التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

الجاري على فعله من التعبيرات النحوية

تختلف التعبيرات النحوية، واليوم نعيش مع أحد هذه التعابير ألا وهو “الجاري على فعله في كتب مختلفة في العصر والمجال تمثل سياقاته. وتنقسم هذه السياقات إلى سياقات تجمع التعبير وتفسيره، وأخرى تورد التعبير من دون تفسيره كالآتي:

أولا: السياقان المفسران

1- رسالة الآداب في علم آداب البحث والمناظرة للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ط7 سنة 1958، الفصل الثالث من الباب الثاني المعنون بـ”في ترتيب المناظرة في التعريف”، المثال الثاني من فقرة “أمثلة وتطبيقات” ص79:
المثال الثاني:
قال صاحب التعريف: المصدر اسم الحدث الجاري على الفعل.
فهذا تعريف لم يذكر صاحبه فيه أنه منقول، وفيه كلمة موهمة لشيء غير صحيح عند جمهرة العلماء، وهي قوله: الجاري على الفعل.
فأنت تقول له: ما غرضك بقولك: الجاري على فعله؟ فيقول لك: أردت من هذه الكلمة أن المصدر أصل للفعل ومنشأ له، وأن الفعل أخذ منه.
فسؤالك هذا استفسار وجوابه بيان.

2- دراسات في النحو- صلاح الدين الزعبلاوي
والمصدر من حيث اللفظ، هو الجاري على فعله متضمنًا أحرف هذا الفعل. قال ابن القيم في (بدائع الفنون): ” إن المصدر هو الجاري على فعلهالذي هو قياسه كالأفعال من أفعل والتفعيل من فعَّل والانفعال من انفعل والتفعل من تفعل. وأما السلام والكلام فليسا بجاريين على فعليهما، ولو جريا عليه لقيل تسليم وتكليم”. ويدل هذا على أن المصدر ما ساوت حروفه حروف فعله لفظًا كجرى جريًا، أو تقديرًا كجادل جدالًا فقد خلا الجدال من ألف جادل لفظًا لا تقديرًا، أو معوضًا مما حذف كوعد عدة فقد خلا (عدة) من واو (وعد) ولكن عوّض منها التاء. أو زادت حروفه كقاتل مقاتلة وأعلم إعلامًا.
أما اسم المصدر من حيث لفظه فهو ما نقصت أحرفه عن أحرف فعله كالصلح اسم مصدر للمصالحة، والوضوء اسم مصدر للتوضؤ، فهما خاليان لفظًا وتقديرًا من بعض ما في فعليهما. ويكون (المصدر الميمي) بهذا الاعتبار مصدرًا، كقال مقالًا وأكرم مُكرمًا، خلافًا لمن اعتدّه من أسماء المصادر. قال ابن هشام في شرح شذور الذهب: “اسم المصدر وهو يطلق على ثلاثة أمور: أحدها ما يعمل اتفاقًا، وهو ما بدئ بميم زائدة لغير المفاعلة كالمضرب والمقتل وذلك لأنه مصدر في الحقيقة، ويسمى المصدر الميمي، وإنما سموه أحيانًا اسم مصدر تجوزًا.
والثاني ما لا يعمل اتفاقًا وهو ما كان من أسماء الأحداث علمًا كسبحان علَمًا للستبيح وفجارِ وحمادِ علَمين للفجرة والمحمدة. والثالث ما اختلف في أعماله، وهو ما كان اسمًا لغير الحدث فاستعمل له كالكلام فإنه في الأصل اسم للملفوظ به من الكلمات ثم نقل إلى معنى التكليم والثواب فإنه في الأصل اسم لما يُثاب به العمال ثم نقل إلى معنى الإثابة، وهذا النوع ذهب الكوفيون والبغداديون إلى جواز إعماله”.

ثانيا: السياقات غير المفسرة

وسأبين معناه حسب السياق، وبياني هذه المعاني السياقية مجال لتفاعل الإخوة بالموافقة أو المخالفة المعللة.

1- تنوع خطاب القرآن الكريم في العهد المدني ((دراسة لغوية)) – رسالة مقدمة إلى قسم اللغة العربية بكلية التربية- بعدن، لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها. إعداد الطالب: صالح عبد الله منصور مسود العولقي بإشراف: الأستاذ المشارك. د. عبدالله صالح عمر بابعير 1443هـ -2008م. الجمهورية اليمنية – جامعة عدن.
والفرق بين بنية المصدر واسمه (( أن المصدر هو اسم الحدث الجاري على فعله، أمَّا اسم المصدر فهو اسم الحدث غير الجاري على فعله، أما الأصوليون فلا يفرقون بينهما لفظيًا فكل لفظٍ دلَّ على حدثٍ عندهم هو مصدر، سواء جرى على فعله أم لم يجرِ، وفرَّق بينهما بعضُهم من حيث المعنى لا اللفظ)).
… والمراد به في هذا السياق المساوي له في حروفه وترتيبها.
2- الأصول في النحو – [ الأصول في النحو – ابن السراج ]لأبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي. الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت. الطبعة الثالثة ، 1988. تحقيق: د.عبد الحسين الفتلي

أ- وتأملت جميع ذلك فوجدت الأشياء التي ترتفع بها الأسماء ارتفاع الفاعل ستة أشياء: فعل متصرف وفعل غير متصرف واسم الفاعل والصفة المشبهة باسم الفاعل والمصدر والأسماء التي سموا فيها الفعل في الأمر والنهي.
فأما الأول: وهو الفعل المتصرف فنحو: قام وضربَ وتصرفه أنك تقول: يقوم وأقوم وتقوم وضربَ ويضرب وأضرب وجميع تصاريف الأفعال جارية عليه ويشتق منه اسم الفاعل فتقول: ضارب.
ب- والثاني: وهو الفعل الذي هو غير متصرف نحو: ليس وعسى وفعل التعجب ونعم وبئس لا تقول منه يفعل ولا فاعل ولا يزول عن بناءٍ واحدٍ وسنذكر هذه الأفعال بعد في مواضعها إن شاء الله
والثالث: وهو اسم الفاعل الجاري على فعله نحو قولك: قام يقوم فهو قائم: وضرب يضرب فهو ضارب وشرب يشرب فهو شارب فضارب وشارب وقائم أسماء الفاعلين وقد بينا أن اسم الفاعل لا يحسن أن يعمل إلا أن يكون معتمدا على شيء قبله وذكرنا ما يحسن من ذلك وما يقبح في باب خبر الإبتداء.
والرابع: الصفة المشبهة باسم الفاعل نحو قولك: حسن وشديد تقول: الحسن وجه زيد و الشديد ساعدك وما أشبهه.
والخامس: المصدر نحو قولك عجبت من ضرب زيدٍ عمرو وتأويله: من أن ضربَ زيدًا عمرو.
السادس: الأسماء التي يسمى الفعل بها في الأمر والنهي نحو قولهم: تراكها ومناعها يريدون: اترك وامنع ورويد زيدًا وهلم الثريد وصه ومه يريدون: اسكت وعليك زيدًا فهذه الأسماء إنما جاءت في الأمر وتحفظ حفظًا ولا يقاس عليها.
… والمعنى هنا المساوي في الحروف ومواقع الحركات والسكون.
ج- واسم المفعول الجاري على فعله يعمل عمل الفعل نحو قولك: مضروب ومعط يعمل عمل أعطى ونعطي تقول: زيد مضروب أبوه فترفع ( وأبوه ) بمضروب كما كنت ترفعه بضاربٍ إذا قلت: زيد ضارب أبوه عمرًا وتقول: زيد معط أبوه درهمًا ( فترفع الأب ) ( بمعط ).
… والمعنى هنا المساوي في الحروف ومواقع الحركات والسكون.
3- المنصف لابن جني
وإذا كانت ذوات الأربعة التي هي أمكن من ذوات الخمسة وأخف, لا تقع الزوائد في أولها إلا في ضرب واحد منها وهو الاسم الجاري على فعله نحو: “مُدحرِج, ومسرهف” كراهية الابتداء بالزوائد فيها، فذوات الخمسة -على طولها وقلة تصرفها وكثرة حروفها- أولى بذلك.
ويدل على أن الزيادة في أول الكلمة بابها الفعل، أنه لم يأت في ذوات الأربعة إلا فيما كان جاريا على فعل نحو مدحرج وبابه.
… والمعنى هنا المساوي في الحروف ومواقع الحركات والسكون.