التصنيفات
اللغة العربية السنة الرابعة متوسط

كل مذكرات اللغة العربية 4 متوسط

التحميل من هنا :
تعليم_الجزائر

تعليم_الجزائر

شكراااااااااااا

التصنيفات
اللغة العربية السنة الرابعة متوسط

موضوع: اللغة العربية سنة 4 متوسط

البيـان : هو العلم الذي يبحث في الأساليب المختلفة التي تعبّر عن المعنى الواحد بطرائق متعدّدة * من تشبيه أو استعارة أو كناية أو غيرها . و علم البيان بما يوضّح من الفروق بين الأساليب * ميزان صحيح لتعرف أنواعها و دراسة أدبية للفحص عن كلّ أسلوب * و تبيين سرّ البلاغة * و الجمال فيه .

– التشبيـه : هو لون من ألوان التصوير الأدبيّ * يبيّن أنّ شيئا شارك غيره في صفة أو أكثر * و تعقد هذه المشاركة بينهما بأداة هي " الكاف " أو " كأنّ " و غيرهما من أفعال مثل : يشبه * يماثل * يضارع * يحاكي * أو أسماء مثل : مثل * شبه .

* أركان التشبيه : أربعة و هي : – المشبّه – المشبّه به – أداة التشبيه – وجه الشبه . و يجب في وجه الشبه أن يكون في المشبّه به أقوى و أوضح منه في المشبّه .

* كلّ تشبيه لا بدّ فيه من ذكر المشبّه و المشبّه به * أمّا أداة التشبيه و وجه الشبه فيجوز حذفه أحدهما دون أن يخلّ ذلك بالتشبيه * بل على العكس فإنّ حذف أيّ واحد منهما يعطي صورة التشبيه قوّة أكثر من وجوده .

– أمثلـة :

قال الشاعر : كأنّما الماءُ في صفاء ÷ و قد جرى ذائبُ اللّجين[/right]
و قال امرؤ القيس : فعنّ لنا سِربٌ كأنّ نِعاجه ÷ عَذَارى دوارٍ في مُلاءٍ مُذيّلِ

و قال عنترة : أفمن بكـاء حمامـة في أيكـة ÷ ذرفتْ دموعكَ فوق ظهر المِحمل

كالدرّ أو فِضضِ الجمان تقطّعت ÷ منه عقــائدُ سلكِــه لم يوصلِ

و قال الشاعر : أنت نجم في رفعةٍ و ضياءٍ ÷ تجتليك العيون شرقاً و غرباً

* التشبيه البليغ : هو ما ذكر في المشبّه و المشبّه به فقط * و حذفت منه أداة التشبيه و وجه الشبه . و هو أقوى و أجمل أنواع و صور التشبيه * و فيه يظهر المشبّه و المشبّه به و كأنّهما شيء واحد لا شيئان متماثلان * و ذلك غاية ما يقصد إليه المتكلّم من التصوير و استعماله التشبيه . مثل :

قال النابغة : فإنّك شمس و الملوك كواكب ÷ إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب

* التشبيه التمثيلي( صورة بصورة) : التشبيه من حيث وجه الشبه ينقسم إلى قسمين ؛ تشبيه غير تمثيل * و هو ما يكون فيه وجه الشبه صفة مفردة . و تشبيه تمثيل * و هو ما يكون فيه وجه الشبه صورة منتزعة من متعدّد . مثل :

– الصورة المفردة : قال رسول الله ( صلّى الله عليه و سلّم ) : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم »

– الصورة المنتزعة من متعدّد : قال المتنبّي : يهزّ الجيشُ حولكَ جانبيه (صورة)

÷ كما هزّتْ جناحيها العقاب (صورة)

* بلاغة التشبيه : تأتي بلاغة التشبيه و جماله من أنّه يزيد المعنى وضوحا و قوّة تأثير بالصورة التي يأتي بها * كقولك : إنّ حصاني سريع * تعبير لا يبلغ من وضوح المعنى و قوّة التأثير في النفس ما يبلغه قول امرئ القيس عن سرعة حصانه
مكرّ مفرّ مقبل مدبر معــا ÷ كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

2 – الاستعــــارة : هي تشبيه بليغ حذف منه أحد طرفيه * و هي تأتي على نوعين

أ = تصريحية : و هي ما يصرّح فيها بلفظ المشبّه به و يراد منه المشبّه . مثل :

– قال حسّان : لساني صارمٌ لا عيب فيه ÷ و بحري لا تكدّره الدّلاء

– قال جرير : أعددت للشعراء سمّا ناقعا ÷ فسقيت آخرهم بكأس الأوّل

ب = مكنية : و هي ما يحذف فيها المشبّه به و يرمز إليه بشيء من لوازمه يذكر مع المشبّه . مثل :

– قال تعالى : { ربّنا أفرغ علينا صبرا * و توفّنا مسلمين }

– و قال تعالى على لسان نبيّه زكرياء ( عليه السلام ) : { ربّ إنّي وهن العظم منّي * و اشتعل الرأس شيبا } .]
* تأتي بلاغة الاستعارة و جمالها من أنّها تتضمّن إحساسا و إثارة أقوى من التشبيه * يقوم على ادّعاء أنّ المشبّه و المشبّه به شيء واحد * و لذا يصلح أن يعبّر بالمشبّه به مكان المشبّه أو أن تذكر صفة من صفاته مع النشبّه * كما أنّ في الاستعارة تشخيصا للمعنى و رسم صورة محسوسة له تزيده قوّة و تأثيرا .

– الكنايــــــة : هي لفظ أطلق و أريد به لازم معناه * مع جواز إرادة المعنى الحقيقي منه . :

مثال= قال تعالى : { فأصبح يقلّب كفّيه على ما انفق فيها و هي خاوية على عروشها } يقلّب كفّيه كناية عن صفة الندم .
– = قال المتنبّي في وصف أعداء سيف الدولة المهزومين :

و منْ في كفّه منهم قنـــاةٌ ÷ كمنْ في كفّه منهم خضــابُ . ففي الشطر الأوّل كناية عن الرجال و في الشطر الثاني كناية عن النساء .
البديـــــــع : و يتمثّل في المحسّنات البديعية * و هي وسائل تعبيريّة توضّح المعنى و تثبته و تقوّيه و تزيّن الكلام و تجمّل الأسلوب * و يعمد إليها الأديب تلقائيا * و بدون تكلّف أو اصطناع * تلبية لدعوة فطريّة شعوريّة * و تنقسم المحسّنات البديعيّة إلى قسمين هما :

1 – المحسّنات اللّفظية : و يندرج تحتها كلّ من السّجع و الجناس * و يرجع التحسين فيها إلى اللّفظ أصالة * و إن أدّى ذلك إلى تحسين المعنى * و يظهر أثرها في ألفاظ الأسلوب الأدبيّ * و أكثر ما تعتمد على تنظيم النغم * و ترتيب الإيقاع المتولّد عن تزيين اللّفظ و تجميله .

* السجــع : و هو توافق الكلمة الأخيرة من جملة * مع الكلمة الأخيرة من جملة أخرى في الحرف الأخير منهما * و هو لون من التوازن الصوتيّ الذي يكسب الكلام جرسا موسيقيا يلفت النظر و يؤكّد المعنى . و يكون السّجع لونا أدبيا مقبولا إذا اتخذ وسيلة لتقوية المعنى * بعيدا عن التكلّف و غير ملتزم في الأسلوب . و يشيع أسلوب السّجع في البيئة الفطريّة الطبيعيّة * و يقلّ كلّما تقدّم فكر الإنسان و اتجّه إلى السرعة في إنجاز الأعمال . مثل :

– من وصية ذي الأصبع لابنه : " ألنْ جانبك لقومك يحبّوك * و تواضع لهم يرفعوك * و ابسُط لهم وجهك يطيعوك * و لا تستأثر عليهم بشيء يسوّدوك " .- و من وصية سيّدنا أبي بكر الصدّيق ( رضي الله عنه ) لقائده : " و اسمرْ باللّيل في أصحابك تأتك الأخبار * و تنكشف عندك الأستار " .
* الجنــاس : و هو اتّفاق كلمتين في الهيئة * و اختلافهما في المعنى * و يأتي على نوعين ؛ تام و ناقص .

– الجناس التام : و هو ما اتفق فيه اللّفظان في نوع الحروف و عددها و شكلها و ترتيبها * و اختلفا في المعنى . مثل

قال أبو تمام : ما مات من كرم الزمان فإنّه ÷ يحيا لدى يحي بن عبد الله

و مثل قولنا : " شهدت صلاة المغرب في بعض مساجد المغرب "

– الجناس الناقص : و هو ما اختلف فيه اللّفظان في أحد الأمور الأربعة السابقة إلى جانب اختلافهما في المعنى . مثل

قال الحطيئة : و باتوا كراما قد قضوا حقّ ضيفهم ÷ و ما غرموا غُرما و قد غنموا غُنما

و مثل قول الحجّاج : " منْ أعياه داؤه فعندي دواؤه * إنّ للشيطان طيفا و للسلطان سيفا * إنّي أنذر ثمّ لا أنظر * إنّ الحزم و العزم سلباني سوطي " .

* و يكون الجناس لونا أدبيا إذا بعد عن التكلّف * و جاء عفوا تلبية لمتطلّبات المعنى . و الجناس يكسو الكلام جمالا * و يكسبه جرسا موسيقيا و يحسّنه * و يعبّر عن إحساس الأديب * و يعين على نقل هذا الإحساس .

– المحسّنات المعنويّة : و يندرج تحتها كلّ من المقابلة و المطابقة و التورية * و يرجع التحسين فيها إلى المعنى أصالة و إن أدّى ذلك إلى تحسين اللّفظ * و تجعل الأسلوب الأدبيّ أكثر جمالا و تأثيرا في النفس ممّا ترسمه من صور المقابلات و المطابقات .

* المطابقة : هي أن يؤتى في الكلام بمعنى و ما يقابله * و يسمّى " طباق الإيجاب " * أو يؤتى بالمعنى و ضدّه * و يسمّى " طباق السّلب " . مثل :
– طباق الإيجاب : قال امرؤ القيس : مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا ÷ كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

و جاء في الحكمة : " ربّ عجلة تهب ريثاً " . ( التضادّ بين مثبتين )

– طباق السّلب : قال تعالى : { يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله و هو معهم } و قال تعالى : { و لا تخشوا الناس و اخشونِ } وقال الإمام عليّ ( كرّم الله وجهه ) : " يغار عليكم و لا تغيرون * تغزون و لا تغزون ! " و هذا النوع من الطباق هو ( التضاد بين مثبت و منفيّ ) .

* المقابلة : هي أن يؤتى في الكلام بمعنيين غير متقابلين * أو أكثر من معنيين * ثمّ يذكر ما يقابل هذه المعاني . مثل
– قال لقيط بن يعمر : ما ذا يردّ عليكم عزُّ أوّلكم ÷ إنْ ضاع آخرُه أو ذلّ و أتّضعا ؟

– قال حسّان : قومٌ إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ÷ أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا

* و لكلّ من المطابقة و المقابلة أثر في المعنى و الأسلوب * فالمعنى يزداد وضوحا و بروزا و قوّة بوضع الشيء و ضدّه أو ما يقابله * و الكلام يكتسب جرسا موسيقيا و نغما جميلا يؤثّر في النفس * و ينقل الشعور * و بذلك يخاطب أسلوب المطابقة و المقابلة العقل و العاطفة في وقت واحد .

* و يكون هذا الأسلوب لونا أدبيا مقبولا إذا ابتعد عن التكلّف * و جاء
عفوا بحسب متطلّبات الموقف


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
اللغة العربية

اختبار في مادة العربية تحضيرا لشهادة التعليم المتوسط 2022

السلام عليكم

اختبار في مادة العربية

تحضيرا لشهادة التعليم المتوسط 2022

من هنا

بالتوفيق لجميع


التصنيفات
الأدب و اللغة العربية السنة اولى ثانوي

فرض 2 في اللغة العربية و ادابها

فرض 2 في اللغة العربية و ادابها
النص
و طاوي ثلاث عاصب البطن مرمل * * ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما
اخي جفوة فيه من انس وحشة * * يرى البؤس فيها من شراسة نعمى
راى شبحا وسط الظلام فراعه * * فلما رأى ضيفا تشمر و اهتما
فقال هيا رباه ضيف و لا قرى * * بحقك لا تحرمه تاليلة اللحما
فقال ابنه لما رآه بحيرة * * ايا ابت اذبحني و يسر له طعما
و لا تعتذر بالعدم عل الذي طرا* * يظن لنا مالا فيوسعنا ذما
فبيناهما عنت على البعد عانة * * قد انتظمت من خلف مسحلها نظما
عطاشا تريد الماء فانساب نحوها* * على انه منها الى دمها اظما
فامهلها حتى تروت عطاشها * * فارسل فيها من كنانته سهما
الاسئلة
البناء الفكري
1- يكشف النص عن صفة يفتخر بها العرب. حددها مستخرجا العبارات الدالة عليها
2- كيف واجه الاعرابي الشبح عندما راه ؟ و ماذا فعل عندما علم انه ضيف
3- ما رايك في امهال الاعرابي القطيع حتى شرب
4- تحدث عن ملامح بيئة الشاعر انطلاقا من النص
البناء اللغوي
1- اعرب ما تحته خط اعرابا وافيا
2- لم وردت لفظة " عطاشا " في النص منصوبة


شكراا لك اختي بارك الله فيك

التصنيفات
الأدب و اللغة العربية السنة الثالثة تانوي

جميع قواعد اللغة العربية لكل الشعب بكالوريا

تعليم_الجزائر

شكرا لك يا اخي على القواعد

العفوووووووووو

[align=center]تعليم_الجزائر[/align]

وفيك بركة منورة

التصنيفات
علم المكتبات

استرجاع المعلومات فى اللغة العربية / الصوينع، على السليمان.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استرجاع المعلومات فى اللغة العربية / الصوينع، على السليمان.

الحجم : 3.88 MB

http://www.mediafire.com/?n0cxpp5q9ynqzpl


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
لغــة وأدب عربي

الرواية العربية الحديثة


الرواية العربية الحديثة

جذورها – تطوراتها – اتجاهاتها

حميد أكبرى

– القصة في الأدب العربي القديم
قبل الخوض في موضوع الرواية و دراسة التحولات و التطورات التي طرأت عليها، يحسن بنا أن نصدّر كلامنا ببحث حول القصة عند العرب، و نطرح فيها أسئلة علي غرار كل من دخل غمار هذا الموضوع، هل عرف العرب القصة؟ و هل هي وجدت عندهم؟
وقبل الجواب عن هذين السؤالين يجدر بنا أولاَ أن نوضّح موقفنا من القصة؛ هل القصة بمعناها اليوم؟ أو القصة بمعناها الذي كان سائداً عند جميع الشعوب في شكلها الشعبي؟
إذا أردنا القصة بمعناها اليوم فإنها لم تكن موجودة قديماً، و أما إذا أردناها بالمعني الذي كان سائداً في الآداب العالمية في شكلها الشعبي و الفطري، فإنها قد كانت معروفة عند العرب منذ زمن قديم، و لها تاريخ عريق من هذه الناحية، و ذلك يتبين لنا بوضوح إذا ألقينا نظرة عابرة علي الأدب العربي، فالعرب منذ العصر الجاهلي كان لهم قصص و أخبار تدور حول الوقائع الحربية، و تروي الأساطير القديمة.
وعندما ظهر الإسلام و نزل القرآن جاءهم «أحسن القصص» ثم تكوّنت علي هامش القرآن و تفسيره قصص و حكايات استمدت موضوعاتها و عناصرها من تعليم الدين الجديد، فظهرت قصص الأنبياء و قصص المعراج و سير النبي و… .
وقد شهدت القصة نموّا بارزا بعد ظهور الإسلام، و ذلك لاهتمام القرآن بها في بثّ معاني الدعوة الاسلامية و نقل الأخبار و الأحداث التي وقعت في الأمم الماضية اعتباراً وعظةً للناس في عصر النبي من المسلمين و المشركين.
وعندما نصل إلي العصر الأموي نري القصة ظفرت بعناية كبيرة حيث صارت مهنة رسمية يشتغل بها رجال يسألون عليها الأجر، و هذا ما دفع الرواة علي الخروج إلي البادية لتأليف الروايات و جمع أخبار الأحباء والشعراء العاشقين كقصة عنترة و عبلة، ليلي و مجنون، جميل و بثينة، كثير و عزّة و غيرهما.
وقد تطورت القصة في العصر العباسي تطوراً ملحوظاً، إذ بدأت طائفة كبيرة من الكتاب ينقلون القصص الأعجمية إلي العربية حيث بلغت حوالي ستين ترجمة، و من أشهرها «كليلة و دمنة» لعبدالله بن المقفّع حيث فتح باباً جديداً في الأدب القصصي العربي، و صار نموذجاً مثالياً سار علي منواله كثير من الكتاب المتأخرين الذين صاغوا أفكارهم الفلسفية علي لسان الحيوانات؛ و من القصص الأخري الهامة «ألف ليلة و ليلة» من أصل هندي أو ايراني، و قد أثّر هذا الكتاب في الأدب القصصي الجديد تأثيراً كبيراً لِمَا فيها كثير من العناصر القصصية الجديدة.
ومن القصص المؤلّفة التي صاغها العرب أنفسهم هي «البخلاء» للجاحظ، و قد صوّر فيها أخلاق فئات من الناس، و هم البخلاء، متعرّضاً لهم آخذاً عليهم، ثم رسالة «التوابع و الزوابع» لابن شهيد الأندلسي و هي قصة خيالية موضوعها لقاءات مع شياطين الشعراء، ثم «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري، و هي قصة خيالية موضوعها سفر خيالي إلي الجنة و الجحيم، لقي فيه أبوالعلاء شعراء الجنة و الجحيم، وانتقد من خلاله الشعر في العصر الجاهلي و الاسلامي. و قد تميزت هذه الرسالة بخيال خصب كما قال طه حسين، حيث جعلها في عداد الآثار النادرة.
وأما المقامات فهي أقرب الأنواع القصصية في الأدب العربي إلي القصة الفنية الجديدة، و اعتبرها بعض المستشرقين أول مظهر للقصة العربية، و هي قصة قصيرة تدور حول مغامرات بطل موهوم يرويها راوٍ معين، غايتها تعلمية؛ و قد أجمع المؤرخون علي أن بديع الزمان هو مبدع المقامات، و من أعلامها بعده هو الحريري.
وإضافة إلي هذه الأعمال القصصية نري القصة واصلت سيرها في تضخم و كثرة، و دخلت فيها الرحلات (رحلة ابن جبير و ابن بطوطة) والخرافات و سير الأشخاص (سيرة عنترة و سيرة بني هلال ) و… .
والذي يمكن أن نقول بعد هذا الاستقراء العابر في الأدب العربي القديم حيث واجهتنا مجموعة هائلة من التراث القصصي إن العرب كانوا بفطرتهم ميالين إلي القصص و الأخبار، و أن القصة بمفهومها السائد و العادي قد وجدت عندهم منذ زمن قديم حتي قيل إن الغربيين كانوا في بدء نهضتهم مدينين للقصص العربية القديمة، و أنهم لم يعرفوا القصة قبل اطلاعهم علي أمثال «ألف ليلة و ليلة»، و «السند باد » و… .
ونخلص من هذا كله إلي القول بأن القصة العربية نشأت و تطورت، شأنها في ذلك شأن الآداب الأخري تحت ظروف و عوامل متشابهة حسب المعتقدات و الأساطير و…، و أن الأدب العربي القديم بما فيه تراث قصصي عظيم من القصص القرآنية، و قصص الأنبياء، و سير النبي، والمقامات، والرحلات، والقصص الخيالية، والتراجم الذاتية و… قد ترك تراثاً ضخماً في مجال الأدب القصصي، و هو الذي أثّر تأثيراً بارزاً – في رأي بعض المعاصرين – في نشأة الأدب القصصي الغربي و تطوره فيما بعد.
ومع هجمة التتار و سقوط الخلافة العباسية بدأت فترة الانحطاط الأدبي في الأدب العربي؛ الأمر الذي أدّي إلي خمود الحركة الأدبية من جهة، و التشاغل عن حفظ هذا التراث الضخم من جهة أخري، و لذلك قلما نشاهد في هذه الفترة التي امتدت ستة قرون إبداعاً بارزا في مجال القصة.
2- القصة في الأدب العربي الحديث
هنك اختلاف رأي بين العلماء المحدثين في نشأة القصة العربية الحديثة؛ فمن يتحمّس منهم لأصلها العربي و يري أنها وليدة التراث القديم و استمراراً له، و من ينفي أن تكون هنك أية صلة بين القصة الجديدة و بين تلك الأنماط القصصية القديمة، و يراها أنها وليدة الإحتكك بالغرب و التعرّف إلي نتاجه القصصي و نقله إلي العربية.
وإذا فحصنا في القصة العربية المعاصرة، و هي فن جديد يختلف شأنها عن شأنها القديم، اتضحت لنا أنها مرّت بثلاث مراحل أساسية ظهرت في كل منها مجموعة هائلة من أنواع القصة، و هي:
أ- مرحلة التقليد و التعريب (1850-1914).
ب- مرحلة التكوين و الإبداع (1914-1939).
جـ- مرحلة التأصيل و النضج (1939- حتي الآن).
أ: القصة العربية في مرحلة التقليد و التعريب
وعلي الرغم من أن غالبية الباحثين قد أنكرت الصلة بين القصة العربية الحديثة و بين التراث القصصي عند العرب، إلا أن هذا الارتباط موجود بشكل بارز في صياغة الشكل و المضمون، إذ بدت القصة الحديثة في بدء تطورها متأثرة بالأجناس القصصية المأثورة كالتراجم و المقامة و…، ومن أوضح أمثلتها للتأثر بفن المقامة هو «حديث عيسي بن هشام» للمويلحي (1900) حيث يبدو فيه التأثير العربي واضحاً في العناية بالأسلوب و الأحداث التي تحدث للبطل الذي يتصل بشخصيات متعددة، كما أن الأثر الغربي أيضاً يبدو فيه جلياً من حيث تنويع المناظر، و تسلسل الحكاية، و بعض ملامح التحليل النفسي.
ومن المؤلَّفات الأخري التي وضعت علي أسلوب المقامة قصة «علم الدين» لعلي مبارك، و يدور موضوعها حول عالم منوّرالفكر، اسمه «علم الدين»، يلتقي بسياح إنجليزي، و يذهب معه إلي أروبا، فيقيسان العادات و التقاليد الشرقية والغربية مرجِّحَينِ تارة هذا علي ذلك، و علي العكس؛ فالتأثر بأسلوب المقامة يبدو واضحاً في هذه القصة.
ومنها «السّاق علي السّاق» لأحمد فارس الشدياق، و هي شبيهة بالتراجم الذاتية تحدّث فيها الشدياق عن مراحل حياته و أسفاره علي أسلوب المقامات، و غايته إبراز مقدرته علي استعمال الكلمات الغربية، و ذكر محاسن النساء و مثالبهن.
والتأثر بأسلوب المقامة ساد فطرة طويلة كثر مؤلّفات عصر النهضة، و ذلك أن الكتّاب يحاولون بناء الأسس القصصية الجديدة علي أساليب القصة القديمة لحرصهم علي عدم ضياع تراثهم، و لذلك نراهم صنعوا مؤلّفات علي غرار المقامات متأثّرين بها في القالب كأحمد شوقي في «عذراء الهند» (1897)، موضوعه إشارات إلي تاريخ مصر القديم، و حافظ ابراهيم في «ليالي سطيح»، موضوعه انتقادات من أوضاع مصر، و محمد لطفي جمعة في «ليالي الروح الحائر» (1907)، و موضوعه نقد الظروف الاجتماعية في مصر.
وفي أواخر القرن التاسع عشر ظهرت موجة جديدة في الأدب القصصي الحديث، و ذلك إثر ترجمة القصص الغربية، و قد نمت هذه الموجة في مصر و لبنان، و كان أصحابها توّاقين إلي الأدب الغربي مشيدين به، فراحوا يترجمون القصص الغربية التي كانت موضوعاتها في الأغلب موضوعات رومانتكية حول الحبّ و الجنس دون أن ينتبهوا إلي الآثار السلبية التي تتركها هذه القصص في العقيدة و الثقافة العامة، و في نفس الوقت أن هؤلاء الكتاب أنتجوا مؤلّفات قصصية منقطعة عن الجذور العربية، مطبوعة بطابع التقليد للقصة الغربية تغلب عليها نزعة رومانتيكية، و الغاية منها التسلية.
وقد بدأت هذه الموجة علي يد اللبنانيين؛ منهم سليم البستاني الذي اعتبر الرائد الأول لهذا التيار، فقد ألّف في فترة قصيرة فيما بين 1848 إلي 1884 عدداً كبيراً من القصص تراوحت موضوعاتها بين التاريخ و الاجتماع، و نشرها في مجلة «الجنان»؛ و من قصصه «الهيام في جنان الشام (1870)»، موضوعها قصة بين رجل و فتاة يلتقيان تارة و يفترقان تارة أخري»؛ «زنوبيا (1871)»، موضوعها تذكار تاريخي لموجبات الصراع بين ملكة تدمر و بين الرومان؛ «بدور (1872)»، موضوعها حول أميرة أموية عشقت عبدالرحمن الداخل؛ «أسماء (1873)، موضوعها قصة رجال أحبّوا فتاة، و كلّ منهم يحاول أن يجبلها إليه؛ «فاتنه (1877)»؛ «سلمي (1878)»؛ و «ساميه (1882)».
وبما أن سليم البستاني كان صحفياً فقد اهتمّ بتناول مختلف الموضوعات في قصصه من تاريخ و جغرافيا و اجتماع و فلسفة و رحلات و…، شأنه فيها شأن مجلته من حيث تناول الموضوعات المختلفة، كما أنه بحكم عمله اتجه نحو تبسيط اللغة و الاقتراب من أسلوب اللغة الدارجة مما أوقعاه في الضعف و الرككة أحيانا.
والذي يجدر ذكره أن للصحف دوراً بارزاً في نشوء القصة العربية و اتساع دائرتها و التقدّم بها إلي الأمام، فقد ظهر في فترة غير طويلة عدد كبير من الصحف و المجلات كصحيفة «الأخبار»، «وادي النيل»، «البشير»، «الأهرام»، «المقتطف» ، «الهلال» و… وقد خصّص كل منها قسماً للقصص الموضوعة و المترجمة، أو مجلات نصف شهرية اقتصرت علي نشر القصة و الرواية، منها «سلسلة الفكاهات في أطايب الروايات»، «حديقة الأدب»، «مسامرات الشعب»، «الروايات الجديدة»، و… .
ومن أعلام القصة و الرواية في هذه المرحلة فرح أنطوان (المدن الثلات، الوحش الوحش الوحش، أورشليم الجديدة)، نقولا حداد (النص الشريف، كله نصيب، حواء الجديدة، آدم الجديد)، يعقوب صروف (فتاة مصر، أمير لبنان، فتاة الفيوم)، لبيه هاشم (قلب الرجل)، طاهر حقي (عذراء دنشواي)، منفلوطي (العبرات و النظرات) و… .
وصفوة القول في القصة و الرواية العربية في هذه المرحلة أن أعمال هؤلاء الكتاب كانت في أغلبها تقليد للقصة الغربية، يغلب عليها السرد التاريخي أو الاجتماعي دون ارتباط بمذهب فني واضح، و لم يكن أحد من هؤلاء الكتاب قاصاً متخصصاً، بل كانت القصة فنّا و عملاَ ثانوياً بالنسبة إليهم، و بالنسبة إلي المهنة التي يعملونها، و هو العمل الصحفي؛ فسليم البستاني و فرح أنطوان، و نقولا حداد، و يعقوب صروف، و جرحي زيدان و… كانوا يصدرون مجلات شهرية، و كانت القصة المتسلسلة تمثل جزءاً من هذه المجلات. و لهذا فإن العمل القصصي في هذه المرحلة ينقصه التخصص و فنية العمل، و هو عند هؤلاء تقليد للاتجاهات الغربية، و ليس منبعثاً انبعاثاً حقيقاً من البيئة العربية.
ولكن هنك ظاهرة فنية يجدر الوقوف عندها، و هي الجهود الروائية للذين مضوا إلي المهجر، فأتيح لهم الإطلاع علي النماذج القصصية الغربية بكمل وجه، فتأثروا بها فنضجت أعمالهم حيث تختلف عن النماذج القصصية في البلد العربي، فلا شك أن إنتاجات جبران من القصة و الرواية كـَ«عرائس المروج (1906) و.«الأرواح التمردة (1908)»، و «العواصف (1910)»، و «الأجنحة المتكسرة (1912)» و… كان لها طعم جديد، إذ يبدو فيها روح التمرد علي عوامل الجمود و موانع التطور، أو أن ما صدر عن أمين الريحاني كرواية «خارج الحريم» تختلف كثيراً من ناحية تعقّد الأحداث، أو رواية «زنبقة الغور» فإنها تمثل تطوراً ملحوظاً عن نماذجها السابقة.
ثم من الذين هاجروا إلي خارج الوطن العربي و كتبوا فيه، و خرج نتاجهم ثمرة لتزواج المجتمعين العربي و الأروبي، الدكتور محمد حسين هيكل الذي نشر رواية «زينب (1914)» حيث اعتبرت هذه القصة في رأي البعض بأنها بشّرت مرحلة جديدة في القصة العربية، ألا و هي مرحلة التكوين القصصي العربي.
ب- مرحلة تكوين القصة العربية الحديثة (1914-1939)
إن فترة ما بين الحربين العالميتن اعتبرت مرحلة تكوين الأدب القصصي و الروائي عند العرب، فالحرب العالمية الأولي و ما تبعها من أحداث و تحولات في تركيب المجتعمات العربية، و من تغيير في القيم و الموازين، و من تطور في الثقافة و السياسة و الوعي القومي و الانتفاضات الوطنية و…، كل هذه خلقت جوا جديداً و ذوقاً مختلفاً عن سابقه، و تطلّبت بناءً و أسلوبا جديداً للتعبير عن هذه التحولات الجديدة.
وكما أشرنا سابفاً أن اللبنانيين كانوا من رواد القصة في الفترة الأولي، لكن في هذه الفترة إثر هجرة اللبنانيين إلي مصر و… بسبب الحروب و الفتن الداخلية، انتقلت الريادة إلي أيدي المصريين، و بما أن الجيل الجديد منهم أقبلوا علي العلوم الجديدة و تعرّفوا إلي الثقافة الأروبية و اطلعوا علي إيدئولوجيات التحرر و الاستقلال، شكلوا أحزاب سياسية و منظّمات جديدة تهتف بالوعي السياسي و الاجتماعي و التحرر الوطني، كما أسسوا صحفاً تبثّ الاعتزاز بالشخصية المصرية و الروح الوطنية في الشعب حرصاً منهم علي إحياء التاريخ المصري القديم لبثّ روح الأمل في الشعب و الخروج من التخلّفات التي يحسّون بها عند قياس أنفسهم بالبلدان الأروبية، لذلك وسّعوا في نشر الصحف و المجلات، و غيروا المناهج و المنظّمات التعليمية و نسّقوها حسب المناهج و المنظّمات الغربية كما انتقدوا كثيراً من العادات و التقاليد الشعبية التي تمنعهم من الحركة السريعة نحو التقدّم و الرقي.
نعم، كل هذا كوّن مناخاً جديداً و جواً مختلفاً كان يتطلب جيلاً جديداً من الكتاب ليستوعبه و يهضمه و يخرج منه ثمرة جديدة لمجتمع جديد رنا إلي التقدّم و الرقي.
وهكذا أخذت القصة العربية بعد الحرب العالمية الأولي طابع المحلية و القومية، و بدأت تصوّر فئات من المجتمع المصري أو اللبناني أو السوري أو العراقي بغية تحسين فضاء المجتمع.
وفي هذا البحر المتلاطم في مصر ظهر كتاب صوّروا مجتمعهم خير تصوير؛ منهم طه حسين الذي له دور هام في إرساء قواعد الفن القصصي، و من أعماله: «الأيام (1929)»، «أديب (1935)» حيث انتقد فيهما القضايا الاجتماعية و التعليمية و التربوية في المجتمع المصري، و «دعا الكروان (1941)» و… .
ومنهم توفيق الحكيم الذي عني بتصوير الواقع و المشكلات الاجتماعية. و من آثاره: «عودة الروح (1931)»، «يوميات نائب في الأرياف (1937)»، «عصفور من الشرق (1938)».
ومنهم محمود تيمور الذي اهتمّ بقضايا ماوراء الطبيعة و الروحانية الشرقية في رواية «نداء المجهول (1939)»، كما عني بقضايا اجتماعية و نزعات إنسانية في رواية «سلوي في مهب الريح».
ومن أعلام آخرين عيسي عبيد «ثريا (1922)»، طاهر لاشين «حواء بلا آدم (1934)»، محمد تيمور و… .
من الظواهر اللافته للنظر في هذه المرحلة ظهور اتجاه التحليل النفسي و تبيين أثره علي الأدب، و قد حمل لواء هذا الاتجاه العقاد و المازني، و ذلك بتأثرهما بمدرسة التحليل النفسي الغربي، و أرسا أسساً و قواعد في تأليف و تحليل القصص و الروايات. فمن آثار المازني: «ابراهيم الكاتب (1931)»، «ابراهيم الثاني»، «عود علي بدء (1943)»، و…، و من آثار العقاد: رواية «سارة (1938)» التي هي صورة واضحه من منهج العقاد التحليلي.
وقد بدأ الوعي القومي و الإحساس بالشخصية في البلاد العربية بتأثير مصر حيث نري في لبنان ظهرت قصص و روايات علي غرار القصص و الروايات المصرية و عالجت القضايا القومية والمشكل الاجتماعية كرواية «العمال الصالحون (1927)» لإلياس أبوشبكه حيث تصور فيها انتحار طفل في السابعة من عمره ليتخلص من حياة الشقاء التي تسومه إياها امرأة أبيه.
ثم كرم ملحم كرم الذي أنقذ الرواية اللبنانية من هاوية السقوط و أحياها من جديد؛ ومن رواياته: «بونا أنطون (1937)»، «صرخة الألم (1939)»، «الشيخ قرير العين (1944)»، «دمعة يزيد»، «صقر قريش»، «قهقهة الجزائر» و… و قد جمع في رواياته الاتجاه التاريخي و الاجتماعي، إلا أنه يتفوق في الاجتماعية علي نفسه في التاريخية.
ومن أعلام آخرين للقصة و الرواية اللبنانية في هذه الفترة لطفي حيدر، و له رواية «عمر أفندي (1937)»، فقد تصور فيها كوارث اجتماعية للحرب العالمية الأولي.
ومنهم أحمد مكي، و من أعماله «النداء البعيد (1939)»، تتمحور الرواية حول اختلاف الأديان حيث يمنع من زواج متحابين.
ومنهم توفيق عواد الذي اعتبر قمة الروائيين اللبنانيين في هذه الفترة، و من أهم آثاره: «الرغيف (1939)»، و يدور موضوعها حول صراع العرب من أجل استقلالهم.
وأما البلدان العربية الأخري أيضاً فقد خطت خطوات هامة في مجال القصة و الرواية في هذه الفترة، ففي سوريا ظهرت جهود لافتة للنظر، و من أهمها أعمال معروف الأرناؤوط التاريخية كرواية «سيد قريش (1929)»، «عمر بن الخطاب (1936)»، إلا أنها من الناحية الفنية أقرب إلي جهود الفترة الأولي، و إن تمتّ زمنياً إلي هذه الرحلة. كما أن العراق و الأردن والسودان أيضاً لها قصص و روايات، لكنها تقلّ عن البلدان السابقة من ناحية الكمّ و الكيف.
وإذا وقفنا عند الخطوط العامة عند روايات و قصص هذه المرحلة يتبين أنها في مجموعها صورة صادقة عن أفكار الطبقة الوسطي تتمثل فيها الأحلام و الهموم و القيم و الموازين التي تتعلق بهذه الطبقة الجديدة المتوسطة، و من سمات أبناء هذه الطبقة حب الإستكشاف، و حب البحث عن الحقيقة، و الرغبة في المعرفة، و خوض المخاطر و التجارب الجديدة التي لا عهد لهم بها، ثم من سماتهم الأخري التأمل في ملكوت السماوات و الكون، و حب الطبيعة و الشغف بجمالها و… .
والطبقة الاجتماعية التي تناولتها قصص و روايات هذه الفترة بالتصوير و التمثيل هي الطبقة البرجوازية المتوسطة، و لذلك لا نجد فيها تعلقاً بالطبقات الأرستقراطية أو تمثيل عاداتهم و قيمهم، كما لا نجد فيها الصراع الطبقي و التنظيم الإقطاعي و ما يتفرع عليه من تكوين الطبقة الحكمة و الطبقة المستبدة، و طمس فردية الانسان و حريته، بل استبدل كلها إلي أهمية الفرد، و التكيد علي شخصيته و تجاربه و قدرته في التخلص من الكوارث و المصائب التي تعترض سبيله نحو التحرير و الانطلاق و البحث عن المجهول و… .
ومن الناحية الثقافية أيضاً أن أعمال هذه المرحلة ثمرة من ثمرات امتزاج الفكرين الشرقي العربي بالغربي الأروبي و تفاعلهما في شتي المجادلات، كما أنها تمتاز بالتخلص من ثنائية الثقافة و ثنائية الشخصية و ازدواجية المشاعر و انقسام الكاتب إلي شقين في لحظات كتابة القصة و الرواية؛ و ذلك أن الثفاقة الغربية تمثلت و دبّت في فكره و سلوكه، شأنها شأن ثقافته الأصيلة، فتفاعلت الثقافتان و أصبحتا شيئاً واحداً تنتجان ثمرة مشتركة.
والذي يجدر ذكره أن القضايا الاجتماعية التي طُرِحَت في أعمال هذه المرحلة طُرِحَت من أجل إيجاد الحلول لها و معالجتها و إصلاحها، كأن شأن الكتّاب شأن المصلحين نفسه.
والنقطة الأخيرة أن كتّاب هذه المرحلة لهم رسالة اجتماعية فنية؛ فمن الناحية الاجتماعية فإنهم أصبحوا كمصلحين يبدون مواقفهم من التقاليد و الصراعات الاجتماعية و…، و من الناحية الفنية لم تعد الأعمال القصصية و الروائية سبيلاً من سبل التفكه أو التسلية أو منبراً لإلقاء المواعظ و النصائح أو وسيلة لعرض المعلومات و المعارف و… بل أصبحت الغاية فنية، و أصبحت الكتابة في هذا الفن عملاً يعتز به صاحبه، و يتثقف من أجله و يبحث عن كل وسائل النجاح من أجل إخراج عمله عملاً فنياً رائعاً يجمع بين الرسالة الاجتماعية و الفنية.
جـ- مرحلة تأصيل القصة العربية
هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة في تطور القصة و الرواية العربية، والتي اعتبرت قمة المراحل و تسمّت بمرحلة التأصيل. و قد تداخلت هذه المرحلة بالمرحلة السابقة عقداً من الزمن حيث كانت الثلاثينيات خاتمة مرحلة التكوين و مدخلا إلي مرحلة التأصيل حيث اختارت الرواية والقصة العربية اتجاهاً جديداً نتيجةً لأسباب و عوامل مختلفة لم تكن ميسرة لهما في المرحلة السابقة.
وقد أتيحت الفرصة في هذه الفترة للكتّاب للاطلاع علي المناهج و طرق البحث العلمي و الكاديمي كما أتيحت الفرصة للاطلاع علي أنواع الدراسات النفيسة و التحليلة و الرمزية، و الأهم من هذه كلها أتيحت فرصة الإطلاع علي اللغات الأجنبية و الدراسات الواسعة في ميادين الأدب والقصص والفروع المختلفة للفكر الأروبي بلغاته الأصلية، و كان للجامعة المصرية فضل أساسي في تمهيد هذه كلها، إذ هيأت جيلاً حسب الأصول العلمية و المناهج الكاديمية الحديثة مهتمةً بأنواع العلوم كعلم النفس والفلسفة والاجتماع والتاريخ، وجَعلِها في متناول اليد؛ زد علي ذلك الدعوة إلي الحرية في التفكير والإشادة بالقيم الديمقراطية التي عني بطرحها الأساتذة الجامعيون علي هذا الجيل، كل هذه أخرج جيلاً جديداً من الكتّاب اتجه في كتاباته نحو الواقعية مستعيناً بقوي العقل و المنطق في مواجهة الأحداث والمشكل و التعبير عنها، و ابتعد عن تلك النزعة الرومانتيكية السابقة.
وقد أطلق علي هذا الجبل من الكتاب عنوان «جيل الجامعيين» و ذلك أنهم كانوا من خريجي الجامعة؛ منهم: علي أحمد بكثير خرّيج في قسم اللغة الإنكليزية؛ عبدالحميد جودة السحار خريج كلية التجارة والاقتصاد؛ يوسف السباعي خريج الكلية الحربية؛ إحسان عبدالقدوس خريج كلية الحقوق؛ يوسف إدريس خريج كلية الطب، و قمة روائي هذه المرحلة نجيب محفوظ خريج كلية الآداب، قسم الفلسفة؛ عبدالرحمن منيف الدكتوراه في العلوم الاقتصادية و… .
والنقطة الهامة في أعمال هؤلاء الروائيين أنهم تخلصوا إلي حد بعيد من العيوب التي كانت في أعمال المراحل السابقة من الناحية الفنية، كما حاولوا التخلص من عقدة الانبهار و الإعجاب بالثقافة الغربية، و من الخطف السريع لثمار الفكر الأروبي دون أن يكون علي وعي و منهجية، و رغم كل هذه التطورات الطارئة علي القصة و الرواية العربية من ناحية البناء الفني إلا أنها مازالت تحتاج إلي الكتمال في تشكيل بنائها الفني، إذ هي لم تخرج في معظمها عن قصص و رواياتِ شخصيات أو أحداث كما أنها لم تكتمل بعدُ من ناحية الأسلوب حيث ترواح أسلوبها بين التصوير، و هو طابع الأسلوب الروائي و بين التقرير، و هو طابع المقالة.
وبعد نجيب محفوظ الذي أسّس البناء الفني للقصة و الرواية العربيتين و بلغ بهما الذروة لحد بعيد، بدأت فترة نهضوية متميزة بفضل الأحداث الدامية التي حدثت في الخمسينات و الستينات، و من أهمها هزيمة 1967؛ ففي هذه المرحلة استطاعت القصة و الرواية أن تتطور و تتقدّّم كثيراً حيث ارتفعت منها تلك النقيصة التي أشرنا إليها من ناحية الأسلوب والتشكيل، إذ ظهرت تحريرات عديدة في مضامينها و أشكالها بالمقارنة مع الشكل الروائي السابق. فمن ناحية المضمون و المحتوي حاول الروائيون الجدد بعد نجيب محفوظ استيعاب كل التحولات التي وقعت في المجتمع العربي دون العناية بطابع المحلية و حصر أنفسهم فيها كالجيل الماضي، فظهرت أسماء كثيرة في عالم القصة و الرواية من الأقطار العربية المختلفة كجبرا ابراهيم جبرا، غسان كنفاني، حنّا مينة، عبدالرحمن منيف، جمال الغيطاني، الطيب صالح، غادة السّمان، حليم بركات و…، فأعمال هؤلاء وإن تفترق علي المستوي الجغرافي، لكنها تلتقي في قضايا و موضوعات مشتركة كالحرية و التحرر، السياسة، الانتماء الوطني و القومي، القضية الفلسطينية، الصراع الطبقي و… .
وأما علي المستوي الشكلي فظهرت تنويعات في أساليب السرد و تعدّد التقنيات في المزج بين الوصف و التذكر و المشاهد الحوارية و… ممّا جعلت القصة و الرواية العربيتين تنفصل كثر فكثر عن التقليد الأروبي، و جعلتها تعرفان التطور والتقدّم كمثيلتهما الأروبية.
3- الرواية العربية المعاصرة
عرف الأدب العربي الحديث أنواع قصصية متعددة، منها الأقصوصة، و قصة قصيرة، و قصة، و رواية، و سيرة ذاتية و…، والذي يهمنا هنا هي الرواية، و هي التي يعالج فيها المؤلف موضوعا كاملا أو كثر، زاخراً بحياة تامة واحدة أو كثر، فلا يفرغ القاريء منها إلا و قد ألمّ بحياة البطل أو الأبطال في مراحلهم المختلفة. و ميدان الرواية فسيح أمام القاص يستطيع فيه أن يكشف الستار عن حياة أبطاله و يجلو الحوادث مهما استغرقت من وقت.
ولقد كان نشوء الرواية في الأدب العربي موكبا لبداية عصر النهضة، و قد كثر الحديث عنها بين النقاد من المستشرقين و العرب حول بدايتها حيث وقفوا إزاءها مواقف متبانية، أهمها رأيان متباينان: أحدهما يري أن الجنس الروائي حاضر في التراث العربي، و الثاني ينفي أن تكون هنك أية صلة بين الرواية و تلك الأنماط القصصية القديمة.
وعلي الرغم من أن الكثير من الباحثين أنكروا الصلة بين نشأة الرواية العربية و بين التراث القصصي عند العرب، إلا أن هذا الارتباط حاضر، و قد ألقينا الضوء عليه خلال الرصد السابق للقصة بوصفها مشتملا علي الرواية أيضاً، إذ بدت الجهود الروائية الأولي متأثرة بالتراث العربي من ناحية المادة، و هذا ما ظهر بشكل جليّ في الرواية التاريخية التي اهتمّت بإحياء جوانب من التاريخ العربي والتركيز علي أحداثه البارزة، و في هذا الإطار تدخل أعمال الروائية التاريخية لجرجي زيدان، و علي الجارم (شاعر ملك، سيدة القصور…)، و محمد سعيد العريان (قطر الندي، بنت قسطنطين)، و محمد فريد أبو حديد (ابنة الملوك، المهلهل) و… ثم تلتها نتاجات أخري كتبت علي النمط القديم خاصة المقامة، نذكر منها مثلاً: «الساق علي الساق» لفارس شدياق، و «مجمع البحرين» لليازجي، و «حديث عيسي بن هشام» للمو يلحي، إلا أن هذه الأعمال تختلف عن الرواية الحديثة من ناحيتين؛ الأولي: من ناحية الأسلوب والبناء حيث تراوحت هذه الأعمال بين المقالة و المقامة، و اعتمدت علي السرد الحدثي دون تحليل الأحداث و الشخصيات ممّا جعلت الرواية في هذه الفترة غامضة الملامح و أفضت عليها طابع التقريرية؛ و الثانية: من ناحية الغاية و الهدف حيث الغاية من هذه الأعمال لم تكن فنياً بقدر ما كان تعليماً، و ذلك أن هؤلاء الرواد كانوا إما مصلحين، و إما علي صلة مع زعماء الإصلاح، و لذلك جاءت أعمالهم تعليمية مضمونية. و هكذا تستنج الصلة بين الرواية العربية الحديثة عند ظهورها، و بين الترات القصصي و الروائي عند العرب خاصة المقامة.
وقد اتخذ فريق آخر موقفا معارضاً للفريق الأول في نشوء الرواية العربية حيث يرجعه إلي تأثّر الأدب العربي بالأدب الغربي في عصر النهضة مستنداً في تعليل فقدانها إلي ضعف الخيال العربي و اختلاف لغة الأدب و لغة الكلام عند العرب، و انتشار الأمية إلي حد كبير في البلاد العربية، و قلة الأساطير، و سجال الحروب و اعتزال المرأة عن الحضور في الاجتماع و …، كل هذه ما أفقد الأدب العربي القديم من جنس الرواية.
والذي يمكننا أن نقول بعد اطلاعنا علي هذين الرأيين المختلفين أن الرواية العربية الحديثة ظهرت متأثّرة بالأدب الغربي، فإنها و إن كانت في بدايتها تأثرت بالتراث العربي القديم من ناحية المادة و المضمون، لكنها سرعان ما انقطعت صلتها بذلك التراث، و تأثرت إلي حد بعيد بالرواية الغربية ممّا أدّت إلي تراجع المحاولات الأولي التي ظهرت متأثرة بالتراث القصصي والروائي العربي، فالكثير من الكتاب في هذه الفترة شغفوا بترجمة الروايات الغربية الرومانسية، و تركوا الاهتمام بتطوير ثراثهم الشعبي ممّا أدّي إلي رفض التراث القديم و قطع الصلة بينه و بين الرواية الفنية، كما أدّي إلي تغيير الغاية التعليمية من الرواية في الطور الأول إلي التسلية و الترفيه.
وعلي الرغم من اتصال هؤلاء الكتاب بالروايات الرومانسية الغربية عن طريق ترجمة تلك الآثار أولاً ثم التأليف و الإبداع علي منوالها، إلا أن سمات الرواية التقليدية تظهر بوضوح في أعمالهم من ناحية الأسلوب و السرد التقريري، و هكذا ظهر الاتجاه الرومانسي في الرواية العربية، و تجلّي ذلك في أعمال مصطفي لطفي المنفلوطي، و هيكل (زينب)، و جبران، و الريحاني، و كرم ملحم كرم (لا تنتحي، فريد، حرفة الألم و…) و محمود السيد، و علي الشبيبي (رنّة الكأس)، و خليل عزمي (دلال) و رضاء الدين الحيدري (الخطيئة).
وقد استمرت هذه النزعة فترة من الزمن إلي أن ظهرت إثرها أعمال أخري اهتمت بالترجمة الذاتية، و ذلك أن الرواد الأوائل اصطدموا بعقبات كثيرة في محاولتهم لخلق نوع روائي؛ و من أعلام هذا الاتجاه طه حسين (الأيام)، و المازني (ابراهيم الكاتب)، و توفيق الحكيم (عودة الروح) و …، والغاية من هذه الروايات الذاتية إبراز الشخصية و الارتباط بالواقع.
وعندما وصلت الرواية العربية إلي فترة الثلاثينات اتجهت نحو الواقعية متأثرة بالثقافة و الفكر الأروبي، و من نماذج هذا الاتجاه أعمال طه حسين، محمود تيمور، توفيق الحكيم، عبدالرحمن الشرقاوي (الأرض)، نجيب محفوظ (خان الخليلي، زقاق المدق، بين القصرين)، محمود أحمد سيد و… والغاية عند أصحاب هذا الاتجاه الوعظ الاجتماعي أو السياسي، و التعريض بالعادات، و النقد الاجتماعي و… .
ومن الاتجاهات الأخري للرواية العربية الحديثة الاتجاه النفسي، و هو حديث التكوين بعكس النزعة الباطنية البعيدة الغور، و قد تسمّي في الرواية العربية بتيار الوعي أو قصة الحوار الفردي الصامت أو القصة التحليلة. و قد ساعدت الرومانتيكية بنزعتها الذاتية في ظهور هذا النوع من الرواية، و هو يتميز بتركيز الاهتمام علي بطل أساسي بدلاً من توزيعه علي عدة أشخاص.
والشخصية التي يرتكز عليها الكاتب ليست إلا ستارا يشرح الكاتب من خلاله أفكاره الخاصة و عواطفه، حتي البطل في هذه الرواية صورة عن المؤلف. و من أعلام هذا الاتجاه عيسي عبيد (ثريا) و محمود تيمور، و طاهر لاشين (حواء بلا آدم)، و العقاد (سارة)، و المازني و… .
وأما الاتجاه الرمزي في الرواية العربية ظهر متأخراً عن الاتجاه الرومانتيكي، و هو ظهر في بعض نتاجات الكتّاب العرب من أمثال نجيب محفوظ (اللص و الكلاب، الشحاذ، أولاد حارتنا، السمان والخريف، الطريق)، و يحيي حقي، والنقطة الهامة أن الرمزية المحضة علي طريقة الغربيين نادرة في الروايات العربية.
والإتجاه الاجتماعي في الرواية العربية اقترن باتجاهات أخري، و كان كتّاب المهجر من أبرز الذين ساهموا في تكوين هذا الاتجاه، إذ صوّروا الكثير من المشكل الاجتماعية والتقاليد الشعبية، و من أبرز أصحاب هذا الاتجاه ميخائيل نعيمة، و كرم ملحم كرم.
هذه كانت أهم المحاور التي تناولتها الرواية العربية قبل السبعينات، و قد وردت الرواية العربية في فترة السبعينات و ما بعدها إلي مرحلة جديدة تنوعت إلي حد كبير من ناحية الأساليب و السرد و التخلص من الأسس التقليدية للسرد، كالعرض، والعقدة، والحل، كما تقدمت كثيراً في التخييل والتصوير؛ و من ناحية المضمون أيضاً حاولت استيعاب جميع التحولات التي حدثت في المجتمع العربي مع الخروج عن طابع المحلية، و تناوُلَها بالتصوير والتمثيل أينما كانت و وقعت، لذلك اهتمت بالهمّ القومي، و الصراع الطبقي، و القضايا السياسية، قضية فلسطين، الحرية والتحرر و… و من أعلام الرواية العربية في السبعينات و ما بعدها جبرا ابراهيم جبرا، غسان كنفاني، حنا مينة، غادة السمان، عبدالرحمن منيف، الطيب صالح، سحر خليفة، سهيل إدريس و… .
اتجاهات الرواية العربية في السبعينات
لحد الآن ما ذكرنا حول نشأة الرواية و الاتجاهات التي ظهرت فيها كانت كلها مطبوعة بطابع الرواية التقليدية، لكن في أواخر الستينات و بداية السبعينات ظهرت ثوراث عنيفة علي الرواية التقليدية المستهلكة، أدت إلي ظهور اتجاهات جديدة، و إن كانت هي متأثّرة بالغرب لحد بعيد، إلا أن التأصيل والتكوين ظهرا فيها في أسرع وقت ممكن، و هذه الاتجاهات الجديدة هي:
أ: رواية تيار الوعي
كان هذا الاتجاه بمثابة ثورة عارمة علي الرواية التقليدية، و قد بدأ في الأدب الغربي في نهاية القرن التاسع عشر وامتدت إلي النصف الأول علي يد «ما رسل بروست (البحث عن الزمن الضائع)»، و « جيمس جويس (أوليس)». و بهذا التيار ظهرت بلبلة في عالم الرواية، إذ قبل ذلك كان الطابع الأساسي للرواية هو تسلسل الأحداث، و تفاعل البطل مع هذه الأحداث، لكن بظهور هذا التيار تغير الأسلوب، و أصبح كتشاف العقل والباطن الخفي مثار الاهتمام، لأنه المحرك الأساسي للفكر و السلوك.
و مقومات هذا الاتجاه أو التيار تتلخص فيما يلي:
الف) المونولوج الداخلي المباشر، و فيه يغيب المؤلف، و يتم الحديث فيه بضمير المفرد و الغائب.
ب) المونولوج الداخلي غير المباشر، و فيه يحضر المؤلف عبر الوصف و التعليق، و يقوم الحكي فيه بضمير المتكلم.
ج) وصف الوعي الذهي للشخصيات.
د) مناجاة النفس.
هـ) التداعي الحر من طريق الخيال و الحواس.
و) المونتاج السينمائي عن طريق تعدد الصور و تواليها.
وفي الأدب العربي تأثّر روائيون كثيرون في فترة الستينات والسبعينات بهذا التيار الذي أدي إلي تفاهم التعبيرات الرمزية في أعمالهم؛ منهم نجيب محفوظ (الشحاذ)، حيدر حيدر (الزمن الموحش)، هاني الراهب (ألف ليلة و ليلتان)، و غادة السمان و… .
والذي ساعد علي انتشار هذه المدرسة الروائية هي الروايات المترجمة المكتوبة بهذا الأسلوب ثم ترجمة مفاهيم علم النفس، و ترجمة آراء فرويد و … حيث أثّرت في انتشار ذلك.
ب: الرواية الطليعية
والاتجاه الثاني في الرواية العربية بعد السبعينات هو الاتجاه الطبيعي أو الرواية الطليعية، و هي تعني استخدم تقنيات فنية جديدة تتجاوز الأساليب و الجماليات السائدة و المعروفة، لكن بهدوء و بطء و تمهّل.
وقد تميزت الرواية الطليعية باستخدام تقنيات السينما، و التقطيع إلي صور و لوحات مستقلة تعطي مجتمعة انطباعاً و إحساسا واحداً، كما تميزت باستخدام المونولوج الداخلي، و الفلاش بك في تصوير ماضي الأبطال، كما أن من ميزاته الأخري أسلوبها الشعري، و النسبية أو النظر إلي الحادثة الواحدة من زوايا مختلفة و عديدة.
ومن الروائين العرب الذين تجلّت هذه العناصر في نتاجهم، جمال الغيطاني، صنع الله ابراهيم، اميل حبيبي، جبرا ابراهيم جبرا، الطاهر وطّار، عبدالرحمن منيف، الياس خوري و… .
جـ: الرواية التجريبية
هذا الاتجاه أحدثُ اتجاه ظهر في العالم الروائي، والذي اعتمد عليه المعاصرون بوصفه تقنية جديدة من أجل تجاوز واقعهم الفني المستهلك، فقامت الرواية التجريبية علي توظيف البناءات والأحلام اللغوية، و استقلال تقنيات الشعور و اللاشعور، و انثيال الوعي و اللاوعي والأحلام، و إلغاء عنصري الزمان والمكان و… .
وقد ظهر هذا الاتجاه بغية بناء أدب مضادّ للابداع المتعارف عليه مسبقا عن طريق تدمير البنيات الشكلية للرواية، والعناصر الفنية، و تفجير اللغة، والخروج علي الأنماط الروائية السائدة نحو الإبداع و الإبتكار، و الولوع إلي عالم مستقبلي مجهول منقطعاً عن الماضي و الحاضر، متفائلا إلي المستقبل. ومن أشهر الروائيين الجدد، أحمد المديني حيث يري أن الرواية هي فيض لغوي و ثراء لفظي يتجاوز العادي و المألوف خارجاً عن البناء الروائي السابق. و من أشهر رواياته (زمن بين الولادة و الحلم).
المصادر
1- الاتجاه القومي في الرواية، مصطفي عبدالغني، عالم المعرفة، الكويت، 1994م.
2- الأدب القصصي و المسرحي، احمد هيكل، الطبعة الرابعة، دار المعارف، 1983م.
3- تطور الأدب الحديث في مصر، احمد هيكل، الطبعة السادسة، دار المعارف، مصر، 1994م.
4- تطور الرواية العربية الحديثة، عبدالمحسن طه البدر، الطبعة الثالثة، دار المعارف، 1976م.
5- تطور الرواية العربية الحديثة في بلاد الشام، ابراهيم السعافين، دار المناهل، بيروت، 1987م.
6- تطور فن القصة اللبنانية، علي نجيب العطوي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1982م.
7- تكوين الرواية العربية (اللغة و رؤية العالم)، محمد كامل الخطيب، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1990م.
8- الرواية العربية: النشأة و التحول، محسن جاسم الموسوي، دار الآداب، بيروت، دون تاريخ.
9- الرواية العربية المعاصرة: بدايات و ملامح، محمد عزام، مجلة المعرفة، العدد 388، 1996م.
10- في الجهود الروائية (من سليم البستاني إلي نجيب محفوظ)، عبدالرحمن ياغي، دار الفارابي، بيروت، 1999م.


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

[صوتية] كتاب الشذرة الذهبية في علم العربية شرح الشيخ / عبدالرحمن كوني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد فهذا شرح لكتاب الشذرة الذهبية في علم العربية شرح الشيخ عبد الرحمن كوني -حفظه الله-

الدرس الأول
الكلمة
الدرس الثاني
باب الاعراب
الدرس الثالث
المرفوعات
الدرس الرابع
المنصوبات
الدرس الخامس
والمفعول معه
الدرس السادس
المجرورات
الدرس السابع
المجرورات وو
الدرس الثامن
باب الفعل
الدرس التاسع
وعطف البيان

أسأل الله أن ينفعكم به


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

التشكيل في اللغة العربية النشأة و التطور

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
التشكيل : ويراد به ضبط الحرف وشكله بعلامات تبين طريقة نطقه الصحيحة .
الحاجة إلى تشكيل الكلمات
الحاجة أم الاختراع كلمة صادقة فعندما فشا اللحن بين العامة وأخطأ البعض في تلاوة القرآن الكريم بدأ التفكير في وسيلة للحد من اللحن ، هذا ما أجمعت عليه الروايات ،أما تحديد الموقف الذي دعا إلى التقكير في إيجاد وسيلة لمنع اللحن فلقد اختلفت الروايات فيه وتباينت تباينا شديدا .
وليس المقام هنا تتبع الروايات ودراستها ونقدها ولكن مايعنينا هنا الدافع والسبب لتشكيل الحروف العربية ومن الروايات المذكورة في هذا الشأن ( أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى زياد عندما كان واليًا على البصرة (45-53هـ‍) أن يبعث إليه ابنه عبيدالله، ولما دخل عليه وجده يلحن في كلامه، فكتب إلى زياد يلومه على وقوع ابنه في اللحن، فبعث زياد إلى أبي الأسود الدؤلي يقول له: ((إن هذه الحمراء – أي الأعاجم – قد كثرت وأفسدت مِن ألسنة العرب، فلو وضعت شيئًا يُصلح به الناسُ كلامَهم، ويعربون به كتاب الله )). فاعتذر أبو الأسود فلجأ زياد إلى حيلة؛ بأن وضع في طريقه رجلا وقال له: إذا مرّ بك أبو الأسود فاقرأ شيئًا من القرآن، وتعمد اللحن فيه. فلما مرّ به قرأ قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ، بجرّ لام رسوله، فشق ذلك على أبي الأسود، وقال: ((عزّ وجه الله أن يتبرأ من رسوله)). وقال لزياد: ((قد أجب( أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى زياد عندما كان واليًا على البصرة (45-53هـ‍) أن يبعث إليه ابنه عبيدالله، ولما دخل عليه وجده يلحن في كلامه، فكتب إلى زياد يلومه على وقوع ابنه في اللحن، فبعث زياد إلى أبي الأسود الدؤلي يقول له: ((إن هذه الحمراء – أي الأعاجم – قد كثرت وأفسدت مِن ألسنة العرب، فلو وضعت شيئًا يُصلح به الناسُ كلامَهم، ويعربون به كتاب الله )). فاعتذر أبو الأسود فلجأ زياد إلى حيلة؛ بأن وضع في طريقه رجلا وقال له: إذا مرّ بك أبو الأسود فاقرأ شيئًا من القرآن، وتعمد اللحن فيه. فلما مرّ به قرأ قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ، بجرّ لام رسوله، فشق ذلك على أبي الأسود، وقال: ((عزّ وجه الله أن يتبرأ من رسوله)). وقال لزياد: ((قد أجبتك إلى ما طلبت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن ))، واختار رجلا من عبدالقيس، وقال له: ((خذ تك إلى ما طلبت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن ))، واختار رجلا من عبدالقيس، وقال له: ((خذ المصحف، وصِبغًا يخالف لون المداد، فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه، وإذا كسرتها فانقط واحدة أسفله، وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف (أي أمامه)، فإذا أتبعت شيئًا من هذه الحركات غنة (أي تنوينًا)، فانقط نقطتين )).ولقد أوردت هذه الرواية لتأكيد هذه الدافعية فقط .على أن هذه الرواية تبين لنا المرحلة الأولى من مراحل ضبط الحروف ، وحتى تتضح لنا الصورة يجب أن نعلم الصور النطقية المختلفة للحرف الواحد أو مايسمى بالحركات ويمكن أن نوجزها فيما يلي :-
– الضمة القصيرة مثل حركة القاف في قُتل وكان رمزها نقطة فوق الحرف.
– الضمة الطويلة مثل حركة العين في عوتب وكان رمزها نقطة أمام الحرف.
– الفتحة القصيرة مثل حركة القاف في قَتل وكان رمزها نقطة أسفل الحرف.
– الفتحة الطويلة مثل حركة التاء في كتاب.
– الكسرة القصيرة مثل حركة العين في عِلم.
– الكسرة الطويلة مثل حركة الغين في صغير .
– التنوين والتشديد بصورهما المختلفة :-
تنوين بالفتح مثل كتابًا .وكان رمزها نقطتين فوق الحرف.
تنوين بالضم مثل كتاب.وكان رمزها نقطتين أمام الحرف .
تنوين بالكسر مثل كتابٍ.وكان رمزها نقطتين أسفل الحرف.
شدة وفتحة مثل علم
شدة وضمة مثل كتاب
شدة وكسرة مثل علم .
شدة مع تنوين بالفتح مثل سدًّّا.
شدة مع تنوين بالضم مثل شر
شدة مع تنوين بالكسر مثل حظ
– السكون مثل سكون الباء في أبْصر وكان يترك بلا نقط .
من العرض السابق يتبين لنا أن أبا الأسود الدؤلي لم يضع كل الرموز الكتابية للحركات .
المرحلة الثانية من التشكيل ( نقط الإعجام )
كتبت المصاحف بلونين لون للحروف ولون لشكل الحروف ثم ظهرت مشكلة أخرى وهي انتشار اللحن في القراءة فالعربي كان يميز بين حرفي السين والشين بفطرته ، ولكن هذا ماحدث لم يفرق البعض بين الحروف المتشابهة وكذلك اختلفت الروايات في تحديد الواقعة التي أدت إلى التفكير في نقط الحروف والذي يهمنا هنا أن نصر بن عاصم ويحيى بن يَعْمَر هما من قاما بنقط المصحف للتمييز بين الحروف المتشابهة وحروف الإعجام هي (ب – ت – ث – ج – خ – ذ – ز – ش – ض – ظ – غ – ف -ق – ن – ي )
وهنا تداخلت النقاط فاستخدم الكتبة ثلاثة ألوان لون لرسم الحرف ولون لشكله ولون لنقطه .وما ينطبق على نسخ المصاحف في هذه الفترة التاريخية ينطبق على الكتابات الأخرى .
وللحديث بقية

موضوع جميل شكرا على الطــــــــــــــــــــرح

التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

في رحاب اللغة العربية

اللغة نظام، ولكل نظام قواعد تحكم بنية مفرداته، وتضبط العلاقات بين مفرداته الصغرى حين تؤلف وحدات (جمل وتراكيب وفقرات). والالتزام بقواعد اللغة في الكتابة ييسر التواصل، كما أن مخالفة قواعد اللغة تسبب حيرة للقارئ، وقد تغير المعنى، وتفسد الأفكار التي تعبر عنها. ولذا عليك أن تلتزم بقواعد اللغة في كتابتك. ونقدم لك هنا بعض الإرشادات الموجزة كي تفيد منها في كتابتك.
قواعد اللغة العربية تقوم على الإعراب الذي يبين مواقع الكلمات في جملها تبعًا للمعنى الذي تمثله في تركيبها. فليس من حق الكاتب أو القارئ أن يرفع المنصوب، أو يجر المرفوع. فالمثال: كَلّفَ الرجلان المهندسَيْنِ بإحضار خريطة المبنى، يوضح أن الذي قام بالتكليف هما الرجلان، وقد طلبا من المهندسيْن إحضار خريطة المبنى. وجاء هذا الفهم من كون (الرجلان) فاعل (والمهندسيْن) مفعول به، وقد جاء الفاعل مرفوعًا بالألف لأنه مثنى (الرجلان)، وجاء المفعول به منصوبًا بالياء لأنه مثنى أيضًا. فإن أخطأ الكاتب في علامات إعراب هذه العبارة، مثل: كَلَّفَ الرجلين المهندسان بإحضار خريطة المبنى، فقد انعكس المعنى، إذ أضحى الفاعل مفعولاً والمفعول فاعلاً، وهو أمر لا يمثل الحقيقة الواقعة. ولتجنب مثل هذه الأخطاء التي تصاحب الاستخدام اللغوي، على الكاتب أن يلتزم قواعد اللغة في كتابته أو تعبيره، وأساس تلك القواعد الإعراب.
الإعراب تغيير يلحق أواخر الكلمة المعربة دلالةً على موقعها الإعرابي وما تمثله في المعنى الكلي لجملتها التي تكون فيها. وللإعراب أنواع أربعة: الرفع والنصب والجر والجزم.
○ الرفع
علامته الأصلية الضمة، وتكون في الاسم المفرد، مثل: الكاتبُ بارعٌ. وفي جمع التكسير، مثل: العلماءُ ورثةُ الأنبياء. وفي جمع المؤنث السالم، مثل: الطبيباتُ يعطفن على الصغار. وفي الفعل المضارع، مثل: الصاروخ ينطلقُ بعد ساعة.
وتنوب عن الضمة علامات فرعية: الألف وتكون في المثنى مثل: جهازا الحاسب جديدان. والواو وتكون في الأسماء الخمسة، مثل: أخوك ذو خلق وعلم. وتكون في جمع المذكر السالم، مثل: المسافرون منتظرون في الميناء. وثبوت النون، ويكون في الأفعال الخمسة، مثل: الطائرتان تخترقان أجواء العدو.

○ النصب
علامته الأصلية الفتحة، وتكون في الاسم المفرد والفعل المضارع، مثل: إن السفينَة لن تبحرَ مادام البحر هائجًا، وفي جمع التكسير، مثل: إن الجنودَ مصممون على الانتصار.
وتنوب عن الفتحة علامات فرعية: الكسرة، وتكون في جمع المؤنث السالم، مثل: «إن الحسناتِ يذهبن السيئاتِ» هود:11. والألف، وتكون في الأسماء الخمسة، مثل: كافأتْ الأسرة أخاك لفوزه. والياء، وتكون في المثنى، مثل: «وهديناه النجدين» البلد: 10. وفي جمع المذكر السالم، مثل: أكرمتْ الدولة المؤتمرينَ. وحذف النون يكون في الأفعال الخمسة، مثل: الفريقان لن يتباريا قبل الموعد المحدد.

○ الجر
علامته الأصلية الكسرة، وتكون في الاسم المفرد، مثل: سررت بالسيارةِ الجديدةِ. وفي جمع التكسير، مثل: الآباء مسؤولون عن أبنائهم.
وتنوب عن الكسرة علامتان فرعيتان: الفتحة، وتكون في الاسم الممنوع من الصرف، مثل: صليت في مساجدَ متعددةٍ. والياء وتكون في المثنى، مثل: مررت عبر طريقينِ مزدحمينِ. وفي جمع المذكر السالم، مثل: بدا التجهم على وجوه المشاهدينَ. وفي الأسماء الخمسة مثل: بكمْ أصلحت سيارةَ أخيك؟.

○ الجزم
علامته الأصلية السكون، وتكون في الفعل المضارع مثل: لا تهملْ عمل يومك. وتنوب عن السكون علامتان فرعيتان، حذف حرف العلة، ويكون في كل فعل مضارع معتل الآخر، مثل: لا تنه عن خلق وتأتي مثله. وحذف النون، ويكون في الأفعال الخمسة، مثل: «إن تنصروا الله ينصركم» محمد: 7.
وليست كل كلمات اللغة تحتمل العلامات الإعرابية الظاهرة، وإنما في اللغة كلمات لا تحتمل العلامة لبنائها مثل: أنتَ مهذب. انظر: الإعراب (المبني). ومن كلمات اللغة ما لا يحتمل العلامة الإعرابية لثقل، ويكون في الاسم المنقوص، مثل: يفصل القاضي في القضية المعروضة عليه. وفي المضارع المعتل بالياء، مثل: يعي المنصت الحديث، وفي المضارع المعتل بالواو مثل: يدعو المدير لاجتماع طارئ. أو تعذر، ويكون في الاسم المقصور مثل: المستشفى تستقبل المرضى باستمرار. وفي المضارع المعتل بالألف مثل: يسعى المصطاف للراحة. أو اشتغال محلها بعلامة أخرى، ويكون في المضاف لياء المتكلم مثل: انكسر قلمي. وفي الأعلام المحكية مثل: أنشدنا تأبط شرًا قصيدة عصماء. وفي المسبوق بحرف جر زائد مثل: ليس المريض بخائف من الجراحة. انظر: الإعراب (التقدير).
وبجانب الإعراب هناك قواعد أساسية أخرى يكثر دورانها في الكتابة والحديث يحسن بالكاتب أن يلمّ بها.

○ المطابقة
اشتراك لفظين في بعض السمات. فالمطابقة تكون في كلمات لا يتمثل فيها الإعراب أصالة، وإنما تطابق كلمات أخرى ذات موقع إعرابي في الجملة.
والمطابقة قد تكون في أمر واحد كالمطابقة في الإعراب، كمطابقة المعطوف للمعطوف عليه، مثل: في الشهر القمري تسعةٌ وعشرون يومًا أو ثلاثون. ومطابقة البدل للمبدل منه مثل: أكل الطفل التفاحة َنصفَها. ومطابقة التوكيد للمؤكد مثل: أقبل الأميرُ نفسُهُ.
والمطابقة قد تكون في أكثر من أمر، كمطابقة الصفة لموصوفها في الإعراب والنوع والعدد، مثل: الخطان المتوازيان لا يلتقيان، فوقع التطابق بين (الخطان، والمتوازيان) فتطابقا في الرفع والتذكير والتثنية.
وقد تكون المطابقة في أمرين: العدد والنوع. كمطابقة الخبر للمبتدأ، مثل: النخلة مثمرة. فالخبر (مثمرة) مفرد لإفراد المبتدأ (النخلة)، ومؤنث لتأنيثه، ومثل: صار المسلمون متحِدينَ. فلا يصح أن تخبر بهذا الخبر عن مفرد أو مثنى، فليس من سلامة اللغة: المسافران متحدون، ولا العكس.
ومن المطابقة في أمرين كذلك مطابقة الحال لصاحبها في النوع والعدد، مثل: وصل الفارس راكبًا. فلا تصح العبارة إن زالت المطابقة: وصل الفارس راكبة (أو راكبين).
ومن أكثر القواعد في الاستخدام اللغوي مطابقة الضمير للاسم الذي يعود عليه، مثل: الرائدان عادا من الفضاء. فلا يجوز في هذه الجملة: الرائدان عاد من الفضاء، أو الرائدان عادوا من الفضاء.
وتبدو المطابقة أكثر وضوحًا في مطابقة الفعل لفاعله من حيث النوع مثل: الرجل سار، فلا يصح: الرجل سارت.
ومراعاة المطابقة وعدمها تكثر في استخدام العدد. فالعددان (1، 2) يطابقان معدودهما مطلقًا، أفردا أو ركبًا أو عطف عليهما، مثل: رأيت سيارة واحدة، ومثل: رأيت أحد عشر كوكبًا. وفي القاعة اثنتان وعشرون نافذة.
أما الأعداد (3-9) فتخالف معدودها، أفردت أو ركبت مع العشرات أو عطف عليها، مثل: في المعرض ثلاثةُ موظفين وثلاث ُعشرة سيارة، وخمسةُ وعشرون زائرًا. والعدد (10) يخالف معدوده ويطابقه، فإن أفرد خالفه وعومل معاملة الأعداد (3-9)، مثل غرست عشرَ نخلات، أما إن ركّب مع الآحاد، فيطابق معدوده مثل: في الكلية اثنتا عشرة قاعة. ومثل: يدير المحل التجاري أربعة عشر موظفًا.
الأعداد (20، 30، 40 – 90) و (100 و1000 ومضاعفاتهما) لا تتأثر بالمطابقة أو عدمها، فهي على صورتها مع معدودها إن كان مذكرًا أو مؤنثًا، مثل: اشتركت في المعركة خمسون دبابة يقودها خمسون جنديًا، ومثل: اشترك في المؤتمر مائة عالم يناقشون مائة مسألة.
هذه أشهر قواعد اللغة في الاستخدام، وإلمام الكاتب بها يساعده كثيرًا في كتابته ومحادثته.

☼ قواعد الإملاء ☼

احرص دائمًا على أن تكون كتابتك مطابقة لقواعد الإملاء؛ فالخطأ الإملائي يفسد المعنى، ويشوه التواصل المكتوب. ونقدم لك هنا أمثلة للرسم الإملائي الصحيح لبعض ما يكثر الخطأ فيه.

○ الهمزة
حرف يقبل الحركات: أَخ، أُخت، إِخوة، وتختلف عن الألف التي تكون دائمًا ساكنة: حاور، خالد. ويختلف رسم الهمزة على الوجه التالي.
أولاً: في أول الكلمة

فرِّق بين همزة الوصل وهمزة القطع في أول الكلمة:

أ- همزة الوصل، تنطق في أول الكلمة ولكنها لا تكتب في مثل ما يلي:
◙ اسمَع، اشكُر (فعل الأمر الثلاثي)
◙ انطَلَق، انطلِق، انطِلاق- استفْهَم، استفهِمْ، استفهام (في الفعل الماضي الخماسي والسداسي، وفعل أمرهما ومصدرهما).
◙ اسم، ابن، ابنة، اسمان، ابنان، ابنتان، اثنان، اثنتان، امرأة، امرؤ (لا تكتب الهمزة في هذه الأسماء)
ب- همزة القطع، تنطق وتكتب دائمًا في مثل الأمثلة التالية:
◙ أَسِف، أسفًا (ماضي الفعل الثلاثي ومصدره)
◙ أحسن، أَحسنْ، إحسان (ماضي الرباعي، وأمره، ومصدره)
◙ أَحمد، أُسامة. إسلام (في كل الأسماء التي ليست مبدوءة بهمزة وصل).
ثانيًا: في وسط الكلام
القاعدة أن الهمزة تكتب تبعًا لقوة حركتها وحركة الحرف الذي قبلها. وأقوى الحركات الكسرة، ويناسبها رسم الهمزة على ياء أو نبرة: بِئر، سُئِل، هُيِّئت. ثم يليها الضمة ويناسبها الواو مثل سؤال ويؤول ثم يليهما الفتحة ويناسبها الألف مثل سأل ويألم… إلخ. وهناك حالات تشذ عن هذه القاعدة وهي:
1- إذا كانت الهمزة في وسط الكلام مفتوحة وقبلها ياء ساكنة كتبت على ياء مثل: سيْئت وهيئة وشيئًا.
2- إذا كانت الهمزة مفتوحة وقبلها ألف كتبت منفردة مثل: إساءة وعباءة وقراءة وواءم وساءل … إلخ.
3- إذا كانت الهمزة مسبوقة بواو ساكنة أو مفتوحة مشددة كُتبت منفردة مثل: سموْءَل وتبوّءَ… إلخ.
4. كلمة مِائة، اصطُلِحَ على زيادة الألف فيها فرقًا بينها وبين كلمات مثل: (منه وفيه وفئة)، وذلك حين كان الخط باليد، وهي الآن جائزة بالوجهين: (مئة) على القاعدة، و (مائة) على الاصطلاح.
ثالثًا: في آخر الكلام
ترسم الهمزة تبعًا لما يناسب الحرف الذي قبلها: نبَأ، تباطؤ، بَرِئ. وثمة حالات لاتخضع لهذه القاعدة:

بَدْء، بُطْء، مِلء تكتب منفردة على السطر إذا كان ما قبلها حرفًا ساكنًا.

عِبْئًا، جرِيئًا تكتب على نبرة إذا كانت منونة بالنصب وقبلها حرف يمكن وصله بها.

بَدْءًا، جزءًا تكتب منفردة على السطر إذا كانت منونة بالنصب وقبلها حرف لا يمكن وصله بها.

ماء، هواء تكتب منفردة على السطر بدون ألف بعدها إذا كان قبلها ألف.

○ فصل الحروف ووصلها

هناك حروف تتصل بغيرها في مواضع معينة، وتنفصل عنها في مواضع أخرى: ممَّن، عمَّن في مثل ما يلي:

استفدت مِمَّن علموني. اُدغمت نون (مِنْ) في ميم (مَنْ) الموصولة.

مِمَّن تشتر أشتر. اُدغمت نون (مِنْ) في ميم (مَنْ) الشرطية.

عمَّن تدافع؟ أُدغمت نون (عَن) في ميم (مَن) الاستفهامية.

فيمَن تضع ثقتك؟ اوصل حرف الجر (في) بـ (مَنْ) الاستفهامية.

عمًَّا حدثتك عمَّا سمعت منه. أدغمت نون (عن) الجارة في (ما) الموصولة.

علام: عَلام هذه الضجة؟ اوصل حرف الجر (على) بـ (ما) الاستفهامية وحذفت ألف ما.

إلام: إلام الخلف بينكموا إلام؟ اوصل حرف الجر (إلى) بـ (ما) الاستفهامية وحذفت ألف ما.

حتّام: حتَّام انتظرك؟ اوصل حرف الجر (حتى) بـ (ما) الاستفهامية وحذفت ألف ما.

كلّما: كلّما قرأت في الموسوعة العربية العالمية زادت معرفتي. اتصلت (كل) المنصوبة على الظرفية بـ (ما)

كلُ ما: كل ما قلت يحتاج إلى مراجعة (كل) ليست ظرفًا منصوبًا فتفصل عن ما.

إلاَّ: إلا تنصروه فقد نصره الله. (إن) الشرطية دخلت على (لا) النافية واُدغمت النون في لام (لا).

ألاَّ: أود ألاَّ تتأخر. وقعت (لا) النافية بعد (أن) الناصبة للفعل فاُدغمت النون باللام.

أَنْ لا: أشهد أن لا إله إلا الله. إذا دخلت (أن) المخففة على (لا) النافية وتلاهما اسم، يكتبان منفصلتين.

لئلا: اعملوا لِئلا تندموا. دخلت اللام على (أن) الناصبة وتلتهما (لا) النافية فاتصلت الحروف في كلمة واحدة: لئلا

لَئن: لئن شكرتم لأزيدنكم. إذا سبقت اللام الموطِّئة للقَسَم (إنْ) الشرطية توصل بها وتكتب الهمزة على ياء.

حينئذ: أنجِز عملك، وحينئذٍ تكون أديِتَ واجبك. إذا دخل اسم الزمان (حين) على (إذ) المنونة كتبا متصلين ومثل (حين) ساعة، وقت، عند.

○ التاء المربوطة والمبسوطة (المفتوحة)

التاء المربوطة هي التي يصح الوقوف عليها نطقًا بالهاء: جامعة، موسوعة، فريدة، دُعاة، كَتبة. وإذا اتصلت تاء التأنيث المربوطة بالضمير تكتب مبسوطة: جامعتنا، دُعاتهم.

أما التاء المبسوطة فهي التي يصح الوقوف عليها في النطق ساكنة: بنت، لغات، موسوعات. وهي كذلك تاء التأنيث التي تلحق الفعل الماضي: كتبتْ، قامتْ. وهي أيضًا تاء الفاعل (تاء المتكلم وتاء المخاطب، وتاء المخاطبة) إذا أسند إليها الفعل الماضي: عَلِمتُ، علمتَ، علمتِ.

○ الألف المتطرفة:

في الأفعال:

أ- دعا، سعى في الأفعال الثلاثية: تكتب ألفًا إذا كان أصلها الواو: دعا (دعوت)، وياء بدون نقطتين (ألفًا مقصورة) إذا كان أصلها الياء: سعى (سعيت).

ب- أعطى، استوى (تكتب ياء في الأفعال غير الثلاثية دائمًا إلا إذا سبقتها ياء فتكتب ألفًا: استحيا.

في الأسماء:

تكتب في الأسماء الثلاثية ألفًا إن كان أصلها الواو: عصا عصوان، وياء إن كان أصلها الياء: فتى فتيان.

فإن زادت حروف الاسم عن ثلاثة تكتب الألف ياء: مصطفى، مرتجى، منتهى كما تكتب ألفًا في كل الأسماء الأجنبية: ألمانيا، هولندا، بلجيكا.

اسمه يحيى، يحيا العدل الاجتماعي (تكتب في الأسماء ياء «يحيى» للتفريق بينه وبين الفعل «يحيا»).

○ حذف الحروف وزيادتها

في بسم الله الرحمن الرحيم تحذف الألف من كلمة اسم في البسملة فقط، وتبقى فيما عداها: باسم الشعب

هذا، هذه، لكن، هؤلاء. تحذف الألف بعد الحرف الأول في كل كلمة من هذه الكلمات.

وتحذف الألف في بعض الكلمات الأخرى المتعارف عليها مثل: الرحمن، السموات.

محمد بن عبدالله، (تحذف الألف من كلمة ابن إذا وقعت بين اسمين، وتبقى الألف إن جاءت في أول السطر.

كتبوا، اكتبوا، لم يكتبوا: تزاد ألف بعد واو الجماعة في الماضي والمضارع والأمر للتفريق بينها وبين واو جمع المذكر السالم المضاف: مدرسو التعليم الثانوي، وبين الواو التي هي جزء في بنية الكلمة: يدعو، أرجو.

عمرو بن العاص زيدت واو في عمرو.

☼ علامات الترقيم ☼

التزم في كتابتك بعلامات الترقيم؛ لتساعد من يقرأ كتابتك على الفهم. ونقدم لك هنا علامات الترقيم، والمواضع الصحيحة لاستخدامها.

1- النقطة (.)

توضع بعد الجملة كاملة المعنى: لكل مقال عنوان.

2- الفاصلة (،)

توضع بين الجمل التي يتألف منها كلام مفيد: الكاتب الجيد يضع خطة لموضوعه، ويقرأ عنه في مصادر مختلفة. كما تكتب بين أقسام الشيء: عناصر الموضوع هي: المقدمة، والمتن، والخاتمة.

3- الفاصلة المنقوطة (؛)

توضع لتدل على ارتباط الجملة التي بعدها بالجملة التي قبلها: لا يهمني كم العمل الذي أنجزته؛ بل يهمني حجم العمل ونوعه معًا. وتوضع بين كل جملتين تكون إحداهما سببًا للأخرى: كتابتك جيدة؛ فقد التزمت بقواعد النحو والإملاء.

4- النقطتان (تعليم_الجزائر

توضعان بين المجمل وتفاصيله أو أقسامه: يتكون التعليم قبل الجامعي من ثلاث مراحل: الابتدائي والمتوسط (الإعدادي) والثانوي. كما توضع بعد القول. قلت له: اذهب إلى المكتبة، وراجع الفهرس.

5- علامة الاستفهام (؟)

توضع بعد الجمل الاستفهامية: كم عمر أخيك؟ متى يزورنا؟

6- علامة التعجب (!)

توضع بعد الجمل التي تعبر عن الفرح أو الحزن أو التعجب أو الدهشة: ما أجمل لقاء الأصدقاء! وما أبشع جريمة قتل الناس!

7- علامة التنصيص (« »)

توضع لتدل على كلام اقتبس بنصه: قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر».

8- القوسان ( )

يوضعان للدلالة على عبارة تفصيلية: التواصل اللفظي (الشفوي والكتابي) من أهم خصائص الإنسان.

9- الشرطة (-)

توضع بعد الأرقام: علامات الترقيم المذكورة في الموسوعة العربية العالمية اثنتا عشرة: 1- النقطة 2- الفاصلة 3- الفاصلة المنقوطة وهكذا. كما توضع بين ركني الجملة إذا طال الركن الأول: إن الكاتب الذي يؤمن بأهمية التواصل في حياة البشر- يجب أن يكون أمينًا في عرض المعلومات.

10- الشرطتان (- -)

توضعان للدلالة على أن الجملة التي بينهما معترضة: علينا- نحن العرب- أن نقوم بجهود مشتركة في كل مجالات الحياة.

11- ثلاث نقاط (…)

توضع للدلالة على أن في الكلام جزءًا محذوفًا لأنه سبقت الإشارة إليه، أو لأنه غير مهم في سياق ما يكتب عنه، أو لأن القارئ يدركه بالبداهة.

12- المعقوفان ( [ ] )

ويشيران إلى أن ما بينهما إضافة من عند الكاتب إلى نص مقتبس حرفيًا، أو للدلالة على وجود خطأ ما فيما وضع بينهما.

نأمل أن يكون هذا المرشد العملي، بأجزائه الأربعة (دليل مهارات الكتابة، ودليل مهارات الحديث، ودليل مهارات البحث، وقواعد لغوية)، محققًا لأغراضه، والله ولي التوفيق.