تاريخ ووجود المغنسيوم في الطبيعة
اشتق اسم المغنسيوم من ( مغنيسيا ) وهي منطقة في آسيا الصغرى حيث عثر فيها على مركبات المغنسيوم وفي عام 1765 م استطاع ( نيهيميا جرو Nehemiah ) فصل كبريتات المغنسيوم من معادن مائية في منطقة السوم بانجلترا , وفي عام 1808 م استطاع ( دافي Davy ) عزل المغنسيوم واستخلاصه عن طريق التحليل الكهربائي . ويعد المغنسيوم من الفلزات التي تأخر كثيراً الحصول عليها . ويرجع ذلك لقابلية المغنسيوم العالية للاتحاد بالعناصر الأخرى , وصعوبة استخلاصه من خاماته , وإضافة الى ذلك فإن الألفة الكيميائة بين المغنسيوم والعناصر الأخرى تجعل من الصعوبة بمكان الحصول عليه بصورة نقية , كمانه لايوجد في القشرة الأرضية بصورة منفردة , وقد تم انتاج المغنسيوم بصورة تجارية في عام 1852 م بالتحليل الكهربائي لمصهور كلوريد المغنسيوم في بوتقة من الخزف الصيني . ومازالت الطرق الحديثة لاستخلاص المغنسيوم والمستخدمة في الوقت الراهن تعمل على المبدأ نفسه .
لم يجد المغنسيوم الاهتمام الكبير لاستخلاصه واستخدامه حتى عهد قريب وربما يرجع ذلك الى عدة اسباب من بينها :
1- تكلفة الانتاج العالية نسبياً . ولكن امكن التغلب على هذه المشكلة بزيادة الإنتاج واستمرار البحث في تخفيض التكلفة بتحسين طرق الإستخلاص وتطويرها .
2- تفاعلية المغنسيوم الكيميائية العالية ونشاطه الكيميائي الكبير قد جعلا من الصعب الاحتفاظ به في صورة منفردة بعد استخلاصه , كما يصعب استخلاصه في صورته المنفردة , ولكن تطوير السبائك المختلفة في الوقت الراهن قد قضى على هذه المشكلة حيث لا يحتفظ بالمغنسيوم في صورة منفردة إنما يصنع في صور سبائكية .
3- عدم تطوير طرق تصنيع وتشكيل مناسبة لهذا الفلز , نظراً لنشاطه الكيميائي السريع حتى عند درجات الحرارة المتوسطة والمعتدلة إضافة الى إنخفاض مطيليته مقارنة بالفلزات الأخرى .
4- يشكل المغنسيوم مصدر خطورة عند وجوده او خزنه في اماكن التخزين العادية نظراً لتفاعله واكسدته السريعة واشتعاله لمجرد الأحتكاك البسيط او تعرضه لأي لهب , وهذا يمنع استخدامه في صورة منفردة , ولكن بعد تطوير سبائك المغنسيوم المختلفة اختفت تلك المشكلة .
ولقد بدأ الاهتمام الشديد والاقبال المتزايد على هذا الفلز اثناء الحرب العالمية الثانية , وشجع على ذلك الحاجة الملحة الى المغنسيوم للاستخدام في الصناعات الحربية المختلفة .
تتوفر كميات ضخمة من خامات المغنسيوم في القشرة الأرضية – والمغنسيوم هو ثاني فلز انتشاراً في القشرة الأرضية بعد الألومنيوم – اضافة الى مصدر آخر لا ينضب وهو ماء البحر .
اهم مصادر المواد الخام لعنصر المغنسيوم
ماء البحر
ويكون المغنسيوم إما في صورة كلوريد المغنسيوم ( MgCl2 ) يحتوي على 21% مغنسيوم . او في مركب كارناليت ( KMgCl3-6H2O ) يحتوي على 9% مغنسيوم .
القشرة الأرضية
وتشمل خامات المغنسيوم المتوافرة في هذه الحالة
بروسيت ( MgO.H2O ) تصل نسبة المغنسيوم فيه حوالي 42 %
مجنزيت (MgCO3 ) تصل نسبة المغنسيوم فيه الى 29 %
الدولوميت ( Ca,Mg( CO3)2 ) تصل نسبة المغنسيوم فيه الى 14 %
استخلاص المغنسيوم
يستخلص المغنسيوم بإحدى طريقتين إما بالتحليل الكهروكيميائي لمصهور املاح العنصر , اوبالاختزال الكيميائي لتلك الاملاح .
ينتج معظم المغنسيوم في العالم بطريقة التحليل الكهروكيميائي , حيث تبلغ نسبة المغنسيوم المنتج عالمياً بهذه الطريقة حوالي 85 % , اما نسبة 15 % الباقية فتنتج بالاختزال الكيميائي .
التحليل الكهروكيميائي
يطلق على هذه الطريقة احياناً اسم عملية ( دو ) ( Dew process ) وكانت هذه اول طريقة استخدمت لانتاج المغنسيوم بكميات تجارية , واساس هذه العملية هو نفسه اساس طريقة استخلاص الالومنيوم , أي بالتحليل الكهروكيميائي لمصهور املاح المغنسيوم , ويستخدم في هذه الطريقة ماء البحر الذي يُطرد منه الماء قبل الاستخلاص ويؤدي ذلك الى بلورة ملح المغنسيوم , ثم تسخن البلورات لتعطي كلوريد المغنسيوم المميأ , ويخلط كلوريد المغنسيوم المميأ الناتج من ماء البحر مع كلوريدي الصوديوم والالومنيوم , ويساعد هذان الملحان على ازالة ماء التميؤ واستمرار عملية البلورة , ويصهر خليط الكلوريدات ( كلوريد المغنسيوم والكلوريدات القاعدية ) في خلية كهربائية , حيث يتم عندئذ تحليلها الكتروليتياً , وفيها يتجه الكلور الى القطب الموجب ويتجمع المغنسيوم بنقاوة ( 99.9% ) في قاع الخلية , ولقد قل كثيراً استخدام هذه الطريقة واستعيض عنها بالتحليل الكهربائي لكلوريد المغنسيوم المائي .
تستخدم الطريقة الحديثة – التحليل الكهربائي لكلوريد المغنسيوم المائي – مرة اخرى ماء البحر كمادة خام ومصدر للمغنسيوم ( يحتوي ماء البحر على 0.13 % مغنسيوم ) ويتم في البداية ترسيب المغنسيوم من ماء البحر في صورة هيدروكسيد المغنسيوم بإضافة هيدروكسيد الكالسيوم .
MgCl2 + Ca ( OH )2 ——> Mg ( OH )2 + CaCl2
MgSO4 + Ca ( OH )2 ——-> Mg ( OH )2 + CaSO4
ثم يرشح المحلول الذي يحتوي في هذه الحالة على حوالي ( 17% ) هيدروكسيد المغنسيوم , لتتم معادلتة بإضافة ( 10% ) حمض الهيدروكلوريك , ونحصل عندئذ على محلول كلوريد المغنسيوم
Mg(OH)2 + 2HCl + 4H2O ——-> MgCl2.6H2O
وتصل نسبة تركيز كلوريد المغنسيوم الى ( 36 % ) في المحلول الناتج , وبعد تجفيف ناتج التفاعل ترتفع نسبة تركيز كلوريد المغنسيوم لتبلغ ( 76 % ) وتصل نسبة الماء في الناتج حوالي ( 20 % ) , وينقل الناتج عندئذ الى خلية التحليل الكهربائي التي تعمل بطريقة مستمرة .
وبمرور التيار الكهربائي المباشر في الخلية يتحلل كلوريد المغنسيوم الى ايونات كل من الكلور والمغنسيوم , ونظراً لأن كثافة المغنسيوم اقل من كثافة الإلكتروليت فإن المغنسيوم يطفو على السطح في منطقة الكاثود , ليتم عندئذ جمعه , وتبلغ درجة نقاوة الفلز الناتج من هذه الطريقة حوالي ( 99.8 % ) , اما الكلور المتصاعد عند الأنود فيتم جمعه , حيث يعاد استخدامه مرة ثانية لتحويل اكسيد المغنسيوم الى كلوريد المغنسيوم او يستخدم في انتاج حامض الهيدروكلوريك .
طريقة ( إلكترون )
بُنيت طريقة إلكترون لاستخلاص المغنسيوم على اساس استخدام الخامات المتوافرة في القشرة الأرضية .
ولإنتاج المغنسيوم بهذه الطريقة , يكسر الخام ويطحن ثم يتم تكليسه للحصول على اكسيد المغنسيوم MgO , ويخلط الناتج ( المغنيسيا ) مع الفحم النباتي في وجود الكلور , ثم يكبس المخلوط في صورة قوالب , ويكون الناتج هو كلوريد المغنسيوم غير المائي مخلوطاً بالفحم , ثم يجفف الناتج لطرد الماء , ويتم عندئذ معالجة كلوريد المغنسيوم غير المائي الناتج كما في الطريقة السابقة , ليتم الحصول على المغنسيوم والكلور .
خواص المغنسيوم
المغنسيوم عنصر فلزي ذو لون أبيض فضي
يفقد بريقه ولمعانه بعد فترة قليلة , وتزداد تبعاً لذلك خشونة سطحه
يعتبر المغنسيوم من أخف الفلزات , وهو أخف الفلزات المستعملة تجارياً على الإطلاق .
قابل للطرق والسحب عند درجات حرارة مرتفعة تصل الى ( 340 درجة مئوية )
ليست له أية خواص مغناطيسية .
لايذوب المغنسيوم في الماء البارد او الساخن , ولكنه يذوب في كل الحموض مطلقا الهيدروجين
Mg + 2HCl ——> MgCl2 + H2
للمغنسيوم مقاومة جيدة ضد الهواء والماء , أي ان مقاومته للتآكل جيدة في الاوساط الجافة , ولكنها تقل جداً في وجود الرطوبة او أية املاح – وذلك لسرعة تكوين طبقة من الكربونات القاعدية على سطحه .
للمغنسيوم مقدرة جيدة على الاختزال .
يتميز المغنسيوم بالقصافة مما يجعل تشكيله عند درجة الحرارة العادية امراً صعباً بل مستحيلاً , حيث ان تشكيله على البارد يزيد من تصلده .
يتفاعل المغنسيوم مع كلاً من
النيتروجين
x3Mg + N2 ——-> Mg3N2
الكبريت
Mg + 1/8S8 ——-> MgS
النشادر
Mg + 2NH3 ——> Mg(NH2)2 + H2
الهالوجينات
Mg + Cl2 ——–> MgCl2
الأكسجين
x2Mg + O2 ——-> 2MgO
بخار الماء
Mg + 2H2O (g) ——-> Mg(OH)2 + H2
استخدامات المغنسيوم
منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الحاضر شهد العالم توسعاً كبيراً وزيادة مستمرة ومطردة في إستخدام المغنسيوم , ولكن استعماله كان دائماً في صورة سبائكية وليس بصورة فلزية منفردة . ويرجع عدم استخدام المغنسيوم بصورة منفردة ( الا في حالات محدودة ) لضعف خواصه الميكانيكية .
تعتمد أهم الاستخدامات لفلز المغنسيوم على أساس انطلاق ضوء أبيض لامع من المغنسيوم المشتعل , ولهذا يستخدم في صناعة مساحيق الضوء الومضي وفي الألعاب النارية والقنابل .
يستخدم المغنسيوم بصورته السبائكية في العديد من التطبيقات , وخاصة صناعة الطائرات والسيارات وقوارب السباق وهياكل الدراجات
والأسلحة النارية وأجهزة تضخيم الصوت , كما يستخدم المغنسيوم وسبائكه لوقاية المنشآت الفلزية من التآكل عندما يتم توصيل المغنسيوم او إحدى سبائكه كأنود في الدائرة الكهربائية المغلقة وتعرف باسم أنود تضحية ) Sacrificial anode ) حيث تستهلك او تتآكل هذه المواد . ومن امثلة استخدام المغنسيوم او سبائكه كمادة واقية في صورة أنود تضحية في جسم السفن وخطوط أنابيب نقل النفط وخطوط أنابيب نقل الماء وكذلك لوقاية الدعامات الفولاذية في الإنشاءات المختلفة . ولكن يجب تذكر عدم استخدام هذه الطريقة لوقاية أجهزة الحفر في آبار البترول لاحتمال حدوث شرارات كهربائية مع وجود فلز المغنسيوم سهل الاشتعال , مما يؤدي الى حدوث الحرائق .