التصنيفات
اللغة العربية السنة الثالثة متوسط

تعريف المسرحية

– المسرحية هي رواية أو حكاية تعتمد على الحوار و قوامها معالجة القضايا المتعلقة بطبيعة الانسان

و ما يصير في داخله من أحاسيس و أفكار.


التصنيفات
اللغة العربية السنة الثالثة متوسط

المسرحية:

المسرحية:
شكل فني، يروي قصة من خلال حديث شخصياتها وأفعالهم، حيث يقوم ممثلون بتقمُّص هذه الشخصيات أمام جمهور في مسرح أو أمام آلات تصوير تلفازية ليشاهدهم الجمهور في المنازل.
ومع أن المسرحية شكل أدبي، فهي تختلف في طريقة تقديمها عن غيرها من أشكال الأدب. فعلى سبيل المثال، الرواية أيضًا قصة، تتضمن شخصيات، ولكنها تروى بمزيد من السرد والحوار، وتصبح عملاً مكتملاً حين تظهر على الصفحات المطبوعة. أما المسرحية، ففي أغلب الأحيان لاتصل إلى تأثيرها الكامل إلا حين تمثَّل.
وليست المسرحية كالمسرح. فإذا كان تعريف المسرحية هو ما سبق فإن المسرح هو شكل من أشكال الفنّ يترجم فيه الممثلون نصًا مكتوبًا إلى عرضٍ تمثيلي على خشبة المسرح؛ فعلاقة المسرحية بالمسرح هي علاقة الخاص بالعام، أو بمعنى آخر: النص الأدبي المسرحي أحد موضوعات المسرح وليس العكس.
وقد يكمن سر المسرحية في قدرتها على التصوير المنظم والواضح للتجربة البشرية. وعناصر المسرحية الأساسية هي: المشاعر والرغبات والنزاعات والمصالحات، التي تشكِّل أهم عوامل الحياة الإنسانية، لكنها في الحياة الواقعية تبدو متشابكة متداخلة، أو تظهر كأنها كتلة من الانطباعات المستقلة. أما في المسرح، فالكاتب يرتِّب هذه التجارب ضمن أنساق مألوفة، ويشاهد الجمهور مادة من الحياة الواقعية، تكتسب شكلاً ذا معنى، بعد أن حُذف منها ما لا أهمية له، وسُلِّط الضوء فقط على ما له مغزى.
والمسرحية فن عالمي قديم عرفته جميع الحضارات تقريبًا. وتختلف النظريات حول نشأتها، وتُرجع إحدى هذه النظريات أصول المسرحية إلى طقوس دينية كان الكهان فيها يتقمصون أدوار حيوانات أو مخلوقات أخرى.
أشكال المسرحية:
للمسرحية أشكال كثيرة منها:
المأساة. تروي قصة بطل مأساوي في شخصيته عيب أو ضعف رغم صفاته الحميدة، وتحل به الكوارث وعادة يكون مصيره الموت.
المسرحية الجادة. تشارك المسرحية الجادة المأساة جديتها وتركيزها على الأحداث التعيسة، لكن أبطالها أقرب إلى الناس العاديين، وقد تنتهي نهاية سعيدة.
الميلودراما. تصور الميلودراما شخصية نذلة تهدد أشخاصًا يتعاطف الجمهور معهم، وهي مسرحية تميل إلى العنف والمبالغة رغم أن نهايتها كثيرًا ما تكون سعيدة، والصراع فيها أخلاقي مبسط يسهل فيه التمييز بين الخير والشر.
الملهاة أو الكوميديا مسرحية تحاول إضحاك المتفرجين، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب الأوغاد والمحتالين. وتنتهي الملهاة عادة نهاية سعيدة. لكن الملهاة قد تطرح بين المواقف المضحكة موضوعات في غاية الجدية. وأحيانًا تعتبر المسرحية الهزلية شكلاً مسرحيًا مستقلا،ً لكنها في الواقع نمط من أنماط الملهاة، يعتمد على المواقف السخيفة والحركات التهريجية.
بنية المسرحية:
تتكون المسرحية عادة من ستة عناصر، وهي العناصر نفسها التي أوردها أرسطو في حديثه عن المأساة: 1- الحبكة أو عقدة القصة 2- الشخصيات المسرحية 3- الفكرة 4- الحوار 5- الموسيقى 6- المشهد.
تمثّل الحبكة أو عقدة القصة البنية الإجمالية، وتتكون من سلسلة من الأحداث تتطور في المسرحيات التقليدية حسب نهج مألوف. والحبكة أهم عناصر المسرحية. والمادة الأساسية التي تعتمد عليها الحبكة هي الشخصيات التي تتطور الأحداث من خلال حوارها وسلوكها. وكل مسرحية مهما كانت فكاهية تنطوي على فكرة، توحي بها الكلمات التي تتفوه بها الشخصيات. وتشتمل الفكرة على المعنى الإجمالي للمسرحية، الذي يسمَّى أحيانًا الفكرة الرئيسية أو الموضوع. ويتم التعبير عن الأحداث والشخصيات والفكر من خلال الحوار. والعنصر الخامس من المسرحية هو الموسيقى، التي إما أن تكون على شكل موسيقى تصاحب العرض، أو تنتج من إيقاع أصوات الشخصيات وهي تتحدث. أما العنصر الأخير فهو المشهد، ويعني الجوانب المرئية من المسرحية كحركات الشخصيات وملابسها والإضاءة وغيرها.
المسرحية الإغريقية والرومانية:
ولدت المسرحية الغربية في اليونان القديمة. وأول سجل يدل على مسرح إغريقي يعود إلى حوالي عام 534ق.م. حين جرت في أثينا مسابقة للمأساة. وكانت أهم فترة في المسرح الإغريقي هي القرن الخامس قبل الميلاد. وكانت المسرحيات الإغريقية تعرض في مسرح ديونيسيوس الذي كان يتسع لأربعة عشر ألف مشاهد.
كانت المأساة الإغريقية تتصف بالجدية والشاعرية والنزعة الفلسفية، كما استُلهم معظمها من الأساطير، ويواجه البطل فيها خيارًا أخلاقيًا صعبًا، ويخوض صراعًا مع قوى عدائية، ينتهي بهزيمته وغالبًا بموته.
تتخلل المأساة أغان تنشدها الجوقة، وكان الممثلون يرتدون أقنعة، ولا يجتمع منهم على خشبة المسرح في وقت واحد أكثر من ثلاثة. وغالبًا ماكتبت المآسي على شكل ثلاثيات، حيث تتألف الثلاثية من ثلاث مآسٍ، تعالج مراحل مختلفة من قصة واحدة.
وما وصل إلينا من المآسي الإغريقية يقل عن خمسة وثلاثين، جميعها، باستثناء واحدة، من تأليف ثلاثةكتاب، أقدمهم إيسخيلوس الذي اشتهر برصانة أسلوبه وبلاغته. ومن أعماله الشهيرة ثلاثية الأوريستيا التي تعالج مفهوم العدالة وتطوره. والكاتب الثاني سوفوكليس، الذي وجد أرسطو في أعماله نموذجًا اقتدى به في كتابة المأساة. ويعتبر الكثيرون مسرحيته أوديب ملكًا أعظم مأساة إغريقية. وآخر كتّاب المأساة الإغريق يوربيدس الذي اكتسبت أعماله رواجًا شديدًا في العصور اللاحقة، لما فيها من واقعية ومن دراسة نفسية، وخاصة في تصوير الشخصيات النسائية، لتشكيكه في الدين الإغريقي والقيم الأخلاقية السائدة في عصره. ومن أشهر مسرحياته ميديا.
لم يخلط الإغريق بين المأساة والملهاة، واتسمت الملهاة القديمة (أي التي كتبت في القرن الخامس قبل الميلاد) بالصراحة والفجور. والأعمال الهزلية الوحيدة التي بقيت من تلك الفترة كتبها أريسطوفانيس الذي جمع بين الهجاء السياسي والاجتماعي والهزل والبذاءة والتجريح الشخصي والخيال والشعر الغنائي البديع. ويطلق اسم الملهاة الجديدة على معظم المسرحيات التي كتبت بعد عام 338ق.م. ولم يبق من هذه الأعمال سوى مسرحية الأسطورة التي كتبها ميناندر، وهو من أشهر الكتاب المسرحيين في ذلك الوقت. وركزت هذه الملهاة على الأمور الشخصية بدلاً من الاجتماعية والسياسية والخيالية.
وعلى الرغم من أن السبق في الفن المسرحي انتقل بعد القرن الثالث قبل الميلاد إلى روما، فإن المسرح الإغريقي يحظى اليوم باحترام أكبر بكثير من نظيره الروماني الذي قلد النماذج الإغريقية، والذي تأتي أهميته من تأثيره على كتّاب العصور اللاحقة، وخاصة على مسرح عصر النهضة.
لم يهتم الرومان بالمأساة قدر اهتمام الإغريق بها، ولم تبق من المآسي الرومانية سوى أعمال لوسيوس أنايوس سنيكا المقتبسة من أصول إغريقية، وقد تأثر الكتاب الغربيون ببعض الأساليب التي استخدمها سنيكا في مسرحياته.
وبالرغم من رواج الملهاة (الكوميديا) في روما، لم يبق من آثارها سوى أعمال بلوتوس وترنس، وهي أيضًا اقتباسات من الملهاة الإغريقية الحديثة. وقد تميزت مسرحيات ترنس بالبعد عن التهريج وبقدر أكبر من العمق، وكان لها أثر كبير على كتَّاب الملهاة الأوروبيين، وخاصة موليير.
وشاعت بين الرومان أشكال مسرحية أخرى مثل التمثيليات الإيمائية البانتومايم. وقد أخذ المسرح الروماني في الانحدار، مع تحول الجمهورية إلى إمبراطورية عام 27ق.م.
القرون الوسطى:
ازدهر المسرح في أوروبا منذ القرن العاشر وحتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وبدأ بالمسرحيات الطقوسية الدينية القصيرة التي أداها القساوسة جزءًا من القدّاس. وفي القرن الثالث عشر، خرجت المسرحية من الكنيسة، وظهرت المسرحية الدينية التي أبقت على الموضوعات الدينية، وتخللها كثير من الفكاهة، كما كانت تكتب شعرًا باللاتينية. وفي القرن التالي، تبنت الاتحادات النقابية تمثيلها وحولتها إلى اللغات المحلية، وغالبًا ما كانت تعرض في الشوارع والساحات على شكل مجموعة تعرف باسم السلسلة، وتحكي علاقة الإنسان بربه منذ خلق الله البشر وحتى يوم الحساب.
كما شاعت مسرحية المعجزات التي تتناول حياة مريم العذراء أو أحد القديسين، والمسرحية الأخلاقية التي تستخدم شخصيات رمزية لإعطاء دروس أخلاقية. أما على الصعيد الدنيوي، فقد انتشر نمطان هما المسرحية الهزلية، والفاصل الترفيهي.
المسرح الأوروبي حتى عام 1660م:
إيطاليا. بدأ النشاط المسرحي في إيطاليا في البلاطات الملكية والمؤسسات العلمية جزءًا من الاهتمام الجديد بالحضارتين الإغريقية والرومانية. وفي مسارح خاصة صغيرة كانت تعرض ثلاثة أنواع من المسرحية: المأساة والملهاة والمسرحية الرعوية التي تعالج قصص حب بين الرعاة وإلاهات الغابات. وليس لمسرحيات تلك الفترة أهمية فنية، وإنما لها قيمة تاريخية. وأول كاتب هزلي إيطالي مهم هو لودوفيكو أرسطو، الذي تعتبر مسرحياته، مثل: كاساريا (1508م)، بداية المسرح الإيطالي. وظهر شكل مسرحي جديد هو اللحن الفاصل، وهو فاصل يعتمد على الألبسة والمشاهد ويتفنن الخيال في تصميمها. وبعد عام 1600م، اندمج اللحن الفاصل في الأوبرا، التي بدأت محاولة لتقليد المأساة الإغريقية، وأصبحت بحلول عام 1650م، أكثر الأشكال المسرحية شعبية في إيطاليا.
أما بين عامة الشعب فقد كانت أكثر الأشكال رواجًا المسرحية المرتجلة، التي كانت تكتب الخطوط العامة لقصتها، ويرتجل الممثلون الحوار، وهم على خشبة المسرح. كما طور الإيطاليون تصميمًا جديدًا لديكور المسرح، كان له أثر كبير، وانتشر في أوروبا حتى بداية القرن العشرين.
إنجلترا. شجعت حركة الإصلاح الديني اللوثري في أوروبا استخدام اللغات المحلية بدلاً من اللاتينية، مما أتاح الفرصة لظهور مسرح قومي. وكانت إنجلترا أول دولة تصل المسرحية فيها إلى درجة عالية من التطور والإبداع، وذلك بين عامي 1580م ، و1642م. ويطلق على الأعوام (1580 – 1603م) اسم العصر الإليزابيثي، أما باقي تلك الفترة (1604 – 1642م)، فتشمل الفترتين اليعقوبية والكارولينية. وكانت المسارح الإنجليزية مصممة بشكل يناسب المسرحيات الإليزابيثية السريعة الحركة والكثيرة المشاهد.
تطور المسرح الإليزابيثي حين بدأت مجموعة جديدة من كتاب المسرح المثقفين بكتابة مسرحيات للفِرق التجارية المحترفة. وجاءت أعمالهم مزيجا لتراثين هما الفواصل الترفيهية التي كان يؤديها ممثلون جوّالون، والمسرحيات التي كانت تُستلهم من العصر الكلاسيكي، وتعرض في المدارس والجامعات، مما ضيق الفجوة بين الطبقة الشعبية وطبقة المثقفين.
من هؤلاء الكتاب توماس كيد الذي أدخل تأثير الكتاب الكلاسيكيين، وخاصة سنيكا، على المسرح الشعبي، وكتب المأساة الأسبانية، أكثر مسرحيات القرن السادس عشر رواجًا وأشدها تأثيرًا. فقد أصبحت هذه المسرحية نموذجا للمأساة في ذلك العصر في طريقتها في بناء قصة واضحة مشوقة، وفي استخدامها للشعر غير المقفَّى.
ووصل كريستوفر مارلو بالشعر المرسل في كتابة المأساة إلى درجة عالية من الجودة، وتميزت مآسيه بمقاطع شاعرية رائعة، وبمشاهد تسيطر فيها العواطف سيطرة كاملة.
وقد شكلت أعمال كيد ومارلو وغيرهما قاعدة بنى عليها وليم شكسبير مسرحياته. ولم يقدم شكسبير ماهو جديد إلا فيما ندر، فقد استعار من التاريخ والأساطير والأعمال الروائية والمسرحية السابقة، لكنه طور الوسائل المسرحية، وكتب شعرًا مسرحيًا لامثيل له، وتعمق في سبر الأغوار النفسية والفلسفية في أعماله.
ومن معاصري شكسبير بن جونسون الذي كتب ملاهي تهدف إلى تحسين السلوك البشري عن طريق السخرية من الحماقة والرذيلة. ومن معاصريهما أيضًا جورج تشابمان وتوماس دكر وتوماس هَيْود وجون مارستن.
وفي عام 1610م، بدأت المسرحية الإنجليزية تتغير؛ إذ أخذت شعبية المأساة الكوميدية، أي المسرحية الجادة ذات النهاية السعيدة تزداد. كما ركز كتاب المأساة على العنف والخداع والرعب. وقد برز في الفترتين اليعقوبية والكارولينية من كتاب المسرح فرانسيس بومونت وجون فليتشر وتوماس مدلتون وسريل تورنر وجون وبستر وفيليب مسنجر وجون فورد.
وبعد سيطرة البيوريتانيين (التطهيريين) على الحكم في إنجلترا، قامت السلطات بإغلاق المسارح، مما أسدل الستار على أغنى عصور المسرح الإنجليزي وأكثرها تنوعًا.
أسبانيا. ازدهرت المسرحية في أسبانيا أيضًا بين منتصف القرن السادس عشر وأواخر القرن السابع عشر، مما جعل تلك الفترة تعرف بالعصر الذهبي للمسرحية الأسبانية. فبعد استيلاء النصارى على الأندلس، استخدموا المسرحية وسيلة مهمة من وسائل التعليم الديني، وهذا ما جعل المسرحية الدينية تكتسب أهمية خاصة في أسبانيا، وتستمر بعد توقفها في باقي أوروبا.
وقد جمعت المسرحية الدينية عناصر من مسرحيات الأسرار الدينية والمسرحيات الأخلاقية، كما جمعت شخصيات خارقة القوى وأخرى بشرية بالإضافة إلى الشخصيات الرمزية كالخطيئة والمسرات، وما إلى ذلك. وكانت المسرحيات تمثل على عربات تشكل مسرحًا متنقلاً. وكان الممثلون يؤدون أيضًا فواصل هزلية ورقصات، وغيرها من العناصر الدنيوية الترفيهية التي تزايدت أهميتها تدريجيًا، مما حدا بالسلطات الدينية في عام 1765م إلى تحريم المسرح.
وأعظم كتاب المسرح الأسبان في ذلك العصر لوبي دي فيجا، الذي كتب ما يقارب 1,800 مسرحية، ويشترك في بعض السمات مع شكسبير ولكنه يفتقر إلى العمق. وبدرو كالديرون الذي كانت وفاته عام 1681م، بداية الانحدار السريع للمسرحية الأسبانية التي لم تستعد حتى الآن حيوية عصرها الذهبي.
فرنسا. بدأ المسرح في فرنسا في القرون الوسطى، وكانت أصوله دينية، كما هي الحال في دول أوروبية أخرى. ولكن إحدى مجموعات الهواة أسست مسرحًا دائما في باريس في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، وفي القرنين التاليين نشأت بعض الفرق المحترفة، التي كانت تستأجر ذلك المسرح لإقامة عروضها. وكانت المسرحيات الدنيوية في ذلك الحين مآسي كوميدية مليئة بمغامرات الفرسان.
لكن المسرح الفرنسي تغير إلى حد كبير حين استوردت نظريات الكلاسيكية الجديدة من إيطاليا، فقد تمسك الفرنسيون بهذه النظريات، والتزموا بها أكثر من أي شعب آخر. وأهم تلك المبادئ الاقتصار على نوعين من المسرحية هما المأساة والملهاة، وعدم خلط عناصرهما على الإطلاق، والحرص على تعليم مبدأ أخلاقي من خلال المسرحيات، وجعل الشخصيات تعكس أنماطاً عامة، والالتزام بوحدة الزمان والمكان والحدث.
ارتبط اسم بيير كورني بالتغييرات الكلاسيكية الجديدة أكثر من أي كاتب آخر؛ فقد ساعد على إرساء قواعدها، وجعلها الأساس المتبع في المسرحية الفرنسية. وأصبح الشكل الشعري الذي استخدمه في كتابة مآسيه، الشكل المتبع في المأساة بصورة عامة. لكن قمة المأساة الكلاسيكية الجديدة في فرنسا كانت أعمال جان راسين، الذي وظَّف قواعد هذه المدرسة لتقوية الحبكة وتكثيف الصراع في قصصه.
ونهض موليير بالملهاة الفرنسية إلى مستوى رفيع في مسرحياته المليئة بالنقد الاجتماعي والأخلاقي، دون أن تفقد طابعها المسلي وروحها المرحة. وطغت شهرته عبر الأجيال على شهرة معاصريه المأساويين.
وبحلول عام 1690م، بدأت المسرحية الفرنسية تتدهور مع لجوء الأجيال الجديدة إلى التقليد والتكرار.
المسرحية الأوروبية (1660 – 1800م(:
كان كارلو جولدوني أعظم كتاب المسرحية الإيطالية في القرن الثامن عشر، أما في ألمانيا، حيث لم تكن للمسرح من قبل أهمية تذكر، فقد شهد هذا القرن نقطة تحول مهمة، وبدأ بعض الكتاب الألمان يكتسبون شهرة خارج وطنهم.
وفي فرنسا سيطر تراث الكلاسيكية الجديدة على المسرحية. وكاتب المأساة البارز الوحيد في ذلك القرن هو فولتير. كما برز دينيس ديدرو من كتاب المأساة العائلية بسبب إصلاحاته في طريقة العرض المسرحي. وكان أشهر كتاب الملهاة بيير ماريفو وبيير دو لاشوسيه وبيير بومارشيه.
وكانت إنجلترا ميدانًا لأكبر نشاط مسرحي في هذه الفترة؛ فمع عودة الملكية عام 1660م، عادت المسارح إلى الظهور، لكن المسرحية لم تعد تستهوي عامة الشعب، كما كانت في عصر شكسبير، وانحصر جمهورها في بادئ الأمر في دائرة ضيقة من رجالات البلاط. وظهرت الممثلات لأول مرة على المسرح، وتوقف الرجال عن أداء الأدوار النسائية.
ويعرف عصر عودة الملكية بصورة خاصة بنوعين من المسرحية، أولهما الملهاة الأخلاقية التي تَسْخَر من مجتمع الطبقة الراقية بلغة نثرية مليئة بالذكاء والمرح. ورغم تسامح هذا النوع مع بعض أشكال الاستهتار الأخلاقي، فإنه كان يهزأ بمن يخدع نفسه أو يخادع غيره. وأفضل مثال على ملهاة السلوك مسرحية وليم كونجريف طريق العالم (1700م.
والنوع الثاني هو المسرحية الملحمية التي راجت بين عامي 1660م و 1680م، لكنها اليوم تبدو سخيفة. وقد صاحبها نمط من المأساة أكثر حيوية، مثل مسرحية كل شيء في سبيل الحب لجون درايدن (1677م.
ومع ازدياد مكانة الطبقة الوسطى عادت بعض القيم الأخلاقية تفرض نفسها على المجتمع، وانعكس ذلك على الملهاة التي أصبحت في القرن الثامن عشر أقل تحررًا وأكثر عاطفية. وخير الأمثلة على الملهاة الرومانسية أعمال الكاتبين أوليفر جولد سميث وريتشارد برنسلي شريدان.وظهرت في القرن الثامن عشر أنماط مسرحية أخرى، منها المأساة العائلية والاستعراض الماجن والمسرح الإيمائي البانتومايم والأوبرا الشعبية. وأشهر مثال على النمط الأخير مسرحية أوبرا الشحاذ (1728م) لجون جي.
الحركة الرومانسية (1800 – 1850م(:
انعكست مبادئ الحركة الرومانسية على المسرح في ألمانيا مع مطلع القرن التاسع عشر من خلال كاتبين مهمين هما جوهان فلفجانج فون جوته، صاحب المسرحية الشهيرة فاوست، وفريدريتش شيلر الذي كتب مسرحيات تركز على اللحظات الحاسمة في التاريخ. وفي فرنسا، انتصرت الحركة الرومانسية في المسرح عام 1830م، لدى عرض مسرحية فيكتور هوجو هرناني، وكان من أبرز كتاب المسرحية الرومانسية ألفرد دو موسيه.
وإلى جانب النزعة الرومانسية، ظهرت في فرنسا مسرحية الإثارة (الميلودراما) التي لقيت رواجًا كبيرًا حتى بعد انتهاء الحركة الرومانسية التي ساعدت على تطوير الاتجاه الواقعي في تصميم المشاهد المسرحية.
ظهور الواقعية:
في منتصف القرن التاسع عشر، بدأت الواقعية تسيطر على المسرح؛ إذ سعى الكتّاب إلى تصوير الحياة في أعمالهم كما هي في الواقع. وتلقت هذه المدرسة دعما من المدرسة الطبيعية التي ركّزت على ضرورة تقليد أدق تفاصيل الحياة الواقعية. لكن الطبيعية التي لجأت إلى الدراسة العلمية للشخصيات المسرحية، وأعطت أهمية كبرى لعوامل الوراثة والبيئة، أخذت تتقهقر مع بداية القرن العشرين الميلادي.
وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت وظيفة المخرج بعد أن كان أحد الممثلين الرئيسيين يتولى مهمة الإشراف على العمل المسرحي. كما بدأت المسارح المستقلة في الظهور للتخلص من تحكم المسرح التجاري.
المسرحية الحديثة (1900-1950م(:
من الممكن اعتبار أعمال المؤلف النرويجي هنريك إبسن بداية المسرحية الحديثة في أوروبا؛ فقد كان له أكبر الأثر على تطوّر المسرحية الواقعية، واعتبرت أعماله ذروة هذا المذهب. ومن جهة أخرى مهّد إبسن الطريق للمذاهب التي ابتعدت عن الواقعية. فقد كتب سلسلة من المسرحيات عالج فيها بعض المشكلات الاجتماعية معالجة واقعية، ولكنه ضمَّنها أيضًا عناصر رمزية مهمة. من أشهر هذه المسرحيات بيت الدُّمية (1879م)؛ هيدا جابلر (1891م). وفي مسرحياته الأخيرة، مثل عندما نوقظ الموتى (1900م)، اشتد اعتماده على الرموز والقوى الغامضة الخارجة عن سيطرة الإنسان.
وتكاد مسرحيات الكاتب الروسي أنطون تشيخوف الواقعية تعادل أعمال إبسن في تأثيرها على كتاب المسرح. وقبل تشيخوف، اشتهر من كتاب المسرحية في روسيا نيكولاي جوجول وألكسندر أستروفسكي وإيفان تورجنيف. وقد صور تشيخوف مجتمع عصره، ومزج الأحداث الفكاهية والمأساوية، وأعظم مسرحياته هي طائر النورس (1896م)؛ الخال فانيا (1898م)؛ الشقيقات الثلاث (1901م)؛ بستان الكرز (1904م).
وفي بريطانيا، بدأت الواقعية تفرض نفسها تدريجيًا، وبرز من كتابها جورج برنارد شو، الذي تبنى نفس المُثُل الاجتماعية والفنية التي تجلت في مسرحيات إبسن.
وشهدت أيرلندا نشاطًا مسرحيًا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين، واشتهر عدد من كتاب المسرحية منهم شون أوكايسي وجون ميلينجتون سينج.
وتنوَّعت المسرحية في فرنسا بين الحربين العالميتين، فقد استخدم جين جيرودو وجان كوكتو الأساطير اليونانية في مسرحياتهما، وكتب بول كلوديل مسرحيات دينية شعرية، واستخدم جان أنوي أشكالا مسرحية مختلفة.
أما في الولايات المتحدة، فلم يظهر أي كاتب مسرحي ذي أهمية عالمية قبل القرن العشرين، حيث كانت المسرحية الأمريكية تقلد التطورات الأوروبية. وكان يوجين أونيل أوَّل كاتب مسرحي أمريكي عالمي الشهرة. وتميز أونيل بعدم توقفه عن التجربة في الأسلوب والوسائل المسرحية. ومن أهم أعماله رحلة النهار الطويل إلى الليل. وفي النصف الأول من القرن العشرين، ظهرت في الولايات المتحدة المسرحية الغنائية التي لقيت شعبية كبيرة.
وفي إيطاليا، يعتبر لويجي بيرانديللو أهم كتّاب المسرحية في القرن العشرين. ومن الاتجاهات التي عرفها المسرح في هذه الفترة المدرستان الرمزية والتعبيرية والمسرح الملحمي. وقد ظهرت الرمزية في فرنسا في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وهي مدرسة تؤمن بأن الظاهر ماهو إلا جانب ثانوي من مظاهر الواقع، وأن الحقيقة لايمكن تصويرها بالتفكير المنطقي، وإنما يجب الإيحاء بها باستخدام الرموز.
أما التعبيرية فهي تعبير اُستُخدم في ألمانيا في الربع الأول من القرن العشرين لوصف مختلف أشكال الابتعاد عن الواقعية تقريبًا. وقد لجأ التعبيريون إلى تشويه المشاهد والإضاءة وطريقة تصميم الملابس وإلى استخدام الحركات الآلية والعبارات المقتضبة في الحوار. وخير مثال للمسرح التعبيري مسرحية جورج قيصر) من الصباح إلى منتصف الليل1916م)
وتدين المسرحية التعبيرية بالكثير للكاتب السويدي أوجست ستريندبيرج، وخاصة في مسرحياته: إلى دمشق، وهي ثلاثة أجزاء (1898م)؛ المسرحية الحلم (1901م)؛( سوناتا الأشباح1908 م)
أما المسرح الملحمي فهو مذهب طوَّره الألماني بيرتولت برخت، ويُعَدُّ أنجح محاولة لتركيز انتباه جمهور المسرح على القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد كتب برخت جميع أعماله المهمة قبل عام 1945م، ولكنه كان ذا تأثير كبير فيما بعد.
المسرحية الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية:
تأثر المسرح بعوامل عدة منذ عام 1945م، منها التغييرات الكبيرة التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية، ومنها ظهور وسائل جديدة كالسينما والإذاعة والتلفاز التي أدت في بعض البلاد، كالهند مثلاً، إلى إغلاق عدد كبير من المسارح.
والأرجح أن أكثر الحركات المسرحية الحديثة تأثيرًا هي مسرح اللا معقول الذي ظهر في فرنسا في الخمسينيات، والذي سعى إلى تصوير الحياة في كون عدائي يفتقر إلى العقلانية والمعنى. وأشهر مسرحيات هذه الحركة في انتظار جودو لصمويل بيكيت. ومن كتابها أيضًا أوجين يونسكو وجان جينيه.
كما ظهرت مسارح تجريبية حاولت التخلُّص من سيطرة الكاتب، منها المسرح الحي الذي تأسس في أمريكا عام 1951م، والمسرح المفتوح الذي أنشئ في مدينة نيويورك. ولكن بحلول السبعينيات من القرن العشرين، فقد المسرح التجريبي كثيرًا من طاقته وعزمه على تغيير العالم.
وباللغة الألمانية برز من كتاب المسرحية السويسري فريد ريتش دورينمات، ومن أعماله الزيارة (1956م)، والألماني بيتر فايس الذي كتب مارات/ساد (1964م)، وغيرهما.
وتعتبر الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين العصر الذهبي في الولايات المتحدة لنوع جديد من المسرحية هو التمثيلية التلفازية واشتهر من كتابها بادي تشيفسكي.
وشهدت إنجلترا بعد الحرب العالمية الثانية نشاطًا مسرحيًا كبيرًا. فقد جدد تي. إس. إليوت وكريستوفر فراي المسرحية الشعرية، كما بدأت فترة جديدة في التاريخ المسرحي مع عرض مسرحية جون أوزبورن انظر وراءك في غضب (1956). واشتهر العديد من كتاب الجيل المسرحي الجديد منهم هارولد بنتر وجون أردن وإدوارد بوند وأرنولد وسكر وتوم ستوبارد وجو أورتن وبيتر شافر وغيرهم.
أما في الولايات المتحدة، فقد كان أبرز كتاب المسرحية منذ بداية الأربعينيات من القرن العشرين تنيسي وليمز وآرثر ميلر، وكلاهما مزجا الحوار الواقعي مع الأساليب التعبيرية في العرض المسرحي، وإدوارد ألبي الذي حققت مسرحيته من يخاف فرجينيا وولف نجاحًا كبيرًا.
وفي القرن العشرين، بدأت المسارح غير التجارية تتولى عرض المسرحيات الجديدة، مثل مسرحية سام شبرد الطفل المدفون (1978م.
ولايزال الكتاب في مختلف أنحاء العالم يستخدمون المسرحية للتعبير عن غضبهم من الظلم السياسي والاجتماعي.
المسرحية في الوطن العربي:
البدايات في القرن التاسع عشر. أجمع النقاد ودارسو الأدب عامة والمسرح خاصة على أن أول مسرحية عربية أعدّها مارون النقاش (1817 – 1855م) عن رواية البخيل للكاتب الفرنسي موليير وقدمها في لبنان بنفس الاسم، وكان ذلك عام 1847م. ولم يغير في رواية موليير كثيرًا، بل أجرى عليها بعض الاختصار مع الإكثار من عنصر الفكاهة لتلائم الجمهور العربي في لبنان وصاغها شعرًا واستبدل بالأسماء الأجنبية أسماء عربية. ثم قدَّم بعد ذلك أبو الحسن المغفَّل وهي مستوحاة من إحدى قصص ألف ليلة وليلة، ثم عاد مرة أخرى إلى موليير وأعدَّ عن روايته طرطوف مسرحية باسم الحسود.أما الكاتب الذي ظهر بعد النقاش مباشرة فهو أبو خليل القبَّاني من دمشق (1833 – 1903م) الذي قدم مسرحيّات من التراث العربي، منها الحاكم بأمر الله التي أدخل فيها رقص السماح على ضروب الموشحات وأوزانها وقام بالتأليف والإخراج وتلحين الأغاني.
لكن الذي أعطى المسرحية دفعة قوية هو يعقوب صنُّوع (1839 – 1912م) الصحفي والمؤلف المسرحي المصري، فقد ألف نحو 36 مسرحية، كتب معظمها بالعامية وتناول قضايا اجتماعية وسياسية قاوم بها الإنجليز وحمل خلالها على الخديوي. وتتابعت المسرحيات التي أعدَّت من أعمال غربية وحشدها أصحابها بكل ألوان الطرب والترويح.
القرن العشرون. ساعد المد الوطني المتزايد على تطوير الفنون والآداب عامة من منطلق الرغبة في المقاومة ومخاطبة الجماهير وتنويرها، فظهرت مسرحيات اجتماعية جادة منها مسرحية مصر الجديدة ومصر القديمة لفرح أنطون (1913م) وتأكد هذا الاتجاه على يدي محمد تيمور (1892 – 1921م) الذي ألف ثلاث مسرحيات منها العصفور في القفص وعبد الستار أفندي، وقد استطاع محمد تيمور بمسرحياته القليلة ومقالاته النقدية رغم عمره القصير أن يضع حجر الأساس للأدب المسرحي العربي الحديث. ومهد تيمور الطريق لظهور عدد من الكتاب أهمهم أحمد شوقي رائد المسرح الشعري وتوفيق الحكيم رائد المسرح النثري.
قدَّم أحمد شوقي (1868 – 1932م) مسرحيات مجنون ليلى؛ مصرع كليوباترة؛ قمبيز؛ علي بك الكبير وغيرها ووضع بهذا أسس المسرح الشعري العربي، وتبعه في ذلك النهج آخرون مثل عزيز أباظة، وأشهر أعماله: العبّاسة؛ قيس ولبنى، ثم عبد الرحمن الشرقاوي الذي قدّم الفتى مهران؛ الحسين ثائرًا وشهيدًا؛ جميلة؛ أحمد عرابي. ثم لحق بهم صلاح عبد الصبور بمسرحياته مسافر ليل؛ مأساة الحلاج؛ الأميرة تنتظر. وإذا كانت المسرحية الشعرية عند كل من شوقي وأباظة تقليدية الشكل قليلة الحظ من الدراما أو الصراع والحيوية المسرحية، فقد استخدم الشرقاوي الشعر الحر واتسمت مسرحياته بالحيوية. وبلغ المسرح الشعري درجة عالية من النضج الفني عند صلاح عبد الصبور.
أما توفيق الحكيم (1898 – 1989م) الذي تمثل مسرحيته أهل الكهف (1933م) البداية الحقيقية لنص مسرحي أدبي عربي، فقد ساهم في ترسيخ فن المسرحية بمسرحياته التي تواصلت على مدى نصف قرن. من هذه المسرحيات: شهر زاد؛ براكسا أو مشكلة الحكمة؛ الطعام لكل فم؛ السلطان الحائر؛ الصفقة؛ الورطة.
المسرح العربي الحديث. شهد المسرح العربي منذ الخمسينيات من القرن العشرين نهضة فنية قامت على أكتاف العديد من الكتاب مثل محمود تيمور ويوسف إدريس وسعد الدين وهبة ولطفي الخولي ونعمان عاشور ورشاد رشدي.
وتُبذل الآن جهود متواصلة للبحث عن شكل عربي للمسرحية المعاصرة، وإن كانت المسرحيات الفكاهية التي يقدِّمها عدد من مسارح القطاع الخاص بغرض تجاري تجتذب أعدادًا كبيرة من جمهور المسرح، ولا شك أنها ذات تأثير سلبي على النهضة المسرحية.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

66مشاهد ورد واحد فقط والله العظيم ردودكم تشجعنا ما تبخلوناش فيها

[rainbow]
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

لاشكر على واجب اختي

التصنيفات
اللغة العربية السنة الثالثة متوسط

تعريف المسرحية

– المسرحية هي رواية أو حكاية تعتمد على الحوار و قوامها معالجة القضايا المتعلقة بطبيعة الانسان

و ما يصير في داخله من أحاسيس و أفكار.


التصنيفات
اللغة العربية السنة الثالثة متوسط

المسرحية:

المسرحية:
شكل فني، يروي قصة من خلال حديث شخصياتها وأفعالهم، حيث يقوم ممثلون بتقمُّص هذه الشخصيات أمام جمهور في مسرح أو أمام آلات تصوير تلفازية ليشاهدهم الجمهور في المنازل.
ومع أن المسرحية شكل أدبي، فهي تختلف في طريقة تقديمها عن غيرها من أشكال الأدب. فعلى سبيل المثال، الرواية أيضًا قصة، تتضمن شخصيات، ولكنها تروى بمزيد من السرد والحوار، وتصبح عملاً مكتملاً حين تظهر على الصفحات المطبوعة. أما المسرحية، ففي أغلب الأحيان لاتصل إلى تأثيرها الكامل إلا حين تمثَّل.
وليست المسرحية كالمسرح. فإذا كان تعريف المسرحية هو ما سبق فإن المسرح هو شكل من أشكال الفنّ يترجم فيه الممثلون نصًا مكتوبًا إلى عرضٍ تمثيلي على خشبة المسرح؛ فعلاقة المسرحية بالمسرح هي علاقة الخاص بالعام، أو بمعنى آخر: النص الأدبي المسرحي أحد موضوعات المسرح وليس العكس.
وقد يكمن سر المسرحية في قدرتها على التصوير المنظم والواضح للتجربة البشرية. وعناصر المسرحية الأساسية هي: المشاعر والرغبات والنزاعات والمصالحات، التي تشكِّل أهم عوامل الحياة الإنسانية، لكنها في الحياة الواقعية تبدو متشابكة متداخلة، أو تظهر كأنها كتلة من الانطباعات المستقلة. أما في المسرح، فالكاتب يرتِّب هذه التجارب ضمن أنساق مألوفة، ويشاهد الجمهور مادة من الحياة الواقعية، تكتسب شكلاً ذا معنى، بعد أن حُذف منها ما لا أهمية له، وسُلِّط الضوء فقط على ما له مغزى.
والمسرحية فن عالمي قديم عرفته جميع الحضارات تقريبًا. وتختلف النظريات حول نشأتها، وتُرجع إحدى هذه النظريات أصول المسرحية إلى طقوس دينية كان الكهان فيها يتقمصون أدوار حيوانات أو مخلوقات أخرى.
أشكال المسرحية:
للمسرحية أشكال كثيرة منها:
المأساة. تروي قصة بطل مأساوي في شخصيته عيب أو ضعف رغم صفاته الحميدة، وتحل به الكوارث وعادة يكون مصيره الموت.
المسرحية الجادة. تشارك المسرحية الجادة المأساة جديتها وتركيزها على الأحداث التعيسة، لكن أبطالها أقرب إلى الناس العاديين، وقد تنتهي نهاية سعيدة.
الميلودراما. تصور الميلودراما شخصية نذلة تهدد أشخاصًا يتعاطف الجمهور معهم، وهي مسرحية تميل إلى العنف والمبالغة رغم أن نهايتها كثيرًا ما تكون سعيدة، والصراع فيها أخلاقي مبسط يسهل فيه التمييز بين الخير والشر.
الملهاة أو الكوميديا مسرحية تحاول إضحاك المتفرجين، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب الأوغاد والمحتالين. وتنتهي الملهاة عادة نهاية سعيدة. لكن الملهاة قد تطرح بين المواقف المضحكة موضوعات في غاية الجدية. وأحيانًا تعتبر المسرحية الهزلية شكلاً مسرحيًا مستقلا،ً لكنها في الواقع نمط من أنماط الملهاة، يعتمد على المواقف السخيفة والحركات التهريجية.
بنية المسرحية:
تتكون المسرحية عادة من ستة عناصر، وهي العناصر نفسها التي أوردها أرسطو في حديثه عن المأساة: 1- الحبكة أو عقدة القصة 2- الشخصيات المسرحية 3- الفكرة 4- الحوار 5- الموسيقى 6- المشهد.
تمثّل الحبكة أو عقدة القصة البنية الإجمالية، وتتكون من سلسلة من الأحداث تتطور في المسرحيات التقليدية حسب نهج مألوف. والحبكة أهم عناصر المسرحية. والمادة الأساسية التي تعتمد عليها الحبكة هي الشخصيات التي تتطور الأحداث من خلال حوارها وسلوكها. وكل مسرحية مهما كانت فكاهية تنطوي على فكرة، توحي بها الكلمات التي تتفوه بها الشخصيات. وتشتمل الفكرة على المعنى الإجمالي للمسرحية، الذي يسمَّى أحيانًا الفكرة الرئيسية أو الموضوع. ويتم التعبير عن الأحداث والشخصيات والفكر من خلال الحوار. والعنصر الخامس من المسرحية هو الموسيقى، التي إما أن تكون على شكل موسيقى تصاحب العرض، أو تنتج من إيقاع أصوات الشخصيات وهي تتحدث. أما العنصر الأخير فهو المشهد، ويعني الجوانب المرئية من المسرحية كحركات الشخصيات وملابسها والإضاءة وغيرها.
المسرحية الإغريقية والرومانية:
ولدت المسرحية الغربية في اليونان القديمة. وأول سجل يدل على مسرح إغريقي يعود إلى حوالي عام 534ق.م. حين جرت في أثينا مسابقة للمأساة. وكانت أهم فترة في المسرح الإغريقي هي القرن الخامس قبل الميلاد. وكانت المسرحيات الإغريقية تعرض في مسرح ديونيسيوس الذي كان يتسع لأربعة عشر ألف مشاهد.
كانت المأساة الإغريقية تتصف بالجدية والشاعرية والنزعة الفلسفية، كما استُلهم معظمها من الأساطير، ويواجه البطل فيها خيارًا أخلاقيًا صعبًا، ويخوض صراعًا مع قوى عدائية، ينتهي بهزيمته وغالبًا بموته.
تتخلل المأساة أغان تنشدها الجوقة، وكان الممثلون يرتدون أقنعة، ولا يجتمع منهم على خشبة المسرح في وقت واحد أكثر من ثلاثة. وغالبًا ماكتبت المآسي على شكل ثلاثيات، حيث تتألف الثلاثية من ثلاث مآسٍ، تعالج مراحل مختلفة من قصة واحدة.
وما وصل إلينا من المآسي الإغريقية يقل عن خمسة وثلاثين، جميعها، باستثناء واحدة، من تأليف ثلاثةكتاب، أقدمهم إيسخيلوس الذي اشتهر برصانة أسلوبه وبلاغته. ومن أعماله الشهيرة ثلاثية الأوريستيا التي تعالج مفهوم العدالة وتطوره. والكاتب الثاني سوفوكليس، الذي وجد أرسطو في أعماله نموذجًا اقتدى به في كتابة المأساة. ويعتبر الكثيرون مسرحيته أوديب ملكًا أعظم مأساة إغريقية. وآخر كتّاب المأساة الإغريق يوربيدس الذي اكتسبت أعماله رواجًا شديدًا في العصور اللاحقة، لما فيها من واقعية ومن دراسة نفسية، وخاصة في تصوير الشخصيات النسائية، لتشكيكه في الدين الإغريقي والقيم الأخلاقية السائدة في عصره. ومن أشهر مسرحياته ميديا.
لم يخلط الإغريق بين المأساة والملهاة، واتسمت الملهاة القديمة (أي التي كتبت في القرن الخامس قبل الميلاد) بالصراحة والفجور. والأعمال الهزلية الوحيدة التي بقيت من تلك الفترة كتبها أريسطوفانيس الذي جمع بين الهجاء السياسي والاجتماعي والهزل والبذاءة والتجريح الشخصي والخيال والشعر الغنائي البديع. ويطلق اسم الملهاة الجديدة على معظم المسرحيات التي كتبت بعد عام 338ق.م. ولم يبق من هذه الأعمال سوى مسرحية الأسطورة التي كتبها ميناندر، وهو من أشهر الكتاب المسرحيين في ذلك الوقت. وركزت هذه الملهاة على الأمور الشخصية بدلاً من الاجتماعية والسياسية والخيالية.
وعلى الرغم من أن السبق في الفن المسرحي انتقل بعد القرن الثالث قبل الميلاد إلى روما، فإن المسرح الإغريقي يحظى اليوم باحترام أكبر بكثير من نظيره الروماني الذي قلد النماذج الإغريقية، والذي تأتي أهميته من تأثيره على كتّاب العصور اللاحقة، وخاصة على مسرح عصر النهضة.
لم يهتم الرومان بالمأساة قدر اهتمام الإغريق بها، ولم تبق من المآسي الرومانية سوى أعمال لوسيوس أنايوس سنيكا المقتبسة من أصول إغريقية، وقد تأثر الكتاب الغربيون ببعض الأساليب التي استخدمها سنيكا في مسرحياته.
وبالرغم من رواج الملهاة (الكوميديا) في روما، لم يبق من آثارها سوى أعمال بلوتوس وترنس، وهي أيضًا اقتباسات من الملهاة الإغريقية الحديثة. وقد تميزت مسرحيات ترنس بالبعد عن التهريج وبقدر أكبر من العمق، وكان لها أثر كبير على كتَّاب الملهاة الأوروبيين، وخاصة موليير.
وشاعت بين الرومان أشكال مسرحية أخرى مثل التمثيليات الإيمائية البانتومايم. وقد أخذ المسرح الروماني في الانحدار، مع تحول الجمهورية إلى إمبراطورية عام 27ق.م.
القرون الوسطى:
ازدهر المسرح في أوروبا منذ القرن العاشر وحتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وبدأ بالمسرحيات الطقوسية الدينية القصيرة التي أداها القساوسة جزءًا من القدّاس. وفي القرن الثالث عشر، خرجت المسرحية من الكنيسة، وظهرت المسرحية الدينية التي أبقت على الموضوعات الدينية، وتخللها كثير من الفكاهة، كما كانت تكتب شعرًا باللاتينية. وفي القرن التالي، تبنت الاتحادات النقابية تمثيلها وحولتها إلى اللغات المحلية، وغالبًا ما كانت تعرض في الشوارع والساحات على شكل مجموعة تعرف باسم السلسلة، وتحكي علاقة الإنسان بربه منذ خلق الله البشر وحتى يوم الحساب.
كما شاعت مسرحية المعجزات التي تتناول حياة مريم العذراء أو أحد القديسين، والمسرحية الأخلاقية التي تستخدم شخصيات رمزية لإعطاء دروس أخلاقية. أما على الصعيد الدنيوي، فقد انتشر نمطان هما المسرحية الهزلية، والفاصل الترفيهي.
المسرح الأوروبي حتى عام 1660م:
إيطاليا. بدأ النشاط المسرحي في إيطاليا في البلاطات الملكية والمؤسسات العلمية جزءًا من الاهتمام الجديد بالحضارتين الإغريقية والرومانية. وفي مسارح خاصة صغيرة كانت تعرض ثلاثة أنواع من المسرحية: المأساة والملهاة والمسرحية الرعوية التي تعالج قصص حب بين الرعاة وإلاهات الغابات. وليس لمسرحيات تلك الفترة أهمية فنية، وإنما لها قيمة تاريخية. وأول كاتب هزلي إيطالي مهم هو لودوفيكو أرسطو، الذي تعتبر مسرحياته، مثل: كاساريا (1508م)، بداية المسرح الإيطالي. وظهر شكل مسرحي جديد هو اللحن الفاصل، وهو فاصل يعتمد على الألبسة والمشاهد ويتفنن الخيال في تصميمها. وبعد عام 1600م، اندمج اللحن الفاصل في الأوبرا، التي بدأت محاولة لتقليد المأساة الإغريقية، وأصبحت بحلول عام 1650م، أكثر الأشكال المسرحية شعبية في إيطاليا.
أما بين عامة الشعب فقد كانت أكثر الأشكال رواجًا المسرحية المرتجلة، التي كانت تكتب الخطوط العامة لقصتها، ويرتجل الممثلون الحوار، وهم على خشبة المسرح. كما طور الإيطاليون تصميمًا جديدًا لديكور المسرح، كان له أثر كبير، وانتشر في أوروبا حتى بداية القرن العشرين.
إنجلترا. شجعت حركة الإصلاح الديني اللوثري في أوروبا استخدام اللغات المحلية بدلاً من اللاتينية، مما أتاح الفرصة لظهور مسرح قومي. وكانت إنجلترا أول دولة تصل المسرحية فيها إلى درجة عالية من التطور والإبداع، وذلك بين عامي 1580م ، و1642م. ويطلق على الأعوام (1580 – 1603م) اسم العصر الإليزابيثي، أما باقي تلك الفترة (1604 – 1642م)، فتشمل الفترتين اليعقوبية والكارولينية. وكانت المسارح الإنجليزية مصممة بشكل يناسب المسرحيات الإليزابيثية السريعة الحركة والكثيرة المشاهد.
تطور المسرح الإليزابيثي حين بدأت مجموعة جديدة من كتاب المسرح المثقفين بكتابة مسرحيات للفِرق التجارية المحترفة. وجاءت أعمالهم مزيجا لتراثين هما الفواصل الترفيهية التي كان يؤديها ممثلون جوّالون، والمسرحيات التي كانت تُستلهم من العصر الكلاسيكي، وتعرض في المدارس والجامعات، مما ضيق الفجوة بين الطبقة الشعبية وطبقة المثقفين.
من هؤلاء الكتاب توماس كيد الذي أدخل تأثير الكتاب الكلاسيكيين، وخاصة سنيكا، على المسرح الشعبي، وكتب المأساة الأسبانية، أكثر مسرحيات القرن السادس عشر رواجًا وأشدها تأثيرًا. فقد أصبحت هذه المسرحية نموذجا للمأساة في ذلك العصر في طريقتها في بناء قصة واضحة مشوقة، وفي استخدامها للشعر غير المقفَّى.
ووصل كريستوفر مارلو بالشعر المرسل في كتابة المأساة إلى درجة عالية من الجودة، وتميزت مآسيه بمقاطع شاعرية رائعة، وبمشاهد تسيطر فيها العواطف سيطرة كاملة.
وقد شكلت أعمال كيد ومارلو وغيرهما قاعدة بنى عليها وليم شكسبير مسرحياته. ولم يقدم شكسبير ماهو جديد إلا فيما ندر، فقد استعار من التاريخ والأساطير والأعمال الروائية والمسرحية السابقة، لكنه طور الوسائل المسرحية، وكتب شعرًا مسرحيًا لامثيل له، وتعمق في سبر الأغوار النفسية والفلسفية في أعماله.
ومن معاصري شكسبير بن جونسون الذي كتب ملاهي تهدف إلى تحسين السلوك البشري عن طريق السخرية من الحماقة والرذيلة. ومن معاصريهما أيضًا جورج تشابمان وتوماس دكر وتوماس هَيْود وجون مارستن.
وفي عام 1610م، بدأت المسرحية الإنجليزية تتغير؛ إذ أخذت شعبية المأساة الكوميدية، أي المسرحية الجادة ذات النهاية السعيدة تزداد. كما ركز كتاب المأساة على العنف والخداع والرعب. وقد برز في الفترتين اليعقوبية والكارولينية من كتاب المسرح فرانسيس بومونت وجون فليتشر وتوماس مدلتون وسريل تورنر وجون وبستر وفيليب مسنجر وجون فورد.
وبعد سيطرة البيوريتانيين (التطهيريين) على الحكم في إنجلترا، قامت السلطات بإغلاق المسارح، مما أسدل الستار على أغنى عصور المسرح الإنجليزي وأكثرها تنوعًا.
أسبانيا. ازدهرت المسرحية في أسبانيا أيضًا بين منتصف القرن السادس عشر وأواخر القرن السابع عشر، مما جعل تلك الفترة تعرف بالعصر الذهبي للمسرحية الأسبانية. فبعد استيلاء النصارى على الأندلس، استخدموا المسرحية وسيلة مهمة من وسائل التعليم الديني، وهذا ما جعل المسرحية الدينية تكتسب أهمية خاصة في أسبانيا، وتستمر بعد توقفها في باقي أوروبا.
وقد جمعت المسرحية الدينية عناصر من مسرحيات الأسرار الدينية والمسرحيات الأخلاقية، كما جمعت شخصيات خارقة القوى وأخرى بشرية بالإضافة إلى الشخصيات الرمزية كالخطيئة والمسرات، وما إلى ذلك. وكانت المسرحيات تمثل على عربات تشكل مسرحًا متنقلاً. وكان الممثلون يؤدون أيضًا فواصل هزلية ورقصات، وغيرها من العناصر الدنيوية الترفيهية التي تزايدت أهميتها تدريجيًا، مما حدا بالسلطات الدينية في عام 1765م إلى تحريم المسرح.
وأعظم كتاب المسرح الأسبان في ذلك العصر لوبي دي فيجا، الذي كتب ما يقارب 1,800 مسرحية، ويشترك في بعض السمات مع شكسبير ولكنه يفتقر إلى العمق. وبدرو كالديرون الذي كانت وفاته عام 1681م، بداية الانحدار السريع للمسرحية الأسبانية التي لم تستعد حتى الآن حيوية عصرها الذهبي.
فرنسا. بدأ المسرح في فرنسا في القرون الوسطى، وكانت أصوله دينية، كما هي الحال في دول أوروبية أخرى. ولكن إحدى مجموعات الهواة أسست مسرحًا دائما في باريس في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، وفي القرنين التاليين نشأت بعض الفرق المحترفة، التي كانت تستأجر ذلك المسرح لإقامة عروضها. وكانت المسرحيات الدنيوية في ذلك الحين مآسي كوميدية مليئة بمغامرات الفرسان.
لكن المسرح الفرنسي تغير إلى حد كبير حين استوردت نظريات الكلاسيكية الجديدة من إيطاليا، فقد تمسك الفرنسيون بهذه النظريات، والتزموا بها أكثر من أي شعب آخر. وأهم تلك المبادئ الاقتصار على نوعين من المسرحية هما المأساة والملهاة، وعدم خلط عناصرهما على الإطلاق، والحرص على تعليم مبدأ أخلاقي من خلال المسرحيات، وجعل الشخصيات تعكس أنماطاً عامة، والالتزام بوحدة الزمان والمكان والحدث.
ارتبط اسم بيير كورني بالتغييرات الكلاسيكية الجديدة أكثر من أي كاتب آخر؛ فقد ساعد على إرساء قواعدها، وجعلها الأساس المتبع في المسرحية الفرنسية. وأصبح الشكل الشعري الذي استخدمه في كتابة مآسيه، الشكل المتبع في المأساة بصورة عامة. لكن قمة المأساة الكلاسيكية الجديدة في فرنسا كانت أعمال جان راسين، الذي وظَّف قواعد هذه المدرسة لتقوية الحبكة وتكثيف الصراع في قصصه.
ونهض موليير بالملهاة الفرنسية إلى مستوى رفيع في مسرحياته المليئة بالنقد الاجتماعي والأخلاقي، دون أن تفقد طابعها المسلي وروحها المرحة. وطغت شهرته عبر الأجيال على شهرة معاصريه المأساويين.
وبحلول عام 1690م، بدأت المسرحية الفرنسية تتدهور مع لجوء الأجيال الجديدة إلى التقليد والتكرار.
المسرحية الأوروبية (1660 – 1800م(:
كان كارلو جولدوني أعظم كتاب المسرحية الإيطالية في القرن الثامن عشر، أما في ألمانيا، حيث لم تكن للمسرح من قبل أهمية تذكر، فقد شهد هذا القرن نقطة تحول مهمة، وبدأ بعض الكتاب الألمان يكتسبون شهرة خارج وطنهم.
وفي فرنسا سيطر تراث الكلاسيكية الجديدة على المسرحية. وكاتب المأساة البارز الوحيد في ذلك القرن هو فولتير. كما برز دينيس ديدرو من كتاب المأساة العائلية بسبب إصلاحاته في طريقة العرض المسرحي. وكان أشهر كتاب الملهاة بيير ماريفو وبيير دو لاشوسيه وبيير بومارشيه.
وكانت إنجلترا ميدانًا لأكبر نشاط مسرحي في هذه الفترة؛ فمع عودة الملكية عام 1660م، عادت المسارح إلى الظهور، لكن المسرحية لم تعد تستهوي عامة الشعب، كما كانت في عصر شكسبير، وانحصر جمهورها في بادئ الأمر في دائرة ضيقة من رجالات البلاط. وظهرت الممثلات لأول مرة على المسرح، وتوقف الرجال عن أداء الأدوار النسائية.
ويعرف عصر عودة الملكية بصورة خاصة بنوعين من المسرحية، أولهما الملهاة الأخلاقية التي تَسْخَر من مجتمع الطبقة الراقية بلغة نثرية مليئة بالذكاء والمرح. ورغم تسامح هذا النوع مع بعض أشكال الاستهتار الأخلاقي، فإنه كان يهزأ بمن يخدع نفسه أو يخادع غيره. وأفضل مثال على ملهاة السلوك مسرحية وليم كونجريف طريق العالم (1700م.
والنوع الثاني هو المسرحية الملحمية التي راجت بين عامي 1660م و 1680م، لكنها اليوم تبدو سخيفة. وقد صاحبها نمط من المأساة أكثر حيوية، مثل مسرحية كل شيء في سبيل الحب لجون درايدن (1677م.
ومع ازدياد مكانة الطبقة الوسطى عادت بعض القيم الأخلاقية تفرض نفسها على المجتمع، وانعكس ذلك على الملهاة التي أصبحت في القرن الثامن عشر أقل تحررًا وأكثر عاطفية. وخير الأمثلة على الملهاة الرومانسية أعمال الكاتبين أوليفر جولد سميث وريتشارد برنسلي شريدان.وظهرت في القرن الثامن عشر أنماط مسرحية أخرى، منها المأساة العائلية والاستعراض الماجن والمسرح الإيمائي البانتومايم والأوبرا الشعبية. وأشهر مثال على النمط الأخير مسرحية أوبرا الشحاذ (1728م) لجون جي.
الحركة الرومانسية (1800 – 1850م(:
انعكست مبادئ الحركة الرومانسية على المسرح في ألمانيا مع مطلع القرن التاسع عشر من خلال كاتبين مهمين هما جوهان فلفجانج فون جوته، صاحب المسرحية الشهيرة فاوست، وفريدريتش شيلر الذي كتب مسرحيات تركز على اللحظات الحاسمة في التاريخ. وفي فرنسا، انتصرت الحركة الرومانسية في المسرح عام 1830م، لدى عرض مسرحية فيكتور هوجو هرناني، وكان من أبرز كتاب المسرحية الرومانسية ألفرد دو موسيه.
وإلى جانب النزعة الرومانسية، ظهرت في فرنسا مسرحية الإثارة (الميلودراما) التي لقيت رواجًا كبيرًا حتى بعد انتهاء الحركة الرومانسية التي ساعدت على تطوير الاتجاه الواقعي في تصميم المشاهد المسرحية.
ظهور الواقعية:
في منتصف القرن التاسع عشر، بدأت الواقعية تسيطر على المسرح؛ إذ سعى الكتّاب إلى تصوير الحياة في أعمالهم كما هي في الواقع. وتلقت هذه المدرسة دعما من المدرسة الطبيعية التي ركّزت على ضرورة تقليد أدق تفاصيل الحياة الواقعية. لكن الطبيعية التي لجأت إلى الدراسة العلمية للشخصيات المسرحية، وأعطت أهمية كبرى لعوامل الوراثة والبيئة، أخذت تتقهقر مع بداية القرن العشرين الميلادي.
وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت وظيفة المخرج بعد أن كان أحد الممثلين الرئيسيين يتولى مهمة الإشراف على العمل المسرحي. كما بدأت المسارح المستقلة في الظهور للتخلص من تحكم المسرح التجاري.
المسرحية الحديثة (1900-1950م(:
من الممكن اعتبار أعمال المؤلف النرويجي هنريك إبسن بداية المسرحية الحديثة في أوروبا؛ فقد كان له أكبر الأثر على تطوّر المسرحية الواقعية، واعتبرت أعماله ذروة هذا المذهب. ومن جهة أخرى مهّد إبسن الطريق للمذاهب التي ابتعدت عن الواقعية. فقد كتب سلسلة من المسرحيات عالج فيها بعض المشكلات الاجتماعية معالجة واقعية، ولكنه ضمَّنها أيضًا عناصر رمزية مهمة. من أشهر هذه المسرحيات بيت الدُّمية (1879م)؛ هيدا جابلر (1891م). وفي مسرحياته الأخيرة، مثل عندما نوقظ الموتى (1900م)، اشتد اعتماده على الرموز والقوى الغامضة الخارجة عن سيطرة الإنسان.
وتكاد مسرحيات الكاتب الروسي أنطون تشيخوف الواقعية تعادل أعمال إبسن في تأثيرها على كتاب المسرح. وقبل تشيخوف، اشتهر من كتاب المسرحية في روسيا نيكولاي جوجول وألكسندر أستروفسكي وإيفان تورجنيف. وقد صور تشيخوف مجتمع عصره، ومزج الأحداث الفكاهية والمأساوية، وأعظم مسرحياته هي طائر النورس (1896م)؛ الخال فانيا (1898م)؛ الشقيقات الثلاث (1901م)؛ بستان الكرز (1904م).
وفي بريطانيا، بدأت الواقعية تفرض نفسها تدريجيًا، وبرز من كتابها جورج برنارد شو، الذي تبنى نفس المُثُل الاجتماعية والفنية التي تجلت في مسرحيات إبسن.
وشهدت أيرلندا نشاطًا مسرحيًا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين، واشتهر عدد من كتاب المسرحية منهم شون أوكايسي وجون ميلينجتون سينج.
وتنوَّعت المسرحية في فرنسا بين الحربين العالميتين، فقد استخدم جين جيرودو وجان كوكتو الأساطير اليونانية في مسرحياتهما، وكتب بول كلوديل مسرحيات دينية شعرية، واستخدم جان أنوي أشكالا مسرحية مختلفة.
أما في الولايات المتحدة، فلم يظهر أي كاتب مسرحي ذي أهمية عالمية قبل القرن العشرين، حيث كانت المسرحية الأمريكية تقلد التطورات الأوروبية. وكان يوجين أونيل أوَّل كاتب مسرحي أمريكي عالمي الشهرة. وتميز أونيل بعدم توقفه عن التجربة في الأسلوب والوسائل المسرحية. ومن أهم أعماله رحلة النهار الطويل إلى الليل. وفي النصف الأول من القرن العشرين، ظهرت في الولايات المتحدة المسرحية الغنائية التي لقيت شعبية كبيرة.
وفي إيطاليا، يعتبر لويجي بيرانديللو أهم كتّاب المسرحية في القرن العشرين. ومن الاتجاهات التي عرفها المسرح في هذه الفترة المدرستان الرمزية والتعبيرية والمسرح الملحمي. وقد ظهرت الرمزية في فرنسا في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وهي مدرسة تؤمن بأن الظاهر ماهو إلا جانب ثانوي من مظاهر الواقع، وأن الحقيقة لايمكن تصويرها بالتفكير المنطقي، وإنما يجب الإيحاء بها باستخدام الرموز.
أما التعبيرية فهي تعبير اُستُخدم في ألمانيا في الربع الأول من القرن العشرين لوصف مختلف أشكال الابتعاد عن الواقعية تقريبًا. وقد لجأ التعبيريون إلى تشويه المشاهد والإضاءة وطريقة تصميم الملابس وإلى استخدام الحركات الآلية والعبارات المقتضبة في الحوار. وخير مثال للمسرح التعبيري مسرحية جورج قيصر) من الصباح إلى منتصف الليل1916م)
وتدين المسرحية التعبيرية بالكثير للكاتب السويدي أوجست ستريندبيرج، وخاصة في مسرحياته: إلى دمشق، وهي ثلاثة أجزاء (1898م)؛ المسرحية الحلم (1901م)؛( سوناتا الأشباح1908 م)
أما المسرح الملحمي فهو مذهب طوَّره الألماني بيرتولت برخت، ويُعَدُّ أنجح محاولة لتركيز انتباه جمهور المسرح على القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد كتب برخت جميع أعماله المهمة قبل عام 1945م، ولكنه كان ذا تأثير كبير فيما بعد.
المسرحية الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية:
تأثر المسرح بعوامل عدة منذ عام 1945م، منها التغييرات الكبيرة التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية، ومنها ظهور وسائل جديدة كالسينما والإذاعة والتلفاز التي أدت في بعض البلاد، كالهند مثلاً، إلى إغلاق عدد كبير من المسارح.
والأرجح أن أكثر الحركات المسرحية الحديثة تأثيرًا هي مسرح اللا معقول الذي ظهر في فرنسا في الخمسينيات، والذي سعى إلى تصوير الحياة في كون عدائي يفتقر إلى العقلانية والمعنى. وأشهر مسرحيات هذه الحركة في انتظار جودو لصمويل بيكيت. ومن كتابها أيضًا أوجين يونسكو وجان جينيه.
كما ظهرت مسارح تجريبية حاولت التخلُّص من سيطرة الكاتب، منها المسرح الحي الذي تأسس في أمريكا عام 1951م، والمسرح المفتوح الذي أنشئ في مدينة نيويورك. ولكن بحلول السبعينيات من القرن العشرين، فقد المسرح التجريبي كثيرًا من طاقته وعزمه على تغيير العالم.
وباللغة الألمانية برز من كتاب المسرحية السويسري فريد ريتش دورينمات، ومن أعماله الزيارة (1956م)، والألماني بيتر فايس الذي كتب مارات/ساد (1964م)، وغيرهما.
وتعتبر الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين العصر الذهبي في الولايات المتحدة لنوع جديد من المسرحية هو التمثيلية التلفازية واشتهر من كتابها بادي تشيفسكي.
وشهدت إنجلترا بعد الحرب العالمية الثانية نشاطًا مسرحيًا كبيرًا. فقد جدد تي. إس. إليوت وكريستوفر فراي المسرحية الشعرية، كما بدأت فترة جديدة في التاريخ المسرحي مع عرض مسرحية جون أوزبورن انظر وراءك في غضب (1956). واشتهر العديد من كتاب الجيل المسرحي الجديد منهم هارولد بنتر وجون أردن وإدوارد بوند وأرنولد وسكر وتوم ستوبارد وجو أورتن وبيتر شافر وغيرهم.
أما في الولايات المتحدة، فقد كان أبرز كتاب المسرحية منذ بداية الأربعينيات من القرن العشرين تنيسي وليمز وآرثر ميلر، وكلاهما مزجا الحوار الواقعي مع الأساليب التعبيرية في العرض المسرحي، وإدوارد ألبي الذي حققت مسرحيته من يخاف فرجينيا وولف نجاحًا كبيرًا.
وفي القرن العشرين، بدأت المسارح غير التجارية تتولى عرض المسرحيات الجديدة، مثل مسرحية سام شبرد الطفل المدفون (1978م.
ولايزال الكتاب في مختلف أنحاء العالم يستخدمون المسرحية للتعبير عن غضبهم من الظلم السياسي والاجتماعي.
المسرحية في الوطن العربي:
البدايات في القرن التاسع عشر. أجمع النقاد ودارسو الأدب عامة والمسرح خاصة على أن أول مسرحية عربية أعدّها مارون النقاش (1817 – 1855م) عن رواية البخيل للكاتب الفرنسي موليير وقدمها في لبنان بنفس الاسم، وكان ذلك عام 1847م. ولم يغير في رواية موليير كثيرًا، بل أجرى عليها بعض الاختصار مع الإكثار من عنصر الفكاهة لتلائم الجمهور العربي في لبنان وصاغها شعرًا واستبدل بالأسماء الأجنبية أسماء عربية. ثم قدَّم بعد ذلك أبو الحسن المغفَّل وهي مستوحاة من إحدى قصص ألف ليلة وليلة، ثم عاد مرة أخرى إلى موليير وأعدَّ عن روايته طرطوف مسرحية باسم الحسود.أما الكاتب الذي ظهر بعد النقاش مباشرة فهو أبو خليل القبَّاني من دمشق (1833 – 1903م) الذي قدم مسرحيّات من التراث العربي، منها الحاكم بأمر الله التي أدخل فيها رقص السماح على ضروب الموشحات وأوزانها وقام بالتأليف والإخراج وتلحين الأغاني.
لكن الذي أعطى المسرحية دفعة قوية هو يعقوب صنُّوع (1839 – 1912م) الصحفي والمؤلف المسرحي المصري، فقد ألف نحو 36 مسرحية، كتب معظمها بالعامية وتناول قضايا اجتماعية وسياسية قاوم بها الإنجليز وحمل خلالها على الخديوي. وتتابعت المسرحيات التي أعدَّت من أعمال غربية وحشدها أصحابها بكل ألوان الطرب والترويح.
القرن العشرون. ساعد المد الوطني المتزايد على تطوير الفنون والآداب عامة من منطلق الرغبة في المقاومة ومخاطبة الجماهير وتنويرها، فظهرت مسرحيات اجتماعية جادة منها مسرحية مصر الجديدة ومصر القديمة لفرح أنطون (1913م) وتأكد هذا الاتجاه على يدي محمد تيمور (1892 – 1921م) الذي ألف ثلاث مسرحيات منها العصفور في القفص وعبد الستار أفندي، وقد استطاع محمد تيمور بمسرحياته القليلة ومقالاته النقدية رغم عمره القصير أن يضع حجر الأساس للأدب المسرحي العربي الحديث. ومهد تيمور الطريق لظهور عدد من الكتاب أهمهم أحمد شوقي رائد المسرح الشعري وتوفيق الحكيم رائد المسرح النثري.
قدَّم أحمد شوقي (1868 – 1932م) مسرحيات مجنون ليلى؛ مصرع كليوباترة؛ قمبيز؛ علي بك الكبير وغيرها ووضع بهذا أسس المسرح الشعري العربي، وتبعه في ذلك النهج آخرون مثل عزيز أباظة، وأشهر أعماله: العبّاسة؛ قيس ولبنى، ثم عبد الرحمن الشرقاوي الذي قدّم الفتى مهران؛ الحسين ثائرًا وشهيدًا؛ جميلة؛ أحمد عرابي. ثم لحق بهم صلاح عبد الصبور بمسرحياته مسافر ليل؛ مأساة الحلاج؛ الأميرة تنتظر. وإذا كانت المسرحية الشعرية عند كل من شوقي وأباظة تقليدية الشكل قليلة الحظ من الدراما أو الصراع والحيوية المسرحية، فقد استخدم الشرقاوي الشعر الحر واتسمت مسرحياته بالحيوية. وبلغ المسرح الشعري درجة عالية من النضج الفني عند صلاح عبد الصبور.
أما توفيق الحكيم (1898 – 1989م) الذي تمثل مسرحيته أهل الكهف (1933م) البداية الحقيقية لنص مسرحي أدبي عربي، فقد ساهم في ترسيخ فن المسرحية بمسرحياته التي تواصلت على مدى نصف قرن. من هذه المسرحيات: شهر زاد؛ براكسا أو مشكلة الحكمة؛ الطعام لكل فم؛ السلطان الحائر؛ الصفقة؛ الورطة.
المسرح العربي الحديث. شهد المسرح العربي منذ الخمسينيات من القرن العشرين نهضة فنية قامت على أكتاف العديد من الكتاب مثل محمود تيمور ويوسف إدريس وسعد الدين وهبة ولطفي الخولي ونعمان عاشور ورشاد رشدي.
وتُبذل الآن جهود متواصلة للبحث عن شكل عربي للمسرحية المعاصرة، وإن كانت المسرحيات الفكاهية التي يقدِّمها عدد من مسارح القطاع الخاص بغرض تجاري تجتذب أعدادًا كبيرة من جمهور المسرح، ولا شك أنها ذات تأثير سلبي على النهضة المسرحية.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

66مشاهد ورد واحد فقط والله العظيم ردودكم تشجعنا ما تبخلوناش فيها

[rainbow]
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

لاشكر على واجب اختي