Superconductors
الموصلات فائقة التوصيل
تقسم المواد من حيث قدرتها على توصيل الكهرباء إلى عوازل (Insulators) مثل الخشب، وأنصاف الموصلات(Semiconductors) مثل السيليكون، و موصلات (Conductors) مثل النحاس، و لكن هناك نوعاً اخراً وهو مايعرف باسم الموصلات فائقة التوصيل (Superconductors)
والموصلات فائقة التوصيل سميت هكذا نظرا لأنها عند درجة حرارة معينة (منخفضة نسبيا) تصبح مقاومتها للكهرباء مساوية للصفر، وتصبح قدرتها على التوصيل فائقة جداً، حيث أنه إذا ما وجد تيار كهربى فى حلقة متصلة من هذه المادة فإنه سوف يسرى داخل الحلقة بدون وجود مصدر للجهد الكهربى.
نبذة تاريخية
قبل عام 1911 كان الاعتقاد السائد أن جميع المواد تصبح فائقة التوصيل للكهرباء فقط عند درجة حرارة الصفر المطلق أى -273oم. ولكن فى تلك السنة لوحظ أن الزئبق النقى تصبح مقاومته مساوية للصفر عند درجة حرارة 4 مطلق أى -269oم ويمكن الحصول على هذه الدرجات المنخفضة بتسييل غاز الهيليوم. لقد كان هذا الاكتشاف مثيرا لاهتمام الكثير من العلماء لإيجاد تفسير علمى لهذه الظاهرة وخاصة بعد أن وجد أن هناك مواد أخرى لها نفس الخاصية عندما تبرد وهذا ما كان مخالفا للاعتقاد السائد انذاك. ولكن تسييل غاز الهيليوم مكلف جدا من ناحية مادية، ولذلك كان البحث فى هذا المجال محدوداً جداً إلى أن تم التوصل فى عام 1986 إلى مركب فائق التوصيل للكهرباء، رمزه الكيميائى هو YBa2Cu3O7 عند درجة حرارة -180oم، ويمكن الحصول على هذه الدرجة بتسييل غار النيتروجين و هذا غير مكلف و من هنا بدأت البحوث و التجارب العلمية تنشط لمحاولة فهم هذه الظاهرة وكيفية استغلالها فى تطبيقات صناعية و تكنولوجية، و كذلك فى البحث عن مواد تكون مقاومتها صفر عند درجات حرارة الغرفة أى 25oم.
خصائص هذه المواد
عند درجة حرارة معينة تعرف بدرجة حرارة التحول تصبح مقاومتة هذه المواد للتيار الكهربى مساوية للصفر.
اكتشف كذلك أن هذه المواد عند درجة حرارة التحول حساسة جداً للمجال المغناطيسى، حيث تنفر المجال المغناطسيى الخارجى أى أنها تعكس المجال المغناطيسى مهما ضعفت شدته.
هاتان الخاصيتان فتحت الأبواب أمام العلماء لاستغلالها فى ابتكارات واختراعات ذات كفاءة عالية تدخل فى معظم مجالات العلوم والتكنولوجيا، حيث أن هذه المواد (Superconductors) سوف تحل محل أنصاف الموصلات (Semiconductors) التى تدخل الأن فى صناعة الترانسيستور و الدوائر الالكترونية المتكاملة.
بعض التطبيقات الهامة
إن اكتشاف مواد فائقة التوصيل للكهرباء عند درجات حرارة مرتفعة نسبيا سوف يجعلها تدخل فى تركيب كل جهاز ممكن تصوره. أول هذه التطبيقات هو الحصول على وسيلة غير مكلفة لنقل التيار الكهربى، لأن التكاليف المادية لنقل التيار عبر أسلاك النحاس مرتفعة نظرا للفقد الكبير فى الطاقة على شكل حرارة متبددة نتيجة مقاومة السلك النحاسى، كذلك إذا ما قارنا قيمة التيار الذى يمكن نقله عبر السلك النحاسى حيث تبلغ شدته 100 أمبير لكل سنتيمتر مربع بينما فى السلك المصنوع من مركب الـ YBa2Cu3O7 تبلغ 100000 أمبير لكل سنتيمتر مربع.
كذلك فإن هذه المواد لها تطبيقات عديدة فى مجال الالكترونيات لما تمتاز به من قدرة عالية فى فتح و إغلاق الدائرة الكهربية لتمرير التيار ومنعه، وهذا يشكل العنصر أساسى فى بنية الكمبيوتر والبحث جارى الأن لإدخال هذه المواد فى صناعة السوبركمبيوتر، وإذا ما توصل إلى ذلك فإن هذا سوف يؤدى إلى تطور كبير فى مجال الكمبيوتر. أما فى مجال الطب فقد تم صناعة أجهزة ذات حساسية عالية جدا للمجالات المغناطيسية المنخفضة الشدة، وتستخدم الأن كبديل للمواد المشعة المستخدمة فى تشخيص الأمراض التى قد تصيب الدماغ، حيث يتم الكشف عن التغير فى المجال المغناطيسى المنبعث من الدماغ والتى تبلغ شدته 10-13 تسلا، وهذا مقدار صغير جداً لكن تلك الأجهزة قادرة على قياسه، كذلك يمكن بدقة تحديد مصدر الأشارات العصبية الصادرة من الدماغ وأيضا يمكن أن تستخدم فى البحث عن المعادن الدفينة فى باطن الأرض وعن مصادر المياه والنفط لأنها تحدث تغيراً طفيفاً فى المجال المغناطيسى للأرض وهذا التغير يمكن التقاطه بواسطة هذه الأجهزة.
وهنالك أيضا تطبيقات على مجال أوسع، ففى اليابان تم تصميم قطار يعمل على قضبان مصنوعة من هذه المواد فائقة التوصيل، وعندما تبرد هذه القضبان إلى درجة الحرارة المطلوبة فإن القطار بكامله يرتفع عن سطح القضبان نتيجة التنافر المغناضيسى ويصبح وكأنه يسير على الهواء وهذا يمنع الأحتكاك مما يقلل من استهلاك الوقود..
فى عام 1911م عندما كان العالم Onnes يقيس مقاومة الزئبق المتجمد عند درجة حرارة بالقرب من الصفر المطلق. قد وجد أن المقاومة تنخفض بشكل كبير عند درجة 4,15 كلفن وتصبح المادة عند درجات الحرارة الأقل من هذه الدرجة الحرجة Tc موصيلية فائقة.
ثم بعد ذلك وجدت مواد أخرى تتمتع بتلك الخاصية مثل :
الألومنيوم AL والدرجة الحرجة = 1.2K
أنديوم والدرجة الحرجة = 3,4
الرصاص والدرجة الحرجة= 7,19
الزئبق والدرجة الحرجة =4.15
نيوبيوم والدرجة الحرجة = 9.26
أوزميوم والدرجة الحرجة =0.66
قصدير والدرجة الحرجة =3.72
تنجستون والدرجة الحرجة 0.012=
فنديوم والدرجة الحرجة =5.3
زنك والدرجة الحرجة= 0.87
وبالإضافة إلى ذلك فقد وجد أن بعض السبائك والمركبات السيراميكية تظهر موصلية فائقة عند درجات حرارة أعلى بكثير من تلك التى تظهر عندها فى الفلزات النقية.
خواص الموصلات الفائقة
ظاهرة الرفع
بما أن الموصل الفائق هو موصل تام التوصيل . أى ليس له مقاومة كهربية على الإطلاق فإذا أدخل تيارا كهربيا فى دائرة من سلك فائق التوصيل يستمر هذا التيار فى السريان إلى ما شاء الله. طالما استمر تبريد السلك ليظل محتفظا بموصيليته الفائقة , ففى إحدى التجارب استمر سريان التيار بدون إنقطاع فى حلقة من سلك فائق التوصيل لمدة عامين ونصف دون أى نقص فى شدته ودون تغذية الحلقة بأى مصدر كهربائى. ويسمى التيار الذى لا يجد أى مقاومة لسريانه فى موصل فائق يسمى بالتيار المداوم Persistent Current
تحدث التيارات المداومة فى دوائر الموصلات الفائقة مجالات مغناطيسية متغيرة ينشأ عنها ظاهرة الرفع المثيرة .
فإذا أسقط مغناطيس صغير فوق موصل فائق أحدث مجال المغناطيس على سطح الموصل الفائق تيارات مداومة . وتحدث هذه التيارات قوى تنافر مع المغناطيس تقوى وتشتد كثيرا باقتراب المغناطيس من الموصل الفائق ويكون نتيجتها رفع المغناطيس فى الهواء فيظهر وكأنه عائم فى الهواء غير مرتكز على شيىء.
وقد إستخدم اليابانيون ظاهرة الرفع هذه فى تصميم قطار طائر سريع تقترب سرعت من سرعة رصاصة البندقية (500 كم/ساعة(
المجال المغناطيسى الحرج والنوع الأول من الموصلات الفائقة
تتكون مجالات مغناطيسية قوية عند مرور التيارات المداومة فى ملفات الموصلات الفائقة .التى تعمل عمل مغناطيسات دائمة لا تحتاج لأى مصدر طاقة لحفظ المغناطيسية.
إذ تحتاج فقط لشحن الملف بكمية ابتدائية من الطاقة لكى يسرى هذا التيار المداوم فى الملف . وطالما لا توجد للملف أية مقاومة كهربية لذلك فمن الممكن نظريا زيادة شدة التيار المداوم بغير حدود. ويصاحب ذلك بالتبعية زيادة فى شدة المجال المغناطيسى أيضا بغير حدود.
ولكن الواقع غير ذلك فقد وجد أنه إذا زاد المجال المغناطيسى عن قيمة معينة – يسمى بالمجال الحرج Hc – تختفى تماما ظاهرة الموصيلية الفائقة للمادة وتتحول إلى مادة عادية التوصيل. ويطلق على هذا النوع من الموصلات بالنوع الأول.
ولذلك توضع زيادة شدة التيار المداوم قيدا على إمكانية الحصول على مجالات مغناطيسية لا نهائية الشدة.
الموصيلية الفائقة عند درجات الحرارة المرتفعة
منذ اكتشاف الموصيلية الفائقة والعلماء يحاولون الحصول على موصلات فائقة تكون درجاتها الحرجة مرتفعة. وكانت أعلى درجة حرجة أمكن الوصول إليها لموصل فائق حتى عام 1986م هى 23,2 كلفن وكانت لمادة (Nb3Ge) النيوبيوم -جرمانيوم.
وفى هذا العام تقدم بدنورز ومولر باكتشاف مركب اللانثام والباريوم وأكسيد النحاس La2 Ba1 Cu O4 . يرفع الدرجة الحرجة إلى 30 كلفن وقد حصل هذان العالمان على جائزة نوبل عام 1987م لهذا الإكتشاف الذى يعد بحق فتحا لتكنولوجيا الموصلات الفائقة.
فى عام 1987م أعلن مجموعة من العلماء بجامعة هيوستون توصلهم لموصل فائق من طور مختلط يحتوى على مواد الإيتريوم والباريوم والنحاس والأكسجين الذى له موصيلية فائقة تصل لدرجة 92 كلفن و لما كانت الدرجة الحرجة لهذه المادة أعلى من درجة غليان النيتروجين السائل (77 كلفن) لذلك فإن وجود مبرد رخيص وفى متناول الكثيرين كالنيتروجين السائل فتح أبواب البحث فى موضوع الموصيلية الفائقة على مصراعيه خاصة بعدأن اصبحت طريقة تحضير هذا الموصل الفائق معروفة للجميع.
ويعود السبب فى إهتمام العلماء فى هذه الأيام بالبحث العلمى لإكتشاف المزيد من الموصلات الفائقة عند درجات الحرارة المرتفعة للعوامل التالية :
1- سهولة الحصول على أكاسيد الفلزات وتحضيرها.
2-لهذه المواد درجات حرارة حرجة تزيد فى بعض الحالات عن 100 كلفن كما أن لها مجالا مغناطيسيا حرجا مرتفعا.
3-لا يزال موطن الموصيلية الفائقة فى المركب- كذلك ميكانيكية التوصيل وخواصه المختلفة تحتاج للمزيد من الدراسة والمعتقد حاليا أن موطن الموصيلية الفائقة يكمن فى طبقات (النحاس – أكسجين) فى المركب وزيادة كثافة هذه الطبقات ترفع من الدرجة الحرجة للمركب.
4-التوقعات التكنولوجية الهامة والتطبيقات المحتملة عند الحصول على موصل فائق يعمل على درجة حرارة الغرفة أى تكون درجة حرارته الحرجة أعلى من ذلك . وعندئذ سوف يتغير تماما شكل جميع التكنولوجيا الكهربائية المستخدمة حاليا فى الحياة ويجدر بالذكر أنه فى أوائل التسعينيات أمكن للعلماء رفع الدرجة الحرجة للموصل الفائق التوصيل إلى 125 كلفن.