التصنيفات
العلوم الفيزيائية

ماهــي الكتلة؟

ماهــي الكتلة؟
إن أساس فهمنا الحديث للكتلة اعقد بكثير من تعريف نيوتن وهو يستند الى النموذج العياري ففي قلب هذا النموذج توجد دالة رياضية تدعى (لاكرانجيان) هي التي تمثل كيف تتآثر الجسيمات المختلفه ويستطيع الفيزيائيون انطلاقا من هذه الدالة وباتباع القواعد المعروفه باسم النظرية الكمومية النسبوية ان يحسبوا سلوك الجسيمات الاولية بما في ذلك كيفية تجمعها لتشكل جسيمات مركبة مثل البروتونات ونستطيع بعد ذلك ان نحسب كيف تستجيب الجسيمات الاولية منها والمركبة للقوى.
فبالنسبة الى قوة معينة F يمكن أن نكتب معادلة نيوتن على الصورة F=ma التي تربط بين القوة والكتلة والتسارع الناتج وتفيدنا دالة لاكرانجيان في معرفة ماذا نستخدم من اجل m هنا وهذا هو المقصود بكتلة الجسيم
لكن الكتلة كما نفهمها عادة تظهر بوضوح في اكثر من مجرد العلاقة F=ma فنظرية النسبية الخاصة لـ(آينشتاين) على سبيل المثال تتنبأ بأن الجسيمات المعدومة الكتلة تسير في الفراغ بسرعة الضوء وأن الجسيمات ذات الكتلة تسير أبطأ كثيرا من ذلك بصورة يمكن معها حساب سرعتها إذا عرفنا كتلتها كما تتنبأ قوانين الثقالة بأن الثقالة تؤثر في الكتلة وفي الطاقة أيضا بصورة محددة تماما والكمية m المستنتجة من دالة لاكرانجيان لكل جسيم تسلك سلوكا صحيحا وفق أي من هذه الطرق تماما كما نتوقع بالنسبة الى كتلة معينة.
إن للجسيمات الاساسية كتلا ذاتية تعرف باسم الكتلة السكونية rest mass أما تلك الجسيمات التي كتلتها السكونية تساوي صفرا فتدعى جسيمات معدومة الكتلة massless وبالنسبة الى الجسيمات المركبة فإن الكتلة السكونية للمكونات وكذلك طاقتها الحركية والطاقة الكامنة لتآثراتها تسهم جميعها في كتلة الجسيم الكلية ذلك أن الطاقة والكتلة مرتبطتان حسب معادلة (آينشتاين) الشهيرة E=mc^2 وكمثال على الطاقة التي تسهم في الكتلة مايحدث في أكثر انواع المادة انتشارا في الكون البروتونات والنيوترونات التي تشكل النوى الذرية في النجوم والكواكب والناس وفي كل مانراه تشكل هذه الجسيمات من 4 الى 5 في المئة من الكتلة-الطاقة في الكون ويدلنا النموذج العياري على ان البروتونات والنيوترونات مؤلفة من جسيمات أولية هي الكواركات والكواركات ترتبط ببعضها البعض بواسطة جسيمات معدومة الكتلة هي الكلوونات gluons وعلى الرغم من ان المكونات تدور وتلف داخل كل بروتون فأننا نرى البروتون من الخارج جسيما متسقا ذا كتلة ذاتية تعطى بواسطة حاصل جمع كتل وطاقات مكوناته.ويتيح لنا النموذج العياري ان نجد بالحساب ان الكتلة الكلية تقريبا للبروتونات والنيوترونات تأتي من الطاقة الحركية للكواركات والكلوونات المكونة لها والباقي يأتي من الكتلة السكونية للكواركات وهكذا فأن مابين 4 و5 في المئة من الكون كله أي كل المادة المعروفه من حولنا تقريبا تاتي من طاقة حركة الكواركات والكلوونات في البروتونات والنيوترونات.
تقييــــم كونــــي:
تفسر نظرية حقل هيكز كيف تكتسب الجسيمات الاولية وهي اصغر لبنات الكون كتلتها لكن آلية هيكز ليست المصدر الوحيد للكتلة-الطاقة في الكون(تشير الكلتة-الطاقة الى كل من الكتلة والطاقة المرتبطتين بعلاقة آينشتاين E=mc^2) ويوجد نحو 70 في المئة من الكتلة-الطاقة في الكون على شكل مايسمى بالطاقة الخفية والتي لاترتبط مباشرة بالجسيمات والمؤشر الرئيسي على وجود الطاقة الخفية وهو أن تمدد الكون متسارع وتعتبر الطبيعة الدقيقة للطاقة الخفية من اكثر المسائل العميقة التي لاتزال مفتوحة في الفيزياء أما كلتة-طاقة الكون المتبقية والتي تشكل 30 في المئة فتأتي من المادة من الجسيمات التي لها كتلة واكثر انواع المادة شيوعا هي البروتونات والنيوترونات والالكترونات التي تشكل النجوم والكواكب والناس وكل مانراه وتوفر هذه الجسيمات نحو سدس مادة الكون او نحو 4 و5 في المئة من الكون كله وكما شرحنا سابقا فأن معظم هذه الكتلة ينشأ عن طاقة حركة الكواركات والكلوونات الدائره داخل النيوترونات والبروتونات.
ويأتي إسهام أصغر في مادة الكون من الجسيمات المدعوة نيوترينوهات والتي تضم ثلاثة أنواع إن للنوترينوهات كتلة إلا إنها صغيرة الى حد مذهل ولم يتم قياس الكتل المطلقة للنيوترينوهات بعد لكن البيانات الموجوده تضع لها حدا أعلى فهي اقل من نصف في المئة الكون وبقية الماده جميعها تقريبا نحو 25 في المئة من مجمل كتلة-طاقة الكون هي مادة لانراها تدعى المادة الخفية ونستنتج وجودها من آثارها التثاقلية على مانراه ولانعرف بعد ماهي هذه المادة الخفية ويجب أن تكون المادة الخفية مؤلفة من جسيمات كبيرة الكتلة لانها تشكل تجمعات حجمها بحجم المجرة تحت تأثيرات قوة الثقالة وهناك عدد من المبررات تجعلنا نستنتج أن المادة الخفية لايمكن أن تكون مؤلفة من أي نوع من جسيمات النموذج العياري المألوفة والجسيم الاول المرشح للمادة الخفية هو القرين الفائق الاخف (LSP) ويعتقد أن كتلة الجسيم LSP تبلغ نحو 100 ضعف من كتلة البروتون وهذا الجسيم مرشح جيد وسنأتي لاحقا بشرح مفصل عنه وقد تبين للنظريين ان المادة الخفية تحتاج الى نوع جديد من المادة الاساسية لتفسيرها