التصنيفات
الفلسفة السنة الثالثة تانوي

مقالة اللغة و الفكر

مقالة اللغة والفكر بطريقة الاستقصاء بالوضع
السؤال بطريقة النظام الجديد
السؤال المشكل :إذا افترضنا أن الأطروحة القائلة(إن اللغة منفصلة دوما عن الفكر ) أطروحة فاسدة وتقرر لديك الدفاع عنها وتبنيها فما عساك أن تفعل؟
السؤال بطريقة النظام القديم: اثبت الأطروحة التالية(اللغة منفصلة دوما عن الفكر)
طرح المشكلة
يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف باللغة ،وإذا افترضنا فساد الأطروحة القائلة ( اللغة منفصلة دوما عن الفكر ) فكيف يمكننا إثبات صحة هذه الاطروحة ؟ وما هي الحجج التي يمكننا أن ندافع بها عن هذا النسق؟
الأطروحة الأولى : عرض موقف الاتجاه الثنائي
يرى أنصار هده النظرية وفي مقدمتهم الفرنسي برغسون إن هناك انفصال تام بين اللغة والفكر.ويقرون بأسبقية الفكر على اللغة الآن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه*فكثيرا ما يشعر بسبيل من الخواطر والأفكار تتزاحم في نفسه.لكنه يعجز عن التعبير عنها.فاللغة عاجزة عن إبراز المعاني المتولدة عن الفكر إبرازا كاملا ويقول*برغسون(-اعتقد إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك أصواتا) وبقول أيضا (الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية) ومن أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال ( ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني ) ومنه فان اللغة دوما تعيق تقدم الفكر وتحجره و تطور المعاني أسرع من تطوراللغة. ويقول فاليري (أجمل الأفكار هي التي لا نستطيع التعبير عنها)كما إن ابتكار الإنسان وسائل بديلة للتعبير عن مشاعره كالرسم والموسيقى وغيرهما دليل قاطع على أن اللغة عاجز عن استيعاب فكر الإنسان ولهذا يقال ( الألفاظ هي قبور المعاني)
تدعيم الأطروحة بحجج شخصية

يرى أبو حامد الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال إن أهل الصوفية يصلون إلى مراتب ودرجات يضيق عنها نطاق النطق فلا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح لا يمكنه الاحتراز عنه،
كما إن الإنسان وفي الكثير من الأحيان يعجز عن التعبير عن كل مشاعره .وخاصة عند تحقيقه لنجاح ما .ولهذا عادة تكرر عبارة- يعجز اللسان عن التعبير – أو – يعجز القلم عن الكتابة – والتجربة النفسية تدل على إن الإنسان يشعر بعدم وجود تناسب وتناسق بين قدرته على الفهم وقدرته على التبليغ .وهذا بالإضافة إلى أن الرجل الأجنبي في بلد –ما- والذي لا يتقن لغة ذلك البلد تعيقه اللغة في تبليغ أفكاره . والسواد الأعظم من بني البشر يجدون صعوبة في التواصل مع الصم البكم وهذا بسبب اللغة . ومن الأمثلة التوضيحية كذلك أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على أن اللغة ليست لها القدرة على مواكبة الفكر
الرد على خصوم الأطروحة

يرى أصحاب النظرية الأحادية انه لا يوجد فرق بين اللغة والفكر.فاللغة عند جون لوك(هي علامات حسية معينة تدل على الأفكار الموجودة في الدهن)ومنه فإننا نفكر بلغتنا ونتكلم بفكرنا.وقد اثبت علماء النفس أن الطفل يتعلم اللغة والفكر في آن واحد.ويقول *دولا كروا*إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه.الألفاظ حصون المعاني.ويخلص أنصار الاتجاه الأحادي إلى نتيجة مفادها انه لا يوجد فكر بدون لغة كما لا توجد لغة بدون فكر.وان اللغة والفكر كل متكامل والعجز الذي توصف به اللغة هو عجز إيجاد الألفاظ المناسبة للفكر ويقول أرسطو(ليس ثمة تفكير بدون رموز لغوية).
النقد

لكن الإنسان يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر.فالأدباء على الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة يعانون من مشكلة التبليغ.والطالب في الامتحان كثيرا ما تخونه اللغة في تبليغ إجابته للمصحح.ومن الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير

حل المشكلة

وخلاصة القول إن العلاقة بين اللغة هي علاقة انفصال.فالفكر اسبق وأوسع من اللغة وهذه الأخيرة تعيقه دوما وتحجره
ومنه فان الأطروحة القائلة أن اللغة منفصلة عن الفكر أطروحة صحيحة في مجالها الخاص ولا سبيل إلى اتهامها بالفساد

لا تنسوني في الدعاء و موفقين


التصنيفات
الفلسفة السنة الثالثة تانوي

ما علاقة الفكر باللغة ؟ مقالة مهمة و مفصلة

اللغة Le Langage ج-ف
مشكلة علاقة الفكر باللغة
المقدمة/ يتميز الانسان عن الحيوان بالقدرة على التفكير و القدرة على التعبير ، هذا ما يدفعنا على التساؤل عن العلاقة التي تربط الفكر بالغة ، و جاءت مواقف الفلاسفة متعارضة حول هذه المشكلة : فهل يمكن الفصل بين عالم الأفكار و عالم الألفاظ أم لا يمكن ذلك ؟

**ا- الاتجاه الثنائي/ يفصل بين الفكر و اللغة ، و من أنصاره الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون H.Bergson . من الأدلة المدعمة لهذا الموقف مايلي : 1/ أن نشاط الفكر متقدم عن اللغة ، فنحن نفكر ثم نتكلم و لا يمكن أن نفكر و نتكلم في نفس الوقت ، و أحيانا نتوقف عن الكلام بحثا عن الألفاظ المناسبة ، فالتفكير دائما أسبق. 2/ إن عالم الأفكار أوسع من عالم الألفاظ و أكثر تطورا ، الكثير من الأفكار و المعاني تخطر ببالنا و لا نجد الكلمات المناسبة للتعبير عنها ، ، كالمشاعر الجياشة و معاني الحب و الإيمان و الألم إن الكلمات لاتأتي فقط غير متوافقة بل ومتأخرة أيضا : ففي ذروة الألم لانملك غير الصياح فقط، ولا نتكلم عن الألم لنصفه، أو بالأحرى لنصف ذكرياته ومخلفاته إلا بعد هدوئه أو زواله . لذلك يلجأ البعض إلى استعمال وسائل بديلة كالرسم و الموسيقى للتعبير عن مشاعرهم و معاناتهم الداخلية لذلك قيل ” ان أجمل الأشعار هي التي لا يمكن التعبير عنها” هذا ما جعل برغسون يعتبر اللغة عائق يعرقل حركة الفكر يقول ” إن اللغة عاجزة عن وصف المعطيات المباشرة للحدس وصفا حيا “ 3/ الفكر أعمق لأنه يتسع باتساع الحياة الشعورية و اللاشعورية ، يمتد الى الميول و الرغبات و النزوات الداخلية و الأسرار الذاتية ، بينما اللغة شيء سطحي يتعلق بالعالم الخارجي .4/ إن الفكر بنية موحدة ، و تصوراتنا عن الأشياء متماثلة ، بينما اللغة ليست واحدة ، فالناس يعبرون عن الأشياء بلغات مختلفة .

النقد/ إذا كان التفكير ذاته هو حوار يجريه الإنسان مع نفسه ، فهذا دليل على أن حركته مرهونة بوجود اللغة ، و أن لا أسبقية بينهما ، ثم أن مشكلة العجز عن التعبير ليست مطروحة عند جميع الناس.

**ب- الاتجاه الواحدي / يوحد بين الفكر و اللغة ، و يعتبرهما مظهرين لعملية نفسية واحدة ، فهما متصلان كاتصال وجهي القطعة النقدية و من أنصار هذا الموقف لافيل Lavelle الذي يقول” ليست اللغة ثوب الفكر بل جسده” و من أدلتهم 1/ أن أداة التفكير هي اللغة فلا يمكن أن نتصور شيئ ليس له إسم ، أو نفكر بلغة نجهلها ، ، كذلك عندما نسمع كلمة مجهولة لا تتكون في أذهاننا أية فكرة .و كل تغيير في حركة التفكير يستدعي تغيير الألفاظ المستعملة 2/ إننا نحكم على سلامة الأفكار من خلال سلامة اللغة ، فالشخص الذي لا يتقن قواعد اللغة ، و الفقير من حيث الرصيد اللغوي ، تكون افكاره متذبذبة و فقيرة ايضا . يقول زكي نجيب محمود” إن العبارة المستقيمة المؤسسة فكرة واضحة ذات معنى ، أما العبارة الملتوية فكرة غامضة لا معنى لها” 3/ لقد دلت الأبحاث في علم النفس أن اكتساب اللغة في سن مبكرة يطور الوظائف العقلية كالذكاء و الذاكرة و الخيال ،و تضعف هذه الوظائف اذا تأخر الطفل في اكتساب اللغة . كما دلت الابحاث العلمية التي أجريت عل ظاهرة الأفازيا Aphasie أن المرض اللغوي هو في الحقيقة مرض عقلي .هذا ما جعل وليام هميلتونW.Hamilton يشبه تلك العلاقة العضوية بين الفكر و اللغة بورقة يكون الكلام وجهها و التفكير ظهرها ، بحيث يستحيل قطع وجه الورقة من دون أم نقطع ظهرها . و يتضح ذلك في قول الفيلسوف الألماني هيجل Hegell “إن الرغبة في التفكير دون كلمات لمحاولة عديمة المعنى ، فالكلمة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى و الأصح”

النقد / إن الذي لا يتكلم لا يعني أبدا أنه لا يفكر ، و نحن بالرغم من أننا نتكلم لغة واحدة نختلف كثيرا في أفكارنا مما يدل أن للتفكير منطق خاص يختلف عن منطق اللغة

خلاصة(التركيب و الاستنتاج)

اللغة و إن كانت لا تترجم أحيانا حقيقة المعاني التي تدور في النفس و إن كانت أيضا لا تدرك الجوانب الخفية من الفكر إلا أنها تجرده من الطابع الذاتي والانفعالي و تكسيه حلة اجتماعية و طابعا موضوعيا يقبل الوصف و التحليل ،فهي قبل كل شيء وسيلة التفاهم التخاطب بين الناس و أداة للتعبير عن الأفكار و المشاعر وهي تسعى دائما إلى التطور مع ظهور كلمات و مصطلحات جديدة حتى ترقى إلى مستوى الفكــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

مقال/ هل يمكن التفكير فيما نعجز عن قوله ؟ مقال/ أثبت صحة الأطروحة الآتية ” اللغة عماد الفكر”


شكرا لك جزاك الله خيرا

بارك الله فيك المزيد من فضلك

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
تاريـخ,

اضمحلال العصور الوسطى : دراسة لنماذج الحياة و الفكر و الفن بفرنسا و الاراضى المنخفضة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اضمحلال العصور الوسطى : دراسة لنماذج الحياة و الفكر و الفن بفرنسا و الاراضى المنخفضة / هويزنجا، يوهان.-جاويد، عبد العزيز توفيق

الحجم : 12.88 MB

http://www.mediafire.com/?bf1amnd6c10yuhu


التصنيفات
تاريـخ,

الاسلام في الغرب.قرطبة عاصمة العالم والفكر / روجيه جارودى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الاسلام في الغرب.قرطبة عاصمة العالم والفكر / روجيه جارودى

الحجم : 8.5 MB

http://www.4shared.com/get/4qSt0o_R/______.html


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الفكر السياسي في العصور الوسطى

الفكر السياسي في العصور الوسطى

مقــدمة

أظهر تطور الفكر والتفكير في الميدان السياسي مدى تقدم الإنسان والمجتمعات البشرية ومدى تأثير التراكمات المعرفية الكمية والنوعية في هذا التطور ، كما دل على أهمية التجارب التي يمر بها البشر في صنع الحضارة وتأمين الأفضل لحياة الإنسان والمجتمعات ، و أظهر أهمية دور إبداعات المفكرين في هذا التطور.
إذ أن العلاقة الجدلية ما بين التراكمات المعرفية والظروف الخاصة للمجتمع وإبداع المفكرين هو الأساس الذي قامت وتقوم عليه التطورات المتلاحقة في الفكر وفي الفعل الحضاري ،فقد كان تقدم الفكر السياسي كما الفكر الإنساني بشكل عام,نتاجا لتلك التراكمات المعرفية الكبيرة وللتجارب التي مرت بها كل الأمم، كل واحد ة حسب ظروفها الخاصة، حيث كانت الحضارة تلو الأخرى تشارك بدورها في صنع الأفضل للإنسان، وذلك من خلال إبداعات المفكرين في الحضارات المختلفة.
وإذا كان الإنسان يتعلم من التجارب المتلاحقة ويتطور في فهمه وإدراكه ، فإن الفكر الإنساني ، ومنه الفكر السياسي مازال حتى الآن ينمو ويتطور مستندا دوما إلى التراكمات المعرفية المتلاحقة التي تصنعها الشعوب المختلفة ويبتدعها المفكرون ، والتي تشكل دوما أرضية إنطلاق لأفكار جديدة أيا تكن مجالاتها وميادين أبحاثها،وقد تبين بشكل واضح أن الفكر السياسي بدأ خطواته الفكرية ورؤاه الفلسفية الأولى في الإجابة عن التساؤلات المختلفة بأفكار أسطورية غيبية،وصولا إلى الأساطير المختلفة والمتعددة بالإجابات حول كل القضايا بما فيها السياسية، وهو ما كان موضوع دراستنا : “الفكر السياسي الروماني ” فكانت كل حضارة تغتني بأفكار وتجارب تقدم منها، وفق بنيتها الذهنية أجوبتها الخاصة عن التساؤلات المتعددة حول الكون والمجتمع والإنسان ومنها التساؤلات السياسية كذلك (*)
ويمكن القول أن الحضارة اليونانية ساهمت بشكل بارز في تطوير ونهضة الفكر السياسي البشري، بحيث تمثلت القضية المحورية التي إنشغل بها الإغريق في طبيعة العدالة وماهية النظام السياسي الفاضل، ثم من بعدها الحضارة الرومانية صحيح أن هذه الأخيرة لم تتمكن من التوصل إلى مستوى الإبداع الفكري الذي بلغته الحضارة الإغريقية
من قبلها، غير أن إبداعها تجلى بإمتياز واضح في المجالات العملية ، سواء من الناحية الفكرية على صعيد القانون والإدارة ، أم من ناحية
الإبداعات الفنية والمعمارية التي لازالت أثارها ماثلة للعيان حتى يومنا هذا في أماكن متعددة من المناطق الواقعةعلى المتوسط ولاشك بأن الحضارة الرومانية قد مثلث محطة هامة جدا في تاريخ الحضارة البشرية.
فالرومان نبغوا في القانون بحيث أصبحوا في هذا الميدان قدوة لغيرهم على مر الأجيال ولا تزال أثار قوانينهم قائمة في العصر الحديث،فإنهم على عكس ذلك من الناحية الفلسفية إذ لم تكن للرومان فلسفة سياسية أصيلة نابعة من بيئتهم وثمار فكرهم الحر وإنما اعتمدوا في هذا المجال على الفلسفة اليونانية ونهلوا من مواردها ونسجوا على منوالها وتأثروا بكثير من مبادئها. فالحضارة الرومانية تأثرت بالحضارة اليونانية ونقلت عنها وأفادت منها كما نقلت عن الحضارة الشرقية القديمة مثل الحضارة المصرية البطليموسية والحضارة الفارسية ، فالرومان لم يخلقوا ولم يخترعوا كل نظمهم وإنما أخذوا من الحضارات القديمة والمعاصرة لهم والسابقة عليهم ما يتفق مع ظروفهم وأوضاع بلادهم وصبغوا ما تلقوه عن الغير بصبغتهم الخاصة وهي صبغة عملية.
وقد قطعت الحضارة الرومانية في تاريخها السياسي عدة مراحل حتى تمكنت من الوصول إلى تأسيس إمبراطورية ضخمة ذات سلطان خطير على المستوى الداخلي والخارجي وقد عرفت في تطورها هذا أشكالا مختلفة للحكم وأوضاعا دستورية متباينة، ولكي نوضح ذلك نشير بإيجاز إلى مختلف المراحل التي قطعتها الحضارة الرومانية في نظامها السياسي ثم إلى أبرز المفكرين السياسيين في روما القديمة وهما بوليبيوس وشيشرون.

 المبحث الأول : النظام السياسي الروماني

مرت الحضارة الرومانية في تاريخها السياسي الطويل بمراحل عدة ، حتى وصلت إلى تأسيس إمبراطورية مترامية الأطراف ذات سلطان ضخم وخطر في الداخل والخارج ، وقد عرفت روما في تاريخها أشكالا للحكم مختلفة وأوضاعا دستورية متباينة فقام فيها النظام الملكي والنظام الجمهوري وفي ظل هذين النظامين وجدت حكومات فردية ، وحكومات أقلية (أرستقراطية و أوليغارشية ) ثم حكومات ديمقراطية ، لكن فكرة الديمقراطية هذه لم تستطيع أن تثبت جذورها في روما لأسباب ترجع إلى طبيعة الرومان وتعلقهم الشديد بالتقاليد الموروثة وعدم تحمسهم للمبادئ الخلابة ( كانوا عكس اليونانيين ) ولم يكن الرومانيون يحفلون بالنظريات والمذاهب السياسية والأفكار المثالية، التي شغل اليونانيون أنفسهم بها وإنما اهتموا بالنواحي العلمية والواقع الملموس ، ولما انهارت طبقة المزارعين التي هي عماد الديمقراطية المستقرة لم يثبت في روما نظام ديمقراطي سليم (1) .
وينقسم تاريخ الدولة الرومانية ، منذ تأسيسها في القرن 8 ق.م إلى ثلاث فترات متتالية وهي كالتالي:

المطلب الأول: فترة الحكم الملكي

بدأت هذه الفترة مع تأسيس مدينة روما في عام 753 ق.م على يد الملك رومولوس (romolus) حسب رواية الأساطير الرومانية ، (2) فلم تكن الملكية في عصورها الأولى وراثية ،بل إن الملك كان يختار قيد حياته من يخلفه في تدبير شؤون المملكة ، وإن مات الملك دون أن يقوم بتعيين خلفه يتم الرجوع إلى مجلس الشيوخ الذي يختار من يتولى سلطة الحكم وكانت سلطات الملك مطلقة وشاملة لكافة الاختصاصات مع وجوب إحترامه للعرف (3) .
أما مجلس الشيوخ فقد كان مكونا من رؤساء القبائل كما أن سلطات هذا المجلس كانت تتمثل في المصادقة على قرارات المجلس الشعبي ، وكان مجلس الشيوخ إضافة إلى ذلك بمثابة مجلس استشاري للملك ، دون أن يكون هذا الأخير ملزما بالأخذ برأي هذا المجلس .
أما الهيئة الثانية فهي مجلس الشعب فقد كان المجلس يضم الرجال الأحرار ويذهب البعض إلى إضافة صفة القدرة على حمل السلاح إلى هؤلاء الرجال فهم وحدهم المواطنون، أما صلاحية هذه الهيئة فكانت في الواقع تختلف من عهد إلى آخر إلا انه يمكن القول بأن من وظائفها إقتراح القوانين وتقرير السلم والحرب وكذلك عقد المعاهدات(4).
وتقسم فترة الحكم الملكي إلى مرحلتين :

المرحلة الأولى : حكم ملوك الرومان الأصليين وتقول الرواية التي تناقلها المؤرخون القدامى أن روميلوسromulus وأخاه ريموس remos أسسا مدينة روما ، وعندما قُتـِلَ هذا الأخير على يد
أخيه، حكم روميلوس بمفرده وتعاقب بعده ثلاثة ملوك من أصل روماني حتى الغزو الإتروسكي لإيطاليا (5) .

المرحلة الثانية : حكم الملوك الإتروسكيين الذين وفدوا من آسيا الصغرى وأحكموا السيطرة على روما ، وهناك بعض الروايات تقول إنهم من مؤسسيها أيضا ، الذين نقلوا حضارتهم إليها وكان آخر ملوكهم يدعى تاركان العظيم الذي حكم حكما ديكتاتوريا على كافة الشعب الأمر الذي أثار قلق الأشراف الذين ثاروا عليه بمساندة اليونان ،والذين تمكنوا من السيطرة على البلاد في العهد الجمهوري اللاحق (6) .

المطلب الثاني : فترة الحكم الجمهوري.

على إثر تمرد الرومانيين على هيمنة الاتروسك عام 509 ق.م ، تخلوا عن النظام الملكي واستبدلوه بنظام جمهوري وذلك بإحلال حاكمين على رأس السلطة التنفيذية محل الملك ، ويسميان “بالقنصلين” ويتم انتخابهم سنويا من لدن المجالس الشعبية ، ويتناوبان على الحكم شهرا لكل واحد منهم (7).
وقد شهدت فترة الجمهورية هذه صراعا مريرا بين طبقة الأشراف و الطبقة الشعبية لمدة طويلة تجاوزت القرنين من الزمن ، وإستطاعت هذه الأخيرة ( الطبقة الشعبية )أن تحقق بعض الإمتيازات التي إنتزعتها من طبقة الأشراف عام 494 ق.م مما أرغم مجلس الشيوخ على المصادقة على إلغاء الديون التي تراكمت على العامة ، وفي أواسط ق 15 تمكنت كذلك من تحقيق إنتصار آخر وهو فرض إيجاد قوانين مكتوبة وواضحة ومعلومة من الجميع بدلا من القانون العرفي الذي كان موضوعا تحت هيمنة الأشراف والكهنة الذين كان لهم وحدهم الحق في تفسيره وتأويله (8) .
إن تغيير نظام الحكم من الملكية إلى الجمهورية أدى إلى إنتقال سلطة الملك إلى هيئة جديدة تقوم بتدبير شؤون الجمهورية . ولو قارنا سلطات القنصل بسلطات الملك يتبين 1لنا بأنها تضاءلت إلى حد كبير ،فبعدما كانت السلطة الدينية مثلا من اختصاص الملك إبان فترة الحكم الملكي ، نجدها أصبحت من إختصاص الكهنة في فترة الحكم الجمهوري هذا إضافة إلى أن فترة حكم القنصل تعد أقل من الفترة التي كانت للملك أبدية ، ثم إن مركز القنصل يعد أضعف بكثير من المركز الذي كان يشغله الملك.

المطلب الثالث : فترة الحكم الإمبراطوري.

ظهر هذا النظام مع توسيع روما وضمها لأراضي شاسعة وشعوب متعددة ولم يعد بمقدور النظام الروماني إدارة هذه الإمبراطورية الضخمة.وكانت الإرهاصات الأولى لبداية النظام الإمبراطوري مع” يوليوس قيصر 101 – 44 ق.م “الذي إستولى بحد السيف على السلطة ، تم جاء بعده إبنه بالتبني أوغستAUGUST 27 ق.م الذي أصبح إمبراطورا وإتسم نمط الحكم هذا بإحلال إمبراطور ذي سلطات مطلقة محل القنصلين ، وكان ينظر له وكأنه إلاه أو ابن للإله قبل ظهور المسيحية ، وهوالذي كان يشرف على الشؤون الخارجية وعلى الجيش وله صلاحيات قضائية واسعة ، وكان يستعين في عمله هذا بمجلس إستشاري يعين أفراده بنفسه من أقربائه وكبار موظفيه ومن أصحاب الخبرة والاختصاص(9).
وهناك من يميز بين عصرين من الإمبراطورية .

 عصر الإمبراطورية العليا :
أعلن قيامها أكتافيوس بعد انتصاره على خصمه أنطونيوس وحليفته كليوباترة وكان ذلك في سنة 27 ق.م وإنتهت بذلك الحروب الداخلية الأهلية كما توقفت فتوحات روما الخارجية ، وأصبح ذلك العصر عهد سلم ، وتغير نظام الحكم من جمهوري إلى حكم فردي مطلق من حيث الواقع :لأن الإمبراطور رئيس الدولة استأثر بكل مظاهر السلطة تقريبا وجمعها في يده .
وعلى إثر ذلك تم تقليص سلطات مجلس الشيوخ وسلبت منه اختصاصاته وبالرغم من استمرار قيام المجالس الشعبية إلا أنها أخذت تفقد سلطاتها التشريعية بالتدريج حتى أندثرت تلك السلطة في نهاية ق الأول م (10).

 عصر الإمبراطورية السفلى ( العصر البيزنطي ).
قامت هذه الإمبراطورية على يد الإمبراطور” دوقلديانوس “، سنة 284 م بعد أن سادت الفوضى العسكرية وتدهورت الحالة الإقتصادية في أواخر عهد الإمبراطورية العليا.وقد تأكد في ذلك العصر نظام الحكم الفردي المطلق الإستبدادي إذ تركزت السلطة
السياسية في يد الإمبراطور وإندثرت تماما إختصاصات الحكام الآخرين ومجلس الشيوخ و المجالس الشعبية وثم فصل المدينة عن السلطة العسكرية ،وساد نظام الإدارة المركزية لكن الإمبراطور دوقلديانوس أحدث تعديلا جوهريا في النظام الإداري للإمبراطورية إذ لاحظ إتساع رقعتها وكثرة ولايتها وظهور تيارات ونزعات إنفصالية في أقاليم الدولة ، فقام بتقسيم الإمبراطورية إلى أربعة أقسام إدارية كبرى يرأس كل إقليم إداري حاكم إداري عام يحمل لقب أوغسطس أو قيصر وبهذه الوسيلة أصبح حكام الإمبراطورية أربعة أشخاص يحمل اثنان منهم لقب أوغسطس والإثنان الآخران يحملان لقب قيصر ويعتبران أقل درجة من الأولين ويحلان محلهما في حالة العجز عن العمل (11)

 المبحث الثاني : أسس الفكر السياسي الروماني .

إذا كان اليونانيون يفكرون بطريقة فلسفية وأخلاقية، فالرومانيون يفكرون بطريقة حقوقية وقانونية ، وإذا كان اليونانيون يفتخرون بفلاسفتهم وفلسفتهم فالرومانيون يفتخرون بقانونهم وقوانينهم هذه الصبغة القانونية التي إندمجت مع فكرهم السياسي ، ترجع لإعتبارات عملية تتعلق بالمشاكل والتحديات المترتبة على التعامل مع دولة ذات أعراف متعددة ومترامية الأطراف ، فكان لابد من بحث دقيق عن توازن يحفظ للدولة إستمراريتها وإستقرارها ، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق القانون الدقيق والمنظم.
وقد تأثر القانون الروماني منذ نشأته وتطوره بالواقع الاجتماعي والفكري حيث كان في بدايته يختلط بالدين والسحر والعادات… فالقانون كان في البداية جزءا من الديانة وقانون المدينة هو شعائرها وفرائضها الدينية ، فكانت شخصية رجل الدين تختلط بشخص الحاكم أو القاضي ، وأحيانا تتجسد في شخص واحد وقد عرف الفقيه أوليبانوس القانون بأنه:” المعرفة بالأمور الإلهية والأمور الإنسانية والعلم بما هو عدل وما هو ظلم ” .
لكن مع تطور الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية تطور القانون الروماني حيث تم التمييز بين الدين والقانون ،فأصبحت القواعد القانونية من صنع البشر وتهتم بتنظيم الروابط بين أرباب الأسر والعشائر داخل المدينة، أما القواعد الدينية فهي أوامر صادرة من الآلهة لتنظيم الصلة بين الإنسان وربه(12) .
أما مصادر القانون الروماني فكان البعض منها مستمد من رجال القانون الرومانيين ، والآخر مستمد من أفكار الرواقية إلا أن التحول العام في المنحى الفكري القانوني والسياسي يعود الفضل فيه إلى أفكار المدرسة الرواقية فقد أعطت المدرسة الرواقية لروما الإيديولوجية التي تنقصها وتنتظرها ، أي جاءت الفلسفة الرواقية ودعوتها إلى العالمية والقانون الطبيعي الإلهي لتضفي صبغة شرعية على الهيمنة الرومانية على الشعوب الأخرى ، والفضل يعود تحديدا إلى Panituis170-110 ق.م الذي خلق نوعا من المصالحة بين الفكر الرواقي والفكر الروماني
الأرستقراطي العلمي ، وكان للعلاقة التي أقامها الرواقيان بنائيتوس وبوليبيوس مع الطبقة الرومانية دورا في تسرب الفكر إلى الطبقة الرواقية الحاكمة بروما، وكانت أهم تأثيراتها تتجسد في القانون الطبيعي وفكرة الدولة العالمية وهما ما ظهرا في أفكار كل من بوليبيوس وشيشرون (13).

المطلب الأول : الفكر السياسي عند بوليبيوس

جاء بوليبيوس بتبرير التاريخ ، وذلك حين جيء به إلى روما كرهينة في سنة 168 ق.م فعومل كصديق وأطلق صراحه سنه 146 ق.م وعاش صديقا لأدباء ومفكرين رومان ، وجعل من نفسه أول منظر للدستور الروماني في كتابه ” التواريخ ” وفيه حلل الدولة الرومانية وبذات الوقت يعرف أفضل حكومة (14) .
حاول كتابة التاريخ الروماني والفتوحات بشكل منهجي وعالج النظام السياسي الروماني في مجده ، وربط في روما بين النظام السياسي والعسكري ،إستوحى أكثر أعماله من أعمال أرسطو الذي إستعار منه التصنيف السداسي للدساتير، وجعل أهداف السياسة الحقيقية :الفضيلة والحكمة في الحياة الخاصة والعدالة في الحياة العامة .ولقد بحث في كتابه ” تواريخ histoires “عن تفسير لأسباب رفعة روما التي أخضعت في نصف قرن تقريبا كل الأرض المسكونة ، وقد وجده في دستورها الذي جعل منه النقطة المركزية في مؤلفه ، فكتب :” إن الأشكال الثلاثة للحكم كانت ممزوجة في الدستور الروماني وحصة كل منها كانت محسوبة بدقة ، فكل شيء كان ممزوجا فيه بإنصاف ، بحيث أن أي شخص ، حتى من بين الرومانيين ، لم يكن يستطيع القول إن كان الدستور أرستقراطيا ، أو ديمقراطيا أو ملكيا فلدى تفحص سلطات القناصل يقال عنها نظام ملكي ،وإذا حكم عليه من خلال سلطان مجلس الشيوخ كان بالعكس أرستقراطيا ، وإذا أخذت بالاعتبار حقوق الشعب كان يبدو بوضوح أنه ديمقراطي “.
هذا المديح للدستور المختلط عبر عنه بوليب كما أرسطو بوجود ثلاثة أشكال
أساسية من الأنظمة التي هي : الملكية ، الأرستقراطية والديمقراطية ،وهذه الأنظمة هي نماذج ولكن ليست الوحيدة ،والشكل الأمثل بالنسبة له هو الشكل الذي يجمع بين عناصر هذه الأنظمة الثلاث .
وروما التي إعتمدت هذا النظام يفسر مجدها وعظمتها في تنظيمها الداخلي كما في تنظيمها للفتوحات، هذا التحليل لبوليب ليس موضوعيا إذا إنه يحاول تمجيد عظمة روما وشرح قوتها بعرض الوقائع التي استعملها واستعارها ليثبت برهنته لذلك، لأن العنصر الديمقراطي الذي
تطرق إليه غير موجود، لأن السلطة الفعلية بيد مجلس الشيوخ هي التعبير الأمثل عن الارستقراطية .يؤمن بوليب بأن الحياة السياسية تمر بمراحل أو بطريقة دورية وهي في حركة دائمة، فالتطور يبدأ مع الملكية : حكم الفرد الواحد ، لأن الناس البدائيين وضعوا ثقتهم بشخص واحد لإشباع المصلحة العامة ومبدأ هذا النظام هو المساواة والخير أكثر منه القوة والطغيان ، ولكن مع تطور الحياة تفسد الملكية ، ويستلم الملوك لإغراءات السلطة وينجرون وراء نزواتهم .
وتتحول بالتالي الملكية إلى طغيان، فتثور طبقة النبلاء – القيادة الأفضل بنظر الرعايا – وتتسلم السلطة برضا الناس، لكن هذه الارستقراطية أيضا تفسد عندما يفقد النبلاء الحس العام والمصلحة العامة ويستغلون الشعب فتحل الأوليغارشية محل الارستقراطية،لكن الشغب يثور ضد الأوليغارشيين لأن الأوليغارشية تتطابق مع الطغيان،ويقيم الشعب حكم الديمقراطية التي تفسد وتسيء ، لأن الشعب يبعد الأغنياء ويأخذ مالهم وغناهم ، فيبدأ الصراع الاجتماعي والأزمات والكوارث جراء عدم التوازن والفوضى والغوغائية التي تسود المجتمع ، وبعد كل هذه التجارب يعود الشعب ويسلم نفسه إلى ملك وهكذا تتم الدورة بكاملها : (ولادة- نمو- ذروة ورشد- إنحدار فموت).
من هذا التصنيف نستخلص ثلاثة أنظمة صالحة هي : الملكية المعتدلة ، الأرستقراطية والديموقراطية.يقابلها ثلاثة أنظمة فاسدة هي :الطغيان، الأوليغارشية والديماغوجية.وهذا التقسيم يذكرنا بتقسيم أرسطو .ويعتبر بوليب أن كل نظام يتضمن في داخله عوامل فساده وإنحلاله وكل واحد منها لا يصلح بحد ذاته ليكون نظاما للدولة الصالحة لذلك لا بد من المزج بين هذه الأنظمة والحفاظ على التوازن بينها بواسطة القوى المضادة وهنا يظهر أثر أرسطو وأفلاطون .(15).

 المطلب الثاني : الفكر السياسي عنذ شيشرون 106 – 43 ق.م.

يعد شيشرون أول مفكر روماني ، حاول الإستفادة من التراث الفلسفي اليوناني وتوظيفه في معالجة الإشكالات السياسية التي طرحت خلال المرحلة الأخيرة للنظام الجمهوري ،فشيشرون الذي بدأ مشواره كرجل دولة سنة 76 .ق.م ،نهل من المصادر الأصلية للفكر اليوناني ، كما أن بلاغته المشهود بها كمحام ، جعلته يتبوأ منصب قنصل للجمهورية سنة 63 ق.م قبل أن يعدم بسبب إنخراطه في الصراعات الدامية التي أفضت إلى قيام الإمبراطورية(16) .ومن أهم المؤلفات التي تركها شيشرون والتي تعكس إرادته في تطبيق المبادئ الرواقية على المستوىالسياسي ، نلقى كتابه” في الجمهورية ” و ” في القوانين ” و ” الواجب ” فضمن هذه المصادر الثلاثة ، يمكن استجلاء تصوره للقانون الطبيعي ، ومدلول تمييزه بين المنفعة المشتركة والشيء العام، وكذلك تأويله المتميز لنظرية الدستور المختلط التي عرفت انتشارا واسعا لدى الأوساط اليونانية المهتمة بإكتشاف سر عظمة روما وأسباب تفوق نظامها السياسي.

ويشكل مؤلف ” في الجمهورية ” الذي كتبه شيشرون سنة 51 ق.م منعطفا هاما في تاريخ الفكر السياسي الروماني ،فلئن كان مطمح صاحبه هو إعادة كتابة أفلاطون ،وتحيين القضايا والإشكالات التي طرحها هذا الفيلسوف اليوناني – كما يدل على ذلك إختيار عنوان المؤلف- فإن المقاربة التي إنتهجها شيشرون ، كانت تحكمها عقلانية خاصة بفعل تمايز الواقع السياسي في روما ،والمسألة الأولى التي تتصدر مؤلف شيشرون تتعلق بالنظام السياسي الأصلح بالنسبة للدولة الرومانية ، بإعتبار أن شكل الحكم يعد عاملا حاسما لتفسير نجاح أو فشل دولة من الدول .ولقد سبق لبوليبيوس ، هذا المؤرخ اليوناني الذي أصبح رومانيا (عام 201- 120 ق.م )،أن حلل في مؤلفه “تواريخ” دستور روما واعتبره سببا لقوة هذه المدينة ومدى العظمة التي أدركتها .فبوليبيوس الذي أراد فهم وتفسير ضوابط السياسة الرومانية ،إعتمادا على التراث اليوناني ،نوه بفضائل الدستور المختلط وأشاد بمزاياه المختلفة بالنسبة لسير عمل المؤسسات السياسية في روما خلال القرن الثاني قبل الميلاد فالسمة الأساسية للدستور المعمول به ، تتمثل في توزيعه للسلطات داخل الدولة على أساس قاعدة الإنصاف ، بحيث لا تطغى إختصاصات مجلس الشيوخ على الإمتيازات التي يتمتع بها الشعب، كما أن مجالات تدخل القناصلة ، رغم أهميتها ، محددة بكيفية صارمة .
وهذا ما يجعل من الصعب وصف الدستور الروماني ، بالدستور الارستقراطي أو الديمقراطي أو الملكي.وتبرز أهمية هذا الاستنتاج إذا ما انتبهنا إلى أن بوليبيوس لا يعتمد مقاربة قانونية صرفة لإبراز فعالية النظام السياسي الروماني وأفضلية القواعد التي يرتكز عليها ، فلقد كان هدفه هو القيام بمحاولة تركيبية تتألف بفضلها عناصر المنهجية التاريخية والسياسية مع وجهة نظر الفقيه الدستوري .
إنه لا يرشدنا فقط إلى الاختصاصات المعترف بها لمختلف الهيئات السياسية الفاعلة، ولكنه يبرز لنا ما يمكن لهذه الهيئات أن تقوم به فعليا وبكيفية ملموسة ، بحكم العلاقات التي تحكمها موازين القوى التي تحدد مركزها الواقعي .
ولقد اعتمد شيشرون على الخلاصات التي توصل إليها بوليبيوس ، لتطويرنظريته الخاصة حول الدستور المختلط ،بيد أنه إذا كان بوليبيوس قد ألح كثيرا على أهمية وسائل الضغط المتبادلة التي تتوفر عليها الأجهزة المختلفة،فان شيشرون سيركز على ما أسماه بالمداولة العقلانية أو تحولهم إلى مجرد عبيد للسلطة أو ناقمين عليها .
فبإسم واجب السهر على المصلحة العامة ، لم يتردد في قمع كل المحاولات الرامية لخلق الشقاق داخل الدولة ، أو نسف مرتكزاتها الإيديولوجية وهذا ما يفسر موقفه المعادي للمسيحية ،بل ونتقاده حتى لطريقة موت المؤمنين بها فاستشهاد هؤلاء ، لم يكن بالنسبة إليه نتيجة الإقتناع بعقيدتهم الدينية،وإنما هو تعبير عن عناد في معارضة السلطة ورغبة مخالفة للمألوف ،ولقد أدرك جيدا بأن العناية الإلهية التي جعلته يتبوأ منصب إمبراطور روماني هي التي تفرض عليه الإحتراس من الخطر الذي تشكله الدعوة المسيحية ، بحكم تهديدها لإستقرار وأمن الدولة .
فوظيفته كحارس للإمبراطورية ،تضطره للإستئناس مع مختلف مظاهر الرذيلة ، والتعود على الأمور التي لا يحبها ،دون أن ينتابه اليأس أو الإنقباض من البشر فالإنسان الضال ” إذا أخطأ ، علمه بين له سبب زلته، وإذا كنت غير قادر على ذلك ،فما عليك إلا أن تعاقب نفسك – ونفسك فقط (17).

الهوامش:
(*) د: عمر عبد الحي : الفكر السياسي في العصور القديمة الإغريقي –الهلنسيتي –الروماني ص. 5 وما بعدها.
1: محمد كامل ليلة : النظم السياسية ( الدولة . الحكومة ) دار النهضة العربية بيروت لبنان ص 381
2 : د. عمر عبد الحي : الفكر السياسي في العصور القديمة : الإغريقي – الهلنيستي- الروماني الطبعة الأولى 2001 ص 305 .
3: د.إبراهيم أبراش : تاريخ الفكر السياسي من حكم الملوك الآلهة حتى نهاية عصر النهضة الجزء الأول ص 108 – 109
(4) د محمد كريم : تاريخ الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى ص 110
(5) د. عادل خليفة : الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى الجزء الأول ص 157 .
(6) د. عادل خليفة : نفس المرجع ص 157 .
(7) د. إبراهيم أبراش : نفس المرجع السابق ص 109 .
(8) د.عمر عبد الحي : مرجع سابق ص 306

(9) د. ابراهيم أبراش : نفس المرجع السابق ص 111 .
(10)د. محمد كامل ليلة : نفس المرجع السابق ص.387.

(11) د. محمد كامل ليلة : نفس المرجع السابق ص 388

(12)د إبراهيم أبراش مرجع سابق ص 113 .
(13)إبراهيم أبر اش : نفس المرجع السابق ص 114
(14) جان توشار : تاريخ الفكر السياسي ص 59 .

(15): الدكتور عادل خليفة الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى.الجزء الأول ص 161 وما بعدها.
(16) وذلك بعد انتصار Octavien على Antoine الذي تحالف مع كليوباترة ملكة مصر وذلك في المعركة المشهورة باسم Actium التي جرت بتاريخ 2 شتنبر 31 ق.م

(17)د يوسف الفاسي الفهري : تاريخ الفكر السياسي 1 العصور القديمة والوسطى ص 87 وما بعدها.




شكرا جزيلا

merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

شكراا على الموضوع وبالتوفيق.

pour se formidable exposé c’est gentille de votre partتعليم_الجزائرmercii

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الفكر السياسي اليوناني

المفكر اليوناني “أفلاطون”

ولد أفلاطون من عائله ارستقراطيه في أثينا ، وتثقف كأحسن ما يتثقف به أبناء الطبقة الراقية ، وأظهر ميلاً نحو الرياضيات وأخذ الحكمة عن فيثاغورث, ثم تأثر أفلاطون بفكر أستاذه سقراط وفلسفته إلى درجة يصعب معها الفصل بين أفكار أفلاطون و أفكار أستاذه سقراط.

نشأه الدولة عند أفلاطون :

يرى أفلاطون أن الدولة قد نشأت نتيجة لتباين حاجات الناس ورغباتهم, وعجز الفرد عن سد حاجاته بنفسه , مما يستوجب تعاون الأفراد فيما بينهم لإشباع هذه الحاجات، ونتيجة لهذا التعاون تنشأ الدولة لإشباع حاجات الناس الاقتصادية وتنظيم تبادل الخدمات فيما بينهم, وبذلك يكون أفلاطون قد استبعد فكره السلطة والقوه في نشوء الدولة.

تقسيم العمل عند أفلاطون :

تبنى أفلاطون مبدأ تقسيم العمل وذلك لتفاوت قدرات البشر ومواهبهم , وأن إنتاج الفرد يكون أكثر جودة حين يعمل عملاً يتفق مع استعداده الطبيعي.

وحاول أفلاطون تقسيم النفس البشرية وقدرات البشر إلي فئات اعتمادا على أسس فلسفية وأخلاقية , وتوصل إلى تقسيم الأنفس إلى ثلاثة أنواع هي :

1- النفس العاقلة ومركزها العقل وتختص بفضيلة الحكمة.
2- النفس الغضبية ومركزها الصدر والقلب وتختص بفضيلة الشجاعة.
3- النفس الشهوانية ومركزها أسفل البطن وتختص بفضيلة العفة.

أما الفضيلة الرابعة وهي العدالة فتتحقق بتقسيم هذه الأنفس التقسيم الصحيح وضمان التوازن بينها وعدم تدخل طبقه في شؤون الطبقة الأخرى.

وتوصل أفلاطون إلى تحديد ثلاث وظائف هامه للدولة يجب تأديتها هي :

1- حكم الدولة.
2- حماية الدولة.
3- إشباع الحاجات وتبادل الخدمات.

وحاول أفلاطون الربط بين وظائف الدولة وطبقات المجتمع فقسم المجتمع إلى ثلاث طبقات هي :

1- الطبقة الأولى :
طبقة الحكام الفلاسفة وتوكل لهم مهمة إدارة الحكم لأنهم يتمتعون بالحكمة .

2- الطبقة الثانية :
طبقة المحاربين ،ومهمتهم حماية الدولة و الدفاع عنها .

3- الطبقة الثالثة :
طبقة أصحاب الحِرف ( الصناع و التجار والزراع ) .

فكرة العدالة عند أفلاطون :

وهي تعني أن يجد كل فرد الدور الذي يؤديه وفقاً لاستعداده الطبيعي ، وتتحقق فكرة العدالة عنده من خلال التزام كل فرد حدود الطبقة التي ينتمي إليها تبعاً لطبيعته وتكوينه .

نظام التعليم :

تنطلق نظرية أفلاطون في التعليم من فكرة أن ” الفضيلة هي المعرفة ” , ويرى أن التعليم هو الوسيلة الإيجابية التي يستطيع الحاكم بواسطتها تكييف الطبيعة البشرية وتوجيهها نحو تحقيق مصلحة الفرد والمجتمع وتحقيق الدولة المتجانسة .

النظام الإجتماعي :

اقترح أفلاطون فكرتين في النظام الاجتماعي لاستبعاد تأثير العوامل المحيطة على سمو العقل وأداء الطبقة الحاكمة لمهامها ، وهما :
1- تحريم الملكية الخاصة على الحكام , لكي لا ينشغلوا بملكيتهم عن أداء وظيفتهم .
2- إلغاء الزواج الفردي الدائم .
ولم يمانع في احتفاظ الطبقة الثالثة (الزراع والصناع) بأسرهم وعائلاتهم .

نظام الحكم عند أفلاطون:

1- كتاب الجمهورية :تدور هذه التأملات حول فكرة الجمهورية الفاضلة ، وتوصل أفلاطون في نظرته المثالية تلك إلى ضرورة إخضاع كل شي في الدولة لشخص الحاكم الفيلسوف .

2- في كتابه السياسي :

توصل إلى أن فكرة الحاكم الفيلسوف التي طرحها في كتابه الجمهورية صعبة المنال إن لم تكن مستحيلة , وسار نحو التمييز بين الحاكم المثالي الفيلسوف وبين رجل الدولة السياسي وتوصل إلى ضرورة وجود القوانين لمساعدة السياسي في الحكم .

3- في كتابه القوانين :

تراجع أفلاطون عن بعض آرائه السابقة في الجمهورية بخصوص حكم الفلاسفة وشيوعية النساء والملكية , وقال : بأنه من المستحيل وجود نظام حكم مثالي لأفراد ليسوا مثاليين , ولذلك اقترح نظاماً يقوم على القانون لمجابهة الحياة الواقعية . وتوصل أفلاطون في كتابه هذا إلى فكرة الدولة المختلطة التي تقوم على التوازن بين طبقات المجتمع ، وتستند علي أساس دستوري قانوني وذلك شريطة أن تضع أحكام هذا الدستور جمهرة من الفلاسفة .

المفكر اليوناني ” أرسطو”

ولد أرسطو في مدينة ( ستاجيرا المقدونية) وهاجر إلى أثينا ليدرس الفلسفة على يد أفلاطون وقد تأثر بفلسفته ، وشغل عدة مناصب ، كان أهمها هو قيامه بتعليم الاسكندر المقدوني (الاسكندر الأكبر) ، و بعدها افتتح مدرسة خاصة به في أثينا , ولكنه اضطر لترك أثينا بعد موت الاسكندر الأكبر نتيجة النقمة على المقدونيين .

منهجه:

انتقل أرسطو من أسلوب المحاورات المعروفة لدى أفلاطون إلى أسلوب المحاضرات المعروفة بدقتها وشكلها الأدبي, وقد اتسم منهج أرسطو في البحث بالواقعية و معالجة العلوم الإنسانية من خلال الاعتماد علي الملاحظة العملية الدقيقة و استخلاص النتائج ، وهو ما يعني أنه قد أتجه إلي الواقع .

نظرته للمجتمع واصل الدولة:

تمثل العائلة في نظر أرسطو الخلية الأولى في بناء المجتمع ، وأنها وجدت لإشبــاع حاجات الإنسان الجنسية ورغبته في حفظ النوع , وتكونت الدولة من العائلة التي تجمعت لتشكل القرية ,ومن تجمع عده قرى أنشئت المدينة,والتي من تجمعها وجدت الدولة.

الطبقــات الاجتمــاعية:

اعتبر أرسطو أن وجود الثروة والملكية شرطاً أساسياً للحياة الاجتماعية والسياسية , ورفض نظرية أفلاطون في شيوعية الملكية, ولذلك فهو يدعو إلى الاعتدال في توزيع الثروة ويطالب بتحقيق العدل الاجتماعي.

وقد حاول أرسطو تقسيم الطبقات في المجتمع ,وقال بأن طبقة المواطنين التي هي تمتاز بالتشريف السياسي وهي القادرة على الحكم وتقبل حكم غيرها, أما الطبقة العاملة والحرفية فهي غير مؤهلــة للاشتراك في الحكم وان الطبيعة قد أهلتها لتلقي الأوامر والطاعة فقط.

وظائف الدولة:
يرى أرسطو بأن الهدف الحقيقي للدولة يجب هو الارتقــاء بمواطنيهــا , وتعتبر الدولة في رأي أرسطو أسمى من الفرد والعائلة والمدينة لأنها تمثل الكل ،والكل أسمى من الجزء لأنه إذا فسد الكل لا يبقى الجزء.

تقسيمه للحكومات:

ميز أرسطو الدولة التي هي في نظره تتكون من مجموع المواطنين وبين الحكومة التي تتكون ممن يتولون سلطة إصدار الأوامر في الدولة,وقسم أرسطو الحكومة إلى ثلاث سلطات رئيسيه هي: التشريعية ، التنفيذية ، و القضائية.

وقد اعتمد أرسطو على معيارين أساسيين في تقسيمه لأنواع الحكومات وهما:
1- معيار العدد.
2- معيار الهدف.

وبناء على هذين المعيارين ميز أرسطو بين ستة أنواع من الحكومات:

1- الحكومة الملكية : وهي حكومة فرد يسعى لتحقيق المصلحة العامة.
2- حكومة الطغيــان(الاستبدادية) : يحكمها فرد وتسعى لتحقيق مصلحة خاصة.
3- الحكومة الارستقراطية : وتكون السلطة بيد أقلية خيرة تهدف لمصلحة عامة.
4- الحكومة الأوليجاركية : تكون السلطة لأقلية تهتم بمصالحها الخاصة وتكون المنفعة للأغنياء.
5- الحكومة الجمهورية( الديموقراطية): تحكم الأكثرية للمصلحة العامة.
6- الحكومة الديماغوجية: تكون السلطة العامة للفقراء (الأكثرية ) ، ويسعون لتحقيق مصالحهم .

الحكومة والدولة الفاضلة:

توصل أرسطو الى أن هذه الحكومة يجب أن تكون مناسبة للظروف التي تعيش فيها, وأن الحكومة التي تنجح في ظروف معينة قد لا تصادف نفس النجاح في ظروف مغايرة.
وقد فضل أرسطو الحكومة الدستورية لأنها تتميز بمجموعة من الصفات التي تجعلها أفضل من غيرها من الحكومات ، نوجزها فيما يلي :
1- أنها حكومة تستهدف الصالح العام.
2- أنها حكومة قامت لهدف أخلاقي.
3- أنها تعتمد على القواعد القانونية العامة التي تتناسب مع العادات.
4- أنها تقوم على مبدأ الاكتفاء الذاتي وتعاون جميع الأفراد.
5- أنها تقوم على اقتناع الأفراد بها وموافقتهم عليها.
الاستقرار السياسي والثورة:
آمن أرسطو بأن توزيع الثروة العادل في المجتمع من الأمور الأساسية لضمان الاستقرار السياسي وذلك من خلال وجود طبقة وسطى كبيرة.

خصائص الفكر السياسي اليوناني:

1- تميز الفكر السياسي اليوناني بأنه كان باستمرار تابعاً للفلسفة.
2- يجعل الفكر السياسي اليوناني غايته الوحيدة بناء المدينة الفاضلة.
3- مال الفكر السياسي اليوناني في معظم حالاته إلى الاتجاه الخيالي والابتعاد عن الواقعية.


Merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الفكر السياسي في العصور الحديثة

الفكر السياسي في العصور الحديثة

أولاً : مكيافيللي

ولد مكيافيللي سنة 1469 م في مدينة فلورنسا الإيطالية بدأ مكيافيللي حياته العامة موظفاً عادياً في حكومة مدينة فلورنسا الملكية ولكن حين اجتاحت الجيوش الفرنسية هذه المدينة وأطاحت بحكومة لورينزو ميدتشي المطلقة لم يتردد مكيافيللي في تأييد النظام الجمهوري الجديد وتمكن مكيافيللي خلال هذه الفترة من التنقل في وظائف حكومية عليا كان آخرها السكرتير الأول لحكومة فلورنسا وفي سنة 1512م حين عادت حكومة الميدتشي للحكم بمساعدة البابا قبض على ميكافيللي وعذب وطرد ليعيش في عزلة في مزرعته قرب فلورنسا وفي هذه الأثناء ألف مكيافيللي :.

1- كتاب الأمير سنة 1513م شارحاً فيه مجموعة من النصائح للحاكم راجياً أن ينال رضا الحاكم الجديد لكنه فشل في ذلك .

2- في سنة 1521م ألف كتابه الثاني (( مقالات في الكتب العشرة الأولى ليتيوس ليفيوس)) والذي سمى فيما بعد بالمطارحات.

منهجه:.

من المتفق عليه لدى معظم الدارسين لكتابات مكيافيللي بأنه كان يحاول أن يخط لنفسه طريقة جديدة في البحث والتفكير.

ويمكن إيجاز أسلوب مكيافيللي في البحث في مجموعة من النقاط:.

3- أنه استعان بالتاريخ لاستقصاء الأحداث ومعرفة نتائجها وارتباطات وإمكانيات تكرارها .
2- محاولة وضع تعميمات في حالة تكرار الحوادث للوصول إلى قواعد عامة توضع أمام الحكام لتساعدهم على تبني مواقفهم .
3- البحث عن إمكانيات التدخل في الأحداث مستقبلاً بعد معرفة أسبابها ومحاولة تحديد السلوك الواجب إتباعه لمواجهة الأحداث .

مفهوم الفضيلة لدى مكيافيللي :.

يعرف مكيافيللي الفضيلة بأنها كل ما يوصل الإنسان لتحقيق أغراضه التي هي في الغالب تحقيق القوة والسلطة والنجاح وإن الرجل الفاضل في رأيه هو الذي يستطيع تحقيق أهدافه كما أنه أبدى كراهية للبابا والقيم الدينية السائدة وطالب الأمير التخلص من فضائل الأمير وأخلاقه كانسان أي أن مكيافيللي كان من أوائل المفكرين الذين نادوا بفصل السياسة عن الأخلاق والدين .

الغاية تبرر الوسيلة:.

كان يرى بأن الشهرة والنجاح هي الغاية التي على الأمير السعي لتحقيقها وهو لا يهتم بمدى أخلاقيات الوسيلة التي يتبعها الحاكم لتحقيق أهدافه .

نظرته للمجتمع والدولة :.

آمن مكيافيللي بأن الناس أشرار بطبيعتهم وأنهم لايفعلون الخير إلا للضرورة ويقر بأن الخطيئة أصيلة في الإنسان وسهولة أفساد الناس انطلاقا من نظرة مكيافللي المتشائمة للطبيعة البشرية اعتبر العامل الأمني هو العامل الأساس لتكوين الدول فهو يرى بأن الدافع الأساسي لنشوء الدول والمجتمعات البشرية هو رغبة الجماعات في التخلص من الأخطار وأهوال الحروب وقد نظر مكيافيللي للدولة كغاية في ذاتها.

نظام الحكم:.

رفض مكيافيللي التقسيمات السابقة المتعارف عليها لأنظمة الحكم وقال بأن أشكال الحكومات وفق تلك التقسيمات غير مستقرة وأنها تتغير وتتبدل ومن السهل أفسادها والتحول إلى معكوساتها وكان يرى بان
هناك نوعان من الحكم صالحان ويتمتعان بالاستقرار هما:.

1- النظام الملكي
2- النظام الجمهوري

وهو يرى بأن أي من النظامين – الملكي أو الجمهوري قد يصلح في حالة معينة ولا يكون صالحاً في حالة أخرى نظراً للظروف التي تمر بها الدولة وطبيعة الشعب المحكوم

( راجع نصائح مكيافيللي التي قدمها في كتاب الأمير)

ثانياً : مفكرو العقد الاجتماعي

مقارنة بين مفكري العقد الاجتماعي

حالة الطبيعة:

1/ هوبز: حالة صراع وحرب الكل ضد الكل وسيادة قانون الغاب، وذلك ناتج عن طبيعية الإنسان الميالة للشر وغلبة الأنانية على سلوك الأفراد في سعيهم الدائم للمحافظة على النفس.

2/لوك: تبادل منافع وتمتع بالحقوق والحريات في ظل سيادة القانون الطبيعي الذي يضمن حق الحياة والحرية والملكية.

3/روسو: حياة مثالية تسودها الفضيلة والسعادة لدى كافة الأفراد وأن المدينة أسدت هذه الحياة.

أطراف العقد:

1/هوبز: الأفراد وحدهم، والحاكم لم يكن طرفاً في العقد.

2/لوك: بين الأفراد والسلطة الحاكمة.

3/ روسو: بين الأفراد والإرادة العامة المعبرة عن المجموع.

جوهر العقد:

1/هوبز: تنازل الأفراد كلياً ونهائياً عن حقوقهم وحرياتهم للشخص الحاكم الذي يتولى المحافظة على المجتمع.

2/ لوك: تنازل الأفراد عن جزء من حقوقهم لحماية الجزء الأخر للسلطة الحاكمة دون أن يفقدوا حرياتهم.

3/ روسو: تنازل الأفراد عن حقوقهم وحرياتهم للجماعة لإنشاء الإرادة العامة ومن ثم تنشأ الدولة التي تعبر عن الإرادة العامة.

إلتزامات العقد:

1/هوبز: على الأفراد إطاعة الحاكم ما دام قادراً على توفير الأمن لهم والحاكم غير ملزم بنصوص العقد لأنه لم يكن طرفاً فيه.

2/ لوك: على الحاكم الالتزام بنصوص العقد واحترام حقوق وحريات الأفراد ويجوز الثورة عليه إذا خالفها.

3/ روسو: وجوب خضوع الأفراد والحاكم للإرادة العامة.

صاحب السيادة:

1/ هوبز: السيادة قد تكون لفرد أو مجموعة والشعب تنازل عنها ولا يمكن استرجاعها.

2/ لوك: الشعب أو الأغلبية هم أصحاب السيادة وهو يستطيعون استعمالها متى أرادوا وهي تتمثل في السلطة التشريعية.

3/ روسو: الإرادة العامة صاحبة السيادة وتمارسها بصورة مباشرة من خلال الاجتماعات العامة وسيادتها هذه دائمة ومستمرة.

طبيعة السلطة:

1/ هوبز: السلطة هي التي تخلق المجتمع وتوحد الحقوق

2/ لوك: للشعب حق اختيار السلطة التي تحكمه وله الحق في تغييرها.

3/ روسو: السلطة الحاكمة هي وكيل عن الشعب لتنفيذ رغبات الإرادة العامة.

نظام الحكم:

1/ هوبز: نظام الحكم استبدادي والسلطة فيه مطلقة للحاكم.

2/ لوك: نظام الحكم تمثيلي ديمقراطي والسلطة فيه مقيدة برأي الأغلبية.

3/روسو: نظام الحكم ديمقراطي مباشر والسلطة فيه مطلقة للإرادة العامة.

الفكر السياسي

يتناول الفكر السياسي تاريخ الأفكار التي قدمت لمعالجة الظواهر السياسية.

الفكر السياسي القديم لدى اليونانيين
تأثر الفكر اليوناني بالبيئة التي ظهر فيها سواء كانت اجتماعية أو جغرافية أو سياسية. و لم يقتصر الفكر اليوناني على الأفكار السياسية فقط بل قدم العديد من الإسهامات في الرياضيات والفلسفة وغيرها.

دولة المدينة :كانت المدن اليونانية تتناثر على الجبال مما أتاح لهذه المدن الفرصة في الاستقلال والسعي للاكتفاء الذاتي ، ومن أشهر هذه المدن أثينا واسبارطة.

الحياة الاجتماعية في دولة المدينة :

كانوا يعيشون حياة قبلية ممزقة ، وكان يرأس كل قبيلة زعيم ويطلق عليه لقب ملك لأن نظامه كان وراثياً . ومن هذه القبائل نشأت دولة المدينة وتعني مجموعة المباني العامة والمساكن الخاصة التي تكون المدينة ، وقد امتد هذا المفهوم ليصبح مفهوماً سياسياً يشمل أراضي واسعة خاضعة للمدينة. وأهم ما يميز حضارة هذه المدن تلك الثقافة المشتركة التي كانت تجمع بين اليونانيين ، وكذلك تماسكهم وشعورهم بالتفوق وتمايزهم عن غيرهم.

النظام الطبقي :

يقسم هذا النظام المجتمع إلى ثلاث طبقات رئيسية متميزة عن بعضها من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، و كانت في صورة هرم قاعدته طبقة الأرقاء وفي وسطه طبقة الأجانب وعلى رأسه طبقة المواطنين.

طبقة المواطنين:

هم أعضاء المدينة من اليونانيين ، ولهم حق المشاركة السياسية إلي جانب الحقوق الإنسانية .
طبقة الأجانب:

من لا ينتمي إلى أب أو أم يونانيين ، وهؤلاء يحرمون من ممارسة النشاط السياسي رغم كونهم أحراراً .
طبقة الأرقاء:

هذه الطبقة لها وزنها في دولة المدينة ، حيث تمثل الأغلبية في المجتمع وهي محرومة من ممارسة أي دور سياسي ، ومن الحقوق الإنسانية أيضاً.

النظام السياسي :

يتكون من ثلاث مؤسسات رئيسية :

1- الجمعية : تتكون من جميع المواطنين الذين تبلغ أعمارهم عشرين عاماً ، وقد اختصت بوظائف عديدة منها الوظيفة التشريعية والتصويت علي وظائف الحكم ومراقبة مجلس الخمسمائة.
2- مجلس الخمسمائة : يتكون من خمسمائة عضو ويجب أن يكون عمر العضو ثلاثين عاماً ، ويتولى هذا المجلس السلطة التشريعية والتنفيذية .
3- المحاكم : تمثل السلطة القضائية وعدد أعضائها حوالي 6000 عضو ينتخبون لمدة عام .

الفكر السياسي الروماني

لمحة تاريخيه:.

ظهرت روما في بداية عهدها كدولة مدينة مكونه من عدة قبائل تسكن التلال المحيطة بها ، وكانت لها حكومة ملكية ولها مجلس شيوخ استشاري وجمعية عامة مكلفة باختيار الملك. وهي بذلك كانت تشبه نظام دولة المدينة القائم في المدن اليونانية وأخذت روما في التوسع لتقيم إمبراطورية واسعة تعتمد على الحكم الديكتاتوري ، ومع تزايد الولايات والشعوب كان لابد من إرساء قواعد النظام القانوني الذي يساعد في إدارة هذه الإمبراطورية فظهر (( قانون الشعوب)) الذي استمد قواعده من المبادئ العامة والمثل القانونية السائدة ، و بموجب هذا القانون أعطي سكان الولايات التي تخضع للإمبراطورية صفة المواطنين ، وفي ظل هذه الأوضاع ظهرت الفلسفة الرواقية .

الفلسفة الرواقية:.

تـأسست المدرسة الرواقية سنة 300 قبل الميلاد ومؤسسها زينون من أهالي فينيقيا وقد عاش لفترة في أثينا ..
تنظر الفلسفة الرواقية إلى أن كل الأشياء هي في الأصل أجزاء من نسق واحد تطلق عليه ((الطبيعة)) ، وتهتم هذه الفلسفة بالقوة العقلية وتعتبرها أشرف صفات البشر ، وقد قدمت هذه الفلسفة فكرة الدولة العالمية باعتبارها الدولة المثالية التي يتساوى فيها جميع الناس ولهم حقوق المواطنة ، وأن التمييز فيها لن يكون إلا على أساس العمل الصالح ، ولهذا فهي تدعو إلى الشعور بالإنسانية وتطالب بإلغاء الرق كما تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة وتدعو إلى طهارة الأسرة والإحسان للآخرين .

الفكر السياسي في العصور الوسطى

الفكر المسيحي في العصور الوسطى

لمحة تاريخية:.

بدأت الديانة المسيحية في الانتشار في وقت ازدهار الإمبراطورية الرومانية ، وقد كانت بداية انتشار المسيحية بين صفوف الطبقات الدنيا في المجتمع التي آمنت بها كنتيجة منطقية لمناداة هذه الديانة بمبدأ المساواة بين كل الناس ، ولكن مع مرور الوقت وحين بدأت الإمبراطورية في الضعف والانهيار تدريجيا أخذت المسيحية في الانتشار بين كافة الطبقات ولكن بعيدا عن الحياة السياسية نتيجة لإيمان آباء الكنيسة الأوائل بضرورة طاعة الحاكم تنفيذا لوصية السيد المسيح عليه السلام (( دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)) ، وبقي الوضع كذلك إلى أن اعترف الإمبراطور قسطنطين بالمسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية، وتزايد دور الكنيسة مع ضعف الإمبراطورية وتناقصت سلطة الأباطرة بحيث أصبحت سلطة الكنيسة موازية لسلطة الإمبراطورية .

أزدواج السلطة (( ونظرية السيفين)):.

ظهرت المسيحية كحركة دينيه لها نظامها المستقل عن الدولة وكانت هي المسئولة عن النواحي الروحية وتسعى لتخليص الإنسان من الخطيئة ، وكانت تنظر للدولة كمؤسسة مستقلة تستمد سلطتها من الله مما يستوجب خضوع الكنيسة لسلطتها . ولكن مع تعاظم دور الكنيسة وتمتعها بسلطة منافسة لسلطة الإمبراطور طرحت الكنيسة فكرة ((الولاء المزدوج)) والتي تدور حول وجوب خضوع المسيحي لنوع من الولاء المزدوج انطلاقا من ازدواج طبيعته فالإنسان يتكون من روح وجسد والروح تتوجه بالولاء نحو خالقها والذي تظهر سلطته في الأرض من خلال الكنيسة أما الجسد فيتوجه بولائه إلى السلطة الدنيوية ممثله في الحكومة الإمبراطورية ، وهكذا خرجت إلى الوجود((نظرية السيفين أو ازدواج السلطة )) على أساس وجود نوعين من الوظائف في المجتمع :.
1- وظائف خاصة بالقيم الروحية والأخلاقية وتتولاها الكنيسة وتراقبها .
2- وظائف تتعلق بالمحافظة على الأمن والنظام وتحقيق العدالة وتتولاها الحكومة.

الفكر السياسي الإسلامي

اتسم الإسلام بمسحة شمولية تغطي جوانب الحياة المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا لمجتمع معين ولكن للمجتمعات الإنسانية كافة ، ومع هذا فان القرآن الكريم المصدر الأصلي والأساسي للإسلام والسنة النبوية الكريمة لم يتعرضا إلي تفاصيل الدولة الإسلامية وأساليب الحكم فيها ، وإنما اقتصرا علي تحديد الأسس الثابتة والمبادئ العامة في هذا المجال .
وبعد توسع الدولة الإسلامية وتعانقها مع الحضارات الأخرى وضحت الحاجة لوجود مفكرين وفقهاء مسلمين لمعالجة الأوضاع السياسية التي استجدت فظهرت فئة من الفقهاء وعلماء الدين الذين أولوا سياسة الحكم الإسلامي نصيباً من آرائهم واجتهاداتهم وفتاواهم مثل أبن حزم الأندلسي والماوردي في كتابه (( الأحكام السلطانية)) و أبو حنيفة (كأحد الفقهاء الذين تعرضوا لظاهرة السلطة بالتحليل والانتقاد) و الفارابي في كتاب (( آراء أهل المدينة الفاضلة)) وابن رشد وإخوان الصفا وابن خلدون في كتابه المقدمة ، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الأدباء والكتاب الذين تعرضوا لظاهرة السلطة في كتاباتهم الأدبية .

التراث السياسي الإسلامي:.

تشير كلمة السياسة في تقاليد الحضارة الإسلامية إلي عدة معاني ، ومن هذه المعاني التي تعارف عليها المفكرون المسلمون:.

1- السياسة بمعنى الرئاسة أو القيادة والتوجيه.
2- السياسة بمعنى التعاليم أو قواعد الحركة.
3- السياسة بمعنى أداة أو أسلوب معين من أساليب الحكم يقوم على قواعد معينة تميزه عن الأساليب الأخرى.

تطور النظام السياسي الإسلامي:.

مر النظام السياسي الإسلامي بمراحل متعددة منها:.

1- مرحلة المدينة الدولة وتمتد منذ سنة 622م حتى سنة 632 والتي كان الحكم فيها للرسول وكان المصدر الإلهي أساس القواعد السياسية .
2- مرحلة الدولة الإمبراطورية وتمتد حتى سنة 750 م .
3- مرحلة الدولة العالمية.

أمـا المراحل الأخرى اللاحقة فقد مثلت نوعاً من اللامركزية.

موضوعات الفكر السياسي الإسلامي

(1) نشأة الدولة ووظيفتها :.

هناك ثلاث نظريات لنشوء الدولة :.
1- النظرية العقدية ويقدمها الفارابي .
2- نظرية التطور القبلي ويقدمها الغزالي.
3- نظرية العصبية ويقدمها ابن خلدون.

(2) نظام الحكم :

لم تتعرض المصادر الأساسية في الإسلام كالقرآن والسنة النبوية لم تتعرض لتفاصيل نظام الحكم وسياسته ، وإنما اقتصر دورها على تحديد بعض المبادئ العامة والأسس الثابتة التي يجب أن يقوم عليها النظام السياسي الإسلامي ، ومن هذه الأسس :

1- السيادة أو الحاكمية لله :

تعنى صاحب السلطة العليا في المجتمع والدولة , وفي الدولة الإسلامية هناك إجماع على أن السيادة لله وحده . و يتبع عملية الاعتراف بالسيادة والحاكمية لله وحده ضرورة التقيد بشرعه وتعليماته التي يحددها الدستور الإسلامي في مصدرين أساسين وهما القرآن والسنة النبوية حيث يقول تعالى ” فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ” ، هذا بالإضافة إلى مجموعه من المصادر الثانوية أو الوضعية مثل الإجماع والاجتهاد والقياس ونهج الصحابة الأوائل .

2- العدالة :

تشكل العدالة بمعنى الحياد وعدم التحيز المبدأ الأصيل الذي يقوم عليه النظام السياسي. ويقوم هذا المبدأ على إعطاء كل ذي حق حقه ، وأخذ مفهوم العدالة من قوله تعالى ” وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ” ، وقد اعتبرت العدالة شرطاً ضرورياً من شروط الإمام .
3- الشورى :

وتعنى تقليب الآراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة واختبارها من أصحاب العقول والأفهام حتى يتم التعرف والوصول إلى أصوبها وأحسنها للعمل به , والشورى واجبة على الحاكم وليست اختيارية .تطبيقاً لقوله ” وشاورهم في الأمر ” ولكن يجب أن يفهم بان وجوبيه الشورى تتعلق بالأمور التي لم يرد فيها نص .
4- المساواة:

ينظر الإسلام إلى البشرية على إنها شعب واحد . ويقرر الإسلام مبدأ المساواة بصوره مطلقه بغض النظر عن اللون أو الجنس أو اللغة أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية , وتقوم المساواة في النظام السياسي الإسلامي على أساس أن الناس متساوون أمام القانون وأن المساواة تكون في الحقوق والواجبات .

(3) الخلافة :

كانت الخلافة الإسلامية من أهم القضايا التي شغل بها الفكر السياسي الإسلامي وثار حولها جدل طويل وصراعات مريرة ، و يدور هذا الصراع حول جملة من الموضوعات نذكر منها:
أ*- معنى الخلافة :

أخذ مصطلح الخلافة عده مفاهيم منها منها ما أورده المارودي في كتابة ” الأحكام السلطانية ” ، وعرفت الخلافة بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية .. فهي خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا .

ب*- وجوب الخلافة :

اتفق العلماء المسلمون على ضرورة السلطة ووجوبها سواء من اعتبر وجوبها شرعا أم وجوبها كحتمية اجتماعية ، ويدلل على ضرورة وجود السلطة في المجتمع قول الرسول (ص) ” إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا احدهم ” .
ج*- أسلوب تولى الخليفة وشروطه :

أن يكون مسلماً بالغاً يتمتع بالحرية وسلامه الحواس والأعضاء وهذا بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة منها :
1- العلم 2- العدل 3- الكفاية
واختلف الفقهاء المسلمون في تحديد شرط آخر وهو النسب القرشي .
سلطات الخليفة :يلاحظ المراقب لسلطات الخليفة في الدولة الإسلامية بأنها سلطات شمولية تمتد بنشاطها ونفوذها إلى جميع مجالات الحياة ذات الطابع العام المتصل بمجموع الأفراد وجماعتهم سواء كانت هذه المجالات فكرية أم اقتصادية أم اجتماعية .
(4) العلاقة بين الحاكم والمحكوم :

يقر الإسلام بواجب الطاعة والولاء من قبل المحكومين للحكام . وان طاعة الحاكم فرض من فروض الإسلام وهي طاعة مقيدة وليست مطلقة ، أي ما دام ملتزما بتطبيق الشريعة الإسلامية وقائما على العدل بين الناس , كما يطلب الإسلام أيضا من الحاكم أن يخضع لإرادة الشعب وأخذ رأيه في المشورة وأن هناك شبه إجماع على إمكانية مقاومة الحاكم المستبد الخارج عن شريعة الله إن لم تؤد هذه المقاومة إلى فتنة .

المفكر الإسلامي “ابن خلدون”

منهجه وطريقة بحثه :

كان جل اهتمامه بالتاريخ وفلسفته ويصنف ابن خلدون كأول مؤرخ حاول أن يضع أسس علمية للحوادث التاريخية واستخرج القوانين الطبيعية لقيام الدول وزاولها وكان يرى أن مهمة المؤرخ ليس سرد الوقائع فحسب بل عليه البحث عن الأسباب والعلل التي تنشئ هذه الأحداث .
ويمكن تحديد خصائص المنهج العلمي الذي اتبعه ابن خلدون :
1- اعتماد الملاحظة المستندة إلى الخبرة الشخصية .
2- هدف ابن خلدون في دراساته إلى الوصول لقوانين وقواعد عامه بمعنى علاقات ارتباطيه بين الظواهر ونتائجها .

نظرته للمجتمع ونشأة الدولة :

يتفق ابن خلدون مع النظرة اليونانية في أحد جوانبها في تبرير نشؤ الدولة . أي أن ابن خلدون يري بأن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يستطيع أن يعيش منفردا ولابد له من الاحتكاك بغيره من الناس سواء في شكل أفراد أسرته أو أفراد قبيلته , ولكن نتيجة طبيعية الإنسان الفردية والأنانية والميل للعدوان في نفسه احتاج الإنسان لوجود سلطه أو جهاز حاكم يقوم بتنظيم المجتمع الذي يطلق علية اسم الدولة .
ويخضع ابن خلدون الدولة في تطورها إلى خمس مراحل وهي :
1- طور النصر والاستيلاء .
2- طور الفراغ والدعة .
3- طور الاستبداد والانفراد بالسلطة والتنكر لأهل العصبية .
4- طور القناعة و المسالمة .
5- طور انقراض الدولة و زوالها نتيجة الإسراف والتبذير .

العصبية ونظام الحكم :

أهم ما يميز نظرة ابن خلدون لنظام الحكم وتطور شكل السلطة ذلك الربط أو العلاقة بين السلطة وفكرته عن العصبية , وتعني كلمة العصبية : ” تلك العلاقة التي تتحدد على أساس النسب والأصل بحيث تخلق نوعا معينا من التضامن العائلي الذي يوجد مجموعه من الحقوق ويفرض طائفة معينة من الالتزامات “.

أنواع الحكومات عند ابن خلدون :

1- الحكومة الطبيعية : ” حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة “
2- حكومة الملك : وهي التي تقوم ” حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع الضار “
3- الحكومة الدينية وهي ” حما الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية … وهي في الحقيقة “خلافة صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسية الدنيا “.




السلام عليكم
حاولت انسخ الكلام بس مو راضي ابيه محتاجته
وش المشكله!

تم نسخ الموضوع في ملف وورد

يمكنكم التحميل من المرفقات في اسفل هذا الرد


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الفكر السياسي في العصور الوسطى

الفكر السياسي في العصور الوسطى[CENTER]

مقــدمة تعليم_الجزائر

أظهر تطور الفكر والتفكير في الميدان السياسي مدى تقدم الإنسان والمجتمعات البشرية ومدى تأثير التراكمات المعرفية الكمية والنوعية في هذا التطور ، كما دل على أهمية التجارب التي يمر بها البشر في صنع الحضارة وتأمين الأفضل لحياة الإنسان والمجتمعات ، و أظهر أهمية دور إبداعات المفكرين في هذا التطور.
إذ أن العلاقة الجدلية ما بين التراكمات المعرفية والظروف الخاصة للمجتمع وإبداع المفكرين هو الأساس الذي قامت وتقوم عليه التطورات المتلاحقة في الفكر وفي الفعل الحضاري ،فقد كان تقدم الفكر السياسي كما الفكر الإنساني بشكل عام*نتاجا لتلك التراكمات المعرفية الكبيرة وللتجارب التي مرت بها كل الأمم، كل واحد ة حسب ظروفها الخاصة، حيث كانت الحضارة تلو الأخرى تشارك بدورها في صنع الأفضل للإنسان، وذلك من خلال إبداعات المفكرين في الحضارات المختلفة.
وإذا كان الإنسان يتعلم من التجارب المتلاحقة ويتطور في فهمه وإدراكه ، فإن الفكر الإنساني ، ومنه الفكر السياسي مازال حتى الآن ينمو ويتطور مستندا دوما إلى التراكمات المعرفية المتلاحقة التي تصنعها الشعوب المختلفة ويبتدعها المفكرون ، والتي تشكل دوما أرضية إنطلاق لأفكار جديدة أيا تكن مجالاتها وميادين أبحاثها،وقد تبين بشكل واضح أن الفكر السياسي بدأ خطواته الفكرية ورؤاه الفلسفية الأولى في الإجابة عن التساؤلات المختلفة بأفكار أسطورية غيبية،وصولا إلى الأساطير المختلفة والمتعددة بالإجابات حول كل القضايا بما فيها السياسية، وهو ما كان موضوع دراستنا : "الفكر السياسي الروماني " فكانت كل حضارة تغتني بأفكار وتجارب تقدم منها، وفق بنيتها الذهنية أجوبتها الخاصة عن التساؤلات المتعددة حول الكون والمجتمع والإنسان ومنها التساؤلات السياسية كذلك (*)
ويمكن القول أن الحضارة اليونانية ساهمت بشكل بارز في تطوير ونهضة الفكر السياسي البشري، بحيث تمثلت القضية المحورية التي إنشغل بها الإغريق في طبيعة العدالة وماهية النظام السياسي الفاضل، ثم من بعدها الحضارة الرومانية صحيح أن هذه الأخيرة لم تتمكن من التوصل إلى مستوى الإبداع الفكري الذي بلغته الحضارة الإغريقية
من قبلها، غير أن إبداعها تجلى بإمتياز واضح في المجالات العملية ، سواء من الناحية الفكرية على صعيد القانون والإدارة ، أم من ناحية
الإبداعات الفنية والمعمارية التي لازالت أثارها ماثلة للعيان حتى يومنا هذا في أماكن متعددة من المناطق الواقعةعلى المتوسط ولاشك بأن الحضارة الرومانية قد مثلث محطة هامة جدا في تاريخ الحضارة البشرية.
فالرومان نبغوا في القانون بحيث أصبحوا في هذا الميدان قدوة لغيرهم على مر الأجيال ولا تزال أثار قوانينهم قائمة في العصر الحديث،فإنهم على عكس ذلك من الناحية الفلسفية إذ لم تكن للرومان فلسفة سياسية أصيلة نابعة من بيئتهم وثمار فكرهم الحر وإنما اعتمدوا في هذا المجال على الفلسفة اليونانية ونهلوا من مواردها ونسجوا على منوالها وتأثروا بكثير من مبادئها. فالحضارة الرومانية تأثرت بالحضارة اليونانية ونقلت عنها وأفادت منها كما نقلت عن الحضارة الشرقية القديمة مثل الحضارة المصرية البطليموسية والحضارة الفارسية ، فالرومان لم يخلقوا ولم يخترعوا كل نظمهم وإنما أخذوا من الحضارات القديمة والمعاصرة لهم والسابقة عليهم ما يتفق مع ظروفهم وأوضاع بلادهم وصبغوا ما تلقوه عن الغير بصبغتهم الخاصة وهي صبغة عملية.
وقد قطعت الحضارة الرومانية في تاريخها السياسي عدة مراحل حتى تمكنت من الوصول إلى تأسيس إمبراطورية ضخمة ذات سلطان خطير على المستوى الداخلي والخارجي وقد عرفت في تطورها هذا أشكالا مختلفة للحكم وأوضاعا دستورية متباينة، ولكي نوضح ذلك نشير بإيجاز إلى مختلف المراحل التي قطعتها الحضارة الرومانية في نظامها السياسي ثم إلى أبرز المفكرين السياسيين في روما القديمة وهما بوليبيوس وشيشرون.

 المبحث الأول : النظام السياسي الروماني

مرت الحضارة الرومانية في تاريخها السياسي الطويل بمراحل عدة ، حتى وصلت إلى تأسيس إمبراطورية مترامية الأطراف ذات سلطان ضخم وخطر في الداخل والخارج ، وقد عرفت روما في تاريخها أشكالا للحكم مختلفة وأوضاعا دستورية متباينة فقام فيها النظام الملكي والنظام الجمهوري وفي ظل هذين النظامين وجدت حكومات فردية ، وحكومات أقلية (أرستقراطية و أوليغارشية ) ثم حكومات ديمقراطية ، لكن فكرة الديمقراطية هذه لم تستطيع أن تثبت جذورها في روما لأسباب ترجع إلى طبيعة الرومان وتعلقهم الشديد بالتقاليد الموروثة وعدم تحمسهم للمبادئ الخلابة ( كانوا عكس اليونانيين ) ولم يكن الرومانيون يحفلون بالنظريات والمذاهب السياسية والأفكار المثالية، التي شغل اليونانيون أنفسهم بها وإنما اهتموا بالنواحي العلمية والواقع الملموس ، ولما انهارت طبقة المزارعين التي هي عماد الديمقراطية المستقرة لم يثبت في روما نظام ديمقراطي سليم (1) .
وينقسم تاريخ الدولة الرومانية ، منذ تأسيسها في القرن 8 ق.م إلى ثلاث فترات متتالية وهي كالتالي:

المطلب الأول: فترة الحكم الملكي

بدأت هذه الفترة مع تأسيس مدينة روما في عام 753 ق.م على يد الملك رومولوس (romolus) حسب رواية الأساطير الرومانية ، (2) فلم تكن الملكية في عصورها الأولى وراثية ،بل إن الملك كان يختار قيد حياته من يخلفه في تدبير شؤون المملكة ، وإن مات الملك دون أن يقوم بتعيين خلفه يتم الرجوع إلى مجلس الشيوخ الذي يختار من يتولى سلطة الحكم وكانت سلطات الملك مطلقة وشاملة لكافة الاختصاصات مع وجوب إحترامه للعرف (3) .
أما مجلس الشيوخ فقد كان مكونا من رؤساء القبائل كما أن سلطات هذا المجلس كانت تتمثل في المصادقة على قرارات المجلس الشعبي ، وكان مجلس الشيوخ إضافة إلى ذلك بمثابة مجلس استشاري للملك ، دون أن يكون هذا الأخير ملزما بالأخذ برأي هذا المجلس .
أما الهيئة الثانية فهي مجلس الشعب فقد كان المجلس يضم الرجال الأحرار ويذهب البعض إلى إضافة صفة القدرة على حمل السلاح إلى هؤلاء الرجال فهم وحدهم المواطنون، أما صلاحية هذه الهيئة فكانت في الواقع تختلف من عهد إلى آخر إلا انه يمكن القول بأن من وظائفها إقتراح القوانين وتقرير السلم والحرب وكذلك عقد المعاهدات(4).
وتقسم فترة الحكم الملكي إلى مرحلتين :

المرحلة الأولى : حكم ملوك الرومان الأصليين وتقول الرواية التي تناقلها المؤرخون القدامى أن روميلوسromulus وأخاه ريموس remos أسسا مدينة روما ، وعندما قُتـِلَ هذا الأخير على يد
أخيه، حكم روميلوس بمفرده وتعاقب بعده ثلاثة ملوك من أصل روماني حتى الغزو الإتروسكي لإيطاليا (5) .

المرحلة الثانية : حكم الملوك الإتروسكيين الذين وفدوا من آسيا الصغرى وأحكموا السيطرة على روما ، وهناك بعض الروايات تقول إنهم من مؤسسيها أيضا ، الذين نقلوا حضارتهم إليها وكان آخر ملوكهم يدعى تاركان العظيم الذي حكم حكما ديكتاتوريا على كافة الشعب الأمر الذي أثار قلق الأشراف الذين ثاروا عليه بمساندة اليونان ،والذين تمكنوا من السيطرة على البلاد في العهد الجمهوري اللاحق (6) .

المطلب الثاني : فترة الحكم الجمهوري.

على إثر تمرد الرومانيين على هيمنة الاتروسك عام 509 ق.م ، تخلوا عن النظام الملكي واستبدلوه بنظام جمهوري وذلك بإحلال حاكمين على رأس السلطة التنفيذية محل الملك ، ويسميان "بالقنصلين" ويتم انتخابهم سنويا من لدن المجالس الشعبية ، ويتناوبان على الحكم شهرا لكل واحد منهم (7).
وقد شهدت فترة الجمهورية هذه صراعا مريرا بين طبقة الأشراف و الطبقة الشعبية لمدة طويلة تجاوزت القرنين من الزمن ، وإستطاعت هذه الأخيرة ( الطبقة الشعبية )أن تحقق بعض الإمتيازات التي إنتزعتها من طبقة الأشراف عام 494 ق.م مما أرغم مجلس الشيوخ على المصادقة على إلغاء الديون التي تراكمت على العامة ، وفي أواسط ق 15 تمكنت كذلك من تحقيق إنتصار آخر وهو فرض إيجاد قوانين مكتوبة وواضحة ومعلومة من الجميع بدلا من القانون العرفي الذي كان موضوعا تحت هيمنة الأشراف والكهنة الذين كان لهم وحدهم الحق في تفسيره وتأويله (8) .
إن تغيير نظام الحكم من الملكية إلى الجمهورية أدى إلى إنتقال سلطة الملك إلى هيئة جديدة تقوم بتدبير شؤون الجمهورية . ولو قارنا سلطات القنصل بسلطات الملك يتبين 1لنا بأنها تضاءلت إلى حد كبير ،فبعدما كانت السلطة الدينية مثلا من اختصاص الملك إبان فترة الحكم الملكي ، نجدها أصبحت من إختصاص الكهنة في فترة الحكم الجمهوري هذا إضافة إلى أن فترة حكم القنصل تعد أقل من الفترة التي كانت للملك أبدية ، ثم إن مركز القنصل يعد أضعف بكثير من المركز الذي كان يشغله الملك.

المطلب الثالث : فترة الحكم الإمبراطوري.

ظهر هذا النظام مع توسيع روما وضمها لأراضي شاسعة وشعوب متعددة ولم يعد بمقدور النظام الروماني إدارة هذه الإمبراطورية الضخمة.وكانت الإرهاصات الأولى لبداية النظام الإمبراطوري مع" يوليوس قيصر 101 – 44 ق.م "الذي إستولى بحد السيف على السلطة ، تم جاء بعده إبنه بالتبني أوغستAUGUST 27 ق.م الذي أصبح إمبراطورا وإتسم نمط الحكم هذا بإحلال إمبراطور ذي سلطات مطلقة محل القنصلين ، وكان ينظر له وكأنه إلاه أو ابن للإله قبل ظهور المسيحية ، وهوالذي كان يشرف على الشؤون الخارجية وعلى الجيش وله صلاحيات قضائية واسعة ، وكان يستعين في عمله هذا بمجلس إستشاري يعين أفراده بنفسه من أقربائه وكبار موظفيه ومن أصحاب الخبرة والاختصاص(9).
وهناك من يميز بين عصرين من الإمبراطورية .

 عصر الإمبراطورية العليا :
أعلن قيامها أكتافيوس بعد انتصاره على خصمه أنطونيوس وحليفته كليوباترة وكان ذلك في سنة 27 ق.م وإنتهت بذلك الحروب الداخلية الأهلية كما توقفت فتوحات روما الخارجية ، وأصبح ذلك العصر عهد سلم ، وتغير نظام الحكم من جمهوري إلى حكم فردي مطلق من حيث الواقع :لأن الإمبراطور رئيس الدولة استأثر بكل مظاهر السلطة تقريبا وجمعها في يده .
وعلى إثر ذلك تم تقليص سلطات مجلس الشيوخ وسلبت منه اختصاصاته وبالرغم من استمرار قيام المجالس الشعبية إلا أنها أخذت تفقد سلطاتها التشريعية بالتدريج حتى أندثرت تلك السلطة في نهاية ق الأول م (10).

 عصر الإمبراطورية السفلى ( العصر البيزنطي ).
قامت هذه الإمبراطورية على يد الإمبراطور" دوقلديانوس "، سنة 284 م بعد أن سادت الفوضى العسكرية وتدهورت الحالة الإقتصادية في أواخر عهد الإمبراطورية العليا.وقد تأكد في ذلك العصر نظام الحكم الفردي المطلق الإستبدادي إذ تركزت السلطة
السياسية في يد الإمبراطور وإندثرت تماما إختصاصات الحكام الآخرين ومجلس الشيوخ و المجالس الشعبية وثم فصل المدينة عن السلطة العسكرية ،وساد نظام الإدارة المركزية لكن الإمبراطور دوقلديانوس أحدث تعديلا جوهريا في النظام الإداري للإمبراطورية إذ لاحظ إتساع رقعتها وكثرة ولايتها وظهور تيارات ونزعات إنفصالية في أقاليم الدولة ، فقام بتقسيم الإمبراطورية إلى أربعة أقسام إدارية كبرى يرأس كل إقليم إداري حاكم إداري عام يحمل لقب أوغسطس أو قيصر وبهذه الوسيلة أصبح حكام الإمبراطورية أربعة أشخاص يحمل اثنان منهم لقب أوغسطس والإثنان الآخران يحملان لقب قيصر ويعتبران أقل درجة من الأولين ويحلان محلهما في حالة العجز عن العمل (11)

 المبحث الثاني : أسس الفكر السياسي الروماني .

إذا كان اليونانيون يفكرون بطريقة فلسفية وأخلاقية، فالرومانيون يفكرون بطريقة حقوقية وقانونية ، وإذا كان اليونانيون يفتخرون بفلاسفتهم وفلسفتهم فالرومانيون يفتخرون بقانونهم وقوانينهم هذه الصبغة القانونية التي إندمجت مع فكرهم السياسي ، ترجع لإعتبارات عملية تتعلق بالمشاكل والتحديات المترتبة على التعامل مع دولة ذات أعراف متعددة ومترامية الأطراف ، فكان لابد من بحث دقيق عن توازن يحفظ للدولة إستمراريتها وإستقرارها ، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق القانون الدقيق والمنظم.
وقد تأثر القانون الروماني منذ نشأته وتطوره بالواقع الاجتماعي والفكري حيث كان في بدايته يختلط بالدين والسحر والعادات… فالقانون كان في البداية جزءا من الديانة وقانون المدينة هو شعائرها وفرائضها الدينية ، فكانت شخصية رجل الدين تختلط بشخص الحاكم أو القاضي ، وأحيانا تتجسد في شخص واحد وقد عرف الفقيه أوليبانوس القانون بأنه:" المعرفة بالأمور الإلهية والأمور الإنسانية والعلم بما هو عدل وما هو ظلم " .
لكن مع تطور الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية تطور القانون الروماني حيث تم التمييز بين الدين والقانون ،فأصبحت القواعد القانونية من صنع البشر وتهتم بتنظيم الروابط بين أرباب الأسر والعشائر داخل المدينة، أما القواعد الدينية فهي أوامر صادرة من الآلهة لتنظيم الصلة بين الإنسان وربه(12) .
أما مصادر القانون الروماني فكان البعض منها مستمد من رجال القانون الرومانيين ، والآخر مستمد من أفكار الرواقية إلا أن التحول العام في المنحى الفكري القانوني والسياسي يعود الفضل فيه إلى أفكار المدرسة الرواقية فقد أعطت المدرسة الرواقية لروما الإيديولوجية التي تنقصها وتنتظرها ، أي جاءت الفلسفة الرواقية ودعوتها إلى العالمية والقانون الطبيعي الإلهي لتضفي صبغة شرعية على الهيمنة الرومانية على الشعوب الأخرى ، والفضل يعود تحديدا إلى Panituis170-110 ق.م الذي خلق نوعا من المصالحة بين الفكر الرواقي والفكر الروماني
الأرستقراطي العلمي ، وكان للعلاقة التي أقامها الرواقيان بنائيتوس وبوليبيوس مع الطبقة الرومانية دورا في تسرب الفكر إلى الطبقة الرواقية الحاكمة بروما، وكانت أهم تأثيراتها تتجسد في القانون الطبيعي وفكرة الدولة العالمية وهما ما ظهرا في أفكار كل من بوليبيوس وشيشرون (13).

المطلب الأول : الفكر السياسي عند بوليبيوس

جاء بوليبيوس بتبرير التاريخ ، وذلك حين جيء به إلى روما كرهينة في سنة 168 ق.م فعومل كصديق وأطلق صراحه سنه 146 ق.م وعاش صديقا لأدباء ومفكرين رومان ، وجعل من نفسه أول منظر للدستور الروماني في كتابه " التواريخ " وفيه حلل الدولة الرومانية وبذات الوقت يعرف أفضل حكومة (14) .
حاول كتابة التاريخ الروماني والفتوحات بشكل منهجي وعالج النظام السياسي الروماني في مجده ، وربط في روما بين النظام السياسي والعسكري ،إستوحى أكثر أعماله من أعمال أرسطو الذي إستعار منه التصنيف السداسي للدساتير، وجعل أهداف السياسة الحقيقية :الفضيلة والحكمة في الحياة الخاصة والعدالة في الحياة العامة .ولقد بحث في كتابه " تواريخ histoires "عن تفسير لأسباب رفعة روما التي أخضعت في نصف قرن تقريبا كل الأرض المسكونة ، وقد وجده في دستورها الذي جعل منه النقطة المركزية في مؤلفه ، فكتب :" إن الأشكال الثلاثة للحكم كانت ممزوجة في الدستور الروماني وحصة كل منها كانت محسوبة بدقة ، فكل شيء كان ممزوجا فيه بإنصاف ، بحيث أن أي شخص ، حتى من بين الرومانيين ، لم يكن يستطيع القول إن كان الدستور أرستقراطيا ، أو ديمقراطيا أو ملكيا فلدى تفحص سلطات القناصل يقال عنها نظام ملكي ،وإذا حكم عليه من خلال سلطان مجلس الشيوخ كان بالعكس أرستقراطيا ، وإذا أخذت بالاعتبار حقوق الشعب كان يبدو بوضوح أنه ديمقراطي ".
هذا المديح للدستور المختلط عبر عنه بوليب كما أرسطو بوجود ثلاثة أشكال
أساسية من الأنظمة التي هي : الملكية ، الأرستقراطية والديمقراطية ،وهذه الأنظمة هي نماذج ولكن ليست الوحيدة ،والشكل الأمثل بالنسبة له هو الشكل الذي يجمع بين عناصر هذه الأنظمة الثلاث .
وروما التي إعتمدت هذا النظام يفسر مجدها وعظمتها في تنظيمها الداخلي كما في تنظيمها للفتوحات، هذا التحليل لبوليب ليس موضوعيا إذا إنه يحاول تمجيد عظمة روما وشرح قوتها بعرض الوقائع التي استعملها واستعارها ليثبت برهنته لذلك، لأن العنصر الديمقراطي الذي
تطرق إليه غير موجود، لأن السلطة الفعلية بيد مجلس الشيوخ هي التعبير الأمثل عن الارستقراطية .يؤمن بوليب بأن الحياة السياسية تمر بمراحل أو بطريقة دورية وهي في حركة دائمة، فالتطور يبدأ مع الملكية : حكم الفرد الواحد ، لأن الناس البدائيين وضعوا ثقتهم بشخص واحد لإشباع المصلحة العامة ومبدأ هذا النظام هو المساواة والخير أكثر منه القوة والطغيان ، ولكن مع تطور الحياة تفسد الملكية ، ويستلم الملوك لإغراءات السلطة وينجرون وراء نزواتهم .
وتتحول بالتالي الملكية إلى طغيان، فتثور طبقة النبلاء – القيادة الأفضل بنظر الرعايا – وتتسلم السلطة برضا الناس، لكن هذه الارستقراطية أيضا تفسد عندما يفقد النبلاء الحس العام والمصلحة العامة ويستغلون الشعب فتحل الأوليغارشية محل الارستقراطية،لكن الشغب يثور ضد الأوليغارشيين لأن الأوليغارشية تتطابق مع الطغيان،ويقيم الشعب حكم الديمقراطية التي تفسد وتسيء ، لأن الشعب يبعد الأغنياء ويأخذ مالهم وغناهم ، فيبدأ الصراع الاجتماعي والأزمات والكوارث جراء عدم التوازن والفوضى والغوغائية التي تسود المجتمع ، وبعد كل هذه التجارب يعود الشعب ويسلم نفسه إلى ملك وهكذا تتم الدورة بكاملها : (ولادة- نمو- ذروة ورشد- إنحدار فموت).
من هذا التصنيف نستخلص ثلاثة أنظمة صالحة هي : الملكية المعتدلة ، الأرستقراطية والديموقراطية.يقابلها ثلاثة أنظمة فاسدة هي :الطغيان، الأوليغارشية والديماغوجية.وهذا التقسيم يذكرنا بتقسيم أرسطو .ويعتبر بوليب أن كل نظام يتضمن في داخله عوامل فساده وإنحلاله وكل واحد منها لا يصلح بحد ذاته ليكون نظاما للدولة الصالحة لذلك لا بد من المزج بين هذه الأنظمة والحفاظ على التوازن بينها بواسطة القوى المضادة وهنا يظهر أثر أرسطو وأفلاطون .(15).

 المطلب الثاني : الفكر السياسي عنذ شيشرون 106 – 43 ق.م.

يعد شيشرون أول مفكر روماني ، حاول الإستفادة من التراث الفلسفي اليوناني وتوظيفه في معالجة الإشكالات السياسية التي طرحت خلال المرحلة الأخيرة للنظام الجمهوري ،فشيشرون الذي بدأ مشواره كرجل دولة سنة 76 .ق.م ،نهل من المصادر الأصلية للفكر اليوناني ، كما أن بلاغته المشهود بها كمحام ، جعلته يتبوأ منصب قنصل للجمهورية سنة 63 ق.م قبل أن يعدم بسبب إنخراطه في الصراعات الدامية التي أفضت إلى قيام الإمبراطورية(16) .ومن أهم المؤلفات التي تركها شيشرون والتي تعكس إرادته في تطبيق المبادئ الرواقية على المستوىالسياسي ، نلقى كتابه" في الجمهورية " و " في القوانين " و " الواجب " فضمن هذه المصادر الثلاثة ، يمكن استجلاء تصوره للقانون الطبيعي ، ومدلول تمييزه بين المنفعة المشتركة والشيء العام، وكذلك تأويله المتميز لنظرية الدستور المختلط التي عرفت انتشارا واسعا لدى الأوساط اليونانية المهتمة بإكتشاف سر عظمة روما وأسباب تفوق نظامها السياسي.

ويشكل مؤلف " في الجمهورية " الذي كتبه شيشرون سنة 51 ق.م منعطفا هاما في تاريخ الفكر السياسي الروماني ،فلئن كان مطمح صاحبه هو إعادة كتابة أفلاطون ،وتحيين القضايا والإشكالات التي طرحها هذا الفيلسوف اليوناني – كما يدل على ذلك إختيار عنوان المؤلف- فإن المقاربة التي إنتهجها شيشرون ، كانت تحكمها عقلانية خاصة بفعل تمايز الواقع السياسي في روما ،والمسألة الأولى التي تتصدر مؤلف شيشرون تتعلق بالنظام السياسي الأصلح بالنسبة للدولة الرومانية ، بإعتبار أن شكل الحكم يعد عاملا حاسما لتفسير نجاح أو فشل دولة من الدول .ولقد سبق لبوليبيوس ، هذا المؤرخ اليوناني الذي أصبح رومانيا (عام 201- 120 ق.م )،أن حلل في مؤلفه "تواريخ" دستور روما واعتبره سببا لقوة هذه المدينة ومدى العظمة التي أدركتها .فبوليبيوس الذي أراد فهم وتفسير ضوابط السياسة الرومانية ،إعتمادا على التراث اليوناني ،نوه بفضائل الدستور المختلط وأشاد بمزاياه المختلفة بالنسبة لسير عمل المؤسسات السياسية في روما خلال القرن الثاني قبل الميلاد فالسمة الأساسية للدستور المعمول به ، تتمثل في توزيعه للسلطات داخل الدولة على أساس قاعدة الإنصاف ، بحيث لا تطغى إختصاصات مجلس الشيوخ على الإمتيازات التي يتمتع بها الشعب، كما أن مجالات تدخل القناصلة ، رغم أهميتها ، محددة بكيفية صارمة .
وهذا ما يجعل من الصعب وصف الدستور الروماني ، بالدستور الارستقراطي أو الديمقراطي أو الملكي.وتبرز أهمية هذا الاستنتاج إذا ما انتبهنا إلى أن بوليبيوس لا يعتمد مقاربة قانونية صرفة لإبراز فعالية النظام السياسي الروماني وأفضلية القواعد التي يرتكز عليها ، فلقد كان هدفه هو القيام بمحاولة تركيبية تتألف بفضلها عناصر المنهجية التاريخية والسياسية مع وجهة نظر الفقيه الدستوري .
إنه لا يرشدنا فقط إلى الاختصاصات المعترف بها لمختلف الهيئات السياسية الفاعلة، ولكنه يبرز لنا ما يمكن لهذه الهيئات أن تقوم به فعليا وبكيفية ملموسة ، بحكم العلاقات التي تحكمها موازين القوى التي تحدد مركزها الواقعي .
ولقد اعتمد شيشرون على الخلاصات التي توصل إليها بوليبيوس ، لتطويرنظريته الخاصة حول الدستور المختلط ،بيد أنه إذا كان بوليبيوس قد ألح كثيرا على أهمية وسائل الضغط المتبادلة التي تتوفر عليها الأجهزة المختلفة،فان شيشرون سيركز على ما أسماه بالمداولة العقلانية أو تحولهم إلى مجرد عبيد للسلطة أو ناقمين عليها .
فبإسم واجب السهر على المصلحة العامة ، لم يتردد في قمع كل المحاولات الرامية لخلق الشقاق داخل الدولة ، أو نسف مرتكزاتها الإيديولوجية وهذا ما يفسر موقفه المعادي للمسيحية ،بل ونتقاده حتى لطريقة موت المؤمنين بها فاستشهاد هؤلاء ، لم يكن بالنسبة إليه نتيجة الإقتناع بعقيدتهم الدينية،وإنما هو تعبير عن عناد في معارضة السلطة ورغبة مخالفة للمألوف ،ولقد أدرك جيدا بأن العناية الإلهية التي جعلته يتبوأ منصب إمبراطور روماني هي التي تفرض عليه الإحتراس من الخطر الذي تشكله الدعوة المسيحية ، بحكم تهديدها لإستقرار وأمن الدولة .
فوظيفته كحارس للإمبراطورية ،تضطره للإستئناس مع مختلف مظاهر الرذيلة ، والتعود على الأمور التي لا يحبها ،دون أن ينتابه اليأس أو الإنقباض من البشر فالإنسان الضال " إذا أخطأ ، علمه بين له سبب زلته، وإذا كنت غير قادر على ذلك ،فما عليك إلا أن تعاقب نفسك – ونفسك فقط (17).

الهوامش:
(*) د: عمر عبد الحي : الفكر السياسي في العصور القديمة الإغريقي –الهلنسيتي –الروماني ص. 5 وما بعدها.
1: محمد كامل ليلة : النظم السياسية ( الدولة . الحكومة ) دار النهضة العربية بيروت لبنان ص 381
2 : د. عمر عبد الحي : الفكر السياسي في العصور القديمة : الإغريقي – الهلنيستي- الروماني الطبعة الأولى 2001 ص 305 .
3: د.إبراهيم أبراش : تاريخ الفكر السياسي من حكم الملوك الآلهة حتى نهاية عصر النهضة الجزء الأول ص 108 – 109
(4) د محمد كريم : تاريخ الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى ص 110
(5) د. عادل خليفة : الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى الجزء الأول ص 157 .
(6) د. عادل خليفة : نفس المرجع ص 157 .
(7) د. إبراهيم أبراش : نفس المرجع السابق ص 109 .
(8) د.عمر عبد الحي : مرجع سابق ص 306

(9) د. ابراهيم أبراش : نفس المرجع السابق ص 111 .
(10)د. محمد كامل ليلة : نفس المرجع السابق ص.387.

(11) د. محمد كامل ليلة : نفس المرجع السابق ص 388

(12)د إبراهيم أبراش مرجع سابق ص 113 .
(13)إبراهيم أبر اش : نفس المرجع السابق ص 114
(14) جان توشار : تاريخ الفكر السياسي ص 59 .

(15): الدكتور عادل خليفة الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى.الجزء الأول ص 161 وما بعدها.
(16) وذلك بعد انتصار Octavien على Antoine الذي تحالف مع كليوباترة ملكة مصر وذلك في المعركة المشهورة باسم Actium التي جرت بتاريخ 2 شتنبر 31 ق.م

(17)د يوسف الفاسي الفهري : تاريخ الفكر السياسي 1 العصور القديمة والوسطى ص 87 وما بعدها
[CENTER][B][COLOR="DarkOrange"]


الله أكبر
جزائري فالدم
نموت على بلدي الجزائر

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

امتحان في تاريخ الفكر السياسي المعاصر السنة الثانية

امتحان في تاريخ الفكر السياسي المعاصر السنة الثانية
نظام كلاسيك.
أجب علي الأسئلة مع التركيز.
س1 هل هناك تعاون وتوازن بين السلطة التشريعية والتنفيدية ؟
س2 ماهي العناصر التي تحكم مبدأ الفصل بين السلطات ؟
س3 كيف نحكم أن الإنتخابات آلية لإسناد السلطة والتداول عليها ؟
س4 كيف تقوم دولة القانون ؟
س5 ماهو الناخب ؟