فهذه فائدة لغوية في إضافة كلمة (شهر) إلى اسم الشهر، هل الأمر في ذلك واسع، أم أنه خاصٌّ ببعض الأشهر دون بعض.
قال العَلَّامَة الآلوسي رحمه الله في (روح المعاني 624/3) في تفسير قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن..):
((وقد جُعِل مجموعُ المُضافِ والمضافِ إليه عَلَمًا للشهر المعلوم، ولولا ذلك لم يحسُن إضافَةُ (شَهر) إليه، كما لا يحسن -إنسانُ زيدٍ- وإنما تصِحُّ إضافةُ العامِّ إلى الخاصِّ إذا اشتهرَ كونُ الخاصِّ مِن أفراده، ولهذا لم يُسمع (شهر رجب) و(شهر شعبان)، وبالجملة فقد أطبقوا على أن العَلَم في ثلاثةِ أشهرٍ مجموعُ المضاف والمضاف إليه، شهر رمضان وشهر ربيع الأول، وشهر ربيع الثاني، وفي البواقي لا يُضاف شهرٌ إليه،
وقد نظم ذلك بعضهم فقال:
ولا تُضِف شَهرًا إلى اسْمِ شَهرِ *** إلاَّ لِمَا أَوَّلُه -الرَّا – فَادرِ
واسْـتَـثـنِ مِـنـهَـا رَجَـبًـا فَـيـمـتَـنِـعْ *** لأنَّـهُ فِـيـمـا رَوَوهُ مَـا سُـمِـع )).
_________________
وهذه مَسأَلةٌ مُتفرِّعةُ عَن سابِقَتها في إطلاقِ كَلمة (رمضان) هل يسوغُ الإتيانُ بها مُنفَرِدة، أم لا بُدَّ من إضافتها فيقال (شَهْرُ رَمضان).
قال الإمام النووي رحمه الله في (المنهاج 186/7-187)ط:المعرفة:
((وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب:
قالت طائفة: لا يُقالُ رمضان على انفراده بحال، وإنما يقال: شهر رمضان، هذا هو قول أصحاب مالك، وزعمَ هؤلاء: أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فلا يُطلق على غيره إلا بقيد.
وقال أكثر أصحابنا وابن الباقلاني: إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة وإلا فيُكره، قالوا: فيقال: صمنا رمضان قمنا رمضان ورمضان أفضل الأشهر ..
والمذهب الثالث مذهب البخاري والمحققين: أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة وبغير قرينة، وهذا المذهب هو الصواب، والمذهبان الأولان فاسدان، لأن الكراهة إنما تثبُت بنهي الشرع ولم يثبُت فيه نهي وقولُهم إنه اسمٌ من أسماء الله تعالى ليس بصحيحٍ ولم يصِحَّ فيه شَيء، وإن كان قد جاء فيه أثرٌ ضعيف..)).
قلت: فتحصَّل مما سبق أنه يجوز إطلاق (مضان) و يجوز (شهر رمضان) على الصحيح إن شاء الله.
وأنَّه لا يسوغ إضافة كلمة (شهر) إلى اسم الشهر إلا مع ثلاثة أشهر: شهر رمضان وشهر ربيع الأول وشهر ربيع الثاني.
والله أعلم
كتب: حمزة بن ربيع الجزائري/ 08 رمضان 1443هـ