في ليلة حافلة بالسكون الذي رفرف باجنحته على البطاح وغمر الكون بردائه الاسود كاب حنون يتفقد ابناءه ،في ليلة شديدة البرودة ،اخترق صوت ابن جارنا نطاق بيتهم ليصل الى اذن كل شخص مجاور لهم،وقد عاد اخر الليل كعادته الى البيت ليملا صراخه العمارة فيزعج هدوءها ويقلق سكينه ساكنيها،كلام بذيئ يصم السمع،ضجيج واختلاط اصوات وعويل وتحطم اشياء،حقا ان الامر اصبح لا يطاق .انزويت جانبا وأخذت أفكر ما العمل ؟هل من حقي التدخل في أمر لا يعنيني؟هل اترك هذه العائلة المسكينة تعاني مع هذا الابن العاق الفاسد؟ماذا بامكاني ان افعل وانا مجرد فتاة ؟لكن الساكت على الحق شيطان اخرس وأنا لن اقبل بهذا الوصف فقررت الخوض معه في الموضوع في الغد عندما التقيه فهو يقصد نفس ثانويتي
وفي الثانوية ، وبعد القاء السلام سالته عن احواله
فقال:انا بخير
قلت :وكيف علاقتك مع عائلتك
(تردد في البداية ولكن بعد تنهيدة طويلة)
قال: متوترة بعض الشيئ هذه الفترة
فقلت :وماسبب هذا التوتر
رد :ليس هناك توافق فكري بيني وبينهم فهم يرفضون ما افعله ويطالبونني بما لا اريد
قلت :الم تحاول مرة ان تنظر للامر بطريقة ايجابية
فقال :ماذا تقصدين
قلت: اقصد هل فكرت يوما لماذا ينصحك والداك هل سالت نفسك مرة لماذا يبقيان ساهران الى ساعة متاخرة الى ان تعود الا تعتقد انهم كانوا يستطيعون الخلود الى النوم في ساعة مبكرة وتركك تفعل ما تريد
رد باستهزاء: اذن فليدعا عنهما لومي وليتركاني افعل مااريد
قلت: لايمكنهما فعل ذلك ببساطة لانهما ابوان واقصى مايريدانه حمايتك وسعادتك وابعادك عن رفاق السوء الذين سيودون بك الى التهلكة بلا شك
قال :لكنهما يضيقان علي كثيرا
قلت: ماعليك الا ان توضح رايك بهدوء وليس ان تقول لهما اف او تنهرهما لانك ستخزى في الدنيا والاخرة ولم يفت الاوان بعد لتصحيح مسارك فخذ رضى والدتك فالجنة عند اقدامها واعتذر من والدك الذي خسر قوته وصحته من اجل تامين الحياة الرغيدة لك واستعد ثقتهما وانتقي خير الناس اصدقاء لك وسترى كيف سيكون التفاهم بينكما متبادلا فتفعل ماتريد في حدود الادب والاحترام
قال :حسنا اعدك ان افكر في الامر
قلت! نعم افعل ارجوك فنعم الابن البار الصالح وبئس العاق والطالح
مثال 2:
الطبع هو شيء يتصف به فائدة الخير ، يتصف به الانسان عن فطرته و يكتسب من بيئته التي يعيش حولها و قد يكتسب منها .طبعا سيئا و حادا اذا كان يعيش في بيئة متوترة و كثيرة الارتباك فيتولد شخصا غليظ الطباع ، و قد يتولد شخصا نبيلا و متفهما و حسن السلوك اذا كان يعيش في اسرة متفهمة و متخلقة
يعيش في حيينا ابن جارنا و هو عنيد و غليظ الطباع كانه جدار لا يهتز بتصرفاته مع كل الجيران خاصة مع والديه ، جعلت الناس يكرهونه و يرفضون التعامل معه و تصرفاته جعلته كئيبا ، كما يقال :
ليس من مات فاستراح بميت **** انما الميت ميت الاحياء
انما الميت من يعيش كئيبا **** كاسفا باله قليل الرجاء
فاقبلت امه ذات يوم ترجوني ان اخلصها من معاناتها منه فقلت في تفسي ان طريقة العنف لا تنفع مع هذا الصبي ، لما لا احاوره و اتكلم معه لعله يصغي الي
فذهبت اليه و حييته فلم يرد على التحية ، فاسمعت حديث رسول الله (ص) : " و اذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها او ردوها " ، فاستمع الي لما قرأت هذا الحديث فقلت له ، لماذا تتصرف بهذه التصرفات السيئة قد تؤذي امك و نفسك ايضا .
قال الشاعر :الام مدرسة فان اعددتها **** اعددت شعبا طيب الاعراف
فرد علي بخشونة و بصوته الغليظ .
قلت : كن لين الطبع ، حلو الكلام ، و اكتسب ادبا تقيك محموده عن النسب
قال : ماذا علي ان افعل ؟
قلت اذا كنت في قوم فاحلب في اناءهم ، يجب ان تتواضع و تحب الناس حتى يحبوك ، فهذه التصرفات لا تنفعك مع غيرك فيجب ان تكسب الناس من حولك فيكون لديك اصدقاء ، فالصداقة تجمع الناس و تجعلهم متحابين و متقاربين الى بعضهم البعض ، و يكونوا امة واحدة تربطهم روابط المحبة و الاخوة
كما قال عز و جل : ( انما المؤمنون اخوة ) ، و اياك إياك و الرفقة السيئة فهي طريق الهاوية
استجاب لكلامي بعد حوارنا الطويل و اصبح شابا صالحا ،