التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الإعلام والدعاية وتأثيرها على الرأي العام

أصبح الإعلام في عصرنا علماً له قواعد وأصول ولم تعد الممارسات العملية وحدها كافية للتقدم في مجالات الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وسينما وغيرها من وسائل الاتصال.

ولما كان عصرنا هو عصر التقدم والعلم الذي يحتم مسايرةٍ الأفكار العالمية في مختلف المجالات ،ويؤكد أن كل نهضته علمية لابد لها من الارتباط بالمستوى العالمي في الفكر.

إن دراسة الموضوعات المتخصصة في مجالات الإعلام على اختلافها وتعددها لابد وأن ترجع أولاً إلى معرفة الإنسان الذي تتعرض له وسائل الاتصال، ومعرفة هذا الإنسان هي دراسة الرأي العام ،وهذا بطبيعته يتطلب معرفة مدى تأثره بالدعاية والإعلام.

مفهوم الرأي العام

لإعطاء تصور واضح عن مفهوم الرأي العام ارتأينا أن نستعرض في البداية التطور التاريخي لهذا المفهوم من البداية إلى أن أصبح مصطلحاً شائع الاستعمال والتداول، فالأشياء توجد أولا ثم تعرض أسماءها،ومنها الرأي العام فهو قديم قدم البشرية، وإن كان كاصطلاح من مصطلحات العصر الحديث الذي تعددت فيه وسائل التعبير عن هذا الرأي العام من الصحيفة إلى الإذاعة إلى التلفزيون.

وعندما اكتشف الإنسان الكتابة وما رافقها من ظهور الحضارات زادت أهمية الرأي العام، فكان حكام (سومر) و (بابل) و(آشور) يقيمون للرأي العام وزناً لا بأس به، كما تكشف آثار مصر القديمة عن إدراك واضح للرأي العام وتكشف عن أساليب راقية للتأثير فيه وتوجيهه الوجهة المطلوبة مثل (تأليه) الفرعون وتقديس الكهان وتشييد المعابد وإقامة الأهرامات، ولم يكن هذا كله سوى أساليب متطورة للتأثير في الرأي العام.

وكانت المدن اليونانية القديمة أول من أعطى للرأي العام مجالاً واسعاً لتنظيم شؤون المجتمع.

لقد تحدث الرومان بعد ذلك عن (الآراء الشائعة) ووصلوا إلى مفهوم (صوت الجمهور أو (صوت الشعب) ،وإن الكلمات الإغريقية (casa pfeme nomos) واصطلاح (vxo populi) تدل على رأي المواطنين الراغبين في التأثير في الأمور العامة.

ثم جاءت الحضارة الإسلامية ومن خلال القواعد التي أرستها نستطيع القول، إنها قد اهتمت بالرأي العام وأعطته سلطات كبيرة تصل إلى حد معصية الحاكم والثورة عليه، إن هو خرج عن حدود سلطته المحددة له، وقد وضع الإسلام أصولا عامة منها (مبدأ الشورى) كما اعترف الإسلام بالحقوق والحريات كحق الملكية الفردية والجماعية. وأقام الإسلام حرية الرأي وحرية العقيدة وغير ذلك من الحريات الأخرى.

وابتداء من كتابات ميكيا فيلي (1469- 1527) حدث تطور معتبر في الكيفية التي تناول الفكر الفلسفي ما يسمى (بالرأي العام)، فقد اعتبره عنصراً يجب أن يؤخذ بالحسبان في عملية الصراع من أجل السلطة.

فيما كان روسو (1712- 1778) أول فيلسوف يستخدم تعبير الرأي العام ومن أهم كتابات روسو العديدة كتابه في العقد الاجتماعي، ويمكن اعتبار الفكرة الأساسية وراء العقد الاجتماعي هو موضوع الوحدة… وحدة البناء الاجتماعي وذلك بإخضاع المصالح الخاصة للإدارة العامة. فالحكومة دورها مساعد لأن الإدارة العامة هي مجموع إرادة الشعب الذي يضع القوانين والحكومة ما هي إلاالافراد الذين يقومون بتنفيذ القوانين، وواضح أن مفهوم إرادة الشعب يشير في المعنى العملي التطبيقي إلى جوهر الرأي العام في معناه المعاصر.

في القرن الثامن عشر المسمى بـ (عصر التنوير) جاءت الثورة الأمريكية وبعدها الفرنسية كأبرز حدثين يعبران عن دور وقوة الرأي العام.

ثم جاء القرن التاسع عشر الملىء بالأحداث والتغيرات حيث قامت الثورة الصناعية، وتطورت الكشوفات العلمية واختراع وسائل الاتصال الجديدة حتى أصبح الرأي العام ذو سطوة وسلطان كبير، كان من نتائجه مطالبة العمال بوضع التشريعات التي تضمن حقوقهم ومصالحهم.

وشهدت نهاية القرن التاسع عشر كتابات (جوستاف لوبون) العالم الاجتماعي الذي كان أحد الأوائل الذين أدركوا فكرة (الجمهور) و (التكتل) الشعبي، وتأثيرها في العمل السياسي.

وأخيراً جاء القرن العشرين فتوج انتصارات الرأي العام بمزيد من الانتصارات ذلك أن ظهور الراديو والتلفزيون والسينما قد جعل هذا القرن قرن الرأي العام، وكان للحرب العالمية الأولى التي شهدها هذا القرن أثرهام في تدعيم الرأي العام فظهور الدراسات النفسية في القارة الجديدة بعد هذه الحرب التي ركزت على دراسة السلوك، قادت إلى اكتشاف أن أصل السلوك ما هو إلا بعض صور التهيؤ للعمل وأطلقت عليه مفهوم (المواقف) أو (الاتجاهات) وهذا المفهوم ليس إلا الرأي العام في جوهره، أو القاعدة التي يقوم عليها الرأي العام.

ومنذ بداية الثلاثينات بدأ ما يسمى بأبحاث قياس الرأي العام حيث تقوم هذه الأبحاث بقياس المواقف وردود الأفعال على القضايا والموضوعات التي تشهدها الحياة السياسية والاجتماعية. إن الأحداث الضخمة التي شهدها القرن العشرين والتي هزت الوجدان العالمي بأسره بدءاً من الحرب العالمية الأولى (1929-1932) والحرب العالمية الثانية، قد أثرت بهذا الشكل أو ذاك بالرأي العام وبدوره في الحياة السياسية الوطنية والدولية ،وأصبح للرأي العام دور كبير في صياغة الأحداث وفي توجيهها وبات أصحاب القرار السياسي يضعونه في حساباتهم سواء صرحوا بذلك أم لم يصرحوا به.

ولتوضيح مفهوم الرأي العام ذهب بعض الباحثين إلى تفسير معنى كلمتي (الرأي) و (العام) المكونة لمصطلح الرأي العام وإننا نلجأ إلى الطريقتين معاً لتوضيح هذا المفهوم ودلالته.

فهناك من وصف الرأي العام كعاطفة إزاء موضوع معين التي يرحب بها أكثر أعضاء الجماعة اطلاعاً وذكاء، ثم لا تلبث هذه العاطفة أن تنتشر وتعتنق من قبل معظم الأشخاص الذين تتكون منهم جماعة متعلمة ذات مشاعر سوية تعيش في دولة متمدنة ومتحضرة.

فيما أعتبر آخرون أن كل ما يمكن أن يحث على عملية التفكير والإعراب عن ذلك حول قضايا المصلحة العامة يدخل في تكوين الرأي العام، وبالتالي يمثل الرأي الأكثر فعالية لأكبر عدد ممكن من المواطنين الواعين.

والرأي العام إنما يصبح ذا معنى، حين يكون متعلقاً بموقف يتخذه أفراد كثيرون يعبرون أو يمكن مناشدتهم للتعبير من خلاله عن أنفسهم في شكل تحبيذ أو تأييد أو بالعكس في شكل رفض ومعارضة لحالة محددة، أو شخص معين بالذات، أو اقتراح محدد ذي أهمية واسعة النطاق، بشرط ان يكون هذا متمتعاً بقدر كبير من القوة العددية والشدة بحيث يسمح باحتمال اتخاذ إجراء مباشر أو غير مباشر إزاء الهدف المقصود.

ويؤكد العلماء على هذه الطبيعة المائعة للرأي العام، فهو قوة حقيقية شأنها شأن الريح، له ضغط لا تراه ولكنه ذو ثقل عظيم، وهو كالريح لا تمسك بها ولكنك تحني لها الرأس متطبعاً.

والرأي جزء من منظومة متكاملة تبدأ بالمعلومات وتنتهي بالسلوك وتشمل (المعلومات والآراء والإتجاهات والقيم والمعتقدات والسلوك) وهناك تداخل بين هذه المسميات المختلفة وحسب الضرورة للتمييز بينها لمعرفة المعنى الدقيق لكلمة الرأي الذي نقصده في مصطلح الرأي العام.

إن أهم ما يميز الرأي هو مجموعة من الخصائص التي من شأنها أن تحكم جوهره:

1- إن الرأي عمل من أعمال الإرادة وعلى هذا الأساس فإن الموقف إزاء الكوارث الطبيعية لا يمكن أن يسمى رأيا.

2- يتميز الرأي بأرتباطه بالوعي..إن الرأي يوجد عندما تطرح أمام الشخص أو أمام أعضاء الجماعة قضايا فتتجاوز بتأثيرها نطاق العواطف لتدخل نطاق الوعي وهذا التجاوز هو الذي يتيح فرصة ضمان ثبات الرأي ووضوحه.

(فالرأي أكثر من مجرد انطباع وبنفس الوقت لا يصل إلى مرحلة اليقين أو الحقيقة الشاملة).

لقد اطلق العالم الأمريكي (ليوكومب) في كتابه علم النفس الإجتماعي مصطلح (الإتجاهات الجماعية) على الرأي العام، وعلى الرغم من أننا غالبا ما نجد في الرأي علامة في الاتجاه والرأي العام من غير اتجاه.

فالاتجاه (استعداد نفسي لاستجابة سلوكية معينة تجاه موقف معين لم يتحدد بعد، إن الاتجاه كامن إذا توفر أحد شروط الرأي العام وهو أن يكون ظاهراً، إلا أن الاتجاه له تأثير توجيهي على استجابة الفرد لجميع الموضوعات والمواقف التي تستثير هذه الاستجابة.

والرأي يقسم إلى (الرأي الشخصي) و (الرأي الخاص).

أما الرأي الشخصي: فهو ذلك الرأي الذي يكونه الفرد لنفسه في موضوع معين بعد تفكير في هذا الموضوع ويجاهر به دون أن يخشى شيئاً.

أما الرأي الخاص: هو ذلك الجزء من الرأي الشخصي الذي لا يجاهر به الشخص، أمام الناس ولكنه يحتفظ به لنفسه خشية أن يعرض نفسه للخطر وتظهر أهميته في الانتخابات والاقتراعات السرية.

أما كلمة (عام): فأنها تشير إلى المسائل والمصالح المشتركة والشؤون التي يشترك في الاهتمام بها كل أو أغلب الأعضاء البالغين في جماعة أو أمة.

تعرف الموسوعة الفلسفية الرأي العام بأنه:

(مجموع معين من الأفكار والمفاهيم التي تعبر عن مواقف مجموعة أو عدة مجموعات إجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر من الحياة الإجتماعية إزاء نشاط الطبقات والأفراد).

ويعّرفه قاموس وبستر بأنه:

(هو الرأي المشترك خصوصاً عندما يظهر أنه رأي العامة من الناس).

ويعرفه معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنه:

(هو وجهات النظر والشعور السائد بين جمهور معين في وقت معين إزاء موقف أو مشكلة من المشكلات).

ويعرفه ليونارد دوب بأنه:

(يشير إلى اتجاهات أفراد الشعب إزاء مشكلة ما في حالة انتمائهم إلى مجموعة اجتماعية واحدة).

ويعرفه وليم البيج بأنه:

(نتاج التفاعل بين جماعات الأفراد يتناولون بالمناقشة قضية أو موضوعاً جدليا تتعارض فيه الآراء أو تتساوى).

أما جون ستور فيعرفه بأنه:

(هو كل ميول ورغبات المجتمع وما ينفر عنه).

من خلال هذه التعريفات فأننا نستطيع أن نتبين قواعد عامة تحكم الرأي العام وهي:

1- الرأي العام موقف اختباري يتخذه المرء إزاء قضية مثيرة للجدل.

2- أن يكون ظاهراً، فشرط الرأي العام هو التعبير عنه.

3- يتصف بالديناميكية والحركة، أي أنه استجابة لمعطيات الحياة المتنوعة، فهو بذلك يختلف عن العقائد التي تتصف بالثبات والاستقرار.

4- الرأي العام نتاج اجتماعي لعملية اتصال متبادل بين العديد من الجماعات والأفراد في المجتمع، ويشترط وجودهأتفاقاً موضوعياً كما يفترض المناقشة العلنية لموضوع الرأي العام.

5- يستمد الرأي العام شكله من الإطار الاجتماعي الذي يتحرك بداخله.

6- إن الرأي العام يمثل آراء جمع كبير من الأفراد، وأن هذه الآراء تتصل بالمسائل المختلف عليها وذات الصالح العام، وإن هذه الآراء لا تمارس تأثيراً على سلوك الأفراد والجماعات السياسية الحكومية.

تقسيمات الرأي العام:

خرج الباحثون بتقسيمات للرأي العام وعلى شروط أو ملامح معينة، ولعل من أبرز هذه التقسيمات هي:

أولاً: التقسيم الزمني-

1- رأي عام يومي: وهو الفكرة اليومية التي يعتنقها معظم الناس نتيجة لحادث مفاجىء أو كارثة حلت بالجماعة وهو رأي متقلب سريع التغيير.

2- رأي عام مؤقت: وهو محدد بعوامل زمنية تمثله منظمات معينة كالأحزاب.

3- رأي عام دائم: ويتركز على أسس تأريخية وثقافية ودينية ويمتاز هذا الرأي بأنه أكثر تأثيراً في الناس كما يمتاز بالأستقرار والثبات.

ثانياً: التقسيم الكمي-

1- الرأي الساحق: وهو رأي أكثرية الجماعة ويتكون غالباً نتيجة لاندفاع الجماهير وحماسها إزاء مسالة معينة ونادراً ما يكون نتيجة الدرس والبحث والرؤية.

2- رأي الأغلبية: ويمثل ما يزيد عن نصف الجماعة وهو رأي الأغلبية الفعالة ذات التأثير.

3- رأي الأقلية: وهذا الرأي يمثل ما يقل عن النصف في الجماعة ولكن ليس معنى هذا بلا قيمة فقد يضم رأي بعض الصفوة وقد يصبح أحيانا رأي الأغلبية.



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الإعلام الحــديث في ظل العولـــمة


ثامنا : وظائف الإعلام العولمة :

تشير الدكتورة عواطف عبد الرحمن في مؤلفها ” الإعلام العربي وقضايا العولمة ” إلى أهم وظائف الإعلام العولمى وهى ” “:
أولا : في ظل صعود الإعلام السمعي البصرى أصبح هو المؤسسة التربوية والتعليمية الجديدة التي حلت مكان الأسرة والمدرسة والتي تقوم بدور أساسي في تلقين النشء والأجيال الجديدة المنظومة المعرفية المنزوعة من سياقها التاريخي للقيم السلوكية ذات النزعة الاستهلاكية ومن خلال هذه الوظيفة يمارس الإعلام أخطر أدوره الاجتماعية التي تتمثل في إحداث ثورة إدراكية ونفسية تستهدف إعادة تأهيل البشر للتكيف مع متطلبات العولمة وشروطها .
ثانيا : تقوم وسائل الإعلام باختراق منظومة القيم الثقافية لدول الجنوب من خلال المسلسلات والأفلام وقد نجحت أمريكا في اختراق الأنظمة الثقافية لدول الجنوب وقدمت لشعوبها النموذج الأمريكي كغاية مثلى .
ثالثا : تقوم وسائل الإعلام باستقطاب النخب المثقفة للترويج لفكر العولمة وأيديولوجيتها عبر الحوارات التلفزيونية والمقالات والمؤتمرات محاولة منها تهميش الثقافات والسياسات الأخرى ويتم أيضا تكثيف الجهود لمساندة السياسات الاقتصادية الثلاثة الذي يقوم بإدارة اقتصاد العالم ” البنك الدولي وصندوق النقد الدولي و منظمة التجارة العالمية .
رابعا : تشير الدراسات إلى استفادة العولمة من استمرار النظام الإعلامي العالمي الراهن الذي يتسم بالخلل وأوجه التفاوت الخطيرة سواء على المستويات المحلية والعالمية والتي تتمثل في الإنسياب غير المتوازن للمعلومات مع رسوخ الاتجاه الرأسي الأحادي الجانب من الشمال إلى الجنوب من المراكز إلى الأطراف ومن الحكومات إلى الأفراد ومن الثقافة المسيطرة إلى الثقافة التابعة و الدول الغنية تكنولوجيا في الشمال إلى الدول الأفقر في الجنوب .
خامسا : تشير الدراسات إلى تزايد أهمية الأدوار التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات في الأنشطة الإعلامية والثقافية ويتجلى ذلك في توظيف وسائل الإعلام الدولية والمحلية كأحزمة ناقلة يتم من خلالها ترويج القيم الاجتماعية والثقافية الغربية ونشرها في دول الجنوب .مما يتسبب في إحداث بلبلة واضطراب شديد في منظومة القيم المميزة لثقافات الشعوب .
سادسا : يقوم الإعلام بدور أساسي في ترويج السلع والخدمات التي تقدمها السوق العالمية من خلال الإعلانات التي تتضمن محتوياتها قيما وأنماط للسلوك الإستهلاكى تستهدف الدعاية للسلع الأجنبية مما يلحق الضرر بالاقتصاديات المحلية علاوة على التأثير السلبي للإعلانات على حرية الإعلام والصحافة في دول الجنوب .
سابعا : تروج وسائل الإعلام العولمية حول مايسمى بالقرية الاتصالية العالمية باعتبارها أبرز ثمار التكنولوجيا المعاصرة والذي يعنى في جوهره إحاطة الجماهير في كافة إنحاء المعمورة بكل مايدور في العالم من أحدث وأفكار وصراعات وانجازات بشرية وان يتم ذلك بشكل يتسم بالموضوعية والتكامل والمصداقية بحيث يخلق معرفة شاملة وحقيقية بما يدور في الكون .
تاسعا : نفوذ إعلام العولمة ” “
– استطاع إعلام العولمة أن يكفل محيطا ثقافيا واسعا ونظرة أشمل إلى العالم وعمقا في الاتصال الإنساني وبذلك استقطب الملايين عبر رسائله المبسطة في عالم مليء بالتعقيدات .
– استطاع الإعلام في عصر العولمة أيضا أن يعيد تشكيل العالم في صورة محسوسة بعد أن سيطرت وسائله على الزمان والمكان وصار المشاهد يجد نفسه في اى نقطة في العالم وهكذا استطاع إعلام العولمة عبر وسائله علاقة جديدة مع العالم والزمن ليكتشف الإنسان أن العالم المترمى الأطراف يمكن أن يختصر فيه المسافات والفروق الزمنية ليصير كرة معلوماتية بعد أن كان في مرحلة سابقة قرية الكترونية صغيرة .
– استطاع في عصر العولمة أن يوفر لوكالات الإعلان الدولية المناخ الملائم لنشر قيم المجتمع الإستهلاكى التي تعارض لثقافة جديدة على شعوب تحاول أن تحتفظ بذاتيتها وخصوصيتها الثقافية .
– استطاع إعلام العولمة بقدراته التكنولوجية الهائلة أن يضعف من نظم الإعلام الوطنية ويزيد من تبعيتها له لتنقل منه مايجود به عليه من صور ومعلومات واعلانات .
– استطاع الإعلام في عصر العولمة أن يحل العلاقات الدولية إلى بحر من الأمواج المتلاطمة فأحدث تأثيرات من الصعب تقييمها في الوقت الحاضر فالواقع يؤكد أن عمليات التوظيف والتعتيم والتضليل والتحريف والتشهير لخدمة أغراض قوى عظمة أصبحت مسائل واضحة للعيان وأترث بدورها في العلاقات بين الدول .
– استطاع الإعلام في عصر العولمة إن يدفع بالإنسان خطوات واسعة في طريق السلوك الإستهلاكى ذلك أن الاستخدام الواسع الإعلان الدولي عبر وسائله فى مجال تسويق السلعي والخدمات أدى إلى خلق طلب واسع على هذه السلع حتى في بلاد لا تسمح الدخل فيها بتبنى أنماط الثقافة الاستهلاكية والنتيجة الطبيعية انخفض معدلات الادخار في مثل هذه الدول وبالتالي امتصاص جزء كبير من فضائلها الاقتصادية على الرغم الحاجة الماسة إليها .
عاشرا : عولمة الرسالة الإعلامية
كثيراً ما نسمع اليوم عن ظاهرة «العولمة» ونتائجها وآثارها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا يمكننا أن نغض النظر عما يجري تحت مظلة هذه الظاهرة العالمية حتى وان كنا ممن يخالفون أو ممن لا يؤمنون بالعولمة كظاهرة أخذت تضع بصماتها حتى على ما يمارسه الأفراد يومياَ ناهيك عن المجتمعات التي انجرّت وراء هذه الظاهرة العالمية.
أما عن الاعلام، فما هي العلاقة بين العولمة والإعلام؟ هل أن الاعلام العالمي تأثر بالعولمة؟ أم أن العولمة هو انعكاس لظاهرة الاعلام العالمي الذي حمل الرسالة السياسية والاقتصادية والثقافية عبر وسائلها لتقنية ؟
الحقيقة هي أن كلا الظاهرتين متلازمتان لا يمكن أن ينفكّ احدهما عن الأخر على الأقل في عالمنا المعاصر الذي طوي شوطا من الزمن توسعت فيه دائرة العولمة من ناحية وكثرت وتشعّبت وسائل الاعلام فيه من ناحية أخرى.
وقد أثّرت العولمة وبحد كبير على الأنشطة الإعلامية في عالمنا المعاصر ولا تخلو اليوم أية ظاهرة من ظواهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا ولعبت فيها وسائل الاعلام دوراً يكاد أن يكون الأهم حتى بالنسبة لما تحتويه هذه الظواهر من معنا في المجتمعات المختلفة.
في مقدمة كتابه أكّد البروفيسور أبو العينين أن الكثير من الباحثين يعتقد بأن عولمة الأنشطة الإعلامية «تمثل أهم تطور أعلامي في العقدين الأخيرين من القرن الماضي ، وأن هذا التطور سوف يحدد مسار هذه الأنشطة طوال سنوات القرن الحالي، فضلاً عما يمثله ذلك من أهمية وتأثير في أنظمة الاعلام الوطنية في دول العالم» ولكن هناك أيضا ملاحظات مهمة في هذا المجال لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي:
اولاً: أن عولمة النشاط الإعلامي لم تتحقق بعد بالصيغة التي ربما تكون قد استقرت لدى الكثيرين.
ثانياً: إن ما تحقق عينياً هو عولمة الرسالة الإعلامية بفضل سقوط الحواجز وهي ظاهرة «تقنية» أكثر من كونها ظاهرة سياسية أو ثقافية على الرغم من تأثيراتها السياسية والثقافية.
ثالثاً: أن درجات استجابة الأنظمة الإعلامية الوطنية للتغييرات التي تفرضها عولمة صناعة الاعلام متفاوتة إلى حدود بعيدة، الأمر الذي ينفي بشدة حقيقة أن تكون العولمة سمة أساسية لأنشطة وسائل الاعلام عبر مناطق العالم المختلفة في الوقت الراهن.
رابعاً: إن عولمة النشاط الإعلامي، حيث توجد الآن ليست ظاهرة حديثة تنتمي للعقدين الأخيرين من القرن الماضي، ولكنها تعبير عن تطور تاريخي تمتدّ جذوره إلى القرن التاسع عشر، وان كانت خطاها قد تسارعت في الربع الأخير من القرن العشرين.
وقد كشفت الممارسات المختلفة في سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين عن دورين أساسيين قامت بهما وسائل الاعلام في المنظومة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العالمية، وهو الدور الاقتصادي حيث تلعب فيه وسائل الاعلام دوراً مهماً ، فقد أصبحت العولمة الإعلامية تمثل قيمة اقتصادية هائلة ومتنامية وبخاصة في ظل اقتصاد المعلومات الذي أصبح السمة الأساسية للاقتصاد العالمي، حيث بلغت استثمارات صناعة المعلومات تريليوني دولار عام 1995، وفي نهاية القرن (عام 2000) بلغت 3 تريليونات دولار سنوياً بعد إن كانت هذه الاستثمارات لا تتجاوز 350 مليار دولار عام 1980، وثانياً الدور الإيديولوجي الذي يوفر بيئة معلوماتية وإيديولوجية لدعم الأسس السياسية والاقتصادية والمعنوية لتسويق السلع والخدمات وتطوير نظام اجتماعي قائم على تحقيق الربح عبر الثقافات الوطنية المختلفة. وبصورة عامة فان دراسات العولمة في العلوم الاجتماعية تتسم بالتركيز على ظاهرتين أساسيتين، تحتل وسائل الاعلام وخاصة التلفزيون فيهما مكانة متميزة:
اولاً: الوسائل التي يسّرت بها الشركات متعددة الجنسيات عولمة رأس المال والإنتاج.
ثانياً: الثقافة العالمية الناتجة عن ظهور نمط من الشركات متعددة الجنسيات يمتلك ويهيمن على وسائل الاعلام الجماهيرية مما سبب ظهور نمط من الثقافات والإيديولوجيات ذات التوجه الاستهلاكي.
وتخضع أدبيات البحث في ظاهرة العولمة أيضا للعديد من التصنيفات تؤكد بعضها على أنها أحادية السبب mono-causual والأخرى متعددة الأسباب multi-causual ويرى هناك تصنيفاً آخر أكثر ملائمة لتقديم شروح أفضل لظاهرة شديدة التعقيد مثل العولمة وهو تصنيف رباعي يرتكز على تمايز الاتجاهات التالية:
اولاً: مدخل النظم العالمية The World System Approach وهو يبنى على التمييز بين دول المركز وشبه المحيط والمحيط من حيث طبيعة دور هذه الدول في تقسيم العمل الدولي الخاضع لسيطرة النظام الرأسمالي العالمي.
ثانيا: النموذج الثقافي العالمي Global Culture Model ونشأ هذا النموذج من البحوث التي تناولت عولمة الثقافة، ويهتم هذا المدخل بالمشكلات التي تسببها ثقافة متجانسة مرتكزة على وسائل الاعلام، وبخاصة التلفزيون .
ثالثا: نماذج المجتمع الدولي: Global Society Models ويعتقد أصحاب هذه النماذج بأن المجتمع العالمي تاريخيا قد أصبح حقيقة في العصر الحديث فقط، وأن العلم والتقنية والصناعة والقيم العالمية المتنامية أوجدت عالما مختلفاً عن أي عصر من عصور الإنسان السابقة.
رابعاً: مدخل الاقتصاد السياسي: Political Economy ويرتكز هذا المدخل على افتراض أن ديناميكيات الصناعات المنتجة للثقافة يمكن فهمها في ضوء الحتمية الاقتصادية ، وينتمي هذا التوجه إلى الغلاة من الماركسيين اللذين يعتقدون بأن ظاهرة العولمة هي نتاج هيمنة القوى الرأسمالية على التطور الاجتماعي والثقافي السائد عالمياً، وفي هذا المجال تمثل وسائل الاعلام ركناً أساسيا في تفسير هذا المدخل لظاهرة العولمة.
وهناك من يشير إلى «ثمة علاقة وثيقة ربطت بين عولمة النشاط الإعلامي وتصدير الرأسمالية التجارية عبر تطورهما التاريخي، وأن تلك العلاقة هي التي تحكم التطورات الراهنة والمستقبلية في صناعة الاعلام من دون أن ينفي ذلك تدخل عوامل أخرى». ويدعم هذا الافتراض العوامل التالية:
1) التزامن بين ظهور النشاط الإعلامي خارج الأسواق الوطنية الرأسمالية وتصدير الرأسمالية الصناعية والتمدد التجاري في الأسواق الخارجية.
2) الاختلاف الموجود في عولمة الأنشطة الإعلامية التي تطرح على الصعيد العالمي وتنعكس في الأنظمة الإعلامية الوطنية الغربية.
3) خضوع اكبر نسبة من الأنشطة الإعلامية الدولية لعدد من الشركات العالمية العملاقة ونمو الشركات الإعلامية العالمية تبعاً لنمو تلك الشركات.
4) وحدة العمل والمنشأ للشركات العالمية العملاقة مما يشير على انسجامها في الأصعدة المختلفة.
5) تماثل التوزيع الجغرافي للمستوى الذي تحقق من عولمة الأنشطة الإعلامية مع توزيع الاستثمارات التجارية والصناعية للشركات العالمية متعددة الجنسيات مما يدل على إنهما حقيقة واحدة.
6) الاختلاف في تأثير النشاط الإعلامي عبر الوسائل الإعلامية المختلفة. فصناعة التلفزيون مثلاً هي الأكثر تأثراً بسياسات العولمة.
ويستخلص من هذا الافتراض نتيجة مهمة وهي «إن الطابع التاريخي لظاهرة العولمة ينفي عنها صفة الاستمرار باعتبارها مرحلة تاريخية مرتبطة بالقوى الداعمة لها مما يفسح المجال أمام العوامل الوطنية سياسية كانت أم اقتصادية أم ثقافية، للتعامل مع هذه الظاهرة» وهذا يعني من جهة أخرى أن عولمة النشاط الإعلامي ستزول أو ستتغير إذا تغيرت معالم التجارة العالمية وان تكامل الاقتصاد الوطني سيلعب دوره في تعديل الأنشطة الإعلامية لصالح الشعوب خلافاً لما تريده الشركات العالمية المتعددة الجنسيات.
وهناك حقيقة مهمة يجب الإشارة إليها في تجارب الثمانينيات والتسعينيات حول الاعتبارات الجيوبوليتيكية المؤثرة على عولمة النشاط الإعلامي، حيث أن قوى السوق قد أصبحت الوسيلة العالمية الأساس لتنظيم الأنشطة الاتصالية، وأن المبادئ والقيم غير المرتبطة بقوى السوق يتناقض دورها في تنظيم صناعة الاتصال وبالرغم من أهمية هذه الحقيقة في تنظيم العلاقة بين السوق العالمية وعولمة الاعلام فان الاعتبارات الجيوبوليتيكية تؤثر تأثيراً جاداً في تنظيم هذه العلاقة فهذه العلاقة لا تعمل بدرجة واحدة عبر مناطق العالم المختلفة متأثرة بالاعتبارات الجيوبوليتيكية وآثارها في المراحل المختلفة. ولأهمية هذه الحقيقة فان الإستراتيجية الجديدة للشركات العالمية هي أن تصل إلى قطاعات معينة من السكان داخل الأسواق الوطنية، أن الوصول إلى هذه القطاعات تبدو وكأنها المسؤولية الحقيقية لوسائل الاعلام العالمية.
ففي الأقطار العربية على سبيل المثال، يعتقد بأن العوامل السياسية هي المحدد الرئيسي لمدى استجابة الاعلام العربي للتحديات التي تفرضها عولمة الأنشطة الإعلامية. فلا يخلو أي قطر من هذه الأقطار من هيمنة الدولة على واقع الاعلام ومستقبله مما تحدّ كثيراً من خطى الاعلام العربي للتفاعل مع الأنشطة الإعلامية العالمية.
أما بالنسبة إلى تأثير العولمة على اتجاهات البحث الإعلامي ثم تصنّيف بحوث الإعلام المرتبطة بقضايا العولمة إلى تيارين أساسيين:
أ) تيار يحاول رصد التغييرات التي جاءت بها الأنشطة الهادفة إلى عولمة صناعة الاعلام وتأثيراتها.
ب) تيار يحاول رصد تأثيرات تقنية الاتصال الحديثة على صناعة الاعلام.
فعلى الرغم من اهتمام بحوث الاعلام برصد الخطوات التي قطعتها صناعة الاعلام في سبيل تحقيق سوق عالمية للأنشطة الإعلامية المختلفة، ولكنه يمكن رصد العديد من الدراسات خلال سنوات التسعينيات التي تمثل تياراً مناهضاً لظاهرة عولمة الأنشطة الإعلامية وتقسيم هذه الدراسات إلى اتجاهين:
* الاتجاه الأول: وهو اتجاه يبدي الكثير من التحفظات على عولمة الأنشطة الإعلامية التي يتم من خلالها تجاهل المصالح الوطنية، وإنهاك اقتصاديات الطبقات الوسطى في المجتمع، وإضعاف قدرات المجتمعات المحلية على الإبداع والابتكار في ظل المنتجات الثقافية الجاهزة التي تقدمها وسائل الاعلام إلى الجمهور، ولكن يجب أن نؤكد هنا على أن تأثير هذا الاتجاه ضعيف في مواجهة قوى العولمة وما تحققه يوماً بعد يوم على أرض الواقع.
* الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي يقبل بوجود عولمة الأنشطة الإعلامية مدفوعة بدوافع الربح المادي ، وهذا الاتجاه هو أقوى الاتجاهات المناهضة لعولمة الأنشطة الإعلامية سواء في مجال البحوث أم في مجال التحركات الاجتماعية الفعلية .
الحادي عشر : المخاطر السلبية للعولمة
الواقع أن هناك أثار سلبية مختلفة للعولمة سواء على المستوى السياسي والإقتصادى والثقافي ، خاصة في ظل التقدم الهائل لوسائل الاتصال لم يعد من المبالغة القول بأن العالم أضحى قرية صغيرة يمكن للقاطن في أي من أطرافها معرفة ما يحدث في الطرف الآخر ، وهناك دولة واحدة كبرى تنفرد بقيادة العالم وتمتلك موارد اقتصادية هائلة وتعيش نشوة انتصار فلسفتها وإيديولوجيتها بعد انهزام الإيديولوجية المقابلة مع انهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية وعقيدته الشيوعية مع الاعتقاد بسمو تلك الثقافة .
وامتنا العربية أدهمتها ظروف العولمة وهى في اضعف حالها بحاجة إلى إدراك مخاطر العولمة وجوانبها السلبية والتنبه إلى مخاطرها المتعددة وأهم هذه المخاطر :
1) المخاطر السلبية للعولمة الإعلامية
أ- انهيار السيادة القومية للإعلام في ظل انهيار المفاهيم التقليدية حول القومية الحديثة مثل السيادة على الفضاء والحدود وصنع السياسات الإعلامية وظهر تقسيمات جديدة للعالم
ب- اعتماد دول الجنوب بشكل اساسى على البرامج الإخبارية والإعلانات والحوارات والمسلسلات والأفلام خاصة الأمريكية وقد ترتب على ذلك زيادة الهيمنة الاتصالية لدول المركز المتحكمة في العولمة على دول الأطراف .
ج- تدفق الثقافة والمفاهيم والأفكار وعادات وسلوكيات ومعلومات غربية جديدة إلى دول العالم بلا حواجز ولا ضوابط وفى إطار تنافسي تجارى بين الشركات المتعددة الجنسيات .
د- زيادة الفجوة الاتصالية بين الشمال الغنى والجنوب الفقير على مستوى العالم بين الريف والحضر داخل دول الجنوب مما أدى إلى تزايد الخلل في التدفق الإعلامي والمعلوماتى من طرف الشمال الغنى إلى الجنوب الفقير وترسيخ الأنماط التقليدية السلبية والمتحيزة في سريان وتدفق الأنباء المبتورة المشوهه عن دول الجنوب والتي تعتمد إغفال كافة الإنجازات التنموية التي تحققت في تلك الدول .
ه- تحويل دول الجنوب إلى سوق للاستهلاك الإعلامي والإعلاني نتيجة لتركز تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في دول الشمال .
2) المخاطر السلبية للعولمة الثقافية ” ”
أ- هيمنة الثقافة الغربية :
معظم الإنتاج الإعلامي والثقافي ومعظم محتوى شبكات الإنترنت هو نتاج غربي امريكى فهي القادرة على استثمار التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال والإعلام ، وهذه المنتجات الإعلامية تحمل فكرا محدد وتعبر عن ثقافة معينة من ثقافتهم الخاصة بكل ما تحمله من قيم وعادات وتقاليد وأنماط سلوك ، والغرب هو الذي يسيطر على أغلب القنوات البث الفضائي وعلى محتوى شبكات الإنترنت وعلى أكبر دور الصحف والمجلات ودور النشر ووكالات الأنباء ، فالعولمة تبدو في المجال الثقافي اتجاه إلى إعادة صياغة العالم وفق ثقافة معينة هي الثقافة الغربية الأمريكية بوجه خاص أي أن العولمة الإعلامية لها تأثير ثقافة هام وهو تسويق ثقافة جديدة مغايرة لثقافتنا الغربية .
ب- زعزعة منظومة القيم الاجتماعية :
ومنظومة القيم الاجتماعية تتمثل في العقائد والقواعد العامة التي وتحرص كل أمة على حماية هذه القيم ووسائل الإعلام العالمية تبث أفكار وآراء وتصورات منافية ومختلفة مع عقائدنا وقيمنا وتترك آثار سلبية في إدراك ووعى ووجدان المتلقيين وبالتالي تشكل خطر على إدراك الشباب ومعتقداتهم الأصلية ووعيهم بقيمهم نتيجة لبث قيم بديلة تشغل عقولهم وفكرهم .
ج- تهديد لغتنا العربية :
وتمثل ملامح هذه الأزمة في الإقصاء المستمر للغة العربية بمظاهر شتى منها : انسحاب اللغة العربية من حياتنا اليومية وفى أجهزتنا الإعلامية الرسمية والغير الرسمية
وفى ظل ظروف العولمة ستتعمق الأزمة التي تعيشها لغتنا يتم التبشير بالفلسفة الليبرالية الغربية باعتبارها النموذج الأرقى لأسلوب الحياة الإنسانية . ومعظم شبكات الإنترنت تبث بالغة الإنجليزية وبالتالي يؤدى هذا إلى إعلاء شأن اللغات الغربية على حساب لغتنا العربية .
3) المخاطر السلبية للعولمة في المجال السياسي
* إضعاف سلطة الدولة الوطنية :
حيث أن التقدم الهائل في الاتصالات والمعلومات فرض واقعا جديدا أصبحت فيه قدرة الدولة على فرض سياج حول نفسها ومجتمعها أمرا مستحيل
* محاولة فرض نظام سياسي معين على العالم :
حيث لابد من الإشارة هنا أن النظام السياسي الغربي حقق لمجتمعاته الخير والفائدة الكبيرة ولكن هذا النظام لايمكن أن يكون مناسبا لكل المجتمعات فكل مجتمع له ظروفه وثقافته الخاصة به والتي لاتتناسب مع النظام الغربي والذي هو ليس هدفه تحقيق الخير والتقدم لباقي المجتمعات بقدر السعي إلى تخلفها وإضعاف نظامها فهو لاينطلق من دوافع أخلاقية .
* محولة إملاء سياسة معينة على العالم :
فمن خلال ترويج وسائل الإعلام لأفكار ومفاهيم ومبادئ حق تقرير المصير والشرعية الدولية واحترام حقوق الإنسان يتم السيطرة والهيمنة على الدول الفقيرة حيث يتم تطبيق هذه المبادئ وفقا للمصلحة الغربية محاولة منها السيطرة والهيمنة على دول العالم فمن خلال الشرعية الدولية ثم حصار العراق وليبيا والسودان وباسم الشرعية تم احتلال العراق وغزو أفغانستان .حيث يتم استغلال ظروف العولمة الإعلامية لإملاء سياسات معينة يتم فرضها على العالم لتحقيق مصالح دول كبرى .
4) الآثار السلبية للعولمة في الحياة الاجتماعية ” “
أ- الترويج للنمط الغربي من أساليب الحياة والسلوك :
حيث أن لكل مجتمع أسلوب حياته الخاصة ونمط مميز للسلوك وله عادته وتقاليده ولابد من حصول التأثير والتأثر بين المجتمعات وتلك سنة الحياة ، ويبرز هنا عامل مهم من عوامل التأثير وهو ناتج عن سطوة الأجهزة الإعلامية وتأثيرها البالغ على سلوك الأفراد بما تملكه من وسائل الجدب والإبهار المغرية خاصة القدرات التي تملكها الشركات الغربية العملاقة و الأمريكية خصوصا حيث تبث مواد إعلامية هي نتاج للواقع الإجتماعى الغربي وتمثل قيمة وتعبر عن سلوك ذلك المجتمع وأنمط حياته وهذه المواد الإعلامية تحمل مضامين هدامة منافية لقيمنا وأحلامنا وتكرس قيما سلبية متناقضة مع قيمنا وسلوكياتنا
ب- تعميق التفاوت الإجتماعى :
حيث زادت معدلات الفقر والبطالة في كثير من دول العالم نتيجة لظروف العولمة الإعلامية التي تسوق مفاهيم الحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة في الشئون الاقتصادية وحتى لو سمحت ظروف العولمة للشركات الأجنبية بالاستثمار للدول الفقيرة لتحسين ظروف العمل والعمال فتلك الشركات لايتوقع منها تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية ولن تنمح العمال إلا الحد الأدنى من الأجور .
ج- إيقاف الانتماءات الأولية :
حيث أن الظروف التي جاءت مصاحبة للعولمة من إشاعة الديمقراطية الليبرالية والدعوة إلى حق تقرير المصير واحترام حقوق الإنسان ، قد فتحت المجال أمام دعوات إيقاف الانتماءات الأولية للظهور وأزلت الحواجز التي كانت تحول دون بروزها أو أن إضعاف سلطة الدولة في ظل ظروف العولمة يفتح المجال لاستيقاظ الدعوات لتلك الانتماءات التي ربما تكون مكبوتة ” “.
***انتهى***

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الإعلام وأبعاده كعملية إجتماعية

الإعلام وأبعاده كعملية إجتماعية : لقد أصبحت وسائل الإعلام جزءا مهما في حياة المجتمعات المتقدمة ذلك أن وسائل الإعلام في تلك المجتمعات من الأدوات المهمة في معرفة البيئة الإجتماعية الذي يوجد فيه هذه الوسائل وهذا الجمهور . أما أكثر المجتمعات المتخلفة أو النامية فلا يكاد يجد الفرد العادي قوت يومه فهو مشغول بالبحث عن طعامه أو طعام أولاده فوسائل الإعلام تعمل في مجتمع جماهيري يهتم بها ويتعامل معها ولا يمكن أن يعمل في مجتمع لا يستخدم وسائل الإعلام . الجمهور له حاجات وأهداف أولية يريد تحقيقها مثل الطعام والشراب والكساء ثم يهتم بالحاجات الثانوية كأخبار العالم والمجتمع المحيط به ، لقد أصبحت وسائل الإعلام مصدرا مهما من مصادر المعلومات وموجه قوي لسلوك كثير من أفراد الجمهور وأصبح وجودها في كل مكان أمرا شائعا إلا القليل من الأفراد ومع تقدم المجتمعات وتحضرها يزداد تعقدها ويزداد إندماج وسائل الإعلام فيها حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من المجتمع خاصة في أوقات الأزمات والأحداث وأصبحت معلومات وسائل الإعلام وتحليلاتها ذات أهمية كبيرة وقيمة متزايدة في المجتمعات وتتناقلها الأفواه بل وصل الأمر إلى أن وسائل الإعلام تنقل الحدث وقت وقوعه على الهواء مباشرة لذا فإن قوة وسائل الإعلام تكمن في السيطرة على مصادر المعلومات وتلزم الأفراد ببلوغ أهدافهم الشخصية ، وكلما زاد المجتمع تعقدا زاد إتساع مجال الأهداف الشخصية التي تتطلب الوصول إلى مصادر معلومات وسائل الإعلام . لقد أثبتت بعض الدراسات إزدياد عدد الساعات التي يقضيها الجمهور أمام وسائل الإتصال الجماهيري وهذا مؤثر قوي ومهم على زيادة تعرف الجمهور لوسائل الإعلام ، وهذا يمثل نسبة من النشاط الإتصالي للإنسان يعني زيادة تأثير ما تقدمه هذه الوسائل للجمهور . لقد أصبح الإنسان أكثر إهتماما بما يجري حوله من الأحداث ذلك أن ترابط العالم وتراحله يؤثر بعضه في بعض فالخبر مثلا عن نية دولة ما تقليل صادرات البترول يوقع سعر البرميل في العالم كما يؤثر ذلك في الدول المنتجة .- وتعد وسائل الإعلام المكونات الأساس التي لا غنى عنها ولا يستطيع المجتمع المعاصر الإستمرار بدونها ، فقد غدت هذه الوسائل في الوقت الحاضر جزءا مركزيا من مؤسسات المجتمع فببساطتها يعرف الجمهور السلع الجديدة وأماكن وجودها وكذلك المجال التربوي وبناء الأسرة إذا استخدمت الإستخدام الأمثل وفي عالم اليوم تتزايد إحتياجات المجتمعات إلى المعلومات والأخبار ويزداد إستهلاك الأخبار على مستوى العالم وهذا يكون على رغبة المجتمع في التنمية حيث أن الماركة العالمية والتفاعل يعيق المجتمع على تطوير نفسه ولم يقتصر الأمر على الحاجة إلى معلومات وسائل الإعلام الأخرى فقد أصبحت وسائل الإعلام لدى بعض الأفراد بديلا عن التفاعل الإجتماعي فيرى في الوسيلة الإعلامية صديقا أنيسا خاصة الأفراد الذين يفتقدون التفاعل الإجتماعي وهو ما يسمى بـ ( التوحد مع الوسيلة ) ويجعلها بديلا للتفاعل الإجتماعي وبعضهم الآخر يجعل منها متنفسا ومهربا من الضغوط النفسية والتنقلات والتخلص من المشكلات الإجتماعية . إن إسهام وسائل الإعلام في تلبية احتياجات أفراد المجتمع يجعلها تقدم خدمة عامة للمجتمع ، هذا إذا قامت وسائل الإعلام بالوظائف الإجتماعية المناطة بها على الوجه المطلوب .لقد حقق ظهور وسائل الإعلام على الساحة أمرين مهمين هما :أ/ شغل وقت الجمهور والإستئثار بإهتماماته وصرف أنظارهم عن الأنشطة الأخرى .ب/ قيام وسائل الإعلام بإيصال كم كبير من المعلومات إلى عدد كبير غير محدود من الجمهور في وقت قصير ومع أن وسائل الإعلام تقوم بتحقيق الفهم والتوجيه وتجعل الإتصال أكثر سهولة لكنها ليست الوسيلة الوحيدة لبلوغ الهدف فلا ينبغي المبالغة في أهمية وسائل الإعلام وقدرة تأثيرها على الجمهور فهناك غيرها من الوسائل المؤثرة مثل : المسجد ، المدرسة ، الأسرة ، الأصدقاء ………..

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

دور وسائل الإعلام في المجتمع

دور وسائل الإعلام في المجتمع

تعليم_الجزائر


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

قاموس الإعلام و الاتصال


اللغة والإعلام:

يتفق اللغويون المحدثون ومتتبعو الدراسات الألسنية، على أن التحديد الدقيق لمفهوم اللغة لم يزل غير محسوم نهائياً. إنما هناك ما يشبه الإجماع عند الألسنيين على أن اللغة تنظيم معين من الإشارات، أحد أهدافه الأساسية تأمين الاتصال والتواصل.

الإعلام:

الإعلام عملية اتصال. وهو قبل كل شيء إقامة اتصال بين فرد او جماعة، لديه رسالة Message يريد ايصالها الى فرد او جماعة آخرين. ولكي يقوم هذا الاتصال لابد من توافر أربعة عناصر: مرسل، مستقبل، قناة اتصال ورسالة.

الإنشاء الإعلامي:

لا ضير من تسمية اللغة المستخدمة في الإعلام “انشاءً اعلامياً” أو “كتابة اعلامية”. وليس للانشاء الاعلامي وجود مستقل عن اللغة في معناها الواسع. فهو جزء مميز منها. مميز في طريقة الصياغة، وفي التعامل مع الاشارات والرموز والمرسلة والملتقطة. جزء مميز له قواعده واصوله وعناصره وسماته.

الصحافة:

يصعب الاتفاق على تعريف واحد للصحافة. ففي حين يعتبرها البعض “إنتاجاً صناعياً وخلقاً فكرياً في آن واحد” (بيار البير)، يعتبرها آخرون “مهنة مكرسة للصالح العام، ولفضح الألاعيب والشرور وعدم الكفاءة في الشؤون العامة. مهنة لا تؤثر الحزبية في ممارستها، بل تكون عادلة ومنصفة لأصحاب الآراء المعارضة” (أدولف أوخس).

اتجاهات الصحف:

يمكن تقسيم اتجاهات الصحف الى ثلاثة: الصحف الملتزمة، والصحف المستقلة، والصحف الرسمية.

الصحيفة الملتزمة:

هي التي تنطق باسم حزب او جماعة او دين او مذهب، فتدعو – مباشرة وغير مباشرة- الى عقيدة او فكرة، وتسم موادها الاعلامية بسمتها الخاصة، وتدافع عن افكارها.

الصحيفة المستقلة:

هي التي لا تنتمي الى حزب او جماعة، بل ترى في نقل الحقيقة كما هي ومن جميع مصادرها هدفاً اساسياً، بالاضافة الى اهداف ثانوية تتعلق باشباع رغبات القارئ والاستجابة الى رغباته المشروعة والترفيه عنه او مده بالثقافة.

الصحيفة الرسمية:

هي التي تشرف عليها الدولة لتشرح سياساتها ومواقفها في شتى الميادين ولتخدم مصالح ادارتها.

مقالات الأخبار:

يمكن تقسيم مقالات الأخبار ا لى الأنواع التالية:
1- النبأ الموجز 2- المقال الإخباري القصير 3- المقال المصهور 4- التقرير الإخباري 5- ريبورتاج 6- مقابلة صحفية 7- وصف لشخصية ما عبر مقال صحفي 8- التحقيق الصحفي

أ- النبأ الموجز- المقال الإخباري لقصير- المقال المصهور: هي وحدات تحليلية يكتبها ويحررها صحفيون يعملون داخل الجريدة. وهي تعتبر المواد الأساسية التي يحررها الصحفيون داخل الجريدة إعتماداً على الأنباء التي تصل اليها عبر وكالات الأنباء والصحفيون.

ب- التقرير الإخباري- الريبورتاج- المقابلة الصحفية: من أجل كتابتها يذهب الصحفي عادة الى مكان الحدث لجلب المصادر الإخبارية التي يمكنها مساعدته عن طريق إعطائه المعلومات اللازمة.

خصائص الأنواع الصحفية:
1- النبأ الصحفي الموجز: إن النبأ الصحفي الموجز يجيب على الأسئلة التالية: من- ماذا- متى- أين. وعادة لا يتجاوز طول نص النبأ الصحفي الموجز فقرة واحدة التي تكون متألفة من 5-6 أسطر.

2- المقال الإخباري: يجيب المقال الإخباري القصير بشكل متصل على الأسئلة التالية: من- ماذا- متى- أين. ويتألف المقال الإخباري القصير من ثلاث أو أربع فقرات ويكون عادة برقية وكالة أنباء ُتنشر في الصحيفة بدون أي تغيير يُذكر.

3- المقال المصهور: هو إعادة كتابة مجموعة أخبار متفرقة في مقال واحد. أما مصادر هذه الأخبار فهي وكالات الأنباء- المراسلين الصحفيين- قسم التوثيق في الجريدة.

4- التقرير الإخباري: يعطي القارئ المعلومات الأساسية حول حدث ما، ويتضمن إختيار المعلومات المرتبطة بالحدث ويتطلب أيضاً وجود الصحفي في مكان الحدث لينقل الوقائع التي شاهدها ويترك للقارئ حرية الحكم عليها.

5- الريبورتاج: توجد تقنية لكتابة الريبورتاج وهي تشمل تجميع المعلومات اللازمة حول المواضيع التالية:

أسماء أبطال الحدث، أعمارهم، طريقة تعبيرهم، طرائق ومشاهدات حول الموضوع، الجو العام الذي جرى فيه الحدث. وقبل كتابة الريبورتاج يسأل الصحفي نفسه: ما هي الرسالة التي أنوي إيصالها؟

6- المقابلة الصحفية: هو حديث يجريه الصحفي مع شخصية أدبية- سياسية أو شخص ما كان شاهداً على حدث ما. وهو حديث ثنائي إجمالاً بين صحفيّ ومحاوره.

7- وصف شخصية عبر مقال صحفي: هذا النوع الصحفي يساعد القارئ على معرفة بعض المعلومات عن الشخصية التي يكتب عنها من خلال الحديث عن مزايا الشخص، شكله الخارجي، طريقة تعبيره، عاداته، ماذا كان يعمل، ما هي مشاريعه.

8- التحقيق الصحفي: يبحث ويفضح إشكالاً ما سياسياً أو إجتماعياً. وهو يشبه البحث العلمي لكنه يختلف في الاسلوب.

9- مقالات الرأي: وهي:
1- الإفتتاحية: مقال صحفي تكتبه شخصية مهمة في الجريدة. من المؤكد أنه يعبّر عن رأي الجريدة.
2- مقال نقدي: وهو مقال مخصص لنقد المواقف والأعمال والكتّاب وسواهم.
3- الحديث: مقال موقّع من قبل صحفي مهم يتناول بأسلوب مشوّق موضوعاً ثقافياً أو إجتماعياً.

مأخوذة من كتاب ” المصطلحات السياسية الشائعة ” للأستاذ فهد بن عبدالله الربيعة

أرستقراطية :

تعني باللغة اليونانية سُلطة خواص الناس، وسياسياً تعني طبقة اجتماعية ذات منـزلة عليا تتميز بكونها موضع اعتبار المجتمع ، وتتكون من الأعيان الذين وصلوا إلى مراتبهم ودورهم في المجتمع عن طريق الوراثة ،واستقرت هذه المراتب على أدوار الطبقات الاجتماعية الأخرى، وكانت طبقة الارستقراطية تتمثل في الأشراف الذين كانوا ضد الملكية في القرون الوسطى ،وعندما ثبتت سلطة الملوك بإقامة الدولة الحديثة تقلصت صلاحية هذه الطبقة السياسية واحتفظت بالامتيازات المنفعية، وتتعارض الارستقراطية مع الديمقراطية.

أنثروبولوجيا :

تعني باللغة اليونانية علم الإنسان ، وتدرس الأنثروبولوجيا نشأة الإنسان وتطوره وتميزه عن المجموعات الحيوانية ،كما أنها تقسم الجماعات الإنسانية إلى سلالات وفق أسس بيولوجية، وتدرس ثقافته ونشاطه.

أيديولوجية:

هي ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد، ويحدد موقف فكري معين يربط الأفكار في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والأخلاقية والفلسفية.

أنثروبولوجيا :

تعني باللغة اليونانية علم الإنسان ، وتدرس الأنثروبولوجيا نشأة الإنسان وتطوره وتميزه عن المجموعات الحيوانية ،كما أنها تقسم الجماعات الإنسانية إلى سلالات وفق أسس بيولوجية، وتدرس ثقافته ونشاطه.

أيديولوجية:

هي ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد، ويحدد موقف فكري معين يربط الأفكار في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والأخلاقية والفلسفية.

أوتوقراطية :

مصطلح يطلق على الحكومة التي يرأسها شخص واحد، أو جماعة، أو حزب، لا يتقيد بدستور أو قانون، ويتمثل هذا الحكم في الاستبداد في إطلاق سلطات الفرد أو الحزب، وتوجد الأوتوقراطية في الأحزاب الفاشية أو الشبيهة بها، وتعني الكلمة باللاتينية الحكم الإلهي، أي أن وصول الشخص للحكم تم بموافقة إلهية، والاوتوقراطي هو الذي يحكم حكمًا مطلقًا ويقرر السياسة دون أية مساهمة من الجماعة، وتختلف الاوتوقراطية عن الديكتاتورية من حيث أن السلطة في الأوتوقراطية تخضع لولاء الرعية، بينما في الدكتاتورية فإن المحكومين يخضعون للسلطة بدافع الخوف وحده.

براغماتية (ذرائعية) :

براغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني ” براغما ” ومعناه العمل، وهي مذهب فلسفي – سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة؛ فالسياسي البراغماتي يدعّي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره، وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة ، وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمل . والبراغماتيون لا يعترفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية إلا أنهم في الواقع ينادون بأيديولوجية مثالية مستترة قائمة على الحرية المطلقة ، ومعاداة كل النظريات الشمولية وأولها الماركسية.

بروسترايكا :

هي عملية إعادة البناء في الاتحاد السوفيتي التي تولاها ميخائيل جورباتشوف وتشمل جميع النواحي في الاتحاد السوفيتي ، وقد سخر الحزب الشيوعي الحاكم لتحقيقها ، وهي تفكير وسياسة جديدة للاتحاد السوفيتي ونظرته للعالم ، وقد أدت تلك السياسة إلى اتخاذ مواقف غير متشددة تجاه بعض القضايا الدولية ، كما أنها اتسمت بالليونة والتخلي عن السياسات المتشددة للحزب الشيوعي السوفيتي .


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

دور وسائل الإعلام في عملية التنشئة السياسية لدى الفرد الجزائري

دور وسائل الإعلام في عملية التنشئة السياسية لدى الفرد الجزائري

تعليم_الجزائر


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الدرس الأخير لمقياس علم الإعلام الثقافي

5/نظـريـة سـامنـر وليـام:
تقوم هذه النظرية على أنها مبنية على الطرق الشعبية أو العادات الإجتماعية بل هي المحتوى الأساسي للثقافة وهذه الطرق والعادات والتقاليد والآداب تشتق وجودها من التجربة الإجتماعية ومن خلال تفاعل الأفراد وتعاملهم مع بعضهم البعض.
يشير سامنر أن التصارع من أجل البقاء هو ضروري أي بقاء تلك الثقافة عنده أيضا تكون تلقائية وتتكون لدى الجماعة بصورة واعية ودون تأمل لأنها تبدأ بصورة عشوائية في تلبية حاجات الإنسان الطبيعية فينشأ الفرد وهو يجد نفسه أمام رصيد مدخر من العادات التي اتفقت عليها الجماعة فالعادات إذا سابقة على الفرد وتتموضع وتنمو مع التجربة دون تفكير منطقي في إيجادها ثم يكمل الفرد بناءها لأنه سوف يكون ملزما بمراعاتها حتى يحدث الإنسجام بينه وبين جماعته.
يقول سامنر:”إن الطرق الشعبية ليست من تكوين الذكاء البشري وليست من اتكار التأمل العقلي الهادف إن مثلها كنتائج القوى الطبيعية التي يستخدمها الناس ويسخرونها لتحقيق أغراضهم دون وعي منهم والتي تنمو مع التجربة…”

خصــوصيــات الثقــافــة:

خصـائـص الثقـافـة:
1/الثقافة نتاج إجتماعي إنساني:
إذ لا وجود لثقافة دون مجتمع ودون إنسان ولا يمكن أن نجد مجتمعا بدون ثقافة بل هناك من يصف الثقافة بأنها بشرية المجتمعات الإنسانية وهي تشمل جميع نواحي التراث الإجتماعي فكل ما يميز الحياة الإجتماعية عند الإنسان ومعنى إجتماعية الثقافة أن الأفراد يعيشون في جماعات منظمة ويشتركون في آدات أفعاله وسلوكاتهم كما إشتراكهم في قيمهم الثقافية.الثقافة نتاج يشترك فيه الأفراد من خلال الناحية المادية.
2/الثقافة ظاهرة تكيفية:
الثقافة تتغير وعملية تغير الثقافة هي تكيفية إذ تميل الثقافات إلى فترات زمنية معينة إلى التكيف مع البيئة الجغرافية وتكيف كذلك عن طريق الإستعارة والتنظيم (جسر فرانسيسكو) وذلك بنسبة البيئة الإجتماعية للشعوب المجاورة.
ملاحظة:يشير الباحثون الأنتروبولوجيون إلى وجود فرق بين مفهوم التغير الثقافي بصفة تكيفية وبين التغير الثقافي كعملية تاريخية.مثال: الفياضانات كعملية تاريخية تغير من ظروف المجتمع ومن ثقافته وكذلك الصلات التاريخية ما بين الشعوب.
3/الثقافة مكتسبة:
إن الثقافة لا تورث بيولوجيا عبر الجينات الوراثية بل تتكون من العادات التي يكتسبها كل فرد خلال خبرات حياته تتضمن الثقافة السلوك الذي يرتبط بتوقعات الجماعة التي يتعلمها الفرد خلال عملية التنشئة الإج ويكتسب الأفراد الثقافة من خلال صلاتهم وعلاقاتهم ببعض وتلعب اللغة دورا كبيرا في ذلك.
4/الثقافة إنتقالية تراكمية:
الثقافة تنتقل من جيل لآخر وذلك على شكل عادات وتقاليد ونظم وأفكار ومعارف وذلك عن طريق المخلفات المادية(الأهرام،سور الصين موسم جني الزيتون والرموز اللغوية كذلك) فهي تنتقل من وسط إجتماعي إلى وسط إجتماعي آخر (مطاعم ماكدونالد) وهذا معنى أنها تراكمية أي أن الفرد يستطيع أن يبني على أساس منجزات الأجيال السابقة فيضيف ويعدل بحسب السياق أيضا تلعب اللغة الأداة التي تتراكم بها الثقافة .
بأخذ نموذج عالم الأخبار والصور تفهم على سبيل المثال عملية تراكم وانتقال المفاهيم بالنسبة للممارسات الإعلامية.
5/الثقافة مثالية:
ينظر إلى العادات الإجتماعية التي تكون الثقافة على أنها نماذج مثالية ينبغي على أفراد الجماعة أو المجتمع أن يمتثلوا لها ويتكيفوا معها فالأفراد دائما يظهرون وعيا بمعاييرهم الثقافية الخاصة بهم ويبنون سلوكاتهم وفقها.
مثلا:ظاهرة الإستعراضات في بعض دول أمريكا الجنوبية الكارنفالات تمثل هذه الظاهرة سياق مثالي لدى المحتمع الصيني فالتنكر ثقافيا يمثل حلقة اتصالية ثقافية واستمرت من جيل لآخر فأصبحت متراكمة.



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

دور وسائل الإعلام في تشكيل المجتمع

دور وسائل الإعلام في تشكيل المجتمع

تعدّ وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مصدرًا مهمًا من مصادر التوجيه والتثقيف في أي مجتمع، وهي ذات تأثير كبير في جماهير المتلقين المختلفين، المتباينين في اهتماماتهم وتوجهاتهم ومستوياتهم الفكرية والأكاديمية والاجتماعية.
وهذا ما يكسبها أهميتها في عملية بناء المجتمعات، ويمكن الزعم بأنها احد العناصر الأساسية في المساهِمة في تشكيل ملامح المجتمعات. وإذا كان دور وسائل الإعلام في أي بيئة مجتمعية يتحدد بالأثر الذي تستطيع أن تحدثه فيها، فمن الممكن أن نقسّم وسائل الإعلام باعتبار تأثيرها في المجتمعات قسمين: قسم مؤثر وفاعل، وقسم غير مؤثر وغير فاعل.
كما يمكن تفريع القسم الأول منهما إلى اتجاهين: سلبي وإيجابي، وذلك باعتبار الهدف الذي يسعى إليه القائمون على كل اتجاه، ولأن الإيجابية والسلبية من الأحكام النسبية، ليست ثابتة أو محددة.
فإن الضابط الذي يُستخدم هذين الحكمين على أساسه هنا هو ضابط الانسجام مع متطلبات الهوية العربية الإسلامية في ما يُقدَّم إعلاميًا عبر القنوات المختلفة، من حيث طبيعة المادة المقدمة، وما ترسخه من قيم فكرية وثقافية واجتماعية.
ويختلف القسم الثاني، وهو قسم وسائل الإعلام غير المؤثرة عن الاتجاه السلبي من القسم الأول في الجوهر الأساسي للموضوع، وهو حقيقة الدور الذي يؤديه كل منهما في تشكيل المجتمع وبنائه؛ فوسائل الإعلام غير المؤثرة أو الفاعلة لا تؤدي أي دور في المجتمع، وبالتالي لا تقوده إلى أي اتجاه.
وهي غير معنية بما تقدمه للمجتمع وأفراده، ولا تقوم بأكثر من التوصيل لكن دون أسس واضحة، ودون معرفة حقيقية بما يجب أن يقدم، وما يجب أن تكون له الأولوية من بين ما يقدم.
والقائمون على مثل هذا النوع من وسائل الإعلام هم الذين دخلوا السلك الإعلامي إما مصادفة، أو دون رغبة أصيلة في الممارسة الإعلامية، أو دون هدف أو وعي حقيقي بالدور الذي تتحمل المؤسسة الإعلامية عبئه، لتكون ذات فائدة ونفع للمجتمع.
أما الاتجاه السلبي من القسم ذي التأثير في المجتمع فيختلف من حيث وجود الهدف، ووضوح الرؤية والوسيلة أو الأداة التي تساعد على تحقيق الهدف، والقائمون عليه لا يتحركون خبط عشواء.
إنما وفق خطط ومنهجيات مدروسة بعناية، وهم يملكون تصورًا واضحًا لما يريدون الوصول إليه، ويسعون جاهدين إلى تحقيقه -أو هكذا يبدو- وكأنهم يريدون أن ينشروا ثقافة أو فكرًا أو نمطًا حياتيًا وسلوكيًا بين أفراد المجتمع.
وإذا كان ضابط الإيجابية والسلبية -كما تحدد في هذا المقال- هو الانسجام مع متطلبات الهوية العربية والإسلامية فإن الكثيرين يمكن أن يتفقوا على أن ما يُقدم إعلاميًا عبر الوسائل المختلفة المتوافرة في الدولة، والمتكاثرة -أو المتوالدة- يومًا بعد يوم يتوزع ما بين قطبي السلب والإيجاب.
ولأن سطور مقالة واحدة لا تكفي للكلام بشمولية عن الواقع الإعلامي في الدولة، فإنني سأكتفي بمثال واحد وهو الإعلام المسموع، أو الراديو، الذي لم يخبُ أثره، ولم يقل عدد المستمعين إليه، والمتأثرين به، والمتفاعلين معه.
ومع ما يقدم عبر أثيره من برامج رغم ظهور بدائل أخرى كثيرة، ربما تفوقه في كثير من المميزات، إلا أنه ظل محتفظًا بسحره مثبتًا قدرته على الاحتفاظ بجمهور عريض حريص على التواصل، بل والتنافس في ذلك، مع ما يكلفه هذا التواصل الحثيث من بذل وقت ومال لتحقيقه.
إن مثل هذه الصفات التي توافرت للإعلام المسموع جديرة بأن تجعله قبلة لأصحاب الفكر الهادف، الواعي بما يحدق بالأمة العربية والإسلامية من مخاطر، وما تعانيه من ضغوطات على جميع المستويات، وما تمرّ به الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج من حروب ومآس وحصار واحتلال.
لقد كان من الأولى أن يُستغَل الإعلام المسموع لتوعية الأجيال الشابة بقضايا أمتها وبواقعها المعاصر، لتنشأ نشأة مختلفة عما نراه اليوم بين شبابنا، الذين يتعرضون لتسطيح إعلامي يأخذهم نحو الانشغال بالأمور التافهة والشكلية، ويلهيهم عن القضايا المهمة والمصيرية، فنتج لدينا جيل جميل الشكل لكنه مجوّف.
ومفرّغ من الداخل، يتداعى مع أول هبة ريح، ولا تجدي محاولاتنا بعد ذلك في جبر الكسور الكثيرة المترتبة على سقوطه السهل لأنه هش وأضعف من أن يخضع لأي عملية إصلاح.
إن حالة الخواء الثقافي والفكري التي نلاحظها في كثير من شبابنا هذه الأيام لم تأتِ من فراغ، ولكنها نتيجة ما يتعرض له هؤلاء الشباب من قِبَل وسائل إعلام إما لا تعرف حقيقة دورها وأثرها في المجتمع، أو انها تعرف ذلك وتدركه جيدًا وتوظف تلك المعرفة وذلك الإدراك لإنشاء جيل من الشباب الأجوف، اللاهي بملذات الحياة وشكلياتها.
وكأن الدنيا أصبحت محصورة فيها، فأصبحنا نكرسها ونرسخ الاهتمام بها عبر وسائل إعلامنا الموقرة في كل لحظة، وبكل وسيلة، لا نوفر جهدًا ولا وقتًا، مغفلين القضايا الحقيقية والأمور المصيرية التي يجب أن نوجه إليها شبابنا كي يكونوا عدّة لنا في المستقبل وسط عالم يمور بالمتغيرات.
إن الإعلام أمانة ومسؤولية، والمؤسسة الإعلامية كالمؤسسة التربوية من حيث أثرها في تشكيل بنية المجتمعات ورسم ملامحها، وقد يتفوق أثر المؤسسة الإعلامية على التربوية نتيجة عوامل مختلفة، منها طبيعة المادة التي تقدمها كل منهما ومدى مناسبتها لأهواء المتلقين.
وتنوع أشكال المؤسسات الإعلامية، ومرافقتها لأفراد المجتمع في مختلف الأوقات والأماكن بعكس المؤسسة التربوية، وغير ذلك من عوامل، مما يستوجب استثمار الإعلام في توجيه شبابنا نحو ما يعود بالخير والنفع على مجتمعنا على الأمد البعيد؛ فالأجيال التي تنشأ على متابعة سباقات الأغاني، وتوزيع التحيات الصباحية شرقًا وغربًا.
وإرسال إهداءات الأغاني صباحًا ومساء، لن تستطيع أن تقدم شيئًا مفيدًا لمجتمعها ولوطنها، ولن تستطيع أن تنقل معرفة حقيقية للأجيال اللاحقة، وقد تكون حلقة في سلسلة لا يستطيع أحد أن يتوقع طولها.

د. فاطمة البريكي, جامعة الإمارات, المصدر: البيان الإماراتية-7-4-2006



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الإعلام الثقافي والهوية


  • الإعلام الثقافي والهوية

    الإعلام الثقافي والهوية

    :

    يصعب على غير المشتغلين أو المهتمين بالثقافة والإعلام أن يقوموا بدور فاعل وحيوي في الإعلام الثقافي ، سواء أكان ذلك في الإذاعة أو التليفزيون أو الصحافة أو أية وسيلة من الوسائل الإعلامية أو التثقيفية المقروءة أو المسموعة أو المشاهدة ، فإن لم يتوفر قدر مناسب من الثقافة والمعرفة فلن يتمكن هؤلاء من القيام بهذه المهمة الصعبة ، التي لها آثار ونتائج بعيدة المدى في إنجاح خطط التنمية ، وزيادة وعي ومشاركة وتفاعل الأفراد في المجتمع . ومن هذه الرؤية يتضح أهمية أن يكون الإعلامي الذي يود أن يضع أو يصيغ أو يخطط أو ينفذ برامج وسياسات الإعلام الثقافي على دراية بالثقافة والتثقيف وأهمية المثقف ، وأثر الواقع عليه ، وأهمية الهوية والحفاظ عليها ، وطبيعة الهوية الثقافية للمجتمع العربي ، والهوية وأزمات المثقف العربي ، ودور المثقف في الحفاظ على الهوية ، وما يطرح من قضايا العولمة وسعي بعض أصحاب الثقافات للهيمنة ، إن مدى وعي وإدراك الإعلامي الراغب في العمل في مجال الإعلام الثقافي لهذه القضايا يجعله على المستوى اللائق للعمل الجاد في هذا المجال
    .

    المثقف وتحديات الواقـع

    على المشتغل في وسائل الإعلام عامة والإعلام الثقافي خاصة أن يدرك أن المثقف العربي يواجه تحديات راهنة عميقة ، داخلية وخارجية ، وقد اعتدنا أن نستمرئ إحالة الانكسارات إلى المفاعيل الخارجية في هروب واضح من تحميل أنفسنا المسؤولية إزاء الكثير من أوضاعنا المحلية ، التي تراكمت سلبياتها داخل حياتنا عبر قرون عديدة ساهمت فيها منظومات الاستعمار والاحتلال والتخلف والاستغلال الاقتصادي والأفكار الجامدة ، والتي مجتمعة عطلت التفكير ، وأدت هذه المنظومات إلى أن يكون التخلف العلمي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي من نصيب شعوب كثيرة ومنها منطقتنا العربية ، وعليه ازداد العبء الذي يواجه المثقف العربي والدور المناط به ، فعليه الآن أن يدخل إلى جوهر الصراع بين التقدم والتخلف ليكون له دورٌ مؤثرٌ وإيجابي في تخليص النظم الاجتماعية والفكرية من جمودها
    .
    ليس من اللائق بالمثقف العربي أن يربأ بنفسه عن حاجات مجتمعه وقضاياه الكبيرة ليدخل إلى التنظير والتجريد ، ويضع نفسه في صف النخبة متجاهلاً رسالته الثقافية والاجتماعية ، وعليه أن يتصدى بشكل واضح ضد النظم التربوية والتعليمية التي تجعل من العقل العربي مقلداً وناقلاً ومستظهراً، وكأن هناك مخططا لإماتة ملكة الإبداع والبحث والتفكير العلمي.
    فالمثقف الذي يلتزم بقضايا أمته هو الذي يتفاعل إيجابياً مع مشاكلها ويستغرق في همومها ، ولا بد أنه سيصدم حين يعاين النسبة المرتفعة للأمية، أمية القراءة والكتابة ، ويرى تَعَطُّل التفكير المنهجي ، وكيف يزدحم التفكير العربي بالخرافة والإشاعة والاستسلام مما يقعده عن العمل للمستقبل ، المثقف العربي يكتشف يومياً عمق الرداءة الثقافية التي تبثها الفضائيات إلى جمهور عريض يظن نفسه قد أصبح مثقفاً ، لذا عليه أن يتصدى لهذه الرداءة وأن يتفاعل مع الوسائل المختلفة للإعلام ليقدم رؤيته وآرائه .
    إن الإنسان بشكل عام يكون مغلوباً على أمره إزاء القهر الذي يمارس عليه ، وعلى حقوقه السياسية والأساسية ، لدرجة قد يظن البعض أنه لا يعي ذلك ، وإذا وعاه لا يملك أدوات مقاومته ، والدفاع عن المقهورين هو الدور الطليعي للمثقف . ولنا أن نتساءل عن تحديات عديدة تواجه المثقف العربي ، تحتاج منه إلى موقف وجرأة النقد والتناول ، حيث يشيع لدى المواطن العربي الإحباط السياسي ، والثقافي ، وجلد الذات ، والانكسارات المتوالية ، والبيروقراطيـة ، في حيـن أن رغبته هي في حيـاة ديمقراطية حقيقية في مجتمع يحترم مواطنيه ويعمل على رفاهيتهم … الخ
    .
    ويلاحظ ظهور العديد من الهيئات الثقافية التي تتجاوز القطرية والقومية إلى الإقليمية أو الدولية بهدف التأثير ثقافياً في الشرائح الاجتماعية المختلفة ، خاصة في البلدان المتخلفة والفقيرة لتغيير نظم وأنماط الحياة السائدة لمصلحة القوى المتحكمة في الاقتصاد والاستهلاك .. فأين يقف المثقف والإعلام الثقافي أمام هذا الواقع وهذه التحديات ؟!
    إن انصباب جهود بعض المثقفين العرب على النقل النظري لأفكار الغرب بحجة الإطلاع إن لم يصاحبها إعمال لطاقة العقل العربي في الخلق والإبداع والمقارنة ، ستحيلنا إلى هيمنة أعمق تحوّل المثقف إلى مجرد ناقل ، ونحن نريده قادراً على تنوير وقيادة فكر وثقافة الأمة للنهوض والمستقبل. يقول الكاتب محمد سعيد مضية : أنه” في ظروف العزلة والاغتراب اقتصرت جهود المثقفين العرب على مهمة نقل أنساق فكرية من الغرب إلى الوطن العربي أفلحت في تعميق التبعية وإطالة أمدها وأوهنت طاقة الإبداع وإنتاج المعرفة بالواقع العربي ومشكلاته وبقضاياه العيانية وأوهنت من قدرة المثقف على قيادة الأمة على دروب النهوض الحضاري وتحرير الإنسان العربي” (1) .
    فالمثقف العربي أمامه تحدي خلق الاستجابة المجتمعية للتفكير العلمي ، وأن يكون في طليعة الرافضين للاحتواء والقطرية والمحلية ، فالانفتاح على العالم لا يعني الهيمنة . إن التحدي الحقيقي للمثقف العربي هو في قدرته على تخليص المجتمع العربي من إحباط وفشل التجارب السابقة التي تسعى ثقافة الهيمنة إلى ترسيخها ، ليصبح العجز والفشل جزءاً من مكونات العقل العربي، لذا فهو من خلال مثابرته بنشر أفكاره من خلال الوسائل الإعلامية ووسائل الإعلام الثقافي يمكن أن يشكل مع غيره التغيير المطلوب
    .

    الهويـــة
    :

    ” إن معرفة القائمين على برامج الإعلام الثقافي بمدلولات هويتنا التي ترتكز على مجمل تراثنا الحضاري يساعد في وضع برامج ثقافية ذات خصوصية للحفاظ على جوهر الانتماء ، وتبقى هويتنا في ثقافتنا العربية الإسلامية هي ” الامتياز عن الغير من كافة النواحي ” ، والجرجاني عرّف الهوية بأنها ” الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق ” ، وفي الكتابات الأدبية والنقدية والفكرية تعريفات عديدة منها أن الهوية تعبر عن ” خاصية المطابقة ، مطابقة الشيء لنفسه أو مطابقته لمثيله”، والهوية هي حقيقة الشيء .. التي تميزه عن غيره ” .
    يقول يوسف مكي عن الهوية ” هي مجموع السمات الروحية والفكرية والعاطفية الخاصة التي تميز مجتمعا بعينه وطرائق الحياة ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات وطرائق الإنتاج الاقتصادي والحقوق ، وهي الوعي المتطور للفكر الإنساني والإنجاز الرائع “
    (2) .
    وعليه فالهوية في معناها العام رغم اختلاف التوصيفات هي خصوصية الفرد أو المجتمع عن أفراد أو مجتمعات أخرى ، من حيث القيم والمعتقدات والموروثات والتراث ، بحيث يصبح للمجتمع أو الأمة ما يميزها عن غيرها ويطبعها بطابع حضاري خاص تُعرف به .
    ويمكن أن نلاحظ أن أي جزء من الهوية الفردية أو الجماعية يشكلها النقاش والحوار والصراع مع الآخر ، فليس هناك هوية تكون منقطعة الوشائج مع غيرها نهائياً ، أو تشكلت من ذاتها دون أن يكون لعوامل كثيرة أثراً في تشكلها
    .
    لذا فيمكن ملاحظة تعدد الهويات في مجتمعنا الإنساني الذي حتما تصاحبها تعدد في الخصوصيات ، لذا نشأت العلاقات الثقافية والحضارية والإنسانية بين الشعوب في شكل من التأثر والتأثير دون تنازل عن الخصوصية أو ذوبان الأنساق الخاصة المكونة لكل هوية من الهويات . وهذه الأنساق التي تشكل الهويات للمجموعات الإنسانية المختلفة وعلى مر الصراع الإنساني في البيئات البشرية المتعددة لم تؤدِ ـ ولن تؤدي ـ إلى وجود هوية واحدة للجميع مهما اشتد الصراع والرغبة في الهيمنة ، ذلك لأن الهوية مُكوِّن يدخل في صلب وجود الجماعات وتمايزها .
    إن انطلاق الإعلامي والمثقف من وعيه لطبيعة مكونات هوية أمته التي ينتمي إليها ، وقناعته بهذه المكونات ، هو الذي يشكل له خطة وخطاب الدفاع عن الهوية ، وبرنامج العمل والفكر والإبداع والانطلاق ، ليعمل من خلال الإعلام وغيره على تحصين ثقافة أمته ضد التيارات الثقافية الغازية ، ويدعوه لمنطلقات تجديدية مدروسة تفتح آفاق المستقبل والفكر والوعي ، والأخذ من الثقافات ما يناسب هوية الأمة للتحسين والتطوير دون انغلاق على الذات أو استسلام إلى الآخر .
    جاء في إعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي ” تتشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع خصب وما بينها من تباين وتأثير متبادل كجزء من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعاً ” . وهنا حض على التنوع والتباين والتبادل وليس على هيمنة هوية ثقافية على أخرى ، فالمثقف العربي أمامه تحد كبير في هذا الجانب ، وعليه مسؤولية جسيمة في التصدي ، وفي فتح فضاءات جديدة عصرية مفيدة وضرورية يسانده في ذلك إعلام قوي

    المصدر :

    اسم الكتاب :الاعلام الثقافي في الاذاعة والتليفزيون

    اسم المؤلف: د.عبدالله تايه

    تعليم_الجزائر
    [تعليم_الجزائر



    تعليم_الجزائررد مع اقتباس

  • 08-09-2009 17:50
    #2


    تعليم_الجزائرالملاك
    تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر l عضو مميز l <a href="http://javascript://” target=”_blank” rel=”nofollow”>تعليم_الجزائر <a href="http://javascript://” target=”_blank” rel=”nofollow”>تعليم_الجزائر <a href="http://javascript://” target=”_blank” rel=”nofollow”>تعليم_الجزائر

    حـالـة التـواجـد : تعليم_الجزائر


    تاريخ التسجيل : Feb 2022


    مكان الإقــامــة : الجزائر – سطيف – العلمة


    الـجـــــنـــــس : ذكر


    الــــعـــــمـــــر : 21


    المشـاركــــات : 255


    معدل تقييم المستوى:466


    قــوة الترشيح : تعليم_الجزائر

    رقمية، الإعلام والثقافة بالمغرب
    محمد أسليـم

    تتيح ورقة عمل هذه الندوة التقاط ثلاثة مفاهيم تقع في صلب الراهنية، وهي: الرقمية، الإعلام والثقافة، وستشكل محور هذه المداخلة التي تتمحور حول الفكرة البسيطة التالية: نحن في مجتمع يباشر، كسائرمجتمعات دول العالم الثالث والجنوب عموما، الخطوات الأولى في عملية التحديث، مما يعني عدم اكتمال عصرنة جميع قطاعاته ومؤسساته بعد، بل إن مجموعة من هذه المؤسسات لا زالت قيد التشكل لا غير، لكنه يشهد الآن مداهمة تحولات قسرية كبرى تفد إليه من المكان نفسه الذي داهمتنا منه الحداثة، وهو الغرب الذي يطالب سائر المجموعات البشرية اليوم الانخراط في عملية ما يسمى بـ « ما بعد الحداثة». فهل يكون هذا مناسبة لحرق المراحل عبر إجراء طفرة تتيح تدارك ما فات الوصول إليه على نحو ما يتحدث البعض عندما يعتبر الرقمية فرصة جديدة أمام دول الجنوب للحاق بالغرب أم سنخطئ هذا الدخول مثل سابقه؟ للاستجابة لهذا النداء، أيجب التخلي عن الورشات المفتوحة أم يتعين إغلاقها لفتح أخرى جديدة أم يجب العمل على واجهتين: واجهة مواصلة التحديث مع الدخول في ما بعد الحداثة في آن؟ لا تزعم هذه الورقة الإجابة عن هذه الأسئلة ولا تقديم وصفة سحرية للخروج من مأزقنا الجديد، وفي المقابل ستكتفي بمحاولة وصف بعض مما يجري الآن في القطاعات الثلاثة موضوع التأمل.

    1. الرقمية:
    بتعريف بسيط هي الثورة الصناعية الثالثة، ومثلما كان للثورتين السابقتين عناوين بارزة للحالية أيضا سماتها الجلية؛

    – الثورة الأولى انطلقت باكتشاف الفحم الحجري والآلة البخارية، مما أدى إلى تغيير في إدراك مقولة المكان وفتح الباب أمام التوسعات الاستعمارية الكبرى؛

    – في الثانية تم اكتشاف الكهرباء والبترول، ما أدى إلى تغيير في مقولة الزمان عبر البث المباشر بواسطة المذياع والتلفزة، وظهور وسائل نقل جديدة، مما سيؤدي إلى كثافة الاتصال والتواصل وإعادة هيكلة المدن، الخ.

    – أبرز ما يميز الثورة الرقمية التي انطلقت منذ سبعينيات القرن الماضي ظهور ما يسمى بـ «الآلات المفكرة» التي يتوقع أن ينجح بعضها في أداء مهام وعمليات ذهنية تفوق نظيرها لدى الإنسان متوسط الذكاء[1]. هذه الآلات تتيح مضاعفة الإنتاج وخفظ كلفته، مما يغرق الأسواق بالمنتوجات الصناعية بشكل غير مسبوق، من جهة، ويخفظ تدخل الإنسان في عمل أهم قطاعات الشغل في الأزمنة الحديثة، وهي الفلاحة والصناعة والخدمات، من جهة ثانية، وبالتالي انتشار البطالة بشكل غير مسبوق أيضا في الأزمنة الحديثة. ثمة من يرى أن الثورة الرقمية ستضع نهاية للعمل البشري المأجور نفسه، مما يحتم على المجتمعات الحالية إعادة التفكير في توزيع الترواث، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى ظهور ثقافة جديدة[2]. وبما أن الرقمية تدشن حضارة جديدة، فحديث النهايات صار يتردد اليوم في كل مكان: «نهاية التاريخ»، «نهاية العمل المأجور»، «نهاية السياسة»، «نهاية الأدب»، الخ.

    الحاسوب الذي بدأ انتشاره منذ أوساط السبعينيات ويتوقع أن يتزايد انتشاره بشكل كبير بالنظر إلى أن أحد أهداف ما يسمى بـ «الأهداف الألفية للتمنية» OMD التي صاغتها الأمم المتحدة عام 2000 وضعُ التكنولوجيات الجدية، بالخصوص تكنولوجيات الإعلام والتواصل في متناول الجميع»[3]، نقول: الحاسوب هو أحد هذه الآلات المفكرة. وهو يتجاوز مجرد وسيط إلى كونه جهازا يختزل مجموعة من الأجهزة، ويتيح القفز على مؤسسات عريقة النشأة والرسوخ في المجتمعات البشرية. إليكم بعض الأمثلة:

    – ثمة برامج في مجال تعدد الوسائط تتيح للمستخدم الفرد إذا ما تعلمها وأجاد استعمالها أن يمتلك بمفرده ما يعادل استدويو إذاعيا بكامله؛

    – ثمة برامج معلوماتية تتيح للمستخدم بمفرده إنشاء محطة بث إذاعي، عبر شبكة الأنترنت، انطلاقا من منزله، تغطي مجموع أنحاء الأرض، مستغنيا ليس عن سائر آليات وطواقم محطات البث التقليدية فحسب، بل وكذلك عن الإجراءات الإدارية والقانونية الضرورية لإنشاء محطة مماثلة في العالم الواقعي ؛

    – المراسلة بالبريد الإلكتروني تتيح التواصل السريع بين المرسل والمرسل إليه في وقت قياسي، وبتكلفة تكاد تبلغ الصفر، مما يجعل مقارنته بنظيره التقليدي غير واردة؛ لإرسال رسالة بالبريد العادي يجب: تحرير الصفحة، طيها، إدخالها في ظرف بريدي، تحرير العنوان في واجهة الظرف، إلصاق طابع البريدي في الظرف، إيداع الرسالة في صندوق رسائل البريد لتدخل في دورة من التدخلات: الفرز، الشحن برا أو جوا، الإيداع في مؤسسة بريد الاستقبال، الفرز، التسليم لساعي البريد، لتصل أخيرا، وبعد هذا كله، إلى المتلقي. مقابل ذلك، لدى استخدام البريد الإلكتروني، لا يتطلب وصول الرسالة إلى متلقيها سوى تحريرها والضغط على زر الإرسال، وها هو يستلمها في بضع ثوان أنى كان مسكنه في أرجاء الكوكب الأربعة.

    وما قيل في الأمثلة السابقة يصدق أيضا على النشر الإلكتروني عبر الحاسوب والشبكة؛ امتلاك جهاز حاسوب ومساحة استضافة صار اليوم معادلا لامتلاك دار نشر بكاملها لبث سائر أنواع الملفات التي ظلت مهمة إيصالها إلى القراء حتى اليوم مقصورة على – بل ومن اختصاص – المطابع ودور النشر الورقية: كتب، مجلات، صحف. أكثر من ذلك، كلفة النشر الإلكتروني هي من القلة بحيث لا فائدة في المقارنة بينها وبين نظيرتها المادية، مما جعل المسألة نظريا في يد الجميع. وكون الشبكة قارة جديدة مفتوحة لكل الناس، لا تعود ملكيتها لأية جهة، فمن الطبيعي ألا تشهد عملية النشر كثافة غير مسبوقة فحسب، بل وتشهد أيضا ما يمكن أن يوصف بـ «الفوضى» و«التسيب» من منظور مصافي النشر التقليدي متمثلة في لجان القراءة بدور النشر وهيآت تحرير الصحف والمجلات. لم يعد إنتاج الخطاب اليوم مقصورا على أهله؛ صار بإمكان أي كان أن يلتقط أحداثا بجهازه الخلوي ويبثها في أحد مواقع مشاركة الأشرطة، مثل اليوطوب والـ myspace والـ dailymotion وغيرها، وها هو يستولي على قسم من عمل الصحافة وهو تقديم الروبورتاج الحي لحدث ما. والأمر نفسه ينطبق على قطاعات الأدب ونشر الخبر سياسيا كان أم ثقافيا؛ بالمثل، صار بإمكان أي كان أن يكتب ما شاء، ويودعه في الشبكة، مقدما إياه بالصفة التي يشاء، ناعتا نفسه بـ «الشاعر» أو «الكاتب» أو «الناقد»، بل وحتى بالصحفي، الخ.

    2. الإعـلام
    أ) لمحة تاريخية موجزة جدا:
    الإعلام بتعريفه البسيط هو تدوين معلومة وإشاعتها في المكان. يرتبط تاريخه بتاريخ الكتابة نفسها، ولكن نشأته الحقيقية ترتبط بظهور المطبعة عام 1448؛ فلكي يكون إعلام لابد من توفر عناصر: الطباعة، انتظام الظهور، وجود جمهور من القراء الفضوليين.

    أول منشور منتظم الظهور صدر في فرنسا عام 1631، هو La gazette، ولكن يجب انتظار حوالي قرنين عن ظهور المطبعة لتصدر أول يومية في فرنسا وهي صحيفة لوفيغارو، ومن ثمة يشهد الحقل الصحفي بداية تشكل حقيقية له، حيث ستظهر وكالات للأنباء، وستظهر مهنة «الصحفي» بعد كانت الحدود بين الصحافة والأدب غير واضحة تماما في البداية.

    في عام 1917، بلغ مجموع سحب اليوميات الباريزية وحدها 6.5 مليون نسخة.

    بيد أن ظهور الراديو سنة 1930 والتلفزة عام 1950 سيعرض هذا القطاع لمنافسة حقيقية، ستشهد ذروتها في الثورة الرقمية التي نعيش بدايتها الآن، وذلك بظهور منافس جديد يدعى بـ «الصحافة الإلكترونية المجانية». هكذا، ففي فرنسا وحها فقدت الصحف الباريزية 12% من قرائها، أي ما يعادل 000 800 قارئ يومي[4]، وفي أمريكا، في عام 2022، سيفقد 000 18 صحفي وظائفهم بسبب التمدد المتزايد للصحافة الإلكترونية في شبكة الأنترنت[5].

    ب) المشهد الإعلامي المغربي في الشبكة:
    يشكل قطاع الإعلام بالمغرب، وضمنه الإعلام الثقافي، مثالا حيا لما تحدثنا عنه في مستهل هذا العرض، وهو: في غمرة انغماس مجموعة من الحقول في عملية التحديث، بل وحتى قبل اكتمال تشكل مجموعة منها، بحكم جدتها الكاملة، ومنها قطاع الإعلام، يُداهمها إكراه وجوب اللحاق بتحولات ما بعد الحداثة؛

    في سياق تتجاوز نسبة الأمية بمعناها التقليدي (عدم معرفة القراءة والكتابة) نسبة 50% من مجموع السكان، مما يعني غياب قاعدة واسعة من القراء تتيح الحديث عن وجود صحافة حقيقية احترافية، وهو ما يعاين واقعيا، حيث لا يتجاوز سحب أول يومية مقروءة في المغرب اليوم 000 186 نسخة (صحيفة المساء). في هذا السياق، يفاجأ قطاع الصحافة قيد التشكل بميلاد الصحافة الإلكترونية المجانية ومنافستها الشرسة للإعلام المكتوب. وبقدر ما يصعب التكهن بما ستؤدي إليه هذه المنافسة يصعب اقتراح حل سحري للخروج من هذا الوضع، ومن ثمة، وقوف هذا التأمل عند حدود وصف ما يجري لا غير:

    مجموع مواقع البث الإعلامي المغربية بالشبكة 33 يومية، وهو ما يجعله يحتل المرتبة الثانية على صعيد شمال إفريقيا بعد مصر التي تتوفر على 42 موقعا، ويحتل الرتبة الرابعة عربيا بعد لبنان التي تتوفر على 59 موقعا والعراق التي تملك 50 موقعا، ثم مصر التي لها 42 موقعا[6]. تقتضي هذه الإشارة الإحصائية وقفة لمقارنة حجم الإصدارات الإلكترونية مقارنة مع نظيرتها الورقية، من جهة، ثم مقارنة عدد الإصدارات الإلكترونية بالعدد الإجمالي لسكان كل بلد على حدة أيضا، من جهة ثاية، وهو ما لا نزعم القيام به في هذا السياق. في المقابل نود إبداء ملاحظاتين:

    – معظم ما ينشره الإعلام المغربي الرقمي هو إعادة نشر لما يصدر في الورق، ولكن بخصم، إن جاز هذا التعبير؛ باستثناء صحيفة الصباح التي تتطابق نسختاها الرقمية والورقية كل الصحف تحذف العديد من مواد إصداراتها الورقية كما لا توظف تقنيتي الصوت والصورة. الاستثناءات في هذا الباب تتجسد في المواقع الإسلامية وبوابات، مثل منارة، ومواقع صحفية غير مهنية مثل هسبريس.

    – جل المواقع لا تجدد أخبارها على مدار الساعة. وسبب ذلك يعود دون شك إلى اعتماد هذه الصحف في بناء مواقعها وتحيينها على معلوماتيين وليس على صحفيين، وهو ما يعكس غياب التكوين المعلوماتي لدى الصحفيين، من جهة، ويولد تبعية معلوماتية تبلغ حد انقطاع تحيين بعض المواقع لمدة طويلة كما في حالة موقع صحيفة «العلم» الذي يوجد منذ عدة أسابيع ظاهريا تحت الصيانة والتطوير وباطنيا ربما في مشاكل أو صعوبات تقنية، وتعذر تصفح مواقع أخرى مثل «الأحداث المغربية» و«المساء» و«بيان اليوم» وملازمة مواقع أخرى مرحلة البناء منذ عدة شهور، كموقع «نيشان»؛

    يستنتج مما سبق وجود ما يمكن تسميته بـ «مكان فارغ» في حقل الإعلام الرقمي. هذا المكان الفارغ الذي له نظيره في الفن ويستغله في المغرب شباب ضعيف التكوين فنيا وثقافيا، استحوذ عليه على صعيد الإعلام الثقافي أيضا شباب لا يبدو أنهم ذوي تكون صحفي أو فني. مكنهم من هذا الاستيلاء امتلاك المعرفة والتقنية المعلومياتيين، فأسسوا بذلك منابر نجحت في استقطاب رقميا ما لم تنجح في تحقيقيه معظم الصحف الورقية. باستثناء موقع صحيفة هسبريس الإلكترونية، المحتويات التي تروجها هذه المواقع هي: الغناء والأفلام والبرامج المعلوماتية والدردشة والشات وكرة القدم والفكاهة؛ الموقع المغربي الأول الذي لا منازع له في الوقت الراهن هو موقع «الحيوح» No title المتخصص في الغناء والفيديوكليبات: أقل عدد زيارات شهدها في الشهر الأخير كان 867 642 زائر يوم 25 شتنبر 2022 وأكبر عدد: 774.158 يوم 13 من الشهر نفسه متجاوزا ثاين موقع في الترتيب، وهو «هسبريس» بحوالي 7 مرات.

    3. الثقافـة:
    تتيح الثورة الرقمية وإحدى أبرز مُلازمتيها في الوقت الراهن، وهما العولمة والشوملة، إجراء مراجعة جذرية لمفهوم الثقافة على نحو ما صاغه الحقل الأنثروبولوجي سابقا. من هذه المراجعات التعريف الذي يحددهها باعتبارها حقلا لتوترات ثلاثة تُضفي عليها (أي الثقافة) صبغة الدينامية: توتر (فرد – جماعة)، توتر (داخل – خارج)، ثم توتر (ماضي – حاضر).

    – في الأول يُحدد الفرد باعتباره عنصرا داخل جماعة، ولكن لا يمكن اختزاله إلى حاصل مجموع سمات ثقافة أفراد الجماعة مقسوما على عددهم. على هذا النحو يتم الحديث عن فرد أكثر ثقافة من الآخر داخل الثقافة الواحدة (الروسي الذي يقرأ شكسبير والمغربي الذي يقرأ فوكو، الخ)؛

    – في الثاني يتم الحديث عن مجالات ثقافية محددة جغرافيا، ولكن هذا الانغلاق لا يكون كاملا كما يبدو لأول وهلة؛ فالثقافة كانت على الدوام – ولا زالت – حصيلة اتصالات وتفاعلات مع الخارج (حروب، علاقات اقتصادية، تبادل الديانات، النساء، الخ.)؛

    – في التوتر الثالث: الثقافة تراكم ماض، ولكن لا حياة لها إذا لم تتطور ولم تنفتح على المستقبل[7].

    هذه التجاذبات تشهد اليوم، في سياق الرقمية، حركة قوية بسبب كثرة التنقلات (شمال – جنوب عبر السياحة والاستثمار ثم جنوب – شمال عبر الهجرة)، واجتياح الصورة ووسائل الإعلام السمعية – البصرية لحياتنا. صار اليوم بإمكان الفرد، داخل بيته ومن وراء شاشته، أن ينظم إلى أية جماعة بشرية في أي نقطة من الكوكب، بمعنى أنه صار بإمكانه أن يتواصل مباشرة مع المجموعة البشرية الكونية، وهو ما يرى فيه بعض الباحثين أحد مظاهر تحول عميق تشهده كافة الثقافات البشرية اليوم، يتميز بظهور تقنيات جديدة لتخزين المعارف وإيصالها، من جهة، وبتحول المرجعيات التقليدية للهوية[8]. والأمر نفسه يقال عن التوتر الثاني (داخل – خارج)، حيث زحف العولمة والفرضنة virtualisation يُزيحان بشكل منهجي حدود ما يُسمى بالدولة القطرية المؤطرة بحدود جغرافية مادية كانت إلى وقت قريب هي ما يتيح الحديث عن جهات أو مناخات ثقافية. في هذا المستوى، يمكن طرح السؤال: أين تقف حدود ما هو مغربي عن غيره عندما نكون إزاء منبر ليس له من المغربية إلا جنسية صاحبه في حين يتكون قراؤه وكتابه من خليط من الأفراد متعددي الجنسيات على نحو ما نجد في العديد من المنابر الرقمية وفي مقدمتها المنتديات التفاعلية والمجلات الثقافية الرقمية؟ تتضح هذه النقطة أكثر بالنظر إلى إمكانيات النشر والانتماء الثقافيين المتاحين لرواد الشبكة المغاربة.

    ب ) فضاءات وأشكال رواج الثقافة في شبكة الأنترنت:
    – قوائم الاتصالات الفردية: تتيح جميع الحسابات البريدية الرقمية للمستخدم إنشاء قائمة عناوين للاتصال، وبذلك يمكنه أن ينشر، وبضغة زر واحدة، أية معلومة ثقافية أو إبداع شخصي إلى مجموع أعضاء قائمة اتصاله ولو عُدَوا بالمئات. هذه الإمكانية مستغلة بكثرة من لدن المغاربة؛

    – المجموعات البريدية: خدمة مجانية تقدمها العديد من الشركات، مثل قوقل والياهو ومكتوب. وعبر إنشاء مجموعة أو الانضمام إليها يُتاحُ للعضو الحصول على نُسخة من كل رسالة يبثعها باقي أعضاء المجموعة الذين يمكن أن يبلغوا الآلاف، كما يتاح للمستخدم نفسه أن يُبلغ أي معلومة ثقافية إلى مجموع زملائه برسالة واحدة تصل نسخة منها للجميع؛

    – المدونات: خدمة مجانية تقدمها العديد من الشركات، مثل مكتوب وموقع www.blogger.com وغيرهما، تمكن كل فرد من الحصول في بضع دقائق على ما يشبه موقعا جاهزا يمكنه أن ينشر فيه ما شاء (أخبار، شعر، حكي، خواطر، فيديوهات، صور، أغاني، الخ.)، عمليا خارج أية رقابة. هذه الخدمة يستفيد منها المغاربة بكثرة، بل وينتضمون في هيأة لهم تسمى «تجمع المدونين المغاربة».

    – مواقع نشر أشرطة الفيديو: تقدمها شركات عديدة، مثل غوغل وMyspace وDailymotion، على أن أشهرها هو موقع اليوتوب الذي يعرفه جل المغاربة للتداعيات المترتبة عن نشر أشرطة فيه استقطبت الرأي العام المغربي (قناص تارجيست، حفل الشواذ بالقصر الكبير؛

    – المنتديات الثقافية: تعد بالمئات، وتتيح لكل منخرط أن ينشر أعماله الإبداعية والفكرية والفنية بغاية القراءة والمناقشة بقدر ما تتيح له مناقشة أعمال باقي الأعضاء. هنا أيضا ينتشر عدد كبير من الكتاب والمبدعين المغاربة؛

    – الصحف الإلكترونية: هي الأخرى عديدة، والنشر فيها متيسر جدا لمن شاء.

    – المجلات الرقمية: عديدة أيضا، وينتشر فيها المغاربة بكثرة، لا سيما في المنابر التي تعرف احتشادا كبيرا مثل دروب وكيكا.

    – تجمعات ثقافية عبارة عن خليط من هيئات ومؤسسات ومنتديات، كاتحاد كتاب الأنترنت العرب والجمعية الدولية للمترجمين العرب والمركز الاستراتيجي العربي ومنتدى من المحيط إلى الخليج…

    ترتب عن تعدد هذه الفضاءات الناتجة عن هذا المنعطف الكبير المتمثل في ظهور تقنيات جديدة لتسجيل المعلومات وتخرينها وإيصالها نتيجتان أساسيتان على الأقل:

    الأول: وجود الخبر في جميع الأمكنة دون أن يكون في مكان بعينه؛ صار من المتعذر مواكبة كل ما يُنشر بقدر ما صار عمليا من المستحيل حصر جميع أماكن تنقل المثقفين والمبدعين مغاربة كانوا أو غيرهم والإحاطة بكل ما ينشرونه. والسبب في ذلك أنه مع حادث الشبكات دخل العالم إلى مرحلة لم يعد يوجد فيها أي مركز سمته الأساسية تدفق المعلومات بما يتيح الحديث عن «الطوفان الثاني»[9].

    الثاني: دمقرطة بث المعلومة والخبر الثقافيين والوصول إليهما. بيد أن هذه الدمقرطة وإن كانت إيجابية من حيث إنهائها احتكار مؤسسات ومنابر الإعلام التقليدية الكتابية والسمعية البصرية امتلاك المعلومة ونشرها، فإنها (الدمقرطة) في إتاحتها لأي كان أن ينشر ما شاء، بمنتهى السهولة وخارج أي رقابة، تعيد حقل الإعلام بمعنى ما إلى مرحلة بداية تشكله، حيث كانت تسود النميمية والمشافهة، مما يجعل سؤال المصداقية يُطرح بحدة.

    خلاصة:
    الثورة الرقمية التي نعيش بداياتها الآن هي بصدد التأثير جديا على عدد كبير من مؤسسات العالم القديم، عالم ما قبل الرقمية. وقطاع الإعلام عموما، وضمنه الإعلام الثقافي، لا يسلم من هذا التأثر الذي تتجلى أبرز مظاهره في ما يُشبه عودة إلى حقبة ما قبل تشكل قطاع الإعلام. هل هو مؤشر نهاية لهذه المؤسسة أم هو بداية إعادة تشكل لهذا الحقل؟

    في السياق المغربي، التغيير على صعيد الإنتاج الثقافي عموما، وضمنه الإعلام الثقافي، هو من السرعة والمداهمة بحيث يُدخل تغييرات عميقة على ما لم يكتمل تشكله بعد. نشأة الصحافة المغربية حديثة جدا، وشريحة القراء لازالت ضعيفة جدا، ومع ذلك نجحت بعض الصحف الرقمية في استقطاب من القراء ما لم تنجح في استقطابه معظم الصحف الورقية.

    لاستمرار منابر النشر الحالية يجب عليها استغلال جميع الإمكانيات التي تمنحها الرقمية، من تكوين معلوماتي للصحفيين، وتجديد الخبر على مدار الساعة، والتكيف مع البيئة الجديدة لرواج المعلومات، هذه البيئة التي توفر وثائق من الكثرة والمجانية بما يجعل القراءة تأخذ شكل ترحال متزايد من لدن مبحري الشبكة.




التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الآثار السلبية لعولمة الإعلام :


الآثار السلبية لعولمة الإعلام
:

في تحقيق أجرته جريدة عكاظ مع بعض مدمني مشاهدة الأفلام اعترف عدد منهم بخطورة هذه الأفلام “وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا” (يوسف: من الآية 36) وكان مما قالوه:
ا- قال شاب: إن هذه الأفلام عديمة الفائدة، والتي تعتبر مضيعة للوقت بالإضافة إلى كونها الطريق إلى اكتساب عادات وأفكار سيئة تؤدي إلى انحراف بعض الشباب، خاصة في مرحلة المراهقة.
2- واعترف آخر بأن بعض هذه الأفلام قد تتسبب في انحراف الشباب الذين ليس لديهم وعي كامل بخطورة ما تحتويه.
3- وثالث يقول: لهذه الأفلام سلبيات، منها ضياع الوقت، واكتساب أفكار قد تكون سيئة(1).
أما المجتمعات الأخرى “فقد عزا الغربيون مثل (ريجيس دوبريه) في كتابه الموسوم بـ “الميديولوجيا: علم الإعلام العام” عزا هزيمة الشيوعية إلى انتصار ما أسماه (بالفيديولوجيا) على (الأيديولوجيا)، أي انتصار الاستهلاك الفوري الذي يروج له التليفزيون المرئي (الفيديو) على حساب الأفكار والقناعات (الأيديولوجيات).
وفي دراسة (لبنيامين باربر) تحت عنوان “ثقافة الماك وورلد في مواجهة الديمقراطية”، يقرر محرر الدراسة أن الثقافة العالمية الأمريكية هي الترجمة الحرفية (للفيديولوجيا)، التي تتعارض مع الثقافات القديمة، ولكنها تلجأ إلى أسلوب آخر، فـ”ماك وورلد” يتزين قليلا بطابع الثقافات التي يلتهمها، فإذا بالإيقاعات الأمريكية اللاتينية تتداخل مع “البوب” في الأحياء المكسيكية الفقيرة في لوس أنجلوس، ولنا أن نقول: ربما تغير النمط قليلاً في بعض الدول العربية بإخراج وجبة (بينية) “ماك عربي”،على نمط القبعة الأمريكية والثوب العربي.. ثم يقول باربر: وإذا بـ (ميكي) يتكلم الفرنسية في ديزني لاند باريس. ووفقاً لوجهة نظر باربر فإن قناة الموسيقى الأمريكية، والماكدونالدز، وديزني لاند، هي في نهاية المطاف، وقبل كل شيء، أيقونات الثقافة الأمريكية، وهي أحصنة طروادة التي تتسلل من الولايات المتحدة إلى ثقافة سائر الأمم.
ويقول: إن أيقونات الثقافة الأمريكية الجديدة يتم تسريبها إلى الثقافات العالمية التي تبدو عاجزة عن مقاومتها، عن طريق أشباه المنتجات الثقافية، كالأفلام أو الدعايات، وتتفرع منها مجموعة من السلع المادية ولوازم الموضة والتسلية، وهكذا لا تبقى أفلام “الملك الأسد” و”جوراسيك بارك” و”تايتانيك” مجرد أفلام، وإنما تصبح وسائل حقيقية لتسويق الأغذية والموسيقى والألبسة والألعاب والأنماط الاجتماعية والأفكار الثقافية.
إن أيقونات الثقافة الأمريكية الجديدة تنتج التماثل والتشابه وهذا بدوره كما يرى علماء النفس يسهل عملية التحكم والسيطرة، وأبعد من ذلك إنتاجها لنفس أنماط السلوك، فمن وجهة نظر (ريجيس دوبريه) أن كل دقيقة عنف ينتجها فيلم كفيلم “الحديقة الجوراسية” ينقل مستهلكا من الشرق إلى الغرب. فالأسواق تحتاج إلى عملة واحدة هي الدولار، وإلى لغة واحدة هي الإنجليزية وإلى سلوك متشابه في كل مكان يجد تعبيره في سلوك أبطال الثقافة الجديدة.
ومن وجهة نظر (ريجيس دوبريه) كذلك: أنهم أول حضارة أقامت مذبحا منزليا للتبذير، هو “جهاز اللاقط” وأوبريه لا يتوقف عند مستوى الاستهلاك الذي ينحته التلفزيون في حياة البشر، من خلال الدعاية التي تقولب ومن خلال أفلام الجنس والعنف، فهو يرى أن هذا “المذبح المنزلي” ستتحطم عليه قناعاتنا وخياراتنا وعاداتنا، لأنه ينشر اللامبالاة والاستهلاك والقبول السطحي وبالأخص الإشاعة الاجتماعية، يقول (دوبريه): إن التلفاز بالتأكيد يذهب إلى أبعد من الكتاب المطبوع ولكنه أقل عمقا. فدرجات التأثير ربما تكون بعكس مساحات التغطية. وصلابة قناعاتنا تنقص عندما تزيد سرعة المعلومات ومرور العلامة.
إن (باربر) يرى أن الترويج أو الدعاية للمنتجات الأمريكية يعني الترويج لأمريكا وثقافة السوق والمخازن التجارية التي تفرض علينا القيام بفك ارتباط بهويتنا الثقافية، ما عدا صفة المستهلك، والتنكر لمواطنيتنا لنتذوق أكثر هذه المتعة الوحيدة الناتجة من التسوق.
أثر آخر من آثار العولمة الإعلامية يتحدث عنها فيريليو، فمن وجهة نظر فيريليو أن هناك فارقا جوهريا بين القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين، فإذا كانت “جنية الكهرباء” على حد تعبيره قد أضاءت المدن إضاءة مباشرة في القرن العشرين، فإن القرن الواحد والعشرين سيشهد “الإضاءة غير المباشرة للعالم ” بحيث يصبح في الإمكان بفضل التكنولوجيات التليفزيونية التي تتطلب منهجاً بصرياً شمولياً جديداً، يقوم بمراقبة كل شيء، النظر إلى كل شيء، والانشغال بكل شيء.
فإذا كانت بعض كبريات الصحف في ديسمبر 1997 خصصت صفحتها الأولى للكلب الجديد الذي كان قد حصل عليه زعيم دولة عظمى، وتولت صفحة في الداخل إكمال الملف، محللة -على حد تعبير بعض محرري لوموند ديبلوماتيك- موقع الحيوان في تاريخ ذلك البيت الرئاسي الأبيض، ومستعيدة قائمة الكلاب السابقين الذين حلوا ضيوفا على ذلك البيت. فما بالك بما يمكن أن ينشر ويقرأ وينظر عبر وسائل الإعلام العالمية المختلفة، وبماذا يمكن أن يشغل الناس!”(2).
هذا نذر مما ذكره بعض الغربيين، ولاشك أنها أثار سالبة وأخطار فعلية، ولكن ليت الإعلام العالمي اكتفى بهذا، إن كثيراً مما سبقت إشارة إليه من مفاسد مترتبة على العولمة عامة والثقافية منها خاصة، تتحمل الوسائل الإعلامية وزرها، ولكن بالإضافة إلى ما ذكر من آثار سلبية، في العولمة الثقافية، على العقيدة خصوصاً وعلى الثقافة عموماً هناك أمور مهمة جداً، نعرض لها في حلقة أخرى بمشيئة الله تعالى.

______________
(1) جريدة عكاظ العدد (9186) الملحق.
(2) مستفاد في مجمله من مقال بعنوان: الخواء الثقافي وظاهرة انتشار المسوخ، تأملات من عصر العولمة، لتركي الربيعو، وقد نشر في صحيفة نزوى العمانية العدد الثاني والعشرون، وقد أحال النقول إلى مصادرها