التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

في استعمال الاسم الموصول

في استعمال الاسم الموصول
محمد خليل الزَّرُّوق

يخطئ كثير من الناس – ويشيع خطؤهم في لغة الصحف والأخبار – في وضع الاسم الموصول في حق موضعه من الكلام .
فللاسم الموصول خصيصتان :
إحداهما : أنه يُتوصل به إلى وصف المعارف بالجمل ، فإنه في قدرتك أن تصف النكرة بجملة ، فتقول : رأيت طالبًا أبوه صديقي ، وليس في قدرتك أن تقول : رأيت عمر أبوه صديقي ، حتى تقول : رأيت عمر الذي أبوه صديقي .
ولكنه مع ذلك يأتي قائمًا بنفسه ، ليس صفة لشيء سبقه ، فيقع في مواقع الإعراب ، كالفاعلية ، نحو : جاء الذي أذاكره العلم ، والمفعولية ، نحو : أكرمت الذي أكرمني ، والابتدائية ، نحو : الذي يَظلم ممقوت ، والخبرية ، نحو : هذا الذي حدثتك حديثَه .
والآخرة : أنه لا يكون إلا حيث تكون صلته معلومة ، فلا تقول : هذا الذي زارني أمس ، إلا لعالم بمضمون الصلة ، أي بزائر لك أمس ، انظر في هذا : دلائل الإعجاز ( شاكر ) ص 199-201 .
وهنا الخطأ المراد ؛ إذ تسمع وتقرأ نحو قولهم : زارنا عمر الذي أهدى إلينا هدية ، ومرادهم الإخبار بأمرين : بزيارة عمر وبإهدائه هدية ، فتكون الصلة – وهي : أهدى إلينا هدية – مجهولة للمخاطب ، ومراد المتكلم الإفادة بها ، ولا يقال مثل هذا في الكلام العربي إلا ومضمون الصلة معلوم ، وأنت تريد إيضاح حال عمر ، وأنه الذي تعرف أنه أهدى إلينا هدية .
وإذا أريد التعبير عن مرادهم من سبيل كلام العرب قيل : زارنا عمر ، وأهدى إلينا هدية ، أو نحو ذلك .
وتسمع من نحو خطئهم هذا قولَهم : حضر الأستاذ الكبير الذي ألقى محاضرة ، وصوابه : حضر الأستاذ الكبير ، وألقى محاضرة . وقولهم : حضر الاحتفال مدير المدرسة الذي كرّم الفائزين ، وصوابه : حضر الاحتفال مدير المدرسة ، وكرّم الفائزين . وقس على ذلك .
وإذا أردت أن تستوثق من صحة هذا فتدبر قول الله – تعالى – : ) سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى ( الآيات .
فالمعنى – والله أعلم – على أنه أُمر بتسبيح اسم الله الذي يعلم أنه الخالق ، وأنه الذي سوّى ، وأنه الذي قدر فهدى . إذ كان في الناس من يعبد مع الله آلهة أخرى ، وإذا سئلوا : من خلق السموات والأرض ؟ ومن أنزل من السماء ماءً ؟ ومن ومن ؟ قالوا : الله . وهم يعلمون أن آلهتهم الذين يعبدونهم من دون الله لا يخلقون شيئًا وهم يُخلَقون .
والله أعلم