في معظم مدن العالم تدفن أغلب النفايات المنزلية حالياً في مناطق خاصة . وإن قسماً قليلاً منها يتمّ حرقه في محارق مناسبة . إن وجود البلاستيك الملوث والمعادن والمواد السامة الأخرى في النفايات المدفونة يحدث مشكلة بيئية ، ولكن مواقع الردم والمحارق في معظم المدن تخضع لرقابة مشددة من قبل الجهات الصحية ، وهي مصممة بكيفيّة تجعل درجة انبعاث الروائح منها في المستوى المقبول . ففي الوقت الحالي ، ونظراً لازدياد كلفة الردم وقلة مساحاته ، يتوجب تقليل النفايات من خلال تدويرها أو معالجتها أو حرقها للحصول على طاقة .
لقد وضعت خطط على مستوى واسع لفصل القمامة وتدويرها أو تحويلها إلى سماد في معظم المدن الأوربية ، أما في المستقبل فإن نصف القمامة سيُحرق أو يُحّول إلى وقود سائل أو وقود غازي . إن استخلاص الطاقة من القمامة الصلبة هو خيار مشجع للمدن الكبيرة ، وذلك لقلة المساحات المخصصة للردم والكلفة العالية لنقل القمامة .
لقد جربت تكنولوجيا حرق النفايات الصلبة وفحصت في كل من أوروباواليابان ، وكما جهزت شبكات واسعة لجمع القمامة ونقلها في معظم المدن الكبيرة لضمان تغذية مستمرة لمحارق الفضلات إذ يوجد حوالي 350 محرقة تعمل باستمرار في الوقت الحاضر في مختلف أنحاء العالم . أما في سويسرا واليابان فإن 8% من النفايات الصلبة تعامل بهذه الطريقة . وهنالك عدد من الدول الصناعية تعتبر حرق الفضلات إحدى الخطوات المهمة في إعادة الحرارة . كما أن الحرارة الناتجة عن الحرق تستخدم في التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية . أمَّا الرماد فيمكن أن يُستخدم في التشييد والبناء . وتتم مراقبة انبعاث الغبار ، والحوامض ، والمعادن ، والمواد العضوية من المحارق القديمة والحديثة مراقبة جيّدة في معظم مدن العالم الكبيرة .
إن حرق النفايات الصلبة في عدة مناطق بريطانية يستغل لغرض إنتاج طاقة حرارية لأبنية متعددة الطوابق وبعض الأبنية العامة بما في ذلك المخازن التي يمتلكها أناس عاديون .
النفايات الصلبة
استخراج الوقود من النفايات (Refuse-Derived Fuel,RDF)
توجد في الوقت الحاضر عدة معامل تدوير للمخلفات الصلبة وذلك بطريقة الفصل الميكانيكي للمواد غير القابلة للحرق مثل المعادن والزجاج ، ثم توجيه المواد العضوية المتبقية إلى منظومات إنتاج الوقود . إن عملية استخراج الوقود من النفايات هي أكثر سهولة من عمليات الفصل الميكانيكي المعقدة ، وفيها أيضاً يتم استخدام الرماد (Ash) كمادة تحرق مع الفحم لأغراض توليد الطاقة . ولقد أدّت القوانين والأنظمة الصارمة التي وضعتها بعض الدول الأوروبية بخصوص حرق النفايات إلى التقليل من استخدام هذه الطريقة.
تطوير غاز المطامر الصحية
يستخدم الغاز المتولد من المطامر الصحية للحرق في الأفران والمراجل لإنتاج بخار لغرض توليد الطاقة الكهربائية أو إنتاج ماء ساخن لأغراض التدفئة . ويوجد في مختلف أنحاء العالم حوالي 240 موقعاً وصلت سعتها إلى 440 في عام 1992 . وأحد المشاريع الكبيرة في العالم يوّلد 46 MW . وإن كل طن من النفايات ينتج نظرياً في العام ما بين 300 و1500 متر مكعب من الغاز ذي محتوى طاقوي يعادل 5 GJ أو 6 GJ وذلك في موقع عمره عشر سنوات أو أكثر . وبسبب صعوبات استخلاص الغاز وإدارة الظروف تحت الأرض فإن كفاءة الإنتاج تتراوح بين 25% و 50% .
إن كلفة توليد الطاقة من غاز الطمر الصحي مشجعة جداً ، إذ أن إنتاج الطاقة من هذه المنظومات يتراوح بين 4 و6 سنت أمريكي للكيلووات – ساعة . وفي حالة إنتاج 150 متراً مكعباً من الغاز لكل طن من النفايات الصلبة فإنه يمكن توليد طاقة كهربائية مقدارها 5 TWh في السنة .
المخمر اللاهوائي للنفايات الصلبة
يمكننا استخدام طرق أخرى لإنتاج الغاز من المطامر الصحية إحداها إخضاع النفايات لعملية مسيطر عليها جيداً في مهاضم مصنعة . وفي هذه الظروف فإن الهضم يتمّ في أسابيع بدلاً من سنين . وتتم تغذية الهاضم بواسطة تخفيف النفايات الصلبة بسوائل المجاري . ومن حسنات هذه الهواضم مقارنة باستخدام مطامر النفايات ، هو إمكانية نصبها قرب المناطق السكنية وبهذا لا تحتاج القمامة إلى أن تنقل لمسافات بعيدة بالإضافة إلى أنها تكتفي بمساحة قليلة من الأرض .
لقد تم تطوير مثل هذه المنظومات في الولايات المتحدة . ويبين الشكل (1-6) المنظومة التي تقوم بتجميع المواد المفيدة من النفايات الصلبة وإنتاج غاز الميثان بواسطة الهواضم وتوليد الطاقة الكهربائية بواسطة حرارة احتراق النفايات الصلبة .
النفايات الصناعية والتجارية
يتم جمع كميات ضخمة من النفايات الصناعية والتجارية في كل مدينة . وإن حوالي ثلثي هذه النفايات قابل للاحتراق ، كما أن قسماً كبيراً منها غير ملائم للجمع مع النفايات المنزلية لاختلاف نوعية المواد . فنفايات عمليات تصنيع الأغذية ، مثلاً ، يجب أن تعالج قبل طرحها كنفايات لتقليل تأثير المواد البيولوجية والكيميائية ، ويتم بعد ذلك وضعها في هاضم لإنتاج طاقة حرارية . ومخلفات المستشفيات يحب حرقها لتجنب التلوث . كما أن كميات كبيرة من الإطارات المستعملة التي ترمى في النفايات يمكن حرقها وتحويلها إلى حرارة أيضاً .
محاصيل الطاقة
وهي محاصيل تزرع خصيصاً لإنتاج الطاقة ، وقد توجّه الاهتمام إليها في السنين الأخيرة . إن تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الجو هو أحد الدواعي الرئيسية إلى استخدام مصادر الكتلة الحيوية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى بدلاً من الوقود التقليدي ، إلاَّ أن لهذا الاستخدام في بعض الدول دواعي أخرى منها زيادة الإنتاج الزراعي وتقليل الاعتماد على النفط المستورد . والمحاصيل المفضل زراعتها تعتمد على توفر الظروف المحلية المؤهلة ومن ضمنها الخشب للحرق ، ونباتات لإنتاج الإيثانول ، ومحاصيل ذات النواة الغنيّة بالزيت . ويبين الجدول (1-6) كمية الإنتاج السنوي لبعض المحاصيل المستخدمة لهذا الغرض .
محاصيل الخشب
يبقى الخشب المصدر الرئيسي للطاقة في معظم بلدان آسيا وإفريقيا وبعض بلدان أمريكيا الجنوبية . إن الخشب أو (الفحم النباتي) هو الوقود الرئيسي المستخدم في بيوت معظم هذه البلدان ، ويستخدم بكميات كبيرة في الاستهلاك الصناعي . ففي البرازيل مثلاً تستخدم مصانع الفولاذ أكثر من مليوني طن من الفحم النباتي سنوياً . وإن مصادر الخشب مهمة جداً . فعند وجود صناعة قطع الخشب في الغابات تتوفر كميات كبيرة من النفايات ، لكن استمرار هذه الصناعة قد يؤدّي إلى انقراض الغابات مستقبلاً ، والحل الأمثل لهذه المشكلة هو زراعة أشجار سريعة النمو . والطريقة القديمة المستخدمة منذ مئات السنين والتي يتم فيها قطع جذوع الأشجار وتركها تنمو مرة أخرى ، هي أيضاً إحدى الطرق التي تقوم بتجربتها كثير من الدول النامية .
ومن الأشجار السريعة النمو أشجار الحور والصفصاف . فعند زراعتها بكثافة 5000 إلى 20000 شجرة بالهكتار لمسافة مقدارها5X1 م و 1X2 م يمكن الحصول على إنتاج مقداره 10 أطنان للهكتار في السنة ولمدة تقارب الثلاثين عاماً .
لقد صرفت الحكومة السويدية حوالي 179 مليون دولار أمريكي خلال السنوات الخمس الماضية لتطوير صناعة الغابات وذلك لاستغلالها لإنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية . وقد أوضحت دراسة حديثة أن المساهمة السنوية للوقود الحيوي ستزداد من 250 PJ حالياً إلى 700 PJ عام 2000 مع مساهمة من الوقود الذي ينتج من الغابات مقدارها 50% .
إنتاج الكحول الإيثلي (الإيثانول) من قصب السكر
إن إنتاج الإيثانول من قصب السكر أو الذرة هو الطريقة المستخدمة حالياً في مناطق عديدة من العالم . ففي البرازيل تم إنتاج أكثر من 100 بليون لتر منذ بداية البرنامج عام 1975 بالاعتماد على معامل السكر ، وقد تم بذلك توفير كميات ضخمة من الوقود المستورد . وهناك أكثر من أربعة ملايين سيارة تعمل في البرازيل بالايثانول الصافي، وتسعة ملايين سيارة أخرى تعمل بغازولين يحتوي على نسبة 20% من الايثانــول .
أما دولة زمبابوي الإفريقية فلها برنامج ناجح في هذا المجال وذلك بإنتاج 40مليون لتر في السنة بالاعتماد على مؤسسة تقوم بتصنيع السكر ، والايثانول ،وثاني أكسيد الكربون ، وعلف للمواشي ، وتوليد الطاقة بالإضافة إلى تدوير المخلفات المتبقية لاستخدامها كسماد لحقول قصب السكر . كما توجد معامل صغيرة لتصنيع الايثانول في كينيا وملاوي .
إن انخفاض صناعة السكر في بلدان البحر الكاريبي ومناطق أخرى جاء نتيجة لاستخدام أنواع جديدة من قصب السكر ذات المحتوى العالي من الكتلة الحيوية والتي تعتبر من أفضل النباتات المنتجة مقارنة بقصب السكر العادي الذي ينتج من 30 إلى 40 طناً جافاً بالهكتار . فالقصب الجديد (قصب الطاقة) يمكن أن ينتج من 60 إلى 70 طناَ جافاً بالهكتار . ومعظم هذه الكميات ناتجة عن زيادة محتوى الألياف بالرغم من أن كمية السكر المنتج يمكن أن تكون أقل ، ولكن الخسائر الناتجة عن هذا النقص تعوض بواسطة الطاقة الإضافية التي تكون على شكل مخلفات مفيدة . ومن الممكن اقتصاديا حرق البعض من القصب مباشرة دون استخراج السكر منه .
الذرة الاعتيادية والذرة الصينية البيضاء
تطور إنتاج الإيثانول المنتج من الذرة لخلطه مع الغازولين في الولايات المتحدة بشكل واسع . ففي عام 1990 تم إنتاج 3,4 بليون لتر بواسطة معامل تقطير في 22 ولاية. وهذه الكمية مافتئت تتزايد .
وتزرع الآن في البرازيل والولايات المتحدة أنواع مختلفة من الأعشاب الحلوة مثل الحبوب وأعشاب مشابهة لقصب السكر لتحويلها إلى كحول يستخدم كوقود.
زيت الخضراوات
GJ/ton ( وهو مقارب للديزل (GJ/ton 42) ، وأعلى في هذه الحالة من الإيثانول (GJ/ton 30) . وهناك عدة زيوت يمكن حرقها مباشرة في مكائن الديزل إما نقية أو بعد خلطها مع وقود الديزل ، لكن الخليط الذي يحتوي على نسبة عالية من الزيت يمكن أن يسد منافذ ضخ الوقود ويتجمع على أجزاء أخرى من الماكنة . ويمكن تفادي هذه الظاهرة بخلط الزيت مع الايثانول أو الميثانول وخلط 30% من زيت الخضراوات مع الديزل وهو الأسلوب المستخدم حالياً . ويستخدم حالياً زيت جوز الهند في الشاحنات والحافلات في الفلبين . أما زيت النخيل فإنه يستخدم حالياً في البرازيل ، وأما زيت عباد الشمس فإنه الأكثر استخداماً في إفريقيا الجنوبية.
الفوائد البيئية الناتجة عن استخدام مصادر الكتلة الحيوية
لقد حظي التأثير البيئي الناتج عن استخدام طاقة الكتلة الحيوية باهتمام كبير على الرغم من أنّ حرق النفايات له تأثيرات بيئية أيضاً ، لكنّ الوقود المنتج من الكتلة الحيوية يبعث كمية من ثاني أكسيد الكربون تقل بنسبة 65% عن كمية الوقود التقليدي . كما أن النتائج المرجوة من توسيع إنتاج محاصيل الطاقة ستكون نتائج مبشرة .
وإن إحدى وسائل تقليل ارتفاع درجة حرارة الجو هي تثبيت كمية ثاني أكسيد الكربون بواسطة زراعة أشجار على مساحات واسعة . إن امتصاص أشجار الغابات لثاني أكسيد الكربون هو وسيلة مناسبة لتقليل الضرر البيئي ، ولكن إحلال وقود الكتلة الحيوية بدل الوقود التقليدي هو حل أفضل . وتعتمد كلفة تقليل ثاني أكسيد الكربون وإمكانيته بهذه الطريقة على كفاءة طاقة التحويل في تنمية وحرق مصادر الكتلة الحيوية ونوع الوقود الذي يتم إبداله . وإن الفحم هو أحد الموادّ المرشحه لهذا الغرض .
إن الوقود الحيوي هو أكثر نظافة بخصوص انبعاث غازات البيت الزجاجي كثاني أكسيد الكربون ، وانبعاث الغازات الحامضية كأكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين .
وتجنباً لحدوث الانفجارات الناتجة عن انبعاث غاز الميثان وانتشاره من المطامر الصحية فإن استخراج هذا الغاز وحرقه يوفّران منافع بيئية إضافية نتيجة لتحويل غاز الميثان إلى غاز أقل ضرراً منه وهو غاز ثاني أكسيد الكربون . وتجدر الإشارة إلى أن غاز الميثان له القدرة على حبس الحرارة أكثر من ثاني أكسيد الكربون بحوالي 25 مرة.
طاقة البناء الضوئي
تعتمد جميع الكائنات الحية على الغذاء الذي يتم صنعه في أوراق النباتات بواسطة عملية البناء الضوئي . ويستفيد النبات بحوالي 5% من الطاقة التي تصل إلى الأرض من الشمس في عملية البناء الضوئي . وهذا الجزء من الطاقة ، رغم أنه صغير نسبياً ، يعمل على إنتاج ما بيــن 150 و 200 بليون طن سنوياً من المادة العضوية الجافة .
لقد تمكن العلماء في نهاية القرن التاسع عشر من الوصول إلى معادلة البناء الضوئي وإثبات أن النبات الأخضر يحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية تختزن في مركبات عضوية يصنعها النبات ، وأن السكر أهم هذه المركبات . والمعادلة هي التالي :
وهذه المعادلــة في الواقع لاتصف التفاعلات الحقيقية للبناء الضوئي . فالمــواد السكرية (الغلوكوز) ( C6H12O6) لا تتألف من مزج ثاني أكسيد الكربون (CO2) مع الماء بهذه البساطة ، لأن المزج يكّون حامض الكبريتيك (H2CO3) . لذا فإن المعادلة تبين المواد المستهلكة في العملية والمواد الناتجة منها دون التعرض للخطوات والمراحل المتتابعة والدقيقة فيها .
وتقدر كمية الكربون الداخلة في هذه العملية سنوياً بحوالي 200 بليون طن . ويأتي هذا الكربون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي لا تزيد نسبته في الجو عن 0.3% من مكونات الهواء الجوي .
ويمكن القول أنهّ لولا وجود عملية البناء الضوئي لما وجدت حياة على سطح الأرض. ويرجع ذلك إلى أن جميع الكائنات الحية تعتمد في الحصول على طاقتها اللازمة على النباتات الخضراء ذاتية التغذية ، إذ أن هذه الكائنات مُنتجة للطاقة الكيميائية.