التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

مصادر القانون الدولي

مصادر القانون الدولي


عادة ما يميز فقهاء القانون الدولي في معرض حديثهم عن المصادر المادية والتكميلية للقانون ، والمقصود بدراستنا لمصادر القانون الدولي هي المصادر الرسمية ، وهي تلك الفنون التي من خلالها تكتسب القاعدة القانونية الدولية صفة الإلزام ، وفقهاء القانون الدولي في دراستهم لمصادر القانون الدولي يستندون إلى نص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي نصت على ما يلي :
« 1 – وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا الشأن:
( أ ) الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
(ب) العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.
(ج) مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.
(د ) أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم ويعتبر هذا أو ذاك مصدراً احتياطياُ لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة 59.
2 – لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك. »

– وما يمكن ملاحظته على نص هذه المادة :

v- أنها أهملت مصدرا هاما من مصادر القانون الدولي ويتعلق الأمر بالقرارات الدولية ، ويكفي الإشارة للمسألة العراقية حاليا للتدليل على إلزامية قرارات المنظمات الدولية خاصة إذا ما تعلق الأمر بمنظمة عالمية وعامة ، من مهامها الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين كمنظمة الأمم المتحدة .
v- إن هذا النص مأخوذ حرفيا وبنفس الرقم من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدائمة الدولية والذي اعتمدته عصبة الأمم .
v- هذا النص يتضمن بعض المصطلحات التمييزية فيما يتعلق بالمبادئ العامة للقانون المقبولة في الأمم المتمدنة.

المصدر الأول : المعاهدات الدولية

إن المعاهدات الدولية كمصدر نظمت بعدة معاهدات واتفاقيات وأهم هذه الاتفاقياتاتفاقية فينا بشأن معالجة موضوع إبرام المعاهدات بين الدول، وذلك بتاريخ 23/05/1969.
وكذلك الاتفاقيات الخاصة …….

تعريف المعاهدة الدولية :

يمكن استخلاص تعريف المعاهدة الدولية من نص المادة الثانية الفقرة (ا) من اتفاقية فينا التي تنص على أن : « المعاهدة تعني اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء في وثيقة واحدة أو أكثر ، وأيا كانت التسمية التي تطبق عليه ».
-حاولت هذه المادة تعريف المعاهدة بغض النظر عن التسمية أو المصطلحات التي تطلق عليها ، ذلك أن المعاهدة لها عدة مترادفات تؤدي إلى معنى واحد مثل : اتفاق ، اتفاقية، عهد، ميثاق ، بروتوكول التصريح، موادعة، نظام تبادل الخطابات …الخ.
ومن خلال التعريف السابق نلاحظ أن المعاهدة تقوم على 3 عناصر :

1.المعاهدة اتفاق شكلي:

ويقصد بذلك أن المعاهدة تخضع لعملية إبرامها إلى إجراءات محددة كالتوقيع والتصديق والتسجيل ، كما أن المادة 2 / أ حددت مثل هذه الإجراءات بوجود شرط الكتابة سواء كانت في وثيقة واحدة أو في عدة وثائق . وشرط الكتابة يطرح التساؤل حول ما إذا كان كشرط لصحة المعاهدة أو كوسيلة لإثبات المعاهدة.
وحول هذا التساؤل فإن فقهاء القانون الدولي يذهبون إلى أنه ليس هناك ما يحول دون أن تتم المعاهدة بصفة شفوية ، أي أنها لا تستدعي الكتابة ويستدلون على ذلك عادة برفع الراية البيضاء فيما بين المتحاربين كدليل على اتفاق وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية بصفة مؤقتة ، ولكن إذا رجعنا إلى ميثاق الأمم المتحدة نجد المادة 102 تنص على ما يلي :
« 1/
كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” بعد العمل بهذا الميثاق يجب أن يسجل في أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن.
2/ ليس لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة».

2.المعاهدة اتفاق يبرم بين أشخاص القانون الدولي :

ومعنى هذا أن المعاهدات الدولية يجب أن تتم بين شخصين وأكثر من أشخاص القانون الدولي ، ومؤدى هذا إلى استبعاد التصرفات الدولية المنفردة من نطاق دراسة المعاهدات كمصدر من مصادر القانون الدولي بالنسبة للأشخاص القانونية الدولية المؤهلة لإبرام المعاهدات الدولية ، فليس هناك خلاف من أن الدولة هي الشخص الرئيسي المخاطب بأحكام القانون الدولي ، والذي هو مؤهل لإبرام كل المعاهدات الدولية ، كما أن التطورات التي شهدتها مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية أدت إلى توسيع أشخاص القانون الدولية ، حيث أن القانون الدولي الإتفاقي المتجسد في ميثاق الأمم المتحدة ( انظر المادة 104من نص الميثاق)[1]وكذلك الفقهاء الدوليين قد أضفوا الشخصية القانونية الدولية على المنظمات الدولية ، أما فيما يتعلق ببعض الكيانات القانونية الأخرى فإن خلافا فقهيا قد ميز توجه القانون الدولي بشأنها ويتعلق الأمر بـبابا الكنيسة الكاثوليكية وحركات التحرر والشركات المتعددة الجنسيات .
– فيما يتعلق ببابا الكنيسة يتمثل في دولة الفاتيكان ومدى تمتعه بالشخصية القانونية فإن هذا نتيجة للسيادة الروحية التي كان يباشرها هذا البابا على العالم المسيحي الكاثوليكي ، وحاليا على الرغم من الاعتراف للكنيسة الكاثوليكية على تبادل السفراء مع باقي الدول وإبرام المعاهدات الدولية فهذه المعاهدات شكليا هي بمثابة معاهدات دولية ، أما من الناحية الموضوعية نجدها كثيرا ما تعالج قضايا داخلية تهم المسيحيين ، وتبعا لذلك تبدو وكأنها تعالج وضعا داخليا .
– أما حركات التحرر الوطني فإن شخصيتها القانونية التي تؤهلها لإبرام المعاهدات الدولية التي تؤسس على أساس مبدأ حق تقرير المصير ، فالاعتراف بهذا الحق على الصعيد الدولي يتبعه اعتراف بصاحب الحق ، حيث لا يمكن تصور الحق من غير صاحبه .
والممارسة العملية أثبتت أن حركات التحرر الوطنية تقوم بإبرام المعاهدات الدولية كما هو الأمر بحركة التحرير الجزائرية مع فرنسا ، وكما هو الشأن عليه بين حركات التحرر الفلسطينية مع الكيان الصهيوني .
أما فيما يتعلق بالشركات المتعددة الجنسيات فإن الفقه الغربي حاول إضفاء هذا الوصف عليها وذلك حتى تكون في منأى من إجراءات الرقابة والتأميم التي تباشرها عليها الدول المضيفة على أساس مبدأ حق الشعوب في السيادة الدائمة على ثرواتها الطبيعية ، بينما هناك جانب فقهي آخر يطلق على هذا النوع من الشركات اسم المشروعات العابرة للحدود القومية على أساس أن هذه الشركات عادة ما تكون مسجلة في دولة محدودة ، وبذلك فهي تنتمي إليها ، وكل ما في الأمر أن نشاطات هذه الشركات تمتد خارج حدود الدولة التي سجُلت فيها من خلال الاستثمار.

3.يجب أن تبرم المعاهدات الدولية وفق قواعد القانون الدولي:

هذا العنصر ينصرف إلى أن موضوع المعاهدات الدولية يجب أن يكون مشروعا ، وأن لا تتعارض بصفة أساسية مع قواعد القانون الدولي الآمرة . لكن الصعوبة تثور في تحديد المقصود بقواعد القانون الدولي الامرة.

تصنيف المعاهدات الدولية

يعتمد الفقه الدولي في تصنيفه للمعاهدات الدولية على معيارين أحدهما شكلي ولآخر موضوعي .
ووفقا للمعيار الموضوعي : يجري التمييز بين المعاهدات الشارعة والمعاهدات العقدية وذلك استنادا للوظيفة القانونية ،فالمعاهدات الشارعة هي تلك المعاهدات المنشئة للقانون ويقصد بها تلك التي يكون الهدف من إبرامها تنظيم العلاقة بين الأطراف من خلال وضع قواعد قانونية تتسم بالعمومية والتجريد على عكس المعاهدات العقدية التي يكون الهدف من إبرامها هو تنظيم العلاقة بين أطرافها بشكل شخصي . و في الوقت الحاضر فإن المعاهدات الشارعة عادة ما تبرم في إطار منظمة دولية أو في مؤتمر دولي ، ومن أمثلة هذا النوع من الاتفاقيات :
اتفاقية فينا للمعاهدات 1969 ،قانون البحار 1963، اتفاقيات جنيف بشأن القانون الدولي الإنساني 1948،……..
بالنسبة للمعاهدات العقدية فهي تخص عدد معين من الدول ، ولا تسمح عادة بالانضمام إليها (تنظيم أمور خاصة بين الدول المتعاقدة ) ، ومن أمثلتها معاهدات الحدود ، التجارة …
وبالنسبة لفقهاء القانون الدولي الذين يميزون بين المعاهدات الشارعة والعقدية وفقا لما سبق ،فهم يرتبون نتيجة على ذلك وتتمثل هذه النتيجة في أن المعاهدات الشارعة هي فقط التي تصلح لأن تكون مصدرا من مصادر القانون الدولي، وإذا رجعنا إلى المادة38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية فإننا نرى أن هذه النتيجة غير مقبولة ، لأن هذه المادة اعتبرت المعاهدات الدولية سواء كانت عامة أو خاصة مصدرا من مصادر القانون الدولي ، ووفقا للمعيار الشكلي فإن الفقه الدولي يميز بين المعاهدات التامة بأتم معنى الكلمة و بين ما يصطلح على تسميته بالاتفاقيات ذات الشكل المبسط ، ومناط التمييز بين هذين النوعين من المعاهدات يكمن في ضرورة توخي بعض الشروط الشكلية لإبرام المعاهدات . فالمعاهدات ذات الشكل المبسط هي التي تصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها ولا تحتاج إلى التصديق عليها ، بينما المعاهدات التامة لابد من التصديق عليها . ومن حيث الأثر القانوني فإنه لا فرق بين هذين النوعين ، حيث لكل منهما يتمتع بالإلزام ووجوب التنفيذ .
وكذلك وفقا للمعيار الشكلي فإنه يمكن التمييز بين المعاهدات الثنائية والمعاهدات الجماعية (متعددة الأطراف) ، وأهمية التمييز بينهما تكمن في مدى قبول أو عدم قبول التحفظ عليها ، لأنه كقاعدة عامة لا يكون التحفظ في المعاهدات الثنائية.

إبرام المعاهدات الدولية:

إن عملية إبرام المعاهدات الدولية يمر بعدة مراحل حيث عادة يجري التفاوض بشأن موضوع المعاهدة أولا ، وفي حال نجاح المفاوضات بين الأطراف فإنه لابد من تحرير المعاهدة فبل التوقيع عليها ، كما أن المعاهدة كقاعدة عامة لا تصبح ملزمة إلا بعد التصديق عليها من طرف أشخاص القانون الدولي ، وقد يقترن ارتضاء الالتزام بالمعاهدة بالتحفظ على بعض أجزاء منها ، ويجب أن تسجل لدى الجهة المعنية ، وإضافة إلى هذا وذاك فإن المعاهدة الدولية يجب أن تتوافر فيها جملة من الشروط الموضوعية وهي :

1.المفاوضات:

المفاوضات بشأن إبرام معاهدة دولية تختلف من معاهدة إلى أخرى ، فبالنسبة للمعاهدة الثنائية فإن مفاوضات إبرامها عادة ما تتم بأسلوب دبلوماسي بشكل يجمع وزير الخارجية بالممثل الدبلوماسي المعتمد بدولته ، أما في المعاهدات المتعددة الأطراف فإن المفاوضات بشأن الاتفاق على موضوعها عادة ما تجري في إطار منظمة دولية أو في إطار مؤتمر دولي يعقد خصيصا لهذا الغرض ، وفيما يتعلق بالأشخاص الذين يحق لهم إجراء المفاوضات باسم ولحساب الدولة فإن العرف الدولي استقر على أن كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية يحق لهم التفاوض دون حاجة إلى وثيقة تفويض وهؤلاء لهم اختصاص عام وشامل ، وأساس ذلك أن عملية إبرام المعاهدات الدولية عادة ما تكون من اختصاص السلطات التنفيذية ، وهؤلاء الثلاثة يمثلونها ، وإذا رجعنا إلى قانون المعاهدات فإننا نجده قد أعفى فئة أخرى من شرط وثيقة التفويض ويتعلق الأمر بالمبعوث الدبلوماسي بالنسبة للتفاوض بين دولته والدول المعتمدة عندها ، إضافة المبعوث المعتمد لدى منظمة دولية أو لدى مؤتمر دولي ، وإضافة إلى ذلك وعلى أساس ما تتمتع به الدولة من سيادة وحرية الاختيار فإنه يمكن أن تختار أي شخص آخر للتفاوض باسمها ولحسابها بشرط أن تزوده بوثيقة تفويض .

2.تحرير المعاهدات:

بعد نجاح المفاوضات تأتي مرحلة تحرير المعاهدات وأول قضية تطرح فيما يتعلق بالتحرير تتمثل في اللغة التي تحرر بها المعاهدة خاصة إذا كانت لغة الأطراف متعددة أو مختلفة .
إن الممارسة الدولية في شأن هذه القضية ليست موحدة، وهناك عدة طرق لمعالجة اللغة التي تحرر بها المعاهدة الدولية :
تحرير المعاهدة بلغة واحدة مثلما متبع في الماضي حيث كانت اللغة اللاتينية هي اللغة التي تحرر بها المعاهدات وحلت اللغة الفرنسية محلها بعد ذلك ، واستمر هذا الوضع إلى غاية الحرب العالمية الأولى .
تحرير المعاهدة بلغتين أو أكثر مع الإعفاء من الأولوية لنص المعاهدة.
تحرير المعاهدة بأكثر من لغة مع عدم إعطاء الأولوية لنص محرر بلغة محددة ، وعلى الرغم من المشاكل التي قد تثيرها هذه الطريقة في تحرير المعاهدات إلا أنها معمول بها على الصعيد الدولي استنادا على مبدأ المساواة في السيادة ، وباعتبار اللغة مظهر من مظاهر السيادة.
وفي الغالب فإن المعاهدات تحرر باللغات المعمول بها في منظمة الأمم المتحدة مع عدم إعطاء الأولوية لأية لغة، وهذه اللغات هي : الفرنسية ، الانجليزية، الروسية ، الصينية، والاسبانية.

3.صياغة المعاهدات

ديباجة- موضوع المعاهدة- بيانات فنية توضيحية أو ملاحق
الديباجة :وهي مقدمة المعاهدة وتتضمن عادة بيان بأسماء الأطراف ، والممارسة الدولية بهذا الشأن ليست موحدة ، فبعض المعاهدات تتضمن ديباجتها أسماء الأطراف المتعاقدة ، كما نص نص ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته (
نحن شعوب الأمم المتحدة
وقد آلينا على أنفسنا :أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية،……..)
[2].
كما تتضمن الديباجة ذكر الأسباب والأسانيد الداعية إلى إبرام المعاهدة ، وكذلك الأهداف التي تسعى المعاهدة إلى تحقيقها .
صلب المعاهدة : ويتضمن القواعد التي تم الاتفاق عليها في شكل مواد وقد تكون هذه المواد في أبواب أو فصول أو بنود .
ملاحق المعاهدة : وهي بيانات تفصيلية ذات طابع فني .

4 . توقيع المعاهدات :

التوقيع إجراء يقوم به شخص من أشخاص القانون الدولي طرف في المعاهدة الدولية ، ويعبر بمقتضاها عند ارتضائه الالتزام بما ورد في المعاهدة ، أي أن التوقيع يِؤدي إلى إضفاء الصفة الرسمية على نصوص المعاهدة التي تم الاتفاق عليها خلال مرحلة التفاوض ، وقانون المعاهدات نص في المادة 12 على الحالات التي تكون فيها المعاهدة ملزمة بالتوقيع عليها وهي بقولها:
«1/ تعبر الدولة عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة بتوقيع ممثلها عليها وذلك في الحالات التالية:
أ-إذا نصت المعاهدة على أن يكون للتوقيع هذا الأثر .
ب-إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على أن يكون للتوقيع هذا الأثر.
ج-إذا بدت فيه الدولة في إعطاء التوقيع هذا الأثر في وثيقة تفويض ممثلها أو عبرت عن ذلك أثناء المفاوضات.
2/ لأغراض الفقرة الأولى من هذه المادة :
أ-يعتبر التوقيع بالأحرف الأولى على نص معاهدة من قبيل التوقيع على المعاهدة إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت على ذلك.
ب-يعتبر التوقيع بشرط الرجوع إلى الدولة على معاهدة من جانب ممثل الدولة من قبيل التوقيع الكامل عليها إذا أجازته الدولة بعد ذلك . »
يتضح من خلال هذه المادة أن الحالات التي تكون فيها المعاهدة ملزمة هي :
1-حالة ما نظمت المعاهدة ذاتها نصا يفيد بأنها تصبح ملزمة بمجرد التوقيع عليها ولا تحتاج بذلك إلى إجراء آخر مثل التصديق.
2-حالة ما إذا ثبت بطريقة أخرى أن أطراف المعاهدة قد اتفقوا على أنها تكون ملزمة بالتوقيع عليها .
3-حالة ما إذا تبين من وثيقة التفويض أو أثناء المفاوضات بأن الشخص القانوني الدولي كان يعبر عن إعطاء التوقيع الأثر القانوني للمعاهدة .
كقاعدة عامة نقول أن المعاهدة الدولية تكون ملزمة ويجب التوقيع عليها وتصبح نافذة من تاريخ التوقيع.
4-إذا كانت المعاهدة من النوع الشكل المبسط فإنها تصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها .
والتوقيع على المعاهدة بالمعنى الصادق يجب أن يكون من الأشخاص المؤهلين لإبرام المعاهدات الدولية والذين سبقت الإشارة إليهم في معرض حديثنا عن المفاوضات .
والفقه الدولي في إطار معالجته لإجراء التوقيع عادة ما يشير إلى ما يصطلح بتسميته بالتوقيع بالأحرف الأولى ، ذلك أنه إذا كان التوقيع على المعاهدات الدولية يكون بكتابة الإسم الكامل لممثل الدولة المتعاقدة ، إلا أن الممارسة الدولية جاءت ببعض أشكال التوقيع الأخرى من حيث أن ممثلي الأطراف يوقعون بكتابة الأحرف الأولى من أسمائهم.
والحكمة من هذا الشكل من أشكال التوقيع تكمن من أن ممثل الدولة قد يكون مترددا بين قبول أو عدم قبول نصوص معينة من المعاهدة ويحتاج إلى استشارة الجهة المعنية العليا في دولته لإعطاء الموافقة النهائية.
كما يستعمل هذا الشكل للتوقيع في إطار بعض المنظمات الدولية إذا كانت المفاوضات بشأن إبرام المعاهدات تقوم بها أجهزة معينة والتوقيع يكون من اختصاص أجهزة أخرى كما هو الشأن بالنسبة للإتحاد الأوروبي في معاهدة ( ماستريخت ( Maastricht المبرمة في 07/02/1992 ، ولكن التوقيع بالأحرف الأولى قد يكون بالأحرف كاملة في حالة ما إذا ثبت أن أطراف المعاهدة قد اتفقوا على ذلك.
وأخيرا هناك بعض المعاهدات لا يتم التوقيع عليها وهي عادة تلك التي تبرم في إطار منظمة دولية ، حيث تعرض مباشرة على التصديق وذلك بعد إقرارها .

5 -التصديق:

هو التأكيد الرسمي على ارتضاء الالتزام بالمعاهدة التي سبق التوقيع عليها أو إقرارها .
والتصديق إجراء داخلي يقوم به الشخص القانوني الدولي وفقا لدستوره ، ويعلن بمقتضاه قبوله لأحكام المعاهدة والالتزام بتنفيذها . وأول قضية تطرح في دراستنا للتصديق تتمثل في الحكمة من التصديق ، أي لماذا يشترط القانون الدولي التصديق على المعاهدات ؟
-بالنسبة للفقه الدولي فإن هناك اعتبارات علمية قانونية واعتبارات عملية تحدد الحكمة من التصديق ، فالاعتبارات القانونية تتمثل في أن التصديق إقرار بأثر رجعي من جانب الموكل ( الدولة ) على تصرفات الوكيل الذي قام بإبرام المعاهدات الدولية ، ومثل هذا الاعتبار مستمد من الوكالة في القانون الخاص.
والاعتبار العملي يتمثل في أن المعاهدات الدولية قد تعالج موضوعا ذو أهمية كبيرة بالنسبة للدولة مما يستوجب إعطاء الدولة فرصة أخرى لإعادة النظر والتصحيح فيما تريد الإقدام علــــــــــــــــــــــــــيه.
سؤال : هل يمكن للدولة أن لا تقوم بالتصديق على معاهدة قبل التوقيع عليها؟

حرية الدولة في التصديق:

باعتبار التصديق تصرف قانوني تقوم به الدولة وفقا لسلطتها ، فإنه يخضع لسلطة الدولة التقديرية ، وتتجلى حرية الدولة في التصديق من خلال:
أ-للدولة حق اختيار التوقيت المناسب لها لإجراء عملية التصديق ، وقد يتأخر التصديق عدة سنوات من إبرام المعاهدة ،فمثلا المعاهدة التي بين أيدينا والمتمثلة في اتفاقية فينا لقانون المعاهدات المبرمة في مايو 1969 لم يتم التصديق عليها من طرف الجزائر إلا في سنة 1987 ( انظر الجريدة الرسمية عدد 42 لسنة 1987 ).
كذلك لم تقم الجزائر بالتصديق على الاتفاقيات المتعلقة بالعهدين الدوليين لحقوق الإنسان لسنة 1966 إلا في سنة 1989 .
وكذلك إمكانية أن تقوم الدولة برفض التصديق على المعاهدة لأي سبب من الأسباب ، فالكونجرس الأمريكي رفض التصديق على معاهدة فارساي سنة 1919 على الرغم من الجهود التي بذلها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (ولسن ) للتوصل إلى هذه المعاهدة .
وإن كان عدم التصديق على المعاهدة يعتبر من الأعمال غير الودية التي قد تعكر نقاوة العلاقات ، إلا أنه لا يعتبر بمثابة انتهاك أو خرق لالتزام دولي يرتب على الدولة المسؤولية الدولية ، ومن خلال الممارسة العملية الدولية يتبين أن إحجام الدول عن التصديق على المعاهدات الدولية قد يرجع إلى عدة أسباب من يبنها :
-تغير الظروف التي أبرمت في هذه المعاهدة .
-تجاوز المفاوض للسلطات الممنوحة له بمقتضى وثيقة التفويض.
-أو سبب عيوب الإرادة كإكراه ممثل الدولة على التوقيع على معاهدة أو إفساد إرادته.

من السلطة المختصة بالتصديق؟

عادة القضية تطرح بشأن جهاز الدولة المختص بالتصديق ، وعادة هذه القضية يحكمها القانون الداخلي (عادة الدساتير هي التي تحدد الأجهزة أو السلطات المختصة بعملية التصديق ) ، والممارسة العملية في هذا الشأن تظهر بأن السلطة التنفيذية هي السلطة المختصة بعملية التصديق المتمثلة في رئيس الدولة وهذا هو الوضع السائد في الأنظمة الديمقراطية (سلطة الأفراد ) ، وهناك بعض الدساتير تمنح الاختصاص بالتصديق إلى السلطة التشريعية كما كان الحال عليه في دستور الجمهورية التركية بعد إلغاء الخلافة الإسلامية وإقامة الجمهورية التركية ذات التوجه العلماني ، ودستور الإتحاد السوفيتي سابقا لسنة 1923 ، وفي الوقت الحاضر فإن بعض الدساتير تجعل الاختصاص بالتصديق مشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، حيث يقوم رئيس الدولة بعملية التصديق بعد موافقة البرلمان ، وقد يكون ذلك بالنسبة لبعض المعاهدات أو لكل المعاهدات كما هو الشأن عليه في دستور الجزائر لسنة 1989 المعدل سنة 1996.

التصديق الناقص :

قد تقوم الدولة بالتصديق على معاهدة أبرمتها ولكن بكيفية مختلفة أو معايرة للكيفية المحددة في دستورها ، ومثال ذلك أن يكون الدستور قد أعطى الاختصاص بالتصديق للدولة، ولكن الرئيس قام بالتصديق على المعاهدة من غير موافقة البرلمان عليها ، فمثل هذا التصديق يطلق عليه الفقه الدولي مصطلح التصديق الناقص ، وقد نظر الفقه الدولي في قيمته القانونية . والفقه الدولي في معالجته لهذه القضية لم يقف على رأي واحد وتعددت اتجاهاته وذلك وفقا لما يلي :

الاتجاه الأول:

يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى القول بأن التصديق الناقص تصديق صحيح ويستندون إلى حجة وجوب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، بمعنى أنه لا يجوز لأية دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي لدولة أخرى ، وتفحص مدى موافقة تصرفات رئيس الدولة للدستور الساري فيها وهذا استنادا إلى الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تـــنص على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ، ومن ناحية أخرى فإنه يصعب التحقق من الأوضاع الدستورية السائدة في مختلف دول المعمورة.

الاتجاه الثاني:

يذهب أنصار هذا الاتجاه عكس الاتجاه الأول ومعناه القول ببطلان التصديق الناقص ، ويستند أنصار هذا الاتجاه في تبرير وجهة نظرهم إلى فكرة الاختصاص . بمعنى أي تصرف لكي يكون مشروعا وصحيحا يجب أن يصدر من ذوي الاختصاص ، ولما كان التصديق ناقص وفقا للمثال السابق ليس من الاختصاص الخالص برئيس الدولة فإنه يقع باطلا.

الاتجاه الثالث:

يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى الإقرار بعدم صحة التصديق الناقص والقول بقبوله في ذات الوقت ، بمعنى أن هذا التصديق الناقص هو تصديق غير صحيح والدولة التي أتت به تعتبر قد أتت بفعل غير مشروع مما يحملها المسؤولية الدولية ،وخير تعويض تقدمه هذه الدولة لإسقاط دعوى المسؤولية عنها هو قبول واعتماد ذلك التصديق الناقص .

-وفيما يتعلق بقانون المعاهدات بشأن هذه القضية وبالرجوع إلى المادة 46 والتي تنص على ما يلي :
«1/ ليس للدولة أن تحتج بأن التعبير عن رضاها الالتزام بالمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم في قانونها الداخلي يتعلق بالاختصاص بعقد المعاهدات كسبب لإبطال هـذا الرضا إلا إذا كانت المخالفة بينة وتعلقت بقاعدة أساسية من قواعد القانون الداخلي.
2/ تعتبر المخالفة بينة إذا كانت واضحة بصورة موضوعية لأيـة دولة تتصرف في هذا الشأن وفق التعامل المعتاد وبحسن نية ».
إذن من خلال هذا النص يتبين لنا أن مخالفة الدستور وهو القانون الأساسي للدولة يعتبر بمثابة مخالفة لقاعدة قانونية ذات أهمية جوهرية ، ولذلك يمكن للدولة أن تستند إلى أن التصديق على المعاهدات كان ناقصا من خلال عدم مطابقته لما نص عليه الدستور اعدم الالتزام بأحكام هذه المعاهدة ، ومن هنا نستنتج إلى أن قانون المعاهدات يعتبر التصديق الناقص غير مشروع.
وفيما يتعلق بالحالات التي يًشترط فيها التصديق على المعاهدات لكي تصبح تلك المعاهدات يمكن القول أن كل المعاهدات لا تنتج آثارها القانونية إلا بعد التصديق عليها باستثناء الحالات التي تكون فيها المعاهدة ملزمة بالتوقيع عليها واتي سبق الإشارة إليها ، أو إذا كانت المعاهدة من المعاهدات ذات الشكل المبسط .
وإذا رجعنا الى قانون المعاهدات فإن المادة 14 منه تنص على الالتزام بالمعاهدات من خلال التصديق عليها وفقا لما يأتي:
«1/ تعبر الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة بالتصديق عليها في إحدى الحالات التالية:
(أ) إذا نصت المعاهدة على أن التعبير عن الرضا يتم بالتصديق؛ أو
(ب) إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على اشتراط التصديق؛ أو
(ج) إذا كان ممثل الدولة قد وقع المعاهدة بشرط التصديق؛ أو
(د) إذا بدت نية الدولة المعنية من وثيقة تفويض ممثلها أن يكون توقيعها مشروطاً بالتصديق على المعاهدة، أو عبرت الدولة عن مثل هذه النية أثناء المفاوضات.
2/ يتم تعبير الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة عن طريق قبولها أو الموافقة عليها بشروط مماثلة لتلك التي تطبق على التصديق».

6-التحفظ على المعاهدات الدولية:

التحفظ هو تصرف صادر عن الإرادة المنفردة لشخص قانوني لشخص قانوني دولي عن ارتضائه للالتزام بالمعاهدة من خلال التوقيع أو التصديق أو الإقرار الرسمي ، ويكون الهدف منه الاستبعاد أو تعديل الأثر القانوني لبض نصوص المعاهدة لتطبيقها على الشخص القانوني الدولي ، والتحفظ قد يكون إعفائيا ( حذف بعض المواد ) وقد يكون تفسيريا .
والتحفظ بهذه الكيفية يجب أن يكون له كيان منفصل عن المعاهدة ، لأنه إذا ورد كنص من نصوصها سواء كان في شكل إعفائي أو تفسيري فإننا لا نكون بصدد تحفظ ، وإنما مثل هذا العمل يعتبر كنص من نصوص المعاهدة ذاتها ، وهناك عدة أسباب تجعل الدولة تلجأ إلى أسلوب التحفظ عند ارتضائها الالتزام بالمعاهدة الدولية ، فمبدأ العالمية يجب أن لا يقضي على مبدأ الخصوصية للشعوب الأخرى، ولذلك نجد أن العلاقات الدولية تزدهر كلما كانت خصوصية الدول محفوظة . والتحفظ على المعاهدات يعتبر كوسيلة للحفاظ على هذه الخصوصية هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن فكرة الرقابة على السلطة التنفيذية التي تقوم بإبرام المعاهدات يؤدي في كثير من الأحيان إلى إبداء بعض التحفظات على هذه المعاهدات .
وقد تعرض الفقه الدولي إلى قضية مشروعية التحفظات على المعاهدات الدولية ، لكنه اختلف إلى عدة اتجاهات ،وكل اتجاه فقهي تبنى نظرية محددة في تبرير أو عدم تبرير التحفظات التي تجرى على المعاهدة الدولية ، وفي إطار العمل الدولي يمكن الوقوف على عدة نظريات منها :
ا-نظرية الإجماع : اعتمدت هذه النظرية في إطار عصبة الأمم وتفيد بأن التحفظ على المعاهدة ولكي يكون مشروعا يجب أن يحـــــوز على موافقة جميع الأطراف ، وقد استقرت عصبة الأمم على هذه النظرية بمناسبة التحفظات التي أبدتها استراليا على معاهدة المخدرات التي أشرفت عصبة الأمم على إبرامها ، حيث انتهت اللجنة التي حددها مجلس العصبة للنظر في مشروعية التحفظات التي أبدتها استراليا على المعاهدة إلى أن التحفظات لا تكون مشروعة إلا إذا كانت مقبولة من جميع أطراف المعاهدة ، وإن اعترض طرف على هذه التحفظات فأن تلك التحفظات تكون باطلة مطلقا .
ب-نظرية الدول الأمريكية : هذه النظرية تم العمل بها في إطار منظمة الدول الأمريكية وهي منظمة إقليمية أنشئت عام 1948 وتظم الـــ و. م. أ ودول أمريكا الوسطى وغيرها ، ومفاد هذه النظرية أن الدولة المتحفظة يمكن أن تكون طرفا في معاهدة على الرغم من اعتراض بعض الأطراف بشرط عدم سريان النصوص التي جرى التحفظ بشأنها في مواجهة هذه الدول المعترضة على التحفظ ، ويلاحظ على هذه النظرية بأنها غير ملائمة بالنسبة للمعاهدات الشارعة.
ج-نظرية محكمة العدل الدولية : تم التوصل إلى هذه النظرية من خلال المعاهدات الدولية التي أبرمت بإشراف منظمة الأمم المتحدة في 09/12/1948 والمتعلقة بمنع جريمة إبادة الجنس البشري والعقاب عليها ، حيث أبدت بعض دول المعسكر الشرقي آنذاك بعض التحفظات عليها ، ولكن هذه التحفظات قوبلت بمعارضة شديدة من طرف بعض الأطراف الأخرى ، وفي 17/11/1950 طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن هذه القضية ، فأفت المحكمة برأيها في 28/05/1951 بما يفيد بأنه يمكن إبداء التحفظات على المعاهدات بالرغم من وجود بعض الأطراف المعارضة بشرط أن لا تتعارض تلك التحفظات مع موضوع وغرض المعاهدة ، وتلك التحفظات تسري في مواجهة الأطراف التي لم تعترض عليها ولا تسري في مواجهة الأطراف التي اعترضت عليها . وهذا الرأي دون في نص المادة 19 من قانون المعاهدات بما يلي :
«للدولة، لدى توقيع معاهدة ما أو التصديق عليها أو قبولها أو إقرارها أو الانضمام إليها، أن تبدي تحفظا، إلا إذا:
(أ) حظرت المعاهدة هذا التحفظ؛ أو
(ب) نصت المعاهدة على أنه لا يجوز أن توضع إلا تحفظات محددة ليس من بينها التحفظ المعني؛ أو
(ج) أن يكون التحفظ، في غير الحالات التي تنص عليها الفقرتان الفرعيتان (أ) و(ب)، منافيا لموضوع المعاهدة وغرضها » .

7- تسجيل المعاهدات الدولية :

لقد سبقت الإشارة إلى هذه الجزيئية في معرض حديثنا في شرط الكتابة على المعاهدات الدولية ووقتها تساءلنا عما إذا كان شرط الكتابة شرط صحة أو شرط إثبات ، ووفقا لنص المادة 80 لقانون المعاهدات فإن تسجيل المعاهدات يكون من خلال :
«1/ ترسل المعاهدات بعد دخولها حيز التنفيذ إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة لتسجيلها وحفظها بحسب الحال، وكذلك لنشرها.
2/ يشكل تحديد جهة الإيداع تفويضاً لها بالقيام بالأعمال المذكورة في الفقرة السابقة.»
وإذا رجعنا إلى ميثاق الأمم المتحدة في المادة 102 تنص على :
1/ كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” بعد العمل بهذا الميثاق يجب أن يسجل في أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن.
2/ ليس لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع “الأمم المتحدة”.
وفيما يتعلق بإجراءات التسجيل فإنها تتمثل في الآتي :
a-يقوم أحد أطراف المعاهدة بطلب تسجيله إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة .
b-إذا كانت الأمم المتحدة طرفا في المعاهدة فإن الأمين العام للأمم المتحدة هو الذي يتقدم بطلب التسجيل .
c-تتم عملية التسجيل في سجل خاص معد لذلك ، يتضمن تقييد المعاهدة مع بيانات عن الأطراف وتواريخ التوقيع والتصديق أو الإقرار الرسمي وتبادل التصديقات.وتاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ ، وكذلك بيان عن اللغات التي حررت بها هذه المعاهدة .
d-تقوم الأمانة العامة للأمم المتحدة بعد ذلك بنشر المعاهدة في مجموعة خاصة تسمى مجموعة المعاهدات التي نشرتها الأمم المتحدة.
e- تنشر المعاهدة بلغتها الأصلية مصحوبة بترجمة باللغتين الإنجليزية والفرنسية .
f-ترسل هذه المجموعة إلى جميع أعضاء الأمم المتحدة.

آثار المعاهدات الدولية:

إن القاعدة الدولية العامة في هذا المجال أن آثار المعاهدة تنحصر بين أطرافها ، لكن هناك استثناءات حيث تمتد فيها الآثار إلى الغير.

1-آثار المعاهدة على الأطراف المشاركة فيها :

هناك عدة قواعد قانونية تحكم تعامل الدول مع المعاهدات الدولية التي سبق أن ارتضت الالتزام بأحكامها ومن هذه القواعد :
أ- وجوب تنفيذ المعاهدات الدولية بحسن نية: ووفقا لنص المادة 26 من قانون المعاهدات التي تنص :
«كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية».
ب-عدم رجعية آثار المعاهدات الدولية : ومن هذا المبدأ فإن المعاهدات الدولية لا تسري على القضايا السابقة على إبرامها ، وهذا ما يتضح من خلال نص المادة 28 بحيث تنص :
«ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خلاف ذلك بطريقة أخرى لا تلزم نصوص المعاهدة طرفاً فيها بشأن أي تصرف أو واقعة تمت أو أية حالة انتهى وجودها قبل تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ بالنسبة لذلك الطرف ».
ج- تحديد النطاق الإقليمي للمعاهدة : تطبيقا لنص المادة 29 بقولها :
«ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خلاف ذلك بطريقة أخرى، تلزم نصوص المعاهدة كل طرف فيها بالنسبة لكامل إقليمه».
د- تطبيق المعاهدات المتطابقة التي تتعلق بموضوع واحد : ودراسة العلوم القانونية تتحدث عن القضايا المنشئة في القانون الدولي . وتنص المادة 30 من قانون المعاهدات على ما يلي :
«1- مع مراعاة ما جاء في المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة، تتحدد حقوق والتزامات الدول الأطراف في معاهدات متتابعة تتعلق بموضوع واحد وفق الفقرات التالية.
2- إذا نصت المعاهدة على أنها خاضعة لأحكام معاهدة أخرى سابقة أو لاحقة، أو أنها لا ينبغي أن تعتبر غير منسجمة مع مثل هذه المعاهدة فان أحكام المعاهدة الأخرى المعنية هي التي تسود.
3- إذا كان كل الأطراف في المعاهدة السابقة أطرافاً كذلك في المعاهدة اللاحقة دون أن تكون المعاهدة السابقة ملغاة أو معلقة طبقاً للمادة 59، فإن المعاهدة السابقة تنطبق فقط على الحد الذي لا تتعارض فيه نصوصها مع نصوص المعاهدة اللاحقة.
4- إذا لم يكن أطراف المعاهدة اللاحقة جميعاً أطرافاً في المعاهدة السابقة تنطبق القاعدتان التاليتان:
(أ) في العلاقة بين الدول الأطراف في المعاهدتين تنطبق القاعدة الواردة في الفقرة(3)؛
(ب) في العلاقة بين دولة طرف في المعاهدتين ودولة طرف في إحداها فقط تحكم نصوص المعاهدة المشتركة بين الطرفين حقوقهما والتزاماتهما المتبادلة.
5- ليس في حكم الفقرة (4) ما يخل بالمادة 41 أو بأية مسألة تتصل بالقضاء أو وقف العمل بمعاهدة وفقا للمادة 60 أو بأية مسألة تتصل بالمسئولية التي قد تنشأ على الدولة نتيجة عقدها أو تطبيقها لمعاهدة لا تتمشى نصوصها مع التزامات هذه الدولة في مواجهة دولة أخرى في ظل معاهدة أخرى» .
هـ-إحترام المعاهدات في القانون الداخلي: وفقا لنص المادة 27 فإنه :
«لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة، لا تخل هذه القاعدة بالمادة 46.»

2-آثار المعاهدات بالنسبة للغير:

المقصود ب“الغير“ الأطراف الثالثة التي لم يسبق لها وأن ارتضت الالتزام بالمعاهدة بوسائل ذلك ، وفي الحالات المحددة والقاعدة مثلما وردت في المادة 34 من قانون المعاهدات :
«لا تنشئ المعاهدة التزامات أو حقوقاً للدولة الغير بدون رضاها » .
ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة وترد عليها بعض الاستثناءات تمتد من خلالها آثارها إلى الغير وذلك في الحالات الآتية :
أ- المعاهدات المنشئة لمراكز قانونية موضوعية : فالمعاهدات التي تتضمن وضع نظام أساسي إقليمي تلزم الغير كما هو الشأن بالنظام القانوني بشأن “ حياد سويسرا“ الذي وضع في 30/03/1815 .
ب-المعاهدات المتعلقة بطرق المواصلات الدولية البحرية والنهرية : مثل اتفاقية القسطنطينية لسنة 1888 بشأن نظام الملاحة بقناة السويس وكذلك معاهدة لوزان بسويسرا لسنة 1923 بشأن المضايق التركية ( البوسفور والدرنديل ) .
ج-المعاهدات المنشئة لوحدة دولية جديدة: مثلما نص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة 6 من المادة 2 بقولها :
«تعمل الهيئة على أن تعمل الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدولي» .
د-النص في معاهدة على أن آثارها تمتد إلى دولة أو دول ليست طرفا فيها : بشرط فبول هذه الأخيرة بذلك وهو ما نصت عليه المادة 35 من قانون المعاهدات بقولها :
«ينشأ التزام على الدولة الغير من نص في المعاهدة إذا قصد الأطراف فيها أن يكون هذا النص وسيلة لإنشاء الالتزام وقبلت الدولة الغير ذلك صراحة وكتابة».
وهناك حالات أخرى تمتد فيها آثار المعاهدات إلى الغير وذلك في حالة :
-شرط الدولة الأكثر رعاية.
-المعاهدات المنشئة لمنظمة دولية.
-المعاهدات المنشئة لدولة جديدة .


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

تعريف القانون الدولي العام:

بسم الله الرحمان الرحيم

إليكم اخوتي طلاب السنة الثالثة تخصص علاقات دولية وإلى كل طلاب العلوم السياسية ابتداء من السنة الأولى

محاضرات في مقياس القانون الدولي العام

لما له من أهمية ولندرته في قسم العلوم السياسية

لنبدأ على بركة الله بالدرس الأول

تعريف القانون الدولي العام:

القانون الدولي كغيره من مواضيع العلوم القانونية ، لم يكن هناك اتفاقا بشأنه ، ولذلك وجدت عدة تعاريف يمكن تصنيف هذه التعاريف في عدة مجموعات أهمها:

المجموعة (1):

تعبر عن التعريفات التقليدية للقانون الدولي، والتي تفيد بأن هذا الأخير هو مجموعة القواعد التي تحدد حقوق وواجبات الدولة في علاقاتها المتبادلة . ومن خلال هذا التعريف يتضح لنا بأن الدولة هي الشخص القانوني الوحيد المخاطب بأحكام القانون الدولي.

المجموعة (2):

هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين أفراد الجماعات المختلفة. و نلاحظ أن مثل هذا التعريف يعتبر أن الفرد هو الشخص القانوني الوحيد ذلك باعتبار أن القانون في نهاية الأمر لا يخاطب إلا الأفراد أي الأشخاص القانونية والطبيعية.

المجموعة (3):

يمكن أن نحددها بتلك التعاريف التي تعبر عن القانون الدولي المعاصر التي تدور حول أن هذا القانون : هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم سلوك أعضاء المجتمع الدولي في إطار العلاقات الدولية ، ومثل هذا التعريف يتسع ليشمل أشخاص قانونية أخرى مثل المنظمات الدولية.

تحديد نطاق القانون الدولي:

قواعد القانون الدولي واجبة الالتزام والتي يفترض أن الجماعة الدولية لا تقوم بخرقها ، فهي قواعد قانونية بأتم معنى الكلمة ، لأنها تتوافر فيها صفات القاعدة القانونية التي درسناها في السنة الماضية ، بحيث هي قواعد ملزمة تنظم السلوك الخارجي للمخاطبين بها ، وفي هذه النقطة هناك فقهاء القانون من يشكك في قانونية قواعد القانون الدولي ، فبالنسبة لأصحاب هذا الطرح فإنه لكي نكون بصدد قانون لابد من وجود سلطة تقوم بإصداره وسلطة أخرى تقوم بتطبيقه وسلطة ثالثة تقوم بتنفيذه .

والسلطة التي تسهر على تشريع وتنفيذ وتطبيق القانون بهذه الكيفية يجب أن تحتكر وسائل الإكراه والقوة لتجبر المخاطبين بأحكام القانون بالخضوع له عند الضرورة ، ومواصفات كهذه غير موجودة على المستوى الدولي لأن المجتمع الدولي يتكون من وحدات تتميز بأنها تتساوى من حيث السيادة ، فعلى الصعيد الدولي لا توجد سلطة تعلو سلطات دولة أخرى ولا توجد سلطة تحتكر وسائل الإكراه لإجبار الدول المنتهكة الأخرى على الخضوع لأحكام القانون .
لكن هذا الطرح غير صحيح من عدة نواحي، فمن ناحية فهو يصور لنا القانون كأنه مجموعة قواعد تقوم بإصدارها السلطة التشريعية ، ومعنى ذلك أن هذا الطرح يقوم بحصر مصادر القانون في التشريع فقط وهذا غير صحيح .
ومن ناحية أخرى فإن الالتزام بالقانون غير مرتبط بوجود السلطة المنظمة وتحتكر وسائل الإكراه بإلزام المخاطبين بأحكام القانون على الالتزام بها ، والدليل على ذلك فإن قواعد القانون للمجتمع الداخلي كثيرا ما تنتهك بالرغم من وجود سلطة تحتكر هذه الوسائل ، وفي حالات أخرى فإن بعض الناس يلتزمون باحترام قواعد القانون بمحض إرادتهم لقناعات أو لأسباب أخرى وليس خوفا من الإكراه المفروض .

فالمجتمع الدولي حديث النشأة مقارنة بالمجتمعات الوطنية ، وفي الوقت الحاضر تبدو لنا منظمة الأمم المتحدة وكأنه لديها سلطة تعلو على الدول الأخرى ويتضح ذلك من خلال تعامل هذه المنظمة مثلا مع المسألة العراقية حيث بداية قامت بإصدار قرارات دولية اتجاه هذه الدولة بعد غزوها للكويت عام 1991 وبعد ذلك استعملت معها وسائل الإكراه وتمثلت في العقوبات الاقتصادية ثم التدخل العسكري طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، حيث أجبرت على الخروج من الكويت بالقوة كما نعلم.

ومن هنا ننتهي إلى أن قواعد القانون الدولي كغيرها من قواعد القانون تتميز بالإلزام الذي يتجلى من خلال تحمل المسؤولية الدولية في حالة خرق القانون الدولي ، وعلى الرغم من ذلك فإن المجتمع الدولي كالمجتمعات الوطنية لا تنظمها القواعد القانونية فقط وإنما يخضع في تنظيمه إلى أنماط أخرى من القواعد المنظمة للسلوك كقواعد المجاملات والأخلاق الدولية .


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنظيم الدولي

التنظيم الدولي:

المنظمة الدولية:

يقصد بها وفقاً للاتجاه السائد الآن في فقه القانون الدولي كل تجمع لعدد من الدول في كيان متميز ودائم بتمتع بالإرادة الذاتية وبالشخصية القانونية الدولية ، تتفق هذه الدول على إنشائه ، كوسيلة من وسائل التعاون الاختياري بينها في مجال أو مجالات معينة يحددها الاتفاق المنشئ للمنظمة.
العناصر الأساسية للمنظمة الدولية:

تنحصر في رأينا في أربعة عناصر فقط

أ- عنصر الكيان المتميز الدائم :
لا يمكن القول بوجود المنظمة الدولية ما لم يتوافر لها كيان متميز ، دائم ومستقر ، يستمر ظل الاتفاق المنشيء لها ساري المفعول. ولا يقصد الدوام بداهة أن تظل المنظمة قائمة أبد الدهر ، وإنما المقصود إلا يكون وجودها عرضياً كما هو الشأن في المؤتمرات الدولية. المقصود بدوام المنظمة إذن هو استقلالها في وجودها ، وفي ممارستها لنشاطها ، عن الدول المكونة لها. ولا يشترك أن يكون نشاط المنظمة مستمراً بالمعنى الحرفي لكلمة الاستمرار ، فلا يؤثر في دوام المنظمة أن تستعمل بأحد أجهزتها جهازاً جديداً أو أن توقف لسبب أو لآخر جهازاً أو أكثر من أجهزتها عن العمل لفترة مؤقتة.

ب- الإرادة الذاتية:
يقتضي الوجود المتميز للمنظمة الدولية أن تكون لها إرادتها الذاتية المتميزة تماماً عن إرادة الدول المكونة لها ، وهذا من مقتضى تمتع المنظمة بالإرادة الذاتية أن تتميز بصدد ما تجريه من تصرفات عن الدول المكونة لها فلا تنصرف آثار هذه التصرفات إلى هذه الدول كل على حدة بل إلى المنظمة نفسها باعتبارها شخصاً قانونياً دولياً يستقل في حياته القانونية عن الدول التي أنشأته لتحقق من وراء إسهامها في عضويته هدفاُ أو أهدافاً معينة.
ومن الجدير بالذكر أن توافر هذا العنصر يعد في طليعة الاعتبارات الأساسية التي يرجع إليها للتمييز بين المنظمة الدولية والمؤتمر الدولي. إذ بينها تتمتع الأولى بالإرادة الذاتية والشخصية القانونية الدولية ، لا يتمتع المؤتمر الدولي بأية إرادة ذاتية ، ولا يعتبر شخصاً من أشخاص القانون الدولي العام.

جـ- الاستناد إلى اتفاق دولي:
يستند وجود المنظمة الدولية ضرورة إلى اتفاق دولي ينشئ المنظمة ، ويحدد نظامها القانوني. إذا كانت العادة قد جرت على أن يأخذ مثل هذا الاتفاق الدولي صورة المعاهدة الدولية فمن المتصور قانوناً أن يتم إنشاء المنظمة الدولية باتفاق تنفيذي بل وبمجرد الاتفاق شفاهة بين الدول المعينة. وهذا ولما كانت الاتفاقات الدولية لا تعقد إلا بين الدول فيترتب على ذلك أن المنظمة الدولية لا تضم أساساً غير الدول ومن ثم يخرج عن نطاقها الهيئات الغير حكومية ذات النشاط الدولي المعروف عادة باسم المنظمات الدولية الغير حكومية مثل الاتحادات العلمية الدولية ومنظمة الصليب الأحمر الدولي.

د- المنظمة الدولية
وسيلة للتعاون الاختياري بين مجموعة معينة من الدول في مجال أو مجالات محددة يتفق عليها سلفاً: لا يزال مبدأ سيادة الدولة مبدأ رئيسياً في التنظيم الدولي المعاصر ، ومن ثم لا ينبغي اعتبار المنظمة الدولية سلطة عليا فوق الدول تنتقص من سيادتها. وإنما هي مجرد وسيلة منظمة للتعاون الاختياري القائم على المساواة بين مجموعة من الدول في مجال أو مجالات تحدد سلفاً في الاتفاق المنشئ للمنظمة. هذا ويلاحظ أنه بينما لا ينتقص انضمام الدولة إلى عضوية المنظمة الدولية من سيادتها. وإن قيدت المعاهدة المنشئة للمنظمة من حريتها في ممارسة هذه السيادة ، فأن انضمامها إلى أية صورة من صور الاتحاد بين الدول يفترض حتماً تنازلها عن قدر من مضمون سيادتها إلى السلطة الاتحادية التي تعلو بداهة فوق كل الدول المكونة للاتحاد. وفي هذا الفارق القانوني الواضح الدقيق يمكن معيار التفرقة بين المنظمة الدولية واتحادات الدول على كافة أنواعها.
أنواع المنظمات الدولية

أولا :تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة الموضوعية لأهدافها إلى منظمات عامة وأخرى متخصصة
معيار هذا التقسيم هو مدى ضيق أو اتساع مجال نشاط المنظمة. ومن أمثلة المنظمات العامة
1- عصبة الأمم 2- الأمم المتحدة 3- منظمة الدول الأمريكية 4- جامعة الدول العربية
5- الاتحاد الإفريقي

أما المنظمات الدولية المتخصصة فكثيرة وأهمها :

أ- المنظمات الدولية الاقتصادية :
وتشمل كل منظمة تهدف إلى تحقيق التعاون بين أعضائها في مجال ذي طبيعة اقتصادية ، مثل صندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية.
ب- منظمات دولية علمية:مثل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية .
جـ- منظمات دولية اجتماعية:
مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ” اليونسكو”

ثانياً:تقسيم المنظمات الدولية بالنظر إلى نطاق العضوية فيها إلى منظمات دولية إقليمية وأخرى ذات اتجاه عالمي
يقصد بالمنظمة الدولية ذات الاتجاه العالمي تلك التي تقتضي طبيعة أهدافها تحديد شروط العضوية فيها على أساس عالمي يسمح بانضمام أية دولة من الدول إليها متى توافرت فيها الشروط التي يتطلبها ميثاق المنظمة ، والتي ترمي في العادة إلى التحقق من أن الدولة طالبة الانضمام راغبة حقاً وقادرة فعلاً على تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها ميثاق المنظمة. ومثال هذا النوع من المنظمات الأمم المتحدة.
يقصد بالمنظمة الإقليمية كل منظمة دولية لا تتجه بالضبط أهدافها نحو العالمية ، وإنما يقتضي تحقيق الهدف من إنشائها قصر عضويتها على طائفة معينة من الدول ترتبط فيما بينها برباط خاص. ويتنازع تعريف الإقليمية ثلاثة اتجاهات أساسية.

أ- المفهوم الجغرافي للإقليمية:

يشترط أصحاب هذا الاتجاه قيام رابطة جغرافية واضحة تربط بين الدول الأعضاء فيها ، ثم يختلفون توافر رابطة الجوار الجغرافي بين الدول أعضاء المنظمة ، بينما يكتفي البعض الآخر بأن تحدد الدول أعضاء المنظمة النطاق المكاني لتعاونها في سبيل تحقيق أهداف المنظمة بإقليم جغرافي معين ولو لم تقم رابطة الجوار الجغرافي بين هذه الدول ، بل ولو تنتم جميعها إلى هذا الإقليم جغرافياً.

ب- المفهوم الحضاري للإقليمية:

يشترط أصحاب هذا الاتجاه القول بثبوت الإقليمية علاوة على الجوار الجغرافي توافر روابط أخرى ذات طابع حضاري مثل وحدة أو تقارب اللغة والثقافة والتاريخ والعنصر فصلاً عن المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة.

جـ- المفهوم الفني للإقليمية:

يشترط أصحاب هذا الاتجاه بالإقليمية كل منظمة دولية لا تتجه بطبيعتها نحو العالمية ، إذا تقتضي طبيعة أهدافها قصر نطاق العضوية فيها على فئة معينة من الدول ترتبط فيما بينها برباط خاص أيا كانت طبيعة هذا الرباط جغرافياً كان أو حضارياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً دائماً كان الرباط أو موقوتاً ومن ثم يدخل في عموم المنظمة الإقليمية عند أصحاب هذا الاتجاه

أ- المنظمات الإقليمية عامة الأهداف القائمة على أساس من الجوار الجغرافي أو الارتباط الحضاري بين أعضائها مثل جامعة الدول العربية.
ب- المنظمات الإقليمية المتخصصة المنشأة من أجل التعاون بين مجموعة معينة من الدول في سبيل تحقيق مصلحة مشتركة معينة. ومن أمثلة هذه الطائفة من المنظمات الإقليمية منظمة الدول المصدرة للبترول.
جـ- الأحلاف العسكرية القائمة على أساس من المصلحة السياسية والعسكرية المشتركة الموقوتة بظروف معينة (منظمة معاهدة شمال الأطلسي)

هذا وإذا كان لكل من الآراء السابق الإشارة إليها وجهته فأن أرجحها هو الرأي الثالث لما يمتاز به من وضوح وانضباط يفتقدهما الرأي الثاني ، ولما يمتاز به من مرونة في التطبيق يفتقدها المفهوم الجغرافي الضيق لفكرة الإقليمية. والواقع أن تطبيق أحد المعيارين الأول أو الثاني من شأنه استبعاد منظمة مثل منظمة الدول المصدرة للبترول من عداد المنظمات الإقليمية بالرغم من أنها بلا شك ليست بالمنظمة العالمية أو المتجهة نحو العالمية ، الأمر الذي يتضح معه عقم هذين المعيارين ومرونة المعيار الثالث الذي يشمل في الواقع من المنظمات كل ما لا يدخل في عداد تلك المتجهة نحو العالمية.

ثالثاً:تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة القانونية لنشاطها إلى منظمات دولية قضائية وأخرى إدارية وثالثة ذات نشاط تشريعي أو شبيه بالتشريعي

ويقصد بالنوع الأول المنظمات الدولية التي ينحصر اختصاصها أساساً في الفصل في المنازعات الدولية أو إصدار الفتاوى القانونية (المحكمة الدائمة للعدل الدولي) ، ويقصد بالنوع الثاني تلك المنظمات التي ينصرف نشاطها إلى إدارة مرفق عام دولي معين (اتحاد البريد العالمي) ، أما النوع الثالث فتنحصر مهمته في السعي إلى توحيد القواعد القانونية المتبعة بشان علاقة دولية معينة (منظمة العمل الدولية)
وبالرغم من طرافة هذا التقسيم إلا أنه من الصعب عملاً تطبيقه واقعياً إذا تجمع أغلب المنظمات بين اثنين أو أكثر من هذه الاختصاصات.
الشخصية القانونية للمنظمة الدولية

أولاً : الخلاف الفقهي حول مدى تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية

يقصد الشخصية القانونية الدولية القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ، والقيام بالتصرفات القانونية ، ورفع الدعاوى أمام القضاء. وقد كان من المتفق عليه عموماً أن الشخصية الدولية بهذا المعنى لا تثبت إلا للدول ، وللدول وحدها ، ثم بدأ هذا المفهوم يهتز نتيجة ظهور المنظمات الدولية. غير أن الجدل لم يحتدم في الفقه حول هذا الموضوع إلا بمناسبة انقضاء عصبة الأمم ثم ما لبث أن تجدد بعد إنشاء الأمم المتحدة وقد انتهى هذا الجدل الفقهي برأي استشاري شهير أصدرته محكمة العدل الدولية في عام 1949م اعترفت فيه بالشخصية القانونية للأمم المتحدة ، مؤكدة أن الدول ليست وحدها أشخاص القانون الدولي العام ، وان المنظمات الدولية يمكن اعتبارها أشخاصاً قانونية من طبيعة خاصة متميزة عن طبيعة الدول تتمتع بأهلية قانونية تتناسب مع الأهداف التي أنشئت المنظمة من أجل تحقيقها.
وترجع ظروف هذه الفتوى إلى ما حدث خلال عامي 1947 ، 1948م من إصابة بعض العاملين بالأمم المتحدة بأضرار متفاوتة الخطر خلال قيامهم بخدمتها ، وكان أهم هذه الأحداث مقتل الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة لتسوية الحرب الفلسطينية خلال زيارة قام بها لإسرائيل.
ونتيجة لهذه الحوادث ثار البحث في الأمم المتحدة عما إذا كان من حقها رفع دعوى المسئولية الدولية ضد الدول المسئولة عن هذه الأضرار. ويعرض الأمر على محكمة العدل الدولية التي انتهت إلى أن الأشخاص في نظام قانوني معين ليسوا بالضرورة متماثلين في الطبيعة وفي نطاق الحقوق ، بل تتوقف طبيعة كل منهم على ظروف المجتمع الدولي الذي نشأ فيه وعلى متطلباته كما انتهت إلى أن الدول ليست وحدها أشخاص القانون الدولي العام. والمنظمة لا تتمتع بالشخصية القانونية الدولية إلا بالقدر اللازم لتحقيق أهدافها.
وعلى ضوء هذا التحليل انتهت المحكمة بأن الأمم المتحدة شخص من أشخاص القانون الدولي العام ، وبأن طبيعة أهدافها ووظائفها تقتضي ضرورة الاعتراف لها بالحق في تحريك دعوى المسئولية الدولية في حالة إصابة أحد العاملين بها بالضرر بسبب قيامه بخدمتها.
وقد استخلص جمهور فقهاء القانون الدولي العام من هذا الرأي الاستشاري نتيجة هامة مقتضاها ضرورة الاعتراف للمنظمات الدولية عموماً بتوافر الشخصية القانونية الدولية ، وذلك كلما اتضح أن الوصول إلى الأهداف وممارسة الوظائف لا يتأتى إلا بالاعتراف للمنظمة بالشخصية القانونية الدولية.

ثانيا: الطابع الوظيفي للشخصية القانونية المعترف للمنظمة الدولية بها

إذا كانت محكمة العدل الدولية قد اعترفت بتمتع الأمم المتحدة بالشخصية القانونية الدولية فقد حرصت على بيان الفارق بين هذه الشخصية وبين الشخصية القانونية التي تتمتع بها الدول مؤكدة أن الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية لمنظمة ما لا يعني إطلاقاً اعتبارها بمثابة للدولة فيما لها من حقوق وفيما تلتزم به من واجبات ، وإن كل ما يعنيه مثل هذا الاعتراف هو إمكان اكتساب المنظمة للحقوق وتحملها بالالتزامات بالقدر اللازم لممارستها لوظائفها على النحو الذي استهدفته الدول الأعضاء من وراء إنشائها.
وعلى ضوء هذه التفرقة يمكننا القول أن الشخصية القانونية الدولية التي تتمتع بها المنظمة الدولية شخصية قانونية من طبيعية خاصة ووظيفية وأنها محدودة المجال بالضرورة. وتتوقف أساساً على مقدار وطبيعة الوظائف المنوط بالمنظمة بها إلا لتؤدي من خلال وظائفها ، ومن ثم لا يتصور منطقاً أن تزيد في اتساعها عن القدر المتلائم وهذه الوظائف.
وإذا كان لنا أن نستعير تفرقة فقهاء القانون الداخلي بين الشخصية الطبيعية والشخصية الاعتبارية لأمكننا القول بأن الدولة هي الشخص الطبيعي للقانون الدولي العام القادر على التمتع بكافة الحقوق والالتزامات ، وأن المنظمات الدولية هي أشخاصه الاعتبارية ذات المجال الوظيفي المحدد ضرورة.
الطبيعة القانونية لشخصية المنظمة الدولية
هذا ولا يجوز الاحتجاج بالشخصية القانونية للمنظمة الدولية في مواجهة الدول الغير الأعضاء أو المنظمات الدولية الأخرى ما لم تعترف هذه الدول أو المنظمات بثبوت الشخصية الدولية للمنظمة اعترافاً صريحاً أو ضمنياً ، ذلك أن الشخصية الدولية للمنظمة إنما تثبت لها كنتيجة ضرورية للمعاهدة التي أنشأتها ولا يجوز الاحتجاج بهذه المعاهدة في مواجهة الدول التي لم تشترك في إبرامها تطبيقاً لقاعدة نسبية آثار المعاهدات. وإذا كانت محكمة العدل الدولية قد خرجت على هذا المبدأ في رأيها الاستشاري السابق الإشارة إليه ، إذا اعترفت للأمم المتحدة بشخصية دولية موضوعية يجوز الاحتجاج بها في مواجهة كافة الدول حتى ما لم يكن منها مشتركاً في عضويتها.

ثالثاً ” الشروط الواجب توافرها للاعتراف للمنظمة بالشخصية الدولية

لا يشترط لاتصاف المنظمة بالشخصية الدولية أية شروط خاصة سوى توافر أركانها الأساسية ويستوي أن تنصرف إرادة الدول المؤسسة صراحة إلى منحها هذه الشخصية بالنص عليها في المعاهدة المنشئة للمنظمة ، أو أن يفهم ذلك ضمناً من مجرد اجتماع الأركان الأربعة.
نطاق الشخصية الوظيفية الثابتة للمنظمة الدولية (النتائج المترتبة على الاعتراف للمنظمة الدولية بالشخصية القانونية)
القاعدة هي ارتباط نطاق الشخصية القانونية الثابتة للمنظمة ضيقاً واتساعاً بالوظائف المعهود إليها بممارستها من اجل تحقيق الأهداف التي رمت إليها الدول المؤسسة للمنظمة من وراء تأسيسها.

أ- مجال العلاقات الدولية الخاضعة للقانون الدولي العام

يترتب على الاعتراف للمنظمة الدولية بالشخصية القانونية الوظيفية أن تثبت لها حقوق عدة أساسية من أهمها

1- حق إبرام الاتفاقات الدولية في الحدود اللازمة لتحقيق أهدافها. ومن أهم الأمثلة للمعاهدات التي يحق للمنظمات الدولية إبرامها مع الدول الأعضاء فيها. واتفاقيات المقر التي قد تبرمها المنظمة مع الدولة الكائن في إقليمها مقر المنظمة إذا كانت هذه الدولة عضواً فيها.
أما المعاهدات التي تبرمها المنظمة الدولية مع دول غير أعضاء فيها فمن أهم أمثلتها اتفاقية المقر التي قد تبرمها المنظمة الدولية مع الدولة الكائن بإقليمها مقرها متى كانت غير عضو فيها ، مثل الاتفاقية المبرمة في 14 ديسمبر 1946م بين الأمم المتحدة وسويسرا. ومن أهم الأمثلة للمعاهدات التي قد تبرمها منظمة دولية معينة مع منظمات دولية أخرى والاتفاقيات المبرمة بين الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والمشار إليها في المادتين 57 ، 63 من ميثاق الأمم المتحدة.
2- حق المشاركة في خلق قواعد القانون الدولي العام عن طريق إسهامها في تكوين العرف أو عن طريق ما قد تصدره من قرارات ذات طابع تشريعي.
3- حق تحريك دعوى المسئولية الدولية للمطالبة بالتعويض عما قد يصيب المنظمة نفسها من ضرر أو لتوفير الحماية الوظيفية للعاملين بها في حالة ما إذا ترتب على قيامها بنشاطها في المجال الدولي أن أصيب بعضهم بالضرر أثناء قيامهم بخدمتها.
4- حق التقاضي أمام محاكم التحكيم ومختلف المحاكم الدولية باستثناء تلك التي ينص بصراحة في نظامها على عدم اختصاصها بنظر الدعاوي المرفوعة من غير الدول (محكمة العدل الدولية).
5- حق التمتع بالبعض من الحصانات والامتيازات في مواجهة الدول الأعضاء ودول المقر. وإذا كانت الحقوق سالفة هي أهم ما يثبت للمنظمة نتيجة تمتعها بالشخصية الدولية فقد أوردناها على سبيل المثال لا الحصر.

ب- مجال علاقات القانون الداخلي لدولة معينة

يترتب على ثبوت الشخصية الدولية الوظيفية للمنظمة أن تتمتع كذلك بالشخصية القانونية في النظم الداخلية لكافة الدول الأعضاء فيها ، وفي النظم الداخلية للدول الغير أعضاء المعترف بالمنظمة المعينة.
ومن أهم الأمثلة لهذا الوضع ما نصت عليه المادة 104 من ميثاق الأمم المتحدة من تمتع المنظمة في بلاد كل عضو من أعضائها بالأهلية القانونية التي يتطلبها قيامها بأعباء وظائفها وتحقيق مقاصدها.
ويترتب على ثبوت هذه الشخصية ، في القانون الداخلي لكل من الدول الأعضاء والدول غير الأعضاء المعترفة بالمنظمة نتائج عديدة أهمها:-

1- ثبوت حق المنظمة في التعاقد ومن ثم يحق لها التعاقد لشراء ما يلزمها من أدوات ومهمات لاستئجار المباني والعقارات التي يشغلها موظفوها أو لنقل منقولاتها أو موظيفها.
2- ثبوت حق المنظمة في التملك ، ومن ثم يحق لها تملك الأموال منقولة كانت أو عقارية في الحدود اللازمة لممارستها الوظائف المعهود بها إليها.
3- ثبوت حق المنظمة في التقاضي.

جـ- مجال القانون الداخلي للمنظمة نفسها

أدت نشأة المنظمات الدولية ، ثم ازدهارها السريع للطرد إلى ظهور مجموعة جديدة من النظم القانونية هي النظم الداخلية للمنظمات الدولية وكما تبدو الشخصية القانونية للمنظمة جلية واضحة في مجال القانون الدولي العام وفي مجال القوانين الداخلية للدول الأعضاء والدول الغير الأعضاء المعترفة بالمنظمة تبدو كذلك ساطعة في مجال قانونها الداخلي إذا يحق لها على سبيل التعاقد وفقاً لأحكامه مع من تحتاج إلى خدماتهم من عاملين. ويحق لها إنشاء الأجهزة الفرعية اللازمة للقيام بوظائفها.

أجهزة المنظمة بين الوحدة والتعدد

يتضح لنا أن المنظمات الدولية الأسبق في النشأة كانت تقوم على جهاز واحد تشترك في عضويته كافة الدول الأعضاء. وكان هذا الجهاز يختص بممارسة كافة وظائف المنظمة. وبدأت المنظمات الدولية تتجه تدريجياً نحو الأخذ بمبدأ تعدد الأجهزة مراعاة لاعتبارين جوهرين

أ- ضرورة التخصص وتقسيم العمل بعد أن اتسعت دائرة نشاط المنظمات الدولية على نحو أصبح معه من المستحيل أن يقوم جهاز واحد بكل ما ينبغي على المنظمة ممارسته من وظائف متشعبة.

ب- ضرورة مراعاة الأهمية النسبية لكل دولة عضو. فعن طريق تعدد الأجهزة وإعطاء بعض الدول ذات الأهمية الخاصة وضعاً متميزاً داخل بعضها دون البعض الآخر ، يمكن الوصول إلى وضع من التوازن الهيكلي داخل إطار المنظمة بتجاوب مع وضع التوازن الواقعي القائم فعلاً بين الدول المشتركة في عضويتها دون ما إهدار لجوهر مبدأ المساواة في السيادة.
وفي مقدمة المنظمات التي أخذت بمبدأ تعدد الأجهزة مراعاة لهذا الاعتبار الأمم المتحدة التي وزع ميثاقها اختصاصاتها الأساسية ذات الطابع السياسي بين جهازين أساسين تشترك في أحدهما (الجمعية العامة) كافة الدول الأعضاء على قدم المساواة ، وتتمتع في الآخر (مجلس الأمن) الخمس دول العظمى بوضع خاص روعيت فيه أهميتها السياسية ، تبلور عملاً في منحها العضوية الدائمة والحق في الاعتراض.
وقد روعيت أيضاً اعتبارات الأهمية الفعلية للبعض من الدول الأعضاء وضرورة إعطائها وضعاً خاصاً داخل أجهزة المنظمة يناسب وزنها الخاص ، في الكثير من المعاهدات المنشئة للوكالات المتخصصة. ومثال ذلك ما نصت عليه المادة الخمسون من المعاهدة المنشئة لمنظمة الطيران المدني الدولية من ضرورة مراعاة الأهمية النسبية في ميدان الملاحة الجوية عند اختيار الجمعية المكونة من الدول الأعضاء لأعضاء المجلس المكون من بعض الدول فحسب.

فقد أصبح من المبادئ المسلم أن لأي من هذه الأجهزة الرئيسية الحق في أن ينشئ بقرار يصدره ما يرى مناسبة استحداثه من أجهزة فرعية ، وأن يعهد إليها بممارسة بعض ما يدخل في نطاق اختصاصه من وظائف يرى ملائمة تخصيص جهاز متميز لها.
تمثيل الدول الأعضاء في أجهزة المنظمة

تحكم تمثيل الدول الأعضاء في أجهزة المنظمة قاعدتان جوهريتان تخلص
أولاهما في أن من حق الحكومة وحدها اختيار ممثلي الدولة في أجهزة المنظمة.
والثانية في أن للحكومة حرية كاملة ومطلقة في اختيار الممثلين دون التقيد بأوصاف أو شروط معينة.
وإذا كان تطبيق هاتين القاعدتين هو الأصل ، إلا أن الأمر لا يخلو من استثناءات خاصة. ولعل أهم الاستثناءات الواردة على القاعدة الأولى هو ما نص عليه في المادة الثالثة من دستور منظمة العدل الدولية من أن يتم تمثيل كل دولة في المؤتمر العام للمنظمة بأربعة ممثلين يمثل حكومتها منهم اثنان ، ويمثل الثالث أصحاب الأعمال ويمثل الرابع العمال. ومن الواضح أن هذا الخروج على القاعدة العامة إنما يستهدف تمثيل قوى غير حكومية لا تقل أهميتها في مجال علاقات العمل عن أهمية الحكومة نفسها.
وإذا كان الخروج على القاعدة الأولى أمر نادر ، فأن أمثلة الخروج على القاعدة الثانية ليست في الواقع بالنادرة ، ما تشترطه المادة 14 من المعاهدة المنشئة لمجلس أوروبا من ضرورة أن يكون ممثل الدولة في أحد أجهزتها (اللجنة) هو وزير خارجيتها أو أحد أعضاء الحكومة الآخرين إذا ما تعذر حضور وزير الخارجية بنفسه.
أحكام التصويت
كان التصويت في المنظمات الدولية يقوم على مبدأين أساسين هما اشتراط الإجماع كقاعدة عامة لا ينبغي الخروج عليها إلا بالنسبة لأقل المسائل وكمجرد استثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه ، وضرورة المساواة بين الدول فيما يتعلق بعدد الأصوات الممنوحة لكل منها بحيث لا تتمتع الدولة إلا بصوت واحد فقط أيا كان وزنها الحقيقي وأهميتها الفعلية تستوي في ذلك أكبر الدول وأقواها مع أصغرها شأناَ
وقد اتجه التطور بعد ذلك نحو التحرر من هاتين القاعدتين

أ- ففيما يتعلق بالقاعدة الأولى وهي قاعدة الإجماع ، يلاحظ أن الأغلبية الساحقة من المنظمات الدولية المعاصرة لا تشترط الإجماع كأصل عام ، وإنما تكتفي بأغلبية قد تكون بسيطة عادية أو خاصة موصوفة إذا ما تعلق بالأمر بمسألة على جانب كبير من الأهمية. وقد بدأ هذا الاتجاه أو الأمر في الظهور بالنسبة للمنظمات ذات الطابع الفني المتخصص البعيدة أساساً عن السياسة ، ثم ما لبث أن شمل المنظمات السياسية أيضاً وفي مقدمتها الأمم المتحدة.

ب- أما الاتجاه الثاني الرامي إلى التحرر من قاعدة لكل دولة صوت واحد ، فاتجاه حديث نسبياً لا يزال حتى الآن محدود المجال والتطبيقات.
ويقوم نظام وزن الأصوات هنا على فكرة بسيطة مقتضاها ضرورة إعطاء كل دولة عضو في المنظمة عدداً من الأصوات يتناسب مع أهميتها داخل المنظمة. إلا أن تطبيق هذه الفكرة يصطدم عملاً بمشكلة قوامها صعوبة الاتفاق على معيار عادل ومنضبط تتحدد على أساسه الأهمية النسبية لكل دولة عضو. ولهذا السبب لم يؤخذ نظام وزن الأصوات إلا في البعض من المنظمات ذات الطالع الاقتصادي أو المالي حيث يسهل الوزن بالنظر إلى مقدار ما تنتجه الدولة أو ما تصدره أو ما تستورده من سلعة معينة ، أو بالنظر إلى عدد ما تمتلكه من اسهم في رأس مال المنظمة نفسها.
ومن أهم الأمثلة لوزن الأصوات وما نصت عليه المادة 12/5 من المعاهدة المنشئة لصندوق النقد الدولي ، من إعطاء كل دولة عضو مائتين وخمسين من الأصوات ، يضاف إليها صوت واحد عن كل سهم تملكه الدولة في رأس مال البنك أو الصندوق بحسب الأحوال.

ما المقصود بالعامل الدولي وما هو النظام القانوني لهم

العامل الدولي

هو كل شخص طبيعي يعمل لحساب المنظمة بأجر أو بدون أجر بصفة مؤقتة أو مستمرة ولا مجال للخلط بين العامل الدولي وبين ممثلي الأعضاء لدي أجهزة المنظمة. فبينما تنحصر وظيفة ممثلي الدول في الإسهام في اتخاذ المنظمة لقراراتها من خلال تمثيلهم لدولهم في أجهزة المنظمة متقيدين في ذلك بتعليمات حكوماتهم المختصة وحدها بتعيينهم ومسائلتهم وتنحصر مهمة هؤلاء العاملين أساساً في القيام على تنفيذ هذه القرارات المنسوبة بعد صدورها إلى المنظمة المختصة وحدها بتعيينهم وحمايتهم ومحاسبتهم على كل ما يصدر عنهم من تصرفات أو ما يرتكبونه من أخطاء.

النظام القانوني العاملين الدوليين

يخضع العاملون الدوليون فيما يتعلق بنظامهم القانوني للمبادئ العامة في قانون المنظمات الدولية ، ولأحكام العقود التي يبرمونها مع المنظمة الدولية ، ولما قد يوجد في المعاهدة المنشئة لها من نصوص تعالج وضعهم ، ولما قد يصدر عن أجهزة المنظمة المختصة من قرارات تتعلق بوضع العاملين بهال وتسيطر على وضعهم القانوني ثلاثة مبادئ أساسية

أ- الاستقلال عن دولة الجنسية. فلا يجوز للعامل الدولي تلقي أية تعليمات أو توجيهات من حكومة الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته أو مراعاة مصالحها السياسية أو الاقتصادية أو الأدبية بأي وجوه من الوجوه ، وإنما يلتزم بأداء مهمته في استقلال كامل عن دولة الجنسية. ولا يعني هذا الالتزام انقطاع الصلة بين العامل الدولي وبين دولة جنسيته فالصلة موجودة وقائمة حتى خلال الفترة التي يكرس فيها العامل نشاطه لخدمة المنظمة ولكن تقوم الصلة في الحدود غير المخلة بولاء للعامل للمنظمة.

ب-الحياد بين الدول أعضاء المنظمة فلا يجوز للعامل الدولي تفضيل إحداها على الأخرى أو التمييز بينها في المعاملة.

جـ- الولاء للمنظمة وفقاً لما يصدر له من تعليمات من أجهزتها المختصة أو من رؤسائه من العاملين الآخرين ، ويلتزم كذلك بتغليب مصلحتها على المصالح الفردية لسائر الدول بما في ذلك دولة جنسية ذاتها.
المقصود بالموظف الدولي :

وقد درج الفقه على تسمية هذه الطائفة بالموظفين الدوليين تمييزا لهم عن العاملين بالمنظمة عرضاً أو لمهمة بعينها ممن لا يخضعون بالنظر لطبيعة أعمالهم المتنوعة والمؤقتة المتعذر وقتها وتنظيمها سلفاً لهذا النظام القانوني الخاص. ومن ثم يمكننا تعريف الموظف الدولي بأنه كل من يعمل في خدمة إحدى المنظمات الدولية لأداء وظيفة دائمة ، خاضعاً في كل ما يتعلق بعلاقته بها للنظام القانوني المفضل الذي تضعه المنظمة لتنظيم مركزه ومركز زملائه ، لا لقانون وطني معين وواضح من هذا التعريف ، أنه لا بد لاعتبار العامل في خدمة إحدى المنظمات الدولية موظفاُ دولياً بالمعنى الصحيح من أن يتوافر في شانه أمران الأول زمني ينحصر في كون الوظيفة التي يشغلها الموظف الدولي وظيفة دائمة ومستمرة ، الثاني في علاقته بالمنظمة للنظام القانوني الذي تضعه هي لتنظيم هذه العلاقة والعلاقات المماثلة لها ، لا للنظام القانوني لدولة معينة.

ب- النظام القانوني للموظفين الدوليين

ويمكن القول بأن اختيار المنظمة الدولية لموظفيها يحكمه في العادة اعتباران أساسيان هما من ناحية محاولة الحصول على أحسن الكفايات المتاحة ومن ناحية أخرى محاولة إيجاد نوع من التوازن بين مواطني الدول المختلفة الأعضاء فيها. هذا وقد تلجأ المنظمة الدولية إلى الدول الأعضاء فيها طالبة إليها ترشيح من تأنس فيه الصلاحية للعمل بها من مواطنيها ولا يمس هذا الترشيح من حيث المبدأ حرية المنظمة في تعيين من يشاء واعتباره معيناً من قبل المنظمة خاضعاُ لها وحدها ، ولو تم تعيينه بناء على ترشيح من دولته. ومن الملاحظ أن الدول الأعضاء قد تلجأ إلى استخدام نفوذها للضغط على الأمين العام للمنظمة لتعيين من ترشحهم من رعاياها ، ولاستبعاد من لا ترضى عنهم من هؤلاء الرعايا بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية المتعارضة ومعتقدات حكومة الدولة التابعين لها بجنسيتهم. ففصل الموظف أمر غير مشروع قطعاً ما لم تؤثر هذه المعتقدات في أسلوب قيام الموظف الدولي بواجبات وظيفته على نحو يتعارض مع واجب الولاء للمنظمة وحدها والالتزام بالحياد في العلاقة مع الدول الأعضاء فيها.
الموارد المالية للمنظمات الدولية ونفقاتها (هام)

موارد المنظمة

المورد الأساسي للمنظمات الدولية هو ما يدفعه أعضائها من اشتراكات مالية يسهمون من خلال التزامهم بدفعها في تحقيق الغاية التي من أجلها ارتضوا الارتباط بالاتفاق المنشئ للمنظمة. ويثور البحث حول اختيار أعدل المعايير لتوزيع الأعباء المالية بين الدول الأعضاء. ولعل أقرب المعايير إلى العدالة هو معيار المقدرة على الدفع. وهو معيار مركب يقوم على المقارنة بين الدخول القومية المختلفة للدول الأعضاء مع مراعاة متوسط دخل الفرد وحصيلة الدولة من العملات الصعبة وما قد تتعرض له بعض الدول من أزمات اقتصادية وفي رأينا أن هذا المعيار أقرب إلى العدالة بكثير من المعيار المزدوج الذي كانت تأخذ به عصبة الأمم والقائم على المقارنة بين إيرادات الميزانية للدول الأعضاء في عام 1913م ومجموع عدد سكانها في عام 1919م.
ويحدد الاتفاق المنشئ للمنظمة الدولية العقوبات الجائز الالتجاء إليها لمواجهة تخلف الدول الأعضاء عن الوفاء بالتزاماتها المالية ومن قبيل ذلك ما نصت عليه المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة من أنه ” لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة ، إذا كان المتأخر عليه مساوياً لقيمة الاشتراكات المستحقة في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنهما.
ومن الجدير بالذكر أن للمنظمات تحرص على وضع حد أعلى لا يجوز لمساهمة أي من الدول الأعضاء في نفقات المنظمة تجاوزه وذلك حتى لا تكتسب مثل هذه الدولة نفوذاً استثنائياً على جهاز المنظمة نتيجة اعتماد المنظمة المالي على ما تدفعه من اشتراك.
وإذا كانت اشتراكات الدول الأعضاء هي المورد الأساسي للمنظمة في الوضع العادي للأمور فليست بالضرورة المورد الوحيد. هذا ومن أحدث وأطرف الموارد التي قد تلجأ إليها المنظمة الدولية لتمويل نفقاتها ، ما قد تستتبعه الطبيعة الخاصة لبعض المنظمات من منحها حق فرض الضرائب أو ما يشبه الضرائب على مواطني الدول الأعضاء في حدود معينة وهو ما نصت عليه الاتفاقيات المنشئة للجماعات الأوروبية التي تطورت تدريجياً لتصبح الآن ما يعرف باسم الاتحاد الأوروبي.

نفقات المنظمة

يقصد بنفقات المنظمة الدولية كافة المبالغ النقدية المرتبط انفاقتها بممارسة المنظمة لنشاطها. هذا وقد ذهبت بعض الدول بمناسبة رفضها الإسهام في تمويل قوات الطوارئ الدولية والتي أنشأتها الأمم المتحدة لمواجهة أزمة الشرق الأوسط عام 1956م ثم أزمة الكونغو عام 1960م إلى وجوب التمييز بين النفقات العالية أو الإدارية وهي النفقات التي لا مفر من قيام المنظمة بها لمواجهة نشاطها اليومي المعتاد كمرتبات الموظفين وثمن الأدوات المكتبية أو نفقات المهمات والعمليات مثلاًُ بالتدخل المسلح في منطقة معينة من العالم إقراراً للأمن والسلام. ورتبت هذه الدول على هذه التفرقة بين النفقات العادية والنفقات الاستثنائية ، القول بعدم التزامها قانوناً بالإسهام في مواجهة للنوع الثاني من النفقات.
وليس لهذه التفرقة أية قيمة قانونية خاصة ما لم تستند إلى نص صريح في الاتفاق المنشئ للمنظمة أو في اللوائح المنظمة لنشاطها المالي
.
المقصود بالقانون الداخلي للمنظمة الدولية

ينصرف اصطلاح القانون الداخلي للمنظمة الدولية إلى مجموعة القواعد القانونية المتمتعة بوصف السريان الفعلي داخل الإطار القانوني لمنظمة دولية بعينها والمرتبطة بهذه المنظمة كنظام قانوني متميز. ولا يشمل هذا الاصطلاح ما قد يطبق داخل إطار المنظمة من قواعد القانون الدولي العام. ولا يرجع تمتعها بوصف السريان الفعلي داخل إطار منظمة بعينها إلى ارتباطها العضوي بهذا النظام ، وإنما إلى وحدة كافة القوانين مع تميز القانون الدولي العام بالعلو على كافة القوانين الأخرى الأمر الذي يمنحه خاصية السريان الفعلي في كافة المجتمعات البشرية متفرقاً في سريانه هذا على كافة القوانين الداخلية للدول والمنظمات.

مصادر القانون الداخلي للمنظمة الدولية

من المسلم به أن المصدر الرئيسي والأساسي للقانون الداخلي للمنظمة الدولية هو المعاهدة المنشئة لهذه المنظمة ومن ثم يجب الرجوع إليها لتحديد نطاق اختصاص المنظمة وكيفية توزيع هذا الاختصاص بين أجهزتها المختلفة والعلاقة بين هذه الأجهزة. ليست المعاهدة المنشئة المصدر الوحيد ، إذا توجد إلى جوارها مصادر أخرى ثلاثة تتفاوت في أهميتها العملية بحسب طبيعة وظروف المنظمة موضوع البحث. فكما تنشأ القاعدة عن المعاهدة المنشئة للمنظمة ، فقد تجدها مصدرها في العرف أو المبادئ العامة للقانون أو ما قد تصدره أجهزة المنظمة نفسها من قرارات كل في حدود اختصاصه.
ويقصد بالعرف في هذا المجال عرف المنظمة الدولية نفسها أي القواعد غير المكتوبة التي يطرد العمل بها داخل إطار المنظمة على وجه الإلزام. ومن أهم الأمثلة للقواعد القانونية التي يستند وجودها إلى هذا المصدر ، ما استقر عليه عرف مجلس الأمن بصدد امتناع أحد الأعضاء الدائمين فيه عن التصويت فبالرغم من أن المادة 27/3 من ميثاق الأمم المتحدة كانت تشترط لصدور قراراته في المسائل غير الإجرائية موافقة “أصوات سبعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة” إلا أن المجلس استقر منذ إنشائه على التفرقة بين اعتراض العضو الدائم صراحة وبين مجرد امتناعه عن التصويت ، ولم ير في مجرد الامتناع ما يحول دون صدور القرار إذا ما وافق عليه سبعة من الأعضاء من المتصور ألا يكون بينهم غير عضو واحد دائم في حالة ما إذا امتنع أربعة من الأعضاء الدائمين عن التصويت على قرار يوافق عليه بقية أعضاء المجلس.
ويقصد بالمبادئ العامة للقانون مبادئ القانون الداخلي المتفق عليها في القوانين الداخلية لكافة الدول أعضاء المنظمة وتبدو أهمية هذا المصدر بصدد الشئون الداخلية للمنظمة وبصفة خاصة فيما يتعلق بعلاقة المنظمة بموظفيها إذا كثيراً ما تطبق المبادئ العامة المتفق عليها في القوانين الإدارية الداخلية للدول الأعضاء في حالة سكوت للوائح الداخلية للمنظمة.

جماعات الضغط الدولية

إذا كان من المسلم به أن الدول والمنظمات الدولية هي وحدها القوى الدولية المتمتعة بالشخصية القانونية الدولية ، فثمة قوى أخرى لا تتمتع بهذه الشخصية ولكن لها مع ذلك دوراً في مجال العلاقات الدولية.
جماعات الضغط الدولية ذات الطابع السياسي أو الحزبي

يقترن ظهور مثل هذه الجماعات الضاغطة السياسية أو الحزبية ذات الطابع الدولي ضرورة بازدهار مذاهب سياسية تتعارض في طبيعتها والانزواء داخل الحدود الإقليمية لدولة بعينها لارتباطها بأهداف عالمية أو قومية يقتضي تحقيق العمل السياسي للنظم على مستوى دول العالم بأسرها أو البعض منها. وقد شهدت المنطقة العربية في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية مولد حركتين حزبيتين تمتد أهدافها إلى المنطقة العربية بأسرها لا إلى دولة عربية بعينها فحسب هما حزب البعث العربي الاشتراكي ، حركة الإخوان المسلمون التي أسسها حسن البنا في مدينة الإسماعيلية في عام 1926م. ومن المعروف أن لكل هاتين الحركتين تنظيماتها على المستويين القومي والقطري على حد سواء.

جماعات الضغط الدولية ذات الطابع المالي أو الاقتصادي

من المسلم به أن ثمة مشروعات مالية أو اقتصادية يتجاوز نشاطها حدود الدولة الواحدة ، وان هذه المشروعات كثيراًَ ما تتمتع بإمكانيات اقتصادية ومالية تجاوز إمكانيات الكثير من الدول الأمر الذي يتيح لها الكثير من الأحيان ممارسة ضغط حقيقي على البعض من دول العالم في سبيل حماية مصالحها الخاصة أو تحقيق المزيد من الربح.
هذا وكثيراً ما تمارس إحدى هذه القوى الاقتصادية نوعاً من الاحتكار القانوني أو الفعلي لاستخراج أو إنتاج ثم تسويق المحصول الرئيسي لواحدة أو أكثر من الدول المتخلفة ، الأمر الذي يحصل بها عملاً في النهاية إلى السيطرة شبه الكاملة على مقدرات هذه الدولة. ومن أشهر الأمثلة التاريخية لهذا النوع من العلاقات ليبريا بالشركة الأمريكية المستغلة لحقول المطاط وهو مصدر ثروتها الأساسي.

جماعات الضغط الدولية ذات الطبيعة النقابية

وقد تم تأسيس أول حركة نقابية عالمية في عام 1913م وهي الاتحاد النقابي الدولي ، ثم تلى ذلك تأسيس حركتين أخريتين إحداهما ذات اتجاه شيوعي صرف والأخرى ذات اتجاه مسيحي. هذا وإذا كان الاتحاد العالمي للنقابات المسيحية قد استمر كما هو بعد الحرب العالمية الثانية ، فقد شهدت الفترة التالية مباشرة لانتهاء هذه الحرب محاولات جادة لتوحيد الحركات النقابية الأخرى في جماعة دولية واحدة. وقد أدت هذه المحاولات بالفعل إلى إنشاء الاتحاد النقابي العالمي في عام 1945م ولكن الخلاف دب بين العناصر الشيوعية والعناصر الغير شيوعية داخل هذا الاتحاد أدت إلى انفصال العناصر غير الشيوعية عنه في عام 1947م وتأسيسها في عام 1949م لحركة نقابية دولية مستقلة تعرف باسم الاتحاد الدولي للنقابات الحرة.
جماعات الضغط الدولية ذات الطبيعة الدينية

من المعروف أن للبعض من الأديان أهدافها تتجاوز حدود الدولة الواحدة ، ومن ثم فقد كان من المنطقي أن تقوم بدور دولي. وفي طليعة المؤسسات الدينية ذات النشاط الدولي تأتي الكنيسة الكاثوليكية العالمية ومقرها مدينة روما. ولا يفوتنا أن نشير كذلك إلى أن اليهودية العالمية دوراً بالغ الأهمية في مجال العلاقات الدولية ومن المعروف أن الحركة الصهيونية العالمية قد نجحت في إقامة دولة إسرائيل عام 1948م وفي دعم هذه الدولة من إنشائها.
جماعات الضغط الدولية ذات الطابع الإنساني
وحسبنا أن نشير إلى أن في طليعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية السلام الأخضر ولا يفوتنا أن نشير إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حقيقتها جمعية خاصة سويسرية الجنسية لا تضم في عضويتها سوى الأشخاص المتمتعين بالجنسية السويسرية.
أهداف منظمة الأمم المتحدة

يمكن حصرها في :

أولاً : حفظ السلم والأمن الدوليين : يعتبر هذا الهدف دون شك أهم أهداف الأمم المتحدة. فقد رأينا أن عصبة الأمم قد نشأت لحفظ السلم والأمن الدوليين ثم من بعدها نشأت الأمم المتحدة لتكملة المسيرة في هذا المجال. ويلاحظ أن الميثاق على حق في ربطه بين السلم والأمن الدوليين ، فلا بد من تحقيقهما معاً ، فلا يجوز إدراك أحدهما دون الآخر. أضف إلى ذلك فأنه يجب أن يمتنع أعضاء المنظمة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على وجه آخر لا يتفق ومقاصدها. وتطبق هذه الوسائل قبل وقوع الإخلال بالسلم والأمن الدوليين وهو ما يطلق عليه الجانب الوقائي لحفظ السلم والأمن الدوليين. أما إذا وقع هذا الإخلال بالفعل فأنه يجب على منظمة الأمم المتحدة أن تتخذ كافة التدابير لقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم.

ثانياً : تنمية العلاقات الودية بين الدول : يقصد بهذا الهدف إزالة الأسباب التي قد تؤدي إلى المنازعات بين الدول مما تؤثر بدورها على السلم والأمن الدوليين. وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى على مبدأين جوهريين يساعدان دون شك على تنمية العلاقات الودية بين الدول وهما مبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

ثالثاً: تحقيق التعاون الدولي: وهو من الأهداف الجوهرية لمنظمة الأمم المتحدة وعليه فأن الأمم المتحدة يجب عليها أولاً أن تتخذ التدابير الفعالة التي تدعم التعاون في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني. ويجب على الأمم المتحدة ثانياً أن تعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تميز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء. أضف إلى ذلك أن ومن وظائف مجلس الوصاية إشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الإنسانية ومراعاتها.كذلك من أهداف نظام الوصاية التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تميز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.

رابعاً: الإدارة والتوجيه للعلاقات الدولية: نصت الفقرة الرابعة من المادة الأولى من الميثاق على جعل الأمم المتحدة مرجعاً أو أداة لتنسيق أعمال الدول وتنظيم العلاقات فيما بينها. والحق يقال أن منح الأمم المتحدة هذا الدور يعمل دون شك على توجيه العلاقات الدولية نحو المركزية. ولكن ينبغي أن يلاحظ أن هذا يتوقف بطبيعة الحال على سلوك الدول. فإذا تعاونت هذه الأخيرة مع الأمم ، فلا شك أن هذا يؤثر بالإيجاب على هذا الهدف ، ويتأثر السلب إذا اختلفت الدول وهذا هو المألوف في علاقاتها الدولية.
شروط الانضمام لعضوية الأمم المتحدة

أولا : الشروط الموضوعية:-

تتمثل هذه الشروط في أنه يلزم في طالب العضوية أن يكون
– دولة محبة السلام.
– وأن يكون قادراً على تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها الميثاق وأن يكون راغباً في ذلك.
أولاً : وعلى ذلك يشترط في عضو الأمم المتحدة أن يكون دولة مكتملة الأركان من شعب وإقليم وسيادة وعليه فالكيانات التي لا تتوافر لها كل أو بعض هذه الأركان لا تعتبر دولاً ولا تستطيع إذن الحصول على عضوية الأمم المتحدة. ولكن استقر العمل في هذه المنظمة على تفسير مصطلح الدولة تفسيراً واسعاً مراعاة لبعض الاعتبارات الأساسية ، وعليه فقد قبلت في عضويتها الأصلية مثل الهند التي لم تكن قد استقلت عن المملكة المتحدة والفلبين التي لم تكن كذلك مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن الجدير بالذكر أن شكل حكومة الدولة المتقدمة للحصول على هذه العضوية لا يعتبر شرطاً من شروط العضوية. إضافة إلى أن طالب العضوية يجب أن يكون دولة في مفهوم القانون الدولي كما سبق البيان ، فأن هذه الدولة يجب أن تكون دولة محبة للسلام. وغني عن البيان أن هذا الشرط ليس له أي مدلول قانوني وأن كان قد أدرج في نص المادة الرابعة الاعتبارات الأساسية. هذه الاعتبارات هي التي جعلت اللجنة الفنية في مؤتمر سان فرانسيسكو أن تدخل في أعمالها تصريحاً يقضي بأن لا يقبل في عضوية الأمم المتحدة الدول التي قامت حكوماتها على مساعدات عسكرية مقدمة من دول أثارت الحرب ضد الأمم المتحدة طالما أن هذا النظام ما زال قائماً فيها ، وكان يقصد بهذا التصريح أسبانيا تحت حكم فرانكو.
ويثير هذا الشرط ضرورة التساؤل عن وضع إسرائيل في الأمم المتحدة هل توافر في شأنها أنها دولة محبة للسلام؟ للإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعرض لمواقف الدول المختلفة عندما تقدمت إسرائيل بطلب الانضمام إلى الأمم المتحدة. فقد تشككت بعض الدول وعلى رأسها الدول العربية في أن إسرائيل لم تكتسب بعد صفة الدولة ، باعتبار أن حدودها محل نزاع ، وعليه يجب على الأمم المتحدة أن ترفض طلب العضوية لإسرائيل ، في حين أن فئة أخرى من الدول ادعت أن قرار الجمعية العامة الصادر سنة 1947م قد قام بتحديد حدود إسرائيل ، ورغم اختلاف مواقف هذه الدول إلا أن الأمم المتحدة قد انتهت إلى قبول إسرائيل عضواً فيها.
ومن الجدير بالذكر أنه عندما عرض طلب عضوية إسرائيل على مجلس الأمن ، وافق عليه بأغلبية تسعة أصوات ضد واحد هي مصر وامتنعت بريطانيا عن التصويت ، وانتهى المجلس إلى إصدار توصية للجمعية العامة بمنح إسرائيل العضوية في الأمم المتحدة ، وفي 11 مايو 1949م وافقت الجمعية العامة على توصية مجلس الأمن وتم قبول إسرائيل في عضوية الأمم المتحدة.
إضافة إلى أن طالب العضوية يجب أن يأخذ على نفسه بالالتزامات التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة ، وأن تكون قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وأن تكون راغبة في ذلك. والواقع أن هذا الشرط كان يثير مشكلة قبول كل من الدول المحايدة والدول بالغة الصغر في عضوية الأمم المتحدة فالنسبة للدولة المحايدة كسويسرا فأن قبولها في عضوية الأمم المتحدة يثير مشكلة التوفيق بين التزاماتها بموجب الميثاق خاصة ما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين ، وبين الالتزامات الناتجة عن وجودها في حالة حياد دائم والتي تلزمها بعدم الاشتراك في أي نزاع دولي قائم بين غيرها من الدول. ومن هنا فالدولة المحايدة يجب أن تلتزم بهذه الأحكام إذا رغبت في الانضمام للأمم المتحدة.
وبالنسبة للدول بالغة الصغر يثور التساؤل حول مدى انطباق شرط العضوية الذي نحن بصدده وهو القدرة على تنفيذ أحكام الميثاق. فمن المسلم به أن هذه الدول ليس لديها الإمكانيات اللازمة لمشاركة الأمم المتحدة في تنفيذ أهدافها، ومن ثم فأن انضمامها إلى الأمم المتحدة يترتب عليه أنا ستتمتع بامتيازات العضوية دون أن تتحمل بكل الالتزامات التي تفرض على بقية الأعضاء في المنظمة.
ولهذا السبب كانت الولايات المتحدة على رأس المعارضين لفكرة منح العضوية لهذه الدول ، علاوة على أن الأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ستكون في غير صالح الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكبرى. ولها اضطر مجلس الأمن أن يتصدى لهذه المسألة وذلك بإنشاء لجنة دراسة وفحص مسألة عضوية الدول بالغة الصغر في الأمم المتحدة ، ولكن هذه اللجنة لم تصل إلى حل عملي في هذا الشأن وانتهى الأمر إلى أن الأمم المتحدة قد قبلت في عضويتها منذ التسعينيات عدداً كبيراً من الدول بالغة الصغر

ثانيا : الشروط الشكلية :-

يشترط من الناحية الإجرائية لقبول أي دولة في عضوية الأمم المتحدة صدور قرار من الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن ، وذلك كما نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة. وتبدأ إجراءات القبول في العضوية بتقديم الدولة المعنية طلب بذلك إلى الأمين العام الذي يحوله فوراً إلى مجلس الأمن فيحول رئيس المجلس بدوره هذا الطلب إلى لجنة قبول الدول الأعضاء الجدد تفحصه ودراسته وتقديم تقرير بشأنه ، ويستطيع المجلس أن يستبقي طلب العضوية لدراسته بنفسه باعتباره صاحب السلطة الأصلية في هذا الشأن.
وبعد الإطلاع على تقرير اللجنة يقرر مجلس الأمن ما إذا كانت الدولة طالبة العضوية يتحقق في شأنها شروط العضوية كما ذكرتها المادة الرابعة من الميثاق. وبعد هذا يقرر المجلس ما إذا كان من المناسب أن يصدر توصية إيجابية للجمعية العامة بقبول الدولة مقدمة الطلب في عضوية الأمم المتحدة.
ومن الجدير بالذكر أن مسألة قبول الدول الأعضاء يعد من قبيل المسائل الموضوعية التي يشترط لصدور قرار بشأنها من مجلس الأمن أن توافق عليه تسعة من أعضائه بما فيهم الدول الخمس دائمة العضوية مجتمعة أو على الأقل عدم اعتراضهم الصريح ، وعليه تستطيع إحدى هذه الدول أن تحول دون صدور توصية من مجلس الأمن بشان عضوية إحدى الدول استخدمت حقها في الاعتراض (الفيتو) وهذا ما حدث بالفعل أثناء الحرب الباردة خاصة في الفترة ما بين 1946-1955م فقد استخدم المعسكر الغربي حقه في الاعتراض على قبول أية دولة تعتنق الشيوعية مثل ألبانيا ومنغوليا وبالمثل فقد مارس الاتحاد السوفيتي حقه في الاعتراض على قبول بعض الدول طالبة الانضمام ذات الميول الغربية مثل إيرلندا والأردن والبرتغال.
وبالرغم من أن كل معسكر كان يبرر رفضه بأسباب قانونية إلا أنه في الواقع كانت الاعتبارات السياسية.
ولذلك فأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت في هذا الشأن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ، وكان سؤال الجمعية العامة للمحكمة هو هل يجوز قانوناً لأحد أعضاء الأمم المتحدة أن يعلق موافقته على قبول عضو جديد في الأمم المتحدة على شروط أخرى لم ينص عليها صراحة في الفقرة الأولى من المادة الرابعة ، كتعليق موافقته على قبول دولة أخرى في عضوية الأمم المتحدة؟ وأجابت المحكمة على هذا السؤال بقولها أن شروط العضوية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة قد وردت على سبيل الحصر ، ومن ثم لا يجوز تعليق قبول الدول طالبة الانضمام على شروط أخرى غير منصوص عليها في النص المذكور.
وبالرغم من أن هذا الرأي الاستشاري الذي لم تقتنع به الدول الكبرى ، فأن مجلس الأمن قد فشل في التوصل إلى حل لمواجهة التعسف في استعمال حق الاعتراض من جانب هذه الدول خاصة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مسألة قبول الأعضاء الجدد. ولذا فأن الجمعية العامة قد طلبت مرة أخرى رأياً استشارياً من محكمة العدل الدولية لبحث ما إذا كانت الجمعية العامة تستطيع أن تنفرد وحدها بإصدار قرار بالأغلبية بقبول الدولة طالبة العضوية؟ وأجابت المحكمة على ذلك بقولها أن موافقة مجلس الأمن تعد شرطاً ضرورياً لصدور قرار الجمعية العامة بالانضمام ، والقول بأن الجمعية العامة لها أن تقرر بمفردها قبول دولة عضو في المنظمة رغم عدم صدور توصية بذلك من مجلس الأمن مؤداه حرمان المجلس من سلطة هامة يعهد إليها الميثاق وإلغاء دوره في ممارسة وظيفة رئيسية من وظائف المنظمة. وعليه لا يجوز للجمعية العامة أن تنفرد وحدها بقرار منها بقبول الدولة طالبة الانضمام إلى أن الأمم المتحدة بل لا بد أن يسبق هذا القرار صدور توصية من مجلس الأمن بهذا الشأن ، فهذه التوصية تعتبر شرطاً إجرائياً أولياً لا بد من استيفائه أولاً قبل عرض مسألة العضوية على الجمعية العامة لإصدار قرار بِشأنها ورغم أهمية هذه التوصية كما نرى فأن الجمعية العامة لها سلطة تقديرية في الأخذ أو عدم الأخذ بها ، فأن رفضت الامتثال لها ، تستطيع رفض طلب العضوية.
وبالرغم من صدور هذين الرأيين الاستشاريين من محكمة العدل الدولية ، إلا أن مشكلة قبول الدول المنتمية إلى كل من المعسكرين الغربي والشرقي في عضوية الأمم المتحدة تم حلها بشكل سياسي بعد التوصل إلى حل توفيقي لإرضاء كل من المعسكرين ، وعلى أثر ذلك الحل تم قبول عدد كبير من الدول الجديدة المنتمية لهذين المعسكرين.
عوارض العضوية في الأمم المتحدة

العضوية تستمر ما لم يعترض استمرارها عارض معين يؤدي إلى إيقافها أو إنهائها. وإيقاف العضوية قد يكون جزئياُ وقد يكون كلياً ، أما انتهاء العضوية قد يرجع إلى جزاء توقعه الأمم المتحدة على الدولة العضو بالفصل منها ، وقد يعود إلى إرادة الدولة وذلك بالانسحاب منها

أولا : الحرمان من حق التصويت في الجمعية العامة

يتضح من نص المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة أن الدولة العضو التي تتخلف عن سداد اشتراكاتها لمدة سنتين متتاليتين أو زائداً عنهما تحرم بقوة القانون من حق التصويت في الجمعية العامة دون باقي أجهزة منظمة الأمم المتحدة ودون باقي حقوق العضوية ويشترط أن يكون التأخر في السداد راجع إلى إرادة الدولة العضو ، لأنه إذا كان هذا التأخير راجع إلى أسباب قهرية لا قبل لهذه الدولة بها ، فان الجمعية العامة تستطيع أن توقف العمل بهذا الجزاء وتسمح لها بممارسة حق التصويت. وغني عن البيان أن المقصود بعبارة الاشتراكات المالية التي ذكرها النص السابق هي كافة النفقات العادية والاستثنائية كنفقات قوات الطوارئ الدولية.

ثانيا : إيقاف العضوية :-

يتضح من نص المادة الخامسة أنه في حالة الدولة العضو التي تخل بالسلم والأمن الدوليين ويتخذ مجلس الأمن حيالها تدابير عقابية طبقاً للفصل السابع من الميثاق ، يجوز للجمعية العامة بقرار منها بأغلبية الثلثين أن توقف الدولة عن ممارسة حقوق العضوية والتمتع بمزاياها ، وذلك بعد صدور توصية من مجلس الأمن بأغلبية تسعة من أعضائه بشرط أن يكون من بينهم الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن أو على الأقل عدم اعتراضهم صراحة. وتبعاً من المستحيل تطبيق هذا الجزاء على أي دولة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، وذلك بسبب امتلاكه لحق الاعتراض أو الفيتو.
وإذا كان تطبيق جزاء الوقف على هذا النحو يتطلب هذا الإجراء المركب عبارة عن توصية من مجلس الأمن وقرار من الجمعية العامة ، فأن رفع هذا الجزاء منوط بمجلس الأمن وحده. ومن الجدير بالذكر أن مجلس الأمن يتمتع في هذا الشأن بسلطة تقديرية ، بمعنى أنه غير ملزم برفع هذا الجزاء وإعادة حقوق العضوية فور انتهاء أعمال القمع المتخذة حيال العضو المخالف.

ثالثا : الفصل من الأمم المتحدة :-

تنص المادة السادسة من الميثاق على أنه إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءاً على توصية مجلس الأمن. نلاحظ من هذا النص أن المخالفة التي ترتكبها الدولة العضو لا بد أن تكون على قدر كبير من الجسامة بحيث تتناسب مع جزاء الفصل أو الطرد من الأمم المتحدة.
ويصدر قرار الفصل من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين باعتبارها مسألة هامة ، وذلك يعد صدور توصية من مجلس الأمن بأغلبية تسعة من أعضائه بشرط أن يكون من بينهم الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن أو على الأقل عدم اعتراض أحدها صراحة.

رابعاً : الانسحاب من الأمم المتحدة :-

يثور التساؤل بالنسبة للأمم المتحدة حول ما إذا كان لأعضائها أن ينسحبوا منها؟ غني عن البيان قبل معالجة هذه المسألة أن عهد عصبة الأمم في مادته 3/1 كان يبيح لأعضاء العصبة أن ينسحبوا ولذا سكت ميثاق الأمم المتحدة عن إيراد مثل هذا الحكم حتى لا يشجع الدول على الانسحاب ولكي لا تتأثر بالتالي عضوية الأمم المتحدة مما يضعف من هذه الأخيرة ويفقدها طابعها العالمي. وإزاء هذا الصمت ، لا بد من الرجوع إلى القواعد العامة في النظرية العامة للمنظمات الدولية لمعرفة مدى حق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الانسحاب.
فطبقاً لهذه القواعد فأن الانسحاب من المنظمة هو تصرف قانوني صادر عن الإرادة المنفردة للدولة العضو تستهدف من ورائه إنهاء صلتها بهذه المنظمة. فأن أي دولة عضو تستطيع أن تمارس حقها في الانسحاب سواء تضمن الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية نصاً يجيز ممارسة هذا الحق أم التزم الصمت كميثاق الأمم المتحدة بشأن هذه المسألة. وتبعاُ يمكن لهذه الدولة أن تستمر في المنظمة أو تزهد في عضويتها وذلك بالانسحاب منها.
أضف إلى ذلك أن الأصل في الدولة أنها غير عضو في أي منظمة ، وأن رغبت في اكتساب عضوية أي منظمة فهذا يعتبر خلافاُ لهذا الأصل ، ومن ثم فإن قررت الانسحاب منها فيعد هذا رجوعاً إلى الأصل وعود بالدولة إلى طبيعتها الأصلية. ونود أن نؤكد مرة أخرى حق الدولة في الانسحاب في حالة صمت ميثاق المنظمة عن إيراد نص ينظم هذه المسألة. فالفقه الذي لا يجيز الانسحاب في هذه الحالة يبنى قوله على القواعد العامة في قانون المعاهدات على اعتبار أن ميثاق المنظمة معاهدة دولية ” والقاعدة العامة هي أنه لا يجوز للدولة أن تنهي المعاهدة بإرادة منفردة إلا إذا كان قصد الطرفين قد انصرف إلى ذلك أو وجد في المعاهدة نص ولذا على هذا الاتجاه الفقهي ملاحظتين
الأولى : أنه اعتبر ميثاق المنظمة معاهدة دولية رغم ما تثيره مسألة الطبيعة القانونية لهذا الميثاق من خلاف بين الفقهاء. والثانية أنه نسى أو تناسى أن القواعد العامة في المعاهدات تقضي أيضاً أن الدولة ذات السيادة لا تلتزم إلا في حدود ما قبلته صراحة ، وكل ما لم ينص عليه في المعاهدات يدخل ضمن النطاق التقديري للدولة.
الثالثة : مستقاة من القاعدة الأصولية الشهيرة أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد المنع أو الخطر. وانطلاقاً من هذه القاعدة فأنه طالما لم يرد نص في الميثاق ينظم مسألة الانسحاب ، تستطيع الدولة أن تمارس حقها في الانسحاب دون معقب عليها في ذلك.
الرابعة : مستوحاة من سكوت أو صمت الميثاق عن تنظيم حق الانسحاب. فالدول الأعضاء في منظمة دولية كانت لديهم الفرصة أن يضيفوا نصوصاً لتنظيم هذا الحق أما وإن سكتوا عن هذا فإن سكوتهم لا يدل إلا على انصراف نيتهم على ترك الحرية الكاملة للدولة العضو في أن تنسحب في الوقت والظروف التي تقدرها دون معقب عليها في هذا الشأن.
ولكن نود أن نلفت النظر إلى أنه بالرغم من أن الدولة العضو تستطيع أن تنسحب في أي وقت في هذه الحالة إلا أن مبدأ حسن النية يحد من إطلاق حريتها في هذا الشأن. فينبغي على هذه الدولة أن عزمت على الانسحاب أن تخطر الأمم المتحدة بذلك بمدة معقولة حتى تستطيع المنظمة أن تصفي حساباتها معها خاصة مدى وفائها بالتزاماتها المالية. فليس معنى أننا ندعم حق الدولة في الانسحاب أن يكون ذلك وسيلة لها في أن نتهرب من الوفاء بالتزاماتها تجاه المنظمة.
الخامسة: ففي عامي 1949-1950م أخطرت دول أوروبا الشرقية المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بانسحابها من المنظمة ، ولكن هذا المدير العام لم يقبل هذا الانسحاب على أساس أن ميثاق المنظمة لم يتضمن نصاً يسمح بالانسحاب ، ولكن المنظمة اضطرت أن تسلم بهذا الانسحاب في نهاية الأمر.

آثار العضوية في الأمم المتحدة

1- آثار العضوية في مواجهة الدول الأعضاء (الالتزامات المترتبة على وصف العضوية)

يترتب على ثبوت وصف العضوية مجموعة من الالتزامات التي يجب على الدول الأعضاء أن تفي بها وإلا تكون مخالفة لمبادئ وأحكام الميثاق. ولا شك أن أول التزام يقع على عاتق الدولة العضو في الأمم المتحدة هو التزامها بالامتثال لمبادئ وأحكام الميثاق. ونعرض فيما يلي لأهم تلك الامتيازات

أ- الالتزام بمبدأ حسن النية : لا شك أن التزام الدول الأعضاء بتنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق بحسن نية يعتبر أهم الالتزامات على الإطلاق ، حيث أنه يرسم الطريقة التي ينبغي على الدول الأعضاء أن يتبعوها في تنفيذ التزاماتهم هذا من جهة. ومن جهة أخرى ، فأن الالتزام بمبدأ حسن النية يعتبر من الالتزامات الرئيسية والجوهرية التي يقوم عليها بنيان النظام القانوني الدولي بأكمله.

ب- الالتزام بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية : وقد خصص الميثاق الفصل السادس منه لبيان الأحكام التي تضع هذا الالتزام موضع التنفيذ ، وذلك بالنص على الوسائل والطرق التي ينبغي على الدول الأعضاء أن يلتزموا بها للوصول إلى حل سلمي لمنازعاتهم.

جـ- الالتزام بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية : لا شك أن التزام يعد من أهم الالتزامات التي جاء بها ميثاق الأمم المتحدة فمن المسلم به إنشاء الأمم المتحدة ، كان في استخدام القوة في العلاقات الدولية هو القاعدة العامة وحظرها هو الاستثناء ، ولكن ميثاق الأمم المتحدة قلب هذه القاعدة ، فجعل الأصل العام هو حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية ، وأورد على هذا الأصل العام ثلاثة استثناءات

أولها : منصوص عليه في المادة 51 من الميثاق الذي يتعلق بحق الدول في ممارسة الدفاع الشرعي عن نفسها ، فطبقاً لهذا النص فأنه ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول. فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء ” الأمم المتحدة ” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي ، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً ، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلام والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابهم.

ثانيها: اتخاذ التدابير من قبل مجلس الأمن ضد الدولة المعتدية على السلم والأمن الدوليين ، ومن الجدير بالذكر أن هذه التدابير قد تصل إلى حد استخدام القوة المسلحة في هذه الحالة إذا لم تستطع التدابير غير العسكرية ردع المعتدي.
ثالثها : مؤقت بطبيعته حيث نصت المادة 107 من الميثاق “بأنه لا يمنع أي عمل إزاء دولة كانت في أثناء الحرب العالمية الثانية….إذا كان هذا العمل قد اتخذ أو رخص به نتيجة لتلك الحرب من قبل الحكومات المسئولة عن القيام بهذا العمل”

د- الالتزام بتقديم المساعدة للأمم المتحدة وبتنفيذ قراراتها : يجب على الدول الأعضاء تقديم العون إلى هيئة الأمم المتحدة سواء قامت بالعمل بنفسها أو عهدت به إلى هيئة أو دولة أخرى ، ويعتبر هذا التزام إيجابي يقع على عاتق هذه الدول. وهناك التزام سلبي مقتضاه أن هذه الدول يجب أن تمتنع عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع. ويندرج تحت هذه الالتزامات تنفيذ قرارات مجلس الأمن. وهذا ما نصت عليه المادة 25 من الميثاق.

هـ – الالتزامات المالية : نصت المادة 17/2 على أنه يتحمل الأعضاء نفقات الهيئة حسب الأنصبة التي تقررها الجمعية العامة. كما نصت المادة 19 على أنه لا يكون لعضو الأمم الذي يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية إذا كان المتأخر عليه مساوياُ لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنها وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العضو بالتصويت إذا اقتنعت بأن عدم الدفع ناشئ عن أسباب لا قبل للعضو بها”.

2- آثار العضوية في مواجهة الدول غير الأعضاء ” التزامات الدول الأعضاء” .

من المسلم به أنه طبقاً للقواعد العامة في القانون الدولي أن المعاهدة لا تلزم غير أطرافها ، ولكن ميثاق الأمم المتحدة خرج على القاعدة ورتب التزامات على عاتق الدول غير الأطراف فيه . ومن الجدير بالذكر أن خروج الميثاق على قاعدة نسبية آثار المعاهدات في هذا الشأن له ما يبرره ، حيث أن هذا الميثاق نص على مجموعة من الأهداف من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحقيقها إلا بتعاون جميع دول العالم ، الأعضاء منهم وغير الأعضاء في الأمم المتحدة ، وأهم هذه الأهداف هو هدف حفظ حقيقي للسلم والأمن الدوليين ، ولن تنجح الأمم المتحدة في تحقيق هذا الهدف إلا إذا التزمت الدول غير الأعضاء كالدول الأعضاء بالمبادئ التي نص عليها الميثاق.
ولهذا نصت المادة 2/6 م الميثاق على أنه ” تعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدوليين. وبما أن نصوص الميثاق تعتبر سواء بطريق مباشر أم غير مباشر ، وسائل وقواعد لحفظ السلم والأمن الدوليين الأمر الذي يجعلنا نقول أن الدول غير الأعضاء تلتزم في نظر الهيئة بأن تسير على النهج الذي رسمه الميثاق في كافة مواده لتحقيق حفظ السلم والأمن الدوليين.

3- آثار العضوية في مواجهة الأمم المتحدة

فالميثاق قد نص في مادته 2/1 من ناحية على ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها. وهذا يشكل دون شك التزام على عاتق الأمم المتحدة وقد نص من ناحية أخرى على أن تلتزم الأمم المتحدة بأن لا تدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء.

أ- الالتزام الأمم المتحدة بتحقيق مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها : ومبدأ المساواة يعني أن جميع الدول متساوية أمام القانون الدولي. حيث حرص ميثاق الأمم المتحدة على أن يرتب مبدأ المساواة في السيادة بعض النتائج منها المساواة في التمثيل ، وأن لكل دولة صوتاً واحداً في الجمعية العامة ، ولكن يلاحظ أن واضعي الميثاق حرصوا على أن لا تتعارض هذه النتائج مع المصالح الجوهرية للدول الخمس الكبرى ، وهذا ما يبرر وضعهم المتميز في مجلس الأمن. أن هذا الواقع يدفعنا إلى القول بان الإقرار لجماعة من الدول بوضع يميزها عن غيرها سمة من السمات الجوهرية في التنظيم الدولي. ولا جدال في ان المحكمة الدائمة للعدل الدولي كانت واقعية عندما اعترفت سنة 1923م للدول الكبرى بسلطة اتخاذ قرارات في بعض الأمور السياسية دون أن تلقى بالاً إلى تبرير ذلك على أساس قانوني مقنع لقد كانت هناك ردود فعل ضد الوضع الممتاز الذي تشغله الدول الكبرى ولكن رغم هذه الاحتجاجات قد أذعنت الدول الصغرى بمرور الوقت للوضع الممتاز الذي تتمتع به الدول الكبرى.

ب- الالتزام الأمم المتحدة بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء: حيث أن الدول حريصة دائماً على المحافظة على سيادتها ، ولذا فأن هذه الدول تلجأ إلى الوسائل القانونية المناسبة التي تحقق لها هذه الغاية ، ومنها وضع القيود على اختصاص المنظمة ، حرصاً منها على عدم التدخل في شئونها الداخلية. وأخذت بهذا منظمة الأمم المتحدة حيث تلقي الفقرة السابعة من المادة الثانية على هذا الالتزام بأنه لا تدخل في الشئون التي تكون من صمي السلطان الداخلي لدولة ما ، وعلى ذلك فأن هذا القيد تستفيد منه أي دولة حتى ولو لم تكن من أعضاء الأمم المتحدة.



التصنيفات
التاريخ و الجغرافيا السنة الثالثة تانوي

النظام الدولي الجديد

بوادر النظام الدولي الجديد

النظام الدولي الجديد:

هو مجموعة من القيم و المبادئ الملزمة لجميع الدول ـ فيما يطلق عليه ” العولمة ” ـ تم الاتفاق عليها من قبل بعض دول الشمال برعاية و زعامة ـ و.م.أ ـ في غياب تام للجنوب ، بهدف تنظيم و تسيير العالم في مختلف النشاطات السياسية و الاقتصادية و الثقافية و العسكرية و فق مصالح الكبار دون النظر الى الصغار. وتعود فكرة ظهوره إلى الرئيس الأمريكي ـ بوش ـ منذ مؤتمر مالطا عام 1989 ، وهو تصور للعلاقات الدولية كما تريدها الولايات المتحدة الأمريكية.

و قد برز في ظل القطبية الثنائية و أفول الإتحاد السوفياتي بعد تصدعه و تفككه ، و بروز الأحادية حيث تمكنت ـ و.م.أ ـ من السيطرة على العالم منفردة و مهيمنة بذلك على منظمة الأمم المتحدة ، و نصبت نفسها سيدة العالم خاصة بعد إنشاء مجلس التعاون الاطلسي في 20 ديسمبر 1991 الذي ضم الدول الأطلسية و دول أوروبا الغربية و الشرقية .

وسائل فرض النظامالدولي:

– وسائل سياسية : تهميش و استغلال منظمة الأمم المتحدة و بقية المنظمات الاقليمية الأخرى و فرض العقوبات .

– وسائل عسكرية : استغلال الحلف الاطلسي و استغلاله كلما دعت الضرورة : حرب الخليج (2) والبوسنة والهرسك .

– وسائل اقتصادية : استغلال مختلف المؤسسات المالية العالمية و المساعدات و الإغراءات ، و فرض العقوبات .

– وسائل ثقافية : استغلال مختلف وسائل الاعلام لترويج أفكار العولمة و السيطرة الامريكية .

الأهداف المعلنة والخفية :

تتمثل الأهداف المعلنة في محاولة أمريكا إبراز نفسها كمنقذ للعالم ، رافعة بذلك شعار الديمقراطية و حقوق الإنسان ، حيث تدعي نشر فكرة الليبرالية السياسية في مختلف دول العالم ، و تحقيق بذلك مبدأ الديمقراطية في اختيار الشعوب لمن يحكمهــــــــــا و جعلها مصدرا للسلطة ، بالإضافة الى الترويج للحرية الاقتصادية و نشر فكرة اقتصاد السوق بعد غياب ـ إ.س ـ ، واستغلال حقوق الانسان للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ، و تفعيل دور منظمة الامم المتحدة لخدمة الأهداف المذكورة.

غير أن أهدافها الحقيقية عكس المعلنة و تناقضها تماما، حيث تتمثل في زعامة العالم و السيطرة عليه في جميع الميادين ، خاصة العالم الثالث بغية استنزاف ثرواته المتنوعة ، و تغييب دور منظمة الامم المتحدة و السيطرة عليها ، بالإضافة الى جمع شمل دول الشمال خاصة أوربا الشرقية و روسيا و اليابان و بقية القوى الاقتصادية الفاعلة.

الانعكاسات المختلفة على دول الجنوب :

أن عالم الجنوب لم يشارك في وضع و بناء و إرساء النظام الدولي الجديد نظرا للأوضاع المتردية التي كان يعيشها في كل المستويات ، و لذلك فإن هذا النظام لا يخدم مصالحه و لا يحافظ عليها و انما على العكس ، فمن ضمن الأهداف الحقيقية لهذا النظام هو إبقاء العالم الثالث على ماهو عليه من تخلف حتى تسهل عملية الاستغلال و الاستنزاف، و بذلك يكون هو الخاسر الأول من اضمحلال القطبية الثنائية ، حيث أدى النظام الدولي الى انهيار مختلف أسعار المواد الأولية التي تشكل أساس الدخل القومي لمختلف دول عالم الجنوب، بالإضافة الى تصاعد عبء المديونية التي بلغت 2500 مليار دولار ، ومن جهة أخرى فإنه حرم حتى من خدمات حركة عدم الانحياز التي عجزت أن تلعب دورا في هذه اللعبة الأمريكية فاضمحل دورها و زالت بالتالي مبررات وجودها.

* تكريس الهيمنة الأمريكية على دول الجنوب.
* الدور الجديد لهيئة الأمم المتحدة لتمرير المشاريع.

* وصول حركة عدم الانحياز إلى مفترق الطرق.
* تسوية الفضية الفلسطينية بالمنظور الأمريكي.
* تأمين مصادر الطاقة والخامات للصناعة الأمريكية.
* التحكم في مناطق العبور الدولي .
* التحكم في ثروات دول الجنوب.
* فرض النظام الليبرالي لتحقيق مصالحها.
* استخدام المؤسسات المالية العالمية لخدمة و.م.أ .
* تزايد ثقل المديونية على دول الجنوب.
* تأزم الأوضاع الاجتماعية في دول الجنوب.
* قيام الحروب الأهلية في الكثير من دول الجنوب.
* سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الإعلام والتكنولوجيا.


التصنيفات
العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير

الاقتصاد الدولي

تاهيل الاقتصاد الجزائري للاندماج في الاقتصاد الدولي
إعداد الأستاذ : بن لوصيف زين الدين
جامعة سكيكدة

يشهد العالم تحولات اقتصادية عميقة و سريعة ، فاقتصاد السوق و العولمة إلى جانب الانضمام الوشيك للجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يفرضون على الاقتصاد الوطني تحديات كبيرة للتأقلم مع هذه المستجدات ، و ذلك بالتخلي عن الأساليب القديمة لتسيير الاقتصاد الوطني و البحث عن الوسائل الكفيلة لمواجهة ذلك بأساليب عصرية تنصب على دعم الاصلاحات الاقتصادية ، و تأهيل الاقتصاد الوطني الشيء الذي يمكن من التخفيف من حدة الأزمات المتتالية التي شهدها و يشهدها الاقتصاد الوطني و تمكنه من تعظيم مكاسب الانضمام و تعلية عوائد التكامل الحقيقي و الشراكة المتوازنة بما يقضي الاندماج الفعال في الحركية الدولية الاقتصادية .
سنتناول في هذا البحث العناصر التالية :
أولا : الوضع الاقتصادي الاجتماعي قبل 1988
ثانيا : الوضع الاقتصادي الاجتماعي بعد 1988 إلى وقتنا الحاضر
ثالثا : كيفية تأهيل الاقتصاد الوطني للاندماج في الاقتصاد الدولي في ظل المستجدات الأخيرة

أولا : الوضع الاقتصادي الاجتماعي قبل 1988 :
ارتأينا أنه من البديهي قبل التطرق إلى كيفية تأهيل الاقتصاد الوطني للاندماج في الاقتصاد الدولي في ظل المستجدات الأخيرة اعطاء نظرة وجيزة للوضع الاقتصادي و الاجتماعي قبل 1988 ، لأن التطرق إلى ذلك يمكننا من فهم طبيعة و مسببات الاجراءات التي اتبعت بعد 1988 و ذلك وفق المراحل التالية :
1- الوضع الاقتصادي و الاجتماعي غداة الاستقلال :
نتج عن الاستعمار مباشرة اربع خاصيات للاقتصاد الجزائري :
Ý- تخلف لم يحل : نتج عن هذا التخلف تشابك المعطيات التالية :
ثقل وزن الزراعة في الاقتصاد الجزائري و ضعف التصنيع ، البطالة و التشغيل الناقص ، انخفاض الدخل الفردي ، ضيق و ضعف انتشار التكنيك الحديث . لهذا تتطلب عملية التنمية الاقتصادية الاستعمال السريع و الأقصى للتكنيك الحديث ، الذي يستدعي شراء أموال التجهيز الصناعي و مستوى كافيا من التعليم .
ȝ- ثنائية اقتصادية : التي تعتبر أبرز نتيجة هيكلية عرفها الاقتصاد الجزائري من جراء ادخال علاقات انتاج رأسمالية . تظهر هذه الثنائية بتعايش نظامين اقتصاديين أحدهما متطور و الأخر متخلف (تقليدي) ، بدون علاقة بينهما لهما مظاهر ثلاثة : فهي موجودة في القطاعات مجتمعة بين الزراعة و الصناعة ، و في القطاع الواحد ، و التي تظهر أكثر في الزراعة حيث يوجد قطاع حديث (أخصب الأراضي و استعمال التكنيك الحديث) و قطاع متخلف (تقليدي) يساهم بنسبة ضعيفة في الدخل الوطني ، ثم تظهر هذه الثنائية اقليميا ، حيث توجد مناطق اقتصادية نامية على الساحل تشكل جيوبا حقيقية لاتناسب بينها على الاطلاق و بين باقي التراب المتخلف.
ʝ- اقتصاد مسيطر عليه : حيث تظهر التبعية الاقتصادية في أشكال مختلفة : تبعية تجارية و تكنيكية و مالية و بشرية .
˝- اقتصاد ضعيف : و هو نتيجة للتبعية الاقتصادية ، و الذي يتمثل في ضعف هيكل المبادلات الخارجية ، و في العلاقات المالية ، ميراث إدارة ثقيلة غير ملائمة .
أما بالنسبة للوضع الاجتماعي ، عرفت تلك الفترة بالبطالة الشاملة ، التخريب الشامل خاصة للتجهيزات الاقتصادية و الاجتماعية ، عدم وجود الاطارات ، الفقر ، انتشار الجهل و الأمية انتشار الأمراض المعدية و الأوبئة .
كل هذه العوامل المذكورة أعلاه ، أثرت سلبا على الانتاج و التسيير و التنظيم ، و انعاش الاقتصاد الجزائري من جديد ، الذي أصبح تقريبا مشلولا .
2 – المرحلة 1966/1978 : مع الاستقلال السياسي بدأ يتعمق الفكر الاقتصادي الوطني الذي ظهر مع الحرب التحريرية مرتكز حول مشاكل التخلف و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، و الذي جاء في كل من ميثاق طرابلس عام 1962 ثم ميثاق الجزائر عام 1964 .
يتعمق هذا التفكير أكثر فأكثر ليؤدي بدء من سنة 1966 إلى ميلاد نمودج جزائري للتنمية ، الذي يعتمد على المخططات المتتالية و المتجسد في سياسة استثمارية متناسقة ، كان هدف السلطة الجديدة هو إعادة استرجاع سلطة الدولة ، ووضع جهاز إداري فعال ، اعطى النمودج الاقتصادي المتبع دور مركزي لأجهزة الدولة في تحقيق عملية التنمية ، و طرح ضرورة تطوير قطاع صناعي عمومي قوي ، حيث اعتبرت الصناعة الوسيلة الوحيدة التي تضمن اقتصاد مستقل و متكامل . (2)
إذا من خلال خطابات الرئيس بومدين ، و مختلف المواثيق (الميثاق الوطني ، ميثاق الثورة الزراعية … إلخ) تم توضيح و شرح و تبرير السياسة الاقتصادية و الاجتماعية للمرحلة 1966 إلى 1978 . (3)
تكوين اقتصاد اشتراكي من خلال نمو سريع للانتاج ، الاستقلال الاقتصادي ، التكامل الاقتصادي ، الزراعة ، الفوائد الاجتماعية للتصنيع شكلت محتوى استراتيجية التنمية الاقتصادية 1966/1978 .
من خلال تحليل نفقات الاستثمارات بالنسبة لكل مخطط نلاحظ أن المخطط الثلاثي قام بتوجيه برنامج الاستثمارت نحو انشاء قطاع صناعي ، رغم أن المعامل المتوسط لرأس المال (القطاعي) لتخصيص رأس المال يبين الاتجاه إلى التوازن من أجل تحقيق نمو متوازن . (4)
بينما فيما يخص المخطط الرباعي الأول ، حصلت فيه الصناعات المنتجة لوسائل الانتاج على مخصصات للاستثمار الأكثر أهمية ، أكثر حتى من قطاع المحروقات . تأتي الاستثمارات الزراعية و التكوين في المرتبة الثالثة .
أكد المخطط الرباعي الثاني الاستراتيجية الصناعية ، و لكن انتقل بعملية التنمية إلى سلم و مستوى عام واسع . عرف قطاع الفلاحة و الري إعادة هيكلة عميقة (الثورة الزراعية) ، تخصيص اعتمادات مهمة للاستثمارات و التي يجب أن تنفق اساسا من أجل الحصول على تجهيزات و انشاء الهياكل كما اتجهت نفقات قطاع النفط الاستثمارية إلى الارتفاع . يرجع ذلك إلى بنية السوق الدولية للطاقة ، الذي دفع بالحكومة الجزائرية إلى اختيار صناعة عالية مرتفعة رأس المال كشكل لتصدير الغاز الطبيعي (5)
كان معدل نمو الاستثمارات أكثر من 50 % في نهاية المخطط الرباعي الثاني ، في حين أن المعدل المتوسط للفترة 1967/1978 بلغ حوالي 35 % و هذا يدل على معدل استثمار متزايد (6).
أدت هذه السياسة إلى انشاء العديد من المركبات الصناعية الضخمة ، امتصاص البطالة ، تحسين مستوى المعيشة ، تحسين مستوى التعليم ، ارتفاع أمل الحياة و انخفاض حدة انتشار الأمراض المعدية و الأوبئة بفعل سياسة الطب المجاني .لكن كان هذا بتكاليف كبيرة إذ لم يتعدى معدل استعمال الطاقات الانتاجية 40 % في المتوسط .
أسباب هذا الاستعمال الضعيف لطاقات الانتاج ترجع إلى :
– أستعمال التقنيات الحديثة مع انعدام الكفاءات البشرية للتحكم فيها .
– تعقد المهام (نتيجة الحجم الكبير) مثل التكوين ، التسويق و التمويل و الصيانة .
– اختيارات التكنولوجيا المستوردة غير ملائمة للبنية الاجتماعية و الاقتصادية الجزائرية ، أي استراد تقنيات حديثة متكاملة و معقدة لم تكيف مع الواقع الجزائري ، و لم تهيأ لها شروط النجاح في المجتمع الجزائري
3 -المرحلة 1979/1988 :
بموت الرئيس هواري بومدين في نهاية 1978 ، و تعيين الشادلي بن جديد و انتخابه كرئيس للجمهورية ، عقد المؤتمر الرابع للحزب ، أين انبثق عنه لجنة مركزية التي حددت التوجهات الكبرى للتطور الإقتصادي و الإجتماعي ، خاصة خلال جلسة ديسمبر 1979 اين ترى اللجنة المركزية بأنه خلال العشرية 1980/1990 :
– يجب أن ترتكز أعمال التنمية كأولوية حول الاشباع التدريجي للاحتياجات .
– اهتمام خاص يجب أن يعطى للتخفيف من حدة التبعية اتجاه الاقتصاديات الخارجية عن طريق مراقبة الموارد الخارجية ، و تشجيع الارتباط المباشر بين المؤسسات و الجامعة لتحفيز البحث – التنمية
– يجب أن توضع خطط الانتاج للمؤسسات من أجل رفع الانتاجية ، تخفيض التكاليف و تحسين الجودة .
– خاصية المخطط هي ضمان التوازنات الكبرى و استغلال مجموع الموارد .
– الأهمية هي رفع كل العراقيل في وجه تعميم و كفأة التسيير الاشتراكي للمؤسسات من أجل ديمقراطية اقتصادية متزايدة .
– تقوية المراقبات عند الاستراد التي يجب أن تؤدي إلى تخفيض المشتريات من السلع غير الضرورية و تحفيز الانتاج المحلي في إطار مكافحة التضخم و سياسة المداخيل .
– يجب الاتجاه نحو خلق مكثف للشغل لتطبيق مبدأ الميثاق الوطني الذي أكد على أن العمل هو حق و واجب.
– يجب تحديد دور و مكانة القطاع الخاص مع العمل على اقصاء نشاطات المضاربة لصالح النشاطات الانتاجية .
– مجهودات ضرورية للتنظيم العام للاقتصاد من أجل أحسن استعمال للموارد و مردودية نظام التكوين أين اللغة العربية يجب أن تحتل مكانة بارزة.
– نتيجة حلهذه التوجيهات جاء المخطط الخماسي الأول الذي يرى بأنه يجب تحسين أداء قطاع الفلاحة و ذلك بتوزيع الانتاج و تحسين الانتاجية .(7)
– انخفاض حصة الصناعة من حجم الاستثمارات الاجمالية .
– ارتفاع المخصصات الموجهة إلى الصناعات الخفيفة مقارنة بالصناعات القاعدية .
– اختيارات تتكنولوجية سهلة تمكن من التحكم في طرق الصنع .
– عرف قطاع المحروقات انخفاضا كبيرا 50 % بالمقارنة مع 1978/1980 و هذا راجع إلى الانتهاء من الخط الجديد للغاز الطبيعي .
– بالمقارنة مع المرحلة السابقة تم تخصيص حصة لا بأس بها للسكن 15 % ، في حين نجد الاستثمارات الموجهة للمنشأت و الهياكل الاقتصادية و النقل 12.8 % الري 5.7 % ، الهياكل و المنشأت الاجتماعية و الجماعية 6.5 % ، التربية و التكوين المهني 10.5% و هذا يدل على إرادة الحكومة الجزائرية أنذاك لمواجهة الطلب المتزايد في مجال السكن ، و لاشباع الاحتياجات الاجتماعية الصحة و التجهيز الجماعي التي اهملت سابقا و لتلطيف التوترات الاجتماعية ، و في النهاية لتحسين مستوى معيشة الجزائريين
ان التقرير المتضمن المخطط الخماسي الأول ، شمل على انتقادات شديدة اتجاه تسيير المؤسسات و فعالياتها ، حيث بين التشخيص النقائص و مواطن الضعف الرئيسية للتنظيم الصناعي و تسيير المؤسسات مع اقتراح حلول يمكن أن تساهم في علاج هذه النقائص و المتمثلة في : (8)
– غياب الحوافز لانتاج فعال و عقوبات اقتصادية للمؤسسات و للأفراد .
– نقص الموارد البشرية المؤهلة و نقص التأطير ، عمال زائدون
– تكاليف انتاج زائدة .
– معدل استغلال الطاقات الانتاجية ضعيف.
– تسجيل عجز مالي كبير لعدد كبير من المؤسسات .
– هياكل بيروقراطية ، الجهاز الانتاجي يعمل ببطأ ، تدخل الوزارات الوصية من أجل القضاء على هذه النقائص يقترح علينا المخطط الخماسي أولا تجنب انشاء مؤسسات كبيرة الحجم التي يصبح تسييرها صعبا و مكلفا . لهذا قامت السلطات الجزائرية بتقسيم المؤسسة الواحدة إلى مؤسسات عديدة ، و هذا ما أطلق عليه بإعادة هيكلة المؤسسات فمثلا سوناطراك قسمت إلى عدة مؤسسات مختصة (التكرير ، التوزيع ، الأبار و الاستغلال ، المطاط و البلاستيك ، البيروكيمياء …) . كانت تهدف عملية إعادة الهيكلة إلى التحكم في أداة الانتاج الموجودة ، و تبسيط و تجانس التسيير على مستوى وحدات الانتاج ، نشر لا مركزية اتخاذ القرار حيث ستجد الاطارات الفرصة لتقويم قدراتها في وحدات مهيكلة بطريقة أفضل ، و هذا كله من أجل رفع الانتاج و تحسين الانتاجية . و لكن رغم هذه الاجراءات فإن المؤسسات العمومية الاقتصادية قد واجهتها صعوبات بعد عملية إعادة الهيكلة تتمثل في : (9)
– أدت هذه العملية إلى تجزئة وظائف المؤسسة و بالتالي عدم الارتباط و عدم تكامل المؤسسات .
– نقص الاطارات و التقنيين الاكفاء .
– استثمارات إضافية .
– ظهور النزاعات نتيجة تقسيم الهياكل ، الاجهزة ، النقل و التخزين .
– الاحكام القانونية و التنظيمية تعتبر ثقيلة و غير متكيفة و معرقلة ، تحتمل تفسيرات عديدة .
رغم الاهداف التي كانت ترمي إليها عملية إعادة هيكلة المؤسسات المذكورة أعلاه ، لم يتحقق دلك ، حيث ساد في الجزائر فكر ريعي الذي يعني الاعتماد على النفط في كل شيء سواء من قبل السلطات أو المواطنين ، حيث كان يتم استيراد كل ما نحتاجه بدون تخطيط علمي منظم الشيء الذي أدى إلى تبذير جزء كبير من مواردنا بالعملة الصعبة . إضافة إلى سيادة التسيير الاداري حيث كانت كل من خطة الانتاج ، الاسعار ، حجم الاستثمار ، الأجور التموين و التسويق تحدد مركزيا ، حيث لم تعطى المبادرة للمؤسسات الشيء الذي لم يسمح بتحريك القدرات و الطاقات الانتاجية و إلى عدم اهتمام المسيرين حيث لم يصبحوا مسؤولين عن نتيجة مؤسساتهم .
انخفاض عوائد نا من العملة الصعبة ابتداء من 1986 بحوالي 56 % أدى إلى انخفاض القوة الشرائية في سنة 1988 إلى 65 % مما كانت عليه في 1985 و 25 % أقل مما كانت عليه في 1987 ، إضافة إلى انخفاض واضح في الاستثمار و الاستهلاك و بالتالي الغاء مشاريع استثمارية هامة كانت مبرمجة ، كذلك محاولة تنويع الصادرات أدت بدورها إلى احداث نذرة في السوق الوطنية على حساب المستهلك و المواطن بشكل عام إلى جانب النمو الديمغرافي كل ذلك أدى إلى حدوث اضطرابات اجتماعية عسيرة (أحداث أكتوبر 1988).

ثانيا : الوضع الاقتصادي الاجتماعي بعد 1988 إلى وقتنا الحاضر
1- المرحلة 1988/1994
أظهرت أحداث أكتوبر عيب الأسلوب التنموي المتبع ، حيث اجبرت السلطات على الاعتراف علنية و لأول مرة بالصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية التي تعاني منها الجزائر و بأخطاء الماضي الشيء الذي يحتم ادخال تغيرات و اصلاحات عميقة تسمح بالقضاء على المشاكل المطروحة . أظهر انخفاض عائدتنا من العملة الصعبة عيب أسلوب التنمية المتبع فإقامة الهياكل و بناء المصانع لا يكفي لوحده إذا لم تكن هناك فعالية اقتصادية تؤكد على الاستخدام الحسن لعناصر الانتاج و المحافظة عليها لا بد من اتخاذ اجراءات و أدوات تسمح بالانتقال إلى أسلوب التنمية المكثف الذي يعني الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة ، و ذلك يتطلب لا مركزية في الاعمال و السلطات من أجل تحرير المبادرات و تسريع النشاط (10).
لكن هذه التغيرات و الاصلاحات برزت في الميدان السياسي أكثر منها في الميدان الاقتصادي مما حتم على رئيس الجمهورية آنذاك تغيير الحكومة . جاءت حكومة حمروش أساسا بتكريس و تجسيد استقلالية المؤسسات في الواقع ، و ادخال آليات نظام السوق بالنسبة للمؤسسات ، و اعطاء المبادرات و الحريات للمؤسسات من أجل التكيف مع الواقع الاقتصادي و الاجتماعي الجديد ، و استخدام مقاييس التسيير السليم ، و تحرير قدرات الموارد البشرية ، من أجل الاستخدام العقلاني للامكانيات و الطاقات المتاحة ، و بالتالي رفع المردودية و تحقيق الفعالية ، مما يسمح بالقضاء على أساليب الرداءة في التسيير.
من أجل تكريس ذلك ميدانيا تم صدور مجموعة من القوانين (11) و التي كانت تهدف إلى التوجه التدريجي نحو اقتصاد السوق ثم عزز ذلك بصدور قانون النقد و القرض رقم 90/10 كالمؤرخ في 14/04/1990 ، و قانون توجيه الاستثمارات رقم 93/12 المؤرخ في 05/10/1993.
و لكن رغم هذا ، فلقد واجهت هذه الاصلاحات صعوبات جمة يتمثل جوهرها في المضاربين أي القطاع اللاشكلي الذي يسيطر على 180 مليار دج من مجمل 300 مليار دج و الذي أصبح له قوة اقتصادية ، و الذي أحس بالخطر من جراء تطبيق هذه الاصلاحات و التي كانت تهدف إلى القضاء عليه بأساليب اقتصادية إلى جانب مشاكل أخرى ظهرت عند التطبيق و هي الفهم الشيء لها من قبل مسيري المؤسسات الاقتصادية العمومية و الذين قاموا برفع خيالي لاسعار المنتوجات دون محاولة تقليل التكاليف و رفع الانتاجية الشيء الذي أدى إلى استياء في وسط فئات الجماهير الواسعة التي لم تفهم المغزى الحقيقي للاصلاحات ، فبقت متخوفة منها ، إلى جانب استمرار الذهنيات و العقليات السابقة في هذه الفترة.
كما صاحب هذه الاصلاحات تطورات أمنية خطيرة أدت إلى المساس بالكثير من المؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية العمومية ، الشيء الذي جعل الاقتصاد الوطني يعاني من اختلالات كثيرة تتمثل في :
– معدل تضخم مرتفع 32 % سنة 1992 ، و 20.8 % سنة 1993 .
– استمرار ارتفاع الديون الخارجية ، و تدهور التبادل الخارجي و عدم توازن ميزان المدفوعات.
– ضعف دائم في استعمال الطاقات الانتاجية ، و ضعف التكامل الصناعي تزايد عدد السكان ، الذي يؤدي غلى زيادة حجم الطلب الشيء الذي أدى إلى عدم توازن بين العرض و الطلب .
– تزايد حجم البطالة.
– عجز في مجال السكن و في المرافق الاجتماعية الأخرى .
– استيراد أكثر من 50 % من المواد الغذائية .
– انخفاض عوائد الصادرات .
عمقت هذه الوضعية الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية مما حتم على السلطات الاستمرار في الاتصال بالمؤسسات النقدية الدولية (صندوق النقد الدولي ، و البنك الدولي ) و ذلك بابرام اتفاقي ستاند باي 1994 و برنامج التعديل الهيكلي لسنة 1995.
المرحلة 1995 إلى وقتنا الحاضر :
بإمضاء اتفاق ستاند باي ، تم الاتفاق في مرحلة موالية على برنامج التعديل الهيكلي ، دخل الاقتصاد في مرحلة جديدة حيث كان يهدف إلى القضاء على اللاتوازن الاقتصادي ، تنمية الانتاج الصناعي ، الفلاحي ، و في مجال الخدمات : فعزيمة الدولة الجزائرية على انتهاج سبيل اقتصاد السوق تتطلب قطيعة جدرية مع أسس الاقتصاد الممركز و المسير اداريا للسعي تدريجيا إلى إعادة الاعتبار لقوانين السوق و تشجيع مبادرات الاقتصاديين بهدف تحقيق فعالية عوامل الانتاج (12).
شمل هذا البرنامج اصلاح جميع القطاعت و امتد إلى جميع المتغيرات الاقتصادية منها :
– اصلاح المؤسسات العمومية و تنمية القطاع الخاص .
– السياسة النقدية و اصلاح القطاع المالي .
– المالية العامة .
– الاسعار .
– نظام الصرف..
– التجارة و المدفوعات الخارجية .
– قطاع الزراعة .
– سوق العمل .
– تدابير الحماية الاجتماعية و المسائل الاجتماعية .
– البيئة .
– الاحصائيات.
وفق هذا البرنامج تمت إعادة جدولة الديون التي مست أكثر من 17 مليار دولار بالاضافة إلى تقديم قروض اسثنائية بـ : 5.5 مليار دولار لتصحيح ميزان المدفوعات .
في شهر جويلية 1995 تتم إعادة جدولة الديون بمبلغ 7 ملايير دولار مع نادي باريس للمرة الثانية بعد تلك التي تمت في نهاية ماي 1994 تبعا لاتفاق ستاند باي بمبلغ 4.4 مليار دولار ، كما ذهبت الجزائر إلى نادي لندن بهدف إعادة جدولة الديون الخاصة بمبلغ 3.2 مليار دولار من أجل ادخال التصحيحات اللازمة للحفاظ على التوازنات الداخلية و الخارجية ، قامت الجزائر باتخاذ عدة اجراءات تدخل ضمن برنامج التعديل تمس السياسة المالية و النقدية و المعاملات مع الجزائر و إعادة تنظيم القطاع العام .
فبالنسبة للسياسة المالية استهدف البرنامج تقليص عجز ميزانية الدولة ، و ذلك بالتأطير على مجموعة من المتغيرات الاقتصادية الشيء الذي يمكن من زيادة الايرادات و التقليص من النفقات حيث انخفضت مبالغ إعانات الاسعار التي كانت تستوعب 4.9 % من الناتج الداخلي الاجمالي إلى 0.8 % سنة 1996 ، و هذا من أجل إيصال فائض ميزانية إلى 0.6 % قبل السنة الأخيرة من الاتفاق (13).
إلى جانب التحكم في مناصب العمل و عدد العمال في الوظيف العمومي و المؤسسات العمومية الشيء الذي يمكن من تخفيض النفقات الجارية .
اما بالنسبة للسياسة النقدية فقد تمت إعادت هيكلة النظام المالي بما يستجيب و متطلبات السوق ، حيث استفادت البنوك التجارية من مبلغ 217 مليار دج ما بين 1991 و 1996 كتعويض عن 80 % من خسائر الصرف الناتجة عن تخفيض سعر الدينار ، و إعادة تمويل عدد من البنوك كما سمحت أولا بدأ من سنة 1994 بفتح رأس المال البنوك التجارية إلى الشركاء الأجانب ثم اعتماد عدة بنوك خاصة الشيء الذي يؤدي إلى المنافسة و بالتالي تحسين الخدمات المصرفية .
كما قامت السلطات العمومية بتخفيض الدينار بـ 7.3 % في مارس 1994 و 40.19 % في أفريل 1994 ، حيث أن تسوية سعر الصرف هو من بين الاجراءات الأساسية لبرنامج التعديل الهيكلي و كان الهدف من ذلك هو :
– تضييق الفجوة بين السعر الرسمي و السعر الموازي.
– السماح بانشاء مكاتب للصرف تتعامل بالعملة الصعبة في ديسمبر 1996
– انشاء سوق ما بين البنوك للعملة الصعبة .
– ابتداء من سنة 1994 بدأ في تحرير معظم الاسعار و الغاء نظام الاسعار المقننة بشكل نهائي ، حيث ارتفعت اسعار المنتوجات الغذائية و البيترولية التي كانت مدعمة ارتفاعا مذهلا فاق في بعض السلع 200 % الشيء الذي كان له الأثر السلبي على مستوى معيشة شرائح اجتماعية واسعة ، رغم أن السلطات لجأت إلى أحداث نظام تعويضات للحماية الاجتماعية إلا أن هذا الأخير لم يكن محضرا له جيدا ، إضافة إلى استفادة اشخاص أخرين أحوالهم لا بأس بها منه .
أما فيما يخص إعادة تنظيم القطاع العام كلفت عملية تطهير المؤسسات 13 مليار دولار خلال الفترة 1994 و 1999 غير أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها ، رغم أن الحكومة أنشأت وزارة كاملة لهذه العملية هي وزارة إعادة الهيكلة .
تم تطهير الهيكل المالي كليا لـ 23 مؤسسة في نهاية 1996 كما تم وضع برنامج من أجل تحسين الوضعية المالية للمؤسسات العمومية الكبرى و غلق تلك التي لا يمكن انعاشها .
بفعل المرسوم الرئاسي رقم 22/95 و المتعلق بخوصصة بعض المؤسسات الاقتصادية العمومية ، بدأ في تنفيذ هذه العملية في أفريل 1996 ، حيث مست 200 مؤسسة عمومية محلية صغيرة التي يعمل معظمها في قطاع الخدمات . في نهاية عام 1996 تسارعت عملية حل الشركات و خوصصتها بعد انشاء 5 شركات جهوية قابضة . حيث تم خوصصت أو حل أكثر من 800 مؤسسة محلية و هذا في شهر أفريل 1998 . كما اعتمد برنامج ثاني للخوصصة في نهاية 1997 يركز على المؤسسات العامة الكبرى ، يهدف إلى بيع 250 مؤسسة منها خلال الفترة 1998/1999 .
يعتبر قطاع الصناعة القطاع الأول المتضرر من عملية الحل . حيث أن 54 % من المؤسسات هي مؤسسات صناعية ، ثم يأتي في المرتبة الثانية قطاع البناء و الاشغال العمومية و الري بـ 30 % من المؤسسات المنحلة .
بلغ عدد المسرحين إلى جوان 1998 حوالي 213 ألف عامل. من أجل تنمية القطاع الخاص تم اتخاذ مجموعة من الاجراءات التحفيزية مثل التخفيف من القيود الضريبية لصالح الاستثمارات الانتاجية ، تشجيع الترقية العقارية ، انشاء السوق المالي .
كما تم انشاء الوكالة الوطنية للاستثمار الخاص سنة 1994 من أجل تسهيل الاجراءات الادارية و التخفيف من العراقيل و التعقيدات الادارية التي عانى منها المستثمرون الخواص إلا أن عمل هذه اللجنة و تشكيلاتها عرقلت مشاريع استثمارية عديدة إلى جانب المسار الدي يجب أن يسلكه ملف الإستثمار طويل جدا ، يستغرق في بعض الحالات أكثر من سنة ، الشيء الذي أدى إلى هروب المستثمرين الجزائريين إلى الخارج ، فما بالك بالمستثمرين الأجانب .
بالنسبة لقطاع الزراعة ، تم اصدار قانون سنة 1995 القاضي بإعادة بعض الأراضي المؤممة إلى مالكيها بهدف تنمية فعالية هذا القطاع .
كما شمل البرنامج ايضا اجراءات تهدف إلى دعم الاستغلال الزراعي و توفير الشروط المحركة للانتاج الفلاحي ، إلى جانب تطوير الصيد البحري و ترقيته ، و تحسين وسائل الصيد ، توسيع و تهيئة موانئ الصيد و توجيه الاستثمار الخاص إلى هذا القطاع .
3 – الآثار الناجمة عن برنامج إعادة الهيكلة :
ترك هذا البرنامج أثارا على الجانب الاقتصادي و الاجتماعي نوجزها فيما يلي :
أ – الاثار الاقتصادية : أدى تطبيق البرنامج إلى تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية ، حيث انتقل معدل النمو في نهاية تطبيق البرنامج إلى 5 % رغم أن معدل النمو لا يزال يحقق مؤشرات نمو سلبية فيزيائيا (14) . حيث سجل على سبيل المثال فرع الحديد و المعادن انخفاظا في الانتاج قدر بـ 4.5 % .
إلى جانب ذلك فقد انخفض معدل التضخم إلى أقل من 1 % في مارس 2001 .
كما أن الفجوة بين سعر الصرف الرسمي و الموازي تقلصت بشكل كبير ، كما أدت سياسة تحرير الاسعار التي عرفت في الأول ارتفاعا مذهلا ، ثم استقرت حتى أن بعض السلع انخفضت اسعارها نتيجة لانخفاض اسعارها دوليا ، إلى تقليص الطلب الوطني و القضاء على التبذير.
أما بالنسبة للتجارة الخارجية ما زال النفط يشكل المادة المصدرة الرئيسية 96.82 % من اجمالي الصادرات الجزائرية عام 2000 و هذا بفعل تفكك النسيج الصناعي ، كما أن ثلثي (2/3) من المبادلات التجارية الجزائرية تمت مع الاتحاد الأوربي ، حيث أن واردتنا من هذه الدول تتمثل في بعض المواد الأولية ، قطع الغيار ، و المواد الاستهلاكية النهائية .
لم تحقق الاجراءات المتخدة من أجل تشجيع الاستثمارات الاجنبية . و في الشراكة الاهداف المرجوة منها و هذا بسبب سلبيات المحيط الاقتصادي و السياسي و الأمني إلى جانب المنافسة في جلب المستثمرين الاجانب من قبل جيراننا تونس و المغرب.
– اما بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية العمومية و الخاصة فقد أدى إلى تفكيك النسيج الانتاجي و حل عدد كبير من المؤسسات و خوصصة البعض منها ، نذكر بنقطة مهمة و هي أن بعض المؤسسات تم حلها رغم أن وضعها المالي و الاقتصادي غير متدهور بشكل كبير ، حيث أن الدراسات التي تمت من أجل ذلك لم تكن دقيقة فتم حل أو خوصصة عدة مؤسسات من أجل حلها أو خوصصتها فقط و ليس بسبب وضعها .
كما أن الكثير من المؤسسات العمومية التي مازالت تنشط و المؤسسات الخاصة ما زالت بعيدة عن المعايير الدولية (التكنولوجيا المستخدمة ، الاسعار ، الجودة …).
كما أن قطاع الزراعة عرف تذبذبا خفي الانتاج خاصة بالنسبة للحبوب باستثناء سنوات 1994/1995/1996 و هذا لاعتماده كليا على المناخ ، إذ عرفت الجزائر ضعف كبير و عدم انتظام الامطار المتساقطة .
ب – الآثار على الجبهة الاجتماعية : كان لبرنامج إعادة الهيكلة نتائج وخيمة على الجبهة الاجتماعية منها تزايد معدل البطالة حيث بلغ عام 1997 26.41% نتيجة لعدم وجود استثمارات جديدة معتبرة ، تدفق سنوي للشباب الحاملين للشهادات ، إلى جانب تسريح العمال بفعل حل مؤسساتهم.
بالاضافة إلى ذلك عرف مستوى المعيشة تدهورا كبيرا ، نتيجة لتحرير الاسعار حتى عام 1996 ، ثم عرفت القدرة الشرائية نوع من الاستدراك بدء من سنة 1997 بفعل انخفاض معدل التضخم . رغم ذلك و بفعل آثار التسريح فان 4 ملايين شخص يعيشون ما دون الفقر (15).
أما فيما يخص الوضع الصحي فقد ظهرت أمراض معدية و وبائية تم القضاء عليها في الثمانينات و بداية التسعينات مثل مرض السل ، الجرب .
كما أن انخفاض و في بعض الحالات انعدام الدخل لعدد معتبر من الاسر الجزائرية ، ارغمها على توقيف ابناءها عن الدراسة.
ثالثا : كيفية تأهيل الاقتصاد الجزائري للاندماج في الاقتصاد الدولي في ظل المستجدات الأخيرة :
كما رأينا ذلك سابقا ان نتائج سياسة التعديل الهيكلي كانت محدودة و مكلفة اجتماعيا . فلو أن مكنت هذه الاصلاحات الجزائر من تحقيق بعض التوازنات على مستوى الاقتصاد الكلي فانها لم تثمر على صعيد النمو و الاستثمار ، حيث لم تؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ، و من تم كانت هذه الاجراءات محدودة الأثر على قدرة الاقتصاد الجزائري على التكيف .
لذلك فان المسألة هنا هي مسألة ادراك طبيعة التحديات التي تفرضها العولمة بمختلف مظاهرها و هياكلها ، و من تم ادراك طبيعة الوسائل الكفيلة اقتصاديا بمواجهة فعالة لهذه التحديات ، و ذلك بصياغة البدائل الفعالة ، و اعداد الاستراتيجيات الفعالة التي من شأنها تحضر و تأهل الاقتصاد الجزائري أن يندمج في الاقتصاد الدولي وفق المستجدات الأخيرة بأحسن كيفية .
في هذا الاطار نقدم مجموعة من التصورات و الاقتراحات التي برأينا تمكن الجزائر من ذلك .
1 – جذب الاستثمارات الاجنبية ، و محاولة ارجاع الاستثمارات العربية و الجزائرية الموجودة بالخارج ، و ذلك بالعمل على تهيئة بيئة استثمارية مستقرة و ثابتة ، منها تبسيط الاجراءات الادارية و تحديد لجنة أو وكالة واحدة لتوجيه و تقييم هذه الاستثمارات ، و بالتالي الرد الموضوعي السريع على اصحاب الملفات ، إلى جانب تطوير التشريعات و القوانين المنظمة لعمليات الاستثمار الاجنبي ، و أزالة القيود أمامها محاولين قدر الامكان أن تتجه مشروعات هذا الاستثمار إلى المجالات الأكثر أهمية في الاقتصاد.
2 – تنشيط بورصة الجزائر ، و نهج سياسة اعلامية ناجحة و وضع برامج اعلامية كاملة للترويج عن مجالات و أدوات الاستثمار في الجزائر ، و توفير المعلومات المالية و الاحصائية اللازمة للمستثمرين .
3 – اصلاح المنظومة البنكية ، و ذلك بابتعادها عن التسيير الاداري و اتباعها الادوات و قواعد التسيير البنكي المتعارف عليها دوليا ، فلا يعقل أن تبقى 2800 ملف طلب قروض مشاريع في البنك الوطني الجزائري معلقة بسبب أن دراسة هذه الملفات يستغرق أكثر من سنة .
4 – بما أن أغلب مؤسساتنا الصناعية تعاني من اهتلاك و تقادم التجهيزات التي تعود إلى السبعينات ، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة منتاجاتها و انخفاض جودتها ، لذلك يجب تأهيل هذه المؤسسات في اطار الشراكة مع مؤسسات اجنبية ، الشيء الذي يؤذي إلى زيادة انتاجيتها ، تحسين جودتها ، و بالتالي قدرة هذه المؤسسات في التوجيه للتصدير ، كما على الدولة أن تسهر على عملية تأطير و تسهيل عقود الشراكة هذه.
5 – تقديم الدعم إلى بعض الصناعات ، حيث أن ترتيبات النظام الجديد للتجارة ، تسمح بتقديم أنواع عديدة من الدعم الصناعية خاصة الدعم المقدم لبرامج البحث و التطوير . حيث لا تتجاوز نسبة نفقات البحث و التطوير في الجزائر إلى الناتج الوطني الاجمالي 0.3% و هي نسبة ضعيفة جدا ، لذلك يجب تشجيع مشاريع البحث و التطوير و الابتكار ، و أن لا تبقى هذه المشاريع في ادارج المكاتب أو رفوف مكتبات الجامعات ، بل لا بذ أن تلقى طريقها إلى التطبيق ، و ذلك بتوطيد العلاقة بين الجامعات و مراكز البحث و المؤسسات و الادارة الاقتصادية ، الشيء الذي يمكننا من التحكم و استعمال التكنولوجيا الحديثة .
6 – تشجيع انشاء المؤسسات الصغيرة و المتوسطة لما لهذه المؤسسات من أهمية في عملية التنمية الاقتصادية و امتصاص البطالة إلى جانب قيام هذه المؤسسات بإعادة تأهيل و تنمية مواردها البشرية لمواكبة متطلبات التكنولوجيا الحديثة ، الشرط الأساسي لتطور هذه المؤسسات و تطور الاقتصاد الجزائري .
7 – يجب إعادة الاعتبار لقطاع الزراعة من خلال سياسة استثمارية جريئة ، و ذلك بانشاء السدود الشيء الذي يساعد على تنشيط مختلف المنتجات الزراعية خاصة الحبوب . إلى جانب تشجيع البحث الزراعي و زيادة الدعم المقدم لهذا القطاع ، حيث أن الجزائر لا تقدم سوى 5% من الدعم إلى الزراعة ، في حين أن المنظمة العالمية للتجارة تسمح بدعم أقصى قدره 10% ، و أن بعض الدول اعضاء فيها تطبق نسب تجاوزت بكثير هذا المستوى ، وصلت في بعض الحالات 50% .
8 – أن يكون قرار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة مبنيا على ما نخسره أو ما نجنيه في حالة الانضمام أو عدمه. و أن لا يكون ذلك تحت تأثير ضغط كبار المضاربين (الطراباندو) ، و ان توظف لصالحها النصوص المعتمدة حديثا من قبل المنظمة ، مثل اجراءات الانقاد برسم المادة 19 لحماية القطاعات الحساسة و الضعيفة ، و تدابير الدعم و التعويض و اجراءات مكافحة الاغراق برسم المادة الرابعة.
و بما أن بعض التحديات التي يفرضها النظام الجديد للتجارة الدولية ذات بعد اقليمي ، فان مواجهتها تفرض أن تكون السياسة الاقتصادية ذات بعد اقليمي ، و ذلك بانشاء التكتلات الاقتصادية و التجارية الجهوية الاتحاد المغاربي ، اتحاد الدول العربية ، الشيء الذي يمكن هذه الدول من زيادة التجارة فيما بينها ، و خلق التكامل الاقتصادي بينها بشروط تفضيلية لا تتوفر في ظل انضمام كل بلد على انفراد إلى المنظمة العالمية للتجارة.


التصنيفات
البحوث الاقتصادية

بحث صندوق النقد الدولي

مرحبا هذا بحث حول صندوق النقد الدولي لمعهد العلوم الاقتصادية بجامعة برج بوعريريج لسنة الثانية
انا وزميلتي انجزناه اتمنا ان ينال اعجابكم وساكمل الباقي ان شاء الله
خطة البحث

* مقدمــــة*
مفاهيم أولية حول الصنــدوق:
*1* نشأة الصندوق.
*2* تعريف الصندوق.
*3* مبادئ الصندوق.
*4* أهداف الصندوق.
*5*دور الصندوق.
خصائص صندوق النقد الدولي:
**1** هيكل الصندوق.
**2** موارد الصندوق.
**3** شروط العضوية و الدول الأعضاء.
**4** خدمة الصندوق لأعضائه.
**5** أشكال المساعدات.
الجزائر وصندوق النقــد الدولــي:
***1***علاقة الجزائر بالصندوق.
***2*** اتفاقيات الجزائر مع الصندوق.
***3*** إعادة الجدولة.
***4*** الإجراءات المطبقة ضمن التعديل الهيكلي.
***5*** أثار سياسة التعديل الهيكلي.
تقييمـــــــــــــــات:
****1**** الصندوق ومواجهة الأزمة المالية.
****2****الانتقادات الموجهة لصندوق.
****3**** تقييم الصندوق والمجلس الوطني لتعديل.
* الخاتـــمة*

**3** إعادة جدولة الديون الخارجية الجزائرية:
تعني إعادة ترتيب الدين الخارجي و عادة ما تكون بتأجيل مواعيد دفع ذلك الدين و بذلك تكون إعادة الجدول+-6ة أحد الطرق التي تلجا إليها الدول التي تعاني من ضائقة مالية و عجز في دفع ديونها الرئيسية و الفوائد المترتبة عنها,إذا كان خيار إعادة الجدولة للديون الخارجية أمرا مستجدا قبل 1993 من طرف السلطات العمومية الجزائرية فإن هذا الخيار أصبح يفرض نفسه بقوة نتيجة ثقل عبء خدمة الدين و التي أصبحت تمتص كل إيرادات الصادرات و ما زاد من حدتها انخفاض أسعار المحروقات ,انغلاق المؤسسات المالية و نظرا لتدهور الوضعية المالية و الاقتصادية للبلاد في نهاية 1993 ,كان من المتوقع أن تصل نسبة خدمة الدين إلى %100 من إجمالي الصادرات طلبت الجزائر إعادة الجدولة ديونها الخارجية و عقد عدة اتفاقيات مع الصندوق النقدي الدولي و كان أولها By STAND سنة 1994 و أخرى من نوع التسهيلات التمويلية الموسعة في سنة 1995 فتوجهت إلى نوادي الدائنين في باريس و لندن لإعادة جدولة ديونها العمومية و الخاصة.
* أهم أسبابها :
– انتهاج سياسة اقتصادية كلية غير واقعية تؤدي إلى إحداث عجز في ميزان المدفوعات .
– المغالات في الاقتراض من الخارج بشكل يتجاوز قدرة الدولة على الوفاء بديونها .
– إتباع طرق اقتراض غير مناسبة في المغالات في تضخيم الديون قصيرة الأجل أو التقييم الخاطئ لمواعيد الدفع
بشكل يؤدي إلى تراكم تلك المواعيد.
– التأثر بأحداث خارجة عن إرادة الدولة.
ويكون أمام الدولة المدنية عادة 3 خيارات:
01/ وقف دفع الديون إلا أن هذا الخيار يترتب عليه فقدان مصداقية الدولة المعنية الشيء الذي يصعب عليها الحصول على قروض أخرى، بل قد يتم الإعلان عن إفلاس تلك الدولة و الحجز أو مصادرة أو بيع أملاكها بالخارج تعويضا عن الدين.
02/ محاولة الوفاء بتسديد الديون بانتهاج سياسة تقشفية تحد من خروج العملة الصعبة كالحد من الاستيراد إلا أن هذه السياسة صعبة من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية.
03/ طلب البلد المعني إعادة جدولة ديونه كمه يمكنه طلب إعادة تمويل الدين.
* شروطها:
– يتحمل البلد المدين دفع فوائد التأخير على أقساط الدين المؤجل حتى لا يتمادى في طلبات إعادة الجدولة ، و تكون أسعار فوائد التأخير اكبر من أسعار الفوائد الرسمية على القروض التي تعاد جدولتها .
– تعهد البلد المدين بإجراء سلسلة من التغيرات الاقتصادية الرأسمالية انطلاقا من توصيات برامج صندوق النقد الدولي يبين فيها كيفيات التغيير و مدته و يترجم البلد المدين هذا الاتفاق على شكل رسالة النية

*3*1*منهجية و إجراءات إعادة الجدولة:
باعتبار أن القرارات الاقتصادية هي سياسية بحتة فإن الجزائر قررت إعادة جدولة ديونها الخارجية و البلد الذي يطلب إعادة الجدولة لديونه فهو في حالة توقف عن الدفع و كما جرت العادة فإن الدائنين يخضعونه لجملة من القواعد و الإجراءات فيمر بعدة مراحل من المفاوضات للوصول إلى إعادة الجدولة لديونه و هذا ما
فعلته الجزائر، حيث باشرت عدة مراحل من المقاومات مع خبراء الصندوق تعلقت في البداية حول وضعية الاقتصاد الجزائري ثم مرحلة أخرى ارتكزت حول الإصلاحات التي يجب تنفيذها و تتدرج زيارة وفد من الصندوق من خبراء إلى الجزائر عبر برنامج الاستقرار الاقتصادي التي تنوي الالتزام به لاسترجاع التوازنات المالية خلال سنة من التطبيق فهي قرارات من الصندوق تحدد بالاتفاق مع الأعضاء شرط مساعدته المالية لهم و
توقفت الجزائر عن الدفع مباشرة بعد إرسالها الرسالة حسن النية للصندوق الذي وافق مجلس إدارته عليها في ماي 1994 و تعتبر موافقته على برامج الاستقرار الاقتصادي بمثابة ضمان أساسي للدائنين و قبولهم الدخول في مفاوضات إعادة الجدولة و قد صاحب موافقة مجلس الإدارة على الرسالة, فمنح تسهيلات مالية للجزائر باعتبارها عضو بحوالي مليار دولار و قبل المرور على نادي باريس قام الوفد الجزائري المفاوض (وزير المالية، محافظ البنك المركزي) بشرح البرنامج الاقتصادي للعديد من الدول الدائنة و المؤسسات المتعددة الأطراف و هذا للحصول على الدعم الضروري لتنفيذ البرنامج الذي يتوقف أساسا على ثقة الدائنين فيه و قد تقدمت الجزائر رسميا بطلب إلى رئيس نادي باريس إلى الاجتماع و هو ما تم فعلا في 31 جوان 1994 بحضور الوفد الجزائري يقوده وزير المالية و ممثلين على الصندوق و البنك العالمي و ممثلين آخرين عن بعض الهيئات و البنوك و بعد
36ساعة من المفاوضات ثم التوصل إلى المحضر الرسمي الذي يحدد الإطار العام لإعادة الجدولة و تعتبر
الديون القابلة لإعادة الجدولة لدى نادي باريس هي الديون العمومية المتوسطة و طويلة الأجل يستثني منها قصيرة الأجل المقدرة بحوالي %60 من إجمالي الديون الجزائرية و المقدرة في أواخر سنة 1993 بـ 24.012 مليار دولار .
*3*2*طريقة إعادة الجدولة: اتفق الدائنون في نادي باريس بعد العرض الذي قدمه وزير المالية الجزائري على أن يتم إعادة الجدولة وفق المجال التطبيقي و طريقة التسديد التاليين:
*أ* مجال التطبيق: مست إعادة الجدولة للديون المبرمة قبل تاريخ 30 ديسمبر 1993 و التي تستحق خلال الفترة التي تمتد من 1 جوان 1994 إلى 31 ماي 1995 و المسماة بفترة التجسيد و التي تحسب عموما بناءا بما يتوافق مع الفترة التي يستغرقها برنامج الاستقرار الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق قبل المرور إلى نادي باريس و المقدرة بـ 12 شهر.
*ب* طريقة التسديد: باعتبار أن الجزائر بلد منتج للبترول و له قدرات كبيرة فهو يصنف من الدول ذات الدخل المتوسط و من هنا فإن طريقة التسديد مختلط و تتضمن:
• -التسديد يكون على أساس إطالة فترة الاستحقاق إلى 16 سنة.
• -مدة العضو تقدر ب 4 سنوات على الأكثر
• -التسديد يبدأ بعد الانتهاء من فترة الأعضاء أي السنة الخامة ابتداء من سنة 1998 فالجزائر لا تسدد أي شيء من المبلغ المعاد جدولته في 4 سنوات الأولى و تسدد فقط %10,7 من المبلغ خلال 4 سنوات و في الأخير نشير إلى أن الجزائر و بمجرد إعادة الجدولة تحرم من الحصول على قروض مالية على الأقل خلال فترة في حين تبقى القروض التجارية المضمونة للمديونية.
*3*3*إعادة الجدول الأولى للديون العمومية 1 جوان 1994:
بعد التوقيع على اتفاقية STAND . BY دخلت الجزائر في مفاوضات مع نادي باريس لإعادة الجدولة و تم
ذلك ب5,3 مليار دولار و مدة تسديده 16 سنة مع 4 سنوات فترة إعفاء و تشمل الديون التي وصلت إلى 5 مليار سنة1994 مقابل 8 مليار دولار سنة 1993 حيث أصبحت نسبة الديون إلى الصادرات %86 سنة 1993 و هكذا تم التوقيع على 17 اتفاقية ثنائية أولها كانت مع كندا في سبتمبر 1994 و آخرها مع إيطاليا فيفري 1995.و أهم الصعوبات التي واجهت المفاوضات هي تردد اليابان و الذي طالب بضمانات و معاملة خاصة.
*3*4* إعادة الجدولة الثنائية 21 جويلية 1995
استمرارا لعملية إعادة الجدولة عبر نادي باريس تم يوم 21 جويلية 1995 إمضاء ثاني اتفاق مع الدائنين الرسميين و قد مست هذه العملية القروض المضمونة التي حصلت عليها الجزائر قبل 30 سبتمبر 1993 و هو المبلغ المتبقي بعد إعادة الجدولة الأولى بالاتفاق على أن التسديدات تكون ضعيفة من 1995 إلى 2022 و تصبح أكثر أهمية بعد ذلك وهو ما يسمى التسديد المختلط و على هذا فإن رزنامة التسديد تكون كما يلي:
• *تسديد %0,43 من المبلغ المعاد جدولته في 1999/11/30
• *تسديد %0,60 من المبلغ المعاد جدولته في 2000/11/30
• *تسديد %0,43 من المبلغ المعاد جدولته في 2001/11/30
• *تسديد %0,98 من المبلغ المعاد جدولته في 2022/11/30
• *تسديد %8,82 من المبلغ المعاد جدولته في 2022/11/30
• *تسديد %9,59 من المبلغ المعاد جدولته في 2022/11/30
و يجب على الجزائر أن توقع على 17 اتفاقية قبل 31 مارس 1996 بحيث تم التوقيع على 14 اتفاقية ثنائية كان أخرها مع الولايات المتحدة الأمريكية يوم 28 مارس 1996 بمقدار 1 مليار دولار، لقد سمح الاتفاق الثنائي بإعادة جدولة أكثر من نصف الديون العمومية و يبدي التسديد في نهاية 1999 و المدفوعات تكون على مدى 25 سداسي و بصفة تدرجية بالنسبة لـ 8 سنوات الأولى بحيث تدفع الجزائر خلالها %9 من أصل الدين.
**4** الإجراءات الموضوعة للجزائر ضمن برنامج التعديل الهيكلي:
إن لجوء الجزائر إلى الصندوق والرضوخ لشروطه جاء نتيجة تفاقم المديونية الخارجية وما ترتب عنها من آثار على السياسة العامة لتنمية الاقتصادية إضافة إلى العجز في ميزان الدولة وارتفاع نسبة التضخم إلى 21.2% ونسبة البطالة إلى 23.2% وانخفاض أسعار المحروقات هذه المشاكل أدت بالجزائر إلى الاستنجاد بالصندوق والرضوخ لشروطه ومن بينها رفع الدعم على السلع وتشجيع الاستثمار الخاص الأجنبي والمحلي وتعميق الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني وتحرير التجارة الخارجية وعليه وافق الصندوق على هذه الإستراتيجية بمنح قروض لدعم برنامج التعديل الهيكلي لذلك أخذت الجزائر القيام ببعض الإصلاحات خلال مرحلة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي منها:
***إصلاح المنظومة المالية: إن الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق جعل الجزائر تعمل على إدخال تغييرات جذرية على المنظومة المالية منها:
–إعادة التوزيع النسبي للأسعار من خلال تخفيض قيمة الدينار
— توسيع وعاء الرسوم على القيمة المضافة وخاصة على المنتوجات البترولية ورفع الضريبة على الأرباح المعاد
استثمارها من 5%إلى 33%
–إلغاء كل الإعفاءات الضريبية على الفوائد المحصل عليها من السندات
–إلغاء إعانات الاستهلاك وإتباع سياسة نقدية محكمة
***الإصلاح النقدي والمالي : ارتكز برنامج التعديل الهيكلي في هذا الجانب على الإجراءات المتعلقة بسعر الفائدة لتحديد الأهداف التالية:
//المد من تمويل المؤسسات العمومية من الخزينة العامة وحثها على رفع رأس مالها من الموارد الأخرى لدى البنوك
//تنمية السوق النقدية بوضع نظام مزايدة لديون البنك المركزي وسندات الخزينة
//إصلاح القطاع البنكي وذلك بإنشاء مجموعة من المؤسسات تستجيب للاحتياطات الخاصة لبعض القطاعات
***التجارة الخارجية :ركزت الجزائر اهتمامها على دخول العملة الصعبة لتمويل صفقات التجارية الخارجية وتشجيع القروض من اجل الاستيراد ومن أهم الإجراءات لتطوير التجارة الخارجية هي:
1) خاصة بنظام الصرف وذلك بتخفيض سعر الدينار بالنسبة لدولار بين افريل وسبتمبر 1994 ب50%
2)خاصة بتحرير التجارة والمدفوعات الخارجية منها إلغاء كل أشكال منع التصدير للمواد باستثناء المواد التي لها قيمة تاريخية
***قطاع الفلاحة: يتجلى ذلك من خلال برنامج الحكومة لسنة1997 يهدف إلى:
— إعادة النضر إلى تسير القطاع من خلال إصدار قانون التوجيه العقاري والمحافظة على الأراضي الرعوية — تشجيع تنميتها العمل على التنمية الدائمة بتثمين الموارد والحفاظ على الأوساط الطبيعية
***قطاع السكان: وذلك من خلال تحسين الوضع الاجتماعي للفرد
**5**أثار سياسة التعديل الهيكلي على الجزائر:
تطبيق التعديل الهيكلي خلال مدة أربع سنوات أعطى سياسة اقتصادية جيدة لكن لم يعطي سياسة تنموية دائمة فكانت النتائج التالية:
**5//أ//القطاع الصناعي: مؤشر الإنتاج الاقتصادي تقلص حوالي 50%عام 1994-1997 والإنتاج الحرفي التقليدي ب24% وسجل تحسن مؤقت في قطاعي الطاقة والمحروقات وقطاع البناء مثلا إذا أخذت سنة 1989 كمؤشر نجد أن صناعة الجلود والأحذية انخفضت وذلك نتيجة المنافسة من القطاع الخاص
**5//ب//القطاع الفلاحي: فهي تشكل قطاع جوهريا إذ يشغل هذا القطاع قرابة 25%من إجمال عدد العمال ويشارك بنسبة 12.8%من الناتج الداخلي الخام وهذا سنة 1998 من القيمة الإجمالية المضافة وقد خلق حوالي 30000 منصب شغل وتحت تأثير أعادة هيكلة القطاع الصناعي حيث نلاحظ أن الإنتاج الفلاحي نضاعف ب3 مرات
**5//ج //القطاع الخدمي:يتمثل في التقليل من الإنفاق الاجتماعي و تحول إلى الخوصصة .
ارجو ان تستفيدوا منه


التصنيفات
تسويق

تعريف عن التسويق الدولي

تعريف التسويق الدولي:
قدم كُتاب التسويق الدولي تعريفات متباينة للمقصود بالتسويق الدولي، وفيما يلي نعرض بعض هذه التعريفات:
1. يرى الكاتب كاهلر "Kahler" 1983م أن التسويق الدولي يشير إلى تسويق السلع والخدمات في أكثر من دولة واحدة.
ويوضح الكاتب في تفسير التعريف أن ذلك قد يتم عن طريق التصدير المباشر للسلع من دولة لأخرى, أو عن طريق إنتاج وتسويق السلع في أكثر من دولة بدون أن تعبر الحدود القومية, مثل شركة "فورد" التي تنتج وتسوق سياراتها داخل الولايات المتحدة الأمريكية, كما تصنع سياراتها في ألمانيا وتسوقها في السوق الألماني.
ويتبين من التعريف السابق أنه يركز على بيان نطاق التسويق الدولي, والذي يمتد بين أسواق دولتين أو أكثر، كما يتعرض لبعض صور التواجد في الأسواق الخارجية, وهي أكثر ما يميز التسويق الدولي عن التجارة الخارجية.
وربما يعاب على هذا التعريف أنه جاء مقتضبًا, بحيث لم يشر إلى أي الأنشطة التسويقية في السوق الدولي.
2. وتُعرف جمعية التسويق الأمريكية 1985م التسويق الدولي بأنه عملية دولية لتخطيط وتسعير وترويج وتوزيع السلع والخدمات؛ لخلق التبادل الذي يحقق أهداف المنظمات والأفراد.
3. ويرى الكاتب باليودا"Paliwoda" 1988م أن التسويق الدولي يهتم بتطبيق عمليات التسويق عبر الحدود الوطنية.
وركز الكاتب على بيان الفرق بين التسويق الدولي والتسويق المقارن, حيث يرى التسويق الدولي يشير إلى التسويق الخارجي, بينما يهتم التسويق المقارن باختلافات نظم التسويق المحلي بين الدول.
ويعاب على هذا التعريف أنه لم يفرق بين مجالات التسويق المحلي والتسويق الدولي, والتي تعتبر في مجملها انعكاس لاختلافات في بيئة الأعمال في الحالتين.
4. ويعرف ألبوم ""Albaum وآخرون 1989م التسويق الدولي, من وجهة نظر الشركة, بأنه قسم من الأعمال يهتم بتخطيط وترويج وتوزيع وتسعير وخدمة السلع والخدمات التي يرغبها المستهلك الأخير عبر الحدود السياسية.
مما لا شك فيه أن هذا التعريف يعتبر أكثر شمولًا، حيث بين بجلاء أهم الأنشطة التسويقية التي تمارسها الشركة عبر الحدود الوطنية, وربما يعاب عليه أنه أغفل بعض الأنشطة الأخرى.
5. يرى الكاتب برادلي "Bradley" 1991م أن قرارات وعمليات التسويق الدولي تتطلب قيام الشركة بتحديد حاجات ورغبات المستهلكين, وإنتاج الأصول التي تحقق ميزة تفضيلية تسويقية, وإجراء اتصالات حول هذه الأصول, وتوزيعها وتبادلها دوليًا عن طريق واحدة أو مجموعة من صيغ التعاقد على التبادل.
ويتميز هذا التعريف بالتركيز على المفهوم الموسع للتواجد في السوق الدولي, والذي قد يأخذ شكل نقل التكنولوجيا عن طريق الاستثمار الخارجي، كذلك يفتح الباب أمام الصيغ المتعددة والمتطورة للتواجد في الأسواق الخارجية, والواقع أن تعقد وتعدد عمليات التسويق الدولي هي أكثر ما يميزه عن التسويق المحلي.
ويعاب على هذا التعريف أنه اهتم بتحقيق ميزة تفضيلية تسويقية, وكان أولى به أن يهتم بأن تحقق الشركة ميزة تنافسية سواء كانت في الإنتاج أو البحوث والتطوير أو التسويق أو التمويل أوتوفير الخامات أو غير ذلك.
v إن تعريف التسويق الدولي يختلف عن المفهوم العام للتسويق كونه يتعلق بأداء الأنشطة التي تساعد على تدفق السلع والخدمات عبر حدود سياسية مختلفة (أي أكثر من دولة واحدة), هذه الاختلافات ينتج عنها فروقات أخرى تتضمن عملية ممارسة الأنشطة التسويقية وكيفية معالجة مشاكل التسويق وتطوير السياسات والاستراتيجيات التسويقية وتطبيقاتها.

هل من ردووووووووود؟؟؟ اجري عند الله هل من اميييييييييييييييين؟؟؟

التصنيفات
تسويق

تعريف حديث للتسويق الدولي

التعريف : سواء كانت مطبقة في السوق المحلي أو السوق الدولي ، تبقى مبادىء و مفاهيم التسويق مستخدمة في المجالين لتحقيق نفس الغرض أو الهدف : كسب أكبر نسبة من الحصص السوقية .
فعلى المختص في التسويق الدولي مراعاة الخصائص الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و التشريعية و حتى الثقافية في عملية الإعداد التقني و التجاري للمنتوج الموجه إلى الأسواق الخارجية .
بصفة عامة ، يعرف التسويق الدولي بمجموعة المناهج و التقنيات الموجهة لمجموعات المستهلكين للمحافظة عليهم و رفع عددهم من أجل الزيادة في الأرباح .
إنطلاقا من هذا التعريف العام ، نرى أن كل العمل التسويقي المنفذ من طرف المؤسسة مبني على مبدأ أساسي : تلبية حاجات و رغبات المستهلك ، الشيء الذي يتطلب من إدارة التسويق المعرفة الجيدة و المعمقة لأسواقها و خاصة منها الخارجية

تعريف كاتوريا : 1990 : ” أداء الأنشطة التجارية التي تساعد على تدفق سلع الشركة و خدماتها إلى المستهلكين في اكثر من دولة واحدة “
و عرف في كتاب التسويق الدولي للكاتب الدكتور هاني حامد الظمور على أنه ذلك النشاط من الأعمال الذي يركز على عناصر تخطيط تطوير المنتج ، التسعير ، التوزيع و الترويج و خدمة المستهلك النهائي ( أو المستخدم الصناعي) من المنتجات (السلع أو الخدمات) التي تلبي طلبات و احتياجات في أكثر من دولةواحدة

و أقول أنا ” أن التسويق الدولي هو تلك النشاطات التي تعمل على تبادل المنفعة بين المنظمة و المستهلك أو المستعمل الواقعين ( المنظمة و المستهلك) في إقليمين مختلفين


يحتوى هذا الموقع على الكثير و الكثير من المعلومات عن الأزمة العالمية كذلك المسببات و العلاج من هذه المشكلة

التصنيفات
تسويق

علاقة التسويق الدولي بالعولمة

حتى تتصوري العلاقة بين التسويق الدولي والعولمة يمكنك أن تتصوري العلاقة بين الوسيلة والهدف
فالتسويق الدولي هو عملية يتم من خلالها توضيع المنتجات عالميا كتوضيعها محليا .. فأنت ترين مثلا مشروب الكوكاكولا في بلادك .. وأنا أراه هنا في مصر .. والهندي يراه في بلاده .. وهكذا نجد المشروب الأمريكي الأصل متواجد في كل بلدان العالم تقريبا .. إن مشروب الكوكاكولا تم توزيعه في البلاد المختلفة من خلال ترخيص التصنيع .. وهو أحد وسائل تطبيق التسويق العالمي.
تنظرين كذلك إلى خلطة الـ KFC وترينها في شوارعنا العربية معرفة ومشهورة وهي كذلك في الكثير من البلدان في العالم .. إن الطريقة التي تم بها وضع تلك العلامة في البلاد المختلفة هي فكرة الـ Franchise .. وهي إحدى وسائل ممارسة التسويق العالمي.
كل هذا أدى في النهاية إلى حدوث العولمة Globalization فصار العالم كله كأنه قرية صغير وسوقا مفتوحة .. فالعلامة التجارية من السهل أن نجدها في أي مكان بالعالم .. والمنتج الواحد يتحرك عبر الأسواق المفتوحة إلى كل من يحتاجه بأي مكان بالعالم
بذلك تتضح لك العلاقة بين التسويق العالمي أو الدولي والعولمة ..
وأنهما ممارسات ونتائج ,فالتسويق الدولي هو تقنيات التسويق واختراق الأسواق من منظور متخصص أي منظور خارج الدولة الأم صاحبة المنتجات أو الأعمال .. وهو بذلك يدرس في مناهج التسويق منذ مدة طويلة وقبل أفكار العولمة حيث لابد من دراسة الأسواق والمستهلكين وطريقة اتخاذهم للقرار والبيئة المحيطة بهم
فالتسويق الدولي إعادة تشكيل أفكار التسويق الأساسية والمزيج التسويقي بحسب معطيات كل دولة
فلقد واجهت شركة نستله عالميا مشكلة كبيرة في الستينات حين رغبت بدخول أسواق الشرق الأدنى
وأمضت سنوات من الفشل وسوء التخطيط … كل ذلك لاتباعها نفس سياسات وتقنيات التسويق في أوروبا وشمال أمريكا
والحقيقة التي اكتشفتها لاحقا أن التسويق الدولي يختلف عن المحلي لاختلف المعطيات من بيئة وجمهور وسياسة وقانون ..الخ

والآن ظهر لنا مسمى جديد وهو العولمة
وإن كان العولمة تحمل معاني سياسية إلا أن الاقتصاد والتجارة جزء هام من معادلة العولمة
فالعولمة هي توحـيــــــــــــــــــــــــد الأذواق مما يتيح توحيــــــــــــــــــــــــــــــــــد الأسواق
وهذا ما أعنيه تسويقيا حول العولمة حيث يصبح للعالم طريقة واحدة وأسلوب واحد بالعيش من ثم سلع واحدة ومنتجات متشابه

بعد أن أصبح مفهوم التسويق الدولي والعولمة واضحين نستطيع أن نقول :
إن العولمة تسويقيا تخدم وتسهل فكرة التسويق الدولي من حيث توحيد الأنماط وتقليل تكاليف الدراسات والأبحاث حول آلية إنزال السلع في الدول الأخرى
والعولمة كذلك أداه وباب للتسويق الدولي بدخول أسواق عالمية جديدة وبطريقة مختلفة عن السابق
نعم العولمة سلاح هام أمام التسويق الدولي .. فهو يمحق الفروقات .. ويزيل العوائق أمام أي جديد

كل هذا لا يمنع ولا ينفي وجود مفاهيم في التسويق الدولي لابد أن تراعى لخدمة ونجاح التسويق في الدول الأخرى عالمي

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول التسويق الدولي

بحث حول التسويق الدولي
________________________________________
خطة البحث
مقدمة
– مفاهيم أساسية حول التسويق الدولي:
I مفهوم التسويق الدولي:
-2-I مظاهر الإرتباط الأولية بين التسويق الدولي, و التسويق المحلي, التجارة الدولية, التمويل الدولي:
1-2-
-3-I أهمية التسويق الدولي و أبعاده:
-II مبادئ التسويق الدولي:
-1-II التخصص و تقسيم العمل:
-2-II توازن ميزان المدفوعات:
-3-II توازن المزيج التسويقي:
-3-II توازن المزيج التسويقي:
-4-II الميزة التنافسية للمنتوج:
-5-II القوة الشرائية في الدولة المستوردة:
III- المزيج التسويقي الدولي:
-1-III المنتوج:
-2-III التسعير:
-3-III التـوزيـع:
-4-III الترويج:
الخاتمة:
مراجع البحث:

مقدمة:
شهد العالم خلال العشرية الأخيرة سلسلة من التحديات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية, في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الجديدة, وخاصة بظهور التكتلات الاقتصادية, المنافسة الدولية, انتشار الشركات المتعددة الجنسيات, الأدوار الجديدة للمنظمات العالمية… إلخ.
كما ظهرت في هذه الفترة ثورة تكنولوجية سريعة تمثلت أساساً في التطور السريع في عالم الاتصالات, المواصلات, المعلومات, و اتساع مجالها, إضافة إلة ما ترتب عنه من سرعة فائقة في جمع و تخزين المعلومات, وانتقالها السريع بين أبعد نقطتين في العالم, مما ساهم في تحقيق “عالمية السوق”, بحيث لم يعد هناك سوق وطنية, أو لإقليمية, بل اندمجت معظمها في سوق واحدة في عدد كبير من السلع و الخدمات.
كل هذا أدى بالاهتمام بضرورة التسويق بصفة عامة, و التسويق الدولي بصفة خاصة, و الحاجة إلى المعلومات التسويقية سعياً منها في غزو أسواق الدولية, و هذا طبعاً بعد تطوير منتجاتها ووجود وسيلة فعالة و شاملة لكافة الوظائف لتضمن انسياب و تدفق السلع و الخدمات إلى الداخل و الخارج.
و من خلال هذا التطور و التقدم المستمر في نختلف الأنشطة التجارية, و الصناعية و الخدماتية, و بالأخص التكنولوجية, أصبحت الميزة التنافسية تقاس بمدى القدرة على الإبداع و الابتكار و التجديد الذي يتماشى في نفس الوقت مع متطلبات الأسواق الخارجية, مما فتح مجالات واسعة للنمو أمام المؤسسات و اقتحام الكثير من الأسواق و هذا بفضل الأهمية البالغة للتسويق الدولي, الذي يعتبر محدداً لنجاح المؤسسات في دخول الأسواق العالمية, و عليه فالمؤسسات التي تملك أنشطة تسويقية متطورة تستطيع أن تنافس بكفاءة وفعالية في الأسواق, و هذا ما يتجلى في النجاح الكبير الذي حققته مؤسسات الدول المتقدمة كالمؤسسات الأمريكية, الألمانية, اليابانية, … إلخ.
ضمن هذا الواقع, فإن السؤال الأساسي الذي يمكن طرحه كإشكالية لهذا البحث يتمثل في الصياغة التالية:
ما مدى كفاءة المزيج التسويقي الدولي ؟
في ضوء هذا الإشكال تتبادر إلى أذهاننا التساؤلات التالية:
1- ما هو المقصود بالتسويق الدولي ؟
2- ما هي أهميته ؟
3- ما هو الفرق بين التسويق و التسويق الدولي ؟
و للإجابة على هذه التساؤلات نطرح الفرضيات التالية:
1- التسويق الدولي هو عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية, لغرض إشباع الحاجات والرغبات الإنسانية.
2- تتجلى أهمية التسويق الدولي في توسيع السوق و جذب عملاء جدد, و تجنب المنافسة, وزيادة رقم الأعمال.
3- الفرق بين التسويق و التسويق الدولي هو إنسياب السلع في التسويق الدولي يتم في أكثر من دولة واحدة, و بالتالي جوهر الاختلاف يكمن في المحيط الذي تتعامل معه, ثقافته, عاداته, أسلوب حياته وموقعه الجغرافي.
و لإثراء الموضوع، قسمنا بحثنا هذا إلى فصلين؛ فصل أول أتكلم فيه على بعض المفاهيم المتعلقة بالتسويق الدولي, مفهومه, أهميته, أبعاده, الفرق بين التسويق الدولي و التسويق؛ التجارة الدولية؛ التمويل الدولي.
و في الفصل الثاني تعرضت إلى عناصر المزيج التسويقي الدولي: المنتوج الدولي, التسعير الدولي, التوزيع الدولي, و أخيراً الترويج.

I- مفاهيم أساسية حول التسويق الدولي:
تعد الدراسة التسويقية أحد الإتجاهات الحديثة في الفكر الإداري, ذلك أنّ التسويق بهتم باتساع الرغبات و الحاجات الإنسانية. و لا يخفي على أحد ما يحضى به التسويق الدولي من اهتمام في ظل المرحلة الراهنة, بحيث يعد التسويق الدولي نشاطا اقتصاديا عالياً, فهو يعني القدرة على فهم الفرص التجارية في الأسواق الخارجيـة, و استيعابها لضمان النجاح و مواجهة المنافسة الدولية.
كما يشير كذلك إلى عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية, بهدف إشباع الحاجات, والرغبات الإنسانيـة, إلى جانب سعيه من التخفيف من الآثار المتزايدة و الناجمـة عن تزايد حـدة المنافسة, و على النطـاق الـمحلي و الـدولي.
و عليه فعرض محتوى الفصل, ينطلق أولاً من عرض أهم التعاريف المختلفة للتسويق الدولي, لأنه نقطة البدايـة, في نشرع في ذكر العلاقات الارتباطية بين كل من التسويق الدولي و, التسويق المحلي, التجارة الدولية, التمويل الدولي, و في الأخير نتكلم عن أهمية التسويق الدولي, و أبعاده.
-1-I مفهوم التسويق الدولي:
يعرفه عمرو خير الدين بأنه:” مصطلح يشير إلى عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية, بهدف إشبـاع الحاجات و الرغبات الإنسانية”. [1]
نلمس من هذا التعريف الطبيعة الأساسية للتسويق, فهي لا تتغير من التسويق المحلي إلى التسويق الدولي, إلا أن التسويق الدولي يتم عبر الحدود الدولية, و هنـا وجه الخلاف بينهما, حيث يتطلب التسويق الدولي التعامل في أكثر من بيئـة واحدة, و هذا ما يتيح مشكلات عديدة كتأثير أثر الأحداث الدولية على المؤسسـة, و تعديل سلوكها, لكي يتلاءم مع الثقافات المختلفة, و تحديد ما يرغبه المستهلك.
و يقول كذلك “Allain Ollivier” في هذا المجال ” التسويق الدولي هو تلك الأنشطة التي تقوم بها الـمؤسسة لأجل إيجاد علاقة بين الربحيـة و الأسـواق”. [2]
إلا أنّ “Allain Ollivier” يقسمه إلى ثلاث خطوات رئيسية: [3]
1- المعرفة الجيدة للأسواق بالملاحظة و التحليل للطلب و المنافسة, الوسطـاء, المحيط القانوني, التقني, الإقتصادي, …
2- تحديد أو تعريف الغرض التجاري كعمل مستهدف و مختار, و البحث عن أحسن وضعية لسياسة المنتوج, السعـر, التوزيع.
3- التسويق الجيد للمنتجات و للخدمات الجيدة لسياسة الإتصال و التوزيع, و حسب “A. Ollivier فهي تعتبر القواعد الأساسية لتسويق.
و يعرفه عمر سلمان :” بالعملية التي يتم من خلالها خلق تمويل تبادل السلع بين المنتج و المستهلك, و التنمية الإقتصادية”. [4]
و يتضح جليا من هذا التعريف, أن عمر سلمان يركز على عملية التصدير, باعتبارها جزءاً هامـاً من التسويق الدولي, حيث أن هذه العملية تساهم في توسيع نطاق التجارة الخارجية, و التنميـة الإقتصاديـة.
-2-I مظاهر الإرتباط الأولية بين التسويق الدولي, و التسويق المحلي, التجارة الدولية, التمويل الدولي:
1-2-I التسويق الدولي و التسويق المحلي:
فالتسويق الدولي حسب “محمد صديق عفيفي” هو:” تلك الأنشطة التجارية التي توجه انسياب السلع من المؤسسة إلى الزبائن المرتقبين في أكثـر من دولة واحـدة”. [5]
و على ضوء ما أشير إليه, فإن هناك تشابه كبير بين التسويق الدولي و المحلي كظاهرة اقتصادية, إلا أنه هناك فرق وحيد هو أن انسياب السلع في التسويق الدولي في أكثر من دولة واحدة, و بالتالي جوهر الإختلاف يكمن في المحيط الذي تتعامل فيه معه, ثقافته, عاداته, أسلوب حياته, رقعته الجغرافية….إلخ.
و حسب الدكتور عبد السلام أبو قحف, فإن” الفرق الوحيد بين مفهوم التسويق الدولي, و مفهوم التسويـق المحلي يكمن في اختلاف موقع أو مكان الممارسة فقط”. [6]

2-2-I– التسويق الدولي و التجارة الدوليـة:
هناك من يعرف التجارة الدولية على أنها تحتوي تبادل السلع فقط, و يعني ذلك “الإستيـراد و التصديـر”, إلى جانب كل العمليات الإضافية, كالقروض, التأمينات, و النقل.
و يعرف كامل بكري التجارة الدولية بأنـها ” تعني كل العلاقات التي تظهر على المستوى الدولي, فهي ليست خاصة بمنتوج واحد, و لكـن تهدف إلى تنظيم العلاقات بيـن الطرفين, البائـع والزبـون” [7]
من خلال هذا التعريف, يمكن استنتاج الفرق بينهما, فالتجارة الدولية هي عملية شاملة لكل العلاقات على المستوى الدولي, بينما التسويق الدولي هو الأداة التي تستخدم في تحديد و توجيه السلع إلى المستهلكين, فيقوم بعمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية بهدف إشباع رغبات المستهلكين, بينما التجارة الدولية أوسع وأشمل من التسويق الدولي,فهي تهتم بكل العمليات التي تظهر على المستوى الدولي كالتأمين, القرض, النقل…
3-2-I– التسويق الدولي و التمويل الدولي:
بالنسبة للتمويل الدولي, فهو يتكامل مع التسويق الدولي من عدة نواحي أهمها, أنه يقدم المعايير التي تستخدم في تقييم بدائل الاستراتيجيات الدخول للسوق الخارجي, و بالطبع سيكون معدل العائد المتوقع من كل بديل هو أساس اختيار البديل المناسب, و لا شك أن القوة الشرائية للدولة المستوردة هو أحد العوامل التي يؤخذ في الاعتبار عند تقييم هذه البدائل, حيث تمثل نظم النقد الأجنبي و ما ينتج عنها من تحويل أسعار عملة الدولة بعملات الدول الأخرى, أحد البنود المحددة للتكلفة الكلية التي ستتحملها الشركة, و كذلك لمستوى العائد المتوقع و درجة الخطر لكل بديل, و على أساسها, تحدد الشركة مدى دخول السوق الخارجية, و ما هو البديل المناسب لعرض منتجاتها في تلك السوق.[8]

-3-I أهمية التسويق الدولي و أبعاده:
-1-3-I أهميته:

أصبحت الكثير من الدول تهتم بإبرام الاتفاقيات الدولية, بالخصوص في مجال التجارة فيما بينهـا, لتشجيع التجارة الخارجية بشقيها “الاستيـراد و التصديـر”, و في هذا الجانب نتناول أهمية التسويق الدولي, و الفوائد التي تعود على الدول من خلاله.
فحسب صديق محمد عفيفي, أن أكثر المكاسب وضوحاً و ايجابية, هو فتح المجال أمام الصناعات التي تتمتع فيا الدولة بمزايـا على قريناتها في الدول الأجنبية. [9]
و يمكن توضيح أهميته في النقاط التـاليـة:
– التصدير أحد الطرق للحصول على العملة الصعبة التي تحتاجها الدول, لاستيراد المنتوجات التي تنتجها محليا, و بالتالي فه يعتبر كسباً قوميا واضحاً, كما يؤدي إلى رفع المعيشة و التنمية, و رفع القدرة الشرائية للمستهلكين.
– التسويق الدولي يسمح ببيع فائض المؤسسة إلى الخارج, و خلق فرص للتوظيف, فهو ضرورة حيوية خاصة.
– استفادة الدول النامية من استثمارات الأجنبية المباشرة اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا, رغم أن الدول المستثمرة في الدول الناميـة لا تفعل إلا بمصلحتها الخاصة.
– الإسهام في دعم عجلة التنمية, لأن التسويق الدولي تحتاج إلى مهارات, و يخضع لعدة اعتبارات أخرى.
– التسويق الدولي يساهم في خلق مناصب شغل من خلال التوسع في نشاط المؤسسة, بغية تحقيق أكبر عائد من خلال رفع حجم الإنتاج.
– بناء سمعة جيدة على المستوى المحلي, و الدولي للشركة.
– زيادة رقم أعمال الشركة.
– يساعد في الهروب من حدة المنافسة أو انخفاض الطلب من السوق المحلي.
– المساهمة في تشجيع الإنتاج على نطاق واسع, مما يخلق وفرات كبيرة. [10]
-2-3-I أبعاد عملية التسويق الدولي:
إن العناصر الرئيسية لعملية التسويق الدولي أو عملية التبادل الدولي, هي القدرة على فهم الفرص الخارجية, و استيعابها, و تحديد الفرص المربحة و تحليلها, و كأساس لتصميم استراتيجية المنتجات, و الخدمات, الأسعار, … لتحقيق أحسن تبادل تجاري. إلا أننا نتساءل عن أوجه التشابه و الاختلاف في أنشطة التسويق الدولي, لأن هناك درجات متفاوتة من الالتزام لغزو الأسواق الدولية. وحسب محمد صديق عفيفي يمكن إدراج أهم أبعاده في النقاط التالية:[11]
1- عدم قيام المؤسسة بأي جهد للبحث عن عملاء لها بخارج الحدود الوطنية, و مع ذلك تبع المؤسسة بعض منتجاتها لعملاء أجانب, و هم الذين يسعون إليها بأنفسهم.
2- عند وجود فائض من الإنتاج بصفة مؤقتة, قد تلجأ المؤسسة لتصريفه في الأسواق الخارجية, دون النيـة في التصدير .
3- تبعاً للمرحلة السابقة, قد تفكر المؤسسة في أن تستمر في محاولات التسويق خارج حدودها الوطنية, لتحقيق عائد أكبر في شكل عقود و صفقات غير منتظمة, بمعنى أن المؤسسة تحاول الحصول على صفقات البيع في الأسواق الخارجية و لكن دون أن يكون لها تمثيل دائم.
4- امتلاك المؤسسة طاقة إنتاجية دائمة, مع استخدامها لوسطاء دائمين للقيام بعمليات التسويق الخارجي, أي بهدف توسيع سوق المنتجات التي يتم تسويقها محليا, مع إدخال بعض التعديلات على المنتوج إذا تطلب الأمر ذلك, بهدف مراعاة ذوق المستهلك الأجنبي.
5- منح التراخيص لمؤسسة أجنبية لتنتج بموجبها في أسواق تلك المؤسسات المحلية, و تكتفي المؤسسة المرخصة بعائد الترخيص, و خير مثال عل ذلك ما قامت به Coca Cola, حيث قامت هذه الأخيرة بمنح تراخيص لعدة مؤسسات أجنبية في دول مختلفة لإنتاج نفس المنتوج, و بنفس المواصفات و الخصائص, و تحت نفس العلامة التجارية, و هذا بغية غزو الأسواق الدولية و توفير المنتوج للمستهلك بنفس الخصائص (الذوق,…) في كل مكان مثلما فعلته في الجزائـر, مصـر, العربية السعوديـة…إلخ.
6- في هذه المرحلة تظهر فكرة لحدود الوطنية فتصبح العولمة بفضل نشاط التسويق الدولي, فهي تنظر للعالم بأكمله على أنه سوق لمنتجاتها.
-II مبادئ التسويق الدولي:
يعتبر علم التسويق الدولي أحد فروع المعرفة التي نشأت حديثاً كاستجابة في الآونة الأخيرة نحو دخول أسواق أجنبية, و قد تطور هذا العلم في إطار عدد من المبادئ الرئيسية هي: [12]
-1-II التخصص و تقسيم العمل:
يقوم التبادل أساساً على مبدأ التخصص الدولي, حيث تتخصص كل دولة في إنتاج سلعة أو مجموعة معينة من السلع و تتبادلها مع غيرها من الدول, و ترتبط ظاهرة التخصص بين الدول المختلفة بظاهرة التجارة الدولية ارتباطا وثيقاً, فالتخصص يؤدي إلى زيادة الإنتاج, و من ثم تتمكن كل دولة من إنتاج السلع المتخصصة في إنتاجها بكميات أكبر من حاجاتها الاستهلاكية, كما تترك إنتاج السلع التي ليس لديها تخصص أو تفوق في إنتاجها الدول الأخرى ذات التخصص و يتم التبادل بين هذه الدول على أساس تخصص كل منها.
و تجدر الإشارة إلى أن مبدأ التخصص و تقسيم العمل قد لا يقتصر على دولة واحدة, بينما قد يمتد ليشمل عدة دول تكون فيما بينها ما يسمى بالاتحاد الإقتصادي, و الذي بموجبه تزال كافة القيود على حركة السلع و الخدمات و عناصر الإنتاج, و تتوحد السياسات الإقتصادية فيما بين الدول الأعضاء, و يتم التنسيق بينها بهدف وضع هيكل منتجات تتخصص في إنتاجية هذه الدول مجتمعة, و تحديد أهم المنتجات التي سيتم استيرادها من الدول الأخرى, و يكون الفرار الخاص باختيار المنتجات التي سيتم إنتاجها مبنيا على أسس اقتصادية و التكاليف الكلية التي ستتحملها الدول الأعضاء, عند إنتاج كل سلعة أو خدمة مقارنة بتكلفة استيرادها.و مثال ذلك الإتحاد الإقتصادي الذي نشأ بين اليابان و كوريا الجنوبية و ماليزيا و سنغافورة و تايوان و هونغ كونغ, لتنسيق هياكل الإنتاج فيما بينها في مواجهة دول العالم الأخرى, حيث استقرت هذه الدول مجتمعة على تركيز جهودها في إنتاج منتجات الغزل و النسيج و المعدات الكهروبائية و الأجهزة الالكترونية و تصديرها إلى الأسواق الخارجية, و قد ظهرت بوادر النجاح لهذا الإتحاد حيث أصبحت هذه المنتجات مبيعا و الأقوى منافسة في أسواق العالم المختلفة.

-2-II توازن ميزان المدفوعات:
ميزان المدفوعات هو إجمالي معاملات الدولة مع العالم الخارجي, خلال فترة زمنية معينة, و ينقسم إلى قسم الحساب الجاري, و قسم حسابات الصفقات الرأسمالية و أخيراً قسم الحساب النقدي… و تسفر العمليات الإقتصادية المبرمة مع العالم الخارجي إما عند وجود عجز أو فائض في ميزان المدفوعات, و في كلتا الحالتين (عجز أو فائض) يتعين على الدولة تسوية قيمة العجز أو الفائض مع الخارج.
و لما كان التسويق الدولي يتيح للدولة الإستفادة من مزايا التصدير التي تتركز أساسا في الحصول على النقد الأجنبي الذي يستفاد منه في تمويل الاستيراد و سداد العجز في ميزان المدفوعات, و كذا الاستفادة من الاستثمار الأجنبي, في تسوية الفائض في بعض الأحيان, و عليه فإن مبدأ توازن المدفوعات من أهم المبادئ التي تحكم أنشطة التسويق الدولي و مساهمتها في تحقيق هذا التوازن.
بمعنى أن يتوازن إجمالي ما يخرج من الدولة من قيم واردات و فوائد و قروض و مصروفات الشحن و التأمين مع إجمالي ما يدخل إلى الدولة من إجمالي الصادرات خلال العام, كأحد المعايير الهامة للحكم على مستوى فعالية التسويق الدولي.
-3-II توازن المزيج التسويقي:
يقصد به الإهتمام بجميع عناصره الأربعة (المنتوج, السعر, التوزيع, الترويج), دون التركيز على أحدها على حساب العناصر الأخرى, بمعنى أنه لا يعتبر المزيج التسويقي متوازنا إذا تركز الاهتمام الرئيسي للشركة على عنصر السعر مثلا و إهمال العناصر الثلاثة, و يراعي أن توازن المزيج التسويقي من وجهة نظر التسويق الدولي لا تقتصر على ذلك فحسب, بل تشمل أيضا أن يكون المزيج التسويقي ملائما لقوى السوق الخارجية, و بمعنى أكثر تحديد أن يكون ملائما لأذواق المستهلكين في الدولة الأجنبية و قدراتهم الشرائية, و كذلك يكون مواجها بفعالية للمزيج التسويقي المقدم من جانب منافسين آخرين.
و من جهة أخرى, فإن نجاح المنتوج دوليا يعني نجاح المزيج التسويقي ككل و ليس المنتوج فحسب, و بالتالي فإن تسويق المنتوج دوليا يستوجب بالضرورة تصميم و تنفيذ لعناصر المزيج التسويقي بشكل متوازن بما يناسب مع الاختلاف بين خصائص و ثقافة المستهلك الأجنبي و قوة المنافسين في السوق الدولية.
-4-II الميزة التنافسية للمنتوج:
يضيف هذا المبدأ بعدا جديداً و هاما لأنشطة التسويق الدولي, حيث لا تقوم الدولة بإنتاج المنتجات التي تكون تكلفة إنتاجها محليا أقل من تكلفة استيرادها فحسب, بل الأمر يمتد إلى أبعد من ذلك, حيث تختار الدولة المنتجات التي تحقق لها ميزة تنافسية في مواجهة المنتجات المنافسة لها في الأسواق الخارجية.
و تمثل التنافسية على مستوى الإقتصاد الجزئي قدرة المؤسسة على مواجهة المنافسة مع المؤسسات الأخرى في داخل البلاد و خارجه, و ذلك بالمحافظة على حصتها من السوق المحلي و الدولي. أمّـا على مستوى الإقتصاد الكلي, فإن تنافسية الاقتصاد الوطني فتكمن في قدرته على تحقيق فائض تجاري بصفة مستمرة, و ترتبط المنافسة بعدة عوامل تصنفها النظرة الاقتصادية إلى مجموعتين:
أ- منافسة بالأسعار: و تأخذ بعين الاعتبار التطور المقارن للأسعار (بين البلد و خارجه) و ما يحددها من عوامل و تكاليف الأجور للوحدة المنتجة, و التكاليف الجبائية و الاجتماعية و تطور الإنتاج و سلوك المؤسسات و تطور أسعار الصرف…الخ.
ب- المنافسة الهيكلية أو المنافسة بغير الأسعار: تتوقف هذه المنافسة على التخصص الذي يعتمده البلد و على الديناميكية التكنولوجية و التجارية للشركات المصدرة (الإبداع و تمييز المنتجات و البحث عن النوعية و الخدمات ما بعد البيع…) و نوعية تسيير الشركات, و خاصة تسيير مواردها البشرية وقدرتها على التكيف مع المحيط التنافسي.
و على سبيل المثال قد تكون جمهورية مصر العربية قادرة على إنتاج سلعة القمح مثلا بتكلفة أقل من تكلفة استيرادها من الخارج, إلا أنه قد تفضل تركيز جهودها و توجيه الجزء الأكبر من مواردها لإنتاج المنسوجات و السلع الغذائية, لما لها من ميزة نسبية تجعلها في موقف تنافسي قوي في الأسواق الخارجية إما في صورة جودة عالية أو أسعار منخفضة بالنسبة للسلع المنافسة, و بذلك تضاف سلعة القمح إلى هيكل المنتجات التي سيتم استيرادها من دول أخرى, و تضاف المنسوجات و السلع الغذائية لهيكل الإنتاج و هيكل الصادرات معا, و يتضح من هذا المبدأ أن توجه الجهود داخل الدولة إلى التصدير و غزو الأسواق الخارجية و ليس مجرد سد احتياجات السوق المحلية فقط.

-5-II القوة الشرائية في الدولة المستوردة:
يرتبط التسويق الدولي بمدى القوة الشرائية للدولة المستوردة, و التي على أساسها يتحدد إلى أي مدى يكون دخول السوق الأجنبي أمرا مجديا في الأجل الطويل. و يقصد بالقوة الشرائية قدرة المستورد على الدفع بالعملة المحلية و سعر تحويل هذه العملة المحلية بعملات أجنبية أخرى, ووفقا لذلك يتحدد حجم السوق و مدى جدوى دخوله و تحديد أي الأشكال سوف تنتجها الشركة أو منح تراخيص لشركات وطنية أو الدخول مع شركات أخرى في مشروعات مشتركة.

III- المزيج التسويقي الدولي:
يشكل المزيج التسويقي الدولي الأساس الرئيسي الأكثر حركة, و قدرة على التوافق و التعامل مع المتغيرات الخاصة بالنشاط التسويقي, فعناصر المزيج التسويقي الدولي هي نفس عناصر التسويق المحلي, إلا أن تصميم هذه العناصر يكون ارتباطا بالأسواق العالمية, لمحاولة تحقيق التجانس في الطلب العالمي على المنتجات.
و يعرف المزيج التسويقي على أنه مجموعة الوسائل التي يستخدمها مدراء التسويق لتحقيق أهدافهم, وتشمل هذه الوسائل العديد من العوامل, التي يمكن أن تلخيصها في: السلعة, توزيعها, تغييرها, وترويجـها, بحيث يقوم مدير التسويق الناجح بإيجاد الخطة المناسبة من هذه العناصر الأربعة, وفقا لمتطلبات كل ظرف من الظروف.
و ينبغي الإشارة إلى أن عناصر المزيج التسويقي الدولي يجب أن تتصف بالاستمرارية نظرا للطبيعة الديناميكية التي تعمل فيها النشاط التسويقي الدولي, و من ثم يجب إعادة النظر فيه من فترة لأخرى, حسب العوامل و التغيرات التي تطرأ على البيئة التسويقية الدولية.
-1-III المنتوج:
تعمل المؤسسة التي تتوجه نحو الأسواق الدولية, و تصدير منتجاتها إليها و الرغبة في التوغل فيها, مع مراعاة المزيد من الاهتمام بالسلعة و متطلباتها, و هي مزيج من صفات ملموسة و غير ملموسة تشمـل: الغلاف, اللون, العلامة… , إن تقديم سلعة جديدة لسوق يعتبر من القرارات المهمة التي يواجهها مدراء التسويق, و ذلك لما يتضمنه كل قرار من معطيات و عوامل تختلف باختلاف الظروف المحيطة حالة على حدى.[13]
و منه القرارات الخاصة بالساعة من حيث تصميمها, تحديد جودتها, تشكيلاتها, غلافها اسمها التجاري, الخدمات المصاحبة لها, هي الأساس في تصميم باقي السياسات التسويقية. و عليه يرى الكثير من المهتمين بالتسويق, أن نجاح المؤسسة يعتمد بصفة أساسية على المنتوج الذي يتم تقديمه إلى السوق.

أ- المنتوج المحلي و المنتوج الدولي:
يعد المنتوج المادي الذي يشمل: العبوة, العلامة, الخدمة,… مكونات المزيج التسويقي أو البرنامج التسويقي الدولي, و يعرف على أنه الكيان المادي الذي يتم إنتاجه لإشباع حاجة أو لرغبة معينة”. [14]
كما يعرفه البعض على أنه مجموعة من الخصائص و المكونات, التي يجب أن توافر بتوفر المستوى المرضي, الذي تسعى إليه المؤسسة في أهدافها التسويقية, كما أنه مجموع من المنافع التي تشبع حاجة المستهلك و هو يتضمن في طياته أبعاداً وظيفية, كالتصميم و التغليف, التعبئة, و الخدمة. [15]
كما أن وظيفة تعديل المنتوج تعد وظيفة على درجة كبيرة من الأهمية في الجهود التسويقية, والمؤسسات التي ترغب في أن تكون ذات توجه عالمي, يجب أن يكون لها منهج قائم على إيجاد الجديد من الأسواق, و اعتمادها على منتجات أو خدمات قابلة لتسويق في عدة أماكن. إلا أن هناك مؤسسات تعهد إلى بيع منتوجاتها المحلية بنفس الصفات و الخصائص في الأسواق الخارجية.
ب- الطرق الخمسة لغزو الأسواق الدولية:
ينبغي على المؤسسات التي تعمل في الأسواق الخارجية, أن تقرر مدى التعديل الذي يجب أن تدخله على مزيجها التسويقي بما يلائم احتياجات المستهلك و رغباته في الأسواق المستهدفة.
و بهذا الصدد هناك خمسة طرق لغزو الأسواق الأجنبية, و هذه الطرق هي كالتالي:[16]
-1 طريقة تنمية إتساع المنتوج في السوق:
و يقصد بهذا التوغل في السوق الأجنبية بنفس المنتوج, دون إجراء أي تعديل يذكر, و تطبق هذه الطريقة المؤسسات التي لها منتوجات تصف بالعالمية, مثل “كـوكا كـولا” حيث يتم توزيع المشروب كما هو موجود في السوق المحلي, و في جميع الأسواق الخارجية.
-2 طريقة التعديل في الاتصالات:
يعني بها التوغل في الأسواق الدولية دون التعديل في المنتوجات, مع تعديل طريقة الاتصال وذلك بتكثيف الجهود الترويجية.
-3 التعديل في المنتوج:
و تتضمن هذه الطريقة إحداث تعديلات على المنتوج لكي يقابل احتياجات و رغبات المستهلك الأجنبي, أو إجراء التعديل من أجل توحيد مواصفات المنتوج.
-4 طريقة التعديل المزدوج:
هي إحداث تعديل في مواصفات المنتوج مع إجراء ترقية في المزيج الترويجي, و هذا لاختلاف تفضيلات المستهلك في الأسواق الأجنبية.
-5 خلق المتوج:
و هي الطريقة الأخيرة, يركز فيها على تقديم منتوج جديد في السوق, و قد تتطلب هذه الطريقة تكاليف مرتفعة, إلا أن نجاحها يعود على المؤسسة بأرباح كبيرة فتقديم منتوج جديد يعد نقطة ارتكاز قوية في نمو و تقدم المؤسسة كما أنه يساعد على مواجهة المنافسة الحادة التي تفرضها المؤسسات الأجنبية.فالابتكار و التجديد يؤدي إلى وجود طريقة جديدة في العملية الإنتاجية, التي تؤدي بدورها إلى ازدهار و نمو الإقتصاد الوطني.
و بمـا أننا نتكلم عن سياسات و قرارات المنتوج الدولي في غزو الأسواق الدولية يتطلب منا التطرق إلى دورة حياة المتوج الدولي.
ج- دورة حياة المنتوج الدولي:
إن دورة حياة المنتوج الدولي في الأسواق الدولية لا تختلف بدورها عن دورة حياة المنتوج المحلي, و هي خمسة مراحل:
1- مرحلة البحث و التطوير
2- مرحلة التقديم
3- مرحلة النمو
4- مرحلة النضج
5- مرحلة التدهور.
و لكل مرحلة خصائصها, فحسب “Vernon” فإن مبدأ دورة حياة المنتوج الدولي تنطلق من الفرضية على أن الانحرافات التكنولوجية بين البلدان, و هي العوامل الأساسية المفسرة لسلوك الاستثمار في الخارج للتصدير, و كذلك دورة حياة المنتوج العالمي تصف لنا المراحل المتتابعة لحياة المنتوج منذ الاكتشاف, فهي الوسيلة التي تفسر لنا الطريقة التي تتفاعل بها مختلف عناصر المزيج التسويقي غير الزمن, من أجل تحديد الإنتاج و التصدير, فالمؤسسة القائدة في نشاط معين بالولايات المتحدة الأمريكية تصنع منتوجا جديدا فتنشر هذا الاكتشاف في الأسواق الأمريكية, كمرحلة أولى, و في المرحلة الثانية تصدر هذا المنتوج إلى الأسواق المتقدمة تكنولوجيا, و هذا لتمديد حياة المنتوج, لأنه عندما يصل إلى بداية مرحلة التدهور, تقـدمه بدورها إلى أسواق الدول الأقل تقدماً من الناحية التكنولوجية, و في هذه الأسواق يمر المنتوج بالمراحل السابقة الذكر, و عند وصول المنتوج إلى مرحلة التدهور يدفع به إلى أسواق الدول الأقل تكنولوجية من بقية البلدان كمرحلة أخيرة.
و هذه المـراحل سوف نتطرق إليها بشيء من التفصيل فيما يلي:[17]
أ- المرحلة الأولى: مرحلة المنتوج الجديد
تبدأ بتقديم المنتوج الجديد داخل أسواق الدول الغنية لما فيها من موارد مالية, تكنولوجية, ومهارات بشرية, و كذلك للأعداد الكبيرة من المستهلكين ذوي القدرات الشرائية و الأذواق الراقية, فمثـل هذه العناصر من شأنهـا أن توجد الحافز على اكتشاف الابتكارات و الاختراعات الجديدة وطلبها, و كذلك المنتجات الجديدة في مثل هذه الدول لن تكون ذات حساسية مرتفعة السعر.
ب- المرحلة الثانية: مرحلة التصدير
إذا بلغ المنتوج مرحلة النضج في أسواق الدول الغنية, تبدأ المؤسسة في توزيع الإنتاج و فتح أسواق جديدة, مع أنه في هذه المرحلة يبقى المخترع الأصلي هو القائد في مجال الاختراع, غير أن هذا التوسع يدفع المنافسين إلى القيام بعملية التقليد و تطوير منتجات مماثلة.
ج- المرحلة الثالثة: توحيد الفنون التكنولوجية المستعملة
تبدأ هذه المرحلة عندما تنمو المنافسة في الأسواق, حيث تصبح التكنولوجيات الخاصة بالمنتوج شائعة, و مثال ذلك جهاز الكمبيوتر, حيث تصبح اعتبارات التسويق على درجة كبيرة من الأهمية, و تشهد هذه المرحلة كذلك السعي إلى الاستثمار المباشر في الخارج, و إلى الأماكن التي تسم بمستويات دخل أقل عند ذلك السائد في الدول الغنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية, و خلال هذه المرحلة ينتقل الإنتاج أساسا من USA إلى أوروبا, أو من أوروبا إلى الدول النامية, و هما تكون العوامل المحققة ليست نتيجة التكنولوجيا بل نتيجة الجهود التسويقية.
و نخلص بالقول إلى أن للأسواق الخارجية أثر على سياسات المنتوج الدولي, و هذا للعديد من المتغيرات التي لها طبيعة متغيرة في كل سوق خارجي, و كذا المتغيرات الدولية, أسعار الصرف و غيرها من المتغيرات المختلفة في كل سوق, كالمنافسـة, النظام القانوني, العادات الاجتماعية, المناخ السياسي, الأنماط الثقافية, الخلفية الدينية و الأخلاقية, و كل هذه المتغيرات لها أثر مباشرة على سياسة المنتوج الدولي, و كـل هذه المتغيرات تقف حاجزا أمام المنتج عند تقديمه لمنتوج إلى السوق, دون التعرف على توجه السوق, و مدى استعداده لتقبل هذا المنتوج, فكل هذه المتغيرات التي سبق ذكرها تساعد في تحديد و تركيب شكل المنتوج الملائم لكل دولة و سوق, لأن التسويق الدولي يعتمد على عمليات تتم في بيئة معقدة و متنوعة تتطلب جهودا مكثفة لتوليد الفهم و القدرة على التكيف بفعالية عالية مع هذه الصعوبات, أو المتغيرات لهذه البيئة المختلفة, و هنا لا يقتصر الأمر على اتخاذ قرارات سليمة في مجال المزيج التسويقي, الذي يساهم هو أيضا في تطوير استراتيجية التسويق الدولي
-2-III التسعير:
يعد قرار التسعير في الأسواق الخارجية من القرارات الهامة التي تؤثر على نجاح المؤسسة, حيث أن قرارات التسعير تساهم في زيادة الربحية, بالتأثير المباشر على حجم المبيعات المتوقعة, و الأرباح التي يمكن تحقيقها من جراء ذلك.
فهو أحد القرارات الحيوية لحياة المشروع في المؤسسة, و أحد العناصر الاستراتيجية التي من ورائه تسعى المؤسسة لتحقيق الربح, بالإضافة إلى هذا يستخدم السعر كعنصر فعال و مؤثر يجذب المستهلكين, و من هذا المنطلق, كان محور اهتمام الكثير.
أ- تعريف السعر في التسويق الدولي:
يقصد بالسعر بصفة عامة بأنه القيمة المعطاة لسلعة, أو خدمة معينة, و التي يتم التعبير عنها في شكل نقدي, و في مجال التسويق الدولي ” فإن سعر المنتوج هو قيمته التبادلية في الأسواق الخارجية”.[18]
و كما يرى رجال التسويق أن السعر هو أهم عناصر المنافسة, مستدلين بالدراسات الميدانية التي أجريت في بريطانيا, و من بين هذه الدراسات التي تؤكد أن السعر هو أهم عناصر المنافسة في المزيج التسويقي (الدراسة التي قام بها محمد صديق عفيفي حول صناعة النسيج و الغزل في بريطانيا, حيث أجرى استقصاءا حول 36 مؤسسة, فذكرت 31 مؤسسة أهمية السعر في الترتيب الأول كأحد العناصر الاستراتيجية التسويقية.
ب- محددات السعر في الأسواق الدولية:
إن قرار التسعير يتأثر بعدة عوامل, على المؤسسة أخذها بعين الاعتبار عند تحديد السعر في الأسواق الأجنبية, و فيما يلي سنتناول هذه المحددات و تأثيرها على قرار التسعير في الأسواق الدولية, و التي يمكن حصرها في الآتي: [19]
-1 هـدف المؤسسـة:
إن أهداف التسعير ترتبط بأهداف التسويق التي يتم تحديدها من طرف المؤسسة, و هذه الأهداف تتمثل في الإنتاج, المخزون, البيع, الربحية, و زيادة نصيب المؤسسة من السوق…الخ. إلا أنه غالبا ما يختلف هدف المؤسسة من سوق لآخر.
ففي الأسواق الأجنبية دوما تعمل المؤسسة على التعمق و غزو السوق بتطبيق نظرية التمكن السوق, أما إذا كانت المؤسسة تعتمد في سوق آخر على الموزع فإنه من الأفضل لها فرض سعر مرتفع لاستخدام استراتيجية كشط السوق.
و من ناحية أخرى, قد تقوم المؤسسة بتحديد أهدافها من التسعير في بناء صورة معينة لمؤسسة, أي بمعنى أن الاستراتيجية المتبعة في التسعير, الهـدف من ورائها الإسهام في خلق انطباع معين لدى المستهلك من أجل البقاء و الاستمرار و كسب تأييد الرأي العام لها, حتى تستطيع تحقيق أقصى ربح ممكن.
-2 التكـاليـف:
للتكاليف دور هام في تحديد السعر في الأسواق الدولية, و هو الأمر الذي لا يمكن تجاهله في التسويق الدولي, لذلك فإن التكلفة في الأسواق الأجنبية يجب أن تضمن كل شيء ضروري, لتوصيل المنتوج إلى المستهلك مثل نفقات المبيعات, الإعلان, تكاليف البحـوث, و التسويق إضافة إلى بقية التكاليف للسلعة ذاتها.
إلا أنه يمكن للمؤسسة الاحتفاظ بأسعار مرتفعة في حالة ما إذا كان المركز التنافسي في المؤسسة طويلا, و كذلك إذا اتبعت سياسة التمييز السلعي.
-3 الـمنـافسـة:
إن درجة المنافسة السائدة في الأسواق الأجنبية, تعتبر إحدى العوائق أو الاعتبارات الأساسية التي تؤثر على قرار التسعير في الأسواق الخارجية, فيختلف السعر في هذه الأسواق باختلاف قوة المنافسة في السوق الآخر, إلا أنه يمكن للمؤسسة الاحتفاظ بأسعارها المرتفعة في حالة ما إذا أتبعت سياسة التمييز السلعي.
-4 الـحكـومـة:
في العديد من الدول تفرض الحكومة بعض أشكال التحكم في الأسعار, كأن تفرض رسوما جمركية مرتفعة على المؤسسات الأجنبية, أو إصدار بعض القوانين و التشريعات تفرض على المؤسسة بألا تبيع منتوجاتها أقل من السعر الموجود في السوق, و هذا يؤدي إلى فقدان حصتها في السوق وإلحاق الضرر بهـا.
-5 قنوات التـوزيـع:
إضافة إلى العوامل التي سبق ذكرها, فإن هيكل التوزيع هو الآخر من العوامل الرئيسية التي تؤثر على سياسة التسعير, بفرض تسعير معين في سوق أجنبية, لأن قنوات التوزيع المختلفة تتطلب تكاليف نختلفة, فمثلا استخدام نفس القناة في دولتين فرنسا و العربية السعودية, لا يعني هذا أن التكلفة ستكون متشابهة, لذا اختيار قناة معينة يؤثر في قرار التسعير و هذا ما يجعل المؤسسة مظطرة لاختيار قناة التوزيع الأقل تكلفة, حتى تستطيع تسعير المنتوج و فق ما يرغب المستهلك.
ج- طرق التسعير: [20]
توجد أربعة أساليب يمكن للشركة الدولية الاختيار فيما بينها لتحديد أسعار التحويل:
-1 تحديد السعر على أساس التكاليف:
يعاب على هذا الأسلوب لتحديد أسعار التحويل ضعف الحافز على ضغط التكاليف أو تعظيم الأرباح بالنسبة لتلك الوحدات أو الفروع المشترية للسلع بأسعار منخفظة, على حين أن الفروع التي تبيع منتجاتها بأسعار منخفظة قد تكون في حالة إحباط مستمر نتيجة عدم رؤيتها لأرباحها و تحويلها بشكل مقنع إلى الفروع الأخرى.

-2 تحديد السعر على أساس السوق:
و هذه الأسعار قد تكون منخفظة بالنسبة للوحدات البائعة نظرا لإهمال الاعتبارات الخاصة بتكاليف الإنتاج و الاعتماد فقط على ظروف السوق في الدولة التي يوجد بها الفرع المشتري.
-3 تحديد السعر على أساس الأسعار الاتفاقية لمعاملات شبيهة:
و هي عبارة عن أسعار التعامل مع تجار آخرين من غير الفروع التي يجري البيع لها, والمشكلـة التي تواجه هذا الأسلوب في التسعير تكمن احتمال عدم وجود مشترين للمنتج في الأسواق الخارجية, أو بيع المنتجات بأسعار مختلفة في الأسواق المختلفة. و تتأثر أسعار التحويل بعدة عوامل منها:
1- الضريبة على الأرباح في الدولة البائعة و المشترية.
2- الرسوم الجمركية في الدولة البائعة و المشترية.
3- الرقابة على النقد في الدولة البائعة و المشترية.
4- شكل ملكية الفروع في الدولة البائعة و المشترية.
5- تقييد حرية خروج الأرباح.
6- حصص الاستيراد المفروضة على التجارة الدولية.
7- الموقف الائتماني للشركة الأم.
8- الموقف الائتماني للوحدات التابعة للشركة الأم.
و لتحديد أسعار التحويل بين الوحدات التابعة تقوم الشركات الدولية بوضع قواعد مرشدة كالتالي:
1- تعامل الوحدات التابعة كمراكز ربح و يتم تحديد سعر التحويل بالشكل الذي يحقق أرباح معقولة لوحدات البائعة و المشترية.
2- يتم تقسيم الربح تبعا للوظائف المؤداة في إنتاج و تسويق الحليب.
3- يتم تقسيم هامش الربح بالتساوي بين الوحدات المنتجة و المسوقة للسلعة.
4- يظل الاعتبار الحاكم في نهاية الأمر هو الأثر على ربح الشركة الدولية ككل.
هذا و قد قامت العديد من حكومات الدول النامية و الدول الصناعية على حد السواء, بوضع قواعد لتحديد أسعار التحويل نظرا لاستخدام أسعار التحويل بواسطة الشركة الدولية كأداة لتحويل الأرباح الخارج و تدنية العبء الضريبي مما قد يؤثر على ميزان مدفوعات الدولة في المدى الطويل.

-3-III التـوزيـع:
كل منتج يسعى إلى إيجاد نوع من الترابط مع جميع المؤسسات التسويقية, التي تساعده على توزيع منتجاته, و تحقيق أهدافـه, و هذه المؤسسات التسويقية يطلق عليها منافذ التوزيع و التي هي عبارة عن مجموعة من الوحدات التنظيمية التي يتم عن طريقها تسويق السلع.
أ- ماهية قنوات التوزيع:
لا يمكن لعملية بيع المنتوج الذي يتميز بخصائص فنية متميزة من حيث الجودة, السعـر أو طريقة ترويجه, ما لم تتوفر منافذ توزيع لها أهمية كبيرة في المشروعات الحديثة.
لذلك يقول عفيفي :” إختيار منافذ التوزيع يعد من الفرارات الهامة التي تواجه المؤسسات الحديثة في اختيار مشروع ما, لأحد قنوات التوزيع فإنه يؤثر حتماً على القرارات التسويقية الأخرى, الخاصة بالمزيج التسويقي”. [21]
فقناة التوزيع هي الطرق الذي تمر به السلع من المنتجين إلى المستهلكين النهائيين, أما منافذ التوزيع فهي مجموعة من التنظيمات و المؤسسات المترابطة التي وظيفتها هي توفير السلعة للاستهلاك و الإستخدام. [22]
فحقيقة السوق الإقتصادية هي الفجوة التي تفصل بين المنتج و المستهلك, و بسبب هذه الفجوة لا بد من القيام ببعض الأنشطة بهدف الجمع بين مراكز الإنتاج و الإستهلاك.
و يركز المهتمون بالتسويق على خمسة أهداف مشتركة لقرارات التوزيع, و هي كما يلي:
1- تحقيق تغطية مناسبة للسوق.
2- إبقاء السيطرة و الرقابة على قنوات التوزيع.
3- جعل تكلفة التوزيع مقبولة.
4- تأمين استمرار العلاقات بين أعضاء القناة.
5- تحقيق أهداف التسويق, ممثلة بالحجم و الحصة السوقية و العائد على الاستثمار.
إلا أنه من الصعب تحقيق كل هذه الأهداف على المستوى الدولي, و ذلك بسبب سلوك قنوات التوزيع الدولية, و اختلاف البيئات و كذا نتيجة التغيرات الإقتصادية و الإجتماعية.
ب- طرق التوزيع الدولية:
إن نظام التوزيع في دولة ما, يتأثر بدرجة التطور الإقتصادي للدولة و الدخل الشخصي المتاح للإنفاق, بالإضافة إلى عوامل بيئية أخرى, كما أن الطبيعة المميزة لهيكل التوزيع الدولي تنشأ لاختلاف وظائف قنوات التوزيع, و تنوع المتغيرات و العوامل السوقية, المؤثرة على قرارات القناة, فالمؤسسة التي ترغب في تسويق منتجاتها في الأسواق الدولية, أمامها طريقتين: [23]
أولاً: الطريقة المبـاشـرة:
وجدت العديد من المؤسسات أن بناء نظام توزيعي داخلي خاص بها, هو الطريق الوحيد المرضي للوصول إلى الأسواق الخارجية, فالمؤسسة التي ترغب في تصميم نظامها التوزيعي الخاص بها دون التعامل مع الوسطاء, و تصريف منتجاتها إلى الأسواق الخارجية من خلال إدارات التصدير من أجل:
– ارتباط المؤسسة بصفة مباشرة بأسواقها الخارجية.
– زيادة حصتها في السوق.
و المؤسسة التي تهدف إلى الاعتماد على مثل هذه القرارات, يجب أن توافر على مجموعة من الإمكانات كقدرة المؤسسة على توزيع خبرتها في الأسواق الخارجية, و حجم نشاطها في السوق, الخارجي الذي يلعب دوراً مهما في القيام بإدارة و تنظيم التوزيع الخارجي.
ثانيـاً: الطريقة الغيـر مباشـرة:
هي التي لا يقوم فيها المنتج بتوزيع منتجاته مباشرة إلى المستهلك, و التي يمكن فيها اختيار وسطاء لتوزيع السلع, حيث يتحمل الوسيط المسؤولية في نقل المنتجات إلى الأسواق الخارجية و هذا ما يوفر للمؤسسة العديد من المزايا كانخفاض تكاليف التصدير, و سهولة التعامل من خلال هذه القنوات.
ج- قنوات التوزيع الدولية:
إن تصميم هيكل قنوات التوزيع في أي دولة يتأثر بدرجة التطور الاقتصادي للدولة, و بالدخل المتاح للإنفاق, بالإضافة إلى العوامل البيئية, مثل البيئة الثقافية, القانونية, السياسية, كما أنه يخضع للأهداف و الاستراتيجية التسويقية التي تسعى المؤسسة إلى تحقيقها في الأسواق التي ترغب العمل فيها, و السياسة التي تتبعها المؤسسة في تصميم هيكل قنوات التوزيع, عادة ما تكون نابعة من ظروفها و ظروف السوق المستهدف, و عدد من العوامل الأخرى المؤثرة على قرارات التوزيع. [24]
و هذا يتطلب من المؤسسة دراسة مكثفة لجميع احتمالات البدائل المناسبة بقنوات التوزيع, و للسوق المستهدف, من أجل بناء أو تعديلا قنوات التوزيع, فإذا قررت المؤسسة الاعتماد على الوسطاء في التوزيع, فإن عليها تحديد نوع الوسطاء و عددهم, و تحديد المعايير التي يتم على ضوئها اختيار الوسطاء المحتملين التعامل معهم, و أهم هذه المعايير هي:
– القدرة المالية للوسطاء.
– القدرة الإدارية
– طبيعة الوسيط و سمعته.
– التغطية السوقية.
حيث تقوم بعد ذلك المؤسسة تجميع البيانات و المعلومات من الوسطاء المحتمل التعامل معهم, من عدة مصادر, و أهمها: الغرف التجارية, الملحقين التجاريين في سفارات الدول, النشرات الاقتصادية, و غيرها من المصادر الموثوقـة.و في الأخير تقوم المؤسسة بالاتصال بالوسيط و التفاوض معه لقبول بيع منتجاتها.
د- مشاكل التوزيع الدولية:
يمكن حصر المشاكل التي تتعلق بالتوزيع الدولي في الآتي: [25]
– عدم توفر قنوات التوزيع المناسبة, و استحالة تغطية السوق عن طريق قناة بسيطة, و كذا عدم وجود قنوات توزيع مناسبة.
– العوائق القانونية و المنافسة, فكثيرا ما يصادف المسوقون بعض العوائق في قنوات التوزيع التي يختارونها, و يعود سبب هذه العوائق إلى المنافسين الذين أنشأوا خطوطا لمنتجاتهم في قنوات التوزيع الدولية.
– مقارنة التغير و التطور, فالمؤسسات التي تكون وجهتها الدول النامية, هي مجبرة على إتباع أساليب تناسب طبيعة الدولة المستهدفة, و هذا لقلة تقبل هذا الأخير للتطور و التغير كما في الدول المتقدمة.
– مشاكل السيطرة و الرقابة, و هذا يعود إلى درجة السيطرة و التحكـم التي ترغب المؤسسة في ممارستها على الوسطاء الدوليين, و مدى تقبلهم لسياسات المنتج.
و نصل في النهاية إلى أن اختيار قنوات التوزيع ذا أهمية كبيرة في نجاح استراتيجية التسويق الدولية, كما أن للأسواق الخارجية أثر في تحديد القنوات و ذلك راجع لاختلاف البيئة التسويقية.
-4-III الترويج:
هو الترويج هو العنصر الرابع من عناصر المزيج التسويقي, و الذي يقصد به اتصال المؤسسة بمستهلكيها المختلفين, بهدف الحصول على المعلومات و دراسة يلوكهم الاستهلاكي.و كذلك يعرف المزيج التسويقي بأنه:” التنسيق بين جهود البائع في إقامة منافذ المعلومات, و في تسهيل بيع السلعة أو الخدمة أو في قبول فكرة معينة”. [26]
و كذلك هو خلق الوعي, إثارة الاهتمام, خلق الرغبة و حث المستهلك على طلب السلعة, و يسعى الترويج عموماً إلى تدعيم صورة المؤسسة و منتجاتها في الأسواق الدولية. [27]
و عليه فهو نشاط أساسي لكل مؤسسة و خاصة في ظل المنافسة, فلا يمكن لأي مؤسسة تقوم بالبحث عن العملاء و المستهلكين الاستغناء عنه, و كذلك يجري اختلاف مواقف المؤسسات ومنتجاتها و أسمائها من سوق إلى سوق آخر, و هذا يجرنا إلى توقع اختلاف في طبيعة عناصر المزيج الترويجي (الإعلان, البيع الشخصي, تنشيط المبيعات…إلخ) باختلاف الأسواق.

أهداف الترويج:
هناك ثلاث أهداف رئيسية للترويج في الأسواق الدولية: [28]
أ- إظهار الصورة الذهنية المناسبة عن الشركة:
تسعى الشركات التي تقوم بتسويق منتوجها دوليا إلى إظهار صورة ذهنية لها لكافة المتعاملين معها, وهي أول مهمة للترويج في السوق الدولية, حيث قبل أن يبدأ الترويج بتعريف المستهلك الأجنبي بمنتوج الشركة, من الضروري أولاً أن يعرفه بالشركة ذاتها و بأهدافها السابقة في الأسواق الأخرى, علما أن المستهلك الأجنبي دائماً ينظر إلى الشركة المصدرة (أو المستثمرة) على أنه كيان مادي أجنبي يستوجب التعامل معه بحذر و عدم الثقة الكاملة.
و يكون هذا هدف الترويج, خاصة في المراحل الأولى لدخول الشركة للسوق الأجنبية, هو إعطاء صورة ذهنية جيدة عن الشركة حتى تشجع المستهلك الأجنبي على التعامل المستمر معها.

ب- التعريف بمنتوج الشركة:
إن المهمة الرئيسية للترويج هي تعريف المستهلك بالمنتوج و مواصفاته و سعره و أماكن توزيعه وكيفية استخدامه وأماكن مراكز الخدمة و الصيانة التي يمكن اللجوء إليها, و تعتبر هذه المهمة من أصعب المهمات في السوق الأجنبية, حيث لابد من دراسة المستهلك الأجنبي و خصائص العوامل الثقافية المؤثرة في سلوكه, حتى يتم تصميم الحملة الترويجية باللغة و الشكل الذين يثيرا رغبة المستهلك الأجنبي للإقبال على شراء المنتوج.
وتجدر الإشارة إلى أنه أية أخطاء في العناصر الترويجية قد تؤثر سلبا على الحصة التسويقية التي ستحققها الشركة في السوق الأجنبي, فمثلاً تصميم رسالة إعلانية تحتوي على لغة لا يفهمها المستهلك الأجنبي, أو قد يفهمها بعكس ما تهدف إليه قد يؤدي إلى آثار سلبية على مبيعات المنتوج.
ويعرف الإعلان على أنه :” يتضمن الإعلان عن المنتوج في الأسواق الأجنبية, جميع الأنشطة التي يقوم بها مصدر ما لشد انتباه المستهلك المستهدف”. [29]
و حسب رأي فإن الإعلان أداة تساهم مساهمة فعالة في تحقيق أهداف الخطة التسويقية للمؤسسة, وطبقاً لتعريف السابق الذكر, فإنه يهدف إلى حثّ المستهلك النهائي على شراء السلعة المعلن عنها, وكذلك يعتبر طريقة البيع غير الشخصية, إلا أنّ لهذه الطريقة محددات في الأسواق الدولية.
ج- تنمية الحصة التسويقية للشركة:
يعتبر الترويج أحد الأدوات الرئيسية التي تعتمد عليها الشركة لتنمية حصتها التسويقية في السوق الخارجية, فمن خلال الترويج يمكن إقناع المستهلك الأجنبي بالميزات التي تتوافر في منتوج الشركة و تجعله متميزاً بشكل أفضل على المنتجات المنافسة له, و النتيجة الطبيعية لذلك هو زيادة إقبال المستهلك الأجنبي على منتوج الشركة, بالإضافة إلى تحول بعض المستهلكين من شراء المنتجات المنافسة إلى شراء منتوج الشركة, الأمر الذي يزيد من الحصة التسويقية التي تحصل عليها.

الخاتمة:
إن أي محاولة لفهم النشاط التسويقي بصفة عامة, و التسويق الدولي بصفة خاصة, لابد أن تتم من خلال دراسة علاقته بكل من التجارة الدولية و العمال الدولية, و فلسفته التي يقوم عليها, لأن التصدير يعتبر من أهم استراتيجيات التوغل في الأسواق الدولية, الذي يستمد بعض مبادئه من التجارة الدولية, كما أنه يشاركها في تفسير أسباب قيام التبادل الدولي, و يستفيد من نظرياتها ويساعد على تنشيط عملياتها.
أما فلسفته فهي نفسها فلسفة التسويق, و تختلف فقط من حيث تأثرها بنظرة الشركة الدولية للمستهلك الأجنبي, أما من حيث تجانس سلوك المستهلكين في الحاجات الأساسية في كل الدول, أو تشابه سلوكهم في كل الدول, أو اختلاف سلوكهم في السوق الواحد, أو تشابه شرائح منهم لدرجة التجانس في أسواق العديد من الدول … و من أجل هذا يعرف التسويق الدولي بأنه كافة النشطة التي تسهل تدفق السلع والخدمات و الأفكار و عوامل الإنتاج من المنتج إلى المستهلكين في دول أجنبية, والقائمة على أساس نظرة دولية حين إرضاء حاجاتهم و رغباتهم بشكل يؤدي إلى خلق علاقة شبه دائمة معهم, بهدف تحقيق توافق مصلحي بين المنتج و حكومته, و دولة المستهلك الأجنبي.
كما يمارس التسويق الدولي أنشطته من خلال البيئة التي تحيط بالشركة الدولية, و لذلك فإن البيئة تحدد نماذج و طرق تصرف اللازمة لنجاح هذه الأنشطة في تحقيق أهداف الشركات.

مراجع البحث:
أ- الكتب بالغة العربية:
1- مصطفى محمود حسن هلال, التسويق الدولي, مجهول دار و بلد و سنة النشر.
2- عمرو خير الدين, التسويق الدولي, مجهول دار النشر, 1996.
3- عمر سلمان, التسويق الدولي من منظور بلد نامي, الدار المصرية اللبنانية, 1996.
4- صديق محمد عفيفي, نظم الاستيراد و التصدير, وكالة المطبوعات الجامعية, الكويت, 1981.
5- صديق عفيفي, التسويق الدولي, وكالة المطبوعات الكويتية, الكويت, 1987.
6- عبد السلام أبو قحف, التسويق وجهة نظر معاصرة, جامعة الإسكندرية.
7- كامل بكري, الاقتصاد الدولي, الدار الجامعية, بيروت, 1998 .
8- أبو بكر بعيرة, مبادئ الإدارة, منشورات جامعة قاريونس, بنغازي, 1998.

ب- الكتب باللغة الفرنسية:

1- Allain Ollivier, Marketing Internationale puf, que sait-je, press universitaire de France, Paris 1990.
2- P.Kotler et Dubois, Marketing Management ; publi-Union, 7ème édition, Paris, 1992.

ج- مذكرات الماجيستير:
1- شلابي مصطفى, دور التسويق الدولي في اقتحام الأسواق الدولية, مذكرة ماجستير, كلية العلوم الاقتصادية, جامعة الجزائر, 1998.
2- فلاح أحمد, التسويق الدولي في عالم متغير, مدخل ديناميكي- مدخل استراتيجي, مذكرة ماجستير, كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير, جامعة الجزائر, 2001.

[1]عمرو خير الدين, التسويق الدولي, مجهول دار النشر, 1996, ص 28.


شكرا عن البحث الرائع في التسويق والمبيعات وللاستفسار عن الدورات التدريبية الخاصة بهذا الموضوع لديكم هذا الموقع
مدير المبيعات الناجح
وشكرا جزيلا


[align=center]المبيعات والتسويق من أهم ممارسات هذا العصر وللتعرف علي القدرة علي مضاعفة المبيعات وتقديم خدمة مميزة ترضي العملاء لديكم دورات تدريبية هذا الشهر وذلك بداية من يوم 27/11/2010 حتي 30/11/2010 ولديكم رابط هذا الموقع التسويقي المميز
كيف تضاعف من مبيعاتك ؟
ولكم جزيل الشكر
[/align]

اقدم لكم موقع يقدم دورات عن الازمة العالمية و من محتويات الدورة
كيف تكسر حاجز الخوف وتتفادى الوقوع في مصيدة القطيع؟
قانون التجاذب .. وكيفية استخدامه في تخطي الازمة العالمية
قوانين الغموض وقواعد التعامل معها
تفضلوا بدخول الموقع لمعرفه المزيد
الازمة العالمية


من فضلطم أريد مذكرة حول البيع الشخصي و تأثيره علي القرار الشرائي عند المستهلك …
bilelmega@gmail.com
أنا انتضر الردتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائر