العالم العربى ، ويتحمل كذلك مسئولية انتشار الرشوة والفساد والتواكل والسلبية واللا مبالاة السائدة في مواقع العمل والانتاج وكذلك يتحمل مسئولية تصحيح صورة العرب والمسلمين لدى الرأى العام الاجنبى.

ولن تستطيع الدول العربية والاسلامية مواجهة الغزو الثقافى والاختراق الفكرى دون اصلاح لأجهزتها الاعلامية ومؤسساتها النقابية حتى نستطيع مواجهة عمليات الابهار والاستمالة التي تمارسها قنوات البث الفضائية الاجنبية بكل ما تملك من تقنيات عالية وتكنولوجيا متقدمة.

ومن ثم فإنه من الاهمية بمكان امتلاك الشبكات الاعلامية الخاصة وامدادها بالكفاءات المدربة لتواجه المنافسات الحادة للشبكات العالمية وعدم ترك الساحة خالية لوسائل البث الوافد من الخارج ، حتى يستطيع المتلقى العربى أن يقارن بين الغث والسمين في البرامج ، فالبث عبر الاقمار الصناعية في هذه الحالة لن يكون شرا كله ، بل يمكن أن يكون مفيدا إذا ما اعرض المشاهد العربى المسلم بارادته عما يخدش الحياء ، وما لا يتفق مع عاداته وتقاليده وعقيدته ، ويقبل على ما يراه مفيدا ونافعا ، ولن يتأتى ذلك الا في حالة وجود البديل الاقوى تأثيرا والاشد جاذبية والاقدر استمالة وهذا يعنى أن الدول العربية مطالبة بايجاد حل لمشكلاتها الاعلامية من خلال بذل الجهود الجادة والمخلصة للتغلب على هذه الهيمنة كما انها مطالبة بوضع الخطط العلمية التي تمكنها من المواجهة. ولن يتحقق للاعلام العربى تحقيق هذه الاهداف الا بالعمل على تلافى السلبيات التي تسيطر على النشاط الاعلامى من خلال اطلاق حريته ، وتحديث وسائله ، بصدق النوايا وتنسيق وتخطيط جاد وجدية في التنفيذ للتعامل مع كافة الظواهر والمستجدات التي تفرض نفسها على الساحة الدولية ، واقامة مؤسسات اعلامية عربية قوية للانتاج والتوزيع وتأهيل الكوادر البشرية.

وفي الحقيقة أن الدول العربية والاسلامية لم تنجح حتى الان في وضع سياسة اعلامية تترجم معطياتها الحضارية وهويتها الفكرية ، ولم تستطع أن تحدد موقفها من العالم الذى اصبح يؤثر فيها بدلا من أن تؤثر فيه بسمو عقيدتها ورقي اخلاقها وسماحة دينها ، وتتضح الخطورة هنا إذا اخذنا في الاعتبار الهيمنة الفكرية التي تفرضها الدول الكبرى بسبب سيطرتها على قنوات الاتصال الدولية المؤثرة عن طريق هيمنتها على مصادر المعلومات ولعل الصورة تكون اشد وضوحا إذا اخذنا في الاعتبار عصر الفضاء واستخدام الاقمار الصناعية لاسيما إذا ادركنا أن الدول المتقدمة حصلت على نصيب الاسد في مجال توزيع الذبذبات بنص قانونى على بقاء المصالح المكتسبة.

إلا أنه إذا توافرت الرغبة الأكيدة والنوايا الصادقة والاستعداد الفعلى لتصبح صورة العرب والمسلمين في الخارج تعبر بالفعل عن رؤاهم الحضارية فإن وسائل الإعلام العربية يمكن أن تنطلق لتوظيف الامكانات المتاحة لمحو الجهل الغالب عن العرب والمسلمين والخارج وتحقيق ديمقراطية المشاركة من خلال تهيئة المناخ الصالح للحوار والمناقشة بين القيادات والقواعد لمناقشة قضايا المجتمع ، بهدف ازالة عمليات التشويش ، وتجاوز العقبات التي تقف في سبيل التفاهم ، وتحقيق حق الاتصال لمنع اللبس وسوء الفهم واتاحة الفرصة للمعلومات الصحيحة لكي تنساب إلى الناس بيسر وسهولة من خلال كفالة حرية الرأى وحرية التفكير والتعبير شريطة عدم المساس بالثوابت العقدية للأمة.

والحل يكمن في ايجاد مناخ صحى في العالم العربى يحفظ للانسان كرامته وللامة ثوابتها مع إتاحة الفرصة لحرية القول في وسائل الاتصال كى تعكس هموم المواطن العربى وآماله وآلامه بصدق وموضوعية لان ثمة علاقة عضوية بين الحرية والابداع فبقدر مساحة الحرية يكون الخلق والابتكار.

العرب… وفجوة العقل الإعلامي(5)

تعني فجوة العقل الإعلامي وجود رؤى نظرية عدة في حقل الإعلام, تتباين أسبابها وتداعياتها لدى علماء الاتصال والإعلام والممارسين الإعلاميين وجمهور المتلقين, وفي إطار المحاولات الدءوبة, التي تقودها القوى المتحكمة في السوق العالمية من أجل عولمة الثقافة والتعليم والدين.

في ظل الصراع الثقافي, والتحديات الحضارية, تبرز فجوة العقل الإعلامي, حيث لم تعد تكنولوجيا الاتصال والمعلومات تشغل موقعًا مركزيًا فحسب في شبكة الإنتاج, بل أصبحت تشغل موقع القلب في استراتيجية إعادة تشكيل منظومة العلاقات الدولية على المستوى السياسي بين الحكومات, وذلك بالترويج لما يسمى بـ (الشرعية الدولية) ومعاييرها المزدوجة, وعلى المستوى الثقافي بين الثقافات المختلفة بإعلاء شأن الثقافة الغربية, وعلى الأخص الطبعة الأمريكية منها, وتهميش ثقافات الجنوب, وعلى المستوى الاتصالي بالترويج لما يسمى (القرية الاتصالية العالمية), متجاهلاً عن عمد التفاوت الحاد بين معدلات التطور الإعلامي والمعلوماتي بين أجزاء العالم شمالاً وجنوبًا, سواء تمثل ذلك في تكنولوجيا المعلومات والاتصال, أو في الإشعاع الإعلامي والمعلوماتي.

وتتجلى فجوة العقل الإعلامي في ثلاثة مجالات رئيسية:

أولاً- تعددية الرؤى الفلسفية والنظرية في هذا الحقل المعرفي المهم.

ثانيًا- تنوع الممارسات المهنية في وسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع.

ثالثًا- طبيعة الجمهور المتلقي, والتي تزخر بكثير من التباينات الاقتصادية والثقافية والديموجرافية, علاوة على تعدد مستويات الوعي السياسي والاجتماعي.

وتحفل الساحة الغربية (الأوربية والأمريكية) بالعديد من التيارات والرؤى النظرية, التي توجه بحوث الإعلام والاتصال, فهناك الرؤية الوظيفية البراجماتية, التي سادت في الولايات المتحدة خلال أربعة عقود, ومازالت مسيطرة على معظم الباحثين ودارسي الإعلام في دول الجنوب, وعلى الأخص العالم العربي, وتعتمد على المنظور الإمبيريقي المعزول عن سياقاته الاجتماعية والثقافية, وترى أن الإعلام هو أداة التحديث في المجتمعات النامية, فيما يرى أنصار التيار النقدي الذي انبثق من التراث النقدي للفكر الاجتماعي الأوربي, إن سيطرة الإعلام الغربي على وسائل الإعلام في دول الجنوب, تعد إحدى أدوات الاستعمار الثقافي الذي يروّج لأساليب الحياة, والقيم الغربية, ويحاول فرضها على مجتمعات الجنوب.

ويؤكد هذا التيار أن الإعلام يثير إشكالية تتمثل في كونه يلعب دورًا مزدوجًا سواء على الصعيد الدولي أو المحلي, إذ يمكن أن يعبر عن الهيمنة الكونية للغرب, ويمكن أن يكون وسيلة لإحياء وإنعاش الثقافات القومية في الوقت ذاته. كما يمكن استخدامه أداة للضبط الاجتماعي وتكريس التبعية الثقافية في دول الجنوب. ويحرص الباحثون المنتمون إلى التيار النقدي على تأكيد الحقيقة, التي تشير إلى أنه لا توجد نظرية للاتصال بمعزل عن النظرية الاجتماعية العامة. ولذلك يركز أنصار هذا التيار النقدي على دراسة الظواهر الإعلامية والاتصالية في إطار السياق الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي الذي أفرزها وتفاعل معها. وهناك الرؤية الماركسية, التي تؤكد على مخاطر سيطرة رأس المال على الإعلام وهيمنة ثقافة وفكر الطبقات المسيطرة سياسيًا واقتصاديًا على السياسات والممارسات الإعلامية, بينما يركز أنصار التيار الليبرالي على دور القائمين بالاتصال, باعتبارهم منتجي المادة الإعلامية وحرّاس البوابات, ويتأثرون بتوجيهات صنّاع القرار في المؤسسة الحاكمة ومصالح القوى الاقتصادية المتحكمة في السوق, ويؤثرون بصورة حاسمة في تشكيل اتجاهات وقيم الجمهور والرأي العام. ويعزى هذا الخليط النظري والمنهجي الذي يتميز به حقل الإعلام والاتصال إلى الظروف التي صاحبت نشأته, فقد ظل هذا الحقل حتى بداية الستينيات موضع ارتياد وهجرة العديد من الباحثين, الذين ينتمون لمختلف فروع العلوم الاجتماعية والإنسانيات (السياسة – علم النفس – علم الاجتماع – اللغويات – التاريخ…إلخ), ولذلك – وكما لاحظ والبور شرام العام 1980 -, ظل هذا الحقل مجرد إطار تجمّعي للتخصصات المختلفة أكثر منه تخصصًا مستقلاً له مداخله النظرية وأساليبه المنهجية وأدواته التحليلية, وقد ترتّب على ذلك عدم ظهور بنية بحثية مستقلة لهذا الفرع المعرفي, ولكن بدأ هذا الوضع يتغير تدريجيًا منذ نهاية السبعينيات, عندما بدأت حركة المراجعة لهذا التخصص. وقد ساعد اكتشاف نظم الاتصال ذات التأثير المتبادل, واتساع الرقعة الجغرافية للبحوث الإعلامية, وتشابك الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية, على تحرير بحوث الاتصال من هيمنة النظرية الرياضية, التي تتمثل في النماذج الهندسية المغلقة, والتي ظلت تحظى بتأثير ملحوظ على امتداد عقود زمنية عدة, كما تركت بصماتها على العديد من التخصصات, مثل علم النفس واللغويات والاجتماع. ومن أهم أوجه النقد, التي وجهت إلى هذا النموذج الهندسي غلبة الطابع الإجرائي على حساب الجوانب النظرية, مما ترتب عليه استبعاد السياق الذي تجري في إطاره العمليات الاتصالية, وانتشار المناهج الكمية, التي لاتزال تسيطر حتى اليوم على معظم بحوث الاتصال والإعلام, وذلك بالرغم من تصاعد الاهتمام بالمناهج ذات الطابع التحليلي, والمستندة إلى أطر نظرية, والتوسع في استخدامها في السنوات الأخيرة.

ضد التبعية والهيمنة

ومع التطورات العلمية والتكنولوجية, التي يشهدها العالم المعاصر, وتقودها دول الشمال وأباطرة العولمة الرأسمالية, برزت أشكال جديدة, وتحديات غير مسبوقة تتعلق بالوعي والقيم الإنسانية, وأنماط السلوك البشري في إطار حضاري (سياسي – اقتصادي – ثقافي) شديد التباين في معدلات ونوعية التطور بين مجتمعات الشمال, التي تمتلك مفاتيح وأدوات التقدم العلمي والتكنولوجي, ومجتمعات الجنوب, وفي قلبها العالم العربي, التي مازالت تعاني تركة المرحلة الاستعمارية وامتداداتها الراهنة, التي تتجسّد في أشكال جديدة من الهيمنة الاقتصادية والثقافية, وذلك في إطار المحاولات الدءوبة لعولمة الاقتصاد والثقافة والتعليم والبحث العلمي, لتلبية احتياجات السوق العالمية, ولخدمة مصالح القوى المتحكمة في هذه السوق. ويلاحظ على الجانب الآخر, أن تزاوج تكنولوجيا الاتصال والمعلومات, وبروز أشكال جديدة للتكنولوجيا الاتصالية, مثل الوسائط الإعلامية المتعددة, ووسائل الاتصال التفاعلية, وظهور واستخدام ما يسمى بالطريق السريع للإعلام والمعلومات, كل هذه التطورات التكنولوجية, وما صاحبها من تغيرات في البنى الاجتماعية والعلاقات الاقتصادية, وما ترتب عليها من زوال الحواجز السياسية والاقتصادية, وتقليص سلطة الدولة, وبزوغ منظمات المجتمع المدني, والاتجاه إلى اللامركزية, وإلى عولمة الاتصال, وبروز الحقوق الاتصالية لمختلف الشرائح الاجتماعية من سكان الريف والمدن, كل هذه التطورات أدت مجتمعة إلى إجبار بحوث الاتصال على تغيير مسارها, بل وتغيير توجهاتها, كما أسفر ذلك عن ظهور اتجاهات جديدة كان لها تأثيرها المباشر في تعزيز الفكر النقدي المعاصر في مجالات علم الاجتماع والأدب والثقافة والإعلام والاتصال, إذ شهدت السنوات الأخيرة بروز رؤى وتصورات نقدية عدة عن دور الإعلام والاتصال في حياة الأفراد والمجتمعات, كشفت عن الأزمة التي تواجه الرؤى الوظيفية الإمبيريقية التي أسستها المدرسة الأمريكية منذ الخمسينيات. ويركز أبرز هذه الاتجاهات على دراسة مختلف النظريات, التي تبرز علاقة التأثير والتأثر بين الإعلام وسائر الظواهر المجتمعية, والتفاعل بين علم الاتصال ومنظومتي العلوم الاجتماعية والإنسانية. ويبدو جليًا أن الرؤى التي تتبنى منظور الخصوصية الثقافية والاجتماعية في سياقها التاريخي, قد حلت محل الرؤى ذات التوجهات والطابع التعميمي, التي تركز على الوحدات الفئوية والفردية, وتميل إلى تقسيم الظواهر الإعلامية إلى فئات مغلقة معزولة عن سياقها المجتمعي والتاريخي. ومما يجدر ملاحظته أن مفهوم الإعلام والاتصال يحظى بما يشبه الإجماع حول أهميته ووظائفه, إلا أنه لم يحقق حتى الآن إجماعًا حول تحديد مفاهيمه وأطره النظرية. فلايزال هناك اتجاه شائع يحرص على تعريف الإعلام, قياسًا على تطبيقاته واستخداماته أكثر منها ارتباطًا بالأطر النظرية, التي انطلق منها, والتي تسمح لنا بنقد وتقييم هذه الاستخدامات. ولعل التأكيد على أهمية توافر الأطر والمداخل النظرية في بحوث الإعلام والاتصال, تأتي من إدراكنا لضرورة إلقاء الضوء على التناقضات القائمة داخل هذا النسق المعرفي من أجل التوصل إلى إعادة بناء وتركيب شبكة المعاني والدلالات التي يخلقها, ويؤثر من خلالها في أنماط السلوك البشري, وذلك سعيًا إلى التعرّف على القدرات التعليمية للإعلام, والكشف عن دوره في خلق أنماط معينة من السلوك الإنساني, وتهميش أنماط أخرى, وإعلاء شأن ثقافة ما على حساب ثقافات أخرى, أوترجيح منظومة القيم التي تنتمي إلى مجتمعات الشمال على حساب منظومة القيم المنبثقة من السياق الحضاري لمجتمعات الجنوب.

وتتعرض بحوث الاتصال في دول الجنوب – وفي قلبها العالم العربي – لأزمة مركبة تتمثل في النقل والاقتباس والتبعية للتيارات الإمبيريقية والوظيفية في دول الشمال المتقدم تكنولوجيا, وذلك استنادًا إلى رؤية خاطئة, فحواها أن العلم لا وطن له, وهذه الرؤية قد تنطبق جزئيًا على العلوم الطبيعية, ولكنها بالقطع لا تنطبق على العلم الاجتماعي وفروعه, الذي يتأثر بالخصوصية الثقافية لكل مجتمع, فضلاً عن اختلاف معدلات التطور الاجتماعي والاقتصادي والبيئي, علاوة على الأحداث التي حكمت المسيرة التاريخية لكل مجتمع, وحددت خلفياته الثقافية ومنظومة القيم والأنماط السلوكية لشعوبه وجماعاته. وهذا الوضع يطرح تحديًا أساسيًا لمعظم المسلمات النظرية, التي تنطلق منها البحوث الإعلامية العربية ذات الطابع الإمبيريقي التجزيئي والتفتيتي للظواهر الإعلامية, والتي اعتاد معظم الباحثين الإعلاميين العرب على تناولها بمعزل عن السياق المجتمعي الذي أنتجها, وأثر فيها, كما تأثر بها, فضلاً عن افتقار هذه البحوث إلى الأطر النظرية, التي تفسر المعطيات الإمبيريقية, وتكشف عن التوجهات الأيديولوجية للباحثين.

المسئولية الأخلاقية للإعلام

وهنا تثار قضية المسئولية العلمية والأخلاقية للباحثين الإعلاميين العرب لتجاوز هذه الفجوة, من خلال السعي الجاد لتناول التراث العالمي في بحوث الاتصال بمنظور نقدي, فضلاً عن ضرورة إعادة النظر في رصد مفردات وإشكاليات بيئتنا الاتصالية والثقافية, والتمييز بين إيجابيات التراث الغربي وسلبيات تعميمه, خصوصًا في مجال العلوم الاجتماعية, وعلى الأخص حقل الاتصال والصحافة, ويستلزم ذلك إجراء مراجعة نقدية للتراث العلمي في بحوث الاتصال, التي أجريت في إطار المدرسة المصرية والعربية, ومحاولة استكشاف أسباب تكرار موضوعات معينة, وتجاهل موضوعات أخرى أكثر أهمية وأعمق التصاقًا بواقع الإعلام العربي, وذلك سعيًا لاكتشاف الأسئلة الجوهرية, التي يطرحها هذا الواقع, وصولاً إلى الأطر النظرية الملائمة والقادرة على تفسير الكثير من الظواهر والإشكاليات الإعلامية, التي يزخر بها العالم العربي, ومن ثم طرح الإجابات الصحيحة, مع عدم إغفال الاهتمام بدراسة تاريخ الإعلام العربي, وهذا هو السبيل الوحيد الذي يتيح لنا إمكان التوصل إلى بناء نسق نظري عام يفسر الواقع الإعلامي العربي المعاصر في إطار استمرار التاريخ.

الأداء الإعلامي

تتجلى فجوة العقل الإعلامي على الصعيد الأدائي في مجالي السياسات والممارسات الإعلامية عالميًا ومحليًا, وتعزى أساسًا إلى أسباب عدة, أبرزها:

1- الصراع التاريخي بين الصحفيين من ناحية, والقائمين على السلطة, وأعني بها كل أنواع السلطة (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية), في مختلف المجتمعات والعصور, ويرجع ذلك إلى التناقض الجذري بين مصالح هؤلاء المتسلطين وبين جوهر مهنة الصحافة, التي تستهدف تقصي ونشر كل صور وأشكال الفساد وسوء الإدارة والظلم الاجتماعي والقهر السياسي, مما يصطدم غالبًا بمصالح السلطة, التي لا تتوانى عن اللجوء إلى العنف المباشر الذي يصل إلى حد السجن والاغتيال والنفي من الأوطان للصحفيين.

2- الفجوة بين التعليم والبحث العلمي الأكاديمي في حقل الإعلام وبين الممارسة المهنية وضوابطها السياسية والاجتماعية, وضغوطها وإغراءاتها الاقتصادية.

3- العامل الدولي والذي يكمن في تركة التبعية الإعلامية (القيم الإخبارية – المسلسلات والمنوعات والإعلانات), فضلاً عن عدم التوازن في انسياب المعلومات من الشمال إلى الجنوب, ورسوخ الاتجاه الرأسي أحادي الجانب للإعلام القادم من أعلى إلى أسفل من المراكز الدولية المهيمنة على التكنولوجيا الاتصالية والمعلوماتية ومصادر المعرفة والتراث الإعلامي إلى الأطراف الأفقر في الجنوب, ومن الحكومات إلى الأفراد والشعوب, ومن الثقافة الغربية المسيطرة إلى الثقافات التابعة في الجنوب.

أما على الصعيد العربي, فتتمحور أسباب فجوة العقل الإعلامي إجمالاً حول السيطرة التي تمارسها الحكومات العربية في مجال تنظيم وتوجيه أنشطة الاتصال والإعلام, سواء في المجالات الاقتصادية (ملكية وسائل الإعلام – توفير موارد الاتصال), أو في المجالات التشريعية (قوانين المطبوعات والتشريعات الإعلامية), فضلاً عن تحكمها في المضامين والممارسات الإعلامية في إطار السياسات الإعلامية والاتصالية المعلنة والمستترة ومعاداتها للتعددية الفكرية والسياسية واحتكارها لمصادرالمعلومات, وإصرارها على مصادرة الآراء المخالفة من خلال أجهزة الرقابة المتباينة الأشكال. وهناك إلى جانب الضغوط والقيود – التي تبالغ الحكومات العربية في استخدامها لتحجيم الأدوار, التي يقوم بها الإعلاميون العرب – تبرز الضغوطات المهنية والإدارية داخل المؤسسات الإعلامية والصحفية, والتي تؤثر بصورة سلبية في بيئة العمل الإعلامي ككل, سواء من ناحية مدى مشاركة الإعلاميين في صنع القرارات ووضع السياسات الإعلامية, أو مستوى الأداء المهني, وعلاقات العمل (علاقة الإعلاميين بالمصادر وبالجمهور وبالزملاء والرؤساء). وتشير الدراسات إلى غياب المعايير الموضوعية لقياس الأداء المهني للإعلاميين والصحفيين في أغلب المؤسسات الإعلامية والصحفية في العالم العربي, فضلاً عن عدم توافر ضمانات ممارسة المهنة من خلال تفعيل التشريعات, التي تحقق الحماية المهنية للإعلاميين والصحفيين, والتي تنص على ضرورة تيسير الوصول إلى مصادر المعلومات, كما تنص على ضرورة الالتزام بشرط الضمير عند التعاقد بين الصحفي والمؤسسات الصحفية.ومن أبرز صور الفجوة الأدائية عجز الإعلاميين العرب عن مواكبة عصر المعلومات في ممارساتهم الصحفية والإعلامية, والتي تتمثل في غلبة الطابع الدعائي الإقناعي التقليدي على أسلوب الخطاب الإعلامي الذي لايزال يدور في فلك الحكام, وتأكيد روح الانبهار بالثقافة الوافدة, وإغفال الاحتياجات الاتصالية لجمهور المتلقين, حيث تتعامل معهم وسائل الإعلام العربية باعتبارهم مستهلكين, وليسوا مشاركين, استنادًا إلى الرؤية التقليدية للإعلام التي تركز على الأسلوب الأحادي والرأسي الاتجاه.

جمهور الإعلام

تتجلى فجوة العقل الإعلامي في المواقع الهامشية, التي يشغلها جمهور المتلقين, حيث تتعامل معهم وسائل الإعلام باعتبارهم مستهلكين, وليسوا مشاركين أو محاورين, وتستند في ذلك إلى النظرة التقليدية إلى الاتصال, التي تعمد إلى إفراغه من محتواه كعملية اجتماعية, وذلك بقصر أدواره على الوظيفة الإعلامية ذات الطابع الإقناعي الدعائي في أغلب الأحيان, وذات الاتجاه الرأسي الأحادي. ولاشك أن الطابع الاجتماعي للاتصال باعتباره أحد وجوه التعبير عن الحرية بمعناها المتكامل يطرح ضرورة توافر فرص متكافئة لضمان وتفعيل الحقوق الاتصالية للأفراد والجماعات والدول, كما يؤكد أن ديمقراطية الاتصال ليست مسألة فنية فحسب, كي تترك في أيدي الإعلاميين والمعلوقراطيين (سواء الممارسون أو الأكاديميون), وإنما هناك ضرورة لتحقيق ديمقراطية الاتصال من خلال اشتراك الجمهور في صنع السياسات الإعلامية والمعلوماتية على مختلف المستويات, فالنقابات المهنية والعمالية والفلاحية وتنظيمات الشباب والنساء والأحزاب السياسية والتيارات الفكرية, لها جميعها الحق في خلق وسائلها الإعلامية والاتصالية الملائمة لها في إطار الانتفاع بموارد الاتصال اللازمة للوفاء باحتياجات الاتصال الإنساني لكل الشرائح الاجتماعية, وليس من حق الأقلية ذات النفوذ السياسي والاقتصادي والثقافي أن تحتكر العمليات الاتصالية والإعلامية لنفسها دون سواها.

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صممُ

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الخلق جراها ويختصمُ

(المتنبي)

صناعة الرأي(6)

في واحد من التعريفات الاعلامية توصف وسائل (الميديا ) بانها صانعة رأي ، بتعبير أخر تتلخص واحدة من أخطر مهامها في صناعة رأي المستقبل (بضم الميم وكسر الباء) وفقاً لخطابها وما تهدف اليه ، وهكذا يعبر عن الزخم الاعلامي المتواصل بانه نوع من الحرب المؤثرة ، بل أن الاعلام أول من يدخل ساحة المعركة وأخر من ينسحب منها يتقدم الدبابة في التقدم ويتأخر عنها في التراجع! ولنا أن نتخيل مضامين ملايين الوسائط الاعلامية وأهداف بثها في صناعة راي المستقبل نفسه.

وبالطبع لايقتصر الامر علي الخطاب السياسي وانما يتعداه الي خطاب ثقافي وفني وأجتماعي الأمر الذي يفسر المنافسة الساخنة بين وسائل الاعلام بعدما تعددت البدائل المقترحة أمام المتلقي. قد تنجح وسائط أعلامية في صناعة رأي المتلقي فهذا أهم أهدافها، لكن أن تسقط بعض الوسائط الاعلامية في الفخ نفسه الذي يفترض أن تقوم هي به بدراية أو بدونها فانه أمر يستحق تساؤلا عميقا!! فقد خضعت مئات الوسائل الاعلامية العربية الي فخ تهويل هائل خلال الاسبوع الماضي منقادة تحت وطأة الزخم المتواصل لخبر واحد لا يحمل تداعياته وانما المصدر المعروف بسياسة التهويل المصطنع كرر المسميات نفسها وكبر الهوامش عن خبرلايحتمل أكثر من معلومة واحدة وواضحة!! وهكذا قبلت بعض وسائل الاعلام لنفسها أن تكون بمثابة المتلقي متخليةًً عن دورها كمصدر! وسأعط مثلاً هنا يمكن القياس عليه وهو خبر رحيل فنان بقيمة منير بشير قبل عدة أعوام تعاملت معه الصحافة المصرية بثلاثة أو أربعة أسطر فقط ولنا أن نتخيل ماتبقي من الأمر!!

الإعلام العربي : الواقع، الفرص والتحديات(7)

لقد مثّل الإعلام دائما وسيلة متميزة لنقل المعرفة وفي أحيان كثيرة إنتاجها ونشرها وقد تطور هذا الدور بتطور الوسائط التقنية والتكنولوجية التي تستعملها الوسائل الإعلامية، إذ تعزز مجال نشر المعرفة في العالم العربي بالإنتشار الكبير لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية (الإذاعة والتلفزة) لأن الوسائل المكتوبة رغم أهميتها واجهت نسبة أمية كبيرة لدى الشعوب العربية طيلة القرن الماضي. وتعتبر العلاقة بين حرية الإعلام وجديته وبناء مجتمع المعرفة علاقة وثيقة لأهمية مساهمة الإعلام ذو المضامين العميقة والجادة في تجذير التوجه نحو إقامة مجتمع المعرفة الذي تصبو إليه مختلف الشعوب إذ لا يمكن تحقيق أي تقدم اليوم في مجتمع ما دون الإعتماد على تقنيات المعلومات التي تحقق سرعة تنقل المعلومة وكثافتها وحرية تداولها.

ورغم الطفرة الكبيرة التي تعيشها وسائل الإعلام في الدول الغربية والدول المتقدمة فإن الإعلام العربي لم يستطع ملاحقة تيار الحداثة بالقدر المطلوب رغم المحاولات المتعددة لإستنهاض طرق ردة فعله وأساليب عمله. ولئن كان جزء ممّا يآخذ عليه هذا الإعلام هو في الحقيقة خارج عن إرادة الإعلام والإعلاميين لظروف موضوعية تخصّ المحيط السياسي والإقتصادي والإجتماعي التي تعمل فيه وسائل الإعلام العربية عموما. فإن جانبا هاما من أسباب قصور الإعلام وضعف إنتشاره ومحدودية عمقه تعود أساسا إلى عدم تجديد الطرق والمضامين وإلى الإقتصار على التغطية الإخبارية السطحية وإلى قلة إمكانيات التحرك السريع والواسع والتواجد الدائم في مواقع الخبر.

الإعلام العربي وغياب الإمكانيات

يعاني الإعلام العربي في مجمله من عدم وجود مصادر مستقلة ومتنوعة للمعلومات، فهو يعتمد بشكل كبير ومباشر على مصادر المعلومات الأجنبية وخاصة وكالات الأنباء العالمية الغربية ونحن نعلم جيدا قدرة هذه الوكالات على التصرف في سيلان المعلومة والتحكم فيما يجب تمريره وهي تخضع في غالب الأحيان إلى قوى ضغط كبيرة (مجموعة من اللوبيات) مرتبطة بمجموعات مالية ضخمة رغم طابعها العمومي في أغلب الأحيان.

ورغم أن الدول العربية تمتلك وكالات أنبائها الخاصة إلا أن هذه الوكالات تعمل بشكل إداري ثقيل ويشكو أغلبها من ضعف الإمكانيات المادية والبشرية ويقتصر عملها في معظم الأحيان على التغطية الإخبارية الداخلية أو متابعة أعمال الحكومات وكبار المسؤولين، والواقع أنه لا يمكن مطالبة الإعلام بما لا يمتلكه فالمؤسسات الإعلامية ليس لديها مراكز معلومات ولا تهتم بتكوين مكتبات وهي لا تتوفر على الإمكانيات المادية اللازمة لإدخال التكنولوجيا بجرعات كبيرة تمكنها من التعمق في المواد المقدمة للجمهور العربي وللشباب بصفة أخص إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أهمية هذه الشريحة في هرم السكان العربي عموما.

ويغيب الإختصاص بصفة تكاد تكون مطلقة في وسائل الإعلام العربية إذ تفتقر معظم الدول العربية إلى وكالات أنباء متخصصة تهتم بالأخبار النوعية كأخبار الإقتصاد والرياضة والبيئة والصحة والأخبار العلمية وغيرها. وفي غياب ذلك تطغى على المضامين المتداولة في الوسائل الإعلامية السطحية والتشابه الشديد في نوعية الخطاب وطرق تقديمه.

وترتكز هذه المضامين على برامج الترفيه والمنوعات الغنائية والمسابقات الموجهة لشرائح مختلفة مع حضور كبير للإشهار الإستهلاكي خاصة في القنوات التلفزية.

أمّا المضامين الإخبارية فإنها ظلت ذات طابع كلاسيكي فهي ترتكز على الأخبار الرسمية وحافظت على نسق تقليدي تتوجه فيه الدولة بالإخبار لعامة المواطنين وتكاد أخبار بقية مكونات المجتمع الأخرى من جمعيات ومنظمات وجهات ومجموعات تسجل حضورها عرضيا.

كما تعرف وسائل الإعلام الرسمية تعثرا في مستوى معالجة الخبر رغم الإنفتاح الذي تأكده الحكومات في خطابها الرسمي ولعل ذلك راجع في جزء منه إلى الرقابة الذاتية المفرطة أو إلى الخشية من الخروج عن الخطية السياسية للدولة نظرا للطابع العمومي للقنوات التلفزية خاصة وتعرف ذلك أغلب وسائل الإعلام الرسمية رغم مجهود التعصير الذي بدأته بعضها مؤخرا.

ورغم رغبة السلط السياسية وإلحاحها على النهوض بالإعلام ليرتقي إلى مستوى من المسؤولية يمكنه من آداء دوره ضمن الثوابت الوطنية لكل دولة.

الإعلام الحديث: أين نحن؟

لا شك أن إعلام الألفية الثالثة سيختلف عمّا سبقه من أشكال الإعلام لإعتبارات موضوعية ترتبط مباشرة بتكنولوجيا المعلومات، هذه التكنولوجيا التي تشمل الحواسيب والشبكات والبرمجيات وقواعد البيانات ومحطات الإتصال، والتي تضم أهم من ذلك أكبر مصدر للمعلومة عبر المحتوى الضخم من المعلومـات الـذي تشتمل عليه شبكة الأنترنات، ولا شك أن مفاهيم جديدة للإعلام المباشر الحرّ السريع قد بدأت تأخذ طريقها إلى المتلقي العربي بعد أن تركزت بصفة شبه مطلقة لدى المجتمعات الغربية والدول المتقدمة، واضعة بذلك المعلومة لدى كل من يرغب في الحصول عليها بأيسر السبل وبدون مقابل تقريبا. وفي ذلك شكل جديد من أشكال التعاطي مع الخبر إنتشارا ونفاذا وتأثيرا، و الأكيد أن مع التطور السريع الذي تعيشه هذه التكنولوجيات فإن نسق تصاعد دور الإعلام في المجتمعات العربية سيكون حثيثا غير أنه لابد من الإشارة إلى أن البنية التحتية للإتصالات التي تمثل العمود الفقري للثورة الإتصالية عبر ما تتيحه من إستغلال لمختلف التطبيقات وخدمات الميلتميديا وهو ما يعطي إعلاما حينييا، متواصلا، سهل النفاذ، واسع الإنتشار، هذه البنية التحتية مازالت دون المطلوب وخاصة دون مستويات معدلات الدول المتطورة مع تفاوت كبير للدول العربية فيما بينها.

إذ لا يتجاوز مستخدمي شبكة الأنترنات في الدول العربية 15 مليون شخص وهو ما يمثل 5% تقريبا ويعود ذلك لإرتفاع أسعار الحاسوب الشخصي والإرتفاع المشط في أسعار الربط بالهاتف في بعض الدول وضعف التكوين والتدريب على الإستعمال.

أما ما يخص المحتوى فإنه مازال يعاني من السطحية والطابع الترفيهي وقليلة هي المواقع العربية التي تقدم إعلاما علميا وثقافيا جيدا.

كما تمثل بعض المواقع منابر لبث الإشاعة وإذاعة الذعر ولوحظ خلال السنوات الأخيرة إستعمال مكثف للأنترنات من طرف عديد الإرهابيين.

غير أن ذلك لم يمنع من بذل مجهودات حكومية كبيرة تقوم بها الدول العربية فيما يتعلق بتعميم تعليم الأنترنات وحسن إستغلالها للأغراض التربوية، وقد تمكنت بعض الدول من تسجيل مؤشرات طيبة في المجال كالإمارات العربية المتحدة وقطر والأردن وتونس وبنسبة أقل فلسطين والسعوديـة إذ يتراوح معدل إستعمـال الأنترنات في هـذه الـدول بين 15% و 40%.

وقد بدأ هذا المجهود يأتي ثماره بظهور بعض الصحف والمجلات على الشبكة وهي أصوات عربية جديدة ستتمكن من التواصل مع العالم إذا ما حافظت على جديتها وعمقها.

والحقيقة أن المحتوى العربي على الشبكة مازال في بداياته ويحتاج إلى تطوير كبير وأعمال ترجمة إلى عديد اللغات حتى يضمن إنتشاره في العالم ويكون وسيلة تخاطب مع الشعوب الأخرى.

إعلام الفضائيات، هل هو البديل؟

عندما بدأت الفضائيات العربية في الإنتشار في أواسط التسعينات، إستبشر المثقفون ورجال الفكر والإعلام لبروز الظاهرة معتقدين أن هذه الفضائيات ستكون آداة نهوض حقيقي بالفكر العربي ووسيلة تطوير للإعلام الذي لفه “جمود القنوات الرسمية وطبعه تخشب اللغة الإعلامية المتداولة”، حسب رأيهم وكان ينتظر أن تتحول هذه القنوات (بحسب النوايا المصرحة) إلى منابر للفكر الحرّ الديمقراطي الذي يعمل في إطار الثوابت الوطنية والقومية وينفتح على العالم بكل ندية وثقة في الموروث الحضاري الكبير الذي يمتلكه العرب بمختلف أقطارهم، وكان ينتظر أن تساهم هذه القنوات في التعريف بما للشعوب العربية من طاقات بشرية وفكرية وما تستطيع أن تقدمه للحضارة الإنسانية من إضافات تخفف حدّة سلبيات العولمة وتقرب الشعوب عبر قيم إنسانية مشتركة، تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، كما كان منتظرا أن تكون هذه الفضائيات نافذة ينفتح من خلالها الشباب على المجتمعات الأخرى فيأخذ منها العلم والمعرفة والحكمة ويقدم لها النموذج العربي المتوازن المعتدل الآخذ بناصية التقدم المحافظ على الخصوصيات والثوابت.

ولسنا نعتبر مشطين إذا قلنا بأن هذه القنوات مع وسائل الإعلام الأخرى كان يمكنها أن تساهم في التأسيس لحوار الحضارات ضمن رؤية تفاعلية مع الواقع تطرح التحديات وتستنهض الفكر للإجابة على التساؤلات الجديدة التي أفرزها الوضع الجيوسياسي الجديد للأقطار العربية مع ما ينتظر الأجيال الجديدة من صعوبات من أوكد واجباتنا إستشرافها والعمل على التوقي منها.

غير أنه وللأسف الشديد فإن شيئا من ذلك لم يحدث وسرعان ما سقطت الشعارات فإنحرف بعض هذه القنوات إلى أشكال متعدّدة من المزايدة والتهريج، وإنخرط بعضها في ثقافة العراء والإثارة وإنبرى يروج للفن الرديء ويكرس لغة “الحشتك بشتك” ويأسس لثقافة الجسد الرخيص ممعنا في تغييب الشباب، داعيا لجيل ميوعة تحكمه الغرائز وتسيطر عليه الإنحرافات النفسية والجنسية، جيل غير قادر على مواجهة نفسه في المرآة فما بالك بمواجهة القضايا المصيرية والتحديات التي تعترض وطنه.

بينما مالت بعض القنوات الأخرى إلى إتخاذ التهريج السياسي والمزايدة حرفة تتكسب منها بل تجاوزت ذلك لتدخل في متاهات عالم المخابرات والجاسوسية ولتتحول إلى آداة طيعة في خدمة الأغراض الإستعمارية بأشكالها الجديدة عبر التدخل في شؤون الدول والأقاليم لبث الفوضى السياسية والتململ الإجتماعي بالتشكيك والتحريض.

ولازال صنف آخر من القنوات يبحث له عن موقع معتدل في هذه السوق الإعلامية المختلطة مستعملا في ذلك خطابا رصينا يحاول أن يجد أجوبة لمختلف الأسئلة التي تتواتر على المجتمعات العربية في هذه الفترة التاريخية الحساسة وقد نجح هذا الصنف من القنوات في إستقطاب جزء من المشاهدين العرب يمثل أغلبهم نخبا علمية وثقافية في مجتمعاتهم وهم مطالبون أكثر من غيرهم بمزيد التفاعل مع وسائل الإعلام لنشر المعرفة والثقافة العلمية بأكثر موضوعية وعمق.

أصوات حرية أم منابر تطرف ودغمائية ؟

بقدر ما تؤسفني صياغة العنوان في شكل هذا السؤال المحير المتذبذب بقدر ما أصر على الإحتفاظ به لقناعتي المطلقة بأن الحرية والتطرف لا يلتقيان وبأن من يرفع شعار الدفاع عن الحرية لا يحق له أن يغازل أي شكل من أشكال التطرف وأنه ليس للتطرف أنواع وليس فيه إعتدال ولا ألوان فهذه القنوات قدمت نفسها بديلا مستقلا نزيها منفتحا وغلفت خطابها بكثير من الحماس ولكنها لم تستطع إخفاء مسحة التطرف الديني والتعصب القومي الذي تروج له حتى أن المشاهد العربي أصبح يجد من التناقض بين نفس المواقف والآراء ما يحيره فعديد القنوات تتقدم لهذا المشاهد بخطاب حماسي مشحون يبحث في سبل التحرر والإنعتاق، يرفض المألوف ويقدم أسئلة حادّة أجوبتها في بعض الأحيان ثورات، يكذب السائد ويقدم الحقيقة، يسفّه ما يروج ويطرح البدائل والحلول.

ولكن أية بدائل؟ وأية حلول؟

إنه ليس من العسير تفكيك الخطاب الإعلامي في بعض هذه القنوات ليتوصل المحلل إلى مجموعة من النتائج التي قد تفاجأ البعض وقد تبدو للبعض الآخر مجانبة للصواب.

فالخطاب الإعلامي في الفضائيات العربية خطاب مسيّس يعتمد المباشراتية في الإخبار ويرتكز على القراءة الخطية للخبر بالتهويل أو التهوين ومحاولة التعميم، ولا يمكن لأي مشاهد عدم ملاحظة ما تقوم به الفضائيات من تهويل للتحركات المنظماتية أو الجمعياتية في بعض الدول مقابل تهوين عدد من التحركات الشعبية والسياسية في دول أخرى.

كما تحيط بعض القنوات خطابها الإعلامي بصفة غير مباشرة بالقدسية فتسبغه بنوع من القداسة المستمد بعضها من الدين وبعضها من التقاليد والأعراف وبعضها الآخر من المثاليات وهو ما يعطي خطابها نوعا من النفاذ المباشر لدى شرائح عديدة من متوسطي التكوين العلمي والثقافي.

إنها بذلك لا تخاطب الفكر بقدر ما تتوجه إلى العواطف فتشحنها عبر إعطائها صورة قاتمة للمستقبل بتواتر مفزع لصور الدمار والموت فهي تصور الإرهابيين شهداء وتفتي بدخولهم الجنة وهي تصنع الأبطال من الشباب المتطوع للموت فتقدمهم مناضلين مخلصين إختاروا التضحية، وتستعمل هذه القنوات إمكانياتها المادية الكبيرة لتسخير التكنولوجيا في نقل صور الموت المباشر والدمار الحيني والفوري بما يزيد من قتامة الأوضاع ويعزز مشاعر اليأس والنقمة. فلقد عودت هذه القنوات المشاهد العربي بأنصاف الحقائق وأنصاف الروايات وغياب الحلول العقلانية والطروحات البناءة، إذ أنها تعطي أفقا أسود للمستقبل في عيون الشباب فتدفعهُ إلى غياهب التطرف والإنغلاق وتحثه على نبذ الآخر ورفضه، إنها تؤسس لثقافة دموية ترتبط بالعنف ممارسة وترويجا وإستثمارا. أليس ثمة مواضيع أخرى تهم المواطن العربي عدى مهاجمة الدول والأنظمة، ألاّ يعزز الإستقرار السياسي داخل الدول العربية الجبهة العربية ويقويها؟

ألاّ تخدم التنمية الإقتصادية داخل الدول العربية القضية الفلسطينية؟ ألاّ نحتاج لتنظيم منابر حوار حول وضع المرأة في بعض الدول العربية وحول مشاركتها في الحياة الإجتماعية والسياسية؟ ألاّ يستحق موضوع عوائد النفط والغاز ومدى إنتفاع المواطن العربي بها وطرق التصرف فيها إلى تحليل عميق ونقاش ساخن؟ أليست قضية مناهج التعليم وطرق تحديثه إحدى أهم القضايا المطروحة على عديد الدول العربية بإعتبارها تحدي المستقبل؟ ألاّ يستحق ما تسجله نسب النمو في الأردن ولبنان وتونس والمغرب رغم الظروف الصعبة من إستقرار وإرتفاع أن يثمّن ويعرّف به؟ ألاّ يمثل نجاح البحث العلمي والتقني في بعض القطاعات في مصر مكسبا عربيا من الواجب التعريف به لدى المشاهدين العرب لتعزيز شعورهم بالنخوة والإنتماء؟…

إن ما يدعو إلى الإطمئنان هو أن جزءا كبيرا من الجماهير العربية قد تفطنت إلى الإنحراف الكبير التي أصبحت تعرفه هذه القنوات التي غنمت أموالا طائلة وهي حقيقة ولكنها خسرت المصداقية لدى الرأي العام فإنحسر جمهورها وأصبح يقتصر على مجموعات من المناوئين المتطرفين الذين رفضتهم منابر الحرية الصادقة وقنوات الديمقراطية الحقيقية فنزعوا حيائهم وإستسلموا لهذه القنوات تمارس عليهم رذيلة التحريف وتتداول عليهم في إبتزاز سياسي فاضح تغلّفه شعارات فضفاضة رنانـة لا تحمـل صدقـا ولامروءة.

وإن صورة الإعلام العربي الحالي برغم ما تحمله من فراغات فإنها لاتعد صورة قاتمة لما يحتوي عليه هذا الإعلام من طاقات خلاقة ومن قدرات ذهنية وفكرية هائلة تحتاج إلى الدعم والمساندة لتكون قاطرة تجر الإعلام إلى مراتب أعلى.

ولعلّ ما سيعيشه هذا الإعلام من نقلة نوعية خلال الفترات القادمة وما سيتبع قمة مجتمع المعلومات التي تلتئم في دولة عربية (تونس) من إنطلاقة جديدة، سيمثل مرحلة متميزة ستعرفها وسائل الإعلام العربية بصفة عامة.

……………………………………….

1- د.معن النقري/ جريدة الاسبوع الأدبي

2- حمد بن عبدالله اللحيدان / جريدة الرياض

3- المؤتمر نت

4- محي الدين عبد الحليم/ جريدة الشرق القطرية

5- عواطف عبدالرحمن/ البيت العراقي

6- كرم نعمة/ جريدة (الزمان)

7- محمد حسان المناعي / موقع افكار

8- النقد الثقافي..تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية/ ارثر ايزابرجر
تعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائر


التصنيفات
علم المكتبات

إستخدام وإعداد الببليوجرافيات أو القوائم الإعلامية بالإنتاج الفكري / محمد عبد الواحد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إستخدام وإعداد الببليوجرافيات أو القوائم الإعلامية بالإنتاج الفكري / محمد عبد الواحد ضبش

الحجم : 2.85 MB

http://www.mediafire.com/?39yjq8u96o29ur6