مـقـدمــه: – بداية اتصال الشرق بالغرب –
بدأ اتصال الشرق العربي بأوربا ، التي كانت قد بلغت شأوا بعيداً في التقدم العلمي ، وأحرزت نتائج باهرة في مختلف العلوم كان أميراً على بعض مناطق لبنان وسوريا وكانت هذه البلاد تسمى (الشام).
سافر السلطان فخر الدين إلى بعض البلاد الأوربية ، وشاهد ما وصلت إليه من تقدم حضاري ليس له مثيل في الشرق فأعجب بذلك أيما إعجاب ، فعمل على توثيق العلاقات بين بلاده ، وبلاد أوربا ، فاستقدم بعض الشركات الأوربية التجارية ، وأرسل بعض البعثات إلى روما لتلقي العلم في معاهدها ، وتعلم لغاتها.
وقد اهتم البابا بهذا الاتصال اهتماماً كبيراً ، فوجه بابا روما في ذلك الحين الآباء اليسوعيين أن يقوموا بإنشاء المدارس الأوربية في الشرق ، كما وجه باستقدام عدد من أبناء الموارنة إلى روما وإلحاقهم بمدارسها ليعودوا إلى بلادهم حاملين ثقافة أوربا وعلومهم ، فكانت أول لعثة عربية تعليمية إلى أوربا سنة 1578م .
ومثل ما اهتم ملوك إيطاليا بالشرق ، أهتم ملوك فرنسا بالشرق وبلبنان على وجه الخصوص ، فاستقدم لويس الرابع عشر ملك فرنسا عدداً من أبناء اللبنانيين إلى باريس حيث تعهد بتعليمهم مجاناً وأهتم المبشرون أيضاً بلبنان ، فأقبلوا إقبالاً شديداً فأنشأوا المدارس التي تعلم على المنهج الأوربي اللغات والعلوم التي كانت أوربا قد نبغت فيها .
ولكن على الرغم من ذلك كله فإن أثر اتصال الشرق بأوربا لم يكن له أثر واضح فى بقية البلاد العربية ، فإن تأثيره لم يمتد إلى مصر والعراق أو غيرهما من الوطن العربي حتى جاءت سنة 1797م ، تلك السنة التي يعتبرها مؤرخو الأدب الحديث البداية الحقيقية للنهضة الأدبية والثقافية المعاصرة .
في تلك السنة دخل نابليون مصر مسلحاً بأحدث ما توصلت إليه أوربا من أنواع الأسلحة ،بينما كان المصريون وبقية أنحاء الوطن العربي لا تعرف من أنواع الأسلحة إلا السيوف والرماح وبعض البنادق البدائية .
اصطحب نابليون معه في حملته العسكرية جماعة من العلماء في تخصصات مختلفة ، فأنشأ مجمعاً علميا ، وأحضر معه مطبعة عربية كان يطبع بها المنشورات والتعليمات التي يريد إيصالها إلى الشعب المصري ، ولم تكن مصر تعرف الطباعة قبل ذلك .
على الرغم من أن نابليون وعلماءه لم يمكثوا في مصر أكثر من ثلاث سنوات فقد كان لتلك السنوات الثلاث أثر بليغ في الثقافة العربية والأدب العربي ، لأن ذلك اللقاء بين الشرق وأوربا قد بعث في الشرق روح التحدي والتصدي .
لما طرد المصريون نابليون من مصر سنة 1801م وتولى محمد على عرش مصر سنة 1805م فكر في إنشاء دولة حديثة تستعين بما وصلت إليه أوربا من العلوم والفنون والآداب .
وهنا تجمعت عدة عوامل أدت إلى ما يسمى بـ ( الأدب العربي الحديث)
*عوامل نهضة الأدب العربي الحديث :
1/ إرسال البعثات إلى أوربا :
أرسل محمد على سنة 1826م مجموعة من الشباب المصريين إلى فرنسا عددهم أربعة وأربعون طالبا ليتخصصوا ، بعد إتقان اللغة في ، العلوم المختلفة في الزارعة ، والطب والجراحة والتشريح ، والطبيعة ، والكيمياء والعلوم البحرية ، والميكانيكا والترجمة.
كان هذا أول لقاء بين المصريين وبين الثقافة الغربية ولما عاد هؤلاء المبعوثون عادوا بثقافة جديدة ، وعقلية اتصلت بالحضارة الغربية ، وعرفوا أشياء لم يكونوا يعرفونها من قبل ، فقاموا بترجمة كثير من علوم أوربا وألفوا باللغة العربية كتباً في العلوم والآداب فأثروا اللغة بما زودوها به من أفكار ومصطلحات حديثة .
2/ إنشاء المطبعة :
عرف الشرق العربي المطبعة قبل مجيء ، نابليون إلى مصر عرفها في لبنان غير أنها لم تكن ذات تأثير في الأدب العربي لأنها كانت مقصورة على طباعة الكتب الدينية .
أنشأ محمد على أول مطبعة عربية في مصر سنة 1821م في حيّ بولاق فعرفت باسم مطبعة بولاق، لقد كان لمطبعة بولاق أثر واضح في النهضة الأدبية المعاصرة حيث قامت بطبع أمهات كتب الأدب العربي شعراً ونثراً ، كما طبعت مئات من الكتب العربية فى الطب والرياضيات والطبيعيات ، والتاريخ والتفسير والحديث .
أقبل الناس على كتب الأدب يقرءونها ، ويحفظون من دواوين الشعراء الأقدمين عيون الشعر العربي ، ومن كتب الأدب أرقاها أسلوباً ، ومـن كتب اللغـة ما وصلـهم باللغة القوية الأصلية .
3/ إنشاء الصحف :
أدى إنشاء المطبعة إلى ظهور لون جديد من ألوان القراءة هو الصحيفة التي لم تكن معروفة في الثقافة العربية من قبل .
انشأ محمد على أول صحيفة في الوطن العربي سنة 1828م ، تولى رئاسة تحريرها رفاعة رافع الطهطاوي ، وهو عالم أزهري ذهب مع أول بعثة إلى فرنسا ليكون إماماً لها في الصلاة ، ومرجعاً لها في شعائرها الدينية الأخرى ، فاستغل وقت فراغه في تعلم اللغة الفرنسية فتعلمها وأتقنها ، وقرأ بها كثيراً في السياسة والتاريخ والجغرافيا والأدب الفرنسي شعراً ونثراً ، فأضاف إلى ثقافته الأصلية ثقافة غربية ، توفى سنة 1873م.
كان من أثر الصحف في النثر أنها هذبته وصقلته ، ونقلته من المحسنات البديعية من سجع وجناس وطباق ، إلى نثر مرسل دون قيد من القيود البديعية ، كما أنها مالت به نحو الإيجاز والسهولة لأن قراء الصحف لا يسيغون التقعر والأغراب في اللغة .
4/الجمعيات العلمية والأدبية :
لقد كان للجمعيات الأدبية والعلمية أثر كبير في النهضة الأدبية فأنشئت أول هذه الجمعيات في سوريا 1847م ، وكان هدفها الارتقاء بالعلوم ونشر الفنون والآداب .
وأنشئت في مصر جمعية اسمها (جمعية المعارف) فقامت بطبع طائفة من الكتب الأدبية والتاريخية والفقهية ، ثم قامت جمعية أخرى هي (جمعية التعريب) وكان هدفها ترجمة الكتب الأجنبية في الاقتصاد والاجتماع .
5/ المدارس الحديثة :
كان التعليم ، فيما مضى ، محصوراً في المعاهد الدينية التي نهضت بتعليم الدين فقها وتفسيراً وحديثاً ، وبتعليم العربية نحوا وصرفاً وبلاغة ولغة وأدباً ، ولم تكن تعنى ، إلا قليلاً ، بغير ذلك من العلوم .
أما المدارس الحديثة فقد أنشئت على نمط المدارس الأوربية التي تعلم اللغات والعلوم الحديثة كالرياضيات والجغرافيا والأحياء والكيمياء والطبيعة ، فكان لهذه المدارس أثرها فى نشر الوعي الثقافي للأمة .
6/ المسرح :
لم يعرف الوطن العربي ، ولا الأدب العربي هذا اللون من ألوان الأدب ، وإنما ظهر المسرح لأول مرة مع غزو نابليون لمصر ، فكان ذلك شيئاً جديداً فى الشرق ، ولما لم تكن فى الأدب العربي نصوص مسرحية فقد قام عدد من الأدباء بترجمة عدد من المسرحيات الفرنسية إلى اللغة العربية مما أضاف رافداً جديداً إلى الأدب العربي .
7/ المستشرقون :
المستشرقون علماء من أوربا وأمريكا وروسيا ، اهتموا بالشرق وتاريخه وآدابه ودياناته ولغاته ، فعكفوا على دراسته دراسة عميقة .
اهتم كثير من المستشرقين بالأدب العربي واللغة العربية منذ زمن طويل فجمعوا كثيراً من الكتب المخطوطة فقاموا بدراستها وتصحيحها وطبعها فى صورة جميلة ، فنشروا كثيراً من دواوين الشعراء وكتب الأدب فأقبل الأدباء والشعراء على هذه الكتب المصححة فنهلوا مما فيها من جمال وبلاغة .
مراحل تطور الأدب العربي الحديث
*أولاً : الشعر.
مر الشعر العربي المعاصر بثلاثة أطوار .
الطور الأول : طور الضعف .
اتسم الشعر في هذا الطور بالضعف فى اللغة والفكرة فقد كان شعراً ركيكاً ضعيفاً فى شكله ومضمونه ، أما في شكله فقد كان مثقلاً بأنواع المحسنات اللفظية المتكلفة ، وكان هم الشاعر عندما يهنئ بمولود أو يرثي شخصاً أو يقرظ كتاباً أن يذكر في البيت الأخير أو عجزه تاريخ المولود أو المرثي أو تاريخ تأليف الكتاب .
قال الشيخ على الليثي توفى سنة 1896م ، مؤرخاً وفاة محمود باشا الفلكي فى آخر بيت من المرثية .
حلّ القضاء وناعي المجد أرخنا * قد مات محمود باشا المسند الفلكي .
فإذا جمعنا القيمة العددية لكل حرف من حروف عجز البيت لكان المجموع 1303هـ وهو السنة التي توفي فيها المرثي .
أما من حيث مضمون الشعر وأغراضه في هذا الطور فقد كانت المعاني ضيقة تافهة مبتذلة، يقول د: شوقي ضيف : ( اقرأ دواوين الشعراء الذين عاصروا محمد على وعباساً الأول وسعيداً من مثل إسماعيل الخشاب ، والشيخ حسن العطار ، والشيخ محمد شهاب الدين ، فلن تجد سوى صور لفظية قد تدثرت بثياب غليظة من محسنات البديع ولن تجد شعوراً ولا عاطفة، لقد تبلدت الحياة ، فجمد الشعر والشعراء ولم يعد هناك إلا التقليد .. فقد أصبح الشعر حساباً وأرقاماً وتمارين هندسية عسيرة الحل).
انصرف هم الشعراء إلى التشطير ( وهو أن يضيف الشاعر إلى كل شطر من أبيات قصيدة أعجب بها شطراً من عنده ) والترقيط ( وهو أن تشتمل قصيدته على كلمات كل كلمة فيها مبدوءة بحرف من حروف الهجاء مثل قول الشيخ على الدرويش توفى 1853 م .
علىّ على عينيك عــذل عـواذلي * عذاب عليها عند عاشقها عــذب
عذارك عذري عجب عطفك عـدتي * عيونك عصبي عاد عائبها عضــب
فكل كلمة من هذين البيتين مبدوءة بحرف العين.
الطور الثاني : طور الانتقال من التقليد إلى التجديد .
لقد أخذت عوامل النهضة تعمل عملها نفوس الأدباء والشعراء ، وفى عقولهم فقد طبعت كثير من دواوين الشعراء في عصور العربية الزاهرة كما طبعت كتب الأدب التي ألفت في العصر العباسي أمثال كتب الجاحظ وابن المقفع وأمالي أبي على القالي وغيرها ، كما عاد المبعـوثون من أوربـا وقد اطلعـوا على ألـوان وأجناس من الأدب لم تكن معروفة في الأدب العربي .
من أبرز شعراء هذا الطـور (رفاعة الطهطاوي) توفى سنة 1873م وعائشة التيمورية توفيت سنة 1902م .
قلنا أن هذا الطور طور انتقال لأن الشعراء لم يتخلصوا تماماً من سمات الشعر الركيك المليء بالمحسنات والتخميسات والتشطيرات .
ومع ذلك فقد ظهرت في أشعار بعض شعراء هذا الطور آثار تلك النهضة ، فالقارئ لشعر الطهطاوي يجد فيه طابعاً تجديدياً بارزاً يتمثل في الشعر الوطني ، لأن فى الشعر الوطني حديثاً عن الوطن بمفهومه السياسي والحضاري .
من شعره الوطني قوله :
ولئن حلفت بأن مصـر لجنة * وقطوفها للفائزين دواني
والنيل كوثرها الشهي شرابـه * لأبركل البر في أيمـاني
ومن شعره أيضاً نشيده الذي وضعه للجيش المصري :
يـأيهـا الـجنود * والقادة الأســود
أن أمكم حســود * يعود هامي المدمـع
فكم لكم حـروب * بنصركم تئــوب
لم تثنكم خطـوب * ولا اقتحام معمـع
ويلاحظ في هذا النشيد ، إضافة إلى مضمونه الوطني ، التجديد والتنويع فى الموسيقى ، وهو اتجاه لم يكن مألوفاً في شعر من سبقوه إلا عند الأندلسيين .
أما عائشة التيمورية فهي أشهر شاعرة فى القرن الماضي إن لم نقل إنها الشاعرة التي كانت تنظم بالعربية في ذلك القرن ، الشاعرة التي يضعها النقاد فى مكانة رفيعة .
يقول العقاد : ( فإذا استثناء البارودي أولاً والساعاتي ثانياً فشعر السيدة عائشة التيمورية ليعلو إلى أرفع طبقة من الشعر ارتفع إليها شعراء مصر في أواسط القرن التاسع عشر إلى عهد الثورة العرابية) .
ولعل النموذج التالي يوضح هذه الحقيقة ، قالت ترثي ابنتها توحيده التي ماتت في ريعان شبابها وأول ما يلفت النظر من سمات التجديد أنها أدارت الحديث على لسان المرثية لا على لسانها هي كما جرى التقليد في الرثاء ، وهو تصوير بديع لم يكن مألوفاً من قبل في المراثي .
قالت :
أماه قد عـز اللقـاء وفى غـد * سترين نعشي كالعروس يسـير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي * هو منزلي وله الجموع تصــير
قولي لرب اللحـد رفقـاً بابنتي * جاءت عروساً ساقها التقـدير
أماه لا تنسـي بحـق بنــوتي * قـبري لئلا يحـزن المقــبور
الطور الثالث : طور التجديد والأصالة .
اتسم الشعر في هذا الطور بالتلخص تماماً من قيود المحسنات البديعة . في هذا الطور وثبت العبارة الشعرية من الضعف والركاكة إلى المتانة والجزالة كما قال العقاد ، فقد ظهر جيل جديد من الشعراء حطم قيود التقليد تحطيماً كاملاً .
وربما كان الذي هيأ للشعراء ، في هذا الطور أن يتخلصوا من الطورين السابقين هو ما انبعث في النفوس من النفور من التقليد المزري الذي كان سمة الجيل السابق ، كما أن البعد الكامل من الثقافة التقليدية ، ثقافة عصر المماليك ، والاقتراب إلى حد من الثقافة الأوربية ، نقول إلى حد ما ، لأن أثر الثقافة الأوربية لم يكن قد تغلغل فى النفوس ، وما ذلك إلا لأن المطلعين على الثقافة الأوربية لم يكونوا بالكثرة التي تؤثر فى الحياة الثقافية ، ثم إن المترجم من الآثار الأدبية الأوربية شعراً ونثراً كان من القلة بحيث لم يترك أثراً يحتذي وينسج على سواله .
فكان لابد لأدباء هذا الطور من الاتجاه إلى الثقافة العربية الأصلية التي كانت المطبعة قد أخذت تقذف بها إلى القـراء ، فقد طبعـت دواوين الشعـراء وكتب الأدب في المشرق وفى الأندلس .
لقد أنجب هذا الطـور شعراء أفذاذاً تمـيز شعرهم بخصيصتين لم تكونا فيمن سبقهـم من الشعراء .
أولاهما : البيان الناصع الذي يعد عنصراً أساسياً من عناصر شعر هذا الطور .
ثانيتهما : المحافظة على النمط العربي المشرق الذي كان يمثله شعراء العربية الكبار أمثال أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وابن زيدون وغيرهم
ولوضوح هاتين الخصيصتين فى شعر هذا الطور سماه (الدكتور أحمد هيكل)”الاتجاه البياني المحافظ” وسماه (حنا الفاخوري) “طور التقليد العباسي” .
لقد اتجه شعراء هذا الطور إلى التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم الخاصة ، ثم التعبير عن واقع أمتهم ومشكلاتها ، وتسجيل الأحداث الكبرى التي وقعت فى زمانهم .
ومن كبار شعراء هذا الطور ، الشيخ ناصيف اليازجي توفى سنة 1871م وإبراهيم بن علي الأحدب توفي سنة 1891م فى لبنان ، ومحمود سامي البار ودي توفي سنة 1904م في مصر .
لقد عني هؤلاء الشعراء عناية خاصة بتحري الدقة في التعبير ، وجزالة اللغة واختيار المعاني الرفيعة والموسيقى العذبة .
يقول د. هيكل في شعر هذا الطور : ( ..كان أسلوباً حيا مشرقا قد اختير للتعبير عن أغراض تشبه أغراض الأقدمين حينا وتختلف عنها في كثير من الأحايين ، على أن الشاعر من أصحاب هذا الاتجاه كان يتخذ من العالم العربي القديم عالماً مثالياً يخفق له قلبه ..إنه عالم الآباء الاماجد ، والتاريخ العريق ، والدولة الإسلامية العربية الغالية ) .
لقد كان لكتاب “الوسيلة الأدبية” للشيخ (حسين بن أحمد المرصفي) توفى سنة 1889م أثر واضح في شعراء هذا الطور بما قدم للشعراء من نماذج شعرية رفيعة ، وبما تناول من شعر البارودي بالتحليل والإشادة ، فهيأ بذلك أذهان الشعراء لهذا الاتجاه الجديد اتجاه البار ودي الذي بعث به الشعر العربي من رقدته في العصر السابق، فرده بذلك إلى روعته البيانية المشرقة، وإلى الإقبال على نفس الشاعر وما يضطرب فيها من أحاسيس وخواطر وما تزخر به من تجارب ، وإلى الاهتمام بقضايا أمته ، وإلى ما يدور حوله .
لقد سيطر هذا الاتجاه على الحياة الأدبية في الوطن العربي كله سيطرة تامة حتى إن الجيل الذي جاء بعد البار ودي من أمثال شوقي وحافظ ومحمد عبد المطلب فى مصر ، وخليل مطران في الشام ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي فى العراق ساروا على طريقة البار ودي ، فقضوا بذلك على الشعر التقليدي قضاء تاماً بحيث اختفي شعر الألاعيب اللفظية والمحسنات البديعية المفرطة المتكلفة وحل محله هذا الاتجاه البياني .
موضوعات الشعر في هذا الطور:
1/التجارب الخاصة للشاعر :
التفت الشاعر إلى ذاته فعبر عما يجول فيها من مشاعر وأحاسيس ، وبخاصة تلك التي تهز أعماقه هزّاً عنيفاً .
ومن التحارب الخاصة التي مر بها بعض الشعراء تجربة النفي عن الوطن ، (فالبارودي) عندما نفي عن مصر إلى سرنديب (حالياً سيري لانكا) بعد فشل الثورة العرابية التي كان قد اشترك فيها ، فاضت نفسه بالآلام الممضة ، واللوعة الحارة ، والحنين الجارف إلى وطنه وأبنائه وبناته الصغار وزوجته .
وعلى الرغم من أن الحنين إلى الأوطان قديم في الشعر العربي فلم يصل شاعر إلى ما وصل إليه البار ودي من روعة التصوير وتدفق العواطف ، وحسبك بشاعر يعاني آلام الغربة سبعة عشر عاماً قضاها في البكاء حتى عميت عيناه والأبيات التالية تصور أثر النفي في نفس البار ودي .
قال :
ولمـا وقفـنا للـوداع وأسبلـت * مدامعـنا فوق الترائب كالمـــزن
أهبت بصـبري أن يعـود فعـزني * وناديت حلمي أن يثوب فلم يغـن
وما هـي إلا خطـوة ثم قطعـت * بنا عن شطوط الحي أجنحة السفـن
فكم مهجة من زفرة الوجد في لظى * وكم مقلة من غزرة الدمع في دجـن
وما كنت جـربت النوي قبل هذه * فلما دهتني كدت أقضي من الحـزن
ولولا بنيات وشـيب عـواطـل * لما قرعت كفى على فائت ســني
وشوقي عانى ، أيضاً ، من مرارة النفي والغربة عن الأهل والوطن ، عندما نفي إلى أسبانيا فقضي أربع سنوات هي سنوات الحرب العالمية الأولي 1914-1918م ، فصور ما كان يحس به من مرارة الاغتراب ، فأنشد أروع قصائده هناك ، يقول فى نونيته المشهورة مصوراً الحنين إلى مصر :
ونابغيّ كأن الحشـر آخـره * تميتنا فيه ذ****م وتحــيينا
جئنا إلى الصبر ندعوه كعادتنا * في النائبات فلم يأخذ بأيدينا
وحافظ (إبراهيم يعاني) التجربة نفسها عندما أرسل مغضوبا عليه إلى السودان وهو أشبه بالنفي فأرسل إلى أصدقائه قصائد تفيض بالشكوى من مرارة الغربة ، بل يصل به الحال إلى أن يسمي السودان ( وادي الهموم ) ، وأنه فيه أشرف على الموت قال :
ولكـني مقــيدة رحــالي * بقيد العدم في وادي الهمـوم
وما غـادرت في السودان قفـرا * ولـم اصــبغ بتـربـته
وهـا أنا بين أنـياب المنايــا * وتحت براثن الخطب الجسيم
2/ الوطن وقضاياه:
اهتم الشعراء في هذا الطور بأوطانهم وقضاياها اهتماماً كبيراً فقد شاركوا أمتهم فى كل ما ألم بها من أفراح وأحزان ، بل إن الحياة السياسية مصورة في شعرهم أصدق تصوير .
فهذا خليل مطران يدعو إلى محاربة الجهل ومحو الأمية ، لأن التعليم هو الذي يرتقي بالأمة، ويجعل حكمها في يدها لا في أيدي الولاة والحكام .
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به * حق العزيزين من وال وسلطان
ويشارك الشعراء شعوبهم في حياتهم الاجتماعية ، وشعر الوطنيات يحتل حيزاً كبيراً في دواوينهم .
وقصيدة (حافظ ابراهيم) التي شارك بها في افتتاح الدار التي أنشئت لرعاية اللقطاء والأيتام ، تعد من روائع الشعر الاجتماعي فقد صاغها في شكل قصة مؤثرة تصور ما تلاقيه هذه الفئة من ظلم المجتمع .
أما شوقي فقد عبر عن مشاركته الأمة العربية في أفراحها وأحزانها عندما قال :
كان شعري الغناء في فرح الشرق * وكان العزاء في أحزانه
أما في السياسة فقد شاركوا فيها مشاركة كبيرة ، فالبارودي اشترك في الثورة العرابية التي نشبت ضد الإنجليز حتى نفي إلى سرنديب .
وأما شوقي فإن ديوانه حافل بالقصائد السياسية ضد الاحتلال الإنجليزي ، ومثله حافظ الذي هاجم اللورد كرومر هجوماً عنيفاً ذلك المستعمر الإنجليزي الذي أهان المصريين واللغة العربية والدين الإسلامي قال:
قضـيت علـى أم اللغـات وإنـه * قضــاء علـينا أو سبيـل إلى الردى
وأودعـت تقـرير الوداع مغامـزاً * رأينا جفـاء الطـبع فـيك مجســدا
غمـزت بهـا دين الـنبي وإنــنا * لنغضـب إن أغضـبت في القبر أحمدا
من القضايا الاجتماعية التي أثيرت في أول هذا القرن ، وأثارت موجات واسعة من النقاش، قضية ( الحجاب والسفور ) التي أثارها قاسم أمين توفى سنة 1908م بكتابيه ( تحرير المرأة ) و( المرأة الجديدة) لقد أثار الكتاب الأول موجه عنيفة من النقد والاحتجاج ، فانقسم الأدباء والشعراء إزاء هذه القضية إلى ثلاث طوائف:
الأولى : المدافعون عن حرية المرأة وسفورها ، ومنهم طه حسين والعقاد وهدى شعراوي ، أول مصرية مسلمة نزعت الحجاب وخرجت سافرة توفيت سنة 1947م .
الثانية : المعارضون لسفور المرأة وخروجها إلى الشارع ، ومن هؤلاء مصطفى صادق الرافعي ، وشيوخ الأزهر ، ومن الشعراء أحمد محرم توفي سنة 1945م الذي قال :
أغرك يا أسمــاء ما طـنّ قاسم * أقيمي وراء الخدر فالمـرء واهــم
تضيقين ذرعاً بالحجـاب وما به * سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
سلام على الإسلام في الشرق كله * إذا ما استبيحت في الخدور المحـارم
الثالثة : هي التي وقفت موقفاً وسطاً فتبيح للمرأة أن تخرج في طلب العلم ولكن في حشمة ووقار وحفظ دين وأخلاق .
وقد عبر عن هذه الفئة حافظ إبراهيم في قصيدته القافية :
من لـي بتربية النسـاء فـإنها * في الشـرق علة ذلك الإخفـاق
الأم مدرسـة إذا أعـددتهـا * أعددت شعـباً طيب الأعـراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولــى * شغلت مآثرهم مدى الآفــاق
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا * بين الرجال يجلن فـي الأسـواق
كلا ولا أدعوكم أن تسرفـوا * في الحجب والتضييق والإرهـاق
فتوسطوا في الحالتين وأنصفـوا * فالشر في التضييق والإطــلاق
ربوا البنات على الفضيلة إنهـا * في الموقفين لهن خـير وثــاق
3/ استيحاء التراث :
يعد الاهتمام بالتراث الإسلامي والعربي عند شعراء هذا الطور من مظاهر النهضة الشعرية المعاصرة ، وجاء ذلك نتيجة لنشر كتب التراث الأدبية والدينية والتاريخية .
إن من يطلع على شعر هذا الطور يجد استيحاء التراث واضحاً سواء في عناوين القصائد أو في مضامينها ، وكان شوقي أكثر الشعراء حديثاً عن التراث في شعره ، وقصائده في ذلك مشهورة ( الهمزية النبوية) و( نهج البردة) و(مرحباً بالهلال ) و( ذكرى المولد ) . كما يتخلل الحديث عن التراث كثيراً من قصائده ، ففي قصيدته الطويلة المسماة ( كبار الحوادث في وادي النيل ) خصّ العهود الإسلامية في مصر بأكثر من ستين بيتاً ، واستوحى تراث المسلمين في قصيدته (أندلسية ) . أما حافظ إبراهيم فله قصيدة تبلغ 186 بيتاً سرد فيها سيرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيها :
وراع صاحب كسرى أن رأى عمـرا * بين الرعـية عطلا وهـو راعــيها
وعهـده بملـوك الفـرس أن لهــا * سورا مـن الجند والأحـراس تحميها
رآه مستغـرقاً فـي نومـه فــرأى * فيه الجلالــة في أسمـى معانيهــا
وقـال قولـة حـق أصبحـت مثلاً * وأصـبح الجـيل بعـد الجيل يرويها
أمـنت لما أقمـت العـدل بينهــم * فنمـت نـوم قـرير العـين هانيها
4/ قضايا العالم الإسلامي والعربي :
كان النصف الأول من القرن العشرين حافلاً بالأحداث الجسام التي أخذت بخناق العالم العربي والإسلامي .
وإن أول تلك الأحداث الهجمة الصليبية على الدولة العثمانية التي قامت على الإسلام ، فتألفت الجمعيات السرية المشبوهة التي أخذت تنخر في جسد الدولة العثمانية تساعدها اليهودية الحاقدة على الإسلام متدثرة بشعارات الحرية والقومية ثم تدخلت الدول الأوربية الصليبية فقضوا على الخلافة ، وولوا وجه تركيا شطر أوربا فحاربوا الإسلام واللغة العربية حرباً لا هواة فيها ، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1918م اجتمعوا على البلاد الإسلامية ، واستعمروها ، وأخمدوا كل الثورات التي هبت في وجههم بقوة وشراسة .
لقد عبر شعراء هذا الاتجاه عن كل ذلك تعبيراً صادقاً ، فاشترك البار ودي في حروب تركيا ضد أعدائها ، اشترك بسيفه وقلمه وها هو يصور إحدى هذه المعارك تصويراً حياً .
وضعوا السلاح إلى الصـباح وأقبلـوا * يتكلمــون بألسـن النـيران
حتى إذا ما الصبح أسفـر وارتمـت * عـيناي بين ربـا وبين مجـان
فإذا الجــبال أسـنة وإذا الوهـاد * أعـنة والمـاء أحمـر قــان
وتوجست فـرط الركـاب ولم تكن * لتهاب فامتنعت على الإرسـال
ويفرح شوقي لانتصارات الأتراك على أعدائهم ، فيشبه حروبهم بحروب صلاح الدين الأيوبي ، وقصيدته ( انتصار الأتراك ) تشبه قصيدة أبي تمام في فتح عمورية وزنا وصياغة .
قال:
الله أكبر كم في الفتح من عجـب * يا خالد الترك جدد خالد العرب
حذوت حرب الصلاحيين فى زمن * فيه القتال بلا شــرع ولا أدب
لم يأت سيفك فحشاء ولا هتكت * قناك من حرمة الرهبان والصلب
ولا أزيدك بالإســلام معـرفة * كل المروءة في الإسلام والحسب
ويبكي شوقي سقوط الخلافة العثمانية ، وتبكي معه الأمة الإسلامية ، فبعد الانتصار الساحق للأتراك على أعدائهم الذي فرحت به أمة الإسلام ، قام مصطفى اتاتورك بإسقاط الخلافة ، فكان وقع ذلك على المسلمين شديداً أليماً فقال شوقي :
عادت أغاني العرس رجع نواح*ونعيت بين معـالم الأفــراح
كفنت في ليل الزفـاف بثوبـه *ودفنت تبلـج الإصـــباح
ضجت عليك منابر ومــآذن *وبكت عليك ممـالك ونـواح
الهند والهة ومصـر حــزينة *تبكي عليك بمـدمع سحّـاح
والشام تسأل والعراق وفـارس*أمحا من الأرض الخلافة مـاح ؟
ويواسي شوقي سوريا عندما ضربها الفرنسيون واحتلوها واستعمروها ، قال:
سلام من صـبا بـردى ارق* ودمع لا يكفكف يا دمشـق
ومعذرة اليراعـة والقــوافي* جلال الرزء عن وصف يدق
وللمستعمـرين وإن ألانـوا * قلوب كالحجـارة لا تـرق
*ثانياً : النثر .
إن عوامل النهضة التي ذكرناها من قبل ، والتي كانت قد أخذت تؤتي ثمارها في الشعر العربي ، قد ظهرت آثارها في النثر شيئاً فشيئاً ، وإن المراحل التي مر بها الشعر مر بها النثر أيضاً.
مراحل تطور النثر الفني :
المرحلة الأولى : مرحلة الضعف .
ظل النثر العربي طوال النصف الأول من القرن التاسع عشر نثراً ضعيفاً تقليدياً لم يستطع أن يتخلص من إسار العصر العثماني فكان يرسف فى أغلال السجع والجناس والطباق والتورية، متكلفا في ذلك تكلفاً شديداً . هذا من حيث الصياغة والأسلوب ، أما من حيث الموضوعات فكانت تدور حول الإخوانيات من تهنئة واعتذار وتقريظ ديوان ، فالكاتب لا يعبر عن مشاعره الخاصة ، ولا عما يجول في خاطره من عواطف الحب والحزن ، وإنما يحاكي ويترسم خطا كتاب الدواوين في العصور المتأخرة ، وبخاصة في العصر العثماني ، وهو عصر جمدت فيه الحياة الأدبية في الشرق ، جموداً يكاد يكون تاماً لولا إشعاعات أضاءت تلك الظلمات أوقدها رجال علماء ، أمثال : عبد القادر البغدادي والإمام الشوكاني ، ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم .
إن الحكام الأتراك كانوا بعيدين عن اللغة العربية وآدابها لا يفهمونها ولا يتذوقونها ، بل تعصبوا ضدها ، وفرضوا لغتهم فرضاً ، وعاقبوا كل من يتكلم اللغة العربية من طلاب المدارس حتى خارج حجرات الدراسة ، وظل هذا الحال حتى عهد محمد على وأبنائه ، حكى الشيخ محمد المهدي ، وهو أديب عاصر تلك الفترة قال : ( كانت اللغة العربية مضطهدة في عهد عباس الأول إلى حد أن من يتكلم بها من طلبة المدارس الحربية توضع في فمه العقلة التي توضع في فم الحمار حينما يقص ، ويبقى كذلك نهاراً كاملاً عقوبة له على تحرك لسانه بلغة القرآن في أثناء فسحته ) .
ومن نماذج النثر في هذه المرحلة رسالة وجهها الشيخ على أبو النصر توفى سنة1881م إلى أحد أصدقائه : ( إن أبهى ما تسر به نفوس الأحبة ، وأبهج ما يستضاء بنوره في دياجي المحبة ، دون ما رسمه يراع المشوق ، وأبدعه مما يحسن ويروق ، تشوقاً إلى اقتطاف ثمرات المسامرة ، وتشوقاً إلى أبيات بمحاسن البديع عامرة ) وهو كما ترى نثر متعلق بأنواع البديع مرصوف رصفاً خال من حرارة العاطفة .
المرحلة الثانية : الانتقال من الضعف إلى القوة .
كانت عوامل النهضة ، وبخاصة عودة المبعوثين من أوربا ، وطباعة كتب التراث شعراً ونثراً ، ونشرها ، وإقبال الأدباء عليها ، أدى كل ذلك إلى أن يتخلص النثر من تلك القيود ويحاول النهوض من كبوته ، فظهرت آثار ذلك في كتابات بعض الأدباء ، وخاصة في الموضوعات الديوانية ، والكتابة الديوانية كتابة رسمية من خصائصها صياغة العبارة صياغة محكمة خالية من السجع والتكلف .
ولما كانت الدواوين قد عربت من التركية إلى العربية ، فقد أحدث ذلك تغييراً في أساليب الكتابة ، فوجد لونان من ألوان النثر ، أحدهما ديواني محكم الصياغة بعيد عن الألاعيب اللفظية. وثانيهما : إخواني تكثر فيه الأصباغ البلاغية .
وخير من يمثل هذا الازدواجية الأسلوبية الشيخ عبد الله فكري توفى سنة 1889م ، قال عنه د. أحمد هيكل : ( يكتب كتابات إخوانية بطريقة ، ويكتب كتابة ديوانيه بأخرى ، فهو حين يكتب في المسائل الإخوانية يجنّس ويسجّع ، ويتكلف ما يتكلفه هؤلاء التقليديون ثم هو حين يكتب في المسائل الرسمية يتبسط ويترسل ).
ومن نماذج النثر في فترة الانتقال هذه نموذجان من كتابات عبد الله فكري ، أحدها تقرير رسمي قدمه إلى أحد رؤساء الوزارات في القرن الماضي عن مؤتمر حضره في أوربا .
( ثم أشير إليّ فقمت وأنشدت قصيدة كنت أعددتها لذلك بعد ارتحالنا من باريس .. وخاطبني أناس باستحسانها .. وخطب بعد ذلك أناس منهم المسيو شفر وافد فرنسا ..ثم قام الملك وودع الحاضرين وصافح البعض وصافحنا ..وانقضت الحفلة ، وارفضت الجمعية ) .
يلاحظ في هذا التقرير خلوه من السجع والمحسنات ، وأن ألفاظه جاءت على قدر المعاني، وهكذا تكون كتابة التقارير .
أما النموذج الثاني ، فهو للكاتب نفسه عندما كتب إلى رئيس تحرير جريدة الوقائع المصرية مقرظاً ، قال : ” لابد أن كل من عرف التمدن ، وشَمَّ عرف التفنن ، وأخذ بنصيب من الفهم والتفطن ، كان أحب شيء إليه ، وأحب أمر لديه أن يكون مطلعاً على وقائع مصره، عارفاً بما تجدد بين بني عصره من حوادث الزمان ، وعجائب عالم الإمكان ” .
إن الكاتب هنا عندما اتجه إلى الكتابة الإخوانية جنح إلى السجع ( عرف ، عرْف / مصره وعصره ) وإلى الاستعارة ( شمّ عرف التفنن ) .
المرحلة الثالثة : مرحلة التجديد والأصالة .
خرج النثر من المرحلتين السابقتين ناضجا مستوياً ، تخلص من كل القيود التي كبلت خطوه ، فكان أثر عوامل النهضة فيه واضحاً ، وأثر الصحافة على الخصوص ، بل يعزى ارتقاء النثر إلى ظهور صحيفة ( الوقائع المصرية ) ، وهي صحيفة تعني بشئون البلاد ، أنشأها محمد على سنة 1828م ولعلها أول صحيفة تنشأ في الوطن العربي .
ولما كانت الكتابة الصحفية لا تحتمل أثقال المحسنات البديعية كان على الكتاب والمحررين أن يلجئوا إلى النثر السهل المترسل والكتابة غير المتكلفة .
من أوائل الذين تولوا الكتابة في ( الوقائع المصرية ) ، رفاعة الطهطاوي ، والشيخ حسن العطار وأحمد فارس الشدياق ومحمد عبده .
*موضوعات النثر الحديث :
تناول النثر عديداً من الموضـوعات في شتى مجالات الحياة من اجتماعية وسياسية وإخوانية .
فمن الموضوعات التي تناولها النثر :
1/ الدفاع عن الشعوب المستعمرة :
سواء أكان ذلك الاستعمار أجنبياً مثل استعمار الإنجليز لكثير من بلاد المسلمين ، أم كان حكماً تركياً استبداديا ، فتولى النثر إثارة حماسة تلك الشعوب ضد مستعمريها وظالميها ودفعهم للتخلص من ذلك الاستعمار البغيض .
ومن نماذج هذا النوع ما كتبه محمد عبده توفى سنة 1905م يستنهض الشعوب العربية المستعمرة لتندفع في شجاعة وبسالة لتأخذ حقها عنوة ممن سلبوها حقها في الحرية والكرامة كتب محرضاً ( إني لأتعجب ، وكل ذي إحساس يتعجب ، من سكان الديار المصرية ، والأتراك والحجازيين واليمانيين ألاّ يوجد بين هؤلاء فتى يشمر عن ساعده ويتقدم بصدره إلى هذا الوزير الأرمني .. فيكشف له وللمغرورين من أمثاله حقيقة الوطنية ؟ ! لا حول ولا قوة إلا بالله ، إن المولعين بحب الحياة يتجرعون مرارات الموت في كل لحظة خوفاً من الموت ) .
2/ الدعوة إلى تحكيم الشورى :
إن استبداد الحكام بحكم البلاد دون إشراك أهلها في أمورها العامة والخاصة يؤدي إلى الفساد السياسي والخمول الاجتماعي ، ورأي الجماعة أقوى من رأي الفرد ، لذلك دعا النثر إلى تحكيم الشورى ، قال جمال الدين الأفغاني ناصحاً توفيق باشا أحد حكام مصر من أسرة محمد على و داعياً له أن يأخذ بالشورى : ( وإن قبلتم نصح هذا المخلص ، وأسرعتم في إشراك الأمة في حكم البلاد عن طريق الشورى ، فتأمرون بإجراء انتخابات نواب الأمة لتسن القوانين وتنفذها باسمكم وإرادتكم ، يكون ذلك أثبت لعرشكم وأدوم لسلطانكم ) .
3/ الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي :
ظلت الشعوب العربية ترزح تحت وطأة الفقر ردحاً طويلاً من الزمن ، كان الحكام فيه يستغلون الفلاحين والعمال أسوأ استغلال .
كما أن الجهل من أسوأ الأمراض الاجتماعية ، فهو العش الذي تعشش فيه الخرافات ويشيع الدجل والشعوذة فيلجأ فيه المواطن ، لجهله ، عندما تحل به مشاكل الحياة يلجأ إلى السحرة والدجالين ، فيزداد مرضاً على مرض ، وفقراً على فقر . ومما زاد من فقر الشعوب المعاملات الربوية التي يتعامل بها الأغنياء مع المزارعين لجهلهم ،وقد صور عبد الله النديم توفى سنة 1896م ذلك تصويراً صادقاً يبين للفلاحين ما هم فيه من جهل ، وما يعانون من فقر قال: “ذهب المزارع إلى المرابي ليقترض مائة جنيه بفائدة قدرها عشرون في المائة فقال المرابي : حسنا سأخصم من المائة عشرين فتستحق ثمانين جنيهاً ، وأضيف الفائدة وقدرها عشرون جنيها فيكون الدين مائة وعشرين جنيهاً، ووافق الفلاح لجهله بالحساب ، وبذلك أخذ ثمانين جنيهاً ليسددها مائة وعشرين ، وحين السداد جاء الفلاح بكل ما أنتجته أرضه فاشتراه المرابي بأبخس الأثمان” .
4/ الوحدة الوطنية :
في الوحدة الوطنية تتمثل قوة الأمة وتماسكها أمام الأزمات، لذلك يحرص الحكام والأدباء، والشعراء على صيانة هذه الوحدة وتأكيدها مستخدمين فى ذلك كل الوسائل من قوانين وصحف وقد أسهم النثر العربي الحديث فى هذه القضية مدافعاً عنها نافياً ما يدعيه خصوم الأمة من تعصب المسلمين على النصارى ، كتب الشيخ على يوسف توفي سنة 1913م مبيناً أنه لا يوجد خلاف أو تعصب ضد غير المسلمين : ( قالوا إن المصريين متعصبون تعصباً دينياً ، ومعنى هذا عندهم أنهم يكرهون المخالفين لهم في الدين كراهية عمياء ويعتدون عليهم بروح البغضاء المتناهية ..ولكن كيف وفى البلاد من قديم الزمان أديان مختلفة يتجاور أهلوها في المنازل ويتشاركون في المرافق ..فلم تكن بين المسلمين والأقباط تلك الروح الشريرة .. وقد وفد على القطر المصري وفود من كل الطوائف المسيحية شرقية وغربية ، ومن أرمن وأروام وسوريين وفرنساويين وطليان وإنجليز ونمساويين وأمريكيين ومن بروتستانت وكاثوليك وأرثوذكس وغير ذلك من علماء وتجار وصناع وعمال وهمل مشردين ، فلقي الكل في مصر صدراً رحباً وكان منهم المظفون فى كل مصلحة حتى تولى نوبار باشا الأرمني رئاسة النظار في مصر ) .
*خصائص للنثر في هذه المرحلة :
يمكن إجمال خصائص النثر في الآتي :
1/ تقصير الجمل ، بحيث أصبحت الجملة الواحدة مختصة بأداء معنى واحد ، ولم يعبر عن المعنى الواحد بجمل متعددة .
2/ ترك المبالغة ، واجتناب الزخارف اللفظية .
3/ السهولة والوضوح ، لأن الصحف وقراءها لا يسيغون الغموض والتعقيد الذي يبعد بالمقال عن هدفه.
4/ اختيار الألفاظ الجملية المتأنقة ذات الموسيقي التي تمتع القارئ وتجذبه.
مجالات النثر الحديث
أولاً : الخطابة .
أ/ الخطابة السياسية :
إن إنشاء الجمعيات الأدبية والسياسية والثورة العرابية ساعدت على نشوء هذا النوع من الخطابة ، وأشهر الخطباء السياسيين في مصر مصطفى كامل ، وسعد زغلول وعبد الله النديم .
ب/ الخطابة الاجتماعية :
إن الحالة الاجتماعية السيئة التي كانت تعيش فيها الأمة العربية آنذاك دعت الخطباء إلى أن يتجهوا إلى معالجة الموضوعات الاجتماعية ، فاتخذت الخطابة وسيلة لبث أفكار الإصلاح والدعوة إلى حياة أفضل .
ج/ الخطابة الدينية :
ظلت الخطابة الدينية على ما كانت عليه فى العصور الماضية حتى ظهرت الجمعيات الإسلامية التي حركت الخطابة الدينية من ركودها إلى خطابة حية تناقش القضايا التي تهم الأمم الإسلامية من مثل التوجه نحو الإسلام ، وتحكيم الشريعة ، واتخذت من منابر المساجد ، ومنصات الجمعيات أماكن لصولاتها .
ثانياً : المقالة .
لم يعرف الأدب العربي هذا النوع من النثر ، والمقالة شبيهة بالرسالة كما عرفت عند الجاحظ وابن المقفع وأبي العلاء المعري ، شبيهة بها من حيث تناولها موضوعا محدداً فى صورة مركزة ، والموضوع الذي تتناوله الرسالة يتصل بقضية من القضايا الحية التي تشغل المجتمع ، ويتجه فيها الحديث نحو الجماعة . نشأت المقالة مع نشوء الصحيفة التي جاءت من أوربا مع الحملة الفرنسية .
لقد أسهمت حركة الترجمة الواسعة التي تمت فى القرن التاسع عشر ، وانتشار الصحف وتنوع مجالاتها ، وتوجيهات جمال الدين الأفغاني أسهمت كل تلك في إرساء دعائم هذا النوع من النثر الفني الجديد .
تتنوع أساليب كتابة المقالة حسب ثقافة كاتبها ، وحسب الموضوع المتناول فالكاتب ذو الثقافة الفكرية يغلب على أسلوبه الجانب الذهني ، والكاتب ذو الثقافة الفنية يغلب على أسلوبه التصوير والخيال ، واستخدام الأدوات الفنية ، والكاتب ذو الثقافة العلمية يغلب على أسلوبه الجمل القصيرة المحددة ، واستخدام المصطلحات العلمية والإحصاءات الرياضية .
*أساليب الكتّاب في القرن العشرين :
قام الدكتور أحمد هيكل بتحليل واستخلاص خصائص ومميزات خمسة من أشهر الكتاب من القرن الماضي في مصر .
أ/ طريقة طه حسين :
هي طريقة (التصوير المتتابع) هذا الكاتب يغلب على أسلوبه التصوير بالألفاظ والجمل وتقديم المشاهد المتتابعة ، ويعتمد أسلوبه على الجمل القصار .وإيراد تلك الجمل أو بعض أجزائها فيما يشبه التكرار ومن أهم وسائل طه حسين استخدام الروابط ..كحروف الجر فى وفرة وتنوع وتقابل . ثم هناك سمات أخرى منها استخدام طائفة من ( اللازمات) في البدء والانتقال كقوله (ليس من شك) و(مما لاشك فيه) و(مهما يكن من أمر ) و(وأكبر الظن).
*نموذج من طريقته قال عن شيء ما :
( تستطيع أن تسميه كذا ، وتستطيع أن تسميه كيت ، وأنا زعيم لك بأنه ليس كذا وليس بكيت ، وإنما هو شيء آخر غير كذا وغير كيت جميعاً ) .
ب/ طريقة العقاد ( طريقة التعبير المحكم ) :
يعمد العقاد إلى التعبير عما عنده بألفاظ وجمل محكمة ، فيها الدقة ، وفيها القصد ، وفيها التركيز ، وفيها دسامة الزاد قبل أن يكون فيها رونق الشكل ، فلا إفراط فى المقدمات ولا لجوء إلى التكرار سواء بالكلمة أو الجملة ، لأنه لا محل لشيء من ذلك وإنما المحل الأول لإعطاء أوفر معان وأغزر أفكار ..
على أن الغالب على ذلك الأسلوب الإبانة والإفصاح ، ومن سمات هذه الطريقة المميزة استخدام التذييلات الضابطة والاحتراسات المحققة ، ومن سماتها أيضاً الميل إلى التفصيلات المنطقية لا اللفظية ، والمقابلات العقلية لا البديعية ، ومـن سماتها أيضـاً الابتعاد عن الزخرف بكل ألوانه .
*نموذج من طريقته : من مقال بعنوان ( الألم واللذة ) ( … أما أن الألم موجود في هذه الدنيا فمما لا يختلف فيه اثنان ، وأما إنه فوق ما تقبله النفوس فمما لا يختلف فيه إلا القليل ، وأما أنه نافع أو غير نافع ، ومقدم للحياة أو مثبط لها فذلك مما يختلف فيه الكثيرون ) .
ج/ طريقة الرافعي ( طريقة البيان المقطّر) :
لأنه يميل في أسلوبه إلى الناحية البيانية ، ويهتم في المقام الأول بجمال الصياغة ، وروعة الديباجة ، هو بيان فيه بعد وتركيب وجهد حيث يميل صاحبه إلى اعتصار المعاني وتوليد الأفكار ، ومزج الخواطر من خلال مجازات مركبة واستعارات بديعة ، وكنايات خفية فيأتي بيانه آخر الأمر أشبه بعملية تقطير ألوان من الزهور المعروفة ، والورود المألوفة ، والرياحين الشائعة لاستخلاص عطر مركب مركز غريب ، فيه جمال ، ولكن ليس فيه بساطة .
من خصائص طريقة الرافعي .. أنها تستلهم المعجم القرآني والسني والتراثي حيث يتكئ في كثير من المواطن على لفظة أو عبارة من القرآن الكريم أو على كلمة أو جملة من الحديث الشريف ..يميل أسلوب الرافعي إلى استخدام بعض البديع ولكن فى اقتصاد .قال : ( لم يعرف التاريخ غير محمد رسول أفرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله كما تصب المادة في المادة لتمتزج بها فتحولها ، فتحدث منها الجديد ، فإذا الإنسانية تتحول به وتنمو وإذا هو وجود سار فيها ، فما تبرح الإنسانية تنمو به وتتحول ).
د/ طريقة الزيات : (طريقة البيان المنسق ):
إن هذا الكاتب يميل أولاً في أسلوبه إلى الناحية البيانية ويجعلها في المحل الأول ، ثم إنه ثانياً لا يعمد إلى البيان البسيط أو البيان المركب ، وإنما على البيان الذي يقوم على التنسيق والهندسة ، فالجملة فيه تعادل الجملة ، بل الكلمة تعادل الكلمة ، والفقرة توازي الفقرة ، حتى يتألف من الكلمات والجمل والفقرات لوحات بيانية تتقابل خطوطها ، وتتعادل مساحاتها ، وتتوازن ألوانها .
والزيات يهتم لتحقيق ذلك باستخدام ألوان من المحسنات ولكن في مهارة فائقة .. وبعض هذه المحسنات يأتي به لتحقيق التجانس الصوتي كالسجع والجناس وبعضها يأتي به لتحقيق التناسق المعنوي كالمقابلة والطباق . وهكذا يحس قارئ مقالة الزيات أنه أمام هندسي مصمم مقسم مهندم .
*نموذج من مقال بعنوان ( أوربا والإسلام ) :
( شيع الناس بالأمس عاماً قالوا : إنه نهاية الحرب واستقبلوا عاماً يقولون إنه بداية السلم، وما كانت تلك الحرب التي حسبوها انتهت ، ولا هذه السلم التي زعموها ابتدأت إلا ظلمة أعقبها عمى ، وإلا ظلاماً سيعقبه دمار ) .
هـ/ طريقة المازني : ( طريقة الأداء المصري ) :
إن هذا الكاتب يميل في أسلوبه إلى أن يؤدي مشاعره وأحاسيسه وأفكاره وانطباعاته بروح مصرية ، وبلغة فيها ظلال لغة المصريين ، فهو يميل إلى الدعابة ، والسخرية وإبراز المفارقات مما عرفت به الروح المصرية في تناولها للأشياء ثم هو يعمد إلى البساطة واليسر في التعبير .. وهو يؤثر من هذه وتلك ما له رصيد نفسي مصري وإشعاع شعبي غني ما دامت الفصحى لا تنكرها ، والعربية السليمة لا ترفضها ، وبرغم هذا الأداء المصري في طريقة المازني فقد كان غالباً ، لا يتورط في إهمال قواعد اللغة أو اللجوء إلى الألفاظ والتراكيب العامية .
*نموذج من طريقته من مقال بعنوان ( بين القراءة والكتابة ) .
(مضت شهور لم اكتب فيها كلمة في الأدب ، لأني كنت أقرأ والقراءة والكتابة عندي نقيضان ، وقد كنت ، ومازلت ، امرءاً يتعذر عليه ، ولا يتأتى له أن يجمع بينهما فى فترة واحدة ولكم أطلت الفكر في ذلك ، فلم يفتح الله عليّ بتعليل يستريح إليه العقل .. وما أظن إلا أن الله ، جلت قدرته قد خلقني على طراز ( عربات الرش) التي تتخذها مصلحة التنظيم ، خزان يمتلئ ليفرغ ويفرغ ليمتلئ ، وكذلك أنا فيما أرى ، أحس الفراغ في رأسي، وما أكثر ما أحس ذلك ، فأسرع إلى الكتب ألتهم ما فيها ، وأحشو بها دماغي الذي خلقه الله خلقة عربات الرش كما قلت ، حتى إذا شعرت بالكظة ..رفعت يدي ..فلا ينجيني منه إلا أن افتح الثقوب وأسح ) (1) .
ثالثاً : المسرحية .
المسرحية قصة تمثل أمام الجمهور على مسرح ، والمسرح بناء من الخشب أو غيره مرتفع . يقوم بالتمثيل أشخاص يدور بينهم حوار يؤدي مفهوم القصة الممثلة ، والحوار في المسرحية عنصر من عناصرها الأساسية . تحاط المسرحية بالجو الذي دارت فيه القصة مكاناً وزمناً من حيث أنواع المساكن والملابس وسلوك وعادات الأشخاص الذين يمثلون العصر والمكان ، وحتى أساليب المعيشة تمثل كما جرت في زمن المسرحية .
إن مصطلح ( المسرحية ) ترجمة عربية لكلمة ( دراما) ، وهي مرادفة أيضا لكلمة تمثيلية .
*للمسرحية القديمة ثلاثة أركان لا تتم إلا بها وهي :
1/ المقدمة : التي تمهد لما سيحدث من أحداث وأن تؤدي بالأحداث إلى عقدة القصة.
2/ العقدة : هي القمة التي تصل إليها الأحداث بحيث تنعقد وتشد المشاهد ، وتجعله يتوتر ويفكر فيما ستنتهي إليه الأحداث .
3/ الحل : يأتي بعد ذلك الحل الذي يزيل التوتر وينهي الصراع . لقد ظهرت المسرحية في الأدب العربي بعد مجيء نابليون إلى مصر ، ولم تكن معروفة قبل ذلك .
وأول مسرحية عربية هي المسرحية التي ترجمها عن الإيطالية عبد الله أبو السعود توفى سنة 1878م ، ثم ترجم مارون النقاش توفى سنة 1885م مسرحية (البخيل) للأديب الفرنسي موليير .ولما أطــل القـرن العشرون ظهرت المسرحية العـربية الأصيلة.
رابعا : الرواية .
الرواية فن حديث ، دخل الأدب العربي مع الثقافة الأوربية وهي قصة طويلة تستغرق كتاباً كاملاً تتناول موضوعاً من موضوعات الحياة وتعرضه فى مساحة زمنية واسعة ، وتتعدد الشخصيات في الرواية ، وتتعدد الأمكنة والأزمنة ، ويصور كل ذلك تصويراً دقيقاً مشوقاً .
وإن أشهر نموذج للرواية العربية المعاصرة هي روايات نجيب محفوظ (السكرية ) و( بين القصرين ) و (قصر الشوق) التي صورت الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر .
*خــــاتـــــــمــــة:
عرف الأدب العربي الحديث تطور مشهوداً صاحبه ظهور عدت فنون أدبية شعرية ونثرية كالمسرحية والرواية و القصة……ويعود الفضل في ذلك إلى عدت شخصيات أدبية ساهمة في هذا التطور بإبداعاتها واجتهاداتها ونذكر منهم كل من ” طه حسين ، العقاد ، أحمد شوقي ، توفيق الحكيم ، ايليا أبو ماضي ، جبران خليل جبران ، ميخائيل نعيمة ، أحمد أمين ، حسين هيكل ، البشير الإبراهيمي ، سامي البارودي ، نجيب محفوظ ، محمود درويش ، نازك الملائكة ، نزار قباني ……..” .
المـصـادر و المـراجــع
1/د.وداعة محمد الحسن وداعة : الآداب والنصوص والقراءة عبر العصور ، مجلس
الشهادة الثانوية العالمية ، مصر ، 2022م.
2/حسين سيد أحمد الناطق : الأدب العربي في القرن العشرين ، دار الفكر ، مصر ، 1997م.
3/موقع : المقهى الأدبي العربي على شبكة الأنترنت.