مقدمة عامة:
إن ظاهرة التوصيلية الفائقة مثيرة من جميع جوانبها سواء ما يتعلق بدراستها أو ما يتعلق بتطبيقاتها. فسلوكها الكهربي (عدم المقاومة للتيار) وسلوكها المغناطيسي (رفض المجال المغناطيسي) وهما السمتان البارزتان لها؛ جعلا منها مواد ذات تطبيقات غير محصورة. فمن المعلوم أن مقاومة التيار الكهربي في جميع المواد العادية هي السبب في ضياع وفقد الكثير من الطاقة الكهربائية وهي السبب أيضاً في عطل كثير من الأجهزة الكهربائية وارتفاع حرارتها. ومن جهة ثانية فالمجال المغناطيسي اعتاد على التغلغل في جميع المواد العادية بدون استثناء. وأما المواد الفائقة فمقاومتها للتيار الكهربائي تصل إلى الصفر، وهو صفر غير مبالغ فيه من الناحية العملية، مع أن البعض ذكر أنه ربما توجد مقاومة في حدود شكل 1. ومن ناحية أخرى فالمجالات المغناطيسية لا تستطيع الدخول إلى جسم الموصل الفائق مادام بصورته الفائقة مما يبشر بتطبيقات كثيرة تعتمد على تلك الخاصية على وجه التحديد. ومن التطبيقات ما يتعلق بالنواحي العسكرية ومنها ما يتعلق بالنواحي المدنية والصحية والمواصلات وغير ذلك مما سوف نتطرق إليه في حينه.
تاريخ الموصلات الفائقة:
في عام 1908 م نجح العالم الهولندي الشهير هيك كامرلين أونيس في ضغط ثم إسالة غاز الهليوم الذي يتحول من الحالة الغازية إلى السائلة عند درجة 4.2 كالفن (-268 درجة مئوية) وبعدها بثلاث سنوات وأثناء دراساته على مقاومية بعض العناصر، لاحظ انعدام المقاومة لمادة الزئبق النقي عندما تقترب درجة حرارته من الصفر المطلق .وقد استحق هذا العالم جائزة نوبل في الفيزياء بسبب هذين الاكتشافين. واصطلح بعد ذلك على تسمية درجة الحرارة التي تفقد المادة عندها مقاومتها وتتحول من مادة عادية إلى موصل فائق بدرجة حرارة التحول(Critical Temperature) ، أو اختصاراً بدرجة التحول ويرمز لها بالرمز TC . وأطلق على تلك المواد بالمواد فائقة التوصيل. وبعد هذا الاكتشاف استمر العلماء بالبحث عن مواد ذات درجات تحول أعلى. غير أن هذا البحث استمر لفترة طويلة دون كسر حاجز العشر درجات كالفن حتى اكتشف مركب النايوبيوم NbN في أول الأربعينيات حيث وصلت درجة التحول إلى حوالي 15 درجة كالفن واستمرت كذلك ولمدة ثلاثين سنة وبالتحديد حتى عام 1973 حيث أضيف مركب جديد ذو درجة تحول تصل إلى 23 كالفن. والمركب المقصود هو Nb3Ge.
وحصلت بعد ذلك قفزة متميزة في سجل المواد فائقة التوصيل عندما قام كل من جورج بدنورز وكارل ميولار (J. George Bednorz and Kark Alex Muller) في عام 1986 بنشر تقرير حول نجاحهما في تحضير مركب سيراميكي هو La-Ba-Cu-O درجة تحوله في حدود 30 كالفن تم تحضيره في معامل شركة IBM في سويسرا وقد استحق العالمان جائزة نوبل بالمشاركة ليس للقفزة في حرارة التحول ولكن لأنهما فتحا المجال لتحضير مواد سيراميكية لأول مرة. وسرعان ما قاد ذلك الاكتشاف مجموعة البحث في جامعة هيوستن بالتعاون مع مجموعة مماثلة في جامعة ألاباما الأمريكيتين إلى استبدال عنصر اللانثانيوم بعنصر اليتريوم للحصول على السيراميك Y-Ba-Cu-O والذي فاقت حرارة تحوله ولأول مرة في التاريخ درجة الغليان لغاز النيتروجين والبالغة 77 كالفن. لقد وصلت حرارة التحول إلى أكثر من 90 كالفن لذلك المركب الذي اكتشف في يناير من عام 1987 والذي سرعان ما صار أساساً لعدة مركبات تلته على الفور عندما التفت عدد ضخم من الباحثين وعلى طول العالم وعرضه إلى دراسة ذلك الجيل الجديد من المركبات يحدوهم أمل كبير بالحصول على مركبات تتحول عند حرارة الغرفة.
وبعد سنة تقريباً تم اكتشاف مركب Bi-Sr-Ca-Cu-O ذي درجة التحول البالغة 110 درجات كالفن وبعده بقليل اكتشف مركب الثاليوم Tl-Ba-Ca-Cu-O والذي يفقد مقاومته الكهربائية نهائياً عند 125 كالفن وازدادت بذلك القوة الحثية التي كانت قوية من الأصل والتي حولت الأنظار إلى تلك المركبات غير العادية. غير أن إضافة مركبات جديدة لم يتحقق إلا بعد عدة سنوات في حوالي عام 1993 عندما أضيف مركب الزئبق: Hg-Ba-Ca-Cu-O والذي يتحول عند 135 درجة كالفن ولم تتم أية إضافة تذكر حتى يومنا هذا. و قد يصح لي أن أقول: إننا بدأنا بالزئبق وانتهينا به! والحق أن درجة الحرارة التحولية وصلت إلى 160 كالفن لبعض المركبات والتي منها مركبات الزئبق خاصة، غير أنه هذا عندما يتم تسليط ضغوط عالية جداً. أنظر شكل 2.
وباكتشاف المركبات التي تفوق حرارتها 77 درجة كالفن وهي درجة غليان النيتروجين؛ دخلنا عصراً جديداً من الموصلات وهو ما اصطلح على تسميته بالموصلات فائقة التوصيل عالية الحرارة High Temperature Superconductors واختصاراً بـ HTS في حين حملت الفئات السابقة لذلك التاريخ اسم: الموصلات فائقة التوصيل التقليدية Low Temperature Superconductors واختصاراً بـ: LTS. إن لاكتشاف الموصلات الجديدة أهمية خاصة حيث أن استخدام النيتروجين المسال رخيص جداً وغير مكلف في نقله وحفظه مما يبشر بتطبيقات كثيرة. لقد كانت فكرة الحصول على موصلات فائقة عند حرارة الغرفة فكرة سخيفة تنال الضحك من سائر العاملين في مجال المواد حتى عام 1987 عندما صار الحلم أقرب ما يكون إلى الحقيقة!
أهمية خاصة للموصلات الفائقة عالية الحرارة:
• أنها سهلة التحضير ويستطيع جميع المهتمين بالحصول عليها بيسر.
• أنها رخيصة الثمن حيث أن أكبر مكوناتها هو النحاس والباريوم والكالسيوم وهي رخيصة ومتوفرة
• أنها تتحول فوق درجة غليان النيتروجين وهو رخيص الثمن ومتوفر في كل مكان وسهل النقل والحمل ويبقى لفترات طويلة مقارنة بسلفه الهليوم المسال.
• أن الفرق بين درجات تحولها ودرجة الوسيط المبرد (النيتروجين) كبير (في حالة مركبات الزئبق تفوق الخمسين درجة) مما يجعلها أكثر استقراراً حيث أن ذلك الاستقرار يزيد بتزايد الفرق بين درجة حرارة العمل ودرجة حرارة التحول.
• أنه يسهل تشكيلها بأشكال مختلفة مثل الرقائق والأفلام أو المواد المكدسة وكذا وحيدة التبلور.
نظرية الموصلات الفائقة:
في حين يصح القول بأن نظرية وضع أسسها ثلاثة من كبار العلماء وهم باردين وكوبر وشريفر J. Bardeen, L. N. Cooper, and J. R. Schrieffer وعرفت باسمهم : نظرية باردين-كوبر-شريفر أو اختصاراً بـ BCS Theory ، أقول في حين يصح القول بأن تلك النظرية التي وضعت في عام 1957 استطاعت أن تفسر معظم جوانب الموصلات الفائقة التقليدية ؛ فإنها بالتأكيد لم تستطع التغلب على الصعوبات التي واجهتها فيما يتعلق بالموصلات من الجيل الجديد، الموصلات الفائقة عالية الحرارة. لقد عجزت عن تفسير الظاهرة من أساسها، بل إنها كانت تتوقع استحالة الحصول على موصلات فائقة عند درجات عالية مثل 135 كالفن في حالة مركبات الزئبق. غير أن تلك الموصلات الجديدة حازت مزيداً من الاهتمام من جانب النظريين من العلماء دون التوصل إلى نظرية مرضية إلى يومنا هذا. ولذلك فإنها مازالت تحمل المزيد من التحدي العلمي و تعطي مثالاً للتخلف الشديد للنظرية عن التطبيق في هذا المجال. ففي حين نجحنا في جعل تلك الموصلات حقيقة قائمة؛ فإننا لم نستطع بعد فك طلاسمها. وكلما عكف العلماء على وضع نموذج جديد؛ أصيبوا بضربة قوية من جانب التجريبيين الذين سرعان ما يعلنون عن مواد جديدة أو خواص جديدة.
في هذه المقدمة المختصرة؛ دعونا نلقي بعض الأضواء على نظرية BCS . إنه من المعلوم بالضرورة أن نقل التيار في الموصلات يتم عادة بواسطة الإلكترونات الحرة، ومصدر المقاومة في الموصلات عادة هو من تصادم تلك الإلكترونات مع إلكترونات أخرى ومع الأيونات والذرات التي تخرج عادة عن النظام الدوري الشبيكي المنتظم للمادة. وأيضاً بالتفاعل مع ما يسمى بالفونونات وهي عبارة عن كمات الطاقة الحرارية في داخل الموصلات. ولم يخطر على بال أحد أن تخرج مادة من المواد عن هذا الوضع الذي يسبب حصول مقاومة محدودة مهما كانت صغيرة. وتم وضع نظريات كثيرة يكمل بعضها بعضاً تصف ظاهرة التوصيلية والمقاومة في الموصلات بجدارة وكفاءة تامة. إلا أن تلك النظريات التقليدية وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام ظاهرة لم تستطع تفسيرها على الإطلاق، ألا وهي ظاهرة التوصيلية الفائقة. أين ذهبت التصادمات بين الإلكترونات بعضها مع بعض؟ أين ذهبت الفونونات؟ بل أين ذهبت الحدود الشبيكية والعيوب التي لا تخلو منها في العادة الموصلات العادية؟ والتي هي السبب وراء حصول المقاومة.
أهم أساس قامت عليه النظرية هو فكرة الأزواج الإلكترونية (Cooper Pairs) أو أزواج كوبر نسبة إلى العالم كوبر أحد المؤسسين. ومن المعلوم أن الإلكترونات تحمل ذات الشحنة وبالتالي فحسب قانون كولوم يفترض أن تتنافر عن بعضها قدر المستطاع. إلا أن الظروف المواتية تعكس نتيجة القانون بميكانيكية خاصة لوحظت بسبب اعتماد التوصيلية الفائقة على أثر النظائر. والنظائر هي مواد من نفس النوع ولكن تختلف في العدد الذري. فقد وجد أنه كلما زاد العدد الذري لنظير كلما قلت (اقتربت من الصفر المطلق) درجة تحوله. وكان في هذا دليل كاف بأن الإلكترونات المسؤولة عن التوصيلية الفائقة لابد وأنها تتفاعل بطريقة أو أخرى مع الشبيكة بحيث تكون المحصلة لصالح الإلكترونات نفسها. فجاءت فكرة الأزواج لتفسر الأمر. فعندما يمر الإلكترون الأول بين الأيونات فإنه ولزمن قصير جداً يؤدي إلى انجذابها إليه ولكنه يمر بسرعة فيتركها وهي مازالت متقاربة من بعضها مما يؤدي إلى زيادة تركيز الشحنة الموجبة لحظياً في المنطقة. تلك الشحنة المركزة بدورها تجذب إلكترونا آخر إليها. وبهذه الطريقة يظل الجو مهيئاً لإلكترون آخر بحيث يكون الاثنان في وضع ارتباط دائم بصورة زوج. وهذا ما يطلق عليه حسب النظرية الكمية بمبدأ تبادل التفاعل من خلال الفونون الذي هو وجه عملة آخر للقول بأن الإلكترون الأول يؤدي إلى اهتزاز الأيونات لصالح الإلكترون الثاني.
بالطبع الأزواج الإلكترونية تحمل شحنة مساوية إلى ضعف شحنة الإلكترون الفرد –2e ولفاً مغزلياً مساوياً للصفر حيث أن أحد الزوجين لفه إلى أعلى (+1/2) والآخر لفه إلى أسفل (-1/2) ولهما اندفاعان متضادان فيلغي بعضهما بعضاً. وكما هو معلوم في الفيزياء الإحصائية فإن الجسيمات الأولية في تجمعها في حالة واحدة ذات ظروف متشابهة تخضع للتوزيع الإحصائي بحسب لفها المغزلي. فإذا كان اللف كسرياً فإنه يستحيل – حسب مبدأ باولي – أن يجتمع أكثر من جسيمين في حالة واحدة وتسمى الجسيمات من هذا النوع فرميونات. أما عندما يكون اللف رقماً صحيحاً بما في ذلك الصفر؛ فإنه يجوز أن يجتمع عدد غير محدود من تلك الجسيمات في نفس الحالة كما في الفوتونات التي تجتمع فتشكل أشعة الليزر. وتسمى الجسيمات من هذا النوع بالبوزونات. وبالتالي فقد توصلنا إلى أن عدداً غير محدود من الأزواج الإلكترونية يجوز أن يتكثف في حالة كمية واحدة.
إن وضع الأزواج الإلكترونية جعل الشبيكة لا تؤثر في حركتها على الإطلاق وبالتالي فهي تتحرك دون مقاومة. ومن العجيب أن تلك الشبيكة باهتزازاتها هي المسؤولة عن المقاومة عند درجة حرارة الغرفة لنفس الموصل، فإذا هي تصبح العلة الكامنة وراء حصول ظاهرة التوصيل الفائق بمجرد التبريد إلى درجة حرارة معينة. وكان من جراء فكرة الأزواج الإلكترونية أن تنقسم الإلكترونات إلى جزء فائق وآخر عادي حيث يقوم الأول بجميع الأعباء الكهربائية ويمنح الموصل جميع الصفات. وتتكون فجوة في طاقة الموصل بين الحالات الحاوية للأزواج وتلك الحاوية للإلكترونات العادية. وهذه الفجوة Eg هي ميزة خاصة بالموصلات الفائقة لا يشاركها فيها غيرها، أنظر الشكل 3. حيث تتكون فجوة في الطاقة بين الحالات المملوءة تماماً بالإلكترونات وبين الحالات الفارغة تماماً قيمتها في حدود 1 meV . وهذه الطاقة تمثل الطاقة اللازمة لكسر الرابطة بين الزوجين الإلكترونيين. وتتنبأ نظرية BCS بالعلاقة التالية التي تربط بين طاقة الفجوة وبين درجة التحول للموصل عند درجة الصفر المطلق:
حيث k ثابت بولتزمان. إن هذه العلاقة من أهم ما جاءتنا به النظرية. إنها تنص على أن طاقة الفجوة مرتبطة مباشرة بدرجة التحول. بمعنى آخر فإنه لكي نحصل على مواد فائقة التوصيل ذات تحول عال فعلينا أن نوفر موصلات بطاقات فجوة كبيرة. وقد اتفقت تلك المعادلة مع النتائج التجريبية للمواد الموصلة الفائقة التقليدية. وهناك علاقة أخرى تتوقع قيمة للمجال المغناطيسي الحرج للموصلات الفائقة التقليدية وهي:
حيث تعبر T عن درجة الحرارة و HC(0) عبارة عن المجال الحرج عند الصفر المطلق. وهي مفيدة في حساب المجال الحرج الجوهري غير المتعلق بالشوائب والأخلاط لأن من شأن تلك الأمور أن تؤثر ظاهرياً في قيمة المجال الحرج.
طرد المجال المغناطيسي من داخل الموصلات الفائقة:
من أهم ميزات الموصلات الفائقة قدرتها على طرد المجالات المغناطيسية من داخلها أو من الوسط الذي تحتويه. والمسألة يمكن النظر إليها بالصورة التالية: عندما يتعرض موصل ما (من النوع الديامغناطيسي) إلى مجال مغناطيسي خارجي فإن ذلك الموصل يحاول التخلص من المجال باستحداث تيارات كهربائية تلف حول سطحه تسمى بالتيارات السطحية. ومن المعلوم أن التيار الكهربي يسبب حصول مجال مغناطيسي، وهو في حالة الموصل يكون بالضبط بعكس اتجاه المجال الأصلي (الخارجي). غير أن الموصلات العادية –كما هو معلوم – ذات مقاومة للتيار الكهربائي بما في ذلك التيارات المضادة للمجالات المغناطيسية. والنتيجة هي أن المجال المضاد يكون أقل كثيراً من المجال الخارجي وبالتالي فيدخل الأخير في قلب وبنية الموصل. والصورة تختلف تماماً عند الحديث عن الموصل الفائق. إن التيارات المضادة في هذه الحالة لا تقابل بأية مقاومة كهربية وبالتالي فلديها القدرة على الاستجابة التامة لشدة التيار الخارجي؛ فتزيد بزيادته وتقل بنقصانه بحيث توجد مجالات تتساوى معه بالضبط وتضاده في اتجاهها فيسلم جرم الموصل من المجال الخارجي حسب المعادلة التالية:
M=-H
حيث تمثل الـ M التمغنط (المجال المغناطيسي المضاد) وتمثل H المجال الخارجي المطبق. و من إشارة السالب ندرك أن التمغنط مساو تماماً للمجال الخارجي ومضاد له في الإشارة.
والعجيب في الأمر أنه حتى لو كان هناك مجال مغناطيسي يتعرض له الموصل الفائق قبل تبريده؛ فإنه بمجرد التبريد تحت درجة التحول سوف يتم طرد المجال المغناطيسي الذي كان في داخله وتعرف الظاهرة بظاهرة مايزنار وهي أكثر وضوحاً في الموصلات من النوع الأول.
وهذا وتنقسم المواد الفائقة من حيث سلوكها مع المجال المغناطيسي الخارجي إلى قسمين رئيسيين: النوع الأول Type-I والنوع الثاني Type-II . ففي النوع الأول (معظم الموصلات التقليدية من هذا النوع)؛ يرفض الموصل المجال الخارجي تماماً حتى الوصول إلى مجال مغناطيسي معين يسمى المجال الحرج Critical Magnetic Field ورمزه HC وعند هذا المجال يتم تدمير التوصيلية الفائقة تماماً ويدخل المجال المغناطيسي الخارجي إلى قلب الموصل ولا يعود الموصل بعدها إلى التوصيل الفائق مرة أخرى إلا بعد تسخينه فوق درجة تحوله ثم تبريده ثانية، أنظر شكل 4 ، وحيث أن التيار المار في الموصل يحدث مجالاً مغناطيسياً؛ فإن هذا النوع من المواد غير ملائم لكثير من التطبيقات التي تحتاج إلى تيارات عالية إذ إن تلك التيارات سوف تعود على الموصل بالتدمير وإنهاء خاصية التوصيل الفائق.
وأما الموصلات من النوع الثاني فهي مختلفة تماماً. إن لديها مجالان مغناطيسيان حرجان. فعند وصول المجال الخارجي إلى المجال الحرج الأول HC1 ، وهو عادة صغير؛ فإن التوصيلية الفائقة لا تفقد وإنما يتحول جزء من الموصل إلى موصل عادي. إن ذلك الجزء المتحول يظهر موزعاً بصورة بؤر منتظمة على طول وعرض الموصل بحيث يمر خط مغناطيسي واحد فقط من خلال كل بؤرة. يطلق على البؤرة الواحدة (فورتكس) Vortex ويطلق على الموصل الذي هو في الحالة الجامعة للتوصيل الفائق والعادي بأنه في الحالة المختلطة: Vortex State . إن عدد البؤر الطبيعية تزداد كلما زاد المجال المغناطيسي الخارجي وتستمر في الزيادة حتى يأتي المجال على الموصل بكامله محولاً إياه إلى موصل عادي عند المجال الحرج الثاني HC2 . وهذا المجال الثاني كبير جداً إذا ما قورن بالمجال الحرج للموصلات من النوع الأول ويصل إلى عشرات التسلا. وحيث أن جميع الخواص المميزة للتوصيل الفائق تظل موجودة أثناء الحالة المختلطة وأن تلك الحالة تستمر إلى حصول مجالات عالية جداً؛ صار هذا النوع من الموصلات مرشحاً لتطبيقات كثيرة جداً بغض النظر عن شدة التيار اللازمة. أنظر شكل 5. مشكلة بسيطة حصلت بسبب الحالة المختلطة وهي أن تلك البؤر تبدأ في الحركة عندما يمر التيار بقربها بسبب قوة لورانتس محدثة ضياعاً في الطاقة وبالتالي مدمرة للموصل نفسه. غير أن تلك المشكلة تم التغلب عليها بدراسة خواص الموصلات ووضع إسفينات خاصة تمسك بالبؤر كل إسفين يمسك بواحدة. تلك الإسفينات ويطلق عليها Pinning Centers تقوم بدور مهم وهو منع البؤر من الحركة. وزرع الإسفينات في الموصل يتم عادة بطرق كثيرة منها الإشعاع النيوتروني العمودي ومنها إضافة مواد معدنية على شكل مساحيق تخلط مع المادة الموصلة أثناء التحضير وغير ذلك الكثير من الطرق.
جميع الموصلات الفائقة عالية الحرارة تعد من النوع الثاني. ومن أهم فوائد الطرد المغناطيسي الاستفادة من الموصلات من هذا النوع في صنع دروع مغناطيسية توفر مناخاً خالياً من المجالات المغناطيسية. وبالتحديد فقد أمكن الحصول على دروع تصل قدرتها على العزل إلى 180 dB .
نتج من جراء رفض الموصلات الفائقة للمجالات المغناطيسية وتمغنطها المعاكس ظاهرتا الطفو والتعليق على الترتيب. إن ظاهرة الطفو تحصل عندما يتم محاولة وضع قطعة مغناطيس في أعلى موصل فائق أو العكس. سوف يظل الجسم العلوي معلقاً في الهواء (طافياً) سواء كان المغناطيس أو الموصل نفسه. أنظر شكل 6 . وأما في ظاهرة التعليق فيختلف الأمر في المبدأ الذي يعتمد عليه وهو أصعب كثيراً في شرح فكرته من مسألة الطفو. في هذه الحال يتم تقريب مغناطيس دائم من قطبه الجنوبي إلى الموصل أولاً مع إرغام الأخير على عدم الحركة. يؤدي ذلك إلى تمغنطه سلباً، ثم يتم إبعاد المغناطيس الدائم بسرعة معينة. أثناء ذلك تنعكس مغناطيسية الموصل الفائق (بسبب المجال المغناطيسي المحتبس حوله) فتصبح إيجابية (شمالية) فتنجذب لقطب المغناطيس الجنوبي. إنها قصة حب لم تكتمل! لقد أوقع المغناطيس الموصل في حباله أولاً ثم انسحب فلحق به الموصل راغباً في القرب منه! إن وضع الموصل في هذه الحال مختلف تماماً عن قطعة مغناطيس بقرب مغناطيس آخر حيث يؤدي ذلك – كما هو معروف – إلى انجذاب بعضهما لبعض ولصوقهما أخيراً. أما في حالة الموصل والمغناطيس؛ فتقل القوة الجاذبة لدى الموصل كلما اقترب من المغناطيس وتزيد كلما ابتعد! فيظل في مكان محدد لا يتعداه معلقاً في الهواء لا هو قادر على الاقتراب ولا على الفراق.
خاصيتان مميزتان للموصلات الفائقة لا يشاركها فيهما أي مادة أخرى عرفها الإنسان. وسوف نتحدث عن فوائد هاتين الخاصيتين عند الحديث عن التطبيقات بعد قليل.
ظاهرة (أو وصلات) جوزيف صن Josephson Junctions:
جوزيف صن أحد التلاميذ الإنجليز النابهين وكان طالباً في مرحلة الدراسات العليا عندما طلب الأستاذ من الطلاب القيام بمشاريع بحثية صغيرة. فخرج علينا هذا الطالب الذي صار بعد ذلك من أشهر العلماء وفاز بالمشاركة في جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1973، طلع علينا بظاهرة صارت تعرف باسمه. لقد تنبأ هذا العالم أنه عندما يتم وضع موصلين فائقين بجانب بعضهما بحيث لا يفصل بينهما إلا شريحة رقيقة جداً من مادة عازلة؛ فإن بعض الأزواج الإلكترونية تستطيع التملص Tunneling من خلال تلك الشريحة غير الموصلة .وقد تم تأكيد تنبؤاته بعد فترة وجيزة من خلال التجربة.
وبالطبع فهذه الظاهرة الكمية يمكن الاستفادة منها في عمل كثير من الدوائر الالكترونية السريعة جداً كما في الحاسبات الآلية وكذلك في صنع كواشف للمجالات المغناطيسية المتناهية في الصغر كما سوف نرى.
ظاهرة التكميم المغناطيسي:
كما سبق فإن المواد الفائقة مثيرة في كل جوانبها. من تلك الأمور المثيرة هي ظاهرة التكميم المغناطيسي. وفكرة الظاهرة أنه إذا تم صنع موصل فائق على صورة حلقة (مهما كانت متناهية الصغر) فإن مقدار المجال المغناطيسي الذي يمر من خلال تلك الحلقة يجب أن يكون مساوياً تماماً لعدد صحيح من الكمات المغناطيسية يطلق على كل منها الرمز ويبلغ مقدار الكمة الواحدة: وتسمى أيضاً بالفلاكسويد ومعنى التكميم أنه لو تعرض الموصل إلى مجال يزيد قليلاً عن عدد صحيح من الكمات ( بزيادة أقل من نصف كمة) ؛ فإن الزيادة ترفض ولا تمر من خلاله، في حين أنه لو تعرض لمجال يقل قليلاً عن عدد صحيح من الكمات بمقدار ضئيل (أقل من نصف كمة) فإنه يتكيف بحيث يكمل النقص من تلقاء نفسه! من أجل أن يحافظ على العدد الصحيح من الكمات. أي لو مر مجال يساوي إلى مائة كمة مضافاً إليها ربع كمة فإن ذلك الربع يرفض ولا يمر من خلاله في حين لو كان بدل الربع نصف أو أكثر ولكن أقل من واحد صحيح؛ فإن الموصل يكمله إلى واحد صحيح! وهذا بالضرورة يقتضي أن التيار الذي يلف يزيد وينقص بمقدار ضئيل متجاوباً مع المجال الخارجي.
لقد تبين أن هذه الظاهرة ذات أهمية بالغة جداً. فهي مبدأ ما صار يعرف بمجس السكويد Superconducting Quantum Interference Device (SQUID) . إن السكويد (بسكون السين) عبارة عن جهاز حساس جداً للمجالات المغناطيسية وبإمكانه أن يميز التغير في المجال المغناطيسي إذا زاد عن أي بحساسية تفوق ، بمعنى آخر يستطيع قياس مجال شدته تصل إلى والتي تساوي واحد من مليون من وحدة التكميم المغناطيسي نفسها. وهي حساسية مفرطة أكبر بكثير من الإشارات الصادرة عن المخ أو القلب أو سائر الجهاز العصبي في الكائن الحي.
ومجس السكويد ينقسم إلى نوعين أساسيين حيث يعتمد الأول منهما على التيار المستمرdc-SQUID في حين يعتمد الآخر على التيار ذي التردد الراديوي rf-SQUID . وفي حين ينتشر استخدام الأول على نطاق واسع بصور أفلام رقيقة من المادة الفائقة يوضع بينها مواد عازلة من أجل توفير التملص الإلكتروني فإن النوع الثاني يعمل أيضاً من الأفلام الرقيقة أو بالاعتماد على فكرة عمل خرق أو أكثر في مادة موصلة فائقة تعمل على صورة قرص مثل حبة الأسبرين. وقد وجد أنه كلما زاد عدد الخروم زادت الحساسية تبعاً لذلك. ووجود خرم واحد يعني قياس المجال المغناطيسي مباشرة في حين أن وجود أكثر من خرم يعني قياس التغير (التدرج) في المجال المغناطيسي. والفكرة الأخيرة جعلت من المجس أهمية تطبيقية عالية، فهو لا يقيس المجال العام المتوافر، بل يقيس التغير مهما كان صغيراً. والأجهزة المعتمدة على مجس السكويد صارت متوفرة تجارياً وبأسعار منافسة ويقدمها عدد من الشركات العالمية.
بعض تطبيقات المواد فائقة التوصيل :
هل تستطيع تصور قطار يطير في الهواء كما تفعل الطائرة ويسير بسرعة كسرعتها؟ نعم إنه القطار الطافي. إن من شأن الاستفادة من ظاهرة الطفو المغناطيسي أو
التعليق أن توفر قطارات معلقة في الهواء وبالتالي فهي تسير بدون احتكاك مما يعطي توفيراً هائلاً في الطاقة من جهة ويوفر سرعات كبيرة إلى جانب التخلص من
الضوضاء. ثم إن تلك القطارات سوف تكون مريحة جداً وخالية من المطبات لأنها تسير على وسادة هوائية. في اليابان تم تجريب هذه الفكرة عملياً شكل 7، حيث يرتفع
القطار حوالي عشرة سنتيمترات عن المسار . والقطار يحوي المواد فائقة التوصيل في حين تتوفر المغناطيسات الكبيرة على الطريق . وفي داخل القطار يتوفر جهاز
تبريد وهذا كل ما يلزم حيث يستفاد من قوة التنافر مع المغناطيسات نفسها في دفع القطار وتسييره بسرعات تزيد على 500 كم في الساعة .
• المواصلات: وفي القطارات على وجه الخصوص :
إنجاز قطار فائق السرعة كلف الصين مليار دولار
اثنان من قطارات “شينكانسين” (الفائقة السرعة) رابضة في محطة طوكيو
• عجلات الطاقة :
عندما يدور قرص ضخم الكتلة حول محوره فإنه يقال إن لديه طاقة حركية. ولديه الاستعداد للتخلي عن تلك الطاقة لصالح شئ آخر متى ما لزم الأمر. لقد تمت
الاستفادة من هذه الفكرة في تخزين كمية كبيرة من الطاقة في عجلات ضخمة الكتلة تدور بسرعات عالية جداً وتحفظ في داخل كبسولات خاصة، استفيد منها ولوقت
طويل في تحريك القطارات خاصة. غير أن المشكلة التي كانت تقابل دائماً هي أن الاحتكاك الداخلي يستمر في استنزاف الطاقة الحركية مع مرورالزمن. غير أن الاستفادة
من ظاهرة الطفو المغناطيسي يجوز أن تمكننا من صنع عجلات دوارة في جو خال من الاحتكاك تماماً مما يجعلها تحتفظ بطاقتها إلى الأبد. وهكذاجميع الحركات والآلات يمكن أن تستفيد من الظاهرة في أن تكون لا احتكاكية مما يقلل الحاجة إلى كثير من الصيانة والأعطال ويجعل عمرها يتضاعف إلى عدة مرات
.
• التطبيقات العسكرية:
إن قدرة الموصلات الفائقة على طرد المجالات المغناطيسية جعلت منها مرشحة لاستعمالها في الرادارات العسكرية. فمن المعلوم أن دقة الصور التي يوفرها الرادار تعتمد على قدرته على التحليل غير أن تلك القدرة تتأثر سلباً بالمجالات المغناطيسية المجاورة سواء الأرضية أو غيرها. وحتى تتصور المشكلة راقب ما يحصل لجهاز التلفاز عندما يتم تشغيل جهاز كهربائي يعتمد على التيار المتردد، إن الصورة سوف تصاب بالتشوش والسبب هو المجالات المغناطيسية المجاورة والتي أفسدت الجو على حركة الإلكترونات المهبطية التي هي المسؤولة عن الصورة. وهذا هو ما يحصل مع الرادار بالضبط غير أن الأخير أكثر حساسية بشكل كبير. وقد تم الاقتراح باستعمال الدروع المغناطيسية لحل هذه المشكلة. والدروع المشار إليها عبارة عن اسطوانات ذات مقاسات مختلفة مصنوعة من المواد فائقة التوصيل، يوضع بداخلها مصدر الإلكترونات المهبطية فيحميها من المجالات الخارجية ويجعل الصورة الرادارية غاية في الوضوح.
وأيضاً فمن التطبيقات العسكرية استخدام كاشف السكويد للكشف عن أدق الأعطال المتمثلة في الشقوق والشروخ في أجسام الطائرات العسكرية والمدنية على حد سواء. والطريقة تسمى بأسلوب الكشف غير الضار (Non Destructive Testing NDT) [ ]. وللكاشف القدرة التامة للكشف عن عيوب فنية أو شروخ في داخل أجسام الطائرات ولو كانت متوغلة في عمق يزيد كثيراً عن عشرة سنتيمترات.
• التطبيقات الطبية:
يمكن الاستفادة من نفس الدروع التي سبقت الإشارة إليها في تطبيقات طبية كثيرة. وبصورة عامة فإنه عندما يراد دراسة الإشارات الكهربائية والمغناطيسية الصغيرة جداً المتولدة من المخ أو القلب أو الجهاز العصبي، فإنه يفضل توفير جو خال من المجالات المغناطيسية الخارجية التي تكون عادة أكبر كثيراً من تلك الإشارات. وقد تم الاستفادة بنجاح في بعض المناطق كما في اليابان من خاصية الدروع المغناطيسية مما وفر قدرات فائقة على قراءة الإشارات الصغيرة المشار إليها مما يوفر مزيداً من التشخيص لتلك الأعضاء الحساسة من جسم الكائن الحي.
إذا تمت الاستفادة من قدرة كاشف السكويد الهائلة لقراءة المجالات المغناطيسية المتناهية في الصغر مع استخدام الدروع المغناطيسية، نكون بذلك وفرنا جهازاً متكاملاً يمكن أن يحل محل الأجهزة المستخدمة حالياً ويفوقها من حيث الدقة. وقد تم بالفعل استخدام الكاشف عندما وضعت مجوعة كبيرة منها بشكل نصف كروي تغلف رأس المريض. وصل عددها السكويدات في المجوعة الواحدة إلى 64 في بعض التجارب.
تطبيقات أخرى:
عدد آخر من التطبيقات لم نتعرض له مثل الاستفادة من قدرات كواشف السكويد في الدراسات الجيولوجية والدراسات المتعلقة بالنفط والكشف عنه، وكذلك في دراسات تتعلق بقياس مغناطيسية المواد (القابلية المغناطيسية) [ ]. وأما تطبيقات وصلات جوزيف صن في الإلكترونيات فلو لم يكن منها إلا التغلب على التشتت والفقد التي تشكو منها تلك الأجهزة عندما يتم تصغيرها بشدة لكفاها. إن من شأن تلك المشكلة في الموصلات وأشباه الموصلات العادية أن تحد في نهاية المطاف من التردد الأعلى المسموح به في شرائح الحاسبات الآلية على سبيل المثال. ونحن نسمع كل يوم عن زيادة هائلة في سرعات تلك الحاسبات التي يتوقع لها أن تقف في يوم من الأيام بسبب المشاكل التي أشرنا إليها. إن استخدام وصلات جوزيف صن من شأنه أن يوفر سرعات مضاعفة دون التورط في مشاكل كتلك وبالتالي فمن الممكن أن تطلق للإنسان الحرية من جديد لكي ينطلق في تطوير أجهزته لتحقق مزيداً من السرعات. على سبيل المثال فقد نجحت شركة فوجستو اليابانية في عام 1990 في تصنيع شريحة تحتوي على 20,000 وصلة جوزيف صن وكانت سرعتها 1 جيجاهيرتز 1 GHz وهي تفوق السرعات العادية المتوفرة آنذاك بعشرات المرات ولا تستهلك إلا 12 مللي واط! أي أقل استهلاكاً للكهرباء من شرائح السليكون المشابهة بأكثر من سبعة آلاف مرة! وقد تم حديثاً [11] الحصول على شرائح تعتمد على تقنية التكميم الفردي السريع للمجال المغناطيسي Rapid Single Flux Quantum (RSFQ) للحصول على سرعات وصلت إلى 100 جيجاهيرتز 100 GHz وهي سرعات يستحيل نظرياً الحصول عليها باستخدام التقنية القديمة، تقنية شرائح السيليكون أو الجرمانيوم.
أيضاً تستخدم المواد فائقة التوصيل كمغناطيسات قوية جداً. والسبب في ذلك أن النوع الثاني منها Type II له قابلية على الاحتفاظ بكمية كبيرة من المجالات المغناطيسية حيث يشكل ما يشبه المصيدة عندما تمر من خلاله ثم تبريده بعد ذلك. وهي فكرة على بساطتها يمكن استخدامها للاحتفاظ بسجلات إلكترونية لشدات المجال المغناطيسي الأرضي في أماكن متعددة. حيث تؤخذ الموصلات إلى المكان المعين وعندما تتعرض للمجال يتم تبريدها بعد ذلك وتحتفظ بالمجال المسجل أثناء عملية التبريد إلى الأبد. كذلك يمكن استخدام الموصلات لصنع ملفات ذات تيار عال جداً مما يوفر مجالات مغناطيسية كبيرة (ربما عشرات التسلا) بسبب شدة التيار الهائل الذي يمر دون مقاومة والذي قد يزيد على ثلاثة آلاف أمبير للملليمتر المربع 3000 A/mm2 في المواد الجيدة