الوسم: السلطة
1- البرلمان: هو الهيئة التي لها سلطة سن القوانين .
يتكون البلمان من:
ü المجلس الشعبي الوطني :وينتخب أعضاؤه بالاقتراع السري و المباشر لمدة 5 سنوات
ü مجلس الأمة : هو الغرفة الثانية في البرلمان
ينتخب أعضاؤه لمدة 6 سنوات عن طريق الاقتراع العام غير المباشر و السري .
3/2 أعضائه ينتخبون من قبل المجالس البلدية و الولائية.
3/1 الأعضاء يعينون من قبل رئيس الجمهورية .
2- النواب :
عدد نواب المجلس الشعبي الوطني 380 نائبا .
عدد نواب مجلس الأمة 144 نائبا .
عدد أعضاء يساوي على الأكثر نصف عدد المجلس الشعبي الوطني .
3- الاختصاصات :
ü يعقد البرلمان دورتين عاديتين كل سنة ( دورة الربيع ودورة الخريف) يمكنه أن يجتمع في دورة غير عادية.
ü يناقش ويسن القوانين.
ü مناقشة ودراسة برنامج الحكومة
ü المصادقة على الميزانية السنوية .
ü استجواب الحكومة .
ü مراقبة عمل الحكومة.
ü يمكنه المبادرة باقتراح تعديل الدستور .
هم الهيئة التشريعية العليا في النظام الديمو قراطي.له عدة تسميات/المجلس الشعبي الوطني. مجلس الامة. مجلس النواب.الجمعية العامة…………
تشكيل البرلمان الجزائري
يتشكل البرلمان الجزائري من غرفتين.
1 المجلس الشعبي الوطني.
2 مجلس الامة.
*اهمية البرلمان
_الانتقال من الحكم المطلق الى الحكم البرلماني.
_تجسيد دولة القانون.
_ممارسة السيادة الشعبية في التمثيل و الرقابة.
_هو منبر للتعبير عن انشاغالات و طموحات الشعب.
_منع الاستبداد دون صيانة الحقوق.
(المجلس الشعبي الوطني/مجلس الأمة/مجلس النواب/الجمعية العامة..
تشكيل البرلمان الجزائري:يتشكل من غرفتين هما: ا)المجلس الشعبي
الوطني:يمثل الغرفة الأولى ينتخب عن طريق الاقتراع العام السري والمباشر
لمدة خمس سنوات يتكون حاليا من 389نائب ب)مجلس الأمة:هو الغرفة الثانية
ينتخب أعضاؤه لمدة6سنوات عن طريق الاقتراع غير المباشر يجدد نصفه كل
3سنوات.عدده حاليا 144 نائب الثلثين ينتخبون من بين ومن طرف المجالس
المنتخبة المحلية و1/3يعينه رئيس الجمهورية.
3)اختصاصات البرلمان ومهامه: * تشريع القوانين وإثراءها والمصادقة عليها *
مناقشة ودراسة برامج الحكومة والتصويت عليها* المبادرة باقتراح تعديل
الدستور* مناقشة ميزانية الحكومة والمصدقة عليها * مراقبة عمل الحكومة *
استجواب الحكومة بمساءلة أعضاءها حول قضايا الساعة
* المبادرة باقتراح تعديل الدستور
4)نظام سير البرلمان: 1/ ينتخب البرلمان من بين أعضاءه رئيسا ومكتبا دائما
ومجموعة لجان 2)يتمتع البرلمانيون بالحصانة لتمكينهم من التعبير الحر
3) يجتمع البرلمان في دورتين عاديتين كل سنة مدة كل دورة6اشهر وقد يجتمع في دورة استثنائية(المادة 118 من الدستور)
أهمية البرلمان: * الانتقال من الحكم المطلق إلى الحكم البرلماني * تجسيد
دولة القانون ومبدأ التداول على السلطة * منع الاستبداد والتجاوزات
* ممارسة السيادة الشعبية في التمثيل والرقابة * هو منبر للتعبير عن انشغالات وطموحات الشعب
2)تعريف السلطة القضائية:هو هيئة مختصة للنظر والفصل في المنازعات
المعروضة أمام أجهزتها المختلفة التي تتكون من المحاكم والمجالس القضائية
والمحكمة العليا و المحاكم:هي الجهات القضائية الابتدائية التي ترفع إليها
اغلب القضايا لأول مرة توجد في معظم الدوائر الإدارية
ب)المجالس القضائية:هي الجهة القضائية الثانية في هرم القضاء تتخصص بالنظر
في الإستئنافات التي ترفع إليها الأحكام التي تصدر عن المحاكم توجد على
مستوى الولايات ج)المحكمة العليا: تأتي في هرم النظام القضائي تختص بتقويم
المحاكم والمجالس القضائية مقرها العاصمة
3)رجال القضاء:يتولى القضاء ضمن المحاكم المختلفة رجال القضاء حسب تخصصهم(رئيس المحكمة/قاضي التحقيق/وكيل الجمهورية/قاضي الحكم
4)استقلالية السلطة القضائية: بعدة شروط* عدم خضوع القاضي إلا للقانون وضميره المهني * حياد القاضي وعدم انحيازه وتحري العدل
* توفير ضمانات لاستقلال القاضي (الحماية/عدم ممارسة العمل السياسي
/علانية الجلسات/إصدار الأحكام وفق الأدلة والقرائن/حق المتقاضي في
الدفاع/إمكانية استئناف الحكم/خضوع القاضي للمراقبة من طرف المجلس الأعلى
للقضاء)
5)دور السلطة القضائية: * النظر والفصل في القضايا المعروضة أمامها وإصدار الأحكام * السهر على تطبيق القوانين واحترامها
* حماية المجتمع وضمان الحقوق والحريات الأساسية *القضاء على الظلم * العدل والمساواة
السياسة العامة للبلاد يتولاها: * رئيس الجمهورية * رئيس الحكومة
ا)رئيس الجمهورية:هو رئيس الدولة يقود السلطة التنفيذية ويمثل السلطة
العليا .ينتخب لمدة 5سنوات عن طريق الاقتراع العام السري المباشر تجدد مرة
واحدة فقط.له صلاحيات واسعة محددة في الدستور(97 94،70،77،78،91،93) منها/
* التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية(يعين رئيس الحكومة وينهي مهامه)*
ممارسة السلطة التنظيمية * الحفاظ على امن الدولة *هو القائد الأعلى
للقوات المسلحة *يرأس مجلس الوزراء *يشرع بالمراسيم…..
*يقرر السياسة الخارجية للأمة
ب)رئيس الحكومة: يعينه رئيس الجمهورية بمرسوم(77من الدستور)
صلاحياته: * يختار الوزراء ويعرضهم على رئيس الجمهورية لتعيينهم * يرأس
مجلس الحكومة * يضبط برنامج الحكومة وعرضه على البرلمان للمناقشة
والمصادقة عليه * السهر على حسن سير الإدارة مع توقيع المراسيم التنفيذية
*إعداد ميزانية الدولة وتنفيذها بعد المناقشة و المصادقة عليها
ج)الوزارات:يتولى كل وزير تسيير المصالح العمومية التابعة لوزارته وتصنف إلى ثلاثة أصناف/
* وزارات السيادة(خ،د،ع، دف) * وزارات ذات طابع اقتصادي(ف،ص) * وزارات ذات طابع اجتماعي ثقافي(ث..)
دور السلطة التنفيذية: * وضع السياسة العامة للدولة * تقرير السياسة
الخارجية للدولة * إبرام المعاهدات الدولية والمصادقة عليها * حماية
الدستور
*مسؤولية الدفاع عن الوطن * اللجوء إلى الاستفتاء في القضايا الهامة
السلام عليكم
هي مداخلة للاستاذ : عبد النور زوامبية يتحدث فيها عن دور السلطة التشريعية في رسم السياسة العامة في الجزائر
المقدمة :
تتميز السياسة العامة التي يقررها وينفذها النظام السياسي بالتنوع والشمول، والتغلغل الذي يمس كافة جوانب الحياة في المجتمع، وصنع السياسات الحكومية أو العامة لحل مشاكل المجتمع هي عملية سياسية في المقام الأول، وتتميز بالصعوبة والتعقيد وتختلف طبيعة وإجراءات صنع السياسة العامة من دولة إلى أخرى تبعا للنظام السياسي ودور الأجهزة الحكومية وغير الحكومية في كل منها، وبمعنى اقرب للوضوح يمكن القول أن السياسة العامة هي نتاج تفاعل ديناميكي معقد يتم في إطار نظام فكري بيئي سياسي محدد تشترك فيه عناصر معينة رسمية وغير رسمية يحددها النظام السياسي، ومن أهم هذه العناصر: دستور الحكم في الدولة الأيديولوجية أو الفلسفة السياسية للسلطة الحاكمة، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، الأحزاب السياسية، جماعات المصالح، الصحافة والرأي العام، الإمكانات والموارد المتاحة وطبيعة الظروف العامة للبلد.
إن صنع السياسة العامة ليس عملية سهلة، بل هي على درجة من الصعوبة والتعقيد. فهي عملية حركية بالغة الحساسية والتعقيد، وتشمل على العديد من المتغيرات والمؤثرات وعوامل الضغط التي يؤدي تداخلها وتفاعلها المستمران إلى إنتاج سلسة من ردود الفعل التي تنصرف بدورها إلى كل جوانب العمل داخل النظام السياسي .
وتنطوي عملية صنع السياسة العامة على عدة خصائص، وتمر بمراحل مختلفة في طبيعتها وحدتها وتعقيدها من دولة لأخرى وفقا لعوامل كثيرة أهمها النظام السياسي و نظام الحكم في كل منها . ففي النظم البسيطة تتمثل المؤسسة المعنية بتخطيط وصنع القرارات في مجموعة رجال راشدين أو كبار السن الذين يجتمعون على هيئة مجلس يتخذ القرارات في ضوء معايير وعادات وتقاليد المجتمع. وفي النظم الملكية ضمت أبنية صنع السياسات الملوك وأعوانهم، وتميزت الإمبراطوريات بوجود بناء مختص في إعداد هذه السياسات، وشهد القرن التاسع عشر، ظهور الأحزاب وازدياد دور الجماهير في الحياة السياسية، وهذان العاملان مهدا لظهور نمط صنع السياسات عن طريق الوزارة والسلطة التشريعية.
وبمعنى آخر أن النظام السياسي في كل دولة هو الذي يحدد كيفية رسم السياسة العامة، وبالتالي يحدد دور الأفراد والجماعات غير الرسمية في تحديد المشاكل وطرحها على الحكومة وفي استخلاص الحلول البديلة والاختيار من بينها. ويعين القنوات التي يمكن عن طريقها للأفراد والجماعات وإحداث تأثير في إجراءات العمل الحكومي وفي أصحاب سلطة اتخاذ القرار السياسي الرسمي بما يترتب عليها تبني حلولا يقترحونها كسياسة عامة.
كما أن نظام الحكم والسياسة هو الذي يحدد أيضا خطوات العمل الرسمي، التي تتبع داخل الحكومة لدراسة المشكلة العامة، تخطيط وصنع السياسة العامة لحلها، إقرار هذه السياسة، تمويلها، تنفيذها، وتقييم آثارها ونتائج تنفيذها. كما يحدد الأجهزة التي تساهم في هذه العمليات ودور كل منها وكيفية التنسيق بينها للوصول إلى قرار بسياسة عامة تحقق رضا عاما .
ويعد البرلمان من أهم المنظمات الرسمية الحكومية التي تضطلع أساسا بتشريع اللوائح والأنظمة والقوانين ووضع القواعد العامة التي تنظم مختلف أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن دور المشرعين أو البرلمان يختلف من حيث التأثير في صنع السياسة العامة وتحليلها بين القوة والمحدودية حسب طبيعة وشكل النظام السياسي وتأثير المتغيرات الداخلية والخارجية.
وفي ظل موجة التحول الديمقراطي والإصلاحات السياسية التي تشهدها الدول النامية يثور التساؤل حول دور البرلمانات في الحياة السياسية وفي صنع السياسة العامة والمساهمة في تجسيد الإصلاحات السياسية.
تعتبر الجزائر من بين الدول النامية التي عرفت إصلاحات دستورية وسياسية مهدت للتغيير في طبيعة النظام السياسي ومؤسساته السياسية، أصبح البرلمان تعددي مكون من غرفتين يضم أعضاء معينين في الغرفة الثانية (خبراء السياسة العامة)، ونواب منتخبين يمثلون مختلف المصالح والقوى السياسية، فصار البرلمان محل للنقاش ولا يزال تفعيله وقياس أداءه موضوعا مطروح للدراسة.
الإشكالية:
ما مدى فاعلية البرلمان الجزائري كمؤسسة معنية بصنع السياسة العامة؟
المداخل النظرية في السياسة العامة:
هل أن صناعة سياسة عامة بإتباع طرق علمية وعملية سيؤدي إلى نتائج مرجوة تستجيب و ترد على تطلعات المواطنين في دولة ما؟، وكيف تطبق ميدانيا؟
I. أسباب الاهتمام بالسياسة العامة:
يرجع “توماس داي”، أسباب الاهتمام بتحليل السياسة العامة إلى ثلاث أسباب ، يمكن إدراجها كالتالي:
1- أسباب علمية: بمعنى أن هذه الدراسة يمكن أن تتحقق عن طريق الفهم المعمق للمجتمع، من خلال معرفة مصادر ونتائج قرارات السياسية العامة أي أن هذه الأخيرة يمكن تناولها كمتغير تابع، عندما يثور التساؤل حول ماهية القوى البيئية والخصائص المؤسسية التي تساهم في تشكيل السياسة وتحديد مضمونها، وفضلا عن ذلك قد ينظر إليها كمتغير ثابت، فيتعلق السؤال بالنتائج التي تطرحها السياسة العامة على البيئة والنظام السياسي، ومثل هذه التساؤلات وغيرها تثري المعرفة بالروابط بين البيئة والتفاعلات السياسية والسياسة العامة، وهو ما يساعد على التطوير النظري لهذا الحقل بصفة عامة.
2- أسباب عملية: بمعنى أن دراسة السياسة توفر للباحث السياسي إمكانية توظيف معارفه في حل المشكلات العملية، إذ يغلب أن تخلص هذه الدراسات إلى توصيات بشأن ماهية السياسات الملائمة لتحقيق الأهداف المبتغاة.
3- أسباب سياسية: وهنا ينصرف هدف الدراسة إلى التأكيد من أن الدول تتبنى الأفضل من السياسات لتحقيق الأهداف العامة، فكثيرا ما يتردد من أن علماء السياسة ملزمون بتطوير السياسة العامة وإثراء النقاش السياسي عن طريق دارسة الأداء الحكومي في الميادين المختلفة.
.التحليل الكلاسيكي للسياسة العامة:
تشكل السياسة العامة اليوم، أحد القطاعات الأكثر دينامكية للعلوم السياسية فمنذ عشرات السنين تعددت الأعمال المنقولة في إطار وطني أو في نظرة مقارنة من بلد لبلد دون إهمال الدراسات المنجزة على السياسات الأوربية. والأسباب في ذلك متنوعة لكن من بينها نسطر الشكوك القائمة حول اقتراب التحليل من المشاكل الميدانية وأيضا الارتياب المتناظر عند المسيرين لجعل الجهود القانونية، المالية والإدارية للقوة العامة أكثر إنتاجية بالمفهوم النيوليبرالي الذي يعد مكسب على السلم الدولي. هذا الأخير يحتم على التبرير الجيد لسياسات التدخل أو التأطير، بدراسة أولا ديناميكيتها، وتأثيراتها الواقعية، ومن جهة أخرى فإن تنامي الليبرالية أبدى ضرورة وجود أشكال جديدة للعمل (التدخل) لمحاولة الوقاية من بروز مخاطر غير متوقعة كونيا: دمار رهيب للبيئة أو عدو التوازن المناخي، ندرة الموارد غير القابلة لإعادة الإنتاج، الانتشار الواسع للأوبئة والأمراض في عالم يشهد حركية واسعة للسلع والأشخاص.
فالسياسة العامة هي: «(L’expression d’une volonté gouvernementale d’action ou d’inaction)» ويمكن تعريفها أيضا كمجموعات بنيوية ، معرفة متلاحقة، اهتمامات ، قرارات أو إنجازات خاصة بالسلطة العمومية (محلية، للتهيئة للسياحة… الخ). تأخذ شكل عقود تشريعية أو قوانين مضبوطة من طرف أعضاء قرارات منتخبين، لكن ما يهم خاصة هو المنح للمنافع و الموارد بفضيلة عبر إجراءات قانونيا إجبارية، التي تشهد أولوية القوة العامة.
في الأخير، يمكن القول أن السياسة العامة بمفهومها هذا تضخم فكرة التلاحم المتداولة أو المفرزة مرة أخرى، وهذا لا يعني بالأكيد أن هؤلاء المؤلفين لديهم بالضرورة نظرة واضحة حول ما يدور، أو على الأقل عن التأثيرات المحدودة لعمل المؤسسات ببساطة مفهوم السياسة العامة يدفع للتفكير في القرارات غير المعزولة ولكن المدمجة في حد أدنى من الاستمرارية، ومشروط بمصب (Aval) وتشترط منبع Amont)) .
. المقاربات الوطنية للسياسات العامة:
يطرح هذا العنوان فكرة تدور حول الاتجاه نحو عدم فصل تحليل السياسات العامة
وتنوع النقاشات القومية. منذ سنوات السبعينات، تحليل السياسة العامة أخذ شيء فشيئا مكانة هامة في خضم علوم السياسة. هذه المقاربة بعيدة أن تكون متجانسة، ولكن في الواقع تطويرها تميز أيضا ببعض التعارض أو الانفصال، أو على الأقل تميز بالطابع الفاصل بين المختصين في السياسة العامة عن باقي البحث العلمي المنجز عن السلطة .
قبل الغوص في هذا الاتجاه، العناصر الآتية تبحث في تساؤل عن حالة تحليل السياسات العامة في أربعة بلدان بالخصوص: فرنسا، الولايات المتحدة، ألمانيا، والمملكة المتحدة، وبأكثر دقة، سنحاول تسليط الضوء ولو بإيجاز عن الصيغة التي يحاول مختص السياسة العامة في كل بلد من تحديد مشكل العلاقة بين التدخل العمومي والسياسة عبرها.
إن التفسير سيحمل عدد كبير من التعارضات الهامة المفسرة عبر تقاطع متغيرين: سوسيولوجيا العلوم للسياسة من جهة وتغيرات الرهان الملاحظ في السياسة العامة من جهة أخرى.
1- المدرسة الألمانية لتحليل السياسات العامة بين التقاليد الدولية والنظرية:
طرق البحث المطور في ألمانيا في حقل تحليل السياسات العامة -أكثر من كونها في البلدان الغربية الأخرى- تضع في الحساب الحتميات التي تزن الدولة في التدخل (l’état en action)، أي بين وزن المصالح المنظمة والقوام المرتبط بالتنظيم الفدرالي للمؤسسات. معيار «Domestique»، ومعيار «semi souverain» للسلطة الألمانية التي تواجدت في المقاربات التي تعتمد الصيغ الأفقية والعمودية لاقتسام السلطة. مختلف المقاربات النظرية
(institutionnalisme, réseaux, gouvernance, associative, néocoporatisme) المركزة حول الفاعلين والمهيمنة في التقاليد الألمانية لتحليل السياسات العامة، والتي تضع توجه تحولات أنظمة التدخل العمومي في جمهورية ألمانيا الفدرالية (RFA) في العشريات الأخيرة. وهذا الإطار الأفقي للمقاربة المهيمنة في تحليل السياسات العامة يلخص تدشين لإزدواجية التوجه لهذه المقاربات: أحيانا تقديم النموذج التاريخي للدولة الألمانية ، لكن أيضا في سياق طابع علوم اجتماعية.
2- تعظيم وإخفاق للتحليل البريطاني للسياسات العامة:في بريطانيا العظمى، المسار المتبع لتحليل السياسات العامة يجد أصوله في دراسة الإدارة الوطنية والمحلية لسنوات الثلاثينات، قبل أن يعرف توسعا سريعا في السبعينات والثمانينات، بالتركيز على سوسيولوجيا التنظيمات وعلى دراسة العلاقات بين الدول والجماعات المصلحية. إذ أن جل الباحثين المندرجين ضمن هذا الميدان حولوا من تحليل التدخل العمومي إلى مكونة أساسية لعلم السياسة البريطاني أثناء التسعينات، لا أحد ينكر نوعية المردود العلمي الرديئة في الحقيقة، فمن جهة تغير العلاقات بين الوسط الجماعي و السلطات العمومية، ومن جهة أخرى الإشكالات الروتينية التي أهملت الرابطة بين السياسات العامة، السياسة، والفضاء السياسي.
3- المقاربات الأمريكية للسياسات العامة:يعتبر تحليل السياسة العامة أكثر من محاولة صياغة نموذج أو تقديم مخطط كامل للبحث حول تحليل السياسات العامة. والهدف هنا يؤكد على التركيز لوضع برامج بحث جديدة وحالية أكثر بينونة على غرار المؤسساتية الجديدة «Nouvel institutionnalisme» وبكثير من التحديد والدقة تهدف هذه البرامج لتوضيح العلاقة الإشكالية بين المؤسسات، السياسات العامة، والتغيير بمعنى تسطير طريق فكري يتبع قبل الوصول إلى مقاربة مدمجة فعلا للتدخل العام.
أكيد أن هذه العناية النظرية التي تبرر وضع علاقات لمقاربات المؤسسات والسياسة العامة المطبقة في فرنسا مع نظيرتها المستعملة بجلاء في الولايات المتحدة الأمريكية ما هي إلا تأثيرات مؤسساتية وديناميكيات للتغيير– إنهيار أم إعادة بعث نفس أخر لتحليل السياسات العامة في فرنسا:
تحليل السياسات العامة في فرنسا اليوم هو في البحث عن نفس ثاني، حقيقة أن بعض الإخفاق الملحوظ بفعل عناصر الإنفصال حول هذا العلم الفرعي (sous discipline) لعلم السياسات، خاصة بسبب الخلل في التركيز المنهجي، الذي بقى في حالة رمزية (symbolique) عبر المقاربة الإدراكية l’approche cognitive، هذا النفس الثاني يمكن أن يمر عبر إشكالية سياسات عامة بمصطلحات علم الإجماع السياسي فتحليل العلاقة المفصلية «Policy/Politics» يوفر مسارات بحث مباشرة، بشرط تجاوز عقبة المستحيل لمتغير سياسي ثابت (مستقل) ، بالإهتمام على وجه الخصوص بتشريع وتسييس السياسات العامة.
IV. المرتكزات العامة في التحليل الحديث للسياسات العامة:
يحدد كل من « Hogwood »et « Dunn » التصنيفات المتعلقة بدراسة تحليل السياسات العامة حول المحاور التالية :
– دراسات متعلقة بفحوى السياسات و محتواها.
– دراسات متعلقة بعملية صنع السياسات العامة.
– دراسات متعلقة بمخرجات السياسات.
– دراسات تقويم السياسات العامة.
– دراسات تقديم المعلومات اللازمة لصنع السياسات.
– دراسات متعلقة بكيفية تحسين عملية صنع السياسات.
– دراسات متعلقة بتعضيد بعض السياسات « Policy advocacy ».
وهناك إتجاهين أساسين يمكن إدراج المحاور السابقة ضمنهما كالآتي:
– الإتجاه الأول: يركز على استخدام المعلومات في وضع السياسة العامة، إذ تهدف هذه الدراسة لحل المشكلات العامة عن طريق تقديم وتوفير المعلومات، التي تسمح بزيادة كفاءة البدائل المتاحة، وهي دراسات وصفية وقيمية «Knowledge in the Policy process».
– الإتجاه الثاني: يهتم بالمعلومات عن السياسات و صنعها «Knowledge of the Policy». وقد تناول الأستاذ الدكتور “سلوى شعراوي جمعة” في كتابه:” تحليل السياسات العامة في الوطن العربي”، دراسة الإتجاهات الحديثة التي طرأت على تحليل السياسة العامة من خلال المتغيرات التالية:
1- وحدة التحليل:
إذ كان التركيز في دراسة تحليل السياسة العامة عن الدولة الوحدة الأساسية للتحليل، ولكن مع تغير دور الدولة وازدياد التفاعل بين القطاع العام والقطاع الخاص وتعاظم دور الفاعلين الجدد، من مثل المنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية والشركات متعددة الجنسيات، أصبح التركيز على مفهوم الشبكات في تحليل السياسة العامة.
2- قضايا ومحتوى السياسات العامة:
كان الاهتمام في تحليل السياسات العامة حول العلاقات بين المؤسسات السياسية داخل النظام وتأثير الجماعات الضاغطة، أي الاهتمام بالإطار الداخلي للدولة كقضايا الصحة والتعليم والسكن…الخ بتحديد الأولويات في صياغة السياسة في البيئة الداخلية.
وبعد انتشار العولمة هذه الظاهرة المركبة شاعت مفردات جديدة كالتحول الديمقراطي، حقوق الإنسان والجنس، وتصاعد دور المنظمات الدولية، مما أعطى أولوية الاهتمام في تحليل السياسة العامة لدولة ما عن طريق دراسة البيئة الخارجية وتفاعلاتها مع البيئة الداخلية، وأصبحت قضايا ذات صبغة عالمية أو ما يعرف بالسياسات العامة العالمية.
3- منهجية التحليل:
والتي تقوم على حل المشكلات للسياسة العامة باستخدام أدوات تحليل تسمح بتحديد المشكلة من جهة وبزيادة كفاءة البدائل المقترحة أمام صانع القرار من جهة أخرى، وبعدها تطورت منهجية التحليل وأصبحت تجمع بين التحليل الكمي والكيفي وتأخذ بالأسلوب المقارن بإتباع أسلوب وقائي قبل أن يكون علاجي في حل المشكلات. كما أن التطور المعلوماتي أدى إلى الأخذ بأساليب التقليد والنمذجة للاختيار بين البدائل المقترحة من مثل العصف الذهني وأسلوب دلفي «Delphi technique,brain storming » وهكذا أسلوب التعيين الجماعي «The nominal group technique »، فتطورت منهجية تحليل السياسات العامة بإعتماد مفاهيم من مثل الكفاءة والفعالية والعدالة، ونهج أساليب التكلفة والعائد في التقييم، والتركيز على مفهوم الرضا العام والمشاركة وعدالة الإجراءات، وأساليب التقييم الاجتماعي أو التقويم البيئي وتحليل المخاطر، ليظهر منهج آخر حديث يركز على دور الجنس والتوزيع المتكافئ للأدوار بين الرجل والمرأة وقبول حيادية التحليل للسياسات العامة.
4- المدارس الفكرية:
تعددت المدارس الفكرية التي ارتبطت بتحليل السياسات العامة، إذ كانت هناك محاولة لتطبيق المبادئ العلمية على دراسة الظواهر الاجتماعية وقد حدد «Watters»، و «Sud weeks»، عدد من المدارس الفكرية في هذا الإطار:
أ- مدرسة Socio-econonics: والتي تؤكد أهمية الدور الذي تلعبه القيم والمبادئ في عملية اتخاذ القرار كالخيار الرشيد والخيار العام، وإن كانت تؤكد على ضرورة عدم استبعاد العامل القيمي أو الأخلاقي في التحليل.
ب- مدرسة Policy Discource: وتركز على أهمية الخطاب في السياسات العامة.
ج- مدرسة Political Ideas: تهتم بعملية تقييم البدائل وصنعها أي كيف تتم ومن يشارك فيها؟
د- مدرسة Pragmatic Liberalism: تستند على تقديم المعايير وإستخدامها في تقييم البدائل، وتدعو لمزيد من المشاركة الشعبية وحرية التعبير، وكيفية التأثير في قرارات السياسة العامة.
موقع السلطة التشريعية في صنع السياسة العامة في الجزائر:يعتبر المجلس التشريعي هو الطرف المنوط بتحمل مسئولية تمرير التشريعات والميزانيات اللازمة لتنفيذ السياسات العامة بجانب مراقبة ومتابعة تنفيذ الحكومة، وتوفير البيانات للمشرعين وزيادة قدرتهم النقاشية مع ضمان تضمين البعد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي فى أي سياسة، فإن السلطة التشريعية في الدول المعاصرة أضحت تعبير صادق عن أرادة المجتمع وأولوياته التي يجسدها المشرع في صورة قواعد عامة تحكم التفاعلات بين الأفراد والجماعات، وتنظم العمل والعيش المشترك بينهم. وبالرغم أن السلطة التشريعية ليس مجرد جهة تشريع أو وسيلة للرقابة على أعمال السلطة التنفيذية فحسب، ولكنه في الأصل جهة صنع السياسات العامة التي تقوم “الحكومة” بتنفيذها، إلا أن هدا ليس لا يبدو متحققا فى كثير من دول العالم الثالث إذ يؤكد البعض ان الدور الفعال الذي تلعبه برلمانات الدول المتقدمة في العملية التشريعية، وصنع السياسات العامة لا يضاهيه دورا لبرلمانات الدول النامية حيث أضحت الوظيفة الرقابية عمليا هي الشغل الشاغل لمعظم برلمانات الدول النامية وليس عملية صنع السياسة العامة، وذلك بعد هيمنة الحكومة على صنع السياسات العامة وكونها مصدر معظم التشريعات، فهي التي تمتلك القدرة على التنفيذ، وهي المخولة بوضع اللوائح التنفيذية للقوانين، وهي التى تمتلك القدرات الفنية والإدارية وقواعد المعلومات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسة.
ومن ثم تعتبر قضية تفعيل دور السلطة التشريعية سواء على المستوى الرقابي أو حتى تفعيل دوره في صنع السياسات العامة جزءا لا يتجزأ من الإصلاح السياسي وتحقيق التنمية المأمولة في أي من دول العالم الثالث، إذ من المفترض أن تتضمن السلطة التشريعية قطاعات كبيرة من الشعب الذين قد ينقصهم “التمكين” و المشاركة في صنع السياسات التي تؤثر على حياتهم اليومية. ولكي تساهم السلطة التشريعية بدورها الفعال في عملية صنع السياسة العامة، ومن ثم عملية التنمية الاقتصادية عليها أن تعمل على:
1-التشاور: مع المجتمع المدني والقطاع الخاص لضمان المشاركة وخاصة وانه في ظل معظم الدساتير، تعد التشريعات هي أكثر العناصر تمثيلاً للحكومة الوطنية.
2-تحقيق الأهداف: إذ يتم تصميم السياسة العامة لضمان تحقيق الأهداف المرسومة وبالمشاركة مع أفراد الشعب.
3-الشمول: نظرا إلى الانتشار الجغرافي والتغطية السياسية وتنظيم هيكل لجان السلطة التشريعية حسب القطاعات، فمن المفترض أن تتمكن هياكل الأجهزة التشريعية من مناقشة نظرة قومية شاملة لتنفيذ السياسة حتى إذا تأثرت هذه النظرة بالمصالحة الجغرافية الخاصة.
4-موازنة المصالح السياسية: إن أي من هذه القرارات المتعلقة بالسياسات العامة إنما تؤثر على التأييد الشعبي للأحزاب السياسية أو مسئولي الأجهزة التنفيذية. بينما تولي السلطة التشريعية لهذه القضية، وهو الجهاز الذي يضم العديد من الفاعلين السياسيين ذوي السلطة الدستورية التي تخولهم حق الرقابة على قرارات السلطة التنفيذية، يمكنه من موازنة المصالح السياسية للحزب الحاكم في صياغة أى سياسة عامة.
5-ضمان استمرار تنفيذ السياسات على المدى القصير والطويل: خاصة بعد الحصول على موافقة الفاعلين السياسيين الأعضاء في السلطة التشريعية سواء من داخل الحزب الحاكم أو المعارضة وهو ما يضمن أكبر حجم من التأييد للإستراتيجية، وعدم تأثر تنفيذها بالتغير في المناخ السياسي الداخلي. ولضمان تحقيق هذا الهدف يجب إشراك السلطة التشريعية في وضع الاستراتيجية منذ البداية قبل الحصول على الموافقة عليها وقبل دراسة الميزانية.
و يعتبر كل ماسبق أمرا ضروريا لضمان استمرارية التنفيذ والنجاح لأي سياسة عامة.
وبعبارة أخرى، هناك عدة عوامل تدعم فرض التطوير التشريعي في الجزائر، وتعزز قدرات السلطة التشريعية، وأهمها:الشروط الذاتية الشرط الموضوعية– رغبة النواب – قدرات مؤسسة السلطة التشريعية:
– معرفة النواب – الموارد البشرية
– قدرة النواب – الهياكل والأساليب الإدارية
– تمويل، قدرات مادية وتقنيةالمقومات البيئية
محلية: خارجية:
– المجتمع المدني – مشروعات تطوير ودعم برلماني
– الأحزاب – منظمات برلمانية إقليمية ودولية
– وسائل الإعلام – تبادل الخبرات المتخصصة
– الجامعات ومراكز البحوث – الجهاز الإداري للدولةتوصيات واقتراحات:
1- تقسيم المشاركين إلى مجموعتين للاستفادة من الخبرات المختلفة في عملية صنع السياسة العامة
2 -استقراء وجهات النظر وكتابة تقرير جماعي عن معوقات دور السلطة التشريعية في صنع السياسة العامة
3- طرح النموذج السابق والتطبيق على سياسة هي الأقرب إلى اهتمام معظم المشاركين فى المجموعة الأولى ثم الطلب من المجموعة الثانية التعليق على ما تم تطبيقه ومليء الدوائر الفارغة في النموذج من خلال مردود المشاركين.المصدر : مداخلة عبد النور زوامبية في الملتقى الوطني للسياسات العامة ودورها في بناء الدولة وتنمية المجتمع بجامعة سعيدة 2022
التعديل الأخير تم بواسطة حبيبة كريم ; 04-01-2010 الساعة
بقلم عماد بن محمد
vendredi 14 mars 2022.
مع خروج مصطلح التداول على السلطة من دائرة المحرم السياسي العربي اطرد الحديث عن امكانات الانتقال الديمقراطي للحكم في البلاد العربية, و عن أهم معوقاته, و طبيعة كيفياته. لكن في خضم هذا و ذاك, بقي مفهوم التداول أو على الأقل شق منه مبهما يتمنع عن التعريف و الحصر, و ذلك لاشكالات تتعلق بمفارقات في علاقة السياسيLe Politique بالسياسة La Politique من جهة, و من جهة أخرى لتنوع أشكال تطبيقات التداول في الديمقراطيات الحديثة.
I ـ في مفهوم التداول على السلطة :
ان محاولة تعريف مفهوم التداول على السلطة لا تخلو من صعوبات و استشكالات ترتبط بتعدد وجوه التداول, و تنوع لوازم امكانه مما يعرقل عملية حصره في اطار مفهومي واحد, و لكن فقط الجانب التقني لعملية التداول من حيث هو آلية لصعود قوى سياسية من المعارضة الى السلطة و نزول أخرى من السلطة الى المعارضة القادر على تحقيق أقدار من الاجماع و الاتفاق على عملية التعريف.
يعرف شارل دباش التداول على السلطة بكونه ’’مبدأ ديمقراطي لا يمكن ـ وفقه ـ لأي حزب سياسي أن يبقى في السلطة الى ما لا نهاية له, و يجب أن يعوض بتيار سياسي آخر’’. أما جان لوي كرمون فيعتبر أنه’’ و ضمن احترام النظام السياسي القائم يدخل التداول تغييرا في الأدوار بين قوى سياسية في المعارضة أدخلها الاقتراع العام الى السلطة و قوى سياسية أخرى تخلت بشكل ظرفي عن السلطة لكي تدخل الى المعارضة’’.
و لعل المتأمل في هذين التعريفين يتجلى له بوضوح التركيز على الجانب الوظيفي للتداول من حيث كونه آلية لادارة الدخول و الخروج الى السلطة والى المعارضة بين تيارات سياسية مختلفة. لكن في حقيقة الأمر ان اشكالية التداول على السلطة هي أعمق من ذلك بكثير فهي تكشف عن طبيعة الحالة الاجتماعية برمتها في صراعات أطرافها و تحالفاتهم و في درجة الوعي السياسي العام لذلك كان التحقق الفعلي لمبدأ التداول مرهونا بشروط مسبقة هي شرط امكانه.
IIـ في شروط التداول على السلطة :
ـ التعددية الحزبية :
في حمأة الصراع على السلطة تتجلى التعددية الحزبية كظاهرة طبيعية لاختلافات سياسية تتضمن تمايزات فكرية, ايديولوجية…الخ بين مكونات المجتمع السياسي. و تمثل ظاهرة ـ الاختلاف ـ هذه, عمق حراك المجتمع و هدف النظام السياسي الذي يتوجه اليها بالتنظيم لحفظ الدولة و المجتمع من التفكك و التحلل.
و لئن كان النظام الاستبدادي و من أجل الحفاظ على وحدة الدولة و المجتمع, التجأ الى قمع قيمة الاختلاف بين المكونات السياسية للمجتمع و تعويضها بنمطية و اتجاه في الغالب يمر عبر محق جميع ضمائر الجمع و تعويضها ما أمكن بضمير المفرد فان النظام الديمقراطي سعى جاهدا الابقاء على مبدأ الاختلاف قائما و لكن مع تنظيمه و تقنينه لكي لا يتحول الى خلاف.
ان التعدد في الأحزاب و الفئات السياسية هو في حقيقة الأمر من أهم شروط التداول على السلطة اذ تنعدم في نظام الحزب الواحد حرية الاختيار بين تيارات سياسية مختلفة و ينحصر الانتخاب في حزب السلطة الذي يهيمن عادة على كل الوظائف السياسية في الدولة وبذلك يفقد الانتخاب كل مضامينه الأساسية ليتحول الى أشكال أقرب الى الاستفتاء أو التزكية أو غيرها من المصطلحات المعبرة عن ابداء الرأى ازاء طرف واحد.
و أدنى أشكال التعددية الحزبية هو و جود حزبين سياسين متنافسين ينحصر التداول على السلطة بينهما في فترات تحددها القوانين المنظمة للانتخابات.
ب ـ الانتخابات :
يشترط التداول الديمقراطي على السلطة أيضا الاجراء الدوري لانتخابات حرة و نزيهة. و اذا كان لفظ التداول يطلق على عملية الدخول و الخروج من السلطة فان الانتخابات هي الاداة التي تتم بها هذه العملية. و دون الدخول في في تفاصيل عملية الاقتراع فيكفي القول بضرورة أن يجرى الاقتراع بشكل حر و عام و مباشر و سري, و يبقى اختيار أحد طريقتي الاقتراع المطبقتان حتى الآن في الديمقراطيات الحديثة, الاقتراع بأغلبية الأصوات و الاقتراع بمبدأ النسبية, أمرا موكول الى كل بلد حسب ما يرتضيه.
كما يجب التأكيد على ضرورة دورية اجراء الانتخابات فهي الضامن لعدم بقاء أحد الأطراف السياسية في السلطة الى ما لا نهاية له, و هي الكاشف للتغيرات الحاصلة في اتجاهات الناخبين للتصويت لهذا الطرف أو ذاك.
أخيرا, ان الانتخابات هي الضامن الأساس لعودة تيار سياسي الى السلطة بعد الخروج منها, وهي تمثل احدى أهم المحطات التي يمارس فيها الشعب سيادته و دوره كفيصل و حكم بين التيارات السياسية المتنافسة في البلاد.
ج ـ الاتفاق حول مؤسسات الدولة و حكم الأغلبية في ظل احترام الأقلية :
يفترض التداول على السلطة اتفاقا أوليا على مؤسسات الدولة. ان التداول هو ليس تغيير للدولة و انما هو تغيير في الدولة, وهو ليس تبديلا لنظام الدولة بقدر ما هو تغيير للنخبة الحاكمة فقط.
كذلك فان التداول هو تداول على تسلم أجهزة الدولة من أجل تطبيق قناعات و خيارات و برامج الفئات و الأحزاب السياسية الصاعدة الى السلطة, و ذلك من خلال المؤسسات القائمة ( مؤسسة الرئاسة, مؤسسة القضاء, مؤسسة الجيش…الخ). هذه المؤسسات التي لا يمكن تحويرها في الغالب الا بعد استشارة شعبية موسعة و تنقيحات دستورية عميقة بعد الحصول على اجماع داخل الطبقة السياسية. و يجدر الذكر بان دساتير بعض البلدان تحضر أي تعديل على بعض موادها كالنظام الجمهوري في فرنسا أو فيما يتعلق بالحقوق الأساسية للمواطن في كثير من الدساتير الأخرى.
و من نافل القول بأن صعود نخبة سياسية الى سدة الحكم لا يعفيها من الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة التي سبقتها خصوصا في مستوى الاتفاقات الدولية و لكن هذا لا يمنعها طبعا من اعادة النظر في تلك القرارات و الاتفاقات المبرمة سلفا.
و هكذا تترائى لنا بعض أهم حدود التداول و المجالات التي يختص بها, و يبقى حكم الأغلبية ضمن احترام الأقلية, و ضمان حق العودةللفئات المغادرةللسلطةالى المعارضة آخر المبادئ التي يفترضها التداول, فطغيان الفئة الحاكمة و هيمنتها على المجتمع هو الممهد الأساس للدكتاتورية و الاستبداد و المعطل تعريفا لمبدأ التداول.
III ـ في أشكال التداول على السلطة
يتم تقسيم التداول عادة بالنظر الى حجم سيطرة النخبة السياسية الصاعدة الى الحكم على السلطتين التنفيذيتين و التشريعية و الذي يتعلق عادة بتوقيت و نتائج الانتخابات الرئاسية و البرلمانية.
أ ـ التداول المطلق :
هو التداول الذي تدخل على اثره السلطة بكاملها الى المعارضة. و يتأتى هذا النوع من التداول عادة في النظام البرلماني اثر فوز حزب أو تكتل حزبي متجانس من المعارضة بالأغلبية المطلقة من الأصوات في الاقتراع العام مما يؤهله الى تشكيل الحكومة بمفرده.
أيضا, يمكن أن يحصل تداول مطلق على السلطة في النظامين الرئاسي و نصف الرئاسي اذا ما كان عقد الانتخابات الرئاسية و البرلمانية في فترة زمنية واحدة مما يتيح للرئيس و الأغلبية البرلمانية أن يكونا من تكتل أو حزب واحد قادر على أن يشكل الحكومة بمفرده.
و يتواجد التداول المطلق خصوصا في نظام الحزبينLe Bipartisme . فكان تداول المحافظين و اليبرالين من سنة 1832 الى سنة 1914 في بريطانيا تداولا مطلقا تدخل على اثره السلطة بأسرها الى المعارضة في حين يتسلم الحزب أو الكتلة الفائزة بالأغلبية المطلقة في الانتخابات زمام السلطة.
و حقيقة, يعتبر التداول المطلق على السلطة أعظم و أهم تغيير يمكن أن يحصل في نظام سياسي ما بشكل سلمي و ديمقراطي.
ب ـ التداول النسبي :
هو التداول الذي يدخل فيه قسم فقط من السلطة الى صف المعارضة. و يوجد هذا النوع من التداول في النظامين الرئاسي و نصف الرئاسي حيث يتم انتخاب الرئيس و البرلمان في فترات زمنية متباعدة. اذ و على نقيض التداول المطلق حيث تنتمي السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية الى كتلة أو حزب سياسي واحد حاصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات فان التداول النسبي يتيح سيطرة طرف من المعارضة على قسم فقط من السلطة و الحزب الحاكم على القسم الآخر, أي بصورة أخرى أن تنتمي أغلبية البرلمان الى حزب أو كتلة سياسية في الوقت الذي ينتمي فيه الرئيس الى حزب أو كتلة سياسية أخرى.
و يوجد هذا النوع من التداول خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية, اذ عادة ما لا يكون الرئيس من الأغلبية المسيطرة على الكنغرس. ففي الفترة الفاصلة بين سنة 1944 و سنة 1988 لم يحصل تداول مطلق على السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية الاّ مرة واحدة و ذلك في سنة 1952 في عهد الرئيس ازنهاور.
ج ـ التداول عبر وسيط :
يوجد هذا النوع من التداول على السلطة خصوصا في ألمانيا, اذ بحكم عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة في البرلمان يتم التداول عبر ترجيح حزب ثالث كفة أحد الحزبين الرئيسين ( الحزب الديمقراطي المسيحي و الحزب الحزب الاجتماعي الديمقراطي) من أجل تشكيل الحكومة. و قد لعب الحزب الليبرالي لفترات طويلة دور المرجح لكفة أحد هذين الحزبين من أجل السيطرة على السلطة.
و كثيرا ما يأخذ الحزب الثالث بالبرلمان في هذا النوع من التداول حجما أكبر مما هو عليه في حقيقة الأمر, و غالبا ما يفرض على الحزب الذي اختار ترجيحه من أجل تشكيل الحكومة تنازلات سياسية.
و جدير بالذكر, ان الحكومة في هذا النوع من التداول كثير ما تكون غير قوية و ذلك لظلال الشك التي تعتريها من أن ينفرط عقد التحالف بين الحزبين الذين يؤلفانها على عكس ما هو موجود عادة في نظام الحزبين حيث يكون للحزب الفائز في الانتخابات القدرة على تشكيل الحكومة بمفرده و دون الحاجة الى الاستعانة بأقلية أخرى في البرلمان.
و في النهاية, يمكن لنا من دون عناء ملاحظة الاجماع الحاصل لدى الأنظمة السياسية على اعتبار التداول على السلطة كونه آلية منظمة للحياة السياسية. هذا بالاضافة الى اعتبار التداول كونه اتفاقا على حل المشاكل السياسية و الاجتماعية بطرق سلمية و تعاقدية, وهو عين ما تصبو الى تحقيقه الديمقراطية.
كما يعكس تنوع أشكال التداول على السلطة درجة الاجماع الحاصل ازاء النخبة السياسية الحاكمة. اذ يعبر التداول المطلق على رغبة الى تغيير جذري في السلطة لدى الناخب في حين يعكس التداول النسبي رغبة في تغييرات جزئية و أكثر بطئا, أما التداول عبر وسيط فيعبر عن رفض الناخبين لنظام الحزبين وهيمنة حزب أو اثنين فقط على الحياة السياسية.
أخيرا, يعبر تعدد أشكال التداول على السلطة عن تنوع وجوه النظام الديمقراطي من حيث هو نظام توافق و تعاقد سياسي و اجتماعي وليد تجربة تاريخية و فضاء ثقافي معينين.
عماد بن محمد
باحث في العلوم السياسية