مقدمــة
01 المبحث الأول: ماهيـة ميـزان المدفوعــات ……………………..
01 المطلب الأول: تعريف ميزان المدفوعات وتبيان أهميته………….
01 I- تعريف ميزان المدفوعات …………………………………..
01 II- أهمية ميزان المدفوعات …………………………………..
02 المطلب الثاني: المكونات والشكل العام لميزان المدفوعات……………….
02 I- مكونات ميزان المدفوعات ………………………………..
05 II- الشكل العام لميزان المدفوعات ……………………………
06 المبحث الثاني: المؤشرات الاقتصادية لميزان المدفوعات ………………………
08 المبحث الثالث: التوازن والاختلاف في ميزان المدفوعات ………………………
08 I- توازن ميزان المدفوعات ………………………………..
09 II- الاختلال الاقتصادي لميزان المدفوعات ……………………..
13 المبحث الرابع: آلية التسوية التلقائية ………………………………………..
13 I- آلية التسوية في ظل النظرية الكلاسيكية …………………..
14 II- آلية التسوية في ظل النظرية الكنزية ………………………
15 III- آلية التسوية عن طريق التدفقات النقدية الدولية …………….
الخاتمـة
مقـدمـــة:
من المعروف أن لكل دولة معاملاتها الخارجية، فالمقيمون فيها سواء كانوا شركات أو أفراد يقومون بالتصدير إلى والاستيراد من الدول الأخرى هذا بالإضافة إلى الخدمات، وينتج عن هذه المعاملات استحقاقات مالية متبادلة يتعين تسويتها عاجلا أم آجلا.
هذه الحقوق والالتزامات تقوم في الواقع بالنقود، ويتعين أداؤها في تاريخ معين، ومن هنا فعلى كل دولة أن تعد بيانا كافيا أو سجلا وافيا تسجل فيه مالها على الخارج من حقوق وما عليها نحوه من التزامات، هذا السجل هو ما يدعى (ميزان المدفوعات).
المبحث الأول: ماهيـة ميـزان المدفوعــات
المطلب الأول: تعريف ميزان المدفوعات وتبيان أهميته.
I- تعريـف ميـزان المدفوعـات:
تتعدد تعريفات ميزان المدفوعات، ولكنها تتفق جميعا في معنى واحد وهي أن ميزان المدفوعات لأي دولة لا يخرج عن كونه عبارة عن سجل تسجل فيه كل المعاملات الاقتصادية لدولة ما مع العالم الخارجي بين المقيمين في تلك الدولة وغير المقيمين خلال فترة زمنية معينة جرت العادة أن تكون سنة.
ويلاحظ على هذا التعريف الملاحظات التالية:
أن ميزان المدفوعات لا يخرج عن كونه سجل يصور في شكل حساب ذو جانبين، جانب دائن تسجل فيه كافة المتحصلات من العالم الخارجي وجانب مدين تسجل فيه كافة المدفوعات للعالم الخارجي.
يتم القيد في هذا السجل من خلال طريقة القيد المزدوج المعروضة في نظرية المحاسبة ويحدث نتيجة لذلك ما يسمى ببنود الموازنة أو الشكلين لميزان المدفوعات.
يقوم التسجيل في ميزان المدفوعات على أساس التفرقة بين المقيمين وغير المقيمين فالمقيمون هم الأفراد أو المؤسسات الذين تدوم إقامتهم داخل الحدود السياسية للدولة ويحصلون على دخولهم بصفة مستديمة من الدولة بصرف النظر عن جنسهم مثل وجود شخصا أجنبيا بينهم يقيم في مصر بصفة دائمة ويمارس نشاط اقتصادي مع الدول الأجنبية في هذه الحالة تعتبر معاملاته جزءا لا يتجزأ من المعاملات الدولية التي تدخل في ميزان المدفوعات للدولة المقيم فيها. أما غير المقيمين فهم الذين يقيمون إقامة مؤقتة مثل السائحين والدبلوماسيين وقوات الأمم المتحدة والهجرة للعمالة، وكل هؤلاء تسجل معاملاتهم في ميزان المدفوعات الذين ينتمون إليها وجاؤا منها فالسائح الإنجليزي في مصر هو مقيم بالنسبة لبريطانيا وغير مقيم بالنسبة لمصر.
إن ميزان المدفوعات تسجل فيه كافة المعاملات الاقتصادية مع العالم الخارجي سواء معاملات منظورة (سلع) أو معاملات غير منظورة (خدمات) أو تحويلات وحركة العمالة أو حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج
II- أهمية ميزان المدفوعات:
يحضى ميزان المدفوعات باهتمام السلطات العمومية ذلك أنه يمثل أهمية قصوى في مجالات عدة بحيث أنه:
– يقدم معلومات هامة عن درجة ارتباط الاقتصاد القومي باقتصاديات العالم الخارجي؛
– مساعدة واضعي السياسات الاقتصادية في توجيه أمور البلاد؛
– تعتبر بيانات المدفوعات أداة للتقييم والتفسير العلمي لكثير من الظواهر الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد العالمي؛
– يسمح بالتنبؤ بتطور أسعار الصرف؛
– يسمح بالحكم على الوضعية الاقتصادية والمالية للبلد خاصة في المدى القصير.
وبدون شك يعتبر ميزان المدفوعات واحد من أكثر القوائم الإحصائية أهمية بالنسبة لأي بلد، حيث أنه يبين المركز التجاري للبلد والتغيرات في صافي مركزه كمقرض أو مقترض دولي، والتغير في احتياطاته من الذهب
والعملات الأجنبية، فميزان المدفوعات يمكن أن يكون مفيدا جدا للسلطات النقدية للبلد، وهذا من خلال الحسابات الفرعية لميزان المدفوعات، مما يضطرنا إلى دراسة هيكل ميزان المدفوعات.
المطلب الثاني: المكونات والشكل العام لميزان المدفوعات
I- مكـونات ميـزان المدفـوعـات:
جرت العادة إلى تقسيم ميزان المدفوعات على مستقلة يضم كل منها متميزا من المعاملات الاقتصادية ذات الطبيعة المتشابهة أو المقاربة في أهدافها، ومن بين التقسيمات الشائعة فبهذا المجال تأخذ بالتقسيم الآتي لتميّزه بالوضوح والمنطقية.
1.I. حسـاب العمليـات الجاريـة:
هو ذلك الميزان الذي يضم كافة المعاملات الاقتصادية الدائنة والمدينة التي تتم بين المقيمين وغير المقيمين خلال فترة زمنية معينة وترتبط بالإنتاج والدخل خلال الفترة الزمنية محل الدراسة.
إذ يعتبر من أهم مكونات ميزان المدفوعات، ويشمل كل العمليات التي لها تأثير على الدخل الوطني (الصادرات والواردات من السلع والخدمات) ويضم حسابين فرعيين هما:
1.1.Iالميزان التجـاري: وينقسم بدوره إلى الميزان أو الحساب التجاري السلعي والميزان التجاري الخدمي.
أ. الميزان التجاري السلعي: ويطلق عليه أيضا ميزان التجارة المنظورة، ويضم كافة السلع والخدمات التي تتخذ شكلا ماديا ملموسا (الصادرات، الواردات من السلع المادية التي تتم عبر الحدود الجمركية).
ب. الميزان التجاري الخدمي: ويطلق عليه أيضا ميزان التجارة غير المنظورة، وتظم كافة الخدمات المتبادلة بين الدول (النقل، السياحة التأمين، دخول العمل، عوائد رأس المال).
أما من حيث القيد في ميزان المدفوعات فيمكن القول (إن كل عملية يترتب عليها طلب عملة البلد وعرض عملة بلد آخر تقيد في الجانب الدائن أو جانب الأصول، وكل عملية يترتب عليها عرض العملة الوطنية وطلب العملة الأجنبية تقيد في جانب الخصوم أو الجانب المدين).
حيث أنه كل عملية تؤدي إلى زيادة دائنية الدولة أو نقص مديونيتها تدرج ضمن جانب الأصول وكل عملية يترتب عليها زيادة مديونية الدولة ونقص دائنتها تدرج ضمن جانب الخصوم.
من المتعارف عليه دوليا أن الصادرات يتم تقييمها بطريقة فوب Fob والواردات يتم تقييمها على أساس نظام سيف Cif وأحيانا أخرى تقيم الصادرات بطريقة Fas.
2.1.I حسـاب التحويـلات الأحاديـة: يشمل كافة المعاملات الاقتصادية الدائنة والمدينة والملزمة لجانب واحد، وتتم بين المقيمين وغير المقيمين خلال فترة زمنية معينة، حيث أن هذا الحساب (تخصص للمعاملات التي يترتب عليها تحويل موارد حقيقية أو حقوق مالية من وإلى بقية دوال العالم دون أي مقابل).
ويشمل هذا الحساب بندين، الأول يتعلق بالهبات والتعويضات الخاصة، والثاني يتعلق بالهبات والتعويضات العامة، فالخاصة نجد فيها تحويلات الأفراد (بما فيها تحويلات المهاجرين إلى بلادهم الأصلية) والمنظمات النقدية منها والعينية، والعامة تندرج فيها كل التعويضات التي يعتبرها صندوق النقـد الدولي إجباريـة، وكذا الهدايا على أنواعها.
ومن أمثلة هذه المعاملات التعويضات طبقا للاتفاقيات الدولية المعقودة بين دولتين، كما حدث في ألمانيا الغربية وإسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، وكذا المنح للدول الآخذة في النمو.
ويمكن تحديد خصائص المعاملات الاقتصادية المدرجة في حساب المعاملات الجارية على النحو التالي:
ترتبط بالإنتاج والدخل خلال الفترة محل الدراسة؛
تتصف بالدورية والتكرار، ويتم بغض النظر عن حالات ميزان المدفوعات.
2.I حســاب رأس المــال:
ويضم كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصوصهم تجاه غير المقيمين، حيث أنه (يسجل حركات رؤوس الأموال بين البلد وبقية العالم التي ينشأ عنها في مركز دائنية أو مديونية البلد الخارجية، وكذلك التغيرات في الأصول الاحتياطية الرسمية للبلد).
1.2.I حسـاب رأس المـال طويـل الأجـل: يشمل كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم غير المقيمين، والتي يزيد عمرها عن عام، ومن بين أهم بنود حركات رؤوس الأموال طويلة الأجل، استثمارات المحفظة المالية، الاستثمارات المباشرة، القروض التجارية عند التصدير وعند الاستيراد وكذا القروض الأخرى.
2.2.I حسـاب رأس المـال قصيـر الأجـل: يشمل كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم اتجاه غير المقيمين والتي لا يزيد عمرها عن عام.
ويتمثل في التغيرات الطارئة على الالتزامات (الخصوم مثل أرصدة الخارج من العملة المحلية والودائع الأجنبية في بنوك محلية، أذونات الخزانة، قروض قصيرة الأجل الممنوحة لهيئات حكومية أو مصرفية، وكذا التغيرات الطارئة على الأصول مثل الأرصدة الدائنة في نطاق اتفاق الدفع الدولية، القروض التي يمنحها القطاع الرسمي والبنوك بالخارج، وأرصدة القطاع الرسمي والبنوك من الصرف الأجنبي.
(كما يشكل هذا الحساب على… وفي الغالبية تتم حركات رأس المال قصير الأجل لتسوية ما يحدث بين المقيمين من عمليات في حساب العمليات الجارية وحساب رأس المال طويل الأجل).
وتتم تحركات رؤوس الأمـوال قصيرة الأجل لأغـراض عديدة منها: التهرب من الظـروف غيـر الملائمة، تحقيق ربح أكبر، المضاربة.
3.2.I حسـاب الذهب والصـرف الأجنبي: ويضم هذا الحساب كلا من تحركات الذهب للأغراض النقدية، وكذا رصيد الحملات الأجنبية والودائع الجارية، وحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي الدائنة والمدينة.
ويمكننا تحديد خصائص المعاملات الاقتصادية المدرجة في حساب رأس المال على الوجه التالي:
• جميع هذه المعاملات لا ترتبط والدخل خلال فترة محل الدراسة؛
• تتصف بنود حساب رأس المال طويل الأجل بالدورية والتكرار أما بنود رأس المال قصير الأجل وميزان الذهب والصرف الأجنبي فهي بنود تعويضية تتحرك في الغالب لتحقيق قضية التكافؤ الحسابي لميزان المدفوعات.
3.I. حسـاب السهـو والخطـأ:
إن التسجيلات في الجانب الدائن والمدين قد لا تكون متماثلة نظرا لكون مصادر المعلومات المعتد تختلف وتتعد، ولهذا قد يحدث وأن يكون مجموع المبالغ الدائنة لا يساوي مجموع المبالغ المدنية، والفرق بينهما يمثل القيمة التي تسجل في حساب السهو والخطأ، كي يصبح ميزان المدفوعات متزنا حسابيا، كما يعرف هذا الميزان أيضا بحساب التعديلات.
II. الشكل العام لميزان المدفوعات:
جـدول يوضح تركيبة ميزان المدفوعات حسب صندوق النقد الدولــي.
البيـــان مـــدين دائـــن
I- حساب العمليات الجارية
1. السلـع والخدمـات:
أ. السلـع:
– سلـع عامـة؛
– سلع مستوردة أو مصدرة للتنقل…
ب. الخـدمـات:
– النقـل:
• النقل البحري.
– الأسفـار:
• أسفار الموظفين…
– خدمات الاتصال…
2. الـدخـــل:
– تعويضـات الأجـراء؛
– دخـل الاستثمـارات.
3. التحـويـلات الجاريـة:
– الإدارات العامة، قطاعات أخرى.
II- حسـاب رأس المـال والعمليات الماليـة:
1. رأس المــال:
أ. التحويلات الرأسمالية:
– الإدارات العامة؛
– قطاعات أخرى…
ب. الاستلام والتنازل عن الموجودات غير المالية وغير الإنتاجية.
2. العمليـات الماليـة:
أ. الاستثمار المباشر؛
ب. الاستثمار في القيم المنقولة.
III. جساب السهو والخطأ وبنود الموازنة الأخرى
المصــدر: FMI, Manuel de la Balance de paiement op.cité, Page 46-51.
المبحث الثاني: المؤشـرات الاقتصاديـة لميـزان المدفوعـات
المؤشـرات الاقتصاديـة لميـزان المدفوعـات:
يمكن معرفة الوضعية الاقتصادية لبلد ما عن طريق ميزان مدفوعاته، وهذا بفضل مؤشراته الاقتصادية تستخرج أو تستنتج من أرصدة الموازين الفرعية التي رأيناها سابقا.
1. علاقـة الميزان التجاري بالاقتصاد الكلي:
لدينا العلاقة التالية والتي تحقق المساواة بين الموارد والاستخدامات في اقتصاد ما:
Y = C + I + (X – M) …………(1)
حيـث:
Y: الإنتاج من السلع مقيما بالناتج الداخلي الخام (PIB) بسعر السوق في فترة معينة؛
C: الاستهلاك الداخلي الخاص والعمومي؛
I: الاستثمار الداخلي الخاص والعمومي؛
X: الصادرات من السلع؛
M: الواردات من السلع.
من العلاقة (1) يمكن استنتاج ما يلي:
Y – (C + I ) = X – M …………(2)
حيـث:
C + I: تمثل الاستخدامات الداخلية ونرمز لها بـ (EL) ومنه:
Y – EL = X – M ………..……(3)
حيـث:
Y – EL: تمثل الفائض أو العجز في الناتج الداخلي.
X – M: يمثل رصيد الميزان التجاري
فإذا حقق البلد فائض من الناتج الداخلي (Y – EL > 0) فهذا يعني أن الاستخدامات الداخلية مغطاة كلها بجزء من الناتج الداخلي الخام ويوجه الباقي منه (الفائض) إلى التصدير، وهو ما يفسر الرصيد الموجب للميزان التجاري في هذه الحالة (X – M > 0).
2. معــدل التغطيــة (TC):
وهو عبارة عن نسبة الصادرات (X) إلى الواردات (M) من السلع.
TC = (X/M) x 100…………(4)
هذا المعدل بين مدى قدرة الإيرادات الآتية من الصادرات على تغطية المدفوعات الناتجة عن الواردات، فإذا كان هذا المعدل أصغر من المئة (100) فهذا يعني أن قيمة الصادرات لا تغطي قيمة الواردات ولذا يجب على البلد البحث عن موارد أخرى لتمويله وإدارته.
3. معــدل التبعيـة (TD):
وهو عبارة عن نسبة الواردات من السلع (M) إلى الناتج الداخلي الخام (PIB).
TD = (M/PIB) x 100…………(5)
وكلما كان هذا المعدل أصغر بكثير يعني أن هذا البلد ليست له تبعية وطيدة للخارج.
4. معــدل القـدرة على التصـدير(TE):
وهو عبارة عن نسبة الصادرات من السلع (M) إلى ناتج الخام الداخلي (PIB).
TE = (X/PIB) x 100…………(6)
وكلما كان هذا المعدل كبيرا فإن ذلك يدل أن للبلد قدرات كبيرة للاعتماد على قطاع التصدير.
5. معــدل القـدرة على سداد الواردات (CRM):
هذا المعدل يقيم بعدد الأيام، حيث كلما كان عددها أكبر فإن ذلك يعني أن البلد قادر على تسديد فاتورة وارداته في أقرب الآجال ومن المستحسن أن لا يقل عن تسعين (90) يوما وثلاثة (03) أشهر وهو عبارة عن نسبة المخزون من احتياطي الصرف (RC) إلى الواردات من السلع (M).
CPM = (RC/M) x 360 Jours…………(7)
6. العــلاقة بين العجـز في الميزان الجاري والناتج الداخلي الخام:
يمكن قياس العلاقة بين رصيد ميزان العمليات الجاري والناتج الداخلي الخام بالعلاقة التالية: Boc/PIB
حيـث:
Boc: يمثل رصيد ميزان العمليات الجاري.
وعموما إذا كان هذا المعدل يعادل (5%) فهو يعتبر عاديا حسب آراء الخبراء، أما إذا تجاوز (5%) فإن الوضعية الاقتصادية للبلد تصبح حرجة نوعا ما، حيث أن احتياطيات التمويل في هذا البلد تستدعي الاستدانة.
المبحث الثالث: التـوازن والاختـلال في ميـزان المدفوعات
يعتبر ميزان المدفوعات من الناحية المحاسبية دائما متزنا نتيجة لمبدأ القيد المزدوج المتبع عند تسجيل كل عملية وبالتالي فإن الاختلال المقصود به الذي يمس هذا الميزان هو الاختلال الاقتصادي، حيث أن التوازن الاقتصادي تفسره عمليات معينة (عمليات تلقائية وعمليات موازنة) ومنه يظهر العجز أو الفائض (الاختلال) في ميزان المدفوعات.
I. تــوازن ميزان المدفوعات:
1.I. التوازن الحسابي لميزان المدفوعات:
إن القرارات المتعلقة بالاستيراد والتصدير السلعي، وكذا حركات رؤوس الأموال، إما تصدر عن العديد من الأفراد والمؤسسات والهيئات، مما يجعل من السعير أن تتلاقى أهداف المصدرين مع المستوردين، وكذا أهداف مستوردي ومصدري رؤوس الأموال، وبالتالي فإنه من الصعب تساوي أن تشهد الحسابات الفرعية لميزان المدفوعات توازنا بين الجانب الدائن والمدين.
بالرغم من صحة القاعدة السابقة والمتعلقة بعدم توازن الحسابات الفرعية لميزان المدفوعات، إلا أن القيمة الكلية للجانب الدائن لابد أن تساوي القيمة الكلية للجانب المدين لميزان المدفوعات، وهذا التساوي يتم بفضل حركة رؤوس الأموال قصيرة الأجل وحركات الذهب، فإذا كان حساب العمليات الجارية يحقق فائضا فإن حساب رأس المال يحقق عجز بنفس القيمة وحتمية التوازن الحسابي ما هي إلا انعكاس لنظرية القيد المزدوج “رصيد الميزان التجاري + ميزان التحويلات من جانب واحد + رصيد ميزان رأس المال”.
2.I التوازن الاقتصادي لميزان المدفوعات:
إن فكرة التوازن الحسابي لميزان المدفوعات لا يعني أن البلد لا يواجه صعوبات في المدفوعات بل على العكس، فالتوازن الحقيقي (الاقتصادي) لميزان المدفوعات يستلزم فئات معينة من البنوك الدائنة والمدينة، فالفائض والعجز يعرف بدلالة مجموعة معينة من البنود، ولكي نتعرف على هذه البنود لابد من التمييز بيم نوعين من العمليات:
النــوع الأول: ويعرف بالعمليات المستقلة وهي التي تنشأ من تلقاء نفسها وليس لظهور عجز أو فائض في ميزان المدفوعات (… وتتمثل في عمليات الحساب الجاري، وحساب رأس المال طويل الأجل، وحركة رأس المال قصيرة الأجل بفرض المضاربة فقط، وحساب التحويلات من جانب واحد وحساب الذهب للأغراض التجارية فقط).
النــوع الثانـي: ويعرف بعمليات الموازنة أو التسوية ويعرف كذلك بالعمليات التعويضية أو الوقائية وتظهر عند ظهور فائض أو عجز في ميزان المدفوعات بقصد الموازنة (… وتتمثل في حركة رؤوس الأموال قصيرة الأجل في شكل قروض أو تغير في طبيعة الأرصدة الأجنبية، وفي حركة الذهب للأغراض النقدية).
ويوصف ميزان المدفوعات بأنه متوازن أو مختل اقتصاديا عندما تؤخذ بالحسبان العمليات التلقائية أو المستقلة أي إذا كان جانبها الدائن والمدين متساويين يعتبر متوازنا، أما إذا زاد الجانب الدائن أو المدين على الآخر يعتبر ميزان المدفوعات مختلا، وللاختلال صورتان هما:
الفائــض: وذلك عندما يزيد الجانب الدائن لهذه العمليات عن الجانب المدين، ويوصف الميزان بأنه موجب في صالح الدولة.
العجــز: وذلك عندما يزيد الجانب المدين لهذه العمليات عن الجانب الدائن، ويوصف الميزان هنا بأنه سلبي في غير صالح الدولــة.
II. الاختـلال الاقتصـادي لميـزان المدفوعـات:
يلجأ عادة إلى تقسيم بنود ميزان المدفوعات وفقا لعناصره التي يمكن اتخاذها كأداة لقياس حالة التوازن الاقتصادي أو عدمه إلى قسمين:
معامــلات اقتصاديـة فوق الخـط: حيث ينظر إليها كمصدر الخلل في ميزان المدفوعات وهذا طبعا في حالتي الفائض والعجز.
معامــلات اقتصاديـة تحت الخـط: حيث ينظر إليها كمجموعة الإجراءات التي تتخذها السلطات العمومية لمعالجة الخلل، وهذا بناء على العمليات الاقتصادية فوق الخط.
1.II معاييـر تقدير الاختــلال:
هناك عدة طرق لقياس مقدار العجز أو الفائض في ميزان المدفوعات.
1.1.II الميـزان الصافـي للسيولـة: ويعتبر أقدم المعايير في قياس مقدار العجز والفائض في ميزان المدفوعات وطبقا لهذا المعيار فإن المعاملات الاقتصادية الواقعة فوق الخط تتمثل في حساب المعاملات الجارية بالإضافة إلى حساب رأس المال طويل الأجل وكذا قصير الأجل أما المعاملات الاقتصادية تحت الخط تتمثل في الاحتياطيات المركزية من الذهب والصرف الأجنبي.
ويحقق ميزان المدفوعات فائضا إذا كانت المعاملات الاقتصادية الدائنة أكبر من المعاملات الاقتصادية المدينة، مع استبعاد حركات الذهب والعملات الأجنبية الدائنة والمدينة حيث أ، حساب الاحتياطي من الذهب والصرف الأجنبي يستعمل في عملية معادلة ميزان المدفوعات حسابيا.
2.1.II الميــزان الشامـل للسيولـة: يعطي هذا المعيار أهمية للدور الذي تلعبه احتياطات البنوك من الذهب والصرف الأجنبي فالمعاملات الاقتصادية الواقعة فوق الخط تتمثل في حساب المعاملات الجارية مع حساب رؤوس الأموال طويلة الأجل، وكذا حساب رأس المال قصير الأجل بعد استبعاد الحقوق والالتزامات الخارجية للبنوك التجارية، أما المعاملات الاقتصادية الواقعة تحت الخط فتشمل الاحتياطات المركزية من الذهب والصرف الأجنبي وكذا الاحتياطات من الذهب والصرف الأجنبي لدى البنوك التجارية.
ويكتسب هذا المعيار أهميته البالغة عندما تكون احتياطات الذهب والصرف الأجنبي تخضع لرقابة البنك المركزي.
3.1.II الميــزان الأســاسـي: يتميز هذا الأسلوب من المعاملات الاقتصادية التي لها صفة الدورية والتكرار والمعاملات الاقتصادية التي لا تملك هذه الصيغة وطبقا لهذا المعيار فإن المعاملات الاقتصادية فوق الخط تشمل كل من حساب المعاملات الجارية وحساب رأس المال طويل الأجل، بينما المعاملات الاقتصادية تحت الخط فتتمثل في حساب رأس المال قصير الأجل والاحتياطات من الذهب والصرف الأجنبي.
4.1.II ميــزان المعاملات الاقتصادية المستقلة: (يعتمد هذا الأسلوب الذي اقترحه صندوق النقد الدولي عام 1949م على التفرقة بين مجموعة المعاملات الاقتصادية المستقلة ومجموعة المعاملات الاقتصادية التابعة أو التعويضية).
ويقصد بالمعاملات المستقلة تلك المعاملات التي تتم بغض النظر عن حالة ميزان المدفوعات وطبقا لهذا المعيار فإن المعاملات الاقتصادية فوق الخط تشمل حساب المعاملات الجارية وحساب رأس المال الخاص طويل الأجل،وبعض حركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل بهدف المضاربة مثلا أو هروبا من عدم الاستقرار، بينما المعاملات الاقتصادية تحت الخط فتتمثل في حساب رأس المال الطويل والقصير الأجل التابع وكذا حساب الذهب والصرف الأجنبي.
5.1.II التوازن السوقي لميزان المدفوعات: ظهر هذا المعيار في ضوء الانتقادات الموجهة إلى المعايير الأربعة السابقة، حيث يقترح كبديل عن المعايير السابقة، أن تخضع التوازن الاقتصادي لمعايير قوى السوق ممثلة في الطلب وعرض الصرف الأجنبي.
حيث أن ميزان المدفوعات يكون متوازنا اقتصاديا عندما يتساوى أو يتطابق عرض الصرف الأجنبي مع الطلب عليه خلال الفترة محل الدراسة.
2.II أنــواع الاختــلال وأسبــابه:
قد يحدث أن تمر الدولة بظروف داخلية وخارجية من شأنها إحداث اختلال في ميزان المدفوعات سواء في صورة فائض أو عجز، وهذا الاختلال يتخذ صورا مختلفة بحسب مصدره وأسبابه.
1.2.II. أنــواع الاختــلال:
– الاختلال الموسمي: ويحدث في البلدان التي تعتمد صادراتها على منتجات موسمية في فترة معينـة من السنـة، فيحدث مثلا في البلدان الزراعية التي تعتمد على محصول واحد كأهم صادراتها، وبالتالي يكون اختلال ميزان المدفوعات في موسم ما، بينما يعود للتعادل خلال الفترة محل الدراسة.
– الاختلال الطبيعي (العارض): ناجم على أسباب طارئة أو عارضة، سرعان ما تتلاشى بزوال الأسباب التي أفضت إلى حدوثه دون الحاجة إلى تغيير أساسي في الجهاز الاقتصادي للدولة، وفي سياستها الاقتصادية، كتعرض المحصول الزراعي لإحدى الكوارث في إحدى السنوات مما يقلل من حجمه أو من جودته، وهو اختلال مؤقت يزول بزوال السبب الذي أوجده، ويمكن مواجهته بالديون قصيرة الأجل أو الموارد الخاصة.
– الاختلال الدوري: يحدث هذا النوع من الاختلالات عادة في البلدان الرأسمالية، إذ يرتبط بفترات الرخاء الاقتصادي، فحدوث العجز أو الفائض يعكس اختلالا دوريا نسبة إلى الدورة الاقتصادية، وتساهم التجارة الخارجية بقسط كبير في انتقال هذه التقلبات من دولة إلى دولة أخرى (ويكون علاج الاختلال الدوري بإتباع السياسة الاقتصادية الداخلية المناسبة كالسياسات المالية والنقدية والمصرفية).
– الاختلال الاتجاهي: هو ذلك الاختلال الذي يظهر في الميزان التجاري على وجه الخصوص، ويصيب عادة موازين مدفوعات الدول النامية السائرة في طريق النمو، باعتبار أنه خلال الفترات الأولى من التنمية الأولى يزداد الطلب على الواردات من المواد الأولية والتجهيزات الإنتاجية والسلع الوسيطة، دون أن يقابل ذلك نفس الوتيرة من الصادرات، وعندها يحدث الاختلال الذي يتم تسويته عن طريق تحركات رؤوس الأموال.
– الاختلال المرتبط بالأسعار: قد يعود اختلال ميزان المدفوعات إلى العلاقة بين الأسعار الداخلية للدولة والأسعار الخارجية، فارتفاع وانخفاض الأسعار الداخلية عن مستوى الأسعار الخارجية يؤدي إلى وجود فائض أو عجز في ميزان المدفوعات. (أيا كان سبب الاختلال المتصل بالأسعار فإنه يمكن علاجه بتعديل سعر الصرف حيث يتناسب مع العلاقة بين الأسعار الداخلية والأسعار العالمية…).
– الاختلال الهيكلي (دائــم): وينتج عن تغير أساسي في ظروف العرض والطلب في الداخل والخارج.
– الاختلال الأساسي: ورد عن صندوق النقد الدولي (أنه متى اقتنع الصندوق، بناء على طلب العضو أن ثمة اختلال أساسي ظاهر أو مكبوت في ميزان المدفوعات فإنه يجيز له تغيير سعر التعادل…).
وينتج من هذا أنه في حالة الرقابة على سعر الصرف وكذا التجارة الخارجية، فإن التوازن يكون ظاهريا فقط في ميزان المدفوعات ويخفي وراءه اختلال مكبوتا.
2.2.II. أســباب الاختــلال: تمر الدول بظروف معينة من شأنها إحداث الاختلال في موازين مدفوعاتها، سواء في صورة عجز أو فائض، وهذا الاختلال يأخذ صورة مختلفة بحسب مصدره والأسباب التي ينشأ عنها ومن بينها:
• عوامل لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها، ومعالجتها عن طريق التدخل الحكومي والسياسات المالية والنقدية كالتضخم والانكماش وانتقالها من دولة إلى أخرى.
• إقدام الدول السائرة في طريق النمو على استيراد الآلات والتجهيزات وغيرها من السلع والخدمات المختلفة حيث تقوم بتمويلها بقروض طويلة الجل معقودة مسبقا.
• أسعار الصرف الأجنبية، حيث أنها تربط بين مختلف مستويات الائتمان في الدول المختلفة، فإذا كان سعر الصرف مرتفعا بالمقارنة مع الأثمان السائدة، فإننا سنقع في عجز في ميزان المدفوعات، وبالعكس إذا كان سعر الصرف منخفضا بالمقارنة مع الأثمان السائدة فإننا سنقع في حالة فائض.
• التغيير في ظرف العرض والطلب، فاكتشاف مادة أولية جديدة مثلا، يؤدي إلى زيادة الطلب عليها بالمقارنة مع المادة التي تستعمل سابقا. كما حدث عند اكتشاف البترول عند الدول العربي.
(إذا استمر العجز في ميزان المدفوعات لعدد من السنوات بسبب بعض الظروف الاقتصادية غير الملائمة التي تسيطر على النشاط الاقتصادي بصفة مستمرة، فإنه يعادل لدى البلد عجز دائم أو عجز أساسي، حيث أن له بعض الجذور في النشاط الاقتصادي للبلد… ونشاهد ظاهرة العجز الدائم أو الاختلال في موازين معظم البلدان المتخلفة… وقد أمكن لبعض البلدان المتخلفة تغطية بعض العجز في ميزان مدفوعاتها عن طريق الاقتراض طويل الأجل من الخارج… إن تقرير الأمم المتحدة عن التجارة والتنمية في عقد الستينات أشار إلى أن التدفقات النقدية الرأسمالية من البلدان المتخلفة بسبب ضرورة سداد الفوائد المستحقة على القروض الأجنبية وسداد أقساط هذه القروض).
إن القصور الرئيسي في نظام النقد الدولي الحالي يجعل من الدول أن تكون على غير مستعدة لقبول وسائل الموازنة التي يقتضيها هذا النظام، فهي تعمل على تجميد وسائل العلاج والتقليل من آثارها، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن معالجة هذا الاختلال؟ هل هناك قوة تلقائية من شأنها إعادة التـوازن؟
المبحث الرابع: آليــة التسويـة التلقائيـة:
يرى معظم الاقتصاديين في النظام النقدي الدولي أن أغلبية الدول لا تقبل بوسائل الموازنة (التخفيض، التعويم.. إلخ)، التي يقتضيها هذا النظام، إذ تعمل على التجميد أو التقليل من تنفيذ البرامج المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، مما يؤدي إلى استمرار الاختلال إضافة إلى التأثير على مستوى احتياطات الصرف والعملات الصعبة للدولة وفي حالة ما إذا كانت الدولة تعمل بنظام سعر الصرف الثابت فهناك آليات تلقائية تتجه بميزان المدفوعات نحو التوازن.
I. آليـة التسويـة في ظل النظريـة الكلاسيكيـة:
(تتلخص النظرية الكلاسيكية في أن توازن ميزان المدفوعات لدولة ما يتم نتيجة لتغيرات الأسعار في الداخل والخارج والأمر الذي يؤثر على حجم التصدير والاستيراد).
وتقوم على الفرضيات التالية:
• ثبات أسعار الصرف؛
• حرية دخول وخروج الذهب وتحويله إلى عملات والعكس؛
• حيادية النقود بحيث لا تؤثر على المتغيرات الاقتصادية بل فقط على مستوى أسعار السلع؛
• مرونة أسعار الصادرات والواردات؛
• مستوى التشغيل الكامل وبالتالي يكون الدخل في أعلى مستوياته؛
• مرونة الطلب على السلع والخدمات المنتجة محليا والمستوردة من الخارج.
وتنطلق هذه النظرية من العلاقة الطردية بين الكتلة النقدية المتداولة وكمية الذهب، إضافة إلى كون أن أي تغير في الكتلة النقدية يؤثر على مستوى الأسعار، فالفائض في ميزان المدفوعات تتولد عنه حركة الذهب والاحتياطات النقدية الأخرى باتجاه الدولة صاحبة الفائض لتسويته، وبالتالي يرتفع مستوى احتياطاتها الدولية.
مما يجعل مستوى الكتلة النقدية يرتفع هو الآخر مولدا في ذات الوقت ارتفاعا في الأسعار المحلية، وبهذا تصبح أسعار الصادرات مرتفعة مما يؤدي انخفاض حجمها وارتفاع حجم الواردات، ويستمر الوضع إلى أن يحدث التوازن في الميزان، أما في حالة العجز فتتولد عنها حركة للذهب والاحتياطات النقدية من الدولة صاحبة العجز باتجاه الخارج لتسوية العجز، وبالتالي ينقص مستوى احتياطاتها مما يجعل مستوى الكتلة النقدية ينخفض هو الآخر مولدا انخفاضا في الأسعار المحلية فينتعش حجم الصادرات وينخفض حجم الواردات مما يؤدي بالميزان إلى الميل للتوازن.
ويميز التقليديون والتقليديون الجدد بين ثبات أسعار الصرف وحرية الصرف، حيث عند الثبات فإن أسعار السلع والخدمات، وكذا أسعار الفائدة الداخلية والخارجية هي التي تقوم بدور إعادة التوازن، وفي حالة حرية الصرف فأسعار الصرف هي التي تقوم بهذا الدور.
وقد وجهت انتقادات لهذه النظرية تتمثل أساسا في أن فرضياتها غير مطابقة للواقع الاقتصادي الحالي، كما يوجد تناقض بين تحقيق الاستقرار في الأسعار الداخلية وتوازن ميزان المدفوعات، وقد استمر العمل بهذه النظرية حتى الحرب العالمية الثانية إلى أن أتى العالم الاقتصادي “كيتر” بنظرية الدخل وفسّر كيفية إعادة التوازن عن طريق تغيرات الدخل.
II.آليــة التسوية في النظريـة الكينزيـة:
(ومضمون هذه النظرية أن الاختلال في العلاقات الاقتصادية الدولية يؤدي إلى إحداث تغيرات في حجم الدخل القومي والتشغيل في كل دولة من الدول التي أصابها الاختلال).
تعتمد النظرية الكينزية في تحليلها لتوازن ميزان المدفوعات على فكرة أساسية وهي أن الاختلال يؤدي إلى تغير حجم الدخل الوطني ومستوى التشغيل معتمدة في ذلك على الميل الحدي للاستيراد ومضاعف التجارة الخارجية، فعن طريق المضاعف تؤثر الصادرات على مستوى الدخل، وهذا الأخير يؤثر على مستوى الواردات عن طريق الميل الحدي للاستيراد، وترتكز هذه النظرية على الفرضيات التالية:
• الدخل الوطني يستقر عند مستوى أقل من التشغيل الكامل للموارد؛
• الأسعار مرنة وتكون في اتجاه تصاعدي فقط.
(وفي تفسيره للتوازن يعتمد كينز على فكرتين أساسيتين للاستيراد ومضاعف التجارة الخارجية، أما الميل الحدي للاستيراد فيعبر عن العلاقة بين مقدار التغير في الواردات، زيادة أو نقصانا، ومقدار التغير في الدخل بالزيادة أو النقصان. فهو النسبة بين التغير في الواردات والتغير في الدخل القومي، وأما مضاعف التجارة الخارجية فالمقصود به هو نسبة التغيير في الدخل القومي إلى ذلك التغير الذاتي أو الأصلي في الإنفاق الذي تحقق عن طريق تحقيق فائض أو تسبب في حدوث عجز في ميزان مدفوعات الدولة مع الدولة الأخرى، وهكذا توجد علاقة تبادلية بين الدخل القومي وميزان المدفوعات).
ففي حالة الفائض لما تكون الصادرات أكبر من الواردات فإن الإنفاق على السلع والخدمات المنتجة محليا يزداد مما يؤدي إلى زيادة الدخل الوطني بمقدار الزيادة في الصادرات مرجحة بمضاعف التجارة الخارجية، هذا الارتفاع في الدخل يؤدي إلى زيادة الواردات عن طريق أثر الميل الحدي للاستيراد وهكذا يميل الفائض إلى الزوال.
أما في حالة العجز فإن الإنفاق على السلع والخدمات المنتجة محليا ينخفض مما يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني بمقدار الانخفاض في الصادرات مرجحا مضاعف التجارة الخارجية، هذا الانخفاض في الدخل وبفضل الميل الحدي للاستيراد يؤدي إلى انخفاض الواردات وهكذا يميل العجز إلى الزوال.
لكن هذه النظرية تجعل العلاقة بين تغير الإنفاق وتغير الدخل تلعب دورا أساسيا في إحداث التوازن وتتجاهل العوامل الأخرى، ومن جملة الانتقادات الموجهة ما يلي:
• لا يوجد ضمان لتحقيق التوازن تلقائيا بسبب تغيرات الدخل الوطني، إذ يمكن أن يمص الادخار جزء من الزيادة التي حدثت في الدخل؛
• تعتمد على التحليل الساكن، إذ تغض النظر عن زيادة الطاقة الإنتاجية وتكتفي بالطاقة العاطلة التي افترض كينز وجودها.
III.آليــة التسوية عن طريق التدفقات النقدية الدولية:
(إن نظرية إعادة التوازن الخارجي عن طريق التأثير في الدخول أو الائتمان لا تأخذ بالحسبان أثر التدفقات المالية، ومع ذلك تسهم هذه في المحافظة على توازن المدفوعات الدولية بنفس الدرجة التي تسهم بها تدفقات السلع والخدمات. وانطلاقا من حالة التوازن في دولة ما لابد من أخذ مسألتين في الاعتبار، الأولى هي احتمال حدوث ردود فعل تشكل تغير تلقائي في التدفقات المالية قادرة على تصحيح هذا التغيير، أو تعويضه بحركة مماثلة في رصيد المعاملات الجارية، والثانية هي احتمال أن يعقب التغير المستقبلي في رصيد المعاملات الجارية معوضة في التدفقات المالية).
والتغير التلقائي في التدفقات المالية قد يكون نتيجة استثمارات خارجية طارئة في الدولة، أو نتيجة زيادة المعونات للدول النامية، أو نتيجة ائتمان مصرفي، أو أي نوع آخر من العمليات التي رأيناها سابقا.
إن الفائض في ميزان المدفوعات يؤدي إلى ارتفاع السيولة في البلد الذي حقق فائضا، هذه السيولة تؤدي إلى زيادة العرض من الأموال المتاحة للإقراض مسببة في ذلك انخفاضا في معدلات الفائدة، وبالتالي خروج رؤوس الأموال من البلد ومن ثم الإسهام في عودة التوازن إلى ميزان المدفوعات.أما العجز في الميزان فيؤدي إلى انخفاض السيولة ثم انخفاض عرض رؤوس الأموال وبالتالي ارتفاع معدلات الفائدة مما سبب دخولا لرؤوس الأموال اتجاه البلد صاحب العجز، وبهذا يعود التوازن إلى ميزان المدفوعات.
رغم أن آليات التسوية تبدو منطقية، إلا أن الفرضيات التي ترتكز عليها أصبحت غير محققة حاليا، كون أن الاختلال وزيادة حدة آثاره السلبية.
لذا لابد من اللجوء إلى حلول أخرى تتمثل في إجراءات تتخذها السلطات النقدية لمعالجة الاختلال في ميزان المدفوعات، هذه الإجراءات تتمثل في سياسات التسوية أو التعديل والتي تختلف عن آليات التسوية التلقائية في كونها تكون من طرف السلطات وليس قوى السوق.
الخاتمـة
ومما سبق فإن ميزان المدفوعات يظهر المركز المالي للدولة اتجاه بقية دول العالم ومستوى النشاط الاقتصادي، وقد يتعرض هذا النظام إلى الاختلال مؤقتا كان أم دائما، ففي حال إتباع الدولة لنظام صرف مرن فإنه أن يستمر نظرا لأن نظرية التسوية التلقائية تبدأ في إعادة التوازن تدريجيا.
إلاّ أن هذه التسوية تبدو غير ممكنة في حالة إتباع البلد لنظام الصرف الثابت مما قد يؤدي إلى استمرار الاختلال وزيادة حدة آثاره السلبية، لذا لابد من اللجوء إلى حلول تتمثل في إجراءات تتخذها السلطات النقدية لعلاج الاختلال في ميزان المدفوعات.
وكمثال
في أخر تصريح للسيد رئيس الحكومة الجزائرية بشأن المركز المالي للجزائر يقول: (إن ميزان المدفوعات الجزائري حقق فائضا موجبا مهما جدا)
فهل هذا يعني أن الجزائر في حالة استقرار ونمو اقتصادي؟
قـائمـة المـراجـع
1. : محمود يونس
2. : سامي عفيفي حاتم
3. : محمد عبد العزيز عجمية
4. : زينب حسين عوض الله
5 – مذكرة تخرج .
شـرح بعض المصطلحـات:
1-Fob: أي لا تتضمن قيمتها مصاريف النقل والتأمين والشحن Free On Board
2- Cif: نظام Fob + تقنيات النقل + التأمين + الشحن Cost Insurance Free
3-Fas: تستبعد نفقات الشحن، وتضم نفقات التأمين والنقل Free Alongsid Ship
4- حساب الذهب والصرف الأجنبي: يشمل هذا الحساب صادرات وواردات الذهب المستخدم للأغراض النقدية والمدفوعات الدولية، فإذا تبادل الذهب في أغراض صناعية أو تجارية، أي لأغراض سلعية يدرج في حساب تجارة متطورة.
5- حقوق السحب الخاصة: عبارة عن قيود دفترية في دفاتر صندوق النقد الدولي، وقد استحذف هذا النظام لأول مرة عام 1870 بهدف مساعدة الدول التي تعاني من العجز في ميزان مدفوعاتها.
6- TC: Taux de couverture معدل التغطية.
7- TD: Taux de Dépendance معدل التبعية.
8- TE: Taux d’effort d’exportation معدل القدرة على التصدير.
9- CPM: La caoacité payer les importations معدل القدرة على سداد الواردات