كان عام 1951 م مليئاً بالمصادفات التي لم تحدث من قبل في تاريخ
العلوم ، فقد حدثت فيه أعظم مصادفة حين كلف الكيميائي الإنجليزي
باوسون تلميذه كيلي بمهمة كانت على أية حال صعبة . كان على
كيلي أن ينتج هيدروكربون اسمه طويل نسبياً لدينيل ثنائي الحلقة
الخماسية dicyclopentadienyl ولإتمام ذلك كان لا بد من إدماج كل
من طرفي حلقتي الكربون الخماسية ، وبمعنى آخر أن يحصل على
مركب صيغته C10H10 من مركبين لكل منهما الصيغة C5H6 ” مما يعني فصل
ذرتي الهيدروجين ” .
وكان كيلي يعرف أن هذا التفاعل يتم فقط في وجود عامل مساعد
، ولقد اختار كلوريد الحديدوز ferrous chloride لهذا الغرض ..
التفاعل ..
في صباح يوم جميل رفع كل من باوسون وكيلي كفيهما تعجباً فبدلاً من
سائل عديم اللون كما توقعا ، كانت نواتج التفاعل عبارة عن بللورات
برتقالية جميلة ، وعلاوة على ذلك لها درجة ثبات عالية .. فهي ثابتة
حرارياً حتى درجة 500 مئوية ، وذلك غريب بالفعل في الكيمياء
العضوية ..
لكن الأستاذ والتلميذ تعجبا أيضاً حين حللا تلك البللورات الغامضة وكانا
على حق إلى كانت البللورات تحتوي على كربون وهيدروجين وحديد وهو
الفلز الانتقالي المثالي المرتبط بمادة عضوية مثالية ، وثبت أن الصيغة
الكيميائية لمركب الحديد العضوي هذا غريبة أيضاً .. فكل من حلقتي ”
الدينيل خماسي الحلقة ” مسطحان لخماسيين منتظمين بالفعل
كشريحتي خبز محشوتبن بذرة حديد وهذا النوع من المركبات يسمى
الآن بـ ” السندوتشات ” sandwiches وأصبح الفيروسين ferrocene
” هكذا سمي مركب الحديد العضوي ” هو كبير عائلة السندوتش ..
وبغرض التبسيط كان الرسم التخطيطي لتركيب الفيروسين ذا مستوى
واحد .. والحقيقة أن لجزيئاته تركيباً فراغياً أكثر تعقيداً…
والصورة التالية توضح الروابط في هذا المركب …
كان انتاج الفيروسين واحداً من أعظم الأحداث المثيرة في الكيمياء
الحديثة ..
وأعاد كل من النظريين والعمليين النظر في الكثير من أفكارهم في
مقدرة الكيمياء الفلز عضوية .. ولا يزال تفكيرهم هذا في محله حتى
الآن ..
ولد الفيروسين في عام 1951م والآن هناك العشرات من المركبات
التي تنتهي بالمقطع ” سين ” .. وتم الحصول على مركبات السندوتش
لكل الفلزات الانتقالية تقريباً ..
ومنها …
وحتى الآن ، فهذه المركبات مهمة فقط للكيميائيين النظريين … وفيما
يتعلق بالاستعمال العملي فلم يتضح كل شيء بعد ..
والآن حان الوقت للتعرف على شخصية الـ GMT . والاسم الكامل لهذه
المادة طويل جداً ومسجوع لذا يسهل تذكره . وهو ..
سيكلونتادينيل كربونيل .. منجنيز تراي ..
والتركيب الجزيئي له من السهل كتابته فبدلاً من ” شريحة الخبز ”
الآخرى ” حلقة دينايل خماسية ” ، يرتبط الحشو ” وهو ذرة المنجنيز ”
بثلاثة جزيئات من أول أكسيد الكربون عامل مانع للخبط ممتاز وهو
أحسن في أدائه من صديقنا القديم وأفضل منه أيضاً ، لأنه أقل خطوة
على الصحة ..