السقوط الحر .. ببساطة ، هو ظاهرة سقوط الأجسام المادية الواقعة في مجال الجاذبية الأرضية تحت تأثير قوة واحدة هي قوة جذب الأرض لها ، أي وزنهــا أو ثقلهــا ( بإهمال تأثيرات القوى الأخرى كمقاومة الهواء و دافعة أرخميدس ) .
و قبل البدأ بسرد الموضوع ، أردت التنويه إلى شيء مهم .. شيء يتعلق بالجاذبية الأرضية :
ـ فهناك قوة الجاذبية الأرضية أو كما تسمى بالوزن أو الثـقل ، و بما أنها قوة فقيمتها تتغير من مكان لآخر من على سطح الأرض .
ـ و هناك تسارع الجاذبية الأرضية ، و هو قيمة ثابتة تتعلق بالارتفاع عن سطح الأرض .
هناك قاعدة مهمة تتعلق بالسقوط الحر تنص على ما يلي :
” إن السرعة التي يسقط بها جسم مـا لا تتعلق بكتلته ” .
المتأمل لهذه القاعدة قد يبدو له الأمر غير عادي و مناف للعادة ، كيف لا و عندما يعلم بأنه لو وضعنا باخرة ضخمة حاملة للطائرات الحربية و ريشة عصفور صغير على نفس الارتفاع من على سطح الأرض ، و تركناهما لحالهمـا و في نفس اللحظة الزمنية فسيلامسان سطح الأرض في وقت واحد .. أي أن سرعة سقوطهما نحو الأرض واحدة رغم الفرق الكبير بين كتلتيهما .
يفسر هذه الظاهرة قانون نيوتن الثاني في الديناميك الذي يقرر بأنه :
” عندمـا تؤثر قوة أو مجموعة من القوى على جسم مـا فإنها تكسبه تســارعا يتناسب طرديا مع القوى المؤثرة ، و إن هذه الأخيرة تساوي كتلة هذا الجسم في تسارعه ” .
التسارع .. هو معدل تغير السرعة بالنسبة للزمن الذي حدث فيه ها التغير . فعندما تؤثر قوة ما على جسم فإنها تؤثر مباشرة في سرعته لتغيرها ، و هذا هو التسارع .
ـ و لكن ما علاقة قوة الجاذبية الأرضية بتسارع الجاذبية الأرضية ، و ما هي علاقتهما بظاهرة السقوط الحر .
لنعد الآن إلى المثال السابق .. الباخرة و الريشة ، عندما يكون هذان الجسمان على ارتفاع واحد من على سطح الأرض تؤثر فيهما قوة واحدة هي قوة الجاذبية الأرضية أو الوزن ، و لكن القوة التي تؤثر على الباخرة أكبر بكثير من القوة التي تؤثر على الريشة ، و السبب واضح و هو لأن كتلة الباخرة أكبر أضعافا مضاعفة من كتلة الريشة ، و نعلم أن القوة المؤثرة على جسم ما تتعلق بكتلته فقط .
هذا يعني أن الباخرة ستكون أسرع بكثير من الريشة ، و لكن لحظة ، ماذا عن التسارع ؟ .
أثبتت الدراسات التجريبية الدقيقة أن قيمة تسارع الجاذبية الأرضية يساوي تقريبا : 10 متر × الثانية تربيع ، و هو قيمة ثابتة .
حسب قانون نيوتن السالف الذكر ، قيمة القوة المؤثرة على أي جسم هي حاصل جداء كتلته في تسارعه .
فلو فرضنا أن كتلة الباخرة هي 500000 كلغ ، فسيكون وزنها أي القوة المؤثرة عليها تساوي :
500000 × 10 = 5 ملايين نيوتن
و كتلة الريشة مثلا 0.005 كلغ يكون وزنها :
0.005 ×10 = 0.05 نيوتن
و الآن لنحسب سرعتهما و هما في حالة السقوط ، لا شك في أن سرعة الباخرة و الريشة قد تغيرت ، كيف لا و قد كانتا ساكنتين ( سرعتهما معدومة ) ثم تحركتا فجأة ( سقطتا ) تحت تأثير وزنهمـا ، هذا يعني أن قوة الجاذبية الأرضية قد غيرت من سرعة الجسمين طيل مدة السقوط ، فأكسبتهما ” تســارعـا ” ، و بما أن التسارع قيمة ثابتة ، إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن سرعة الباخرة و الريشة واحدة و بالتالي يلامسان الأرض في نفس اللحظة .
و لكي نثبت ذلك نقوم بحساب تسارع الباخرة و الريشة كل على حدى ، حسب العلاقة السابقة يكون :
التسارع = القوة / الكتلة
فيكون :
تسارع الباخرة = 5000000 / 500000 = 10 متر × ثا تربيع
تسارع الريشة = 0.05 / 0.005 = 10 نيوتن × ثا تربيع
الخلاصة .. يكون للأجسام الساقطة نحو سطح الأرض تحت تأثير وزنهــا نفس التسارع ( نفس السرعة ) لذلك فهي تلامس سطح الأرض في وقت واحد بإهمال كتلها إدا أهملنا تأثيرات القوى الأخرى أي إذا افترضنا أن السقوط قد حدث في الفراغ التــام .
أرجو أن يكون الموضوع مفهوما .. أعتذر عن الإطالة .