التصنيفات
البحوث التجارية

بحث شامل المنافسة والقدرة التنافسية

خطة البحث:

مقدمة
-I ماهية المنافسة 01
-1-I مفهوم التنافسية 01
-2-I أنواع التنافسية 01
-3-I عوامل التنافسية 02
-4-I قياس التنافسية 02
-II تطوير مفهوم الأداء 03
-1-II أهمية الأداء 03
-2-II مفهوم الفعالية و الإنتاجية 03
-3-II كيف تطورت فكرة الأداء 04
-4-II الإدارة الحديثة للأداء 06
-III القدرة التكنولوجية الكلية و الجزئية 08
-1-III مفهوم التكنولوجيا 08
-2-III أنواع التكنولوجيا 08
-3-III القدرة التكنولوجية كأداة للتنمية 10
-4-III مؤشرات الأداء التكنولوجي في المؤسسة 12
-IV أهمية التصديـر 13
-1-IV مفهوم التصدير 13
-2-IV أنواع التصدير 13
-3-IV أهمية التصدير 14
خاتمة.

مقدمة

يعيش العالم اليوم مرحلة جديدة تغيرت فيها أموراً كثيرة عما كان سائداً في سنوات قليلة ماضية, فبالإضافة إلى التغييرات على الصعيد السياسي, نشأت أوضاع اقتصادية جديدة تدور حول مفاهيم تحرير التجارة الدولية و تأكيد أهمية دور القطاع الخاص و التحول نحو اقتصاديات السوق في كثير من دول العالم, كما أن على الصعيد التقني و العلمي شهد العالم تحولات هائلة أنتجت واقعاً جديداً يبدو للجميع يقوم على التواصل و الاتصال الحظي من خلال الأقمار الصناعية و الأنترنت.
الخلاصة أن العالم يعيش الآن عصراً سمي في مرحلة “بعصـر المعلومـات” ثم أطلق عليه عصر ما بعد الصناعة, و أخيراً يطلق عليه البعض عصر المعرفة, و في جميع الأحوال و بغض النظر عن التسمية فإن سمات و ملامح هذا العصر و آلياته و معاييره تختلف جذرياً عن كل ما سبقه, و تفرض بالتالي على كل من يعاصره ضرورة الأخذ بالمفاهيم و الآليات الجديدة و المتجددة.
وقد كان أخطر آثار العصر الجديد بروز التنافسية كحقيقة أساسية تحدد نجاح أو فشل المؤسسات بدرجة غير مسبوقة, و من هنا أصبحت المؤسسة في موقف يحتم عليها العمل الجاد و المستمر لاكتساب الميزات التنافسية لإمكان تحسين موقعها في الأسواق أو حتى مجرد المحافظة عليه في مواجهة ضغوط المنافسين الحاليين و المحتملين.
في ضوء ما تقدم يمكن صياغة إشكالية البحث التالي:
كيـف يـمكـن للمـؤسسـة اكتسـاب قـدرة تنافسيـة ؟
لمعالجة هذه الإشكالية, نقسم البحث إلى ثلاث عناصر أساسية, في البداية نتناول تأثير المنافسة العالمية على مفهوم الأداء, ثم نحاول التعرض لأهمية القدرة التكنولوجية في تعزيز القدرة التنافسية لنتطرق في الأخير إلى أهمية التصدير و علاقته بالمكانة التنافسية, لكن قبل ذلك نشير إلى ماهية التنافسية.

ماهية المنافسة:
-1-I مفهوم التنافسية:
يمكن القول بأن هناك نوعين من المنافسة في دنيا الأعمال, المنافسة المباشرة و المنافسة الغير مباشرة, و المنافسة الغير مباشرة تتمثل في الصراع بين المؤسسات القائمة في المجتمع للحصول على الموارد لمتاحة في هذا المجتمع, أما المنافسة المباشرة فهي تلك المنافسة التي تحدث في المؤسسات التي تعمل في قطاع واحد.
و هناك تعريف آخر يرتكز على السوق و مفاده أن التنافسية تقاس من خلال أداء المؤسسة في السوق مقارنة بنظيراتها, و ذلك استناداً إلى تقويم حصة السوق النسبية.
-2-I أنواع التنافسية:
و تصنف التنافسية إلى صنفين:
-1-2-I التنافسية بحسب الموضوع: و تتضمن نوعين:
أ- تنافسية المنتج: تعتبر تنافسية المنتج شرطا لازماً لتنافسية المؤسسة, لكنه ليس كاف و كثيراً ما يعتمد على سعر التكلفة كمعيار وحيد لتقويم تنافسية منتج معين, و بعد ذلك أمراً غير صحيحاً, باعتبار أن هناك معايير أخرى قد تكون أكثر دلالة كالجودة و خدمات ما بعد البيع.
ب- تنافسية المؤسسة: يتم تقويمها على أساس أشمل من تلك المتعلقة بالمنتج, حيث لا يتم حسابها من الناحية المالية في نفس المستوى من النتائج, في حين يتم التقويم المالي للمنتج بالاستناد إلى الهامش الذي ينتجه هذا الأخير, أما تنافسية المؤسسة يتم تقويمها آخذين بعين الاعتبار هوامش كل المنتجات من جهة, الأعباء الإجمالية.
-2-2-I التنافسية وفق الزمن:
تتمثل في التنافسية اللحظية و القدرة التنافسية:
أ‌- التنافسية اللحظة: تعتمد هذه التنافسية على النتائج الإيجابية المحققة خلال دورة محاسبية, غير أنه يجب ألا نتفاءل بأن هذه النتائج, لكونها قد تنجم عن فرصة عابرة في السوق, أو عن ظروف جعلت المؤسسة في وضعية احتكارية, فالنتائج الإيجابية في المدى القصير قد لا تكون كذلك في المدى الطويل.
ب‌- القدرة التنافسية: يبين استطلاع الرأي أن القدرة التنافسية تستند إلى مجموعة معايير, حيث أن هذه الأخيرة تربطها علاقات متداخلة فيما بينها, فكل معيار يعتبر ضروري, لأنه يوضح جانبا من القدرة التنافسية, و يبقى المؤسسة صامدة في بيئة مضطربة, و لكنه لا يكفي بمفرده.
و على خلاف التنافسية اللحظية, فإن القدرة التنافسية تختص بالفرص المستقبلية, و بنظرة طويلة المدى من خلال عدة دورات استغلال.
-3-I عوامل التنافسيـة:
هناك ثلاث عوامل أساسية تحد درجة المنافسة و هي:
1- عدد المؤسسات التي تتحكم في المعروض من منتج معين, فكلما زاد عدد المؤسسات كلما ازدادت شدة المنافسة بينهما و العكس بالعكس صحيح.
2- سهولة أو صعوبة دخول بعض المؤسسات إلى السوق, فكلما كان من السهل دخول بعض المؤسسات الجديدة لإنتاج و تسويق منتج معين, كلما زادت شدة المنافسة, و العكس صحيح.
3- العلاقة بين حجم المنتجات التي يطلبها الأفراد في السوق و تلك الكمية التي تستطيع المؤسسات تقديمها و عرضها من هذه المنتجات, فكلما زاد المعروض من المنتجات عن المطلوب منها كلما زادت شدة المنافسة و العكس صحيح.
-4-I قياس التنافسيـة:
يمكن معرفة موقع المؤسسة من التنافسية و ذلك بالاستناد إلى للثنائية فعالية – إنتاجية, و كذا من خلال مقارنة أداء المؤسسة في السوق بأداء منافسيها. و هكذا نجد أن الأداء هو المؤشر الأساسي الذي يتحكم في القدرة التنافسية للمؤسسة, و قد تطور مفهوم هذا الأخير وفقا لتطور أوضاع المحيط, و هذا ما سنحلله في العنصر الموالي.

-II تطور مفهوم الأداء:
-1-II أهمية الأداء:
يعتبر الأداء الاقتصادي من أهم الموضوعات التي تحدد درجة تطور و تنظيم الاقتصاد, حيث من خلاله تتشكل الركائز المادية للمجتمع و التي تؤمن انطلاقة نحو الحضارة و الرفاه الاجتماعي, الذي يبنى بالدرجة الأولى على أساس التراكمات المادية و المالية التي تحققها البلدان و التي تنعكس مباشرة على تطور الدخل القومي فيها.
و لهذا كان الاهتمام بقياس الأداء منذ القدم, فق كان لفريديريك تايلور الفضل في الدراسة الدقيقة للحركات التي كان يؤيدها العامل و توقيت كل منها بقصد الوصول إلى الوقت اللازم لإدارة الآلة و إيقافها. و لقد كان جوهر الدراسة التي أجراها تايلور هي أن هناك مجموعة من تفاصيل الحركات تشترك فيها عمليات كغيره, بحيث إذا أمكن مشاهدة كل هذه الحركات و دراسة الزمن المستغرق, فمن الممكن اعتبار النتيجة و حدة فنية يستفاد منها في العمليات المشابهة التي لم يجري بها دراسة زمن خاصة بها.
نلاحظ من خلال ما سبق أن النظرة إلى الأداء كانت تقتصر فقط على الزمن المستغرق للأفراد و المعدات لتحديد معدلات الأداء, و لكن سرعان ما تطورت تلك النظرة وفقا لتطورات المحيط كما أشرنا.
-2-II مفهوم الفعالية و الإنتاجية:
تطورت فكرة الأداء و دخلت مصطلحات جديدة كالفعالية و الإنتاجية, و لها ارتباط وثيق بقياس الأداء, لذا نرى من الضروري توضيح هذه المفاهيم:
أولاً: الفعاليـة:
تعرف الفعالية على أنها:” استغلال الموارد المتاحة في تحقيق الأهداف المحددة, أي أنها تختص ببلوغ النتائج”, إذ نلاحظ أن الفعالية تهتم بالنتائج, بينما الكفاءة ترتبط بالوسيلة التي أتبعت في الوصول إلى هذه النتائج.

ثانياً: الإنتاجيـة:
تعرف الإنتاجية بأنها:
1- أداة قياس للتقدم التقني: و يعكس هذا التعريف نتيجة الدراسات التي تمت في مستوى أكثر شمولية “ماكرو اقتصادية”.
2- أداة قياس الاقتصاد في الوسائل: و يتعلق هذا التعريف بالمدد الزمنية للخيارات المتاحة للفرد. و هذا التعريف صالح على مستوى المؤسسة, و على مستوى الاقتصاد.
3- أداة قياس كفاءة نظام إنتاجي معين: و يفترض هذا التعريف العمل الفوري و نسمي المؤسسة فائدة كبيرة إذا قامت بتسوية المشاكل التقنية, مثل تحسين أداء المصالح.
-3-II كيف تطورت فكرة الأداء:
و تواجه المؤسسات اليوم تحديات جديدة تفرض عليها مقارنة الأداء و ما تحققه من إنجازات بما يصل إليه غيرها من المنظمات الأحسن تنظيما و الأفضل و الأنجح في السوق, و هو ما يعبر عنه بالقياس إلى القسط الأفضل, و قد تطورت هذه الفكرة بتأثير المنافسة العالمية و الرغبة في الوصول إلى أفضل المستويات في الأداء, و من ثم ظهرت فكرة المستوى العالمي للأداء حسب ما يوضحه الشكل التالي:

و بالتالي يمكن القول أن مفهوم تطور من مدى توافر الموارد إلى الاستعمال الأمثل لهذه الموارد قصد تحقيق الأهداف المسطرة, و منه كان التركيز في الأداء عل الفاعلية ثم انتقل إلى الفعالية و مدى إمكانية تحديد طرق الإنتاج, لكن كما يوضح الشكل أصبح اليوم يحمل أو معنى أوسع, و يقاس بمدى تأثير على محيط الإنسان و حمايته, و بالتالي مراعاة الجانب الإنساني لدى قياس الداء أصبح من الضروري و من المحتم.
-4-II الإدارة الحديثة للأداء:
نستطيع القول أن الهدف الأساسي من وجود تسيير (إدارة) في أي مؤسسة أو منظمة هو ضمان و تأكيد تحقيق الأهداف التي نشأت المؤسسة من أجلها.
Achievement of objectives -1
و السبيل الأساسي لضمان و تأكيد تحقيق الأهداف هو تخطيط الأداء (الأنشطة) الموصلة إلى هذه الأهداف, إذ لا بد من بذل جهود للوصول إلى نتائج.
Performance planning -2
و لكي يتم الأداء على الوجه الأفضل حسب التخطيط يجب توفير المستلزمات المادية و البشرية و المعنوية, و يجب تهيئة الظروف و الأوضاع التنظيمية و الإدارية, و يجب توفير المعلومات و الإرشادات والمعايير الموجهة للأداء, أي تهيئة و توجيه الظروف لإمكان الأداء.
Performance Facilitation -3
و لا تستطيع المؤسسة أو الإدارة المعنية أن تنتظر إلى نهاية الأداء لتكتشف عما إذا كانت الأهداف قد تحققت أم لا, بل يجب متابعة و مراجعة الأداء و تبيين احتمالات النجاح المستهدفة.
Performance Audit -4
حيث تتغير الأوضاع و الظروف, و تتبدل الأساليب و التكنولوجيات و تختلف كفاءة العناصر المستخدمة في الأداء من فترة لأخرى و تستحدث أهداف و تطلعات متجددة, فإن الأمر يقتضي التطوير في الأداء وفقاً لتطور الظروف و الموارد و المعوقات المتغيرة باستقرار.
Performance Development -5
و نظراً لانفتاح الأسواق, و اشتداد المنافسة تصبح المحافظة على المركز التنافي النسبي أمراً صعباً للمؤسسة إن لم تعمل على تحسين أدائها, و تمييز منتجاتها للتفوق على المنافسين و إشباع رغبات المستهلكين, بشكل يتفوق تماما على المنافسين.
Performance Improvement -6
هذه العناصر الأساسية الست تكون جميعا مفهوما متكاملاً هو ” إدارة الأداء “.
Performance Management -7
و المشكلة الأساسية التي تواجه الإدارة فيما يتصل بموضوع الأداء أنه في أغلب الأحيان تختلف الأداء الفعلي على الأداء المخطط (الأهداف).
Performance Gap -8
و لحل هذه المشكلة هناك النموذج الديناميكي لتحسين الأداء, الذي يعتبر من أحدث النماذج وأحسنها لأنه يقوم على التعديل المستمر بدراسة الواقع الحالي للمؤسسة و الواقع المحيط بها, و يتم التركيز على المورد البشري بالحفز على الابتكار و استثمار القوة الذهنية, و إعطاء الصلاحية للإنجاز, و التركيز كذلك بالمقابل على السوق و العملاء بإعطاء المفهوم الكامل للخدمة و مفهوم الحل الشامل و خلق القيمة لتصل في الأخير إلى إعادة البناء و التجديد و ليس الترميم.
ذكرنا أنه للقيام بالتعديل المستمر لابد من دراسة الوقع الحالي للمؤسسة و من بين التحاليل التي تقوم بها في هذا تحليل المستوى التكنولوجي.

-III القدرة التكنولوجية الكلية و الجزئية:
-1-III مفهوم التكنولوجيا:
التكنولوجيا هي تركيبة من التجهيزات و الوسائل و المعارف التطبيقية في الصناعة, و هذه المعارف منها ما هو مرتبط بالعلم و تطبيقاته في الصناعة و الاستعمال, و منها ما هو مرتبط برأسمال البشري –معرفة كيفية العمل و الإنتاج- و هي معارف منظمة و مشكلة لتقنيات مجمعة لدى الأفراد –إمكانيات و طاقات و معارف- تسمح لهم بتوجيه الآلة و تنظيم الإنتاج, و هي نتيجة تراكم سنوات من التجارب الإيجابية لدى عدد معين من الأفراد تستعمل في إنتاج سلع و في إنشاء سلع جديدة.
-2-III أنواع التكنولوجيا:
يتم تصنيف التكنولوجيا على أساس عدة أوجه منها ما يلي:
-1-2-III على أساس درجة التحكم: نجد هناك:
1- التكنولوجيا الأساسية: و هي تكنولوجية مشاعة تقريباً, و تمتلكها المؤسسات الصناعية و المسلم به أن درجة التحكم فيها كثيرة جداً.
2- تكنولوجيا التمايز: و هي عكس النوع السابق, حيث تمتلكها مؤسسة واحدة أو عدد محدود من المؤسسات الصناعية, و هي التكنولوجيا التي تتميز بها عن بقية منافسيها المباشرين.
2-2-III- على أساس موضوعها:و هناك:
1- تكنولوجيا المنتوج: و هي التكنولوجيا المحتواة في المنتوج النهائي و المكونة له.
2- تكنولوجيا أسلوب الإنتاج: و هي تلك المستخدمة في عمليات الصنع, و عمليات التركيب و المراقبة.
3- تكنولوجيا التسيير: و هي المستخدمة في معالجة مشاكل التصميم و التنظيم, كتسيير تدفقات الموارد.
4- تكنولوجيا التصميم: و هي التي تستخدم في نشاطات التصميم في المؤسسة, كالتصميم بمساعدة الإعلام الآلي.
5- تكنولوجيا المعلومات: و هي التي تستخدم في معالجة المعلومات و المعطيات و الاتصال, تتزايد أهميتها باستمرار نظراً للدور الذي تلعبه في جزء من عمليات التسيير, الذي يعتمد على جمع و معالجة و بث المعلومات.
-3-2-III على أساس أطوار حياتها:
حيث أن التكنولوجيا تمر بعدة مراحل (الانطلاق, النمو, النضج, الزوال), و وفقاً لذلك تنقسم إلى:
1- تكنولوجيا وليدة
2- تكنولوجيا في مرحلة النمو
3- تكنولوجيا في مرحلة النضج.
-4-2-III على أساس محل استخدامها:
1- تكنولوجيا مستخدمة داخل المؤسسة: و تكون درجة التحكم فيها ذات مستوى عال من الكفاءة و الخبرة و بفضلها تكون المؤسسة مستقلة عن المحيط الخارجي فيما يخصها.
2- تكنولوجيا مستخدمة خارج المؤسسة: و عدم توفر هذه التكنولوجيا داخل المؤسسة لأسباب أو لأخرى, يجعلها ترتبط بالتبعية لمحيط الخارجي, من موردي أو مقدمي تراخيص استغلالها.
-5-2-III على أساس كثافة رأس المال:
1- التكنولوجيا المكثفة للعمل: و هي تلك التي تؤدي إلى تخفيض نسبة رأس مال اللازمة لوحة من الإنتاج, مما يتطلب زيادة في عدد وحدات العمل اللازمة لإنتاج تلك الوحدة, و بفضل تطبيقها في الدول ذات الكافة السكانية و الفقيرة في الموارد و رؤوس الأموال.
2- التكنولوجيا المكثفة لرأس المال: و هي التي تزيد من رأس المال اللازم لإنتاج وحدة من الإنتاج مقابل تخفيض وحدة عمل, و هي تناسب في الغالب الدول التي تتوفر على رؤوس أموال كبيرة.
3- التكنولوجية المحايدة: ة هي تكنولوجيا يتغير فيها معامل رأس المال و العمل بنسبة واحدة, لذلك فإنها تبقى على المعامل في أغلب الأحيان بنسبة واحدة.
-6-2-III على أساس درجة التعقيد:
1- التكنولوجيا ذات الدرجة العالية: و هـي التكنولوجيـا شديدة التعقيد, و التي رأى كل مـن Yres Plasseraud و Martine Miance , أنه من الصعب على المؤسسات الوطنية في الدول النامية تحقيق استغلالها إلا بطلب المهونة من صاحب البراءة.
2- التكنولوجيا العادية: و هي أقل تعقيداً من سابقتها, و يمكن للفنيين و المختصين المحليين في الدول النامية استيعابها, إلا أنها تتميز أيضاً بضخامة تكاليف الاستثمار, و الصعوبات التي تصادف الدول النامية في الحصول باستغلال براءتها مع المعرفة الفنية.
-3-III القدرة التكنولوجية كأداة للتنمية:
إن العلاقة بين التكنولوجيا قائمة لا محالة, فأول بحث أو دراسة علمية أبرزت ذلك كانت قد خصصت الاقتصاد الأمريكي في سنوات الخمسينات, ثم تلتها بعد ذلك دراسات اقتصادية كلية و جزئية أخرى ساندتها بنتائج مماثلة.
و تساهم القدرة التكنولوجية في التنمية بعنصرين:
– العنصر الصلب ممثلاً أساساً في القاعدة الصناعية للآلات و المعدات, أو صناعة السلع الرأسمالية, و مختلف الوسائل التقنية التي تسهل الأعمال, و تمكن من الإسراع فيها و كذلك إتقانها.
– العنصر (الناعم) و الممثل في المعلومات و المعارف التي يختزنها البشر العارفون المهرة, و هي تكنولوجيا في شكل معارف تقنية و علمية, تمكن من تطوير مختلف الصناعات, القطاعات و الخدمات و النشاطات الاقتصادية و غيرها.
حيثما تعلق الأمر بالقدرة التكنولوجية, فقد تحول مركز الاهتمام بها إلى ميدان التطور التاريخي لهذه القدرة عبر الزمن, بالتطبيق مع مجتمعات معينة, و تم تعريفها بطريقة جديدة قوامها أنه محصلة لعنصرين هما حركية النظام الإنتاجي, و فاعلية السياسة العامة, و بالتالي الاقتصار على المفهوم القديم للقدرة التكنولوجية المعتمد على عنصرين السابقين لا يفيد.
يبدو من غير المناسب في قياس التطور التكنولوجي الاعتماد فقط على مقولة الابتكار, و لو كان ذلك بأساليب الجديدة لقياس فاعليته, و إنما يكون الأنسب هو البدء في مسيرة الابتكار بالنظر فيما بين أيدينا و من حولنا من آلات و معدات, و معلومات و معارف, و مؤسسات تعليمية و تدريبية و جامعية, و منشآت إنتاجية, و نفقات مالية, و قوة علمية هندسية, و تشريعات و أطر للسياسات …الخ. و باختصار فإنه يتعين تفعيل مقومات المقدرة التكنولوجية عن طريق روح الابتكار فيها.
و بتعبير آخر, فإنه يجب أن نعبر الفجوة بين القدرة التكنولوجية الفعلية الآن, و بين القدرة التكنولوجية المحتملة و أن تقوم بتعبئته لتبلغ بالفعل بعض آفاق ما هو ممكن و محتمل, و ذلك هو أول الطريق إلى الإبتكار على أن ندرك ما يلي:
1- إمكان البدء بنقل التكنولوجيا الجديدة الأجنبية المستحدثة, أي بأن تمارس عملية التعلم و تراكم حصيلة التعلم بدءاً من التقليد كابتكار فرعي, و لو عن طريق الهندسة, العكسية حتى إن تم ذلك من خلال استخدام البراءات التي دخلت في حيز العلم.
2- إن البحث و التطوير كنقطة ابتداء للنمو الاقتصادي المدفوع من الداخل هو مدخل ضروري و فعال, على أن يفهم في إطاره الواسع, الذي يسمح بتكامله مع قدرات التصميم الهندسي خاصة.
3- إن دور القطاع العام و القطاع الخاص و المنشآت المتوسطة و الصغيرة و الصغرى يجب أن تتكامل, وأن يعاد النظر في هذا التكامل, من منظور بناء نظام إنتاجي, و هو أمر صعب في ظل التسارع في بيع شركات القطاع العام إلى رأس مال الخاص.
4- إن صياغة سياسة عامة متجانسة, موجهة نحو حفز التدخل الحكومي لتطوير قدرة الإبتكار في النظام الإنتاجي هي مسألة حسمها الفكر الاقتصادي التنموي في العقدين الأخيرين, و لابد أن تقسم هذه السياسة بالطابع الانتقائي, أي بأن تستهدف إعطاء الأولوية لتطوير القطاعات الأكثر قدرة على دفع النمو الاقتصادي من خلال المنشآت ذات الكفاءة, وهو ما يعرف ب Economic Competence , و يعود هذا التركيز على ضرورة السياسة العامة إلى سببين:
• إخفاقات آلية السوق.
• حث عملية الابتكار و هذا هو الأهم الآن.
5- إن بناء قدرة الابتكار, بدء من تفعيل الطاقة التكنولوجية الفعلية, وهو أمر ذو مغزى وطني و قومي أكيد … ز هذا ما تتفق عليه جلّ إن لم يكن كل الكتابات الدولية بخصوص الموضوع, وخاصة في ضوء الصعوبات بشأن نقل التكنولوجيا حتى البشرية منها.

-4-III مؤشرات الأداء التكنولوجي في المؤسسة:
للربط بين الأداء بمفهومه المتطور و عنصر التكنولوجيا في المؤسسة, لابد أن يشير إلى أهم مؤشرات الأداء المستعملة في تحديد القدرة التكنولوجية و هي كما يلي:
أ‌- معدل الابتكار التكنولوجي: وهي اختيار واحد أو أكثر من مقاييس الأداء التكنولوجي للمنتجات و العمليات الرئيسية ورصد تقدمها عبر الزمن.
ب‌- إنتاجية البحوث و التطوير: يمكن تحديد أي مقياس للإنتاجية كنسبة التغير في المخرجات إلى التغير في المدخلات, و على سبيل المثال التحسن في أداء المنتج و العملية مقسوما على الاستثمار الإضافي في البحوث و التطوير (RKD).
ت‌- معدل العائد على الاستثمار في البحوث و التطوير: و هو مقياس الربح المتولد عن قدر معين من الاستثمار في البحوث و التطوير.
ث‌- الموارد المخصصة للبحث و التطوير: و هو مقياس لمستوى الإنفاق لمشاريع المختلفة ووحدات النشاط و في ظل مستوى الشركة ككل.
ج‌- معدل تقييم منتج جديد: و هو يقاس من خلال عدد المنتجات الجديدة المقدمة سنويا, عدد براءات الاختراع المتحصل عليها, أو نسبة المبيعات المشتقة من منتجات جديدة.
ح‌- التنويع المعتمد على التكنولوجيا: طالما أن استراتيجية التكنولوجيا موجهة جزئياً نحو هدف التنويع, فإنه من المهم قياس درجة النجاح في إنجاز هذا الهدف من خلال نسبة المبيعات الناتجة من مجهودات الخاصة بالتنويع.
خ‌- مقاييس أخرى ملائمة: يمكن استخدام مقاييس أخرى على حسب طبيعة المؤسسة مثل: حقوق الاختراع أو مبيعات التكنولوجيا, زمن تدريب الأفراد على التكنولوجيا الجديدة, زمن دورة تنمية منتج جديد, تكلفة التطوير لكل مرحلة و مستوى التفوق التكنولوجي.
و كخلاصة لهذا العنصر يمكن أن نعتبر القدرة التكنولوجية مكونة من أربعة عناصر أساسية تكون في مجملها القدرة التكنولوجية و هي: القدرات الهندسية و القدرات الاستثمارية و القدرات الإنتاجية, و القدرات الإبداعية, و توافر هذه القدرات على المستوى الجزئي ولو بشكل متفاوت بين المؤسسات يعطي قدرة تكنولوجية على المستوى الكلي.

-IV أهمية التصديـر:
-1-IV مفهوم التصدير:
التصدير هو عملية هامة تتدخل في مراحل النشاط التجاري للمؤسسة الاقتصادية وهو ركيزة تنموية فعالة بالنسبة للدول النامية. و يختلف مفهوم التصديـر من شخص لآخـر و من فئة لأخرى حيث أنّ:
– الرجل المناسب, يعرف التصدير كما يلي: هو كل عملية تحويل سلعة أو خدمة من عون مقيم إلى عون غير مقيم, بمعنى من مواطن حقيقي إلى شخص أجنبي.
– أما رجل الجمارك: فيعرف التصدير كل عملية عبور السلع و الخدمات من الحدود الوطنية إلى الحدود الأجنبية.
– أما حسب الموسوعة الاقتصادية, فمفهوم التصدير هو تلك العملية التي من خلالها تتدفق السلع و الخدمات من التراب الوطني و التي تحول خارج هذه الحدود و يمكن أن تكون بكثرة أو بقلة.
و يمكن تقديم تعاريف للتصدير على المستويات التالية:
– على مستوى المؤسسة: هو عملية تصريف الفائض الاقتصادي الذي حققته المؤسسة إلى الأعوان الخارجية.
– على المستوى الوطنية: هو عملية تصريف الفائض الاقتصادي الذي حققته دولة إلى الدول التي تعاني نقص في الإنتاج, و هو عملية عبور السلع و الخدمات من الحدود الوطنية.
– على المستوى الدولي: التصدير هو وسيلة من وسائل تحقيق الرفاه الاقتصادي لأي دولة من الدول, يستعمل لمواجهة المنافسة و اقتحام الأسواق الخارجية, و التحكم في تقنياته يؤدي إلى ازدهار العلاقات الاقتصادية الخارجية لدولة ما.
-2-IV أنواع التصدير:
يوجد في التصدير أسلوبين التصدير المباشر, و أسلوب التصدير الغير مباشر.
1- أسلوب التصدير المباشر: نقصد به ذلك النشاط الذي يترتب على قيام شركة ما ببيع منتجاتها إلى مستفيد عملي يتولى عملية تصدير المنتج إلى الأسواق في الخارج سواء كان المنتج بشكله الأصلي أو بشكله المعدل.
2- التصدير المباشر: يتطلب وجود صلة مباشرة بين الشركة المنتجة و الشركة المصدرة في نفس الوقت, و الشركة المستفيدة خارج البلد الأصلي للشركة المصدرة.
يفيد التصدير المباشر في تعميق معرفة و خبرة الشركة بالأسواق الدولية و يساعدها على زيادة كفاءة الإدارة في ميدان الأعمال الدولية أيضا.
-3-IV أهمية التصدير:
أهمية التصدير تتركز في المزايا التي تحصل عليها الدولة منه في ثلاث محاور أساسية:
1- إن التصدير هو المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي الذي يستفاد منه في تمويل عمليات الاستيراد من جهة, و تخفيض العجز في ميزان المدفوعات من جهة أخرى.
2- إن الصناعات التصديرية قد تحصل على مدخلات من صناعات غير تصديرية, كما أن جزء من مخرجاتها قد يستخدم في تدعيم صناعات غير تصديرية أيضاً, و هذه العلاقة التكاملية تؤدي حتماً إلى تطور الصناعات غير التصديرية و تحويلها إلى صناعات تصديرية في الأجل الطويل.
3- إن التصدير يعني التواجد المستمر في الأسواق الخارجية, و القدرة على المنافسة, للحصول على أكبر حصة تسويقية, و هذا التواجد يفرض على الشركات المصدرة مواكبة الشركات المنافسة لها في الأسواق الخارجية, من حيث تكنولوجيا الإنتاج, و تطوير المواصفات الفنية, و استخدام وسائل ترويج أكثر تأثيراً و غيرها, و كل هذه الأمور تنعكس بدورها على تطوير هيكل الصناعات التصديرية, بشكل مباشر و تطوير هيكل الصناعة ككل بشكل غير مباشر, و أقرب مثال على ذلك الصناعات الالكترونية اليابانية التي بدأت تظهر في الأسواق الأوروبية في أوائل السبعينات, و رغم أنها كانت متوسطة الجودة مقارنة بمثيلاتها المصنعة في دول أوروبا الغربية و أمريكا, إلا أن التواجد المستمر في هذه الأسواق أكسب الشركات اليابانية الخبرة و مكنها م نقل التكنولوجيا الإنتاجية من الدول المنافسة و تطويرها إلى الأفضل حتى أصبحت الآن الأكثر بيعاً و الأكبر تفضيلاً من جانب المستهلك الأوروبي و الأمريكي على حدّ سواء. وقد انعكس ذلك الأمر على الصناعات الهندسية الأخرى المنتجة في اليابان, و بدأت تغزو أسواق العالم.
إضافة إلى ذلك و على مستوى المنافسة العالمية, أصبح التصدير يشير إلى مدى امتياز اقتصاد بلد معين بالمردودية و التكلفة الدنيا و الجودة, حتى أن مقياس الأداء الاقتصادي و التكنولوجي أصبح في السنوات الأخيرة يعتمد كثيراً على اعتبار قدرات التصدير و خاصة محتوياته التكنولوجية, و المقصود بذلك هو طبيعة التكنولوجية ذاتها, فصنع و تصدير جهاز أوتوماتيكي مثلا يختلف في أهميته و قيمته المضافة عن صنع و تصدير آلة ميكانيكية.
و من خلال ما سبق نستنتج أنّ عملية التصدير يتسرب تأثيرها انطلاقا من تحسين الجودة إلى حدوث تخفيض في تكاليف الإنتاج و التكلفة النهائية, وصولاً إلى احتلال وضعية تنافسية أقوى, و بالتالي الاستحواذ على شريحة سوقية أكبر مما يرفع رقم الأعمال و بالتالي الحصول على أكبر أرباح و توزيع جزء منها إلى المساهمين و إعادة استثمار الجزء الباقي.في نشاطات مختلفة منها البحث التطبيقي أو الإبداع التكنولوجي, و بالتالي القدرة التصديرية الفعلية لا تتمثل في تصدير أكبر الكميات فحسب, بل في تصدير أكبر كمية من المنتجات التي تتصف بمواصفات تكنولوجية متقدمة.

الخاتمة:

إن تحسين الأداء و تطوير و تجديد المؤسسات لم يعد أمراً اختياريا, و لكنه أصبح شرطا جوهريا لإمكان البقاء و الاستمرارية و عدم الانتثار, لذا كان الاهتمام في هذا العصر بقضية تطوير الأداء من المنظور كلي شامل يستهدف في الأساس تكوين و تدعيم القدرات التنافسية.
كما أنّ للقدرة التكنولوجية دور فعال و مهم في دعم القدرة التنافسية, وذلك بإعطائها حركية للنظام الإنتاجي, و فعالية للسياسة العامة و ليس فقط كما كان ينظر عليها على أنه قاعدة صناعية للآلات و المعدات من جهة, و معارف و معلومات من جهة أخرى, أو بصيغة أخرى يتعين علينا للرفع من قدرتنا التكنولوجية كبلدان نامية أن تقوم بتفعيل مقومـات المقـدرة التكنولوجية عن طريق بث روح الابتكـار فيها.
أما التصدير فأصبح أهم مؤشر لقياس القدرة التنافسية العالمية أو الدولية, خاصة إذا كان المنتجات المصدرة تتصف بمواصفات تكنولوجية متقدمة, و حتى إن كانت هذه المنتجات غير منافسة عالميا, فمجرد تواجدها في السوق الدولي يدفع منتجاتها إلى الرفع من مستوى الجودة, و بالتالي اللحاق بركب المنافسين كما حدث للمنتجات الالكترونية اليابانية.

قائمة المراجع:

-I الكتب:
1- أبو قحف عبد السلام, التنافسية و تغير قواعد اللعبة, مكتبة الإشعاع, مصـر, 1997.
2- السلمي علي, تطوير أداء و تجديد المنظمات, دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع, مصر, 1998.
3- أوكيل محمد سعيد, اقتصاد و تسيير الإبداع التكنولوجي, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1994
4- راشد فاروق محمد السعيد, التنظيم الصناعي و الإداري لطلبة كليات الهندسة, الدار الدولية للاستثمارات الثقافية, مصـر, 2001.
5- عقيل جاسم عبد الله, مدخل في تقييم المشروعات, دار الجامعية للنشر, عمان, 1999.
6- غالب ياسين سعد, الإدارة الدولية مدخل استراتيجي, دار اليازوردي العلمية, الأردن, 1999.
7- مرسي خليل نبيل, هل يمكن لشركتك النجاح بدون إعداد خطة استراتيجية, دار المعرفة الجامعية, مصـر, 1995.

-II الرسائل و الأطروحات:
1- الداوي الشيخ, نحو تسيير استراتيجي فعّال لكفاءة مؤسسات الإسمنت في الجزائر, أطروحة دكتوراه, جامعة الجزائر, 1999.
2- بن نذير نصر الدين, الإبداع التكنولوجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة, رسالة ماجيستر, جامعة الجزائر, 2022.
3- بلخيري فاطنة, استغلال براءة الاختراع في الجزائر, رسالة ماجستير, جامعة الجزائر, 1998.
4- بوشناف عمار, الميزة التنافسية في المؤسسة الاقتصادية, رسالة ماجيستر, جامعة الجزائر, 2022.
-III المجلات:
1- مجلة العلوم الاقتصادية و علوم التسيير, العدد 01, 2001, شركة الهدى للطباعة و النشر, جامعة سطيف.


شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

التصنيفات
تسويق

الميزة التنافسية

الميزة التنافسية:
سوف نتطرق في هذا الجزء الأول من البحث إلى التعاريف المختلفة التي أسندت للميزة التنافسية، لننطلق بعدها إلى تحديد أنواعها ومعايير الحكم على جودتها، ونصل أخيراً إلى المصادر المختلفة لهذه الميزة.

I.1- تعريف الميزة التنافسية:
I.1.1- تعريف M.Porter:
تنشأ الميزة التنافسية بمجرد توصل المؤسسة إلى اكتشاف طرق جديدة أكثر فعالية من تلك المستعملة من قبل المنافسين، حيث يكون بمقدورها تجسيد هذا الاكتشاف ميدانياً، وبمعنى آخر بمجرد إحداث عملية إبداع بمفهومه الواسع.

I.2.1- تعريف علي السلمي:
القدرة التنافسية هي المهارة أو التقنية أو المورد المتميز الذي يتيح للمنظمة إنتاج قيم ومنافع للعملاء تزيد عما يقدمه لهم المنافسون، ويؤكد تميزها واختلافها عن هؤلاء المنافسين من وجهة نظر العملاء الذين يتقبلون هذا الاختلاف والتميز، حيث يحقق لهم المزيد من المنافع والقيم التي تتفوق على ما يقدمه لهم المنافسون الآخرون.

I.3.1- تعريف نبيل مرسي خليل:
تعرف الميزة التنافسية على أنها ميزة أو عنصر تفوق للمؤسسة يتم تحقيقه في حالة اتباعها لاستراتيجية معينة للتنافس.

إنّ التعريف الأول أكثر دلالة وإقناعاً لأنه يركز على جوهر الميزة التنافسية ألا وهو الإبداع، أما التعريف الثاني فيركز على خلق القيمة للعميل، في حين التعريف الثالث يركز على أحد مصادر الميزة التنافسية والمتمثل في استراتيجية التنافس.
وتعرف استراتيجية التنافس على أنها مجموعة متكاملة من التصرفات التي تؤدي إلى تحقيق ميزة متواصلة ومستمرة عن المنافسين، وهذه الاستراتيجية تتحدد من خلال ثلاث مكونات رئيسية، وهي: طريقة التنافس، حلبة التنافس وأساس التنافس.

شكل رقم 1: مكونات استراتيجية التنافس

المصدر: نبيل مرسي خليل، الميزة التنافسية في مجال الأعمال، ص82.

وحتى تكون الميزة التنافسية فعالة، يتم الاستناد إلى الشروط التالية:
1- حاسمة: تعطي الأسبقية والتفوق على المنافس.
2- الاستمرارية: يمكن أن تستمر خلال الزمن.
3- إمكانية الدفاع عنها: يصعب على المنافس محاكاتها أو إلغائها.

I.2- أنواع الميزة التنافسية:
نميز بين نوعين من الميزة التنافسية:
I.1.2- ميزة التكلفة الأقل:
يمكن لمؤسسة ما أن تحوز ميزة التكلفة الأقل إذا كانت تكاليفها المتراكمة بالأنشطة المنتجة للقيمة أقل من نظيرتها لدى المنافسين ، وللحيازة عليها يتم الاستناد إلى مراقبة عوامل تطور التكاليف، حيث أن التحكم الجيد في هذه العوامل مقارنة بالمنافسين يكسب المؤسسة ميزة التكلفة الأقل، ومن بين هذه العوامل مراقبة التعلم: بحيث أن التعلم هو نتيجة للجهود المتواصلة والمبذولة من قبل الإطارات والمستخدمين على حد السواء، لذلك يجب ألا يتم التركيز على تكاليف اليد العاملة فحسب، بل يجب أن يتعداه إلى تكاليف النفايات والأنشطة الأخرى المنتجة للقيمة، فالمسيرون مطالبون بتحسين التعلم وتحديد أهدافه، وليتم ذلك يستند إلى مقارنة درجة التعلم بين التجهيزات والمناطق ثم مقابلتها بالمعايير المعمول بها في القطاع.

I.2.2- ميزة التميز:
تتميز المؤسسة عن منافسيها عندما يكون بمقدورها الحيازة على خصائص فريدة تجعل الزبون يتعلق بها ، وحتى يتم الحيازة على هذه الميزة يستند إلى عوامل تدعى بعوامل التفرد، والتي نميز من بينها التعلم وآثار بثه: بحيث قد تنجم خاصية التفرد لنشاط معين، عندما يمارس التعلم بصفة جيدة، فالجودة الثابتة في العملية الإنتاجية يمكن تعلمها، ومن ثم فإن التعلم الذي يتم امتلاكه بشكل شامل كفيل بأن يؤدي إلى تميز متواصل.

I.3- معايير الحكم على جودة الميزة التنافسية:
تتحدد بثلاث ظروف، هي:
I.1.3- مصدر الميزة:
نميز بين نوعين من المزايا وفقاً لهذا المعيار:
1- مزايا تنافسية منخفضة: تعتمد على التكلفة الأقل لقوة العمل والمواد الخام، وهي سهلة التقليد نسبياً من قبل المنافسين.
2- مزايا تنافسية مرتفعة: تستند إلى تميز المنتج أو الخدمة، السمعة الطيبة أو العلامة التجارية، العلاقات الوطيدة بالعملاء، وتتطلب هذه المزايا توافر مهارات وقدرات عالية المستوى مثل تدريب العمال.

I.2.3- عدد مصادر الميزة التي تمتلكها المؤسسة:
إنّ اعتماد المؤسسة على ميزة تنافسية واحدة يعرضها إلى خطر سهولة تقليدها من قبل المنافسين، لذا يستحسن تعدد مصادر الميزة التنافسية لكي تصعب على المنافسين تقليدها.

I.3.3- درجة التحسين، التطوير والتجديد المستمر في الميزة:
تقوم المؤسسات بخلق مزايا جديدة وبشكل أسرع لتفادي قيام المؤسسات المنافسة بتقليد أو محاكاة ميزتها التنافسية الحالية، لذا تتجه لخلق مزايا تنافسية من المرتبة المرتفعة ، كما يجب على المؤسسة أن تقوم بتقييم مستمر لأداء ميزتها التنافسية ومدى سدادها بالاستناد على المعايير السائدة في القطاع، كما يمكنها إثراء هذه المعايير بهدف التقييم الصائب لها ومعرفة مدى نجاعتها، وبالتالي اتخاذ القرار في الاحتفاظ بها أو التخلي عنها في حالة أنها لا تحقق هدفي التفوق على المنافس والوفورات الإقتصادية.

I.4- مصادر الميزة التنافسية:
يمكن التمييز بين ثلاث مصادر للميزة التنافسية: التفكير الاستراتيجي، الإطار الوطني ومدخل الموارد.

I.1.4- التفكير الاستراتيجي:
تستند المؤسسات على استراتيجية معينة للتنافس بهدف تحقيق أسبقية على منافسيها من خلال الحيازة على ميزة أو مزايا تنافسية، وتعرف الاستراتيجية على أنها تلك القرارات الهيكلية التي تتخذها المؤسسة لتحقيق أهداف دقيقة، والتي يتوقف على درجة تحقيقها نجاح أو فشل المؤسسة. وصنف “M.Porter” استراتيجيات التنافس إلى ثلاث أصناف:
1- إستراتيجية قيادة التكلفة: تهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق تكلفة أقل بالمقارنة مع المنافسين، ومن بين الدوافع التي تشجع المؤسسة على تطبيقها هي: توافر اقتصاديات الحجم – آثار منحنى التعلم والخبرة – وجود فرص مشجعة على تخفيض التكلفة وتحسين الكفاءة وكذا سوق مكون من مشترين واعين تماماً بالسعر.
2- إستراتيجية التميز والاختلاف: يمكن للمؤسسة أن تميز منتجاتها عن المؤسسات المنافسة من خلال تقديم تشكيلات مختلفة للمنتج، سمات خاصة بالمنتج، تقديم خدمة ممتازة، توفير قطع الغيار، الجودة المتميزة، الريادة التكنولوجية، مدى واسع من الخدمات المقدمة، السمعة الجيدة، وتتزايد درجات نجاح هذه الاستراتيجية بزيادة تمتع المؤسسات بالمهارات والكفاءات التي يصعب على المنافسين محاكاتها.
3- إستراتيجية التركيز أو التخصص: تهدف هذه الاستراتيجية إلى بناء ميزة تنافسية والوصول إلى مواقع أفضل في السوق، من خلال إشباع حاجات خاصة لمجموعة معينة من المستهلكين، أو بالتركيز على سوق جغرافي محدود أو التركيز على استخدامات معينة للمنتج (شريحة محددة من العملاء).

I.2.4- الإطار الوطني:
إنّ الإطار الوطني الجيد للمؤسسات يتيح لها القدرة على الحيازة على ميزة أو مزايا تنافسية، لذلك نجد المؤسسات بعض الدول متفوقة ورائدة في قطاع نشاطها عن بعض المؤسسات في الدول الأخرى. بحيث تملك الدولة عوامل الإنتاج الضرورية للصناعة والممثلة في الموارد البشرية، الفيزيائية، المعرفية، المالية والبنية التحتية، فالحيازة على هذه العوامل يلعب دوراً مهماً في الحيازة على ميزة تنافسية قوية, وتشكل هذه العناصر نظاماً قائماً بذاته، ومن نتائجه إطار وطني محفز ومدعم لبروز مزايا تنافسية للصناعات الوطنية، وبالتالي يصبح الإطار الوطني منشأ لمزايا تنافسية يمكن تدويلها.

I.3.4- مدخل الموارد:
يتطلب تجسيد الاستراتيجية الموارد والكفاءات الضرورية لذلك، بحيث أن حيازة هذه الأخيرة بالجودة المطلوبة وحسن استغلالها يضمن لنا وبشكل كبير نجاح الاستراتيجية، ويمكن التمييز بين الموارد التالية:
1- الموارد الملموسة: تصنف إلى ثلاث أنواع:
* المواد الأولية: لها تأثير بالغ على جودة المنتجات، لذا يجب على المؤسسة أن تحسن اختيار مورديها والتفاوض على أسعارها وجودتها.
* معدات الإنتاج: تعتبر من أهم أصول المؤسسة والتي تحقق القيمة المضافة الناتجة عن تحويل المواد الأولية إلى منتجات، لذا يجب على المؤسسة ضمان سلامتها، تشغيها وصيانتها، بهدف تحقيق فعاليتها لأطول وقت ممكن.
* الموارد المالية: تسمح بخلق منتجات جديدة وطرحها في السوق أو توسيعها في نطاق أكبر كفتح قنوات جديدة للتوزيع، لذا يجب على المؤسسة أن تحقق صحتها المالية باستمرار وتحافظ عليها بهدف تعزيز موقفها التنافسي وتطويره على المدى البعيد.

2- الموارد غير الملموسة: نميز فيها ما يلي:
* الجودة: تسعى المؤسسات إلى تحقيق حصص سوقية عالية بالإعتماد على الجودة، والتي تشير إلى قدرة المنتج أو الخدمة على الوفاء بتوقعات المستهلك أو تزيد عنها وتستند المؤسسة إلى مفهوم الجودة الشاملة كسلاح استراتيجي للحيازة على مزايا تنافسية ودخول السوق الدولية، وكذا كسب ثقة المتعاملين.
* التكنولوجيا: إن العامل التكنولوجي من أهم الموارد الداخلية القادرة على إنشاء الميزة التنافسية بحيث يستمد أهميته من مدى تأثيره على الميزة التنافسية، وعلى المؤسسة اختيار التكنولوجيا المناسبة لها والتي تجعلها في موضع أسبقية على منافسيها.
* المعلومات: في ظل بيئة تنافسية، يجب على المؤسسة أن تكون في استماع ويقظة دائمين لهذه البيئة بحيث تلعب المعلومات دوراً مهماً لأنها تشكل مصدراً لاكتشاف خطط المنافسين وتحركاتهم وكذا متغيرات الأسواق مما يسمح للمؤسسة باتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.
* المعرفة: تتضمن المعلومات التقنية والعلمية والمعارف الجديدة الخاصة بنشاط المؤسسة بحيث تستمدها هذه الأخيرة من مراكز البحث مثلاً، كما يمكن أن تنتجها من خلال حل مشاكلها التنظيمية والإنتاجية، وتساهم المعرفة في إثراء القدرات الإبداعية بشكل مستمر مما يسمح بخلق مزايا تنافسية حاسمة.
* معرفة كيفية العمل: أي الدرجة الراقية من الإتقان مقارنة مع المنافسين في مجالات الإنتاج، التنظيم والتسويق، وبالتالي اكتساب ميزة أو مزايا تنافسية فريدة. وتستمد هذه المعرفة من التجربة المكتسبة والجهود المركزة والموجهة إلى المهن الرئيسية للمؤسسة، وعليه يجب على المؤسسة المحافظة عليه وأن تحول دون تسريب أو تسويق معلومات عنه للمؤسسات المنافسة.

3- الكفاءات: تعتبر الكفاءات أصل من أصول المؤسسة، لأنها ذات طبيعة تراكمية، وهي صعبة التقليد من قبل المنافسين، ولقد اتخذت عدة تعاريف، من بينها:

شكل رقم 2: يبين بعض التعاريف المسندة لمصطلح الكفاءات

المصدر: La compétence au cœur du succès de votre entreprise, édition d’organisation, Paris 2000, P22.

وتصنف الكفاءات إلى صنفين:
* الكفاءات الفردية: تمثل حلقة فصل بين الخصائص الفردية والمهارات المتحصل عليها من أجل الأداء الحسن لمهام مهنية محددة “Leboyer” ، ومن بين الخصائص المرجعية للكفاءات الفردية:
أن يكون الفرد حيوياً، يقوم بما يجب القيام به، سريع التعلم، يملك فكرة اتخاذ القرار، قيادة الأتباع، ينشئ الجو المناسب للتطور، الوقوف في وجه مثيري المشاكل، متجه نحو العمل الجماعي، يوظف مساعدين مهرة، يبني علاقات جيدة مع الآخرين، إنساني وحساس، حازم وواقعي، يوفق بين عمله وحياته الشخصية، يعرف نقاط ضعفه وقوته، يجعل الأشخاص في وضعية مربحة، يتصرف بمرونة.
ويمكن للمؤسسة الحيازة على الكفاءات الفردية بالاستناد إلى معايير موضوعية ودقيقة في عملية التوظيف وكذا تكوين الأفراد بشكل يتماشى مع المناصب التي يشغلونها حيث ينتظر منهم مردودية أكبر.
* الكفاءات الجماعية أو المحورية: تدعى أيضاً بالكفاءات المتميزة أو القدرات، وتعرف على أنها تلك المهارات الناجمة عن تظافر وتداخل بين مجموعة من أنشطة المؤسسة حيث تسمح هذه الكفاءات بإنشاء موارد جديدة للمؤسسة فهي لا تحل محل الموارد، بل تسمح بتطورها وتراكمها. “J.Larregle”
كما تعرف أيضا على أنها تركيبة أو مجموعة من المهارات الفائقة، الأصول الملموسة أو غير الملموسة ذات الطابع الخاص، التكنولوجيات فائقة المستوى، الروتينيات (التصرفات المنتظمة) والتي تشكل في مجملها أساساً جيداً وقاعدة لطاقات المنظمة على التنافس ومن ثم تحقيق ميزة تنافسية متواصلة في مجال الأعمال (أو نشاط) معين، والهدف منها تحقيق مركز قيادة أو ريادة للمؤسسة. “نبيل مرسي خليل”
تدعى محورية لأنه يتوقف عليها بقاء المؤسسة، تطورها أو انسحابها، ويجب أن تتوفر فيها الخصائص التالية:
– تتيح الوصول إلى عدة أنواع من الأسواق.
– تساهم بشكل معتبر في قيمة المنتج النهائي الملحوظ من قبل الزبون.
– يصعب تقليدها من قبل المنافسين.
فالمؤسسة مطالبة بتجديد وتطوير كفاءاتها المحورية من خلال القدرات الديناميكية التي تتمتع بها، وتطوير هذه الأخيرة (القدرات الديناميكية) على المدى البعيد، والتي تصنف إلى أربع أصناف:
– تنمية، توصيل وتبادل المعلومات أو المعرفة بين أعضاء المنظمة (رأس المال البشري للمنظمة)، والتعلم القائم على تجارب المؤسسة.
– الإبداع الذي يستعمل الكفاءات المحورية الحالية من أجل إنشاء كفاءات جديدة.
– اكتشاف العلاقات الموجودة بين الكفاءات وكيفية تطورها عبر الزمن.
– الحفاظ على الكفاءات المحورية التي يجب أن تبقى ملك للمؤسسة، والحيلولة دون تدهورها.

إن تهاون المؤسسة في الاستثمار في الموارد والكفاءات يؤدي بها إلى تقادم هذه الأخيرة وبالتالي تراجع موقعها التنافسي، ونميز فرقاً بين تقادم أو تآكل الموارد والكفاءات، بحيث تتقادم الموارد عند استعمالها في حين تتقادم الكفاءات عند عدم استعمالها لأن مصدرها الأفراد، فإذا لم يسمح لهم بإظهار كفاءاتهم ومهاراتهم، فإن هذه الكفاءات والمهارات ستضمحل.
تهدف المؤسسة للحيازة على ميزة تنافسية أكثر قوة، لذا تضفي نوعاً من الضبابية على الكفاءات والموارد التي أدت إلى هذه الميزة والتي تدعى “بالسبب المبهم”، مما يصعب على المنافسين تقليد ومحاكاة هذه الكفاءات والموارد، ومن ثم صعوبة تقليد هذه الميزة.
ويكمُن الفرق بين الكفاءات المحورية وغير المحورية في كون الكفاءات المحورية تتميز بـ:
– خلق القيمة أو المنفعة الأساسية المباشرة للعميل.
– تميزها عن المنافسين أي أنها فريدة وأفضل من التي يملكها المنافسون.

4- ظاهرة المنظمات الساعية نحو التعلم: في ظل تزايد الاهتمام بالمنافسة المعتمدة على الكفاءات أو القدرات، برزت إلى حيز الوجود نظرية جديدة تفترض أن المعرفة هي المصدر الأساسي للثروات سواءاً بالنسبة لمنظمة بمفردها أو لدولة من الدول (Ducker).
بحيث تعد هذه النظرية من الموضوعات الحديثة في مجال الإدارة حيث يهدف إلى بناء منظمات ساعية نحو التعلم. كما ظهر في مجال التصنيع مفهوم الكفاءات المعتمدة على المعرفة، أي ضرورة اكتساب المؤسسات للقدرات والسعي نحو المعرفة لتحقيق عمليات التصنيع على المستوى العالمي، والقدرة على تنفيذ معرفتها الفنية بشكل أفضل من الشركات المنافسة، والعمل على تنمية معارفها من خلال اختيار أفضل للعناصر البشرية والمحافظة على مستوى مرتفع من التعليم والتدريب الفني المستمر، وبالتالي ظهر مصطلح “مصنع المعرفة”، أي إظهار مدى أهمية الحصول على الكفاءات المرتبطة بالمعرفة لرفع الأداء وتحقيق الوفورات في منظمات الأعمال (Roth)، إذن مصنع المعرفة هو منظمة ساعية نحو التعلم وتعد المعرفة من أحد نواتجها الأساسية.
ومن أهم التوجهات الجديدة لهذه النظرية هو دفع الفرد أو العامل لاكتساب المعرفة واستيعابها وتنميتها بنفسه، ثم وضعها حيز التطبيق، لهذا الغرض يعتمد الفرد على التشخيص الذاتي لكفاءته ومهاراته لتحديد الوسائل المناسبة التي تساعده على كسب المعرفة.

ولكي يتحقق هذا يجب توفر الشروط التالية:
تقبل التغيير، القدرة على تحمل الأخطاء، الثقة في النفس، مستوى معين من الطاقة.

II- الميزة التنافسية للموارد البشرية:
سوف نتعرض في هذا الفصل إلى إبراز أهمية الموارد البشرية في تنمية القدرات التنافسية للمنظمة، ثم نتطرق إلى الأسباب والدواعي التي أدت إلى تغيير نظرة المنظمة المعاصرة للعنصر البشري، ثم نستعرض الفلسفة الجديدة لإدارة الموارد البشرية، وأخيراً نحدد أهم الأسس اللازمة لتنمية القدرات التنافسية للموارد البشرية.

II.1- أهمية الموارد البشرية في تنمية القدرات التنافسية للمنظمة:
لقد “وهب” الله سبحانه وتعالى للإنسان ميزة العقل والتفكير، ومن ثم تبين للإدارة المعاصرة أن المصدر الحقيقي لتكوين القدرات التنافسية واستمرارها هو “المورد البشري” الفعال، وأن ما يتاح لديها من موارد مادية ومالية وتقنية ومعلوماتية، وما قد تتميز به تلك الموارد من خصائص و”إن كانت شرطاً ضرورياً لإمكان الوصول إلى تلك القدرة التنافسية، إلا أنها ليست شرطاً كافياً لتكوين تلك القدرة لذلك لا بد من توفر العمل البشري “المتمثل في عمليات التصميم والإبداع الفكري، التخطيط والبرمجة، التنسيق والتنظيم، الإعداد والتهيئة، التطوير والتحديث، التنفيذ والإنجاز، وغيرها من العمليات التي هي من إنتاج العمل الإنساني و بدونها لا يتحقق أي نجاح مهما كانت الموارد المتاحة للمنظمة، لكن توافر هذا العنصر البشري أو تواجده ليس كافياً لضمان تحقيق الأهداف المتوخاة للمنظمة أو تحقيقها لقدرة تنافسية، بل وجب تنمية قدراته الفكرية وإطلاق الفرصة أمامه للإبداع والتطوير وتمكينه من مباشرة مسؤولياته حتى تثيره التحديات والمشكلات وتدفعه إلى الابتكار والتطوير، إذاً، ما تتمتع به تلك الموارد البشرية من مميزات وقدرات هي التي تصنع النجاح المستمر، ووضع تلك المبتكرات والاختراعات في حيز التنفيذ. والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو: ما هي الدواعي “الأسباب” التي أدت إلى تغيير توجهات أو نظرة الإدارة العليا إلى العنصر البشري.

II.2- دواعي تغيير نظرة المنظمة المعاصرة للعنصر البشري:
قبل سنوات قليلة كان الاهتمام بشؤون الموارد البشرية ينحصر في عدد قليل من المتخصصين الذين يعملون في قسم يطلق عليه “قسم أو إدارة الأفراد والموارد البشرية” يختصون بكافة المسائل الإجرائية المتصلة باستقطاب الأفراد وتنفيذ سياسات المؤسسة في أمور المفاضلة والاختيار بين المقدمين لشغل الوظائف، ثم إنهاء إجراءات التعيين وإسناد العمل لمن يقع عليه الاختيار، وكانت مهام إدارة الموارد البشرية تشمل متابعة الشؤون الوظيفية للعاملين من حيث احتساب الرواتب، ضبط الوقت، تطبيق اللوائح في شأن المخالفات التي قد تصدر منهم، وتنفيذ إجراءات الإجازات على اختلاف أنواعها، مباشرة الرعاية الطبية والاجتماعية وتنفيذ نظم تقييم الأداء وأعمال التدريب والتنمية التي يشير بها المديرون المختصون، ثم متابعة إجراءات إنهاء الخدمة في نهاية التقاعد وغيرها من الإجراءات الروتينية.
فالإدارة العليا في معظم المؤسسات لم تولي المورد البشري الاهتمام المناسب ولم تهتم بتنمية قدراته الإبداعية وجعله الركيزة الأساسية لتحقيق التفوق التنافسي. ومن الأسباب التي أدت إلى هذا القصور:
 حالات الاستقرار الاقتصادي النسبية والنمو المتواصل في الكثير من المؤسسات دون مشكلات كبيرة.
 المستويات المعتادة من المنافسة، وتعادل المراكز والقدرات التنافسية لكثير من المؤسسات.
 حالات الاستقرار التقني النسبية وتواضع المهارات والقدرات البشرية المطلوبة للتعامل مع التقنيات السائدة.

ففي تلك الظروف المتصفة أساساً بالاستقرار لم يمثل الحصول على الموارد البشرية المطلوبة مشكلة، كما أن مستويات المهارة المطلوبة لم يكن يتطلب عناية خاصة في محاولات البحث عن الموارد البشرية أو التعامل معها.
ولقد سادت هذه الظروف في كثير من دول العالم لفترات طويلة خلال فترة النهضة “الثورة” الصناعية التي تمتع بها العالم الغربي وانتقلت نسبيا إلى بعض دول العالم العربي، ففي تلك الظروف كانت أهم المشكلات التي تُعني بها الإدارة العليا في المؤسسة الاقتصادية هي تدبير الموارد المالية اللازمة، وتنميط أساليب الإنتاج وتحقيق مستويات أعلى من الميكنة “آلات” تحقيقاً لمستويات أعلى من الانتاجية. ومع تنامي السوق لم تكن حتى عمليات التسويق تثير اهتمام الإدارة العليا التي كان همها الأول “كما قلنا” هو الانتاج (يلاحظ أن الكثير من المؤسسات العربية لا تزال تسير وفق هذه الفلسفة التي ترى الإنتاج مشكلتها الأولى، وترى في العنصر البشري عامل من عوامل الإنتاج يخضع لنظم ولوائح وإجراءات لأداء المهام المنوطة “المسندة إليه” لا تترك له فرصة للتفكير أو الإبداع أو حرية اتخاذ القرار).
لكن تلك الظروف لم تدم على هذا النحو، فقد أصاب العالم كله حالات من التغير المستمر والمتواصل والعنيف ذو التأثير على هيكلة الموارد البشرية وقدراتها ولعل أبرز تلك التغيرات:
‌أ- التطورات العلمية والتقنية وانتشار تطبيقاتها خاصة تقنيات المعلومات والاتصالات والتي يتطلب استيعابها وتطبيقها كفاءة تتوفر في نوعيات خاصة من الموارد البشرية.
‌ب- تسارع عمليات الابتكار والتحديث للمنتجات والخدمات والاهتمام المتزايد بتنمية المهارات الابتكارية والإبداعية للعاملين وإتاحة الفرصة أمامهم للمساهمة بأفكارهم وابتكاراتهم لتنمية القدرات التنافسية للمؤسسة.
‌ج- اشتداد المنافسة واتساع الأسواق وتنامي الطلب “الأمر الذي استوجب وجود مختصين” في مجالات البيع والتسويق والترويج لمواجهة تلك الهجمات التنافسية.
‌د- ظاهرة العولمة وانفتاح الأسواق العالمية أمام المنظمات مع تطبيق اتفاقية الجات وظهور منظمة التجارة العالمية ودورها في تحرير التجارة الدولية من خلال إزالة العوائق الجمركية في تحرير التجارة الدولية، هذا الأمر أوجد هو الآخر احتياجاً متزايداً لنوعية جديدة من الموارد البشرية تتفهم الثقافات المختلفة وتستوعب المتغيرات المحلية في الأسواق الخارجية.
‌ه- ارتفاع مستوى التعليم وتطور مهارات البشر ذوي المعرفة المتخصصة في فروع العلم والتقنية الجديدة والمتجددة والذين أصبحت المنظمات تسعى إليهم لأهميتهم في تشغيل تلك التقنيات وصيانتها. ومن ثم اكتساب القدرة التنافسية.

تلك التغيرات كانت السبب الرئيسي في تغيير نظرة المؤسسة المعاصرة إلى الموارد البشرية وبداية التحول نحو اعتبارهم المصدر الأساسي للقدرات التنافسية وأكثر الأصول أهمية وخطورة في المؤسسة وبذلك بدأت الإدارة المعاصرة تبحث عن مفاهيم وأساليب جديدة لإدارة الموارد البشرية تتناسب مع أهميتها وحيوية الدور الذي تقوم به.
ومن ثم بدأ الاهتمام بإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: “ما هي أوجه الاختلاف بين إدارة الموارد البشرية التقليدية وإدارة الموارد البشرية الحديثة فيما يتعلق بنظرتهم أو تعاملهم مع المورد البشري؟”
II.3- الفلسفة الجديدة لإدارة الموارد البشرية:

إدارة الموارد البشرية التقليدية إدارة الموارد البشرية الحديثة
اعتبار إدارة الموارد البشرية على أنها مجموعة أعمال إجرائية تتعلق بتنفيذ سياسات ونظم العاملين. اعتبار وظيفة استراتيجية تتعامل مع أهم موارد المنظمة وتتشابك مع الأهداف والاستراتيجيات العامة لها.
مع تبني مفاهيم وتقنيات إدارة الجودة الشاملة في عمليات إدارة الموارد البشرية إلى جانب إدماج تقنيات المعلومات والاتصال في عمليات إدارة الموارد البشرية والتحول نحو نظم وتقنيات إدارة الموارد البشرية الالكترونية.
اعتبار “نفقات” تكلفة المهام التي تتولى إدارة الموارد البشرية مثل “نفقات التدريب” على أنها نفقات بدون مردود. اعتبارها نفقات استثمارية تدر عائدا على الاستثمار.
اهتمت بالبناء المادي للانسان وقواه العضلية وقدراته الجسمانية، ومن ثمة ركزت على الأداء الآلي للمهام التي يكلف بها دون أن يكون له دور في التفكير واتخاذ القرارات. تهتم بعقل الانسان وقدراته الذهنية في التفكير والابتكار والمشاركة في حل المشاكل وتحمل المسؤوليات.
ركزت على الجوانب المادية في العمل، واهتمت بقضايا الأجور والحوافز المادية وتحسين البيئة المادية للعمل. تهتم بمحتوى العمل والبحث عما يسمى القدرات الذهنية للفرد، ولذا تهتم بالحوافز المعنوية وتمكين الانسان ومنحه الصلاحيات للمشاركة في تحمل المسؤوليات لكي يشعر بأهمية الوظيفة.
اتخذت التنمية البشرية في الأساس شكل التدريب المهني الذي يركز على اكتساب الفرد مهارات ميكانيكية يستخدمها في أداء العمل دون السعي لتنمية المهارات الفكرية أو استثمارها. التنمية البشرية أساساً هي تنمية إبداعية وإطلاق لطاقات التفكير والابتكار عند الانسان وتنمية العمل الجماعي والتأكيد على روح الفريق.
الاهتمام بعمليات الاستقطاب والتوظيف للعاملين حسب احتياجات الإدارة التنفيذية المختلفة. الانشغال أو الاهتمام بقضية أكثر حيوية وهي إدارة الأداء وتحقيق الانتاجية الأعلى وتحسين الكفاءة والفعالية.
الانحصار في عمليات بحث واستقطاب العنصر البشري في السوق المحلية فقط. الانتشار في عمليات البحث والاستقطاب في سوق العمل العالمي لانتقاء أفضل العناصر وأكثرها قدرة على تحقيق أهداف المؤسسة.

II.4- أسس تنمية القدرات التنافسية للموارد البشرية:
باعتبار المورد البشري هو الذي يعمل على تفعيل واستثمار باقي الموارد المادية والتقنية الأخرى في المنظمة وأن نجاح المنظمة يعتمد بالدرجة الأولى على نوعية هذه الأخيرة “مواردها البشرية” فإنه من الضروري أن توجه جميع جهود المؤسسة في سبيل تطوير وتنمية هذا المورد من أجل الوصول به إلى حد الامتياز.
لكن قبل التعرض إلى المداخل التي تساهم في تطوير الموارد البشرية نستعرض مفهوم الموارد البشرية أو لِمَا وجب أن يتوفر في الموارد البشرية لكي تساهم في تحقيق التفوق التنافسي. أو لكي نقول عنها أنها متميزة.
بشكل عام لكي تساهم الموارد البشرية في نجاح وتفوق المؤسسة وجب أن تتوفر فيها الصفات التالية:
– أن تكون نادرة أي غير متاحة للمنافسين، بمعنى أن يتوفر للمؤسسة موارد بشرية نادرة المهارات والقدرات ولا يمكن للمنافسين الحصول على مثلها، كأن تتوفر لدى هذه الموارد البشرية القدرة على الابتكار والإبداع وقبول التحديات والمهام الصعبة والقدرة على التعامل مع تقنيات مختلفة.
– أن تكون الموارد البشرية قادرة على إنتاج القيم “Valeur” من خلال تنظيم غير المسبوق “sans précédent” وتكامل المهارات والخبرات ومن خلال القدرات العالية على العمل في فريق.
– أن يصعب على المنافسين تقليدها، سواء بالتدريب والتأهيل، ولعل ما يذكر عن الموارد البشرية اليابانية هو نوع من الموارد التي يصعب تقليدها إذا تعرف على أنها مرتبطة بالمؤسسات التي تعمل فيها ارتباطاً وثيقاً يعبر عنه بفكرة التوظف الدائم، فتعتبر هذه الحالة فريدة من نوعها، لا تكرر بسهولة في غير المؤسسات اليابانية.

لكن لكي تمتلك المؤسسة هذه الموارد البشرية المتميزة يجب أن توفر مجموعة من المتطلبات “الأسس” التي يمكن حصرها في هذه النقاط:
1- التدقيق في اختيار العناصر المرشحة لشغل وظائف تسهم في قضية بناء وتنمية وتوظيف القدرات التنافسية بوضع الأسس السليمة لتقدير احتياجات المنظمة من الموارد البشرية وتحديد مواصفات وخصائص الأفراد المطلوبين بعناية. إلى جانب التأكد من توافق التكوين الفكري والنفسي والاجتماعي والمعرفي للأشخاص المرشحين مع مطالب هذه الوظائف وتمتعهم بالسمات والخصائص التي بيناها سابقا، من خلال تنمية وسائل ومعايير فحص المتقدمين للعمل في المفاضلة بينهم لاختيار أكثر العناصر توافقا مع احتياجات المؤسسة.
وفي هذا الصدد نذكر أن أمام المؤسسة خيارين فيما يخص استقطاب الموارد البشرية فإما أن تجري عمليات البحث والاستقطاب ذاتياً بإمكانيات المؤسسة وأساليبها الخاصة، أو إسنادها إلى مكاتب البحث والاستقطاب ومراكز التقييم المتخصصة.
2- الاهتمام بتدريب الموارد البشرية بمعنى أشمل وأعمق مما كانت تتعامل به إدارة الموارد البشرية التقليدية، أي عدم انحصارها على الأفراد الذين يبدون قصور في مستويات أدائهم، بل يجب أن يشمل جميع أفراد المنظمة مهما كان سنهم، ومهما كان مستواهم المعرفي والوظيفي؛ أي جميع أفراد المنظمة لا على التعيين.
وقد تبين منهجية إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية أن تفعيل التدريب وجرعات تنمية الموارد البشرية لا تتحقق بمجرد توجيهها وتركيزها على الأفراد القائمين بالعمل، وإنما لا بد من أن تتناول جهود التنمية المنظمة ذاتها وذلك من خلال تحويلها إلى منظمة تتعلم حتى تهيئ الفرص للعاملين فيها بالتعلم وتتميز معارفهم في تطوير الأداء.
ولكي تضمن المؤسسة ذلك يجب أن تكون في ارتباط مستمر مع الجامعات ومراكز البحث وحتى المؤسسات الرائدة لكي يتسنى لها الحصول على المعارف الجديدة.
3- ترسيخ روح التعلم لدى الأفراد وإتاحتهم الفرص للمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية والمهنية المختلفة وتطبيق نظام يقضي بتحمل المنظمة عنهم رسوم الاشتراك في تلك المؤتمرات والندوات ورسوم العضوية في الجمعيات والهيئات العلمية والمهنية. فضلاً عن تيسير فرص استكمال الدراسات العليا والمتخصصة مع تحمل نفقات عنهم، كلها أو جزء منها وعلى حساب وقت المؤسسة.
4- تنمية واستثمار الطاقات الفكرية والقدرات الإبداعية للأفراد وتوفير الفرص للنابهين “الممتازين” منهم لتجريب أفكارهم ومشروعاتهم الخلاقة، والعمل بمبدأ الإبتكار أو الفناء.
نذكر هنا أن المؤسسات الأكثر نجاحاً في العالم المتقدم تحاول أن تجعل من كل فرد رجل أعمال في ذاته وليس مجرد موظف يؤدي أعمال روتينية بل هو يفكر ويبتكر ويشارك في المسؤولية ويتحمل المخاطر.
5- تنمية أساليب العمل الجماعي وتكريس روح الفريق للموارد البشرية في المؤسسة وضرورة توفير المناخ المساند لتنمية الاتصالات الإيجابية والتواصل بين شرائح العاملين المختلفة وتحقيق أسس الانتماء والولاء للمنظمة.
6- مراجعة هيكل الرواتب والتعويضات المالية وإجراء المقارنات مع المستويات السائدة في سوق العمل ، وفي هذا المضمار يمكن الإتاحة للعناصر البشرية الفرصة في المشاركة في عوائد إنتاجهم الفكري بتطبيق نظم المشاركة في الأرباح وتوزيع أسهم مجانية، لتحفيزها وتنمية اهتمامها بالعمل.
7- فتح قنوات الاتصال وتسيير تدفقات المعلومات والمعرفة بين قطاعات وجماعات العمل المختلفة لتحقيق الفائدة الأعلى الناشئة من هذا النمو المتصاعد للمعرفة نتيجة التداول والتعامل فيها، باعتبار أن ما يفرق المعرفة على الموارد الأخرى التي تتاح لدى المؤسسة هو أنها لا تنقص ولا تهتلك بالتداول، بالعكس فهي تنمو وتتطور كلما زاد انتشارها وتداولها بين الأفراد.
إلى جانب هذا نذكر أهمية تهيئة الفرص للعاملين للمشاركة في اقتراح الاستراتيجيات وتطوير النظم وتأمين مناخ من الانفتاح الفكري الذي يحفز العاملين على التفكير والإبداع والمساهمة بالأفكار في إثراء القاعدة المعرفية للمنظمة.
8- تطبيق نظام إدارة الأداء ومن ثم الاهتمام بجميع عناصره البشرية والمادية والتقنية والتصميمية في إطار متناسق ومتكامل والاهتمام بقضية مهمة جداً ألا وهي مراعاة الأبعاد الثقافية والاجتماعية للموارد البشرية واختلاف مستوياتهم الفكرية، وأخذ هذه الفروق في الاعتبار عند تصميم الأعمال وإعداد خطط الأداء وتحديد معايير التقييم.
إلى جانب تزويد العاملين بالمعلومات المتجددة، عن طريق التدريب أو الاجتماعات الدورية بين العاملين والرؤساء والكشف عن أفكار جدية لتحسين فرص الأداء حسب الخطط المعتمدة.
9- ومن أجل تنسيق جهود تلك الموارد البشرية متنوعة الخبرات والكفاءات والاهتمامات، وضمان توجيهها جميعا صوب الأهداف المحددة وفق الأساليب والأولويات المعتمدة وجب التركيز على عنصر مهم في عناصر الموارد البشرية ألا وهو القائد الإداري، الذي يختص في ممارسة وظائف التوجيه، المساندة والتنسيق ولتقييم وغيرها من الوظائف، والذي يلعب دور الرائد في تهيئة الدخول إلى عصر المتغيرات واستكمال مقومات التميز.
فالقائد ليس الفرد الذي يفرض سلطته على العمال لأداء عملهم بل هو الذي يوجه ويطور وينمي قدرات الموارد البشرية. إذاً هو مدير أعمال بحد ذاته، يسير الأفكار والقيم ، إذا وجب تغيير النظرة إليه أو إلى القيادة الإدارية ككل، واعتبارهم مدربين ومساندين ورعاة للعاملين وليسوا رؤساء ومسيطرين.

الخاتمة:

كان التصور في الماضي أن من يقدمون المساهمات المالية لتكوين الشركات ومنظمات الأعمال هم أصحاب رأس المال، ولكن الواقع الجديد يطرح حقيقة أخرى أهم، وهي أن من يملك المعرفة يملك المنظمة. إن رأس المال الفكري يقدمه أصحاب المعرفة، فهم أصحاب رأس المال الحقيقي والأهم.
وبذلك حين تتعامل إدارة الموارد البشرية مع أفراد المنظمة يجب أن ينطلق هذا التعامل من تلك الحقيقة، أن العاملين ليسوا أجراء يعملون لقاء أجر ولا يمثلون عامل من عوامل الإنتاج، وإنما على أنهم مصدر للأفكار والأداة الرئيسية للتغيير ولتحويل التحديات لقدرات تنافسية بفضل المعرفة والقدرة الإبتكارية أو الإبداعية التي يمتلكونها، لذا يفترض بالمنظمة تنمية قدرات الأفراد وتحفيزهم على التطوير والإثراء في أدائهم، وذلك بهدف تفعيل مساهمات العنصر البشري في تحقيق الأهداف المتوخاة للمنظمة، فعلى هذه الأخيرة أن تدرك بأن اللعبة التنافسية ليست اختياراً، بل هي ضرورة حتمية تمليها عليها الظروف الجديدة، وعليها التعامل مع قواعد هذه اللعبة والتي تقوم أو تستند في الأساس على أهمية العنصر البشري


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

مشكوووووووووووووووووور

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول القدرة التنافسية ومؤشرات قياسها

الفـصل الأول :
التنـافسـية
ومؤشرات قياسها

المبحث الأول : مفهوم التنافسية
المبحث الثاني : مؤشرات قياس القدرة التنافسية
المبحث الثالث : دور الدولة لدعم التنافسية

تمهيد :

تكمن أهمية التنافسية في تعظيم الاستفادة ما أمكن من الميزات التي يوفرها الاقتصاد العالمي والتقليل من سلبياته، ويشير تقرير التنافسية العالمي إلى أن الدول الصغيرة أكثر قدرة على الاستفادة من مفهوم التنافسية من الدول الكبيرة، حيث تعطي التنافسية شركات الدول الصغيرة فرصة الخروج من محدودية السوق الصغير إلى رحابة السوق العالمي ، لأن هذه الدول الصغيرة والنامية أصبحت مجبرة على مواجهة هذا النظام، بصفته إحدى تحديات القرن الواحد والعشرين.

وبما أن المؤسسات هي التي تتنافس وليس الدول، فإن المؤسسات التي تملك قدرات تنافسية عالية تكون قادرة على المهمة في رفع مستوى معيشة أفراد دولها، كون مستوى معيشة أفراد دولة ما مرتبط بشكل كبير بنجاح المؤسسات العاملة فيها وقدرتها على اقتحام الأسواق العالمية من خلال التصدير والاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يلاحظ نمو التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر في العالم بوتيرة أسرع من نمو الناتج العالمي.

سنتطرق بالدراسة في هذا الفصل لمفهوم التنافسية ومجالاتها، وكذا طرق قياسها وأهم المؤشرات المستخدمة حالياً.

المبحث الأول :
مفهوم التنافسية

يتميز مفهوم التنافسية بالحداثة ولا يخضع لنظرية اقتصادية عامة، وأول ظهور له كان خلال الفترة 1981-1987 التي عرفت عجزا كبيرا في الميزان التجاري للولايات المتحدة الأمريكية (خاصة في تبادلاتها مع اليابان) وزيادة حجم الديون الخارجية، وظهر الاهتمام مجدداً بمفهوم التنافسية مع بداية التسعينات كنتاج للنظام الاقتصادي العالمي الجديد وبروز ظاهرة العولمة، وكذا التوجه العام لتطبيق اقتصاديات السوق.

ويتداخل مفهوم التنافسية مع عدة مفاهيم أخرى، من بينها النمو والتنمية الاقتصادية وازدهار الدول وهذا ما يصعب من تحديد تعريف دقيق ومضبوط للتنافسية، إضافة إلى عامل مهم ألا وهو ديناميكية التغير المستمر لمفهوم التنافسية، ففي بداية السبعينات كانت ترتبط بالتجارة الخارجية ثم ارتبطت بالسياسة الصناعية خلال سنوات الثمانينات، أما في سنوات التسعينات فارتبطت بالسياسة التكنولوجية للدول، وحاليا تنافسية الدول تعني مدى قدرتها على رفع مستويات معيشة مواطنيها.

أختلف معظم الاقتصاديين والهيئات الاقتصادية الدولية على تحديد مفهوم محدد ودقيق للتنافسية ، فينطلق بعضهم من مفهوم ضيق ويختصرها في تنافسية السعر والتجارة، ويستعمل البعض الآخر مفهوم واسع يكاد يشمل جميع مناحي النشاط الاقتصادي، وهذا ما يظهر جليا في التعداد الكبير للمؤشرات المستعملة لقياس القدرة التنافسية.

وقد وقع تحول في المفاهيم، فمن مفهوم الميزة النسبية وتتمثل في قدرات الدولة من موارد طبيعية واليد العاملة الرخيصة، المناخ والموقع الجغرافي التي تسمح لها بإنتاج رخيص وتنافسي، إلى مفهوم الميزة التنافسية وتتمثل في اعتماد الدولة على التكنولوجيا والعنصر الفكري في الإنتاج، نوعية الإنتاج وفهم احتياجات ورغبات المستهلك، مما جعل العناصر المكونة للميزة النسبية تصبح غير فاعلة وغير مهمة في تحديد التنافسية.

المطلب الأول : تعاريف التنافسية

يوجد العديد من المقاربات المعتمدة لتعريف التنافسية، تشترك كلها في كون التنافسية يتم الحديث عليها دوماً على المستوى الدولي، أحد هذه المقاربات تقسم التعاريف إلى ثلاث مجموعات :
 المجموعة الأولى وتتضمن كل التعاريف التي تأخذ في عين الاعتبار حالة التجارة الخارجية للدول فقط.
 المجموعة الثانية وتتضمن كل التعاريف التي تأخذ في عين الاعتبار حالة التجارة الخارجية وكذا مستويات المعيشة للأفراد.
 المجموعة الثالثة وتتضمن كل التعاريف التي تأخذ في عين الاعتبار مستويات المعيشة للأفراد فقط.

والانتقاد الموجه لهذه المقاربة كونها لا تتعرض إلى تعاريف التنافسية على مستوى المؤسسات أو قطاع النشاطات، لذا سوف نعتمد المقاربة التي تميز بين تعاريف التنافسية حسب اختلاف محل الحديث فيما إذا كان عن شركة أو قطاع نشاط أو دول.

1- تعريف التنافسية حسب المؤسسات :

يتمحور تعريف التنافسية للشركات حول قدرتها على تلبية رغبات المستهلكين المختلفة، وذلك بتوفير سلع وخدمات ذات نوعية جيدة تستطيع من خلالها النفاذ إلى الأسواق الدولية، فالتعريف البريطاني للتنافسية ينص على أنها : “القدرة على إنتاج السلع والخدمات بالنوعية الجيدة والسعر المناسب وفي الوقت المناسب وهذا يعني تلبية حاجات المستهلكين بشكل أكثر كفاءة من المنشات الأخرى” .

وهناك تعريف آخر :
” تعني القدرة على تزويد المستهلك بمنتجات وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين في السوق الدولية، مما يعني نجاحاً مستمراً لهذه المؤسسة على الصعيد العالمي في ظل غياب الدعم والحماية من قبل الحكومة، ويتم ذلك من خلال رفع إنتاجية عوامل الإنتاج الموظفة في العملية الإنتاجية (العمل ورأس المال والتكنولوجيا)” .

2- تعريف التنافسية حسب قطاع النشاط :

تعني التنافسية لقطاع ما قدرة المؤسسات المنتمية لنفس القطاع الصناعي في دولة ما على تحقيق نجاح مستمر في الأسواق الدولية دون الاعتماد على الدعم والحماية الحكومية، وهذا ما يؤدي إلى تميز تلك الدولة في هذه الصناعة، ويجب تحديد القطاع بدقة فمثلاً قطاع صناعة الموصلات لا يمكن خلطه مع قطاع الإلكترونيات، لأن مجالات وظروف الإنتاج تختلف.

3- تعريف التنافسية على مستوى الدول :

أهتم الكتاب والاقتصاديين وكذا المنظمات والهيئات الدولية بتعريف التنافسية على مستوى الدول أكثر من تعريف التنافسية على مستوى المؤسسات وقطاع النشاط، لذلك نجد أن هناك العديد من التعاريف وتختلف حسب الزاوية التي ترى منها التنافسية وسنتطرق لأهم هذه التعاريف.

تعريف المجلس الأمريكي للسياسة التنافسية :

يعرف التنافسية على أنها “قدرة الدولة على إنتاج سلع وخدمات تنافس في الأسواق العالمية وفي نفس الوقت تحقق مستويات معيشة مطردة في الأجل الطويل” .
تعريف المجلس الأوربي ببرشلونة :

عرف المجلس الأوربي في اجتماعه ببرشلونة سنة 2000 تنافسية الأمة على أنها “القدرة على التحسين الدائم لمستوى المعيشة لمواطنيها وتوفير مستوى تشغيل عالي وتماسك اجتماعي وهي تغطي مجال واسع وتخص كل السياسة الاقتصادية” .

تعريف منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية (OCDE) :

تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) التنافسية على أنها : “المدى الذي من خلاله تنتج الدولة وفي ظل شروط السوق الحرة والعادلة، منتجات وخدمات تنافس في الأسواق العالمية، وفي نفس الوقت يتم تحقيق زيادة الدخل الحقيقي لأفرادها في الأجل الطويل”.

وتعرف (OCDE) كذلك التنافسية الدولية بأنها : “القدرة على إنتاج السلع و الخدمات التي تواجه اختبار المزاحمة الخارجية في الوقت الذي تحافظ فيه على توسيع الدخل المحلي الحقيقي”، كما يمكن تعريف التنافسية الدولية بأنها قدرة البلد على زيادة حصصها في الأسواق المحلية والدولية.

تعريف معهد التنافسية الدولية :

ويرى معهد التنافسية الدولية على أنها قدرة البلد على :

(1) أن ينتج أكثر وأكفأ نسبيآ ،و يقصد بالكفاءة :
 تكلفة أقل : من خلال تحسينات في ألإنتاجية و استعمال الموارد بما فيها التقنية والتنظيم.
 ارتفاع الجودة : وفقا لأفضل معلومات السوق و تقنيات الإنتاج.
 الملائمة : و هي الصلة مع الحاجات العالمية، وليس فقط المحلية، في المكان والزمان ونظم لتوريد، بالاستناد إلى معلومات حديثة عن السوق و مرونة كافية في الإنتاج و التخزين و الإدارة.
(2) أن يبيع أكثر من السلع المصنعة و التحول نحو السلع عالية التصنيع والتقنية وبالتالي ذات قيمة مضافة عالية في السوقيين الخارجي والمحلي، و بالتالي يتحصل على عوائد أكبر متمثلة في دخل قومي أعلى للفرد، وذي نمو مطرد، وهو أحد عناصر التنمية البشرية.
(3) أن يستقطب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما يوفره البلد من بيئة مناسبة و بما ترفعه الاستثمارات الأجنبية من المزايا التنافسية التي تضاف إلى المزايا النسبية.

وقد توصل فريق المعهد إلى التعريف الموجز التالي : “تتعلق التنافسية الوطنية بالأداء الحالي و الكامن للأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتنافس مع الدول الأخرى”. ووضع لهذا التعريف مجالا يتناول الأنشطة التصديرية ومنافسة الواردات والاستثمار الأجنبي المباشر.

تعاريف بعض الاقتصاديين :

يرى Aldington بأن تعريف التنافسية لأمة ما هو قدرتها على توليد الموارد اللازمة لمواجهة الحاجات الوطنية، وهذا التعريف مكافئ لتعريف تبناه and Lodge Scott وهو “إن التنافسية لبلد ما هي قدرته على خلق وإنتاج و توزيع المنتجات أو الخدمات في التجارة الدولية بينما يكسب عوائد متزايدة لموارده”.

و إذا كان أحد تعاريف التنافسية أنها “قدرة البلد على توليد نسبي لمزيد من الثروة بالقياس إلى منافسيه في الأسواق العالمية”، فان التنافسية العالمية للمنتج والعمليات ذات الصفة العالمية هي القدرة على إيجاد منتجات قابلة للتسويق، جديدة وعالية الجودة، و سرعة إيصال المنتج إلى السوق، و بسعر معقول، بحيث أن المشتري يرغب بشرائها في أي مكان في العالم.

تتمركز بعض التعاريف أساسا على ميزان المدفوعات، وأخرى تطبق عدة مئات من المؤشرات الموضوعية والذاتية لتقييم ما إذا كان البلد يولد نسبيا من الثروة في الأسواق الدولية أكثر مما يولده منافسوه و القدرة على الحفاظ على حصص الأسواق، في الوقت ذاته القدرة على توفير مداخيل مستديمة أعلى وعلى تحسين المعايير الاجتماعية والبيئية.

تشترك اغلب التعاريف المستعرضة آنفا في نقاط مشتركة تتمثل في قدرة المؤسسات على النفاذ إلى الأسواق الخارجية بمنتجات عالية الجودة وبأقل التكاليف، وأن يظهر أثر ذلك في تحسن الناتج الداخلي الخام والذي بدوره يزيد في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، لذلك فإننا نحاول إعطاء تعريف للتنافسية يتلخص في “التنافسية هي قدرة الحكومات على توفير ظروف ملائمة تستطيع من خلالها المؤسسات العاملة في إقليمها النفاذ بمنتجاتها إلى الأسواق الخارجية، بغية زيادة نمو معدل الناتج الداخلي الخام”.

لكن النقد الأكثر جوهرية كان نقد Oral & Chabchoubو Lall (1997)الذي أنصب على تقييم تقرير التنافسية الكونية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، و انتقادات Lall (2001) عن ابتعاد هذه المؤشرات المركبة عن تعريـف و قياس واضح لمفهوم التنافسية بحيث أن كل شيء تقريبا يؤثر في التنافسية ومنه تم تمييع مفهومهـا ومحدداتها ؛ وقد درس فريق مشروع التنافسية في المعهد العربي للتخطيط هذه الانتقادات وأستخلص عدة جوانب جوهرية، و لتفادي هذا التعميم فإن المعهد حاول خلال عمله في إعداد تقرير عن تنافسية الاقتصاديات العربية تبنى مفهوما واضحا للتنافسية يركز أساسا على الأسواق الخارجية والاستثمارية و الاستثمار الأجنبي المباشر كميادين أساسية لتطوير التنافسية العربية.

المطلب الثاني : أنواع التنافسية

تميز العديد من الكتابات بين عدة أنواع من التنافسية هي:
 تنافسية التكلفة أو السعر : فالبلد ذو التكاليف الأرخص يتمكن من تصدير السلع إلى الأسواق الخارجية بصورة أفضل ويدخل هنا أثر سعر الصرف.
 التنافسية غير السعرية : باعتبار أن حدود التنافسية معرفة بالعديد من العوامل غير التقنية و غير السعرية، فإن بعض الكتاب يتكلمون عن المكونات غير السعرية في التنافسية .
 التنافسية النوعية: و تشمل بالإضافة إلى النوعية و الملائمة عنصر الإبداع التكنولوجي، فالبلد ذو المنتجات المبتكرة وذات النوعية الجيدة، و الأكثر ملائمة للمستهلك و حيث المؤسسات المصدرة ذات السمعة الحسنة في السوق، يتمكن من تصدير سلعة حتى ولو كانت أعلى سعر من سلع منافسة.
 التنافسية التقنية : حيث تتنافس المشروعات من خلال النوعية في صناعات عالية التقنية.

ويميز تقرير التنافسية الكونية للمنتدى الاقتصادي العالمي WEF 2000 التنافسية الظرفية أو الجارية ودليلها CCI، و تركز على مناخ الأعمال وعمليات المؤسسات وإستراتجياته، وتحتوي على عناصر مثل : التزويد، التكلفة، النوعية، والحصة من السوق الخ…، وبين التنافسية المستدامة و دليلها GCI، وتركز على الإبداع التكنولوجي ورأس المال البشري والفكري، وتحتوي على عناصر مثل التعليم ورأس المال البشري و الإنتاجية، مؤسسات البحث و التطوير، الطاقة الإبداعية، الوضع المؤسسي، وقوى السوق.

تدفع الأبعاد الأساسية في التنافسية إلى الاهتمام بجوانب عديدة منها :
1) مستوى التحليل : اعتبارا من مستوى المشروع أو المنتج إلى مستوى القطاع ثم مستوى البلد وحتى على مستوى الإقليم.
2) الشمول : هي تحقيق الأهداف بأقل التكاليف، والفعالية و الاختيار الصحيح للغايات.
3) النسبية : حيث أن التنافسية في جوهرها تعني مقارنة نسبية بين الاقتصاديات سواء كانت بلدانا أو مؤسسات أو أقسام في المؤسسة الواحدة، أو بين فترتين زمنيتين وهو ما يثير مسألة فقدان التنافسية والديناميكية، كما يفسر اهتمام تقرير WEF بجانب نمو التنافسية مقابل التنافسية الجارية في عدديه الأخيرين. أو تعني المقارنة النسبية بالقياس إلى وضعية افتراضية مستهدفة وتكون معرفة جيداً.

وتنعكس هذه القضايا على المؤشرات المنتقاة أو المتغيرات وعلى تركيب أدلة التنافسية.

المبحث الثاني :
مؤشرات قياس القدرة التنافسية

قد يتطابق مفهوما التنافسية إذا كان تحسين تنافسية المنشأة أو الصناعة قد تحقق مع الاحتفاظ بمستويات التشغيل، ولهذا فإن من المناسب أن يجري التحليل على مستويات ثلاثة : مستوى المشروع، مستوى الصناعة أو القطاع و مستوى الاقتصاد الوطني، ويمكن أيضاً أن يضاف مستوى التكامل الإقليمي.

على الرغم من العيوب المعروفة لمؤشر الناتج المحلي الإجمالي(GDP) للفرد أو بقية المؤشرات المشابه، في التعبير عن التنمية الاقتصادية فإن الناتج المحلي ومعدل نموه يسمحان بالتعبير عن تقدم الأمة أو توجهها نحو ذلك، و يشير تقرير إلى أن GDP هو أحسن مؤشر غير كامل عن توليد الثروة، لكنه فيما يتعلق بالتنافسية فإنه لا يميز المداخيل الناجمة عن استنزاف الموارد غير المتجددة مثال النفط ولا المداخيل الناجمة عن استغلال الأصول المتراكمة من جانب الأجيال السابقة، ولا المداخيل من القيمة المضافة الاقتصادية الحقيقية مثل الاختراعات، التقنية وعملية التحويل، فإذا أخذنا هذه القضايا في الاعتبار فإن GDP يبقى مع ذلك أحسن تقريب إحصائي أو مؤشر بديل للتعبير عن توليد الثروة.

لكن من المقبول على نطاق واسع في الأدبيات الاقتصادية أن تنافسية البلد لا يمكن أن تختزل إلى مجرد عوامل مثل الناتج المحلي الإجمالي أو الإنتاجية لأن المنشآت تواجه الأبعاد السياسية والتقنية والتعليمية للبلدان المنافسة وكذلك اقتصادياتها، و بهذا فإنه بتزويد المنشآت بمناخ ذي هيكل أكثر فاعلية والمؤسسات والسياسات الفاعلة، تستطيع الأمم أن تتنافس فيما بينها.
ثمة العديد من مؤشرات التنافسية، فبعض الدراسات تقتصر هذه المؤشرات على عدد محدود مثل : أسعار الصرف الحقيقية المستندة إلى مؤشرات أسعار المستهلك، قيمة وحدة التصدير للسلع المصنعة، السعر النسبي للسلع المتاجر بها وغير المتاجر بها، تكلفة وحدة العمل المميزة في الصناعة التحويلية، ولكن الإنجاز الحقيقي لكل منها في تفسير تدفقات التجارة ليس كاملا.

يمكن أن لا يتطابق مفهوم التنافسية المعرف بشكل مفصل على مستوى المؤسسة أو الصناعة أو القطاع مع مفهوم التنافسية على مستوى الاقتصاد الوطني، فيمكن مثلا أن تتحقق تنافسية المؤسسة عبر تقليص حجم المدخلات كالتخلص من العمالة مثلاً، فإذا كان نمو الإنتاجية قد تحقق من خلال تقليص مدخل العمل عوضاً عن زيادة المخرج لمستوى معين من مدخل العمل، فإن جانباً من المنافع المحققة على مستوى المؤسسة يمكن أن يقابلها على مستوى الاقتصاد الوطني نقصاً في الدخل و الرفاه العام ينجم عن التخلص من العمالة ما لم يتم استيعاب تلك العمالة في منشآت أو مشاريع أخرى.

المطلب الأول : مؤشرات قياس تنافسية المؤسسة

إن مفهوم التنافسية الأكثر وضوحاً يبدو على مستوى المؤسسة، فالمؤسسة قليلة الربحية ليست تنافسية، وحسب النموذج النظري للمزاحمة الكاملة فإن المؤسسة لا تكون تنافسية عندما تكون تكلفة إنتاجها المتوسطة تتجاوز سعر منتجاتها في السوق، وهذا يعني أن موارد المؤسسة يساء تخصيصها وأن ثروتها تتضاءل أو تبدد، وضمن فرع النشاط معين ذي منتجات متجانسة يمكن للمؤسسة أن تكون قليلة الربحية لأن تكلفة إنتاجها المتوسطة أعلى من تكلفة منافسيها، وقد يعود ذلك إلى أن إنتاجيتها أضعف أو أن عناصر الإنتاج تكلفها أكثر أو للسببين معاً.

ويقدم اوستن Austin نموذجاً لتحليل الصناعة وتنافسية المؤسسة من خلال القوى الخمس المؤثرة على تلك التنافسية وهي :
 تهديد الداخلين المحتملين إلى السوق.
 قوة المساومة والتفاوض التي يمتلكها الموردون للمؤسسة.
 قوة المساومة والتفاوض التي يمتلكها المشترون لمنتجات للمؤسسة.
 تهديد الإحلال أي البدائل عن منتجات المؤسسة.
 المنافسون الحاليون للمؤسسة في صناعتها.

ويشكل هذا النموذج عنصراً هاماً في السياسة الصناعية والتنافسية على مستوى المؤسسة، وجاذبية منتجات مؤسسة ما يمكن أن تعكس الفاعلية في استعمال الموارد وعلى الأخص في مجال البحث والتطوير أو الدعاية، لهذا فإن الربحية وتكلفة الصنع والإنتاجية والحصة من السوق تشكل جميعاً مؤشرات للتنافسية على مستوى المؤسسة.

1- الربـحـية :

تشكل الربحية مؤشراً كافياً على التنافسية الحالية، وكذلك تشكل الحصة من السوق مؤشراً على التنافسية إذا كانت المؤسسة تعظم أرباحها أي أنها لا تتنازل عن الربح لمجرد غرض رفع حصتها من السوق، ولكن يمكن أن تكون تنافسيةً في سوق يتجه هو ذاته نحو التراجع، وبذلك فإن تنافسيتها الحالية لن تكون ضامنة لربحيتها المستقبلية.

وإذا كانت ربحية المؤسسة التي تريد البقاء في السوق ينبغي أن تمتد إلى فترة من الزمن، فإن القيمة الحالية لأرباح المؤسسة تتعلق بالقيمة السوقية لها.

تعتمد المنافع المستقبلية للمؤسسة على إنتاجيتها النسبية وتكلفة عوامل إنتاجها وكذلك على الجاذبية النسبية لمنتجاتها على امتداد فترة طويلة وعلى أنفاقها الحالي على البحث والتطوير أو براءات الاختراع التي تتحصل عليها إضافة إلى العديد من العناصر الأخرى، إن النوعية عنصر هام لاكتساب الجاذبية ومن ثم النفاذ إلى الأسواق والمحافظة عليها.

1- تكلفة الصنع :

تكون المؤسسة غير تنافسية حسب النموذج النظري للمنافسة النزيهة إذا كانت تكلفة الصنع المتوسطة تتجاوز سعر منتجاتها في الأسواق، ويعزى ذلك إما لانخفاض إنتاجيتها أو عوامل الإنتاج مكلفة كثيرا، أو السببين السابقين معاً، وإنتاجية ضعيفة يمكن أن تفسر على أنها تسيير غير فعال، كل هذا في حالة قطاع نشاط ذو منتجات متنوعة، أما إذا كان قطاع النشاط ذو منتجات متجانسة فيمكن أن يعزى ذلك إلى كون تكلفة الصنع المتوسطة ضعيفة مقارنة بالمنافسين.

إن تكلفة الصنع المتوسطة بالقياس إلى تكلفة المنافسين تمثل مؤشرًا كافياً عن التنافسية في فرع نشاط ذي إنتاج متجانس ما لم يكن ضعف التكلفة على حساب الربحية المستقبلية للمشروع، ويمكن لتكلفة وحدة العمل أن تمثل بديلاً جيداً عن تكلفة الصنع المتوسطة عندما تكون تكلفة اليد العاملة تشكل النسبة الأكبر من التكلفة الإجمالية، ولكن هذه الوضعية يتناقص وجودها.

2- الإنتاجية الكلية للعوامل :

تقيس الإنتاجية الكلية للعوامل (PTF : Productivité Totale des Facteurs) الفاعلية التي تحول المؤسسة فيها مجموعة عوامل الإنتاج إلى منتجات، ولكن هذا المفهوم لا يوضح مزايا ومساوئ تكلفة عناصر الإنتاج، كما أنه إذا كان الإنتاج يقاس بالوحدات الفيزيائية مثل أطنان من الورق أو أعداد من السيارات، فإن الإنتاجية الإجمالية للعوامل لا توضح شيئاً حول جاذبية المنتجات المعروضة من جانب المؤسسة.

من الممكن مقارنة الإنتاجية الكلية للعوامل أو نموها لعدة مؤسسات على المستويات المحلية والدولية، ويمكن إرجاع نموها سواء إلى التغيرات التقنية وتحرك دالة التكلفة نحو الأسفل، أو إلى تحقيق وفورات الحجم، كما يتأثر دليل النمو PTF بالفروقات عن الأسعار المستندة إلى التكلفة الحدة، و يمكن تفسير الإنتاجية الضعيفة بإدارة أقل فاعلية ( لا فاعلية تقنية أو لا فاعلية أخرى تسمى “لا فاعلية X”) أو بدرجة من الاستثمار غير فاعلة أو بكليهما معاً.

3- الحصة من السوق :

من الممكن لمؤسسة ما أن تكون مربحة وتستحوذ على جزء هام من السوق الداخلية بدون أن تكون تنافسية على المستوى الدولي، ويحصل هذا عندما تكون السوق المحلي محمية بعوائق تجاه التجارة الدولية، كما يمكن للمؤسسات الوطنية أن تكون ذات ربحية آنية ولكنها غير قادرة على الاحتفاظ بالمنافسة عند تحرير التجارة أو بسبب أفول السوق، ولتقدير الاحتمال لهذا الحدث يجب مقارنة تكاليف المؤسسة مع تكاليف منافسيها الدوليين المحتملين.

عندما يكون هناك حالة توازن تعظم المنافع ضمن قطاع نشاط ما ذي إنتاج متجانس، فإنه كلما كانت التكلفة الحدية للمؤسسة ضعيفة بالقياس إلى تكاليف منافسيها، كلما كانت حصتها من السوق أكبر وكانت المؤسسة أكثر ربحية مع افتراض تساوي الأمور الأخرى، فالحصة من السوق تترجم إذن المزايا في الإنتاجية أو في تكلفة عوامل الإنتاج.

و في قطاع نشاط ذي إنتاج غير متجانس، فإن ضعف ربحية المؤسسة يمكن أن يفسر بالأسباب أعلاه و لكن يضاف أليها سببا آخر هو أن المنتجات التي تقدمها قد تكون أقل جاذبية من منتجات المنافسين بافتراض تساوي الأمور الأخرى أيضا، إذ كلما كانت المنتجات التي تقدمها المؤسسة أقل جاذبية كلما ضعفت حصتها من السوق ذات التوازن.

لقد بينت دراسة عدة مؤسسات وجود حزمة واسعة من المؤشرات على تنافسية المشروع، ومن هذه النتائج :
 في معظم الأنشطة الاقتصادية وفروع النشاط فإن التنافسية لا تتمركز ببساطة على الأسعار وتكلفة عوامل الإنتاج.
 ثمة عوامل عديدة ليست مرتبطة بالأسعار تعطي اختلافات عن مستوى إنتاجية اليد العاملة، رأس المال ( وفورات الحجم، سلسلة العمليات، حجم المخزون، الإدارة ، علاقات العمل،… الخ).
 يمكن للمشروعات أن تحسن أدائها من خلال التقليد والإبداع التكنولوجي و أن الوصفة الحسنة للمشروع يمكن أن تعطي نتائج حسنة لدى مشروعات ذات مدخل على عوامل إنتاج أكثر رخصاً.
 من الأهمية بمكان معرفة أن التركيز على تنافسية المشروع تعني دوراً محدوداً للدولة وتتطلب استعمال تقنيات إنتاج مرنة ورقابة مستمرة على النوعية والتكاليف والتطلع إلى الأمد الطويل أكثر من الأمد القصير.
 ضرورة إعطاء أهمية أكبر إلى تكوين وإعادة التأهيل والنظر إلى العامل كشريك وليس عامل إنتاج.
 إذا كانت تنافسية البلد تقاس بتنافسية مشروعاته فإن تنافسية المشروع تعتمد على نوعية إدارته والدولة مدير غير ناجح للمشروعات وخصوصاً في مجالات القطاع الخاص.
 يمكن للدولة مع ذلك أن تسهم في أيجاد مناخ موات لممارسة إدارة جيدة من خلال : توفير استقرار الاقتصاد الوطني، خلق مناخ تنافسي وعلى الخصوص بإزالة العقبات أمام التجارة الوطنية والدولية، إزالة الحواجز أما التعاون بين المشروعات، تحسين ثلاثة أنماط من عوامل الإنتاج هي رأس المال البشري باعتبار الدولة المكون الأساسي له، التمويل لناحية التنظيم وحجم القروض، والخدمات العمومية.

المطلب الثاني : مؤشرات قياس تنافسية قطاع النشاط

يمكن حساب مقاييس التنافسية على مستوى فرع النشاط حينما تكون المعطيات عن المؤسسات التي تشكله كافية، وهذه المقاييس تمثل متوسطات وقد لا تعكس أوضاع مؤسسة معينة ضمن الفرع المدروس، إن إجراء تحليل التنافسية على مستوى قطاع النشاط أو العناقيد (تجمع أنشطة) يشترط أن تكون المتوسطات على هذا المستوى ذات معنى وفوارق مؤسسات القطاع محدودة، وتعود تلك الفوارق عادة إلى تفسيرات عديدة مثل توليفة المنتجات، عوامل الإنتاج، عمر المؤسسة، الحجم، الظروف التاريخية وعوامل أخرى.

وإذا كان من الممكن تقييم تنافسية المشروع في السوق المحلية أو الإقليمية بالقياس إلى المشروعات المحلية أو الإقليمية، فإن تقييم تنافسية فرع النشاط يتم بالمقارنة مع فرع النشاط المماثل لإقليم آخر أو بلد آخر الذي يتم معه التبادل، إن فرع النشاط التنافسي يتضمن مشروعات تنافسية إقليميا ودوليا أي تلك التي تحقق أرباحاً منتظمة في سوق حرة.

وتنطبق غالبية مقاييس تنافسية المشروع على تنافسية فرع النشاط، إذا أن فرع النشاط الذي يحقق بشكل مستديم مردوداً متوسطاً أو فوق المتوسط على الرغم من المنافسة الحرة من الموردين الأجانب، يمكن أن يعتبر تنافساً إذا تم إجراء التصحيحات اللازمة.

1- مؤشرات التكاليف والإنتاجية :

يكون فرع النشاط تنافسياً إذا كانت الإنتاجية الكلية للعوامل (PTF) فيه مساوية أو أعلى منها لدى المشروعات الأجنبية المزاحمة أو كان مستوى تكاليف الوحدة بالمتوسط يساوي أو يقل عن تكاليف الوحدة للمزاحمين الأجانب.

وغالباً ما يتم لذلك إجراء المقارنات الدولية حول إنتاجية اليد العاملة أو التكلفة الوحدوية لليد العاملة CUMO، ومن الممكن تعريف دليل تنافسية تكلفة اليد العاملة لفرع النشاط i في البلد j في الفترة t بواسطة المعادلة التالية :

حيث :
Wijt تمثل معدل أجر الساعة في فرع النشاط i والبلد j في خلال الفترة t.
Rjt تمثل معدل سعر الصرف للدولار الأمريكي بعملة البلد j في خلال الفترة t.
تمثل الإنتاج الساعي في فرع النشاط i والبلد j في خلال الفترة t.

ويصبح من الممكن التعبير من خلال المعادلة التالية عن ” التكلفة الوحدوية لليد العاملة النسبية” مع البلد K

ويمكن أن ترتفع CUMO للبلد j بالنسبة إلى مثيلاتها للبلدان الأجنبية لسبب أو أكثر مما يلي :
 أن يرتفع معدل الأجور والرواتب بشكل أسرع مما يجري في الخارج.
 أن ترتفع إنتاجية اليد العاملة بسرعة أقل من الخارج.
 ارتفاع قيمة العملة المحلية بالقياس لعملات البلدان الأخرى.

إن المشكلة الرئيسية لمقارنة التكلفة الوحدوية تنجم عن غموضها، فإن ارتفاع التكلفة الوحدوية النسبية بسبب ارتفاع في الأجور أو في زيادة في سعر الصرف، يكون مرغوبا إن كان يعكس زيادة في جاذبية صادرات البلد أو قيمتها في البلدان الأجنبية أو بزيادة في تكلفة “العدول” للعمال بالبلد، وإلا فالتكلفة الوحدوية للبلد ينبغي أن تهبط بالمقارنة مع تكلفة شركائه التجاريين، وهذا التراجع يمكن أن يستلزم تحسينات في الإنتاجية أو هبوطاً في الأجور أو خفضاً للعملة.

تبنى العديد من الاقتصاديين حتى منتصف الثمانينات فكرة أن التنافسية الدولية محددة بشكل وحيد بأسعار التصدير التي هي دالة أساساً في تكلفة عوامل الإنتاج الصناعي الوحدوية وعلى الخصوص الأجور، لذلك كانت توصياتهم العملية حول السياسة الاقتصادية في ضوء هذه المقاربة للتنافسية الدولية تتناول :
 إجراءات مستندة أساساً على التكلفة الأجرية وإنتاجية القوى العاملة، وفي بعض الأحيان التكلفة الأجرية فقط.
 إمكان تحقيق مكاسب في التنافسية من خلال خفض قيمة العملة.

لكن هذه الرؤية وجهت لها انتقادات بناءا على تجربة ألمانيا واليابان فقد عرفتا ارتفاع في CUMO وتوسع في حصصهما من السوق الدولية في آن واحد بسبب أن تكلفة اليد العاملة لم تشكل القسم الأكبر من التكلفة الإجمالية، ولكن خبرة البلدين تتوافق مع تزايد الطلب الخارجي على صادرتهما وبذلك نشأ توازن جديد برفع سعر الصرف والكميات المخصصة للتصدير الدولي، والانتقاد الثاني كون تكلفة اليد العاملة يمكن ألا تشكل إلا قسماً صغيراً من تكلفة السلع والخدمات التي يتم تبادلها وبذلك يمكن تحييد أثر تلك التكلفة بواسطة تغير ملحوظ في قطاعات أخرى أو في أسعار عوامل الإنتاج الأخرى وبذلك لن يكون لتغيرات CUMO أثراً على سعر الصرف.

2- مؤشرات التجارة والحصة من السوق الدولي :

يستخدم الميزان التجاري والحصة من السوق كمؤشر لقياس تنافسية قطاع نشاط معين، فالقطاع يخسر تنافسيته عندما تنخفض حصته من الصادرات الوطنية الكلية، أو حصته من الواردات تتزايد لسلعة معينة أخذاً في الاعتبار حصة تلك السلعة في الإنتاج أو الاستهلاك الوطنيين الكلي.

3- الميزة النسبية الظاهرة :

أنشأ بورتر (1990) مقياسا للتنافسية مستنداً على الميزة التنافسية الظاهرة (RCA : Revealed Comparative Advantage index) ويمكن حسابه لبلد ما j لمجموعة منتجات أو فرع نشاط i كالتالي :

عندما تكون RCAij أكبر من الواحد فإن البلد j يمتلك ميزة تنافسية نسبية ظاهرة للمنتجi، و يجدر الاهتمام بالميزان التجاري لفرع النشاط، فإن فرعاً صناعياً تبلغ حصته 6% من الصادرات الدولية و 7% من الواردات الدولية لا يمكن اعتباره تنافسياً.

المطلب الثالث : مؤشرات قياس تنافسية الدول

أكد معظم الباحثين على ضرورة استعمال عدة مؤشرات لقياس تنافسية دولة ما، والبدائل المتوفرة لذلك تتمثل في ملاحظة تطور الدخل الحقيقي حسب الفرد أو الإنتاجية، أو على النتائج التجارية للدولة.
تطور الدخل الحقيقي حسب الفرد و الإنتاجية مفاهيم مرتبطة ولكن ليست متشابهة، حيث يوضح Markusen هذه النقطة بقوله أن الدخل الحقيقي حسب الفرد يرتبط بعوامل الإنتاج الكلية، التوفر على رأس المال والموارد الطبيعية وكميات التبادل، فزيادة عوامل الإنتاج الكلية (عادة متمثلة في التطورات التكنولوجية) تزيد الدخل حسب الفرد، مثل ما يفعل تطور التخصيص الوطني بالموارد الطبيعية ورأس المال المادي، أو تحسن في التبادلات.

كميات التبادل لدولة ما تتحسن عندما تكون العملة الوطنية مثمنة أو سعر الصادرات للدولة ترتفع مقارنة لسعر الواردات، وهذا ما يؤدي لزيادة حجم الاستهلاك الداخلي الممكن انطلاقا من التخصيص المعطى من الثروات الطبيعية ومن تجارة متوازنة.

تزداد كميات التبادل لدولة ما ومنه الدخل حسب الفرد عندما يكون طلب عالمي إضافي على المنتجات والخدمات المصدرة من طرف هذه الدولة، أو عرض عالمي إضافي على المنتجات والخدمات التي تستوردها، ولهذا فإن مقاربات التنافسية الوطنية المبنية على التجارة والدخل حسب الفرد مرتبطة فيما بينها.

عندما تكون محفظة صادرات دولة ما مركزة على قطاعات النشاط ذات نمو كبير ومحفظة الواردات مركزة على قطاعات نشاط ذات نمو ضعيف أو في حالة انحدار، فيمكن أن يكون مؤشر على تحسن كميات التبادل لهذه الدولة، وهذا يخضع لسرعة رد فعل الأسواق العالمية لشروط العرض والطلب الإضافيين، ويرتفع دخل الفرد تحت تأثير زيادة التخصيص الوطني من الثروات الطبيعية (تنقيب عن الثروات الطبيعية) أو من رأس المال المادي (نتيجة لاستثمارات سابقة).

تنشر العديد من المنظمات والهيئات الدولية (المعهد الدولي لتنمية الإدارة IMD، المنتدى الاقتصادي العالمي WEF، منظمة الأمم المتحدة UN، AT Kearney…) تقارير سنوية، تتضمن مؤشرات تهدف إلى تصنيف دول العالم بدلالة معايير مختلفة مثل التنافسية، التطور البشري، الحرية الاقتصادية، تكلفة الأعمال…الخ.

وقد قام فابريك هاتم بتلخيص معظم هذه التقارير ومؤشراتها في جدول (رقم 1) يبين فيه تعداد الدول التي يخصها كل تقرير وطريقة إعداد هذه المؤشرات.

1-تقرير المعهد الدولي لتنمية الإدارة (IMD) :

يصدر هذا المعهد سنوياً ومقره سويسرا منذ بداية التسعينات، وهذا في إطار التحضير للمنتدى الاقتصادي العالمي كتاب عن التنافسية في العالم (WCY : World Competitiveness Yearbook)، والهدف منه جمع عناصر أساسية لمقارنة خصائص بيئة الأعمال وتلخص على شكل مؤشر وحيد يتم على أساسه تصنيف الدول بدلالة نوعية البيئة الموفرة للمؤسسات، حوالي 200 نوع من المعطيات الأساسية تجمع في مجالات مختلفة : تنافسية واستقرار الاقتصاد الكلي، نوعية وتكلفة عوامل الإنتاج، الهياكل القاعدية، البحث والتطوير، تسيير المؤسسة، البيئة الإدارية والجباية.

جدول رقم 1: ملخص للمؤشرات

الهيئة
المؤشر
السنة الرتبة الأولى عدد الدول
الطريقة
المنتدى الاقتصادي العالمي WEF مؤشر تنافسية التجارة 2022 فلندا 93 مؤشر مركب يتكون من عشرات المقاييس التي تقيس شروط التنافسية للمؤسسة في دولة ما(تنظيم المؤسسة، بيئة الأعمال).
AT Kearney المؤشر السري 2003 الصين 64 نتيجة لصبر آراء متخذي القرار الخواص حول صورة دولة ما.
تقرير الاستثمار العالمي
FDI FDI potential index 2003 USA 140 مؤشر مركب يتكون من عشرات مقاييس جاذبية دولة ما للاستثمارات الأجنبية.
AT Kearney دليل العولمة 2022 أيرلندا 62 مؤشر مركب يتكون من عشرات المقاييس التي تقيس درجة انفتاح دولة ما للتدفقات من كل نوع (تجارة، رؤوس أموال، الأفكار، التكنولوجية…).
منظمة الأمم المتحدة
UN مؤشر التنمية البشرية 2003 النرويج 175 مؤشر مركب يتكون من بضعة مقاييس تخص الصحة، التعليم والدخل حسب الفرد.
المنتدى الاقتصادي العالمي WEF GCI 2022 فلندا 102 مؤشر مركب يتكون من عشرات المقاييس التي تقيس العوامل الكلية للنمو(البيئة الكلية للاقتصاد، السياسة، التكنولوجية).
المعهد الدولي لتنمية الإدارة
IMD مؤشر التنافسية الإجمالية 2022 USA 52 مؤشر مركب مكون من 200 مؤشر كمي للتنافسية(النتائج الاقتصادية الكلية، الهياكل القاعدية، التكنولوجية، الإدارة).
Heritage Foundation Economic Freedom Index 2022 هونغ كونغ 153 مؤشر مركب متكون من بضع عشرات المقاييس تقيس تدخل الدولة في الاقتصاد(الجباية، النفقات العمومية، التدخلات التنظيمية).
تقرير الاستثمار العالمي
FDI مؤشر الفعالية 2003 بلجيكا و
لكسمبورغ 140 متوسط على ثلاث سنوات(1999-2001) لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة ومقارنتها بالناتج المحلي الصافي
Source : Fabric hatem,”Les indicateur comparatifs de compétitivité et d’attractivité: une rapide revue de littérature”, AFII

بعض هذه المعطيات عبارة عن إحصائيات تجلب من المنظمات المنتجة(خاصة أو عمومية) والبعض الأخر مستخرج من استبيان منجز من المعهد (IMD) لدى أعضاء شبكته، والمؤشر يحسب على أساس متوسط المراتب التي تحصلت عليها دولة ما في كل مؤشر جزئي، ونشر هذا التقرير يؤدي كل سنة في العالم إلى نقاش وطني على تنافسية البلد، وصورته في الخارج، وكذا نقاش على طريقة إعداد المؤشر ومصداقيته.

لخص هذا المعهد المؤشرات في ثمانية عوامل وردت في تقرير سنة 1997 وهي مبينة في الجدول الموالي :

جدول رقم 2 : تكوين عوامل مؤشر المعهد الدولي لتنمية الإدارة
رقم تسمية العامل عدد المؤشرات
01
02
03
04 الاقتصاد الكلي
العولمة
الحكومة
المالية 30
45
48
27
05
06
07
08 البنية التحتية
الإدارة
العلوم والتقنية
البشر 32
36
26
44
المصدر: تقرير المعهد الدولي لتنمية الإدارة بالتصرف

ليتم تجميعها سنة 2022 في أربع عوامل فقط : الإنجاز الاقتصادي، فاعلية الحكومة، فاعلية قطاع الأعمال، البنية التحتية، حيث يضم كل عامل عدة عناصر، وكل عنصر يشمل عدة مؤشرات أو متغيرات ذات طبيعة كمية مباشرة أو قياسات للرأي، بلغ تعدادها 244 مؤشر عام 1997 و 314 سنة 2000.

وتضم عينة الدول موضع الدراسة العديد من دول العالم النامية، ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، و سنتي 2001 و2002 وبلغ تعدادها 49 دولة ليس من بينها أي دولة عربية، إعداد هذا التقرير كان يتم بالاشتراك مع منتدى الاقتصاد العالمي وتحضيرا لاجتماع المنتدى السنوي، لكن ابتدءا من سنة 1997 ينفصل منتدى الاقتصادي العالمي ويقوم بأعداد مؤشر للتنافسية خاص به، وهو الذي سوف نتعرض له في العنصر القادم.

2- تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) :

يتخذ سويسرا مقراً له، ويصدر سنوياً تقرير التنافسية العالمية (GCY) بالتعاون مع مركز التنمية الدولية (CID) التابع لجامعة هارفرد بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذا تحت عنوان “تقرير التنافسية الكونية، Global Competitiveness Yearbook” ويستخدم عدد كبير من المؤشرات موزعة على ثمانية عوامل: الإنتاج، الحكومة، المالية، البنية التحتية، التقنية، الإدارة، العمل و المؤسسات، ويضم 102 دولة (تقرير سنة 2022) من بينها دول عربية هي مصر، الأردن، الجزائر، المغرب، تونس، ويقوم هذا التقرير بترتيب الدول بالاستناد على عدد كبير من المؤشرات بلغ عددها 175 مؤشراً سنة 2000 منها الكمي ومنها الكيفي ويخص آراء مديري الأعمال عبر العالم، ويعتمد المنتدى الاقتصادي العالمي في أعداده للتقرير على مقاربة أن ثروة الدول تتمثل في معدل الناتج المحلي الصافي حسب الفرد ومستوى نموه، والمؤشرين اللذين يعدهما المنتدى هما (GCI : Growth Competitiveness Index) و (CCI : Current Competitiveness Index) ويفترض أنهما يفسران نمو مستوى ثروة الأمم على المدى المتوسط.

فالمؤشر الأول GCI يركز على التنافسية كونها مجموعة مؤسسات وسياسات اقتصادية تضمن معدلات نمو مرتفعة على المدى المتوسط، ويهدف إلى قياس إمكانيات النمو للخمسة سنوات القادمة، بينما المؤشر الثاني CCI يستعمل المؤشرات الاقتصادية الجزئية لقياس الهيئات وهياكل السوق والسياسة الاقتصادية، التي تضمن مستوى آني من الازدهار وهو يهدف لقياس القوة الإنتاجية الآنية لنفس الدول.

المؤشران يعتمدان على نفس الأسلوب وهو إعداد مؤشر التنافسية كمتوسط مرجح لمجموعة من المتغيرات المعيارية.

يتم إعداد المؤشر GCI بناءاً على مجموعة مقاييس كمية(متغيرات اقتصادية كلية معيارية)، وكذلك يعتمد على تحقيقات كيفية تتم مع مديري المؤسسات في 102 دولة (4600 مؤسسة خاصة وعمومية)، مواضيع الاستبيان منظمة في عشر مواضيع :
 البيئة الاقتصادية الكلية : الإبداع ونشر التكنولوجيا، الهياكل القاعدية العامة.
 الهيئات العمومية : عقود وقوانين، الفساد، المنافسة في السوق الداخلي، تطور نظام العناقيد، سوق الأعمال وسياسة المؤسسات، السياسة البيئية.

تستعمل في حساب GCI عشرون فقط من مقاييس هذه المواضيع والجدولين الموالين ( رقم 3 و4 ) يوضحان كيفية حساب هذا المؤشر وكذا نوعية المتغيرات الكمية والكيفية .

جدول رقم 3: تركيبة المؤشر GCI

المؤشرات الفرعية
عدد المتغيرات وزن المتوسط الحسابي لمتغيرات المجموعة وزن المركبة في المؤشر الإجمالي
كمي كيفي المجموع كمي كيفي دول خارج القلب دول
القلب
بيئة الاقتصاد الكلي
– الاستقرار
– ترتيب خطر القروض
– النفقات العمومية
الهيئات العمومية
– عقود وقوانين
– الفساد
التكنولوجية
– الإبداع
– التقنيات الجديدة للإعلام والإتصال
– نقل التكنولوجيا

5
0
1

0
0

2

5
1

2
1
0

4
3

4

5
1

7
1
1

4
3

6

10
2

5/7
0
1

0
0

3/4

2/3
1/2

2/7
1
0

1
1

1/4

1/3
1/2 1/3

1/2*1/3
1/4*1/3
1/4*1/3
1/3
1/2*1/3
1/2*1/3
1/3
1/8*1/3

1/2*1/3
3/8*1/3 1/4

1/2*1/4
1/4*1/4
1/4*1/4
1/4
1/2*1/4
1/2*1/4
1/2
1/2*1/2

1/2*1/2
0
المجــموع 14 20 34 1 1
ٍSource : Gregoir stephane et Maurel française, “Les indices de compétitivité des pays:interprétation et limites”, INSEE, Octobre 2022, P4.

أما مؤشر التنافسية الحالية (CCI : Current Competitiveness Index)، فيدرس الأسس الاقتصادية الجزئية لمعدل الدخل القومي الصافي (PIB) بالنسبة لكل فرد ويعتمد على محددات الميزة التنافسية التي وضعها الاقتصادي بورتر (سوف نتعرض لها لاحقاً)، ويلجأ المنتدى الاقتصادي العالمي لأعداد هذا المؤشر إلى متغيرات كيفية مستخرجة من استبيان مع مدراء المؤسسات، واختيار هذه المتغيرات وترجيحها يتم بعد تحليل إحصائي صغير لعلاقة الارتباط بين هاته المتغيرات، وهذا انطلاقاً من علاقة خطية بين مستوى الدخل القومي الصافي بالنسبة لكل فرد ومخزون رأس المال لكل فرد لاقتصاد ما (يؤخذ رأس المال بالمعنى العام، أي يتضمن رأس المال البشري).

لكن في الواقع عدد المتغيرات أكثر من عدد الدول لذا فالطريقة تعتمد على تحليل المعطيات عوض عن الانحدار الخطي المتعدد، كل المتغيرات المستخرجة من الاستبيان ليست قابلة للقياس ماعدا متغير واحد وهو عدد براءات الاختراع المودعة بالنسبة لكل فرد.

جدول رقم 4 : قائمة المتغيرات المستعملة في حساب GCI

الـــمـــتــــــغيرات
كمية(آخر تاريخ معروف محولة إلى 1-7) كيفية(مقياس 0 إلى7 للإجابات الفردية)
البيئة الاقتصادية الكلية
الاستقرار – التضخم
– الفرق بين معدل القارض-المقترض
– معدل الصرف الحقيقي بالنسبة للدولار الأمريكي(أساس 100 كمتوسط بين 1990-1995)
– فائض APU
– معدل الادخار للأمة – بلادك يمكن أن تعرف ركود السنة القادمة؟
– هل كان ميسر على مؤسستك الحصول على قروض السنة الماضية؟

ترتيب خطر القروض – المصدر: الهيئات المستثمرة
نفقات APU بالنسبة المئوية من الدخل القومي الصافيPIB
الهيئات العمـــمومية
عقود وقوانين – هل العدالة مستقلة عن الحكومة أو مرتبطة بها؟
– هل الأصول المالية والثروة معرفة بوضوح ومحمية بالقانون؟
– هل حكومتك غير متحيز في منح الصفقات العمومية؟
– هل تفرض الجريمة المنظمة تكاليف معتبرة في عالم الأعمال؟
الفساد – ما هو معدل الرشوة في منح رخص الاستيراد والتصدير؟
– ما هو معدل الرشوة في منح رخص الشبكات العمومية؟
– ما هو معدل الرشوة في دفع الضرائب السنوية؟
التكنــــولوجيا
الإبداع
التكنولوجي – عدد براءات الاختراع
– نسبة التمدرس في التعليم العالي – ما هي وضعية بلدك بالنسبة للتكنولوجيا مقارنة بالدولة الرائدة؟
– هل الاختراع المستمر مصدر مداخيل في نشاطك؟
– هل تنفق كثيراً مؤسسات بلدك في البحث والتطوير مقارنة بالدول الأخرى؟
– هل التعاون مع الجامعات في البحث والتطوير مهم؟
NTIC
التقنيات الجديدة
للإعلام والاتصال – عدد الهواتف النقالة
– عدد مستعملي الانترنت
– عدد متصلي الانترنت
– عدد خطوط الهاتف
– عدد أجهزة الكمبيوتر – هل الاتصال بالانترنت في المدارس باهض الثمن؟
– هل المنافسة بين مزويدي خدمة الانترنت كافية لضمان نوعية خدمة جيدة؟
– هل NTIC من الاهتمامات الكبرى للحكومة؟
– هل القوانين المتعلقة بـ NTIC (حماية المستهلك، التجارة الالكترونية،…) متطورة ومحترمة؟
نقل التكنولوجيا
(تخص الدول خارج القلب) – باقي التكنولوجيا من التبادلات – هل الاستثمارات المباشرة الداخلة مصدر مهم للتكنولوجيا الجديدة؟
ٍSource : Gregoir stephane et Maurel française, “Les indices de compétitivité des pays:interprétation et limites”, INSEE, Octobre 2022, P4.

3- مؤشرات البنك الدولي(WB) :

يقوم بإعداد مؤشرات عن التنافسية لعدد من الدول، وتنشر دوريا على شبكة الانترنت، وتشمل العديد من الدول العربية منها : الجزائر، مصر، الأردن، الكويت، موريتانيا، المغرب، عمان، السعودية، تونس، الأمارات واليمن، ويعتمد على 64 متغيراً في 5 عوامل وهي :
 الإنجاز الإجمالي ( الناتج القومي الإجمالي للفرد، معدل النمو السنوي المتوسط).
 الديناميكية الكلية وديناميكية السوق (النمو والاستثمار، الإنتاجية، حجم التجارة الإجمالي، تنافسية التصدير).
 البنية التحتية ومناخ الاستثمار (شبكة المعلومات والاتصالات، البنية التحتية المادية، الاستقرار السياسي الاجتماعي).
 رأس المال البشري والفكري.
 الديناميكية المالية.

4-مؤشرات صندوق النقد الدولي(IMF) :

يقوم بنشر عدد محدد من المؤشرات (أسعار الصرف الحقيقية المستندة إلى مؤشرات أسعار المستهلك، قيمة وحدة التصدير للسلع المصنعة، السعر النسبي للسلع المتداولة وغير المتداولة، تكلفة وحدة العمل في الصناعة التحويلية).

5- تصنيف حسب مؤشر الحرية الاقتصادية :

مؤشر طوره معهد HERITAGE بالولايات المتحدة الأمريكية وقد اعتمد لدراسة درجة الحرية على عشرة عوامل وكل عامل يتكون من مجموعة من المتغيرات ( 50 متغير) وهذه العوامل هي :
 حرية التجارة.
 العبء الضريبي للحكومة.
 تدخل الحكومة في الاقتصاد.
 السياسة النقدية.
 تدفقات رأس المال والاستثمار الأجنبي.
 الجهاز المصرفي.
 الأجور والأسعار.
 حقوق الملكية.
 الأنظمة.
 السوق السوداء.
تحتل الجزائر حسب تصنيف مؤشر الحرية الاقتصادية المرتبة 108.

المطلب الرابع : انتقاد التنافسية ومؤشراتها

انتقد ريكاردو بترلا التنافسية وركز على كونها أصبحت هدف رئيسي وليست وسيلة، ومن بين الآثار التي ترتبت عنها هو تقوية منطق الحرب لدى المؤسسات وعلى المستوى الدولي فيما يخص العلاقات بين المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين، المدن والدول ؛ واستعملت في هذه المعركة كل الوسائل (البحث والتطوير، براءة الاختراع، إعانات الدولة، المضاربة المالية، هيمنة الأسعار، نقل وحدات الإنتاج، الاندماج والشراء) وكذلك تقليص دور الدولة في نظر الأعوان الاقتصاديين، السياسيون والجمهور إلى نظام واسع للهندسة القانونية والبيروقراطية والمالية موضوعة في خدمة النجاح التجاري للمؤسسة، وأصبحت الدولة عامل من العوامل التي تخلق شروط الملائمة لتنافسية المؤسسات، بعد أن كانت تبحث عن الفائدة العامة للشعب، ولم تعد ذلك المرقي والضامن للفائدة العامة، وتكون نتيجة كل هذا ضعف الديمقراطية، حيث أنه في ظل العولمة أصبحت المؤسسات هي التي تحدد الأولويات في مجال الاستثمار واختيار المنتوجات والخدمات، وتحديد أماكن الاستثمار.

إن نقل أماكن عمل المؤسسات بغية تحقيق هدف واحد ألا وهو ضمان مستوى مردودية مرتفع لرأس المال المطلوب من أسواق البورصة(المتوسط الدولي لكل القطاعات +/- 15% ) يمثل شكل قوي للعنف الاقتصادي.

ومن نتائج اشتداد التنافسية بين المؤسسات هو العنف السياسي الاجتماعي يعبر عنه على المستوى الدولي بأشكال قانونية، منها إجبار الدول التي تستفيد من قروض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على خوصصة قطاعات معينة، هذه القروض توجه لإنجاز الهياكل القاعدية لمنفعة شعوبها، ويفرض عليها التخلي على سلطة القرار والمراقبة في مجال تخصيص الموارد، خاصة الفوائد الاقتصادية لاستثمارات المؤسسات المتعددة الجنسيات لصالح المؤسسات الخاصة ومالكي رؤوس الأموال الخاصة في البلدان الغنية.

والتنافسية لا تسمح :
 بالقضاء على عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية الموجودة بين الدول وداخل الدولة الواحدة، وظاهرة التهميش الملاحظة في عدة مناطق من المعمورة.
 بوقف تخريب البيئة(التصحر، تأكل الأرض، انقراض أصناف حيوانية ونباتية، تلوث المياه والبحار).
 خفض تركز السلطة بين أيدي المؤسسات الخاصة التي المسؤولية الأولى فيها هي باتجاه مالكيها وليس باتجاه الفئة العمالية فيها والمجتمع بصفة عامة.

ولا تستطيع التنافسية إيجاد أجوبة ناجعة للمشاكل على المدى الطويل التي تواجهها المعمورة، والسوق لا يستطيع استباق المستقبل، فهو قصير البصر.

وتثير كذلك مؤشرات التنافسية جدلاً على المستوى الدولي، سواء فيما يتعلق بمنهجيتها أو طريقة أعدادها، أو المعطيات المستعملة، وقد ذكر فابريك هاتم أهم هذه الانتقادات :

1- يمكن الاعتراض في بعض الأحيان على نوعية مصادر المعلومات، خاصة في حالة المعلومات الناتجة عن صبر آراء، فمؤشر WCY الذي يعده المعهد الدولي لتنمية الإدارة يعتمد على استجواب مجموعة رجال أعمال حول رأيهم في بلدهم الأصلي، إذاً الحكم على الدول لا يأتي من نفس العينة، هذا ما يخلق تحيز ويصعب قياسه، ويخضع كذلك إلى قدرة أفراد على توجيه انتقادات لبلدهم علناً.
2- اختيار مؤشرات الأساس يمكن أن يظهر جوانب أيديولوجية، وأن يؤدي إلى تحيز غير متحكم فيه في عمل المقارنة، فمثلاً وجود معدل ضريبة مرتفع في دولة ما لا يعني أنه عامل عدم تنافسية، فيمكن أنها تمول خدمات أخرى من هذه الضريبة.
3- طريقة حساب المؤشر النهائي وأسلوب الترجيح المختار لكل مؤشر، فقد قامت مؤخرا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OCDE) بدراسة اعتمادا على معطيات المعهد الدولي لتنمية الإدارة، بينت فيها أنه انطلاقا من نفس المعطيات الأساسية يمكن أن نحصل على عدة تصنيفات مختلفة، ليس اعتمادا فقط على الترجيحات المستعملة، ولكن أيضاً على طريقة الحساب في حد ذاتها.

المبحث الثالث :
دور الدول لدعم التنافسية

تطرقنا في المبحثين الأول والثاني لتعريف التنافسية على مستوى المؤسسة وقطاع النشاط، ثم على مستوى الدول، فإذا علمنا أن الجزء الأكبر في عملية تحديد تنافسية المؤسسات يقع على عاتقها هي، فهل الدول لها دور في تحديد الجزء الباقي، وإذا كان الجواب نعم كيف يكون تدخلها لتحسين تنافسية المؤسسات العاملة داخل إقليمها أولا، وثانيا كيف تساهم أو تقوم بتحسين تنافسية اقتصادها في السوق العالمي، هذه العناصر كلها سوف نتعرض لها بالدراسة والتحليل في هذا المبحث، ونورد في المطلب الثالث كيف نجحت دول كانت اقتصادياتها في الوقت القريب متعثرة لتخطو بها فيما بعد إلى مصاف الاقتصاديات الأكثر تنافسية في العالم.

المطلب الأول : الإطار النظري لدور الدولة الداعم للتنافسية

انطلاقاً من تعريف التنافسية على أنها “قدرة الدولة على إنتاج سلع وخدمات تلقى نجاحاً في الأسواق العالمية وتحافظ على متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي”، يتبين لنا مدى الارتباط الوثيق بين التنافسية ودور الدولة في تحقيقها ونجاحها، وذلك بتشجيع الأنشطة على توليد وفورات (خارجية) إيجابية، وتحويل الأرباح من الاقتصاديات الأجنبية إلى الاقتصاد المحلي، ويتم ذلك عبر تقديم إعانات تنافسية لدعم البحث والتطوير في الصناعة والحد من دخول المنشات الأجنبية إلى الأسواق المحلية.

ويمكن تجسيد دور الدولة في تدعيم وتحسين تنافسيتها على المستوى الدولي، بتوفيرها لبيئة أعمال ملائمة، وهذا بتطبيق سياسات اقتصادية ومالية واجتماعية بغية تدعيم تنافسية النشاطات الإنتاجية والخدمية ، وتتمثل في :
 السياسات المالية والنقدية.
 سياسات الاستثمار وتهيئة المناخ الاستثماري.
 سياسات تعزيز القدرات التكنولوجية الذاتية.
 سياسة إصلاح التشريعات والمؤسسات.
 أساليب الممارسة الإدارية الرشيدة.
 سياسة تحديث البنية الأساسية المادية.
 تحديث الجهاز الحكومي والإداري.
 سياسة نشر وتداول المعلومات.

وقد بين مايكل بورتر دور الدول في تدعيم التنافسية في عمله حول المزايا التنافسية للأمم، حيث أستحدث منهج متكامل يتضمن عدة محددات تفسر الميزة التنافسية للصناعات، فأما أن تكون معوقة أو محفزة للنجاح في المنافسة العالمية، وجزء منها يتعلق بالخصائص الداخلية للدولة ويمكن التحكم فيه والجزء الآخر يقع خارج نطاق الدولة ويصعب التحكم فيه، هاته المحددات هي :

 محددات رئيسية : شروط وخصائص الإنتاج، أوضاع الطلب وخصائصه، دور الصناعات المغذية والمكملة، المنافسة المحلية وأهداف المؤسسة.
 محددان مساعدان ومكملان : دور الصدفة أو الحظ، دور الحكومة وسياستها المختلفة.

تتميز هذه المحددات كونها تعمل كنظام ديناميكي متكامل وتتفاعل مع بعضها البعض، بحيث يؤثر كل محدد في المحددات الأخرى، ويتأثر هو بدوره ببقية المحددات، وعندما تتحقق كل هذه المحددات تتمكن الدولة من تحقيق ميزة تنافسية ديناميكية ومطردة، وتنجح صناعاتها عالمياً، وبالعكس عندما لا يتحقق بعض هذه المحددات أو تكون غير مدعمة ومحفزة لاستمرارية الميزة التنافسية، تؤدي إلى تأكلها وتدهورها، فإذا لم تقم الدولة بخلق وتنمية عناصر الإنتاج لصناعة ما بالمعدلات المرغوب فيها فقد تتدهور الميزة التنافسية لهذه الصناعة.

فمثلاً تدهور أحد عناصر الإنتاج ألا وهو اليد العاملة يمكن أن يكون نتاج :
 تدهور المهارات المتخصصة للموارد البشرية.
 عدم الاهتمام بمراكز البحث العلمي والتكنولوجي.
 عدم الاهتمام بالمؤسسات التعليمية مقارنة بالدول الأخرى.

يبين بورتر أن دور الدولة يكمن في تأثيره على المحددات الأربعة الأساسية للميزة التنافسية، وقد وضحه بالشكل التالي:

الشكل رقم 1: محددات الميزة التنافسية لبورتر

المصدر : نوير طارق (Porter Michal)، “دور الحكومة الداعم للتنافسية: حالة مصر”، المعهد العربي للتخطيط بالكويت،2002، ص6.

المطلب الثاني : تنافسية الدول

طُرح سؤال مهم في بيئات الأعمال ألا وهو “هل تتنافس الدول على نفس النحو الذي تمارسه المؤسسات”، فالاقتصادي الأمريكي “جيفري ساكس” يؤيد هذه الفكرة، حيث يرى أن التنافسية تشير إلى قدرة المؤسسات الاقتصادية للدولة وسياساتها على تحقيق النمو في ضوء الهيكل الكلي للاقتصاد العالمي، وهذا يعني أن الاقتصاد يكون منافساً عالميا إذا كانت مؤسساته وسياساته تدعم النمو الاقتصادي السريع والمطرد.

فالدول تتنافس فيما بينها من خلال السياسات والمؤسسات التي تختارها لتحفيز النمو على المدى البعيد بغرض تحسين المستوى المعيشي لأفرادها، إذا مجال المنافسة بين الدول هو مجال تحقيق النمو الاقتصادي، ويتأتى لها ذلك بتطبيق :
 السياسات الجيدة.
 الأسواق المفتوحة.
 الإنفاق الحكومي الجيد.
 معدلات الضريبة المنخفضة.
 أسواق العمل المرنة.
 نظام سياسي مستقر.
 نظام قضائي كفئ.
 البنية الأساسية والإدارية والتكنولوجية الجيدة.
ويؤيد هذه الفكرة الاقتصادي “لسترو ثارو” بقوله أن المؤسسة يقع على عاتقها تبني أحسن التقنيات التكنولوجية والإدارية للاستجابة الأولية لتحسين التنافسية، وإذا ظهر عدم قدرة المؤسسة على تحسين أدائها نظراً لمعوقات في السوق، بات من الضروري تدخل الدولة.

يتمثل دور الدول في دعم التنافسية، فإيجاد مناخ ملائم لكي تستطيع المؤسسات تحسين أدائها، ويتجلى هذا في عدة مؤشرات ومظاهر في الحياة الاقتصادية أهمها :
1. استقرار البيئة الاقتصادية الكلية من خلال تدني معدلات التضخم وتمويل عام ملموس، ومعدلات ضريبية تنافسية.
2. إزالة كافة معوقات التجارة، المحافظة وتطوير أسواق عالمية مفتوحة وتنافسية.
3. تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بإزالة كافة الأعباء غير الضرورية على نشاطها الاقتصادي.
4. تحرير الأسواق بغية عملها بكفاءة، وتحفيز الأفراد والمؤسسات من خلال إصلاح الضرائب المفروضة عليهما.
5. ضمان بيئة مواتية للاستثمار المحلي، وتحسين الخدمات المقدمة من قبل الحكومات مثل التعليم.

ومن هنا ظهر مصطلح “السياسة التنافسية” والتي تعرف بأنها “زيادة كفاءة جانب العرض في الاقتصاد في ظل خصائص معينة لأسواق المنتجات وأسواق رأس المال، ورصيد المعرفة المستندة إلى العولمة” وحددت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD) أدوات السياسة التنافسية في تحفيز هياكل السوق عبر إجراء إصلاحات اقتصادية في جانب العرض وإصلاح أنظمة ممارسة السلطة ونظام الضرائب، والتعليم وأنظمة البحث والتطوير، وآليات نقل التكنولوجيا والبيئة الأساسية وغيرها.

وتتمثل أهداف السياسة التنافسية في تدعيم قدرة المؤسسات الصناعية أو الدول على توليد دخول مرتفعة لعناصر الإنتاج ومستويات مرتفعة من التوظيف.

لكن الاقتصادي الأمريكي”بول كروجمان” عارض فكرة تنافس الدول كتنافس المؤسسات ، فإذا كانت مؤسسة غير قادرة على تحسين أدائها فسوف يؤدي ذلك إلى خروجها من السوق، بخلاف ذلك فإن الدول تتنافس في القوى السياسية والعسكرية والسيادة، ويصل إلى أنه لا يوجد حد فاصل معرف بشكل جيد لمفهوم تنافسية الدول مما يجعل مفهوم تنافسية الدول مفهوم مضللاً.

المطلب الثالث : تجارب ناجحة لبعض الدول لتحسين تنافسيتها

لتوضيح دور الدول في دعم التنافسية، سنستعرض ثلاث تجارب ناجحة لدول من آسيا وأوروبا وأفريقيا حققت نجاح مهم في مجال التنافسية ألا وهي :
 سنغافورة : احتلت المرتبة الأولى في تقرير التنافسية العالمية ولعدة سنوات متتالية.
 أيرلندا : حسنت مرتبتها التنافسية من المرتبة السادسة والعشرون سنة 1996 إلى المرتبة العاشرة عام 1999.
 تونس : احتلت المرتبة الثانية في تقرير تنافسية الدول الأفريقية.

تتميز هذه الدول الثلاث بصفات مشتركة وهي عدم امتلاكها للثروات الطبيعية وصغر مساحتها، ومرورها بفترة ركود اقتصادي خلال سنوات السبعينات والثمانينات، و تحقيقها لنمو اقتصادي في نفس فترة التسعينات وكذا تركيزها على تحسين التعليم وجذب الاستثمارات الأجنبية، وبذل جهود كبيرة لتوفير مناخ ملائم للأعمال التجارية بالإضافة إلى عامل مهم جداً وهو الدور الحكومي الواضح في دعم القدرات التنافسية لاقتصادياتها.

1- تـجربة سنغافورة :

تتربع على مساحة لا تتعدى 648 كلم2 يقطنها حوالي أربعة ملايين نسمة، تقع جنوب شرق أسيا ويطلق عليها مع دول أخرى بالمنطقة تسمية “نمور آسيا”، ونالت استقلالها سنة 1965، وهي دولة تفتقر إلى الموارد الطبيعية خاصة المياه، وتعاني من ظاهرة البطالة، كل هذه العوائق لم تمنع من احتلالها المراتب الأولى في التنافسية العالمية كونها إحدى الدول الأكثر قدرة على التنافس في العالم.

لكن كيف حققت سنغافورة ذلك ؟
يعزى نجاح سنغافورة في تطوير اقتصادها والوصول به إلى مستوى تنافسية عالِ، إلى السياسات التي أتبعتها طوال السنوات الماضية ونخص بالذكر :
1. وجود رؤية قوية وفعالة وواقعية للقيادة، تركز على النتائج وليس على الشعارات؛
2. تبنت سياسة اقتصاد السوق، وشجعت التجارة والاستثمار مما أدى بها إلى تحقيق متوسط نمو للاقتصاد يقدر بـ 10% حتى عام 1980 ثم 7% بعد ذلك، ومتوسط دخل للفرد الواحد يبلغ 32 ألف دولار أمريكي سنوياً، وهو من أعلى متوسطات الدخل في العالم، ووصل حجم التجارة السنوي ثلاث أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، فصادراتها ارتفعت من 19.7 مليار دولار أمريكي سنة 1980 إلى 120 مليار دولار أمريكي سنة 1995؛
3. تطبيق أسلوب مرن وتدريجي في التحول الاقتصادي، وإعادة صياغة السياسات كلما دعت الحاجة لذلك، وهذا تجاوبا مع تغيرات الظروف الدولية.
4. تضم الهيئات الحكومية الرئيسية والتي تقوم بتحديد الإستراتيجية الاقتصادية (مجلس التنمية الاقتصادية السنغافوري) ممثلين عن القطاع الخاص وممثلين للشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات.
5. توفير مناخ اقتصادي تنافسي وحر، حيث نجد أن المؤسسات الحكومية تقوم بتسهيل الاستثمار وليس إعاقته. وذلك عبر تخفيض الضريبة على دخل المؤسسات من 40% سنة 1986 إلى 26% حالياً، وتتساوي المؤسسات الأجنبية مع المؤسسات المحلية في مستوى الضريبة المطبق، عدم تطبيق سياسة حد أدنى للأجور مما شجع على التوظيف وحقق معدلات عليا للأجور. بالإضافة إلى تطبيق صارم لقوانين الحماية الفكرية حيث تسجل سنغافورة أدنى مستوى للقرصنة في آسيا.
6. تركيز الدولة على التعليم المرن خاصة التعليم الفني ورعاية رأس المال الفكري مما جعل سنغافورة في ريادة الدول القائم اقتصادها على المعرفة.
7. التحسين المستمر للبنية التحتية الأساسية والتكنولوجية (الموانئ، الطرق، المطارات، الاتصالات السلكية واللاسلكية)، وتحتل سنغافورة المرتبة الأولى في آسيا من حيث استخدام الكمبيوتر والبريد الالكتروني.
8. تتوفر سنغافورة على شبكة اتصالات متقدمة للغاية خصوصا في مجال التجارة الالكترونية.
2-تـجربة أيرلندا :

أيرلندا بلد صغير المساحة وتعداد سكانه 3.6 مليون نسمة، وعانت في العقود الماضية من بطالة كبيرة وركود اقتصادي، وعرفت ظاهرة العنف والحروب الأهلية، لكنها في عقد التسعينات استطاعت الخروج من هذه الوضعية، حيث حققت نمو اقتصادي بمعدل 8.9% سنويا خلال الفترة الممتدة من 1994 إلى غاية 1997، وانخفضت نسبة البطالة من 16% سنة 1993 إلى 6.6% في الوقت الحالي، وارتفع دخل الفرد إلى حدود متوسط الدخل في بريطانيا، كل هذا كان نتاج السياسات التي طبقتها أيرلندا خلال هذه الفترة ومن أبرزها :
1. أتسمت برؤية واضحة ومحددة لتشجيع الاستثمار الأجنبي، خاصة في مجال التكنولوجية المتقدمة.
2. سعت إلى الحد من البيروقراطية ورسخت بيئة تنظيمية واضحة لتشجيع التنافس.
3. خفضت العجز في الميزانية بإتباع رقابة صارمة على الأموال العامة، وكبحت جماح التضخم وسعت من أجل ضمان الاستقرار للاقتصادي الكلي.
4. رفعت مستوى التعليم ونوعيته والتركيز بالخصوص على البحث والتطوير الفعال وكذا المهارات الفنية العالية.
5. توسيع العلاقات التجارية مع العالم من خلال الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية الجهوية (الاتحاد الأوروبي) والمنظمات العالمية (منظمة التجارة العالمية).

3- تـجربة تونس :

يبلغ تعداد سكان تونس تسعة ملايين نسمة، وتتميز بصغر مساحتها وعدم توفرها على موارد طبيعية، لكنها استطاعت جذب استثمارات أجنبية قدرها 781 مليون دولار أمريكي عام 1980 ورفعتها إلى 5.2 مليار دولار أمريكي في عام 1997، وحققت معدل نمو سنوي قدره 4.8% خلال الفترة الممتدة من سنة 1990 إلى غاية 1997، ويعتبر القطاع الصناعي أكبر قطاع حقق نمو في تونس بمعدل 13% خلال سنوات1987 إلى 1997، وقد ساعد تونس على تحسين وضعيتها التنافسية العوامل التالية :
1. تحرير الاقتصاد والتجارة.
2. الاستقرار السياسي والاجتماعي.
3. تحسين الإجراءات الإدارية وتوفير مناخ جيد للاستثمار.
4. التركيز على الإبداع التكنولوجي والتكنولوجيا الحديثة، القدرة على المنافسة وعلى أهمية المشاركة في الأسواق العالمية.
5. تخفيض الضغط على الخدمات الاجتماعية نتيجة لانخفاض معدل النمو السكاني مما أدى إلى تحسين دخل الفرد.
6. انضمام تونس إلى المنظمة العالمية للتجارة، وتوقيعها اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي هو الأول من نوعه في أفريقيا والشرق الأوسط.
7. حماية الاستثمارات من الازدواج الضريبي وتطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية والصناعية.
8. الاهتمام الكبير بالتعليم من خلال تخصيص 25% من الميزانية السنوية.

خلاصة الفصل الأول :

خلاصة هذا الفصل تكمن في أن التنافسية أصبحت مهمة بالنسبة للمؤسسات كما بالنسبة للدول، حيث أصبحت تسعى كليهما لتحسين وضعيتهما التنافسية رغم أن معظم الاقتصاديين والهيئات الاقتصادية الدولية لم يتفقوا على تعريف موحد للتنافسية، والمؤشرات المستعملة في قياسها تدور حول معدل الدخل للفرد الواحد وكذا حجم التبادلات التجارية للدولة وتطورهما، والتي تعتبر نتيجة للمردودية المؤسسات وقدرتها على اقتحام الأسواق الدولية والصمود في وجه المنافسين الدوليين، وتركز كل مؤشرات التنافسية التي تعدها المنظمات والهيئات الدولية على عنصرين هامين وهما التطور التكنولوجي والإنفاق على البحث والتطوير، واستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، سواء على مستوى المؤسسات أو على مستوى الدولة في حد ذاتها.

التساؤل المطروح ما هو دور الاختراع والإبداع التكنولوجي في زيادة تنافسية المؤسسات، وهل هو وسيلة ضرورية لضمان بقاء واستمرارية المؤسسات في ظل اقتصاد السوق وزوال العوائق أمام تحرير التجارة، وهل الإنفاق على البحث والتطوير وسيلة لتجسيد هذا الاختراع والإبداع التكنولوجي ؛ وسنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات في الفصل الموال


شكرااا على هذا الموضوع لكنه طويل نوعاا ما ولكنه رااااااااااائع تعليم_الجزائر

merci khoyyya

البحث في غاية الروعة ويمكن الاستفادة منه وتحديث المعلوومات