المقالة الجدلية : هل الشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟
01
مقدمة ومحاولة طرحالمشكلة
من المشاكل النفسية التي ظلت تؤرق الإنسان هي محاولة التعرف على الذاتفي مختلف الصفات التي تخصها ؛ بحيث اتجه محور الاهتمام إلى تشكيل بنية الأنا عبرالغير الذي بإمكانه مساعدته إلا أن ذلك لم يكن في حال من الاتفاق بين الفلاسفةالذين انقسموا إلى نزعتين الاولى تعتقد أن مشاركة الأخر أي الغير أضحت أمرا ضرورياوالنزعة الثانية تؤكد على وجوب أن يتشكل الأنا بمفرده عبر الشعور وأمام هذاالاختلاف في الطرح نقف عند المشكلة التالية : هل الشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟وبعبارة أوضح وأحسن هل الشعور بالأنا مرتبط بالأخر أم انه لا يتعدى الشخص؟
الأطروحة : الشعور بالأنا مرتبط بالغيريرى أنصار الأطروحة أن الشعور بالأنا يرتبط بالغير فلا وجود لفردية متميزة بل هناكشعور جماعي موحد ويقتضي ذلك وجود الأخر والوعي به .
البرهنة : يقدم أنصارالأطروحة مجموعة من البراهين تقوية لموقفهم الداعي إلى القول بان الشعور بالأنايكون بالغير هو انه لامجال للحديث عن الأنا خارج الأخر
الذي يقبل الأنا عبرالتناقض والمغايرة ومن هنا يتكون شعور أساسه الأخر عبر ما يسميه ديكارت بالعقل الذيبواسطته نستطيع التأليف بين دوافع الذات وطريقة تحديد كيفيات الأشياء والأشخاص وفيهذا السياق يعتقد الفيلسوف الألماني “هيغل ” أن وجود الغير ضروري لوجود الوعيبالذات فعندما أناقض غيري أتعرف على أناي وهذا عن طريق الاتصال به وهنا يحصل وعيالذات وذات الغير في إطار من المخاطرة والصراع ومن هنا تتضح الصورة وهي أن الشعوربالأنا يقوم مقابله شعور بالغير كما انه لابد للانا أن يعي الأخر إلا أن الأخر ليسخصما ولا يتحول إلى شيء لابد من تدميره كما يعتقد البعض بل إلى مجال ضروري الاهتداءإليه لبناء ذات قوية فقد تختلف الذوات وتتنوع رؤى فكرية كثيرة ولكن لا يفسد ذلك وداجماعيا وحتى وان استنطق الإنسان في نفسه غرائز الموت والتدمير الطبيعية فان مفهومالصراع يناسب مملكة الحيوانات ومنطق قانون الغاب وهذا الأمر لا ينطبق على من خلقوامن اجل التعارف وليس بعيدا عن الصواب القول بان وعي الذات لا يصبح قابلا للمعرفةإلا بفعل وجود الأخر والتواصل معه في جو من التنافس والبروز ومن هنا يمكن التواصلمع الغير ولقد كتب المفكر المغربي محمد عزيز لحبابي ” إن معرفة الذات تكمن في أنيرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة : “الأنا جزء من النحن في العالم ”
وبالتالي فالمغايرة تولد التقارب والتفاهم ويقول تعالى : ” ولولا دفاع اللهالناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ” .
نقد الأطروحة يمكن الرد على هذه الأطروحة بالانتقادات التالية
إنالشعور بالأنا يتأسس على الغير لكن الواقع يؤكد بأنه قد يكون عائقا وليس محفزالتكون ذات قوية فكل” أنا” يعيش مجالا خاصا وفي ذلك رغبة فردية وشخصية .
يرى أنصار الأطروحة أن الأنا يعيشمع ذاته ويحيا مشاريعه بنفسه وبطريقة حرة أي كفرد حر وهذا الامتلاك يكون بمقدورهالتعامل مع الواقع بشكل منسجم .
البرهنة : يقدم أنصار هذا النقيض جملة منالبراهين في تأكيدهم على الشعور بالأنا على انه شخصي ولا مجال لتدخل الغير الذييعتبره أنصار النقيض بأنه عقبة لا بد من تجاوزها ؛
ومن هذا المنطلق يؤكدالفيلسوف الفرنسي مان دوبيران على أن الشعور بالواقع ذاتي وكتب يقول : ” قبل أيشعور بالشيء فلابد من أن الذات وجود ” ومن مقولة الفيلسوف يتبين أن الوعي والشكوالتأمل عوامل أساسية في التعامل مع الذات ووعيها ولقد كان سارتر اصدق تعبيرا عندماقال ” الشعور هو دائما شعور بشيء
ولا يمكنه إلا أن يكون واعيا لذاته ” ومن هنايتقدم الشعور كأساس للتعرف على الذات كقلعة داخلية حيث يعيش الأنا داخل عالم شبيهبخشبة المسرح وتعي الذات ذاتها
عن طري ما يعرف بالاستبطان فالشعور مؤسس للاناوالذات الواعية بدورها تعرف أنها موجودة عن طريق الحدس ويسمح لها ذلك بتمثيل ذاتهاعقليا ويكون الحذر من وقوف الآخرين وراء الأخطاء التي نقع فيها ولقد تساءل” أفلاطون“
قديما حول هذه الحقيقة في أسطورة الكهف المعروفة أن ما يقدمه لنا وعيناماهو إلا ظلال وخلفها نختبئ حقيقتنا كموجودات ” كما يحذر سبينوزا من الوهم الذييغالط الشعور الذي لابد أن يكون واضحا خاصة على مستوى سلطان الرغبات والشهوات ومنهنا فقد الجحيم هم الآخرون على حد تعبير أنصار النقيض فيريد الأنا فرض وجودهوإثباته
ويدعو فرويد إلى التحرر الشخصي من اكراهات المجتمع للتعرف على قدرةالأنا في إتباع رغباته رغم أنها لا شعورية وهكذا فألانا لا يكون أنا إلا إذا كانحاضرا إزاء ذاته أي ذات عارفة .
نقد نقيض الأطروحة ان هذا النقيض ينطلق من تصوريؤكد دور الأنا في تأسيس ذاته ولكن من زاوية أخرى نلاحظه قاصرا في إدراكها والتعرفعليها فليس في مقدور الأنا التحكم في ذاته وتسييرها في جميع الاحوال ففي ذلك قصور .
يمكن القول في الختام أن الشعور بالأنا يكون جماعيا عبر الأخر كماانه يرتبط بالأنا انفراديا ومهما يكن فالتواصل الحقيقي بين الأنا والأخر يكون عنطريق الإعجاب بالذات والعمل على تقويتها بإنتاج مشترك مع الغير الذي يمنحها التحفيزوالتواصل الأصيل وتجاوز المآسي والكوارث . داخل مجال من الاحترام والتقدير والمحبة .
من المشاكل النفسية التي ظلت تؤرق الإنسان هي محاولة التعرف على الذاتفي مختلف الصفات التي تخصها ؛ بحيث اتجه محور الاهتمام إلى تشكيل بنية الأنا عبرالغير الذي بإمكانه مساعدته إلا أن ذلك لم يكن في حال من الاتفاق بين الفلاسفةالذين انقسموا إلى نزعتين الاولى تعتقد أن مشاركة الأخر أي الغير أضحت أمرا ضرورياوالنزعة الثانية تؤكد على وجوب أن يتشكل الأنا بمفرده عبر الشعور وأمام هذاالاختلاف في الطرح نقف عند المشكلة التالية : هل الشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟وبعبارة أوضح وأحسن هل الشعور بالأنا مرتبط بالأخر أم انه لا يتعدى الشخص؟
02
التحليل ومحاولة حل المشكلةالأطروحة : الشعور بالأنا مرتبط بالغيريرى أنصار الأطروحة أن الشعور بالأنا يرتبط بالغير فلا وجود لفردية متميزة بل هناكشعور جماعي موحد ويقتضي ذلك وجود الأخر والوعي به .
البرهنة : يقدم أنصارالأطروحة مجموعة من البراهين تقوية لموقفهم الداعي إلى القول بان الشعور بالأنايكون بالغير هو انه لامجال للحديث عن الأنا خارج الأخر
الذي يقبل الأنا عبرالتناقض والمغايرة ومن هنا يتكون شعور أساسه الأخر عبر ما يسميه ديكارت بالعقل الذيبواسطته نستطيع التأليف بين دوافع الذات وطريقة تحديد كيفيات الأشياء والأشخاص وفيهذا السياق يعتقد الفيلسوف الألماني “هيغل ” أن وجود الغير ضروري لوجود الوعيبالذات فعندما أناقض غيري أتعرف على أناي وهذا عن طريق الاتصال به وهنا يحصل وعيالذات وذات الغير في إطار من المخاطرة والصراع ومن هنا تتضح الصورة وهي أن الشعوربالأنا يقوم مقابله شعور بالغير كما انه لابد للانا أن يعي الأخر إلا أن الأخر ليسخصما ولا يتحول إلى شيء لابد من تدميره كما يعتقد البعض بل إلى مجال ضروري الاهتداءإليه لبناء ذات قوية فقد تختلف الذوات وتتنوع رؤى فكرية كثيرة ولكن لا يفسد ذلك وداجماعيا وحتى وان استنطق الإنسان في نفسه غرائز الموت والتدمير الطبيعية فان مفهومالصراع يناسب مملكة الحيوانات ومنطق قانون الغاب وهذا الأمر لا ينطبق على من خلقوامن اجل التعارف وليس بعيدا عن الصواب القول بان وعي الذات لا يصبح قابلا للمعرفةإلا بفعل وجود الأخر والتواصل معه في جو من التنافس والبروز ومن هنا يمكن التواصلمع الغير ولقد كتب المفكر المغربي محمد عزيز لحبابي ” إن معرفة الذات تكمن في أنيرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة : “الأنا جزء من النحن في العالم ”
وبالتالي فالمغايرة تولد التقارب والتفاهم ويقول تعالى : ” ولولا دفاع اللهالناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ” .
وهكذا فالشعور بالأخر تسمح لنا بالمتوقع داخل شخصية الأخروالاتصال الحقيقي بالأخر كما يرى ماكس شيلر يتمثل في التعاطف ومنه لا غنى للانا عنالغير .
نقد الأطروحة يمكن الرد على هذه الأطروحة بالانتقادات التالية
إنالشعور بالأنا يتأسس على الغير لكن الواقع يؤكد بأنه قد يكون عائقا وليس محفزالتكون ذات قوية فكل” أنا” يعيش مجالا خاصا وفي ذلك رغبة فردية وشخصية .
نقيض الأطروحة ” الشعور بالأنا شخصي
يرى أنصار الأطروحة أن الأنا يعيشمع ذاته ويحيا مشاريعه بنفسه وبطريقة حرة أي كفرد حر وهذا الامتلاك يكون بمقدورهالتعامل مع الواقع بشكل منسجم .
البرهنة : يقدم أنصار هذا النقيض جملة منالبراهين في تأكيدهم على الشعور بالأنا على انه شخصي ولا مجال لتدخل الغير الذييعتبره أنصار النقيض بأنه عقبة لا بد من تجاوزها ؛
ومن هذا المنطلق يؤكدالفيلسوف الفرنسي مان دوبيران على أن الشعور بالواقع ذاتي وكتب يقول : ” قبل أيشعور بالشيء فلابد من أن الذات وجود ” ومن مقولة الفيلسوف يتبين أن الوعي والشكوالتأمل عوامل أساسية في التعامل مع الذات ووعيها ولقد كان سارتر اصدق تعبيرا عندماقال ” الشعور هو دائما شعور بشيء
ولا يمكنه إلا أن يكون واعيا لذاته ” ومن هنايتقدم الشعور كأساس للتعرف على الذات كقلعة داخلية حيث يعيش الأنا داخل عالم شبيهبخشبة المسرح وتعي الذات ذاتها
عن طري ما يعرف بالاستبطان فالشعور مؤسس للاناوالذات الواعية بدورها تعرف أنها موجودة عن طريق الحدس ويسمح لها ذلك بتمثيل ذاتهاعقليا ويكون الحذر من وقوف الآخرين وراء الأخطاء التي نقع فيها ولقد تساءل” أفلاطون“
قديما حول هذه الحقيقة في أسطورة الكهف المعروفة أن ما يقدمه لنا وعيناماهو إلا ظلال وخلفها نختبئ حقيقتنا كموجودات ” كما يحذر سبينوزا من الوهم الذييغالط الشعور الذي لابد أن يكون واضحا خاصة على مستوى سلطان الرغبات والشهوات ومنهنا فقد الجحيم هم الآخرون على حد تعبير أنصار النقيض فيريد الأنا فرض وجودهوإثباته
ويدعو فرويد إلى التحرر الشخصي من اكراهات المجتمع للتعرف على قدرةالأنا في إتباع رغباته رغم أنها لا شعورية وهكذا فألانا لا يكون أنا إلا إذا كانحاضرا إزاء ذاته أي ذات عارفة .
نقد نقيض الأطروحة ان هذا النقيض ينطلق من تصوريؤكد دور الأنا في تأسيس ذاته ولكن من زاوية أخرى نلاحظه قاصرا في إدراكها والتعرفعليها فليس في مقدور الأنا التحكم في ذاته وتسييرها في جميع الاحوال ففي ذلك قصور .
التركيبمن خلال لعرض الأطروحتين يتبين أن الأناتكوين من الأخر كما انه شخصي هذا التأليف يؤكد عليه الفيلسوف الفرنسي غابريالمارسيل عن طريق التواصل أي رسم دائرة الانفراد دون العزلة عن الغير أي تشكيل للاناجماعي وفردي أي تنظيم ثنائي يكون ذات شاعرة ومفكرة في نفس الوقت .
03
خاتمةوحل المشكلةيمكن القول في الختام أن الشعور بالأنا يكون جماعيا عبر الأخر كماانه يرتبط بالأنا انفراديا ومهما يكن فالتواصل الحقيقي بين الأنا والأخر يكون عنطريق الإعجاب بالذات والعمل على تقويتها بإنتاج مشترك مع الغير الذي يمنحها التحفيزوالتواصل الأصيل وتجاوز المآسي والكوارث . داخل مجال من الاحترام والتقدير والمحبة .
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .